You are on page 1of 73

‫الفصل اخلامس عشر‬

‫رأتو وىو يسّب ببطء نسبيا وقد أزال اجلبّبة‬

‫فوقفت تراقبو ِخفية وىي تتعجب كيف‬

‫لشخص وسيم ىكذا أن يكون جلف هبذه‬

‫الطريقة وكيف يكون طبيبا وىو هبذه‬

‫األخالق؟!‬

‫كيف يتعامل مع ادلرضى إذا؟!‬

‫زمت شفتيها وىي تستدير لتغادر مكاهنا‬

‫لتتفاجأ بو أمامها ينظر ذلا اببتسامة وىو‬

‫‪1‬‬
‫يقول‪":‬كيف ِ‬
‫حالك اي طبيبة فداء؟"‬

‫"خبّب شكرا لك‪"..‬‬

‫قالت ابقتضاب ٍب اتبعت‪:‬‬

‫"محدا هلل على سالمتك"‬


‫"كل الشكر ِ‬
‫لك ولطاقم التمريض الذي‬

‫اىتم يب وحبالٍب"‬

‫قاذلا ساىد وىو يرمقها بنظرة ذات مغزى‬

‫فرمقتو رافعة حاجبيها بدىشة قبل أن تدرك‬

‫ما يرمي إليو وعن انتقادىا أنو مل يشكر أي‬

‫‪2‬‬
‫منهم قبال‪..‬‬

‫"إنو واجبنا‪ ..‬بعد إذنك"‬

‫قالت فداء ومهت ابدلغادرة ليسأذلا‪:‬‬


‫"ىل ِ‬
‫أنت مرتبطة؟"‬

‫رمقتو بدىشة من سؤالو‪":‬وما عالقتك‬

‫ابرتباطي من عدمو اي دكتور ساىد؟ إنو أمر‬

‫شخصي ال أربدث عنو مع الغرابء"‬

‫وتركتو مشدوىا بردىا وىو الذي حاول أن‬

‫يكون لطيفا معها كما أوصتو أمو!‬

‫‪3‬‬
‫***‬

‫جذبتها شيهانة من ذراعها وىي تقول‪:‬‬


‫"اجلسي ريفال وأخربيِب ماذا حيدث ِ‬
‫معك؟"‬

‫جلست ريفال ابستسالم وىي تعلم أهنا لن‬

‫تستطيع أن هترب من شيهانة ولن تتغاضى‬

‫شيهانة عن األمر إال وقد عرفت كل شيء‬

‫حيدث معها فقالت خبفوت‪:‬‬

‫"يبدو أنِب أحب زوجي‪"..‬‬

‫انظرهتا األعْب حوذلا بتعابّب سلتلفى‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫شيهانة رباول فهم ما خلف اجلملة ووىج‬

‫تشعر أن اجلملة بداية لشيء أكثر جدية أما‬

‫غزل فابتسمت بسعادة وىي تقول‪:‬‬


‫"ىذا شيء مجيل جدا اي ريفال‪ ,‬أسبُب ِ‬
‫لك‬

‫السعادة معو"‬

‫رمقتها شيهانة بنظرة جعلتها تبتلع لساهنا‬

‫وىي تنظر ذلا بتوجس فيما قالت شيهانة‬


‫ِ‬
‫زوجك اي‬ ‫ساخرة‪":‬اي إذلي! كيف رببيت‬
‫ِ‬
‫أخالقك أصبحت فاسدة جدا"‬ ‫فتاة؟ إن‬

‫‪5‬‬
‫مل تستطع وىج إال أن تضحك بقوة على رد‬

‫فعل شيهانة الساخر فيما ابتسمت ريفال‬

‫وىي ربِب عنقها تفكر فيما ستقولو بعد‬

‫ذلك أما غزل فظلت تناظرىن غّب مدركة دلا‬

‫حيدث ودلاذا حب ريفال لزوجها يوحي‬

‫بكارثة ما ترتسم على الوجوه الثالثة حوذلا!‬

‫"ىو ال حيبِب اي شيهانة‪ ..‬أان أحبو وىو ال‬


‫ِ‬
‫فهمت ادلشكلة؟"‬ ‫ىل‬

‫رمقتها وىج ساخرة وىي تسأذلا‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫منك إن مل ي ِكن ِ‬
‫لك ادلشاعر‬ ‫"ودلاذا تزوج ِ‬

‫اي ريفال؟ ال يوجد سبب جيعلو يفعل ذلك‬


‫ِ‬
‫ذباىك بكل أتكيد"‬ ‫إال مشاعره‬

‫"ىو يعرف كل شيء عن راشد‪ ,‬يعرف عن‬

‫عالقٍب بو وعن ىريب للزواج منو"‬

‫قالت ريفال خبفوت وتردد جعل األعْب‬

‫حوذلا تتسع بصدمة قبل أن ربلل شيهانة‬


‫األمر‪":‬وإن عرف وتزوج ِ‬
‫بك بعدىا ىذا‬

‫يدل على ادلشاعر أكثر من نفيها"‬

‫‪7‬‬
‫"كال‪ ,‬لقد تزوج يب حٌب ينتقم مِب"‬

‫قالت ريفال برعونة جعلت شيهانة تناظر‬

‫السقف بنفاذ صرب فيما ىتفت هبا وىج‪:‬‬

‫"وىل ىناك من يتزوج ذلذا األمر اي ريفال؟‬

‫أحنن داخل رواية ما؟ ابلواقع ال أحد يورط‬

‫نفسو بزجية مثل ىذه إال لو أحب أو على‬


‫ِ‬
‫اختارك بعقلو واالحتمالْب ال يوجد‬ ‫األقل‬
‫هبما ما يسيء ِ‬
‫لك بشيء"‬
‫ِ‬
‫جعلك تقولْب‬ ‫"دلاذا ينتقم ِ‬
‫منك؟ وما الذي‬

