You are on page 1of 28

‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬

‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫درس‬

‫اجنــــاس ‪:‬‬

‫‪ -‬اهلادي عبد احلفيظ –‬


‫أستاذ أول مميز دزجت استثنائيت‬
‫معهد حي األمل – قابس‬
‫السنت الدزاسيت ‪2020-2019‬‬

‫‪1‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫مدخل إىل التفكري يف املسألة‬

‫"إن اإلنسان مقياس األشياء مجيعا مقياس ما هو موجود وما هو غري‬


‫موجود منوا " بروتاغوراس ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ على سبيل التكديه ‪:‬‬

‫نإ ايطّؤاٍ عٔ َاٖ‪ ١ٝ‬اإلْطإ قد نشف يٓا قص‪ٛ‬ز املعسف‪ ١‬املباشس‪ ٠‬باإلّْ‪١ٝ‬‬
‫‪ٚ‬ستد‪ٚ‬د‪ٜ‬تٗا يف تًب‪َ ١ٝ‬طًب َعسف‪ ١‬حك‪ٝ‬ك‪ ١‬اإلْطإ‪َ ٖٛٚ ،‬ا محًٓا عً‪٢‬‬
‫االْفتاح عً‪ ٢‬أفل ايػري‪ ١ٜ‬حبجا عٔ ص‪ٛ‬ز‪ ٠‬إلّْ‪ٝ‬تٓا ته‪ ٕٛ‬أنجس ‪ٚ‬اقع‪ٚ .١ٝ‬يعٌّ ٖرا َا‬
‫‪ٜ‬دع‪ْٛ‬ا اآلٕ إىل ايطؤاٍ زتدّدا عٔ حك‪ٝ‬ك‪ ١‬اإلْطإ ضُٔ بعد‪ ٟ‬اإلّْ‪ٚ ١ٝ‬ايػري‪،١ٜ‬‬
‫ضؤاال ‪ٜ‬طتفصْا يً‪ٛ‬ق‪ٛ‬ف عً‪ ٢‬دالي‪ ١‬اذتد‪ ٚ ٜٔ‬يًتفهري يف شهٌ أ‪ ٚ‬طب‪ٝ‬ع‪ ١‬ايعالق‪١‬‬
‫اييت ميهٔ إٔ تصٌ أ‪ ٚ‬تفصٌ ب‪ُٗٓٝ‬ا‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إحزاجات‪:‬‬

‫*هل ال ٌزال سؤال ” ما اإلنسان؟ “ ٌحتفظ بثقله اإلشكالً‪ ،‬بعد ما أتاحه ال ّتق ّدم العلمً من معرفة‬
‫بأفراد النوع البشري وسائر الكائنات الحٌّة من اإلخصاب حتى الموت أم أ ّننا بإعادة طرحه نكون‬
‫على شاكلة من ٌرٌد خلع أبواب مفتوحة ؟‬

‫* و إذا سلّمنا جدال أنّ األمر لٌس على هذه ال ّشاكلة‪ ،‬فبماذا نفسّر االنتقال من سؤال ”ما اإلنسان ؟“‬
‫إلى سؤال ”ما اإلنسانً؟ هل بانكشاف عدم وجاهة السؤال أم بتعذر اإلجابة عنه بدعوى أ ّنه سؤال‬
‫حول الماهٌة‪ ،‬كما لو أنّ السؤال حول اإلنسانً لٌس سؤال ماهٌة ؟‬

‫و إذا سلّمنا أنّ سؤال ”ما اإلنسانً؟ “ ٌكتسب مشروعٌته بحكم انفتاحه على الكثرة‪ ،‬فهل أنّ هذا‬
‫االنفتاح ممتنع عن سؤال ”ما اإلنسان؟‬

‫‪2‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫* هكذا إذن نلج فضاء إشكالٌا مترامً األطراف‪ٌ ،‬كون فٌه اإلنسان مصدر السّؤال وموضوعه‬
‫وغاٌته‪ ،‬وهو ما عناه سقراط قدٌما بقوله‪":‬أٌّها اإلنسان اعرف نفسك بنفسك" ‪.‬‬

‫* ولكن إلى أي مدى ٌمكن أن نطمئن لمثل هذه المعرفة المباشرة بحقٌقة اإلنسان؟ أال ٌقتضً األمر‬
‫اختبار مصداقٌة مفترضاتها فلسفٌا وعلمٌا ؟‬

‫*هل ّ‬
‫ٌحق لنا اختزال حقٌقة اإلنسان فٌما ٌشعر به من تفرّ د الوجود أي فً األنا أو الوعً أو‬
‫العقل‪...‬؟ أال ّ‬
‫تمثل الغٌرٌة أفقا موازٌا تنكشف فٌه الحقٌقة اإلنسانٌة بنفس القدر الذي تتٌحه نافذة‬
‫األنا أو الوعً أو العقل؟‬

‫*أال تكون الكثرة فً اإلنسان دالّة على محاٌثة الغٌرٌة إل ّنٌته ؟ وإذا سلمنا جدال بهذا االفتراض‪،‬‬
‫فعلى أي نحو فهمنا هذه الغٌرٌة التً تبدو كامنة فٌنا وعالمة دالة على تكثر وحدتنا؟ أو باألحرى‬
‫أٌّة قٌمة أضفٌناها على هذه الغٌرٌة؟‬

‫‪3‬‬

‫‪ .1‬يف السّؤال عن اإلنسان ‪ /‬اإلنساني‪.‬‬


‫أ) اإلنية مبا هي منبت االنطولوجيا يف سؤال اإلنسان ‪.‬‬
‫ب) تعالي النفس عن ادتسد ‪:‬وحدة النفس العاقلة‪.‬‬
‫ت) التظنن على جوهزية النفس أو االعرتاف بادتسد ‪.‬‬
‫‪ .2‬يف غريية اإلنية ‪ :‬حضور الالوعي وانكشاف مستطاع ادتسد‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلنية يف التاريخ ‪:‬ذتظة تشكل الوعي باألخز ‪ /‬الوعي يف األخز‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪ .1‬يف السؤال عن اإلنسان ‪ /‬اإلنساني‪.‬‬

‫إنّ سؤال "ما هو اإلنسان؟" الذي طرحه كانط واعتبره سؤال األسئلة جمٌعا بل كل الفلسفة ‪،‬‬
‫هو ما ٌفسر داللة األطروحة القاضٌة بأنّ "اإلنسانً" وحدة نوع تنطوي على الكثرة ‪.‬‬

‫و ماذا تعنً "الوحدة" غٌر ضرب من "الماهٌة" التً هً ما ٌجعل من "إنسان" ما إنسانا ؟‬
‫وماذا ٌمكن أن تعنً "الكثرة" غٌر ما ٌعرض لهذه الماهٌة وٌطرأ علٌها من خارج صورتها ؟‬

‫ذلك هو السؤال الذي ولد كثٌرا من األسئلة حول معنى اإلنسانً وأخرجه من نطاق السؤال‬
‫المٌتافٌزٌقً "ما هو اإلنسان ؟"‪ ،‬إلى أفق السؤال المابعد مٌتافٌزٌقً "من هو اإلنسان الذي هو نحن ؟"‬
‫‪ -‬إنّ السؤال الجدٌد لم ٌعد‪ :‬بأيّ معنى ٌُقال عن اإلنسانً بعامة أ ّنه فً ماهٌته واحد ؟ بل‪ :‬بأيّ وجه‬
‫ٌمكننا أن نرصد الكثرة الثاوٌة فً ماهٌة اإلنسانً ؟‬

‫وان كان كانط بهذا السؤال قد سٌّج حقال جدٌدا لالنثربولوجٌا بما فلسفة اإلنسان فانه قد وضع‬
‫حجر األساس لمقاربة جدٌدة لإلنسانً كعلم ٌنظر فً ظواهره وإحداثٌاته خارج فلك المٌتافٌزٌقا لذا‬
‫سنستعٌض عن سؤال الماهٌة الفلسفً (ما هو اإلنسان ؟) إلى سؤال الكٌف العلمً (من هو اإلنسان أو‬
‫كٌف ٌكون اإلنسان إنسانا ؟)‪.‬‬

‫"الوعي بالذات هو األرض ارتصبة للحكيكة" هيجل‬

‫‪4‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫يف حتديد املفاهيه ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬االنية والػريية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫• ما اإل ّنٌــــــــــــــــــــــــة ؟‬
‫‪ ‬اإل ّنٌة ‪ Ipséité‬أو ‪ haeccéité‬أو ‪ : eccéité‬فً العربٌة و حسب أبً البقاء‬
‫الرندي فً كتابه الكلٌات "إنٌة" مشتقة من إن التً تفٌد التأكٌد والقوة فً الوجود نقرأ فً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كتاب الكلٌات ‪":‬فاإلنٌة هً كون الشًء موجودا ٌستمد قوته من انه محسوس ومشاهد" وهً‬
‫عند ابن رشد معنى ذهنً إذ ٌقول فً كتاب تهافت التهافت "اإلنٌة فً الحقٌقة فً‬
‫الموجودات هً معنى ذهنً وهو كون الشًء خارج النفس على ما هو علٌه فً النفس"‬
‫وٌذهب البعض إلى أنها مشتقة من أُنّ أو أٌن أو أً ْون عند الٌونان "وسواء قلنا إنٌة نسبة إلى‬
‫األنا أو األٌنٌة (من أٌن ) نسبة إلى الوجود فً المكان أو األ ٌٌّْة نسبة إلى المقول فً جواب‬
‫أي شًء هو أو اإلنٌة نسبة إلى إن فإن جمٌع هذه األلفاظ تدل على تحقق الوجود " والفرق‬
‫بٌن اإلنٌة ‪ Ipséité‬والماهٌة ‪ eccéité‬أن اإلنٌة تتضمن معنى الوجود والماهٌة ال تتضمنه‬
‫على معنى قول الجرجانً فً تعرٌفاته "ماهٌة الشًء هً ما ٌجعل من الشًء هوهو" أما‬
‫الفرق بٌن اإلنٌة والهاذٌة ‪ haeccéité‬أن الهاذٌة تدل على ما به ٌكون الشًء هذا الشًء‬
‫الفارابً فً كتاب‬ ‫ال غٌره ‪ .‬واغلب الظن أن المفهوم إبداع عربً صرف تحدث عنه‬
‫الحروف وفصل الحدٌث فٌه الشٌخ الرئٌس أبو علً ابن سٌنا فً كتاب الشفاء‪.‬‬

‫‪ ‬وفً الالتٌنٌة ‪ Ipséité‬من ‪ ipse‬وتعنً الهذا هو أو الهو ذاته أي الهذٌة أو ذات النفس‬
‫على معنى اٌمانوٌل لٌفٌناس‬
‫; ‪"L’ ipséité- le moi-même ; le toi-même comme présentation de soi par soi‬‬
‫" ‪dans le visage en deçà de toute représentation de soi‬‬

‫" اإلنٌة هً أنا ذاتً أنت ذاتك كحضور للذات من طرف ذاتها بعٌدا عن كل‬
‫تمثل للذات " أي بما ٌعنً أن اإلنٌة هً حضور ولٌست تمثل للذات من طرف ذاتها‬
‫‪même = la le moi‬‬ ‫والحضور ٌعنً أغناء الوجود وهو ما تفٌده عبارة ذات النفس‬
‫‪ mêmeté‬وتعنً أٌضا العٌنٌة اي تعٌن الوجود وتحققه وإثباته ‪.‬‬
‫إذن اإلنٌة تشٌر إلى وجود ال ّشًء وإلى فعل إثبات تح ّقق هذا الوجود عٌنٌا‪.‬‬
‫وإذا تعلّق األمر باإلنسان فإنّ إ ّنٌته هً ما به ٌكون إنسانا أي قادرا على االضطالع بما‬
‫ٌخترق وحدته من كثرة‪.‬‬

‫شًء إ ّنٌته وكذلك أٌضا‬ ‫ورد فً كتاب”األلفاظ“ للفارابً“ وٌسمّى ذات ال ّ‬


‫شًء بدل‬‫شًء ٌسّمى إ ّنٌته‪ ،‬فإ ّننا كثٌرا ما نستعمل قولنا إ ّنٌة ال ّ‬ ‫جوهر ال ّ‬
‫شًء" فنستنتج أنّ اإل ّنٌة ترادف الماهٌة و الجوهر والهوٌة‪.‬‬ ‫قولنا جوهر ال ّ‬

‫‪5‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫• ما الغٌــــــــــــــــــرٌة؟‬
‫حٌغ‪١‬ش‪٠‬ش ‪ :Altérité‬مشتقة من الغٌر وهو كون كل من الشٌئٌن خالف األخر وفً ذلك قال ابن‬
‫رشد "إن الذي ٌقابل الواحد من جهة ماهو هو هً الغٌرٌة" وٌقصد أن الغٌرٌة هً ما ٌتعارض مع‬
‫الهوٌة ‪.‬‬

‫وكلمة الغٌر فً اللغة العربٌة غالبًا ما ُتستعمل بمعنى االستثناء‪ ،‬كقولنا‪ :‬غٌر هذا؛ أي سوى هذا‪،‬‬
‫«فٌراد بالغٌر ما سوى الشًء مما هو مختلف أو متغٌّر منه‪ ،‬وٌقابل األنا‪ ،‬ومعرفة الغٌر تعٌن على‬
‫معرفة النفس» وفً المعجم العربً‪ :‬فاآلخر ‪ -‬بالمد وفتح الخاء‪ -‬اسم خاص لمغاٌر شخص‪ ،‬أو‬
‫بعبارة أخرى لمغاٌر بالعدد‪ ،‬وقد ٌُطلق على المغاٌر فً الماهٌة (‪ )...‬واآلخر بمعنى الغٌر‪ :‬كقولك‬
‫رجل آخر وثوب آخر‪.‬‬

‫أما فً الالتٌنٌة فالغٌرٌة هً مقولة أساسٌة مثل مقولة الهوٌة ‪ ،‬وعبارة ‪ Altérité‬أي الغٌرٌة ذات‬
‫عالقة اشتقاقٌة بالفعل ‪ Altérer‬واالسم ‪ Altération‬وتعنٌان تغٌّر الشًء وتحوّ له لألسود (تع ّكر‪،‬‬
‫فساد‪ ،‬استحالة)‪ ،‬كما ترتبط اشتقا ًقا بكلمة ‪ Altérance‬التً تفٌد التعاقب والتداول‪ ،‬ومعنى ذلك أن‬
‫مفهوم الغٌرٌة ٌنطوي على السلب والنفً (‪ )..‬فما ٌؤسس مفهوم الغٌرٌة فً الفكر الغربً الحدٌث‬
‫لٌس مفهوم االختالف كما هو الحال فً الفكر العربً‪ ،‬بل الغٌرٌة فً الفكر األوروبً مقولة‬
‫تؤسسها فكرة السلب أو النفً‪ ،‬فاألنا ال ٌفهم اإال بوصفه سلبًا أو نفًٌا للغٌر»‪.‬‬
‫وإذا كان الغٌر ‪ Autrui‬فً اللّسان الفرنسً ٌشٌر إلى ال ّشخص اآلخر‪ ،‬إلى األنا اآلخر إلى‬
‫إنسان غٌري أنا‪ ،‬فإنّ اآلخر )‪ٌ (L’autre‬شٌر إلى أي شخص غٌري مثلما قد ٌشٌر إلى أيّ‬
‫شًء آخر ‪ ,‬أمّا فً اللّسان العربً فال فرق بٌن الغٌر واآلخر باإلضافة إلى أنّ اآلخر عند‬
‫العرب ٌشٌر فقط إلى أحد اثنٌن دون أن ٌعنى ذلك أنّ بٌنهما اختالفا أو باألحرى تناقضا أي‬
‫إلى ّ‬
‫تكثر كمً‪.‬‬

‫وفً المعنى الفلسفً الغالب حسب الموسوعة الفلسفٌة الكونٌة ‪« :‬غٌر األنا ال ّ‬
‫ٌتمثل‬
‫ي سع ى ألن تجعل من الغٌر‬
‫كموضوع‪ ،‬لكن كأنا‪ ،‬أو كذات أخرى» أي إن الخطاب الفلسف‬
‫واآلخر هو المقابل مفهوم ًٌّا لألنا ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫ب)‪ -‬اإلنية مبا هي منبت االنطولوجيا يف سؤال اإلنسان‬


‫يف عالقة النفس وادتسد‬

‫حكظىُ حٌم‪ٛ‬ي حٌفٍغف‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬حإلٔغخْ اٌ‪ ٝ‬أٔط‪ٌٛٛ‬ؿ‪١‬خ ِؼخٌ‪١‬ش طفؼً حٌّؼم‪ٛ‬ي ػٍ‪ ٝ‬حٌّلغ‪ٛ‬ط‬
‫‪ٚ‬حٌّ‪١‬ظخف‪١‬ض‪٠‬م‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬حٌف‪١‬ض‪٠‬م‪ٚ ٟ‬حٌّظؼخٌ‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬حٌّلخ‪٠‬غ‪ ،‬فخعظلخي حإلٔغخْ اٌ‪ِ ٝ‬خ٘‪١‬ش ػخلٍش ٌذ‪ٜ‬‬
‫أفالؽ‪ ْٛ‬لذ‪ّ٠‬خ ‪ٚ‬ؿ‪٘ٛ‬ش ِفىش ػٕذ د‪٠‬ىخسص كذ‪٠‬ؼخ ‪.‬‬

