You are on page 1of 20

‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫برنامج مادة االقتصاد النقدي المعمق‪:‬‬

‫‪ .1‬مدخل لالقتصاد النقدي‬


‫‪ .2‬الكتلة النقدية و مقابالتها‬
‫‪ .3‬النقود والفائدة‬
‫‪ .4‬النقود واألسعار واإلنتاج‬
‫‪ .5‬السياسات النقدية ومكافحة التضخم‬
‫‪ .6‬النظم المالية‬
‫‪ .7‬االدخار المالي ونماذج التمويل‬

‫‪1‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬النقود وأسعار الفائدة‬

‫رغم ما يثار من جدل حول معدل الفائدة‪ ،‬إال أنه يعتبر شريان االقتصاد العالمي حيث يسيطر‬
‫على مختلف المعامالت وأسواق النقد والمال‪....‬إلخ‪ ،‬ومن خالل هذا الفصل سنحاول أن نبين مفهوم‬
‫أسعار الفائدة وأنواعها‪ ،‬وتفسير أهم النظريات النقدية لها‪ ،‬وأخي ار نركز على مختلف العوامل التي تؤثر‬
‫على تحديدها على المستوى الكلي وكذا الجزئي‪ ،‬لنختم موضوعنا هذا بتناول مختلف الوظائف التي تؤديها‬
‫في االقتصاديات المعاصرة‪.‬‬

‫‪ .1.3‬مفهوم معدل الفائدة وتطورها‪ :‬لقد اختلف في تعريف معدل الفائدة ما بين اللغويين‬
‫واالقتصاديين وكذا الفقهاء‪ ،‬كما أنها مرت في تطورها بمرحلتين أساسيتين‪.‬‬
‫‪ .1.1.3‬مفهوم الفائدة‪ :‬سوف نركز على التعريف اللغوي والشرعي واالصطالحي لمفهوم الفائدة‪،‬‬
‫وسننطلق من أن الفائدة المعاصرة ما هي إال شكل من أشكال الربا المحرمة في الشريعة اإلسالمية‬
‫وبالتالي سنستعمل كلمة الربا‪:‬‬
‫أ‪ .‬تعريف الربا لغويا‪ :‬الربا في اللغة العربية مصدر يشتق من الفعل ربا‪ ،‬أي ربا الشيء‪ ،‬زاد ونما؛‬
‫ب‪ .‬تعريف الربا شرعيا‪ :‬أما شرعا فإنه فضل مال مشروط بال عوض في معاوضة مال بمال وهو كل‬
‫زيادة ال تقابلها عوض في مبادلة مال بمال من جنسه؛‬
‫ج‪ .‬تعريف الفائدة اصطالحا‪ :‬لقد اختلف بشكل كبير في تعريف الفائدة‪ ،‬من جهة ألخرى‪ ،‬إال أننا لن‬
‫ندخل في تلك االختالفات والمفارقات الموجدة بينها‪ ،‬ونمر إلى إعطاء بعض التعاريف التي تترجم أهم‬
‫التطورات المعاصرة لمعدل الفائدة‪:‬‬
‫‪ -‬هناك من يعرفها على أنها الثمن الذي يدفعه المقترض لقاء استخدام المال المقرض لمدة زمنية معينة‪،‬‬
‫ويعبر عنه بنسبة مئوية من أصل القرض؛‬
‫‪ -‬كما عرفت كذلك على أنها الثمن المدفوع لقاء استخدام رأس المال النقدي؛‬
‫‪ -‬في حين عرف من طرف آخرون على أنها ثمن التخلي عن استخدام السيولة الحاضرة للمستقبل‪ ،‬أي‬
‫ثمن االمتناع عن االستهالك في الوقت الحاضر للحصول على دخل أعلى في المستقبل؛‬
‫‪ -‬كما عرف كذلك على أنه ثمن استخدام النقود‪.‬‬
‫وما يالحظ على هذه التعاريف هو اتفاقها على أنها نسبة معينة تحتسب على أساس مبلغ نقدي‬
‫معين‪ ،‬يعتبر قرضا‪ ،‬وهي تمثل عائدا لطرف وتكلفة لطرف آخر‪ .‬وهي تدفع مهما كانت نتيجة استخدام‬
‫القرض سواء ربحا أو خسارة وبالتالي فهي ال تتحمل المخاطر‪.‬‬
‫‪ .2.1.3‬مراحل تطور الفائدة‪ :‬يمكن القول أن موضوع الفائدة قديم‪ ،‬وقد مر في تطوره بمرحلتين أساسيتين‬
‫هما‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫أ‪ .‬مرحلة النظرة الدينية‪ :‬قبل أن يكون معدل الفائدة متغير اقتصادي يدرس ويشغل حي از هاما في القضايا‬
‫المالية المعاصرة‪ ،‬فقد كانت لمختلف الديانات السماوية نظرة لها‪ ،‬حيث نجد‪:‬‬
‫‪ -‬الديانة اليهودية‪ :‬رغم أن الديانة اليهودية اعتراها الكثير من التحريف والتزييف‪ ،‬ومن ذلك أن اليهود‬
‫يحرمون استعمال الربا فيما بين جنسهم ولكنهم يبيحونها مع غير اليهودي‪ ،‬إال أن القرآن الكريم قد بين أن‬
‫ظْل ٍم ِم َن‬
‫اليهود قد حرمت عليهم الربا في التوراة ذلك ما جاء في اآليتين ‪ 160‬و‪ 161‬من سورة النساء {َفِب ُ‬
‫َخ ِذ ِه ُم الربا َوَق ْد ُن ُهوا‬ ‫َّللاِ َكِث ًا‬
‫ير (‪َ )160‬وأ ْ‬ ‫ُحَّل ْت َلهم وبِص ِد ِهم َع ْن سِب ِ‬
‫يل َّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ ْ‬
‫طِي ٍ‬
‫بات أ ِ‬ ‫هادوا َح َّرْمنا َعَل ْي ِه ْم َ‬
‫ين ُ‬ ‫الذ َ‬
‫َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫كاف ِر ِ‬ ‫اس ِباْل ِ‬
‫باط ِل واعتدنا لِْل ِ‬ ‫ِ‬
‫يما (‪})161‬؛‬ ‫ين م ْن ُه ْم َعذا ًبا أَل ً‬
‫َ‬ ‫الن ِ‬ ‫َع ْن ُه َوأَ ْكل ِه ْم أ َْمو َ‬
‫ال َّ‬
‫‪ -‬الديانة المسيحية‪ :‬حرمت الديانة المسيحية الربا بشكل عام سواء مع المسيحيين أو غيرهم‪ ،‬وقد عمل‬
‫رجال الدين في الكنائس على محاربة الربا وتبيان مضاره على الفرد وعلى المجتمع؛‬
‫‪ -‬الربا في الشريعة اإلسالمية‪ ، :‬وبدون الدخول في تفصيالت فإن الربا محرم بالكتاب والسنة واإلجماع‪.‬‬

‫ب‪ .‬مرحلة النظرة االقتصادية‪ :‬وهي الفترة التي لم تبق فيها الربا مجرد أفكار دينية‪ ،‬بل أصبحت ينظر‬
‫إليها كمتغير اقتصادي‪ ،‬وجاءت هذه الفكرة بعد الخروج من النظام الكنسي في العصور الوسطى وبداية‬
‫عصر النهضة‪ .‬وفي هذه المرحلة تحول الحديث من تحريم الربا إلى مرحلة إنشاء نظريات اقتصادية في‬
‫سعر الفائدة و أهميته في النشاط االقتصادي‪ ،‬ويقال أنه كان لليهود في أوروبا دو ار كبي ار عن طريق‬
‫سيطرتهم على رؤوس األموال محليا ودوليا مع التوسع االستعماري األوربي في مختلف دول العالم‪ ،‬وقد‬
‫تطورت األفكار والنظريات التي تكلمت عن سعر الفائدة منذ ذلك الوقت‪.‬‬

‫‪ .2.3‬أنواع معدالت الفائدة‪:‬‬


‫هناك العديد من التصنيفات لمعدل الفائدة‪ ،‬ذلك حسب المعيار المتخذ للتصنيف‪ ،‬حيث نجد‪:‬‬
‫‪ .1.2.3‬معدل الفائدة حسب طريقة القياس‪ :‬وهي على نوعين‪:‬‬
‫‪ -‬الفائدة البسيطة والتي تحسب على أصل القرض فقط؛‬
‫‪ -‬الفائدة المركبة والتي تحسب على أصل القرض والفوائد المستحقة عليه‪.‬‬
‫‪ .2.2.3‬معدل الفائدة حسب طبيعتها‪ :‬وهي على نوعين‪:‬‬
‫‪ -‬معدل الفائدة االسمي وهو المتضمن معدل التضخم؛‬
‫‪ -‬معدل الفائدة الحقيقي وهو الخالي من التضخم‪.‬‬
‫‪ .3.2.3‬معدل الفائدة حسب األجل‪:‬‬
‫‪ -‬معدل الفائدة القصير األجل‪ :‬والذي عادة ما يتم التعامل به في السوق النقدي؛‬
‫‪ -‬معدل الفائدة الطويل األجل‪ :‬والذي يتم التعامل به في سوق رؤوس األموال‪.‬‬
‫‪ .4.2.3‬معدل الفائدة حسب الجهة المحددة له‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ -‬سعر إعادة الخصم‪ :‬وهو معدل الفائدة المطبق من البنك المركزي على البنوك؛‬
‫‪ -‬سعر الخصم‪ :‬وهو معدل الفائدة المطبق من البنوك على العمالء‪.‬‬
‫‪ .5.2.3‬معدل الفائدة حسب طبيعة العميل‪:‬‬
‫‪ -‬أسعار الفائدة المدينة‪ :‬وهي التي تطبق على المودعين؛‬
‫‪ -‬أسعار فائدة دائنة وهي التي تطبق على المقترضين‪.‬‬
‫‪ .6.2.3‬أسعار الفائدة حسب النطاق الجغرافي‬
‫‪ -‬أسعار فائدة محلية‪ :‬وهي أسعار فائدة ال يتعدى تأثيرها حدود االقتصاد الواحد؛‬
‫‪ -‬أسعار فائدة دولية‪ :‬وهي التي يمتد تأثيرها القتصاديات أخرى مثل معدالت الفائدة في أسواق الدول‬
‫المتقدمة والاليبور ومعدل الفائدة على أذونات الخزينة األمريكية‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ .7.2.3‬أسعار الفائدة حسب طريقة تسديدها‬
‫‪ -‬معدل الخصم‪ :‬وهي نسبة يتم خصمها من أصل القرض مسبقا؛‬

