Professional Documents
Culture Documents
1
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
رغم ما يثار من جدل حول معدل الفائدة ،إال أنه يعتبر شريان االقتصاد العالمي حيث يسيطر
على مختلف المعامالت وأسواق النقد والمال....إلخ ،ومن خالل هذا الفصل سنحاول أن نبين مفهوم
أسعار الفائدة وأنواعها ،وتفسير أهم النظريات النقدية لها ،وأخي ار نركز على مختلف العوامل التي تؤثر
على تحديدها على المستوى الكلي وكذا الجزئي ،لنختم موضوعنا هذا بتناول مختلف الوظائف التي تؤديها
في االقتصاديات المعاصرة.
.1.3مفهوم معدل الفائدة وتطورها :لقد اختلف في تعريف معدل الفائدة ما بين اللغويين
واالقتصاديين وكذا الفقهاء ،كما أنها مرت في تطورها بمرحلتين أساسيتين.
.1.1.3مفهوم الفائدة :سوف نركز على التعريف اللغوي والشرعي واالصطالحي لمفهوم الفائدة،
وسننطلق من أن الفائدة المعاصرة ما هي إال شكل من أشكال الربا المحرمة في الشريعة اإلسالمية
وبالتالي سنستعمل كلمة الربا:
أ .تعريف الربا لغويا :الربا في اللغة العربية مصدر يشتق من الفعل ربا ،أي ربا الشيء ،زاد ونما؛
ب .تعريف الربا شرعيا :أما شرعا فإنه فضل مال مشروط بال عوض في معاوضة مال بمال وهو كل
زيادة ال تقابلها عوض في مبادلة مال بمال من جنسه؛
ج .تعريف الفائدة اصطالحا :لقد اختلف بشكل كبير في تعريف الفائدة ،من جهة ألخرى ،إال أننا لن
ندخل في تلك االختالفات والمفارقات الموجدة بينها ،ونمر إلى إعطاء بعض التعاريف التي تترجم أهم
التطورات المعاصرة لمعدل الفائدة:
-هناك من يعرفها على أنها الثمن الذي يدفعه المقترض لقاء استخدام المال المقرض لمدة زمنية معينة،
ويعبر عنه بنسبة مئوية من أصل القرض؛
-كما عرفت كذلك على أنها الثمن المدفوع لقاء استخدام رأس المال النقدي؛
-في حين عرف من طرف آخرون على أنها ثمن التخلي عن استخدام السيولة الحاضرة للمستقبل ،أي
ثمن االمتناع عن االستهالك في الوقت الحاضر للحصول على دخل أعلى في المستقبل؛
-كما عرف كذلك على أنه ثمن استخدام النقود.
وما يالحظ على هذه التعاريف هو اتفاقها على أنها نسبة معينة تحتسب على أساس مبلغ نقدي
معين ،يعتبر قرضا ،وهي تمثل عائدا لطرف وتكلفة لطرف آخر .وهي تدفع مهما كانت نتيجة استخدام
القرض سواء ربحا أو خسارة وبالتالي فهي ال تتحمل المخاطر.
.2.1.3مراحل تطور الفائدة :يمكن القول أن موضوع الفائدة قديم ،وقد مر في تطوره بمرحلتين أساسيتين
هما:
2
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
أ .مرحلة النظرة الدينية :قبل أن يكون معدل الفائدة متغير اقتصادي يدرس ويشغل حي از هاما في القضايا
المالية المعاصرة ،فقد كانت لمختلف الديانات السماوية نظرة لها ،حيث نجد:
-الديانة اليهودية :رغم أن الديانة اليهودية اعتراها الكثير من التحريف والتزييف ،ومن ذلك أن اليهود
يحرمون استعمال الربا فيما بين جنسهم ولكنهم يبيحونها مع غير اليهودي ،إال أن القرآن الكريم قد بين أن
ظْل ٍم ِم َن
اليهود قد حرمت عليهم الربا في التوراة ذلك ما جاء في اآليتين 160و 161من سورة النساء {َفِب ُ
َخ ِذ ِه ُم الربا َوَق ْد ُن ُهوا َّللاِ َكِث ًا
ير (َ )160وأ ْ ُحَّل ْت َلهم وبِص ِد ِهم َع ْن سِب ِ
يل َّ َ ُْ َ َ ْ
طِي ٍ
بات أ ِ هادوا َح َّرْمنا َعَل ْي ِه ْم َ
ين ُ الذ َ
َّ ِ
ِ كاف ِر ِ اس ِباْل ِ
باط ِل واعتدنا لِْل ِ ِ
يما (})161؛ ين م ْن ُه ْم َعذا ًبا أَل ً
َ الن ِ َع ْن ُه َوأَ ْكل ِه ْم أ َْمو َ
ال َّ
-الديانة المسيحية :حرمت الديانة المسيحية الربا بشكل عام سواء مع المسيحيين أو غيرهم ،وقد عمل
رجال الدين في الكنائس على محاربة الربا وتبيان مضاره على الفرد وعلى المجتمع؛
-الربا في الشريعة اإلسالمية ، :وبدون الدخول في تفصيالت فإن الربا محرم بالكتاب والسنة واإلجماع.
ب .مرحلة النظرة االقتصادية :وهي الفترة التي لم تبق فيها الربا مجرد أفكار دينية ،بل أصبحت ينظر
إليها كمتغير اقتصادي ،وجاءت هذه الفكرة بعد الخروج من النظام الكنسي في العصور الوسطى وبداية
عصر النهضة .وفي هذه المرحلة تحول الحديث من تحريم الربا إلى مرحلة إنشاء نظريات اقتصادية في
سعر الفائدة و أهميته في النشاط االقتصادي ،ويقال أنه كان لليهود في أوروبا دو ار كبي ار عن طريق
سيطرتهم على رؤوس األموال محليا ودوليا مع التوسع االستعماري األوربي في مختلف دول العالم ،وقد
تطورت األفكار والنظريات التي تكلمت عن سعر الفائدة منذ ذلك الوقت.
