You are on page 1of 4

‫املحور الثاني‪ :‬تحرير تجارة الخدمات املصرفية‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التحرر املصرفي‪ :‬يندرج التحرر املصرفي في سياق التحرر الاقتصادي‬
‫‪ .1‬مفهوم التحرر الاقتصادي‪ :‬يقصد به تقليل من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص‪ ،‬بمعنى سحب جزئي‬
‫الختصاصات الدولة كمسؤولة عن إدارة عوامل إلانتاج وتوفير الخدمات لألفراد‪ ،‬واسنادها إلى قطاعات وجهات أخرى تكون قادرة على‬
‫إدارتها بما يتوافق مع املتغيرات الاقتصادية الحديثة‪ ،‬بمعنى أن التحرر الاقتصادي هو جملة من السياسات التي تمكن من إدارة‬
‫الاقتصاد الوطني وفقا آللية السوق من خالل املشاريع الخاصة (القطاع الخاص) وبالتالي يصبح الدافع على النشاط الاقتصادي هو‬
‫تحقيق الربح وليس القرارات إلادارية‪.‬‬
‫‪ .2‬مفهوم التحرر املالي واملصرفي‪ :‬يقصد به الغاء كل القيود والترتيبات والتنظيمات املفروضة على حركة رؤوس ألاموال قصيرة وطويلة‬
‫ألاجل عبر الحدود الوطنية‪ ،‬وإعطاء السوق مطلق الفعالية والحرية في عمليات ضمان توزيع وتخصيص املوارد املالية وتحديد أسعار‬
‫العمليات املالية طبقا لقوى العرض والطلب‪ ،‬وكذا استبدال أليات الرقابة املباشرة بالرقابة غير املباشرة‪ ،‬ويشمل التحرر املالي واملصرفي‬
‫تحرير ثالث جوانب وهي‪:‬‬
‫‪ ‬تحرير القطاع املصرفي املحلي‪ :‬والذي يشمل تحرير ثالث جوانب أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ ‬تحرير أسعار الفائدة‪ :‬ذلك عن طريق الحد من الرقابة املتمثلة في تحديد السقوف العليا ألسعار الفائدة الدائنة‬
‫واملدينة وتركها تتحدد وفقا لقوى العرض والطلب‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير الائتمان املصرفي‪ :‬من خالل الحد من الرقابة على توجيه الائتمان إلى قطاعات محددة دون ألاخرى‪ ،‬وكذا‬
‫وضع سقوف ائتمانية عليا على القروض املمنوحة‪ ،‬وكذا الغاء الاحتياطات الاجبارية املبالغ فيها‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير املانافةة النانيية‪ :‬ذلك من خالل إلغاء وإزالة كافة القيود والعراقيل التي تعيق انشاء البنوك الخاصة سواء‬
‫منها املحلية أو ألاجنبية‪ ،‬وكذا مختلف القيود املرتبطة باختصاصات البنوك‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير ألاسواق املالية‪ :‬يكون ذلك من خالل إزالة كافة القيود والعراقيل ضد حيازة وامتالك املستثمر ألاجنيي لألوراق املالية‬
‫املصدرة في بورصة القيم املنقولة‪ ،‬والحد من إجبارية توطين رأس املال وأقساط ألارباح والفوائد‪.‬‬
‫‪ ‬إزالة الحواجز والعقنات‪ :‬التي تمنع البنوك واملؤسسات املالية من إلاقراض إلى الخارج والعمل على الحد من الرقابة على‬
‫سعر الصرف‪.‬‬
‫‪ .3‬مفهوم التحرر املصرفي‪ :‬يقصد به مجموعة إلاجراءات التي تسعى إلى خفض درجة القيود املفروضة على القطاع املصرفي‪ ،‬والتقليل‬
‫من عمليات احتكار الدولة له وفتحه أمام املنافسة البنكية‪ ،‬وتتمثل هذه الاجراءات فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إلغاء القيود على أسعار الفائدة والعموالت التي تتقاضاها البنوك على خدماتها؛‬
‫‪ ‬إلغاء القيود إلادارية املقيدة لحرية البنوك في منح الائتمان؛‬
‫‪ ‬تدعيم استقاللية البنوك في اتخاذ قراراتها وفقا لقوى السوق؛‬
