Professional Documents
Culture Documents
أجمد بشارة
كتاب :صالة املسيح.
إعداد :أجمد بشارة
نرش :مركز إيكونوميا للدراسات املسيح ّية (.)2019
3 الفهرس
4 ُمقدمة
6 اإلهلي
ّ التجسد
ُّ
1احلب اإللهي .األب اتدرس يعقوب ملط .إصدار كنيسة مارجرجس ابإلسكندرية .ص .595
4
يصل لآلب .إن كان له نفس القدرة ومن نفس جوهره ويعمل ّ
كل يشء باقتدار ،فلامذا ّ
2
ُي ّ
صل؟
َّ
للصالة؟! فلامذا قدَّ م يسوع هذه الص َّلوات؟ هل كان حيتاج
2يوحنا ذهيب الفم .مساو لآلب يف اجلوهر .مُرتمج عن .The Fathers of the Church. vol. 72ترمجة
نشأت مرجان .إصدار دار النرش األسقفية .ص .17
التجسُّد اإلهليّ
التجسد كام
ُّ رس
لنعرف اإلجابة عل هذه األسئلة جيب أن نعود إىل معرفة حقيقة ّ
يقول القديس كريلس الكبري:
أرجوكم أن تنظروا ُهنا إىل عمق التدبري يف اجلسد ،وإىل ُسمو تلك احلكمة
التي ل يمكن لكلامت أن ُُت ررب هبا ،ثبتوا عليها عّي العقل الثاقبة ،وإن مل
أيضا ستقولون" :يا لعمق غنى اهلل وحكمته
الس ،فأنتم ً
تستطيعوا رؤية مجال ّ
وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الستقصاء"
3
(رو.)33:11
3تفسري اجنيل لوقا للقديس كريلس السكندري .ترمجة د /نصح عبد الشهيد ،إصدار املركز األرثوذكس لدلراسات
اآلابئية .ص .711
6
قديام (راجع لويّي ،32 :16
واحدة ويكفر عن أثامنا كام كان يفعل رئيس الكهنة ً
.)34
جتس رده ،فقد: وهكذا جيب أن ننظر إىل ّ
كل عمل عمله السيد الرب يف ُّ
يضا ول
ُ -مسح بالروح القدس ليكون لنا الدالة أن يسكن فينا روح اهلل أ ً
يفارقنا كام كان يف العهد القديم.
تعمد ل ُيقدس لنا طريق املعمود ّية.
َّ -
يضا عندما قام من األموات ،رفع لعنة املوت عن اجلميع إذ أ ّننا
-هكذا أ ً
رس املعمود ّية للدخول
يضا معه (وهذا ما نشرتك فيه يف ّ
مجي ًعا ُمتنا فيه وقمنا أ ً
يف حياة املسيح).
هلي .كام
التجسد هو ألجلنا وألجل تربير طبيعتنا البرش ّية يف جسد الكلمة اإل ّ
ُّ ّ
فكل
يقول القديس أثناسيوس:
"إ ّن ربنا بينام هو ’كلمة‘ اهلل وابن اهلل ،فإ ّنه قد لبس جسدً ا ،وصار ابن
اإلنسان لكي بصريورته وسي ًطا بّي اهلل والناس ،فإ َّنه خيدم أمور اهلل من نحونا
وخيدم أمورنا من نحو اهلل .وعندما قيل عنه إ ّنه جيوع ويبكي ويتعب ،ويرصخ
إلوي إلوي ،وه َي آلمنا البرش ّية ،فإ ّنه يأخذها ،ويقدمها لآلب ،متشف ًعا عنَّا،
إىل ّ
كل سلطان‘ لكي بواسطته وفيه تبطل هذه اآللم .وحينام قالُ ’ :دفع َّ
(مت )18:28و’آخذها‘ (انظر يو )18:10و’لذلك رف ّعه اهلل‘ (ىف.)9:2
هي اهلبات املمنوحة لنا من اهلل بواسطتهّ .