3
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
-سعر إعادة الخصم :وهو معدل الفائدة المطبق من البنك المركزي على البنوك؛
-سعر الخصم :وهو معدل الفائدة المطبق من البنوك على العمالء.
.5.2.3معدل الفائدة حسب طبيعة العميل:
-أسعار الفائدة المدينة :وهي التي تطبق على المودعين؛
-أسعار فائدة دائنة وهي التي تطبق على المقترضين.
.6.2.3أسعار الفائدة حسب النطاق الجغرافي
-أسعار فائدة محلية :وهي أسعار فائدة ال يتعدى تأثيرها حدود االقتصاد الواحد؛
-أسعار فائدة دولية :وهي التي يمتد تأثيرها القتصاديات أخرى مثل معدالت الفائدة في أسواق الدول
المتقدمة والاليبور ومعدل الفائدة على أذونات الخزينة األمريكية...الخ.
.7.2.3أسعار الفائدة حسب طريقة تسديدها
-معدل الخصم :وهي نسبة يتم خصمها من أصل القرض مسبقا؛
-معدالت الفائدة مدفوعة الحقا :وهي التي يتم تسديدها عند تواريخ متفق عليها إما دفعة واحدة عن تاريخ
االستحقاق أو على دفعات متفق عليها.
4
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
السائدة في المجتمعات القديمة ،من ابرز مفكريها ادم سمث ،ريكاردو و مالتس...الخ .تمثل الفائدة لدى
آدم سمث تعويض للمقرض عن ربح كان سيحصل عليه لو استثمر ماله ولم يقرضه إلى اآلخرين،
والفائدة ضمن هذا المضمون تمثل وسيلة إلغراء صاحب المال على تشغيل ماله بدال من اكتنازه ،ويشترك
ريكاردو مع ادم سمي ث بان استخدام المال سوف يعطينا الكثير لذلك فمن حق صاحب المال اخذ حصة
منه ،وان غياب الفائدة في االقتصاد يقضي على محفزات االستثمار .والكالسيك الذين تكلموا عن الفائدة
كثيرون ،وعلى اختالف مشاربهم وانطالقا من األفكار التي كانوا يحللون في ضوئها فقد اتفقوا على أن
معدل الفائدة متغير ذو طابع حقيقي وليس نقدي ،وهو عبارة عن تلك العالوة أو الزيادة التي تدفع لألفراد
لتشجيعهم على اتخاذ قرار تأجيل االستهالك المحتمل من طرفهم في الحاضر إلى المستقبل ،مما يوفر
مدخرات للمشروعات التي تبحث عن رأس المال وتكون مستعدة لدفع هذه العالوة على أساس أنها تضحي
ببعض النقود اليوم مقابل الحصول على كمية أكبر في المستقبل ،وعليه فسعر الفائدة حسبهم يتحدد
بتقاطع دالة االدخار أي عرض رؤوس األموال مع دالة االستثمار أي الطلب على رؤوس األموال ومعدل
الفائدة التوازني هو الذي يحقق المساواة بينهما .ومن أهم االنتقادات التي وجهت لهذه النظرية نذكر:
-سعر الفائدة ال يتحكم فيها االدخار واالستثمار ،بل هما عامالن من جملة عوامل أخرى؛
-ال يوجد ما يضمن أن النقود التي ال تستهلك وتدخر توجه لالستثمار ،فقد تكتنز وال تدخل نهائيا للدورة
االقتصادية أو قد يتم اقتنائها على شكل أصول مادية دون مرورها عبر الوسطاء الماليين؛
-الكالسيك أكدوا على أن معدل الفائدة يرتبط باالستثمار الحقيقي غير أن الفائدة تدفع حتى على
القروض االستهالكية؛
-االدخار ال يتحكم فيه معدل الفائدة فقط ،بل هناك عوامل أخرى كالدخل والعوامل النفسية والتي قد
يكون تأثيرها أكبر من معدل الفائدة في حد ذاته.
.3.3.3النظرية الكنزية في معدل الفائدة:
إن حدوث األزمة االقتصادية سنة 1929م ،وانتشار الكساد االقتصادي وتراجع معدالت النمو في
االقتصاديات الرأسمالية آنذاك وعدم قدرة السياسات التي اعتمدت والمستمدة من الفكر الكالسيكي ،والتي
عملت على زيادة المعروض النقدي لخفض معدل الفائدة وتشغيل اآللة االستثمارية لم يخرجها من حلقة
الكساد ،بل إلى جانب زيادة المعروض النقدي كان الطلب على النقود يزيد بدل أن تتحول إلى طلب
على السلع والخدمات وهو ما شجع على ظهور األفكار الكنزية.
فكينز فرق بين الكفاية الحدية لرأس المال وهو معدل العائد المتوقع الحصول عليه من قبل المستثمر
ومعدل الفائدة الذي يعتبر تكلفة الحصول على رأس المال ،ومعدل الفائدة حسب كينز متغير نقدي يمثل
ثمن التخلي عن السيولة أو التضحية بها مقابل الحصول على دخل أكبر في المستقبل ،أو هي مقابل
عدم االكتناز ألن االحتفاظ بالنقود سائلة ال يولد أي دخل ،ويتحدد معدل الفائدة لدى كينز بتقاطع منحنى
5
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
6
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
7
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
القصيرة عن زيادة الكميات وزيادة األسعار وبالتالي يزداد الدخل الحقيقي ومنه يزيد الطلب على النقود
ويزيد الطلب على رأس المال القابل لإلقراض مما يؤدي إلى دفع معدالت الفائدة إلى االرتفاع وتستمر في
االرتفاع حتى تصل إلى مستواها السابق قبل زيادة العرض النقدي ،وهذا االرتفاع سوف يتدعم أكثر مع
الدور الذي تلعبه التوقعات حول األسعار؛
-أثر التوقعات :إن ظهور االرتفاع في المستوى العام لألسعار سوف يؤدي بالمتعاملين إلى توقع
ارتفاعات جديدة في األسعار ،وهو ما يعني االنخفاض المستمر للقيمة الحقيقية لألرصدة النقدية مما
يؤدي بالمقرضين إلى المطالبة بمعدل فائدة اسمي يفوق معدل التضخم المتوقع ،ومنه الحصول على
معدل فائدة حقيقي موجب ،وعليه فحسب فريدمان فمعدالت الفائدة سوف تميل إلى االنخفاض في الفترة
القصيرة ولكنها تميل إلى االرتفاع مع ظهور التضخم وتستمر في هذا االتجاه إلى أن تفوق معدالت
التضخم.