‫‪ -‬معدالت الفائدة مدفوعة الحقا‪ :‬وهي التي يتم تسديدها عند تواريخ متفق عليها إما دفعة واحدة عن تاريخ‬
‫االستحقاق أو على دفعات متفق عليها‪.‬‬

‫‪ .3.3‬النظريات المفسرة لمعدالت الفائدة‬


‫‪ .1.3.3‬التجاريون‪ :‬يعتبر التجاريون من األوائل الذين تكلموا عن معدل الفائدة‪ ،‬فالثروة حسبهم تتوقف‬
‫على المقدرة التصديرية للدولة‪ ،‬فكلما استطاعت الدولة أن تصدر للعالم الخارجي أكثر مما تستورد منهم‬
‫فإن هذا األمر يساعد على دخول الذهب والفضة ومختلف المعادن النفيسة للدولة وبالتالي تزيد ثروتها‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس رأى التجاريون أنه يجب أن ال يكون معدل الفائدة عائقا أمام هذا الهدف‪ ،‬حيث‪:‬‬
‫‪ -‬ال يجب أن يكون معدل الفائدة المحلي منخفضا كثي ار بالشكل الذي يشجع على االستثمار وزيادة‬
‫التوظيف ما يدفع إلى ارتفاع األجور نتيجة زيادة الطلب على اليد العاملة باعتبارها أهم عامل إنتاجي في‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬فينتج عن ذلك ارتفاع تكلفة المنتجات المحلية للمستورد األجنبي فيقل الطلب األجنبي عليه‪،‬‬
‫ويتراجع الميزان التجاري ويؤدي ذلك إلى خروج الذهب والفضة للعالم الخارجي؛‬
‫‪ -‬أن ال يكون معدل الفائدة المحلي منخفضا جدا مقارنة بذلك الموجود في الدول األخرى‪ ،‬وهو ما يدفع‬
‫المعادن النفيسة للخروج بحثا عن العائد المرتفع مما يجعل الميزان التجاري للدولة عاج از نتيجة خروج‬
‫المعادن النفيسة‪.‬‬
‫‪ .2.3.3‬الفائدة لدى النظرية الكالسيكية‪:‬‬
‫في عصر النهضة االقتصادية تعاظم دور الطبقة الغنية في المجتمعات الغربية وظهرت في حينها‬
‫نظريات اقتصادية تبرر الفائدة باالعتماد على أفكار اقتصادية مادية وواقعية‪ ،‬ومنتقدة أفكار تحريم الفائدة‬

‫‪4‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫السائدة في المجتمعات القديمة‪ ،‬من ابرز مفكريها ادم سمث‪ ،‬ريكاردو و مالتس‪...‬الخ‪ .‬تمثل الفائدة لدى‬
‫آدم سمث تعويض للمقرض عن ربح كان سيحصل عليه لو استثمر ماله ولم يقرضه إلى اآلخرين‪،‬‬
‫والفائدة ضمن هذا المضمون تمثل وسيلة إلغراء صاحب المال على تشغيل ماله بدال من اكتنازه‪ ،‬ويشترك‬
‫ريكاردو مع ادم سمي ث بان استخدام المال سوف يعطينا الكثير لذلك فمن حق صاحب المال اخذ حصة‬
‫منه‪ ،‬وان غياب الفائدة في االقتصاد يقضي على محفزات االستثمار‪ .‬والكالسيك الذين تكلموا عن الفائدة‬
‫كثيرون‪ ،‬وعلى اختالف مشاربهم وانطالقا من األفكار التي كانوا يحللون في ضوئها فقد اتفقوا على أن‬
‫معدل الفائدة متغير ذو طابع حقيقي وليس نقدي‪ ،‬وهو عبارة عن تلك العالوة أو الزيادة التي تدفع لألفراد‬
‫لتشجيعهم على اتخاذ قرار تأجيل االستهالك المحتمل من طرفهم في الحاضر إلى المستقبل‪ ،‬مما يوفر‬
‫مدخرات للمشروعات التي تبحث عن رأس المال وتكون مستعدة لدفع هذه العالوة على أساس أنها تضحي‬
‫ببعض النقود اليوم مقابل الحصول على كمية أكبر في المستقبل‪ ،‬وعليه فسعر الفائدة حسبهم يتحدد‬
‫بتقاطع دالة االدخار أي عرض رؤوس األموال مع دالة االستثمار أي الطلب على رؤوس األموال ومعدل‬
‫الفائدة التوازني هو الذي يحقق المساواة بينهما‪ .‬ومن أهم االنتقادات التي وجهت لهذه النظرية نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬سعر الفائدة ال يتحكم فيها االدخار واالستثمار‪ ،‬بل هما عامالن من جملة عوامل أخرى؛‬
‫‪ -‬ال يوجد ما يضمن أن النقود التي ال تستهلك وتدخر توجه لالستثمار‪ ،‬فقد تكتنز وال تدخل نهائيا للدورة‬
‫االقتصادية أو قد يتم اقتنائها على شكل أصول مادية دون مرورها عبر الوسطاء الماليين؛‬
‫‪ -‬الكالسيك أكدوا على أن معدل الفائدة يرتبط باالستثمار الحقيقي غير أن الفائدة تدفع حتى على‬
‫القروض االستهالكية؛‬
‫‪ -‬االدخار ال يتحكم فيه معدل الفائدة فقط‪ ،‬بل هناك عوامل أخرى كالدخل والعوامل النفسية والتي قد‬
‫يكون تأثيرها أكبر من معدل الفائدة في حد ذاته‪.‬‬
‫‪.3.3.3‬النظرية الكنزية في معدل الفائدة‪:‬‬
‫إن حدوث األزمة االقتصادية سنة ‪ 1929‬م‪ ،‬وانتشار الكساد االقتصادي وتراجع معدالت النمو في‬
‫االقتصاديات الرأسمالية آنذاك وعدم قدرة السياسات التي اعتمدت والمستمدة من الفكر الكالسيكي‪ ،‬والتي‬
‫عملت على زيادة المعروض النقدي لخفض معدل الفائدة وتشغيل اآللة االستثمارية لم يخرجها من حلقة‬
‫الكساد‪ ،‬بل إلى جانب زيادة المعروض النقدي كان الطلب على النقود يزيد بدل أن تتحول إلى طلب‬
‫على السلع والخدمات وهو ما شجع على ظهور األفكار الكنزية‪.‬‬
‫فكينز فرق بين الكفاية الحدية لرأس المال وهو معدل العائد المتوقع الحصول عليه من قبل المستثمر‬
‫ومعدل الفائدة الذي يعتبر تكلفة الحصول على رأس المال‪ ،‬ومعدل الفائدة حسب كينز متغير نقدي يمثل‬
‫ثمن التخلي عن السيولة أو التضحية بها مقابل الحصول على دخل أكبر في المستقبل‪ ،‬أو هي مقابل‬
‫عدم االكتناز ألن االحتفاظ بالنقود سائلة ال يولد أي دخل‪ ،‬ويتحدد معدل الفائدة لدى كينز بتقاطع منحنى‬

‫‪5‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫عرض النقود والطلب عليها‪ ،‬حيث‪:‬‬


‫‪ -‬عرض النقود‪ :‬وهي كمية النقود المعروضة أو المتوافرة في اقتصاد ما خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬وتتحدد‬
‫من قبل السلطات النقدية وتشمل مختلف وسائل الدفع والمتمثلة في النقود الورقية والودائع الجارية‪ ،‬وهي‬
‫حسبه عديمة المرونة ألسعار الفائدة؛‬
‫‪ -‬الطلب على النقود‪ :‬تعتبر النظرية عامل تفضيل السيولة العامل األساسي في تحديد سعر الفائدة وهي‬
‫تمثل محو ار أساسيا لطلب النقود‪ ،‬حيث يفضل األفراد االحتفاظ بالثروة على شكل نقود سائلة ألسباب‬
‫عديدة‪ ،‬صنفها كينز إلى ثالث دوافع‪:‬‬
‫• دافع المعامالت‪ :‬تحتفظ الشركات واألفراد بكميات من النقود بغرض استخدامها في المعامالت اليومية‬
‫الجارية؛‬
‫• دافع االحتياط‪ :‬تحتفظ الشركات و األفراد باألرصدة النقدية بدافع االحتياط لمواجهة التطورات‬
‫واألحداث المستقبلية سواء المتوقعة والتي ال يعرف مقدارها أو غير متوقعة كاألمراض والوفاة‬
‫والمشاكل‪...‬الخ؛‬
‫• دافع المضاربة‪ :‬تحتفظ الشركات و األفراد باألرصدة النقدية بغرض تحقيق أرباح من المضاربة بشراء‬
‫وبيع السندات في السوق‪.‬‬
‫وخالصة القول فإن كينز يرى أن معدل الفائدة هو متغير نقدي يمثل التعويض لألفراد الذين سيتنازلون‬
‫عن سيولتهم النقدية لغرض تمويل االستثمار فهي تعتبر مكافأة عدم االكتناز‪ ،‬كما ألن كينز أعطى للنقود‬
‫دو ار مهما وفاعال في النشاط االقتصادي من خالل تأثيرها على مختلف المتغيرات االقتصادية ولم تعد‬
‫مجرد وسيلة للتبادل‪.‬‬
‫وقد تعرضت النظرية الكنزية لالنتقاد من النواحي التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اعتبار العرض النقدي متغير خارجي‪ ،‬ال يكون صحيحا في مطلق األحوال فالبنوك تمنح القروض‬
‫استجابة لزيادة الطلب عليها؛‬
‫‪ -‬الطلب على النقود لغرض المضاربة قد يكون غير موجود على أرض الواقع؛‬
‫‪ -‬ليس كل إقراض من طرف البنوك والمؤسسات المالية هو تنازل عن السيولة‪ ،‬فالبنوك قد تقرض من‬
‫موارد مالية غير موجودة مثلما هو الحال في اقتصاديات االستدانة؛‬
‫– أهملت النظرية العوامل الحقيقية وركزت فقط على العوامل النقدية‪ ،‬وهما مرتبطان وال يمكن فصلهما؛‬
‫– تجاهلت النظرية عنصر االدخار عند تحديد سعر الفائدة وركزت فقط على السيولة؛‬
‫‪ -‬مصيدة السيولة التي استعملها كينز لتفسير االحتفاظ بالنقود وعدم إنفاقها هي ظاهرة تخص المرحلة‬
‫التي عايشها كينز وال يمكن تعميمها؛‬
‫– أعطت الشواهد التاريخية في حاالت الكساد نتائج عكسية حيث انخفض سعر الفائدة إلى أدنى مستوى‬

