You are on page 1of 20

‫‪7‬‬ ‫‪7€‬‬

‫‪j E‬‬ ‫‪€‬‬ ‫‪u‬‬

‫مبحث الفكاهة في‬


‫ادب االطفال‬
‫تخطيط‬
‫‪-1‬مفهوم الفكاهة‬

‫وظائف الفكاهة‬ ‫‪-2‬‬


‫‪ -3‬تجليات المتعة واإلفادة في توظيف‬
‫الفكاهة في تدريس أدب الطفل‪:‬‬

‫آليات و تقنيات الفكاهة‬ ‫‪-4‬‬


‫‪-1‬مفهوم الفكاهة‬
‫الفكاهة لغة‬
‫ورد في لسان العرب‪ ":‬وفكه القوم بالفكاهة أتاهم بها‪ .‬والفاكهة أيضا‪ :‬الحلواء عىل‬
‫التشبيه‪ .‬وفّككَه ُه م بُم لح الكالم‪ :‬أطرَف ُه م‪ ،‬واالسم الفكهة الفكاهُة ‪ ،‬بالضم‪ ،‬والمصدر‬
‫المتوهم فيه الفعل الفكاهُة ‪ .‬والفكاهة‪ ،‬بالفتح مصدر‪َ ،‬ف ِك َه الرجُل بالكسر‪ ،‬فهو َف ِك ٌه إذا‬
‫كان طيب النفس مّز احا‪ ،‬والفاكُه ‪ :‬المّز اُح ‪ .‬والفاكهُة ‪ ،‬بالّض م‪ :‬المزاح‪ .‬والَّت فاكُه ‪ :‬التمازح‪.‬‬
‫فاكهت القوم مفاكهة بُم لح الكالم‪ :‬المزاح‪ ،‬والُم فاَكَه ُة ‪ :‬الممازحُة ‪ .‬والفَكه‪ :‬الطيب‬
‫النفس" وجاء في كتاب العين للفراهيدي "فاكهُت القوَم ُم فاكَه ًة بملح الكالم والمزاح‪،‬‬
‫واالسم الفاكهة‪ ،‬وجاء أيضا الفاكهة‪ :‬المزاح والُف كاِه‪ ،‬المازح‪ ،‬والفكه‪ ،‬الطيب النفس‪".‬‬
‫كما ذكر الزمخشري‪ ":‬تفكه القوم‪ :‬أكلوا الفاكهة ومن المجاز‪ :‬تفكه بكذا‪ ،‬إذا تلذذ به‪.‬‬
‫وفالٌن َف ِك ٌه بأعراض الناس‪ .‬وفاكهُت القوم مفاكهًة طايبتهم ومازحتهم‪ .‬وما كان ذلك‬
‫مني إال فكاهًة ‪ ،‬أي دعابة‪ .‬ورجل فكه‪ :‬طيب النفس ضحوك‪ .‬وجاءنا بُأفكوهة او‬
‫ُأملوحة"‪.‬‬
‫حسب المعاجم اللغوية يمكن استخالص تعريف اللغوي مّو حد للفكاهة فنقول إن‬
‫الُف َكاَه َة هي الُدَع اَبُة والُم َز اُح والُم َض اَحَكُة والفاِك ُه هو الَم َّز اُح ‪ ،‬طّي ب الّن فِس ‪ ،‬خِف يف الدِّم ‪،‬‬
‫ضُحوٌك ُيطِرُف بُم لح الكالم‪ ،‬ونقول فالن َف ِك ٌه بأعراض الناس أي اغتابهم وضحك‬
‫عليهم‪.‬‬
‫‪-1‬مفهوم الفكاهة‬
‫تعريف الفكاهة اصطالحا‬
‫كونها‪ ":‬رسالة اجتماعية مقصود منها انتاج الضحك واالبتسامة وتحقيق‬
‫بعض األهداف والوظائف وتستخدم بعض األساليب ولها بنيتها الخاصة‬
‫ومحتواها المميز وتظهر في مواقف معينة ذات طبيعة خاصة وحددها أنيس‬
‫فريحة بأّنها صفة قائمة في القول والفعل والحركة من شأنها ان تستأنف اىل‬
‫القلب فتخلق جًو ا من البهجة والحبور والراحة النفسّي ة ‪ ....‬والفكاهة في‬
‫بواعثها محاولة لتحويل األلم والكبت اىل نوع من التعبير الذي يخفف من‬
‫وطأة البؤس ‪ ...‬وتظهر بأشكال مختلفة قصة أو نادرة أو نكتة" كما ُذ ِك َر في‬
‫إحدى المدونات التربوّية بأّنها قوٌل أو فعٌل أو موقٌف يبعُث عن االبتسامة أو‬
‫الضحك لغرابته أو مخالفته للمنطق" وهي تشمل "السخرية واللذع والتهّكم‬
‫والهجاء والنادرة والدعابة والمزاح والنكتة ‪ ....‬والكاريكاتور"‪.‬‬
‫ما نخلص اليه‪ ،‬إن الفكاهة هي أسلوب اجتماعي طريف في القول أو‬
‫الفعل أو الموقف يّو لد الضحك واالبتسام وحاملة لعدة مقاصد إيجابّي ة‬
‫وسلبّي ة‬
‫‪-2‬وظائف الفكاهة ‪:‬‬