‫‪8‬‬
‫ىكذا اي ريفال؟"‬

‫سألتها غزل بقلق فأجابتها ريفال دبا ال‬

‫يعلمو أحد أبدا‪":‬عندما قررت اذلرب مع‬

‫راشد مجعت متعلقاٌب اذلامة حبقيبة صغّبة‬

‫وخرجت أتسلل وكان اللقاء ابلطريق بْب‬

‫القبيلتْب خاصة أنو كان مقطوعا لسنوات‬

‫ولكِب تراجعت عندما فكرت أبيب وما ديكن‬

‫أن يعاين منو لو فعلت ذلك لذا حاولت‬

‫االتصال براشد ولكن ىاتفو كان مغلقا أو‬

‫‪9‬‬
‫غّب متاح فعزمت على الذىاب لو وإخباره‬

‫أنِب لن أفعل ذلك وأن عليو أن حيارب‬

‫لنكون معا وأعاىده أنِب لن أتزوج بسواه‬

‫ولكِب عندما ذىبت ىناك مل أجد أحدا ٍب‬

‫بلحظات مسعت صوات غريبا مجد الدم‬

‫بعروقي وجعلِب أريد اذلرب عائدة للقبيلة‬

‫ولكِب مل أستطع فبلحظات كنت قد غبت‬

‫عن الوعي وعندما أفقت وجدت غازي‬

‫أمامي وأخربين أن راشد قد عاد من حيث‬

‫‪11‬‬
‫أتى وأنو سيعيد أرلاد قبيلتو الٍب عانت منها‬

‫نساء قبيلٍب مرة أخرى وبعدىا أخربين أن‬

‫أذىب وأنو سيتزوج يب ولن يعلم أحد عما‬

‫حدث ىنا سواان وىذا ما حدث"‬

‫انتهت ريفال من احلديث وىي تنهت‬

‫فرفعت بصرىا تنظر للفتيات فوجدت غزل‬

‫صامتة بصدمة ووىج تناظرىا هبدوء غامض‬

‫أما شيهانة فانفجرت ضاحكة بقوة جعلتها‬

‫تناظرىا بعدم فهم!‬

‫‪11‬‬
‫ِ‬
‫عاملك منذ زواجكما اي ريفال؟"‬ ‫"وكيف‬

‫سألتها وىج هبدوء ال يناسب ادلوقف أبدا‬

‫فأخربهتا ريفال خبجل عن أكثر من موقف‬

‫أىاهنا فيو حبديثو فأخربهتا شيهانة دبكر‪:‬‬

‫"ىذا يدل على مشاعره اي غبية"‬

‫رمقتها ريفال بتساؤل فتابعت شيهانة‪:‬‬


‫ِ‬
‫ذباىك كلما تذكر‬ ‫"الرجل حيارب مشاعره‬
‫ما فعلتيو وفِعل ِ‬
‫تك ال تغت فر كما تعلمْب"‬

‫قالت اجلملة األخّبة بنربة الئمة فأحنت‬

‫‪12‬‬
‫ريفال رأسها خبزي جعل غزل تضمها حبنو‬
‫أنك ِ‬
‫ندمت على‬ ‫وىي تقول‪":‬ولكننا نعلم ِ‬

‫ما حدث"‬

‫أومأت ريفال ودمعة تتساقط من عينها‬


‫ِ‬
‫أحاسبك اآلن ريفال‪,‬‬ ‫فقالت شيهانة‪":‬أان ال‬
‫ِ‬
‫وشعرت ابلندم وانتهى‬ ‫ِ‬
‫بذنبك‬ ‫ِ‬
‫اعَبفت‬ ‫لقد‬
‫ِ‬
‫ذباىك ذبعلو‬ ‫األمر‪ ..‬ما أقولو أن مشاعره‬
‫أنك ِ‬
‫فعلت ذلك‬ ‫يقَبب ولكن عندما يتذكر ِ‬

‫من أجل رجل آخر تثور كرامتو وتشتعل‬

‫‪13‬‬
‫ِ‬
‫يهينك من أجل أن يقتص‬ ‫ِ‬
‫فيخربك دبا‬ ‫غّبتو‬
‫ِ‬
‫منك ألجلهما"‬

‫رمقتها غزل ابنبهار من ربليلها العميق فيما‬

‫ابتسمت وىج وىي توافق شيهانة بتحليلها‬

‫ورمقتها ريفال بشك للحظات قبل أن‬

‫تسأذلا‪":‬وماذا علي أن أفعل"‬


‫ِ‬
‫"أفقديو صوابو"‬

‫قالت شيهانة دبكر فرمقتها ريفال بتساؤل‬

‫فيما ضحكت وىج بقوة أما غزل فاقَببت‬

‫‪14‬‬
‫من شيهانة لتسمعها علها تستفيد‪.‬‬

‫***‬
‫"ما ىذه ادلصيبة اي ريب؟"‬

‫ىتف ليث عندما ظهرت الفتاة فجأة أمامو‬

‫ومل يستطع تفاديها فارتطم هبا ابلسيارة‬

‫وألقاىا االرتطام على جانب الطريق فَبجل‬

‫من السيارة مسرعا وىرول إليها لّبى ماذا‬

‫حل هبا‪..‬‬
‫ِ‬
‫"أنت‪ ..‬اي فتاة! ما ىذه ادلصيبة؟"‬

‫‪15‬‬
‫ىتف ليث وىو يلكز الفتاة ادلستلقية على‬

‫األرض مغمضة عينيها يف استسالم‪..‬‬

‫حلظات مرت كدىر عليو حٌب فتحت الفتاة‬

‫عينيها وىي تتمتم‪":‬آآه‪ ,‬أمي‪ ..‬ماذا‬

‫حدث؟"‬
‫ِ‬
‫ظهرت أمامي فجأة اي مدللة‬ ‫"ما حدث ِ‬
‫أنك‬
‫فارتطمت ِ‬
‫بك‪ ,‬أال تعرفْب كيف سبشي‬
‫ابلشارع؟ كيف يَب ِ‬
‫كك والديك تسّبين هبذه‬