‫‪6‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫له‪ ،‬دون أن يكون مترافقا بحدوث التفضيل النقدي؛‬


‫– أهمل كينز مستوى الدخل رغم أن هذا األخير له دور كبير في تحديد معدل الفائدة‪ ،‬فمعدل الفائدة‬
‫التوازني يتحدد عند مستوى دخل محدد وعند تغيره يتحرك معدل الفائدة‪.‬‬
‫‪ .4.3.3‬نظرية األموال القابلة لإلقراض ‪:‬‬
‫وتعرف أيضا بنظرية سعر الفائدة الكالسيكية الحديثة وهي تحسينا للنظرية الكالسيكية القديمة‪ ،‬وتتميز‬
‫بإعطائها النقود دو ار حيويا في االقتصاد‪ ،‬وتعتمد في تحديد ظاهرة الفائدة على أسس ميكانيكية السوق‪.‬‬
‫يتحدد سعر الفائدة بموجب هذه النظرية في النقطة التي يتحقق فيها التعادل بين طلب وعرض األرصدة‬
‫المعدة لإلقراض‪ ،‬لذا فان التذبذبات في سعر الفائدة تنشأ نتيجة التغيرات الحاصلة في الطلب أو العرض‬
‫لألرصدة المعدة لإلقراض‪ .‬تأخذ هذه النظرية باالعتبار االئتمان المصرفي وتعتبره يمثل جزء من حجم‬
‫النقود المعروضة وله تأثير على سعر الفائدة‪ ،‬كما وتهتم باالكتناز وتعتبره عامل مؤثر ويمثل جزء من‬
‫الطلب على األرصدة المعدة لإلقراض‪ ،‬ولهذا ترى هذه النظرية أنه وفي ظل ثبات الطلب على األرصدة‬
‫المعدة لإلقراض فإنه يمكن للبنوك أن تتدخل وتزيد من هذه األرصدة لكي تدفع سعر الفائدة لالنخفاض‪،‬‬
‫كما يمكنها أن تخفض منها لكي ترفع سعر الفائدة‪ ،‬أما الطلب على األرصدة فتتحكم فيه عوامل ال يمكن‬
‫التأثير عليها على المدى القصير‪.‬‬
‫نقد النظرية‪:‬‬
‫أهم انتقاد ورد على هذه النظرية هو اعتبارها سعر الفائدة العامل الوحيد المؤثر على االدخار وأهملت‬
‫تأثير عوامل أخرى مثل عامل االحتياط‪ ،‬واعترض آخرين على النظرية ألنها جمعت بين عوامل حقيقية‬
‫مثل االدخار واالستثمار مع عوامل نقدية مثل االئتمان المصرفي وتفضيل السيولة‪.‬‬
‫‪ .5.3.3‬النظرية النقدوية‪ :‬لم يفرد ميلتون فريدمان رائد المدرسة النقدوية نظرية خاصة لسعر الفائدة‪،‬‬
‫وإنما تكلم عنها في معرض نظريته للطلب على النقود‪ ،‬فالطلب على النقود حسبه يرتبط بتوزيع مختلف‬
‫أشكال الثروة بناءا على العوائد المتوقعة منها‪ ،‬وهذه العوائد اثنان منها مرتبط بمعدل الفائدة وهي عائد‬
‫السندات وعائد األسهم‪ ،‬كما تكلم عن معدل الفائدة العام‪ ،‬وحسبه فإن معدل الفائدة يتحدد بتالقي قوى‬
‫عرض النقود والمتمثل في الكتلة النقدية والطلب عليها‪ .‬فعند تغير كمية النقود وعلى فرض أنها للزيادة‬
‫سوف ينتج عنها اآلثار التالية على معدل الفائدة‪:‬‬
‫‪ -‬أثر السيولة‪ :‬األثر المباشر لزيادة كمية النقود هو انخفاض معدالت الفائدة نتيجة ارتفاع أسعار‬
‫السندات‪ ،‬عند محاولة المتعاملين االقتصاديين العودة بهيكل ثروتهم إلى المستوى السابق قبل تغير‬
‫العرض النقدي‪ ،‬وهذا األثر حسبه سرعان ما يزول النتقال ارتفاع األسعار إلى السوق الحقيقي وتعود‬
‫أسعار الفائدة لالرتفاع مجددا وذلك تحت تأثير الدخل؛‬
‫‪ -‬أثر الدخل‪ :‬إن زيادة كمية النقود تعني زيادة الدخل النقدي لألفراد‪ ،‬والذي يكون ناتجا في الفترة‬

‫‪7‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫القصيرة عن زيادة الكميات وزيادة األسعار وبالتالي يزداد الدخل الحقيقي ومنه يزيد الطلب على النقود‬
‫ويزيد الطلب على رأس المال القابل لإلقراض مما يؤدي إلى دفع معدالت الفائدة إلى االرتفاع وتستمر في‬
‫االرتفاع حتى تصل إلى مستواها السابق قبل زيادة العرض النقدي‪ ،‬وهذا االرتفاع سوف يتدعم أكثر مع‬
‫الدور الذي تلعبه التوقعات حول األسعار؛‬
‫‪ -‬أثر التوقعات‪ :‬إن ظهور االرتفاع في المستوى العام لألسعار سوف يؤدي بالمتعاملين إلى توقع‬
‫ارتفاعات جديدة في األسعار‪ ،‬وهو ما يعني االنخفاض المستمر للقيمة الحقيقية لألرصدة النقدية مما‬
‫يؤدي بالمقرضين إلى المطالبة بمعدل فائدة اسمي يفوق معدل التضخم المتوقع‪ ،‬ومنه الحصول على‬
‫معدل فائدة حقيقي موجب‪ ،‬وعليه فحسب فريدمان فمعدالت الفائدة سوف تميل إلى االنخفاض في الفترة‬
‫القصيرة ولكنها تميل إلى االرتفاع مع ظهور التضخم وتستمر في هذا االتجاه إلى أن تفوق معدالت‬
‫التضخم‪.‬‬

‫ورغم أهمية تحليل معدل الفائدة لدى فريدمان إال أنه وكما ذكرنا لم يخصها بنظرية قائمة بذاتها وإنما‬
‫تطرق إليها في معرض نظريته في الطلب على النقود‪ ،‬وهذا يعبر على أنه لم يعطها األهمية الكافية‬
‫متغير نقدي يؤثر على مختلف المتغيرات االقتصادية الحقيقية ألن أفكاره في هذا المجال هي امتداد‬
‫للتحليل الكالسيكي الذي يرى أن النقود حيادي وال تؤثر على النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ .4.3‬محددات معدل الفائدة‪ :‬إن معدل الفائدة متغير نقدي يتحدد بمجموعتين من العوامل‪ ،‬األولى كلية‬
‫وترتبط بتحديد معدل الفائدة من قبل البنك المركزي وهو ما يصطلح عليه بمعدل إعادة الخصم‪ ،‬أما‬
‫المجموعة الثانية فهي جزئية وهي خاصة بوضعية كل مؤسسة مالية على حدا وبوضع المنافسة بينها‪:‬‬
‫‪ .1.4.3‬المحددات الكلية لسعر الفائدة‪ :‬تؤكد التطبيقات العملية لمعدالت الفائدة على أنها تتأثر بمجموعة‬
‫من المتغيرات االقتصادية الكلية والمتمثل أهمها في‪:‬‬
‫‪ -‬مرحلة الدورة االقتصادية‪ :‬مستوى النشاط االقتصادي يؤثر بطريقة مباشرة من خالل زيادة الطلب على‬
‫القروض في حاالت االزدهار‪ ،‬األمر الذي يؤثر بصورة وثيقة في أسعار الفوائد‪.‬إن مرور االقتصاد‬
‫بمرحلة ركود أو ازدهار هو من العوامل التي تحدد اتجاه سعر الفائدة المستقبلي‪ ،‬فالخروج من الركود‬
‫يستدعي تخفيض معدل الفائدة لتشجيع االستثمار؛‬
‫‪ -‬اتجاه السياسة النقدية‪ :‬إن اتجاه السياسة النقدية هو من العوامل المحددة للسعر المستقبلي للفائدة‪،‬‬
‫فسياسة نقدية انكماشية يعني الرفع من معدل الفائدة للحد من الطلب على االئتمان وبالتالي الحد من نمو‬
‫المعروض النقدي وبالتالي التحكم في التضخم؛‬
‫‪ -‬معددل التضدخم‪ :‬ويعتبدر مددن أهدم العوامدل فارتفداع معدددل التضدخم يعندي رفدع معدددل الفائددة للوصدول إلددى‬
‫معدل فائدة حقيقية موجبة؛‬