‫‪ ‬إعادة هيكلة بنوك القطاع العام وفتح ملكيتها امام القطاع الخاص سواء املحلي أو ألاجنيي؛‬
‫‪ ‬السماح بإنشاء البنوك في القطاع الخاص الوطني أو ألاجنيي والسماح بفتح فروع للبنوك ألاجنبية؛‬
‫‪ ‬تقليل الحواجز أمام الدخول إلى السوق املصرفي املحلي وتسهيل إجراءات الخروج منه؛‬
‫‪ ‬تحسين درجة الشفافية في املعامالت املصرفية وزيادة أوجه حماية أموال املودعين واملستثمرين؛‬
‫‪ ‬تدعيم الرقابة والاشراف للمحافظة على الانضباط في السوق املصرفية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف وشروط نجاح التحرر املصرفي‪ :‬يمكن توضيحها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬أهداف التحرر املصرفي‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحديث القطاع املصرفي من أجل تكييف قواعد تسيير البنوك مع التطورات التي تعرفها الصناعة املصرفية‬
‫وتحرير حركة رؤوس ألاموال؛‬
‫‪ ‬يؤدي إلى زيادة درجة التنافس في املحيط املصرفي بما يؤدي إلى تقوية فعالية النظام املصرفي في تعبئة املدخرات وتحقيق‬
‫النمو الاقتصادي؛‬
‫‪ ‬يسمح التحرر املصرفي بظهور البنوك واملؤسسات املالية بما يؤدي إلى تخفيض تكلفة تقديم الخدمات املصرفية‪.‬‬
‫‪ ‬تعبئة الادخار املحلي وألاجنيي لتمويل الاقتصاد عن طريق رفع معدالت الاستثمار؛‬
‫‪ ‬خلق عالقة بين أسواق املال املحلية وألاجنبية من أجل جلب أموال لتمويل الاستثمار؛‬
‫‪ ‬رفع فعالية ألاسواق املالية لتكون قادرة على املنافسة الدولية‪ ،‬وعليه تمكنها من فتح مصادر اقتراض وتمويل أجنبية وخلق‬
‫فرص استثمار جديدة؛‬
‫‪ ‬تحرير التحوالت الخارجية مثل تحرير تحويل العمالت ألاجنبية وحركة رؤوس ألاموال‪ ،‬خاصة مع التغيرات الاقتصادية التي‬
‫منها تغيرات أسعار الصرف وأسعار الفائدة‪.‬‬
‫‪ .2‬شروط نجاح التحرر املصرفي‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة توافر الاستقرار الاقتصادي العام‪ :‬يتطلب التحرر املصرفي ضرورة توافر مناخ اقتصادي مستقر خاصة فيما يتعلق‬
‫باالستقرار في املستوى العام لألسعار "معدالت التضخم"‪ ،‬هذا ويتطلب تحقيق الاستقرار الاقتصادي العام ضرورة اتخاذ‬
‫نوعين من إلاجراءات وهي‪:‬‬
‫‪ ‬إلاجراءات الوقائية‪ :‬التي تتخذ قبل وقوع الازمات املالية واملصرفية‪ ،‬وذلك من خالل تصميم الهياكل القانونية‬
‫والتنظيمية للحد من املخاطر وحماية أموال املودعين‪.‬‬
‫‪ ‬إلاجراءات العالجية‪ :‬التي تتخذ بعد حدوث ألازمات املالية واملصرفية‪ ،‬من خالل تدخل البنك املركزي لحماية‬
‫أموال املودعين وكذا توفير السيولة‪.‬‬
‫‪ ‬اتناع التةلةل في مراحل التحرر املصرفي‪ :‬فالبد من أن تبدأ عملية التحرر املصرفي على املستوى املحلي أوال ومن ثم على‬
‫املستوى الخارجي ثانيا على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬على املةتوى املحلي‪ :‬من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬القطاع الحقيقي‪ :‬من خالل ترك تحديد ألاسعار وفقا لقوى العرض والطلب‪ ،‬فرض ضرائب عقالنية‬
‫على املؤسسات‪ ،‬رفع دعم الدولة عن ألاسعار‪ ،‬تطبيق سياسة الخوصصة وتشجيع القطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ ‬القطاع املالي واملصرفي‪ :‬كما تم توضيحه سابقا‪.‬‬
‫‪ ‬على املةتوى الخارجي‪ :‬على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬القطاع الحقيقي‪ :‬من خالل رفع القيود على عمليات التجارة الخارجية والسماح بحرية التحويالت‬