‫الطريقة الرعناء؟ كيف‪"..‬‬

‫‪16‬‬
‫كان ليث يتحدث وعود ترمقو مشدوىة‬

‫ابذلجوم عليها من قِبل ادلتسبب ابحلادث‬

‫على ما يبدو‪ ..‬أىو الغاضب؟!‬

‫قاطعتو ىاتفة وىي تقف بصعوبة نظرا‬

‫لتوجعها‪":‬أسّب هبذه الشوارع منذ نعومة‬

‫أظافري اي ىذا ومل حيدث يل شيء‪..‬‬

‫من أنت وكيف تسّب هبذه الطريقة الغبية‬

‫بطرقات بلدتنا؟"‬

‫"وأان أقود قبل أن تولدي اي صغّبة‬

‫‪17‬‬
‫ومل حيدث معي شيء أيضا‪"..‬‬

‫ىتف ساخرا قبل أن يتابع وىو يرمقها‬

‫ابستهانة‪":‬سلطئة وتتحدث أيضا"‬

‫"أنت ادلخطئ أيها الغريب‪ ..‬لقد ظهرت‬

‫فجأة أمامي وىذا الطريق ال سبر منو‬

‫السيارات من األساس"‬

‫شعر ليث ابحلرج ولكنو مل يعَبف لذا مشخ‬


‫بوجهو وىو يقول‪":‬أرى ِ‬
‫أنك خبّب لذا‬

‫سأغادر"‬

‫‪18‬‬
‫استدار فهتفت بو غّب مصدقة أنو يغادر‬

‫اتركا إايىا بعد أن صدمها بكل ىذه‬

‫البساطة!‬

‫"أنت‪ ..‬ىل ستغادر وتَبكِب ىكذا؟"‬

‫استدار إليها انظرا ذلا دبلل وىو يتساءل‬


‫ِ‬
‫سأمحلك‬ ‫ساخرا‪":‬وماذا سأفعل ِ‬
‫لك؟ ىل‬
‫ِ‬
‫منزلك؟"‬ ‫على ظهري وأسّب ِ‬
‫بك حٌب‬

‫رفعت رأسها ىاتفة بو بتهور‪":‬بل توصلِب إىل‬

‫منزيل فال أستطيع التحرك وقد صدمتِب‬

‫‪19‬‬
‫وقدمي تؤدلِب"‬

‫الحظ وقتها أهنا حقا ال تستطيع الوقوف‬

‫جيدا ويبدو أن قدمها تؤدلها إال أنو نظر ذلا‬


‫بدىشة وىو يسأذلا‪":‬إذا لو عرضت ِ‬
‫عليك‬
‫توصيلك دلنز ِ‬
‫لك ستوافقْب ببساطة؟"‬ ‫ِ‬

‫علمت أهنا أخطأت دبا قالتو فبكل أتكيد لن‬

‫تصعد لسيارتو وىي ال تعرفو من األساس‬

‫وهبذه اللحظة ظهر عمران فشاىد ابنة عمو‬

‫مع ليث فعقد حاجبيو بدىشة وىو يقَبب‬

‫‪21‬‬
‫منهما‪":‬ىل ىناك شيء اي عود؟"‬

‫التفتت لو عود وىي ربمد هللا أن ابن عمها‬

‫ظهر هبذا الوقت منقذا ذلا من ىذا الس ِمج‬

‫فيما ىتف ليث‪":‬ىل تعرفها اي دكتور؟"‬

‫ابتسم لو ليث وىو يقول‪":‬امسي عمران‬

‫اي ليث‪ ,‬وأجل ىي ابنة عمي سليم"‬

‫ٍب نظر ذلما معا وىو يسأذلما‪":‬ماذا حدث؟"‬

‫"لقد ظهرت اآلنسة أمامي فجأة‬

‫فاصطدمت هبا رغما عِب ونزلت ألرى ماذا‬

‫‪21‬‬
‫هبا ولكنها خبّب احلمد هلل"‬

‫رمقتو عود بغيظ والحظ عمران ىذا فكاد‬

‫يضحك وىو جيدمها يقفان بتحفز أمام‬

‫بعضهما وكأهنما أعداء ال شخصْب تقابال‬

‫للتو!‬
‫ألوصلك دلنز ِ‬
‫لك"‬ ‫ِ‬ ‫"حسنا اي عود تعايل‬

‫قالت عمران زلاوال حل األمر بينهما فقد‬

‫شعر أهنما سيمسكان بشعر بعضهما لو‬

‫تركهما إال أن ليث أخربه‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫"قدمها تؤدلها لذا اصعد معنا حٌب نوصلها‬

‫للمنزل"‬

‫أومأ عمران ببساطة وأشار لعود الٍب‬

‫صعدت إىل السيارة بصعوبة ولكنها مل‬

‫تطلب ادلساعدة من أي منهما ورغما عنو‬

‫شعر ليث ابإلعجاب بفعلتها‪.‬‬

‫***‬
‫رنْب اذلاتف فاجأه وىو يوصل عود دلنزذلا‬

‫والذي كان قريبا نوعا ما فأجابو دون أن‬

‫‪23‬‬
‫ينظر ليجدىا غزل‪..‬‬

‫"ليث‪ ,‬ىل ستعيدان للمنزل أم حندث‬

‫السائق؟"‬
‫سألتو غزل فأخربىا‪":‬بل ِ‬
‫سآت لكن بعد‬

‫قليل اي غزل‪ ..‬ىل أهنيًب الزايرة ابكرا‬

‫ىكذا؟"‬

‫تساءل ليث بدىشة فيما انتبو رفيقاه دلا‬

‫يقولو وكل لسبب بنفسو‪.‬‬

‫فعمران انتبو أن غزل ببلدتو وىو ال يعلم‬

‫‪24‬‬
‫فأصاخ السمع حلديث ليث مع أختو‬

‫أما عود فشعرت ابلغيظ من غزل‪..‬‬

‫أىي زلط أنظار شباب قبيلتها أيضا وليس‬

‫عمران ابن عمها فقط؟!‬

‫ماذا دييزىا عنها ليهتم هبا اجلميع ىكذا؟!‬

‫أفاقت على وصوذلا للمنزل وكان والدىا‬

‫خارجا ابلصدفة منو فاقَبب بقلق وىو‬

‫يسأل عما حدث فأخربه عمران دبلخص‬

‫ما حدث فوخبها والدىا بقلق‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫ِ‬
‫كعادتك‬ ‫وأنت سائرة‬ ‫ِ‬
‫أخربك أال تشردي ِ‬ ‫"أمل‬
‫ِ‬
‫شرودك‬ ‫اي عود؟ كان ديكن أن سبوٌب بسب‬

‫ادلعتاد ىذا"‬

‫رغما عنو انظرىا ليث ِخفية بتشفي فوالدىا‬

‫يؤكد أهنا ادلخطئة إال أنو شعر بوخزة بقلبو‬

‫عندما الحظ دموعها الٍب رباول كبحها‬

‫ويبدو أن والدىا الحظها كذلك فقد ضمها‬

‫لو وبلحظة كان حيملها بعد أن رحب بليث‬

‫وشكره وأرسل السالم لوالده ٍب دخل اببنتو‬

‫‪26‬‬
‫للمنزل وقد دعامها لدخول اجمللس إال أن‬

‫كالمها اعتذر وكل ألسبابو اخلاصة‪..‬‬

‫فليث كان سيعيد أختو وبنات عمو للمنزل‬

‫أما عمران فكان يريد رؤيتها بعد أن قرأ‬

‫أغلب ما كتبتو يف مذكراهتا‪ ..‬يشعر أنو‬

‫أصبح قريبا منها بعد ما قرأه ولو أنو ال ي ِكن‬

‫ذلا مشاعر قوية مثلها إال أنو دييل إليها‬

‫ويشعر أهنا تناسبو وتناسب مواصفاتو الٍب‬

‫يرجوىا بزوجة ادلستقبل‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫"ىل أوصلك دلكان اي عمران؟"‬

