You are on page 1of 19

‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬

‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫التسوية الودية لنزاعات الشغل الفردية عن طريق الصلح التمهيدي دراسة في ضوء‬
‫التشريع االجتماعي المغربي‬
‫‪Amicable settlement of individual labour disputes through preliminary‬‬
‫‪reconciliation in Moroccan social legislation‬‬

‫إعداد الباحث‪ /‬نضال مصطفى محمد غيث‬

‫طالب باحث بسلك الدكتوراه في العلوم القانونية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق أغدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬المملكة المغربية‬

‫‪Email: nidalghaith@outlook.com‬‬

‫‪Tel: 00212767077647‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫هذه الدراسة تبحث في تسوية النزاعات العمالية الفردية الناشئة بين المشغل واألجير عن طريق الصلح التمهيدي في‬
‫التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬كإحدى الوسائل الودية التي تمكن طرفيها من حل نزاعهم دون اللجوء إلى المحاكم‪،‬‬
‫وذلك من خالل الحديث عن األحكام العامة الناظمة لهذه اآللية‪ ،‬وكذا كيفية تطبيقها واآلثار القانونية الناجمة عنها‪ ،‬ولعل‬
‫من أبرز ما خلصت إليه هذه الدراسة هو أهمية الصلح التمهيدي ودوره الفعال في تسوية النزاعات العمالية بطريقة‬
‫فعالة تضمن لألجير سرعة الحصول على حقوقه‪ ،‬وتجنب المحاكم االجتماعية تراكم الملفات المعروضة أمامها‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬التسوية الودية‪ ،‬حقوق األجراء‪ ،‬المشرع االجتماعي‪ ،‬مفتش الشغل‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪262‬‬
‫م‬0101-01-5 :‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‬
ISSN: 2706-6495

Amicable settlement of individual labour disputes through preliminary


reconciliation in Moroccan social legislation

Abstract:

This study examines the settlement of individual labour disputes arising between the
employer and the employee through preliminary conciliation in Moroccan social
legislation, as one of the friendly means that enables the two parties to resolve their
dispute without resorting to the courts, by talking about the general provisions regulating
this mechanism, as well as how to apply it and its effects. Perhaps one of the most
prominent findings of this study is the importance of preliminary reconciliation and its
effective role in settling labour disputes in an effective manner that ensures the wage
earner can quickly obtain his rights, and social courts avoid the accumulation of files
presented to them.

Keywords: individual labour disputes, friendly settlement, workers' rights, Social


legislator, Labour inspector

‫مقدمة‬

‫ مما‬،‫ يسهمون في تطوير المقاولة والرفع من إنتاجيتها وقدرتها التنافسية‬،‫الشك أن األجراء باعتبارهم قوة بشرية منتجة‬
‫ والسهر على تحصيل‬،‫ لذا؛ وجب االهتمام بهذه الشريحة من المجتمع‬.‫ينعكس مباشرة على ازدهار االقتصاد الوطني‬
.‫حقوقها المادية والمعنوية‬
،‫ومن المعلوم أن الصلح يكتسي أهمية بالغة في كونه ينهي النزاع بين أطرافه بحلول جيدة وفي أسرع اآلجال‬
.1‫ كما يحافظ على العالقات االجتماعية ويرسخ ثقافة الحوار والتسامح‬،‫وبتكاليف أقل‬
‫ لألجير الذي يتعرض لعقوبة‬،‫ بما فيها التشريع المغربي‬،‫ أجازت العديد من التشريعات االجتماعية‬،‫وفي هذا اإلطار‬
.‫ بشكل ودي بدال من المطالبة القضائية‬،‫ أن يطالب المشغل بتعويضه عن هذا اإلجراء التعسفي‬،‫الفصل التعسفي‬

1
.‫ وما بعدها‬13 ‫ ص‬،2002 ،53 ‫ عدد‬،‫ مجلة الملحق القضائي‬،‫ أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي‬،‫محمد سالم‬

www.ajrsp.com 263
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫وقد كرست مدونة الشغل هذه الطرق الودية لفض الخالفات التي قد تثور بين طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬وذلك بتبنيها ما‬
‫يتعلق بالصلح التمهيدي المستحدث في مدونة الشغل في المادة ‪ 11‬منها‪ ،‬وإتاحتها الفرصة لألعوان المكلفين بتفتيش‬
‫الشغل بإجراء محاوالت الصلح في مجال نزاعات الشغل الفردية في المادة ‪. 235‬‬
‫يعتبر إقرار الصلح التمهيدي ‪ -‬كآلية لتسوية نزاعات الشغل الفردية بشكل ودي‪ -‬أحد أهم المستجدات التي جاءت بها‬
‫مدونة الشغل‪ ،5‬ولعل الهدف من تبني هذه اآللية هو تخفيف العبء على المحاكم‪ ،‬والسرعة في فض نزاعات الشغل ما‬
‫ينعكس إيجابا على طرفي العالقة الشغلية األجير والمشغل‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من ضمان استمرارية المقاولة في‬
‫أحسن الظروف‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أن مجيء هذه المسطرة كان بمثابة رد فعل ايجابي من المشرع النتقادات المشغلين ومفتشي الشغل‬
‫ومعهم بعض الفقه للقضاء الذي يلغي محاضر الصلح المنجزة من طرف مفتش الشغل بعلة أنه ال أساس قانوني لهذا‬
‫الصلح‪.3‬‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تتجلى أهمية البحث موضوع الدراسة في اآلتي‪:‬‬
‫اعتبار أنه سيتناول أحد أهم المستجدات الواردة في قانون الشغل المغربي‪ ،‬والمرتبطة بطريقة الصلح بين‬ ‫‪‬‬
‫العامل وصاحب العمل ودون اللجوء إلى الطريقة القانونية التقليدية لحل النزاعات الناشئة بينهم‪.‬‬
‫أن التسوية الودية للنزاعات العمالية عن طريق الصلح لم يعمل على تنظيمها العديد من التشريعات العربية‬ ‫‪‬‬
‫المقارنة‪ ،‬وأذكر على سبيل المثال إغفال المشرع الفلسطيني في قانون العمل الفسطيني رقم ‪ 7‬لسنة ‪ 5222‬اإلشارة إلى‬
‫هذه اآللية ‪ ،‬وبالتالي فإن إنجاز هذا البحث من شأنه أن يساعد القائمين على وضع التشريعات في بعض دول العربية في‬
‫االستفادة من التجربة المغربية في هذا اإلطار‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث موضوع الدراسة إلى تحقيق مجموعة من األهداف على النحو اآلتي‪:‬‬
‫بيان المقصود بالصلح التمهيدي كآلية ودية لتسوية النزاعات العمالية الفردية الحاصلة بين طرفي عالقة العمل‬ ‫‪‬‬
‫(العامل وصاحب العمل)‪.‬‬
‫االطالع على اإلجراءات التي يتعين على طرفي عالقة العمل القيام بها لتطبيق الصلح التمهيدي على‬ ‫‪‬‬
‫النزاعات الواقعة بينهم‪.‬‬
‫تسليط الضوء على اآلثار المترتبة عن اللجوء للصلح التمهيدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫محمد سعد جرندي‪ ،‬الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء المغربي‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ .2002 ،2‬ص‪.150‬‬

‫‪5‬‬
‫بشرى العلوي‪ ،‬الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي ‪-‬دراسة ميدانية ودليل للعمل القضائي‪ ،-‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫‪ ، 2002‬ص‪.261‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪264‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫وبناء على ما سبق حري بنا التساؤل حول مدى نجاعة القواعد القانونية التي سنها المشرع االجتماعي المغربي‬
‫لتنظيم آلية الصلح التمهيدي ‪ -‬كوسيلة لفض نزاعات الشغل الفردية ‪ -‬في تحقيق الحماية الالزمة لحقوق األجراء‬
‫والتخفيف من أعباء المحاكم؟‬
‫وإن األجابة على هذا التساؤل‪ ،‬يقتضي منا الحديث عن األحكام العامة الناظمة للصلح التمهيدي (الفقرة األولى)‪،‬‬
‫ثم كيفية تطبيق الصلح التمهيدي وآثاره (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األحكام العامة الناظمة للصلح التمهيدي‬


‫منذ صدور مدونة الشغل المغربية ودخولها حيز التنفيذ ظلت آليه اللجوء للصلح التمهيدي في حل نزاعات الشغل‬
‫الفردية محل نقاش وجدل فقهي حاد‪ ،‬بفعل اإلشكاليات القانونية والعملية التي تثيرها‪ ،‬وذلك من قبيل ما هو مفهوم‬
‫الصلح التمهيدي؟ وما هو الدور الذي يقوم به مفتش الشغل في الصلح التمهيدي؟‬
‫إن التساؤالت السالفة المطروحة أعاله‪ ،‬سنعمل على معالجتها من خالل الحديث عن تعريف الصلح التمهيدي "أوال"‪،‬‬
‫ثم التطرق لالختصاص التصالحي لمفتش الشغل بين الفقه والقضاء " ثانيا"‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الصلح التمهيدي‬


