You are on page 1of 5

‫** البيروقراطية **‬

‫ولدت البيروقراطية مع نشوء الدولة الحديثة المعززة بجيش ضخم من الموظفين ورجال اإلدارة ذوي االختصاص‬
‫بالمهام الموكلة إليهم‪ ،‬أو سياسيين‪ ،‬كانوا شريحة مؤثرة ذات نفوذ في الدولة وقراراتها‪ 5‬السياسية‪ ،‬معبرين بذلك عن‬
‫تحقيق مكاسب خاصة‪ ،‬أو توجيه السياسة العامة‪ ،‬وتلك السلطة والقوة تمارس على المواطنين‪.‬‬

‫مع أن الحضارات القديمة في مصر الفرعونية أو الصين قد شهدت نوعا من البيروقراطية البدائية‪ ،‬حيث أن‬
‫المجتمعات التي تكونت على أساس العائلة والقبلية لم تكن تعرف اإلدارة المعقدة‪ ،‬وكانت أغلب األوامر‪ 5‬الشفوية‬
‫واألعراف تنقل مباشرة دون واسطة‪ ،‬وعليه فإن اإلدارة لم تظهر إال مع مؤسسة الدولة في نموذجها األول‪ ،‬الدولة‪-‬‬
‫المدينة‪ ،‬حيث ظهرت الحاجة إلى وجود‪ 5‬إدارة تشرف على إيجاد الموارد المالية لتمويل حاجات الدولة وإشباع‬
‫خزيتنها‪.‬‬

‫لقد توطدت البيروقراطية أكثر منذ نهاية عصر النهضة في أوربا‪ ،‬حيث ظهرت تحوالت سياسية واجتماعية وتقنية‪،‬‬
‫ومع تحوالت القرن التاسع عشر‪ ،‬وخصوصا ظهور‪ 5‬الفكر الليبرالي والثورة الصناعية‪ ،‬ركزت البيروقراطية وجودها‪5،‬‬
‫وارتبطت فكرتها‪ 5‬باألساس بالتنظيم اإلداري‪ ،‬أي سلطة وحكم‪ 5‬المكاتب‪ ،‬ولم يثر ذلك أي إشكالية لحاجة الدولة إلى‬
‫أجهزة ومؤسسات إلدارة دواليبها‪.5‬‬

‫لكن البيروقراطية أصبحت مشكلة‪ ،‬وأهم موضوعات علم االجتماع السياسي عندما طرحت التساؤالت حولها في‬
‫المجتمع الذي يكون فيه الشعب هو صاحب القرار‪ ،‬لذلك ال نجد غرابة في أن يكون كارل ماركس من أوائل من وجه‬
‫النقد للبيروقراطية مبينا أنها تعبير وتجسيد‪ 5‬للدولة البرجوازية‪ ،‬وهو يشدد الذكر على هيغل الذي يرى أن الدولة تمثل‬
‫التعبير النهائي عن المصالح العامة‪ ،‬ويرى ماركس أن هناك انفصاال بين الدولة والمجتمع‪ ،‬وإن أجهزة الدولة‪-‬‬
‫البيروقراطية ال تمثل المجتمع‪ ،‬كما أن البيروقراطية كتجسيد‪ 5‬للمصلحة العامة تقابل المصلحة الشخصية لألفراد‪ ،‬هو‬
‫تعارض وهمي يستخدمه البيروقراطيون لخدمة أوضاعهم الشخصية‪.‬‬

‫في حين أكد لينين على حاجة الحزب الثوري لقواعد بيروقراطية رسمية لضرورة وجود ضبط مركز قوي‪،‬‬
‫وديكتاتورية بروليتاريا‪ 5‬قادر على قيادة الحركة الثورية‪ ،‬وهو في ذلك ينظر إليها (كمبدأ تنظيمي‪ ،)5‬إال أن هذا الموقف‬
‫تعرض النتقادات شديدة أدى إلى دعوته في المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي السوفياتي‪ 5‬سنة ‪1912‬م إلى محاربة‬
‫البيروقراطية وانتخاب األفراد‪ 5‬الذين يشغلون المناصب اإلدارية‪.‬‬

‫ومن مفارقات التاريخ أن تكون األحزاب الشيوعية الحاكمة أعتى قالع البيروقراطية‪ ،‬وهذا ما قتل الروح اإلبداعية‬
‫والتجديد‪ ،‬ومن ثم انهيار األنظمة الشيوعية بشكل تراجيدي‪.5‬‬