‫* التصور الميتافيزيقي لإلنسان ‪:‬‬

‫أفالطون ‪Platon‬‬
‫‪٠‬ؼغ أفالؽ‪ ْٛ‬ف‪ٌ ّٗٙ‬إلٔغخْ ػّٓ ف‪ٌٍٛ ّٗٙ‬ؿ‪ٛ‬د ػخِش فبْ وخْ‬
‫حٌ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د ‪ٕ٠‬مغُ اٌ‪ ٝ‬لغّ‪ٚ : ٓ١‬ؿ‪ٛ‬د ِؼم‪ٛ‬ي ف‪ٛ‬ل‪ ٟ‬خخٌذ ِٓ ؽز‪١‬ؼش‬
‫حٌ‪١ٙ‬ش أصٌ‪١‬ش ‪ٚٚ‬ؿ‪ٛ‬د كغ‪ ٟ‬طلظ‪ ٟ‬صحثف ‪ٚ‬صحثً ٘‪ ٛ‬ػخٌُ حٌزشش أ‪ٚ‬‬
‫ػخٌُ حٌطز‪١‬ؼش حٌّخد‪٠‬ش حٌفخٔ‪١‬ش ‪ٚ‬حإلٔغخْ ‪٠‬ظشوذ ِٓ ػٕظش‪ ٓ٠‬أ‪ٚ‬‬
‫ِزذأ‪ ٓ٠‬ػٍ‪٘ ٝ‬زح حٌّؼٕ‪:ٝ‬‬
‫*ِزذأ س‪ٚ‬كخٔ‪ ٟ‬خخٌذ ٘‪ ٛ‬حٌٕفظ حٌظ‪ ٟ‬طظلذد طّخِخ رخػظزخس٘خ ِزذأ‬
‫كشوش‪.‬‬
‫*ِزذأ ِـــخد‪ ٞ‬فخٔ‪ ٛ٘ ٟ‬حٌـغذ‪.‬‬
‫‪ٚ‬خظ‪ٛ‬ط‪١‬ش حٌّ‪ٛ‬لف حألفالؽ‪ ْٞٛ‬طظّؼً ف‪ ٟ‬الشحسٖ رؤْ حٌٕفظ‬
‫ؿ‪٘ٛ‬ش ف‪ ٟ‬ك‪ّ٠ ٓ١‬ؼً حٌـغذ ػشع‪ٌ .‬زٌه ‪٠‬خظضي أفالؽ‪ ْٛ‬حإلٔغخْ‬
‫ف‪ ٟ‬رؼذٖ حيػخلً ‪٠ٚ‬مظ‪ ٟ‬حٌـغذ ِٓ ِخ٘‪١‬ش حإلٔغخْ‪ ،‬ار أْ حٌـغذ‬
‫رخٌٕغزش اٌ‪ ٗ١‬ػخؽً ػطخٌش وخٍِش فخٌٕفظ ٘‪ ٟ‬حٌظ‪ ٟ‬طلشّوٗ ‪ٛ٘ٚ‬‬
‫ِظذس سر‪ٍ٠‬ش ‪ّ٠ٚ‬ؼً ػخثمخ ‪٠‬ؼ‪ٛ‬ق حٌٕفظ ف‪ ٟ‬ػٍّ‪١‬ش طؼ‪ٛ‬د٘خ ٔل‪ٛ‬‬
‫حٌّؼً‪ِ ٛ٘ٚ.‬خ ‪ٛ٠‬ػلٗ ف‪ ٟ‬ك‪ٛ‬حس عمشحؽ ِغ ع‪١ّ١‬خط ف‪ِ ٟ‬لخ‪ٚ‬سٖ حٌف‪١‬ذ‪ ْٚ‬ك‪٠ ٓ١‬غخي عمشحؽ ِلخ‪ٚ‬سٖ‬
‫‪ :‬كٌف سكنت ال ّنفسّ الجسد والزمته وهً من طبٌعة غٌر جسمٌّة ؟ وٌجٌبه بأن ال ّنفس حٌن كانت‬
‫فً العالم العلوي حٌث الصافاء وال انقاء ال اتام صادف أن اقترفت إثما ! فأ ُ ْن ِزلت عقابا لها إلى العالم‬
‫السُّفلً واحتلّت الجسد و ُس ِجنت فٌه‪ ،‬وهو ما ٌعنٌه قوله “إن الجسد قبر لل ّنفس وسجن لها ” و علٌه‬
‫وحِرمانه من إشباع شهواته‬ ‫لمغ َر ٌَات الجسد‬ ‫سٌدعو أفالطون إلى ضرورة مقاومة الفٌلسوف ْ‬
‫الحسٌّة وعدم إٌالئه أٌّة عناٌة وأهمٌّة واحتقاره وازدرائه‪ ،‬وقد برّ ر أفالطون هذا الموقف السّلبً‬
‫الع َرضِ ٌّة المادٌّة وال ّنفعٌّة‬
‫الج َس ِد وحاالته َ‬
‫ث َ‬ ‫من الجسد باستدالالت فً حواره حٌن تح ّدث عن ُخ ْب ِ‬
‫فس عن ال ّتفكٌر وال ّتفلسفِ و ُت ْب ِع ُده عن طلب الحقٌقة فٌقول‪ ”:‬ما دامت أنفسنا‬ ‫الفكر أو ال ّن َ‬
‫َ‬ ‫التً َتعٌِق‬
‫صل على مطلبنا بال َقدَ ِر الكافً والحا ُل‬ ‫متورّ طة مع هذا ال ّشًء الخبٌث (ٌقصد الجسد) فإ ّننا لن َنحْ َ‬
‫أ اننا ما نطلبه هو الحقٌقة كما قلنا…” وٌواصل أفالطون فً تِعْ داد شرور دوافع الجسد من حروب‬
‫واستحواذ على الخٌرات واستمالة ال ّنفس وإغوائها حتى تقع فً حالة تكاسل فً ال ّتفلسف وترك فعل‬

‫‪7‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫ال ّتفكٌر وال ّتأمّل‪ ،‬لكً ٌُعل َِن أخٌرا استباحة قتل الجسد وإماتته فٌقول‪ ”:‬إنّ أولئك الذٌن ٌشغلون‬
‫بالفلسفة بمعناها الحقٌقًِّ ٌّتدرّ بون على الموت‪ ،‬وأنّ فكرة الموت أق ّل رهبة لدٌهم من لدى بقٌّة‬
‫ال ّناس‪“ .‬‬

‫وبطبٌعة الحال إنّ الفٌلسوف ال ٌُحظى بهذه‬


‫الصّفة وال ٌنعم بمتعة ال ّتفكٌر وال ّتفلسف وال‬
‫ٌُحظى بمعانقة الماهٌات فً عالم المثل وال تقدر‬
‫نفسه أن تمارس الجدل الصّاعد حٌث ُنور‬
‫العرفان والحقائق المطلقة إالّ إذا تم ّكن من‬
‫مكا َبدَ ِة الحرمان الذي هو منبع محبّة الحكمة‬
‫وأُسّ ال ّتفلسف الحقٌقًّ ‪ ،‬وال ٌتح ّقق هذا المبتغى‬
‫إالّ بقهر غرائز الجسد وإماتة شهواته الوضٌعة‬
‫!…‬
‫أِخ حٌٕفظ ف‪ ٟٙ‬ؿ‪٘ٛ‬ش س‪ٚ‬كخٔ‪ ٟ‬شش‪٠‬ف ‪٠‬ئعظ ٌ‪ٙ‬خ‬
‫أفالؽ‪ٔ ْٛ‬ظش‪٠‬ش وخٍِش ف‪ ٟ‬وظخد حٌم‪ٛ‬حٔ‪ ٓ١‬ف‪١‬ؼشف‪ٙ‬خ‬
‫‪:‬رؤٔ‪ٙ‬خ حٌلشوش حٌظ‪ ٟ‬طلشن رحط‪ٙ‬خ رزحط‪ٙ‬خ ال رؼٍش‬
‫أخش‪ ٜ‬صحثذس ػٍ‪ٙ١‬خ " ‪٠ٚ‬ظٕف‪ٙ‬خ اٌ‪ ٝ‬ػالػش أطٕخف‬
‫‪:‬‬
‫انىفس انغضبٍت ‪ِ :‬خد‪٠‬ش فخٔ‪١‬ش ‪ِٚ‬مش٘خ حٌظذس‬
‫‪ِ ٟ٘ٚ‬ظظٍش رخٌٕفظ حٌٕخؽمش ‪٘ٚ‬زح حالطظخي ٘‪ ٛ‬ػٍش خؼ‪ٛ‬ػ‪ٙ‬خ ٌٍؼمً ‪ٚ‬فؼ‪ٍ١‬ظ‪ٙ‬خ حٌشـخػش‪.‬‬
‫انىفس انشهىاوٍت ‪ِ :‬خد‪٠‬ش فخٔ‪١‬ش ِمش٘خ حٌزطٓ ‪ِٚ‬شطزطش رخألوً ‪ٚ‬حٌششد ‪ٚ‬حٌش‪ٛٙ‬س ‪ٚ‬حٌٍزس ‪ٚ‬حألٌُ ‪ٟ٘ٚ‬‬
‫ِ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬دس ف‪ ٟ‬حٌىخثٕخص حٌل‪١‬ش حألخش‪ِٚ ٜ‬ظذس أظخؿ‪ٙ‬خ ‪ٚ‬فؼٍ‪ٙ‬خ طخؼغ رذ‪ٚ‬س٘خ ٌٍٕفظ حٌٕخؽمش ‪ٚ‬فؼ‪ٍ١‬ظ‪ٙ‬خ‬
‫حٌؼفش‪.‬‬
‫انىفس انىاطقت ‪ :‬ؿ‪٘ٛ‬ش س‪ٚ‬كخٔ‪ِ ٟ٘ٚ ٟ‬زذأ حٌلشوش ف‪ ٟ‬حٌـغُ طم‪ٛ‬دٖ ‪ٚ‬طشفؼٗ ٔل‪ ٛ‬حٌظؼمً ‪ٚ‬حٌظفى‪١‬ش ٌزح‬
‫وخْ ِمش٘خ حٌشأط ‪ِ ٛ٘ٚ‬خ ‪٠‬فغش حٔظظخد حإلٔغخْ ‪ٚ‬حعظمخِظٗ ػىظ رخل‪ ٟ‬حٌل‪ٛ١‬حٔخص الْ حٌؼمً‬
‫حٌؼٕظش حٌغخِ‪ ٟ‬حٌز‪٠ ٞ‬ـزد رم‪١‬ش حٌـغُ اٌ‪ ٝ‬حألػٍ‪ٚ. ٝ‬فؼ‪ٍ١‬ظ‪ٙ‬خ حٌلىّش‪.‬‬
‫‪ٚ‬لذ ر٘ذ أفالؽ‪ ْٛ‬ف‪ِ ٟ‬لخ‪ٚ‬سس حٌف‪١‬ذس‪ٚ‬ط اٌ‪ ٝ‬طشز‪ٙٙ١‬خ رخٌؼشرش حٌظ‪٠ ٟ‬ـش٘خ ؿ‪ٛ‬حدحْ حكذ٘خ ٘خدة‬
‫حٌطزغ ٘‪ ٛ‬سِض حٌٕفظ حٌش‪ٛٙ‬حٔ‪١‬ش ‪ٚ‬حٌؼخٔ‪ ٟ‬كظخْ ؿخِق ٘‪ ٛ‬سِض حٌٕفظ حٌغؼز‪١‬ش ‪٠‬ظلىُ ر‪ّٙ‬خ‬
‫‪ٛ٠ٚ‬ؿ‪ّٙٙ‬خ عخثظ كى‪ ٛ٘ ُ١‬حٌؼمً أ‪ ٚ‬حٌٕفظ حٌٕخؽمش ‪ٚ.‬ػٍ‪ ٗ١‬فبْ حٌٕفظ حٌغؼز‪١‬ش ‪ٚ‬حٌش‪ٛٙ‬حٔ‪١‬ش ٌ‪١‬غض ٔفغخ‬
‫اال ػٍ‪ ٝ‬حٌّـخص ‪ ٟ٘ٚ‬ف‪ ٟ‬حٌلم‪١‬مش ل‪ ٜٛ‬ؿغّخٔ‪١‬ش طظظً رخٌٕفظ ٌزح وخٔض ِٓ ؽزخثغ ِخد‪٠‬ش ؿغّخٔ‪١‬ش‬
‫طفٕ‪ ٝ‬رفٕخء حٌـغُ ‪ٚ‬طظظً رم‪ٛ‬حٖ حٌل‪١‬ش أِخ حٌٕفظ ػٍ‪ ٝ‬حٌلم‪١‬مش ف‪ ٟٙ‬حٌؼمً أ‪ ٚ‬حٌم‪ٛ‬س حٌٕخؽمش ف‪ ٟ‬حإلٔغخْ‬
‫‪ِ ٟ٘ٚ‬زذأ ؿّ‪١‬غ حٌم‪ ٜٛ‬حألخش‪ِ ٜ‬زذأ حٌلشوش ‪ٚ‬حٌّٕ‪ٚ ٛ‬حٌغزحء ‪ٚ‬حٌظ‪ٛ‬حٌذ حٌخ ‪ ٟ٘ٚ..‬حٌظ‪ ٟ‬ع‪١‬ؼ‪ٛ‬د اٌ‪ٝ‬‬
‫طفغ‪١‬ش٘خ حٌش‪١‬خ حٌشث‪١‬ظ ربع‪ٙ‬خد ف‪ ٟ‬وظخد حٌشفخء ‪..‬‬

‫‪8‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫الخٌر‬ ‫مثلث اإلنسان=مثلث الوجود‬


‫حسب أفالطون‪:‬اإلنسان مثلث أبعاده ‪ ,‬عقل‬
‫ٌستقرىء الحق ‪ ,‬وإرادة تستقطب الخٌر ‪,‬‬
‫وحس ٌستحضر الجمال ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الجمال‬ ‫الحس‬ ‫الحق‬

‫أرسطو ‪Aristote‬‬
‫غٍز رؼ‪١‬ذ ػٓ طظ‪ٛ‬س حألعظخر أفالؽ‪ِ ْٛ‬خ ع‪١‬ز٘ذ اٌ‪ ٗ١‬طٍّ‪١‬زٖ حٌّؼٍُ‬
‫حأل‪ٚ‬ي أسعط‪ ٛ‬ف‪ ٟ‬طظ‪ٛ‬سٖ ٌإلٔغخْ حٔطاللخ ِٓ ٔفظ حٌّزذأ ف‪ ُٙ‬حإلٔغخْ‬
‫رٕخء ػٍ‪ ٝ‬ف‪ّٕٙ‬خ ٌٍ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د ‪ٕ٘ٚ‬خ ‪٠‬ئعظ أسعط‪ ٛ‬طظ‪ٛ‬سٖ حٌش‪١ٙ‬ش حٌمخثُ ػٍ‪ٝ‬‬
‫ػٕخث‪١‬ش حٌّخدس‪-‬حٌظ‪ٛ‬سس حٌّؼش‪ٚ‬ف فٍغف‪١‬خ رخٌظظ‪ٛ‬س حٌ‪ٍِٛٛ١ٙ‬سف‪٠ٚ ٟ‬ؼٕ‪ٟ‬‬
‫حٌّشوذ ِٓ ِخدس غ‪١‬ش ِظشىٍش أ‪ ٚ‬حٌ‪ ٌٝٛ١ٙ‬وّخ عّخ٘خ حٌؼشد ‪ِٛٚ‬سف‪ٚ ٟ‬طؼٕ‪ ٟ‬حٌظ‪ٛ‬سس ‪.‬‬

‫‪HYLÉMORPHISME‬‬

‫‪Théorie philosophique d'Aristote selon laquelle la constitution de tout être relevant du‬‬
‫‪cosmos est expliquée par deux principes corrélatifs : la matière (hylê : bois, matériau de‬‬
‫‪construction) et la forme (morphê : figure, disposition).‬‬

