-3تجليات المتعة واإلفادة في توظيف الفكاهة في تدريس أدب الطفل:
آليات و تقنيات الفكاهة -4
-1مفهوم الفكاهة الفكاهة لغة ورد في لسان العرب ":وفكه القوم بالفكاهة أتاهم بها .والفاكهة أيضا :الحلواء عىل التشبيه .وفّككَه ُه م بُم لح الكالم :أطرَف ُه م ،واالسم الفكهة الفكاهُة ،بالضم ،والمصدر المتوهم فيه الفعل الفكاهُة .والفكاهة ،بالفتح مصدرَ ،ف ِك َه الرجُل بالكسر ،فهو َف ِك ٌه إذا كان طيب النفس مّز احا ،والفاكُه :المّز اُح .والفاكهُة ،بالّض م :المزاح .والَّت فاكُه :التمازح. فاكهت القوم مفاكهة بُم لح الكالم :المزاح ،والُم فاَكَه ُة :الممازحُة .والفَكه :الطيب النفس" وجاء في كتاب العين للفراهيدي "فاكهُت القوَم ُم فاكَه ًة بملح الكالم والمزاح، واالسم الفاكهة ،وجاء أيضا الفاكهة :المزاح والُف كاِه ،المازح ،والفكه ،الطيب النفس". كما ذكر الزمخشري ":تفكه القوم :أكلوا الفاكهة ومن المجاز :تفكه بكذا ،إذا تلذذ به. وفالٌن َف ِك ٌه بأعراض الناس .وفاكهُت القوم مفاكهًة طايبتهم ومازحتهم .وما كان ذلك مني إال فكاهًة ،أي دعابة .ورجل فكه :طيب النفس ضحوك .وجاءنا بُأفكوهة او ُأملوحة". حسب المعاجم اللغوية يمكن استخالص تعريف اللغوي مّو حد للفكاهة فنقول إن الُف َكاَه َة هي الُدَع اَبُة والُم َز اُح والُم َض اَحَكُة والفاِك ُه هو الَم َّز اُح ،طّي ب الّن فِس ،خِف يف الدِّم ، ضُحوٌك ُيطِرُف بُم لح الكالم ،ونقول فالن َف ِك ٌه بأعراض الناس أي اغتابهم وضحك عليهم. -1مفهوم الفكاهة تعريف الفكاهة اصطالحا كونها ":رسالة اجتماعية مقصود منها انتاج الضحك واالبتسامة وتحقيق بعض األهداف والوظائف وتستخدم بعض األساليب ولها بنيتها الخاصة ومحتواها المميز وتظهر في مواقف معينة ذات طبيعة خاصة وحددها أنيس فريحة بأّنها صفة قائمة في القول والفعل والحركة من شأنها ان تستأنف اىل القلب فتخلق جًو ا من البهجة والحبور والراحة النفسّي ة ....والفكاهة في بواعثها محاولة لتحويل األلم والكبت اىل نوع من التعبير الذي يخفف من وطأة البؤس ...وتظهر بأشكال مختلفة قصة أو نادرة أو نكتة" كما ُذ ِك َر في إحدى المدونات التربوّية بأّنها قوٌل أو فعٌل أو موقٌف يبعُث عن االبتسامة أو الضحك لغرابته أو مخالفته للمنطق" وهي تشمل "السخرية واللذع والتهّكم والهجاء والنادرة والدعابة والمزاح والنكتة ....والكاريكاتور". ما نخلص اليه ،إن الفكاهة هي أسلوب اجتماعي طريف في القول أو الفعل أو الموقف يّو لد الضحك واالبتسام وحاملة لعدة مقاصد إيجابّي ة وسلبّي ة -2وظائف الفكاهة :
تنهض الفكاهة بوظائف اجتماعية و نفسية و معرفية :
وظيفة اجتماعية : تساعد الفكاهة المتعلمين عىل التخلص من كل ما هو نمطي سائد وتخفف من حدة القيود االجتماعية و تعتبر متنفسا آمنا للتعبير عن اآلراء والمواقف التخفيف من وطأة القيود االجتماعية "فالفكاهة صمام أمان للتعبير عن األفكار المرتبطة بجوانب ترتبط أكثر من غيرها بالقيود ...و تلعب الفكاهة الضحك والنكت دورا خاصا عىل تصريف بعض الطاقات المتراكمة" فكلما كان اإلنسان مرحا أكثر كلما اكتسب عالقات أكثر فاإلنسان میال لمن يمتلكون حسن الفكاهة فالمزاح يقلل من التوتر بين العالقات مع اآلخرين ونحو األفضل أن يكتسب الشخص عالقات من مختلف فئات المجتمع ،كما تساهم في كسر الحواجز بين األفراد . وظيفة نفسية : الفكاهة تقلل من انفعاالت الطفل السلبية الناتجة عن الضغوطات إذ تحولها إىل انفعاالت ايجابية فهي لمواجهة الخوف والقلق :فالضحك يجعلنا نعلو عىل المواقف المربكة وعىل المخاوف المقلقة وعىل الصراعات المهلكة ".