You are on page 1of 26

‫كار‬

‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬


‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫اإلِ ْخبَار‬
‫ن أَحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذكَار‬
‫بِجمْلةٍ مِ ْ‬

‫أعده‬
‫خالد بن محمد بن عبد العزيز اليحيا‬

‫اإلبرازة األولى‬
‫رجب‪1441/‬‬

‫‪1‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله نستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فال‬
‫محمدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى‬‫ً‬ ‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال الله‪ ،‬وأشهد أن‬
‫يدا إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫تسليما مز ً‬
‫الله عليه‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪ ،‬وسلم ً‬
‫أحااما كييرًة‪ ،‬مبيوث ً في كتب الفقه وشروح األحاديث واألذكار‬
‫ً‬ ‫أما بعد‪ ،‬فإن لألذكار واألدعي‬
‫والفتاوى‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واإلحاط بجميعها مما يطول‪ ،‬وقد جمعت في هذا المرقوم جمل ً منها‪ ،‬مما يحسن‬
‫توجيه األنظار إليه‪ ،‬أو تاير الحاج إلى معرف حامه‪ ،‬وغالبه مما هو منقول بنصه‪ -‬أو ب ٍ‬
‫تصرف ال‬
‫يخل بالمقصود‪ -‬من كتب أهل العلم‪ .‬وقد جاء بحمد الله في زمرةٍ من المسائل‪.‬‬
‫نافعا‪ ،‬مبارًكا؛ إن ربي غني حميد(‪.)1‬‬
‫خالصا‪ً ،‬‬
‫أسأل الله البر الرحيم الاريم المنان أن يجعله ً‬
‫المسألة األولى‪ :‬بيان المراد بذكر الله تعالى‬
‫قال النووي‪« :‬اعلم أن فضيل الذكر غير منحصرةٍ في التسبيح والتهليل والتحميد والتابير ونحوها‪ ،‬بل‬
‫عامل لله تعالى بطاع ٍ فهو ذاكر لله تعالى‪ ،‬كذا قاله سعيد بن جبير رضي الله عنه وغيره من‬ ‫كل ٍ‬
‫العلماء»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن تيمي ‪« :‬كل ما تالم به اللسان وتصوره القلب مما يقرب إلى الله‪ ،‬من تعلم عل ٍم‪ ،‬وتعليمه‪،‬‬
‫بمعروف ونه ٍي عن منا ٍر‪ ،‬فهو من ذكر الله‪ ،‬ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع بعد أداء‬ ‫ٍ‬ ‫وأم ٍر‬
‫فقها‪ ،‬فهذا أيضا من أفضل‬ ‫مجلسا يتفقه أو يفقه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله ً‬
‫ً‬ ‫الفرائض‪ ،‬أو جلس‬
‫ذكر الله»(‪.)3‬‬
‫وقال ابن حج ٍر‪« :‬المراد بالذكر‪ :‬اإلتيان باأللفاظ التي ورد الترغيب في قولها واإلكيار منها‪ ،‬ميل‬
‫الباقيات الصالحات‪ ،‬وهي سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬وال إله إال الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬وما يلتحق بها من‬
‫الحوقل والبسمل والحسبل واالستغفار‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬والدعاء بخيري الدنيا واآلخرة‪ ،‬ويطلق ذكر الله‬
‫أيضا ويراد به المواظب على العمل بما أوجبه أو ندب إليه‪ ،‬كتالوة القرآن وقراءة الحديث ومدارس العلم‬ ‫ً‬
‫والتنفل بالصالة»(‪.)4‬‬
‫ومما يستدل به لشمول الذكر لما تقدم ما جاء في تفسير قوله تعالى‪{ :‬فَاذْ ُك ُروني أَذْ ُك ْرُك ْم} عن ابن‬

‫اإللاتروني ‪kmy424@gmail.com‬‬ ‫(‪ )1‬كان البدء بعون الله في هذا الاتاب سن ‪ 1441‬وآمل اإلفادة عن أي مالحظ على البريد‬
‫(‪)1‬األذكار (ص‪.)9‬‬
‫(‪)3‬مجموع الفتاوى (‪.)661 /11‬‬
‫(‪)4‬فتح الباري (‪.)119 /11‬‬
‫‪1‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫أذكركم بمغفرتي(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫عباس‪ ،‬وابن جبير‪ :‬اذكروني بطاعتي ْ‬
‫المسألة الثانية‪ :‬بيان أن مجالس العلم مِن أفضل مجالس الذكر‬
‫يع‬ ‫ٍ‬
‫ف يَ ْشتَري َويَب ُ‬
‫س الْ َح َالل َوالْ َحَرام‪َ ،‬كْي َ‬
‫س الذ ْكر ه َي َم َجال ُ‬ ‫اساني‪ ،‬أنه قال‪َ « :‬م َجال ُ‬
‫َع ْن َعطَاء الْ ُخَر َ‬
‫وم‪َ ،‬ويَْنا ُح َويُطَل ُق‪ ،‬ويحج؟ وأشباه هذا»(‪.)1‬‬
‫صُ‬ ‫صلي َويَ ُ‬
‫َويُ َ‬
‫مجالس العلم التي يُذكر فيها تفسير كتاب الله‪ ،‬أو يروى فيها سن‬ ‫رجب‪ :‬من مجالس الذكر‪:‬‬ ‫وقال ابن ٍ‬
‫ُ‬
‫رسول الله ‪ ،‬فإن كانت رواي الحديث مع تفسير معانيه‪ ،‬فذلك أكمل وأفضل من مجرد رواي‬
‫مستنبط من كتاب الله أو سن رسوله ‪ ،‬سواء كان من‬ ‫ٍ‬ ‫كل عل ٍم‬
‫ألفاظه‪ ،‬ويدخل في الفقه في الدين ُ‬
‫علوم اإلسالم التي هي األعمال الظاهرة واألقوال‪ ،‬أو من علوم اإليمان التي هي االعتقادات الباطن ‪ ،‬أو‬
‫من علوم اإلحسان التي هي علوم المراقب والمشاهدة بالقلب‪ ،‬ويدخل في ذلك علم الخشي والمحب‬
‫كل ذلك قد سماه النبي ‪ ‬في حديث سؤال جبرئيل له عنه‪:‬‬ ‫والرجاء واإلناب ‪ ،‬والصبر والرضا‪ ...‬و ُّ‬
‫دينًا‪ ...‬فالفقه فيه من الفقه في الدين‪ ،‬ومجال ُسه من أفضل مجالس الذكر التي هي من رياض الجن ‪،‬‬
‫وهي أفضل من مجالس ذكر اسم الله بالتسبيح والتحميد والتابير؛ ألنها دائرة بين فرض عي ٍن أو فرض‬
‫كفاي ٍ‪ ،‬والذكر المجرد تطوع محض(‪.)3‬‬
‫أيضا‪...« :‬ومما يدل على تفضيل الع ْلم على جميع النوافل‪ ،‬أن الع ْلم يجمع جميع فضائل‬ ‫وقال ً‬
‫األعمال المتفرق ؛ فإن الع ْلم أفضل أنواع الذكر‪ ،‬وهو أيضاً أفضل أنواع الجهاد»(‪.)4‬‬
‫مجالس العلم‪ ،‬وذلك كقول‬ ‫والمقصود أن ما جاء من الفضائل لمجالس الذكر يدخل فيها‪ -‬بال ٍ‬
‫شك‪-‬‬
‫ُ‬
‫النبي ‪( :‬ال يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إال حفتهم المالئا ‪ ،‬وغشيتهم الرحم ‪ ،‬ونزلت عليهم‬
‫الساين ‪ ،‬وذكرهم الله فيمن عنده)(‪.)5‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬بيان أفضل الذكر‬
‫قال ابن القيم‪ :‬قراءة القرآن أفضل من الذكر‪ ،‬والذكر أفضل من الدعاء‪ ،‬هذا من حيث النظر ٍ‬
‫لال منهما‬
‫عدل عنه إلى‬
‫مجردا‪ .‬وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل‪ ،‬بل يعينُه فال يجوز أن يُ َ‬‫ً‬

‫ابن أبي حاتم في تفسيره (‪/1‬‬ ‫ٍ‬ ‫(‪)1‬ذكره عن ابن ٍ‬


‫البغوي في تفسيره (‪ )161 /1‬وابن الجوزي في زاد المسير (‪ )113 /1‬وأسنده عن سعيد‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫عباس‪،‬‬
‫‪.)161‬‬
‫(‪)1‬تاريخ أبي زرع الدمشقي (ص‪)359 :‬‬
‫(‪)3‬مجموع رسائل ابن ٍ‬
‫رجب (‪.)14 /1‬‬
‫(‪)4‬مجموع رسائل ابن ٍ‬
‫رجب (‪.)31 /1‬‬
‫(‪)5‬أخرجه مسلم (‪ )1111‬عن أبي هريرة وأبي ٍ‬
‫سعيد الخدري‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫الفاضل‪ ،‬وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود؛ فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما‪ ،‬بل القراءة فيهما منهي‬
‫عنها نهي تحري ٍم أو كراه ٍ ‪ ،‬وكذلك التسميع والتحميد في محلهما أفضل من القراءة‪ ،‬وكذلك التشهد‪،‬‬
‫وكذلك رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني بين السجدتين أفضل من القراءة‪ ،‬وكذلك الذكر‬
‫عقيب السالم من الصالة‪ ،‬التهليل والتسبيح والتابير والتحميد‪ ،‬أفضل من االشتغال عنه بالقراءة‪،‬‬
‫كالم كفضل‬‫القول كما يقول أفضل من القراءة‪ ،‬وإن كان فضل القرآن على كل ٍ‬ ‫وكذلك إجاب المؤذن و ُ‬
‫الله تعالى على خلقه‪ ،‬لان لال ٍ‬
‫مقام مقال‪ ،‬متى فات مقالُه فيه وعُدل عنه إلى غيره اختلت الحام ‪،‬‬
‫وفُقدت المصلح المطلوب منه‪.‬‬
‫بمحال مخصوص ٍ أفضل من القراءة المطلق ‪ ،‬والقراءة المطلق أفضل من‬ ‫ٍ‬ ‫وهاذا األذكار المقيدة‬
‫األذكار المطلق ‪ ،‬اللهم إال أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن‪ .‬مياله‪:‬‬
‫استغفارا‪ ،‬أو يَعرض له ما يخاف أذاه من شياطين اإلنس‬ ‫ً‬ ‫أن يتفار في ذنوبه فيُحدث ذلك له توب ً و‬
‫فيعدل إلى األذكار والدعوات التي تحصنه وتحوطه‪.‬‬‫والجن‪َ ،‬‬
‫وكذلك أيضاً قد يعرض للعبد حاج ضروري إذا اشتغل عن سؤالها بقراءةٍ أو ذك ٍر لم يحضر قلبه فيها‪،‬‬
‫وخشوعا‬
‫ً‬ ‫تضرعا‬
‫ً‬ ‫وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كلُّه على الله تعالى‪ ،‬وأحدث له‬
‫ابتهاال‪ ،‬فهذا قد ياون اشتغاله بالدعاء والحال هذه أنفع‪ ،‬وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل‬ ‫و ً‬
‫أجرا‪.‬‬
‫وأعظم ً‬
‫رقان بين فضيل الشيء في نفسه وبين فضيلته العارض ‪ ،‬فيُعطى‬ ‫نفس‪ ،‬وفُ ٍ‬
‫وهذا باب نافع يَحتاج إلى فقه ٍ‬
‫شيء موضعه‪.‬‬‫حق حقه‪ ،‬ويوضع كل ٍ‬ ‫كل ذي ٍ‬
‫ُ‬
‫فللعين موضع وللرجل موضع‪ ،‬وللماء موضع‪ ،‬وللحم موضع‪ ،‬وحفظ المراتب هو من تمام الحام التي‬
‫هي نظام األمر والنهي‪ ،‬والله تعالى الموفق‪.‬‬
‫وقت‪ ،‬والتجمير وماء الورد أنفع له في ٍ‬
‫وقت‪.‬‬ ‫وهاذا الصابون واألُشنان أنفع لليوب في ٍ‬
‫يوما‪ُ :‬سئل بعض أهل العلم أيهما أنفع للعبد التسبيح‬ ‫وقلت لشيخ اإلسالم ابن تيمي رحمه الله تعالى ً‬
‫أو االستغفار؟ فقال‪ :‬إذا كان اليوب نقيا فالبخور وماء الورد أنفع له‪ ،‬وإذا كان َدن ًسا فالصابون والماء‬
‫الحار أنفع له‪ .‬فقال لي رحمه الله تعالى‪ :‬فايف واليياب ال تزال َدنس ؟!‬
‫ومن هذا الباب أن سورة‪{ :‬قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن‪ ،‬ومع هذا فال تقوم مقام آيات‬
‫المواريث والطالق والخلع والعدد ونحوها‪ ،‬بل هذه اآليات في وقتها وعند الحاج إليها أنفع من تالوة‬
‫سورة اإلخالص‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫ولما كانت الصالة مشتمل على القراءة والذكر والدعاء‪ ،‬وهي جامع ألجزاء العبودي على أتم الوجوه‪،‬‬
‫كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده؛ لجمعها ذلك كله مع عبودي سائر األعضاء‪.‬‬ ‫كانت أفضل من ٍ‬
‫فهذا أصل نافع جدا يفتح للعبد باب معرف مراتب األعمال وتنزيلها منازلها؛ لئال يشتغل بمفضولها عن‬
‫الفضل الذي بينهما‪ ،‬أو ينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها‪ -‬وإن كان‬‫َ‬ ‫إبليس‬
‫فاضلها فيربح عليه ُ‬
‫أجرا‪.‬‬
‫ذلك وقته‪ -‬فتفوته مصلحته بالالي ؛ لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكير ثوابًا وأعظم ً‬
‫عمل منها حقه‪،‬‬‫وفقه في إعطاء كل ٍ‬ ‫وهذا يحتاج إلى معرف ٍ بمراتب األعمال وتفاوتها ومقاصدها‪ٍ ،‬‬
‫أهم منه‪ ،‬أو تفويت ما هو أولى منه وأفضل؛ إلماان تداركه والعود‬ ‫وتنزيله في مرتبته‪ ،‬وتفويته لما هو ُّ‬
‫إليه‪ ،‬وهذا المفضول إن فات ال يمان تداركه فاالشتغال به أولى‪ ،‬وهذا كترك القراءة لرد السالم‬
‫وتشميت العاطس‪ ،‬وإن كان القرآن أفضل؛ ألنه يمانه االشتغال بهذا المفضول والعود إلى الفاضل‪،‬‬
‫بخالف ما إذا اشتغل بالقراءة فاتته مصلح رد السالم وتشميت العاطس‪ ،‬وهاذا سائر األعمال إذا‬
‫تزاحمت‪ .‬والله تعالى الموفق(‪.)1‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬أهمية حضور القلب أثناء الذكر‬
‫قال النووي‪ :‬المراد من الذكر حضور القلب‪ ،‬فينبغي أن ياون هو مقصود الذاكر فيحرص على‬
‫تحصيله‪ ،‬ويتدبر ما يذكر‪ ،‬ويتعقل معناه‪ ،‬فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في القراءة؛‬
‫الشتراكهما في المعنى المقصود(‪.)1‬‬
‫قول رتب الشارع عليه ما رتب عليه من اليواب‪ ،‬فإنما هو القول التام‪ ،‬كقوله ‪:‬‬ ‫وقال ابن القيم‪ :‬كل ٍ‬
‫يوم مئ مرةٍ‪ُ ،‬حطت خطاياه‪ ،‬ولو كانت ميل زبد البحر)(‪ ،)3‬وليس‬ ‫(من قال‪ :‬سبحان الله وبحمده‪ ،‬في ٍ‬
‫ضا عن تدبرها‪ ،‬ولم‬ ‫هذا مرت بًا على مجرد القول اللساني‪ .‬نعم من قالها بلسانه غاف ًال عن معناها‪ُ ،‬معر ً‬
‫يواطئ قلبُه لسانَه‪ ،‬وال عرف قدرها وحقيقتها‪ ،‬راجيًا مع ذلك ثوابها= َحطت من خطاياه بحسب ما‬
‫في قلبه؛ فإن األعمال ال تتفاضل بصورها وعددها‪ ،‬وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب‪ .‬فتاون صورة‬
‫العملَين واحد ًة‪ ،‬وبينهما في التفاضل كما بين السماء واألرض‪ .‬والرجالن ياون مقامهما في الصف‬ ‫َ‬
‫احدا‪ ،‬وبين صالتيهما كما بين السماء واألرض‪ .‬وتأمل حديث البطاق التي توضع في كف ٍ‪ ،‬ويقابلها‬ ‫و ً‬
‫سجل منها مد البصر‪ ،‬فتيقل البطاق وتطيش السجالت‪ ،‬فال يعذب‪ .‬ومعلوم‬ ‫سجال‪ ،‬كل ٍ‬ ‫تسع وتسعون ً‬