‫واعتبر (جون ستيوارت‪ 5‬مل) أن البيروقراطية أخذت دالالت متعددة ال تقتصر على الجهاز اإلداري‪ 5‬في الدولة‪ ،‬أي‬
‫على شكل من أشكال التنظيم الحكومي‪ ،‬بل أخذت معاني‪ ،‬مختلفة‪ ،‬فهي شكل من أشكال الحكم‪ ،‬أو صفة تطلق على‬
‫نظام حكم تميزا له عن األنظمة األخرى كالديمقراطية واألرستقراطية‪.‬‬

‫أما ماكس فيبر‪ -‬ألمع منظري‪ 5‬علم االجتماع السياسي‪ -‬فيعد أهم من وضع نظرية حول البيروقراطية‪ ،‬وقد عرفها من‬
‫خالل خصائصها‪ 5‬معتبرا إياها تعبيرا عن العقالنية في النظام الرأسمالي‪ ،‬فهي ميكانزم عمل الرأسمالية‪ ،‬والخاصية‬
‫الجوهرية لها‪ ،‬وقد حدد تلك الخصائص بما يلي‪:‬‬

‫تقاضي أفرادها للرواتب اعتمادا على جدول مرتبات معين‪ ،‬وتتطلب الوظيفة في الجهاز البيروقراطي‪ 5‬إخالصا‬
‫موضوعيا‪ 5‬والتزامات مفروضة على القائم بها وخصوصا‪ 5‬أن هناك استقالال نسبيا عن الدولة من خالل النظام‬
‫المؤسساتي‪ ،‬فضال عن وجود درجة معينة من التخصيص الوظيفي‪ ،‬وتقسيم للعمل على أساس فردي‪ 5،‬كما أن ارتباط‪5‬‬
‫البيروقراطية بالتكنولوجيا‪ 5‬تساعد على تطوير وسائل فنية تيسر التبادل‪ ،‬كالمال والتسليف‪ 5‬والبنوك‪ ،‬وأخيرا‪ 5‬وليس أخرا‬
‫فإن البيروقراطية تشكل الظاهرة المحورية في النسق وأساس التفاعل االجتماعي‪.‬‬

‫لقد حثت دراسة ماكس فيبر الباحثين االجتماعيين والسياسيين على االهتمام بالتأثير‪ 5‬الذي يلعبه الجهاز البيروقراطي‪ 5‬في‬
‫النسق االجتماعي‪ ،‬وعلى النسق السياسي‪ 5‬بوجه خاص في المجتمعات الحديثة‪ ،‬ومن أبرز من درس البيروقراطية بعد‬
‫فيبر وأهم من كتب فيها (ميشيل كروزيه)‪.‬‬

‫يعد كروزيه من الذين تناولوا البيروقراطية من خالل المدخل اإلنساني‪ ،‬حيث ربط بين تطورها وتضاؤل الحرية‬
‫الفردية‪ ،‬فهي بالنسبة له مكونة من دوائر‪ 5‬الدولة يعمل بها موظفون معنيون‪ ،‬ومنظمة بشكل تسلسلي وتعتمد على سلطة‬
‫حاكمة‪.‬‬

‫وربما عبر كروزيه عن شعور‪ 5‬باألسى لواقع البيروقراطية في أوربا‪ ،‬على عكس فيبر‪ 5‬الذي أضفى صفات إيجابية‬
‫عليها ألنه نظر إليها في سياق الدفاع عن النظام الرأسمالي في مواجهة النظم األخرى وخصوصا الشيوعية‪.‬‬

‫ومن ثم يرى كروزيه (أن البيروقراطية هي تنظيم ال يستطيع تصحيح سلوكه عن طريق‪ 5‬إدراك أخطائه السابقة‪ ،‬إذ أن‬
‫القواعد التي تعتمد عليها البيروقراطية غالبا ما يستخدمها‪ 5‬األفراد‪ 5‬لتحقيق أغراضهم الشخصية)‪.‬‬