‫سألو ليث سلرجا إايه من زبيالتو فأجابو‬

‫عمران الذي الحظ غّبة ليث الشديدة على‬

‫نسائو وخاصة أختو‪":‬شكرا لك ليث‬

‫سيارٌب دبكان قريب من ىنا سأغادر أان"‬

‫ٍب مازحو‪":‬ىل ستعرف الطريق أم ستصطدم‬

‫أبحد آخر؟"‬

‫ابتسم ليث وىو يقول جياريو دبرحو‪:‬‬

‫"مرة واحدة تكفي"‬

‫‪28‬‬
‫***‬
‫"ىل تقول الصدق أخي؟"‬

‫ىتف حيدر وىو يقفز مهلال بفرحة ما إن‬

‫أكد حاًب على موافقة الفتاتْب شيهانة‬

‫وشادن فقهقو حاًب وأدلاسة واألول يضم‬

‫شقيقو يبارك لو بفرحة فيما ظل حسن‬

‫يناظرىم بصدمة للحظات فربت حاًب على‬

‫كتفو متعاطفا معو وىو يقول‪":‬ألست فرحا‬

‫دبوافقة شيهانة اي حسن؟"‬

‫‪29‬‬
‫ازدرد حسن ريقو بصعوبة وىو ينظر ألخيو‬

‫األكرب بعدم تصديق وىو يقول‪":‬ىل وافقت‬

‫حقا؟ ىل ستكون يل اي حاًب؟"‬

‫مل يتمالك حاًب نفسو فضمو لو بقوة وىو‬

‫يقول حبنو‪":‬أجل أخي‪ ,‬ستكون لك‪,‬‬

‫حاللك كما حلمت‪ ..‬سيتحقق احللم‬

‫اي أخي حادلا تقرروا موعدا لعقد القران"‬

‫ىتف حيدر بلهفة‪":‬والزفاف أيضا"‬

‫ضحكت أدلاسة بقوة وىي سبسح دموعها‬

‫‪31‬‬
‫من موقف حسن وحيدر الذي ذكرىا‬

‫حببيبها قبل سنوات فقالت‪":‬ىل تريد‬

‫الزفاف مع عقد القران حقا اي حيدر؟"‬

‫"أجل أخٍب‪ ,‬سأفضح لو كان عقد قران‬

‫فقط"‬

‫انفجر اجلميع ضاحكا لتهتف إيالف‬

‫بسعادة‪":‬ومشاري سيأٌب بعد يومْب أمي‪..‬‬

‫لقد اشتقت لو كثّبا"‬

‫"أجل‪ ..‬ادلنزل دونو ال طعم لو حقا"‬

‫‪31‬‬
‫قال حيدر حبنو وىو ينظر لزوجة أخيو الٍب‬

‫امتألت عيناىا ابلدموع فأخربىا مازحا‪:‬‬

‫"أال تقولْب بل أنتما نكهتو اي حيدر‪..‬‬

‫أليس ىناك رلاملة حٌب اي زوجة أخي"‬

‫ابتسمت أدلاسة من بْب دموعها وىي تقول‬

‫بصدق‪":‬وجودك وحسن ىو ما يصربين على‬

‫غياب مشاري اي حيدر وأنت تعلم جيدا‬

‫أنِب منذ عرفتكما وأنتما دبثابة ابنْب يل"‬


‫ِ‬
‫ولوالك دلا كنا احتملنا احلياة‬ ‫"نعلم أخٍب‪,‬‬

‫‪32‬‬
‫بعد وفاة والدٌب"‬

‫قال حسن ابمتنان فهتفت إيالف من بْب‬

‫دموعها‪":‬ما ىذه العائلة؟ أخربكم خبرب سعيد‬

‫ذبعلوين أبكي! سأخرب هللا بكل شيء"‬

‫قهقو حيدر وىو يضمها لو قائال إبغاظة‪:‬‬


‫"وأان سأخرب العريس ادلتقدم ِ‬
‫لك أنو ليس‬

‫لدينا عروس فابنتنا لن نفرط هبا بسهولة"‬

‫"أىناك عريس تقدم البنٍب ومل زبربين‬

‫اي حيدر؟"‬

‫‪33‬‬
‫ىتف حاًب بدىشة فابتسم حيدر وىو‬
‫يهمس ذلا‪":‬حيدر سيقتل من ربت ر ِ‬
‫أسك‬