وهذا ما يفسر المكانة االيجابية للفكاهة في تحسين نفسية كل من المعلم والمتعلم إذ تعتبر وسيلة للتخفيف من الضغط النفسي والتوتر و تزيد من الشعور باالسترخاء لديهما وهي أيضا تحسن القدرة عىل التواصل بشكل أفضل بينهما ،و بالتالي فإن الفكاهة تعزز عملية التعلم لدى الطفل وتجعل من المعلم مبدعا في وهله. وظيفة معرفية: تساعد الفكاهة و روح الدعابة الفرد عىل التخلص من اآلراء واألفكار الضبابية و عىل تطوير أفكاره و معارفه و تضفيان نوعا من المرونة عليها " فتكون الفكاهة نوعا من اللعب العقلي أو المباراة المعرفية ،فهي تمنح نوعا من التحرر المؤقت من سيطرة القوالب النمطية و الطرائق المنطقية الجامدة نظرا العتبار التربيات الكالسيكية قائمة عىل مبدأ قولبة المعارف وجعلها أكثر جمودا إال أن الفكاهة اليوم تمثل لبنة من البنات التربية الحديثة فهي تجعل من الطفل مبدعا ومفكرا أكثر .كما تتيح له الفرصة لتحقيق تواصله مع أترابه وذلك عبر تطويع معارفه وصقل مواهبه حتى تعم الفائدة ، -3تجليات المتعة واإلفادة في توظيف الفكاهة في تدريس أدب الطفل: تبعا لتوظيف شتى أساليب الفكاهة في تدريس أدب الطفل ،نستطيع تبين عدة انعكاسات عىل كل من المعلم و المتعلم بما تحمله من من متعة وإفادة يمكن تبويبها إىل مستويات مختلفة منها العالئقي و اإلنساني والفيزيولوجي والمعرفي التعليمي: -1مستوی عالئقي /إنساني: يعتبر أدب الطفل من األنواع األدبية التي تعكس الحياة الخارجية لألطفال .فهو ُيعّد ه لُحسن التعامل مع اآلخرين و يكسبه ثقة بنفسه كما أنه يؤّه له للتعايش اإليجابي في المجتمع .فمن خالله يتم بناء إنسان جديد يّت سم بالتوازن وذلك عن طريق صقل سلوكياته وإعداده ليعيش بفاعلّي ة ويختلط ويتعاون مع اآلخرين .فُي صبح قادرا عىل تأسيس عالقات تفاعلية مع المحيطين به في كنف االحترام والتعاون .وما القسم إال مجتمع مصّغ ر ينبني باألساس عىل العالقات التي تربط مختلف أطراف العملية التعليمية التعلمية فیکمن بذلك مناخ دراسي مبني باألساس عىل الحبور وتحقيق التواصل والتفاعل ومنه تكوين عالقات إنسانية تحقق المتعة من خالل التشارك في فعل الضحك ،فبمجّر د تبادل وتقاسم التالميذ مع معلمهم هذا الفعل عىل نفس الموضوع المطروح ( القصة أو النكتة مثال) يتأسس تبعا له رابط وطيد يصبح فيه الطرفان أكثر مرونة و إقباال عىل بناء عالقات جديدة و تأسیس روابط اجتماعية صادقة وفي هذا اإلطار يمكن أن نذكر المثل الشعبي المتداول "أضحك للدنيا تضحكلك" ،وعليه فالتعلم يكون بالقلب والعقل معا .ويمكن التوظيف المعلم األسلوب الفكاهة داخل القسم أن يساهم بقدر كبير في تحقيق سهولة االتصال والتحكم في سلوكيات المتعلمين وتوجيههم نحو الهدف المراد تحقيقه من خالل إثارة اهتمامهم بشتي أشكال الفكاهة المستعملة وتقنيات التنشيط القائمة باألساس عىل التعاون والعمل المجموعاتي ُبغية ترسيخ قيم العمل التشاركي وإزالة الخوف من المعلم ومن المحتوى المطروح وما يتبعه من تجاوز لألسلوب الكالسيكي القائم عىل العالقة األفقية .كما يكتسب المعلم عدة خصال لعل أهمها القدرة عىل تسيير القسم بسالسة وسهولة والقدرة عىل ارتحال القصص وتضمين األحداث والوقوف علىالنقاط التي يتوجب فيها التدخل وتبسيطها بطريقة طريفة ما يتبعه من تقرب ومشاركة العفوية المتعلمين الصغار فيتحول من مجرد مدرس إىل أب وصديق ومنشط .ومن هنا نخلص إىل تحول القسم من فضاء مخصص للتعلم إىل عائلة مصّغ رة تسودها قيم العيش الجماعي والمحبة وتحد من جميع أشكال التفاوت الطبقي أو التمييز بين المتعلمين وتتحقق المساواة ويتصير القسم مكانا يتاح فيه للمتعلم والمعلم عىل حد السواء التخلص من الشحنات السلبية المتراكمة وخلق رابط وثيق يعزل التعب واإلجهاد من جهة ويتيح فرصة اكتساب قيم وتفعيل المهارات الحياتية من جهة أخرى قصد صقل شخصيتي المعلم والمتعلم وإنماء سلوكياتهما. -2مستوى فيزيولوجي: من المعروف أن أدب الطفل مکتوب بأسلوب مثير وممتع نظرا ألن كل أدب ينطلق من اإلمتاع .