‫(‪)1‬الوابل الصيب (ص‪.)91‬‬


‫(‪)1‬األذكار (ص‪.)11‬‬
‫(‪)3‬أخرجه البخاري (‪ )3193‬ومسلم (‪ )1691‬من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫أن كل موح ٍد له ميل هذه البطاق ‪ ،‬وكيير منهم يدخل النار بذنوبه‪ ،‬ولان السر الذي ثقل بطاق ذلك‬
‫الرجل‪ ،‬وطاشت ألجله السجالت لما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات‪ ،‬انفردت بطاقته باليقل‬
‫والرزان (‪.)1‬‬
‫وقال ابن حج ٍر‪« :‬الذكر يقع تارةً باللسان‪ ،‬ويؤجر عليه الناطق‪ ،‬وال يشترط استحضاره لمعناه‪ ،‬ولان‬
‫الذكر بالقلب‪ ،‬فهو أكمل‪ ،‬فإن انضاف إلى‬
‫يشترط أن ال يقصد به غير معناه‪ ،‬وإن انضاف إلى النطق ُ‬
‫كماال‪ ،‬فإن‬
‫ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائص عنه‪ ،‬ازداد ً‬
‫كماال‪ ،‬فإن صحح التوجه‬ ‫عمل صالح م ما فرض من صالةٍ أو ٍ‬
‫جهاد أو غيرهما‪ ،‬ازداد ً‬ ‫وقع ذلك في ٍ‬
‫وأخلص لله تعالى في ذلك‪ ،‬فهو أبلغ الامال»(‪.)1‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬التلفظ بالذكر شرط في حصول الثواب‬
‫األجر على اإلتيان به من األذكار الواجب أو المستحب في الصالة‬ ‫ٍ‬
‫ال يعتد بشيء مما رتب الشارع َ‬
‫وغيرها حتى يتلفظ به الذاكر‪ ،‬ثم هل يشرط مع هذا إسماعُ نفسه‪ ،‬إذا كان صحيح السمع‪ ،‬ال عارض‬
‫له؟ اختلف العلماء على قولين‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه يشترط العتبار القراءة أن يُسمع القارئ َ‬
‫نفسه‪ ،‬فال تافي حرك اللسان‪ ،‬وهذا قول‬
‫الحنفي والشافعي والحنابل ‪.‬‬
‫ألنه ال يعد آتيا بذلك بدون ٍ‬
‫صوت‪ ،‬والصوت يُسمع‪ ،‬وأقرب السامعين إليه نفسه‪.‬‬ ‫ً‬
‫القول الثاني‪ :‬أنه ال يشترط إسماع النفس‪ ،‬وهو قول المالاي ‪ ،‬واختاره ال َا ْرخي من الحنفي ‪ ،‬وتقي‬
‫الدين من الحنابل ‪.‬‬
‫ألن القراءة فعل اللسان‪ ،‬وذلك بإقام الحروف دون الصماخ؛ وألن السماع فعل السامع‪ ،‬ال القارئ‪.‬‬
‫خروجا من الخالف‪.‬‬
‫وقد نص المالاي على أن إسماع نفسه أولى؛ ً‬
‫وي ن بَّه‪ :‬إلى أن إمرار القراءة على القلب دون تحريك اللسان‪ ،‬ال تافي(‪.)3‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬ألفاظ األذكار توقيفية‬
‫مهما أمان أن يُؤتى بالذكر بلفظه الوارد‪ ،‬فهو األفضل واألكمل‪ ،‬خاص ً ما علم أن الشارع أراد‬
‫ٍ‬
‫مسعود‪ ،‬قال‪ :‬علمني رسول الله ‪-‬‬ ‫المحافظ على لفظه‪ ،‬كاألذان والتشهدات ونحوها‪ ،‬فعن ابن‬

‫(‪)1‬مدارج السالاين (‪.)339 /1‬‬


‫(‪)1‬فتح الباري (‪.)119 /11‬‬
‫(‪)3‬بدائع الصنائع (‪ )161 /1‬المغني (‪ )334 /1‬األذكار (ص‪ )13‬شرح مختصر خليل للخرشي (‪ )169 /1‬الموسوع الفقهي الاويتي (‪.)51 /33‬‬
‫‪6‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫التشهد‪ ،‬كما يعلمني السورة من القرآن(‪ ،)1‬وقال جابر‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬يعلمنا‬ ‫َ‬ ‫وكفي بين كفيه‪-‬‬
‫االستخارة في األمور كلها‪ ،‬كما يعلمنا السورة من القرآن(‪.)1‬‬
‫الدرس له‬
‫تحفظ حروفه وترتيب كلماته ومنع الزيادة والنقص فيه و ْ‬ ‫قال ابن أبي جمرة‪ :‬التشبيه في ُّ‬
‫ويحتمل أن‬
‫ُ‬ ‫والمحافظ عليه‪ ،‬ويَحتمل أن ياون من جه االهتمام به والتحقق لبركته واالحترام له‪،‬‬
‫ياون من جه كون ٍ‬
‫كل منهما عُلم بالوحي(‪.)3‬‬
‫بلغت‪:‬‬
‫عازب ما يقوله عند النوم‪ ،‬قال البراء‪ :‬فرددتها على النبي ‪ ،‬فلما ُ‬‫ولما علم النبي ‪ ‬البراء بن ٍ‬
‫اللهم آمنت باتابك الذي أنزلت‪ ،‬قلت‪ :‬ورسولك الذي أرسلت‪ ،‬قال‪( :‬ال‪ ،‬ونبيك الذي أرسلت)(‪.)4‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬وأولى ما قيل في الحام في رده ‪ ‬على من قال‪« :‬الرسول» بدل‪« :‬النبي» أن‬
‫ألفاظ األذكار توقيفي ‪ ،‬ولها خصائص وأسرار ال يدخلها القياس‪ ،‬فتجب المحافظ على اللفظ الذي‬
‫وردت به‪ ،‬وهذا اختيار المازري‪ ،‬قال‪ :‬فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه‪ ،‬وقد يتعلق الجزاء بتلك‬
‫الحروف‪ ،‬ولعله أُوحي إليه بهذه الالمات فيتعين أداؤها بحروفها(‪.)5‬‬
‫ومن هذا قول أبي بار الصديق لرسول الله ‪ :‬علمني دعاءً أدعو به في صالتي‪ ،‬قال‪( :‬قل‪ :‬اللهم‬
‫فاغفر لي مغفرًة من عندك‪ ،‬وارحمني إنك أنت‬
‫أنت ْ‬ ‫الذنوب إال َ‬
‫َ‬ ‫ظلمت نفسي ظلماً كييراً وال يغفر‬
‫ُ‬ ‫إني‬
‫الغفور الرحيم)(‪ ،)6‬قال ابن حجر‪ :‬فيه استحباب طلب التعليم من العالم‪ ،‬خصوصاً في الدعوات‬
‫امع الالم(‪.)1‬‬‫المطلوب فيها جو ُ‬
‫المسألة السابعة‪ :‬بيان حكم الزيادة على ما ورد‬
‫األَولى المحافظ على الوارد‪ ،‬والزيادةُ األصل فيها الجواز عند الجمهور‪ٍ ،‬‬
‫بقيود‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن ياون صحيح المعنى ال يستلزم نقصا ٍ‬
‫بوجه من الوجوه‪.‬‬ ‫ً‬
‫ومنها‪ :‬أن ال تخلط الزيادة بالوارد؛ فيُظن أنه من جمل المأثور‪ ،‬وهذا القيد قد ياون على سبيل‬
‫األولوي ‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أال ياون مما عُلم أن الشارع أراد المحافظ فيه على اللفظ الوارد‪ ،‬كألفاظ األذان والتشهد‬

‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪ )6165‬ومسلم (‪.)411‬‬


‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪.)6331‬‬
‫(‪)3‬فتح الباري البن حجر (‪.)134/11‬‬
‫(‪)4‬أخرجه البخاري (‪ )141‬ومسلم (‪.)1111‬‬
‫(‪)5‬فتح الباري (‪.)111 /11‬‬
‫(‪)6‬أخرجه البخاري (‪ )334‬ومسلم (‪.)1115‬‬
‫(‪)1‬فتح الباري البن حجر (‪.)311 /1‬‬
‫‪1‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫ونحوهما‪.‬‬
‫غيره فهم العلماء أن المدار فيه على لفظه‪ ،‬فلذا لم يزيدوا فيه‪ ،‬ورأوا أن الزيادة‬
‫التشهد و ُ‬
‫ُ‬ ‫قال ابن عالن‪:‬‬
‫عظيما في االستجاب ‪ ،‬فتوسعوا في‬ ‫أثرا ً‬ ‫فيه خالف األَولى‪ ،‬بخالف القنوت‪ ،‬فإنهم فهموا أن للدعاء ً‬
‫الدعاء فيه(‪.)1‬‬
‫ويدل لجواز الزيادة ما روى نافع‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬أن تلبي رسول الله ‪( :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال‬
‫شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعم لك والملك ال شريك لك) قال‪ :‬وكان ابن عمر‪« :‬لبيك لبيك‪،‬‬
‫وسعديك‪ ،‬والخير بيديك‪ ،‬لبيك والرغباء إليك والعمل»(‪.)1‬‬
‫قال ابن قدام ‪ :‬وهذا يدل على أنه ال بأس بالزيادة‪ ،‬وال تستحب؛ ألن النبي ‪ ‬لزم تلبيته فاررها‪ ،‬ولم‬
‫يزد(‪.)3‬‬
‫وقال القاضي أبو يعلى‪ :‬احتج من استحب الزيادة على تلبي النبي ‪ ‬بأنه ذكر يُقصد به تحميد الله‪،‬‬
‫واليناء عليه‪ ،‬فال تاره الزيادة عليه بعد استيفائه‪ ،‬كالتشهد‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬أنا ال ناره الزيادة على ذلك إذا أوردها على وجه الذكر لله والتعظيم له‪ ،‬ال على أنها متصل‬
‫بالتلبي ‪ ،‬وكذلك الزيادة على التشهد‪ ،‬ما يذكره من الدعاء بعده‪ ،‬ليس بزيادةٍ فيه(‪.)4‬‬
‫أحد في قول ما جاء عن‬ ‫وقال ابن حج ٍر‪ :‬حاى البيهقي في المعرف ‪ ،‬عن الشافعي قال‪ :‬وال ضيق على ٍ‬
‫ابن عمر وغيره من تعظيم الله ودعائه‪ ،‬غير أن االختيار عندي أن يُفرد ما روي عن النبي ‪ ‬في ذلك‪.‬‬
‫قول ما جاء موقوفًا‪ ،‬أو أنشأه هو من قبل‬ ‫مرفوعا‪ ،‬وإذا اختار َ‬
‫انتهى‪ ،‬وهذا أعدل الوجوه فيُفرد ما جاء ً‬
‫نفسه مما يليق‪ ،‬قالَه على انفراده؛ حتى ال يختلط بالمرفوع‪ ،‬وهو شبيه بحال الدعاء في التشهد؛ فإنه‬
‫قال فيه‪( :‬ثم ليتخير من المسأل ما شاء) أي بعد أن يفرغ من المرفوع(‪.)5‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬مراعاة العدد المخصوص في األذكار‬
‫خمسا‬
‫ً‬ ‫قال الحافظ ابن حجر بعد ذكره للحديث الذي ورد فيه تارار التسبيح والتحميد والتابيرة‬
‫وعشرين مرًة‪ :‬استُنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في األذكار معتبرة‪ ،‬وإال لاان يمان أن‬
‫يقال‪ :‬لهم أضيفوا لها التهليل ثالثًا وثالثين‪ ،‬وقد كان بعض العلماء يقول‪ :‬إن األعداد الواردة‪ ،‬كالذكر‬

‫(‪)1‬الفتوحات الرباني (‪ )119 /5‬الموسوع الفقهي الاويتي (‪.)141 /11‬‬


‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪.)1134‬‬
‫(‪)3‬المغني (‪.)111 /3‬‬
‫(‪)4‬التعليق الابيرة في مسائل الخالف (‪.)131 /1‬‬
‫(‪)5‬فتح الباري (‪.)411 /3‬‬
‫‪3‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫عقب الصلوات إذا ُرتب عليها ثواب مخصوص‪ ،‬فزاد اآلتي بها على العدد المذكور ال يحصل له ذلك‬
‫اليواب المخصوص؛ الحتمال أن ياون لتلك األعداد حام وخاصي تفوت بمجاوزة ذلك العدد‪ .‬قال‬
‫شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي‪ :‬وفيه نظر؛ ألنه أتى بالمقدار الذي ُرتب اليواب على‬
‫اإلتيان به فحصل له اليواب بذلك‪ ،‬فإذا زاد عليه من جنسه كيف تاون الزيادة مزيل لذلك اليواب بعد‬
‫حصوله؟ اه ويمان أن يفترق الحال فيه بالني ‪ ،‬فإن نوى عند االنتهاء إليه امتيال األمر الوارد‪ ،‬ثم أتى‬
‫بالزيادة فاألمر كما قال شيخنا ال محال ‪ ،‬وإن زاد بغير ني ٍ‪ ،‬بأن ياون اليواب ُرتب على عشرةٍ ً‬
‫ميال‪،‬‬
‫فرتبه هو على مائ ٍ‪ ،‬فيتجه القول الماضي‪.‬‬
‫شرعا؛ ألن‬
‫وقد بالغ القرافي في القواعد فقال‪ :‬من البدع الماروه الزيادة في المندوبات المحدودة ً‬
‫شأن العظماء إذا حدوا شيئًا أن يُوقَف عنده‪ ،‬ويُعد الخارج عنه مسيئًا لألدب اه ‪ .‬وقد ميله بعض‬
‫ميال فيه أوقي ُسا ٍر‪ ،‬فلو زيد فيه أوقي أخرى‪ ،‬لتخلف االنتفاع به‪ ،‬فلو اقتصر‬
‫العلماء بالدواء ياون ً‬
‫السار بعد ذلك ما شاء‪ ،‬لم يتخلف االنتفاع‪ ،‬ويؤيد ذلك أن‬ ‫على األوقي في الدواء ثم استعمل من ُّ‬
‫األذكار المتغايرة إذا ورد لال منها عدد مخصوص مع طلب اإلتيان بجميعها متوالي ‪ ،‬لم تحسن الزيادة‬
‫على العدد المخصوص؛ لما في ذلك من قطع المواالة؛ الحتمال أن ياون للمواالة في ذلك حام‬
‫خاص تفوت بفواتها‪ ،‬والله أعلم(‪.)1‬‬
‫مفلح‪ :‬ويتوجه أنه‪ ،‬حيث ذُكر العدد في ذلك‪ ،‬فإنما قُصد أن ال ينقص منه‪ ،‬أما الزيادة فال‬ ‫وقال ابن ٍ‬
‫قصد؛ ألن الذكر مشروع في الجمل ‪ ،‬فهو يشبه المقدر في الزكاة إذ زاد‬ ‫تضر‪ ،‬ال سيما عند غير ٍ‬
‫عليه(‪.)1‬‬
‫وقال النووي‪ :‬قوله ‪ ‬فيمن قال في ٍ‬
‫يوم‪( :‬ال إله إال الله وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو‬
‫على كل شيء قدير مائ مرة لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إال أحد عمل أكير من ذلك) هذا فيه‬
‫دليل على أنه لو قال هذا التهليل أكير من مائ مرة في اليوم‪ ،‬كان له هذا األجر المذكور في الحديث‬
‫على المائ ‪ ،‬وياون له ثواب آخر على الزيادة‪ ،‬وليس هذا من الحدود التي نُهي عن اعتدائها ومجاوزة‬
‫أعدادها‪ ،‬وأن زيادتها ال فضل فيها أو تبطلها كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصالة‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن ياون المراد الزيادة من أعمال الخير ال من نفس التهليل‪ ،‬ويحتمل أن ياون المراد مطلق الزيادة‬

‫(‪)1‬فتح الباري البن حجر (‪ )331 /1‬وانظر‪ :‬تسهيل الفقه (‪ )333/1‬منح العالم (‪.)413/11‬‬
‫(‪)1‬الفروع (‪.)131 /1‬‬
‫‪9‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره‪ ،‬وهذا االحتمال أظهر‪ ،‬والله أعلم(‪.)1‬‬
‫وميله قوله ‪( :‬من قال حين يصبح وحين يمسي‪ :‬سبحان الله وبحمده‪ ،‬مئ مرةٍ لم يأت أحد يوم‬
‫القيام بأفضل مما جاء به‪ ،‬إال أحد قال ميل ما قال أو زاد عليه)(‪.)1‬‬
‫والخالصة‪ :‬أن الذكر نوعان‪ :‬مطلق ومقيد‪ ،‬فالمطلق ليس له عدد محدد‪ ،‬بل يذكر اإلنسان ربه قدر‬
‫استطاعته‪.‬‬
‫وأما المقيد‪ ،‬فيقال‪ :‬إن حصول العدد شرط للفضل الخاص‪ ،‬والزيادة‪ ،‬ال تخلو من حالين‪:‬‬
‫المتقدمين‪ -‬فال بأس من الزيادة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أحدهما‪ :‬ما أذن الشرع به‪ -‬كما في الحدييَين‬
‫الثاني‪ :‬ما ُسات عنه‪ ،‬فله أن يزيد بعد أن ينوي االنتهاء إلى العدد الوارد(‪ ،)3‬مع مراعاة ما نبه عليه‬
‫الحافظ ابن حج ٍر‪ ،‬من عدم فوت ما طُلب فيه المواالة‪.‬‬
‫ومياله‪ :‬أنه يسن عند النوم أن يسبح ثالثًا وثالثين‪ ،‬ويحمد ثالثًا وثالثين‪ ،‬ويابر أر ًبعا وثالثين‪ ،‬وله أن‬
‫يزيد بعد أن ينوي االنتهاء إلى العدد الوارد‪ ،‬ولو أتى به بعد الصالة الماتوب ‪ ،‬لم تحسن الزيادة؛ إذا‬
‫تفوت المواالةُ المطلوب ‪.‬‬
‫كان بقي عليه شيء من أذكار ما بعد الصالة‪ ،‬كآي الارسي؛ لئال َ‬
‫المسألة التاسعة‪ :‬يجوز الذِِّكر لمن كان محدثًا واألفضل أن يكون متطهرًا‬
‫أيضا‪ ،‬قال‬
‫الح َدثين‪ ،‬وطهارة الفم ً‬
‫األفضل أن ياون الذاكر في أكمل األحوال‪ ،‬من الطهارة من َ‬
‫الشوكاني‪ :‬الذكر عبادة باللسان‪ ،‬فتنظيف الفم عند ذلك أدب حسن؛ ولهذا جاءت السن المتواترة‬
‫بمشروعي السواك للصالة‪ ،‬والعل في ذلك تنظيف المحل الذي ياون الذكر به في الصالة‪ ،‬وقد صح‬
‫أنه ‪ ‬لما سلم عليه بعض الصحاب تيمم من جدار الحائط ثم رد عليه(‪ ،)4‬وإذا كان هذا في مجرد رد‬
‫السالم‪ ،‬فايف بذكر الله سبحانه؟ فإنه أولى بذلك(‪.)5‬اه ‪.‬‬
‫نفذ‪ ،‬أنه أتى النبي ‪ ‬وهو يبول‪ ،‬فسلم عليه‪ ،‬فلم يرد عليه حتى توضأ‪ ،‬ثم اعتذر‬ ‫وعن المهاجر بن قُ ٍ‬
‫إليه‪ ،‬فقال‪( :‬إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إال على طُه ٍر)(‪.)6‬‬
‫عازب‪( :‬إذا أتيت مضجعك‪ ،‬فتوضأ وضوءك للصالة‪ ،‬ثم اضطجع على شقك‬ ‫وقال النبي ‪ ‬للبراء بن ٍ‬

‫(‪)1‬شرح النووي على مسلم (‪.)11 /11‬‬


‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪.)1691‬‬
‫(‪)3‬وينظر‪ :‬نتاج الفار في أحاام الذكر (ص‪.)61‬‬
‫(‪)4‬أخرجه البخاري (‪ )331‬عن أبي جهيم بن الحارث بن الصم األنصاري ‪.‬‬
‫(‪)5‬تحف الذاكرين (ص‪.)53‬‬
‫(‪)6‬أخرجه أبو داود (‪ )11‬وصححه النووي في األذكار (ص‪.)16‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫األيمن)(‪)1‬؛ ومما قيل في حام أمره ‪ ‬بالوضوء في هذا الموطن‪ :‬أن تقال األذكار التي عند النوم‬
‫على أكمل األحوال من الطهارة الشرعي (‪.)1‬‬
‫ومما يندب للمؤمن استحباب دوام الطهارة‪ ،‬قال العراقي‪ :‬في حديث ٍ‬
‫بالل(‪ )3‬استحباب دوام الطهارة‪،‬‬
‫وأنه يستحب الوضوء عقب الحدث‪ ،‬وإن لم يان وقت صالةٍ ولم يرد الصالة‪ ،‬وهو المراد بقوله ‪:‬‬
‫(وال يحافظ على الوضوء إال مؤمن)(‪ )4‬فالظاهر أن المراد منه دوام الوضوء‪ ،‬ال الوضوء الواجب فقط‬
‫عند الصالة(‪.)5‬‬
‫اعا‪ ،‬قال النووي‪ :‬في قول عائش رضي الله عنها‪« :‬كان‬ ‫أما ذكر الله لمن كان محدثًا‪ ،‬فهو جائز إجم ً‬
‫النبي ‪ ‬يذكر الله تعالى على كل أحيانه»(‪ ،)6‬هذا الحديث أصل في جواز ذكر الله تعالى بالتسبيح‬
‫والتهليل والتابير والتحميد وشبهها من األذكار‪ ،‬في حال الجناب والحدث‪ ،‬وهذا جائز بإجماع‬
‫المسلمين‪ ،‬وإنما اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض(‪.)1‬‬
‫المسألة العاشرة‪ :‬استقبال القبلة عند الذِّكر‬
‫يندب للمؤمن اإلكيار من ذكر الله تعالى‪ ،‬ولو غير مستقبل القبل ‪ ،‬وإن تيسر له استقبالها‪ ،‬فحسن‪،‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمي ‪« :‬يستحب لال ذاك ٍر لله ٍ‬
‫وداع أن يستقبل القبل » اه (‪)3‬؛ وذلك ألنها‬
‫الجه التي يتوجه إليها العابدون والداعون والمتقربون لربهم جل وعال(‪ ،)9‬ولما أراد النبي ‪ ‬أن يدعو‬
‫يوم بد ٍر(‪ ،)11‬وقد ورد ما يرغب في ذلك‬ ‫(‪)11‬‬
‫في االستسقاء استقبل القبل ‪ ،‬واستقبل ‪ ‬القبل في دعائه َ‬
‫سيدا‪ ،‬وإن سيد المجالس‬ ‫ٍ‬
‫على العموم‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪( :‬إن لال شيء ً‬
‫قبال القبل )(‪.)11‬‬

‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪ )141‬ومسلم (‪.)1111‬‬


‫(‪)1‬الفتوحات الرباني (‪.)141 /3‬‬
‫ال النبي ‪( :‬ب َه َذا) أخرجه أحمد (‪ )11996‬وصححه الترمذي (‪)3639‬‬‫ت َرْك َعتَ ْين‪ ،‬فَ َق َ‬
‫صلْي ُ‬ ‫ْت إال تَ َوضأْ ُ‬
‫ت َو َ‬ ‫َح َدث ُ‬
‫ال‪َ :‬ما أ ْ‬
‫(‪()3‬ب َم َسبَ ْقتَني إلَى الْ َجن ؟) قَ َ‬
‫وابن حبان (‪ )1136‬عن بريدة األسلمي ‪.‬‬
‫(‪)4‬أخرجه أحمد (‪ )11433‬عن ثوبان ‪ ،‬وصححه ابن عبد الهادي وابن حج ٍر‪ .‬تنقيح التحقيق (‪ )135 /4‬فتح الباري (‪.)113 /4‬‬
‫(‪)5‬طرح التيريب (‪.)59 /1‬‬
‫(‪)6‬أخرجه مسلم (‪.)313‬‬
‫(‪)1‬شرح النووي على مسلم (‪.)63 /4‬‬
‫(‪)3‬بيان تلبيس الجهمي (‪.)519 /4‬‬
‫(‪)9‬تحف الذاكرين (ص‪.)51‬‬
‫(‪)11‬أخرجه البخاري (‪ )1113‬مسلم (‪.)394‬‬
‫(‪)11‬أخرجه مسلم (‪.)1163‬‬
‫(‪)11‬أخرجه الطبراني في األوسط (‪ )1354‬وقال المنذري والهييمي واأللباني‪ :‬إسناده حسن‪ .‬الترغيب والترهيب (‪ )19 /4‬مجمع الزوائد (‪)59 /3‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫وقال ابن مفلح عن استقبال القبل ‪ :‬هو متجه في كل طاع ٍ إال ٍ‬


‫لدليل(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫وناسك؛ كالوقوف بعرف‬ ‫وقال في شرح الوجيز‪ :‬واستقبال القبل مستحب لال ذاك ٍر وقار ٍئ ومسب ٍح‬
‫ومزدلف ومنى‪ ...‬وهذا بخالف الخطب ؛ فإنها خطاب للحاضرين‪ ،‬وكذلك إقراء القرآن وتدريس‬
‫الحديث والفقه‪ ،‬فالسن فيه استقبال المستمعين له؛ ولذلك استُحب في الحيعلتين االلتفات إلى‬
‫آلدمي‪ ،‬بخالف سائر كلمات األذان(‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫المخاطبين؛ ألنه خطاب‬
‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬يجوز عد الذكر بالمسبحة واألفضل كونه باألصابع‬
‫جاء في فتاوى اللجن الدائم ‪ :‬استعمال المسبح لعد التسبيح جائز إذا لم يُعتقد فيها فضل‪ ،‬أو تتخذ‬
‫شعارا‪ ،‬والتسبيح باألصابع أفضل؛ لفعل النبي ‪ ،‬وألن األصابع مستَشهدة ومستَنطَق يوم القيام (‪.)3‬‬
‫ً‬
‫(‪)4‬‬
‫وميل المسبح خاتم التسبيح ونحوه ‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمي ‪ :‬التسبيح بالمسابح من الناس من كرهه‪ ،‬ومنهم من رخص فيه‪ ،‬لان لم‬
‫يقل أحد‪ :‬إن التسبيح به أفضل من التسبيح باألصابع وغيرها(‪.)5‬‬
‫المسألة الثانية عشرة‪ :‬وقت أذكار الصباح والمساء‬
‫ومال علي‬
‫اختُلف في وقت بداي أذكار الصباح والمساء‪ ،‬وقد اختار ابن الجزري وابن حجر الهيتمي ُ‬
‫قاري أن أذكار الصباح تبدأ من طلوع الفجر‪ ،‬وأذكار المساء تبدأ من غروب الشمس(‪.)6‬‬
‫جاء في الفتوحات الرباني ‪ :‬قال ابن حج ٍر في شرح المشااة‪ :‬الظاهر أن المراد في األحاديث بالمساء‬
‫أوائل الليل‪ ،‬وبالصباح أوائل النهار(‪.)1‬‬
‫قول النبي ‪ ‬في حديث سيد االستغفار‪( :‬من قالها من النهار موقنًا بها‪ ،‬فمات من‬ ‫ومن أدل ذلك ُ‬
‫يومه قبل أن يمسي‪ ،‬فهو من أهل الجن ‪ ،‬ومن قالها من الليل وهو موقن بها‪ ،‬فمات قبل أن يصبح‪،‬‬
‫فهو من أهل الجن )‪ .‬أخرجه البخاري(‪ ،)3‬وفي رواي ٍ‪( :‬إذا قال حين يمسي فمات دخل الجن ‪ ،‬وإذا قال‬

‫الصحيح (‪.)311 /6‬‬


‫(‪)1‬الفروع (‪.)135 /1‬‬
‫(‪)1‬فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (‪.)541 /1‬‬
‫(‪)3‬فتاوى اللجن الدائم ‪.)115 /1( 1-‬‬
‫(‪ )4‬تسهيل الفقه (‪.)393/1‬‬
‫(‪)5‬مجموع الفتاوى (‪.)131 /11‬‬
‫(‪)6‬تحف الذاكرين (ص‪ )95‬الحرز اليمين (‪.)411/1‬‬
‫(‪)1‬الفتوحات الرباني (‪.)13 /3‬‬
‫(‪)3‬صحيح البخاري (‪.)6316‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫حين يصبح فمات من يومه ميلَه) فإحدى الروايتين تفسر األخرى وتبين المراد من الصبح والمساء‪.‬‬
‫لان من نسي قول األذكار في أوائل وقتها أو ُشغل عنها‪ ،‬أتى بها بعد ذلك‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن من األذكار ما هو مطلق‪ ،‬كقول النبي ‪( :‬من قال‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬له‬
‫قاب‪ ،‬وُكتبت له‬ ‫شيء قدير‪ ،‬في ٍ‬
‫يوم مئ مرةٍ‪ ،‬كانت له َع ْد َل عشر ر ٍ‬ ‫الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل ٍ‬
‫ومحيت عنه مئ سيئ ٍ‪ ،‬وكانت له ح ًرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي‪ ،‬ولم يأت أحد‬ ‫ٍ‬
‫مئ حسن ‪ُ ،‬‬
‫بأفضل مما جاء به إال أحد عمل أكير من ذلك‪ ،‬ومن قال‪ :‬سبحان الله وبحمده‪ ،‬في ٍ‬
‫يوم مئ مرةٍ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ليل أو نها ٍر‪.‬‬
‫وقت من ٍ‬ ‫حطت خطاياه ولو كانت ميل زبد البحر) ‪ ،‬فلذاكر أن يقوله في أي ٍ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫ُ‬
‫ليال‪ ،‬كقول النبي ‪( :‬اآليتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليل ٍ كفتاه)(‪،)1‬‬
‫ومنها ما يندب قولُه ً‬
‫وقت من الليل‪.‬‬‫والليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر‪ ،‬فلإلنسان أن يقوله في أي ٍ‬
‫المسألة الثالثة عشرة‪ :‬حكم قضاء الذكر إذا فات‬
‫ليل أو نها ٍر‪ ،‬أو عقب صالةٍ أو حال ٍ من‬
‫وقت من ٍ‬‫قال النووي‪ :‬ينبغي لمن كان له وظيف من الذكر في ٍ‬
‫األحوال ففاتته‪ ،‬أن يتداركها ويأتي بها إذا تمان منها وال يهملها؛ فإنه إذا اعتاد المالزم عليها‪ ،‬لم‬
‫سهل عليه تضييعها في وقتها‪ ،‬وقد ثبت في صحيح‬ ‫يعرضها للتفويت‪ ،‬وإذا تساهل في قضائها‪ُ ،‬‬
‫مسلم(‪ ،)3‬عن عمر بن الخطاب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪( ‬من نام عن حزبه أو عن ٍ‬
‫شيء منه فقرأه‬ ‫ْ‬
‫ما بين صالة الفجر وصالة الظهر‪ُ ،‬كتب له كأنما قرأه من الليل)(‪.)4‬‬
‫قال ابن عالن‪ :‬والمراد باألحوال‪ :‬األحوال المتعلق باألوقات‪ ،‬ال المتعلق باألسباب‪ ،‬كالذكر عند رؤي‬
‫الهالل وسماع الرعد ونحو ذلك‪ ،‬فال يندب تداركه عند فوات سببه‪ ،‬وهذا وإن لم أر من ذكره‪ ،‬فقد‬
‫صرح الفقهاء بما يؤخذ منه ذلك وهو قولهم‪ :‬الصالة ذات السبب كالتحي ال يندب قضاؤها عند فوات‬
‫سببها‪ ،‬بخالف ذات الوقت(‪.)5‬‬
‫المسألة الرابعة عشرة‪ :‬إذا ثبت في الموطن الواحد عدة أذكارٍ‪ ،‬فهل يأتي‬
‫بها كلها‪ ،‬أو يقتصر على واحدٍ؟‬
‫وذلك ميل االستفتاح في الصالة وأذكار النوم والصباح والمساء وما بعد األكل وما بعد الوضوء‪.‬‬

‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪ )3193‬ومسلم (‪ )1691‬عن أبي هريرة ‪.‬‬


‫ٍ‬
‫مسعود األنصاري ‪.‬‬ ‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪ )4113‬ومسلم (‪ )311‬من حديث أبي‬
‫(‪)3‬صحيح مسلم (‪.)141‬‬
‫(‪)4‬األذكار للنووي (ص‪.)13‬‬
‫(‪)5‬الفتوحات الرباني (‪.)149 /1‬‬
‫‪13‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫أقسام ثالث ٍ‪:‬‬