‫تنهض الفكاهة بوظائف اجتماعية و نفسية و معرفية ‪:‬‬


‫وظيفة اجتماعية ‪:‬‬
‫تساعد الفكاهة المتعلمين عىل التخلص من كل ما هو نمطي سائد وتخفف من حدة القيود‬
‫االجتماعية و تعتبر متنفسا آمنا للتعبير عن اآلراء والمواقف التخفيف من وطأة القيود‬
‫االجتماعية "فالفكاهة صمام أمان للتعبير عن‬
‫األفكار المرتبطة بجوانب ترتبط أكثر من غيرها بالقيود‪ ...‬و تلعب الفكاهة الضحك والنكت‬
‫دورا خاصا عىل تصريف بعض الطاقات المتراكمة" فكلما كان اإلنسان مرحا أكثر كلما‬
‫اكتسب عالقات أكثر فاإلنسان میال لمن يمتلكون حسن الفكاهة فالمزاح يقلل من التوتر‬
‫بين العالقات مع اآلخرين ونحو األفضل أن يكتسب الشخص عالقات من مختلف فئات‬
‫المجتمع‪ ،‬كما تساهم في كسر الحواجز بين األفراد ‪.‬‬
‫وظيفة نفسية ‪:‬‬
‫الفكاهة تقلل من انفعاالت الطفل السلبية الناتجة عن الضغوطات إذ تحولها إىل انفعاالت‬
‫ايجابية فهي لمواجهة الخوف والقلق‪ :‬فالضحك يجعلنا نعلو عىل المواقف المربكة وعىل‬
‫المخاوف المقلقة وعىل الصراعات المهلكة‪ ".‬وهذا ما يفسر المكانة االيجابية للفكاهة في‬
‫تحسين نفسية كل من المعلم والمتعلم إذ تعتبر وسيلة للتخفيف من الضغط النفسي‬
‫والتوتر و تزيد من الشعور باالسترخاء لديهما وهي أيضا تحسن القدرة عىل التواصل بشكل‬
‫أفضل بينهما‪ ،‬و بالتالي فإن الفكاهة تعزز عملية التعلم لدى الطفل وتجعل من المعلم مبدعا‬
‫في وهله‪.‬‬


