Professional Documents
Culture Documents
اإلِ ْخبَار
ن أَحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذكَار
بِجمْلةٍ مِ ْ
أعده
خالد بن محمد بن عبد العزيز اليحيا
اإلبرازة األولى
رجب1441/
1
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
اإللاتروني kmy424@gmail.com ( )1كان البدء بعون الله في هذا الاتاب سن 1441وآمل اإلفادة عن أي مالحظ على البريد
()1األذكار (ص.)9
()3مجموع الفتاوى (.)661 /11
()4فتح الباري (.)119 /11
1
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
الفاضل ،وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود؛ فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما ،بل القراءة فيهما منهي
عنها نهي تحري ٍم أو كراه ٍ ،وكذلك التسميع والتحميد في محلهما أفضل من القراءة ،وكذلك التشهد،
وكذلك رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني بين السجدتين أفضل من القراءة ،وكذلك الذكر
عقيب السالم من الصالة ،التهليل والتسبيح والتابير والتحميد ،أفضل من االشتغال عنه بالقراءة،
كالم كفضلالقول كما يقول أفضل من القراءة ،وإن كان فضل القرآن على كل ٍ وكذلك إجاب المؤذن و ُ
الله تعالى على خلقه ،لان لال ٍ
مقام مقال ،متى فات مقالُه فيه وعُدل عنه إلى غيره اختلت الحام ،
وفُقدت المصلح المطلوب منه.
بمحال مخصوص ٍ أفضل من القراءة المطلق ،والقراءة المطلق أفضل من ٍ وهاذا األذكار المقيدة
األذكار المطلق ،اللهم إال أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن .مياله:
استغفارا ،أو يَعرض له ما يخاف أذاه من شياطين اإلنس ً أن يتفار في ذنوبه فيُحدث ذلك له توب ً و
فيعدل إلى األذكار والدعوات التي تحصنه وتحوطه.والجنَ ،
وكذلك أيضاً قد يعرض للعبد حاج ضروري إذا اشتغل عن سؤالها بقراءةٍ أو ذك ٍر لم يحضر قلبه فيها،
وخشوعا
ً تضرعا
ً وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كلُّه على الله تعالى ،وأحدث له
ابتهاال ،فهذا قد ياون اشتغاله بالدعاء والحال هذه أنفع ،وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل و ً
أجرا.
وأعظم ً
رقان بين فضيل الشيء في نفسه وبين فضيلته العارض ،فيُعطى نفس ،وفُ ٍ
وهذا باب نافع يَحتاج إلى فقه ٍ
شيء موضعه.حق حقه ،ويوضع كل ٍ كل ذي ٍ
ُ
فللعين موضع وللرجل موضع ،وللماء موضع ،وللحم موضع ،وحفظ المراتب هو من تمام الحام التي
هي نظام األمر والنهي ،والله تعالى الموفق.
وقت ،والتجمير وماء الورد أنفع له في ٍ
وقت. وهاذا الصابون واألُشنان أنفع لليوب في ٍ
يوماُ :سئل بعض أهل العلم أيهما أنفع للعبد التسبيح وقلت لشيخ اإلسالم ابن تيمي رحمه الله تعالى ً
أو االستغفار؟ فقال :إذا كان اليوب نقيا فالبخور وماء الورد أنفع له ،وإذا كان َدن ًسا فالصابون والماء
الحار أنفع له .فقال لي رحمه الله تعالى :فايف واليياب ال تزال َدنس ؟!
ومن هذا الباب أن سورة{ :قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن ،ومع هذا فال تقوم مقام آيات
المواريث والطالق والخلع والعدد ونحوها ،بل هذه اآليات في وقتها وعند الحاج إليها أنفع من تالوة
سورة اإلخالص.
4
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
ولما كانت الصالة مشتمل على القراءة والذكر والدعاء ،وهي جامع ألجزاء العبودي على أتم الوجوه،
كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده؛ لجمعها ذلك كله مع عبودي سائر األعضاء. كانت أفضل من ٍ
فهذا أصل نافع جدا يفتح للعبد باب معرف مراتب األعمال وتنزيلها منازلها؛ لئال يشتغل بمفضولها عن
الفضل الذي بينهما ،أو ينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها -وإن كانَ إبليس
فاضلها فيربح عليه ُ
أجرا.
ذلك وقته -فتفوته مصلحته بالالي ؛ لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكير ثوابًا وأعظم ً
عمل منها حقه،وفقه في إعطاء كل ٍ وهذا يحتاج إلى معرف ٍ بمراتب األعمال وتفاوتها ومقاصدهاٍ ،
أهم منه ،أو تفويت ما هو أولى منه وأفضل؛ إلماان تداركه والعود وتنزيله في مرتبته ،وتفويته لما هو ُّ
إليه ،وهذا المفضول إن فات ال يمان تداركه فاالشتغال به أولى ،وهذا كترك القراءة لرد السالم
وتشميت العاطس ،وإن كان القرآن أفضل؛ ألنه يمانه االشتغال بهذا المفضول والعود إلى الفاضل،
بخالف ما إذا اشتغل بالقراءة فاتته مصلح رد السالم وتشميت العاطس ،وهاذا سائر األعمال إذا
تزاحمت .والله تعالى الموفق(.)1
المسألة الرابعة :أهمية حضور القلب أثناء الذكر
قال النووي :المراد من الذكر حضور القلب ،فينبغي أن ياون هو مقصود الذاكر فيحرص على
تحصيله ،ويتدبر ما يذكر ،ويتعقل معناه ،فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في القراءة؛
الشتراكهما في المعنى المقصود(.)1
