You are on page 1of 3

‫‪year: 

‬‬
‫‪2012‬‬
‫تعد األزمة المالية العالمية التي عصفت في االقتصاد العالمي منذ اب عام ‪ 2007‬وتجلت بشكل واضح في عام ‪ , 2008‬من‬
‫اعنف األزمات (االقتصادية ‪ -‬المالية) العالمية منذ أزمة الكساد الكبير (‪ , )1929-1933‬وتأتي خطورة وشدة هذه األزمة‬
‫كونها انطلقت من االقتصاد األمريكي الذي يؤثر بشكل واضح في حركة االقتصاد العالمي ‪ .‬فهو االقتصاد األكبر في العالم‬
‫بحجم يبلغ (‪ )14‬تريليون دوالر‪ ,‬وتشكل التجارة فيه أكثر من (‪ )%10‬من إجمالي التجارة العالمية‪ ,‬هذا باإلضافة الى ان‬
‫الدوالر األمريكي يشكل ما ال يقل عن (‪ )%60‬من السيولة الدولية ‪( .‬عبد العزيز ‪ . )35 , 2009 ,‬وبخصوص األزمة‬
‫المالية العالمية المعاصرة ‪ ,‬فان الدراسات االقتصادية والمالية التي تناولت جذورها وأسبابها وتداعياتها أوضحت ان هذه‬
‫األزمة نتجت اساسا ً عن مشكلة الرهن العقاري في الواليات المتحدة األمريكية‪ ,‬التي تسببت فيها القروض العقارية الرديئة‬
‫وقد تفجرت األزمة المالية في االقتصاد األمريكي عندما حصل عجز كبير في سيولة البنوك التجارية ‪(Subprime) .‬‬
‫ومؤسسات اإلقراض المالية فيها اثر ازدهار سوق القروض العقارية واستمرار التوسع في عمليات اإلقراض في أسواق‬
‫والتساهل في المطالبة ‪ (Credit History),‬العقارات طيلة السنوات السابقة‪ ,‬بغض النظر عن الموقف المالي للمقترض‬
‫بضمانات كافية للجهة المانحة للقروض سواء كانت بنوك تجارية ام مؤسسات اقراضية ‪( .‬الخزرجي‪ . )2009,35,‬وقد‬
‫بدأت األزمة عندما انخفضت أسعار العقارات بشكل حاد في النصف األول من عام ‪ ,2007‬وتعثر المقترضين وامتناعهم‬
‫عن السداد‪ ,‬والسيما القروض الممنوحة في رهونات وضمانات غير كافية‪ ,‬مما جعل األسواق المالية الدولية‪ ,‬وبخاصة‬
‫األمريكية منها‪ ,‬تعاني من صعوبات وتعثرات في تسديد} االلتزامات المالية ومستحقاتها‪ ,‬باإلضافة الى انتشار حالة الاليقين‬
‫التي ساعدت في زيادة طلب سحب الودائع من قبل المودعين بسبب التخوف من حدوث أزمة سيولة‪ .‬أما السبب األخر في‬
‫التي تعتمد آلية سندات رهون )‪ (Securitization‬تفاقم األزمة فهو طريقة بيع العقارات أو ما تسمى بطريقة التوريق‬
‫عقارية بفوائد يتم بيعها في األسواق المالية العالمية ‪ ,‬األمر الذي أربك القطاع المصرفي األمريكي والعالمي ‪ ,‬حيث‬
‫وبي ان بي باريبا ‪ (City Croup),‬تراجعت اقيام المحافظ االستثمارية لدى البنوك العالمية‪ ,‬مثل بنك سيتي كروب‬
‫الفرنسي ‪( .‬الوزان ‪ . ) 2008,42 ,‬وبشكل عام‪ ,‬تعددت االجتهادات واآلراء والتفسيرات فيما يتعلق بأسباب )‪(BNB‬‬
‫‪ :‬انفجار األزمة المالية العالمية ‪ ,‬وقد تركزت في الجوانب اآلتية‬
‫أخطاء السياسات االقتصادية على مستوى الدول العظمى والكبرى والمؤسسات المالية الدولية‪ ,‬وتحديداً فيما يتعلق ‪1-‬‬
‫‪ (Economic Fundamentals).‬بتوافق المتغيرات الكلية‬
‫‪.‬تذبذب} نشاط المضاربين الكبار في األسواق المالية‪ ,‬وضعف أداء البنوك والمؤسسات المالية ‪2-‬‬
‫اثر العولمة المالية في توفير البيئة والمستلزمات لتفجر األزمة المالية‪ ,‬ذلك ان العولمة المالية هي عملية متعددة اإلبعاد‪3- ,‬‬