‫املالية نحو الخارج لخدمة أغراض التجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬القطاع املالي واملصرفي‪ :‬من خالل السماح بإنشاء البنوك الخاصة ألاجنبية؛ حرية حركة رؤوس ألاموال؛‬
‫قابلية تحويل ألاموال‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ ‬الاشراف الحذر على الةوق املصرفي‪ :‬ذلك أن نجاح عملية التحرر املصرفي يتطلب إشراف قوي من أجل منع الانحرافات‬
‫واملحافظة على انضباط السوق املصرفي‪ ،‬وتفادي الوقوع في الازمات املالية واملصرفية‪ ،‬وذلك من خالل الاهتمام بإدارة‬
‫املخاطر وضمان التنافسية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توافر املعلومات الكافية عن الةوق‪ :‬املصرفي واتاحتها امام كل املتدخلين ويتعلق الامر بـ‪:‬‬
‫‪ ‬املعلومات التي يجب ان توفرها الجهات الرقابية‪ :‬ويتعلق ألامر بكل القوانين واللوائح والتنظيمات املنظمة للسوق‬
‫املصرفية‪.‬‬
‫‪ ‬املعلومات التي يجب أن توفرها النانوك‪ :‬املتعلقة بكل نشاطاتها وإتاحتها أمام الجهات الرقابية وأمام كل املتعاملين‬
‫واملستثمرين حتي يتمكنوا من ترشيد قراراتهم املالية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مفهوم التجارة الدولية في الخدمات املالية واملصرفية‪ :‬لقد ورد تحرير تجارة الخدمات املالية واملصرفية ضمن الاتفاقية العامة للتجارة‬
‫والخدمات ‪ ،GATS‬وذلك نظرا لألهمية املتزايدة لقطاع الخدمات عموما في النتاج الاجمالي الدولي وقطاع الخدمات املالية واملصرفية على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬ففي حالة تحرير تجارة السلع ال تظهر مشكلة الانتقال عبر الحدود وإنما يكون املشكل من خالل جملة القيود املفروضة على التجارة‬
‫في الخدمات عموما من خالل القوانين والتشريعات التي تضعها الدول في هذا املجال‪ ،‬وهي القيود التي سعت الاتفاقية العامة للتجارة والخدمات‬
‫إلى إزالتها بحيث يمكن في النهاية الوصول إلى نظام حر لتبادل الخدمات عموما بما فيها أيضا الخدمات املالية واملصرفية‪.‬‬
‫يقصد بتحرير تجارة الخدمات املالية واملصرفية‪" :‬هي عملية اتخاذ القرارات التي توسع من فرص دخول موردي الخدمات ألاجانب إلى السوق‬
‫املحلية‪ ،‬والتقلقل من التحيز اتجاههم وكذا تمكين املوردين املحليين للخدمات من النفاذ إلى ألاسواق ألاجنبية"‪.‬‬
‫كما تشير أيضا إلى حرية انتقال مستهلكين الخدمات إلى بلد أخر واختيار مورد الخدمة والطريقة التي يعرض بها هاته الخدمات"‪.‬‬
‫هذا وتوجد أربع أشكال رئيسة لتوريد الخدمات عموما بما فيها الخدمات املالية واملصرفية ضمن الاتفاقية العامة للتجارة والخدمات ‪،GATS‬‬
‫نوضحها على النحو التالي‪:‬‬
‫انتقال الخدمة عبر الحدود‪ :‬ذلك عبر انتقال الخدمة من أراض ي دولة مقدم الخدمة إلى أراض ي دولة متلقى الخدمة‪ ،‬أي تنتقل الخدمة‬ ‫‪.1‬‬
‫املصرفية فقط؛‬
‫التواجد التجاري‪ :‬ذلك من خالل انتقال مقدم الخدمة عن طريق إنشاء الفروع والوكاالت البنكية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الاستهالك في الخارج‪ :‬بمعنى انتقال طالب الخدمة إلى الخارج للحول على الخدمة املطلوبة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الانتقال املؤقت لألشخاص الطنيعيين نحو الخارج‪ :‬من أجل تقديم الخدمة وذلك مثل الخبراء والاستشاريين‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من أهم الخدمات املالية واملصرفية التي شملتها الاتفاقية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫قبول الودائع وألاموال من ألافراد واملؤسسات؛‬ ‫‪‬‬