وبالتالي فإن هذا األدب ُم حقق لوظيفة اإلمتاع باعتباره يخاطب النفس والذهن في آن واحد .وفي ارتباطه بالفكاهة يتضاعف الجانب اإلمتاعي في تدريس ما نتبينه خالل عدة انعكاسات تتجىل عبر ما ُتحققه الفكاهة من متعة وإفادة وما يتبعها من تعبير جسمي يظهر عىل كٍّل من المعّلم والمتعلم في شكل ضحك يبرز عىل وجه مستقبل الرسالة (المتعلم) وباثها (المعلم) لتتغير بذلك تفاصيل ومالمح الوجه وتكسي بلمسة االبتهاج والبشاشة .وعليه يمكن القول إن الضحك عالج للروح وللجسد من جهة ومحقق لمتعة كاسرة للتشاؤم والنفور من المادة األدبية المطروحة من جهة أخرى ما يتبعه من طاقة إيجابية مؤثرة عىل الجسد ومعززة النتشائه وإحساسه بالسعادة والحبور وهو ما يكسر روتين الحياة الرتيب ويروح عن كال الطرفين .فالضحك نعمة تنير الدروب ،يقول المفكر أحمد مستجير "إذا فقدنا القدرة عىل الضحك ..فقدنا كل شيء" .ومما يجب المرور عليه هو اإلفادة التي ُتحققها الفكاهة في أدب الطفل ،باعتبارها موّلدة لفعل الضحك ،عىل صحة المعلم والمتعلم عىل حّد السواء .فهي ُتحقق إفادة صحّي ة لعّل أبرزها يلخصه رئيس الرابطة األمريكية للعالج بالضحك -ستيف سولطانوف۔ "إن الضحك يزيد من احتمالية اإلنسان لآلالم ،كما يقوي الجسم من خالل إفراز األجسام المضادة تحارب العدوى والتي تمنع تصلب الشرايين، من ثم إصابة اإلنسان بالذبحة الصدرية واالزمات القلبية او السكتة الدماغية" .وللتعمق في إفادة الفكاهة وتبعاتها عىل جسم اإلنسان سنمر علی تأثيرها عىل عدة أجهزة في جسم اإلنسان عموما والمعّلم والمتعلمين خصوصا .أوال سنتطرق إىل صخة القلب .فالضحك يساعد عىل تحسين وظيفة األوعية الدموية وزيادة تدفق الدم ومنه تنشيط الدورة الدموية .فوفقا لعدة دراسات تم التأّكد من أهمية فعل الضحك فممارسته لمدة 15دق يعادل ممارسة الرياضة لمدة 30دق وبذلك يكون المتعلم في أوج نشاطه وعطائه للغوص في أحداث الجنس األدبي المطروح كما أن الضحك يقلل من إفراز هرمون الكورتيزول وهو هرمون الضغط ويقول ستيف " :عندما يضحك االنسان من قلبه يفرز هرمون الكورتيزول بقّلة ،لذا عندما يكون اإلنسان في حالة ضغوط ويتناول هذه الضغوط بالضحك يقلل من معدالت إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول" .وبالتالي يزيد معّد ل إفراز هرموني السيروتونين والدوبامين لكونهما يمثالن هرمونْي السعادة والحماس والطاقة ما يتبعه من حماس وإقدام عىل الدراسة وعىل التدريس والتفنن في تسيير الحّص ة . -3معرفي /تعليمي: بداية من المراحل األوىل من عمره وصوال إىل سن المراهقة ،يضطلع أدب الطفل بوظيفة معرفية تعليمية باألساس .إذ ُينظر إليه عىل أنه وسيط تربوي محقق لتنمية مهارتْي القراءة والكتابة لدى الطفل وتزويده بثروة لغوية تزيد من ثروته الخاصة وخبراته وتنمو بنموه .وهو ما يؤسس لثقافة واعية وتعليم اللغة العربية الفصحى بسهولة وإخراج للكلمات بشكل سليم وخاصة اكساب المهارات وتنمية المواهب والملكات والتدريب عىل التفكير النقدي والتنشئة العلمّي ة .ومنه يتجىل جانبي المتعة واإلفادة في توظيف الفكاهة في تدريس أدب الطفل عىل المستوى المعرفي من خالل طرق وأساليب التنشيط التي ُيوظفها المعّلم فُي ضفي بها طابعا من المثابرة واالنتعاش داخل القسم إلخراجه من ركوده عبر االستراتيجيات والبيداغوجيات الحديثة إضافة إىل تحديده للمصادر التي تساعده في تيسير عملية نقل المعرفة وتبسيطها وما يتبعه من تمكنه من خبرة عالية في تدريس األدب بأسلوب ممتع .