Professional Documents
Culture Documents
أتليف
قدم الشيخ طنطاوي جوهري يف هذا الكتاب أحبااثً روحية كثرية ،وتناوهلا ابلتحليل
الدقيق كرجل دين ،درس يف األهزهر الشريف وممل ه ننوا ،ول مؤلفا مديدة
يف جماال البحث يف اإلنسان وتفسري القرآن الكرمي ،ولذلك وضع يف امتباره وهو
يتكلم من الروح ما ميكن أن يثار من تساؤال حول هذا املوضوع الشائك الذي
يتصل أناناً هعامل غييب وال يعتمد ملى املدركا احلسية ،فجعل الدين هو النور
الذي ميكن ه لإلنسان أن يفرق هني اجملاال املختلفة هلذه العوامل الغيبية جبميع
مستوايهتا ،حبيث ميكن االرتقاء هروح وهو كائن ملى األرض ،لينتقل إىل مامل الروح
وينطلق في هقدر ما كسب يف حيات األرضية.
وقد شرح املؤلف مجيع الونائل املعنوية اليت أمطاها الدين لإلنسان لتكون حصناً
ل من أتثري اجملاال السفلية ،ويف نفس الوقت تكون ذخراً ل يف االرتقاء يف اجملاال
العلوية .ولقد كشف النقاب يف كتاب األرواح من أهواب مضيئة ملدينة العلم اليت
ترتقي ابإلنسان يف معارج ال تنتهي ،وتسامده ملى التخلص من تثاقل إىل األرض
ومن مادايهتا وشهواهتا وظالمها.
قد يكون من الصعب أن يتقبل اإلنسان احلديث من األرواح لعدة أنباب ،منها
أن التيارا املادية املظلمة اليت تسود العامل واجملتمعا أظلمت مقول الناس وأماتت
قلوهبم فأخذوا يرفضون كل حديث مين أن يغري أحواهلم ،ويرقى هبم .كذلك فإن ما
يتناقل الناس من أمور نلبية تصاحب مملية حتضري األرواح وما ينتج من التعامل مع
مستواي معينة من العوامل الغيبية ،كل هذا هزاد من خماوف الناس يف املعرفة من مامل
األرواح ،رغم أن اجملتمعا األوروهية والرونية واألمريكية وغريها قطعت شوطاً كبرياً
يف هذا اجملال .واحلديث من األرواح هروح الشيخ طنطاوي يسامد اإلنسان ملى أن
يتفهم ويتعلم ويتأمل ويتدهر يف هذا األمر.
الناشر
يوليو 0991
قال األستاذ العالمة الشيخ يوسف الدجوي
من أفاضل علماء األزهر الشريف
إىل حميب العلم ،وماشقي احلكمة ،من أمتنا املصرية واألمم اإلنالمية .أقدم لكم
كتايب هذا مما قرأت يف كتب األوائل واألواخر من الشريعة احملمدية ،والسرية النبوية،
وما جاء مصداقاً هلا يف اجلمعيا النفسية ،واحملافل األوروهية الروحية .ومن حكمة
قومية ،وآية غريبة ،وآراء هديعة من األفالطونية ،واحلكم السقراطية ،واملذاهب اهلندية،
واألدلة السنخية مث الفيداهزية ،والراجايوقية ،وما جاء يف األنفار من ملماء العصر
احلاضر من آالف اآلالف يف أمريكا وأملانيا وإنكلرتا وفرنسا و إيطاليا والربتغال
واألنبان والرونيا ونائر أورواب اجملدين .وقد أنتخرجت من كنوهز األمم وخزائن
احلكماء هذه اجلوهرة الثمينة قدمتها لكم هني يدي جنواي هشري ابلفالح وتبصرة
وذكرى للعاملني .يشب اإلنسان منا ويشيب وهو يف مهوم احلياة مغمور غافل مما
هني يدي من مجائب املو وغرائب ،يسمع مقال الدين واألنبياء والعلماء فيمر ملي
مرور النسيم ملى ايهس اهلشيم والصرصر ملى احلصباء يف األرض الفضاء ،وجرى
املاء ملى الصخرة الصماء .هرع الناس يف العلوم .هلغوا الثراي يف املعارف .هل هذا
اإلنسان غاب مقل ،وضل نعي ،وضاق مذهب فعجز من أمر نفس ؟ هل هذه
األمم اليت هرمت يف نائر العلوم فجعلت ظهر األرض هطناً وقلبت هطنها ظهراً،
واختذ من اهلواء مواد حلياة ،ومن ضياء الشمس جري املياه ،ومن حركاهتا نر
الكهرابء .غاب منها أنفسها اليت هي أمز مطلب ،وأنفس مأرب وأجل مرغوب .كال
مث كال ،أال فليعلم املسلمون يف أقطار األرض أن احملافل الروحية واجملامع النفسية يف
البالد األوروهية قد نطقت فيها األرواح ملى مرآي ومسمع من جمالس شوراهم ،واملأل
من قومهم وجمالس الشيوخ واألميان يف أمريكا وغريها كما نرتون مفصالً يف الكتاب
مبيناً أميا تبيان .لقد شرحت األرواح ما شاهدت يف مامل الربهزخ من نعيم وهؤس وهنا
ءومناء ،وخاطب األموا األحياء ،واآلابء األهناء ،فأنصت اجلمع ،وكفكف الدمع،
وجاء البشري ابحلياة األخري ،وقال األموا لألقارب واألخوان( :وإن الدار
اآلخرة هلي احليوان) فصدق هللا ومده ،ونصر مبده ،وأمز جنده ،وجاء احلق وهزهق
الباطل ،وفرح املسئول وقنع السائل.