‫وظيفة معرفية‪:‬‬


‫تساعد الفكاهة و روح الدعابة الفرد عىل التخلص من اآلراء واألفكار‬
‫الضبابية و عىل تطوير أفكاره و معارفه و تضفيان نوعا من المرونة عليها "‬
‫فتكون الفكاهة نوعا من اللعب العقلي أو المباراة المعرفية‪ ،‬فهي تمنح‬
‫نوعا من التحرر المؤقت من سيطرة القوالب النمطية و الطرائق‬
‫المنطقية الجامدة نظرا العتبار التربيات الكالسيكية قائمة عىل مبدأ قولبة‬
‫المعارف وجعلها أكثر جمودا إال أن الفكاهة اليوم تمثل لبنة من البنات‬
‫التربية الحديثة فهي تجعل من الطفل مبدعا ومفكرا أكثر‪ .‬كما تتيح له‬
‫الفرصة لتحقيق تواصله مع أترابه وذلك عبر تطويع معارفه وصقل‬
‫مواهبه حتى تعم الفائدة ‪،‬‬
‫‪ -3‬تجليات المتعة واإلفادة في توظيف الفكاهة في تدريس أدب الطفل‪:‬‬
‫تبعا لتوظيف شتى أساليب الفكاهة في تدريس أدب الطفل‪ ،‬نستطيع تبين عدة انعكاسات عىل كل من المعلم و المتعلم بما‬
‫تحمله من من متعة وإفادة يمكن تبويبها إىل مستويات مختلفة منها العالئقي و اإلنساني والفيزيولوجي والمعرفي التعليمي‪:‬‬
‫‪ -1‬مستوی عالئقي‪ /‬إنساني‪:‬‬
‫يعتبر أدب الطفل من األنواع األدبية التي تعكس الحياة الخارجية لألطفال‪ .‬فهو ُيعّد ه لُحسن التعامل مع اآلخرين‬
‫و يكسبه ثقة بنفسه كما أنه يؤّه له للتعايش اإليجابي في المجتمع‪ .‬فمن خالله يتم بناء إنسان جديد يّت سم بالتوازن وذلك عن‬
‫طريق صقل سلوكياته وإعداده ليعيش بفاعلّي ة ويختلط ويتعاون مع اآلخرين‪ .‬فُي صبح قادرا عىل تأسيس عالقات تفاعلية مع‬
‫المحيطين به في كنف االحترام والتعاون‪ .‬وما القسم إال مجتمع مصّغ ر ينبني باألساس عىل العالقات التي تربط مختلف‬
‫أطراف العملية التعليمية التعلمية فیکمن بذلك مناخ دراسي مبني باألساس عىل الحبور وتحقيق التواصل والتفاعل ومنه‬
‫تكوين عالقات إنسانية تحقق المتعة من خالل التشارك في فعل الضحك‪ ،‬فبمجّر د تبادل وتقاسم التالميذ مع معلمهم هذا‬
‫الفعل عىل نفس الموضوع المطروح ( القصة أو النكتة مثال) يتأسس تبعا له رابط وطيد يصبح فيه الطرفان أكثر مرونة و إقباال‬
‫عىل بناء عالقات جديدة و تأسیس روابط اجتماعية صادقة وفي هذا اإلطار يمكن أن نذكر المثل الشعبي المتداول "أضحك‬
‫للدنيا تضحكلك"‪ ،‬وعليه فالتعلم يكون بالقلب والعقل معا‪ .‬ويمكن التوظيف المعلم األسلوب الفكاهة داخل القسم أن يساهم‬
‫بقدر كبير في تحقيق سهولة االتصال والتحكم في سلوكيات المتعلمين وتوجيههم نحو الهدف المراد تحقيقه من خالل إثارة‬
‫اهتمامهم بشتي أشكال الفكاهة المستعملة وتقنيات التنشيط القائمة باألساس عىل التعاون والعمل المجموعاتي ُبغية‬
‫ترسيخ قيم العمل التشاركي وإزالة الخوف من المعلم ومن المحتوى المطروح وما يتبعه من تجاوز لألسلوب الكالسيكي القائم‬
‫عىل العالقة األفقية‪ .‬كما يكتسب المعلم عدة خصال لعل أهمها القدرة عىل تسيير القسم بسالسة وسهولة والقدرة عىل‬
‫ارتحال القصص وتضمين األحداث والوقوف علىالنقاط التي يتوجب فيها التدخل وتبسيطها بطريقة طريفة ما يتبعه من تقرب‬
‫ومشاركة العفوية المتعلمين الصغار فيتحول من مجرد مدرس إىل أب وصديق ومنشط‪ .‬ومن هنا نخلص إىل تحول القسم‬
‫من فضاء مخصص للتعلم إىل عائلة مصّغ رة تسودها قيم العيش الجماعي والمحبة وتحد من جميع أشكال التفاوت الطبقي أو‬
‫التمييز بين المتعلمين وتتحقق المساواة ويتصير القسم مكانا يتاح فيه للمتعلم والمعلم عىل حد السواء التخلص من‬
‫الشحنات السلبية المتراكمة وخلق رابط وثيق يعزل التعب واإلجهاد من جهة ويتيح فرصة اكتساب قيم وتفعيل المهارات‬
‫الحياتية من جهة أخرى قصد صقل شخصيتي المعلم والمتعلم وإنماء سلوكياتهما‪.‬‬
‫‪-2‬مستوى فيزيولوجي‪:‬‬
‫من المعروف أن أدب الطفل مکتوب بأسلوب مثير وممتع نظرا ألن كل أدب ينطلق من اإلمتاع‪ .‬وبالتالي فإن هذا األدب‬
‫ُم حقق لوظيفة اإلمتاع باعتباره يخاطب النفس والذهن في آن واحد‪ .‬وفي ارتباطه بالفكاهة يتضاعف الجانب اإلمتاعي في‬
‫تدريس ما نتبينه خالل عدة انعكاسات تتجىل عبر ما ُتحققه الفكاهة من متعة وإفادة وما يتبعها من تعبير جسمي يظهر عىل‬
‫كٍّل من المعّلم والمتعلم في شكل ضحك يبرز عىل وجه مستقبل الرسالة (المتعلم) وباثها (المعلم) لتتغير بذلك تفاصيل‬
‫ومالمح الوجه وتكسي بلمسة االبتهاج والبشاشة‪ .‬وعليه يمكن القول إن الضحك عالج للروح وللجسد من جهة ومحقق‬
‫لمتعة كاسرة للتشاؤم والنفور من المادة األدبية المطروحة من جهة أخرى ما يتبعه من طاقة إيجابية مؤثرة عىل الجسد‬
‫ومعززة النتشائه وإحساسه بالسعادة والحبور وهو ما يكسر روتين الحياة الرتيب ويروح عن كال الطرفين‪ .‬فالضحك نعمة تنير‬
‫الدروب‪ ،‬يقول المفكر أحمد مستجير "إذا فقدنا القدرة عىل الضحك‪ ..‬فقدنا كل شيء" ‪ .‬ومما يجب المرور عليه هو اإلفادة‬