‫اي فتاة‪ ,‬ليتِب صمت"‬

‫ابتسمت إيالف وىي تكبح ضحكتها‬

‫العالية فيما قال حيدر خبوف مصطنع‪:‬‬

‫"إنو زميل يل اي حاًب ويريد أن يناسبنا"‬

‫"ىل أخالقو جيدة؟"‬

‫"ىل ىو ابلشرطة أيضا؟"‬

‫ىتف حاًب وأدلاسة كل بسؤالو بنفس الوقت‬

‫‪34‬‬
‫فأجاهبما حيدر‪":‬أجل ىو شخص جيد وىو‬

‫زميلي ابلشرطة أجل أخٍب ولكنو يصغرين‬

‫بعدة سنوات"‬

‫"ال لن أزوجها بشرطي‪ ,‬يكفي خويف عليك‬

‫اي حيدر"‬

‫قالت أدلاسة خبوف لتجيبها إيالف‪:‬‬

‫"أان ال أريد الزواج من األساس أمي‪..‬‬


‫ال تقلقي لن أتر ِ‬
‫كك ابلوقت احلايل"‬

‫وغادرهتم بعد مجلتها الغريبة والٍب جعلت‬

‫‪35‬‬
‫اجلميع قلقا ومراتاب هبا‪.‬‬

‫***‬
‫مل يرىا منذ ذلك اليوم الذي أعلنت فيو‬

‫رفضها لسعود صديقو وقرارىا ابلعودة‬

‫النهائية للوطن ومن يومها أيضا وىو يعيش‬

‫جبحيم عشقو ذلا‪..‬‬

‫ألن ينتهي عذابو بسببها أبدا؟!‬

‫لقد أخطأ ابلقدوم إىل ىنا‪ ,‬كان البد أن‬

‫يذىب لبلد آخر للحصول على الدكتوراة‬

‫‪36‬‬
‫فرؤيتها مرة أخرى أججت أشواقو وعشقو‬

‫الكامن والذي ظن أنو انتهى منذ زمن بعيد‪.‬‬

‫زفر بقوة وىو يهبط الدرجات ليجدىا أمامو‬

‫توقف بغتة بعد أن كان على شفا االصطدام‬

‫هبا‪ ..‬فهتف هبا بنربة غاضبة خرجت منو ال‬

‫إراداي‪":‬دلاذا تقفْب هبذه الطريقة الغبية‬

‫دبنتصف الطريق؟"‬

‫رمقتو اتليا بدىشة من غضبو الواضح قبل‬

‫أن تقول بربود‪":‬أنتظرك"‬

‫‪37‬‬
‫تفاجأ بردىا فرمقها بتوجس وىو يسأذلا‪:‬‬

‫"ماذا تريدين؟"‬

‫"أريد إخبارك بشيء ومساع رأيك ولكن‬

‫أخربين أوال ىل صديقك ديكنو ترك البلد‬

‫ىنا واجمليء معي لبلدتنا؟"‬

‫قالت اتليا هبدوء أجج غضبو إال أنو تنفس‬

‫بقوة قبل أن جييبها‪":‬ال أظن ذلك فقد عاش‬

‫كل حياتو ىنا وعملو ومستقبلو ىنا ولكن‬


‫إذا ِ‬
‫أردت أن أسألو فسأفعل"‬

‫‪38‬‬
‫ىل تضربو؟ أم زبنقو؟!‬

‫تساءلت اتليا داخلها فقد أجاهبا بربود‬

‫جعلها تريد خنقو علها تسَبيح منو ومن‬

‫غبائو‪ ..‬أال يغار عليها ولو على سبيل‬

‫احلمية القبلية؟!‬

‫إال أن مالزلها اذلادئة مل تظهر كل الصراع‬

‫الدائر داخلها فقالت هبدوء‪":‬كال‪ ,‬فحياة‬

‫األطباء ال تناسبِب على كل حال"‬

‫ٍب اتبعت بنربة مازحة‪":‬ادلهندسون أفضل"‬

‫‪39‬‬
‫رمقها بصدمة ربولت لغيظ شديد ما إن‬

‫اتبعت‪":‬يبدو أنِب سأقبل ابلعريس الذي‬

‫تقدم يل ابلوطن فعلى األقل سيجعلِب جوار‬

‫عائلٍب دوما"‬

‫ظل صامتا للحظات قبل أن يسأذلا‪:‬‬

‫"أىو قتادة؟"‬

‫رمقتو اتليا ببالىة للحظات وىي تتساءل‬

‫من قتادة؟!‬

‫إال أن إدراكها دلغزى سؤالو جعلها تريد‬

‫‪41‬‬
‫الرقص طراب لغّبتو الٍب اتضحت بسؤالو عن‬

‫شخص تغزلت فيو قدديا أمامو فقط ليتحرك‬

‫إال أنو دوما يتحرك ابالذباه ادلقابل لرغباهتا‪.‬‬

‫"إنو ِسر اي ابن العم‪ ..‬فالعريس حدثِب‬

‫شخصيا وأان أجلت إجابٍب حٌب أراه‬

‫ابلوطن"‬

‫وغادرت اتركة إايه يشتعل كأتون ال يهدأ‪.‬‬

‫***‬

‫‪41‬‬
‫"ما ر ِ‬
‫أيك ابنٍب؟"‬

‫سأذلا قسورة حبنو فيما ابتسمت بينار على‬

‫رد فعل ابنتها ادلضحك‪..‬‬

‫فقد فغرت فاىا وىي تنظر لوالدىا ابنشداه‬

‫وتتساءل‪":‬من تقدم خلطبٍب؟"‬

‫"دكتور عمران حبيبٍب شقيق زوج ريفال"‬

‫قال قسورة ٍب اتبع بشك‪":‬أال تعرفينو؟‬


‫إنو يدرس ِ‬
‫لك على ما أظن"‬

‫"أعرفو‪..‬أجل"‬

‫‪42‬‬
‫قالت غزل خبفوت فكادت بينار تضحك‪..‬‬

‫ابنتها تذكرىا هبا وحبماقتها وىي صغّبة‪..‬‬

‫فقد كانت فرحة خبطبة قسورة إال أهنا كانت‬

‫أكثر جرأة منها أما غزل فتشبو جوزال أكثر‬

‫برقتها وىدوئها‪.‬‬

‫"أال توافقْب عليو اي غزل؟ أخربيِب ابنٍب‬


‫ِ‬
‫يرضيك"‬ ‫ولن أفعل إال ما‬

‫قال قسورة بريبة من رد فعل ابنتو الغريب‬

‫أما غزل فكانت بعامل آخر‪..‬‬

‫‪43‬‬
‫ىل حقا عمران تقدم ذلا؟!‬

‫أمل يقال أنو خطب ابنة عمو؟!‬

‫ماذا حيدث؟ أىي حبلم وستستيقظ منو أم‬

‫ماذا؟! ىل حقا والدىا يسأذلا رأيها بعمران؟‬

‫اي إذلي أجل أجل‪..‬‬


‫مل تلحظ أهنا نطقت ابلكلمتْب بصوت ٍ‬
‫عال‬

‫فرحة إال عندما ارتفع حاجيب والدىا ألعلى‬

‫دبفاجأة فيما انفجرت بينار ضاحكة على رد‬

‫فعل ابنتها اذلبالء‪..‬‬

‫‪44‬‬
‫أما غزل فما إن أدركت ما فعلتو حٌب ىربت‬

‫سريعا من أمام والديها وىي تشعر ابخلجل‬

‫واخلزي الشديدين‪..‬‬

‫كيف تفعل ذلك وأمام والدىا أيضا؟!‬

‫لن تستطيع النظر لوجهو ألشهر قادمة‪.‬‬

‫انظرىا قسورة حٌب اختفت من أمامو بغرفتها‬

‫ٍب أعاد بصره لبينار الضاحكة وىو يتساءل‪:‬‬

‫"ىل قالت أجل بسعادة أم أنِب أىذي؟!"‬

‫ضحكت بينار مرة أخرى وىو تومئ قائلة‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫"أجل حبييب‪ ,‬يبدو أن ابنتك واقعة حبب‬

