You are on page 1of 2

‫و رقة حول األمازيغية و الجهوية الموسعة‬

‫كان التمركز‪ 0‬المفرط لنموذج الدولة الوطنية الذي ت ّم تبنيه بالمغرب بعد اإلستقالل من أكبر عوامل األزمة‬
‫على كافة المستويات‪ ،‬وهو ما يجعل الجهوية الموسعة حال للعديد من المشاكل التي تراكمت على مدى‬
‫العقود المنصرمة‪ ،‬حيث تسمح الجهوية بأساليب جديدة للحكامة تنبني على توازن السلط والتوازنات‬
‫المجالية واالجتماعية‪ ،‬وعلى اإلنصاف‪ 0‬والعدالة التي تعني‪ ،‬من ضمن ما تعنيه‪ ،‬التوزيع العادل والمتوازن‬
‫للثروة المادية والرمزية‪ ،‬وحق الجهات في االستفادة من طاقاتها وإمكانياتها‪.‬‬
‫وإذا كان الفاعلون السياسيون والمدنيون يركزون في النقاش العمومي‪ 0‬الدائر على الجوانب اإلدارية‬
‫واإلقتصادية و المالية‪ ،‬و التي نشاطرهم في كل التدابير الديمقراطية التي يقترحونها في هذه الجوانب‪ّ ،‬‬
‫فإن‬
‫واجب الفاعل األمازيغي‪ 0‬لكي تكون مساهمته قيمة مضافة‪ ،‬أن يركز على الجوانب الهوياتية والثقافية ذات‬
‫الصلة بالتنوع‪ 0‬الثقافي واللغوي‪ ،‬و الذي من شأنه أن يبرز دور‪ 0‬األمازيغية هوية ولغة وثقافة في إنجاح‬
‫مشروع‪ 0‬الجهوية الموسعة‪ ،‬والتنمية الدائمة والشاملة عبر دينامية الجهات وإسهامها‪ 0‬في كافة المجاالت‪.‬‬
‫وفي‪ 0‬هذا الصدد ت ّم التركيز‪ 0‬في مذكرة المرصد األمازيغي‪ 0‬للحقوق والحريات إلى اللجنة اإلستشارية على‬
‫المرتكزات التالية التي يمكن اعتبارها منطلقات حاسمة للنهوض باألمازيغية مستقبال في إطار سياسة‬
‫جهوية موسعة‪:‬‬
‫‪ )1‬المرتكز القانوني الدستوري‪ ،‬حيث من غير الممكن اإلنتقال بنجاح إلى تطبيق‪ 0‬جهوية موسعة على‬
‫أساس الوثيقة الدستورية الحالية‪ ،‬مما يحتم تعديل الدستور‪ 0‬حتى يتماشى‪ 0‬مع الطموحات المعلنة سواء من‬
‫طرف‪ 0‬السلطات العليا أو المجتمع السياسي والمدني‪ ،‬وانطالقا من هذه القناعة نرى ضرورة أن يعمل‬
‫الفاعل األمازيغي على توضيح رؤيته فيما يتعلق بالتعديل الدستوري‪ ،‬وأن يج ّدد اقتراحه للتنصيص على‬
‫األمازيغية كأحد أبعاد الهوية الوطنية في ذيباجة الوثيقة الدستورية‪ ،‬وعلى إعطاء اللغة األمازيغية وضعية‬
‫اللغة الرسمية‪ ،‬وعلى منح الجهات الصالحيات المالية واإلدارية المطلوبة لتسيير شؤونها‪ 0‬بنفسها في إطار‬
‫الوحدة الوطنية المتماسكة‪ ،‬مع التركيز على األخذ بعين اإلعتبار الخصوصيات الثقافية الجهوية‪.‬‬
‫‪ )2‬المرتكز التاريخي‪ ،‬حيث بدا أن اإلتجاه العام للنقاش في موضوع الجهوية والذي يميل إلى التركيز‪0‬‬
‫على الجوانب اإلدارية واإلقتصادية و الجغرافية ال يأخذ بعين اإلعتبار الجانب المتعلق بالجهات التاريخية‪،‬‬
‫فللجهات في المغرب تاريخ طويل جعلها تتمتع بشخصيتها المتميزة‪ ،‬والتي ت ّم إغفالها في التقسيم الجهوي‪0‬‬
‫المعتمد بسبب الهواجس والحسابات األمنية‪ ،‬وقد آن األوان أن نعيد للجهات شخصيتها الثقافية التي‬
‫ترسخت على مدى قرون طويلة‪ ،‬والتي تميزت بتجارب فريدة في الديمقراطية المحلية في السياق التقليدي‬
‫األمازيغي‪ 0‬القديم‪ ،‬وأن نمنحها إمكانية اإلسهام‪ 0‬التنموي في سياق جديد هو السياق العصري‪ 0‬الديمقراطي‪.‬‬