‫ويأتي‪ 5‬موريس دفرجيه بعد كروزيه من حيث األهمية‪ ،‬وقد اعتبر دفرجيه البيروقراطية جماعة من الموظفين المهنيين‪،‬‬
‫يقومون بمهنة ذات مظهر‪ 5‬خاص‪ ،‬ويتم‪ 5‬الدخول والتدرج واالنضباط والتعويضات والمخالفات تنظيما دقيقا‪ ،‬وتكون‬
‫المنافسات ذات صفة شخصية محدودة‪ ،‬كما تكون الكفاءات محدودة في كل الدرجات بمعايير‪ 5‬موضوعية بواسطة‬
‫الشهادات واالمتحانات والمباراة‪ ،‬وبصورة عامة يعمل التنظيم البيروقراطي‪ 5‬بأكمله وفقا لقواعد محدودة بدقة‪ ،‬وتكون‬
‫موضوعية سواء تعلق األمر بالعالقات السلطوية الداخلية‪ ،‬أو بالعالقات مع الموظفين‪ ،‬أو الصالت مع المتعاملين‪.‬‬

‫وبصورة عامة هناك سبعة مفاهيم حديثة للبيروقراطية‪ ،‬كل منها يعد تطويرا‪ 5‬لسابقه‪ ،‬هي‪:‬‬

‫المفهوم األول‪ :‬هو الذي ينظر‪ 5‬إلى البيروقراطية بوصفها تنظيما‪ 5‬عقليا‪ ،‬وقد تأثر أنصار هذا االتجاه بالتفسير الفيبري‬
‫للبيروقراطية‪ ،‬وحالوا فهم العالقة بين العقالنية التي هي سمة للنظام الرأسمالي‪ ،‬والخصائص التي حددها ماكس فيبر‬
‫للبيروقراطية‪ ،‬وتساءلوا‪ 5‬إلى أي حد تعبر هذه الخصائص عن النظام الرأسمالي؟ وقالوا بأنه ال توجد عالقة ضرورية‬
‫بين هذه الخصائص والعقالنية وإن كالهما ال يدخالن ضمن تعريف‪ 5‬البيروقراطية‪ ،‬فالعالقة بين خصائص نظام‬
‫اجتماعي بالذات والنتائج المترتبة عليه مسألة يحددها البحث االمبريقي (العلمي)‪ ،‬وعموما فإن البيروقراطية من هذا‬
‫المنظور تشير إلى نموذج للتنظيم‪ 5‬الرشيد يالئم تحقيق االستقرار والكفاءة اإلدارية‪.‬‬

‫المفهوم الثاني‪ :‬وهذا المفهوم يصل إلى النتيجة التي توصل إليها ميشيل كروزيه باعتبار أن البيروقراطية شيء‬
‫يتعارض مع االبتكار اإلداري‪ ،‬إذ إن العرض اآللي للسلوك اإلنساني الذي يشكل قاعدة البيروقراطية يؤدي إلى خلل‬
‫وظيفي خطير‪ ،‬ألن بنية المنظمة تؤدي إلى إشراف متزايد من قبل القادة على انتظام سلوكيات المرؤوسين‪.‬‬

‫المفهوم الثالث‪ :‬ينطلق هذا المفهوم من المعنى االشتقاقي للبيروقراطية‪ ،‬أي حكم الموظفين‪ ،‬وعليه فهو بحسب هذا‬
‫المفهوم نظام حكومي تكون الرقابة عليه متروكة كلية في يد طبقة من الموظفين الرسميين الذين تحد سلطاتهم‪ 5‬من‬
‫حرية األفراد العاديين‪ ،‬ويغلب على هذا الجهاز اإلداري الرغبة الشديدة إلى االلتجاء إلى الطرق الرسمية في اإلدارة‬
‫واالعتماد على المرونة من أجل تنفيذ التعليمات‪ ،‬وكذلك البطء في اتخاذ القرارات والعزوف‪ 5‬عن االلتجاء إلى‬
‫التجارب‪ ،‬كما يتحول أعضاء (البيروقراطية) إلى طائفة تحتكر العمل الحكومي‪ 5‬من أجل مصلحتها‪ 5‬الخاصة‪ ،‬ويتحول‪5‬‬
‫عملها إلى غاية في حد ذاته‪.‬‬

‫المفهوم الرابع‪ :‬وهو المفهوم الذي استخدمته األنظمة ذات الطابع الشمولي‪ ،‬التي ترى أن البيروقراطية نوع من اإلدارة‬
‫العامة‪ ،‬لذلك كان االهتمام بالجماعات التي تؤدي الوظائف‪ 5‬أكثر من االهتمام بالوظائف‪ 5‬ذاتها‪.‬‬
‫إن ارتباط‪ 5‬البيروقراطية باإلدارة العامة أصبح يمثل محاولة الستخدامها‪ 5‬كوحدة للتحليل في الدراسات المقارنة‪ ،‬وأغلب‬
‫الدراسات التي اعتمدت على ذلك صنفت البيروقراطية انطالقا من مدى استغراقها في العملية السياسية‪.‬‬