ورغم أهمية تحليل معدل الفائدة لدى فريدمان إال أنه وكما ذكرنا لم يخصها بنظرية قائمة بذاتها وإنما
تطرق إليها في معرض نظريته في الطلب على النقود ،وهذا يعبر على أنه لم يعطها األهمية الكافية
متغير نقدي يؤثر على مختلف المتغيرات االقتصادية الحقيقية ألن أفكاره في هذا المجال هي امتداد
للتحليل الكالسيكي الذي يرى أن النقود حيادي وال تؤثر على النشاط االقتصادي.
.4.3محددات معدل الفائدة :إن معدل الفائدة متغير نقدي يتحدد بمجموعتين من العوامل ،األولى كلية
وترتبط بتحديد معدل الفائدة من قبل البنك المركزي وهو ما يصطلح عليه بمعدل إعادة الخصم ،أما
المجموعة الثانية فهي جزئية وهي خاصة بوضعية كل مؤسسة مالية على حدا وبوضع المنافسة بينها:
.1.4.3المحددات الكلية لسعر الفائدة :تؤكد التطبيقات العملية لمعدالت الفائدة على أنها تتأثر بمجموعة
من المتغيرات االقتصادية الكلية والمتمثل أهمها في:
-مرحلة الدورة االقتصادية :مستوى النشاط االقتصادي يؤثر بطريقة مباشرة من خالل زيادة الطلب على
القروض في حاالت االزدهار ،األمر الذي يؤثر بصورة وثيقة في أسعار الفوائد.إن مرور االقتصاد
بمرحلة ركود أو ازدهار هو من العوامل التي تحدد اتجاه سعر الفائدة المستقبلي ،فالخروج من الركود
يستدعي تخفيض معدل الفائدة لتشجيع االستثمار؛
-اتجاه السياسة النقدية :إن اتجاه السياسة النقدية هو من العوامل المحددة للسعر المستقبلي للفائدة،
فسياسة نقدية انكماشية يعني الرفع من معدل الفائدة للحد من الطلب على االئتمان وبالتالي الحد من نمو
المعروض النقدي وبالتالي التحكم في التضخم؛
-معددل التضدخم :ويعتبدر مددن أهدم العوامدل فارتفداع معدددل التضدخم يعندي رفدع معدددل الفائددة للوصدول إلددى
معدل فائدة حقيقية موجبة؛
8
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
-سياس ددة االئتم ددان :إن اتج دداه البن ددك المرك ددزي إل ددى تش ددجيع سياس ددة االئتم ددان ألي س ددبب ك ددان ي ددؤدي إل ددى
تخفدديض مع دددل الفائدددة م ددن أجددل تمك ددين المتعدداملين االقتص دداديين مددن الحص ددول علددى الق ددرض بأقددل تكلف ددة
ممكنة ،والعكس صحيح في حالة رغبة البنك المركزي تقييد االئتمان؛
-السياسة المالية :تؤدي السياسة المالية دو اًر مهماً في التأثير في سلوك سعر الفائدة من خالل حجم
الدين العام ،فزيادة العجز الحكومي معناه لجوء الدولة للنظام البنكي لالقتراض وهو ما يني مزاحمتها
للقطاع الخاص على القروض فتدفع أسعار الفائدة لالرتفاع في الدول التي تتميز باستقاللية النظام
البنكي؛
-مسددتوى التشددغيل :كلم ددا ارتفع ددت مس ددتويات البطال ددة فه ددذا معن دداه العم ددل أكث ددر عل ددى تش ددجيع االس ددتثمارات
الخالقة لمناصب الشغل وهو ما يعني العمل على تخفيض الفائدة لتخفيض تكاليف العملية االستثمارية؛
-معدالت النمو المرغوبة :كلما زادت معددالت النمدو المرغوبدة يعندي ذلدك تخفديض معددل الفائددة لتشدجيع
مختلف األنشطة االقتصادية والحد من نمو التكاليف لخلق قيمة مضافة أكبر؛
-درجة تطور السوق النقدي والمالي :كلما امتلكت الدولدة أسدواق ماليدة ونقديدة متطدورة فهدذا األمدر يجعدل
معدل الفائدة حساس لكل ما يحدث فيهما من ظروف الطلب والعرض على أدوات الددين والملكيدة بمختلدف
أنواعها سواء من متعاملين مقيمين أو غير مقيمين؛
-وضع ميزان المدفوعات :إن تحديدد معددل الفائددة يتدأثر بوضدعية ميدزان المددفوعات ،وذلد ك مدن الجواندب
التالية:
• إذا كدان لالقتصدداد المعندي قدددرات تصدديرية وارتفعددت أسدعار الفائدددة فدإن هددذا سديؤدي إلددى ارتفداع أسددعار
صادراتها وهو ما يجعلها أقل تنافسية وبالتالي يتم اللجوء لتخفيض سعر الفائدة لتشجيع الطلب األجنبي؛
• إذا كددان للدولددة أس دواق ماليددة ونقدي ددة جاذبددة للمسددتثمرين األجانددب فددإن ه ددذا األمددر يجعددل ارتفدداع مع دددل
الفائدة لجذب المزيد من رؤوس األموال الباحثة عن العائد المرتفع واألمان.