‫التي ُتحققها الفكاهة في أدب الطفل‪ ،‬باعتبارها موّلدة لفعل الضحك‪ ،‬عىل صحة المعلم والمتعلم عىل حّد السواء‪ .‬فهي‬
‫ُتحقق إفادة صحّي ة لعّل أبرزها يلخصه رئيس الرابطة األمريكية للعالج بالضحك ‪ -‬ستيف سولطانوف۔ "إن الضحك يزيد من‬
‫احتمالية اإلنسان لآلالم‪ ،‬كما يقوي الجسم من خالل إفراز األجسام المضادة تحارب العدوى والتي تمنع تصلب الشرايين‪،‬‬
‫من ثم إصابة اإلنسان بالذبحة الصدرية واالزمات القلبية او السكتة الدماغية" ‪ .‬وللتعمق في إفادة الفكاهة وتبعاتها عىل‬
‫جسم اإلنسان سنمر علی تأثيرها عىل عدة أجهزة في جسم اإلنسان عموما والمعّلم والمتعلمين خصوصا‪ .‬أوال سنتطرق إىل‬
‫صخة القلب‪ .‬فالضحك يساعد عىل تحسين وظيفة األوعية الدموية وزيادة تدفق الدم ومنه تنشيط الدورة الدموية‪ .‬فوفقا‬
‫لعدة دراسات تم التأّكد من أهمية فعل الضحك فممارسته لمدة ‪ 15‬دق يعادل ممارسة الرياضة لمدة ‪ 30‬دق وبذلك يكون‬
‫المتعلم في أوج نشاطه وعطائه للغوص في أحداث الجنس األدبي المطروح كما أن الضحك يقلل من إفراز هرمون‬
‫الكورتيزول وهو هرمون الضغط ويقول ستيف ‪" :‬عندما يضحك االنسان من قلبه يفرز هرمون الكورتيزول بقّلة‪ ،‬لذا عندما‬
‫يكون اإلنسان في حالة ضغوط ويتناول هذه الضغوط بالضحك يقلل من معدالت إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول"‪ .‬وبالتالي‬
‫يزيد معّد ل إفراز هرموني السيروتونين والدوبامين لكونهما يمثالن هرمونْي السعادة والحماس والطاقة ما يتبعه من حماس‬
‫وإقدام عىل الدراسة وعىل التدريس والتفنن في تسيير الحّص ة ‪.‬‬
‫‪-3‬معرفي ‪ /‬تعليمي‪:‬‬
‫بداية من المراحل األوىل من عمره وصوال إىل سن المراهقة‪ ،‬يضطلع أدب الطفل بوظيفة معرفية تعليمية باألساس‪ .‬إذ‬
‫ُينظر إليه عىل أنه وسيط تربوي محقق لتنمية مهارتْي القراءة والكتابة لدى الطفل وتزويده بثروة لغوية تزيد من ثروته‬
‫الخاصة وخبراته وتنمو بنموه‪ .‬وهو ما يؤسس لثقافة واعية وتعليم اللغة العربية الفصحى بسهولة وإخراج للكلمات بشكل‬
‫سليم وخاصة اكساب المهارات وتنمية المواهب والملكات والتدريب عىل التفكير النقدي والتنشئة العلمّي ة ‪ .‬ومنه يتجىل‬
‫جانبي المتعة واإلفادة في توظيف الفكاهة في تدريس أدب الطفل عىل المستوى المعرفي من خالل طرق وأساليب‬
‫التنشيط التي ُيوظفها المعّلم فُي ضفي بها طابعا من المثابرة واالنتعاش داخل القسم إلخراجه من ركوده عبر‬
‫االستراتيجيات والبيداغوجيات الحديثة إضافة إىل تحديده للمصادر التي تساعده في تيسير عملية نقل المعرفة‬
‫وتبسيطها وما يتبعه من تمكنه من خبرة عالية في تدريس األدب بأسلوب ممتع‪ .‬بذلك ال يمُّل المعلم أثناء تسيره‬
‫للدرس فيتعود عىل الصبر ويكتسب مهارة االستماع ولحسن إدارة الفصل ويستفيد المتعلمون في اآلن ذاته من هذه‬
‫االستراتيجيات الحديثة لكونها تخرجهم من القوالب النمطّي ة و ُتجّد د خاليا عقولهم وتزيد من دافعيته لالنخراط في أحداث‬
‫القسم فيندمج ضمن مناخ طفولي تتطور فيه ملكات اإلبداع والفطنة وتزيد قدرته عىل استيعاب المعلومات‪ .‬ناهيك عن‬
‫المتعة المتحققة تبعا للمضمون فنجد مثال األدب الفكاهي بما يحمل في طّي اته من جانب إمتاعي ُيخرج الحّص ة من‬
‫طبيعتها الصلبة وُيضفي عليها جوا من الحماس والتشويق والطرافة إضافة إىل المصطلحات والتراكيب والمعاجم‬
‫الجديدة التي ينمي بها المتعلم زاده المعرفي وما يتبعها من حكم ومواعظ يحملها األدب في طياته "ألن مواصلة الجِّد‬
‫بالجِّد تورث الملل والكلل " عنه‬
‫=> ما نخلص إليه‪ ،‬إن توظيف الفكاهة في تدريس مقتطفات من أدب الطفل ينتج تنعكس عىل كل من المعلم والمتعلم‪،‬‬
‫لتتجىل عىل عدة مستويات منها العالئقي اإلنساني الذي يظهر في االنسجام والتفاعل والتقّر ب بين المعلم والتالميذ‬
‫وبين التالميذ أنفسهم‪ ،‬ونذكر أيضا المستوى الفيزيولوجي حول ما ينتج الفكاهة والضحك طاقات إيجابية تنعكس عىل‬
‫صحة المتعلمين وصحة المعلم فتتأسس بذلك العملية التربوية في كنف األريحية والحماس‪ .‬ثم نتوقف عىل المستوى‬
‫المعرفي التعليمي وما ينتج عن تعّلم األدب في جّو فكاهي سلس ُيكسب المعلم خبرات واضحة و يساعد المتعلم عىل‬
‫تقبل المعارف و الخبرات و المساهمة في بناءها ذاتّي ا‪.‬‬
‫آليات و تقنيات الفكاهة‬ ‫‪-4‬‬
‫أ‪ -‬طرافة الصفات‬
‫يتعرف الطفل عىل طرافة الشخصيات من خالل رسوماتها‪ ،‬ويتعرف عليها أكثر عبر صفاتها المستقاة من مغامراتها‪ .‬ولنا عىل‬
‫سبيل المثال شخصية جحا التي تبدو متنوعة وحيث يمكن أن نعايش في كل قصة صفات مميزة لها‪ ،‬إذ نجدها أحيانا تقاسم‬
‫البخيل بخله‪ .‬ومن عالمات ذلك سعادته بوخز الشوكة لرجله خوفا عىل حذائه الجديد‪ .‬ويتحول جحا أيضا في بعض القصص إىل‬