‫انمادة = مىجىدة بانقىة(‪ ) en puissance‬وانصىرة مىجىدة بانفعم ( ‪) en acte‬‬


‫‪٘ ِٓ ٚ‬زح حٌّٕطٍك فبْ حإلٔغخْ ع‪١‬ى‪ ْٛ‬أغخٔخ رظ‪ٛ‬سطٗ أ‪ ٞ‬رٕفغٗ‪ ،‬فخٌٕفظ أ‪ ٚ‬حٌش‪ٚ‬ف ٘‪ِ ٟ‬خ ‪ّ٠‬ؼً‬
‫كم‪١‬مش حإلٔغخْ‪ .‬فظّخِخ وّخ طشىً حٌظ‪ٛ‬سس حٌّخدس‪ ،‬طشىً حٌٕفظ حٌـغذ ‪ٚ‬رخٌظخٌ‪ ٟ‬فبْ أسعط‪٠ ٛ‬خظضي‬
‫حإلٔغخْ ف‪ ٟ‬رؼذٖ حٌؼخلً – حٌٕخؽك ‪٘ ٚ‬زح ِخ ‪٠‬ظ‪ٙ‬ش رـالء ف‪ ٟ‬الشحسٖ رؤْ حإلٔغخْ ك‪ٛ١‬حْ ػخلً‪.‬‬
‫أبدا اعتبار النفس والجسم شٌئٌن مستقلٌن‪ ،‬بل ٌجب اعتبارهما وجهٌن لكائن واحد‪،‬‬ ‫ولذلك؛ ال ٌمكن ً‬
‫ومن هنا؛ ٌ اتضح أن انفصال النفس عن الجسم أمر غٌر ممكن كما أن انفصال الصورة عن المادة‬
‫أمر غٌر وارد‪ .‬وهنا ٌختلف مع أستاذه أفالطون الذي كان ٌعتقد فً واقعٌة المثال او النفس‬
‫وانفصالها عن المادي فً عالم معقول هو عالم المثل ‪.‬‬
‫بناء على ذلك؛ فالنفس صورة تتحقق فً المادة وتمنح ها الوجود الفعلً ‪ ،‬وتخلق نوعً ا خاصً ا من‬
‫أنواع الجسم‪ٌ ،‬قول أرسطو‪ " :‬النفس جوهر بالضرورة‪ ،‬أي أنها صورة للجسم الطبٌعً اآللً‬
‫الحً بالقوة " ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫فً هذه الثنائٌة تكون الصورة بمثابة الفعل أو الكمال بٌنما تكون الهٌولى بمثابة القوة ‪,‬فالنفس من‬
‫البدن هً بمثابة الفعل أو الكمال من القوة التً تستكمل به غٌر أن الكمال أو الفعل على درجتٌن ‪:‬‬
‫كمال أول وهو حصول القوة‬
‫أو االستعداد فً الكائن الحً‬
‫إذ النفس ال تؤدي وظائفها‬
‫باستمرار بل بتوقف بعض‬
‫وظائفها أحٌانا كما فً‬
‫حاالت النوم أو الغٌبوبة أو‬
‫عند الطفل الرضٌع ‪.‬‬
‫أما الكمال الثانً فهو‬
‫حصول القوة بالفعل وتحققها‬
‫باستمرار‪ .‬وبهذا المعنى فإن‬
‫النفس كمال أول مادامت ال‬
‫تمارس قوتها بالفعل على‬
‫نحو دائم‪.‬‬
‫‪ٚ‬أسعط‪١ّ٠ ٛ‬ض ر‪ ٓ١‬حٌـغُ‬
‫حٌطز‪١‬ؼ‪ٚ ٟ‬حٌـغُ حٌظٕخػ‪ ٟ‬أ‪ ٚ‬حٌغ‪١‬ش ؽز‪١‬ؼ‪ِ ٟ‬ؼٍّخ ّٔ‪١‬ض حإلٔغخْ ِٓ حٌظّؼخي فخأل‪ٚ‬ي ؿغُ ؽز‪١‬ؼ‪ ٟ‬آٌ‪ٟ‬‬
‫حوظٍّض آالطٗ ‪ٚ‬أػؼخإٖ ٌ‪١‬ى‪ ْٛ‬لخدسح ػٍ‪ ٝ‬طؤد‪٠‬ش ‪ٚ‬ظخثف حٌٕفظ ‪ٚ‬حٌؼخٔ‪ ٟ‬طٕخػ‪٠ ٟ‬مخط ػٍ‪ ٝ‬حأل‪ٚ‬ي‬
‫د‪ ْٚ‬أْ طى‪ ْٛ‬آالطٗ ِىظٍّش ‪ٚ‬رخٌظخٌ‪ ٟ‬ال ٔفظ ٌٗ ‪.‬‬
‫‪ٚ‬كظ‪١ّٔ ٝ‬ض ٘ز‪ ٓ٠‬حٌىّخٌ‪ٔ ٓ١‬ؤخز حٌّؼخي حٌظخٌ‪: ٟ‬‬
‫‪ ‬انطفم رجم بانقىة = كمال أول أي نه استعداد طبٍعً الن ٌصٍز رجال ‪.‬‬
‫‪ ‬انطفم رجم بانفعم حٍه ٌكبز = كمال ثاوً أي اوه أصبح فعال كذنك ‪.‬‬

‫‪ٚ‬ػٍ‪ٚ ٗ١‬سغُ ٘زٖ حٌؼٕخث‪١‬ش أ‪ ٚ‬حٌظشو‪١‬ذ حٌ‪ِٛٛ١ٍ١ٙ‬سف‪ ٟ‬فبْ حٌّخدس أ‪ ٚ‬حٌ‪ ٌٝٛ١ٙ‬ال طغظّذ كم‪١‬مش ‪ٚ‬ؿ‪ٛ‬د٘خ‬
‫‪ٚ‬دالٌظ‪ٙ‬خ اال رلٍ‪ٛ‬ي حٌظ‪ٛ‬سس ف‪ٙ١‬خ أ‪ ٞ‬طؼ‪ ٓ١‬حٌ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د ٌزح وخٔض حٌظ‪ٛ‬سس أ‪ ٚ‬حٌٕفظ ٘‪ ٟ‬حٌـ‪٘ٛ‬ش حٌز‪ ٞ‬رٗ‬
‫‪٠‬ظؼ‪ ٓ١‬حٌ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د ‪٠ٚ‬ظلمك فؼال ‪ٌٙٚ.‬زٖ حٌٕفظ ِشحطذ كذد٘خ أسعط‪ ٛ‬ف‪ ٟ‬وظخرٗ حٌش‪١ٙ‬ش ػٓ حٌٕفظ ف‪ٟ‬‬
‫ػالع ِشحطذ ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪ ‬انىفس انىباتٍت ‪ٌ ٟ٘ٚ:‬ىً وخثٓ ك‪ ٟ‬ل‪ٛ‬ح٘خ ػالع حٌغزحء ‪ٚ‬حٌّٕ‪ٚ ٛ‬حٌظ‪ٌٛ‬ذ ‪.‬‬
‫‪ ‬انىفس انحٍىاوٍت ‪ٚ:‬ظ‪١‬فظ‪ٙ‬خ حالطظخي رخٌؼخٌُ حٌخخسؿ‪ٚ ٟ‬ل‪ٛ‬ح٘خ حٌلشوش ‪ٚ‬حإلدسحن حٌلغ‪. ٟ‬‬
‫‪ ‬انىفس اإلوساوٍت ‪:‬أ‪ ٚ‬حٌؼخلٍش أ‪ ٚ‬حٌٕخؽمش ‪ ٟ٘ٚ‬خخط‪١‬ش ٌإلٔغخْ ‪ٚ‬كذٖ (ِغ أْ ل‪ ٜٛ‬حألٔفظ‬
‫ؿّ‪١‬ؼخ ط‪ٛ‬ؿذ ػٕذ حإلٔغخْ) الْ حإلٔغخْ ‪ٚ‬كذٖ ‪٠‬ظّ‪١‬ض رم‪ٛ‬س حٌٕطك أ‪ ٚ‬حٌظؼمً‪ ٟ٘ٚ.‬حٌم‪ٛ‬س حٌمخدسس‬
‫ػٍ‪ ٝ‬ادسحن ِخ٘‪١‬خص حألش‪١‬خء ‪ٚ.‬حٌ‪ٛ‬ػ‪ ٟ‬رخٌـضث‪١‬خص ‪ٚ‬حٌضِخْ ‪ٚ‬حٌّىخْ ‪..‬حٌخ‪.‬‬
‫٘ىزح ‪ٕ٠‬ظ‪ ٟٙ‬أسعط‪ ٛ‬شؤٔٗ شؤْ أعظخرٖ اٌ‪ ٝ‬حإللشحس رـ‪٘ٛ‬ش‪٠‬ش حٌٕفظ ‪ٚ‬حػظزخس٘خ ِزذأ حإلٔ‪١‬ش ف‪ ٟ‬حإلٔغخْ‬
‫‪ِ ٛ٘ٚ‬خ ع‪١‬غ‪١‬ش ػٍ‪ ِٓ ٗ١‬رؼذ طمش‪٠‬زخ وً فالعفش حإلعالَ ‪ٚ‬كظ‪ ٝ‬حٌفالعفش حٌّذسع‪ ٓ١١‬ف‪ ٟ‬ػظش حٌٕ‪ٙ‬ؼش‬
‫حٌز‪ ٓ٠‬ؽؼّ‪ٛ‬ح حألسعط‪١‬ش ‪ٚ‬حألفالؽ‪١ٔٛ‬ش رخألفالؽ‪١ٔٛ‬ش حٌـذ‪٠‬ذس ‪ٚ‬رخٌؼم‪١‬ذس ف‪ٔ ٟ‬ظش‪٠‬ش كٍ‪١ٌٛ‬ش ِ‪١‬ظخف‪١‬ض‪٠‬م‪١‬ش‬
‫طٕظش ٌإلٔغخْ ِٓ رؼذ ‪ٚ‬حكذ فمؾ‪.‬‬

‫ع) التظنن على جوهزية النفس أو االعرتاف بادتسد ‪.‬‬


‫ديكارت ‪ :‬مبدأ األنانة‬

‫حٌّغؤٌش حألُ٘ حٌظ‪ ٟ‬حػظشػض د‪٠‬ىخسص‪ ٟ٘ ،‬و‪١‬ف أكذد ِخ٘‪١‬ظ‪ٟ‬؟ ً٘ رخٌـغُ أَ‬
‫رخٌٕفظ؟‬

‫‪٠‬ـذ أ‪ٚ‬ال أْ ٔغظزؼذ حالػظمخد حألسعط‪ ٟ‬حٌمذ‪ ُ٠‬حٌز‪٠ ٞ‬لذد حإلٔغخْ ول‪ٛ١‬حْ ػخلً‪ٌٚ ،‬ىٓ ً٘ ٘زح‬
‫حٌظلذ‪٠‬ذ ‪ٚ‬حػق رزحطٗ ؟‪ ،‬والّ ‪٠‬م‪ٛ‬ي د‪٠‬ىخسص‪ ،‬ار إٔٔخ ف‪٘ ٟ‬زٖ حٌلخي‪ٔ ،‬لذد ش‪ٟ‬ء غ‪١‬ش ِؼش‪ٚ‬ف رّلذد‪ٓ٠‬‬
‫غ‪١‬ش ِؼش‪ٚ‬ف‪٠ٚ ٓ١‬لظخؿخ اٌ‪ ٝ‬حٌّؼشفش‪" :‬ار ‪٠‬ؼطشٔ‪٘ ٟ‬زح اٌ‪ ٝ‬أْ أرلغ رؼذ رٌه ف‪ِ ٟ‬خ ٘‪ ٛ‬حٌل‪ٛ١‬حْ‬
‫‪ِٚ‬خ ٘‪ ٛ‬حٌؼخلً" وّخ ‪٠‬م‪ٛ‬ي د‪٠‬ىخسص‪ٕ٘ٚ .‬خ ٔشحٖ ‪٠‬شد ػٍ‪ ٝ‬أسعط‪ ٛ‬رّٕطك أسعط‪ ٛ‬رحطٗ أ‪ ٞ‬أْ ٔؼشف ِخ‬
‫٘‪ ٛ‬غ‪١‬ش ِؼش‪ٚ‬ف رّخ ِؼش‪ٚ‬ف ‪ٚ‬حٌلخي ٕ٘خ أْ كذ‪ٚ‬د "حٌّؼشف رٗ" أ‪ ٞ‬حٌل‪ٛ١‬حْ ‪ٚ‬حٌٕخؽك غ‪١‬ش ِؼش‪ٚ‬فش‬

‫‪11‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫رذ‪ٚ‬س٘خ ‪٘ٚ‬ىزح ٔغمؾ وً حٌلـش ‪ٔٚ‬ظـخ‪ٚ‬ص٘خ حٌ‪ ٝ‬رش٘خْ أوؼش ػمالٔ‪١‬ش ‪ ٛ٘ٚ.‬رش٘خْ حٌشه حٌّٕ‪ٙ‬ـ‪ٟ‬‬
‫حٌز‪ ٞ‬ع‪ٕ١‬ظ‪ ٟٙ‬رٕخ اٌ‪ ٝ‬حوظشخف كم‪١‬مش حٌى‪ٛ‬ؿ‪١‬ظ‪.ٛ‬‬

‫‪ٚ‬كغزٕخ ٕ٘خ أْ ٔظزغ ؽش‪٠‬مش طلٍ‪١ٍ١‬ش ط‪١ٌٛ‬ذ‪٠‬ش ٔغظّذ٘خ فمؾ ِٓ طؤِالطٕخ حٌخخطش ف‪ ٟ‬ر‪ٚ‬حطٕخ‪ٌٕ ،‬زذأ رظلذ‪٠‬ذ‬
‫٘زٖ حٌخخط‪١‬ش ِٓ ‪ٚ‬ؿ‪ِ ٓ١ٙ‬خظٍف‪.ٓ١‬‬

‫‪ِ /1‬ـٓ ؿ‪ٙ‬ــش حٌـغـــــُ‪ :‬رؤْ ٔظغخءي اْ وخٔض ِخ٘‪١‬ظ‪ّ٠ ٟ‬ىٓ حخظضحٌ‪ٙ‬خ ف‪ ٟ‬حٌـغُ ‪ِٚ‬خ ‪ٕ٠‬ظؾ ػٓ ٘زح‬
‫حٌـغُ‪ٚ ،‬حٌلخي إٔٔخ ٔؼظمذ إٔٔخ ٔؼشفٗ ‪ٔٚ‬لذدٖ ػٍ‪ ٝ‬حٌٕل‪ ٛ‬حٌظخٌ‪" ٟ‬حٌـغُ ٘‪ ٛ‬و ًّ ِخ ‪ّ٠‬ىٓ أْ ‪٠‬ل ّذٖ شىً‪.‬‬
‫٘‪ ٛ‬وً ِخ ‪ّ٠‬ىٓ أْ ‪٠‬ظل‪ّ١‬ض ف‪١‬لظ‪ِ ٗ٠ٛ‬ىخْ‪ِ ،‬مظ‪١‬خ ػٕٗ ٘ىزح ِطٍك ؿغُ آخش‪ ٛ٘ .‬وً ِخ ‪ّ٠‬ىٓ أْ‬
‫‪٠‬لظّ ‪ ،‬أِخ حٌٍّظ‪ ،‬أ‪ ٚ‬حٌزظش‪ ،‬أ‪ ٚ‬حٌغّغ‪ ،‬أ‪ ٚ‬حٌز‪ٚ‬ق‪ِ ٛ٘ .‬خ ‪٠‬لشوٗ ف‪ ٟ‬حطـخ٘خص ػذ‪٠‬ذس ش‪ٟ‬ء‬
‫خخسؿ‪."ٟ‬‬

‫‪ِ /2‬ـٓ ؿ‪ٙ‬ــش حٌٕفـــــظ‪ :‬رؤْ ٔظغخءي اْ وخٔض حٌّخ٘‪١‬ش طلذد رخٌٕفظ‪ِٚ ،‬خ ‪٠‬ظشطذ ػٓ ٘زح حٌظلذ‪٠‬ذ‪ٕ٘ ،‬خ‬
‫‪٠‬غظزؼذ د‪٠‬ىخسص حٌظلذ‪٠‬ذ حٌمذ‪ٌٍٕ ُ٠‬فظ ‪ٚٚ‬ظ‪١‬فظ‪ٙ‬خ‪ ،‬فّخ وٕخ ٔؼظمذ أٔٗ ِٓ فؼً حٌٕفظ ِٓ طغز‪ِٚ ،ٜ‬ش‪،ٟ‬‬
‫‪ٚ‬اكغخط ‪ٚ‬طفى‪١‬ش‪ ،‬أطزق ‪ٚ‬ظ‪١‬فش ؿغّ‪١‬ش رلظش ‪.‬‬