‫المفهوم الخامس‪ :‬وهذا المفهوم تأثر بماكس فيبر‪ 5‬أيضا‪ ،‬ويعتبر‪ 5‬البيروقراطية إدارة الموظفين‪ ،‬لذلك اهتموا بفحص‬
‫كفاءة النموذج المثالي وقدرته على استيعاب كافة خصائص اإلدارة‪ ،‬وكذلك ركز على فعالية الجهاز اإلداري‪ ،‬لذلك‬
‫انتشر هذا المفهوم في علم اإلدارة أكثر من علم السياسة‪.‬‬

‫المفهوم السادس‪ :‬وهو الذي يعتبر البيروقراطية غير مقتصرة على الجهاز الحكومي‪ ،‬بل الذي يولد عندما ترسى‬
‫أصول صريحة لتنسيق‪ 5‬نشاطات‪ 5‬مجموعة معينة من أجل بلوغ أغراض محددة‪ ،‬أو أنه وحدة اجتماعية تحقق أهدافا ً‬
‫محددة‪ ،‬إال أنه يتميز‪ -‬هذا التنظيم‪ -‬بالتسلسل الرئاسي والتباين في التخصيص‪.‬‬

‫إال أنه يالحظ في هذا التعريف‪ 5‬قد يعوم مصطلح البيروقراطية إذ إن كل المجتمعات مهيكلة في تنظيمات متباينة‪ ،‬كما‬
‫يصعب الفصل بين التنظيم‪ 5‬واإلدارة‪.‬‬

‫المفهوم السابع‪ :‬وهو المفهوم الذي يعتبر أن البيروقراطية تعبير عن المجتمع الحديث‪ ،‬كما ماركس حين أطلق عليها‬
‫لفظ المجتمعات الرأسمالية التي تعتبر مرحلة متقدمة وفق‪ 5‬التفسير المادي للتاريخ‪.‬‬

‫وذهب أنصار‪ 5‬هذا المفهوم بعدم وجود‪ 5‬تفرقة بين رجال اإلدارة ورجال السياسة‪ ،‬وعدم ضرورة لوجود ثنائية تقليدية‬
‫تفصل الدولة والبيروقراطية‪ ،‬أو بين المجتمع وبين وجود عدد هائل من التنظيمات الكبرى التي تجسد البيروقراطية في‬
‫هيكلة الدولة الحديثة‪.‬‬

‫مجلة النبأ الشهرية‬

‫تعريف‪5‬‬

‫المظاهر التنظيمية المعقدة التي تتصف بعدم المرونة ‪ ،‬وعدم االهتمام باألشخاص والجمود ‪ ،‬والتهرب من‬
‫المسئولية ‪ ،‬وعدم االلتجاء للتجارب والتجديد ‪ ،‬والبطء في إنجاز األعمال " ‪.‬‬