‫أحمق ذلك أنه أخبر احدهم بال برجه هو برج التيس وكانت حجته في ذلك "عندما كنت صغيرا‪ ،‬كان برجي هو الجدي أما اآلن فال‬
‫بد أنه كبر وصار تیسا"‪ .‬وفي كثير من يتوسل هذا الحمق كطريق لنيل هدفه‪ .‬وهنا ال نتحدث عن جحا األحمق بل المتحامق‪ .‬وهذا‬
‫التحامق هو مسعف الجحا في مأزق عدة ويكشف لنا في مرحلة من المراحل ذكاءه ودهاءه‪ .‬وكمثال عىل هذا نذكر تمُّلص جحا‬
‫من إال أن ُيعلل ذلك بأن اإلوز في بلدته بساق واحدة لنجده أحيانا أخرى يصبح كاذبا‪ .‬وبالتالي ينجح جحا في أن يصنع لنفسه‬
‫هيئة طريفة متنوعة‪.‬‬
‫نجد كذلك أشعب الذي لقب "ملك الطفيليين وأمير الطماعين" ويعد من أشهر الشخصيات الطفيلية ‪.‬والطفيلي هو ذاك‬
‫الشخص األكول الذي ال يحترم آداب األكل وغايته الوحيدة مأل بطنه‪ ،‬فهو" يأكل بمقدار ما يأكل ويأكل من غير ان يشبع"‪ .‬ويبدو‬
‫هنا أشعبا طريفا بصفاته‪ .‬ولنا في هذا السياق ما ورد في قصة "أشعب وجاريته رشا" حيث نسج هذا الوصف هيأة طريفة ل‪ ،‬إذ‬
‫صّو ره طفيليا وطّم اعا وشرها ومحتاال‪ .‬ونذكر منها "أشعب أشهر الطفيليين في عصرهم وأظرفهم حديثا وأقبحهم وجها وأزراهم‬
‫هيأة وأجملهم صوتا وأحذقهم في فنون الغناء‪...‬‬
‫وكان إذا أكل ذهب عقله وجحظت عيناه وسدر وانبهر ال يفصل تمرة قط عن تمرة وال يرمي نواة قط وال ينزع قمعا وال ينفي عنه‬
‫قشر"‪ .‬وهكذا فإن هذا الوصف رسم صورة مبالغ فيها ألشعب لتخلق طرافة في شخصيته‪.‬‬
‫ونجد أيضا األحمق كبهلول‪ ،‬والشخص األحمق هو شخص ناقص العقل والفكر ويغيب ذكاؤه الذي يسعفه في مواقفه المحرجة‪.‬‬
‫ويؤدي به حمقه إىل مواقف طريفة ال تناسب المقام الذي وجد فيه‪ .‬وقد عرف بهلول بأنه "صدیق السماء" ذلك أنه دائما ما‬
‫يمشي وهو محدق بالسماء ال بالطريق الذي يسلكه مّم ا يسبب له كثيرا من المتاعب والمأزق‪ ،‬فأحيانا يتعثر بكلب من دون‬
‫قصده وأحيانا أخرى يسقط في البحر‪ .‬فبهلول لم يلقب هكذا عبثا‪.‬‬
‫كذلك صفات شخصية دحدوح تساعد القاري عىل اكتشاف هذه الحياة الطريفة فنجد‬
‫صفات الشراهة وحبه للطعام في عدة قصص منها "دحدوح الشره" و"دحدوح‬
‫والمرطبات" كذلك "دحدوح والبيض" وأيضا "دحدوح والتمر" فهو بالنسبة ألمه "ولد ال‬
‫يفكر إال في بطنه "كذلك دحدوح ولد شقي "ال يعمل بنصائح أمه"‪ُ 2‬يحب العبث‬
‫باآلخرين وهكذا تتعدد مغامرات وصفات دحدوح لتبرز لألطفال مدى طرافة هذه‬
‫الشخصية‪ .‬وبعيدا عن الشخصيات اآلدمية نجد أيضا شخصية القرد التي نجحت في‬
‫نسج هياة طريفة لنفسها من خالل شقاوها ومرحها‪ .‬وهكذا تكون هذه الشخصيات‬
‫طريفة بهيائتها التي تتجىل في الشكل والصفات‪ .‬وهذه الشخصيات بحمقها وبخلها‬
‫وغبائها وتطفلها وشقاوها وحيلها نجحت في فرض مكانة مميزة لدى الطفل ف‬
‫"الشيء من غير معدنه أغرب وكلما كان أغرب كان أبعد في الوهم وكلما كان أبعد في‬
‫الوهم كان أطرف وكلما كان أطرف کان أعجب"‪ .‬وغالبا ما تتجه أنظار الطفل وميوالته‬
‫نحو المركبات الغريبة وغير المألوفة والمعتادة في حياته اليومية‪ ،‬والتي تجذب‬
‫اهتماماته وتركيزه نحوها نظرا ألن الطفل ميال بطبعه إىل االختالف‪.‬‬
‫ب‪ -‬طرافة القول‪:‬‬
‫ب‪ -1-‬خلق مفردات جديدة ‪:‬‬
‫تعمد الشخصيات الطريفة إىل خلق مفردات جديدة ال يمكن تقصّي ها في المعاجم العربية أو إيجاد أي معنى لها في أي‬
‫قاموس أو لغة أخرى‪ ،‬لكنها تنساب دون إرادة في نفس الطفل فتبهجه‪ .‬ولنا في هذا السياق كمثال يستحق الذكر‬
‫"شولم" التي وردت في قصة "جحا وضوء القمر"‪ .‬وما يزيدها طرافة هو تكرارها سبع مرات عىل التوالي ليعتبر جحا‬
‫هذه الكلمة رمزه‬
‫ليتمسك بالقمر وينزل سالما إىل األرض‪ .‬ونجد أيضا مفردة "النأنأة" مثلما وردت في قصة "أشعب ورائحة األماني"‬
‫حيث ُد عي أشعب إىل مائدة أصدقائه فقال لهم "ال مانع من التأتأة معكم " والتي أسند لها أشعب معنی خاصا به‪.‬‬
‫وتعتبر اللغة الفكاهية الخارقة لمنطق اللغة األصلي من أبرز بواعث الضحك القولية في قصص االطفال‪ ،‬فهي تتوفر‬
‫عىل كلمات ال تحمل أي معنى أو داللة‪ .‬ومنها ما يبقى هكذا مثل "شوم"‪ ،‬ومنها ما يصنع لها صاحبها معنی خاصا مثل‬
‫"النأنأة" والتي قصد بها أشعب األكل بنهم كبير وهي في جميع الحاالت تداعب أنفس األطفال الندية بفضل جمال‬
‫إيقاعها عند تكرارها وارتباطها بالالموجود او هي من الموجود أصال‪" .‬ويعتبر االنحراف اللغوي أمرا مهما في كتابة‬
‫القصص و النصوص الهزلّي ة و صناعة معظم النوادر "وهو ما يسمى ب "األكاذيب اللغوية " اي خلق وابتداع مفردات‬
‫من وحي الخيال اللغوي وليست متوفرة في قاموس اللغة العربية‪ ،‬وال تمت للواقع بصلة‪ ،‬منتجة بذلك أجواء طريفة‬
‫وممتعة‪.‬‬