‫اعتنت مجموعة من تشريعات الشغل المقارنة بتنظيم مؤسسة الصلح التمهيدي وسيلةً لحل نزاعات الشغل الفردية‬
‫وخاصة النزاع الناتج عن الفصل التعسفي (غير المبرر) لألجير‪.1‬‬
‫إن من مستجدات مدونة الشغل –مبدئيا‪ -2‬التنصيص في مقتضياتها القانونية وبموجب المادة ‪ 611‬مدعمة بمقتضيات‬
‫المادة ‪ 7235‬على آلية جديدة لحل نزاع الشغل الفردي الناتج عن الفصل التعسفي لألجير‪ ،‬وقد تمت تسمية هذه‬
‫المسطرة من الناحية القانونية (بالصلح التمهيدي)‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫فالنسبة لمجلة الشغل التونسية فقد تضمنت مقتضي ات قانونية منظمة للصلح التمهيدي كوسيلة لحل نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬حيث أوجبت الفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 21‬من المجلة على تفقدية الشغل إجراء محاولة صلحية بين المشغل واألجراء بشأن الطرد أو اإليقاف عن العمل ‪ .‬كما يشمل‬
‫قانون العمل المصري رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 2005‬على مقتضيا ت قانونية تشكل إطا ار قانونيا للصلح في التشريع االجتماعي أهمها ما تضمنته المادة ‪20‬‬
‫المتعلقة بالتسوية الودية للنزاعات الناشئة بين العامل وصاحب العمل قبل عرضها على القضاء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ونقول مبدئيا كون هذه المسطرة وبهذا المعنى كانت تمارس قبل صدور مدونة الشغل وأمام مفتش الشغل ولكن بدون سند قانوني‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫نصت المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل في فقرتها الثالثة وما يليها على أنه‪ ....":‬يمكن لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى‬
‫مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليها في الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 352‬أدناه من أجل الرجوع إلى شغله أو الحصول على تعويض‪.‬‬
‫في حالة الحصول على تعويض يوقع توصيل استالم مبلغ التعويض من طرف األجير والمشغل أو من ينوب عنه ويكون مصادقا على صحة‬
‫إمضائه من طرف الجهة المختصة ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬
‫يعتبر االتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم‪."....‬‬
‫‪2‬‬
‫نصت المادة ‪ 352‬في فقرتها الرابعة على ما يلي‪:‬‬
‫" تناط باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية‪ -4.........:‬إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪.‬‬
‫يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا الن ازع ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود‬
‫المبالغ المبينة فيه"‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪265‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫والمالحظ أن مدونة الشغل لم تعمل على التعريف بالصلح التمهيدي‪ ،‬ورغم ذلك يمكن القول إنه ذلك الخيار المتضمن‬
‫إلجراء مسطري مخول لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا‪ ،‬ويجري أمام مفتش الشغل وقبل عرض‬
‫النزاع على القضاء‪ ،‬ويخول لألجير خيارين اثنين إما الرجوع إلى الشغل أو الحق في التعويض‪.8‬‬
‫وبالتالي؛ فالصلح التمهيدي هو إجراء إداري يتم أمام مفتشية الشغل وقبل عرض النزاع على القضاء‪ ،‬يستهدف التسوية‬
‫الودية لنزاعات الشغل الفردية الناشئة بين األجير والمشغل‪ ،‬وتبعا لذلك فإن هذه اآللية تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬
‫مسطرة إدارية‪ :‬فهي تتم أمام مفتشية الشغل‪ ،‬هذه األخيرة التي ال تعدو أن تكون إحدى المصالح الخارجية‬ ‫‪-‬‬
‫التابعة لوزارة التشغيل والتكوين المهني‪.9‬‬
‫مسطرة غير قضائية ‪ :‬وعليه فمسطرة الصلح التمهيدي تتميز عن المسطرة القضائية ‪ -‬المجراة بمثل هذه‬ ‫‪-‬‬
‫المناسبة‪ -‬بأنها تتم قبل عرض النزاع على أنظار القضاء‪ ،‬أي أنها مسطرة قبل قضائية‪ ،‬وإن كانت أيضا مسطرة شبه‬
‫قضائية ما دامت تستهدف تسوية ودية للنزاع من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬وذلك على شاكلة الصلح القضائي‬
‫الذي يتم أمام القضاء‪.12‬‬
‫مسطرة اختيارية‪ :‬إذ يستفاد من مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل التي تنص على أنه‬ ‫‪-‬‬
‫"يمكن لألجير الذي فصل من الشغل ‪ ،11"....‬وكلمة "يمكن" تفيد االختيار وليس الوجوب‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أنه يبقى من حق األجير الذي يوجد في مثل هذه الوضعية اللجوء مباشرة إلى المحكمة لرفع دعوى تتعلق‬
‫بالفصل التعسفي‪ ،‬فالمشرع يعطي الخيار لألجير المفصول بطريقة تعسفية‪ ،‬فإما أن يلجأ إلى مسطرة الصلح التمهيدي‬
‫لطلب التعويض‪ ،‬أو الرجوع إلى منصب عمله‪ ،‬وإما أن يلجأ مباشرة إلى تحريك المسطرة القضائية أمام المحكمة‬
‫المختصة‪.‬‬
‫إن اعتبار مسطرة الصلح التمهيدي مسطرة اختيارية ال يعني عدم اعتبار النتيجة المتوصل إليها من خالل ذلك الصلح‪،‬‬
‫خاصة إذا ما كانت النتيجة إيجابية وتم التو صل إلى حل فإن هذا الحل ملزم لطرفيه وغير قابل للطعن‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫النتيجة سلبية وباءت المسطرة بالفشل‪ ،‬فيبقى من حق األجير اللجوء إلى تحريك المسطرة القضائية أمام المحكمة‬
‫المختصة‪.15‬‬
‫مسطرة مخولة لألجير والمشغل‪ :‬شرعت مسطرة الصلح التمهيدي في األصل ‪ -‬وبمعناها الوارد بمقتضى‬ ‫‪-‬‬
‫الفقرة الثالثة من المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل‪ -‬ومبدئيا لمصلحة األجير الذي يعتبر نفسه فصل تعسفيا من الشغل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني "سلسلة دراسات وأبحاث "المنازعات‬
‫االجتماعية في ضوء مدونة الشغل والقوانين المنظمة لحوادث الشغل واألمراض المهنية والضمان االجتماعي"‪،‬ج‪،1‬عدد‪ ،11‬سنة ‪ ،2012‬ص‪.23‬‬
‫‪9‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 52129322‬صادر ب ‪ 22‬نونبر ‪ 1996‬بتحديد اختصاصات وتنظيم و ازرة التشغيل والشؤون االجتماعية‪ ،‬منشور في الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 4434‬بتاريخ ‪ 06‬فبراير ‪ ،1992‬ص ‪ 238‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪10‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪23‬‬
‫‪11‬‬
‫إذا كان حق الخيار مخول لألجير الذي يعتبر نفسه فصل تعسفيا عن الشغل في اللجوء إلى هذه المسطرة‪ ،‬فإنه فيما يتعلق بحالة أخرى غير‬
‫هاته وهي حالة الفصل ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية واغالق المقاوالت‪ ،‬فإنه وحسب مقتضيات الفقرة األخيرة من المادة ‪ 20‬من مدونة‬
‫الشغل يعد حقا للمشغل واألجير معا‪.‬‬
‫‪12‬الحاج الكوري‪ ،‬مدونة الشغل الجديدة ‪-‬القانون رقم ‪ -63299‬أحكام عقد الشغل‪ ،‬مطبعة أمنية‪ ،‬الرباط‪ ،2004 ،‬ص‪196‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪266‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫وهذا المقتضى إن دل على شيء فإنما يدل على تكريس المشرع لمبدأ حماية القانون االجتماعي لألجير باعتباره‬
‫طرفا ضعيفا في العالقة التعاقدية‪ ،‬وإن كان الن هج الجديد للمشرع يقضي بضرورة تعميم مبدأ الحمائية‪ ،‬حيث قرر‬
‫استفادة طرفي العالقة الشغلية من هذه المسطرة في مواقع أخرى‪ ،‬فلم يعد هذا المبدأ بهذا المعنى حكرا على األجير إذ‬
‫يمكن للشغل اللجوء إليها أيضا عندما يريد فصل األجراء ألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها أو ألسباب‬
‫اقتصادية‪.13‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف الفقه والقضاء من دور مفتش الشغل في الصلح التمهيدي‬