ألن ’الكلمة‘ مل يكن يف ّ
فإن هذه َ
احتياج إىل أي يشء يف أي وقت ،كام أ ّنه مل ُخيلق .ومل يكن البرش قادرين
(بذواهتم) أن يعطوا هذه (اهلبات) ألنفسهم ،ولكنها ُأعطيت لنا بواسطة
جتسد ،حتّى
وكأنا معطاة له فه َي تنتقل إلينا .وهلذا السبب َّ
ّ ’الكلمة‘ .لذا
بإعطائها له تنتقل إلينا .أل ّن اإلنسان وحده (بدون وسيط) مل يكن مستح ًقا أن
حمتاجا إليها .لذا احتد ’الكلمة‘
ً يأخذ تلك اهلبات ،و’الكلمة‘ يف ذاته مل يكن
4
بنا ونقل إلينا السلطان وجمدنا جمدً ا عال ًيا".
ويكمل ً
قائال:
"إل ّنه كام أباد املوت باملوت ،وبوسائل برش ّية أبطل ّ
كل ما لإلنسان (من
أيضا هبذا الذي ظهر وكأ َّنه خوف ،نزع خوفنا ،وأعطى
ضعفات) ،هكذا ً
5
الناس أل يعودوا خيافون املوت فيام بعد".
يضا:
ويقول أ ً
إن شيئًا ما قد ُأعط َّي للرب ،جيب أن نعرف أ ّنه مل ُي َ
عط له "هلذا عندما ُيقال َّ
كمحتاج إليه ،بل ُأعط َّي لإلنسان نفسه بواسطة ’الكلمة‘ّ .
ألن ّ
كل من يتش َّفع
من أجل آخر ينال هو نفسه اهلبة ،ليس كمحتاج إليها ،بل حلساب من يتش َّفع
ألجله .وكام أ َّن الرب يأخذ ضعفاتنا ،دون أن يكون ضعي ًفا ،وجيوع دون أن
حمتاجا لألكل .وهو يأخذ ضعفاتنا لكي ُيالشيها .كام أ َّنه -يف مقابل
ً يكون
أيضا اهلبات التي من اهلل ،حتّى أ ّن اإلنسان الذي يتحد به،
ضعفاتنا -يقبل ً
يمكنه أن يشرتك يف هذه اهلبات .ولذلك يقول الربّ ’ :
كل ما أعطيتني ..قد
وأيضا’ :من أجلهم أنا أسأل‘ (يو7:17ـ ،)9أل ّنه كان يسأل
ً أعطيتهم‘.
ألجلنا ،آ ً
خذا لنفسه ما هو لنا ،ومعط ًيا لنا ما أخذه .أل َّنه عندما احتد الكلمة
4ضد اآلريوس يني ،ترمجة د /وهيب قزمان بولس .إصدار املركز األرثوذكس لدلراسات اآلابئية .مقاةل . 4ف . 6
ص .15
5ضد اآلريوس يني املقاةل الثالثة فقرة .57
مجد ،وأن
فإن اآلب من أجل ابنه قد أنعم عل اإلنسان بأن ُي َّباإلنسان نفسهَّ ،
كل هذه األمور ’للكلمة‘ كل سلطان ،وما شابه ذلك .لذا ُن رس َبت ّ
ُيدفع له ّ
كل هذه األمور التي ُأعطيت له .فكام ّ
أن ’الكلمة‘ نفسه ،لكي ننال بواسطته ّ
صار إنسانًا ألجلنا ،هكذا نحن ُنر َّفع ألجله .فإن كان ألجلنا قد وضع نفسه
1التفسري احلديث للكتاب امل ُقدس .الرساةل إىل العربانيني .تأليف /دواندل جوثري .ص .116
11
املطوب جريوم:
ويكتب َّ
"من أجلنا قدَّ م التش ُكرات لئال نظن ّ
أن اآلب والبن أقنوم واحد بعينه عندما
نسمع عن إمتام ذات العمل بواسطة اآلب والبن .هلذا فلكي ُي ر
ظهر لنا ّ
أن رد
تشكراته ليست رضيبة يلتزم هبا من هو يف عجز عن السلطان ،بل بالعكس
اإلهلي ،لذلك رصخ“ :لعازر
ّ أ َّنه ابن اهلل الذي ينسب لنفسه دو ًما السلطان
4 خارجا”ُ .هنا بالتأكيد أمر ل َّ
صالة. ً ه ُل َّم
املطوب أغسطينوس:
ويقول َّ
ّ
ويصل ونصل إليهّ .