‫ويمكن تصوير تلك األبعاد في مظاهر عدة‪ ,‬منها النمو الفلكي لتدفقات االستثمارات غير المباشرة أو استثمارات الحافظة ‪,‬‬
‫والزيادة السريعة في معامالت األوراق المالية عبر الحدود‪ ,‬ونمو التعامل في أسواق العمالت العالمية بوتيرة اسرع كثيرا‬
‫‪ .‬من نمو التجارة الدولية‬
‫االرتباط المتزايد بين مؤشرات أسعار األسهم في األسواق الصاعدة‪ ,‬ومؤشر (نازداك) الذي هو مؤشر أسعار أسهم ‪4-‬‬
‫‪ .‬شركات التكنولوجيا المتقدمة في الواليات المتحدة والذي يزداد قوة مع الوقت‬
‫تزايد التعامالت في (المشتقات)‪ ,‬وتكمن أهمية المشتقات وبخاصة ما يسمى بالعقود المستقبلية والخيارات في إنها تتداول ‪5-‬‬
‫التي تكمن خطورتها في انه بقدر‪ (Leverage) ,‬طبقا لما يعرف (التعامل بالهامش) ‪,‬الذي ينتج عنه ما يسمى الرافعة المالية‬
‫‪ .‬يسير من رأس المال المملوك يمكن السيطرة على أضعاف مضاعفة من رأس المال‬
‫إن البرامج التي ترعاها المؤسسات الدولية‪ ,‬بقيادة صندوق النقد الدولي تنطوي على غبن شديد في توزيع تكلفة األزمة‪6- ,‬‬
‫ذلك أن العبء األكبر يقع على عاتق الدول المتلقية لألموال‪ .‬أما الجهات الدائنة (بنوك ومؤسسات مالية) فهي ال تساهم اال‬
‫‪.‬في تحمل جزء من تكلفة األزمة‪ ,‬على الرغم من دورها في نشأتها‬
‫ومثلما كان االقتصاد األمريكي ومؤسساته المالية بؤرة اندالع األزمة المالية العالمية‪ ,‬فان آثارها وانعكاساتها شملت‬
‫االقتصادات العالمية عموما‪ ,‬ومن ذلك االقتصادات األوربية ‪ ,‬والدول النامية ‪ ,‬وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي ‪,‬‬
‫حيث كان لألزمة تداعيات واضحة في اقتصادات دول االتحاد األوربي والدول النامية وبخاصة الدول الصاعدة واآلخذة في‬
‫النمو ‪ ,‬والدول المنتجة للنفط بأبعاد اقتصادية وسياسية ملموسة ‪ .‬ومن نافلة القول ‪ ,‬انه ال يجوز النظر الى األزمة المالية‬
‫بوصفها (شرا البد منه)‪ ,‬بل إن المطلوب (وطنيا وإقليما ودوليا ) العمل على تجنب الوقوع في أخطاء السياسات االقتصادية‬
‫والمالية (وبخاصة االندفاع الى تحرير المعامالت المالية في ميزان المدفوعات‪ ,‬والتسليف دون ضمانات‪ ,‬وإهمال أجهزة‬
‫اإلنذار المبكر والضبط والتحكم) ‪ ,‬وان هذا ال يغني عن مهمة إصالح النظام المالي والنقدي الدولي والعالقات النقدية الدولية‬
‫‪ ,‬وهو ما يحتم تحقيق مطالبة عالمية بإعادة النظر في النظام العالمي الراهن من وجوه عدة‪ ,‬كما جاء في مطالبة الرئيس‬
‫الفرنسي نيكوالي ساركوزي في خلق (رأسمالية إنسانية)‪ ,‬وإنشاء (سلطة مالية عالمية) ‪( .‬اللوموند‪ ,)2010,28,‬تكون‬
‫األساس في إصالح النظام الدولي بحيث تطال نظام أسعار الصرف ‪ ,‬والنظام المالي والنقدي ‪ ,‬والنظام التجاري‪ .‬وقد جاءت‬
‫هذه التوجهات منسجمة مع خطة اإلنقاذ األمريكي‪ ,‬والجهود التي بذلتها البنوك المركزية في الواليات المتحدة واالتحاد‬
‫األوربي وفي دول أسيا ودول أمريكا الالتينية ‪ ,‬باإلضافة الى مساندة الدول النامية النفطية للمؤسسات المالية العالمية‬
‫للخروج من األزمة‪ ,‬التي تضمنت أساسيات مهمة وهي (اإلقراض‪ ,‬ودمج البنوك والمؤسسات المتعثرة ) بهدف إنقاذها‬