فهل نقف معاشر املسلمني ،أمام هذا احلادث صامتني ،أن لعيب فاضح ،وخطأ
واضح ،وشني مبني ،حنن أحق هبذا العلم من الغرهيني.
إن األمر جللل يعوهزه كتب تؤلف ،وجمامع حتتشد ،وملماء تنتقد أان لست يف كتايب
هذا أثبت العامل الروحي فحسب ،فلقد نبقين إلي من نشروا الفكرة وأذاموا أمره هني
إخواين املصريني.
إمنا الذي أدهشين ما مثر ملي من احملاورا هني األرواح الناطقة من مامل الغيب
وهني األحياء يف اجملامع العلمية ،وكيف كانت آراؤها وتعاليمها تذكرين كثرياً مبا طالعت
يف أمها الكتب اإلنالمية ،وما جاء من السادة الصوفية .أليس من واجيب أن
أنشر تلك املطاهقا العجيبة هني أممنا اإلنالمية ،إن حلرام ملى أن أغمض العني وال
أنتهز الفرصة فأذكر كل حادثة من حوادث العجائب الروحية مبا يطاهقها من كالم
أئمتنا اإلنالمية مبيناً الكتاب والصفحة وانم املؤلف.
نيعجب املسلمون يف مشارق األرض ومغارهبا إذا جاءهم هذا النبأ الذي من
يتساءلون ،من ذا الذي كان يدور خبلده أو يهجس خباطره أن ما جاء من نعيم القرب
ومذاه يف ديننا يعرض اليوم مرضاً ملى اجملامع األوروهية النفسية كمثل احلاكم األملاين
هيللون الذي ما وممره 97ننة وقد انتغاثت روح من إضطهاد يتيمن ل وحقوا
فوجدوا ثبو غدره ابليتامى يف دفاتر احلكومة يف تلك األقطار.
أم من ذا الذي يسمع حبادث مدينة ونسربج إذ جتلت روح حمانب إرتكبت
اخليانة فطلب أن تسامده أرملت إذ دهلا ملى املكان الذي أخفيت في تلك الدفاتر
ففعلت ما طلب وخف من هعض ما جيد من العذاب املهني .هل من ذا الذي يسمع
حبادثة مدينة أجنوليم وال يكون من املوقنني وهي من حوادث ال مداد هلا يف اجملامع
النفسية الروحية ،ذلك أن ما مين خبيل فأحضر اجلمعية روح فقال هاتوا يل
ذهيب ومايل مل أخذمتوه .يف حديث طويل نتقرؤه مفصالً يف الكتاب.
أان لست يف كتاب األرواح أنرد احلوادث املنقولة نبهلال ،ولكين أجد ذلك
يطاهق ما نص ملي الغزايل وغريه هطريق الكشف وكيف قال إن مذاب القرب ملى هذا
األنلوب .ونرتاه مفصالً يف الكتاب.
من وقف ملى أنرار دين اإلنالم يف أمها الكتب العلمية مرف ما للذنوب
القلبية من احلسد والكربايء والطمع واجلشع من األثر يف العذاب وأن العالقة متينة
اثهتة مؤكدة هينهما مند املما ،وكذلك ليس للمرء من كمال إال ابألممال العظيمة
لبين اإلنسان.
ملا قرأ حماداث األرواح اليت نرتاها ألفيتها جاء مصدقة ملا قرأت يف كل كتاب
فأهنت املطاهقة يف هذا الكتاب.
ويف احلديث :من كتم ملماً أجلم هللا هلجام من انر يوم القيامة ،أال جيب نشر
هذا ابلتفصيل إلخواين املسلمني يف مشارق األرض ومغارهبا أن ذلك أيمر ه الدين.
نعم لقد هزغ هزوغ الشمس للورى قول تعاىل {يوم جتد كل نفس ما مملت من
خري حمضرا} وثبت ابلرباهني ويقني الصدق قول تعاىل {ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف
أنفسهم حىت يتبني هلن أن احلق}.
إليك أيها القاريء روضة فيحاء وحديقة غناء قطوفها دانية ال تسمع فيها الغية هي
السر املصون واجلوهر املكنون والكنز املدفون الذي أختبأ يف شريعة اإلنالم .هبذا العلم
ونشره ترى أمراً مجيباً (كفى هنفسك اليوم مليك حسيبا) فليتعاون الكتاب ملى نشره
فإن في نلوة احملزونني ،وإيقاظ الغافلني ،وتعليم اجلاهلني ،واتباع اإلميان ابليقني ،ورقي
األخالق ،وتقليل النفاق ،وضعف الشقاق ،وذهاب األحقاد ،والوثوق حبياة جديدة فال
يفزع الناس أشد الفزع من املما ،ويقل هكاء الباكيا ،ويسهل احتمال النكبا وأشد
األهزما ،ملماً أبهنا طهارة للروح وإمناء األخالق ،ودروع ناهغا ،وأجنحة هبا تطري إيل
العال ،ويف ذلك فليتنافس املتنافسون.
ويف الكتاب جوهرة وايقوتتان:
أما اجلوهرة فكيفية حتضري األرواح مند القوم وآداهبا ومجائب التنومي املغناطيسي
مسى أن يقوم ابألمر من مندهم هلذا اإلنتعداد.
وأما الياقوتتان فإحدامها ملخص ما دار من احلديث هني العالمة أوليفر لودج الطبيعي
الشهري وهني اهن رميند امليت يف احلرب احلاضرة كتبت أهم ما يف هذا الكتاب.