‫أستاذىا لذا ص ِدمت عندما علمت بطلبو‬

‫الزواج منها ووافقت كاذلبالء"‬

‫شعر ابلغّبة إال أنو كبح غّبتو كعادتو‬

‫السمحة وىو يسأذلا‪:‬‬

‫"لقد سألت عليو واجلميع أشاد أبخالقو‪,‬‬


‫فما ر ِ‬
‫أيك أن أحدد موعدا لعقد القران‬

‫كما طلب؟"‬

‫أومأت بينار وقالت‪:‬كما تريد حبييب‪,‬‬

‫‪46‬‬
‫العقىب لدى ليث"‬

‫مل تكد تكمل مجلتها حٌب دلف ليث وقال‪:‬‬

‫"أيب‪ ,‬أمي‪ ..‬أريد الزواج"‬

‫انظره االثنان بصدمة قبل أن يسألو قسورة‪:‬‬

‫"ومن ىي العروس؟ أم زبتار لك والدتك؟"‬

‫"كال لقد اخَبت‪ ..‬أريد الزواج بعود سليم‬

‫الباشا"‪.‬‬

‫****‬
‫"ما هبا قبيلة الباشا تريد االستيالء على‬

‫‪47‬‬
‫فتياتنا وشبابنا ىكذا؟"‬

‫قال سلطان حبنق فضحكت مشوخ وىي‬

‫تقول‪":‬فلتحمد هللا أن أبناءك مل يكن‬

‫نصيبهم منها أيضا"‬

‫"احلمد هلل"‬

‫قاذلا سلطان براحة شلا دفع ابالبتسامة‬

‫لشفٍب مشوخ الٍب سألتو‪":‬ىل تعرف شيئا‬

‫سيئا عنهم؟ أقصد عن القبيلة اآلن ابلطبع"‬

‫تنهد سلطان تنهيدة طويلة قبل أن يقول‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫"ابلواقع كال‪ ..‬إن الشيخ انصر والشيخ‬

‫عامر والشيخ سليم وأوالدىم ال غبار عليهم‬

‫أبدا وال عالقة هبم وبْب كل أعمال أخيهم‬

‫وأبيهم ادلشبوىة‪ ..‬بل كانوا رافضْب كل‬


‫ذلك وقتها أيضا رغم ِ‬
‫صغر عمرىم وىذا‬

‫ما شجعِب على قبول الصلح بْب القبيلتْب‬

‫والنسب أيضا"‬

‫صمت للحظات قبل أن يتابع‪:‬‬

‫"ولكِب سبنيت أال زبرج فتياتنا خلارج‬

‫‪49‬‬
‫القبيلة‪ ..‬ولكنو النصيب على كل حال"‬

‫ربتت على كتفو بدعم وىي تقول‪:‬‬

‫"ما يهمنا أن يكونوا سعداء اي سلطان‪,‬‬

‫وكلو نصيب كما قلت حبييب"‬

‫***‬
‫ربول عقد قران غسان وخزامى إىل عقد‬

‫قران وزفاف أيضا بعدما طالب غسان عمو‬

‫أن تكمل تعليمها ببيتو ىو وأنو لن يقصر‬

‫معها بشيء وابلطبع وافق عمو دون تردد‬

‫‪51‬‬
‫فهو حيب غسان جدا ويعلم كم يعشق ابنتو‪.‬‬

‫ليال‬

‫واقفة بغرفتها وحوذلا أختيها عود ورىب‪..‬‬

‫عود تعدل من زينتها البسيطة والٍب ابلكاد‬

‫وافقت على وضعها فيما تعدل رىب من‬

‫وضع الثوب الرائع الذي ترتديو والذي‬

‫أرسلو ذلا غسان وكأنو يؤكد ملكيتو ذلا قبل‬

‫حٌب أن تكون لو شرعا‪.‬‬

‫زفرت بقوة وىي تقول حبنق‪":‬يكفي ىذا‪..‬‬

‫‪51‬‬
‫ماذا تفعالن كل ىذا ال أفهم!"‬

‫رمقتها رىب حبنق وىي تقول‪":‬نعدل من‬


‫وضعك‪ ..‬ال أفهم ِمل ِ‬
‫أنت نزقة اليوم ىكذا؟"‬ ‫ِ‬

‫ٍب النت نربهتا وىي تقول حبنو‪:‬‬

‫"افرحي خزامى‪ ,‬فهذه اللحظات لن تتكرر‬

‫أبدا وستندمي كثّبا لو مرت دون أن‬

‫تستمتعي هبا"‬

‫أطرقت خزامى وىي تعَبف حبديث أختها‬

‫داخلها‪ ..‬ىي تعرف أهنا ستكون لو عاجال‬

‫‪52‬‬
‫أم آجال كما أهنا تعرف جيدا أهنا رببو ولوال‬

‫ىذا ادلوقف القدمي والذي بدأت تشك يف‬

‫حدوثو بعد رد فعلو تلك ادلرة لكانت تقفز‬

‫فرحا اآلن‪ ..‬ولكن ماذا تفعل؟!‬

‫ىذا الوسواس داخلها ال يَبكها أبدا خاصة‬

‫عندما ترى خنساء أمامها يتلبسها ألف‬

‫ِعفريت وادلشهد يعود فيتمثل أمامها مرة‬

‫أخرى لتهتف أنو كاذب وشلثل زلَبف مثل‬

‫ىذه الٍب تنوء حبملها أمامها!‬

‫‪53‬‬
‫لقد أصبحت تشك بنسب بيداء حٌب!‬

‫استغفرت داخلها وىي تغمض عينيها بقوة‬


‫لتفتحها وعود زبربىا‪":‬غسان ِ‬
‫حيبك كثّبا‬

‫عليك‬ ‫ِ‬
‫أفكارك تفسد ِ‬ ‫اي خزامى فال ذبعلي‬
‫ِ‬
‫فرحتك أخٍب"‬

‫عزمت أمرىا على االستماع ألختيها‬

‫واالستمتاع ابالحتفال الذي لن يتكرر على‬

‫كل حال فهي لن تكون لسواه ولن تَبكو‬

‫لسواىا مهما كان حقيقة ما حدث قدديا‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫***‬
‫عقد قران وزفاف حسن وشيهانة‬