‫هذا‪ -‬والله أعلم‪ -‬على ٍ‬
‫األول‪ :‬ما يدل ظاهر السن على إفراده‪ ،‬وأنه ال يُجمع فيه بين أكير من ذك ٍر‪ ،‬فيُقتصر فيه على ذك ٍر‬
‫بنوع آخر‪ ،‬وذلك كاالستفتاح في الصالة‪،‬‬ ‫بنوع‪ ،‬ومرًة ٍ‬ ‫و ٍ‬
‫احد‪ ،‬واألكمل التنويع بين الوارد‪ ،‬فيأتي مرًة ٍ‬
‫والتشهد‪ ،‬والصالة اإلبراهيمي ‪ ،‬والتسبيح بعد الصلوات‪ ،‬فإنه ال يجمع بين التسبيح والتحميد والتابير‬
‫ميال‪.‬‬
‫خمسا وعشرين‪ً ،‬‬
‫ثالثًا وثالثين مع التسبيح والتحميد والتهليل والتابير ً‬
‫الثاني‪ :‬ما يدل ظاهر السن على جمعه واإلتيان فيه بالوارد كله‪ ،‬والموطن قابل للجمع؛ فيؤتى بها كلها‪،‬‬
‫وذلك كأذكار النوم والصبح والمساء‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما بين هذين القسمين‪ ،‬وذلك كالوارد بعد الوضوء(‪ ،)1‬وبعد األكل‪ ،‬وعند الخروج من المنزل‪،‬‬
‫وعند دخول المسجد‪ ،‬فمحل ٍ‬
‫تأمل‪ ،‬ولعل األقرب‪ :‬أن له الجمع(‪.)1‬‬
‫ومما له صل بهذه المسأل المسأل ُ اآلتي ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫المسألة الخامسة عشرة‪ :‬هل يجمع في السجود والركوع جميع ما جاء عنه ‪‬‬
‫من أذكار؟‬
‫قال النووي‪« :‬اعلم أنه يستحب أن يجمع في سجوده جميع ما ذكرناه»(‪ ،)3‬قال ابن حج ٍر‪ :‬لم َأر ذلك‬
‫حديث‪ ،‬ولعله أخذه من األحاديث المصرح بأنه ‪ ‬أطال السجود‪ ،‬ولم يان يطيله إال‬ ‫ٍ‬ ‫يحا في‬
‫صر ً‬
‫بذك ٍر‪ ،‬فاحتُمل أنه يارر‪ ،‬واحتُمل أنه يجمع‪ ،‬والياني أقرب(‪)4‬اه ‪.‬‬
‫ويؤيد أنه يارر أن الصحاب الذين نقلوا ما كان يقوله النبي ‪ ‬في ركوعه وسجوده لم ينقلوا أنه جمع‬
‫بين أكير من ذك ٍر‪ ،‬ولان يدل لجواز الجمع‪:‬‬
‫قول النبي ‪( :‬فأما الركوع فعظموا فيه الرب‪ ،‬وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء‪ ،‬ف َقمن أن يُستجاب‬ ‫‪ُ -‬‬
‫لام)(‪.)5‬‬
‫‪-‬وقولُه ‪( :‬أقرب ما ياون العبد من ربه وهو ساجد‪ ،‬فأكيروا الدعاء)(‪.)6‬‬

‫(‪)1‬صرح الطيبي بأنه ينبغي للمتوضئ أن يجمع ما ورد من األذكار بعد الوضوء‪ .‬الااشف عن حقائق السنن (‪.)143 /3‬‬
‫(‪)1‬ينظر‪ :‬التعليق على كتاب الدعوات من صحيح البخاري‪ ،‬البن عييمين‪ ،‬بواسط كتاب نتاج الفار‪ ،‬للشيخ عبد الله بن مانع (ص‪ )13‬تسهيل الفقه‬
‫(‪.)116/1‬‬
‫(‪)3‬األذكار (ص‪.)56‬‬
‫(‪)4‬نتائج األفاار (‪.)111 /1‬‬
‫(‪)5‬أخرجه مسلم (‪.)419‬‬
‫(‪)6‬أخرجه مسلم (‪.)431‬‬
‫‪14‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫علي ‪« :‬إذا ركع أحدكم فليقل‪ :‬اللهم لك ركعت‪ ،‬ولك خشعت‪ ،‬وبك آمنت‪ ،‬وعليك‬ ‫‪-‬وقو ُل ٍ‬
‫توكلت‪ ،‬سبحان ربي العظيم‪ -‬ثالثًا‪ -‬وإذا سجد قال‪ :‬سبحان ربي األعلى‪ -‬ثالثًا‪ -‬فإن عجل به أمر‬
‫فقال‪ :‬سبحان ربي العظيم وترك ذلك‪ ،‬أجزأه»(‪.)1‬‬
‫المسألة السادسة عشرة‪ :‬التنويع بين األذكار التي ال تجمع في موطنٍ واحدٍ‪،‬‬
‫كالتشهدات‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمي رحمه الله‪ :‬وقاعدتنا في هذا الباب أصح القواعد أن جميع صفات‬
‫أثرا يصح التمسك به‪ ،‬لم ياره شيء من ذلك‪ ،‬بل يشرع‬ ‫العبادات من األقوال واألفعال إذا كانت مأثورة ً‬
‫ذلك كله‪ ،‬كما قلنا في أنواع صالة الخوف‪ ،‬وفي نوعي األذان‪ :‬الترجيع وتركه‪ ،‬ونوعي اإلقام ‪ :‬شفعها‬
‫وإفرادها‪ ،‬وكما قلنا في أنواع التشهدات‪ ،‬وأنواع االستفتاحات‪ ،‬وأنواع االستعاذات‪ ،‬وأنواع القراءات‪،‬‬
‫وأنواع تابيرات العيد الزوائد‪ ،‬وأنواع صالة الجنازة‪ ،‬وسجود السهو‪ ،‬والقنوت قبل الركوع وبعده‪،‬‬
‫ضل على ٍ‬
‫بعض‬ ‫والتحميد بإثبات الواو وحذفها‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬لان قد يستحب بعض هذه المأثورات ويَ ْف ُ‬
‫إذا قام دليل يوجب التفضيل‪ ،‬وال ياره اآلخر‪.‬‬
‫ومعلوم أنه ال يمان المالف أن يجمع في العبادة المتنوع بين النوعين في الوقت الواحد‪ ،‬ال يمانه‬
‫معا‪ ،‬وإن فعل ذلك مرتين‪ ،‬كان ذلك‬ ‫ٍ‬
‫معا‪ ،‬وال بصالتي خوف ً‬‫معا‪ ،‬وال بقراءتين ً‬
‫أن يأتي بتشهدين ً‬
‫منهيًا عنه‪ ،‬فالجمع بين هذه األنواع محرم تارةً‪ ،‬وماروه أخرى‪.‬‬
‫وال تنظر إلى من قد يستحب الجمع في بعض ذلك‪ ،‬ميل ما رأيت بعضهم قد لفق ألفاظ الصلوات‬
‫على النبي ‪ ‬المأثورة عن النبي ‪ ،‬واستحب فعل ذلك الدعاء الملفق‪ ،‬وقال في حديث أبي با ٍر‬
‫الصديق لما قال للنبي ‪ ‬علمني دعاءً أدعو به في صالتي فقال‪( :‬قل‪ :‬اللهم إني ظلمت نفسي ظل ًما‬
‫كبيرا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كييرا ً‬
‫كييرا‪ )...-‬فقال‪ :‬يستحب أن يقول‪ً :‬‬ ‫كبيرا‪ -‬وفي رواي ‪ً :‬‬
‫ً‬
‫وهذا ضعيف؛ لوجوهٍ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جميعا‪ ،‬وإنما كان‬
‫جميعه ً‬‫األول‪ :‬أنه ليس بسن ‪ ،‬بل خالف المسنون؛ فإن النبي ‪ ‬لم يقل ذلك َ‬
‫يقول هذا تارًة وهذا تارةً‪ ،‬إن كان األمران ثابتين عنه‪.‬‬
‫ميل جمع حروف القراء كلهم‪ -‬ال على‬‫الثاني‪ :‬أن جمع ألفاظ الدعاء والذكر الواحد على وجه التعبد ُ‬
‫سبيل الدرس والحفظ‪ -‬على سبيل التالوة والتدبر مع تنوع المعاني‪ ،‬ميل أن يقرأ في الصالة‪{ :‬ربنا‬
‫باعد بين أسفارنا} {بعد بين أسفارنا} ومعلوم أن هذا بدع ماروه قبيح ‪.‬‬

‫(‪)1‬أخرجه ابن أبي شيب (‪ )1563‬قال في تسهيل الفقه (‪ :)193/1‬سنده حسن‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫تشهدا من التشهدات المأثورة‪ ،‬فجمع بين حديث‬ ‫الثالث‪ :‬أن األذكار المشروع ً‬
‫أيضا لو لفق الرجل له ً‬
‫ابن مسعود‪ ،‬وبين زاكيات تشهد عمر‪ ،‬ومباركات ابن ٍ‬
‫عباس‪ ،‬بحيث يقول‪ :‬التحيات لله والصلوات‬
‫والطيبات والمباركات والزاكيات‪ ،‬لم يشرع له ذلك ولم يستحب‪ ،‬فغيره أولى بعدم االستحباب‪.‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬أما الجمع في صلوات الخوف أو التشهدات أو اإلقام أو نحو ذلك بين نوعين‪ ،‬فمنهي‬
‫عنه باتفاق المسلمين‪.‬‬
‫نوع و ٍ‬
‫احد من ذلك أو أن يفعل هذا تارةً وهذا تارًة؟ فإن‬ ‫أيضا‪ :‬أيما أفضل لإلنسان المداوم على ٍ‬ ‫وقال ً‬
‫نوع عاد ًة ومراعاةً‬
‫معتقدا أنه أفضل‪ ،‬أو يداوم على ٍ‬
‫مختارا له‪ ،‬أو ً‬
‫ً‬ ‫نوع من ذلك‬‫من الناس من يداوم على ٍ‬
‫لعادة أصحابه وأهل طريقته‪ ،‬ال العتقاد الفضل‪.‬‬
‫نوع معي ٍن لم يداوم عليه‬
‫والصواب أن يقال‪ :‬التنوع في ذلك متابع ً للنبي ‪ ‬أفضل من المداوم على ٍ‬
‫النبي ‪ ‬لوجوهٍ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن هذا هو اتباع السن والشريع ؛ فإن النبي ‪ ‬إذا كان قد فعل هذا تارًة وهذا تارًة ولم يداوم‬
‫على أحدهما‪ ،‬كان موافقته في ذلك هو التأسي واالتباع المشروع‪ ،‬وهو أن يفعل ما فعل على الوجه‬
‫الذي فعل‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ذلك يوجب اجتماع قلوب األم وائتالفها وزوال كيرة التفرق واالختالف واألهواء بينها‪،‬‬
‫وهذه مصلح عظيم ‪ ،‬ودفع مفسدة عظيم ‪ ،‬نَ َدب الاتاب والسن إلى جلب هذه‪ ،‬ودرء هذه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن ذلك يخرج الجائز المسنون عن أن يشبه بالواجب؛ فإن المداوم على المستحب أو‬
‫الجائز مشبه بالواجب‪ ،‬ولهذا أكير هؤالء المداومين على بعض األنواع الجائزة أو المستحب لو انتقل‬
‫عنه لنفر عنه قلبه وقلب غيره‪ ،‬أكير مما ينفر عن ترك كيي ٍر من الواجبات؛ ألجل العادة التي جعلت‬
‫الجائز كالواجب‪.‬‬
‫نوع ال بد له من خاص ٍ‪ ،‬وإن‬ ‫الرابع‪ :‬أن في ذلك تحصيل مصلح كل و ٍ‬
‫احد من تلك األنواع؛ فإن كل ٍ‬
‫مرجوحا فايف إذا كان مساويًا؟‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫الخامس‪ :‬أن في المداوم على ٍ‬
‫نوع دون غيره هجرانًا لبعض المشروع‪ ،‬وذلك سبب لنسيانه واإلعراض‬
‫عنه حتى يُعتقد أنه ليس من الدين(‪.)1‬‬
‫المسألة السابعة عشرة‪ :‬يشرع التنويع في اللفظة الواحدة إذا ثبتت بأكثر‬

‫ٍ‬
‫بتصرف‪.‬‬ ‫(‪)1‬مجموع الفتاوى (‪)151-141 /14‬‬
‫‪16‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫من روايةٍ‬
‫ولذلك أمثلة‪:‬‬
‫منها‪ :‬ما جاء في حديث أبي با ٍر الصديق‪ ،‬أنه قال لرسول الله ‪ :‬علمني دعاءً أدعو به في صالتي‪،‬‬
‫كييرا‪ ،‬وال يغفر الذنوب إال أنت‪ ،‬فاغفر لي مغفرًة من عندك‪،‬‬‫ظلما ً‬
‫قال‪( :‬قل‪ :‬اللهم إني ظلمت نفسي ً‬
‫ٍ‬
‫كبيرا)(‪.)1‬‬ ‫وارحمني‪ ،‬إنك أنت الغفور الرحيم) أخرجاه‪ ،‬وفي رواي لمسل ٍم‪ً :‬‬
‫(ظلما ً‬
‫صحيح‪ ،‬واستحب بعضهم أن يجمع الداعي بين‬ ‫كييرا) وكالهما بمعنًى‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬ ‫(كبيرا‪ ،‬و ً‬
‫قال ابن كيير‪« :‬يروى ً‬
‫اللفظين في دعائه‪ ،‬وفي ذلك نظر‪ ،‬بل األَولى أن يقول هذا تارةً‪ ،‬وهذا تارةً؛ كما أن القارئ مخير بين‬
‫القراءتين أيتهما قرأ فحسن‪ ،‬وليس له الجمع بينهما»(‪.)1‬‬
‫الخبُث والخبائث)(‪.)3‬‬ ‫ومنها‪ :‬قول ٍ‬
‫أنس‪ :‬كان النبي ‪ ‬إذا دخل الخالء قال‪( :‬اللهم إني أعوذ بك من ُ‬
‫قال النووي‪ :‬الخبث بضم الباء وإساانها‪ ،‬وجهان مشهوران في رواي هذا الحديث(‪.)4‬‬
‫أمسيت؟ قال‪ :‬قل‪( :‬اللهم‬ ‫أصبحت وإذا‬ ‫ٍ‬
‫بشيء أقوله إذا‬ ‫ومنها‪ :‬قول أبي با ٍر‪ :‬يا رسول الله‪ُ ،‬مرني‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عالم الغيب والشهادة‪ ،‬فاطر السموات واألرض‪ ،‬رب كل ٍ‬
‫شيء وملي َاه‪ ،‬أشهد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أعوذ‬
‫أمسيت‪ ،‬وإذا أخذت‬
‫َ‬ ‫أصبحت‪ ،‬وإذا‬
‫َ‬ ‫بك من شر نفسي‪ ،‬ومن شر الشيطان وش ْركه‪ ،‬قُ ْلهُ إذا‬
‫مضجعك)(‪.)5‬‬
‫قال الخطابي‪ :‬يروى على وجهين‪ ،‬أحدهما‪ :‬ش ْركه‪ ،‬ومعناه‪ :‬ما يدعو إليه الشيطان ويوسوس به من‬
‫اإلشراك بالله‪ ،‬والوجه اآلخر‪َ :‬شَركه‪ ،‬أي‪ :‬حبائل الشيطان ومصايده(‪.)6‬‬
‫ومنها‪ :‬ما قالت عائش ‪ :‬كان النبي ‪ ‬يقول في ركوعه وسجوده‪( :‬سبُّوح قدُّوس‪ُّ ،‬‬
‫رب المالئا‬
‫استعماال(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫والروح)(‪ ،)1‬قال ابن األثير‪ :‬يرويان بالضم والفتح‪ ،‬والفتح أقيس‪ ،‬والضم أكير‬
‫المسألة الثامنة عشرة‪ :‬الموطن الذي ورد فيه أكثر من ذكرٍ ال يشترط فيه‬
‫ترتيب معين‬