‫النموذج البيروقراطي الجزائري‬

‫المبحث األول ‪:‬‬


‫مفهوم البيروقراطية ‪ :‬إن مفهوم البيروقراطية يتصل بالسياسة ‪ ،‬واالجتماع وعلم النفس ‪ ،‬كما يتصل ويتعلق‬
‫باإلدارة والبيئة االجتماعية ‪ ،‬ومختلف الظروف? البيئية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ويعتبر مفهوم البيروقراطية من أقدم المفاهيم اإلنسانية ‪ ،‬ومن أعقدها على اإلطالق نظرا لما يتضمنه من معان‬
‫متعددة ‪ ،‬وفق الهدف من استعماله ‪ ،‬بل إن هذه المعاني قد تضاربت? تماما ً إذ ما قورنت ببعضها? البعض ‪ ،‬ويزيد? من‬
‫المشكلة أن بعض استعماالت مفهوم البيروقراطية قد أخذ طابعا ً سيئا ً وشاع استعماله على هذا النحو ‪ ،‬حتى ليكاد‬
‫يعني فى مجموع? مضمونه – وفق شيوع هذا االستعمال? – مجموع التعقيدات اإلدارية وما تتسم به إجراءات اإلدارة‬
‫من جمود يؤدي إلى عرقلة التوصل إلى الحل ومن ثم إلى عدم تحقيق الهدف ‪.‬‬
‫ونورد? االستعماالت األتية لمفهوم البيروقراطية فى الواقع العملي ‪:‬‬
‫‪ .1‬قد يعني مفهوم البيروقراطية النظام اإلداري كله خاصة ما يتسم به من ضخامة ‪.‬‬
‫‪ .2‬البيروقراطية قد تتصرف إلى مجموع اإلجراءات التى يجب إتباعها فى مباشرة العمل الحكومي? بصورة عامة‬
‫والنشاط أو العمل اإلداري بصورة خاصة ‪ ،‬وفى? داخل المكاتب أو التنظيمات اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ .3‬قد تستعمل البيروقراطية لتعني القوة ‪ Power‬مفسرة على أساس السلطة ‪ Authority‬بمعني النفوذ أو السيطرة ‪.‬‬
‫وتعني ذلك القدر من السلطة الذى يمارسه الموظف? العام ‪ ،‬أو التنظيم اإلداري ‪ ،‬أو مجموع العنصر? اإلنساني الذى‬
‫يشغل الوظائف العامة فى نظام الخدمة المدنية ‪.‬‬
‫‪ .4‬قد تعني البيروقراطية " الدور" الممارس من قبل الموظفين العموميين فى إطار النظام السياسي فى الدولة ‪.‬‬
‫‪ .5‬وقد ينصرف? مفهوم البيروقراطية إلى التكوين اإلداري على أساس النظر إليه كتكوين حكومي سياسي بطبيعته‬
‫يمكن النظر إلى البيروقراطية من خالل خصائص بناء التنظيم? على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية‬
‫فى التنظيم اإلداري والذى يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل ‪.‬‬
‫‪ .6‬قد تعني البيروقراطية تنظيما ً إداريا ً ضخما ً له خصائصه ومميزاته ‪.‬‬
‫‪ .7‬قد يعني مفهوم البيروقراطية معني أخر يتسم بالنقد فى مجاالت األنشطة اإلدارية حيث تعتبر البيروقراطية‬
‫مصدراً للروتين وتعقيد اإلجراءات وصعوبة التعامل مع الجماهير ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مشكالت الجهاز البيروقراطي الجزائري‬