‫‪8‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ -‬سياس ددة االئتم ددان‪ :‬إن اتج دداه البن ددك المرك ددزي إل ددى تش ددجيع سياس ددة االئتم ددان ألي س ددبب ك ددان ي ددؤدي إل ددى‬
‫تخفدديض مع دددل الفائدددة م ددن أجددل تمك ددين المتعدداملين االقتص دداديين مددن الحص ددول علددى الق ددرض بأقددل تكلف ددة‬
‫ممكنة‪ ،‬والعكس صحيح في حالة رغبة البنك المركزي تقييد االئتمان؛‬
‫‪ -‬السياسة المالية‪ :‬تؤدي السياسة المالية دو اًر مهماً في التأثير في سلوك سعر الفائدة من خالل حجم‬
‫الدين العام‪ ،‬فزيادة العجز الحكومي معناه لجوء الدولة للنظام البنكي لالقتراض وهو ما يني مزاحمتها‬
‫للقطاع الخاص على القروض فتدفع أسعار الفائدة لالرتفاع في الدول التي تتميز باستقاللية النظام‬
‫البنكي؛‬
‫‪ -‬مسددتوى التشددغيل‪ :‬كلم ددا ارتفع ددت مس ددتويات البطال ددة فه ددذا معن دداه العم ددل أكث ددر عل ددى تش ددجيع االس ددتثمارات‬
‫الخالقة لمناصب الشغل وهو ما يعني العمل على تخفيض الفائدة لتخفيض تكاليف العملية االستثمارية؛‬
‫‪ -‬معدالت النمو المرغوبة‪ :‬كلما زادت معددالت النمدو المرغوبدة يعندي ذلدك تخفديض معددل الفائددة لتشدجيع‬
‫مختلف األنشطة االقتصادية والحد من نمو التكاليف لخلق قيمة مضافة أكبر؛‬
‫‪ -‬درجة تطور السوق النقدي والمالي‪ :‬كلما امتلكت الدولدة أسدواق ماليدة ونقديدة متطدورة فهدذا األمدر يجعدل‬
‫معدل الفائدة حساس لكل ما يحدث فيهما من ظروف الطلب والعرض على أدوات الددين والملكيدة بمختلدف‬
‫أنواعها سواء من متعاملين مقيمين أو غير مقيمين؛‬
‫‪ -‬وضع ميزان المدفوعات‪ :‬إن تحديدد معددل الفائددة يتدأثر بوضدعية ميدزان المددفوعات‪ ،‬وذلد ك مدن الجواندب‬
‫التالية‪:‬‬
‫• إذا كدان لالقتصدداد المعندي قدددرات تصدديرية وارتفعددت أسدعار الفائدددة فدإن هددذا سديؤدي إلددى ارتفداع أسددعار‬
‫صادراتها وهو ما يجعلها أقل تنافسية وبالتالي يتم اللجوء لتخفيض سعر الفائدة لتشجيع الطلب األجنبي؛‬
‫• إذا كددان للدولددة أس دواق ماليددة ونقدي ددة جاذبددة للمسددتثمرين األجانددب فددإن ه ددذا األمددر يجعددل ارتفدداع مع دددل‬
‫الفائدة لجذب المزيد من رؤوس األموال الباحثة عن العائد المرتفع واألمان‪.‬‬

‫‪ -‬أسعار الفائدة في األسواق الدولية‪ :‬في ظل العولمدة الماليدة والتطدور السدريع لوسدائل االتصدال واإلعدالم‬
‫فددإن معدددالت الفائدددة المحليددة أصددبحت تتددأثر بأسددعار الفائدددة فددي أهددم األسدواق الماليددة الدوليددة‪ ،‬ويددزداد تددأثير‬
‫هذا األمر كلما زادت درجدة تدرابط االقتصداد المحلدي بالعدالمي‪ ،‬فسدعر الفائددة فدي بعدض دول الخلديج تتغيدر‬
‫لتغير معدل فائدة البنك االحتياطي الفدرالي نظ ار الرتفاع درجة الترابط فيما بينها؛‬
‫‪ -‬سعر الصرف‪ :‬بشكل عام فإن سعر الفائدة يتأثر بسعر صرف العملة‪ ،‬ففي ظدل امدتالك الدولدة ألسدواق‬
‫نقديددة وماليددة متطددورة فددإن زيددادة المعددروض النقدددي مددن عملتهددا يددؤدي إلددى انخفدداض معدددل الفائدددة وهددو مددا‬
‫يجعل رؤوس األموال تخرج باحثة عدن العائدد المرتفدع فيدنخفض الطلدب علدى عملتهدا‪ ،‬ويحددث العكدس عدن‬
‫ارتفاع الفائدة فتجذب رؤوس األموال فترتفع أسعار الفائدة‪،.‬‬

‫‪9‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ -‬مستوى االدخار واالستثمار في االقتصاد المعني‪ :‬فإذا كان االدخدار أقدل مدن االسدتثمار فإنده مدن بدين‬
‫اإلجراءات التي ستتخذ لتشجيعه هو رفع معدل الفائدة‪ ،‬رغم أن الكثير من الدراسات بينت أن االدخار دالة‬
‫تابعة لمجموعة من العوامدل الذاتيدة والموضدوعية بشدكل قدد يجعدل االدخدار ال يرتفدع حتدى ولدو ارتفدع معددل‬
‫الفائدة‪ ،‬ويحدث العكس عندما يكون االستثمار أقل من االدخار؛‬
‫‪ -‬مسدتوى عدرض النقددود والطلدب عليهدا‪ :‬إذا كددان عددرض النقددود أكبددر مددن الطلددب عليهددا فددإن سددعر الفائدددة‬
‫سوف ينخفض لتشجيع الطلب عليها والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ . 1.4.3‬المحددات الجزئيدة لسدعر الفائددة‪ :‬بعدد تحديدد البندك المركدزي لسدعر الفائددة األدندى علدى المسدتوى‬
‫الكلددي‪ ،‬فعلددى المسددتوى الجزئددي فددإن كددل بنددك أو مؤسسددة ماليددة مهمددا كددان نددوع نشدداطها سددوف تحدددد سددعر‬
‫الفائدة الذي ستتعامل به بناء على مجموعة من العوامل‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬حجم الموارد التي تملكها المؤسسة المالية‪ :‬كلما كانت مواردها كبيرة فهذا يزيدد مدن مقددرتها علدى مدنح‬
‫القروض وبالتالي تخفض من معدل فائدتها الجتذاب المزيد من طالبي القروض؛‬
‫‪ -‬حجددم المؤسسددة‪ :‬كلمددا مددال حجددم المؤسسددة إلددى الكبددر فهددذا معندداه قدددرتها علددى تحمددل التكدداليف وبالتددالي‬
‫تعمل على تخفيض فائدتها؛‬
‫‪ -‬حجم القروض الممنوحة‪ :‬كلما ارتفع حجم القروض الممنوحة فهذا مؤشر على أن المؤسسة المالية ليس‬
‫لددديها الحريددة الكاملددة فددي مددنح القددروض ألنهددا سددوف تواجدده ضددرورة احتدرام المعددايير الرقابيددة‪ ،‬وكددذا ارتفدداع‬
‫درجددة المخدداطر التددي تحملهددا عمليددات اإلقدراض الجديدددة وهددو مددا يعنددي رفعهددا لمعدددل الفائدددة حتددى تحددد مددن‬
‫الطلب على القروض؛‬
‫‪ -‬مستوى الطلدب علدى االئتمدان‪ :‬إن الطلدب علدى االئتمدان فدي االقتصداد هدو مدن العوامدل المحدددة لسدعر‬
‫الفائدة على المستوى الجزئي‪ ،‬فعندما يكون الطلدب علدى القدروض صدغي ار فالمؤسسدات الماليدة سدوف تعمدل‬
‫على اجتذابه بتخفيض معدل الفائدة‪ ،‬أما عندما يكون الطلب كبي ار فإنها تعمل على رفع معدل الفائدة؛‬

‫‪ -‬درجة المنافسة‪ :‬كلما زاد عدد مقدمي االئتمدان فدي السدوق فهدذا يعندي أن المنافسدة سدتكون علدى أشددها‬
‫فيما بينهم‪ ،‬وهذا بالطبع يؤدي إلى خفيض مسدتوى الفائددة‪ ،‬والعكدس صدحيح فاحتكدار السدوق مدن قبدل عددد‬
‫قليل من المؤسسات يجعلها تفرض األسعار التي تخدمها‪.‬‬

‫‪ .5.3‬تأثير معدل الفائدة على االقتصاد‬


‫رغم الجدل الدائر حول معدل الفائدة مع كل أزمة جديدة تصيب النظام الرأسمالي‪ ،‬إال أنها في‬
‫الواقع االقتصادي فهي تقوم بالعديد من األدوار يمكن تلخيصها في‪:‬‬
‫‪ ‬تشجيع االستثمار واالدخار حسب ما تتطلبه ظروف كل اقتصاد؛‬
‫‪ ‬المحافظة على رؤوس األموال المحلية وتشجيع دخول رؤوس األموال األجنبية؛‬

‫‪10‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ ‬الحفاظ على معدل تضخم وسعر صرف مستقرين؛‬