‫أِخ رخظ‪ٛ‬ص حٌـغُ ‪ٚ‬ف‪ ٟ‬حٌشد ػٍ‪ ٝ‬حٌمذحِ‪٠ ٝ‬ؼّذ د‪٠‬ىخسص اٌ‪:ٝ‬‬

‫‪ -‬كـش طـش‪٠‬ز‪١‬ش ‪ ِٓ :‬حٌل‪١‬خس حٌ‪١ِٛ١‬ش ٘‪ِ ٟ‬خ ‪٠‬فؼٍٗ حٌمظخر‪ ْٛ‬ك‪٠ ٓ١‬زرل‪ ْٛ‬حٌزر‪١‬لش ار ٔش‪ ٜ‬أٔ‪ٙ‬خ‬
‫طزم‪ "ٝ‬طظلشن ‪ٚ‬طغظف حٌظشحد رؼ‪١‬ذ سغُ و‪ٙٔٛ‬خ ٌُ طؼذ ك‪١‬ش " ‪٘ٚ‬زح ال ‪٠‬ؼٕ‪ ٟ‬اال ش‪١‬جخ ‪ٚ‬حكذح أْ‬
‫ِخ ‪٠‬لشن حٌـغُ ٌ‪١‬ظ ش‪١‬جخ خخسؿخ ػٕٗ رً ػٕظش ِٕٗ عّخٖ د‪٠‬ىخسص "أس‪ٚ‬حكخ ك‪ٛ١‬حٔ‪١‬ش "‬
‫‪٠ٚ‬ؼشف‪ٙ‬خ ف‪ِٛ ٟ‬ػغ أخش"حػٕ‪ ٟ‬رخألس‪ٚ‬حف حٌل‪ٛ١‬حٔ‪١‬ش أؿضحء ٌط‪١‬فش ؿذح ِٓ حٌذَ حٌلخس " ‪.‬‬
‫‪ٚ‬حٌلشحسس ٕ٘خ طم‪ٔٛ‬خ اٌ‪ ٝ‬حٌّز٘ذ ح‪ ٚ ٌٟ٢‬رشحد‪٠‬غُ ح‪ٌ٢‬ش حٌّ‪١‬ىخٔ‪١‬ى‪١‬ش حٌظ‪ ٟ‬طظلشن رؼٍش رحط‪١‬ش‬
‫‪ِ ٛ٘ٚ‬خ ‪٠‬ؼٕ‪ ٗ١‬طغّ‪١‬ش د‪٠‬ىخسص ٌٍـغُ حٌل‪ ٟ‬رخ‪ٌ٢‬ش حٌزحط‪١‬ش حٌلشوش (حأل‪ٚ‬ط‪ِٛ‬خط‪١‬ى‪١‬ش ) ‪automate‬‬
‫‪.‬ار ‪٠‬م‪ٛ‬ي "ٔؼظزش ٘زح حٌـغُ رّؼخرش آٌش طٕؼظ‪ٙ‬خ ‪٠‬ذ هللا " ‪ (.‬ال ‪ّ٠‬ىٓ أْ ٔغفً ف‪٘ ٟ‬زح حٌغ‪١‬خق أْ‬
‫ػظش د‪٠‬ىخسص لذ ش‪ٙ‬ذ ٔشؤس ػٍُ ؿذ‪٠‬ذ ٘‪ ٛ‬ػٍُ حٌف‪١‬ض‪ٌٛٛ٠‬ؿ‪١‬خ ػٍ‪٠ ٝ‬ذ حٌؼخٌُ ٘خسف‪ٟ‬‬
‫‪ HARVEY‬حٌز‪ ٞ‬حوظشف حٌذ‪ٚ‬سس حٌذِ‪٠ٛ‬ش ‪ٚ‬ر‪ ٓ١‬أْ ػخ حٌذَ ِٓ حٌمٍذ اٌ‪ ٝ‬حٌششح‪ٚ ٓ١٠‬رخل‪ٟ‬‬
‫حألػؼخء ٘‪ِ ٛ‬خ ‪٠‬ؼط‪ٌٍ ٟ‬ـغُ ك‪١‬خس ‪ٚ‬كشوش ‪ٌٚ‬ألعف طّض ِلخوّظٗ ‪ٚ‬اػذحِٗ ِٓ ؽشف‬
‫حٌىٕ‪١‬غش كشلخ )‪.‬‬
‫‪ -‬كـش ػمالٔ‪١‬ش ‪ :‬طم‪ َٛ‬ػٍ‪ ٝ‬طـشرش رٕ٘‪١‬ش ٘زٖ حٌّشس ٘‪ ٟ‬طـشرش "لطؼش شّغ حٌؼغً" حٌش‪١ٙ‬شس‬
‫حٌظ‪ ٟ‬طظ‪ٛ‬س٘خ رخ‪ٛ‬حط‪ٙ‬خ حٌلغ‪١‬ش حٌّؼش‪ٚ‬فش ِٓ كال‪ٚ‬س حٌؼغً ‪ٚ‬سحثلش حٌض٘‪ٛ‬س ‪ٚ‬طالرش‬
‫حٌٍّّظ ‪..‬حٌخ ك‪ٔ ٓ١‬مشر‪ٙ‬خ ِٓ حٌٕخس طظالش‪ ٝ‬ؿّ‪١‬غ ٘زٖ حٌخخط‪١‬خص ‪ ٚ‬ال ‪٠‬زم‪ِٕٙ ٝ‬خ ع‪ٜٛ‬‬
‫انشكم ‪ ٚ‬االمتداد ‪ ٚ‬انحزكت ‪ ٟ٘ٚ‬خ‪ٛ‬حص ٕ٘ذع‪١‬ش رٕ٘‪١‬ش طؼٕ‪ ٟ‬أْ حٌـغُ ‪٠‬ذسن ادسحوخ ػمٍ‪١‬خ‬
‫رخػظّخد حٌّٕ‪ٙ‬ؾ حٌ‪ٕٙ‬ذع‪ ٟ‬حٌش‪٠‬خػ‪ ٛ٘ٚ( ٟ‬حٌّٕ‪ٙ‬ؾ حٌز‪ ٞ‬حػظّذٖ ػٍّخء حٌؼظش حٌلذ‪٠‬غ ِٓ‬
‫و‪ٛ‬رشٔ‪١‬ى‪ٛ‬ط اٌ‪ ٝ‬غخٌ‪ ٍٟ١‬اٌ‪ ٝ‬د‪٠‬ىخسص ٔفغٗ ػُ ٔ‪ٛ١‬طٓ‪ ..‬حٌخ ك‪ ٓ١‬ع‪١‬ىشف‪ ْٛ‬ػٓ حٌّخدس ال‬
‫‪ّ٠‬ىٕ‪ٙ‬خ أْ طى‪ ْٛ‬خخسؽ حٌّىخْ أ‪ ٞ‬خخسؽ حالِظذحد حٌ‪ٕٙ‬ذع‪ ٟ‬رؤرؼخدٖ حٌؼالػش ‪ ٛ٘ٚ‬حٌّٕ‪ٙ‬ؾ حٌز‪ٞ‬‬
‫رفؼٍٗ لخِض وً حٌؼ‪ٛ‬سس حٌؼٍّ‪١‬ش حٌلذ‪٠‬ؼش )‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫ٔغظٕظؾ رخظ‪ٛ‬ص حٌـغُ ‪:‬‬

‫اْ حٌـغُ ‪٠‬ؼًّ رطش‪٠‬مش ِ‪١‬ىخٔ‪١‬ى‪١‬ش آٌ‪١‬ش ٌىٕٕخ ٔذسوٗ رطش‪٠‬مش ٕ٘ذع‪١‬ش ػمالٔ‪١‬ش‪.‬‬

‫أِخ حٌٕفظ فبْ ادسحوٕخ ٌ‪ٙ‬خ ادسحن ِزخشش كذع‪ ٟ‬وّخ ‪ٛ٠‬ػق رٌه د‪٠‬ىخسص ك‪ّ٠ ٓ١‬خػً ػاللظ‪ٙ‬خ رشرخْ‬
‫حٌغف‪ٕ١‬ش ‪٠ٚ‬ش‪ ٜ‬أْ ادسحوٕخ ٌألٌُ أ‪ ٚ‬حٌـشف ف‪ ٟ‬حٌ‪١‬ذ ادسحن ِزخشش كذع‪ ٟ‬آٔ‪ٛٔ ٛ٘ٚ ٟ‬ع ِٓ حإلدسحن‬
‫حٌؼمٍ‪ ٟ‬حٌفطش‪ ٞ‬حٌز‪ٕ٠ ٞ‬زـظ ِٓ كم‪١‬مش حٌى‪ٛ‬ؿ‪١‬ظ‪ٚ ٛ‬عّخٖ د‪٠‬ىخسص "ٌّؼش ِٓ ٌّؼخص حٌز٘ٓ " أ‪ ٚ‬ل‪ٛ‬س‬
‫حٌلىُ " طّخِخ ِؼٍّخ ٔلىُ ػٍ‪ ٝ‬سؿخي ‪ّ٠‬ش‪ ْٚ‬ف‪ ٟ‬حٌشخسع ك‪ٕٔ ٓ١‬ظش ِٓ حٌششفش ‪ٚ‬حٌلخي إٔٔخ ال ٔش‪ٜ‬‬
‫ع‪ ٜٛ‬لزؼخط‪ِٚ ُٙ‬ؼخؽف‪ِٚ ُٙ‬غ رٌه ٔلىُ رؤٔ‪ ُٙ‬سؿخي د"ل‪ٛ‬س حٌلىُ " ‪ِ ٟ٘ٚ‬ؼشفش فطش‪٠‬ش كذع‪١‬ش‬
‫ٌٍز٘ٓ ‪ٌ .‬زٌه ع‪١‬غظٕظؾ د‪٠‬ىخسص د"أْ حألٔخ أ‪ ٞ‬حٌٕفظ حٌظ‪ ٟ‬أٔخ ر‪ٙ‬خ ِخ أٔخ ِظّ‪١‬ضس طّخَ حٌظّ‪١‬ض ػٓ حٌـغُ‬
‫ال رً اْ ِؼشفظٕخ ر‪ٙ‬خ أ‪٠‬غش"‪.‬‬

‫ٔغظٕظؾ ارْ ‪:‬‬

‫اْ د‪٠‬ىخسص حفظشع ػٕخث‪١‬ش ف‪ ٟ‬حإلٔغخْ ِٓ ؿ‪٘ٛ‬ش‪ : ٓ٠‬جىهز ممتد ٘‪ ٛ‬حٌـغُ وجىهز مفكز ٘‪ٛ‬‬
‫حٌٕفظ (‪ِٚ‬ؼٕ‪ ٝ‬حٌـ‪٘ٛ‬ش ٕ٘خ ٘‪ ٛ‬وً ش‪ٟ‬ء ‪٠‬م‪ َٛ‬رزحطٗ ‪ٚ‬ال ‪٠‬لظخؽ اٌ‪ ٝ‬آخش) ‪ٚ‬حٔظ‪ ٝٙ‬اٌ‪ ٝ‬أْ حٌـ‪٘ٛ‬ش‬
‫حٌّّظذ (حٌـغُ) ٔلظخؽ ف‪ِ ٟ‬ؼشفظٗ اٌ‪ ٝ‬ؿٍّش ِٓ خ‪ٛ‬حص كغ‪١‬ش ‪ٚ‬رٕ٘‪١‬ش ‪ٚ‬ػٍ‪ ٗ١‬فٕلٓ ٔؼشفٗ ِٓ خالي‬
‫‪ٚ‬عخثؾ أِخ حٌـ‪٘ٛ‬ش حٌّفىش (حٌٕفظ ) فبدسحوٕخ ٌ‪ٙ‬خ كذع‪ِ ٟ‬زخشش ‪ٚ‬فطش‪ ٞ‬ال ٔلظخؽ ف‪ ٗ١‬أ‪ٚ ٞ‬عخؽش ‪ٌ..‬زح‬
‫فّؼشفظٕخ رخٌٕفظ حرغؾ ‪ٚ‬أ‪٠‬غش ‪ِ ٛ٘ٚ‬خ ‪٠‬ؼٕ‪ ٗ١‬ؿ‪٘ٛ‬ش حإلٔ‪١‬ش ‪ٌ.‬زح ‪ٕ٠‬ظ‪ ٟٙ‬د‪٠‬ىخسص اٌ‪ ٝ‬حٌم‪ٛ‬ي "فؼشفض ِٓ‬

‫‪13‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫رٌه إٔٔ‪ ٟ‬ؿ‪٘ٛ‬ش وً ِخ٘‪١‬ظٗ أ‪ ٚ‬ؽز‪١‬ؼظٗ ال طم‪ َٛ‬اال ػٍ‪ ٝ‬حٌفىش ‪ٚ‬ال ‪٠‬لظخؽ ف‪ٚ ٟ‬ؿ‪ٛ‬دٖ اٌ‪ ٝ‬أ‪ِ ٞ‬ىخْ ‪ ٚ‬ال‬
‫‪٠‬ظؼٍك رآ‪ ٞ‬ش‪ٟ‬ء ِخد‪٘ٚ." ٞ‬ىزح ٕٔظ‪ِ ٟٙ‬غ د‪٠‬ىخسص ِٕز حوظشخف حٌى‪ٛ‬ؿ‪١‬ظ‪ ٛ‬كظ‪ ٝ‬حٌزشٕ٘ش ػٍ‪ ٝ‬ؽز‪١‬ؼش‬
‫ػاللش حٌٕفظ رخٌـغُ اٌ‪ ٝ‬حٌؼ‪ٛ‬دس اٌ‪ ٝ‬حٌّشرغ حأل‪ٚ‬ي حٌّ‪١‬ظخف‪١‬ض‪٠‬م‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬طلذ‪٠‬ذ أ‪١‬ش حإلٔغخْ ربلشحس حٌزحص‬
‫حٌّفىشس حٌّظؼخٌ‪١‬ش ػٓ حٌ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د حٌـغّخٔ‪ٚ ٟ‬حٌظ‪ ٟ‬ال طم‪ ُ١‬أ‪ ٞ‬ػاللش حٔط‪ٌٛٛ‬ؿ‪١‬ش ر‪ٙ‬زح حٌؼخٌُ ع‪ ٜٛ‬ػاللش‬
‫ِؼشف‪١‬ش علش‪٠‬ش وّخ ع‪١‬غّ‪ٙ١‬خ ٘‪ٛ‬عشي ف‪ٔ ٟ‬مذٖ ٌٍظؤِالص حٌذ‪٠‬ىخسط‪١‬ش ‪٘ ,‬زح حٌّزذأ حٌمخثُ ػٍ‪ ٝ‬كم‪١‬مش‬
‫حٌى‪ٛ‬ؿ‪١‬ظ‪ ٛ‬ع‪١‬غّ‪ ٗ١‬حٌششحف ِٓ رؼذٖ ِزذأ حألٔخٔش أ‪ ٚ‬حألٔخ‪ٚ -‬كذ‪ ٞ‬ف‪ ٟ‬حٌؼخٌُ ‪. le solipsisme.‬‬

‫سرّخ طفطٓ د‪٠‬ىخسص اٌ‪ ٝ‬طؼ‪ٛ‬رش حٌفظً ر‪ ٓ١‬حٌٕفظ ‪ٚ‬حٌـغُ ( ػٕخث‪١‬ش ‪ ، ) DUALISME‬خخطش ‪ٚ‬حْ‬
‫حألٔخ ‪ّ٠‬ظٍه وً ِم‪ِٛ‬خص حٌ‪ٛ‬ػ‪ ٟ‬رـغّٗ ار ‪٠‬لظ رٗ ‪ٌٚ ،‬ىٓ حٌٍّفض ٌالٔظزخٖ أْ ٘زح حٌّفظشع ٌُ ‪٠‬ؼّمٗ‬
‫د‪٠‬ىخسص سرّخ " خ‪ٛ‬فخ ِٓ سد فؼً حٌىٕ‪١‬غش " نِخ ر٘ذ اٌ‪ ٝ‬رٌه فشحٔغ‪ٛ‬ح شخطٍ‪ٌ ٟ‬ىٕٗ ِفظشع سعُ‬
‫ف‪ٔ ٟ‬فظ حٌ‪ٛ‬لض ‪ٚ‬كذس ظٍض غخثّش ‪ٚ‬غ‪١‬ش ِؼٍٕش ف‪ ٟ‬حٌّشش‪ٚ‬ع حٌذ‪٠‬ىخسط‪ ٟ‬ػٍ‪ٔ ٝ‬ل‪ ٛ‬طش‪٠‬ق ‪ٌ ،‬ىٓ ٘زٖ‬
‫حٌ‪ٛ‬كذس حٌّفظشػش ‪ٚ‬حٌّؼّشس عظى‪ ْٛ‬حٌّذحس حٌز‪ ٞ‬عضٔطٍك ِٕٗ فٍغفخص أخش‪ ٜ‬وفٍغفش عز‪ٕٛ١‬صح‬
‫‪١ِٚ‬شٌ‪ٛ‬ر‪ٔٛ‬ظ‪. ٟ‬‬

