Professional Documents
Culture Documents
شنوان الحسين1
شنوان الحسين1
الالشعبية السياسية قليلة التداول في العالم الديمقراطي ،كثيرة التجلي بالمغرب ،فليس كل زعيم حزب
سياسي يفتح شفتيه في برنامج أو في تلفزيون عمومي يمتلك شعبية ،إن الشعبية تتأتى من خالل
القدرة على إثارة حماس الجماهير و تعبئتهم لقضية معينة أو النتخابات آتية ،ومثاال لدلك حزب وحركة
السيد الساسي التي ليست الشعبية وال تستطيع حتى تعبئة مناضليها من اجل توجه معين فما بالك
بالشعب الذي في غالبيته ال يفقه لغته العربية الخشبية.
أن تكون مثقف جماهيري ،يتطلب منك نزعة البذلة التي ال تالءم عامل من الطبقة الكادحة ألجل
الغوص في حقيقة وذهنية و تركيبة الشعب المغربي ،فكيف تدعي الثقافة و ال تستطيع أن تُقر للجماهير
أن تدني مستواهم المعيشي نابع من شركات مملوكة من طرف عائالت عربية محسوبة على رؤوس
األصابع تعمد إلى تعذيبهم و تفقريهم كما كان كرامشي و فوكو يعمالن على فضح سلوكات الجشعين
وناهبي المال العام.
استوقفني كثيرا حديث غير مكتمل لألستاذ محمد الساسي في الراشيدية حول منابع الحركات السياسية
المغربية لما قال ،إن إال صل يعود باألساس إلى :الحركة الوطنية و الحركة الشيوعية العمالية و
الحركة الماركسية اللينينية كل هدا صحيح و لكن لو أراد^ أن يُتم من جرأته السياسية المعتادة أن يضف
أن جيش تحرير الشمال لم يستطيع أن يتحول إلى حركة سياسية فاعلة ودلك راجع إلى اإلبادة التي
تعرض لها من طرف الحركات السابقة ألنه ال يتماشى مع موضة اإلجماع العروبي السائدة أنداك بين
المؤسسة و األحزاب السياسية ،من خالل أن جيش التحرير هذا كان في غالبيته بربريا متوحشا ،و أن
جيش تحرير الجنوب تطور بفعل تبنيه لاليديولوجيا العروبية و مساندة الحركات السابقة له ليؤسس
حلم الجمهورية التي راودته كثيرا .كما تناول أستاذنا الفاضل مصطلح البراغماتية – االنتهازية في
التحليل الفلسفي المعمق – و قال أن يساره الالتقليدي يتبنى البراغماتية المقيدة و المشروطة والتي
في نظري تعني براغماتية االسترزاقية بقضية أو بأخرى ،أي الدخول في الفعل النضالي األمازيغي مثال
متى سنحت الفرصة من اجل إيهام المتلقي بالنضال الديمقراطي إلفراغ الحركة من الحماس الداخلي و
االعتقاد بوجود شرفاء في هذا البلد.
فليكن في علم محمد الساسي و من خالله لكل طالب و مثقف الحركة اليسارية أنهم أكثر ضعفا من أن
ينتقدوا حركة مجتمعية ذات بعد جماهيري قوي و ذات بنية ثقافية قائمة و مستقلة كالحركة الثقافية
االمازيغية ،إن االمازيغية اليوم ليست ملف مخزني إداري و ال ملف حزب سياسي أو جمعية معينة ،و
انها ليست وليدة تصور صهيوني مع أو ضد التطبيع ،إن االمازيغية نضال من اجل مواطن حر في
مجتمع حر و محرر من أية قيود قومية – المستقبل العربي المشترك – أو شوفينية – الموت
إلسرائيل – أو متعصبة – قرآن عربي – انها بدلك أسلوب حياة يهدف إلى التعايش السلمي و
المشترك ،انطالقا من مرجعية فلسفية حبكتها من خالل تجربتها التاريخية و موقعها االستراتجي بشمال
إفريقيا ،الشيء الذي اكسبها تلك القوة النقدية التصحيحية و المرجعية خصوصا إذا ما تعلق األمر
بقراءة مقارنة ،1كل هذا اكسبها و اكسب مناضلها و شعبها معها،قناعة أن حل معضلة اإلرهاب و
العولمة ،ستتأتى للمغرب من خالل العودة إلى االمازيغية – األصل – لما لها من تجارب سابقة في
تصحيح التعصب المسيحي األول من خالل الحركة االريوسية ،2و التعصب السياسي الروماني من
طرف حركة الدوارين ،3و التعصب العروبي األول و الحالي من خالل فلسفية التعاطي مع الدين ( ابن
رشد ) بالتصوف فحولوه بذلك من دين فردية األمام الحاكم إلى دين الجماعة ،حتى في طريقة تالوة
القرآن و التي تتم بطريقة جماعية ،عوضا عن الثقافة التي تشبعتم بها المعتمدة على خطيب واحد و
الكل قطيع يستمع ويستمتع بشتائم اإلمام األمير ،و من ناحية العولمة فالشعب األمازيغي ال يخشاها الن
أشدها فتكا أفلح في التصدي لها و هي ثقافة البيترودوالر المقدس وال أظن أن أية ثقافة اليوم قادرة
على الجمع بين المال و القداسة كالثقافة العربية اإلسالمية ،إدا فكل من سوى هذه األخيرة لطيف.