قول رتب الشارع عليه ما رتب عليه من اليواب ،فإنما هو القول التام ،كقوله : وقال ابن القيم :كل ٍ
يوم مئ مرةٍُ ،حطت خطاياه ،ولو كانت ميل زبد البحر)( ،)3وليس (من قال :سبحان الله وبحمده ،في ٍ
ضا عن تدبرها ،ولم هذا مرت بًا على مجرد القول اللساني .نعم من قالها بلسانه غاف ًال عن معناهاُ ،معر ً
يواطئ قلبُه لسانَه ،وال عرف قدرها وحقيقتها ،راجيًا مع ذلك ثوابها= َحطت من خطاياه بحسب ما
في قلبه؛ فإن األعمال ال تتفاضل بصورها وعددها ،وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب .فتاون صورة
العملَين واحد ًة ،وبينهما في التفاضل كما بين السماء واألرض .والرجالن ياون مقامهما في الصف َ
احدا ،وبين صالتيهما كما بين السماء واألرض .وتأمل حديث البطاق التي توضع في كف ٍ ،ويقابلها و ً
سجل منها مد البصر ،فتيقل البطاق وتطيش السجالت ،فال يعذب .ومعلوم سجال ،كل ٍ تسع وتسعون ً
أن كل موح ٍد له ميل هذه البطاق ،وكيير منهم يدخل النار بذنوبه ،ولان السر الذي ثقل بطاق ذلك
الرجل ،وطاشت ألجله السجالت لما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات ،انفردت بطاقته باليقل
والرزان (.)1
وقال ابن حج ٍر« :الذكر يقع تارةً باللسان ،ويؤجر عليه الناطق ،وال يشترط استحضاره لمعناه ،ولان
الذكر بالقلب ،فهو أكمل ،فإن انضاف إلى
يشترط أن ال يقصد به غير معناه ،وإن انضاف إلى النطق ُ
كماال ،فإن
ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائص عنه ،ازداد ً
كماال ،فإن صحح التوجه عمل صالح م ما فرض من صالةٍ أو ٍ
جهاد أو غيرهما ،ازداد ً وقع ذلك في ٍ
وأخلص لله تعالى في ذلك ،فهو أبلغ الامال»(.)1
المسألة الخامسة :التلفظ بالذكر شرط في حصول الثواب
األجر على اإلتيان به من األذكار الواجب أو المستحب في الصالة ٍ
ال يعتد بشيء مما رتب الشارع َ
وغيرها حتى يتلفظ به الذاكر ،ثم هل يشرط مع هذا إسماعُ نفسه ،إذا كان صحيح السمع ،ال عارض
له؟ اختلف العلماء على قولين:
القول األول :أنه يشترط العتبار القراءة أن يُسمع القارئ َ
نفسه ،فال تافي حرك اللسان ،وهذا قول
الحنفي والشافعي والحنابل .
ألنه ال يعد آتيا بذلك بدون ٍ
صوت ،والصوت يُسمع ،وأقرب السامعين إليه نفسه. ً
القول الثاني :أنه ال يشترط إسماع النفس ،وهو قول المالاي ،واختاره ال َا ْرخي من الحنفي ،وتقي
الدين من الحنابل .
ألن القراءة فعل اللسان ،وذلك بإقام الحروف دون الصماخ؛ وألن السماع فعل السامع ،ال القارئ.
خروجا من الخالف.
وقد نص المالاي على أن إسماع نفسه أولى؛ ً
وي ن بَّه :إلى أن إمرار القراءة على القلب دون تحريك اللسان ،ال تافي(.)3
المسألة السادسة :ألفاظ األذكار توقيفية
مهما أمان أن يُؤتى بالذكر بلفظه الوارد ،فهو األفضل واألكمل ،خاص ً ما علم أن الشارع أراد
ٍ
مسعود ،قال :علمني رسول الله - المحافظ على لفظه ،كاألذان والتشهدات ونحوها ،فعن ابن
التشهد ،كما يعلمني السورة من القرآن( ،)1وقال جابر :كان رسول الله يعلمنا َ وكفي بين كفيه-
االستخارة في األمور كلها ،كما يعلمنا السورة من القرآن(.)1
الدرس له
تحفظ حروفه وترتيب كلماته ومنع الزيادة والنقص فيه و ْ قال ابن أبي جمرة :التشبيه في ُّ
ويحتمل أن
ُ والمحافظ عليه ،ويَحتمل أن ياون من جه االهتمام به والتحقق لبركته واالحترام له،
ياون من جه كون ٍ
كل منهما عُلم بالوحي(.)3
بلغت:
عازب ما يقوله عند النوم ،قال البراء :فرددتها على النبي ،فلما ُولما علم النبي البراء بن ٍ
اللهم آمنت باتابك الذي أنزلت ،قلت :ورسولك الذي أرسلت ،قال( :ال ،ونبيك الذي أرسلت)(.)4
قال ابن حجر :وأولى ما قيل في الحام في رده على من قال« :الرسول» بدل« :النبي» أن
ألفاظ األذكار توقيفي ،ولها خصائص وأسرار ال يدخلها القياس ،فتجب المحافظ على اللفظ الذي
وردت به ،وهذا اختيار المازري ،قال :فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه ،وقد يتعلق الجزاء بتلك
الحروف ،ولعله أُوحي إليه بهذه الالمات فيتعين أداؤها بحروفها(.)5
ومن هذا قول أبي بار الصديق لرسول الله :علمني دعاءً أدعو به في صالتي ،قال( :قل :اللهم
فاغفر لي مغفرًة من عندك ،وارحمني إنك أنت
أنت ْ الذنوب إال َ
َ ظلمت نفسي ظلماً كييراً وال يغفر
ُ إني
الغفور الرحيم)( ،)6قال ابن حجر :فيه استحباب طلب التعليم من العالم ،خصوصاً في الدعوات
امع الالم(.)1المطلوب فيها جو ُ
المسألة السابعة :بيان حكم الزيادة على ما ورد
األَولى المحافظ على الوارد ،والزيادةُ األصل فيها الجواز عند الجمهورٍ ،
بقيود:
منها :أن ياون صحيح المعنى ال يستلزم نقصا ٍ
بوجه من الوجوه. ً
ومنها :أن ال تخلط الزيادة بالوارد؛ فيُظن أنه من جمل المأثور ،وهذا القيد قد ياون على سبيل
األولوي .
ومنها :أال ياون مما عُلم أن الشارع أراد المحافظ فيه على اللفظ الوارد ،كألفاظ األذان والتشهد
ونحوهما.
