You are on page 1of 3

‫شنوان الحسين‬

‫الحوار المتمدن ‪ -‬العدد‪7 / 4 / 2008 - 2244 :‬‬

‫الالشعبية السياسية قليلة التداول في العالم الديمقراطي‪ ،‬كثيرة التجلي بالمغرب‪ ،‬فليس كل زعيم حزب‬
‫سياسي يفتح شفتيه في برنامج أو في تلفزيون عمومي يمتلك شعبية‪ ،‬إن الشعبية تتأتى من خالل‬
‫القدرة على إثارة حماس الجماهير و تعبئتهم لقضية معينة أو النتخابات آتية‪ ،‬ومثاال لدلك حزب وحركة‬
‫السيد الساسي التي ليست الشعبية وال تستطيع حتى تعبئة مناضليها من اجل توجه معين فما بالك‬
‫بالشعب الذي في غالبيته ال يفقه لغته العربية الخشبية‪.‬‬
‫أن تكون مثقف جماهيري‪ ،‬يتطلب منك نزعة البذلة التي ال تالءم عامل من الطبقة الكادحة ألجل‬
‫الغوص في حقيقة وذهنية و تركيبة الشعب المغربي‪ ،‬فكيف تدعي الثقافة و ال تستطيع أن تُقر للجماهير‬
‫أن تدني مستواهم المعيشي نابع من شركات مملوكة من طرف عائالت عربية محسوبة على رؤوس‬
‫األصابع تعمد إلى تعذيبهم و تفقريهم كما كان كرامشي و فوكو يعمالن على فضح سلوكات الجشعين‬
‫وناهبي المال العام‪.‬‬
‫استوقفني كثيرا حديث غير مكتمل لألستاذ محمد الساسي في الراشيدية حول منابع الحركات السياسية‬
‫المغربية لما قال‪ ،‬إن إال صل يعود باألساس إلى‪ :‬الحركة الوطنية و الحركة الشيوعية العمالية و‬
‫الحركة الماركسية اللينينية كل هدا صحيح و لكن لو أراد^ أن يُتم من جرأته السياسية المعتادة أن يضف‬
‫أن جيش تحرير الشمال لم يستطيع أن يتحول إلى حركة سياسية فاعلة ودلك راجع إلى اإلبادة التي‬
‫تعرض لها من طرف الحركات السابقة ألنه ال يتماشى مع موضة اإلجماع العروبي السائدة أنداك بين‬
‫المؤسسة و األحزاب السياسية‪ ،‬من خالل أن جيش التحرير هذا كان في غالبيته بربريا متوحشا‪ ،‬و أن‬
‫جيش تحرير الجنوب تطور بفعل تبنيه لاليديولوجيا العروبية و مساندة الحركات السابقة له ليؤسس‬
‫حلم الجمهورية التي راودته كثيرا‪ .‬كما تناول أستاذنا الفاضل مصطلح البراغماتية – االنتهازية في‬
‫التحليل الفلسفي المعمق – و قال أن يساره الالتقليدي يتبنى البراغماتية المقيدة و المشروطة والتي‬
‫في نظري تعني براغماتية االسترزاقية بقضية أو بأخرى‪ ،‬أي الدخول في الفعل النضالي األمازيغي مثال‬
‫متى سنحت الفرصة من اجل إيهام المتلقي بالنضال الديمقراطي إلفراغ الحركة من الحماس الداخلي و‬
‫االعتقاد بوجود شرفاء في هذا البلد‪.‬‬
‫فليكن في علم محمد الساسي و من خالله لكل طالب و مثقف الحركة اليسارية أنهم أكثر ضعفا من أن‬
‫ينتقدوا حركة مجتمعية ذات بعد جماهيري قوي و ذات بنية ثقافية قائمة و مستقلة كالحركة الثقافية‬
‫االمازيغية‪ ،‬إن االمازيغية اليوم ليست ملف مخزني إداري و ال ملف حزب سياسي أو جمعية معينة‪ ،‬و‬
‫انها ليست وليدة تصور صهيوني مع أو ضد التطبيع‪ ،‬إن االمازيغية نضال من اجل مواطن حر في‬
‫مجتمع حر و محرر من أية قيود قومية – المستقبل العربي المشترك – أو شوفينية – الموت‬
‫إلسرائيل – أو متعصبة – قرآن عربي – انها بدلك أسلوب حياة يهدف إلى التعايش السلمي و‬