‫‪ ‬يعتبر من أهم أدوات السياسة النقدية التي يستعملها البنك المركزي للتحكم في المعروض النقدي؛‬
‫‪ ‬أنه يؤثر على السياسة المالية المتبعة من قبل الحكومة؛‬
‫‪ ‬تعمل على التخصيص األمثل للموارد المالية المتاحة في االقتصاد‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬النقود واألسعار واإلنتاج‬


‫لقد اهتمت النظرية النقدية منذ القرن السادس عشر ولغاية األزمة االقتصادية لسنة ‪1929‬‬
‫بموضوع رئيسي وهو دراسة العوامل المفسرة لقيمة النقود‪ ،‬أو المستوى العام لألسعار‪ ،‬وخالل هذه الفترة تم‬
‫زيادة في المعروض النقدي ألن النقود حسب التحليل‬ ‫ربط التغير في األسعار بسبب وحيد وهو‬
‫الكالسيكي الذي ساد خالل هذه الفترة حيادية وال تمارس تأثي ار على النشاط االقتصادي‪ ،‬وينصرف كل‬
‫تأثيرها إلى زيادة المستوى العام لألسعار‪ ،‬إال أن األزمة االقتصادية سنة ‪ 1929‬قد بينت أن النقود ليست‬
‫حجاب يغطي حقيقة األشياء فقط ‪ ،‬بل هي متغير يؤثر في العديد من المتغيرات االقتصادية بما فيها‬
‫األسعار واإلنتاج‪ .‬ومن خالل هذه المحاضرة سوف نحاول أن نبين مدى مسئولية العرض النقدي عن‬
‫تحريك األسعار واإلنتاج وفقا لمختلف النظريات النقدية التي تناولتها‪ ،‬وذلك من خالل العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ .1.4‬أثر النقود على األسعار حسب النظرية الكمية للنقود‪.‬‬
‫‪ .2.4‬أثر النقود على األسعار حسب النظرية الكنزية‪.‬‬

‫‪ .3.4‬أثر النقود على األسعار حسب النقدويين‪.‬‬

‫‪ .1.4‬أثر النقود على األسعار واالنتاج حسب النظرية الكمية للنقود‪.‬‬


‫‪ .1.1.4‬مضمون النظرية الكمية‪ :‬النظرية الكمية هي محصلة لألفكار الكالسيكية في المجال النقدي‪،‬‬
‫حيث قسموا االقتصاد إلى قسمين أحدهما حقيقي واآلخر نقدي‪ ،‬وال يربط بينهما إال المستوى العام‬
‫لألسعار‪ .‬وكل منهما له خصائص معينة‪:‬‬
‫أ‪ .‬القطاع الحقيقي‪ :‬يتميز القطاع الحقيقي حسب الكالسيك بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬وقوعه عند مستوى التشغيل الكامل‪ ،‬على أساس أن كل عرض يخلق معه الطلب المساوي له‪،‬‬
‫والكالسيك يربطون النمو االقتصادي باليد العاملة المتوفرة ‪ ،‬وعليه فكل عرض من العمالة يجد عليه طلبا‬
‫وعليه ال تحدث أزمة بطالة‪ ،‬وإذا وجدت فهي إرادية؛‬
‫‪ -‬سيادة المنافسة الكاملة بكل ما تتطلبه من شروط؛‬
‫‪ -‬مرونة األسعار واألجور بالشكل الذي يجعلها تستجيب لكل تغير في جانب العرض والطلب‪.‬‬
‫ب‪.‬القطاع النقدي‪ :‬بالنسبة للقطاع النقدي فقد ركز الكالسيك على المتغيرين التاليين‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ -‬عرض النقود‪ :‬عرض النقود حسب الكالسيك متغير خارجي يحدده البنك المركزي للدولة بكل استقاللية‬
‫عن العوامل المتحكمة في جانب الطالب على النقود‪ ،‬وتتحكم فيه عوامل مختلفة مثل اكتشاف المناجم و‬
‫الظروف الطبيعية والسياسية مما يكون لها تأثير على توجيه المعادن ما بين استخداماتها السلعية والنقدية؛‬
‫‪ -‬الطلب على النقود‪ :‬إن النقود بالنسبة لهم تعتبر وسيطا للتبادل فقط‪ ،‬وعليه فالطلب عليها هو طلب‬
‫وحيد فقط بغرض إتمام المعامالت وبالتالي فالنقود ليس مخزنا للقيمة وال تطلب لذاتها بل للمنافع الناتجة‬
‫عن استخدامها‪ ،‬وكمية النقود المطلوبة لغرض المعامالت يتوقف على العوامل التالية‪:‬‬
‫✓ حجم اإلنتاج الكلي في االقتصاد‪ ،‬فكلما زاد حجم اإلنتاج زاد حجم الطلب على السلع والخدمات‬
‫وبالتالي زادت الحاجة للنقود بغرض إجراء المعامالت؛‬
‫✓ مستوى األسعار النسبية‪ ،‬وتعبر عن قيمة المبادلة المباشرة بين السلع‪ ،‬أي تمثل أسعار السلع‬
‫االقتصادية منظو اًر إليها من خالل عالقاتها التبادلية‪ ،‬واألسعار النسبية ال تتأثر بالتغير في كمية‬
‫النقود ألنها مرتبطة بعوامل حقيقية كحجم التكاليف المتحملة في إنتاج السلعة؛‬
‫✓ المستوى العام لألسعار االسمية أي المعبر عنها بالوحدات النقدية‪ ،‬وهي كمية النقود التي يتنازل‬
‫عنها المشتري من أجل الحصول على السلع والخدمات‪.‬‬
‫ولكن بالنسبة للكالسيك فمستوى اإلنتاج ثابت واألسعار النسبية معروفة‪ ،‬وبالتالي تبقى األسعار االسمية‬
‫أو النقدية هي المجهول الوحيد‪ ،‬والذي دارت حوله أغلب أعمال النظرية الكمية بمختلف مداخلها‪ .‬رأى‬
‫منظرو الكالسيك األوائل كآدم سميث ودافيد ريكاردو وجون ستيوارت ميل وغيرهم أن المستوى العام‬
‫لألسعار يتحدد عن طريق تالقي قوى العرض النقدي والطلب عليها‪ ،‬فالعرض النقدي متغير خارجي‬
‫يخضع لعوامل غير متحكم فيها‪ ،‬كما أن الطلب على النقود ثابت وذلك لثبات كل من حجم اإلنتاج لوقوع‬
‫االقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل ولثبات األسعار النسبية‪ ،‬وعليه يبقى المستوى العام لألسعار تابع‬
‫لمتغير واحد وهو تغير كمية النقود المعروضة من طرف البنك المركزي للدولة المعنية‪ .‬فزيادة المعروض‬
‫النقدي في ظل ثبات الطلب على النقود لغرض المعامالت لوقوع االقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل‬
‫وثبات األسعار النسبية لعدم تغير الفن اإلنتاجي يجعل األثر الوحيد لزيادة كمية النقود المتداولة وزيادة‬
‫األرصدة النقدية لدى المتعاملين هو التخلص منها عن طريق إنفاقها على مختلف السلع والخدمات ألنهم‬
‫ال يرغبون في االحتفاظ بأي مقدار نقدي إضافي‪ .‬وقد بقيت النظرية الكمية مجرد أفكار نظرية بحتة دون‬
‫التأكد منها إلى غاية بداية القرن العشرين حيث ظهرت محاولة تكميم النظرية الكمية‪.‬‬
‫‪ .2.1.4‬صياغة النظرية الكمية بمعادلة التبادل لفيشر‪ :‬معادلة التبادل متطابقة شهيرة نسبت إلى "إرفنج‬
‫فيشر" وهو إحصائي أمريكي‪ ،‬توصل إلى صياغة النظرية الكمية باستخدام معطيات إحصائية عن‬
‫االقتصاد األمريكي‪ ،‬انطلق من أن سوق النقد يكون في حالة توازن لما يكون الطلب على النقود مساو‬
‫للعرض عليه‪ ،‬حيث عبر عن هذا الشرط بالصيغة التالية‪:‬‬
‫)‪𝑀𝑉 = 𝑃. 𝑇𝑃 … … … … … … … … … . (9‬‬
‫‪12‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫حيث‪:‬‬
‫‪ 𝑀 -‬كمية النقود المعروضة وهي تمثل النقود المعدنية الذهبية والصكوك البنكية المغطاة بالذهب‪ ،‬ونقود‬
‫الودائع الجارية التي ترتبط بعالقة ثابتة بالنقود المعدنية‪ ،‬فزيادة كمية النقود المعدنية بنسبة معينة يؤدي‬
‫إلى زيادة كمية نقود الودائع بنفس النسبة؛‬
‫‪ 𝑉 -‬تمثل سرعة تداول النقود وهي متوسط عدد المرات التي تنتقل فيها الوحدة النقدية من يد إلى أخرى‬
‫خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬ولها نفس تأثير زيادة كمية النقود؛‬
‫‪ 𝑃 -‬المستوى العام لألسعار وهو الوسط المرجح ألسعار كل ما يتم بيعه وشرائه بالنقود كالسلع‬
‫والخدمات واألوراق المالية وغيرها؛‬
‫‪ 𝑇 -‬حجم المعامالت وتضم كل السلع والخدمات التي بيعت أو اشتريت بالنقود خالل فترة زمنية معينة‪،‬‬
‫باستثناء ما يتم مبادلته بالمقايضة والمقاصة بين الديون وكل ما يوجه لالستهالك الذاتي‪.‬‬
‫والمعادلة أعاله يعكس الطرف األيسر منها جانب العرض النقدي‪ ،‬بينما الجانب األيمن منها فيمثل جانب‬
‫الطلب على النقود على مستوى االقتصاد الكلي‪ ،‬ولتحويل المعادلة أعاله إلى معادلة التبادل فقط استخدم‬
‫فيشر الفرضيات التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬الفرضية األولى‪ :‬سرعة تداول النقود𝑉 ثابتة في األمد القصير‪ ،‬وال تتغير إال على المدى الطويل ألنها‬
‫تتحكم فيها عوامل غير نقدية مثل‪:‬‬
‫✓ العوامل النفسية والتي تؤثر على عادات الدفع وكيفية إنفاق النقود من طرف الجمهور؛‬
‫✓ مدى شيوع الوعي المصرفي بالشكل الذي يؤدي إلى زيادة سرعة تداول النقود وتقليل كمية النقود‬
‫المصدرة نتيجة استخدام مختلف وسائل الدفع غير التقليدية ويقلل من االحتفاظ بالنقود المكتنزة؛‬
‫✓ مدى تطور الجهاز المصرفي واألسواق المالية ما يؤدي إلى سرعة تداول النقود نتيجة زيادة حجم‬
‫المبادالت؛‬
‫✓ كثافة السكان ودرجة تنقلهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬الفرضية الثانية‪ :‬حجم المعامالت 𝑇 ثابت في األمد القصير نتيجة وقوع االقتصاد عند مستوى‬
‫التشغيل الكامل فيكون حجم اإلنتاج ثابتا‪ ،‬وعليه يتميز الطلب على النقود باالستقرار‪.‬‬
‫ج‪ .‬الفرضية الثالثة‪ :‬وتتمثل في استبعاد تأثير أي عامل نقدي آخر بخالف كمية النقود أو أية عوامل‬
‫حقيقية أخرى على المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫وعليه فإن معادلة التبادل الواردة أعاله يمكن إعادة كتابتها لتعبر عن النظرية الكمية كما يلي‪:‬‬