غيره فهم العلماء أن المدار فيه على لفظه ،فلذا لم يزيدوا فيه ،ورأوا أن الزيادة
التشهد و ُ
ُ قال ابن عالن:
عظيما في االستجاب ،فتوسعوا في أثرا ً فيه خالف األَولى ،بخالف القنوت ،فإنهم فهموا أن للدعاء ً
الدعاء فيه(.)1
ويدل لجواز الزيادة ما روى نافع ،عن ابن عمر ،أن تلبي رسول الله ( :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ال
شريك لك لبيك ،إن الحمد والنعم لك والملك ال شريك لك) قال :وكان ابن عمر« :لبيك لبيك،
وسعديك ،والخير بيديك ،لبيك والرغباء إليك والعمل»(.)1
قال ابن قدام :وهذا يدل على أنه ال بأس بالزيادة ،وال تستحب؛ ألن النبي لزم تلبيته فاررها ،ولم
يزد(.)3
وقال القاضي أبو يعلى :احتج من استحب الزيادة على تلبي النبي بأنه ذكر يُقصد به تحميد الله،
واليناء عليه ،فال تاره الزيادة عليه بعد استيفائه ،كالتشهد.
والجواب :أنا ال ناره الزيادة على ذلك إذا أوردها على وجه الذكر لله والتعظيم له ،ال على أنها متصل
بالتلبي ،وكذلك الزيادة على التشهد ،ما يذكره من الدعاء بعده ،ليس بزيادةٍ فيه(.)4
أحد في قول ما جاء عن وقال ابن حج ٍر :حاى البيهقي في المعرف ،عن الشافعي قال :وال ضيق على ٍ
ابن عمر وغيره من تعظيم الله ودعائه ،غير أن االختيار عندي أن يُفرد ما روي عن النبي في ذلك.
قول ما جاء موقوفًا ،أو أنشأه هو من قبل مرفوعا ،وإذا اختار َ
انتهى ،وهذا أعدل الوجوه فيُفرد ما جاء ً
نفسه مما يليق ،قالَه على انفراده؛ حتى ال يختلط بالمرفوع ،وهو شبيه بحال الدعاء في التشهد؛ فإنه
قال فيه( :ثم ليتخير من المسأل ما شاء) أي بعد أن يفرغ من المرفوع(.)5
المسألة الثامنة :مراعاة العدد المخصوص في األذكار
خمسا
ً قال الحافظ ابن حجر بعد ذكره للحديث الذي ورد فيه تارار التسبيح والتحميد والتابيرة
وعشرين مرًة :استُنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في األذكار معتبرة ،وإال لاان يمان أن
يقال :لهم أضيفوا لها التهليل ثالثًا وثالثين ،وقد كان بعض العلماء يقول :إن األعداد الواردة ،كالذكر
عقب الصلوات إذا ُرتب عليها ثواب مخصوص ،فزاد اآلتي بها على العدد المذكور ال يحصل له ذلك
اليواب المخصوص؛ الحتمال أن ياون لتلك األعداد حام وخاصي تفوت بمجاوزة ذلك العدد .قال
شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي :وفيه نظر؛ ألنه أتى بالمقدار الذي ُرتب اليواب على
اإلتيان به فحصل له اليواب بذلك ،فإذا زاد عليه من جنسه كيف تاون الزيادة مزيل لذلك اليواب بعد
حصوله؟ اه ويمان أن يفترق الحال فيه بالني ،فإن نوى عند االنتهاء إليه امتيال األمر الوارد ،ثم أتى
بالزيادة فاألمر كما قال شيخنا ال محال ،وإن زاد بغير ني ٍ ،بأن ياون اليواب ُرتب على عشرةٍ ً
ميال،
فرتبه هو على مائ ٍ ،فيتجه القول الماضي.
شرعا؛ ألن
وقد بالغ القرافي في القواعد فقال :من البدع الماروه الزيادة في المندوبات المحدودة ً
شأن العظماء إذا حدوا شيئًا أن يُوقَف عنده ،ويُعد الخارج عنه مسيئًا لألدب اه .وقد ميله بعض
ميال فيه أوقي ُسا ٍر ،فلو زيد فيه أوقي أخرى ،لتخلف االنتفاع به ،فلو اقتصر
العلماء بالدواء ياون ً
السار بعد ذلك ما شاء ،لم يتخلف االنتفاع ،ويؤيد ذلك أن على األوقي في الدواء ثم استعمل من ُّ
األذكار المتغايرة إذا ورد لال منها عدد مخصوص مع طلب اإلتيان بجميعها متوالي ،لم تحسن الزيادة
على العدد المخصوص؛ لما في ذلك من قطع المواالة؛ الحتمال أن ياون للمواالة في ذلك حام
خاص تفوت بفواتها ،والله أعلم(.)1
مفلح :ويتوجه أنه ،حيث ذُكر العدد في ذلك ،فإنما قُصد أن ال ينقص منه ،أما الزيادة فال وقال ابن ٍ
قصد؛ ألن الذكر مشروع في الجمل ،فهو يشبه المقدر في الزكاة إذ زاد تضر ،ال سيما عند غير ٍ
عليه(.)1
وقال النووي :قوله فيمن قال في ٍ
يوم( :ال إله إال الله وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وهو
على كل شيء قدير مائ مرة لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إال أحد عمل أكير من ذلك) هذا فيه
دليل على أنه لو قال هذا التهليل أكير من مائ مرة في اليوم ،كان له هذا األجر المذكور في الحديث
على المائ ،وياون له ثواب آخر على الزيادة ،وليس هذا من الحدود التي نُهي عن اعتدائها ومجاوزة
أعدادها ،وأن زيادتها ال فضل فيها أو تبطلها كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصالة ،ويحتمل
أن ياون المراد الزيادة من أعمال الخير ال من نفس التهليل ،ويحتمل أن ياون المراد مطلق الزيادة
()1فتح الباري البن حجر ( )331 /1وانظر :تسهيل الفقه ( )333/1منح العالم (.)413/11
()1الفروع (.)131 /1
9
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره ،وهذا االحتمال أظهر ،والله أعلم(.)1
وميله قوله ( :من قال حين يصبح وحين يمسي :سبحان الله وبحمده ،مئ مرةٍ لم يأت أحد يوم
القيام بأفضل مما جاء به ،إال أحد قال ميل ما قال أو زاد عليه)(.)1
والخالصة :أن الذكر نوعان :مطلق ومقيد ،فالمطلق ليس له عدد محدد ،بل يذكر اإلنسان ربه قدر
استطاعته.