يصل عنا بكونه كاهننا، ّ ّ
ويصل فينا، " ّ
يصل املسيح َعنَّا،
ّ
ونصل إليه بكونه إهلنا ،هلذا نتعرف عل صوتنا فيه، فينا بكونه رأسنا،
1 5
ونتعرف عل صوته فينا".
َّ
النيزنزي يقول:
ّ والقديس غريغوريوس
خاصة
ّ "إ َّنه ليس عبدً ا ينطرح أمام اآلب شاف ًعا فيناّ .
فإن مثل هذه الفكرة
وأيضا بالبن
بالرقيق وغري لئقة بالروح! إ َّنه ل يليق باآلب أن يطلب ذلكً ،
حيق لنا أن نفكر بمثل هذه األمور بالنسبة هلل .ولكن ما تأمل
أن خيضع هلا ،ول ّ
ٍ
كإنسان ،فإ َّنه إذ هو الكلمة واملشري يطلب من اهلل أن يطيل أناته علينا .أظن به
1 6
هذا هو معنى شفاعته".
1املس يح يف صالته وصومه من أجلنا يف تعلمي القديس يني أثناس يوس الرسويل وكريلس السكندري .دار جمةل مرقس.
ص .33
1 4
Of the Christian Faith, 4:6:72..
1األب اتدرس يعقوب ،احلب اإللهي .ص .551
1 Theological 6
Orations 30: 14.
ويف مقطوعة شاعر ّية ،يقول أغسطينوس متحد ًثا عن حمبوبه املسيح :وإن غاب عن
الكل Totus Christus
باحلب .وحيث املسيح ّ ّ
ّ أعيننا ،فاملسيح رأسنا مرتبط بنا
هو الرأس واجلسد ،لنص رغ يف املزمور إىل صوت الرأس لكي نسمع ً
أيضا اجلسم
األعضاء ،كنيسته الك ّل ّية التي تنترش عرب العامل،
1
يتكلم 7.إن كان هو الرأس ،فإ ّننا نحن
أي جسده ،الذي هو رأسه .ليس فقط املؤمنون الذين عل األرض اآلن ،والذين سبقونا
ّ
والكل يف جسده ،وهو رأس هذا والقادمون فيام بعد إىل ناية الزمن ،يتصلون الواحد
وأيضا صوتنا هو اجلسد ،الذي صعد إىل السامء… يمكننا القول ّ
إن صوته هو صوتناً ،
1 8 صوته .لنفهم ّ
أن املسيح يتكلم فينا.
وخيتم ذهبي الفم:
1 9 "لكن ملن قد ترضع؟ ترضع نيابة عن ّ
كل من آمن به".
1 7
In Ps 56 PL 36: 662.
1 8 PL 36: 748 f.
Enarr. in Psalm 62:2
1تفسري رساةل بولس الرسول إىل العربانيني .للقديس يوحنا ذهيب الفم .ترمجة د /سعيد حكمي يعقوب .إصدار املركز
األرثوذكس لدلراسات اآلابئية .ص .140
– 2واضعًا مثالًا لنا لنتعلم منه
مل يكن املسيح جمُ َّرد مثال فقط ،يشء سا ٍم وعظيم وبعيد ل ُيمكن أن نصل إليه ،بل
ّ
ككل ،لذا نقول يف شبيها بنا ،وع َّلمنا بأفعاله ،ل بالقول فقط ،بل بحياته
ً كان
ذكصولوج ّية الصوم املُقدَّ س:
حمب البرش الصالح .صنع فعل الصوم مع رع َظم "تعالوا انظروا خملصنا ّ
جسدي ،وع َّلمنا املسري لكي نسري مثله". ر
تواضعه فوق اجلبال العالية بانفراد
ّ
السكندري يكتب:
ّ والقديس كريلس
نموذجا للصالة بالنسبة لنا .إل ّنه كان
ً "ما يقوله املسيح ُهنا ،ينبغي أن يكون
الرضوري ل أن يأيت شيخ أو رسول ،بل أن يظهر املسيح نفسه .ليكون
ّ من
قائدنا ومرشدنا يف ّ
كل صالح ،ويف الطريق الذي يؤدي إىل اهلل .إل َّننا ُدعينا –
0
وهكذا نحن باحلق– كام يقول النبي :متعلمّي من اهلل".