‫يمكن تشخيص عدد من المشكالت التي يعانى منها الجهاز البيروقراطي? الجزائري في ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬ضعف التكامل واالنسجام الزمني بين برامج التنمية االقتصادية وبرامج التنمية االدارية‪ ،‬اذ عادة ينصب االهتمام‬
‫على برامج االنماء االقتصادي? مع اغفال دور النظام االداري? الذي يجب ان يتماشى مع هذه البرامج‪ ،‬االمر الذي‬
‫يؤدي الى اتساع الفجوة بين كال النوعين من البرامج‪ ،‬وعندها تظهر االختناقات والمشكالت في النظام االداري‪.‬‬
‫ب‪ .‬غياب النظرة التكاملية لبرامج التنمية االدارية لدى عدد كبير من القيادات االدارية‪ ،‬الذي ادى الى بروز? الظواهر‬
‫السلبية االتية‪:‬‬
‫ـ المركزية‬
‫ـ الروتين الجامد‬
‫ـ سوء التخطيط? وضعف التنسيق?‬
‫ـ سوء توزيع? العاملين‬
‫ـ نقص الكفاءات الفنية واالدارية‬
‫ـ انخفاض الوالء الوظيفي لدى العاملين‬
‫ــ إضفاء طابع السرية الشديد على األعمال اإلدارية ولو كانت بسيطة ‪.‬‬
‫ج‪ .‬اسناد المراكز القيادية في الجهاز االداري? لعناصر ال تتمتع بالكفاءة‪ ،‬مع بروز? ظاهرة المحسوبية ‪ ،‬ما ادى الى‬
‫ظهور مشاكل أساسية في ضعف قدرة هذه العناصر على قيادة منظمات الجهاز االداري‪.‬‬
‫د‪ .‬شيوع النزعة التسلطية لدى عدد كبير من القيادات االدارية‪ ،‬والركون الى اصدار التوجيهات واالوامر? من دون‬
‫بذل الجهد لتطوير العمليات االنتاجية واالرتقاء بجودة السلع والخدمات‪.‬‬
‫هـ‪ .‬تفشي بعض النزعات والممارسات الخاطئة في الجهاز االداري التي ترتبط? بقضايا التعيين‪ ،‬واناطة المسؤوليات?‬
‫االدارية‪ ،‬وتقويم االداء‪ ،‬والترقية‪ ،‬والحوافز المعنوية والمادية على اسس من المحسوبية والعالقات الشخصية‬
‫وسيادة النظرة غير الموضوعية لعالقات العمل‪.‬‬
‫و‪ .‬الروتين الطويل وشيوع? اسلوب (الواسطة) في انجاز بعض المعامالت التي تضطلع بها منظمات الجهاز االداري‬
‫حيث برزت بعض نتائج ذلك في انخفاض االنتاجية‪ ،‬وتقليل استثمار الوقت‪ ،‬والتأثير? على مصالح الجمهور المستفيد‬
‫وعلى عالقاته مع االجهزة الحكومية المختلفة‪.‬‬
‫ز‪ .‬تفشي الفساد والرشوة في بعض اوساط? الجهاز االداري‪ ،‬اذ ينظر الى بعض المراكز? الحساسة في الدولة على‬
‫انها مواقع ممتازة لغرض الكسب واالثراء غير المشروع والتمتع باالمتيازات على حساب الدولة‪.‬‬
‫ح‪ .‬البطء في استيعاب ومواكبة التغييرات االدارية الحديثة‪ ،‬ووجود? مقاومة للتغيير لدى عدد من القيادات االدارية‬
‫تدن ملحوظ في مستويات? االداء وتحقيق االهداف‪.‬‬ ‫والمسؤولين? المنتفعين في بعض االجهزة‪ ،‬مما ادى الى ٍ‬
‫ط‪ .‬اعتبار النقد البناء وابداء وجهات النظر نزعة معارضة وغير تعاونية‪ ،‬كما ان الدعوة الى الممارسات‬
‫الديمقراطية كانت تقابل بالرفض باعتبارها نزعات تستهدف? االخالل بالنظام?‪.‬‬
‫ي‪ .‬تعدد التشريعات واللوائح واحيانا تعارضها مع بعضها البعض‪ ،‬وصدور الكثير منها بشكل متسرع? من دون‬
‫خضوعها للدراسة والتمحيص ما ولد صعوبات? عملية عند تطبيقها وادى الى اللجوء لالستثناءات نتيجة الخلل في‬
‫بعض منها‪.‬‬
‫المبحث الثالث " خلفيات الجهاز البيروقراطي في الجزائر‬
‫‪ 1‬ــ الخلفية التاريخية ‪ :‬ذكرنا في ما سبق أن االدارة الجزائرية أو باألحرى النموذج البيروقراطي? الجزائري‬
‫موروث استعماري? فاالدارة الجزائرية رغم محاولتها? مسايرة التقدم الحاصل في جميع الجوانب لم تسلم من رواسب‬
‫نشأتها التاريخية ‪ ،‬وهي رواسب انعكست على طبيعة هيكلها التنظيمي وعالقتها? بالمواطنين باالضافة الى‬
‫التشريعات التي تنظم عملها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـــ الخلفية االقتصادية‪:‬أول من أتى بالتفسير? االقصادي للبيروقراطية هو السوفياتي تروتسكي عند تحليله‬
‫للبيروقراطية في عهد ستالين‪ ،‬حيث أكد على ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تسد األبواب في وجه االنحرافات‬
‫البيروقراطية ‪ ،‬وبمعنى أخر كان ضروريا? انتهاج سياسة شد الحزام نظرا لضعف الموارد? من جهة وكثرة االنفاق‬
‫نتيجة انتهاج الجزائر? للصناعة الثقيلة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـــ الخلفية السياسية‪ :‬انتهجت الجزائر? بعد االستقالل النهج االشتراكي وكان من األجدر دراسة وضعية حزب‬
‫جبهة التحرير الوطني? باعتباره الحزب الحاكم أنذاك يقوم باعداد وتنفيذ السياسة العامة ومراقبة تطبيقها ‪ ،‬ومن هنا‬
‫نستنتج أن للحزب مهمتان رئيسيتان هما‪ ،‬وضع الخطط العريضة للسياسة الجزائرية ومراقبة تطبيقها الذي تقوم به‬
‫االدارة ‪.‬‬
‫ولكن هل كان حزب جبهة التحرير? الوطني مهيأ ألداء هذه المهمة ؟‬

You might also like