‫إلى جانب ما تقوم به مفتشية الشغل‪ ،11‬كجهاز إداري متخصص في مجال عالقات الشغل‪ ،‬من رقابة تقتضي التأكد من‬
‫مدى تطبيق مختلف المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بقانون الشغل داخل مختلف المؤسسات الخاضعة لها‬
‫واحترامها‪ ،‬فإن مدونة الشغل أضافت لها مهمة أخرى ال تقل أهمية‪ ،‬وهي إجراء محاولة الصلح في مجال نزاعات‬
‫الشغل الفردية‪ ،12‬وبالتالي‪ ،‬تكون مدونة الشغل قد كرست الوظيفة التصالحية لمفتش الشغل بعد أن كانت قد أملتها‬
‫ظروف الواقع العملي‪ ،‬فاعتبرت صراحة باالختصاص التصالحي لمفتش الشغل كوظيفة جديدة تنضاف إلى باقي مهام‬
‫مفتشية الشغل واختصاصاتها‪ ،‬وقد أسهم هذا االعتراف في تحديد إطار قانوني شرعي لتدخل العون المكلف بتفتيش‬
‫الشغل لتسوية مختلف النزاعات الفردية المعروضة عليه‪.‬‬
‫إال أن هذا اإلقرار التشريعي ل لمهمة التصالحية لمفتش الشغل لم يحل دون استمرار الجدل بهذا الخصوص‪ ،‬وهو وضع‬
‫كان أكثر حدة قبل صدور مدونة الشغل‪ ،‬الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل عن موقف الفقه من االختصاص التصالحي‬
‫لمفتش الشغل "أ"‪ ،‬ثم موقف القضاء من إسناد مهمة الصلح إلى مفتش الشغل "ب"‪.‬‬
‫أ) موقف الفقه من الدور التصالحي لمفتش الشغل‪:‬‬
‫انقسم الفقه بخصوص الصلح الذي يجريه مفتش الشغل بين طرفي العالقة الشغلية بين مؤيد ومعارض‪.‬‬
‫االتجاه المؤيد لقيام مفتش الشغل بمهمة الصلح‬ ‫‪‬‬
‫لقد أيد أنصار هذا االتجاه تدخل مفتش الشغل في حل نزاعات الشغل عبر إجراء الصلح بين طرفي النزاع‪ ،‬واعتبروا‬
‫أن الصواب هو إسناد مهمة الصلح لمفتش الشغل‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 20‬من مدونة الشغل أنه" يجوز للمشغل واألجراء اللجوء إلى الصلح التمهيدي طبقا للمادة ‪ 41‬أعاله أو اللجوء‬
‫إلى المحكمة للبت في النزاع"‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫لمزيد من المعلومات حول مفتشية الشغل راجع‬
‫عبد العالي بناني اسميرس‪ :‬دور مفتشية الشغل وأثره على القضاء االجتماعي‪ ،‬الندوة الثالثة للقضاء االجتماعي‪ ،‬منشورات جمعية تنمية‬ ‫‪-‬‬
‫البحوث والدراسات القضائية ‪،1995‬ص‪.223‬‬
‫حسن صحيب‪ ،‬هيئة مفتشية الشغل من خالل مدونة الشغل وتشريع منظمة العمل الدولية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدد‪،20‬أكتوبر ‪2006‬‬
‫‪13‬‬
‫عددت المادة ‪ 352‬من مدونة الشغل مختلف المهام المناطة بجهاز تفتيش الشغل‪ ،‬وقد جاءت على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬السهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل‪.‬‬
‫‪ -2‬إعطاء المشغلين واألجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة األحكام القانونية‪.‬‬
‫‪ -5‬إحاطة السلطة الحك ومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪.‬‬
‫‪ -4‬إجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪267‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫وذلك على اعتبار أن التجربة أثبتت أنه كثيرا ما يوفق في إجراء الصلح أكثر مما يوفق في باقي المهام المنوطة به‬
‫بموجب القانون‪ ،16‬وذلك راجع أساسا إلى نوعية العالقة التي يربطها مفتشي الشغل مع طرفي النزاع‪ ،‬وتوظيفهم‬
‫لمختلف مؤهالتهم وخبراتهم من أجل إقناع األطراف بعقد الصلح‪ ،17‬فاالحتكاك اليومي لمفتشي الشغل مع طرفي‬
‫العالقة الشغلية واطالعهم على أدق التفاصيل التي تعرفها هذه الشريحة‪ ،‬يجعلهم أكثر قدرة على القيام بهذه المهمة‬
‫بنجاح كبير‪.‬‬
‫فالمعايشة اليومية للمشاكل االجت ماعية جعلت من مفتش الشغل الشخص المرغوب فيه واألكثر قدرة على حل نزاعات‬
‫الشغل‪ ،‬ولعل هذا ما يفسر نجاح هذا الجهاز في حل عدد كبير من القضايا االجتماعية يفوق‪ ،‬وبكثير‪ ،‬عدد القضايا‬
‫المعروضة على المحاكم بشكل يومي‪ ،18‬وما لهذا األمر من دور كبير في الحفاظ على السلم االجتماعي‪ ،‬وإقرار العدالة‬
‫التصالحية‪ ،‬وهو الشيء الذي جعل وال شك االختصاص التصالحي لمفتش الشغل مكرسا بفعل واقع أملته ظروف‬
‫المشاكل االجتماعية وطبيعتها‪ 19‬قبل أن تحسم مدونة الشغل في األمر وتجعله مكرسا بموجب القانون‪.‬‬
‫هذا وقد دفع تحمس بعض الفقه لهذا التوجه إلى الدعوة إلى تخويل مفتش الشغل إجراء محاولة الصلح التي نص عليها‬
‫المشرع في الفصل ‪ 577‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وجعلها إجراء مسطريا إجباريا‪ ،‬وخاصة أمام الفشل الذي عرفه‬
‫القضاء في إنجاح هذه المسطرة‪.52‬‬
‫وعموما‪ ،‬فإن االتجاه الغالب في الفقه ظل يدعو إلى تكريس االختصاص التصالحي لمفتش الشغل بموجب القانون‪،‬‬
‫وهو األمر الذي سلكته مدونة الشغل في المادة ‪ ،235‬وفي الحقيقة يعتبر هذا مسلكا محمودا بالنظر لالعتبارات السالف‬
‫ذكرها‪ ،‬وأيضا ألن قياس المنافع واألضرار التي قد تنجم عن هذا اإلجراء سيؤدي ال محالة إلى غلبة المنافع‪ ،‬فالصلح‬
‫الذي يجريه مفتش الشغل له الكثير من اآلثار اإليجابية والتي يوجد على رأسها بساطة المسطرة وسرعتها والفعالية‬
‫التي تتميز بها‪ ، 51‬وفي المقابل‪ ،‬نعتقد أن قيام مفتش الشغل بالصلح ال يؤثر على وظيفة المراقبة وليس له أي أثر على‬
‫مركزه القانوني‪ ،‬بل ذلك يتوقف فقط على مهارة وحنكة مفتش الشغل‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ ،‬محمد الكشبور‪ ،‬نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وآفاق المستقبل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ، 1992 ،1‬ص‪.66‬‬
‫‪12‬‬
‫الحاج كوري‪ ،‬مدونة الشغل الجديدة‪ -‬القانون رقم ‪ -63-99‬أحكام عقد الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫‪18‬‬
‫إدريس فجر‪ ،‬مفتشية الشغل االختصاصات والفعالية‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن‪ ،‬عدد‪،22‬سنة ‪ ،1994‬ص‪=.184‬‬
‫‪= - Mohamed tadli, la reforme de la législation social au Maroc, imprimerie el maarif el Jadida, rabat, 2004,‬‬
‫‪p418‬‬
‫‪19‬‬
‫محمد الدكي‪ ،‬تأمالت في نظام تفتيش الشغل‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬عدد‪ ،6‬سنة ‪ ،2005‬ص‪.115‬‬
‫‪20‬‬
‫زهور الحر‪" ،‬دور مفتش الشغل في استقرار عالقات الشغل"‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن‪ ،‬العدد ‪.1994 ،22‬‬

‫‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪21‬‬
‫ولعل ما يؤكد هذا الطرح هو الكم الهائل من النزاعات التي نجح تفتيش الشغل في حلها بواسطة الصلح التمهيدي‪ ،‬فعلى صعيد مدينة أغادير‬
‫مثال وفي الفترة ما بين ‪ 2002‬و‪ 2008‬تمكنت مفتشية الشغل من تسوية ‪ 3562‬شكاية من أصل ‪ 3206‬عرضت عليها وقد بلغ عدد األجراء الذين‬
‫تم إرجاعهم إلى عملهم بعد فصلهم حوالي ‪ 235‬أجير‪ .‬مشار إليه في حمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪268‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫االتجاه المعارض لقيام مفتش الشغل بمهمة الصلح‬ ‫‪‬‬