‫ومن هنا نلح على أهمية إعادة تقسيم الجهات على أساس التكامل االقتصادي واالجتماعي والثقافي‪ ،‬في‬
‫إطار المنافسة الشريفة بين الخصوصيات المنفتحة على اإلطار الوطني‪ ،‬وهو ما يحول دون تحويل‬
‫الجهات إلى إطارات مغلقة‪ ،‬ويمكنها‪ 0‬بالتالي من التبادل التضامني والتفاعل المطلوب فيما بينها ‪ .‬و يقتضي‬
‫هذا من جهة أخرى تجاوز الرواية الرسمية لتاريخ المغرب‪ ،‬و التي كانت تستجيب لحاجات الدولة‬
‫المركزية‪ ،‬و اعتماد التاريخ اإلجتماعي المحلي‪.‬‬
‫‪ )3‬المرتكز التربوي‪ 0‬التعليمي‪ ،‬ذلك ألن الدولة المركزية قد أقامت النظام التربوي‪ 0‬على قيم وطنية‬
‫مركزية‪ ،‬مما أضعف حضور‪ 0‬الجهات في المدرسة و غيب الخصوصيات‪ 0‬المحلية و أغلق المدرسة على‬
‫محيطها‪ ،‬و خلق الكثير من الجهل بالمغرب و تاريخه‪ ،‬و لهذا من الضروري‪ 0‬في إطار الجهوية الموسعة‬
‫أن تحتل ثقافة الجهة مكانها الطبيعي ضمن المواد الدراسية بجانب المضامين الوطنية‪ ،‬و هو ما يساهم في‬
‫إدماج الفرد في محيطه و يمكنه بالتالي من اإلسهام في التنمية الوطنية عبر تنمية الجهة‪.‬‬
‫‪ )4‬المرتكز اإلعالمي‪ ،‬حيث سيكون من المفيد توسيع مفهوم الجهوية إلى المجال اإلعالمي خاصة‬
‫السمعي البصري‪ ،‬مما يفرض تمكين الجهات من قنوات تلفزية وإذاعية تعايش قضايا الجهة وواقع‪ 0‬سكانها‬
‫وتخاطبهم بلغتهم‪ ،‬و تعكس واقع الجهة على شتى المستويات‪.‬‬
‫‪ )5‬المرتكز الثقافي التراثي‪ ،‬حيث لم تستطع الدولة المركزية إنقاذ الكثير من عناصر التراث المادي و‬
‫الرمزي‪ 0‬المتواجد في الجهات المختلفة من المغرب‪ ،‬و اعتنت خالف ذلك ببعض عناصر الثقافة المركزية‪،‬‬
‫و هو ما ستعمل الجهات على تجاوزه بتوفير اإلمكانيات الضرورية إلنقاذ تراثها‪ 0‬المعماري و الثقافي‬
‫المادي و الالمادي‪.‬‬
‫و بجانب هذه المرتكزات و المهام التي حددناها كمنطلقات لنجاح الجهوية الموسعة‪ ،‬ال ب ّد للفاعل‬
‫األمازيغي‪ 0‬أن يعمل على توضيح إشكالية توحيد اللغة األمازيغية في إطار المشروع الجهوي‪ ،‬فمن المعلوم‪0‬‬
‫أن وحدة اللغة األمازيغية هي من مبادئ الحركة األمازيغية‪ ،‬و قد بني عليه تصور‪ 0‬المعهد الملكي للثقافة‬
‫األمازيغية ووزارة التربية الوطنية إلدراج األمازيغية في النظام التربوي‪ ،‬كما تض ّمن ذلك منهاج اللغة‬
‫األمازيغية في التعليم‪ ،‬مما يستوجب على الفاعلين األمازيغيين‪ 0‬تدارس كيفية المالءمة بين هذا المبدأ و بين‬
‫سياسة الجهوية التي تقتضي كما ستؤدي‪ 0‬حتما إلى إبراز دور اللهجات و الفروع الكبرى للغة األمازيغية‬
‫في الجهات المختلفة‪ ،‬و سيكون على الفاعل األمازيغي اقتراح الصيغة التي ينبغي بها التمكين للغة‬
‫الموحدة مركزيا في الدستور‪ 0‬و التعليم‪ ،‬و التي يمكن على أساسها تصريف‪ 0‬الدينامية الجهوية لفروع اللغة‬
‫األمازيغية‪.‬‬

‫المرصد‪ 0‬األمازيغي للحقوق و الحريات‪ ,‬منظمة غير حكومية أسست يوم ‪ 27‬أبريل ‪2009‬‬
‫العنوان‪ 76 :‬الطابق السفلي‪ ,‬شارع محمد الخامس‪ ,‬الدار البيضاء‬
‫الهاتف ‪ 06.61.69.54.70 / 06.61.30.15.16 :‬الفاكس ‪.05.22.48.39 :‬‬

You might also like