‫المشترك‪ ،‬انطالقا من مرجعية فلسفية حبكتها من خالل تجربتها التاريخية و موقعها االستراتجي بشمال‬
‫إفريقيا‪ ،‬الشيء الذي اكسبها تلك القوة النقدية التصحيحية و المرجعية خصوصا إذا ما تعلق األمر‬
‫بقراءة مقارنة ‪،1‬كل هذا اكسبها و اكسب مناضلها و شعبها معها‪،‬قناعة أن حل معضلة اإلرهاب و‬
‫العولمة‪ ،‬ستتأتى للمغرب من خالل العودة إلى االمازيغية – األصل – لما لها من تجارب سابقة في‬
‫تصحيح التعصب المسيحي األول من خالل الحركة االريوسية‪ ،2‬و التعصب السياسي الروماني من‬
‫طرف حركة الدوارين‪ ،3‬و التعصب العروبي األول و الحالي من خالل فلسفية التعاطي مع الدين ( ابن‬
‫رشد ) بالتصوف فحولوه بذلك من دين فردية األمام الحاكم إلى دين الجماعة‪ ،‬حتى في طريقة تالوة‬
‫القرآن و التي تتم بطريقة جماعية‪ ،‬عوضا عن الثقافة التي تشبعتم بها المعتمدة على خطيب واحد و‬
‫الكل قطيع يستمع ويستمتع بشتائم اإلمام األمير‪ ،‬و من ناحية العولمة فالشعب األمازيغي ال يخشاها الن‬
‫أشدها فتكا أفلح في التصدي لها و هي ثقافة البيترودوالر المقدس وال أظن أن أية ثقافة اليوم قادرة‬
‫على الجمع بين المال و القداسة كالثقافة العربية اإلسالمية‪ ،‬إدا فكل من سوى هذه األخيرة لطيف‪.‬‬
‫إنكم يا سيدي اليوم مدعوون إلى المثول أمام هيأة قضائية مستقلة رئيسها الضمير‪ ،‬لتجيبوا عن سؤال‬
‫واحد الم تحسوا بالذنب في تغييب االمازيغية في برامجكم لما كانت الحركة الماركسية قوية و صلبة ؟‬
‫وأين كنتم حتى اليوم ؟ ألستم من كانوا يرفعون شعارات الوطن العربي الكبير‪ ،‬و التعريب و العروبة و‬
‫األحادية اللغوية و التعليم العربي ؟ إننا اليوم نتأسف على مصيركم ليس من موقع الشفقة ولكن من‬
‫موقع خوفنا على أنفسنا لكوننا نستمد قوتنا من تعصبكم العروبي‪ ,‬وديمقراطيتنا من شوفينيتكم التي‬
‫تستفزنا و تستفز فينا قوة إعالن انتمائنا و تشبثنا بما تكرهونه فينا و في الشعب المغربي عموما‬
‫امازيغيته‪.‬‬
‫إن من فشلت إيديولوجيته التي قدم من اجلها مناضليه ال يمكنه التحول إلى حركة أخرى ذات ايديولجية‬
‫مناقضة‪ ،‬إن الفشل االديولوجي يفرض على حاملها بالموت السياسي‪،‬و كما قال األستاذ حرزني ‪ :‬يجب‬
‫محاكمة ماركس‪ .‬نقول نحن يجب محاكمة الضمير اليساري المتعجرف‪ .‬إن الحربائية ليست من‬
‫خصائص اليسار الراديكالي إن هم ليسوا تروتسكاويين طبعا‪ ،‬إن موتكم االديولوجي نابع من تحوالت‬
‫داخلية و خارجية فعلى المستوى الداخلي نخلص ما خلص إليه الشعب المغربي إن من كنا نعقد عليه‬
‫أمالنا قد خدلنا في وقت الحسم و قبل بلعبة "سير راني جاي " و التي سنلخصها في قصة امازيغية‬
‫تتحدث عن حمار وحيد قريته‪ ،‬فاستعمله أهل القرية لبناء مسجدهم‪ ،‬و كان ذلك المسجد فوق ثلة‬
‫يصعدها الحمار بشق األنفس‪ ،‬و لما أتم أهل القرية مسجدهم مرض الحمار‪ ،‬فطُرد من القرية و ذات‬
‫يوم مر بجانب المسجد فتعرض إلهانات و سب و شتم أصدقاء األمس إن حال الشعب المغربي المسكين‬
‫هو حال هذا الحمار الذي بنا لليساريين المناصب و الوزارات و عاد بخفي حنين‪ ،‬فال مستوى معيشي‬
‫مقبول تحقق وال مستقبل تربوي كفء حصل‪.‬‬