‫إلاقراض بكافة أشكاله بما فيه القروض الاستهالكية؛ الائتمان العقاري؛ تمويل العمليات التجارية‪...‬إلخ؛‬ ‫‪‬‬
‫خدمات املدفوعات والتحويالت بما فيها البطاقات الائتمان والشيكات املصرفية والشيكات السياحية؛‬ ‫‪‬‬
‫خطابات الضمان والاعتمادات املستندية؛‬ ‫‪‬‬
‫العمليات املتعلقة بالنقد ألاجنيي؛‬ ‫‪‬‬
‫التأجير التمويلي؛‬ ‫‪‬‬
‫التعامل باملشتقات املالية؛‬ ‫‪‬‬
‫التجارة لحساب املؤسسات املالية أو الغير في السوق ألاولية؛‬ ‫‪‬‬
‫خدمات إدارة ألاصول وتكوين املحافظ الاستثمارية لصالح العمالء؛‬ ‫‪‬‬
‫تقديم الاستشارات املتخصصة وأي خدمات مالية أخرى تقدمها البنوك التجارية لعمالئها؛‬ ‫‪‬‬
‫رابعا‪ :‬ألاثار املحتملة لتحرير تجارة الخدمات املالية واملصرفية على الدول الانامية‪ :‬يمكن توضيح الاثار املحتملة لتحرير التجارة في الخدمات‬
‫املالية واملصرفية على الدول النامية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬املزايا املحتملة لتحرير التجارة في الخدمات املالية واملصرفية‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬من املمكن ان يؤدي تحرير تجارة الخدمات املالية واملصرفية إلى جعل القطاع املصرفي أكثرا كفاءة واستقرار؛‬
‫‪ ‬إن اتساع السوق املصرفية نتيجة لتحرير التجارة في الخدمات املالية واملصرفية يمكن أن يؤدي إلى تعاظم الاستفادة من‬
‫اقتصاديات الحجم من خالل تزايد عمليات الاندماج املصرفي؛‬
‫‪ ‬إن املنافسة تدفع البنوك إلى تخفيض أسعار الفائدة والعموالت‪ ،‬وتحسين إلادارة وزيادة كفاءة تقديم الخدمات املصرفية؛‬
‫‪ ‬يؤدي على نقل التكنولوجيا املصرفية الحديثة إلى ألاسواق املحلية بالتبعية نتيجة لتواجد البنوك واملؤسسات املالية‬
‫ألاجنبية؛‬
‫‪ ‬زيادة الكفاءة في تخصيص املوارد املالية ومن ثم زيادة العائد على الاستثمار والتحفيز على جمع املدخرات بما يؤدي إلى زيادة‬
‫معدالت النمو الاقتصادي؛‬
‫‪ ‬يؤدي تحرير تجارة الخدمات املالية واملصرفية إلى تدفق رؤوس ألاموال من الدول ذات الفائض إلى الدول ذات العجز؛‬
‫‪ ‬زيادة كفاءة وفعالية ألاسواق املالية املحلية وجذب الاستثمارات ألاجنبية‪.‬‬
‫‪ .2‬التحديات املحتملة لتحرير التجارة في الخدمات املالية واملصرفية‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تزايد احتمالية سيطرت البنوك واملؤسسات املالية ألاجنبية على السوق املصرفية املحلية؛‬
‫‪ ‬التخوف من قيام البنوك واملؤسسات املالية ألاجنبية بخدمة القطاعات ألاكثر ربحية من السوق فقط‪ ،‬وبالتالي عدم وصول‬
‫الخدمات املصرفية إلى قطاعات معينة؛‬
‫‪ ‬إن التحرر املصرفي يمكن أن يؤثر سلبا وبطريقة غير مباشرة على الاستقرار املالي للدول النامية من خالل زيادة تدفق رأس‬
‫املال املتقلب؛‬
‫‪ ‬التخوف من عدم قدرة البنوك واملؤسسات املالية املحلية على املنافسة؛‬
‫‪ ‬إن تحرير تجارة الخدمات املالية واملصرفية قد يؤدي إلى فشل أحد البنوك أو أكثر وما يمكن أن يؤدي إلى حدوث أزمة في‬
‫السوق املصرفية بما يؤدي إلى زعزعة الثقة في القطاع املصرفي‪.‬‬

You might also like