‫ب‪ -2-‬المبالغة‬
‫تعتبر المبالغة أيضا من بواعث الضحك القولية التي توظف لتصوير مشاهد فكاهية وطريفة‪ ،‬وهي‬
‫آلية تعتمد‬
‫اساسا عىل تضخيم األمور‪ .‬ومن ذلك حكاية "جحا وتاجر األلمنيوم" عندما أودعه كمية من أللمنيوم‬
‫ولما أراد استرجاعها قال‪" :‬أكلها الجرذ‪ .‬وتظاهر جحا بتصديقه وقام بسجن ابن التاجر لديه‪ .‬وعندما‬
‫سأله هذا األخير عن ابنه‪ ،‬رد جحا‪ " :‬قد سمعت زقزقة عصافير وعندما تحققت من األمر رأيت‬
‫عصافيرا تحمل ولدا"‪ .‬وتبرز المبالغة هنا في كلتا الحجتين الكاذبتين التين استخدمها كل من جحا‬
‫والتاجر في نفس الوقت حيث الجرذ يأكل األلمنيوم والعصافير تحمل األطفال‪ .‬وتبدو المبالغة جلية‬
‫أساسا في الحوار الحجاجي خاصة عندما تبذل الشخصية جهدا كبيرا في الدفاع عن رأي بسيط‬
‫بطريقة مضحكة موظفة حججا عديدة وخارقة للمنطق وال يمكن أن تخطر عىل بال الطفل فتبتهج‬
‫أساريره وتشع مقلتيه‪ .‬ومن ذلك عندما قال التاجر لجحا في قصة "جحا وتاجر األلمنيوم"‪:‬‬
‫‪"-‬وهل تستطيع الطيور أن تحمل طفال؟‬
‫‪-‬فرد جحا‪" :‬القرية التي تأكل فيها الجرذان األلمنيوم بها طيور تحمل األطفال‪" .‬‬
‫والمضحك هنا هو حجة جحا الخارقة للمألوف والمنطقية في نفس الوقت‪ .‬وقد يثير ضحك الطفل‬
‫في ذات اآلونة سرعة بداهة جحا وفطنته ورده المثير للضحك‪.‬‬
‫ب‪ -3-‬الردود المضحكة ‪:‬‬
‫كان للردود المضحكة نصيب وافر في إبراز طرافة الشخصيات الطريفة‪ ،‬ذلك أنها ترد بغير ما هو متوقع‪.‬‬
‫وهنا ال تغفل عنا قصة "جحا والمسافر" عندما أراد جحا أن يسافر إىل بالد بعيدة وأخذ معه ِج واال من‬
‫السكر‪.‬‬
‫فسأله أحد الركاب‪" - :‬لماذا تأخذ جواال من السكر؟"‬
‫فأجاب‪ ":‬ألن الغربة مرة " تأخذ هذه القصة سمة النكتة‪ .‬والنكتة "حكاية قصيرة تنتهي بمفاجأة قوال أو‬
‫فعال أي سلوك أو قول غير منتظر‪ ،‬ولكن فيها كشف عن سمة مميزة لشخص او مجموعة من األشخاص‪،‬‬
‫وهذه القصة انتهت بمفاجأة قولية طريفة كشفت عن طرافة الشخصية ومرحها‪ ،‬وال يسعنا هنا إال أن‬
‫تحيط ذكرا بقصة "جحا وأحد أفراد القرية" التي أقبل عىل جحا قائال‪:‬‬
‫‪" -‬لم أعرفك يا جحا إال بحمارك ‪" .‬‬
‫‪ -‬فرد جحا‪ ":‬الحمير تعرف بعضها‪".‬‬
‫وفي باب الردود المضحكة أيضا ال يمكن أن نتجاوز حوار دحدوح مع أمه حول غراسة األشجار ألنه ذو فوائد‬
‫عدة منها مثال أنه يعطينا الثمار فيجيبها دحدوح "نحن نشتري الثمار من بائع الغالل فما حاجتنا لغراسة‬
‫االشجار وأيضا تذكر األم أن األشجار تفيدنا باألثاث فيجيبها دحدوح"نحن نشتري األثاث من المغازة أو‬
‫من النجار‪" .‬‬
‫وبهذا فإن الشخصيات الطريفة تعمد غالبا إىل توخي إجابات غير متوقعة من شأنها أن تثير ضحك‬
‫المتلقي لتلقائيتها وتستقطب اهتمام الطفل لما لها من تأثير إيجابي في نفسيته‪ .‬وتلعب دور المحّف ز‬
‫الذي يرغب الطفل في االنخراط في المجتمع والتواصل فيه ومعه‪ ،‬ويخلق لديه اإلقدام عىل الممارسة‬
‫و الفعل مثل حل الواجبات المنزلية واالقبال عىل التعلم‪.‬‬
‫ب‪ -4-‬الحيلة‪:‬‬
‫تعمد الشخصيات الطريفة في قصص األطفال إىل الحيلة لتخلص نفسها من بطش بعض األمور التي تواجهها بل‬
‫وتتهيأ لها‪ ،‬ويمكن أن تتجسد هذه الحيلة في القول والفعل‪ .‬ويحبذ الطفل هذه الشخصيات المحتالة التي تتشابه معه‬
‫في هذه الخاصية فيرى نفسه فيها ويحبذها ألنه يتعلم منها ومن حيلها وربما في بعض األحيان تعطيه شعورا بالقوة‬
‫والتفوق النه يعتقد أن هذه الحيلة ال يمكن أن تنطلي عليه‪ .‬وال يمكن أن تمر دون ذكر قصة "من اجل خمسة قروش"‬
‫عندما أقرض التاجر جحا ثالثة وخمسين قرشا ورفض جحا أن يردها إليه وجاءه التاجر وهو صحية أصدقائه وطلبها‬
‫منه‪ ،‬فقال جحا‪" :‬عليك بالحضور غدا ألعطيك ثمانية وعشرين قرشا‪ ،‬ثم تأتي بعد غد وتأخذ عشرين قرشا‪ .‬فماذا بقي‬
‫لك عندي؟ فقال التاجر‪ :‬خمسة قروش‪ ،‬فقال جحا‪ :‬أفال تخجل من نفسك؟ أتعاملني هذه المعاملة السيئة في السوق‬
‫أمام أصدقائي من أجل خمسة قروش؟" وما يثير هنا بهجة الطفل فطنة جحا وقوة حيلته‪ .‬وُتضحك الشخصية أحيانا‬
‫"بحسن تخلصها وتكيفها السريع مع ما هو مفاجئ وطارئ‪ ،‬والفضل يعود إىل قوة البديهة وتوقد الذهن ويقظته ‪".‬‬
‫تعمل هذه الحيل عىل إثراء مخزون الطفل بالحيل الدفاعية التي يتوخاها من أجل الخروج من مأزقه والتملص منها‬
‫بطرية لبقة ومضحكة دون تكلف أو عناء أو الوقوع في اإلحراج‪.‬‬
‫ج‪ -‬طرافة الفعل‬
‫"أحيانا قد ال تكون الكلمات وحدها كافية لإلضحاك‪ " .‬لذلك تتظافر معها األفعال لتجد القارئ أو السامع يوغل في الضحك‪.‬‬