-أسعار الفائدة في األسواق الدولية :في ظل العولمدة الماليدة والتطدور السدريع لوسدائل االتصدال واإلعدالم
فددإن معدددالت الفائدددة المحليددة أصددبحت تتددأثر بأسددعار الفائدددة فددي أهددم األسدواق الماليددة الدوليددة ،ويددزداد تددأثير
هذا األمر كلما زادت درجدة تدرابط االقتصداد المحلدي بالعدالمي ،فسدعر الفائددة فدي بعدض دول الخلديج تتغيدر
لتغير معدل فائدة البنك االحتياطي الفدرالي نظ ار الرتفاع درجة الترابط فيما بينها؛
-سعر الصرف :بشكل عام فإن سعر الفائدة يتأثر بسعر صرف العملة ،ففي ظدل امدتالك الدولدة ألسدواق
نقديددة وماليددة متطددورة فددإن زيددادة المعددروض النقدددي مددن عملتهددا يددؤدي إلددى انخفدداض معدددل الفائدددة وهددو مددا
يجعل رؤوس األموال تخرج باحثة عدن العائدد المرتفدع فيدنخفض الطلدب علدى عملتهدا ،ويحددث العكدس عدن
ارتفاع الفائدة فتجذب رؤوس األموال فترتفع أسعار الفائدة،.
9
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
-مستوى االدخار واالستثمار في االقتصاد المعني :فإذا كان االدخدار أقدل مدن االسدتثمار فإنده مدن بدين
اإلجراءات التي ستتخذ لتشجيعه هو رفع معدل الفائدة ،رغم أن الكثير من الدراسات بينت أن االدخار دالة
تابعة لمجموعة من العوامدل الذاتيدة والموضدوعية بشدكل قدد يجعدل االدخدار ال يرتفدع حتدى ولدو ارتفدع معددل
الفائدة ،ويحدث العكس عندما يكون االستثمار أقل من االدخار؛
-مسدتوى عدرض النقددود والطلدب عليهدا :إذا كددان عددرض النقددود أكبددر مددن الطلددب عليهددا فددإن سددعر الفائدددة
سوف ينخفض لتشجيع الطلب عليها والعكس صحيح.
. 1.4.3المحددات الجزئيدة لسدعر الفائددة :بعدد تحديدد البندك المركدزي لسدعر الفائددة األدندى علدى المسدتوى
الكلددي ،فعلددى المسددتوى الجزئددي فددإن كددل بنددك أو مؤسسددة ماليددة مهمددا كددان نددوع نشدداطها سددوف تحدددد سددعر
الفائدة الذي ستتعامل به بناء على مجموعة من العوامل ،أهمها:
-حجم الموارد التي تملكها المؤسسة المالية :كلما كانت مواردها كبيرة فهذا يزيدد مدن مقددرتها علدى مدنح
القروض وبالتالي تخفض من معدل فائدتها الجتذاب المزيد من طالبي القروض؛
-حجددم المؤسسددة :كلمددا مددال حجددم المؤسسددة إلددى الكبددر فهددذا معندداه قدددرتها علددى تحمددل التكدداليف وبالتددالي
تعمل على تخفيض فائدتها؛
-حجم القروض الممنوحة :كلما ارتفع حجم القروض الممنوحة فهذا مؤشر على أن المؤسسة المالية ليس
لددديها الحريددة الكاملددة فددي مددنح القددروض ألنهددا سددوف تواجدده ضددرورة احتدرام المعددايير الرقابيددة ،وكددذا ارتفدداع
درجددة المخدداطر التددي تحملهددا عمليددات اإلقدراض الجديدددة وهددو مددا يعنددي رفعهددا لمعدددل الفائدددة حتددى تحددد مددن
الطلب على القروض؛
-مستوى الطلدب علدى االئتمدان :إن الطلدب علدى االئتمدان فدي االقتصداد هدو مدن العوامدل المحدددة لسدعر
الفائدة على المستوى الجزئي ،فعندما يكون الطلدب علدى القدروض صدغي ار فالمؤسسدات الماليدة سدوف تعمدل
على اجتذابه بتخفيض معدل الفائدة ،أما عندما يكون الطلب كبي ار فإنها تعمل على رفع معدل الفائدة؛
-درجة المنافسة :كلما زاد عدد مقدمي االئتمدان فدي السدوق فهدذا يعندي أن المنافسدة سدتكون علدى أشددها
فيما بينهم ،وهذا بالطبع يؤدي إلى خفيض مسدتوى الفائددة ،والعكدس صدحيح فاحتكدار السدوق مدن قبدل عددد
قليل من المؤسسات يجعلها تفرض األسعار التي تخدمها.
10
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
11
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
-عرض النقود :عرض النقود حسب الكالسيك متغير خارجي يحدده البنك المركزي للدولة بكل استقاللية
عن العوامل المتحكمة في جانب الطالب على النقود ،وتتحكم فيه عوامل مختلفة مثل اكتشاف المناجم و
الظروف الطبيعية والسياسية مما يكون لها تأثير على توجيه المعادن ما بين استخداماتها السلعية والنقدية؛
-الطلب على النقود :إن النقود بالنسبة لهم تعتبر وسيطا للتبادل فقط ،وعليه فالطلب عليها هو طلب
وحيد فقط بغرض إتمام المعامالت وبالتالي فالنقود ليس مخزنا للقيمة وال تطلب لذاتها بل للمنافع الناتجة
عن استخدامها ،وكمية النقود المطلوبة لغرض المعامالت يتوقف على العوامل التالية:
✓ حجم اإلنتاج الكلي في االقتصاد ،فكلما زاد حجم اإلنتاج زاد حجم الطلب على السلع والخدمات
وبالتالي زادت الحاجة للنقود بغرض إجراء المعامالت؛
✓ مستوى األسعار النسبية ،وتعبر عن قيمة المبادلة المباشرة بين السلع ،أي تمثل أسعار السلع
االقتصادية منظو اًر إليها من خالل عالقاتها التبادلية ،واألسعار النسبية ال تتأثر بالتغير في كمية
النقود ألنها مرتبطة بعوامل حقيقية كحجم التكاليف المتحملة في إنتاج السلعة؛
✓ المستوى العام لألسعار االسمية أي المعبر عنها بالوحدات النقدية ،وهي كمية النقود التي يتنازل
عنها المشتري من أجل الحصول على السلع والخدمات.