‫يعتبر أنصار هذا االتجاه أن إسناد مهمة الصلح لمفتش الشغل أمر مجانب للصواب‪ ،‬وذلك راجع إلى مجموعة من‬
‫األسباب‪ ،‬منها أن قيام مفتش الشغل بهذه المهمة يتعارض مع مهام مفتش الشغل في مجال المراقبة‪ .55‬فالقيام بمهمة‬
‫ال مصالح يتطلب ليونة أكثر وجانبا كبيرا من المرونة والدبلوماسية‪ ،‬وذلك من أجل استمالة األطراف إلى الصلح بشكل‬
‫ودي ودون أي نزاع‪ ،‬وهو الشيء الذي قد يفقد المشغل ما يجب أن يتمتع به من صرامة وهيبة خاصة أمام المشغل‪،‬‬
‫وهو الساهر على مراقبة تطبيق مواد قانون الشغل داخل المقاولة‪.53‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أن إسناد مهمة الصلح إلى مفتش الشغل بنص القانون يجعل هذا األخير غير منسجم مع ما نصت‬
‫عليه المادة الثالثة من اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 81‬المتعلقة بتفتيش الشغل في الصناعة والتجارة‪ ،‬والتي نصت على‬
‫أنه‪" :‬إذا عهد إلى مفتش الشغل بمهام أخر ى‪ ،‬فيجب أال تتعارض بأي حال مع عملهم األصلي‪ ،‬وأال تخل بالحياد الذي‬
‫يجب توافره لدى المفتشين في عالقاتهم بالمشغلين واألجراء"‪.51‬‬
‫ذلك أن القيام بمهمة الصلح يتطلب التوفيق بين األطراف المتنازعة‪ ،‬الذي قد يكون على حساب حسن تطبيق القانون‬
‫وما لذلك من أثر سلبي على مهمة المراقبة التي تعتبر االختصاص األساسي لمفتش الشغل‪.52‬‬
‫فعون التفتيش عندما يتدخل حبيا لكي يستميل عطف المشغل من أجل رد أجير مطرود‪ ،‬أو من أجل منحه تعويضا‬
‫معينا‪ ،‬يضعه ذلك في موقف ضعيف قد يحط من قيمته‪ ،‬بل إن موافقة المشغل على الصلح قد تكون في مقابل غض‬
‫الطرف عن بعض المخالفات التي قد تسود داخل المقاولة‪.‬‬
‫وكل هذه األمور تؤدي‪ ،‬وال شك‪ ،‬إلى إضعاف سلطة مفتش الشغل على المقاولة‪ ،‬وفقدانه لمركز القوة الذي يجب أن‬
‫يتمتع به في مواجهة المشغل‪ .56‬ولعل كل هذه األسباب هي التي حدت بالبعض إلى القول إن مدونة الشغل لم تكن موفقة‬
‫في منحها االختصاص التصالحي لمفتش الشغل‪.57‬‬
‫موقف القضاء من الدور التصالحي لمفتش الشغل‪:‬‬ ‫ب)‬
‫إذا كان الصلح في نزاعات الشغل يمثل العنصر المشترك بين مفتشية الشغل والقضاء‪ ،‬وإذا كانت غاية إقرار العدالة‬
‫التصالحية والسلم االجتماعي تفرض نوعا من التعاون والتآزر فيما بينهما‪ ،‬فإن هذا ما لم نجده في الكثير من أحكام‬
‫وقرارات القضاء االجتماعي‪ ،‬فقد انقسم القضاء إلى فريقين فريق يعتد بالصلح الذي يجريه مفتش الشغل ويعتبره ذات‬
‫قوة ثبوتية ومنهيا للنزاع وبالتالي ال يجوز الطعن فيه‪ ،‬وآخر اعتبر أن هذا الصلح مجرد وصل بسيط بالمبالغ التي‬
‫تسلمها األجير‪ ،‬وأن للمحكمة أحقية مراقبة مدى تطبيق قواعد قانون الشغل‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫عبد الطيف خالفي‪" :‬الوسيط في مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،2004 ،1‬ص‪.138‬‬

‫‪25‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪29‬‬
‫‪24‬‬
‫اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 81‬والتي صادق عليها المغرب بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪ ،1934‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،2522‬بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪.1938‬‬
‫‪23‬‬
‫محمد الشرقاني‪ ،‬المالحظات واالقتراحات المطروحة بشأن إصالح نظام تفتيش مؤسسات الشغل‪ ،‬مدحل عام لليوم الدراسي الذي نظمته كلية‬
‫الحقوق مراكش في ‪ 18‬يناير ‪ ،1992‬المجلة المغربية لإلقتصاد والقانون المقارن‪ ،‬العدد ‪ ،22‬سنة ‪ ،1994‬ص‪.102‬‬
‫‪26‬‬
‫عبد العزيز العتيقي‪ ،‬مفتشية الشغل ودورها في عالقات الشغل‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد ‪ ، 4‬دجنبر ‪ ،1990‬ص‪.32‬‬
‫‪22‬‬
‫عبد اللطيف الخالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل –عالقات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.138‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪269‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫وهكذا؛ ذهبت المحكمة االبتدائية في المحمدية إلى استبعاد الصلح المبرم تحت إشراف مفتش الشغل‪ ،‬بحجة أنه ال يجوز‬
‫لألجير التنازل عن الحقوق المترتبة لصالحه جراء الطرد التعسفي ألنها تعتبر من النظام العام‪.58‬‬
‫في المقابل‪ ،‬ذهبت المحكمة االبتدائية بوجدة إلى االعتداد بالصلح المبرم تحت إشراف مفتش الشغل‪ ،‬ورفض طلب‬
‫التعويض عن الطرد التعسفي‪ ،‬فقد جاء في أحد أحكامها‪" :‬حيث إنه بالرجوع إلى محضر الصلح المبرم بين الطرفين‬
‫أمام السيد مفتش الشغل بتاريخ ‪ ،5222/27/52‬ثبت للمحكمة بأنه قد وقع اتفاق بين الطرفين ينص على إنهاء العقد‬
‫القائم بينهما بعد توصل المدعية بحقوقها المترتبة في ذمة المدعى عليه‪ ،‬وحيث إن المدعية أبرمت صلحا مع المدعي‬
‫عليه توصلت في إطاره بحقوقها‪ ،‬وانفصال عن بعضهما البعض برضي واختيار وبدون متابعة‪ ،‬مما يجعل طلبها في‬
‫هذا الشأن غير مؤسس ويتعين رفضه"‪.59‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬كيفية تطبيق مسطرة الصلح التمهيدي وآثارها‬


‫عملت مدونة الشغل على تكريس مجموعة من الضمانات الجديدة المقررة لفائدة األجراء توازي الضمانات التي قررها‬
‫المشرع لدعم التنمية االقتصادية للمقاولة‪ ،‬تحقيقا للتوازن بين التنمية االقتصادية واالجتماعية في مجاالت عالقات‬
‫الشغل‪.‬‬
‫وتعتبر آلية الصلح التمهيدي من أهم المستجدات التي تضمنتها مدونة الشغل‪ ،‬والتي تجسد الدور التصالحي الذي‬
‫يضطلع به جهاز مفتشية الشغل في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مسايرا في ذلك غيره من التشريعات في هذا المجال‪ ،32‬وتم‬
‫‪31‬‬
‫التنصيص على مسطرة الصلح التمهيدي من خالل مادتين من مدونة الشغل وهما الفقرة الرابعة من المادة ‪235‬‬
‫والفقرة الثالثة من المادة ‪.3511‬‬
‫وللوقوف على كيفية تطبيق الصلح التمهيدي‪ ،‬كتقنية لحل نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬يقتضي األمر منا توضيح مختلف‬
‫اإلجراءات الواجبة لممارسة هذه المسطرة "أوال"‪ ،‬ثم أهم اآلثار المترتبة عنها "ثانيا"‪ .‬وأيضا الحديث عن الطعن في‬
‫الصلح التمهيدي "ثالثا"‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالمحمدية بتاريخ ‪ 1986/09/18‬في الملف االجتماعي عدد ‪ ،153/83‬أورده محمد أطويف‪ ،‬مسطرة‬
‫الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪29‬‬
‫حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بوجدة رقم ‪ 2156‬بتاريخ ‪ 2002/11/20‬في الملف االجتماعي رقم ‪ ،02/113‬أورده محمد أسبول‪ ،‬واقع‬
‫الصلح في المادة االجتماعية دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬وجدة‪-2004 ،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.91‬‬
‫‪50‬‬
‫المادة ‪ 292‬من مدونة الشغل الموريتانية تنص ‪ ":‬أنه يجب على صاحب العمل أو العامل أن يطلب رفع الخالف الفردي من أجل محاولة التوفيق‬
‫أمام مفتش الشغل أو مراقب الشغل أو نائبه القانوني قبل عرض أية قضية على أنظار محكمة الشغل"‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫التي تنص‪ " :‬تناع باألعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية‪ -4.......‬أجراء محاولة التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪.‬‬
‫يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع ويوقعه بالعطف المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود‬
‫المبالغ المبينة فيه"‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫حيث جاء فيها ‪.... ":‬يمكن لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليها في الفقرة‬
‫‪ 4‬من المادة ‪ 352‬أعاله من أجل الرجوع إلى شغله أو الحصول على تعويض‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪270‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫أوال‪ :‬اإلجراءات المتبعة في ممارسة الصلح التمهيدي‬