‫سبينوسا ‪ :‬وحدة النفس وادتسه‬

‫سغُ حٔظّخءٖ ٌٍفىش حٌذ‪٠‬ىخسط‪ ٟ‬اال أْ عز‪ٕٛ١‬صح خ‪١‬ش حٌغ‪١‬ش ػىظ حالطـخٖ حٌذ‪٠‬ىخسط‪ٟ‬‬
‫أ‪ ٚ‬لً حٔٗ ع‪١‬ظلذ‪ ٜ‬حألعظخر د‪٠‬ىخسص ٔفغٗ ف‪ ٟ‬حػظّخدٖ ػٍ‪ِٕٙ ٝ‬ـٗ ٌ‪١‬طشف ػٍ‪ٝ‬‬
‫ٔفغٗ أْ ‪٠‬ى‪ "ْٛ‬د‪٠‬ىخسط‪١‬خ أوؼش ِٓ د‪٠‬ىخسص ٔفغٗ" ف‪ ٟ‬طٕخ‪ٌّ ٌٗٚ‬غؤٌش أ‪١‬ش حإلٔغخْ‬
‫وّخ عٕش‪. ٜ‬فغز‪ٕٛ١‬صح ِؼٍٗ ِؼً د‪٠‬ىخسص ٘‪ ٛ‬حرٓ ػظش حٌلذحػش ‪,‬ػظش حٌظٕ‪٠ٛ‬ش‬
‫حٌؼمالٔ‪ ٟ‬حٌز‪ ٞ‬أ‪ ٌٝٚ‬أّ٘‪١‬ش ٌٍّٕ‪ٙ‬ؾ حٌؼمالٔ‪٘ٚ ٟ‬ض ػشػ حٌزشحد‪٠‬غُ حألسعط‪ٟ‬‬
‫حٌمذ‪ ُ٠‬ف‪ ٟ‬ف‪ٌ ّٗٙ‬طز‪١‬ؼش حٌ‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د ‪.‬ك‪١‬غ ٌُ ‪٠‬ؼذ حٌؼخٌُ ِٕشطشح حٌ‪ ٝ‬شطش‪ ٓ٠‬رً ‪ٚ‬حكذح ‪ِٛٚ‬كذح ‪..‬‬
‫‪٘ ِٓٚ‬زح حٌّٕطٍك رذأ عز‪ٕٛ١‬صح ‪٠‬ئعظ فٍغفظٗ ف‪ ٟ‬وظخد حألخالق ‪ٌ.‬زح سفغ فىشس حٌـ‪٘ٛ‬ش‪ٓ٠‬‬
‫حٌّٕفظٍ‪ٚ ٓ١‬حلش رّخ عّخٖ "حٌـ‪٘ٛ‬ش حٌ‪ٛ‬حكذ ‪ٚ‬حٌ‪ٛ‬ك‪١‬ذ " هللا أ‪ ٚ‬حٌطز‪١‬ؼش (حٌطز‪١‬ؼش حٌطخرؼش ‪ٚ‬حٌطز‪١‬ؼش‬
‫حٌّطز‪ٛ‬ػش) ‪.‬‬
‫وهذا الجوهر الواحد و الوحٌد هو سبب لنفسه ال متناه مطلقا وٌحتوي على عدد ال متناه من‬
‫الصّفات‪ .‬و اإلنسان ال ٌعرف من هذه الصفات إال صفتٌن فقط ‪ :‬االمتداد والفكر‪ ،‬وهما مكوّ نتان‬
‫من عدد ال متناه من الضروب ‪ - modes-‬و كل ما هو موجود لٌس إال ضربا معٌنا‪ ،‬إما ضرب‬
‫من الصفة الالمتناهٌة لالمتداد‪ ،‬وإمّا ضرب للفكر الذي هو صفة ال متناهٌة أٌضا‪ .‬فاإلنسان هو‬
‫بالنهاٌة عالقه ضربٌن (نفس ‪ /‬جسم) من صفتٌن (فكر‪ /‬امتداد ) من جوهر واحد ووحٌد هو هللا او‬
‫الطبٌعة ‪ٌ .‬قول سبٌنوزا ‪ ":‬إن النفس والجسد شًء واحد ‪ ،‬تارة نتصوره بصفة الفكر وطورا بصفة‬
‫االمتداد مما ٌجعل نظام األشٌاء أو ترابطها هو األمر نفسه سواء أكانت الطبٌعة متصورة على هذا‬
‫النحو أو ذاك ‪ .‬مما ٌترتب عنه أن نظام أفعال الجسد وأهوائه تتوافق بالطبع مع نظام أفعال النفس‬
‫وأهوائها "‪.‬‬
‫ما ٌنتج عن هذا اإلقرار مماهاة بٌن‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪ -‬أفعال الجسد و أفعال ال ّنفس ( التذ ّكر‪ ،‬ال ّتخٌّل‪ ،‬ال ّتفكٌر ) ‪ - /‬الفكرة و الرّ غبة‪.‬‬
‫ما ٌعنً أن نظام األفكار غٌر متعال عن نظام الرّ غبات و األهواء الجسدٌّة‪.‬‬
‫وأنّ اإلنسان‪ ،‬من حٌث هو متوحّ د و عٌنً‪ ،‬لٌس كائن معرفة بقدر ما هو كائن رغبة‪.‬‬
‫الرغبة "‪ .‬و الرّ غبة أو‬ ‫ٌقول سبٌنوزا فً الكتاب ّ‬
‫الثالث من " األخالق "‪ " :‬إن ماه ٌّة اإلنسان هً ّ‬
‫الكوناتوس ( ‪ ) conatus‬هو االنفعال األول المحدد والموجه لماهٌة اإلنسان ‪.‬نالحظ هنا أن‬
‫سبٌنوزا ٌستعمل عبارة الماهٌة (‪ )essence‬لٌعنً بها ماهٌة اإلنسان ككل أي نفسه وجسمه معا ‪.‬‬
‫الذي درجت العادة على‬ ‫و هذه الرّ غبة‪ ،‬حسب سبٌنوزا‪ ،‬لٌست منحصرة فً مجال الحسّ ّ‬
‫اعتباره مصدرا للشرّ و للعبودٌّة‪ ،‬بحٌث ٌتوجّ ب قمعه بواسطة العقل و األخالق‪ ،‬بل إن العقل نفسه‬
‫و نظام األفكار فٌه لٌس فً آخر األمر سوى نوازع جسد ٌّة‪.‬‬

‫هكذا ٌلغً سبٌنوزا جوهرٌّة ال ّنفس‪ :‬ال ّنفس لٌست جوهرا مستقالّ و متمٌّزا‪ ،‬و إنما هً صوت‬
‫الجسد و تعبٌرته ‪.‬‬
‫ولكن كٌف ٌستدل سبٌنوزا على أطروحته ؟وٌرد‬
‫على السابقٌن بما فً ذلك دٌكارت نفسه ‪.‬؟‬

‫حجج تجربٌة (من التجربة الٌومٌة‬


‫والشخصٌة ألي إنسان) ناجم عن جهل بتركٌبة‬
‫بإمكانات ومستطاعه‬
‫ه‬ ‫الجسد وبمعرفة دقٌقة‬
‫‪.‬واألمثلة على ذلك ما نراه عند ‪:‬‬
‫‪ ‬ال ّدواب‪ٌ :‬ثبت مثال ال ّدواب أنّ الجسد قادر‬
‫لوحده على ال ّتحرّ ك و على القٌام بأفعال ال‬
‫ٌكون مصدرها ال ّنفس‪ .‬فلماذا ال نقرّ بنفس الشًء بال ّنسبة لجسد اإلنسان ؟‬
‫‪ ‬ال ّنائم الماشً‪ :‬أن الجسد ٌأتً أفعاال‪ ،‬ح ّتى فً حالة غفلة العقل و غٌابه‪.‬‬
‫استحالة ال ّتفكٌر فً حالة إنهاك الجسد‪(.‬تعب ‪,‬إرهاق ‪,‬مرض )‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬ظاهرة ال ّندم تثبت أنّ أفعال البشر لٌست ناتجة ضرورة عن تبصّر عقلً و إرادة حرّ ة‪ ،‬بل‬
‫مصدرها نوازع و مٌوالت جسدٌّة جارفة‪.‬‬
‫‪ ‬إرادة الكالم أو الصمت ‪ :‬نحن ال نرٌد الصمت أو الكالم متى شئنا بل دوافع جسدٌة تدفعنا‬
‫الى ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬المخمور والطفل الصغٌر ‪...‬الخ‪...‬‬
‫هكذا ٌكون التحدي بالحجة المادٌة العٌنٌة ‪:‬‬

‫ٌقول سبٌنوزا ‪ ":‬ال أحد إلى اآلن ‪ -‬والحق ٌقال ‪ -‬قد بٌن ما ٌستطٌع الجسد فعله أي أن‬
‫التجربة لم تعلم أحدا إلى الٌوم ما ٌمكن للجسد بواسطة قوانٌن طبٌعته وحدها‪ ،‬منظورا‬
‫إلٌها بما هً جسمٌة فحسب ‪ ،‬أن ٌفعله وما ال ٌمكن له أن ٌفعله إال ما كان محددا من قبل‬
‫النفس "‬
‫‪15‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫ولكن ‪,‬إذا كان سبٌنوزا ٌؤمن بنظرٌة الحلول أو بوحدة الوجود( ‪ ) Panthéisme‬وأن ال ّنفس و‬
‫هللا حا ّل فً ّ‬
‫الطبٌعة) فكٌف ٌقر فً حججه‬ ‫الطبٌعة‪ّ ( .‬‬ ‫الجسد هما شًء واحد متحدان ‪ ،‬كا ّتحاد ّ‬
‫ّللا و ّ‬
‫أن الجسم هو ما ٌحرك النفس وان الرغبة هً ما ٌحدد اإلرادة ؟ ‪.‬‬

‫طبعا ال ٌجب فهم األمر على انه تناقض أو خلط بل استثناء سبٌنوزي اقتضته طبٌعة الحجاج الن‬
‫النفس والجسد شًء واحد واإلنسان ماهٌة واحدة ال نفس وال جسم بل وحدة واحدة لذا فان ما نقوله‬
‫عن الواحد نقوله عن األخر كوجهً عملة واحدة ال نحرك واحدا إال بالثانً وان أتلفنا طرفا ٌفسد‬
‫النقد كله ‪ .‬هكذا فإن اإلرادة هً الرغبة والنفس هً الجسد و ال ٌمكن للواحد أن ٌؤسس لماهٌة‬
‫اإلنسان من دون الثانً ‪ .‬وبذلك تنتهً الثنائٌة الدٌكارتٌة العقٌمة التً خان بها دٌكارت منهجه حسب‬
‫سبٌنوزا حٌن لم ٌطبق على اإلنسان نفس منهجه على الطبٌعة ونعنً المنهج العقالنً الرٌاضً إذ‬
‫ٌراه كما لو كان خارج نظام الطبٌعة ‪.‬‬

‫ٌقول سبٌنوزا ‪ ":‬إٕ اغًب اير‪ ٜٔ‬حبج‪ٛ‬ا يف االْفعاالت ‪ٚ‬ضً‪ٛ‬ى اذت‪ٝ‬ا‪ ٠‬اإلْطاْ‪ٜ ،١ٝ‬بد‪ٚ ٚ‬نأِْٗ ال‬
‫‪ٜ‬دزض‪ ٕٛ‬األش‪ٝ‬اء ايطب‪ٝ‬ع‪ ١ٝ‬اييت ختطع يًك‪ٛ‬اْني ايعاَ‪ ١‬يًطب‪ٝ‬ع‪ٚ ،١‬إمنا األش‪ٝ‬اء اييت تكع‬
‫خازج ٖر‪ ٙ‬ايطب‪ٝ‬ع‪ .١‬يف اذتك‪ٝ‬ك‪ٜ ،١‬ظٗس أِْٗ ‪ٜ‬تص‪ٛ‬ز‪ ٕٚ‬اإلْطإ داخٌ ايطب‪ٝ‬ع‪ ١‬نُا ي‪ ٛ‬نإ‬
‫إَرباط‪ٛ‬ز‪ ١ٜ‬داخٌ إَرباط‪ٛ‬ز‪. ". ١ٜ‬‬

‫‪16‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪ )2‬يف غريية اإلنية ‪ :‬ادتسد ارتاص ‪ /‬الالوعي ‪.‬‬


‫مىزيس مريلىبىنيت ‪ :‬الراتيت املتجسدة‬

‫على نقٌض الطرح الفلسفً الكالسٌكً (بما فً ذلك الدٌكارتً ) الذي لم ٌحل مشكلة تعا لق النفس‬
‫والجسد‪ ،‬أعطى مٌرلوبونتً للجسد دورا هاما ‪ ،‬حًن بٌن أن "اتحاد" النفس و الجسد ٌتم فً كل‬
‫لحظة أثناء حركة الوجود ‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن الكوجٌتو (عند مٌرلوبونتً ) يكشف عن أن‬
‫وعًٌ ه و واقع ال ٌقبل التصرف‪ ،‬و ٌُ َم ِّكننً من اكتشاف نفسً ككائن فً العالم من خالل تجربة‬
‫الجسد‪.‬‬

‫إن استبعاد الجسد من مجال المعٌش الٌومً واختزاله فً مجرد آلة تنظم الهندسة اشتغالها (تصور‬
‫دٌكارت) هو موقف ٌتقابل مع تجربة الجسد التً تثبت لنا كثافة وأهمٌة حضور ه وتعلق وجودنا‬
‫المباشر به‪ .‬فً هذا اإلطار ٌتنزل نقد مرلوبنتً لل كوجٌتو الدٌكارتً المتعالً والمنغلق على نفسه‬
‫الذي ٌركن لعالقة الفكر المعرفٌة و السحرٌة المتعالٌة ‪.‬إن الوعً ‪،‬الذي به ٌكون اإلنسان إنسانا ال‬
‫ٌمكن أن ٌتحقق خارج إطار المعٌش (عالم الظواهر فً فلسفة هوسرل الظاهراتٌة) من خالل ما‬
‫ننسجه من عالقات مع ذواتنا ‪,‬مع األشٌاء ومع اآلخرٌن‪.‬‬

‫ترى الظاهراتٌة أن كل وعً هو وعً بشًء (قصدٌة الوعً = أي أن الوعً ٌقصد‬


‫بالضرورة شٌئا ما ‪ ,‬موضوعا بالضرورة ولٌس هذا الموضوع خارج وعًٌ بالضرورة بل‬
‫احمله فً ذاتً ) ما ٌستوجب إذن تحقق الوعً بما هو شرط تحقق اإلنسانً فً اإلنسان‬
‫إدراكا للعالم إدراكا تنشئه الذات من خالل ما تعٌشه من تجارب داخله‪.‬‬

‫هذا اإلدراك ال ٌمكن أن ٌتحقق إال بتوسط الجسد‪ ،‬فالجسد هو سبٌلنا الوحٌد للحضور داخل العالم‬
‫وإدراك هذا الحضور هو ما ٌحقق انيتنا‪ٌ .‬ستتبع ذلك التأكٌد على أهمٌة الجسد فً عملٌة اإلدراك‬
‫بما هو وسٌط بٌن الذات وموضوعها بٌن "األنا أفكر" والعالم الخارجً ‪.‬بما سٌجعل عملٌة اإلدراك‬
‫عملٌة أفقٌة مثلثة بوساطة وضمانة الجسد ولم تعد عالقة عمودٌة ثنائٌة بٌن األنا والعالم ‪.‬‬

‫ولكن أي جسد ٌؤسس لهذه العالقة ؟‬


‫ٌمٌز مٌرلوبونتً بٌن "الجسد الموضوع " و"الجسد الخاص" ‪:‬‬

‫الجسد الموضوع ‪ :‬هو كتلة اللحم والشحم والعظم والشراٌٌن والدم واألوردة ‪..‬الخ أي البنٌة‬
‫الفٌزٌولوجٌة والبٌولوجٌة التً أتحوز علٌها وٌمكن إدراكها عند غٌري بحٌث أرى صورا عنها فً‬
‫كتب العلوم أو صور األشعة أو ما ٌكون موضوع تشرٌح طبً ٌقول عنه مٌرلوبونتً " ٖ‪ ٛ‬ذاى‬
‫اير‪ ٟ‬ميهٓٓا َٔ َعسفت٘ عًِ ايتشس‪ٜ‬ح أ‪ ٚ‬بصف‪ ١‬اعِ طسم ايتخً‪ ٌٝ‬ايعاشي‪ ١‬إذ ْه‪ ٕٛ‬إشا‪ ٤‬زتُ‪ٛ‬ع‬
‫اعطا‪ ٤‬ي‪ٝ‬ظ يٓا عٓٗا أ‪ ٟ‬فهس‪ ٠‬يف ايتجسب‪ ١‬املباشس‪." ٠‬‬

‫بمعنى أبسط الجسد الموضوعً هو جسدي أنا كما ٌبدو لآلخرٌن ال كما ٌبدو لً أنا ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫الجسد الخاص ‪ :‬هو كتلة المشاعر واألحاسٌس والرغبات التً بها ومن خاللها أعٌش العالم و‬
‫أعً ذاتً فً العالم ضمن تجربة داخلٌة فٌكون هو أنا "أنا جسدي " ٌقول عنه مٌرلوبونتً ‪:‬‬
‫"إٕ جطد‪ ، ٟ‬اير‪ ٖٛ ٟ‬د‪َٚ‬ا َ‪ٛ‬ج‪ٛ‬د بايٓطب‪ ١‬إي‪َٓٚ ، ٞ‬دسط َع ذيو ‪ٚ‬ضط األش‪ٝ‬ا‪ ٤‬بس‪ٚ‬ابط‬
‫َ‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع‪ ١ٝ‬عد‪ ٠‬جيعًٗا َطتُس‪ ٠‬يف ت‪ٛ‬اجدٖا َع٘ ‪ٚ‬جيعًٗا مج‪ٝ‬عا ختفل بٓبط‪ ١‬دمي‪َٛ‬ت٘‪".‬‬