وأما المقيد ،فيقال :إن حصول العدد شرط للفضل الخاص ،والزيادة ،ال تخلو من حالين:
المتقدمين -فال بأس من الزيادة.
َ أحدهما :ما أذن الشرع به -كما في الحدييَين
الثاني :ما ُسات عنه ،فله أن يزيد بعد أن ينوي االنتهاء إلى العدد الوارد( ،)3مع مراعاة ما نبه عليه
الحافظ ابن حج ٍر ،من عدم فوت ما طُلب فيه المواالة.
ومياله :أنه يسن عند النوم أن يسبح ثالثًا وثالثين ،ويحمد ثالثًا وثالثين ،ويابر أر ًبعا وثالثين ،وله أن
يزيد بعد أن ينوي االنتهاء إلى العدد الوارد ،ولو أتى به بعد الصالة الماتوب ،لم تحسن الزيادة؛ إذا
تفوت المواالةُ المطلوب .
كان بقي عليه شيء من أذكار ما بعد الصالة ،كآي الارسي؛ لئال َ
المسألة التاسعة :يجوز الذِِّكر لمن كان محدثًا واألفضل أن يكون متطهرًا
أيضا ،قال
الح َدثين ،وطهارة الفم ً
األفضل أن ياون الذاكر في أكمل األحوال ،من الطهارة من َ
الشوكاني :الذكر عبادة باللسان ،فتنظيف الفم عند ذلك أدب حسن؛ ولهذا جاءت السن المتواترة
بمشروعي السواك للصالة ،والعل في ذلك تنظيف المحل الذي ياون الذكر به في الصالة ،وقد صح
أنه لما سلم عليه بعض الصحاب تيمم من جدار الحائط ثم رد عليه( ،)4وإذا كان هذا في مجرد رد
السالم ،فايف بذكر الله سبحانه؟ فإنه أولى بذلك(.)5اه .
نفذ ،أنه أتى النبي وهو يبول ،فسلم عليه ،فلم يرد عليه حتى توضأ ،ثم اعتذر وعن المهاجر بن قُ ٍ
إليه ،فقال( :إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إال على طُه ٍر)(.)6
عازب( :إذا أتيت مضجعك ،فتوضأ وضوءك للصالة ،ثم اضطجع على شقك وقال النبي للبراء بن ٍ
األيمن)()1؛ ومما قيل في حام أمره بالوضوء في هذا الموطن :أن تقال األذكار التي عند النوم
على أكمل األحوال من الطهارة الشرعي (.)1
ومما يندب للمؤمن استحباب دوام الطهارة ،قال العراقي :في حديث ٍ
بالل( )3استحباب دوام الطهارة،
وأنه يستحب الوضوء عقب الحدث ،وإن لم يان وقت صالةٍ ولم يرد الصالة ،وهو المراد بقوله :
(وال يحافظ على الوضوء إال مؤمن)( )4فالظاهر أن المراد منه دوام الوضوء ،ال الوضوء الواجب فقط
عند الصالة(.)5
اعا ،قال النووي :في قول عائش رضي الله عنها« :كان أما ذكر الله لمن كان محدثًا ،فهو جائز إجم ً
النبي يذكر الله تعالى على كل أحيانه»( ،)6هذا الحديث أصل في جواز ذكر الله تعالى بالتسبيح
والتهليل والتابير والتحميد وشبهها من األذكار ،في حال الجناب والحدث ،وهذا جائز بإجماع
المسلمين ،وإنما اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض(.)1
المسألة العاشرة :استقبال القبلة عند الذِّكر
يندب للمؤمن اإلكيار من ذكر الله تعالى ،ولو غير مستقبل القبل ،وإن تيسر له استقبالها ،فحسن،
قال شيخ اإلسالم ابن تيمي « :يستحب لال ذاك ٍر لله ٍ
وداع أن يستقبل القبل » اه ()3؛ وذلك ألنها
الجه التي يتوجه إليها العابدون والداعون والمتقربون لربهم جل وعال( ،)9ولما أراد النبي أن يدعو
يوم بد ٍر( ،)11وقد ورد ما يرغب في ذلك ()11
في االستسقاء استقبل القبل ،واستقبل القبل في دعائه َ
سيدا ،وإن سيد المجالس ٍ
على العموم ،فعن أبي هريرة قال :قال رسول الله ( :إن لال شيء ً
قبال القبل )(.)11
حين يصبح فمات من يومه ميلَه) فإحدى الروايتين تفسر األخرى وتبين المراد من الصبح والمساء.
لان من نسي قول األذكار في أوائل وقتها أو ُشغل عنها ،أتى بها بعد ذلك.
هذا ،وإن من األذكار ما هو مطلق ،كقول النبي ( :من قال :ال إله إال الله ،وحده ال شريك له ،له
قاب ،وُكتبت له شيء قدير ،في ٍ
يوم مئ مرةٍ ،كانت له َع ْد َل عشر ر ٍ الملك ،وله الحمد ،وهو على كل ٍ
ومحيت عنه مئ سيئ ٍ ،وكانت له ح ًرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،ولم يأت أحد ٍ
مئ حسن ُ ،
بأفضل مما جاء به إال أحد عمل أكير من ذلك ،ومن قال :سبحان الله وبحمده ،في ٍ
يوم مئ مرةٍ، َ
ليل أو نها ٍر.