ويقول يف موضع آخر:
يترصفوا بام يناسب هذا الظرف (العصيب) بقوله
َّ "وكان حيث تالميذه أن
هلم’ :اسهروا وص ّلوا لئال تدخلوا يف جتربة‘ .وح ّتى ل يكون تعليمه بالكالم
2رشح إجنيل يوحنا .اجملدل الثاين .للقديس كريلس السكندري .إصدار املركز األرثوذكس لدلراسات اآلابئية .ص
.352
14
مثال َمل را ينبغي أن يفعلوه ُهم ،فقد انفصل عنهم ً
قليال، فقط ،صار هو نفسه ً
1
َّ
وصل". نحو رمية حجر ،وجثا عل ركبتيه
يضا:
ويقول أ ً
" ّ
كل ما فعله املسيح ،فعله ألجل بنياننا ،وألجل منفعة أولئك الذين يؤمنون
به ،وعن طريق تعريفنا بسلوكه اخلاص كنموذج للحياة الروح ّية ،فإ ّنه جعلنا
عابدين حقيق ّيّي ،لذلك دعنا نرى يف النموذج واملثال الذي ُتزودنا به أعامل
املسيح ،نرى الطريقة التي ينبغي أن ُنقدم هبا صلواتنا إىل اهلل".
2تفسري إجنيل لوقا للقديس كريلس السكندري .ترمجة د /نصح عبد الشهيد .إصدار املركز األرثوذكس لدلراسات
اآلابئية .ص .715
2إجنيل لوقا للقديس كريلس السكندري .ترمجة د /نصح عبد الشهيد .إصدار املركز األرثوذكس لدلراسات اآلابئية.
ص .122 , 121
– 3حنن كنا فيه نصلّي ونصرخ
نصل برصاخ شديد ودموع ونطلب أن َيب ُطل سلطان املوت.
نحن الذين ُكنَّا فيه ّ
3 كندري َّ
صالة املسيح. ّ هبذه الكلامت وصف القديس كريلس الس
ً
اصال ويف احلقيقه رصخاتنا التي رصخها من أجلنا، هي ف ّ
إن هذه الرصخات َ
هي توسالتنا توسلها
التوسالت َ
هي دموعنا وقد كان يبكي من أجلنا ،و ُ
والدموع َ
كل أوجاعنا ،فتحم ّلها يف جسده الذي هو
صمم أن حيمل ّ
باسمنا .أل ّنه ابن اهلل فقد َّ
صال جسدنا الذي لبسه عليه ليظهر به كإنسان خاطئ أمام اهلل أبيه لينال تع ُّطفاته عل
أ ً
2
السكندري:
ّ 4 جنسنا .لذا يكتب القديس كريلس
"نحن الذين كنا فيه – كام يف مبدأ ثان جلنسنا – ّ
نصل برصاخ شديد ودموع
2 5
ونطلب أن يبطل سلطان املوت".
2املس يح يف صالته وصومه من أجلنا يف تعلمي القديس يني أثناس يوس الرسويل وكريلس السكندري .دار جمةل مرقس.
ص .33
2األب مت املسكني .رشح وتفسري الرساةل إىل العربانيني .ص .377
2 P.G. 76 , 1392 A . 5
16
–4ألجلنا وألجل خالصنا
هي ألجلنا ،أي ّ
أن هذه الترضعات التي رفعها َ
ُّ موضحا ّ
أن ً يكتب القديس كريلس
هي صلواتنا نحن التي كنَّا نرفعها ،فيكتب:
الصلوات َ
نت
"قدَّ م طلبات وترضعات لآلب لكي جيعل أذن اآلب صاغية لصلواتك أ َ
2 6
يضا".