‫إن ممارسة الصلح التمهيدي كتقنية لتسوية نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬تقتضي تدخل مجموعة من األطراف‪ ،‬األجير‬
‫والمشغل من جهة‪ ،‬والعون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬وفق إجراءات وشكليات محددة تضمن تفعيل هذه‬
‫المسطرة‪ ،‬وإذا كانت المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل قد نصت على اإلجراءات الواجب احترامها لصحة االتفاق الذي قد‬
‫يتم التوصل إليه من قبل طرفي النزاع‪ ،‬فالمالحظ أن المشرع أغفل باقي اإلجراءات المرتبطة بكيفية ممارسة هذه‬
‫المسطرة‪.‬‬
‫وبهذا‪ ،‬تبقى الممارسة المهنية للدور التصالحي من طرف مفتش الشغل‪ ،‬من أهم السبل الكفيلة بتحديد مختلف إجراءات‬
‫ممارسة مسطرة الصلح التمهيدي والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫تقديم طلب إجراء الصلح التمهيدي‪:‬‬ ‫أ)‬
‫بالرغم من أن المشرع لم يتطرق بتاتا إلى تنظيم هذا اإلجراء‪ ،‬إال أن تفعيل مسطرة الصلح التمهيدي عموما‪ ،‬تقتضي‬
‫تقديم طلب من قبل األجير إلى العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬حتى يتمكن هذا األخير من التدخل إلجراء محاولة‬
‫التصالح‪ .‬وإحالة النزاع على العون المكلف بتفتيش الشغل قد يتم كتابة أو شفهيا‪ ،33‬وقد جرت العادة في حالة وقوع‬
‫نزاع بين طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬أن يبادر إلى األجير إلى اللجوء لمفتشية الشغل‪ ،‬وبعد استقباله من طرف أحد األعوان‬
‫واالستماع إلى شكايته ومطالبه‪ ،‬يقوم العون بكتابة اسم األجير المشتكي والمؤسسة التي ينتمي إليها‪ ،‬في سجل‬
‫مخصص لذلك وكذا تحديد نوعية مطالبه‪ ،31‬قبل أن يبادر إلى استدعاء المشغل إلجراء محاولة التصالح‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫لتقديم الطلب إلى العون‪ ،‬بالرغم مما يشكله ذلك من أهمية قد تنعكس‬ ‫إال أن المشرع لم يعمل على تحديد أجل معين‬
‫إيجابا على نتائج التسوية الودية للنزاع‪ ،‬وعلى العموم‪ ،‬يتعين على األجير تقديم الطلب خالل آجال معقولة‪ ،‬وكلما قدم‬
‫الطلب مع البوادر األولى لظهور النزاع كانت نتائج محاولة التصالح إيجابية في صالح األجير‪.‬‬
‫االستدعاء وحضور الطرفين‪:‬‬ ‫ب)‬
‫على خالف الصلح في نزاعات الشغل الجماعية‪ ،36‬لم تتضمن مدونة الشغل أي مقتضى يتعلق بإجراءات استدعاء‬
‫األطراف في نزاعات الشغل الفردية وحضورهم‪ ،‬إال أنه من الناحية العملية يقوم العون المكلف بتفتيش الشغل‬
‫باستدعاء المشغل إلجراء محاولة التصالح‪ ،‬ويتخذ هذا االستدعاء غالبا شكل مراسلة يطالب فيها المشغل الحضور‬
‫شخصيا‪ ،‬أو بواسطة ممثله القانوني للمشاركة في إجراء محاولة التصالح‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫وهو خالف لما ذهب إليه بعض التشريعات المقارنة كما هول الحال في التشريع الموريتاني الذي اشترط صراحة الكتابة حيث جاء في المادة‬
‫‪ 292‬من مدونة الشغل الموريتانية في فقرتها الثانية" ويجب أن يكون الطلب مكتوبا"‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫حنان أعياض‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل الفردية في ظل قانون الشغل المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي‬
‫عياض‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010/2009‬‬
‫‪53‬‬
‫خالفا لما ذهب إليه المشرع المصري في المادة ‪ 20‬من قانون العمل رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 2005‬والتي نصت على ما يلي ‪ ":‬إذا نشأ نزاع فردي في‬
‫شأن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة اإلدارية المختصة خالل سبعة أيام من تاريخ النزاع‬
‫تسويته وديا‪ ،‬فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منها اللجوء إلى اللجنة القضائية ‪ .....‬في موعد أقصاه‬
‫ثالثون يوما من تاريخ النزاع واال سقط حقه في عرض األمر على اللجنة"‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫أنظر المادة ‪ 334‬من مدونة الشغل والتي تحيل على المواد ‪338‬و ‪ 339‬المتعلقة باالستدعاء وحضور األطراف قصد البنت في نزاع الشغل‬
‫الجماعي‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪271‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫ويعتبر حضور هذا األخير واالمتثال ألوامر العون للمشاركة في اجتماع التصالح في اليوم والساعة المحددين في‬
‫االستدعاء أمرا اختياريا والتزاما أدبيا‪ ،‬لعدم وجود نص يلزمه بذلك‪.37‬‬
‫وإجماال‪ ،‬فإن البت في النزاع يقتضي استجابة األطراف لالستدعاء والمثول أمام العون للمشاركة في إجراء محاولة‬
‫التصالح‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن تغيب المشغل أو امتناعه عن الحضور‪ ،‬يعتبر بمثابة فشل لمسطرة الصلح التمهيدي‪.‬‬
‫و يعتبر غياب مقتضى قانوني يلزم المشغل باالستجابة الستدعاء مفتش الشغل‪ ،‬إلجراء محاولة التصالح من اإلشكاليات‬
‫التي ترهق العون المكلف بتفتيش الشغل الذي عليه تكرار محاوالت االستدعاء سعيا وراء استجابة المشغل له‪ ،‬وهو ما‬
‫من شأنه أن يؤثر على فعالية العملية التصالحية وسرعتها‪ ،‬من جهة‪ ،‬وهيبة جهاز التفتيش في مجال عالقات الشغل‬
‫ومكانته‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬مما يستلزم إعادة النظر في الطابع االختياري للحضور والمزاوجة بين إلزامية مسطرة الصلح‬
‫المبرمة أمام مفتشية الشغل وتجنيح واقعة عدم االمتثال‪.‬‬
‫البت في النزاع‪:‬‬ ‫ج)‬
‫بعد تقديم طلب إجراء التصالح من طرف أحد أطراف النزاع‪ ،‬واستيعاب العون المكلف بتفتيش الشغل لمختلف جوانب‬
‫النزاع‪ ،‬تبدأ عملية البت في النزاع بحضور الطرفين والمشاركة في اجتماع التصالح‪ ،‬إذ يعمل العون على التقريب بين‬
‫وجهتي نظ ر الطرفين والدفع بهما إلى إبرام اتفاق نابع عن قناعتهما المشتركة‪ ،‬مستخدما في ذلك كل وسائل االقتناع‬
‫المهنية والشخصية‪ ،‬مع احترام مختلف الضوابط التشريعية والتنظيمية المنظمة لقانون الشغل‪ ،‬باإلضافة إلى مد‬
‫األطراف باقتراحات ونصائح لمحاولة تجاوز أسباب الخالف‪ ،‬وعلى أثر انتهاء المهمة التصالحية‪ ،‬يعمل العون على‬
‫تثبيت نتائج محاولة التصالح في محضر سواء تم التوصل إلى اتفاق تام أو جزئي‪.38‬‬
‫ولإلشارة‪ ،‬فإن المشرع لم يحدد عدد النسخ التي يجب أن يحرر فيها هذا المحضر‪ ،‬وقد جرت العادة إلى تحريره في‬
‫ثالث نسخ بحيث يحتفظ كل من األجير وا لمشغل والعون المكلف بتفتيش الشغل بنسخة من هذا المحضر‪ ،‬تفاديا ألي‬
‫نزاع محتمل بهذا الشأن‪.39‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار تطبيق الصلح التمهيدي‬


‫إذا كان الصلح التمهيدي‪ ،‬كوسيلة بديلة‪ ،‬تهدف إلى تسوية نزاعات الشغل الفردية بشكل توافقي‪ ،‬فإن تحقيق هذه الغاية‬
‫رهين بتوافق إرادة طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فإن تدخل العون المكلف بتفتيش الشغل في النزاع القائم‪ ،‬ال يفرض‬
‫عليه ضرورة تسوية النزاع لمجرد سلوك األطراف لهذه المسطرة‪ ،‬فقد يتمكن أحيانا من تحقيق التوافق الكافي بين‬
‫طرفي النزاع إلبرام صلح بينهما‪ ،‬وقد ال يتوصل لذلك‪.‬‬
‫فمسطرة الصلح التمهي دي‪ ،‬تبعا لذلك قد تنجح في تسوية النزاع القائم بين طرفي العالقة الشغلية "أ"‪ ،‬كما قد تبوء‬
‫بالفشل "ب"‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪58‬‬
‫حنان أعياض‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل الفردية في ظل القانون المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪28‬‬
‫‪59‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪54‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪272‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫حالة نجاح مسطرة الصلح التمهيدي‪:‬‬ ‫أ)‬