‫ج‪ -1-‬العبث والتعابث باآلخر‪:‬‬
‫تسعى الشخصية الطريفة ضمن هذا الباب إىل القيام" باألفعال الماكرة والمقالب العجيبة إليقاع المضحوك عليه في فخ أو‬
‫وضع حرج"‪ .‬وبذلك فإن العابث يحيد بأفعاله وينحرف بها عن المعتاد والمألوف‪ .‬وهذا اإلنحراف يالقي استحسانا في نفس‬
‫الطفل ألنه أمام شخصية مختلفة وطريفة مفعمة بالنشاط تسعى إىل العبث باآلخرين‪.‬‬
‫ومن أبرز تجليات العبث والتعابث باآلخر استخدام الحيلة‪" ،‬فالحيلة تخترق مجاالت عديدة‪ ،‬شاسعة وإن فصلتها مسافات‬
‫سخيفة‪ ،‬األساطير‪ ،‬الحكاية الشعبية‪ ،‬األلغاز األحاجي ‪ ...‬الكوميديا بجّل أنواعها القصص واألفالم البوليسية"‬
‫وكان للحيلة أيضا استخداما جليا من قبل الشخصيات الطريفة‪ ،‬مولدة بذلك البهجة في نفس الطفل الذي يستمتع‬
‫بالحيلة لحبكتها وطرافتها من جهة وكذلك الشعور التفوق الذي تمنحه إياه لكونها ال تستطيع أن تنطلي عليه‪ .‬فالحيلة‬
‫"تأخذ طابعا هزليا مرحا غايته اإلمتاع‪ ،‬فهي تهدف الضحك في جوهرها ‪ ".‬ولئن تعددت الحيل التي قامت بها هذه‬
‫الشخصيات‪ ،‬فإنها قد اجتمعت واشتركت في خلق أجواء طريفة مضحكة تنبع الطرافة تنبع عن إعجاب "بحبكة المقلب‬
‫وطرافته ورد فعل الواقع في الفخ من من قام باستغفاله‪ ".‬وهكذا تنبع الطرافة من العابث الذي يحسن حبك حيلته ومن ردة‬
‫فعل المعبوث به الذي تعرض للسخرية وانطلت عليه الحيلة ‪ .‬وكأشهر شخصية ارتبط اسمها بالحيلة والمقالب من ضمن‬
‫شخصيات هذا البحث‪ ،‬شخصية "جحا"‪ .‬وتتعدد األمثلة عن حيله ومقالبه وسخريته من االخرين‪ ،‬فمثال نذكر ما ورد في قصة‬
‫"أجرة اليوم لتلك" حيث ذكر فيها أن جحا ذهب إىل الحمام فلم يعن به الحماميون وأعطوه مناشف قديمة‪ .‬ولكنه لما خرج‬
‫أكرمهم وأعطاهم عشرة دنانير‪ .‬ولئن خلف تصرف جحا استغرابا لدى القارئ وخصوصا الطفل‪ ،‬فإن هذه الغرابة تسقط تماما‬
‫عند مواصلته قراءة القصة بعد أسبوع عاد جحا فقابله الحماميون بحفاوة بالغة فأعطاهم دینارا‪ ".‬لتأکد طرافة جحا صاحب‬
‫الدعابات التي تدل عىل الفطنة"‪ .‬فالطفل هنا يمثل أمام شخصية شديدة الفطنة والذكاء الذي يتأكد بسرعة إيجاد هذه‬
‫الحيلة‪ ،‬حتى كأن القارئ يعایش نفس استغراب المعبوث به‪ .‬و نجد كذلك في سياق اخر لكسب الرهان مع السلطان جاعال‬
‫من الحمار يقرأ كتابا في قصة "قراءة الحمير" وذلك بوضع الشعير بين طيات الكتاب‪ .‬وبهذا تكون الحيلة طريقة مثىل إلبراز‬
‫عبث جحا باآلخرين وسخريته منهم‪.‬‬
‫ج‪-2-‬العادات الطريفة ‪:‬‬
‫تتميز هذه الشخصيات بعادات مختلفة عن اآلخرين ومبالغ فيها‪ .‬وهي بكل بساطة منبع للطرافة ومصدر لالختالف و باعثة‬
‫للضحك‪ .‬وهكذا تصبح محببة لدى الطفل‪ .‬فبهلول مثال يسير في الطريق "ورأسه مائل إىل الخلف وعيناه ناظرتان إىل‬
‫األعىل‪ .‬هو ال ينظر إىل الطريق الذي يسير فيه كما يفعل الناس‪ .‬وبهذا يتعرف الطفل ويتعود عىل عادات راسخة في‬
‫شخصية بهلول الذي يدعى "صديق السما " وعىل غرار بهلول نجد عادات أشعب الطريفة أيضا‪ .‬وكمثال عىل ذلك ما ورد‬
‫في قصة "رائحة األماني"حيث مد يده وأخذ من جميع األصناف‪ ،‬وبدأ يلتهم الطعام التهام الجائع الذي لم يذق الطعام منذ‬
‫أمد بعيد‪ " .‬وهنا صور أشعب جائعا كعادته‪ .‬فنحن أمام شخصية طفيلية بامتياز‪ ،‬اكتسبت عادات أكل مضحكة‪ .‬ومثال‬
‫ذلك ما ذكر في قصة "أشعب وجاريته رشا" حيث "ال يفصل تمرة عن تمرة وال يرمي بنواة قط‪ .‬وال ينزع قمعا وال ينفي عنه‬
‫قشرا" فأشعب لم ينل لقب "ملك الطفيليين" عن عبث‪ ،‬بل باستحقاق يشهد له ويذكر ‪ .‬ولكن حققت الشخصيات‬
‫اآلدمية نصيبا وافرا من الطرافة‪ ،‬فإن الشخصيات الحيوانية لم تكن بمعزل عن هذا وخاصة عن طريق أفعالها‪ .‬ونأخذ‬
‫كمثال عىل هذا شخصية القرد وحركاتها التي تعتبر جزءا ال يتجزأ من شخصيته‪ .‬وعادة ما ترتبط صورة القرد في األذهان‬
‫بالحركات البهلوانية الطريفة‪ ،‬فهي تثير الضحك وتنال إعجاب األطفال الذين يحبون عالم الحركة والنشاط ألن مرحلة‬
‫الطفولة عادة ما ترتبط بالحركية الدائمة والطاقة والنشاط‪ .‬وكمثال عن ذلك قصة "القرد جوجو آكل الموز" حيث صور فيها‬
‫في أكثر من مقطع حرکات شخصية القرد الطريفة‪ .‬فنذكر منها "عاشت في إحدى الغابات مجموعة كبيرة من القردة كانت‬
‫تقضي كل وقتها في اللعب عىل أغصان األشجار كانت تجعل من األغصان مراجيح تتأرجح عليها ‪ ...‬كانت تسبح في‬
‫الغدران وتراشق بمياه األنهار الكثيرة ‪...‬كانت القردة تقضي وقتها باللهو والمرح" وهذا فإن شخصية القرد شخصية مرحة‬
‫وطريفة ومن السهل أن يعجب بها القارئ الصغير ‪.‬‬