أ ً
ويقول يف موضع آخر:
"لقد بكى برشيا لكي ُجي ّفف دموعك… وقدَّ م طلبات وترضعات لآلب
2
يضا 7...لكي جيعل صلواتنا
نت أ ً
لكي جيعل آذان اآلب صاغية لصلواتك أ َ
يضا تصري مقبولة لدى اآلب ،لذلك قد وضع بنفسه بداية جديدة
نحن أ ً
8 َّ
الصالة ،لكي يستميل بذلك أذن اآلب لرصاخ الطبيعة البرش ّية". لفعل
ويقول أمربسيوس:
"ولذلك ،أخذ مشيئتي لنفسه ،أخذ أحزاين وبثقة أدعوها أحزاين ،أل ّنني أكرز
سامها مشيئته ،أل َّنه كإنسان هو
بصليبه .إن ما هو خاص يب هو املشيئة التي ّ
محل أحزاين ،وكإنسان تك َّلم ولذلك قال’ :ل مشيئتى بل مشيئتك‘ .األحزان
هي أحزاين ،وما هو خاص يب وا رحلمل الثقيل الذى محله بسبب حزين هو َ
2ردا عىل ثيئودوريت أسقف قورش خبصوص احلرم العارش. P.G , 76 : 44.
2 P.G 76, 441. 7
2 P.G. 76, 1392 A . 8
17
محل أنا ،أل َّنه ل يوجد ًمن يته ّلل عندما يكون عل حافة املوت .هو َّ
يتأمل معي
ويتأمل ألجل ،فهو حزن ألجل .وتث َّقل ألجل .لذلك فهو حزن ً
بدل مني َّ
وح رزن َّيف ،هو الذي مل يكن هناك سبب جيعله حيزن ألجل نفسه 9...ودعنا َ
نذكر أنفسنا بمنفعة اإليامن الصحيح .إ َّنه نافع يل أن أعرف أ َّنه رمن أجل َمحَل
املسيح ضعفايت ،أخضع نفسه ملشاعر جسدي ،وألجل ،أي ألجل ّ
كل
ويف تذ َّلل وصار خاض ًعا ،وألجل صار
إنسان ،صار خط َّية ولعنة ،وألجل َّ
محال وكرمة وصخرة وعبدً ا ،وابن األَ َمة (يقصد العذراء)( ،قاصدً ا) ألّ
ً
يعرف يوم الدينونة ،وألجل ل يعرف اليوم ول الساعة .أل َّنه كيف يمكنه،
وهو الذي صنع األيام واألزمنة أن يكون غري عارف لليوم (الدينونة)؟ كيف
ل يمكنه أن يعرف اليوم وهو الذي أعلن زمن الدينونة اآلتية وسببها؟ وهو
قد صار لعنة ،إ ًذا ،ل من جهة إلوه ّيته وإ ّنام من جهة جسده ،أل ّنه مكتوب:
’ملعون ّ
كل َمن ُعلق عل خشبة‘ (تث ،23:21غل ،)13:3ولذلك فإ ّنه يف
التجسد قد ُعلق ،ولذلك ّ
فإن هذا الذي َمحَل لعناتنا صار لعنة. ُّ اجلسد أي بعد
إ َّنه بكى ،حتّى ل يطول بكاؤك أهيا اإلنسان ،واحت ََم َل اإلهانة حتّى ل حتزن
0
رقبالة اإلساءة التي تصيبك.
2رشح اإلميان املس يح .الكتاب الثاين .ترمجة د /نصح عبد الشهيد .إصدار املركز األرثوذكس لدلراسات اآلابئية.
فقرة .53ص .107
3رشح اإلميان املس يح .الكتاب الثاين .مرجع سابق .فقرات .94 ،93ص .125 , 124
إن أمكن فلتعرب عين هذه الكأس
من نص إنجيل ق .متى (َ « ،)39 :26يا َأ َبتَا ُه رإ ْن َأ ْم َك َن َف ْلتَ ْع ُربْ عَني َه رذ ره ا ْلك َْأ ُس
يتضح وجود اعرتاضّي متداخلّي وليس ْت»َّ . َو َلكر ْن َل ْي َس ك ََام ُأ رريدُ َأنَا َب ْل ك ََام ُت رريدُ َأن َ
اعرتاض واحد ،ومها:
-1خوف املسيح ورفضه للصلب والفداء من جانب.
-2ومن اجلانب اآلخر اختالف إرادته مع إرادة اآلب مما يضع عقيدة
املسيح ّيّي بشأن احتاد طبيعة اآلب واإلبن َّ
حمل تساؤل وشك.