وثنيهما ملخص كتاب هرايفت دودنج الذي انتشر يف إنكلرتا هسرمة مدهشة،
وفي يصف الروح كيف كان موت مبدافع األملان ومقاهلت ألخي امليت قبل ،وأخبار
أخرى من مستقبل أورواب ومصر واإلنالم ونائر نوع اإلنسان.
املؤلف
بسمميحرلا نمحرلا هللا
احلمد هلل رب العاملني وصلى هللا ملي نيدان دمحم وآل وصحب أمجعني.
أما هعد فهذا "كتاب األرواح" اهني في ما قرأت يف كتب املتقدمني ،وهزهر
املتأخرين ،وأشرح أحوال الروح يف احلياة وهعد املما حبسب ما وصلت إلي الطاقة
البشرية ،وأنأل هللا أن يعينين ملى تنسيق وتنظيم وهو الويل احلميد .ورتبت ملي 41
جملساً.
اجمللس األول
(يف مذهب السنخ والبنغال والكتاب املقدس اهلندي)
(ومقارنتها بنظر سيدان اخلليل)
منذ ننتني وأان أدرس اللغة العرهية يف املدارس اخلديوية لتالميذها ضحى جاء
خادم املدرنة يسعى .قال إن ابلباب طالباً تركياً من طاشقند من هالد رونيا وهو
يرجو لقاءك .فلما أن أمتمت الدرس قمت فوراً صوب الباب فألقيت شاابً ملي
نيمى األدب والوقار ،تلوح ملي أمارا الذكاء ودالئل الفضل والنبل فسلمت ملي
وحييت فرد التحية والسالم وقال :أفالن أنت فأجبت نعم .وما إمسك أنت وما الذي
مرفك يب؟ فقال :أما إمسي فهو شري دمحم ،وأما الذي مرفين هك فهو أين كنت أتعلم
يف جها قاهزان وأقرأ كتبك وأمسع نريتك وملا أن أقبلت إيل هذه البالد لطلب العلم
يف أوائل هذه احلرب األوروهية العامة .قاهلين كثري من أصدقائي ابألنتان ،فأخ يشرح
ذلك .قال أين من طاشقند من هالد تركستان خرجت منها لطلب العلم يف جها
القاهزان ،وهني الوطن ومطلب العلم شهور ابلسري املعتاد .ولقد مد نكة احلديد
هعد مغادريت لبالدي فيسهل اليوم ملى اإلنسان أن يسافر هذه املسافة يف القطار يف
أقل من أنبومني ،وملا أن حططت رحلي ابلقاهرة ،وألقيت في مصا التسيار هعد
إمتام درانيت ابقاهزان رأيت يف هالدكم ما ال يليق ابلعقالء من املسلمني .رأيت اجلهال
حيقرون العلم وأهل ،والدين وحامل ،فلقد مسعت رجالً نوقياً حيقر اجملاورين ،كأن
طالب العلم ال قيمة ل .هذا أمر مجيب .أننا يف هالدان هنش ونبش ونفرح إذا لقينا
واحدا من أهناء العرب إلتصال نبب ابلنيب فنحفل ه ونكون ل خداماً طائعني.
وهللا لقد رأيت يف هالدكم ما ال خيطر ملى قلب تركستاين من إمهال الدين ،واجلهل
العميم .ومما أدهشين أن هعض كتب الدرانة يف البالد ضئيلة ال تسمن وال تعين،
وليست يف العري وال يف النفري ومنها كتب معقدة .وهذا املأخذ ،قريب النتيجة ،حسن
اهليئة ،نائغ املشرب ،وليس ألكثر أهل العلم يف الداير آاثر ،ولكل هزمن مؤلفون
ولكل قوم هادون.
فقلت ل :ال حنكم ملى أم مبا ترى من رمامها ونفهائها {وإان منا الصاحلون
ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا} .واما الكتب فهي نائرة من حسن إيل أحسن ،مث
قلت ل ما الذي قرأ من كتيب؟ قال قرأ نظام العامل واألمم .وجواهر العلوم،
والنظام واإلنالم ،والتاج املرصع ،وخريها نظام العامل واألمم .لقد كشفت من احلقيقة
النقاب وأتبت في ابلصواب وأصبحت هذه الفوائد كعبة العقالء ،ومقصد النبالء
كيف ال وقد مرف هللا فيها هطريق مجيب وأنلوب حكيم أريت فيها نظام
السموا واألرض وما فيها من النجم والشمس والقمر واملعدن والنبا واحليوان
واإلنسان حبيث أصبح هذا العامل يف نظر من قرأ هذه الكتب كسامة منظمة نائراَ
ملى نظام هديع وأحكام غريب ،حىت ال يشك ماقل أن لن يكون نظام من
املصادقة العمياء ،فبهذا فليعمل العاملون ،ومبثل هذا فليستدل املوقنون.
إن هذه الدنيا يف نظر من اطلع ملى هذه العلوم مروس حليت يف حرب هل جنة
مرضها السموا واألرض أمد للمفكرين مامل مدهش حسن مجيل متحرك هبي
مشرق انطق يف نظر احلكماء فاما من نواهم فهم ال يعلمون أال ما تنال هطوهنم وما
هتواه شهواهتم وما مدا ذلك فهو مندهم ضحكة ضاحك وهزء ونخرية وهتكم
اجلاهلني ،وكل حزب مبا لديهم فرحون.