‫بمعنى أبسط الجسد الخاص هو جسدي أنا كما ٌبدو لً أنا ال كما ٌبدو لآلخرٌن ‪,‬أو‬
‫هو ذاته أنا ‪.‬‬
‫فعالقتً بالعالم – كوعً قصدي – أن ٌقصد األشٌاء لكن بتوسط الجسد الخاص بما هو مجال‬
‫اإلدراك و أداته ‪.‬‬

‫ولهذا الجسد الخاص خواصه التً بها ٌتعٌن كحامل للذات المدركة أو هو ٌقف معً قبالة العالم‬
‫أٌنما ولٌت وجهً ٌقول مٌرلوبونتً ‪ ":‬إٕ األْا بصفت٘ َسنصا تشع َٓ٘ املكاصد ‪ٚ‬ادتطد اير‪ٟ‬‬
‫حيًُٗا ‪ٚ‬امل‪ٛ‬ج‪ٛ‬دات ‪ٚ‬األش‪ٝ‬ا‪ ٤‬اييت تتج٘ إي‪ٗٝ‬ا ي‪ٝ‬طت عدمي‪ ١‬ايتُ‪ٝ‬ص بٌ إْٗا ي‪ٝ‬طت ض‪٣ٛ‬‬
‫قطاعات ثالث‪ ١‬ذتكٌ ‪ٚ‬ح‪ٝ‬د"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫وعلٌه فإن الجسد لم ٌعد مجرد شًء ملحق بالذات المفكرة أو هً تعلو علٌه لتدركه كما تدرك باقً‬
‫الموجودات بل إن عملٌة اإلدراك ال تتم إال به و ومن خالله ولٌس اإلدراك وحده محدد لمركزٌة‬
‫الجسد بل إن وجودنا ذاته ال ٌتحقق إال به وفٌه ‪.‬ذلك أن الجسد الخاص ٌتعٌن فً تجربة الوجود من‬
‫خالل خاصٌتٌن ‪:‬‬

‫‪ -‬خاصٌة انطولوجٌة ‪ :‬بما هو قوام وجودنا وما به نستمر فً وجودنا العالم ‪ٌ,‬قول‬
‫مٌرلوبونتً " فاضتُساز‪ٜ‬ت٘ – أ‪ ٟ‬ادتطد‪ -‬ي‪ٝ‬طت يف ايعامل بٌ َٔ ْاح‪ٝ‬يت "‪.‬‬
‫‪ -‬خاصٌة معرفٌة ‪ :‬بما أن جسدي الخاص هو أداة إدراكنا للعالم بما ٌملك من قدرة على‬
‫تغٌٌر عالم الظواهر " فًُا نإ جسح ‪ٜ‬ص‪ٝ‬ب ايع‪ٓٝ‬ني ناف يًكطا‪ ٤‬عً‪ ٢‬ايبصس نإ َعٓ‪٢‬‬
‫ذيو إذٕ أْٓا ْبصس َٔ خالٍ ادتطد ‪ٚ,‬ملا نإ َسض َا ‪ٜ‬هف‪ ٞ‬يتػ‪ٝ‬ري ايعامل ايظاٖسات‪ٞ‬‬
‫نإ َعٓ‪ ٢‬ذيو إٔ ادتطد ‪ٜ‬ك‪ ّٛ‬حاجصا ب‪ٓٓٝ‬ا ‪ٚ‬بني األش‪ٝ‬ا‪.." ٤‬فالجسد ٌقوم مقام "الزجاج‬
‫الملون "الذي ال ٌمنع ما تضٌئه المنارة لكنه ٌغٌر لونه ‪.‬انه لٌس مجرد وسٌط معرفً بل‬
‫هو ما ٌحدد المعرفة التً تنقلها الذات ‪.)un filtre et non pas un simple médiateur.( .‬‬

‫فبرح وٕخ ّٕٔق ٌٍـغذ خ‪ٛ‬حص حٔط‪ٌٛٛ‬ؿ‪١‬ش ‪ِٚ‬ؼشف‪١‬ش (حٌظ‪ ٟ‬وخٔض حٌفٍغفش حٌىالع‪١‬ى‪١‬ش) طّٕل‪ٙ‬خ ٌٍٕفظ ‪,‬ف‪ٙ‬زح‬
‫ِؼٕخٖ إٔٔخ ٔؼط‪ٌٍ ٟ‬ـغذ أوؼش ِٓ ِـشد ‪ٚ‬ع‪١‬ؾ ِؼشف‪ٚ.. ٟ‬حْ وخْ ٌ‪١‬ظ ِـشد ِ‪ٛ‬ػ‪ٛ‬ع وّخ وخْ ‪٠‬ؼظمذ‬
‫ػٍُ حٌٕفظ حٌىالع‪١‬ى‪ ( ٟ‬فشحٔض رشحٔظخٔ‪ٚ ٛ‬حٌمشظخٌط‪١‬ش ) رً ٘‪ ٛ‬حلشد ٌٍزحص حٌّذسوش أ‪ ٚ‬لً ٘‪ ٛ‬رحطٗ‬
‫حٌزحص حٌّذسوش ‪ ".‬إْين إذٕ جطد‪٠ " ٟ‬م‪ٛ‬ي ِ‪١‬شٌ‪ٛ‬ر‪ٔٛ‬ظ‪.. ٟ‬فل‪ ٓ١‬حل‪ ٛ‬الٔخ حِش‪ ٟ‬فـغذ‪ ٛ٘ ٞ‬حٌز‪ٞ‬‬
‫‪ّ٠‬ش‪ٚ ٟ‬ك‪ ٓ١‬أل‪ٛ‬ي أٔخ أفىش فخْ ؿغذ‪٠ ِٓ ٞ‬فىش ‪٘ٚ‬ىزح ٕٔشت و‪ٛ‬ؿ‪١‬ظ‪ ٛ‬ؿذ‪٠‬ذ ف‪ٌٕٛٛ١ِٕٛ١‬ؿ‪ِ ٟ‬شوضٖ‬
‫‪ِٚ‬ل‪ٛ‬سٖ حٌـغذ حٌخخص ‪ٔٚ.‬ئعظ ِغ ِ‪١‬شٌ‪ٛ‬ر‪ٔٛ‬ظ‪ ٚ ٟ‬حٌظخ٘شحط‪١‬ش ٌظظ‪ٛ‬س ؿذ‪٠‬ذ ٌٍزحص ٘‪ ٛ‬طظ‪ٛ‬س ‪:‬‬
‫انذاث انمتجسدة ‪.‬‬
‫فرانز برنتانو ‪ Franz Brentano‬معروفً عنه القول أن اإلدراك عملٌة خاطئة‪ .‬أ ّكد برٌنتانو بأن اإلدراك الحسً‬
‫الخارجً ال ٌمكن أن ٌخبرنا بأي شًء عن الوجود الفعلً للعالم الملموس‪ ،‬والذي ٌمكن ببساطة أن ٌكون مجرّد وهم‪ .‬مع‬
‫ذلك‪ٌ ،‬مكننا أن نكون مُتٌقّنٌن تماما ً من إدراكنا الداخلً‪ .‬عندما نسمع نغمة‪ ،‬ال ٌمكن أن نكون متأكدٌن تماما ً من وجودها‬
‫فً العالم الحقٌقً‪ ،‬لكننا متأكدون تماما ً من أننا نسمعها‪ ،‬وهذا الوعً‪ ،‬حقٌقة أننا نسمع‪ٌُ ،‬دعى اإلدراك الداخلً‪.‬‬
‫اإلدراك الخارجً‪ ،‬أي اإلدراك الحسً‪ ،‬ال ٌُقدم إال فرضٌات حول العالم الملموس‪ ،‬ولٌس ما هو علٌه ‪.‬‬

‫فسويد ‪ :‬اكتشاف الالوعي‬

‫ِغ فش‪٠ٚ‬ذ ٔفظظق رشحد‪٠‬غُ ؿذ‪٠‬ذ ف‪ِ ٟ‬مخسرش حإلٔغخْ ‪ٚ‬ف‪ ُٙ‬حٔ‪١‬ظٗ ‪,‬‬
‫ِمخسرش ػٍّ‪١‬ش ٘زٖ حٌّشس طظـخ‪ٚ‬ص وً ِلخ‪ٚ‬الص حٌفالعفش ‪.‬ففش‪٠ٚ‬ذ‬
‫سغُ طؤػشٖ رخٌفٍغفش ‪ٚ‬حؽالػٗ ػٍ‪ِ ٝ‬خ وظذ الس‪ٚ‬شف‪ٛ‬و‪( ٛ‬حٌمشْ‬
‫‪) َ 17‬ػٓ حٌذ‪ٚ‬حفغ حٌؼّ‪١‬مش ٌظظشفخطٕخ حٌظ‪ ٟ‬طخف‪ٚ ٟ‬سحث‪ٙ‬خ كذ‬
‫حٌزحص ‪ِٚ.‬خ وظذ ال‪٠‬زٕظض (حٌمشْ) ‪ 18‬ػٓ حٌّذسوخص حٌال‪ٚ‬حػ‪١‬ش‬
‫‪ٚ‬خخطش ِخ وظزٗ ش‪ٛ‬رٕ‪ٙ‬خ‪ٚ‬س (حٌمشْ ‪ )19‬ف‪ ٟ‬وظخرٗ حٌش‪١ٙ‬ش "حٌؼخٌُ‬
‫‪19‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫رّخ ٘‪ ٛ‬اسحدس ‪ٚ‬طّؼً" ‪ٚ‬حٌز‪ ٞ‬حعظخٍض ف‪ٚ ٗ١‬ؿ‪ٛ‬د "اسحدس خف‪١‬ش ػّ‪١‬خء" طلىُ عٍ‪ٛ‬وٕخ ‪ ٟ٘ٚ ,‬حٌظ‪ ٟ‬فغش‬
‫ر‪ٙ‬خ ظخ٘شس حٌـٕ‪ ْٛ‬كظ‪ ٝ‬أْ فش‪٠ٚ‬ذ ػٍك رؼذ رٌه حٔٗ ٌ‪ ٛ‬أطُ لشحءس ِخ وظذ ش‪ٛ‬رٕ‪ٙ‬خ‪ٚ‬س ٌظخس ف‪ٍ١‬غ‪ٛ‬فخ‬
‫‪ٚ‬حٔٗ ‪٠‬شغذ ف‪ِ ٟ‬مخسرش ػٍّ‪١‬ش ٌ‪ٙ‬زٖ حٌظخ٘شس ‪.‬‬

‫ٌقول فروٌد فً كتابه " مشكلة التحلٌل النفسً" ‪ " :‬إٕ َشاٖري ايفالضف‪ ١‬ميهٔ االضتشٗاد بِٗ ‪ٚ‬ذيو‬
‫ب‪ٛ‬صفِٗ ز‪ٚ‬ادا ‪ٚ‬خباص‪ ١‬املفهس ايعظ‪ ِٝ‬ش‪ٛ‬بٓٗا‪ٚ‬ز اير‪ ٟ‬ميهٔ ‪ٚ‬ضع اإلزاد‪ ٠‬ايالشع‪ٛ‬ز‪ ١ٜ‬عٓد‪ ٙ‬عً‪٢‬‬
‫قدّ املطا‪ٚ‬ا‪َ ٠‬ع ايد‪ٚ‬افع االْفعاي‪ ١ٝ‬يف ايتخً‪ ٌٝ‬ايٓفط‪." ٞ‬‬

‫حفظظق فش‪٠ٚ‬ذ لخسس حٌال‪ٚ‬ػ‪( ٟ‬حٌظ‪ ٟ‬وخٔض كغزٗ ػخٌغ أػظُ ‪ٚ‬حخطش ػ‪ٛ‬سس ػٍّ‪١‬ش رؼذ حٌؼ‪ٛ‬سط‪ٓ١‬‬
‫حٌى‪ٛ‬عّ‪ٌٛٛ‬ؿ‪١‬ش ِغ و‪ٛ‬رشٔ‪١‬ى‪ٛ‬ط(ق ‪ٚ )17‬حٌز‪ٌٛٛ١‬ؿ‪١‬ش ِغ دحس‪(ٓ٠ٚ‬ق ‪ ِٓ ) )19‬خالي حٔشغخٌٗ رؼٍ‪َٛ‬‬
‫ػالػش أعظ ِٓ خالٌ‪ٙ‬خ ِذسعش ؿذ‪٠‬ذس ف‪ ٟ‬ػٍُ حٌٕفظ عّخ٘خ مدرست انتحهٍم انىفسً ‪la psychanalyse‬‬
‫٘زٖ حٌؼٍ‪ َٛ‬حٌؼالػش ٘‪ : ٟ‬ػٍُ حألػظخد – حٌطذ حٌٕفغ‪ – ٟ‬ػٍُ حٌٕفظ حٌؼخَ ‪ٌ .‬زح ع‪١‬ظخٍ‪ ٝ‬فش‪٠ٚ‬ذ ػٓ‬
‫ِفخ٘‪ ُ١‬حٌفالعفش ‪ِٕٚ‬خ٘ؾ طلٍ‪ٕ٠ٚ ٍُٙ١‬ظش ٌٍٕفظ حإلٔغخٔ‪١‬ش ٘زٖ حٌّشس ال ػٍ‪ ٝ‬أٔ‪ٙ‬خ س‪ٚ‬ف أ‪ ٚ‬ؿ‪٘ٛ‬ش‬
‫س‪ٚ‬كخٔ‪ ٟ‬رً ػٍ‪ ٝ‬أٔ‪ٙ‬خ جهاس وفسً ‪ٚ (. appareil psychique .‬ػزخسس ؿ‪ٙ‬خص ‪٠‬ل‪ٍٕ١‬خ ػٍ‪ِٕ ٝ‬ظ‪ِٛ‬خص‬
‫حٌـغذ ‪١ِٚ‬ىخٔ‪١‬ضِخطٗ حٌظ‪ ٟ‬كذدط‪ٙ‬خ ػٍ‪ َٛ‬طل‪١‬لش ِؼً حٌف‪١‬ض‪ٌٛٛ٠‬ؿ‪١‬خ ‪ ٚ‬حٌز‪ٌٛٛ١‬ؿ‪١‬خ ‪ٚ‬حٌطذ ‪ٚ‬ػٍُ‬
‫حألػظخد ‪ِ..‬ؼً حٌـ‪ٙ‬خص حٌؼظز‪ٚ ٟ‬حٌـ‪ٙ‬خص حٌغذ‪ٚ ٞ‬حٌـ‪ٙ‬خص حٌؼظّ‪ ٟ‬حٌخ‪ِ )..‬ى‪ٔٛ‬خص ٘زح حٌـ‪ٙ‬خص‬
‫حٌٕفغ‪ ٟ‬حٌـذ‪٠‬ذ ػالػش ‪ :‬حألٔخ ‪ ٚ‬حٌ‪ٚ ٛٙ‬حالٔخ حألػٍ‪ ٝ‬سطز‪ٙ‬خ فش‪٠ٚ‬ذ كغذ ِظ‪ٛ‬حٌ‪١‬ش صِٕ‪١‬ش ‪ٚ‬ر‪ٌٛٛ١‬ؿ‪١‬ش ف‪ٟ‬‬
‫وظخرٗ ِخظظش ػٍُ حٌٕفظ حٌظلٍ‪ ٍٟ١‬ػٍ‪ ٝ‬حٌٕل‪ ٛ‬حٌظخٌ‪: ٟ‬‬
‫‪ -‬انهى ‪le ça :‬‬
‫٘‪ ٛ‬ألذَ حٌّٕخؽك أ‪ ٚ‬حٌّٕظّخص ‪ٕ٠‬شخ ٌذ‪ ٜ‬حإلٔغخْ ِٕز ‪ٚ‬الدطٗ الْ ِؼّ‪ ٗٔٛ‬ؿٍّش حٌشغزخص ‪ٚ‬حٌذ‪ٚ‬حفغ‬
‫حٌغش‪٠‬ض‪٠‬ش حٌفطش‪٠‬ش ‪.‬غ‪١‬ش أْ فش‪٠ٚ‬ذ ‪٠‬خظظش٘خ ف‪ ٟ‬غش‪٠‬ضط‪ ٓ١‬غ‪١‬ش ِمز‪ٌٛ‬ظخْ حؿظّخػ‪١‬خ ٘‪ ٟ‬حٌغش‪٠‬ضس‬
‫حٌـٕغ‪١‬ش (ح‪٠‬ش‪ٚ‬ط ) ‪ٚ‬حٌغش‪٠‬ضس حٌؼذ‪ٚ‬حٔ‪١‬ش ( طٕخط‪ٛ‬ط)‪.‬‬
‫‪٠‬م‪ٛ‬ي فش‪٠ٚ‬ذ ‪ ":‬أطًكٓا عً‪ ٢‬أقدّ ٖر‪ ٙ‬املٓاطل أ‪ ٚ‬املٓظُات اضِ اهل‪َٚ ٛ‬طُ‪ ْ٘ٛ‬نٌ َا حيًُ٘‬
‫ايها‪ ٔ٥‬عٓد ‪ٚ‬الدت٘ ‪ٚ‬نٌ َا حدد‪ ٙ‬ته‪ ٜ٘ٓٛ‬فٗ‪ ٛ‬إذٕ ايد‪ٚ‬افع ايصادز‪ ٠‬عٔ ايتٓظ‪ ِٝ‬ادتطُ‪." ٞ‬‬