‫ومساعدة االقتصادات المتأثرة بسبب تداعيات األزمة المالية العالمية والحيلولة دون انهيار القطاع المالي والمصرفي في‬
‫مختلف المستويات ‪ ,‬وبالتالي عدم انهيار االقتصاد العالمي بمؤشراته الكلية ‪ .‬ولذلك تتفاوت توقعات المشاهد المستقبلية لهذه‬
‫األزمة ‪ .‬وفي ضوء ذلك فان تناول األزمة المالية العالمية عام ‪ 2008‬من شانه تسليط الضوء على اآلثار االقتصادية‬
‫والسياسية لألزمة وتداعياتها سواء على الدول المتقدمة ام النامية ‪ .‬واتساقا مع عنوان األطروحة فان التركيز سيكون منصبا‬
‫على دول االتحاد األوربي كونها الدول الصناعية القائدة في مجموعة الدول األوربية والتي تمتلك موارد مالية كبيرة‬
‫وأسواق مالية مؤثرة في حركة التداول المالي العالمي وحركة تداول االسهم والسندات ‪ .‬وكذلك الحال بالنسبة الى الدول‬
‫النامية التي هي بالتأكيد قد تأثرت بتداعيات األزمة وانعكاساتها‪ ,‬ولكن هذا التاثر يتباين بين مجموعة الدول النامية طبقا لقوة‬
‫اقتصاد كل دولة وطبيعة مواردها ‪ ,‬ولذلك فان البحث يركز بشكل خاص على الدول النامية الصاعدة واآلخذة في النمو‪ ,‬التي‬
‫تمتلك (أسواقا مالية ناشئة) ‪,‬وكذلك الدول النامية النفطية ومنها دول مجلس التعاون الخليجي ‪ ,‬التي تستحوذ على أكثر من‬
‫ربع اإلنتاج النفطي العالمي تقريبا ‪ ,‬وهذا يشير الى القوة والفاعلية التي يتمتع فيها النفط في اقتصادات دول منطقة مجلس‬
‫التعاون ‪ ,‬التي غدت بسبب هذه الخاصية دوالً ذات اقتصاد ريعي حيث يكون النفط المورد األساس الوحيد في تركيب‬
‫اقتصاداتها وتمويل الموازنات العامة فيها ‪ ,‬وحيث ان النفط كمادة أولية أساسية يؤثر في حركة االقتصاد العالمي من حيث‬
‫اإلنتاج والتسويق واألسعار‪ ,‬وان أزمة عام ‪( 1973‬النفطية) كانت من الجذور األساسية لألزمات المالية الالحقة ‪ ,‬األمر‬
‫الذي أوجد ضرورة لتناول دول مجلس التعاون الخليجي بتخصيص في هذا البحث بين البلدان النامية ‪ ,‬وكذلك الحال بالنسبة‬
‫الى دول منطقة اليورو التي هي األساس والمنطلق للوحدة النقدية األوربية ولتوزيع مناطق االقتصاد المؤثرة عالميا‬
‫(أمريكا‪ ,‬االتحاد األوربي واليابان) ‪ .‬و تكمن أهمية البحث في انه يعالج موضوعا عالميا هاما أدى الى حدوث انهيارات‬
‫كبيرة في اكبر اقتصادات العالم ‪ ,‬معلنا بذلك مؤشرات الكساد‪ ,‬وارتفاع نسبة البطالة بمعدالت لم يشهدها العالم منذ عشرات‬
‫السنين‪ .‬وتتجلى أهمية البحث في انه يؤسس محاولة صياغة أفكار ومقترحات في تأشير وسائل يراد منها أن تأتي منسجمة‬
‫مع ما وضعته الدراسات األخرى من مقترحات قد تساعد في تخفيف حدة األزمة المالية العالمية عام ‪ , 2008‬المتمثلة في‬
‫تراجع األسواق المالية ‪ ,‬وامتدادها الى القطاعات االقتصادية كافة‪ .‬كما تركز على الكشف عن تداعيات األزمة على‬
‫االقتصاد المحلي والعالمي‪ .‬وأخيرا تساهم في دراسة أسباب األزمة المالية العالمية‪ ,‬انسجاما مع ما توصل اليه االقتصاديون‬
‫والخبراء والباحثون والدارسون في محاوالت وضع الحلول المناسبة لمعالجة هذه األزمة ‪ .‬يهدف البحث الى دراسة مفاهيم‬
‫األزمات المالية العالمية‪ ,‬وجذورها‪ ,‬وبداياتها‪ ,‬واألسباب التي أدت الى حدوثها‪ ,‬وكذلك الكشف عن اآلثار الناجمة عن‬
