حين انتقل بيكاسو إلى فرنسا باريس في عام 1904فتغير وجوده االجتماعي وبدأ مرحلة جديدة في حياته الشخصية والفنية ،حيث التقى بالفنانة> الفرنسية ( اوليفييه ) والتي أضافت على حياته السعادة والبهجة ليستبدل لوحاته الزرقاء الحزينة المتشائمة> إلى أخرى أكثر تفاؤال واشراقا وأمال ،وأصبح له عالقة بالسيرك الفرنسي حيث األلوان الزاهية والبراقة والمفرحة ،وتحول اسلوبه الفني الذي جمع ما بين أسلوب التعبيرية والكالسيكية التي تعبر عن الفرح والشباب واإلقبال على الحياة. فالخطوط اصبحت اكثر انسيابية والشخوص أكثر امتالءا وحيوية من تلك التي كانت مثل الهياكل الضامرة في مرحلته السابقة الزرقاء>. طمح دائما إلى الفترة الوردية الجديدة كانت بمثابة محاولة لتغليف التفاؤل والفرح على الحزن والكآبة ،ألن الفنان بيكاسو فنان مبدع َ االبتكار بأساليب جديدة ومتطورة تضيف الى معرفته الكبيرة والواسعة بأساليب المدارس الفنية التي كانت تنتمي الى االفريقية واليابانية واإلسالمية منها والتي مكنته من اكتشاف عوالم جديدة في ذاته االنسانية والفنية مع الحياة اليومية. الجورنيكا. (لوحة ُولدت من رحم الحرب القاسية لتصبح أيقونة السالم ).. شهد الفنان> بيكاسو أبشع الحربين العالميتين> في تاريخ البشرية وشهد ماسي حروب اخرى أيضأ والتي كان> لها االثر الكبير المفجع عزل حيث خلدت آثاراً من التخريب والدمار البشري على مدينة الجورنيكا االسبانية والتي ُقصفت آنذاك قصفا على شعوب مسالمة ّ ّ الضحايا من األطفال والنساء والشيوخ العزل في منطقة مسالمة آمنة. مروعاً وسقط االف ِّّ وقد عالج بيكاسو األلم الناتج عن هذه الفاجعة والسوداوية والتي كانت من أكثر المعالجات االعمق واالروع من بين المعالجات في ذلك الحين آنذاك في إنتاج لوحة ( الجورنيكا ) . حيث ُر سمت الجورنيكا في مدة ال تزيد عن خمسة وثالثون يوما باألبيض واألسود ،ورسمها بيكاسو لتشهد وتعبِّر عن بشاعة الحرب القاسية التي أسقطت رحالها على هذه البلدة اإلسبانية. تضج رموزا وكنايات عديدة مثل رمز الحصان والثور االسبانيين ليشهدا مدى وحشية وفظاعة ما حصل في ذلك ُّ والجورنيكا بذلك القصف العشوائي ،وتحوي اللوحة نسا ّءا مقط ّعة مشوهة ليشهدن عن مدى قساوة القتل الغير مبرر ....وجنوداً على األرض ليشهدوا الهزيمة> واالنكسار> امام هذا الزحف الوحشي ،وفي قمة اللوحة رسم بيكاسو النور الساطع الذي يعكس جلياًّ بصيص السالم واألمل والنصر ،وهناك الطيور المحلقة التي بدا عليها الخوف واالضطراب من شدة القصف الحاصل وغيرها من الرموز واالستعارات. إذن كانت لوحة ( جورنيكا ) ُمث َقلة بالرموز والكنايات وكانت شاهدة على الحرب التي قامت ُعنوة ومرفوضة وكانت نداء تنديد ورفض وبذلك نقلت العالم آنذاك من الظالم إلى النور. لذلك لوحة ( الجورنيكا ) كانت وما زالت رمزا ورسالة الى السالم واألمل .