‫حيدر وشادن‬

‫دلف شهم ليأخذ توقيع شيهانة فتغطت‬

‫الفتيات مجيعا حٌب زوجتو وىج والواقفة‬

‫جوار أختو تدعمها وتربت على ظهرىا حبنو‬

‫جعلو يتمُب لو كانت الربتة على ظهره ىو‪..‬‬

‫ارتعاشة لذيذة سرت جبسده ما إن راودتو‬

‫الفكرة فارتسمت ابتسامة رقيقة على شفتيو‬

‫‪55‬‬
‫جعلت وىج تريد ضربو‪ ..‬دلاذا يبتسم ىذا؟‬

‫ودلاذا ىو وسيم ىكذا؟!‬

‫زمت شفتيها وىي ربث شيهانة على‬

‫االنتهاء من التوقيع علو خيرج قبل أن تنفجر‬

‫فيو بسبب غّبهتا عليو‪.‬‬

‫بعد حلظات كان يغادر وىو يهمس ذلا‪:‬‬


‫"موعدان بعد أسبوعْب اي ذات الغمازات"‬

‫ذباىلت تعليقو الوقح وركزت مع شيهانة‬

‫الٍب بدت اتئهة عما حيدث حوذلا ‪..‬‬

‫‪56‬‬
‫"ىل أصبحت زوجتو حقا؟ "‬

‫تساءلت شيهانة بت يو فرمقتها وىج اببتسامة‬

‫حنونة وىي تقول‪":‬أجل حبيبٍب لقد‬


‫ِ‬
‫أصبحت لو أخّبا"‬

‫شعرت ابلدموع سبأل مقلتيها لتخرجها شادن‬

‫من ىذا االنفعال والٍب سبقتها ابلتوقيع وىي‬

‫تقول خبوف‪":‬ال‪ ,‬ال أريد رؤيتو بعد العقد‪,‬‬

‫ال‪ ..‬أان غّب موافقة‪ ,‬أخربوا أيب أال يزوجِب‬

‫لو‪"..‬‬

‫‪57‬‬
‫قهقهت وىج على جنون شادن الٍب كانت‬

‫ملهوفة على الزواج طوال الفَبة السابقة وىا‬

‫ىي تَباجع بكل جنب بوقتها خاصة أن األمر‬

‫أصبح زفاف مع العقد‪ ..‬فيما ابتسمت‬

‫شيهانة الٍب تقدر شعورىا فما سبر بو مشابو‬

‫دلا ينتاهبا اآلن‪..‬‬

‫خوف وقلق وارتباك كلها مشاعر اجتمعت‬

‫عليها وجعلتها تريد اذلرب بعيدا‪.‬‬

‫"لقد سبق السيف العزل اي ابنة العم‪ ,‬ماذا‬

‫‪58‬‬
‫ِ‬
‫أيخذك ويغادر إذا؟"‬ ‫ستفعلْب عندما‬

‫قالتها آفيندار وىي ربرك حاجبيها إبغاظة‬

‫فنبض قلب شيهانة بقوة وىي تشعر أهنا‬

‫لن تستطيع حقا أن تكمل الزفاف وتذىب‬

‫معو دبفردىا‪..‬‬

‫ىل ستكون ىي وحسن دبفردمها؟!‬

‫ىل أصبحت لو زوجتو وحبيبتو وربقق احللم‬

‫أخّبا بعد كل ىذه السنوات الٍب عاشتها‬

‫بعذاب عشقو الدفْب بصمت؟!‬

‫‪59‬‬
‫"ال تقلقي حبيبٍب‪ ,‬لن نَبككما لو"‬

‫قالتها اتليا دبرح وىي تضم شيهانة ذلا حبنو‬

‫حادلا الحظت حالتها فأخرجتها من شرودىا‬

‫دبشاعرىا ادلبعثرة وساد ادلرح بْب الفتيات‬

‫فيما اتليا هتتف‪":‬ىيا إىل الرقص اي فتيات"‬

‫اندفعت الفتيات تتبارى كل منهن ابلرقص‬

‫وكل منهن ذبذب شيهانة اترة وشادن اترة‬

‫أخرى حٌب ال يَبكومها ألفكارمها وقلقهما‬

‫الطبيعي واتليا تتساءل داخلها ىل لو‬

‫‪61‬‬
‫حدثت ادلعجزة وتزوجت دبشاري ستكون‬

‫بنفس حالتهن؟!‬

‫***‬

‫"مبارك اي شيخ الشباب"‬

‫قاذلا دايب دبرح وىو يغمز حسن الذي‬

‫ابتسم حبرج وىو يقول دبرح زلاوال ذباوز‬

‫حرجو ‪":‬أنتم السابقون اي ذئبنا"‬

‫ابتسم دايب وىو يربت على كتفو بود‬

‫ىامسا لو‪":‬أرأيت ابنتنا ال تعض فلِم أتخرت‬

‫‪61‬‬
‫إىل ىذا احلد يف طلب ما يؤنِس قلبك‬

‫اي طبيب القلوب"‬

‫ارتبك حسن لينقذه حيدر دون أن يدري‬

‫وىو يقول دبرح‪" :‬أحسن فقط من تزوج‬

‫اي دايب؟ أال يوجد مبارك اي حيدر؟"‬

‫ابتسم دايب وىو يقول دبرح شلاثل‪:‬‬

‫"بل سأقول كان هللا بعونك اي حيدر"‬

‫قهقو قتادة وىو يشاركو ادلرح‪":‬وأان أشاركو‬

‫الدعاء بقوة‪ ..‬أعانك هللا على ما ينتظرك‬

‫‪62‬‬
‫اي حيدر من أخٍب اذلادئة العاقلة"‬

‫ابتسم حيدر وىو يقول هبيام‪:‬‬

‫"تفعل كل ما تريده ولكن تكون يل‬

‫وال يهمِب شيئا آخر بعدىا"‬

‫ضربو قتادة على ظهره دبزاح ثقيل وىو‬

‫يقول‪":‬اجعل مشاعرك لنفسك اي رجل حٌب‬

‫أدعك أتخذىا للمنزل بعد انتهاء االحتفال"‬

‫"أىناك شك أال آخذىا معي؟"‬

‫تساءل حيدر بريبة جعلت الشباب‬

‫‪63‬‬
‫ينفجرون ابلضحك عليو وعلى ذلفتو فيما‬

‫قال حسن‪":‬العقىب لديكم مجيعا‬

‫اي شباب"‬

‫تعالت الدعوات بينهم دبرح فيما شرد‬