بذلك ال يمُّل المعلم أثناء تسيره للدرس فيتعود عىل الصبر ويكتسب مهارة االستماع ولحسن إدارة الفصل ويستفيد المتعلمون في اآلن ذاته من هذه االستراتيجيات الحديثة لكونها تخرجهم من القوالب النمطّي ة و ُتجّد د خاليا عقولهم وتزيد من دافعيته لالنخراط في أحداث القسم فيندمج ضمن مناخ طفولي تتطور فيه ملكات اإلبداع والفطنة وتزيد قدرته عىل استيعاب المعلومات .ناهيك عن المتعة المتحققة تبعا للمضمون فنجد مثال األدب الفكاهي بما يحمل في طّي اته من جانب إمتاعي ُيخرج الحّص ة من طبيعتها الصلبة وُيضفي عليها جوا من الحماس والتشويق والطرافة إضافة إىل المصطلحات والتراكيب والمعاجم الجديدة التي ينمي بها المتعلم زاده المعرفي وما يتبعها من حكم ومواعظ يحملها األدب في طياته "ألن مواصلة الجِّد بالجِّد تورث الملل والكلل " عنه => ما نخلص إليه ،إن توظيف الفكاهة في تدريس مقتطفات من أدب الطفل ينتج تنعكس عىل كل من المعلم والمتعلم، لتتجىل عىل عدة مستويات منها العالئقي اإلنساني الذي يظهر في االنسجام والتفاعل والتقّر ب بين المعلم والتالميذ وبين التالميذ أنفسهم ،ونذكر أيضا المستوى الفيزيولوجي حول ما ينتج الفكاهة والضحك طاقات إيجابية تنعكس عىل صحة المتعلمين وصحة المعلم فتتأسس بذلك العملية التربوية في كنف األريحية والحماس .ثم نتوقف عىل المستوى المعرفي التعليمي وما ينتج عن تعّلم األدب في جّو فكاهي سلس ُيكسب المعلم خبرات واضحة و يساعد المتعلم عىل تقبل المعارف و الخبرات و المساهمة في بناءها ذاتّي ا. آليات و تقنيات الفكاهة -4 أ -طرافة الصفات يتعرف الطفل عىل طرافة الشخصيات من خالل رسوماتها ،ويتعرف عليها أكثر عبر صفاتها المستقاة من مغامراتها .ولنا عىل سبيل المثال شخصية جحا التي تبدو متنوعة وحيث يمكن أن نعايش في كل قصة صفات مميزة لها ،إذ نجدها أحيانا تقاسم البخيل بخله .ومن عالمات ذلك سعادته بوخز الشوكة لرجله خوفا عىل حذائه الجديد .ويتحول جحا أيضا في بعض القصص إىل أحمق ذلك أنه أخبر احدهم بال برجه هو برج التيس وكانت حجته في ذلك "عندما كنت صغيرا ،كان برجي هو الجدي أما اآلن فال بد أنه كبر وصار تیسا" .وفي كثير من يتوسل هذا الحمق كطريق لنيل هدفه .وهنا ال نتحدث عن جحا األحمق بل المتحامق .وهذا التحامق هو مسعف الجحا في مأزق عدة ويكشف لنا في مرحلة من المراحل ذكاءه ودهاءه .وكمثال عىل هذا نذكر تمُّلص جحا من إال أن ُيعلل ذلك بأن اإلوز في بلدته بساق واحدة لنجده أحيانا أخرى يصبح كاذبا .وبالتالي ينجح جحا في أن يصنع لنفسه هيئة طريفة متنوعة. نجد كذلك أشعب الذي لقب "ملك الطفيليين وأمير الطماعين" ويعد من أشهر الشخصيات الطفيلية .والطفيلي هو ذاك الشخص األكول الذي ال يحترم آداب األكل وغايته الوحيدة مأل بطنه ،فهو" يأكل بمقدار ما يأكل ويأكل من غير ان يشبع" .ويبدو هنا أشعبا طريفا بصفاته .ولنا في هذا السياق ما ورد في قصة "أشعب وجاريته رشا" حيث نسج هذا الوصف هيأة طريفة ل ،إذ صّو ره طفيليا وطّم اعا وشرها ومحتاال .ونذكر منها "أشعب أشهر الطفيليين في عصرهم وأظرفهم حديثا وأقبحهم وجها وأزراهم هيأة وأجملهم صوتا وأحذقهم في فنون الغناء... وكان إذا أكل ذهب عقله وجحظت عيناه وسدر وانبهر ال يفصل تمرة قط عن تمرة وال يرمي نواة قط وال ينزع قمعا وال ينفي عنه قشر" .وهكذا فإن هذا الوصف رسم صورة مبالغ فيها ألشعب لتخلق طرافة في شخصيته. ونجد أيضا األحمق كبهلول ،والشخص األحمق هو شخص ناقص العقل والفكر ويغيب ذكاؤه الذي يسعفه في مواقفه المحرجة. ويؤدي به حمقه إىل مواقف طريفة ال تناسب المقام الذي وجد فيه .