ولقد تبدي يف هذه الكتب مزية القرآن من هدائع هذا الوجود وما قص هللا ملى
إهراهيم اخلليل ،إذ نظر ليالً فرأي جنماً ابهراً متأللئاَ فأمجب مجال ،وأدهش هباءه
ونلب لب ألالؤه ،وصفا اجلمال ومسا احلسن إمنا تليق لرب األرابب ،فقال هذا
ريب ،مث هدا ل القمر أمجل نوراَ ،وأحسن هبجة ،وأهدع إشراقاً ،وأرفع مقاماً ،وأمم
نفعاً ،وأهدى طريقاً وأقوم نبيالً ،وهذه الصفا أمجل مما قبلها وأهبي ،وليست تكون
إال هلل الذي خلق اجلمال فقال هذا ريب ،مث أشرقت الشمس وهدا نورها ،وأضاء يف
العاملني إشراقها ،فكانت أرفع مقاماً ،وأهدع أحكاماً ،وأونع ملكاً ،وأملى شرفاً،
وأمم نفعا ،وهناية الكمال إمنا تكون لذي اجلالل ،فقال هذا ريب هذا أكرب.
مث ملا رأي أن العوامل كلها فانية ذاهبة ال هقاء هلا وال دوام ،قال إين وجهت وجهي
للذي فطر السموا واألرض حنيفاً وما أان من املشركني .فقلت ل اي شري :قد
قارهت هعض املقارهة ،إن يف هذه اآلية انتدالالً هطريق احلدوث والفناء ،وإن هذا
العامل متحرك ذاب وهللا هو الباقيو لكنا يف هذه الكتب قد توخينا طريقاً آخر ونلكنا
منهجاً يساوق ما جاء يف نورة الرمحن إذ قال هللا تعاىل {والسماء رفعها ووضع
امليزان أال تطغوا يف امليزان} ويوايت ما قال هللا يف غريها {وإن من شيء إال مندان
خزائن وما ننزل إال هقدر معلوم} وقول {وأنبتنا فيها من كل شيء موهزون}.
مث نكت هرهة فقال :من صدق طين فإنك السامة خاجلك فكرب ،وأخذ هلبك
ذكر ،وخامرك حديث نفسي ،أليس كذلك؟ فقلت هلى! فقال :ابهلل ما هذا
احلديث ،فقلت :ذكر هقصة نيدان وأهينا إهراهيم ملي السالم ما جاء يف أثناء
تفكره من حديث القمر والنجم والشمس ما قرأت يف كتاب يسمى ( اخلطب
الفلسفية – يف راجا يوقا) اليت ألقيت يف مدينة نيويورك ننة 4971 – 4971
والذي ألقاها هو أنوامي فيفكنندا ،غذ رأي في مذاهب ثالثة (للهنود) يف معرفة هللا
تعاىل ،وجاء هعضها فوق هعض وكل منها هلا حجة أدىل هبا وهرهان أهرهزه كما يف
خديث النجم والقمر والشمس فإن قال يف صفحة ( )424ملخص ما ترمجت من لغة
الكتاب اإلجنليزية.
"الفلسفة" األوىل هي املسماة ننخياس .والثانية مبنية مليها ومؤنسة ملى
منهجها وهي فلسفة اليوجي البنغالية .الثالثة ما ورد يف كتاب اهلند املسمي فيداس.
أما أصحاب املذهب األول وهو مذهب ننخياس ،فإن أرابب هذا املذهب مل
ينظروا إال يف أنفسهم وهتذيبها وانتخراج العلوم منها مع الصدق واإلخالص
والفضائل والرمحة واحلب العام .فأما البحث من صانع الكون فقد أقروا أهنم ال قبل
هلم ه وال نبيل هلم إلي .
أما أصحاب املذهب الثاين وهم أهل راجايوقا ،فأولئك هلم راي آخر إذ قالوا إان
إذا أقفلنا ميوننا وفكران يف دوائر حميطة هنا وأخري وراءها أونع إحاطة وهكذا ،فإن
العقل يعلم أن هناك من الدوائر ما ال هناية ل يف املكان ،وال جرم أن اإلنسان ال ملم
ل ابحملدود ،فأما اإلنسان إذا فكر يف الثانية يعلم أن وراءها دقيقة فسامة فيوما فشهراً
فسنة فران فألف ننة وهكذا ،فأما ما ال يتناهى من الزمان فال ملم لإلنسان ه ،وإذا
كان العقل قد قضى أن هنا ما يتناهى وم ال يتناهى هزماانً ومكاانً وقد نلم ان م
يتناهى قد ملم الغنسان ،فهو ال ريب يسلم ابلدليل القطعي أن ما ال هناية ل ال
يعلم إال ذا حتيط ملماً ابجلميع وهو هللا ،وإال فإذا مل يسلم اإلنسان ومل يوقن هعامل
مبا ال يتناهى من الزمان واملكان فكيف كان للمحدود من الزمان واملكان مامل .فإما
ان يسلم اإلنسان هبما وإما أن ينكرمها العامل ابحملدود ومبا ال يتناهى .أما وهو مصدق
أبحدمها وهو العامل مبا يتناهى فهو جدير أبن يوقن ابلعلم ابجلانب اآلخر وهو ما ال
يتناهى و م
العامل هو هللا تعاىل.
كذلك العلم أن اإلنسان ملم حمدود ،والعقل قد شهد أن املعلوما ال هناية هلا،
وإذا كان اإلنسان ال يعلمها ،فال جرم ن هناك موجوداً هعلم ما ال يتناهى وما هو
ذلك هو هللا.