‫إن مجد اليسار بني في السابق على ظهر شعب مستلب‪ ،‬ولما وعي هذا الشعب ذاته تحرك الشعب‬
‫األمازيغي فانهار حلم اليسار‪.‬‬

‫والعامل الخارجي يتجلى في تحول الحركات من حركات يسارية‪ ،‬دينية تعتبر إن كل شيء سياسة و أن‬
‫السياسة كل شيء‪ ،4‬إلى حركات أخالقية‪ ،‬حركات الضمير العالمي ( حركات هوياتية‪ ،‬أطباء بال حدود‪،‬‬
‫حقوق المرأة‪.) ... ،‬‬
‫ال يمكن في المغرب أن نفكر في التغيير دون االعتماد على ايديولجية نابعة من ثقافة مناقضة‬
‫الديولوجية و ثقافة النظام‪ ،‬فكيف تسمون أنفسكم الجناح التغييري و الجدري في اليسار و لم تستطيعوا‬
‫بعد إفراز إيديولوجية مغربية ولتكن حتى يسارية ذات بعد شعبي – أمازيغي – ألنه ال يمكن تصور‬
‫الشعب المغربي دون فهم لمكوناته السوسيولوجية التي تحدتكم يوما بعد أخر وتقول بصوت عال أنا‬
‫امازيغية‪ ،‬أم أنكم خريجي تلك النخبة التي تعتبر و تقول " على االديولوجية أن تبقى متقدمة عن العي‬
‫الذاتي للشعوب " أي نخبة الشعب القطيع‪ .‬أال ترى معي اعتمادا على التحليل الماركسي أننا نعاني‬
‫االستالب في بلد كان من المفروض أن يؤمن بالتعدد ويقر بذلك في قوانينه و دساتيره‪ ،‬تصور محاكمة‬
‫بين أمازيغي و عربي في محكمة أمية أحادية اللسان – الن األمية حسب المرحوم الحسن الثاني في‬
‫عدد اللغات التي يتم إتقانها – تتحدث العربية فقط‪ ،‬إن هذه المحاكمة من الناحية البسيكولوجية حكمت‬
‫لفائدة المغربي المعرب بدون الغوص في التفاصيل التي تلي الجلسة‪ ( .‬ما يعانيه معتقلي الحركة‬
‫الثقافية االمازيغية ‪) .‬‬
‫ومن الناحية الفكرية الصرفة‪ ،‬إن مفهوم الجدل الذي تتبنونه استطاع أجداد االمازيغ من خالل ابليوس‬
‫فكه والحسم في مفهومه فأسس بذلك لمفهوم القضية‪ ،‬و بذلك أصبح لدينا الجدل هو القضية‪ .‬إذا فكلما‬
‫تحدثتم عن الجدل نتحدث عن القضية و كلما تحول لديكم الجدل إلى صراع طبقات تحولت لدينا القضية‬
‫إلى القضية االمازيغية‪ ،‬الن القضية اشمل و أعمق و اعم من الناحية الفلسفية و ذلك ألنها تضيف إلى‬
‫الجدل المنطق الذي ينقصكم‪.‬‬
‫فهل يا ترى نصطنع األزمة و القضية كما تحبون أن تدعوا عن الحركة االمازيغية‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫الخطاب من خالل محمد الساسي إلى كل يساري‪ ،‬الن هذه الحركة أصبحت اليوم حركة أفراد في ظل‬
‫انعدام أي سند شعبي لها ‪.‬‬
‫‪ -1‬مقدمة ابن خلدون‪.‬‬

‫‪ -2‬مظاهر الفكر العقالني ( عبد السالم بن ميس )‪.‬‬

‫‪ -3‬كتابات جميل حمداوي‪ ( .‬موقع توالت )‪.‬‬

‫‪ -4‬هل الرأسمالية أخالقية ( أ‪.‬سبونفيل)‪.‬‬

You might also like