‫إن نجاح مسطرة الصلح التمهيدي قد تفضي إما إلى إرجاع األجير إلى عمله في المؤسسة‪ ،‬أو باالتفاق على أداء‬
‫تعويض معين حاسم للنزاع القائم بين األطراف‪.‬‬
‫االتفاق المفضي إلى رجوع األجير لعمله‬ ‫‪‬‬
‫يعتبر اتفاق الصلح المفضي إلى إرجاع األجير لعمله من أهم النتائج التي تكرس مبدأ استقرار الشغل‪ ،‬بل تكاد تكون‬
‫الفائدة الوحيدة للصلح في نزاعات الشغل الفردية‪ ،12‬أهمية تنبه إليها المشرع من خالل نصه‪ 11‬على مبدأ المزاوجة بين‬
‫خيار إرجاع األجير إلى عمله وحصوله على تعويض‪ ،‬كنتيجة لنجاح مسطرة الصلح التمهيدي‪.‬‬
‫فمتى نجح العون المكلف بتفتيش الشغل في إرجاع األجير إلى منصبه داخل المؤسسة‪ ،‬يتمكن هذا األخير من مباشرة‬
‫نشاطه المهني‪ .‬وهكذا‪ ،‬يتم حسم النزاع دون أن يستحق األجير أي تعويض إال ما يتعلق بمبالغ األجور المستحقة من‬
‫تاريخ الفصل من العمل إلى تاريخ الرجوع‪.15‬‬
‫االتفاق المنصب على أداء التعويض‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫بالرغم مما يشكله مبدأ إرجاع األجير إلى شغله من أهمية على المستوى االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فإن تضارب‬
‫المصالح بين طرفي النزاع‪ ،‬جعل من الصعوبة بمكان تجسيد هذا المبدأ على أرض الواقع‪ ،‬الشيء الذي يجعل االتفاق‬
‫المنصب على أداء التعويض‪ ،‬أكثر الخيارات تداوال في حالة نجاح هذه المسطرة‪.‬‬
‫ولقد اشترط المشرع صراحة في المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل بأن يتم التوقيع على توصيل استالم مبلغ التعويض من‬
‫طرف األجير بين األخير‪ ،‬من جهة‪ ،‬والمشغل أو من ينوب عنه‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬كما يجب أن يكون مصادقا على صحة‬
‫إمضائه من طرف الجهة المختصة‪ ،‬فضال عن التوقيع عليه بالعطف من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬
‫وإذا كان االتفاق المنصب على أداء التعويض هو أهم خيار يلجأ إليه طرفا النزاع لحسم النزاع وتسويته بشكل ودي‪،‬‬
‫فإن هذا األخير‪ ،‬يثير عدة إشكاالت‪ ،‬شكال ومضمونا‪.‬‬
‫ذلك أن المشرع المغربي لم ينص على ضرورة كتابة هذا االتفاق ككل‪ ،‬وإنما اقتصر على كتابة مبلغ التعويض في‬
‫التوصيل فقط‪ ،‬كما أنه لم يحدد الطرف الذي سوف يحتفظ بهذا التوصيل‪ ،‬وال عدد النسخ التي يتعين أن يحرر فيها‪.‬‬
‫وفي ظل هذه الثغرات‪ ،‬ذهبت الممارسة اليومية لمفتشيات الشغل على تحرير هذا االتفاق كتابة‪ ،‬واعتباره في الوقت‬
‫ذاته توصيال باستالم مبلغ التعويض‪ ،‬مع اإلشارة إلى تحريره في ثالث نسخ‪.13‬‬
‫أما بخصوص الجانب الموضوعي التفاق الصلح التمهيدي‪ ،‬فإنه يثير إشكاال يتعلق بنوع التعويضات التي يمكن أن‬
‫ينصب عليها الصلح التمهيدي‪ ،‬هل يقتصر نطاقه على التعويض عن الضرر الناتج عن اإلنهاء التعسفي فقط‪ ،‬تماشيا‬
‫مع صيغة المفرد التي جاءت عليها كلمة التعويض في المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل‪ ،‬أم أنها تشمل مختلف التعويضات‬
‫المستحقة لألجير‪ ،‬والتي لم يعمل المشغل على أدائها له كنتيجة للفصل التعسفي؟‬

‫‪40‬‬
‫الحاج كوري‪ ،‬مدونة الشغل الجديدة القانون رقم ‪ 63-99‬أحكام عقد الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪41‬‬
‫الفقرة الثالثة من المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫عبد اللطيف خالقي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 499‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪273‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ظهرت مجموعة من التفسيرات الفقهية إجابة عن هذا التساؤل‪ ،‬إذ يرى أحد الباحثين‪ 11‬أن المقصود‬
‫بالتعويض الذي أشار إليه المشرع في المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل هو التعويض المترتب عن الفصل التعسفي فقط‪ ،‬في‬
‫حين يرى جانب آخر‪ 12‬أن التعويض الممنوح لألجير في هذه الحالة ليس تعويضا عن الضرر‪ ،‬وال تعويضا عن الفصل‬
‫التعسفي أو غير التعسفي لعقد الشغل‪ ،‬وإنما هو تعويض من نوع خاص بمثابة تعويض اتفاقي‪.‬‬
‫بخالف ما ذهب إليه جانب من الفقه‪ - ،16‬والذي اعتبر أن التعويض المقصود في المادة المذكورة‪ ،‬يشمل مختلف‬
‫التعويضات المترتبة عن إنهاء عقد الشغل‪ ،‬سواء كان اإلنهاء تعسفيا أم ال‪ ،‬بل ويمتد أيضا إلى المستحقات غير المالية‪،‬‬
‫كشهادة العمل وإرجاع السكنى‪ -‬فإننا نؤيد هذا االتجاه الفقهي األخير‪ ،‬إذ بخالف االتجاه األول الذي يحصر مفهوم‬
‫التعويض الذي تضمنته المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل في إطار التعويض المترتب عن الفصل التعسفي ال غير‪ ،‬أو‬
‫االتجاه الذي يتحدث عنه كتعويض خاص‪ ،17‬قد يخالف التعويضات المنصوص عليها في مدونة الشغل‪ .‬ذلك أن‬
‫مسطرة الصلح التمهيدي كمسطرة بديلة تسعى إلى تسوية النزاع بشكل ودي بإشراف من مفتشية الشغل‪ ،‬كجهاز إداري‬
‫أنيط به هذا الدور التصالحي‪ ،‬تهدف أساسا إلى تسوية مختلف نزاعات الشغل الفردية المعروضة عليها في إطار‬
‫توافقي حاسم للنزاع‪ ،‬وبشكل نهائي‪ ،‬بدل اللجوء إلى المطالبة القضائية وعرض النزاع على المحكمة المختصة‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فال يعقل أن نتحدث عن تنظيم لمسطرة الصلح التمهيدي وفق نطاق ضيق‪ ،‬أي ذلك الذي يتعلق بالتعويض عن‬
‫الضرر فقط‪ ،‬فإذا أخذنا بهذا المفهوم الضيق للتعويض المنصوص عليه في المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل‪ ،‬فإن األجير‬
‫تبعا لذلك عليه بعد إجرائه اتفاق صلح مع مشغله وحصوله على التعويض عن الضرر الناتج عن الفصل التعسفي‪،‬‬
‫االنتقال إلى المرحلة القضائية حتى يتمكن من استخالص باقي مستحقاته األخرى‪ ،‬كالتعويض عن اإلخطار والفصل‬
‫مما يطرح معه تساؤل‪ :‬ما جدوى لجوء األجير إلى مسطرة الصلح التمهيدي‪ ،‬ما دام أن األجير لن يتمكن من حصوله‬
‫على مختلف مستحقاته حتى ولو نجحت مسطرة الصلح التمهيدي وتم االتفاق على تسوية النزاع بشكل ودي‪ ،‬وما دام‬
‫القضاء كفيال بمنح األجير جميع مستحقاته المترتبة عن إنهاء عقد الشغل سواء كان تعسفيا أم ال؟‬
‫وكإجابة عن هذا السؤال ‪ -‬وحتى تحقق مسطرة الصلح التمهيدي الهدف المتوخى منها‪ ،‬كتقنية بديلة تسعى لحسم‬
‫نزاعات الشغل الفردية بوسائل ودية وتوافقية‪ -‬ينبغي تفسير التعويض الذي تضمنته المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل‪،‬‬