‫𝑉 ‪𝑀.‬‬
‫=𝑃‬ ‫)‪… … … … … … … . (01‬‬
‫𝑇‬

‫‪13‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫في ظل افتراض مرونة األسعار واألجور وثبات حجم اإلنتاج وسرعة تداول النقود فإن كل تغير في‬
‫كمية النقود 𝑀 سوف يؤدي إلى تغير المستوى العام لألسعار 𝑃 بنفس النسبة وفي نفس االتجاه‪.‬‬
‫فمثال زيادة البنك المركزي للنقود المعدنية المتداولة بد د ‪% 2‬سوف يؤدي إلى زيادة المستوى العام‬
‫لألسعار بنفس النسبة مع بقاء كل من حجم المعامالت وسرعة تداول النقود ثابتة‪ .‬وقد تعرضت‬
‫لالنتقاد من الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن هذه المعادلة متطابقة صحيحة دوما‪ ،‬ألن كمية النقود مضروبة في سرعتها تعبر لنا عن قيمة‬
‫المبادالت التي تمت على مستوى االقتصاد القومي؛‬
‫‪ -‬أن حجم المعامالت 𝑇 متغير غير موضوعي لقياس نشاط االقتصادي‪ ،‬فهو يعطي رقما مبالغا فيه‬
‫للنشاط االقتصادي ألنه يحتوي على كل المعامالت التي تمت في االقتصاد دون التفرقة ما بين المنتجات‬
‫الوسيطة والنهائية وهو ما يعني أن المنتجات الوسيطة تحسب عدة مرات؛‬
‫‪ -‬أن مؤشر األسعار المستخدم ال يعبر كذلك عن الواقع الفعلي لمستويات األسعار السائدة في االقتصاد؛‬
‫‪ -‬إهمال فيشر لمتغيرات أخرى نقدية وغير نقدية لها تأثير على األسعار كمعدل الفائدة والعرض والطلب؛‬
‫‪ -‬أن العالقة التناسبية بين زيادة مخزون النقود واألسعار قد ال تتحقق في الواقع؛ فالعرض النقدي‬
‫المعدني قد يزيد بنسبة معينة ولكن البنوك قد تخلق كمية ودائع أكبر منها نتيجة عمل المضاعف النقدي‬
‫وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المستوى العام لألسعار بنسبة أكبر من نسبة زيادة المعروض النقدي‪...‬إلخ؛‬
‫‪ -‬حجم المعامالت ال يكون ثابتا‪ ،‬فهو يتغير من فترة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ .3.1.4‬صياغة النظرية الكمية وفق معادلة األرصدة‪ :‬انطلق ألفريد مارشال من نفس المعادلة التي‬
‫توصل إليها فيشر‪ ،‬ولكنه رأى أن النقود ال تطلب فقط لغرض المعامالت‪ ،‬فالنقود الموجودة بحوزة‬
‫المتعاملين االقتصاديين قد ال يتم إنفاقها بالكامل وإنما هناك جزء منها قد يرغب األفراد االحتفاظ به على‬
‫شكل سائل وهو ما سماه بالطلب على النقود‪ ،‬وهو المتغير الذي سيكون له تأثير على المستوى العام‬
‫لألسعار‪ ،‬وقد توصل مارشال إلى أن‪:‬‬

‫)‪𝑀𝑉 = 𝑃. 𝑦 … … … … … … … . (02‬‬
‫حيث‪:‬‬

‫𝑀 وهي العرض النقدي والذي يتضمن النقود المعدنية والورقية والودائع البنكية؛‬‫‪-‬‬
‫‪ 𝑉 -‬وهي سرعة تداول النقود الدخلية أي الناتجة عن تداول السلع والخدمات النهائية؛‬

‫‪ 𝑃 -‬المستوى العام لألسعار للمنتجات والخدمات المتضمنة في الدخل الحقيقي؛‬

‫‪ 𝑦 -‬الدخل الحقيقي أو اإلنتاج القومي وهو مجموع السلع والخدمات النهائية المنتجة في االقتصاد‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫ومن المعادلة أعاله نالحظ أن الطرف األول على اليسار يمثل العرض النقدي‪ ،‬بينما الطرف األيمن يمثل‬
‫الدخل النقدي أو القيمة النقدية للدخل الحقيقي‪ ،‬وهو حاصل ضرب األسعار الجارية في اإلنتاج الحقيقي‬
‫والذي رمز له بد د د ‪ Y‬وتصبح المعادلة كما يلي‪:‬‬

‫)‪𝑀. 𝑉 = 𝑌 … … … … … … … … … … (03‬‬
‫ومن المعادلة)‪ (12‬توصل مارشال أن كمية النقود المعروضة 𝑀 هي النسبة 𝑉‪ 1⁄‬من الدخل النقدي‬
‫القومي‪ ،‬وهي النسبة التي يرغب األفراد االحتفاظ بها من دخلهم على شكل نقدي سائل‪ ،‬وهي تمثل‬
‫الطلب على النقود لغرض ولكن لغرض المعامالت فقط في المستقبل‪.‬‬

‫)‪𝑀 = 1⁄𝑉 . 𝑌 … … … … … … . (04‬‬


‫وهذه النسبة رمز لها بد د𝑘 وأصبحت المعادلة كما يلي‪:‬‬
‫)‪𝑀 = 𝑘. 𝑌 … … … … … … . (05‬‬

‫والنسبة 𝑘 تمثل متوسط الفترة الزمنية التي يفضل األفراد االحتفاظ فيها بجزء من الدخل الحقيقي في‬
‫شكل نقود‪ ،‬وهو مقلوب سرعة تداول النقود ولكن العوامل التي تتحكم فيه تختلف كلية عن تلك‬
‫العوامل المحددة لسرعة تداول النقود‪ ،‬فهو مرتبط بمستوى الدخل الحقيقي والثروة اإلجمالية‪ .‬أما عن‬
‫عالقة الطلب على النقود بالمستوى العام لألسعار فيرى مارشال أن‪:‬‬
‫‪ -‬في حالة ارتفاع المعروض النقدي و زيادة رغبة األفراد في االحتفاظ بها‪ ،‬فهذا معناه انخفاض الطلب‬
‫على السلع والخدمات مما ينعكس في صورة انخفاض المستوى العام لألسعار في ظل تبات العرض منها؛‬
‫‪ -‬أما في حالة ارتفاع المعروض النقدي و انخفاض رغبة األفراد في االحتفاظ بالنقود معناه زيادة النسبة‬
‫المخصصة لإلنفاق على السلع والخدمات وبالتالي يزيد الطلب عليها فترتفع أسعارها في ظل ثبات‬
‫العرض منها‪.‬‬
‫على الرغم من أن مارشال لم يتكلم بشكل مباشر عن المستوى العام لألسعار وتأثير المعروض‬
‫النقدي عليها‪ ،‬إال أنه أشار إلى مفاهيم جديدة لم تكن متداولة من قبل وأهمها االعتراف للنقود بوظيفة‬
‫مخزن للقيمة وكذا تأثير التغير في الطلب على النقود بعدما كان الكالسيك يعتبرونها ثابتة في المدى‬
‫القصير وال تتغير إال على المدى الطويل‪.‬‬

‫رغم أهمية النظرية الكمية في تفسير األسعار والنظرية الكالسيكية بشكل عام‪ ،‬إال أن األزمة‬
‫االقتصادية العالمية لسنة ‪1929‬م قد وضعتها على المحك وعرضتها النتقادات كانت تمهيدا لظهور‬
‫التيار الكنزي بمفاهيم جديدة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ .2.4‬النقود واألسعار واإلنتاج لدى النظرية الكنزية‬