‫‪٠ٚ‬غظذي فش‪٠ٚ‬ذ ػٍ‪ٚ ٝ‬ؿ‪ٛ‬د حٌ‪ ٛٙ‬أ‪ ٚ‬حٌال‪ٚ‬ػ‪ ٟ‬رّخ ‪٠‬لذع ِٓ ػغشحص ف‪ِٕ ٟ‬طمش حٌ‪ٛ‬ػ‪ِ ٟ‬ؼً صالص‬
‫حٌٍغخْ ‪٘,‬ف‪ٛ‬حص حٌفؼً ‪,‬حألكالَ ‪ ,‬أكالَ حٌ‪١‬مظش ‪ٚ‬فمذحْ حٌزحوشس حٌطف‪.. ٌٟٛ‬‬

‫‪20‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪ -‬األوا ‪le moi :‬‬


‫٘‪ ٛ‬حٌـضء حٌ‪ٛ‬حػ‪ ِٓ ٟ‬ك‪١‬خطٕخ حٌٕفغ‪١‬ش ‪ٚ‬حٌّفظ‪ٛ‬ف ػٍ‪ ٝ‬حٌؼخٌُ حٌخخسؿ‪٠ ٟ‬ؼظزشٖ فش‪٠ٚ‬ذ ػخٔ‪ ٟ‬حٌّٕظّخص‬
‫ٌٍـ‪ٙ‬خص حٌٕفغ‪ ٛ٘ٚ ٟ‬ف‪ ٟ‬حألطً ؿضء ِٓ حٌ‪٠ ٛٙ‬ظط‪ٛ‬س ف‪ ٟ‬ػاللش رخٌّـظّغ أ‪ ٞ‬ؿٍّش حٌشغزخص ‪ٚ‬حٌذ‪ٚ‬حفغ‬
‫حٌظ‪٠ ٟ‬مزً ر‪ٙ‬خ حٌّـظّغ ‪ٚ‬حٌظ‪ّ٠ ٟ‬ىٓ أْ طظّظ‪ٙ‬ش ف‪ ٟ‬عٍ‪ٛ‬وخطٕخ حٌ‪١ِٛ١‬ش ‪ٚ‬حٌؼخد‪٠‬ش ‪ٚ‬حٌّ‪١ٕٙ‬ش رً ‪ٚ‬كظ‪ٝ‬‬
‫حٌؼمخف‪١‬ش ‪ٚ‬حٌفٕ‪١‬ش ‪٠...‬م‪ٛ‬ي ػٕٗ فش‪٠ٚ‬ذ ‪ٜ ":‬تط‪ٛ‬ز جص‪ َٔ ٤‬اهل‪ٚ ٛ‬فل ْٗج شتصص حتت تأثري ايعامل‬
‫ارتازج‪ ٞ‬امل‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع‪ ٞ‬اير‪ ٟ‬حي‪ٝ‬ط بٓا ‪ٜٓٚ‬شأ‪..‬تٓظ‪ ِٝ‬خاص ‪ٜ‬ه‪ َٔ ٕٛ‬ذيو اذتني ‪ٚ‬ض‪ٝ‬طا بني اهل‪ٛ‬‬
‫‪ٚ‬ايعامل ارتازج‪ْ.. ٞ‬طًل عً‪ ٘ٝ‬اضِ األْا "‪.‬‬

‫‪ -‬األوا األعهى ‪le sur- moi :‬‬


‫٘‪ ٛ‬آخش ِٕظّخص حٌـ‪ٙ‬خص حٌٕفغ‪ – ٟ‬وخْ فش‪٠ٚ‬ذ ‪٠‬غّ‪ِ ٗ١‬خ لزً حٌ‪ٛ‬ػ‪٠ – ٟ‬ظ‪ٙ‬ش ٌذ‪ ٜ‬حٌطفً ِٕز حٌخخِغش‬
‫أ‪ ٚ‬حٌغخدعش ‪ِ ٛ٘ٚ‬خ ِٓ خالٌٗ ‪٠‬غظزطٓ حٌطفً أ‪ٚ‬حِش ‪ٚ‬حٌذ‪ٍ٠ , ٗ٠‬ؼذ حألٔخ حألػٍ‪ ٝ‬د‪ٚ‬س حٌشل‪١‬ذ‬
‫حالؿظّخػ‪ ٟ‬أ‪ ٚ‬حٌؼّ‪١‬ش حألخالل‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬حألٔخ ‪ ٚ‬ال ‪٠‬غّق رظظش‪٠‬ف رؼغ حٌشغزخص اال ربرٔٗ ‪ٚ‬حْ ػظ‪ٝ‬‬
‫حألٔخ أ‪ٚ‬حِش حألٔخ حألػٍ‪٠ ٝ‬غٍؾ ػٍ‪٘ ٗ١‬زح حألخ‪١‬ش ِشخػش حٌزٔذ ‪ٚ‬حٌذ‪١ٔٚ‬ش ‪٠ .‬م‪ٛ‬ي ػٕٗ فش‪٠ٚ‬ذ ‪ٜ ":‬شٗد‬
‫ايفسد ‪ ٖٛٚ..‬يف ط‪ٛ‬ز ايُٓ‪ ٚ ٛ‬ط‪ٛ‬اٍ فرت‪ ٠‬ايطف‪ٛ‬ي‪ ١‬اييت جيتاشٖا ‪ ٖٛٚ‬يف حاي‪ ١‬تبع‪ ١ٝ‬ي‪ٛ‬ايد‪ٜ٘‬‬
‫ْشأ‪َٓ ٠‬ظُ‪ ١‬شتص‪ٛ‬ص‪ ١‬يف األْا ‪ٜ‬ت‪ٛ‬اصٌ َٔ خالهلا تأثري اي‪ٛ‬ايد‪ٖ ٜٔ‬ر‪ ٙ‬املٓظُ‪ ٖٞ ١‬األْا‬
‫األعً‪" ٢‬‬

‫‪ٌ ٚ‬ف‪ِٛ ُٙ‬ػؼش ٘زٖ حٌّٕظّخص ‪ٚ‬د‪ٚ‬س٘خ ‪ّ٠‬ىٕٕخ اْ ٔؼ‪ٛ‬د حٌ‪ِ ٝ‬ـخص جبم انجهٍد حٌز‪ ٞ‬حعظؼٍّٗ فش‪٠ٚ‬ذ‬
‫‪:‬‬

‫‪ٚ‬ػٍ‪ٔ ٗ١‬ف‪ ُٙ‬حٌل‪١‬خس حٌٕفغ‪١‬ش ٌإلٔغخْ كغذ فش‪٠ٚ‬ذ ‪ٚ‬فك‬


‫حٌّزخدة حٌظخٌ‪١‬ش حٌظ‪ ٟ‬لخَ ػٍ‪ٙ١‬خ حٌظلٍ‪ ً١‬حٌٕفغ‪: ٟ‬‬
‫‪ -‬حإل‪ّ٠‬خْ ر‪ٛ‬ؿ‪ٛ‬د ك‪١‬خس ٔفغ‪١‬ش ال‪ٚ‬حػ‪١‬ش ‪ٌُ " -‬‬
‫‪٠‬ؼذ حألٔخ ع‪١‬ذح كظ‪ ٝ‬ف‪ ٟ‬ر‪١‬ظٗ " ‪.‬‬
‫‪ٕ٠ -‬غذ حٌ‪ٛ‬ػ‪ٌٍ ٟ‬ظظشفخص حٌظ‪٠ ٟ‬لذد٘خ‬
‫حٌال‪ٚ‬ػ‪ ٟ‬د‪ٚ‬حفغ ‪١ّ٘ٚ‬ش ‪ٚ‬خ‪١‬خٌ‪١‬ش ٘ذف‪ٙ‬خ‬
‫حألعخع‪ ٟ‬طزش‪٠‬ش حٌغٍ‪ٛ‬ن ‪".‬حٌ‪ٛ‬ػ‪٠ ٟ‬زم‪ٛ٘ ٝ‬‬
‫حٌٕ‪ٛ‬س حٌ‪ٛ‬ك‪١‬ذ حٌز‪ٙ٠ ٞ‬ذ‪ٕ٠‬خ ف‪ ٟ‬ظٍّخص حٌل‪١‬خس‬
‫حٌٕفغ‪١‬ش"‪.‬‬
‫‪ -‬اػطخء حألّ٘‪١‬ش ٌٍل‪١‬خس حٌـٕغ‪١‬ش ‪ٌٚ‬ؼمذس أ‪ٚ‬د‪٠‬ذ‬
‫‪ -.‬حٌٍ‪١‬ز‪١‬ذ‪.libido ٚ‬‬
‫‪٠ -‬خؼغ حٌ‪ٛ‬ػ‪ٌ ٟ‬ؼغؾ ػالع ل‪ ٜٛ‬ػٍ‪ ٗ١‬أْ‬
‫‪٠‬ؼذي ر‪ٕٙ١‬خ ٘‪ ٟ‬حٌ‪ٚ ٛٙ‬حألٔخ حألػٍ‪ٚ ٝ‬حٌؼخٌُ حٌخخسؿ‪ٟ‬‬
‫) حٌىزض ‪ٚ‬حٌظزش‪٠‬ش‬ ‫‪٠ -‬ؼضص حٌ‪ٛ‬ػ‪ ٟ‬دفخػٗ رّٕظ‪ِٛ‬ش دفخػ‪١‬ش طغّ‪١ِ" ٝ‬ىخٔ‪١‬ضِخص حٌذفخع "‪.‬‬
‫‪ٚ‬حإلػالء ‪ ٚ‬حٌشؼ‪ٛ‬س رخٌزٔذ ‪...‬حٌخ)‬

‫‪21‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪ٚ‬سرّخ ِخ ػضص حٌّ‪ٛ‬لف حٌفش‪٠ٚ‬ذ‪ ٞ‬حٔٗ حعظفخد ِٓ ٘زٖ حٌظلٍ‪١‬الص ف‪ ٟ‬ططز‪١‬مخطٗ حٌؼالؿ‪١‬ش ‪ٚ‬سرّخ‬
‫حٌؼىظ أ‪٠‬ؼخ طل‪١‬ق حعظٕظخؽ ِخ ‪٠‬ىشف ػٕٗ حٌظلٍ‪ ً١‬حٌؼالؿ‪ٚ ٟ‬طل‪ ٍٗ٠ٛ‬حٌ‪ ٝ‬حٌٕظش‪٠‬ش ‪ِ (..‬ؼٍّخ‬
‫الكع رٌه فش‪ َٚ‬ف‪ٔ ٟ‬مذٖ ألعظخرٖ رخظ‪ٛ‬ص ػمذس ح‪ٚ‬د‪٠‬ذ حٌظ‪ ٟ‬حوظشف‪ٙ‬خ فش‪٠ٚ‬ذ أػٕخء ػالؿٗ ٌ‪ٙ‬خٔض‬
‫حٌظغ‪١‬ش حرٓ أخظٗ أ‪ِ ٚ‬خ وشف ػٕٗ ف‪ٛ‬و‪ ِٓ ٛ‬أْ حألٔخ حألػٍ‪ ٝ‬حعظٕزطٗ فش‪٠ٚ‬ذ أػٕخء ػالؽ اكذ‪ٜ‬‬
‫ِش‪٠‬ؼخطٗ ) ‪.‬‬

‫"مث‪ ١‬ق‪َ ٍٛ‬أث‪ٛ‬ز ‪ٜٓ‬صح‬


‫ال خيدّ ض‪ٝ‬د‪ٜٔ‬‬ ‫اإلْطإ بأ ّ‬
‫يف إٓ ‪ٚ‬احد‪ ٚ .‬األَس‬
‫أدٖ‪ٚ ٢‬أض‪ٛ‬أ بهجري‬
‫بايٓطب‪ ١‬إىل األْا‬
‫املطهني إذ عً‪ ٘ٝ‬إٔ‬
‫خيدّ ثالث‪ ١‬أض‪ٝ‬اد قطا‪،٠‬‬
‫‪ ٖٛٚ‬جيٗد ْفط٘‬
‫يًت‪ٛ‬ف‪ٝ‬ل بني َطايبِٗ ‪.‬‬
‫‪ٖٚ‬ر‪ ٙ‬املطايب َتٓاقط‪١‬‬
‫د‪َٚ‬ا‪ٚ ،‬نجريا َا ‪ٜ‬بد‪ٚ‬‬
‫ايت‪ٛ‬ف‪ٝ‬ل ب‪ٗٓٝ‬ا َطتخ‪ٝ‬ال‪...‬‬
‫‪ٖٚ‬ؤال‪ ٤‬املطتبد‪ ٕٚ‬ايجالث‪١‬‬
‫ِٖ ايعامل ارتازج‪ٞ‬‬
‫‪ٚ‬األْا األعً‪ ٚ ٢‬اهل‪."ٛ‬‬
‫فزويد‬

‫‪22‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪- 3‬اإلنية يف التاريخ ‪:‬ذتظة تشكل الوعي باألخز ‪ /‬الوعي يف األخز‪.‬‬

‫‪cum‬‬ ‫حٌ‪ٛ‬ػ‪ ٟ‬ف‪ِ ٟ‬ؼٕخٖ حٌؼخَ ‪ٚ‬حالشظمخل‪ ٟ‬وّخ ‪ٚ‬سد ف‪ ٟ‬حٌّ‪ٛ‬ع‪ٛ‬ػش حٌى‪١ٔٛ‬ش ػزخسس ِٓ أطً الط‪ٟٕ١‬‬
‫‪ scientia‬وتعنً المعرفة بالموضوع والذات معا أو بمعنى أدق تمثل الذات فً سٌاق الموضوعات وفً إدراك‬
‫للمكان والزمان ‪.‬وهً فً المعجم الفلسفً لجمٌل صالٌبا "ملكة لإلنسان لمعرفة واقعه الخاص والحكم علٌه "‪.‬‬

‫‪Le mot latin conscientia est naturellement décomposé en « cum scientia ». Cette étymologie‬‬
‫‪suggère non seulement la connaissance de l'objet par le sujet, mais que cet objet fait toujours‬‬
‫‪référence au sujet lui-même. Le terme allemand Bewusstsein comporte la même résonance de‬‬
‫‪"sens.‬‬
‫من موقع الموسوعة الكونٌة ‪https://www.universalis.fr/encyclopedie/conscience/‬‬

‫‪-1679‬‬‫هذه العبارة ٌمكن اعتبارها فلسفٌا إبداع ألمانً صرف و أول من استعملها أستاذ كانط كرٌستٌان وولف (‬
‫‪ )1754‬وكان ٌعنً بها المعرفة بالذات كتمثل وتمٌٌز بٌن كثرة من الموضوعات فً الزمن وهذا التحدٌد سٌضل‬
‫مالزما لمختلف نظرٌات الوعً من بعده ‪..‬عند كانط وهٌجل وماركس و هوسرل وحتى نٌتشه الخ‪...‬‬

‫هيجل ‪ :‬الوعي بالذات من خالل األخز‪ /‬جدلية السيد والعبد‪:‬‬

‫(مبدأ االنانة‬ ‫ٌرى هٌقل أن فعل الوعً بالذات مثلما تحقق مع دٌكارت كفعل انسجام مع الذات‬
‫أواالنا أفكر المتعالٌة ) هو فً الحقٌقة فعل انشطار ‪ ،‬بما أن ماهٌة الوعً بالذات فً انعكاس األنا‬
‫على ذاته انطالقا من إقصاء اآلخر الذي ٌمثله الجسد والعالم الخارجً‪.‬‬
‫و فعل انشطار الذات ٌتمثل فً اعتبارها فً ذات الوقت ذاتا عارفة و ذات ا موضوع للمعرفة ‪ ،‬و‬
‫بما أن ك ّل من الذات العارفة و الموضوع ٌمثل ذاتا فً حقٌقته بذاته ‪ ,‬فإننا نكون إزاء ذاتٌن تدعً‬
‫ك ّل واحدة منهما أنها "الوعً بالذات " البسٌط و أن اآلخر هو الموضوع‪ ،‬و هذا ٌعنً أن فعل‬
‫الوعً بالذات ال ٌتح ّدد إال بواسطة اآلخر لذلك ٌجب على الوعً بالذات أن ٌحافظ على اآلخر إذا‬
‫أراد أن ٌحقق وعٌه بذاته كذات واعٌة أو ك"وعً بالذات مستقل" كما ٌسمٌه هٌجل‪.‬‬