وأيضا أن العلم كامن يف نفوس البشر ،ومل يربهز الكامن إال مبستخرج ل ،فإذا قلنا
أن املادة امليتة هي اليت اتسخرجت ما يف نفوننا من العلم كان ذلك أشب هقول
الصبيان ،وكيف حيكم ما ال يعقل ملى العقل ،وكيف ينتج النور من الظالم ،واحلي
من امليت ،والظل من احلرور ،واحلنظل من النخيل ،كال إن ال يستخرج العلم من
نفوننا إال مامل .أال ترى أن نائر البشر يف األمم واملمالك يعوهزهم املعلم واملرشد
ليستخرجا كنزاً من أفئدهتم دفينا ،وال جرم أن للمعلمني واملرشدين واملصلحني معلماً
وملهماً ومرشداً مستخرجاً ما يف نفونهم وما يف نفوس تالميذهم مند متام األنباب
وذلك هو هللا مز وجل.
هذه آراء ملماء (راجايوقا) وصلوا إيل أن مامل يعلم اخللق مجيعاً وهو حميط هكل
شيء ملماُ ومل يذكروا القدرة وال اإلرادة.
املذهب الثالث مذهب الفيداهز ،وهو كما يف كتاب املذهب الروحاين ،الكتاب
املقدس اهلندس ،وهو الذي قال في (نور يوشيدانتو) الفكلي (الذي نسب فلكيو
مصران أرصاده يف وضع النجوم ونريها إيل هزمان ال يقل من مثان ومخسني ألف
ننة) ،قال أن انفار الفيداس قدمية العهد جداً ،مث أهنا أرهعة أنفار وهي "الرجييفيدا"
و "السامافيدا" و"الباجورفيدا" و "اآلاثر فافيدا" وهي أنفار اهلنود املقدنة والتارخيية
معاً مكتوهة هلغة خصوصية تدمى ابللغة الفيدية ،وهي أقدم جداً من لغة كتب الربامهة
مث إن التعاليم الدينية يف أنفار الفيدا ملى غاية من البساطة ،فإهنا تعلم أوالً وحدة هللا
وهو السبب األول وهو القيوم هذات واملوجود يف كل الكائنا {وهو هللا يف السموا
ويف األرض} ،وقد شرح هذه اآلية ماتو الفيلسوف اهلندي فقال :هو الكائن هنفس
الذي ال ميكن أن تصيب احلواس املادية هل الروح فقط ،وهو املنزه من أجزاء منظورة
أهزيل نرمدي روح الكائنا الذي ال ميكن لعقل أن يدرك ملى ما هو ملي .هذا ما
رايت يف كتاب املذهب الروحاين يف هذا املقام ولنرجع إىل ما يف اتب راجايوقا فنقول
"إن أرابب هذا املذهب يوقنون إبلَ وهرهاهنم أن هذه الكائنا منظمة تنظيما
متقناً ،وهلا إرتباط واحتاد ونظام اثهت دال ملى وجود قادر مريد مامل نظمها وهو هبا
مليم" مث قلت:
فيا ولدي شري أفندي هذه اليت خاجلت قليب وجعلتين أتعجب من احلكمة والعلم،
وكيف كان السنخيون يف اهلند ال يعرفون إال أنفسهم كما نظر اخلليل يف النجم والقمر
مث جاء اليوحيون البنغاليون فأيقنوا إبل مامل ،ومل يذكروا أن خلق العامل ،كما أن اخلليل
نظر إيل الشمس فقال هذا ريب ،مث كان مذهب الفيداهز وهو الكتاب القدني الديين
الذي تقادم مهده فشهد ابلنظام أن للعامل إهلاً منظما للكائنا ألهنا جارية ملى
نظان اثهت ،فالذي أمجبين أمران .أوالً هذه الدرجا الثالث وارتقاء العلماء يف
األنباب إىل ابرئها درجا هعضها فوق هعض كما ذكر من اخلليل ،اثنياً أن هذه
نبيلي يف مؤلفايت إذ أين وأان طالب ما كان ليستقر يل قرار حىت أقف ملى نظام هذا
العامل ،فإن كان منظماً نائراً ملى حساب وهندنة ال خلل في فإين أوقن أن ل آهلاً
وإن كان نائراً يف خبط مشواء ال يستقر ملى حال من القلق فإين ال أوقن آبل
وأميش مدى الدهر يف حرية وضعف ولقد نطق القرآن هذلك يف كثري من اآلاي
كقول تعاىل ( وأنبتنا فيها من كل شيء موهزون) ،وال جرم أن كتاب التاج املرصع،
ونظام العامل واألمم ،والنظام واإلنالم ،وجواهر العلوم ،وميزان اجلواهر ،ومجال العامل،
قد ذكر من وهزن وحساب ونظام ما ختضع ل أمناق املتكربين تصديقاً آلاي
الكتاب .فانظر كيف رأيت الفيدا اهلندية اليت جتاوهز يف القدم مهداً ال يعرف التاريخ
أكثر من مثان ومخسني ألف ننة ،وكان البشر إذ ذاك يوقنون إبل مستدلني هنظام
اثهت ورابط حمكم .ويعتقدون أبن قادر ومريد فهذا هو العجب الذي امرتاين من
هذه الذكرى .هذا اجمللس األول.
اجمللس الثاين
(دليل وجود األرواح بنظام العامل وأدلة منكريها)
قال شري دمحم :قد فهمت ما قلت يف اجمللس الساهق ،ونرين إيضاح احلقائق،
وإظهار الدقائق ،وتقارن ملوم األوائل ابألواخر ،وإين اليوم أريد أن أنألك من الروح
وهقائها هعد املو ،فليس من إمري يف هذا الوجود أال وهو نائل من مستقبل
حيات ،وهل إذا قطعت أوصال ،وفصلت أمضاؤه ،وتناثر حلم ،وذاب شحم ،
وذهبت حوان ،ومتزق قلب ،هسيل نفس نيالً ومتو إىل األهد فال وجود هلا وال
هقاء ،وإذا كان هللا أيمران أن نتذكر ونتفكر يف أمر الدنيا واآلخرة فأحرى ما نتفكر في
أمر نفوننا ،وهل حية ابقية أم هي فائتة فانية.