‫لقد ظهر التحليل الكينزي على أعقاب فشل حلول النظرية الكالسيكية في الخروج من حالة‬
‫الكساد التي عرفتها الدول األوربية بعد األزمة االقتصادية لسنة ‪ ،1929‬و قد جاء كينز بتحليل يختلف‬
‫في جوانب كثيرة عن الكالسيك‪ ،‬وفي هذا اإلطار سوف نركز على ما جاء به في موضوع العالقة بين‬
‫النقود واألسعار واإلنتاج‪.‬‬
‫‪ .1.2.4‬مبادئ التحليل الكنزي‪ :‬انطلق كينز من المبادئ التالية في تحليله‪:‬‬
‫‪ -‬التركيز على المتغيرات االقتصادية الكلية معب ار عنها بالوحدات النقدية وليس الكميات الحقيقية‪ ،‬فما‬
‫يصلح على المستوى الجزئي قد ال يصلح بالضرورة على المستوى الكلي‪ ،‬والوحدات الحقيقية قد تكون‬
‫مختلفة بشكل يصعب المقارنة بينها بينما النقود تشكل مقياس مشترك لها؛‬
‫‪ -‬التحليل في ظروف عدم األكادة فيما يخص ظروف المستقبل وهو السبب الذي جعله يعترف للنقود‬
‫بوظيفة مخزن للقيمة لمواجهة ظروف غير متوقعة أو اغتنام فرص قد يوفرها السوق وهو ما عبر عنه‬
‫بمختلف دوافع الطلب على النقود؛‬
‫‪ -‬النقود غير حيادية وهي تمارس تأثي ار هاما على النشاط االقتصادي من خالل قناة معدل الفائدة والتي‬
‫تتحدد بناءا على تفاعل قوى عرض النقود والطلب عليها؛‬
‫‪ -‬الحالة الطبيعية لالقتصاد هي التشغيل الناقص لوجود طاقات معطلة في االقتصاد؛‬
‫‪ -‬األجور ليست مرنة تماما ألن الكثير منها مقيد بعقود واتفاقيات بين مختلف األطراف‪ ،‬وكذلك األسعار‬
‫فقد توجد عوامل قد تحول من تحركها الستيعاب مختلف المتغيرات المؤثرة عليه؛‬
‫‪ -‬اختالل النشاط االقتصادي ال يمكن تصحيحه عن طريق اليد الخفية التي ألح عليها الكالسيك‪ ،‬بل عن‬
‫طريق تدخل الدولة بنفقاتها وإيراداتها وسن القوانين والتنظيمات التي تكفل عودة السوق لالنضباط‪.‬‬
‫‪ .2.2.4‬العوامل المتحكمة في األسعار عند كينز‪ :‬يرى كينز أن السعر منفردا أو المستوى العام لألسعار‬
‫مجتمعة تتحكم فيه العوامل التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬التكلفة الحدية آلخر وحدة منتجة‪ :‬وهي ما أصطلح عليه كينز بوحدة النفقة وهي التكلفة الحدية آلخر‬
‫وحدة منتجة‪ ،‬وقد ركز كينز على تكلفة اليد العاملة وذلك لكون الفن اإلنتاجي والتكنولوجي في تلك الفترة‬
‫ال يتغير إال على المدى الطويل‪ ،‬فكلما زادت تكلفة إنتاج سلعة أو مجموع السلع في االقتصاد مال‬
‫المستوى العام لألسعار إلى االرتفاع‪ ،‬والعكس صحيح في حالة االنخفاض؛‬

‫‪16‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫ب‪ .‬حجم التشغيل‪ :‬لقد ربط كينز حجم التشغيل بالتغيرات التي تلحق بالطلب الفعال‪ ،‬وهو الطلب المدعم‬
‫بالقدرة الشرائية‪ ،‬فكلما زاد الطلب على سلع االستهالك وسلع االستثمار أدى ذلك إلى زيادة اإلنتاج‬
‫وبالتالي زيادة حجم التشغيل ويستمر حجم العمالة في االرتفاع إلى الحد الذي يتحقق فيه تشغيل كل‬
‫الطاقات المعطلة‪ ،‬وعندها يتوقف الطلب الفعلي عن ممارسة أي تأثير على حجم اإلنتاج وتنعكس كل‬
‫زيادة فيه في صورة ارتفاع في األسعار؛‬
‫ج‪ .‬كمية النقود‪ :‬يرى كينز أن كمية النقود يمكن أن تؤثر على المستوى العام لألسعار وذلك من خالل‬
‫قدرتها على التأثير في الطلب الفعلي‪ ،‬فإذا تمكنت كمية النقود أن تحرك الطلب الفعلي فإن انعكاسها على‬
‫األسعار سوف يكون بحسب حالة االقتصاد ومدى قربه أو بعده عن حالة التشغيل الكامل‪.‬‬
‫‪ .3.2.4‬أثر كمية النقود على األسعار واإلنتاج لدى كينز‪ :‬لتوضيح أثر كمية النقود على المستوى العام‬
‫لألسعار واإلنتاج فقد انطلق كينز من نموذج مبسط لالقتصاد وبافتراضات غير واقعية‪ ،‬ثم انتقل إلى‬
‫تحليل األثر في نموذج بافتراضات واقعية‪.‬‬
‫أ‪ .‬في نموذج مبسط‪ :‬انطلق كينز من الفرضيات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الموارد غير المستغلة في االقتصاد متجانسة ويمكن أن تحل محل بعضها البعض في اإلنتاج؛‬
‫‪ -‬الطلب الفعلي يتغير بنفس نسبة تغير كمية النقود؛‬
‫‪ -‬تتغير مكافآت عوامل اإلنتاج بنفس النسبة إذ ما وصل االقتصاد لحالة التشغيل الكامل‪ ،‬ولكنها تبقى‬
‫ثابتة دون تلك المرحلة‪.‬‬
‫في ظل هذه االفتراضات‪ ،‬وعلى فرض اتجاه العرض النقدي للزيادة‪ ،‬فإن تأثيرها يكون كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .1.‬في ظل التشغيل الناقص‪ :‬زيادة كمية النقود يخفض من معدل الفائدة مادام الطلب على النقود ثابت‪،‬‬
‫وفي ظل ثبات الكفاية الحدية لرأس المال فإن االستثمار سوف يرتفع نتيجة زيادة الطلب على سلع‬
‫وخدمات اإلنتاج‪ ،‬وهو ما يدفع اإلنتاج لالرتفاع ويزيد مستوى التشغيل دون تغير النفقة الحدية لإلنتاج‬
‫وبالتالي فاألسعار لن ترتفع بل اإلنتاج هو الذي يزيد؛‬
‫أ‪ .2.‬في ظل التشغيل الكامل‪ :‬زيادة كمية النقود يخفض من معدل الفائدة مادام الطلب على النقود ثابت‪،‬‬
‫وفي ظل ثبات الكفاية الحدية لرأس المال فإن االستثمار سوف يرتفع نتيجة زيادة الطلب على سلع‬
‫وخدمات اإلنتاج‪ ،‬غير أنه ونظ ار لعدم وجود طاقات معطلة فحصول الوحدات اإلنتاجية على الموارد يكون‬
‫عن طريق اجتذاب عوامل اإلنتاج من قطاعات أخرى بدفع أسعار أعلى وهو ما يجعل التكاليف الحدية‬
‫لإلنتاج ترتفع دون زيادة فعلية في اإلنتاج وبالتالي ترتفع األسعار بنفس نسبة تغير المعروض النقدي‪.‬‬
‫ب‪ .‬في نموذج واقعي‪ :‬الفرضيات التي انطلق منها كينز في النموذج األول بعيدة عن الواقع ولهذا لخص‬
‫افتراضات النموذج الواقعي في‪:‬‬
‫‪ -‬عوامل اإلنتاج غير متجانسة وغير قابلة لإلحالل محل بعضها البعض؛‬

‫‪17‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫‪ -‬التكلفة الحدية غير ثابتة وقد تتجه لالرتفاع حتى قبل وصول االقتصاد لحالة التشغيل الكامل خاصة‬
‫مع وجود نقابات عمالية قوية تطالب دوما برفع األجور؛‬
‫‪ -‬مكافآت عوامل اإلنتاج تتغير بنسب تختلف من عنصر إنتاجي آلخر ومن صناعة ألخرى‪.‬‬
‫في ظل هذه االفتراضات فزيادة كمية النقود يخفض من معدل الفائدة ويزيد الطلب على السلع والخدمات‬
‫االستثمارية ولكن ليس بنفس نسبة زيادة كمية النقود‪ ،‬فيزداد حجم اإلنتاج والتشغيل ولكن بنسبة أقل من‬
‫نسبة زيادة الطلب الفعلي‪ ،‬ولكن مع مرور الوقت فإن االستمرار في زيادة االستثمارات يخلق دخول‬
‫إضافية وهو ما يزيد من الطلب الفعلي‪ ،‬ولكنه لن يؤثر على اإلنتاج والتشغيل بنفس الطريقة السابقة فكلما‬
‫تم االقتراب من مرحلة التشغيل الكامل فإن ذلك سوف يؤدي إلى انقسام أثر زيادته بين اإلنتاج واألسعار‬
‫إلى الحد الذي يصل فيه االقتصاد للتشغيل الكامل وينصرف تأثيره إلى األسعار كلية دون الكميات‪.‬‬

‫رغم أن الكثير من المفكرين يرون أن تحليل كينز للعالقة بين النقود واألسعار واالنتاج ال يخرج كثي ار‬
‫عن النظرية الكمية‪ ،‬إال أنه وضح األثر الذي تتركه كمية النقود على كل من وحدة النفقة وحجم التشغيل‬
‫من جهة والمستوى العام لألسعار من جهة أخرى دون أن يعطي ذلك بعالقة ميكانيكية كما فعلت النظرية‬
‫الكمية‪.‬‬