‫(‪)1‬صحيح البخاري (‪ )334‬صحيح مسلم (‪)1115‬‬


‫(‪)1‬تفسير القرآن العظيم (‪.)434/6‬‬
‫(‪)3‬أخرجه البخاري (‪ )6311‬صحيح مسلم (‪)315‬‬
‫(‪)4‬شرح النووي على مسلم (‪.)11 /4‬‬
‫(‪)5‬أخرجه أبو داود (‪ )5161‬والترمذي (‪ )3391‬وصححه ابن حبان (‪ )961‬وابن القيم في زاد المعاد (‪.)333/1‬‬
‫(‪)6‬شأن الدعاء (ص‪.)111‬‬
‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪.)431‬‬
‫(‪)3‬النهاي في غريب الحديث واألثر (‪.)331 /1‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫بعض‪ ،‬إال ٍ‬
‫بدليل‪ ،‬ومما جاء فيه‬ ‫وذلك كأذكار النوم والصبح والمساء‪ ،‬فال حرج من تقديم بعضها على ٍ‬
‫قول ثوبان ‪ ‬كان رسول الله ‪ ‬إذا انصرف من صالته‪ ،‬استغفر ثالثًا‪ ،‬وقال‪( :‬اللهم أنت‬ ‫الدليل‪ُ ،‬‬
‫السالم‪ ،‬ومنك السالم‪ ،‬تباركت ذا الجالل واإلكرام)(‪ ،)1‬فهذا الحديث يدل على تقديم هذا الذكر على‬
‫غيره من أذكار ما بعد الصالة‪.‬‬
‫ميال‪ -‬قدم من األذكار ما فيه تعظيم وتسبيح وحمد لله‪ ،‬ثم ثنى‬ ‫ولو أن قائل أذكار الصباح والمساء‪ً -‬‬
‫باألذكار التي تتضمن دعاءً= لاان حسنًا؛ من باب تقديم اليناء قبل الدعاء‪.‬‬
‫وكذلك لو قدم الدعوات التي تتضمن سؤال الله المغفرة‪ -‬كسيد االستغفار‪ -‬على غيرها= لاان حسنًا‬
‫تقديم سؤال الله غفران الذنوب على غيره‪ ،‬كقول سليمان ‪{ :‬قَ َال‬ ‫أيضا؛ فقد جاء في أدعي القرآن ُ‬ ‫ً‬
‫رب ا ْغفر لي وهب لي م ْل ًاا َال ي ْن بغي أل ٍ‬
‫اب} وقول موسى ‪{ :‬أَنْ َ‬
‫ت‬ ‫ت الْ َوه ُ‬ ‫ك أَنْ َ‬
‫َحد م ْن بَ ْعدي إن َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ ََ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ب لَنَا في َهذه الدُّنْيَا َح َسنَ ً َوفي ْاآلخَرة} وقول أولي‬ ‫ين َوا ْكتُ ْ‬
‫ت َخْي ُر الْغَافر َ‬‫َوليُّنَا فَا ْغف ْر لَنَا َو ْار َح ْمنَا َوأَنْ َ‬
‫األلباب‪َ { :‬رب نَا فَا ْغف ْر لَنَا ذُنُوبَنَا َوَكف ْر َعنا َسيئَاتنَا َوتَ َوف نَا َم َع ْاألَبْ َرار} وقول النبي ‪( :‬اللهم اغفر لي‬
‫ذنبي‪ ،‬ووسع لي في داري‪ ،‬وبارك لي فيما رزقتني)(‪.)1‬‬
‫المسألة التاسعة عشرة‪ :‬من لم يتمكن من اإلتيان بجميع أذكار الصبح‬
‫ت ببعضها‪ ،‬ولو في طريقه‬ ‫والمساء أو النوم أو ما بعد الصالة‪ ،‬فليأ ِ‬
‫قال النووي عن أذكار الصباح والمساء‪ :‬اعلم أن هذا الباب واسع جدا‪ ،‬فمن وفق للعمل بالها فهي‬
‫نعم وفضل من الله تعالى عليه‪ ،‬وطوبى له‪ ،‬ومن عجز عن جميعها فليقتصر من مختصراتها على ما‬
‫احدا(‪.)3‬‬
‫ذكرا و ً‬
‫شاء‪ ،‬ولو كان ً‬
‫نفسه‪.‬‬
‫وأذكار النوم وما بعد الصالة‪ ،‬لها الحام ُ‬
‫وقد تقدم قول النووي‪ :‬المراد من الذكر حضور القلب‪ ،‬فينبغي أن ياون هو مقصود الذاكر فيحرص‬
‫على تحصيله‪ ،‬ويتدبر ما يذكر‪ ،‬ويتعقل معناه‪...‬اه ‪ .‬وال شك أن قول األذكار واإلنسان جالس‪ ،‬ومبتعد‬
‫عن الشواغل‪ ،‬أدعى لحضور قلبه‪ ،‬ولان ال حرج أن يقول أذكار ما بعد الصالة أو الصبح والمساء وهو‬
‫في طريقه‪ ،‬قال ابن نصر الله عن أذكار ما بعد الصالة‪ :‬والظاهر أن يقول ذلك‪ ،‬وهو قاعد‪ ،‬ولو قاله‬
‫أيضا؛ إذ ال تحجير في ذلك(‪.)4‬‬
‫للسن ً‬ ‫بعد قيامه وفي ذهابه‪ ،‬فالظاهر أنه مصيب ُّ‬

‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪.)591‬‬


‫(‪)1‬أخرجه الترمذي (‪ )3511‬عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫(‪)3‬األذكار للنووي (ص‪.)16‬‬
‫(‪)4‬كشاف القناع (‪.)365 /1‬‬
‫‪13‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫المسألة العشرون‪ :‬حكم تأخير أذكار ما بعد الصالة‬


‫ذر‪( :‬إثْ َر كل صالةٍ)‬
‫قال ابن حجر‪ :‬قوله ‪( :‬دبر كل صالةٍ) ولجعفر الفريابي في حديث أبي ٍ‬
‫مقتضى الحديث أن الذكر المذكور يقال عند الفراغ من الصالة‪ ،‬فلو تأخر ذلك عن الفراغ‪ ،‬فإن كان‬
‫أيضا بعد الصالة‪ ،‬كآي الارسي‪ ،‬فال‬
‫متشاغال بما ورد ً‬
‫ً‬ ‫ضا‪ ،‬أو كان ناسيًا‪ ،‬أو‬ ‫يسيرا بحيث ال ُّ‬
‫يعد ُمعر ً‬ ‫ً‬
‫يضر‪.‬‬
‫فاصال بين الماتوب والذكر أو ال؟ محل نظر‪ ،‬والله‬
‫وهل ياون التشاغل بعد الماتوب بالراتب بعدها ً‬
‫أعلم(‪.)1‬‬
‫المسألة الحادية والعشرون‪ :‬األَولى البداءة بالتسبيح ثم التحميد ثم‬
‫التكبير في أذكار ما بعد الصالة وعند النوم‬
‫قال ابن حجر بعد ذكره للروايات الواردة في التسبيح بعد الصالة‪ :‬وهذا االختالف دال على أن ال‬
‫ترتيب فيها‪ ،‬ويُستأنس لذلك بقوله ‪( :‬أحب الاالم إلى الله أربع‪ :‬سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬وال إله‬
‫إال الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬ال يضرك بأيهن بدأت)(‪ ،)1‬لان يمان أن يقال‪ :‬األَولى البداءة بالتسبيح؛ ألنه‬
‫يتضمن نفى النقائص عن الباري سبحانه وتعالى‪ ،‬ثم التحميد؛ ألنه يتضمن إثبات الامال له؛ إذ ال‬
‫يلزم من نفي النقائص إثبات الامال‪ ،‬ثم التابير؛ إذ ال يلزم من نفى النقائص وإثبات الامال أن ياون‬
‫هناك كبير آخر‪ ،‬ثم يختم بالتهليل الدال على انفراده سبحانه وتعالى بجميع ذلك(‪.)3‬‬
‫وأكير األحاديث المروي في هذا الموضع جاءت بتقديم التسبيح على التحميد والتابير‪.‬‬
‫المسألة الثانية والعشرون‪ :‬هل يفرِد التسبيح والتحميد والتكبير كل واحدٍ‬
‫على حدةٍ‪ ،‬أو يجمع بين التسبيح والتحميد والتكبير في كل مرةٍ؟‬
‫له هذا وهذا‪ ،‬واختُلف في األفضل‪:‬‬
‫فقال إسحاق والقاضي أبو يعلى والقاضي عياض والنووي‪ :‬اإلفراد أفضل؛ ألنه ظاهر األحاديث(‪،)4‬‬
‫كقوله ‪( :‬من سبح الله في ُدبُر كل صالةٍ ثالثًا وثالثين‪ ،‬وحمد الله ثالثًا وثالثين‪ ،‬وكبر الله ثالثًا‬
‫وثالثين‪ ،)5()...‬وقوله‪ُ ( :‬م َعقبات ال يَخيب قائلهن‪ُ ،‬دبَُر كل صالةٍ ماتوب ٍ‪ :‬ثالث وثالثون تسبيح ً‪،‬‬

‫(‪)1‬فتح الباري (‪.)313 /1‬‬


‫ٍ‬
‫جندب ‪.‬‬ ‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪ )1131‬من حديث سمرة بن‬
‫(‪)3‬فتح الباري البن حجر (‪.)313 /1‬‬
‫(‪)4‬شرح النووي على مسلم (‪.)93 /5‬‬
‫(‪)5‬أخرجه مسلم (‪ )591‬عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫وثالث وثالثون تحميدةً‪ ،‬وأربع وثالثون تابيرًة)(‪.)1‬‬


‫وألن هذا ميل نقل الصحاب لوضوء النبي ‪ ،‬وأنه تمضمض ثالثًا‪ ،‬واستنشق ثالثًا‪ ،‬وغسل وجهه‬
‫ثالثًا‪ ،‬وال خالف في المراد أنه غسل كل عض ٍو من ذلك بانفراده ثالثًا ثالثًا‪ ،‬قبل شروعه في الذي‬
‫بعده‪ ،‬ولم يغسل المجموع مرةً‪ ،‬ثم أعاده مرةً ثاني ً‪ ،‬وثالي ً(‪.)1‬‬
‫وألن اإلفراد يُحتاج فيه إلى العدد‪ ،‬وله على كل حرك ٍ لذلك‪ -‬سواء كان بأصابعه أو بغيرها‪ -‬ثواب ال‬
‫يحصل لصاحب الجمع منه إال اليلث(‪.)3‬‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬الجمع أفضل؛ لإلتيان فيه بواو العطف(‪ ،)4‬وألنه أتم معنًى؛ لما فيها من الجمع بين‬
‫تسبيح الله وتحميده وتابيره‪ ،‬وهذا أكمل من تفريق المعاني(‪ ،)5‬وقد يشهد له قوله ‪( :‬تسبحون‪،‬‬
‫وتابرون‪ ،‬وتحمدون‪ ،‬دبر كل صالةٍ ثالثًا وثالثين مرًة)(‪.)6‬‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬األَولى أن ينوع‪ ،‬فتارة يجمع وتارة يُفرد؛ ليأتي بجميع ما ورد(‪.)1‬‬
‫المسألة الثالثة والعشرون‪ :‬صفة اإلتيان باألذكار بعد الصالتين المجموعتين‬
‫قال ابن عييمين‪ :‬الظاهر في األذكار أنه ياتفي فيها بذك ٍر و ٍ‬
‫احد؛ ألن الصالتين صارت كأنها صالة‬
‫واحدة(‪.)3‬‬
‫المسألة الرابعة والعشرون‪ :‬من أخطأ في عدِّ األذكار أو شك فيه بنى على‬
‫اليقين‬
‫من أخطأ في عد األذكار‪ ،‬أو شك في العدد‪ ،‬فإنه يبني على اليقين‪ ،‬وهو األقل‪ ،‬فلو شك في قول‪:‬‬
‫سبحان الله‪ ،‬هل أتمها ثالثًا وثالثين‪ ،‬أو اثنتين وثالثين؟ جعلها اثنتين وثالثين؛ ألن األقل هو المتيقن‬
‫أنه قاله‪ ،‬وما زاد عليه فهو مشاوك فيه‪ ،‬واألصل عدمه)‪.(9‬‬
‫المسألة الخامسة والعشرون‪ :‬حكم تقييد الذكر بكيفياتٍ أو بأوقاتٍ‬

‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪ )596‬عن كعب بن ُع ْجرة ‪.‬‬


‫(‪)1‬فتح الباري البن رجب (‪.)414 /1‬‬
‫(‪)3‬فتح الباري البن حجر (‪.)319 /1‬‬
‫(‪)4‬فتح الباري البن حجر (‪.)319 /1‬‬
‫(‪)5‬شرح الباقيات الصالحات للشيخ صالح العصيمي‪.‬‬
‫(‪)6‬أخرجه البخاري (‪ )343‬ومسلم (‪ )595‬عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫(‪)1‬تسهيل الفقه (‪.)466/1‬‬
‫(‪)3‬لقاء الباب المفتوح (‪.)16 /9‬‬
‫(‪ )9‬تحقيق الاالم (ص‪.)139‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫ميال إلى ذكر الله‪ ،‬فالتزم قوم االجتماع عليه على ٍ‬


‫لسان‬ ‫قال الشاطبي رحمه الله‪ :‬إذا ندب الشرع ً‬
‫ٍ‬
‫مخصوص عن سائر األوقات‪ ،‬لم يان في ندب الشرع ما‬ ‫وقت ٍ‬
‫معلوم‬ ‫صوت و ٍ‬
‫احد‪ ،‬أو في ٍ‬ ‫احد‪ ،‬أو ٍ‬ ‫و ٍ‬
‫شرعا‬
‫يدل على هذا التخصيص الملتَزم‪ ،‬بل فيه ما يدل على خالفه؛ ألن التزام األمور غير الالزم ً‬
‫وخصوصا مع من يُقتدى به‪ ،‬وفي مجامع الناس؛ كالمساجد‪ ،‬فإنها إذا أُظهرت‬
‫ً‬ ‫شأنها أن تُفهم التشريع‪،‬‬
‫ووضعت في المساجد كسائر الشعائر التي وضعها رسول الله ‪ ‬في المساجد وما‬ ‫هذا اإلظهار‪ُ ،‬‬
‫شك‪ -‬أنها سنن‪ ،‬إن لم‬‫أشبهها؛ كاألذان‪ ،‬وصالة العيدين‪ ،‬واالستسقاء‪ ،‬والاسوف؛ فُهم منها‪ -‬بال ٍ‬
‫بدعا محدث ً‪.‬‬
‫فهم منها الفريض ‪ ،‬فأحرى أن ال يتناولها الدليل المستَدل به‪ ،‬فصارت من هذه الجه ً‬‫يُ َ‬
‫ترك التزام السلف الصالح لتلك األشياء‪ ،‬أو عدم العمل بها‪ ،‬وهم كانوا أحق بها‬ ‫يدلك على ذلك‪ُ :‬‬
‫وأهلها لو كانت مشروع ً على مقتضى القواعد؛ ألن الذكر قد ندب إليه الشرع ندبًا في مواضع كييرة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بأوقات مخصوص ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كيفيات‪ ،‬وال قيدوه‬ ‫وميل ذلك‪ :‬الدعاء‪ ،‬فإنه ذكر لله‪ ،‬ومع ذلك لم يلتزموا فيه‬
‫بحيث يشعر باختصاص التعبد بتلك األوقات‪ ،‬إال ما عينه الدليل‪ ،‬كالغداة والعشي‪ ،‬وال أظهروا منه إال‬
‫ما نص الشارع على إظهاره؛ كالذكر في العيدين وشبهه‪ ،‬وما سوى ذلك‪ ،‬فاانوا ميابرين على إخفائه‬
‫وستره؛ ولذلك قال لهم النبي ‪ ‬حين رفعوا أصواتهم‪( :‬اربعوا على أنفسام؛ إنام ال تدعون أصم وال‬
‫غائبًا)(‪ )1‬وأشباهه‪ ،‬فلم يظهروه في الجماعات‪.‬‬
‫أوال؛ ألنه قيد فيه بالرأي‪ ،‬وخالف َمن كان‬‫فال من خالف هذا األصل‪ ،‬فقد خالف إطالق الدليل ً‬
‫أعرف منه بالشريع ‪ ،‬وهم السلف الصالح ‪.)1(‬‬
‫المسألة السادسة والعشرون‪ :‬ال بأس بكتابة األذكار على ملصقاتٍ توضع في‬
‫السيارات أو على األبواب ونحوها للتذكير‬
‫بأسا؛ ألنه تذكير للناس‪ ،‬وكيير من الناس ال يحفظون‬
‫قال الشيخ ابن عييمين رحمه الله‪ :‬ال أظن فيه ً‬
‫هذه األدعي ‪ ،‬فإذا ُكتبت أمامهم َس ُهل عليهم قراءتها‪ ،‬فال حرج في هذا‪ ،‬ميل أن ياتب اإلنسان في‬
‫مجلسه دعاء كفارة المجلس حتى ينبه الجالسين إذا قاموا أن يدعو الله سبحانه وتعالى بذلك‪ ،‬وكذلك‬
‫ما ياون في الملصقات الصغيرة أمام الراكب في السيارات من دعاء الركوب والسفر‪ ،‬فإن هذا ال بأس‬
‫به(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪ )4115‬ومسلم (‪.)1114‬‬


‫(‪)1‬االعتصام (‪.)69 /1‬‬
‫(‪ )3‬فتاوى نور على الدرب (‪.)1/14‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫المسألة السابعة والعشرون‪ :‬من أتى بأذكار النوم ثم قام لقضاء حاجةٍ‬
‫ونحوها‪ ،‬فهل يعيد؟‬
‫قال الشيخ ابن باز رحمه الله‪ :‬الظاهر يافيه إذا قاله عند أول ما ينام‪ ،‬وإن كرر فال بأس‪ ،‬لان السن‬
‫حصلت باألذكار التي قالها(‪)1‬اه ‪.‬‬
‫ويتجه استحباب اإلعادة مع طول الفصل عرفًا‪.‬‬
‫المسألة الثامنة والعشرون‪ :‬إجابة المؤذن والتأمين على الدعاء إذا سُمع من‬
‫المذياع ونحوه‬
‫هذا ال يخلو من حالين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن ياون ً‬
‫منقوال على الهواء‪ ،‬وهو في وقت الصالة‪ ،‬فتسن إجابته‪.‬‬
‫مسجال‪ ،‬فال تشرع إجابته؛ ألنه ليس بصوت مؤذن يؤذن حقيق ً في هذا الوقت(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ثانيهما‪ :‬أن ياون‬
‫ويقال بميل هذا التفصيل في التأمين على الدعاء(‪.)3‬‬
‫المسألة التاسعة والعشرون‪ :‬حكم رفع اليدين عند الدعاء‬
‫ثبت في السن أن النبي ‪ ‬رفع يديه عند الدعاء في مواطن كييرة(‪ ،)4‬وثبت أنه دعا ولم يرفع يديه‪،‬‬
‫فالمسأل ال تخلو من أحو ٍال(‪:)5‬‬
‫أولها‪ :‬ما ثبت فيه أن النبي ‪ ‬رفع يديه‪ ،‬كالدعاء في عرفات‪ ،‬وعلى الصفا والمروة‪ ،‬وبعد رمي الجمرة‬
‫األولى والوسطى‪ ،‬واالستسقاء في خطب الجمع ‪ ،‬وفي قنوت النوازل‪ ،‬فيسن الرفع ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬ما ثبت فيه أن النبي ‪ ‬دعا ولم ينقل أنه رفع يديه‪ ،‬كالدعوات التي كان يقولها في أذكار‬
‫النوم‪ ،‬وأذكار الصباح والمساء‪ ،‬فال يسن الرفع ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬ما نُدب فيه الدعاء‪ ،‬ولم ييبت أن النبي ‪ ‬دعا فيه‪ ،‬كساع الجمع ‪ ،‬وبين األذان واإلقام ‪،‬‬
‫وفي اليلث األخير من الليل‪ ،‬أو الدعوات األخرى في سائر اليوم‪ ،‬فرفع اليدين حسن؛ ألنه من أسباب‬
‫اإلجاب ‪ ،‬كما في حديث سلمان‪( :‬إن ربام تبارك وتعالى َحيي كريم‪ ،‬يستحيي من عبده إذا رفع يديه‬

‫(‪)1‬فتاوى نور على الدرب‪ .‬موقع الشيخ رحمه الله‪.‬‬


‫(‪)1‬تسهيل الفقه (‪.)95/1‬‬
‫(‪)3‬فتاوى اللجن الدائم (‪.)156 /14‬‬
‫نحوا من ثالثين حدييًا من‬
‫(‪)4‬قال النووي‪« :‬قد ثبت رفع يديه ‪ ‬في الدعاء في مواطن غير االستسقاء‪ ،‬وهي أكير من أن تحصر‪ ،‬وقد جمعت منها ً‬
‫الصحيحين أو أحدهما‪ ،‬وذكرتها في أواخر باب صف الصالة من شرح المهذب» شرح صحيح مسلم (‪.)191 /6‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬مجموع فتاوى ابن باز (‪ )114 /6‬شرح األربعين النووي للعييمين (ص‪ )151‬نتاج الفار في أحاام الذكر (ص‪.)111‬‬
‫‪11‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫صفرا)(‪ ،)1‬وحديث أبي هريرة‪( :‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر أ ْش َعث أغبر‪ُّ ،‬‬
‫يمد يديه إلى‬ ‫إليه‪ ،‬أن يردهما ً‬
‫السماء‪ ،‬يا رب‪ ،‬يا رب)(‪.)1‬‬
‫المسألة الثالثون‪ :‬حكم الدعاء بعد صالة النافلة‬
‫قال الشيخ ابن باز‪ :‬يجوز الدعاء بعد النافل ؛ لعدم ما يدل على منعه‪ ،‬ولو مع رفع اليدين؛ ألن رفع‬
‫اليدين في الدعاء من أسباب اإلجاب ‪ ،‬لان ال ياون بصف ٍ دائم ٍ‪ ،‬بل في بعض األحيان؛ ألنه لم‬
‫افعا يديه بعد كل نافل ٍ‪ ،‬والخير كله في التأسي به ‪ ‬والسير على‬ ‫يحفظ عن النبي ‪ ‬أنه كان يدعو ر ً‬
‫ُس َوة َح َسنَ }(‪.)3‬اه ‪.‬‬
‫نهجه؛ لقوله سبحانه‪{ :‬لََق ْد َكا َن لَ ُا ْم في َر ُسول الله أ ْ‬
‫ولما كان النبي ‪ ‬يصلي عند الاعب ‪ ،‬وآذاه المشركون بوضع َسال الناق عليه ‪ ،‬قال ابن مسعود‪:‬‬
‫«فلما قضى النبي ‪ ‬صالته‪ ،‬رفع صوته‪ ،‬ثم دعا عليهم»(‪ ،)4‬وذكر كيير من العلماء أن دعاء صالة‬
‫االستخارة ياون بعد السالم‪.‬‬
‫المسألة الحادية والثالثون‪ :‬متى يسوغ تعليق الدعاء؟‬
‫قال ابن القيم‪ :‬شرع الله سبحانه لعباده التعليق بالشروط في كل موض ٍع يحتاج إليه العبد‪ ،‬حتى بينه‬
‫خيرا لي‬
‫وبين ربه‪ ،...‬فإن الداعي بالخيرة يشترط على ربه في دعائه‪ ،‬فيقول‪ :‬اللهم إن كان هذا األمر ً‬
‫وم َعاشي‪ ،‬فاقْ ُد ْرهُ لي‪ ،‬فيعلق طلب اإلجاب بالشرط؛ لحاجته إلى ذلك؛ لخفاء المصلح عليه‪.‬‬
‫في ديني َ‬
‫وكذلك النبي ‪ ‬اشترط على ربه أيما رجل َسبهُ أو لعنه وليس لذلك ٍ‬
‫بأهل أن يجعلها كفارةً له وقرب ً‬
‫يقربه بها إليه‪ ،‬وهذا تعليق للمدعو به بشرط االستحقاق‪ .‬وكذلك المصلي على الميت شرع له تعليق‬
‫الدعاء بالشرط‪ ،‬فيقول‪ :‬إن كان محسنًا فتقبل حسناته‪ ،‬وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته‪.‬‬
‫حال َم ْن أصلي عليه من الجنائز‪ ،‬هل هو مؤمن أو منافق؟ فرأيت‬‫وقال شيخنا‪ :‬كان يُشال علي أحيانًا ُ‬
‫رسول الله ‪ ‬في المنام‪ ،‬فسألته عن مسائل عديدة منها هذه المسأل ‪ ،‬فقال‪ :‬يا أحمد‪ ،‬الشرط‬
‫الشرط‪ ،‬أو قال‪ :‬علق الدعاء بالشرط‪ .‬وكذلك أرشد أمته ‪ ‬إلى تعليق الدعاء بالحياة والموت بالشرط‬
‫خيرا لي‪،‬‬ ‫َ ٍ‬
‫الموت لضر نزل به‪ ،‬ولان ليَ ُق ْل‪ :‬اللهم أحيني إذا كانت الحياة ً‬ ‫فقال‪( :‬ال يتمنين أحدكم‬
‫خيرا لي)(‪ ،)5‬وكذلك قوله في الحديث اآلخر(‪( :)1‬وإذا أردت بعبادك فتن ً‪،‬‬ ‫وتَ َوفني إذا كانت الوفاة ً‬