‫مشاري بوجو صديقو قتادة السعيد بطريقة‬

‫غريبة‪ ..‬ىناك شيء خيفيو قتادة وخيشى أن‬

‫يكون الشيء الذي خبيالو!‬

‫ال يعلم ماذا عليو أن يفعل حٌب يتأكد!‬

‫بل ال يعلم ماذا سيفعل حٌب لو أتكد من‬

‫‪64‬‬
‫األمر؟! ىل خيربه أنو حيبها حٌب يصرف نظر‬

‫عنها؟! أجل لو أخربه سيلغي تفكّبه هبا سباما‬

‫ولكن ماذا عنها ىي؟!‬

‫ردبا تريد قتادة ال ىو؟!‬

‫يكاد جين من التفكّب وىذا جعلو خيرج من‬

‫االحتفال قليال للحديقة اخلارجية حياول‬

‫تنحيتها من تفكّبه دون أمل ليجدىا أمامو!‬

‫كانت تتحدث ابذلاتف وقد وضعت عباءهتا‬

‫عليها كيفما اتفق فاقَبب منها دون إرادة‬

‫‪65‬‬
‫وما إن أهنت احلديث حٌب التفتت لتعود‬

‫للداخل إال أهنا وجدتو أمامها فأجفلت قبل‬

‫أن تتعرف عليو فابتسمت لو وىي ربييو‬

‫سريعا لتعود من حيث أتت إال أنو أمسك‬

‫ذراعها بتهور وىو يسأذلا‪":‬ىل رببينو؟"‬

‫رمقتو بريبة فألول مرة مرة يقَبب منها‬

‫مشاري هبذه الطريقة بل ويلمسها أيضا!‬

‫"من ىو؟"‬

‫"قتادة‪ ..‬ىل رببينو؟ ىل ىو السبب يف‬

‫‪66‬‬
‫عودتك للوطن؟ ىل ِ‬
‫عدت من أجلو‬ ‫ِ‬

‫اي اتليا؟"‬

‫اتسعت عيناىا بقوة وىي تتأكد من حدسها‬

‫الذي أخربىا أنو مل ينسها ذلا أبدا‪..‬‬

‫"قتادة حيب إيالف وقد تقدم ذلا ابلفعل‬

‫اي مشاري وىي وافقت"‬

‫قالت هبدوء عل عقلو يعود إليو إال أنو مل‬

‫يهمو ما قالتو أبدا بل سأذلا‪:‬‬


‫ِ‬
‫نفسك اي اتليا‪ ..‬ىل رببْب‬ ‫ِ‬
‫"أسألك عن‬

‫‪67‬‬
‫قتادة؟ ىل كان ىو العريس الذي تفكرين‬
‫ِ‬
‫وعدت من أجلو للوطن؟"‬ ‫فيو‬

‫"وما دخلك أنت ىا؟ ال حق لك أبدا أن‬

‫تسألِب شيئا كهذا كما ال حق لك بلمسي‬

‫أبدا كما تفعل اآلن"‬

‫ىتفت بو اتليا بغيظ من غبائو‪ ..‬ىل يريدىا‬

‫أن تعَبف لو حببها؟!‬

‫أال يدرك أي شيء من تعاملها معو ىو‬

‫خاصة هبذه األرحيية؟!‬

‫‪68‬‬
‫"أخربيِب اتليا‪ ,‬أخربيِب فأان أكاد أجن من‬
‫التفكّب ِ‬
‫بك مع أحد سواي"‬

‫قاذلا مشاري بتعب فرمقتو بعينْب مألمها‬

‫الدمع وىي تقول‪":‬أنت غيب اي مشاري‪..‬‬

‫غيب جدا حٌب ال تالحظ حيب لك كل ىذه‬

‫السنوات‪ ..‬حيب الذي كتمتو داخلي ما إن‬

‫رأيت نظرتك ادلزدرية يل تلك ادلرة وأقسمت‬

‫أن أنساك إال أنِب حنثت بقسمي ما إن‬

‫رأيتك أمامى مرة أخرى وعلمت وقتها أنِب‬

‫‪69‬‬
‫لو مل أكن لك لن أكون لسواك أيها الغيب"‬

‫أهنت حديثها وعادت مسرعة للداخل‬

‫وتركتو مشدوىا ابعَبافها‪.‬‬

‫***‬
‫"دلاذا أتخر حرب ىكذا؟"‬

‫تساءلت والدة حرب بقلق وىي تنظر‬

‫لكنتها فأجابتها خنساء‪":‬ال أعلم أمي‪ ,‬لقد‬

‫ىاتفتو منذ عدة ساعات ومن بعدىا مل يرد‬

‫على اذلاتف ولكنو أرسل رسالة أنو سيأٌب‬

‫‪71‬‬
‫على موعد عقد القران وحٌب اآلن ال أعرف‬

‫عنو شيئا!‬

‫استغفرت والدة حرب وىي تنحي قلقها‬

‫جانبا وتنهض لتستقبل النساء الالٌب أتْب‬

‫للتهنئة وىي ترسم ابتسامة واىية على‬

‫شفتيها فيما انتحت خنساء جانبا وىي‬

‫رباول االتصال هباتف زوجها الذي يرن دون‬

‫رد منذ بعض الوقت‪..‬‬

‫لقد انتهى عقد القران ومازال مل يصل!‬

‫‪71‬‬
‫دلاذا أتخر ىكذا؟ وما الداعي ذلذا العمل‬

‫بيوم زفاف شقيقو ال تعلم!‬

‫زفرت خبفوت وقلبها ينغزىا بقوة تشعر أن‬

‫ىناك شيء سيء حدث لو وال تعلم من زبرب‬

‫هبذا الوقت والزفاف على أشده وعمها‬

‫غاضب من أتخّبه أيضا وكل حلظة يرسل ذلا‬

‫مع بيداء يسأذلا عنو وىي ال تعرف شيئا عنو‬

‫زفرت مرة أخرى‪ ..‬الوقت دير والزفاف‬

‫سينتهي وىو ال خرب عنو والكل قلق عليو‬

‫‪72‬‬
‫حٌب شقيقو العريس ىاتفو عدة مرات دون‬

‫جدوى وما إن مهت ابلدخول لالحتفال مرة‬

‫أخرى حٌب مسعت صراخ واسم حرب‬

‫دبنتصفو فوقعت مغشيا عليها من الصدمة‪.‬‬

‫هناية الفصل‬

‫‪73‬‬

You might also like