‫ٌقول هٌقل ‪ " :‬إٕ اي‪ٛ‬ع‪ ٞ‬بايرات ٖ‪ ٛ‬أ‪ٚ‬ال ‪ٚ‬ج‪ٛ‬د يرات٘ بط‪ٝ‬ط ‪ٜٓ‬ف‪ َٔ ٞ‬ايرات نٌ َا ٖ‪ ٛ‬آخس فُاٖ‪ٝ‬ت٘‬
‫‪َٛٚ‬ض‪ٛ‬ع٘ املطًل ُٖا بايٓطب‪ ١‬إي‪ ٘ٝ‬األْا ‪..‬أَا َاٖ‪ ٛ‬اآلخس بايٓطب‪ ١‬إي‪ ٘ٝ‬فٗ‪ ٛ‬باعتباز‪َٛ ٙ‬ض‪ٛ‬عا‬
‫عازضا َ‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع َ‪ٛ‬ض‪ ّٛ‬بايطًب‪ ١ٝ‬غري إٔ اآلخس ٖ‪ ٛ‬أ‪ٜ‬طا ‪ٚ‬ع‪ ٞ‬برات٘ "‬

‫و لكن صراع الذاتٌن من أجل تحقٌق نفس الرغبة ٌؤدي إلى تنازل أحد الح ّدٌن على النظر إلى‬
‫تعالٌه بالنسبة إلى اآلخر كشرط لتحقٌق كٌانه و بهذا التنازل ٌحصل االعتراف الذي تعبر عنه‬
‫الجدلٌة الشهٌرة السٌّد والعبد‪ ،‬و فً هذا االعتراف المتبادل ٌحمل الوعً بذاته بذرة الفشل الذي‬
‫سٌكابده فً هذه التجربة إذ أن االعتراف المتبادل ال ٌتحقق بما أن السٌد ٌحقق اعتراف وعً غٌر‬
‫مكافئ له‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫وجدلٌة السٌد والعبد رغم‬


‫الفشل الذي انتهت إلٌه تبٌن‬
‫لنا مع هٌقل أن اآلخر‬
‫ضروري لتحقٌق الوعً‬
‫بالذات وأن ك ّل تعالً على‬
‫اآلخر ٌؤدي إلى فشل الذات‬
‫فً تحقٌق انٌتها فوجودي هو‬
‫بالضرورة وجود مع اآلخر‬
‫الذي ٌنافسنً على اإلنسانٌة‬
‫هذا الكونً الذي ترنو إلٌه‬
‫فردٌتً و الذي ٌمثل فً‬
‫معنى ما حركة تضمٌن‬
‫الفردٌة أو الخصوصٌة لذلك‬
‫فإن عالقتً باآلخر تقوم‬
‫بالضرورة فً إطار وساطة‬
‫ما‪ ،‬و هذه الوساطة ٌجب أن‬
‫تكون محاٌدة وإالّ ٌترك‬
‫التواصل مكانه إلى الصراع‪.‬‬

‫نستنتج مع هٌقل ‪:‬‬

‫إن الذات ال تحقق وعٌها بذاتها إال بموجب الوعً باآلخر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إن تملك الوعً بالذات (الحرٌة) ال ٌكون إال عبر الصراع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن الصراع ال ٌمكن أن ٌتأبد بل ال بد أن ٌنتهً الى لحظة اعتراف ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لحظة االعتراف المتبادل هً "عالقة بٌنذاتٌة " ٌنتهً معها اغتراب الذات ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫لكن ‪ :‬هذه األطروحة الهٌقلٌة ما تزال تسبح فً فضاء التراث الفلسفً المثالً المتعالً عن الواقع‬
‫التارٌخً بالرغم من عقالنًتها ذلك أن الواقع الذي تتحدث عنه هو مجرد واقع عقالنً ولٌس‬
‫واقعا تارٌخٌا مادٌا ف "ما هو كائن لٌس إال العقل نفسه" كما ٌقول هٌقل و ألن "كل ما هو عقلً‬
‫هو واقعً وكل ما هو واقعً عقلً " والفٌلسوف " كبومة مٌنٌرفا ال تبدأ الطٌران إال عند حلول‬
‫اللٌل "‪ .‬وهو ما سٌدفع تلمٌذه ماركس الى التمرد على أستاذه وقلب جدله "لٌستوي على قدمٌه" ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫ماركس ‪ :‬الوعي االجتناعي‬

‫إن الفهم المادي للتارٌخ كما ٌقترحه كارل ماركس ٌعنً اإلقرار بأسبقٌة‬
‫الممارسة العملٌة على أشكال الوعً فً تحدٌد طبٌعة الواقع االجتماعً‬
‫وأشكال الوعً‬ ‫وشبكة العالقات التً تقوم بٌن اإلنسان و اإلنسان‬
‫االجتماعً التً بها ٌتمثلون ذلك الواقع وٌفهمونه‪ .‬و ذلك معنى قلب‬
‫الجدل الهٌقلً ‪ ,‬فهٌقل كان ٌتحدث عن جدل الفكرة أو ما سماه الروح فً‬
‫التارٌخ بٌنما ماركس أعطى أولوٌة لحركة المادة أو الواقع المادي‬
‫االجتماعً‪.‬‬

‫فكل مجتمع ٌقوم على قاعدة اقتصادٌة تتحدد انطالقا من طبٌعة القوى‬
‫المادٌة و البشرٌة المعتمدة فً اإلنتاج االقتصادي وطبٌعة عالقات‬
‫الملكٌة التً تقترن بها ‪.‬وٌسمٌها ماركس "البنٌة التحتٌة"‪.‬‬
‫و الممارسة العملٌة (البراكسٌس) التً ٌنتجها البشر فً عالقة بالطبٌعة من جهة وفٌما بٌنهم من‬
‫جهة أخرى هً التً تحدد اإلطار الموضوعً لنشأة أشكال "الوعً االجتماعً"‪ .‬هذا الوعً ٌسمٌه‬
‫ماركس " البنٌة الفوقٌة" ‪.‬‬

‫وعلٌه فإن الوعً االجتماعً كبنٌة فوقٌة هو نتاج العالقات االجتماعٌة بما هً بنٌة تحتٌة ‪.‬‬

‫ٌقول ماركس‪ «:‬لٌس وعً األفراد هو الذي ٌحدد وجودهم بل وجودهم االجتماعً هو الذي ٌحدد‬
‫وعٌهم»‪.‬‬

‫إن هذه الرؤٌة للعالم التً تسود مجتمع ما أثناء لحظة معٌنة من تارٌخ ه هً تعبٌرعن طبٌعة‬
‫اإلنتاج االقتصادي لذلك المجتمع وبنٌته الطبقٌة وصراع المصالح داخله هً ما ٌسمٌه ماركس‬
‫اإلٌدٌولوجٌا‪ .‬غٌر أن اإلٌدٌولوجٌا فً نظره ترتبط بوعً زائف ٌعوق األفراد عن فهم واقعهم‬
‫االجتماعً على نحو موضوعً لتكرس خضوعهم للقوى المهٌمنة اقتصادٌا فً ذلك المجتمع خدمة‬
‫لمصالحها‪ .‬فالفرد الذي ٌتملك وعٌه بذاته ال ٌتملكه كمجرد فكرة كما كان ٌرى هٌقل بل كواقع‬
‫موضوعً ضمن عالقات إنتاج اجتماعٌة تجعله ٌعً اللحظة فال ٌكتفً فقط بمجرد تأوٌلها بل أٌضا‬
‫واالهم تغٌٌرها ومن ثم تغٌٌر واقعه الخاص ‪.‬لذا كانت مهمة فلسفة ماركس كما سٌعلن ذلك فً‬
‫األطروحة ‪ 11‬من أطروحاته حول فوٌرباخ "لم ٌفعل الفالسفة الى الٌوم سوى تأوٌل الواقع بطرق‬
‫مختلفة والمهم اآلن تغٌٌره "‪.‬والتغٌٌر هنا ٌعنً الثورة على الواقع الزائف والوعً الزائف واقع‬
‫عالقات اإلنتاج التً تستغله وتضطهده ‪.‬ف " لكً نجعل من القمع اشد قمعا ٌجب أن نضٌف إلٌه‬
‫وعً القمع " كما ٌقول ماركس‪.‬‬

‫إذن اإلنسان فً فلسفة ماركس براكسٌس ‪ٌ praxis‬عمل على صناعة واقعه عبر الوعً به وعٌا‬
‫حقٌقٌا ومن ثم تغٌٌره ذلك هو الوعً بالذات التارٌخً والحقٌقً لإلنسان‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫ادغار موران ‪ :‬ختصيب عالقة اإلنية والػريية أو الذاتية املشرتكة ‪.‬‬

‫إذا عدنا إلى الوصف الهٌقلً للصراع حتى الموت من أجل االعتراف‬
‫فإنه ال ٌقدم صورة واقعٌة عن طبٌعة العالقة بٌن الذوات الواعٌة‪ ،‬و ال‬
‫ٌأخذ فً االعتبار تعـدد أوجه العـالقة مع الغٌـر و التً تتخذ أبعادا‬
‫متعددة‪ .‬ذلك أن اآلخر أو الموضوع فً تصور هٌقل ٌضل هذا المختلف‬
‫حتى وان أقمت معه عالقة بٌنذاتٌة وان اعترف كل منا باألخر فهو‬
‫ٌضل هذا الغرٌب بالنسبة لً ‪.‬‬
‫غٌر أن اإلنسان ٌحمل فً الواقع طبٌعة مركبة حسب ادغار موران ما ٌؤكد على العالقة الجدلٌة‬
‫معناه أن‬ ‫بٌن اإلنٌة والغٌرٌة فهً لٌست فقط عالقة صداقة بل هً أٌضا عالقة عداوة‪ ،‬هذا ما‬
‫جدلٌة اإلنٌة والغٌرٌة تسكن اإلنسان فً سٌاق لعبة المماثل والمختلف ‪.‬‬
‫ٌقول ادغار موران ‪ " :‬ايػري ٖ‪ ٛ‬يف ْفظ اي‪ٛ‬قت املُاثٌ ‪ٚ‬املبا‪ ٜٔ‬ي‪ ٞ‬اْ٘ املُاثٌ بطُات٘‬
‫اإلْطاْ‪ ١ٝ‬أ‪ ٚ‬ايجكاف‪ ١ٝ‬املشرتن‪ٚ ١‬املبا‪ ٜٔ‬خبصا‪٥‬ص٘ ايفسد‪ ١ٜ‬أ‪ ٚ‬فس‪ٚ‬ق٘ ايعسق‪ٚ ١ٝ‬يف اذتك‪ٝ‬ك‪١‬‬
‫حيٌُ ايػري املبا‪ٚ ١ٜٓ‬املُاثً‪ ١‬يف ذات٘"‬

‫اإلنسان عند موران كائن مركب ‪:‬‬


‫ف‬

‫م ماثل ‪ :‬اإلنسان ٌتشابه مع اإلنسان من حٌث الخصائص اإلنسانٌة‪ ،‬أي هناك تماثل بٌن‬
‫اإلنسان واإلنسان على مستوى التركٌبة البٌولوجٌة‪ ،‬و الطبٌعة البشرٌة وعلى مستوى الثقافة‪.‬أي‬
‫كل منا له نفس الهٌئة والشكل وله عقل وٌتكلم لغة وله معتقد ‪..‬الخ‪..‬‬

‫مباٌن ‪ :‬أي مختلف والمختلف المغاٌر لً ‪ /‬غٌر متطابق معً‪،‬على مستوى العرق‪ ،‬الدٌن‪،‬‬
‫اللغة‪ .‬أي أن كل إنسان له خصوصٌة تمٌزه عن غٌره من جهة اللون أو الدٌن أو الثقافة ‪..‬الخ‬

‫يقول موران‪ « :‬وتسمح لنا خاصٌة الذات من إدراكه فً تشابهه وتباٌنه‪..‬إن الذات بطبعها مغلقة‬
‫ومفتوحة »‪.‬وفً هذه العالقة الملتبسة قد ٌظهر لنا الغٌر صدٌقا أو عدوا ‪..‬‬

‫ولكن ضمن أٌة شروط تتحدد الصداقة والعداوة ؟‬

‫‪ -‬جواب أول ‪:‬عندما تتمركز الذات حول ذاتها فإن ذلك ٌفضً إلى إقصاء اآلخر« مركزٌة‬
‫الذات = تعالً وإقصاء للغٌر »‪ ,‬عندها نرى اآلخر عدواّ‪.‬‬
‫‪ -‬جواب ثان ‪ :‬حٌن تتعاطف الذات مع الغٌر وتنفتح علٌه و تتخلّى عن مركزٌتها‪ ،‬ما ٌفضً‬
‫الى إقامة عالقة صداقة معه ‪,‬عندها نرى اآلخر صدٌقا ‪.‬‬

‫فهذه الطبٌعة المركبة والمزدوجة للذات‪ ,‬تحمل مفارقة‬


‫الذات فً عالقتها بذاتها ال فقط بالغٌر ‪ .‬فاآلخر لٌس‬
‫المفارق لً بل ما أحمله أٌضا فً ذاتً‪ ,‬وهو ما تكشف‬
‫عنه " تجربة المرآة " حسب موران فأنا حٌن أنظر فً‬

‫‪26‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫المرآة أرى نفسً وأرى الغرٌب فً نفس الوقت ف" كل واحد منا ٌحمل داخله أنا آخر ٌكون فً‬
‫الوقت نفسه غرٌبا ومطابقا لذاته " كما ٌقول موران‪ ,‬لذلك ف ‪ ":‬إن العالقة مع الغٌر قائمة بالقوة‬
‫فً عالقة الذات بذاتها "‪.‬والمقصود بالقوة هنا المعنى األرسطً للعبارة أي أن اآلخر أو الغٌر‬
‫كامن فً الذات مكون لها محدد إلنٌتها طالما أن اإلنسان كائن اجتماعً ومفتوح على عالقات‬
‫االختالف والمماثلة مع اآلخرٌن فان مكون وجوده بالضرورة لٌس ذاتٌا فردٌا بل غٌرٌا أٌضا‬
‫‪ ,‬فانا ابن تربٌة وبٌئة اجتماعٌة وثقافٌة مفتوحة على ما أتلقاه فً العائلة والمدرسة والمجتمع وما‬
‫أتعلمه من مطالعاتً ‪.‬الخ‪ .‬وعلٌه حٌن ال ٌوجد الغٌر ٌجب أن نبدعه فٌنا الن الغٌر موجود أصال‬
‫فٌنا وألننا ال نقدر على العٌش من دونه‪ (.‬مثال السجٌن المنعزل ٌرسم صورة على الجدار‬
‫ٌتحادث معها أو مثال الفٌلم الشهٌر "وحٌدا فً العالم" ( ‪ )cast away‬لطوم هانكس الذي صنع من‬
‫كرة جلدٌة وجه إنسان ضل ٌتخاطب معه مدة عزلته فً الجزٌرة )‪.‬‬

‫استنتاجات ‪:‬‬

‫إن مسار تشكل اإلنٌة فً انفتاحها على الغٌرٌة ٌتوقف عند جملة من االنثناءات ‪ٌ ,‬جعل الذات‬
‫تنعطف على انثناء انطولوجً فتتجلى نفسا تتعالق مع الجسد تتعالى عنه مرة وتنفتح أخرى فً‬
‫عالقة وحدة تكشف عجزنا وفشلنا عن إدراك حقٌقة الجسد ‪.‬حتى ندرك فً الخطاب العلمً‬
‫المعاصر لعلم النفس التحلٌلً الوجه األخر لالنٌة "المكبوتة" التً تجترح انائٌة اإلنسان أو فً‬
‫الخطاب الفٌنومٌنولوجً الذي ٌكشف الذاتٌة فً الجسد ذاته فنقف عن مستطاع للجسد ٌحوله من‬
‫مجرد آلة الى ذات تنبض باإلرادة والفعل المعرفً‪.‬ما ٌؤصل حضورا للذات فعال فً انثناء التارٌخ‬
‫أنا براكسٌس أو وعً بالذات ال ٌتحقق وٌكتمل إال باألخر أو فً اآلخر فتصبح الغٌرٌة ال نقٌضا و‬
‫بدٌال عن اإلنٌة أو حتى شرط حضورها البٌنذاتً بل تصبح هً ذاتها غٌرٌة ‪..‬‬

‫‪27‬‬
‫األستاذ‪ :‬اهلادي عبد احلفيظ‬
‫معهد حي األمل ‪2020-2019‬‬

‫‪2020 03 23‬‬

‫‪Abunadem.marzouki@gmail.com‬‬

‫‪28‬‬

You might also like