وقت من ٍ حطت خطاياه ولو كانت ميل زبد البحر) ،فلذاكر أن يقوله في أي ٍ
)1 (
ُ
ليال ،كقول النبي ( :اآليتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليل ٍ كفتاه)(،)1
ومنها ما يندب قولُه ً
وقت من الليل.والليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ،فلإلنسان أن يقوله في أي ٍ
المسألة الثالثة عشرة :حكم قضاء الذكر إذا فات
ليل أو نها ٍر ،أو عقب صالةٍ أو حال ٍ من
وقت من ٍقال النووي :ينبغي لمن كان له وظيف من الذكر في ٍ
األحوال ففاتته ،أن يتداركها ويأتي بها إذا تمان منها وال يهملها؛ فإنه إذا اعتاد المالزم عليها ،لم
سهل عليه تضييعها في وقتها ،وقد ثبت في صحيح يعرضها للتفويت ،وإذا تساهل في قضائهاُ ،
مسلم( ،)3عن عمر بن الخطاب قال :قال رسول الله ( من نام عن حزبه أو عن ٍ
شيء منه فقرأه ْ
ما بين صالة الفجر وصالة الظهرُ ،كتب له كأنما قرأه من الليل)(.)4
قال ابن عالن :والمراد باألحوال :األحوال المتعلق باألوقات ،ال المتعلق باألسباب ،كالذكر عند رؤي
الهالل وسماع الرعد ونحو ذلك ،فال يندب تداركه عند فوات سببه ،وهذا وإن لم أر من ذكره ،فقد
صرح الفقهاء بما يؤخذ منه ذلك وهو قولهم :الصالة ذات السبب كالتحي ال يندب قضاؤها عند فوات
سببها ،بخالف ذات الوقت(.)5
المسألة الرابعة عشرة :إذا ثبت في الموطن الواحد عدة أذكارٍ ،فهل يأتي
بها كلها ،أو يقتصر على واحدٍ؟
وذلك ميل االستفتاح في الصالة وأذكار النوم والصباح والمساء وما بعد األكل وما بعد الوضوء.
()1صرح الطيبي بأنه ينبغي للمتوضئ أن يجمع ما ورد من األذكار بعد الوضوء .الااشف عن حقائق السنن (.)143 /3
()1ينظر :التعليق على كتاب الدعوات من صحيح البخاري ،البن عييمين ،بواسط كتاب نتاج الفار ،للشيخ عبد الله بن مانع (ص )13تسهيل الفقه
(.)116/1
()3األذكار (ص.)56
()4نتائج األفاار (.)111 /1
()5أخرجه مسلم (.)419
()6أخرجه مسلم (.)431
14
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
علي « :إذا ركع أحدكم فليقل :اللهم لك ركعت ،ولك خشعت ،وبك آمنت ،وعليك -وقو ُل ٍ
توكلت ،سبحان ربي العظيم -ثالثًا -وإذا سجد قال :سبحان ربي األعلى -ثالثًا -فإن عجل به أمر
فقال :سبحان ربي العظيم وترك ذلك ،أجزأه»(.)1
المسألة السادسة عشرة :التنويع بين األذكار التي ال تجمع في موطنٍ واحدٍ،
كالتشهدات
قال شيخ اإلسالم ابن تيمي رحمه الله :وقاعدتنا في هذا الباب أصح القواعد أن جميع صفات
أثرا يصح التمسك به ،لم ياره شيء من ذلك ،بل يشرع العبادات من األقوال واألفعال إذا كانت مأثورة ً
ذلك كله ،كما قلنا في أنواع صالة الخوف ،وفي نوعي األذان :الترجيع وتركه ،ونوعي اإلقام :شفعها
وإفرادها ،وكما قلنا في أنواع التشهدات ،وأنواع االستفتاحات ،وأنواع االستعاذات ،وأنواع القراءات،
وأنواع تابيرات العيد الزوائد ،وأنواع صالة الجنازة ،وسجود السهو ،والقنوت قبل الركوع وبعده،
ضل على ٍ
بعض والتحميد بإثبات الواو وحذفها ،وغير ذلك ،لان قد يستحب بعض هذه المأثورات ويَ ْف ُ
إذا قام دليل يوجب التفضيل ،وال ياره اآلخر.
ومعلوم أنه ال يمان المالف أن يجمع في العبادة المتنوع بين النوعين في الوقت الواحد ،ال يمانه
معا ،وإن فعل ذلك مرتين ،كان ذلك ٍ
معا ،وال بصالتي خوف ًمعا ،وال بقراءتين ً
أن يأتي بتشهدين ً
منهيًا عنه ،فالجمع بين هذه األنواع محرم تارةً ،وماروه أخرى.
وال تنظر إلى من قد يستحب الجمع في بعض ذلك ،ميل ما رأيت بعضهم قد لفق ألفاظ الصلوات
على النبي المأثورة عن النبي ،واستحب فعل ذلك الدعاء الملفق ،وقال في حديث أبي با ٍر
الصديق لما قال للنبي علمني دعاءً أدعو به في صالتي فقال( :قل :اللهم إني ظلمت نفسي ظل ًما
كبيرا. ٍ
كييرا ً
كييرا )...-فقال :يستحب أن يقولً : كبيرا -وفي رواي ً :
ً
وهذا ضعيف؛ لوجوهٍ:
ٍ
جميعا ،وإنما كان
جميعه ًاألول :أنه ليس بسن ،بل خالف المسنون؛ فإن النبي لم يقل ذلك َ
يقول هذا تارًة وهذا تارةً ،إن كان األمران ثابتين عنه.
ميل جمع حروف القراء كلهم -ال علىالثاني :أن جمع ألفاظ الدعاء والذكر الواحد على وجه التعبد ُ
سبيل الدرس والحفظ -على سبيل التالوة والتدبر مع تنوع المعاني ،ميل أن يقرأ في الصالة{ :ربنا
باعد بين أسفارنا} {بعد بين أسفارنا} ومعلوم أن هذا بدع ماروه قبيح .
تشهدا من التشهدات المأثورة ،فجمع بين حديث الثالث :أن األذكار المشروع ً
أيضا لو لفق الرجل له ً
ابن مسعود ،وبين زاكيات تشهد عمر ،ومباركات ابن ٍ
عباس ،بحيث يقول :التحيات لله والصلوات
والطيبات والمباركات والزاكيات ،لم يشرع له ذلك ولم يستحب ،فغيره أولى بعدم االستحباب.
إلى أن قال :أما الجمع في صلوات الخوف أو التشهدات أو اإلقام أو نحو ذلك بين نوعين ،فمنهي
عنه باتفاق المسلمين.
نوع و ٍ
احد من ذلك أو أن يفعل هذا تارةً وهذا تارًة؟ فإن أيضا :أيما أفضل لإلنسان المداوم على ٍ وقال ً
نوع عاد ًة ومراعاةً
معتقدا أنه أفضل ،أو يداوم على ٍ
مختارا له ،أو ً
ً نوع من ذلكمن الناس من يداوم على ٍ
لعادة أصحابه وأهل طريقته ،ال العتقاد الفضل.