ولكن بالنسبة للكالسيك فمستوى اإلنتاج ثابت واألسعار النسبية معروفة ،وبالتالي تبقى األسعار االسمية
أو النقدية هي المجهول الوحيد ،والذي دارت حوله أغلب أعمال النظرية الكمية بمختلف مداخلها .رأى
منظرو الكالسيك األوائل كآدم سميث ودافيد ريكاردو وجون ستيوارت ميل وغيرهم أن المستوى العام
لألسعار يتحدد عن طريق تالقي قوى العرض النقدي والطلب عليها ،فالعرض النقدي متغير خارجي
يخضع لعوامل غير متحكم فيها ،كما أن الطلب على النقود ثابت وذلك لثبات كل من حجم اإلنتاج لوقوع
االقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل ولثبات األسعار النسبية ،وعليه يبقى المستوى العام لألسعار تابع
لمتغير واحد وهو تغير كمية النقود المعروضة من طرف البنك المركزي للدولة المعنية .فزيادة المعروض
النقدي في ظل ثبات الطلب على النقود لغرض المعامالت لوقوع االقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل
وثبات األسعار النسبية لعدم تغير الفن اإلنتاجي يجعل األثر الوحيد لزيادة كمية النقود المتداولة وزيادة
األرصدة النقدية لدى المتعاملين هو التخلص منها عن طريق إنفاقها على مختلف السلع والخدمات ألنهم
ال يرغبون في االحتفاظ بأي مقدار نقدي إضافي .وقد بقيت النظرية الكمية مجرد أفكار نظرية بحتة دون
التأكد منها إلى غاية بداية القرن العشرين حيث ظهرت محاولة تكميم النظرية الكمية.
.2.1.4صياغة النظرية الكمية بمعادلة التبادل لفيشر :معادلة التبادل متطابقة شهيرة نسبت إلى "إرفنج
فيشر" وهو إحصائي أمريكي ،توصل إلى صياغة النظرية الكمية باستخدام معطيات إحصائية عن
االقتصاد األمريكي ،انطلق من أن سوق النقد يكون في حالة توازن لما يكون الطلب على النقود مساو
للعرض عليه ،حيث عبر عن هذا الشرط بالصيغة التالية:
)𝑀𝑉 = 𝑃. 𝑇𝑃 … … … … … … … … … . (9
12
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
حيث:
𝑀 -كمية النقود المعروضة وهي تمثل النقود المعدنية الذهبية والصكوك البنكية المغطاة بالذهب ،ونقود
الودائع الجارية التي ترتبط بعالقة ثابتة بالنقود المعدنية ،فزيادة كمية النقود المعدنية بنسبة معينة يؤدي
إلى زيادة كمية نقود الودائع بنفس النسبة؛
𝑉 -تمثل سرعة تداول النقود وهي متوسط عدد المرات التي تنتقل فيها الوحدة النقدية من يد إلى أخرى
خالل فترة زمنية معينة ،ولها نفس تأثير زيادة كمية النقود؛
𝑃 -المستوى العام لألسعار وهو الوسط المرجح ألسعار كل ما يتم بيعه وشرائه بالنقود كالسلع
والخدمات واألوراق المالية وغيرها؛
𝑇 -حجم المعامالت وتضم كل السلع والخدمات التي بيعت أو اشتريت بالنقود خالل فترة زمنية معينة،
باستثناء ما يتم مبادلته بالمقايضة والمقاصة بين الديون وكل ما يوجه لالستهالك الذاتي.
والمعادلة أعاله يعكس الطرف األيسر منها جانب العرض النقدي ،بينما الجانب األيمن منها فيمثل جانب
الطلب على النقود على مستوى االقتصاد الكلي ،ولتحويل المعادلة أعاله إلى معادلة التبادل فقط استخدم
فيشر الفرضيات التالية:
أ .الفرضية األولى :سرعة تداول النقود𝑉 ثابتة في األمد القصير ،وال تتغير إال على المدى الطويل ألنها
تتحكم فيها عوامل غير نقدية مثل:
✓ العوامل النفسية والتي تؤثر على عادات الدفع وكيفية إنفاق النقود من طرف الجمهور؛
✓ مدى شيوع الوعي المصرفي بالشكل الذي يؤدي إلى زيادة سرعة تداول النقود وتقليل كمية النقود
المصدرة نتيجة استخدام مختلف وسائل الدفع غير التقليدية ويقلل من االحتفاظ بالنقود المكتنزة؛
✓ مدى تطور الجهاز المصرفي واألسواق المالية ما يؤدي إلى سرعة تداول النقود نتيجة زيادة حجم
المبادالت؛
✓ كثافة السكان ودرجة تنقلهم.
ب .الفرضية الثانية :حجم المعامالت 𝑇 ثابت في األمد القصير نتيجة وقوع االقتصاد عند مستوى
التشغيل الكامل فيكون حجم اإلنتاج ثابتا ،وعليه يتميز الطلب على النقود باالستقرار.
ج .الفرضية الثالثة :وتتمثل في استبعاد تأثير أي عامل نقدي آخر بخالف كمية النقود أو أية عوامل
حقيقية أخرى على المستوى العام لألسعار.
وعليه فإن معادلة التبادل الواردة أعاله يمكن إعادة كتابتها لتعبر عن النظرية الكمية كما يلي:
𝑉 𝑀.
=𝑃 )… … … … … … … . (01
𝑇
13
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
في ظل افتراض مرونة األسعار واألجور وثبات حجم اإلنتاج وسرعة تداول النقود فإن كل تغير في
كمية النقود 𝑀 سوف يؤدي إلى تغير المستوى العام لألسعار 𝑃 بنفس النسبة وفي نفس االتجاه.