وقد عرف بهلول بأنه "صدیق السماء" ذلك أنه دائما ما يمشي وهو محدق بالسماء ال بالطريق الذي يسلكه مّم ا يسبب له كثيرا من المتاعب والمأزق ،فأحيانا يتعثر بكلب من دون قصده وأحيانا أخرى يسقط في البحر .فبهلول لم يلقب هكذا عبثا. كذلك صفات شخصية دحدوح تساعد القاري عىل اكتشاف هذه الحياة الطريفة فنجد صفات الشراهة وحبه للطعام في عدة قصص منها "دحدوح الشره" و"دحدوح والمرطبات" كذلك "دحدوح والبيض" وأيضا "دحدوح والتمر" فهو بالنسبة ألمه "ولد ال يفكر إال في بطنه "كذلك دحدوح ولد شقي "ال يعمل بنصائح أمه"ُ 2يحب العبث باآلخرين وهكذا تتعدد مغامرات وصفات دحدوح لتبرز لألطفال مدى طرافة هذه الشخصية .وبعيدا عن الشخصيات اآلدمية نجد أيضا شخصية القرد التي نجحت في نسج هياة طريفة لنفسها من خالل شقاوها ومرحها .وهكذا تكون هذه الشخصيات طريفة بهيائتها التي تتجىل في الشكل والصفات .وهذه الشخصيات بحمقها وبخلها وغبائها وتطفلها وشقاوها وحيلها نجحت في فرض مكانة مميزة لدى الطفل ف "الشيء من غير معدنه أغرب وكلما كان أغرب كان أبعد في الوهم وكلما كان أبعد في الوهم كان أطرف وكلما كان أطرف کان أعجب" .وغالبا ما تتجه أنظار الطفل وميوالته نحو المركبات الغريبة وغير المألوفة والمعتادة في حياته اليومية ،والتي تجذب اهتماماته وتركيزه نحوها نظرا ألن الطفل ميال بطبعه إىل االختالف. ب -طرافة القول: ب -1-خلق مفردات جديدة : تعمد الشخصيات الطريفة إىل خلق مفردات جديدة ال يمكن تقصّي ها في المعاجم العربية أو إيجاد أي معنى لها في أي قاموس أو لغة أخرى ،لكنها تنساب دون إرادة في نفس الطفل فتبهجه .ولنا في هذا السياق كمثال يستحق الذكر "شولم" التي وردت في قصة "جحا وضوء القمر" .وما يزيدها طرافة هو تكرارها سبع مرات عىل التوالي ليعتبر جحا هذه الكلمة رمزه ليتمسك بالقمر وينزل سالما إىل األرض .ونجد أيضا مفردة "النأنأة" مثلما وردت في قصة "أشعب ورائحة األماني" حيث ُد عي أشعب إىل مائدة أصدقائه فقال لهم "ال مانع من التأتأة معكم " والتي أسند لها أشعب معنی خاصا به. وتعتبر اللغة الفكاهية الخارقة لمنطق اللغة األصلي من أبرز بواعث الضحك القولية في قصص االطفال ،فهي تتوفر عىل كلمات ال تحمل أي معنى أو داللة .ومنها ما يبقى هكذا مثل "شوم" ،ومنها ما يصنع لها صاحبها معنی خاصا مثل "النأنأة" والتي قصد بها أشعب األكل بنهم كبير وهي في جميع الحاالت تداعب أنفس األطفال الندية بفضل جمال إيقاعها عند تكرارها وارتباطها بالالموجود او هي من الموجود أصال" .ويعتبر االنحراف اللغوي أمرا مهما في كتابة القصص و النصوص الهزلّي ة و صناعة معظم النوادر "وهو ما يسمى ب "األكاذيب اللغوية " اي خلق وابتداع مفردات من وحي الخيال اللغوي وليست متوفرة في قاموس اللغة العربية ،وال تمت للواقع بصلة ،منتجة بذلك أجواء طريفة وممتعة. ب -2-المبالغة تعتبر المبالغة أيضا من بواعث الضحك القولية التي توظف لتصوير مشاهد فكاهية وطريفة ،وهي آلية تعتمد اساسا عىل تضخيم األمور .ومن ذلك حكاية "جحا وتاجر األلمنيوم" عندما أودعه كمية من أللمنيوم ولما أراد استرجاعها قال" :أكلها الجرذ .وتظاهر جحا بتصديقه وقام بسجن ابن التاجر لديه .وعندما سأله هذا األخير عن ابنه ،رد جحا " :قد سمعت زقزقة عصافير وعندما تحققت من األمر رأيت عصافيرا تحمل ولدا" .وتبرز المبالغة هنا في كلتا الحجتين الكاذبتين التين استخدمها كل من جحا والتاجر في نفس الوقت حيث الجرذ يأكل األلمنيوم والعصافير تحمل األطفال .