‫(‪)1‬أخرجه أبو داود (‪ )1433‬والترمذي (‪ )3556‬وابن ماجه (‪ )3365‬وقال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ ،‬ورواه بعضهم ولم يرفعه‪.‬‬
‫(‪)1‬أخرجه مسلم (‪.)1115‬‬
‫(‪)3‬مجموع فتاوى ابن باز (‪.)163 /11‬‬
‫(‪)4‬أخرجه البخاري (‪ )141‬مسلم (‪ )1194‬واللفظ لمسل ٍم‪.‬‬
‫(‪)5‬أخرجه البخاري (‪ )5611‬ومسلم (‪.)1631‬‬
‫‪13‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫غير مفتون)(‪.)1‬اه ‪.‬‬


‫فتوفني إليك َ‬
‫رجب في شرح حديث‪( :‬اللهم بعلمك الغيب‬ ‫وقريب مما ذكره العالم ابن القيم ما قاله الحافظ ابن ٍ‬
‫وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي‪ ،‬وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي‪ ،‬اللهم إني‬
‫أسألك خشيتك في الغيب والشهادة‪.)3()...‬‬
‫قال‪ :‬اعلم أن الحاجات التي يطلبها العبد من الله عز وجل نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما عُلم أنه خير محض‪ ،‬كسؤاله خشيته من الله تعالى وطاعته وتقواه‪ ،‬وسؤاله الجن ‪،‬‬
‫واالستعاذة به من النار‪ ،‬فهذا يطلب من الله تعالى بغير ٍ‬
‫تردد‪ ،‬وال تعليق بالعلم بالمصلح ؛ ألنه خير‬
‫محض‪ ،‬ومصلح خالص ‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ما ال يُعلم هل هو خير للعبد أم ال؟ كالموت والحياة‪ ،‬والغنى والفقر‪ ،‬والولد واألهل‪،‬‬
‫وكسائر حوائج الدنيا التي تُجهل عواقبها‪ ،‬فهذه ال ينبغي أن يسأل الله منها إال ما يعلم فيه الخيرة‬
‫للعبد؛ فإن العبد جاهل بعواقب األمور‪ ،‬وهو مع هذا عاجز عن تحصيل مصالحه ودفع مضاره‪ ،‬فيتعين‬
‫عليه أن يسأل حوائجه من هو عالم قادر‪ ،‬ولهذا شرعت االستخارة في األمور الدنيوي كلها‪ ،‬وشرع أن‬
‫يقول الداعي في استخارته‪( :‬اللهم أستخيرك بعلمك‪ ،‬وأستقدرك بقدرتك‪ ،‬وأسألك من فضلك العظيم‪،‬‬
‫فإنك تقدر وال أقدر‪ ،‬وتعلم وال أعلم‪ ،‬وأنت عالم الغيوب) ثم يقول‪( :‬اللهم إن كنت تعلم أن هذا األمر‬
‫‪-‬ويسميه باسمه‪ -‬خير لي في ديني ودنياي)‪.‬‬
‫وكذلك في هذا الدعاء يسأل الله بعلمه الغيب وقدرته على الخلق ما يعلم له فيه الخيرة من ٍ‬
‫موت أو‬
‫حياةٍ‪.‬‬
‫معا؛ فإنه لما سأل الموت والحياة قيد ذلك بما‬ ‫وقد تضمن الدعاء الذي في هذا الحديث النوعين ً‬
‫يعلم الله أن فيه الخيرة لعبده‪ ،‬ولما سأل الخشي وما بعدها مما هو خير صرف‪ ،‬جزم به ولم يقيده‬
‫ٍ‬
‫بشيء(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫وقال السعدي‪ :‬المطالب الديني كسؤال الرحم والمغفرة‪ ،‬والمطالب الدنيوي المعين على الدين كسؤال‬
‫جازما‪ ،‬وهذا الطلب عين العبودي‬ ‫العافي والرزق وتوابع ذلك‪ ،‬قد أُمر العبد أن يسألها من ربه طلبًا ً‬
‫ملحا ً‬
‫ومحلها‪ .‬والمطالب المعين التي ال يُتحقق مصلحتها ومنفعتها‪ ،‬وال يُجزم أن حصولها خير للعبد‪،‬‬

‫(‪)1‬أخرجه أحمد (‪ )11119‬والترمذي (‪.)3135‬‬


‫(‪)1‬إعالم الموقعين (‪.)311 /5‬‬
‫(‪)3‬أخرجه أحمد (‪ )13315‬والنسائي (‪ )1315‬وصححه ابن حبان (‪ )1911‬والحاكم (‪.)1913‬‬
‫(‪)4‬مجموع رسائل ابن رجب (‪.)153 /1‬‬
‫‪14‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫فالعبد يسأل ربه ويعلقه على اختيار ربه له أصلح األمرين‪ ،‬كالدعاء المأثور‪( :‬اللهم أحيني إذا كانت‬
‫الحياة خيرا لي‪ )...‬وكدعاء االستخارة‪ .‬فافهم هذا الفرق اللطيف البديع بين طلب األمور النافع‬
‫المعلوم نفعُها وعدم ضررها‪ ،‬وأن الداعي يجزم بطلبها وال يعلقها‪ ،‬وبين طلب األمور التي ال يدري العبد‬
‫عن عواقبها‪ ،‬وال رجحان نفعها على ضررها‪ ،‬فالداعي يعلقها على اختيار ربه الذي أحاط بال ٍ‬
‫شيء‬
‫علما وقدرًة ورحم ً ولط ًفا(‪.)1‬اه ‪.‬‬
‫ً‬
‫وللداعي أن يسأل الله الولد‪ ،‬ونحوه‪ ،‬مع ضميم األوصاف المحبوب إلى الله تعالى‪ ،‬كما قال إبراهيم‬
‫ب لي‬ ‫ك َد َعا َزَكريا َربهُ قَ َال َرب َه ْ‬
‫ين} وكما قال زكريا ‪ُ { :‬هنَال َ‬
‫ب لي م َن الصالح َ‬ ‫‪َ { :‬رب َه ْ‬
‫ُّعاء}‪.‬‬
‫يع الد َ‬
‫ك َسم ُ‬
‫ك ذُري ً طَيبَ ً إن َ‬
‫م ْن لَ ُدنْ َ‬
‫المسألة الثانية والثالثون‪ :‬حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء‬
‫اختُلف في هذا‪ ،‬واختار جمع محققون أنه ال يسن؛ ألنه قد ثبت عن النبي ‪ ‬رفعه ليديه في الدعاء‬
‫في مواطن كيي ٍرة‪ ،‬ولم يصح عنه أنه مسح وجهه بيديه بعد الدعاء‪.‬‬
‫أحد من السلف في‬‫قال البيهقي‪ :‬فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه‪ ،‬عن ٍ‬
‫دعاء القنوت‪ ،‬وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصالة‪ ،‬وقد روي فيه عن النبي ‪ ‬حديث‬
‫فيه ضعف‪ ،‬وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصالة‪ ،‬وأما في الصالة فهو عمل لم ييبت بخب ٍر ص ٍ‬
‫حيح‬
‫قياس‪ ،‬فاألَولى أن ال يفعله ويقتصر على ما فعله السلف ‪ ،‬من رفع اليدين دون‬ ‫ثابت وال ٍ‬ ‫وال أث ٍر ٍ‬
‫مسحهما بالوجه في الصالة(‪.)1‬‬
‫وقال ابن تيمي ‪ :‬وأما رفع النبي ‪ ‬يديه في الدعاء‪ ،‬فقد جاء فيه أحاديث كييرة صحيح ‪ ،‬وأما مسحه‬
‫وجهه بيديه فليس عنه فيه إال حديث أو حدييان ال يقوم بهما حج (‪.)3‬‬
‫وفي فتاوى اللجن الدائم ‪ :‬ولما كان الدعاء عبادةً مشروع ً‪ ،‬ولم ييبت في مسح الوجه بالافين سن‬
‫عمال باألحاديث الصحيح التي لم‬‫طرق ضعيف ٍ‪ ،‬فاألولى تركه‪ً ،‬‬ ‫قولي أو عملي ‪ ،‬بل روي ذلك من ٍ‬
‫يذكر فيها المسح(‪.)4‬‬
‫وثمت تنبيهات‪:‬‬

‫(‪)1‬القول السديد (ص‪.)164 :‬‬


‫(‪)1‬السنن الابرى للبيهقي (‪.)311 /1‬‬
‫(‪)3‬مجموع الفتاوى (‪.)519 /11‬‬
‫(‪)4‬فتاوى اللجن الدائم ‪.)116 /14( 1-‬‬
‫‪15‬‬
‫كار‬
‫ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ‬
‫اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ‬

‫األول‪ :‬أن من العلماء من حسن األحاديث المروي في هذا الباب‪ ،‬منهم الحافظ ابن حج ٍر(‪ ،)1‬ولذا‬
‫اعتمادا على تحسين‬
‫ً‬ ‫نار على َمن َم َس َح‬
‫قال الشيخ ابن عييمين‪ ... :‬األفضل أ ْن ال يمسح‪ ،‬ولان ال نُ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫أيضا‪ :‬لو مسح وجهه فال‬‫اس اه ‪ .‬وقال ً‬ ‫األحاديث الواردة في ذلك؛ ألن هذا مما يختلف فيه الن ُ‬
‫نبدعه أو نضلله؛ لورود بعض األحاديث(‪.)3‬‬
‫الثاني‪ :‬أن األحاديث المروي في المسح إنما هو خارج الصالة‪ ،‬ال داخلها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬قال الشيخ بار أبو ز ٍ‬
‫يد‪ :‬محل الخالف بين العلماء إنما هو إذا رفع الداعي يديه للدعاء‪ ،‬أما‬
‫ٍ‬
‫خالف(‪.)4‬‬ ‫لو دعا غير راف ٍع ليديه‪ ،‬فإنه ال يمسح‪ ،‬بال‬
‫قطعا‪ ،‬بل نص‬ ‫الرابع‪ :‬مسح غير الوجه‪ ،‬كالصدر‪ ،‬إن كان في القنوت‪ ،‬فقد قال النووي‪ :‬ال يستحب ً‬
‫ٍ‬
‫حديث أو أث ٍر(‪.)6‬‬ ‫جماع على كراهته(‪)5‬اه ‪ .‬وفي غير القنوت قال الشيخ بار‪ :‬لم َأر فيه شيئًا يُؤثر من‬

‫وإلى هنا انتهى ما تيسر ذكره من المسائل‪ ،‬وقد قع الفراغ منها بفضل الله تعالى في السادس‬
‫ألف وأربع مئ ٍ وأربعين‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫من شهر ربي ٍع اآلخر‪ ،‬سن ٍ‬

‫(‪)1‬بلوغ المرام (ص‪.)465‬‬


‫(‪)1‬الشرح الممتع (‪.)41 /4‬‬
‫(‪)3‬فتاوى نور على الدرب (‪.)496/11‬‬
‫(‪ )4‬مسح الوجه باليدين (ص‪.)39‬‬
‫(‪)5‬روض الطالبين (‪.)155 /1‬‬
‫(‪)6‬مسح الوجه باليدين (ص‪.)96‬‬
‫‪16‬‬

You might also like