فمثال زيادة البنك المركزي للنقود المعدنية المتداولة بد د % 2سوف يؤدي إلى زيادة المستوى العام
لألسعار بنفس النسبة مع بقاء كل من حجم المعامالت وسرعة تداول النقود ثابتة .وقد تعرضت
لالنتقاد من الجوانب التالية:
-أن هذه المعادلة متطابقة صحيحة دوما ،ألن كمية النقود مضروبة في سرعتها تعبر لنا عن قيمة
المبادالت التي تمت على مستوى االقتصاد القومي؛
-أن حجم المعامالت 𝑇 متغير غير موضوعي لقياس نشاط االقتصادي ،فهو يعطي رقما مبالغا فيه
للنشاط االقتصادي ألنه يحتوي على كل المعامالت التي تمت في االقتصاد دون التفرقة ما بين المنتجات
الوسيطة والنهائية وهو ما يعني أن المنتجات الوسيطة تحسب عدة مرات؛
-أن مؤشر األسعار المستخدم ال يعبر كذلك عن الواقع الفعلي لمستويات األسعار السائدة في االقتصاد؛
-إهمال فيشر لمتغيرات أخرى نقدية وغير نقدية لها تأثير على األسعار كمعدل الفائدة والعرض والطلب؛
-أن العالقة التناسبية بين زيادة مخزون النقود واألسعار قد ال تتحقق في الواقع؛ فالعرض النقدي
المعدني قد يزيد بنسبة معينة ولكن البنوك قد تخلق كمية ودائع أكبر منها نتيجة عمل المضاعف النقدي
وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المستوى العام لألسعار بنسبة أكبر من نسبة زيادة المعروض النقدي...إلخ؛
-حجم المعامالت ال يكون ثابتا ،فهو يتغير من فترة إلى أخرى.
.3.1.4صياغة النظرية الكمية وفق معادلة األرصدة :انطلق ألفريد مارشال من نفس المعادلة التي
توصل إليها فيشر ،ولكنه رأى أن النقود ال تطلب فقط لغرض المعامالت ،فالنقود الموجودة بحوزة
المتعاملين االقتصاديين قد ال يتم إنفاقها بالكامل وإنما هناك جزء منها قد يرغب األفراد االحتفاظ به على
شكل سائل وهو ما سماه بالطلب على النقود ،وهو المتغير الذي سيكون له تأثير على المستوى العام
لألسعار ،وقد توصل مارشال إلى أن:
)𝑀𝑉 = 𝑃. 𝑦 … … … … … … … . (02
حيث:
𝑀 وهي العرض النقدي والذي يتضمن النقود المعدنية والورقية والودائع البنكية؛-
𝑉 -وهي سرعة تداول النقود الدخلية أي الناتجة عن تداول السلع والخدمات النهائية؛
𝑦 -الدخل الحقيقي أو اإلنتاج القومي وهو مجموع السلع والخدمات النهائية المنتجة في االقتصاد.
14
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
ومن المعادلة أعاله نالحظ أن الطرف األول على اليسار يمثل العرض النقدي ،بينما الطرف األيمن يمثل
الدخل النقدي أو القيمة النقدية للدخل الحقيقي ،وهو حاصل ضرب األسعار الجارية في اإلنتاج الحقيقي
والذي رمز له بد د د Yوتصبح المعادلة كما يلي:
)𝑀. 𝑉 = 𝑌 … … … … … … … … … … (03
ومن المعادلة) (12توصل مارشال أن كمية النقود المعروضة 𝑀 هي النسبة 𝑉 1⁄من الدخل النقدي
القومي ،وهي النسبة التي يرغب األفراد االحتفاظ بها من دخلهم على شكل نقدي سائل ،وهي تمثل
الطلب على النقود لغرض ولكن لغرض المعامالت فقط في المستقبل.
والنسبة 𝑘 تمثل متوسط الفترة الزمنية التي يفضل األفراد االحتفاظ فيها بجزء من الدخل الحقيقي في
شكل نقود ،وهو مقلوب سرعة تداول النقود ولكن العوامل التي تتحكم فيه تختلف كلية عن تلك
العوامل المحددة لسرعة تداول النقود ،فهو مرتبط بمستوى الدخل الحقيقي والثروة اإلجمالية .أما عن
عالقة الطلب على النقود بالمستوى العام لألسعار فيرى مارشال أن:
-في حالة ارتفاع المعروض النقدي و زيادة رغبة األفراد في االحتفاظ بها ،فهذا معناه انخفاض الطلب
على السلع والخدمات مما ينعكس في صورة انخفاض المستوى العام لألسعار في ظل تبات العرض منها؛
-أما في حالة ارتفاع المعروض النقدي و انخفاض رغبة األفراد في االحتفاظ بالنقود معناه زيادة النسبة
المخصصة لإلنفاق على السلع والخدمات وبالتالي يزيد الطلب عليها فترتفع أسعارها في ظل ثبات
العرض منها.
على الرغم من أن مارشال لم يتكلم بشكل مباشر عن المستوى العام لألسعار وتأثير المعروض
النقدي عليها ،إال أنه أشار إلى مفاهيم جديدة لم تكن متداولة من قبل وأهمها االعتراف للنقود بوظيفة
مخزن للقيمة وكذا تأثير التغير في الطلب على النقود بعدما كان الكالسيك يعتبرونها ثابتة في المدى
القصير وال تتغير إال على المدى الطويل.
رغم أهمية النظرية الكمية في تفسير األسعار والنظرية الكالسيكية بشكل عام ،إال أن األزمة
االقتصادية العالمية لسنة 1929م قد وضعتها على المحك وعرضتها النتقادات كانت تمهيدا لظهور
التيار الكنزي بمفاهيم جديدة.