جيب أن نعرف بداية ّ
أن السيد املسيح مل ُي ّ
صل أن يعرب عنه الكأس الذي هو املوت،
وذلك أل َّنه من غري املعقول أ ّن الذي قال إ َّن له سلطان عل نفسه:
آلخ َذ َها َأ ْي ًضاَ 18 .ل ْي َس َأ َحدٌ َي ْأ ُخ ُذ َها رمنيَ ،ب ْل َأ َض ُع َها َأنَا رم ْن
إلين َأ َض ُع َن ْف رِس ُ
آخ َذ َها َأ ْي ًضا (يو.)18 ،17 :10 ان َأ ْن ُ َذ رايت .ريل ُس ْل َط ٌ
ان َأ ْن َأ َض َع َها َو ريل ُس ْل َط ٌ
يضا إ ّنه ُيعطي ملن يتبعه حياة أبد ّية: وقال أ ً
يها َح َيا ًة َأ َب رد َّي ًةَ ،و َل ْنر ر رخ َر رايف ت َْس َم ُع َص ْو ريتَ ،و َأنَا َأ ر
عْر ُف َها َف َت ْت َب ُعنيَ 28 .و َأنَا ُأعْ ط َ
خي َط ُف َها َأ َحدٌ رم ْن َي ردي (يو.)28 ،27 :10 َ ْهتلر َك إر َىل األَ َب ردَ ،ولَ َ ْ
واحلق واحلياة (يو ،)6 :14وأ ّنه هو القيامة ذاهتا واحلياة
ّ وأخربنا أ ّنه هو الطريق
عينها ومن يتبعه ل يبقى يف املوت بل إن مات يعود للحياة (يو ،)25 :11وأمر تالميذه
أل خيافوا من الذين يقتلون اجلسد (مت .)28 :10فكيف ملن يقول ّ
كل هذا ويطالب به
وحيياه يعود فيخاف من املوت؟!
بل كيف خياف من املوت ذاك الذي قال:
الساع رَة؟ َولكر ْن ألَ ْج رل َ
هذا َأ َتيْ ُت إر َىل رر ر ر
اآلب نَجني م ْن هذه َّ
ُ ول؟ َأ ُّ َهيا
َو َما َذا َأ ُق ُ
اعَة (يو.)12 هذ ره الس ر ر
َّ
وكام يقول العالمة اورجيينوس:
" من املستحيل أن ابن اإلنسان كان يقول :يا أبتاه إن أمكن فلتعرب عني هذه
الكأس ،حتت إحساس باخلوف! فالرب يسوع ل يستعفي من ذبيحة املوت
1
البرشي ُك َّله".
ّ ح ّتى تصل نعمة اخلالص للجنس
ويقول ق .يوحنا ذهبي الفم:
طوبه ووهبه
"لقد دعا (بطرس) ذاك الذي ُوهب إعالنًا من اآلب وقد ّ
مفاتيح ملكوت الساموات ،دعاه "شيطانًا" ،ودعاه "معثرة" ،واهتمه أنه ل
هيتم بام هلل ...هذا كله ألنه قال له" :حاشاك يا رب ل يكون هذا لك" أي ل
يكون لك أن تصلب .فكيف إذن ل يرغب يف الصليب ،هذا الذي وبخ
وصب عليه هذا القدح إذ دعاه شيطانًا بعدما كان قد مدحه ،وذلك
ّ التلميذ
ألنه طلب منه أن يتجنب الصليب؟ كيف ل يرغب يف الصليب ذاك الذي
رسم صورة للراعي الصالح معلنًا إياها كربهان خاص بصالحه ،وهي بذله
لنفسه من أجل خرافه ،إذ يقول "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح
يبذل نفسه عن اخلراف" (يو ...)11 :10انظر كيف ُيعجب منه بسبب
إعالنه هذا "أنه يبذل نفسه"ً ،
قائال" :الذي كان يف صورة اهلل مل ُحيسب خلسة
صائرا يف شبه الناس،
ً آخذا صورة عبد، ً
معادل هلل ،لكنه أخل نفسهً ، أن يكون
3 St. Augustine: On 5the Gospel of St. John, tractate, 112: 3.
3 Against Eunomius62: 11.
3تفسري اجنيل لوقا ،إصدار املركز اإلرثوذكس لدلراسات اآلابئية ،ص .716
وبالطبع مل حيزن الرب ويكتئب من أجل انه ُمقبل عل املوت الذي يتبعه القيامة يف
جمد وهبذا احلدث يتم خالص البرش ّية كلها ،بل أ ّن حزن الرب كان هلذه األسباب:
سد اإللهي
-1بسبب التج ُّ
من خالل هذه املشاعر البرش ّية قد أثبت اآلباء الذين واجهوا البدعة الغنوس ّية أ ّن
َّ
ويتأمل وحيزن املسيح الرب كان حيمل جسدً ا برشيا حقيقيا يتعب وجيوع ويعطش
ممتزجا وخمُ تف ًيا يف الطبيعة اإلهل ّية ،بل
ً ويموت ،فجسده مل يكن جسدً ا ً
نازل من السامء ل
حقيقي جمُ َّرب يف ّ
كل يشء مثلنا (عب ،)15 :4أو كام يقول ق. ّ برشي
ّ إ ّنه جسد
أثناسيوس:
"اإلنفعالت مل تكن من خصائص طبيعة الكلمة بكونه الكلمة ،بل كانت من
3 8
خصائص اجلسد الذي اُتذه الكلمة".
وهذا ما ُخيربنا به أمربسيوس:
اجلسدي ح ّتى ل يوجد
ّ "إ ّنه بكونه اهلل الذي لبس جسدً ا قام بدور الضعف
التجسد .فمع قوله هذا إذا بأتباع ماين ل
ّ عذر لدى األرشار ُمنكري
ً
خيال ...لقد التجسد ،ومرقيون َيدَّ عي أ ّنه كان
ُّ يصدّ قون ،وفالنتيوس ينكر
أظهر نفسه أ ّنه حيمل جسدً ا حقيقيا 9.ويف الواقعّ ،
فإن املسيح ُهنا يضع 3نفسه
ىف مستوى اإلنسان ،ح ّتى ُيظهر نفسه ليكون يف حقيقة شكله البرش ّي،
فيقول’ :ولكن ليس كام أريد أنا بل كام تريد أنت‘ (مت ،)39:26مع أ ّنه حقا
4رشح اإلميان املس يح ،إصدار املركز اإلرثوذكس لدلراسات اآلابئية ،الكتاب الثاين فقرة .45ص .103 ,102
4احلب اإللهي ،مرجع سابق ،ص .644
عظيام يف ملكوت السموات" (مت ...)19 :5لقد أوىص (تالميذه)
ً ُيدعى
معلام إياهم هذه الوصية عينها بوضعها يف
أن يصلوا" :ل تدخلنا يف جتربة"ً ،
صورة عمليةً ،
قائال" :يا أبتاه إن أمكن فلتعرب عني هذه الكأس" .هكذا يعلم
ّ
كل القديسّي أل يثبتوا بأنفسهم يف املخاطر ،غري ملقّي أنفسهم بأنفسهم
حب املجد الباطل...
فيها ...فامذا؟ ح ّتى يعلمنا تواضع الفكر ،وينزع عنَّا ّ
الصالة ،ولكي نطلب ’ َّأل ندخل يف جتربة‘ ،ولكن إن مل
َّ ّ
صل كمن ُيعلم
يسمح اهلل هبذا ،نطلب منه أن يصنع ما حيسن يف عينيه ،لذلك قال" :ولكن
ليس كام أنا أريد بل كام تريد أنت" ،ليس ألن إرادة البن غري إرادة اآلب ،إ َّنام
لكي يعلم البرش أن يقمعوا إرادهتم يف إرادة اهلل ولو كانوا يف ضيق أو
اضطراب ،ح ّتى وإن أحدق هبم اخلطر ،ولو مل يكونوا راغبّي يف النتقال من
4 2
احلياة احلارضة".
يترصفوا
َّ السكندري فاملسيح الرب كان حيث تالميذه أن
ّ وبحسب القديس كريلس
بام ُيناسب هذا الظرف (العصيب) بقوله هلم" :اسهروا وصلوا لئال تدخلوا يف جتربة".
مثال َمل را ينبغي أن يفعلوه ُهم ،فقد
وح ّتى ل يكون تعليمه بالكالم فقط ،صار هو نفسه ً
3
َّ
وصل. انفصل عنهم ً
قليال ،نحو رمية حجر ،وجثا عل ركبتيه
َّ
التوسالت كأ َّنه يف احتياج إىل فأي إنسان ذو فهم لن يقول ّ
إن الرب قدَّ م هذه