‫‪44‬‬
‫محمد أسي ول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬وجدة ‪ ،2003-2004‬ص‪.92‬‬
‫‪43‬‬
‫رشيد رفيق‪ ،‬الصلح في المادة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008/2002‬ص‪.115‬‬
‫‪46‬‬
‫الحاج كوري‪ ،‬مدونة الشغل الجديدة القانون رقم ‪ 63-99‬أحكام عقد الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪42‬‬
‫إذ ال نتفق مع هذا االتجاه‪ ،‬والذي يعتبر أن التعويض الممنوح لألجير في ظل المادة ‪ 41‬هو تعويض اتفاقي ثم منحه في إطار اتفاق للصلح‪،‬‬
‫باعتبار االتفاق عقد والعقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬ذلك أن األخذ بهذا المفهوم هو إحياء لمشروعية إحدى تطبيقات الصلح المدني في نزاعات الشغل‬
‫الفردية‪ ،‬فكيف يمكن أن نتحدث عن اتفاق قائم على تعويض اتفاق ي في ظل غياب تكافؤ في مراكز القوة بين طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬الشيء الذي‬
‫ينعكس سلبا على حقوق األجير ومصالحه‪ ،‬فالصلح التمهيدي كمسطرة يشرف عليها العون المكلف بتفتيش الشغل يجب أن ال تؤدي إلى انتقاص‬
‫حقوق األجراء وانما يجب أن تضمن وعلى األقل التعويضات المستحقة له وفق ما حدده القانون باعتبارها من النظام العام بدليل المادة ‪ 41‬التي‬
‫استبعدت إمكانية تنازل الطرفين مسبقا عن حقهما المحتمل في المطالبة بالتعويضات الناتجة عن اإلنهاء‪ ،‬والمادة ‪ 25‬التي نصت صراحة على عدم‬
‫مشروعية الصلح المدني في مجال نزاعات الشغل الفردية‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪274‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫تفسيرا عاما يشمل مختلف التعويضات المستحقة لألجير دون نزول قيمة هذه التعويضات عما هو محدد قانونا‪ ،‬حتى‬
‫يتسنى لنا الحديث عن اتفاق نهائي يرتضيه األطراف كوسيلة حاسمة للنزاع وغير قابل للطعن أمام القضاء‪.‬‬
‫حالة فشل مسطرة الصلح التمهيدي‪:‬‬ ‫ب)‬
‫إن مجرد لجوء طرفي العالقة الشغلية إلى العون المكلف بتفتيش الشغل قصد تسوية النزاع القائم بينهما بشكل ودي‪ ،‬ال‬
‫يعني دائما نجاح هذه المحاولة لتسوية النزاع‪ ،‬فقد يحصل في بعض الحاالت أن تحول أسباب متعددة دون نجاح‬
‫التصالح بين الطرفين‪ ،‬كاختالفهما أو رفض المشغل الحضور بالرغم من استدعائه للمشاركة في هذا التصالح‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يؤدي إلى فشل العون المكلف بتفتيش الشغل في مسعاه‪ ،‬وبالتالي فشل مسطرة الصلح التمهيدي ككل‪.‬‬
‫ويعتبر فشل مسطرة التصالح أمام العون إيذانا بنقل النزاع إلى القضاء‪ ،18‬إال أن نقل القضية إلى المحكمة قصد البت‬
‫فيها‪ ،‬يبقى خارجا عن اختصاص مفتشية الشغل‪ ،‬إذ ال تعد عملية تلقائية تلزم العون بإحالة النزاع مباشرة إلى المحكمة‬
‫المختصة‪ ،‬وإنما تبقى مسألة تحريك الدعوى رهينة بتقديم الطلب من الطرف المعني باألمر‪ ،‬أال وهو األجير داخل‬
‫اآلجال القانونية المحددة لذلك‪ ،‬والتي حددها المشرع في ‪ 92‬يوما من تاريخ توصل األجير بمقرر الفصل‪.19‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع لم يتضمن أي مقتضى يحدد دور العون في حالة فشل محاولة التصالح‪ ،‬وهي ثغرة تم‬
‫التغاضي عنها بفعل الممارسة العملية لجهاز مفتشية الشغل التي اعتادت تحرير محضر عدم التصالح يتضمن مختلف‬
‫أسباب فشل محاولة المصالحة والدوافع التي آلت إلى عدم اتفاق األطراف‪.‬‬
‫ويبقى تحرير محضر عدم التصالح من بين المظاهر التي تعكس التعاون بين مفتشية الشغل والقضاء االجتماعي‪،‬‬
‫فحرص العون المكلف بتفتيش الشغل على تحرير هذا المحضر بشكل دقيق ومفصل يتضمن كافة األسباب ودوافع‬
‫النزاع‪ ،‬يمكن القضاء من تحديد نقط الخالف والبت في النزاع في وقت وجيز‪.22‬‬
‫وهكذا عندما يتعذر وصول طرفي النزاع إلى اتفاق عبر مسطرة الصلح التمهيدي‪ ،‬يعمل العون على تحرير محضر‬
‫بعدم التصالح‪ ،‬مما يؤدي إلى انت قال النزاع لمرحلة جديدة وهي المرحلة القضائية‪ ،‬هذه األخيرة يكون لها الدور الحاسم‬
‫في تسوية مختلف نزاعات الشغل الفردية المعروضة عليها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مدى إمكانية الطعن في الصلح التمهيدي‬


‫تنص الفقرة الخامسة من المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ ...." :‬يعتبر االتفاق الذي تم التوصل إليه في إطار‬
‫الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم المختصة‪."...‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 235‬في فقرتها الرابعة من نفس المدونة على ما يلي‪" :‬يحرر في شأن هذه المحاوالت محضر يمضيه‬
‫طرفا النزاع ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود المبالغ المبينة‬
‫فيه"‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفقرة السادسة من المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل التي جاء فيها‪" :‬في حالة تعذر أي اتفاق بواسطة الصلح التمهيدي‪ ،‬يحق لألجير رفع دعوى أمام‬
‫المحكمة المختصة‪."...‬‬
‫‪49‬‬
‫المادة ‪ 36‬من مدونة الشغل المغربية‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪275‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫من خالل هذه المقتضيات ق د يبدو وجود تعارض بين المادتين‪ ،‬فاألولى تعتبر اتفاق الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل‬
‫للطعن أمام المحاكم‪ ،‬في حين تجعل الثانية لمحضر محاوالت التصالح قوة إبرائية في حدود المبالغ المبينة فيه وبالتالي‬
‫يمكن الطعن فيه بالنسبة للمبالغ غير المبينة فيه‪.‬‬
‫هذا الوضع دفع ببعض الباحثين‪ 21‬إلى محاولة رفع هذا التناقض معتبرا أن المادة ‪ 11‬في فقرتها الخامسة تتعلق باتفاق‬
‫الصلح الذي يحسم النزاع المرتبط بالفصل التعسفي وهو ال يجوز الطعن فيه‪ ،‬أما المادة ‪ 235‬في فقرتها الرابعة‪،‬‬
‫فترتبط بمحاضر الصلح عموما ما عدا قضايا الفصل التعسفي وهي محاضر يسوغ الطعن فيها‪.‬‬
‫وهو ما ال يتفق معه باحث آخر‪ ،25‬حيث يرى أن قراءة المادة ‪ 11‬ينبغي أن تكون قراءة شاملة‪ ،‬صحيح أنها نصت على‬
‫حق األجير المفصول تعسفيا في اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي‪ ،‬ولكن ال يعني أن هذه المسطرة مخصصة للطرد‬
‫التعسفي بدليل أن المادة نفسها في فقرتها الثانية تنص على أنه‪" :‬ال يمكن للطرفين أن يتنازال مقدما عن حقهما المحتمل‬
‫في المطالبة بالتعويضات الناتجة عن إنهاء العقد سواء كان اإلنهاء تعسفيا أم ال"‪.‬‬
‫وبالتالي فإن االمتياز المنصوص عليه في المادة ‪ 11‬في إطار مسطرة الصلح التمهيدي غير ذي أهمية بالنظر إلى‬
‫إمكانية الطعن القضائي فيه على ضوء ما هو مقرر في المادة ‪ 235‬من المدونة‪ ،‬وكان حريا بالمشرع أن يسند‬
‫اختصاصا متكامال لمفتشية الشغل بحيث أن الصلح يكون منهيا للنزاع بشكل قطعي وتام وغير قابل للمراجعة‬
‫القضائية‪.‬‬
‫والحقيقة‪ ،‬أنه ليس هناك أي تعارض بين المادتين رغم ما قد يبدو بينهما ظاهريا؛ فالمشرع في الفقرة الرابعة من المادة‬
‫‪ 235‬من مدونة الشغل نص على قاعدة عامة ممثلة في إجراء محاوالت التصالح في نزاعات الشغل الفردية أحال‬
‫عليها كذلك في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 11‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫هذه المحاوالت للتصالح ‪ -‬كإجراء مسطري يتم أمام العون المكلف بتفتيش الشغل‪ -‬يمكن أن تسفر عن إبرام اتفاق‬
‫للصلح بين األجير والمشغل تحت إشراف العون المكلف بتفتيش الشغل في إطار الفقرة الرابعة من المادة ‪ 11‬يكون‬
‫غير قابل للطعن أما م المحاكم‪ ،‬وذلك تماشيا مع األثر المترتب عن عقد الصلح والمتمثل في حسم النزاع بكيفية نهائية‬
‫وعدم إمكانية الطعن فيه‪ ،23‬وكذلك تماشيا مع األثر المترتب عن أمر التصالح القضائي الذي يضع حدا للنزاع وينفذ‬
‫بقوة القانون وال يقبل أي طعن‪.21‬‬
‫فالمشرع بعدما نص في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 73‬من مدونة الشغل على بطالن الصلح المدني طبقا للفصل ‪،1298‬‬
‫حافظ على أثره في المادة ‪ 11‬من نفس المدونة المتمثل في طابعه الحاسم للنزاع وعدم قابليته للطعن‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫محمد أسيول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫بدر الصيلي‪ ،‬مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن‬ ‫‪-‬‬
‫الثاني‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2002/2006‬‬
‫‪32‬‬
‫محمد أوزيان‪ ،‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة بين ضروريات اإلبقاء على السلم االجتماعي‬
‫وحتميات التنمية االقتصادية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،103‬نونبر‪-‬دجنبر ‪ ،2006‬ص‪ 29‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصلين ‪ 1103‬و ‪ 1106‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 228‬من قانون المسطرة المدنية المغربية‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪276‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫كل ما في األمر أنه اشترط إبرامه بكيفية رسمية أما موظف عمومي هو العون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬حماية لألجير‬
‫من جهة‪ ،‬وتكريسا لخصوصية قانون الشغل‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فاتفاق الصلح المبرم في إطار المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل يكون غير قابل للطعن أمام المحاكم‪ .‬وفي هذا الصدد‬
‫جاء في حكم للمحكمة االبتدائية بالعيون ما يلي‪" :‬وحيث أنه بالرجوع إلى االتفاق المبرم بين الطرفين في إطار الصلح‬
‫التمهيدي تبين أن هناك صلحا أبرم بين الطرفين بحضور مفتش الشغل حددت بموجبه التعويضات المستحقة للمدعي‬
‫من فصل وضرر ومهلة إخطار ومنحة الشهر الثالث عشر‪ ،‬كما نص على أن النزاع قد سوى نهائيا بين الطرفين‪ ،‬وال‬
‫يقبل أي طعن أمام المحاكم‪ ،‬وتم توقيعه من طرف األجير والمشغل‪ ،‬ووقعه بالعطف العون المكلف بالتفتيش ومصادق‬
‫على إمضائه بتاريخ ‪ 5222/11/51‬وهو ما يتطابق ومقتضيات المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل‪ ،‬وبالتالي فإن الصلح‬
‫المبرم ال يقبل أي طعن‪ ،‬ويكون حاسما في النازلة وال وجود ألي طرد تعسفي"‪.22‬‬
‫أما المادة ‪ 235‬في فقرتها الرابعة‪ ،‬فتتعلق بحالة تعذر تحقيق اتفاق بين األجير والمشغل‪ ،‬إذ يقتصر العون المكلف‬
‫بتفتيش الشغل في هذه الحالة على تحرير محضر بشأن محاوالت التصالح يوقعه بالعطف إلى جانب طرفي النزاع‬
‫يمكن للمحكمة أن تستأنس به في حدود المبالغ المبينة فيه عند عرض النزاع عليها‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فالمادة ‪ 11‬في فقرتها الخامسة تتعلق بعقد للصلح مبرم أمام العون المكلف بتفتيش الشغل يحسم النزاع‬
‫بكيفية نهائية بين األجير والمشغل ويكون غير قابل للطعن‪ ،‬في حين أن الفقرة الرابعة من المادة ‪ 235‬من مدونة الشغل‬
‫تتعلق بإجراء مسطري للتصالح يمكن الط عن فيه في حدود المبالغ المبينة فيه‪ ،‬يستفاد ذلك من صياغة المادتين فاألولى‬
‫تنص على اتفاق صلح‪ ،‬في حين الثانية تنص على تحرير محضر بشأن محاوالت التصالح‪.‬‬
‫فاتفاق الصلح التمهيدي في إطار المادة ‪ 11‬يعد في الواقع بديال عن الصلح المدني طبقا للفصل ‪ 1298‬من قانون‬
‫االلتزا مات والعقود ويعبر عن رغبة المشرع في تكريس خصوصية واستقالل قواعد قانون الشغل ذات الطابع‬
‫الحمائي‪ ،‬مقارنة مع قواعد القانون المدني ذات الطابع الليبرالي‪.26‬‬