وتبدو المبالغة جلية أساسا في الحوار الحجاجي خاصة عندما تبذل الشخصية جهدا كبيرا في الدفاع عن رأي بسيط بطريقة مضحكة موظفة حججا عديدة وخارقة للمنطق وال يمكن أن تخطر عىل بال الطفل فتبتهج أساريره وتشع مقلتيه .ومن ذلك عندما قال التاجر لجحا في قصة "جحا وتاجر األلمنيوم": "-وهل تستطيع الطيور أن تحمل طفال؟ -فرد جحا" :القرية التي تأكل فيها الجرذان األلمنيوم بها طيور تحمل األطفال" . والمضحك هنا هو حجة جحا الخارقة للمألوف والمنطقية في نفس الوقت .وقد يثير ضحك الطفل في ذات اآلونة سرعة بداهة جحا وفطنته ورده المثير للضحك. ب -3-الردود المضحكة : كان للردود المضحكة نصيب وافر في إبراز طرافة الشخصيات الطريفة ،ذلك أنها ترد بغير ما هو متوقع. وهنا ال تغفل عنا قصة "جحا والمسافر" عندما أراد جحا أن يسافر إىل بالد بعيدة وأخذ معه ِج واال من السكر. فسأله أحد الركاب" - :لماذا تأخذ جواال من السكر؟" فأجاب ":ألن الغربة مرة " تأخذ هذه القصة سمة النكتة .والنكتة "حكاية قصيرة تنتهي بمفاجأة قوال أو فعال أي سلوك أو قول غير منتظر ،ولكن فيها كشف عن سمة مميزة لشخص او مجموعة من األشخاص، وهذه القصة انتهت بمفاجأة قولية طريفة كشفت عن طرافة الشخصية ومرحها ،وال يسعنا هنا إال أن تحيط ذكرا بقصة "جحا وأحد أفراد القرية" التي أقبل عىل جحا قائال: " -لم أعرفك يا جحا إال بحمارك " . -فرد جحا ":الحمير تعرف بعضها". وفي باب الردود المضحكة أيضا ال يمكن أن نتجاوز حوار دحدوح مع أمه حول غراسة األشجار ألنه ذو فوائد عدة منها مثال أنه يعطينا الثمار فيجيبها دحدوح "نحن نشتري الثمار من بائع الغالل فما حاجتنا لغراسة االشجار وأيضا تذكر األم أن األشجار تفيدنا باألثاث فيجيبها دحدوح"نحن نشتري األثاث من المغازة أو من النجار" . وبهذا فإن الشخصيات الطريفة تعمد غالبا إىل توخي إجابات غير متوقعة من شأنها أن تثير ضحك المتلقي لتلقائيتها وتستقطب اهتمام الطفل لما لها من تأثير إيجابي في نفسيته .وتلعب دور المحّف ز الذي يرغب الطفل في االنخراط في المجتمع والتواصل فيه ومعه ،ويخلق لديه اإلقدام عىل الممارسة و الفعل مثل حل الواجبات المنزلية واالقبال عىل التعلم. ب -4-الحيلة: تعمد الشخصيات الطريفة في قصص األطفال إىل الحيلة لتخلص نفسها من بطش بعض األمور التي تواجهها بل وتتهيأ لها ،ويمكن أن تتجسد هذه الحيلة في القول والفعل .ويحبذ الطفل هذه الشخصيات المحتالة التي تتشابه معه في هذه الخاصية فيرى نفسه فيها ويحبذها ألنه يتعلم منها ومن حيلها وربما في بعض األحيان تعطيه شعورا بالقوة والتفوق النه يعتقد أن هذه الحيلة ال يمكن أن تنطلي عليه .وال يمكن أن تمر دون ذكر قصة "من اجل خمسة قروش" عندما أقرض التاجر جحا ثالثة وخمسين قرشا ورفض جحا أن يردها إليه وجاءه التاجر وهو صحية أصدقائه وطلبها منه ،فقال جحا" :عليك بالحضور غدا ألعطيك ثمانية وعشرين قرشا ،ثم تأتي بعد غد وتأخذ عشرين قرشا .فماذا بقي لك عندي؟ فقال التاجر :خمسة قروش ،فقال جحا :أفال تخجل من نفسك؟ أتعاملني هذه المعاملة السيئة في السوق أمام أصدقائي من أجل خمسة قروش؟" وما يثير هنا بهجة الطفل فطنة جحا وقوة حيلته .وُتضحك الشخصية أحيانا "بحسن تخلصها وتكيفها السريع مع ما هو مفاجئ وطارئ ،والفضل يعود إىل قوة البديهة وتوقد الذهن ويقظته ". تعمل هذه الحيل عىل إثراء مخزون الطفل بالحيل الدفاعية التي يتوخاها من أجل الخروج من مأزقه والتملص منها بطرية لبقة ومضحكة دون تكلف أو عناء أو الوقوع في اإلحراج. ج -طرافة الفعل "أحيانا قد ال تكون الكلمات وحدها كافية لإلضحاك " .