نوع معي ٍن لم يداوم عليه
والصواب أن يقال :التنوع في ذلك متابع ً للنبي أفضل من المداوم على ٍ
النبي لوجوهٍ:
أحدها :أن هذا هو اتباع السن والشريع ؛ فإن النبي إذا كان قد فعل هذا تارًة وهذا تارًة ولم يداوم
على أحدهما ،كان موافقته في ذلك هو التأسي واالتباع المشروع ،وهو أن يفعل ما فعل على الوجه
الذي فعل.
الثاني :أن ذلك يوجب اجتماع قلوب األم وائتالفها وزوال كيرة التفرق واالختالف واألهواء بينها،
وهذه مصلح عظيم ،ودفع مفسدة عظيم ،نَ َدب الاتاب والسن إلى جلب هذه ،ودرء هذه.
الثالث :أن ذلك يخرج الجائز المسنون عن أن يشبه بالواجب؛ فإن المداوم على المستحب أو
الجائز مشبه بالواجب ،ولهذا أكير هؤالء المداومين على بعض األنواع الجائزة أو المستحب لو انتقل
عنه لنفر عنه قلبه وقلب غيره ،أكير مما ينفر عن ترك كيي ٍر من الواجبات؛ ألجل العادة التي جعلت
الجائز كالواجب.
نوع ال بد له من خاص ٍ ،وإن الرابع :أن في ذلك تحصيل مصلح كل و ٍ
احد من تلك األنواع؛ فإن كل ٍ
مرجوحا فايف إذا كان مساويًا؟
ً كان
الخامس :أن في المداوم على ٍ
نوع دون غيره هجرانًا لبعض المشروع ،وذلك سبب لنسيانه واإلعراض
عنه حتى يُعتقد أنه ليس من الدين(.)1
المسألة السابعة عشرة :يشرع التنويع في اللفظة الواحدة إذا ثبتت بأكثر
ٍ
بتصرف. ()1مجموع الفتاوى ()151-141 /14
16
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
من روايةٍ
ولذلك أمثلة:
منها :ما جاء في حديث أبي با ٍر الصديق ،أنه قال لرسول الله :علمني دعاءً أدعو به في صالتي،
كييرا ،وال يغفر الذنوب إال أنت ،فاغفر لي مغفرًة من عندك،ظلما ً
قال( :قل :اللهم إني ظلمت نفسي ً
ٍ
كبيرا)(.)1 وارحمني ،إنك أنت الغفور الرحيم) أخرجاه ،وفي رواي لمسل ٍمً :
(ظلما ً
صحيح ،واستحب بعضهم أن يجمع الداعي بين كييرا) وكالهما بمعنًى ٍ
ٍ (كبيرا ،و ً
قال ابن كيير« :يروى ً
اللفظين في دعائه ،وفي ذلك نظر ،بل األَولى أن يقول هذا تارةً ،وهذا تارةً؛ كما أن القارئ مخير بين
القراءتين أيتهما قرأ فحسن ،وليس له الجمع بينهما»(.)1
الخبُث والخبائث)(.)3 ومنها :قول ٍ
أنس :كان النبي إذا دخل الخالء قال( :اللهم إني أعوذ بك من ُ
قال النووي :الخبث بضم الباء وإساانها ،وجهان مشهوران في رواي هذا الحديث(.)4
أمسيت؟ قال :قل( :اللهم أصبحت وإذا ٍ
بشيء أقوله إذا ومنها :قول أبي با ٍر :يا رسول اللهُ ،مرني
ُ ُ
عالم الغيب والشهادة ،فاطر السموات واألرض ،رب كل ٍ
شيء وملي َاه ،أشهد أن ال إله إال أنت ،أعوذ
أمسيت ،وإذا أخذت
َ أصبحت ،وإذا
َ بك من شر نفسي ،ومن شر الشيطان وش ْركه ،قُ ْلهُ إذا
مضجعك)(.)5
قال الخطابي :يروى على وجهين ،أحدهما :ش ْركه ،ومعناه :ما يدعو إليه الشيطان ويوسوس به من
اإلشراك بالله ،والوجه اآلخرَ :شَركه ،أي :حبائل الشيطان ومصايده(.)6
ومنها :ما قالت عائش :كان النبي يقول في ركوعه وسجوده( :سبُّوح قدُّوسُّ ،
رب المالئا
استعماال(.)3
ً والروح)( ،)1قال ابن األثير :يرويان بالضم والفتح ،والفتح أقيس ،والضم أكير
المسألة الثامنة عشرة :الموطن الذي ورد فيه أكثر من ذكرٍ ال يشترط فيه
ترتيب معين
بعض ،إال ٍ
بدليل ،ومما جاء فيه وذلك كأذكار النوم والصبح والمساء ،فال حرج من تقديم بعضها على ٍ
قول ثوبان كان رسول الله إذا انصرف من صالته ،استغفر ثالثًا ،وقال( :اللهم أنت الدليلُ ،
السالم ،ومنك السالم ،تباركت ذا الجالل واإلكرام)( ،)1فهذا الحديث يدل على تقديم هذا الذكر على
غيره من أذكار ما بعد الصالة.
ميال -قدم من األذكار ما فيه تعظيم وتسبيح وحمد لله ،ثم ثنى ولو أن قائل أذكار الصباح والمساءً -
باألذكار التي تتضمن دعاءً= لاان حسنًا؛ من باب تقديم اليناء قبل الدعاء.