أنـعـم هـرد جـواب ما أنـا ابحـث
مـن فنـار الـعـلم ذا تشـعـشـع
إن أهل هالدان يرون أن ما تكتب شاف كاف ملعرفة هللا تعاىل ،ويودون لو تكتب
هلم كتاابً يف الروح ه يهتدون ،وملي يعولون .أمل تر إىل كتاهك التاج املرصع كيف
طبع هلغة قاهزان الرتكية قبل أن يطبع هلغتكم العرهية ،فإذا أفضت القول يف هذا املقام
كان ذلك غاية املرام.
إن مدار كل دين ملى أمرين إثنني :وجود هللا وهقاء األرواح هعد املو .وال فضل
لدين إال هبذين فإذا مل يكوان فال كفاءة لدين وال فضل وال مزية لنحلة ،هل تكون
احلياة ابطلة ،وهذا الوجود هغري مزية وال مثرة ،وهذا هو اليأس املبني .فقلت اي شري دمحم
:إنك ممن قرءا العلوم ،وأدركوا من كل منها طرفاً ،ولقد وقفت ملى نظام هذا الوجود
ودقائق ،واطلعت ملى الوهزن وامليزان واحلساب واهلندنة واالتقان في ،وأن كل شيء
في مبقدار ،وأن صانع املنظم ل مدل وحكيم ،فمن النظان أن تبقى األرواح لتلقي
جزاءها من خري وشر كما ترى يف نائر النظام الذي تراه.أال ترى أن الزرع والزيتون
والنخيل واألمشاب هلا مثرا ،والثمرا هلا منافع مند قوم هبا يعيشون ومليها حييون
وهبا يسلذون ويتفكهون ،فهل ترى نظام السموا نظام األرض وهلما مثرا معلومة
ومقاصد مرنومة وأمراض مونومة ومرام مقصودة ،ويبقى هذا اإلنسان ال غرض يرمي
إلي ،وال مقصد يسعى إلي ،وال حاجة يرجوها ،وإمنا يسعى لعدم ،ويبين للهدم،
ويرجو املعدوم ،ويريد ما ال يكون .هذا ما ال يرضاه النظام ،وال يوايت األذهان ،وال
يقوم ملي هرهان ،فمن قرأ كتاب نظام العامل واألمم ،وميزان اجلواهر ،وجواهر العلوم،
والتاج املرصع ،ومجال العامل ،وجد أن السموا واألرض حبساب ونظام ال يرى فيها
من تفاو وال قصور {فارجع البصر هلى تري من فطور مث ارجع البصر كرتني ينقلب
إليك البصر خانئاً وهو حسري} .وإذا كان هللا مرف هبذا الربهان فلنوقن أن الروح
ابقية ملى هذا املنوال إذ ال يعرف اخلالق إال ابلنظام وهو ال يتم إال إذا هقيت األرواح
لتجوي كل نفس ما كسبت وهو ال يظلمون .وإذا أرد أن أذكر هعض النظام،
فهاك أمسعك من طرفاً هعض كشف حديثاً هعد أن ألفت تلك الكتب اخلمسة
وغريها من مجائب هذا الوجود املدهشة تروحياً للنفوس وذكرى لقوم يعقلون .قد
قرأ يف كتاب (الدروس األولية يف ملم الفلك) أن املسافة هني الشمس واألرض 79
مليون ميل ،واملسافة هني أحد طريف الشمس واآلخر مارة ابملركز تساوي 919888
ميل ،ولو أن هناك نكة حديدية ومليها قطار يسري يف السامة 98ميالً فوق األرض
فإن يتم السري يف شهر ،ولو كانت هذه السكة حول الشمس وجري القطار ملى
هذا املنوال الحتاج إيل أكثر من مشر ننني ،وإذا جرى القطار من األرض ملى هذا
املنهج من يناير ننة 4787فإن لن يصل إىل الشمس إال ننة 2212أمين 911
ننة.
إن أكثر من مليون وثلثمائة ألف أرض تساوي الشمس ،وأن جو الشمس ميتد
إىل نصف ملون من نطحها ،والشمس وجوها أمظم من األرض ثالثة مشر مليوانً،
وهي تزن مقدار األرض ثالثة وثالثني ألف مرة ،فوهزن األرض 99ألف مرة يزن
الشمس ،واملادة اليت تكون الشمس تساوي واحداً من أرهعني من املادة اليت تكون
األرض وأقل من نبع وهزن املاء ،هيننا وهني القمر مائتان ومثانية وثالثون ألفاً ومثامنائة
وأرهعون ميالً 299.918وهيننا وهني الشمس 79مليون ميل .أقرب كوكب لنا هعد
نظامنا الشمسي يكون هعده أكثر من 21.888.888.888.888من األميال
وأهعده يكون هعيداً جداً حىت أن النور الذي يقطع يف الثانية الواحدة مائة ونتة
ومثانني ألف ميل وثلثمائة ميل 491.988حيتاج إىل آالف من السنني حىت جييء
من الكوكب إىل أميننا واملنظور ابلعني يف السماء نتة آالف 1.888جنمة منها
ثالثة آالف ظاهرة وثالثة آالف خافية ويرى ابملنظار املعظم التلسكوب مخسمائة
مليون من النجوم 1888.888.888جنمة ،وأملم أن النجوم اليت تراها ليالً والسماء
صافية ابلعني اجملردة قسمت نتة أقسام أضوءها هو القدر األول وأقل من الثاين
وهكذا.