لذلك تتظافر معها األفعال لتجد القارئ أو السامع يوغل في الضحك. ج -1-العبث والتعابث باآلخر: تسعى الشخصية الطريفة ضمن هذا الباب إىل القيام" باألفعال الماكرة والمقالب العجيبة إليقاع المضحوك عليه في فخ أو وضع حرج" .وبذلك فإن العابث يحيد بأفعاله وينحرف بها عن المعتاد والمألوف .وهذا اإلنحراف يالقي استحسانا في نفس الطفل ألنه أمام شخصية مختلفة وطريفة مفعمة بالنشاط تسعى إىل العبث باآلخرين. ومن أبرز تجليات العبث والتعابث باآلخر استخدام الحيلة" ،فالحيلة تخترق مجاالت عديدة ،شاسعة وإن فصلتها مسافات سخيفة ،األساطير ،الحكاية الشعبية ،األلغاز األحاجي ...الكوميديا بجّل أنواعها القصص واألفالم البوليسية" وكان للحيلة أيضا استخداما جليا من قبل الشخصيات الطريفة ،مولدة بذلك البهجة في نفس الطفل الذي يستمتع بالحيلة لحبكتها وطرافتها من جهة وكذلك الشعور التفوق الذي تمنحه إياه لكونها ال تستطيع أن تنطلي عليه .فالحيلة "تأخذ طابعا هزليا مرحا غايته اإلمتاع ،فهي تهدف الضحك في جوهرها ".ولئن تعددت الحيل التي قامت بها هذه الشخصيات ،فإنها قد اجتمعت واشتركت في خلق أجواء طريفة مضحكة تنبع الطرافة تنبع عن إعجاب "بحبكة المقلب وطرافته ورد فعل الواقع في الفخ من من قام باستغفاله ".وهكذا تنبع الطرافة من العابث الذي يحسن حبك حيلته ومن ردة فعل المعبوث به الذي تعرض للسخرية وانطلت عليه الحيلة .وكأشهر شخصية ارتبط اسمها بالحيلة والمقالب من ضمن شخصيات هذا البحث ،شخصية "جحا" .وتتعدد األمثلة عن حيله ومقالبه وسخريته من االخرين ،فمثال نذكر ما ورد في قصة "أجرة اليوم لتلك" حيث ذكر فيها أن جحا ذهب إىل الحمام فلم يعن به الحماميون وأعطوه مناشف قديمة .ولكنه لما خرج أكرمهم وأعطاهم عشرة دنانير .ولئن خلف تصرف جحا استغرابا لدى القارئ وخصوصا الطفل ،فإن هذه الغرابة تسقط تماما عند مواصلته قراءة القصة بعد أسبوع عاد جحا فقابله الحماميون بحفاوة بالغة فأعطاهم دینارا ".لتأکد طرافة جحا صاحب الدعابات التي تدل عىل الفطنة" .فالطفل هنا يمثل أمام شخصية شديدة الفطنة والذكاء الذي يتأكد بسرعة إيجاد هذه الحيلة ،حتى كأن القارئ يعایش نفس استغراب المعبوث به .و نجد كذلك في سياق اخر لكسب الرهان مع السلطان جاعال من الحمار يقرأ كتابا في قصة "قراءة الحمير" وذلك بوضع الشعير بين طيات الكتاب .وبهذا تكون الحيلة طريقة مثىل إلبراز عبث جحا باآلخرين وسخريته منهم. ج-2-العادات الطريفة : تتميز هذه الشخصيات بعادات مختلفة عن اآلخرين ومبالغ فيها .وهي بكل بساطة منبع للطرافة ومصدر لالختالف و باعثة للضحك .وهكذا تصبح محببة لدى الطفل .فبهلول مثال يسير في الطريق "ورأسه مائل إىل الخلف وعيناه ناظرتان إىل األعىل .هو ال ينظر إىل الطريق الذي يسير فيه كما يفعل الناس .وبهذا يتعرف الطفل ويتعود عىل عادات راسخة في شخصية بهلول الذي يدعى "صديق السما " وعىل غرار بهلول نجد عادات أشعب الطريفة أيضا .وكمثال عىل ذلك ما ورد في قصة "رائحة األماني"حيث مد يده وأخذ من جميع األصناف ،وبدأ يلتهم الطعام التهام الجائع الذي لم يذق الطعام منذ أمد بعيد " .وهنا صور أشعب جائعا كعادته .فنحن أمام شخصية طفيلية بامتياز ،اكتسبت عادات أكل مضحكة .ومثال ذلك ما ذكر في قصة "أشعب وجاريته رشا" حيث "ال يفصل تمرة عن تمرة وال يرمي بنواة قط .وال ينزع قمعا وال ينفي عنه قشرا" فأشعب لم ينل لقب "ملك الطفيليين" عن عبث ،بل باستحقاق يشهد له ويذكر .ولكن حققت الشخصيات اآلدمية نصيبا وافرا من الطرافة ،فإن الشخصيات الحيوانية لم تكن بمعزل عن هذا وخاصة عن طريق أفعالها .ونأخذ كمثال عىل هذا شخصية القرد وحركاتها التي تعتبر جزءا ال يتجزأ من شخصيته .