‫األزمة المعاصرة وتداعياتها على االقتصاد العالمي ‪ ,‬وبخاصة اقتصادات الدول األوربية والنامية ‪ .‬والتعرف على آليات‬
‫معالجة اآلثار الناجمة عنها‪ ,‬وتقليل النتائج السلبية لها‪ .‬ومن ثم الوصول الى مجموعة من االستنتاجات المساعدة وعرض‬
‫بعض المقترحات التي يمكن ان تساهم في تقليل مخاطر األزمة المالية الراهنة وتداعياتها في االقتصادات‬
‫‪ :‬العالمية ‪.‬وبخصوص هيكلية البحث فقد تقسيم البحث الى أربعة فصول‬
‫‪.‬تضمن الفصل األول المدخل المفاهيمي لألزمات المالية‪ ,‬في اربعة مباحث‬
‫تناول المبحث األول مفهوم األزمة المالية وأسبابها وخصائصها‪ ,‬وتناول المبحث الثاني األزمة المالية ‪ ,‬من حيث البيئة‬
‫واإلجراءات والنظريات المفسرة لها ‪ .‬وتناول المبحث الثالث األزمة المالية في الفكر االقتصادي ‪ .‬أما المبحث الرابع فقد‬
‫تناول األدوات المالية مــن حيـث مفهومها و خصائصها وعالقتها في األسواق الماليــة ‪ .‬وتضمن الفصل الثاني اآلثار‬
‫االقتصادية لألزمة المالية العالمية وانعكاساتها في االقتصادات األوربية والنامية من خالل أربعة مباحث ‪ .‬تناول المبحث‬
‫األول األزمة المالية العالمية من حيث جذورها الفكرية‪ ,‬أسبابها‪ ,‬تداعياتها وتناول المبحث الثاني‪ ,‬طبيعة االقتصاد األمريكي‬
‫ومؤشراته الكلية وأثره في وقوع األزمة المالية العالمية عام ‪ . 2008‬وتناول المبحث الثالث ‪ ,‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬
‫المالية العالمية وانعكاساتها في االقتصادات األوربية ‪,‬أما المبحث الرابع فقد تناول اآلثار االقتصادية وانعكاساتها في الدول‬
‫النامية ‪ .‬وتضمن الفصل الثالث‪ ,‬اآلثار السياسية لألزمة المالية العالمية واالنعكاسات في االقتصادات األوربية و النامية في‬
‫أربعة مباحث ‪ .‬تناول المبحث األول‪ ,‬النظام الدولي في ضوء المتغيرات والتحوالت المعاصرة‪ ,‬وتناول المبحث الثاني‪,‬‬
‫اإليديولوجية السياسية (األوربية ‪ -‬األمريكية ) من حيث آثارها وانعكاساتها الدولية‪ ,‬وتناول المبحث الثالث‪ ,‬اآلثار السياسية‬
‫لألزمة المالية العالمية وانعكاساتها في اقتصادات الدول األوربية ‪ .‬أما المبحث الرابع‪ ,‬فقد تناول اآلثار السياسية لألزمة‬
‫المالية العالمية وانعكاساتها في االقتصادات النامية ‪ .‬أما الفصل الرابع واألخير الذي جاء بعنوان "تحليل اثر المتغيرات‬
‫االقتصادية الكلية في مؤشرات االسواق المالية النامية في اطار األزمة المالية العالمية ووسائل إدارتها (دول مجلس التعاون‬
‫الخليجي أنموذجا )" ‪ ,‬فقد تم في أربعة مباحث ‪ .‬تناول المبحث األول‪ ,‬المتغيرات االقتصادية الكلية وآثارها في النظام المالي‬
‫العالمي ‪ ,‬وتناول المبحث الثاني واقع أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي ومؤشراتها في المدة ‪-2009( .‬‬
‫‪ . )1990‬وتناول المبحث الثالث تقدير اثر عوائد أسواق النفط والمؤشرات االقتصادية الكلية في اسواق المال لدول مجلس‬
‫التعاون الخليجي ‪.‬أما المبحث الرابع فقد تناول أساليب إدارة األزمة المالية العالمية والدروس المستخلصة منها ‪.‬وانتهت‬
‫الدراســة بخاتمـــة وعــدد من االستنتاجــات والتوصـيـــات وتحديد المصـادر المعتمدة في البحث‬

You might also like