وقد جعلوا مقيانها أقلها ،فكان القدر السادس هو املقياس ،ويكون القدر
اخلامس أضوأ من السادس 2.1مرتني ونصفاً ،والقدر الراهع أضوأ من 1.9والثالث
أكرب من 41.9والثاين أضوأ من 97.1واألول أكرب من 488مرة وجنمة sirtus
وهي أضوأ جنمة يف أول مقدار تكون أضوأ 188مرة والشمس أملع منها 2ترليون
وأرهعمائة هليون مرة .2.188.888.888.888
وملى ذلك تعرف مقدار العجائب يف الشمس والكواكب وأضوائها مث أن النور
الذي يسري 491.988ميالً يف الثانية كما تقدم ميكن أن يدور حول الكرة األرضية
مثان مرا إذا دق رقاص السامة مرة واحدة ،أي أن املسافة اليت يقطعها النور يف
مقدار دق البندول مرة واحدة تساوي حميط األرض مثان مرا ،والكواكب اليت هي
أقرب إلينا هعد الشمس يصل إلينا نورها يف أرهع ننني وأرهعة أشهر.
وحيتاج الضوء إىل أرهع مشرة ننة ونصف ليصل إلينا من الكواكب اليت من القدر
األول و 29ننة من الكواكب اليت من القدر الثاين و 19ننة من الكواكب اليت
من القدر الثالث وهكذا إىل اليت من القدر الثاين مشر فنحتاج إىل 9.188ننة،
فتعجب من هذا النظام وقف مند كل حكمة من هذه وانظر ،أليس من العجب أن
جيري الضوء مسافة قدر حميط الكرة األرضية مثان مرا يف مقدار دق الرقاص مرة
واحدة ليس هذا من العجب أو ليس من األمجب أن نرى كوكباً صغرياً يف السماء
أبميننا ونفس ضوئ يعوهزه أكثر من مائة ننة حىت يصل لنا فتأمل هذه املسافا
العظيمة واألضواء السريعة والكواكب الكبرية الصغرية.
كسف قدر وأبي طريق خلقت ،أليس ذلك الذي أهدع هذا النظام هقادر ملى
أن جيعل األرواح حية ابقية ،وهل هذه النظم العجيبة واآلاي البديعة ختلق ندى
وتذهب شعاماً وتكون ابطالً .ال فضل هلذا اخللق إال هبقاء األرواح ،فإذا مل يكن
ارواح فهو لغون ابطل وجل من أهدع هذا النظام أن يغفل من اخللق ،وجل النظام أن
يكون هال مرتب ومنظم ،وهلذا الدليل أشار الكتاب فقال (هللا الذي أنزل الكتاب
ابحلق وامليزان وما يدريك لعل السامة قريب) ،فكأن يقول أنزل الكتب السماوية
لسيانتكم ووهزنت كل خملوق يف ماملكم ،ولكن أكثر الناس ال ينالون جزاءهم يف
الدنيا ،وإذن ال هد من السامة ما يدريك لعل السامة اآلية وقد أوضحت هذا املقام
وتفسري هذه اآلية يف كتاب ميزان اجلواهر وجواهر العلوم فراجعها إن شئت ،أما كفاك
ما قد أريناك اي شري دمحم ،فقال أما هذه النظم فإهنا مجيبة وقد ذكرتنا مبا كتبت أنت
يف كتبك وما قرأانه يف كتب الفرجنة وهو مجيب هديع ،ولكن ليسمح يل نيدي
األنتاذ أن أقول ل إن هذا هرهان إقنامي فليس هدليل قاطع وأنت تعلم أن مصران
احلاضر ال جتزي في تلك األدلة البعيدة املرام ،ولكن إن شئت قلت لك ما أمجع ملي
مجهور األطباء من أن العناصر إذا امتزجت وانكسر صورة كل واحد منها هصورة
اآلخر حصلت كيفية معتدلة هي املزاج ومراتب هذا املزاج غري متناهية ،فبعضها هي
اإلنسانية وهعضها هي الفرنية ،فاإلنسانية مبارة من أجسام موصوفة متولدة من
إمتزاجا العناصر مبقدار خمصوص .فهذا قول مجهور األطباء ومنكري هقاء النفس
وقول أيب احلسن البصري من املعتزلة وكما يف الراهزي وكذا مجيع العلماء املاديني يف
العصر احلاضر ،فهذا هو الرأي الذي ملي كثري من العقالء قدمياً وحديثاً .فكيف
نقنع هبذه األدلة البعيدة من الغرض وهي ال تسمن وال تغين من جوع .فقلت ل غداً
إن شاء هللا يكون اجلواب.