وكذلك لو قدم الدعوات التي تتضمن سؤال الله المغفرة -كسيد االستغفار -على غيرها= لاان حسنًا
تقديم سؤال الله غفران الذنوب على غيره ،كقول سليمان { :قَ َال أيضا؛ فقد جاء في أدعي القرآن ُ ً
رب ا ْغفر لي وهب لي م ْل ًاا َال ي ْن بغي أل ٍ
اب} وقول موسى { :أَنْ َ
ت ت الْ َوه ُ ك أَنْ َ
َحد م ْن بَ ْعدي إن َ َ ََ ْ ََ ْ ُ َ
ب لَنَا في َهذه الدُّنْيَا َح َسنَ ً َوفي ْاآلخَرة} وقول أولي ين َوا ْكتُ ْ
ت َخْي ُر الْغَافر ََوليُّنَا فَا ْغف ْر لَنَا َو ْار َح ْمنَا َوأَنْ َ
األلبابَ { :رب نَا فَا ْغف ْر لَنَا ذُنُوبَنَا َوَكف ْر َعنا َسيئَاتنَا َوتَ َوف نَا َم َع ْاألَبْ َرار} وقول النبي ( :اللهم اغفر لي
ذنبي ،ووسع لي في داري ،وبارك لي فيما رزقتني)(.)1
المسألة التاسعة عشرة :من لم يتمكن من اإلتيان بجميع أذكار الصبح
ت ببعضها ،ولو في طريقه والمساء أو النوم أو ما بعد الصالة ،فليأ ِ
قال النووي عن أذكار الصباح والمساء :اعلم أن هذا الباب واسع جدا ،فمن وفق للعمل بالها فهي
نعم وفضل من الله تعالى عليه ،وطوبى له ،ومن عجز عن جميعها فليقتصر من مختصراتها على ما
احدا(.)3
ذكرا و ً
شاء ،ولو كان ً
نفسه.
وأذكار النوم وما بعد الصالة ،لها الحام ُ
وقد تقدم قول النووي :المراد من الذكر حضور القلب ،فينبغي أن ياون هو مقصود الذاكر فيحرص
على تحصيله ،ويتدبر ما يذكر ،ويتعقل معناه...اه .وال شك أن قول األذكار واإلنسان جالس ،ومبتعد
عن الشواغل ،أدعى لحضور قلبه ،ولان ال حرج أن يقول أذكار ما بعد الصالة أو الصبح والمساء وهو
في طريقه ،قال ابن نصر الله عن أذكار ما بعد الصالة :والظاهر أن يقول ذلك ،وهو قاعد ،ولو قاله
أيضا؛ إذ ال تحجير في ذلك(.)4
للسن ً بعد قيامه وفي ذهابه ،فالظاهر أنه مصيب ُّ
المسألة السابعة والعشرون :من أتى بأذكار النوم ثم قام لقضاء حاجةٍ
ونحوها ،فهل يعيد؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :الظاهر يافيه إذا قاله عند أول ما ينام ،وإن كرر فال بأس ،لان السن
حصلت باألذكار التي قالها()1اه .
ويتجه استحباب اإلعادة مع طول الفصل عرفًا.
المسألة الثامنة والعشرون :إجابة المؤذن والتأمين على الدعاء إذا سُمع من
المذياع ونحوه
هذا ال يخلو من حالين:
أحدهما :أن ياون ً
منقوال على الهواء ،وهو في وقت الصالة ،فتسن إجابته.
مسجال ،فال تشرع إجابته؛ ألنه ليس بصوت مؤذن يؤذن حقيق ً في هذا الوقت(.)1
ً ثانيهما :أن ياون
ويقال بميل هذا التفصيل في التأمين على الدعاء(.)3
المسألة التاسعة والعشرون :حكم رفع اليدين عند الدعاء
ثبت في السن أن النبي رفع يديه عند الدعاء في مواطن كييرة( ،)4وثبت أنه دعا ولم يرفع يديه،
فالمسأل ال تخلو من أحو ٍال(:)5
أولها :ما ثبت فيه أن النبي رفع يديه ،كالدعاء في عرفات ،وعلى الصفا والمروة ،وبعد رمي الجمرة
األولى والوسطى ،واالستسقاء في خطب الجمع ،وفي قنوت النوازل ،فيسن الرفع ٍ
حينئذ.
ثانيها :ما ثبت فيه أن النبي دعا ولم ينقل أنه رفع يديه ،كالدعوات التي كان يقولها في أذكار
النوم ،وأذكار الصباح والمساء ،فال يسن الرفع ٍ
حينئذ.
ثالثها :ما نُدب فيه الدعاء ،ولم ييبت أن النبي دعا فيه ،كساع الجمع ،وبين األذان واإلقام ،
وفي اليلث األخير من الليل ،أو الدعوات األخرى في سائر اليوم ،فرفع اليدين حسن؛ ألنه من أسباب
اإلجاب ،كما في حديث سلمان( :إن ربام تبارك وتعالى َحيي كريم ،يستحيي من عبده إذا رفع يديه
صفرا)( ،)1وحديث أبي هريرة( :ثم ذكر الرجل يطيل السفر أ ْش َعث أغبرُّ ،
يمد يديه إلى إليه ،أن يردهما ً
السماء ،يا رب ،يا رب)(.)1
المسألة الثالثون :حكم الدعاء بعد صالة النافلة
قال الشيخ ابن باز :يجوز الدعاء بعد النافل ؛ لعدم ما يدل على منعه ،ولو مع رفع اليدين؛ ألن رفع
اليدين في الدعاء من أسباب اإلجاب ،لان ال ياون بصف ٍ دائم ٍ ،بل في بعض األحيان؛ ألنه لم
افعا يديه بعد كل نافل ٍ ،والخير كله في التأسي به والسير على يحفظ عن النبي أنه كان يدعو ر ً
ُس َوة َح َسنَ }(.)3اه .
نهجه؛ لقوله سبحانه{ :لََق ْد َكا َن لَ ُا ْم في َر ُسول الله أ ْ
ولما كان النبي يصلي عند الاعب ،وآذاه المشركون بوضع َسال الناق عليه ،قال ابن مسعود:
«فلما قضى النبي صالته ،رفع صوته ،ثم دعا عليهم»( ،)4وذكر كيير من العلماء أن دعاء صالة
االستخارة ياون بعد السالم.
المسألة الحادية والثالثون :متى يسوغ تعليق الدعاء؟
قال ابن القيم :شرع الله سبحانه لعباده التعليق بالشروط في كل موض ٍع يحتاج إليه العبد ،حتى بينه
خيرا لي
وبين ربه ،...فإن الداعي بالخيرة يشترط على ربه في دعائه ،فيقول :اللهم إن كان هذا األمر ً
وم َعاشي ،فاقْ ُد ْرهُ لي ،فيعلق طلب اإلجاب بالشرط؛ لحاجته إلى ذلك؛ لخفاء المصلح عليه.