15
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
16
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
ب .حجم التشغيل :لقد ربط كينز حجم التشغيل بالتغيرات التي تلحق بالطلب الفعال ،وهو الطلب المدعم
بالقدرة الشرائية ،فكلما زاد الطلب على سلع االستهالك وسلع االستثمار أدى ذلك إلى زيادة اإلنتاج
وبالتالي زيادة حجم التشغيل ويستمر حجم العمالة في االرتفاع إلى الحد الذي يتحقق فيه تشغيل كل
الطاقات المعطلة ،وعندها يتوقف الطلب الفعلي عن ممارسة أي تأثير على حجم اإلنتاج وتنعكس كل
زيادة فيه في صورة ارتفاع في األسعار؛
ج .كمية النقود :يرى كينز أن كمية النقود يمكن أن تؤثر على المستوى العام لألسعار وذلك من خالل
قدرتها على التأثير في الطلب الفعلي ،فإذا تمكنت كمية النقود أن تحرك الطلب الفعلي فإن انعكاسها على
األسعار سوف يكون بحسب حالة االقتصاد ومدى قربه أو بعده عن حالة التشغيل الكامل.
.3.2.4أثر كمية النقود على األسعار واإلنتاج لدى كينز :لتوضيح أثر كمية النقود على المستوى العام
لألسعار واإلنتاج فقد انطلق كينز من نموذج مبسط لالقتصاد وبافتراضات غير واقعية ،ثم انتقل إلى
تحليل األثر في نموذج بافتراضات واقعية.
أ .في نموذج مبسط :انطلق كينز من الفرضيات التالية:
-الموارد غير المستغلة في االقتصاد متجانسة ويمكن أن تحل محل بعضها البعض في اإلنتاج؛
-الطلب الفعلي يتغير بنفس نسبة تغير كمية النقود؛
-تتغير مكافآت عوامل اإلنتاج بنفس النسبة إذ ما وصل االقتصاد لحالة التشغيل الكامل ،ولكنها تبقى
ثابتة دون تلك المرحلة.
في ظل هذه االفتراضات ،وعلى فرض اتجاه العرض النقدي للزيادة ،فإن تأثيرها يكون كما يلي:
أ .1.في ظل التشغيل الناقص :زيادة كمية النقود يخفض من معدل الفائدة مادام الطلب على النقود ثابت،
وفي ظل ثبات الكفاية الحدية لرأس المال فإن االستثمار سوف يرتفع نتيجة زيادة الطلب على سلع
وخدمات اإلنتاج ،وهو ما يدفع اإلنتاج لالرتفاع ويزيد مستوى التشغيل دون تغير النفقة الحدية لإلنتاج
وبالتالي فاألسعار لن ترتفع بل اإلنتاج هو الذي يزيد؛
أ .2.في ظل التشغيل الكامل :زيادة كمية النقود يخفض من معدل الفائدة مادام الطلب على النقود ثابت،
وفي ظل ثبات الكفاية الحدية لرأس المال فإن االستثمار سوف يرتفع نتيجة زيادة الطلب على سلع
وخدمات اإلنتاج ،غير أنه ونظ ار لعدم وجود طاقات معطلة فحصول الوحدات اإلنتاجية على الموارد يكون
عن طريق اجتذاب عوامل اإلنتاج من قطاعات أخرى بدفع أسعار أعلى وهو ما يجعل التكاليف الحدية
لإلنتاج ترتفع دون زيادة فعلية في اإلنتاج وبالتالي ترتفع األسعار بنفس نسبة تغير المعروض النقدي.
ب .في نموذج واقعي :الفرضيات التي انطلق منها كينز في النموذج األول بعيدة عن الواقع ولهذا لخص
افتراضات النموذج الواقعي في:
-عوامل اإلنتاج غير متجانسة وغير قابلة لإلحالل محل بعضها البعض؛
17
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
-التكلفة الحدية غير ثابتة وقد تتجه لالرتفاع حتى قبل وصول االقتصاد لحالة التشغيل الكامل خاصة
مع وجود نقابات عمالية قوية تطالب دوما برفع األجور؛
-مكافآت عوامل اإلنتاج تتغير بنسب تختلف من عنصر إنتاجي آلخر ومن صناعة ألخرى.
في ظل هذه االفتراضات فزيادة كمية النقود يخفض من معدل الفائدة ويزيد الطلب على السلع والخدمات
االستثمارية ولكن ليس بنفس نسبة زيادة كمية النقود ،فيزداد حجم اإلنتاج والتشغيل ولكن بنسبة أقل من
نسبة زيادة الطلب الفعلي ،ولكن مع مرور الوقت فإن االستمرار في زيادة االستثمارات يخلق دخول
إضافية وهو ما يزيد من الطلب الفعلي ،ولكنه لن يؤثر على اإلنتاج والتشغيل بنفس الطريقة السابقة فكلما
تم االقتراب من مرحلة التشغيل الكامل فإن ذلك سوف يؤدي إلى انقسام أثر زيادته بين اإلنتاج واألسعار
إلى الحد الذي يصل فيه االقتصاد للتشغيل الكامل وينصرف تأثيره إلى األسعار كلية دون الكميات.
رغم أن الكثير من المفكرين يرون أن تحليل كينز للعالقة بين النقود واألسعار واالنتاج ال يخرج كثي ار
عن النظرية الكمية ،إال أنه وضح األثر الذي تتركه كمية النقود على كل من وحدة النفقة وحجم التشغيل
من جهة والمستوى العام لألسعار من جهة أخرى دون أن يعطي ذلك بعالقة ميكانيكية كما فعلت النظرية
الكمية.
18
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
يمكن للبنك المركزي التحكم فيها وبالتالي يتميز العرض النقدي بعدم االستقرار .ويرى فريدمان أن تغير
كمية النقود يؤثر على األسعار ومجموعة أخرى من المتغيرات االقتصادية ولكن هذا التأثير ال يحدث
مباشرة كما أشارت إلى ذلك النظرية الكمية بل يحتاج إلى فترة إبطاء وهي ما أطلق عليها باسم الفترة
االنتقالية وهي الفترة التي تفصل ما بين تغير كمية النقود وحدوث تغير في مختلف المتغيرات المؤثرة
عليها.