‫‪ .3.4‬النقود واألسعار واالنتاج لدى النظرية الكمية الحديثة‬


‫رغم االنتقادات التي تعرضت لها النظرية الكمية من طرف كينز إال أنها سرعان ما عادت‬
‫للظهور مجددا مع الدفع الذي أعطته لها المدرسة النقدوية بقيادة االقتصادي األمريكي الشهير ميلتون‬
‫فريدمان‪ ،‬وقد توصل لصياغة جديدة لهذه النظرية وأطلق عليها تسمية النظرية الكمية الحديثة‪ ،‬وهي تعتمد‬
‫بشكل كبير على نفس مبادئ الكالسيك فيما يخص الجانب النقدي‪ ،‬وفي هذا المقام لن نركز إال على‬
‫العالقة بين النقود واألسعار واإلنتاج حسب هذه النظرية‪.‬‬
‫‪ .1.3.4‬تعريف العرض النقدي لدى فريدمان‪ :‬انطلق فريدمان من تعريف كمية النقود أو العرض النقدي‬
‫و أشار إلى أن أفضل تعريف للمعروض النقدي هو المجمع ‪ M2‬أو ما يسمى بالكتلة النقدية وتتكون من‪:‬‬
‫‪ -‬العملة المتداولة لدى المتعاملين غير الماليين وهي القطع النقدية واألوراق النقدية؛‬
‫‪ -‬الودائع الجارية لدى البنوك التجارية؛‬
‫‪ -‬شبه النقود وهي الودائع ألجل واالدخارية لدى البنوك التجارية‪.‬‬
‫ويرى فريدمان أن العرض النقدي متغير خارجي تتحكم فيه عوامل مستقلة عن تلك التي تتحدد في جانب‬
‫الطلب على النقود‪ ،‬كما يتميز بعدم االستقرار‪ ،‬فهو تتحكم فيه القاعدة النقدية ومختلف التسربات نحو‬
‫البنك المركزي والجمهور وغيرها‪ ،‬وهذه التسربات عادة ما تكون مستقرة على المدى القصير‪ ،‬بينما القاعدة‬
‫النقدية فهي تخضع لعدة عوامل كرصيد ميزان المدفوعات ورصيد الميزانية العامة للدولة وهي عناصر ال‬

‫‪18‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫يمكن للبنك المركزي التحكم فيها وبالتالي يتميز العرض النقدي بعدم االستقرار‪ .‬ويرى فريدمان أن تغير‬
‫كمية النقود يؤثر على األسعار ومجموعة أخرى من المتغيرات االقتصادية ولكن هذا التأثير ال يحدث‬
‫مباشرة كما أشارت إلى ذلك النظرية الكمية بل يحتاج إلى فترة إبطاء وهي ما أطلق عليها باسم الفترة‬
‫االنتقالية وهي الفترة التي تفصل ما بين تغير كمية النقود وحدوث تغير في مختلف المتغيرات المؤثرة‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ .2.3.4‬تأثير كمية النقود على األسعار‪ :‬يرى فريدمان أن قيام البنك المركزي بوضع نقود جديدة في‬
‫االقتصاد‪ ،‬وعلى فرض أنها كانت عن طريق عمليات السوق المفتوحة حيث تدخل كمشتري لألوراق‬
‫المالية الحكومية من المتعاملين الماليين وهم البنوك خاصة وغير الماليين وهم العائالت والمؤسسات‪،‬‬
‫فهذه العملية ينتج عنها‪:‬‬
‫أ‪ .‬المرحلة األولى‪ :‬وهي تغير بنية المحفظة المالية لدى البنوك والمتعاملين غير الماليين حيث‪:‬‬
‫‪ -‬المتعاملين غير الماليين تنقص حيازتهم من األوراق المالية الحكومية‪ ،‬بينما تزيد حيازتهم من الودائع‬
‫لدى البنوك‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى انخفاض حيازتهم من النقود الورقية مقارنة مع نقود الودائع؛‬
‫‪ -‬البنوك تنخفض حيازتهم من األوراق المالية الحكومية‪ ،‬بينما تزيد احتياطياتهم اإلضافية نتيجة النقود‬
‫الجديدة التي حصل عليها البنك من عملية السوق المفتوحة ونتيجة زيادة ودائع العمالء‪ ،‬وبالتالي تزيد‬
‫االحتياطيات اإلضافية عن المستوى المرغوب لدى البنوك‪.‬‬
‫ب‪ .‬المرحلة الثانية‪ :‬وهي محاولة كل من المتعاملين غير الماليين والماليين العودة إلى النسب السابقة فيما‬
‫يخص النقود الورقية التي يحوزها الجمهور واالحتياطيات اإلضافية التي تحتفظ بها البنوك‪ ،‬وعليه‪:‬‬
‫‪ -‬يقوم المتعاملين غير الماليين باستخدام جزء من الودائع الجديدة لشراء أصول مالية أو سلع وخدمات‪،‬‬
‫وهو ما يؤدي إلى انخفاض نسبة الودائع وارتفاع نسبة العملة المتداولة إلى سابق مستواها؛‬
‫‪ -‬أما البنوك فتقوم باالحتفاظ بجزء من احتياطياتها الجديدة والباقي تقوم بإقراضها أو شراء سندات‬
‫حكومية جديدة‪ ،‬وبالتالي تنخفض االحتياطيات إلى المستوى المرغوب‪.‬‬
‫والحركة التصحيحية التي يقوم بها المتعاملين الماليين وغير الماليين للعودة إلى ما كانت عليهم أوضاعهم‬
‫قبل تغير كمية النقود ينتج عنها اآلثار التالية‪:‬‬
‫✓ ارتفاع األسعار في السوق المالي‪ :‬نتيجة محاولة المتعاملين العودة بمحافظهم المالية إلى سابق‬
‫عهدها قبل عملية السوق المفتوحة فإنهم يزيدون من طلبهم على األوراق المالية الحكومية‪ ،‬فتميل أسعارها‬
‫إلى االرتفاع بينما تنخفض معدالت فائدتها مما يؤدي إلى تحول المتعاملين االقتصاديين إلى أصول مالية‬
‫أخرى أكثر مردودية مثل األسهم فترتفع أسعارها هي األخرى كذلك‪ ،‬وبالتالي فإن السلوك الطبيعي‬
‫للمتعاملين االقتصاديين في هذه الحالة هو التحول إلى األصول غير المالية ألن السوق المالي ارتفعت‬
‫أسعاره وانخفضت مردوديته؛‬

‫‪19‬‬
‫د‪ /‬رقية بوحيضر‪ ،‬مقياس االقتصاد النقدي المعمق‪ ،‬السنة الثالثة ليسانس نقدي وبنكي‬ ‫‪2020‬‬

‫✓ ارتفاع األسعار في األسواق غير المالية‪ :‬على مستوى السوق غير المالي يزيد المتعاملين من طلبهم‬
‫على السلع االستهالكية واالستثمارية والمادية وكذا األصول البشرية كالتكوين والتعليم‪ ،‬فزيادة الطلب‬
‫االستهالكي يدفع إلى زيادة االستثمار الغتنام فرص الربح وهو ما يدفع أسعار عوامل اإلنتاج لالرتفاع‬
‫نتيجة زيادة الطلب عليها وهكذا ينتقل تأثير زيادة كمية النقود من سوق آلخر ومن أصل آلخر حتى يعم‬
‫كامل االقتصاد‪.‬‬
‫‪ .3.3.4‬تأثير كمية النقود على اإلنتاج‪ :‬حسب فريدمان فإن تأثير النقود على اإلنتاج يكون معدوما في‬
‫الحالة التي يكون فيها ارتفاع األسعار محصو ار في سوق األوراق المالية‪ ،‬ولكن بانتقاله إلى أسواق السلع‬
‫فإن تأثيرها سوف يكون على األسعار والكميات المنتجة في آن واحد‪ ،‬غير أن فريدمان فرق بين الفترة‬
‫القصيرة والطويلة‪:‬‬
‫أ‪ .‬الفترة القصيرة‪ :‬خالل الفترة القصيرة وتدوم حسب فريدمان من ‪5‬إلى ‪10‬سنوات فأثر التوسع النقدي‬
‫ينصرف إلى زيادة األسعار واإلنتاج معا‪ ،‬ألن ارتفاع األسعار سوف يشجع المنتجين على زيادة إنتاجهم‬
‫ما دامت هناك طاقات معطلة‪ ،‬وأسعار الخدمات اإلنتاجية سوف تتأخر في االرتفاع ألنها مربوطة بعقود‬
‫بين مختلف األطراف‪ ،‬ما يتيح للمنتجين االستفادة من األرباح اإلضافية التي تنتج عن ارتفاع األسعار؛‬
‫ب‪ .‬الفترة الطويلة‪ :‬وهي الفترة التي تذهب إلى عدة عشريات حيث يكون األثر الوحيد لزيادة كمية النقود‬
‫هو زيادة األسعار دون اإلنتاج؛ ألن هذا األخير سوف يكون مرتبط بعوامل حقيقية مثل حجم األسواق‬
‫ومدى استيعابه للمنتجات ومدى تطور التقنية ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫في النهاية ركز فريدمان على توضيح أثر النقود على األسعار بإعطاء تفسير للعالقة بينهما‬
‫دون أن يعطي عالقة ميكانيكة ثابتة بينهما‪ ،‬واألكيد أن النقود لها تأثير على األسعار واإلنتاج‪ ،‬غير أن‬
‫أهم ما يؤخذ على تحليل فريدمان لهذه العالقة هو أنها تتفق مع ما يعيشه االقتصاد األمريكي والمتميز‬
‫بنشاط األسواق المالية ووجود إقبال كبير عليها من قبل المتعاملين سواء الماليين أو غير الماليين‪ ،‬ولكن‬
‫هذا التفسير آللية انتقال التأثير إلى األسعار واإلنتاج عبر األسواق المالية ال يمكن إسقاطه على أغلب‬
‫الدول النامية التي تتميز بضعف ومحدودية أسواقها وقلة اإلقبال عليها من قبل األفراد‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like