إنكم يا سيدي اليوم مدعوون إلى المثول أمام هيأة قضائية مستقلة رئيسها الضمير ،لتجيبوا عن سؤال
واحد الم تحسوا بالذنب في تغييب االمازيغية في برامجكم لما كانت الحركة الماركسية قوية و صلبة ؟
وأين كنتم حتى اليوم ؟ ألستم من كانوا يرفعون شعارات الوطن العربي الكبير ،و التعريب و العروبة و
األحادية اللغوية و التعليم العربي ؟ إننا اليوم نتأسف على مصيركم ليس من موقع الشفقة ولكن من
موقع خوفنا على أنفسنا لكوننا نستمد قوتنا من تعصبكم العروبي ,وديمقراطيتنا من شوفينيتكم التي
تستفزنا و تستفز فينا قوة إعالن انتمائنا و تشبثنا بما تكرهونه فينا و في الشعب المغربي عموما
امازيغيته.
إن من فشلت إيديولوجيته التي قدم من اجلها مناضليه ال يمكنه التحول إلى حركة أخرى ذات ايديولجية
مناقضة ،إن الفشل االديولوجي يفرض على حاملها بالموت السياسي،و كما قال األستاذ حرزني :يجب
محاكمة ماركس .نقول نحن يجب محاكمة الضمير اليساري المتعجرف .إن الحربائية ليست من
خصائص اليسار الراديكالي إن هم ليسوا تروتسكاويين طبعا ،إن موتكم االديولوجي نابع من تحوالت
داخلية و خارجية فعلى المستوى الداخلي نخلص ما خلص إليه الشعب المغربي إن من كنا نعقد عليه
أمالنا قد خدلنا في وقت الحسم و قبل بلعبة "سير راني جاي " و التي سنلخصها في قصة امازيغية
تتحدث عن حمار وحيد قريته ،فاستعمله أهل القرية لبناء مسجدهم ،و كان ذلك المسجد فوق ثلة
يصعدها الحمار بشق األنفس ،و لما أتم أهل القرية مسجدهم مرض الحمار ،فطُرد من القرية و ذات
يوم مر بجانب المسجد فتعرض إلهانات و سب و شتم أصدقاء األمس إن حال الشعب المغربي المسكين
هو حال هذا الحمار الذي بنا لليساريين المناصب و الوزارات و عاد بخفي حنين ،فال مستوى معيشي
مقبول تحقق وال مستقبل تربوي كفء حصل.
إن مجد اليسار بني في السابق على ظهر شعب مستلب ،ولما وعي هذا الشعب ذاته تحرك الشعب
األمازيغي فانهار حلم اليسار.
والعامل الخارجي يتجلى في تحول الحركات من حركات يسارية ،دينية تعتبر إن كل شيء سياسة و أن
السياسة كل شيء ،4إلى حركات أخالقية ،حركات الضمير العالمي ( حركات هوياتية ،أطباء بال حدود،
حقوق المرأة.) ... ،
ال يمكن في المغرب أن نفكر في التغيير دون االعتماد على ايديولجية نابعة من ثقافة مناقضة
الديولوجية و ثقافة النظام ،فكيف تسمون أنفسكم الجناح التغييري و الجدري في اليسار و لم تستطيعوا
بعد إفراز إيديولوجية مغربية ولتكن حتى يسارية ذات بعد شعبي – أمازيغي – ألنه ال يمكن تصور
الشعب المغربي دون فهم لمكوناته السوسيولوجية التي تحدتكم يوما بعد أخر وتقول بصوت عال أنا
امازيغية ،أم أنكم خريجي تلك النخبة التي تعتبر و تقول " على االديولوجية أن تبقى متقدمة عن العي
الذاتي للشعوب " أي نخبة الشعب القطيع .أال ترى معي اعتمادا على التحليل الماركسي أننا نعاني
االستالب في بلد كان من المفروض أن يؤمن بالتعدد ويقر بذلك في قوانينه و دساتيره ،تصور محاكمة
بين أمازيغي و عربي في محكمة أمية أحادية اللسان – الن األمية حسب المرحوم الحسن الثاني في
عدد اللغات التي يتم إتقانها – تتحدث العربية فقط ،إن هذه المحاكمة من الناحية البسيكولوجية حكمت
لفائدة المغربي المعرب بدون الغوص في التفاصيل التي تلي الجلسة ( .ما يعانيه معتقلي الحركة
الثقافية االمازيغية ) .
ومن الناحية الفكرية الصرفة ،إن مفهوم الجدل الذي تتبنونه استطاع أجداد االمازيغ من خالل ابليوس
فكه والحسم في مفهومه فأسس بذلك لمفهوم القضية ،و بذلك أصبح لدينا الجدل هو القضية .إذا فكلما
تحدثتم عن الجدل نتحدث عن القضية و كلما تحول لديكم الجدل إلى صراع طبقات تحولت لدينا القضية
إلى القضية االمازيغية ،الن القضية اشمل و أعمق و اعم من الناحية الفلسفية و ذلك ألنها تضيف إلى
الجدل المنطق الذي ينقصكم.
فهل يا ترى نصطنع األزمة و القضية كما تحبون أن تدعوا عن الحركة االمازيغية.
مالحظة:
الخطاب من خالل محمد الساسي إلى كل يساري ،الن هذه الحركة أصبحت اليوم حركة أفراد في ظل
انعدام أي سند شعبي لها .
-1مقدمة ابن خلدون.