وعادة ما ترتبط صورة القرد في األذهان بالحركات البهلوانية الطريفة ،فهي تثير الضحك وتنال إعجاب األطفال الذين يحبون عالم الحركة والنشاط ألن مرحلة الطفولة عادة ما ترتبط بالحركية الدائمة والطاقة والنشاط .وكمثال عن ذلك قصة "القرد جوجو آكل الموز" حيث صور فيها في أكثر من مقطع حرکات شخصية القرد الطريفة .فنذكر منها "عاشت في إحدى الغابات مجموعة كبيرة من القردة كانت تقضي كل وقتها في اللعب عىل أغصان األشجار كانت تجعل من األغصان مراجيح تتأرجح عليها ...كانت تسبح في الغدران وتراشق بمياه األنهار الكثيرة ...كانت القردة تقضي وقتها باللهو والمرح" وهذا فإن شخصية القرد شخصية مرحة وطريفة ومن السهل أن يعجب بها القارئ الصغير . ج-3-التقليد : التقليد سلوك محبب لدى األطفال" ..وال يقتصر عىل نيل إعجاب الصغار فقط ،بل يشمل الكبار أيضا .وعادة ما يرافق التقليد أجواء من المتعة والضحك .فالتقليد سلوك مختلف تكسوه الطرافة وهو سلوك ال نراه كل يوم ،وتنوع أساليبه عن طريق األفعال واألقوال أو حتى الشكل .ولنا في هذا السياق تقليد القرد للنجار الذي ورد في قضية الفرد والنجار" فنذكر منها "والقرد يحب التقليد فقد رأى ذات مرة نجارا يقطع لوحا من الخشب بمنشاره ،فراح يقلده في أفعاله اكمل االن فإنضمت الخشبة عىل ذيله ،فصرخ من شدة األلم ،فلما حضر النجار ضربه ضربا مبرحا " ،اوبهذا يعتبر التقليد خارجا عما هو مألوف .ونجد كذلك شخصية القط في قصة "القط الحائر" حيث كانت له عدة تجارب مع تقليد اآلخرين، فنذكر كان قطا فاقدا للثقة في نفسه ،كان يريد أن يصبح حیوانا آخر ،تشبه بالطيور محاوال الطيران وغطى نفسه بالريش إال أنه سقط .حاول أيضا تقليد البط فيسبح إال أنه لم ينجح ،إال أنه سقط .حاول أيضا تقليد البط فيسبح إال أنه لم ينجح، واخد يجرب حياة اآلخرين ويفشل في كل مرة فقررأن يصبح فاكهة وأخذ قشور فاكهة ما ووضعها عىل جسمه وجلس حتى غلبه النوم فنام ،فاستيقظ ليجد مجموعة من الحيوانات تريد أكله والتهامه ففر هاربا 2".وهذا تقليد الشخصيات لآلخر يخلق نوعا من الطرافة وأجواء للضحك والمتعة. ج -4-التكرار: تكمن الطرافة أيضا في كيفية القيام بالفعل أو باألحرى تكرار نفس الفعل عدة مرات .فنجد مثال دحدوح عندما قام بالعبث بالكلب حيث نذكر" رأى كلبا نائما في ظل شجرة ففكر في مداعبته ،فأخذ حجرا ورماه به .لم يتحرك الحيوان فأخذ الطفل حجرا ثانيا وقذفه نحو رأس الكلب وأسرع يختبئ خلف جذع شجرة كبيرة .رفع الكلب رأسه .نظر في كل الجهات .لم يرى أحدا فعاد إىل النوم .أخذ "دحدوح" حجرا ثالثا ورشق به الكلب " .وهكذا تبدو طرافة دحدوح جلية من خالل تكراره لنفس الفعل وهو رشق الكلب بالحجارة . ونجد أيضا بهلول الذي يواصل تكرار األفعال الدالة عىل غفلته .وكمثال عىل ذلك نذكر ما ورد في قصة "بين بهلول والكلب" " :وفي ذات كان بهلول سائرا في طريقه وهو ملتفت إىل السماء كعادته فتعثر بحجارة وسقط ،وقف "بهلول" وواصل سيره ناظرا إىل السماء فتعثر مرة أخرى ...واصل "بهلول" سيره فعثر هذه المرة في كلب من دون قصد. إىل جانب ذلك نذكر جحا الذي يعمد إىل تكرار أفعاله بصورة تقترب إىل الغرابة والغباء .ونذكر أنه " إشتری عشرة أحمرة ،فركب واحدة منها وساق تسعة أمامه ،ثم عد الحمير ونسي الحمار الذي يركبه فوجدها تسعة ،فنزل عن الحمار وعدها فوجدها عشرة ،فركب مرة ثانية وعدها فوجدها تسعة ،ثم نزل وعدها فوجدها عشرة وأعاد ذلك مرار إن تكرار الفعل مرات عديدة مدعاة للضحك ،ويعتبر الصفة األكثر شيوعا لإلضحاك .ذلك أن الفعل غير المعتاد يثير الضحك أما تكراره فيجعل الطفل يدخل في نوبات ضحك شديدة تجعله ينسی طول يومه وتعبه النفسي والذهني وحتى الجسدي .مرارا" .