في ديني َ
وكذلك النبي اشترط على ربه أيما رجل َسبهُ أو لعنه وليس لذلك ٍ
بأهل أن يجعلها كفارةً له وقرب ً
يقربه بها إليه ،وهذا تعليق للمدعو به بشرط االستحقاق .وكذلك المصلي على الميت شرع له تعليق
الدعاء بالشرط ،فيقول :إن كان محسنًا فتقبل حسناته ،وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته.
حال َم ْن أصلي عليه من الجنائز ،هل هو مؤمن أو منافق؟ فرأيتوقال شيخنا :كان يُشال علي أحيانًا ُ
رسول الله في المنام ،فسألته عن مسائل عديدة منها هذه المسأل ،فقال :يا أحمد ،الشرط
الشرط ،أو قال :علق الدعاء بالشرط .وكذلك أرشد أمته إلى تعليق الدعاء بالحياة والموت بالشرط
خيرا لي، َ ٍ
الموت لضر نزل به ،ولان ليَ ُق ْل :اللهم أحيني إذا كانت الحياة ً فقال( :ال يتمنين أحدكم
خيرا لي)( ،)5وكذلك قوله في الحديث اآلخر(( :)1وإذا أردت بعبادك فتن ً، وتَ َوفني إذا كانت الوفاة ً
()1أخرجه أبو داود ( )1433والترمذي ( )3556وابن ماجه ( )3365وقال الترمذي :حسن غريب ،ورواه بعضهم ولم يرفعه.
()1أخرجه مسلم (.)1115
()3مجموع فتاوى ابن باز (.)163 /11
()4أخرجه البخاري ( )141مسلم ( )1194واللفظ لمسل ٍم.
()5أخرجه البخاري ( )5611ومسلم (.)1631
13
كار
ن َأحكَامِ ا َألدْعِيةِ واألَ ْذ َ
اإلِ ْخ َبار بِجمْلةٍ ِم ْ
فالعبد يسأل ربه ويعلقه على اختيار ربه له أصلح األمرين ،كالدعاء المأثور( :اللهم أحيني إذا كانت
الحياة خيرا لي )...وكدعاء االستخارة .فافهم هذا الفرق اللطيف البديع بين طلب األمور النافع
المعلوم نفعُها وعدم ضررها ،وأن الداعي يجزم بطلبها وال يعلقها ،وبين طلب األمور التي ال يدري العبد
عن عواقبها ،وال رجحان نفعها على ضررها ،فالداعي يعلقها على اختيار ربه الذي أحاط بال ٍ
شيء
علما وقدرًة ورحم ً ولط ًفا(.)1اه .
ً
وللداعي أن يسأل الله الولد ،ونحوه ،مع ضميم األوصاف المحبوب إلى الله تعالى ،كما قال إبراهيم
ب لي ك َد َعا َزَكريا َربهُ قَ َال َرب َه ْ
ين} وكما قال زكريا ُ { :هنَال َ
ب لي م َن الصالح َ َ { :رب َه ْ
ُّعاء}.
يع الد َ
ك َسم ُ
ك ذُري ً طَيبَ ً إن َ
م ْن لَ ُدنْ َ
المسألة الثانية والثالثون :حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء
اختُلف في هذا ،واختار جمع محققون أنه ال يسن؛ ألنه قد ثبت عن النبي رفعه ليديه في الدعاء
في مواطن كيي ٍرة ،ولم يصح عنه أنه مسح وجهه بيديه بعد الدعاء.
أحد من السلف فيقال البيهقي :فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه ،عن ٍ
دعاء القنوت ،وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصالة ،وقد روي فيه عن النبي حديث
فيه ضعف ،وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصالة ،وأما في الصالة فهو عمل لم ييبت بخب ٍر ص ٍ
حيح
قياس ،فاألَولى أن ال يفعله ويقتصر على ما فعله السلف ،من رفع اليدين دون ثابت وال ٍ وال أث ٍر ٍ
مسحهما بالوجه في الصالة(.)1
وقال ابن تيمي :وأما رفع النبي يديه في الدعاء ،فقد جاء فيه أحاديث كييرة صحيح ،وأما مسحه
وجهه بيديه فليس عنه فيه إال حديث أو حدييان ال يقوم بهما حج (.)3
وفي فتاوى اللجن الدائم :ولما كان الدعاء عبادةً مشروع ً ،ولم ييبت في مسح الوجه بالافين سن
عمال باألحاديث الصحيح التي لمطرق ضعيف ٍ ،فاألولى تركهً ، قولي أو عملي ،بل روي ذلك من ٍ
يذكر فيها المسح(.)4
وثمت تنبيهات:
األول :أن من العلماء من حسن األحاديث المروي في هذا الباب ،منهم الحافظ ابن حج ٍر( ،)1ولذا
اعتمادا على تحسين
ً نار على َمن َم َس َح
قال الشيخ ابن عييمين ... :األفضل أ ْن ال يمسح ،ولان ال نُ ُ
()1
أيضا :لو مسح وجهه فالاس اه .وقال ً األحاديث الواردة في ذلك؛ ألن هذا مما يختلف فيه الن ُ
نبدعه أو نضلله؛ لورود بعض األحاديث(.)3
الثاني :أن األحاديث المروي في المسح إنما هو خارج الصالة ،ال داخلها.
الثالث :قال الشيخ بار أبو ز ٍ
يد :محل الخالف بين العلماء إنما هو إذا رفع الداعي يديه للدعاء ،أما
ٍ
خالف(.)4 لو دعا غير راف ٍع ليديه ،فإنه ال يمسح ،بال
قطعا ،بل نص الرابع :مسح غير الوجه ،كالصدر ،إن كان في القنوت ،فقد قال النووي :ال يستحب ً
ٍ
حديث أو أث ٍر(.)6 جماع على كراهته()5اه .وفي غير القنوت قال الشيخ بار :لم َأر فيه شيئًا يُؤثر من
وإلى هنا انتهى ما تيسر ذكره من المسائل ،وقد قع الفراغ منها بفضل الله تعالى في السادس
ألف وأربع مئ ٍ وأربعين ،والحمد لله رب العالمين.
من شهر ربي ٍع اآلخر ،سن ٍ