‫خاتمة‬

‫نستنتج من خالل الدراسة المنجزة‪ ،‬أن الصلح التمهيدي يلعب دورا مهما في تسوية نزاعات الشغل الفردية بين األجير‬
‫ومشغله‪ ،‬ما ينعكس ايجابا على سهولة حصول األجير على حقوقه من جهة‪ ،‬وعلى عمل القضاء من جهة أخرى من‬
‫خالل تقليص عدد القضايا االجتماعية المعروضة على المحاكم‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫حكم محكمة استئناف العيون في الملف رقم ‪ ،333‬سنة ‪ ،2006‬أورده أدريس فجر‪ ،‬مدونة الشغل حصيلة سنتين من التطبيق القضائي الغرامة‬
‫اليومية ف ي قضايا حوادث الشغل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫حول خصوصية قواعد قانون الشغل ومدى استقاللها عن قواعد القانون المدني راجع‪:‬‬
‫‪ -‬مليكة بنزاهير‪ ،‬مركز القانون المدني من المادة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1999/1998‬ص ‪ 108‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪277‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫لكن تسمية هذه اآلليه بالصلح التمهيدي من طرف المشرع المغربي أمر منتقد ويثير اللبس‪ ،‬بحيث توحي بأنها ممهدة‬
‫لعرض النزاع أمام القضاء‪ ،‬في حين أن الهدف منها فض النزاع وانهائه بشكل كلي‪ ،‬على اعتبار أن الصلح المتوصل‬
‫له بين المشغل واألجير بمقتضى هذه اآللية ليس تمهيديا في جوهره بل هو نهائي في أثره‪.‬‬
‫كما أن إزالة للتعارض الحاصل بين المقتضيات الفقرة الخامسة من المادة ‪ 11‬والمادة ‪ 235‬في فقرتها الرابعة‪ ،‬فإن‬
‫األمر يتطلب من المشرع المغربي أن يعمل على تقديم محتوى القاعدة العامة الواردة في المادة ‪ 235‬من مدونة الشغل‬
‫على المادة ‪ 11‬من نفس المدونة ويقحم مقتضيات المادة ‪ 11‬الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة إلى جانب ما ورد في‬
‫المادة ‪ 73‬الفقرة الثانية من مدونة الشغل مباشرة بعد نصه على بطالن الصلح طبقا للفصل ‪ 1298‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫الئحة المراجع‬

‫‪ ‬المراجع بالعربية‬

‫الحاج الكوري‪ ،‬مدونة الشغل الجديدة ‪-‬القانون رقم ‪ -62.99‬أحكام عقد الشغل‪ ،‬مطبعة أمنية‪ ،‬الرباط‪.5221 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫إدريس فجر‪ ،‬مفتشية الشغل االختصاصات والفعالية‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عدد‪،55‬سنة ‪،1991‬‬

‫أدريس فجر‪ ،‬مدونة الشغل حصيلة سنتين من التطبيق القضائي الغرامة اليومية في قضايا حوادث الشغل‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪5227 ،1‬‬

‫بشرى العلوي‪ ،‬الفصل التعسفي لألجير على ضوء العمل القضائي ‪-‬دراسة ميدانية ودليل للعمل القضائي‪،-‬‬ ‫‪‬‬
‫دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء ‪.5227‬‬

‫بدر الصق لي‪ ،‬مفتشية الشغل بين المراقبة والمصالحة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬ ‫‪‬‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.5227/5226‬‬

‫حنان أعياض‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل الفردية في ظل قانون الشغل المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬ ‫‪‬‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.5212/5229‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪278‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫رشيد رفيق‪ ،‬الصلح في المادة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.5228/5227‬‬
‫زهور الحر‪" ،‬دور مفتش الشغل في استقرار عالقات الشغل"‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫العدد ‪.1991 ،55‬‬
‫عبد العزيز العتيقي‪ ،‬مفتشية الشغل ودورها في عالقات الشغل‪ ،‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬العدد ‪ ، 1‬دجنبر ‪1992‬‬ ‫‪‬‬

‫محمد سالم‪ ،‬أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي‪ ،‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬عدد ‪.5225 ،32‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد سعد جرندي‪ ،‬الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء المغربي‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ط‪.5227 ،5‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني‬ ‫‪‬‬
‫" سلسلة دراسات وأبحاث "المنازعات االجتماعية في ضوء مدونة الشغل والقوانين المنظمة لحوادث الشغل‬
‫واألمراض المهنية والضمان االجتماعي"‪،‬ج‪،1‬عدد‪ ،11‬سنة ‪.5217‬‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وآفاق المستقبل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪‬‬
‫‪، 1997‬‬
‫محمد الدكي‪ ،‬تأمالت في نظام تفتيش الشغل‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬عدد‪ ،6‬سنة ‪.5223‬‬ ‫‪‬‬
‫عبد الطيف خالفي‪" :‬الوسيط في مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ط‪ ،1‬ج‪.5221 ،1‬‬
‫محمد الشرقاني‪ ،‬المالحظات واالقتراحات المطروحة بشأن إصالح نظام تفتيش مؤسسات الشغل‪ ،‬مدحل عام‬ ‫‪‬‬
‫لليوم الدراسي الذي نظمته كلية الحقوق مراكش في ‪ 18‬يناير ‪ ،1995‬المجلة المغربية لإلقتصاد والقانون المقارن‪،‬‬
‫العدد ‪ ،55‬سنة ‪.1991‬‬
‫محمد أسيول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون‬ ‫‪‬‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬وجدة ‪ ،5222-5221‬ص‪.95‬‬
‫محمد أوزيان‪ ،‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة بين‬ ‫‪‬‬
‫ضروريات اإلبقاء على السلم االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،122‬نونبر‪-‬‬
‫دجنبر ‪.5226‬‬
‫مليكة بنزاهير‪ ،‬مركز القانون المدني من المادة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة‬ ‫‪‬‬
‫الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1999/1998‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪279‬‬
‫المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي | اإلصدار الثامن عشر | تأريخ اإلصدار‪0101-01-5 :‬م‬
‫‪ISSN: 2706-6495‬‬

‫‪ ‬المراجع بالفرنسية‬
‫‪‬‬ ‫‪Mohamed tadli, la reforme de la législation social au Maroc, imprimerie el maarif el‬‬
‫‪Jadida, rabat, 2004,‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة ‪ ،© 2020‬الباحث نضال مصطفى محمد غيث‪ ،‬المجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي‪.‬‬

‫)‪(CC BY NC‬‬

‫‪www.ajrsp.com‬‬ ‫‪280‬‬

You might also like