‫ج‪-3-‬التقليد ‪:‬‬
‫التقليد سلوك محبب لدى األطفال"‪ ..‬وال يقتصر عىل نيل إعجاب الصغار فقط‪ ،‬بل يشمل الكبار أيضا‪ .‬وعادة ما يرافق‬
‫التقليد أجواء من المتعة والضحك‪ .‬فالتقليد سلوك مختلف تكسوه الطرافة وهو سلوك ال نراه كل يوم‪ ،‬وتنوع أساليبه‬
‫عن طريق األفعال واألقوال أو حتى الشكل‪ .‬ولنا في هذا السياق تقليد القرد للنجار الذي ورد في قضية الفرد والنجار"‬
‫فنذكر منها "والقرد يحب التقليد فقد رأى ذات مرة نجارا يقطع لوحا من الخشب بمنشاره‪ ،‬فراح يقلده في أفعاله اكمل‬
‫االن فإنضمت الخشبة عىل ذيله‪ ،‬فصرخ من شدة األلم‪ ،‬فلما حضر النجار ضربه ضربا مبرحا‪ " ،‬اوبهذا يعتبر التقليد‬
‫خارجا عما هو مألوف‪ .‬ونجد كذلك شخصية القط في قصة "القط الحائر" حيث كانت له عدة تجارب مع تقليد اآلخرين‪،‬‬
‫فنذكر كان قطا فاقدا للثقة في نفسه‪ ،‬كان يريد أن يصبح حیوانا آخر‪ ،‬تشبه بالطيور محاوال الطيران وغطى نفسه بالريش‬
‫إال أنه سقط‪ .‬حاول أيضا تقليد البط فيسبح إال أنه لم ينجح‪ ،‬إال أنه سقط‪ .‬حاول أيضا تقليد البط فيسبح إال أنه لم ينجح‪،‬‬
‫واخد يجرب حياة اآلخرين ويفشل في كل مرة فقررأن يصبح فاكهة وأخذ قشور فاكهة ما ووضعها عىل جسمه وجلس‬
‫حتى غلبه النوم فنام‪ ،‬فاستيقظ ليجد مجموعة من الحيوانات تريد أكله والتهامه ففر هاربا ‪ 2".‬وهذا تقليد الشخصيات‬
‫لآلخر يخلق نوعا من الطرافة وأجواء للضحك والمتعة‪.‬‬
‫ج‪ -4-‬التكرار‪:‬‬
‫تكمن الطرافة أيضا في كيفية القيام بالفعل أو باألحرى تكرار نفس الفعل عدة مرات‪ .‬فنجد مثال دحدوح عندما قام‬
‫بالعبث بالكلب حيث نذكر" رأى كلبا نائما في ظل شجرة ففكر في مداعبته‪ ،‬فأخذ حجرا ورماه به‪ .‬لم يتحرك الحيوان‬
‫فأخذ الطفل حجرا ثانيا وقذفه نحو رأس الكلب وأسرع يختبئ خلف جذع شجرة كبيرة‪ .‬رفع الكلب رأسه‪ .‬نظر في كل‬
‫الجهات‪ .‬لم يرى أحدا فعاد إىل النوم‪ .‬أخذ "دحدوح" حجرا ثالثا ورشق به الكلب ‪ " .‬وهكذا تبدو طرافة دحدوح جلية من‬
‫خالل تكراره لنفس الفعل وهو رشق الكلب بالحجارة ‪.‬‬
‫ونجد أيضا بهلول الذي يواصل تكرار األفعال الدالة عىل غفلته‪ .‬وكمثال عىل ذلك نذكر ما ورد في قصة‬
‫"بين بهلول والكلب" ‪ " :‬وفي ذات كان بهلول سائرا في طريقه وهو ملتفت إىل السماء كعادته فتعثر بحجارة‬
‫وسقط‪ ،‬وقف "بهلول" وواصل سيره ناظرا إىل السماء فتعثر مرة أخرى ‪ ...‬واصل "بهلول" سيره فعثر هذه المرة في‬
‫كلب من دون قصد‪.‬‬
‫إىل جانب ذلك نذكر جحا الذي يعمد إىل تكرار أفعاله بصورة تقترب إىل الغرابة والغباء‪ .‬ونذكر أنه " إشتری‬
‫عشرة أحمرة‪ ،‬فركب واحدة منها وساق تسعة أمامه‪ ،‬ثم عد الحمير ونسي الحمار الذي يركبه فوجدها تسعة‪ ،‬فنزل عن‬
‫الحمار وعدها فوجدها عشرة‪ ،‬فركب مرة ثانية وعدها فوجدها تسعة‪ ،‬ثم نزل وعدها فوجدها عشرة وأعاد ذلك مرار‬
‫إن تكرار الفعل مرات عديدة مدعاة للضحك‪ ،‬ويعتبر الصفة األكثر شيوعا لإلضحاك‪ .‬ذلك أن الفعل غير المعتاد يثير‬
‫الضحك أما تكراره فيجعل الطفل يدخل في نوبات ضحك شديدة تجعله ينسی طول يومه وتعبه النفسي والذهني‬
‫وحتى الجسدي‪ .‬مرارا‪" .‬‬

You might also like