.2.3.4تأثير كمية النقود على األسعار :يرى فريدمان أن قيام البنك المركزي بوضع نقود جديدة في
االقتصاد ،وعلى فرض أنها كانت عن طريق عمليات السوق المفتوحة حيث تدخل كمشتري لألوراق
المالية الحكومية من المتعاملين الماليين وهم البنوك خاصة وغير الماليين وهم العائالت والمؤسسات،
فهذه العملية ينتج عنها:
أ .المرحلة األولى :وهي تغير بنية المحفظة المالية لدى البنوك والمتعاملين غير الماليين حيث:
-المتعاملين غير الماليين تنقص حيازتهم من األوراق المالية الحكومية ،بينما تزيد حيازتهم من الودائع
لدى البنوك ،وهو ما يؤدي إلى انخفاض حيازتهم من النقود الورقية مقارنة مع نقود الودائع؛
-البنوك تنخفض حيازتهم من األوراق المالية الحكومية ،بينما تزيد احتياطياتهم اإلضافية نتيجة النقود
الجديدة التي حصل عليها البنك من عملية السوق المفتوحة ونتيجة زيادة ودائع العمالء ،وبالتالي تزيد
االحتياطيات اإلضافية عن المستوى المرغوب لدى البنوك.
ب .المرحلة الثانية :وهي محاولة كل من المتعاملين غير الماليين والماليين العودة إلى النسب السابقة فيما
يخص النقود الورقية التي يحوزها الجمهور واالحتياطيات اإلضافية التي تحتفظ بها البنوك ،وعليه:
-يقوم المتعاملين غير الماليين باستخدام جزء من الودائع الجديدة لشراء أصول مالية أو سلع وخدمات،
وهو ما يؤدي إلى انخفاض نسبة الودائع وارتفاع نسبة العملة المتداولة إلى سابق مستواها؛
-أما البنوك فتقوم باالحتفاظ بجزء من احتياطياتها الجديدة والباقي تقوم بإقراضها أو شراء سندات
حكومية جديدة ،وبالتالي تنخفض االحتياطيات إلى المستوى المرغوب.
والحركة التصحيحية التي يقوم بها المتعاملين الماليين وغير الماليين للعودة إلى ما كانت عليهم أوضاعهم
قبل تغير كمية النقود ينتج عنها اآلثار التالية:
✓ ارتفاع األسعار في السوق المالي :نتيجة محاولة المتعاملين العودة بمحافظهم المالية إلى سابق
عهدها قبل عملية السوق المفتوحة فإنهم يزيدون من طلبهم على األوراق المالية الحكومية ،فتميل أسعارها
إلى االرتفاع بينما تنخفض معدالت فائدتها مما يؤدي إلى تحول المتعاملين االقتصاديين إلى أصول مالية
أخرى أكثر مردودية مثل األسهم فترتفع أسعارها هي األخرى كذلك ،وبالتالي فإن السلوك الطبيعي
للمتعاملين االقتصاديين في هذه الحالة هو التحول إلى األصول غير المالية ألن السوق المالي ارتفعت
أسعاره وانخفضت مردوديته؛
19
د /رقية بوحيضر ،مقياس االقتصاد النقدي المعمق ،السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي 2020
✓ ارتفاع األسعار في األسواق غير المالية :على مستوى السوق غير المالي يزيد المتعاملين من طلبهم
على السلع االستهالكية واالستثمارية والمادية وكذا األصول البشرية كالتكوين والتعليم ،فزيادة الطلب
االستهالكي يدفع إلى زيادة االستثمار الغتنام فرص الربح وهو ما يدفع أسعار عوامل اإلنتاج لالرتفاع
نتيجة زيادة الطلب عليها وهكذا ينتقل تأثير زيادة كمية النقود من سوق آلخر ومن أصل آلخر حتى يعم
كامل االقتصاد.
.3.3.4تأثير كمية النقود على اإلنتاج :حسب فريدمان فإن تأثير النقود على اإلنتاج يكون معدوما في
الحالة التي يكون فيها ارتفاع األسعار محصو ار في سوق األوراق المالية ،ولكن بانتقاله إلى أسواق السلع
فإن تأثيرها سوف يكون على األسعار والكميات المنتجة في آن واحد ،غير أن فريدمان فرق بين الفترة
القصيرة والطويلة:
أ .الفترة القصيرة :خالل الفترة القصيرة وتدوم حسب فريدمان من 5إلى 10سنوات فأثر التوسع النقدي
ينصرف إلى زيادة األسعار واإلنتاج معا ،ألن ارتفاع األسعار سوف يشجع المنتجين على زيادة إنتاجهم
ما دامت هناك طاقات معطلة ،وأسعار الخدمات اإلنتاجية سوف تتأخر في االرتفاع ألنها مربوطة بعقود
بين مختلف األطراف ،ما يتيح للمنتجين االستفادة من األرباح اإلضافية التي تنتج عن ارتفاع األسعار؛
ب .الفترة الطويلة :وهي الفترة التي تذهب إلى عدة عشريات حيث يكون األثر الوحيد لزيادة كمية النقود
هو زيادة األسعار دون اإلنتاج؛ ألن هذا األخير سوف يكون مرتبط بعوامل حقيقية مثل حجم األسواق
ومدى استيعابه للمنتجات ومدى تطور التقنية ...إلخ.
في النهاية ركز فريدمان على توضيح أثر النقود على األسعار بإعطاء تفسير للعالقة بينهما
دون أن يعطي عالقة ميكانيكة ثابتة بينهما ،واألكيد أن النقود لها تأثير على األسعار واإلنتاج ،غير أن
أهم ما يؤخذ على تحليل فريدمان لهذه العالقة هو أنها تتفق مع ما يعيشه االقتصاد األمريكي والمتميز
بنشاط األسواق المالية ووجود إقبال كبير عليها من قبل المتعاملين سواء الماليين أو غير الماليين ،ولكن
هذا التفسير آللية انتقال التأثير إلى األسعار واإلنتاج عبر األسواق المالية ال يمكن إسقاطه على أغلب
الدول النامية التي تتميز بضعف ومحدودية أسواقها وقلة اإلقبال عليها من قبل األفراد.
20