اجمللس الثالث
(أدلة القرآن والسنة والعقل على بقاء النفس)
حضر اليوم صاحيب وانتظم اجمللس فقلت ل :نألقي مليك دليالً ،وأديل إليك
حبجة ،وأرجو أن تسكن إليها وتظمئن ويذهب منك رجس الشك ويكون اليقني،
فقال ها ،فقلت :قام اإلمام دمحم الراهزي فخر الدين هن العالمة ضياء الدين ممر
املشتهر خبطيب الري يف تفسريه مفاتيح الغيب مند قول تعاىل ( ويسألونك من الروح
قل الروح من أمر ريب) .قال مستدالً ملى الروح هدالئل تذكر منها ما أييت قال:
احلجة اخلامسة أن اإلنسان يكون حياً حاملا يكون البدن ميتاً فوجب كون اإلنسان
مغايراً هلذا البدن ،والدليل ملى صحة ما ذكرانه قول تعاىل ( :وال حتسنب الذين قبلوا
يف نبيل هللا أموااتً هل أحياء مند رهبم يرهزقون) .فهذا النص صريح يف أن أولئك
املقتولني أحياء واحلس يدل أن هذا اجلسد ميت .احلجة السادنة ،أن قول تعاىل
{النار يعرضون مليها غدواً ومشياً} وقول تعاىل {أغرقوا فادخلوا انرا} يدل أن
اإلنسان حييا هعد املو ،كذلك قول ملي الصالة والسالم "أنباء هللا ال ميوتون ولكن
ينقلون من دار إىل دار" ،وكذلك قول ملي الصالة والسالم "القرب روضة من رايض
اجلنة أو حفرة من حفر النار" ،وكذلك قول ملي الصالة والسالم " من ما فقد
قامت قيامت ".
كل هذه النصوص تدل ملى أن اإلنسان يبقى هعد مو اجلسد ،وهديهة العقل
والفطرة شاهدان أبن هذا اجلسد امليت ،ولو جوهزان كون حياً جلاهز مثل يف مجيع
اجلمادا وذلك مني السفسطة ،وإذا ثبت أن اإلنسان حي وكان هذا اجلسد ميتاً
لزم أن اإلنسان شيء غري اجلسد .احلجة الساهعة :قول ملي الصالة والسالم يف
خطبة طويلة ل " :حىت إذا محل امليت ملى نعش رفرفت روح فوق النعش ويقول :اي
أهلي واي ولدي ال تلعنب هكن الدنيا كما لعبت يب ،مجعت املال من حل وغري حل
فالغىن لغريي والتبعة ملي ،فاحذروا مثل ما حل يب" .وج االنتدالل أن النيب
صرح أبن حال ما يكون اجلسد حمموالً ملى النعش هقي هناك شيء ينادي ويقول :
اي أهلي واي ولدي مجعت املال من حل وغري حل ،ومعلوم أن الذي كان األهل أهالً
ل وكان جامعاً للما ملن احلرام واحلالل والذي هقي يف رقبت الوابل ليس إال ذلك
اإلنسان ،فهذا تصريح أبن يف الوقت رقبت الوابل ليس إال ذلك اإلنسان ،فهذا
تصريح أبن يف الوقت الذي كان اجلسد ميتاً حمموالً كان ذلك اإلنسان حياً ابقياً
فامهاً .وذلك تصريح أبن اإلنسان شيء مغاير هلذا اجلسد وهلذا اهليكل إىل أن قال:
احلجة العاشر :نرى مجيع فرق الدنيا من اهلند والروم والعرب والعجم ومجيع أرابب
امللل والنحل واليهود والنصارى واجملوس واملسلمني ،ونائر فرق العامل وطوائفهم،
يتصدقون من مواتهم ويدمون هلم ابخلري ويذهبون إىل هزايراهتم ،ولوال أهنم هعد مو
اجلسد هقوا أحياء لكان التصدق منهم مبثاً .فاإلطباق ملى هذه الصدقة وملى هذا
الدماء وملى هذه الزايرة يدل ملى أن فطرهتم األصلية السليمة شاهدة أبن اإلنسان
شيء غري هذا اجلسد وأن ذلك الشيء ال ميو هل ميو هذا اجلسد ،إىل أن قال:
احلجة احلادية مشرة :إن كثرياً من الناس يرى أابه أو اهن هعد موت يف املنام ويقول
ل اذهب إيل املوضع الفالين فأن في ذهباً دفنت لك ،وقد يراه فيوصي هقضاء دين
من مث مند اليقظة إذا فتش كان كما رآه يف النوم من غري تفاو .ولوال أن اإلنسان
يبقي هعد املو ملا كان ذلك .وملا دل هذا الدليل ملى أن اإلنسان يبقى هعد املو
ودل احلس ملى أن اجلسد ميت كان اإلنسان مغايراً هلذا اجلسد امليت .وقال رمح هللا
تعاىل يف تفسري قول تعاىل{ :وقال الشيطان ملا قضى األمر إن هللا ومدكم..اآلية} يف
نورة إهراهيم ،وذكر هعض العلماء في أيضا احتماال اثلثاً وهو أن النفوس البشرية
واألرواح اإلنسانية إذا فارقت أهداهنا قويت يف تلك الصفا اليت اكتسبتها يف تلك
األهدان وكملت فيها ،فإذا حدثت نفس أخرى مشاكلة لتلك النفس املفارقة يف هدن
مشاكل لبدن تلك النفس املفارقة حدث هني تلك النفس املفارقة وهني هذا البدن نوع
تعلق هسبب املشاكلة احلاصلة هني هذا البدن وهني ما كان هدانً لتلك النفس املفارقة،
فيصري لتلك النفس املفارقة تعلق شديد هبذا البدن ومعاضدة هلا ملى أفعاهلا وأحواهلا
هسبب هذه املشاكلة ،مث إن كان هذا املعىن يف أهواب اخلري والربكا كان ذل إهلاماً
وإن كان يف ابب الشر كان ونونة ،فهذه وجوه حمتملة تفريعاً ملى القول إبثبا
جواهر قدنية مربأة من اجلسمية .والقول ابألرواح الطاهرة واخلبيثة كالم مشهور مند
قدماء الفالنفة فليس هلم أن ينكروا إثباهتا ملى صاحب شريعتنا دمحم اهـ .من
الراهزي أقول قد ورد يف السرية النبوية لإلمام أيب دمحم مبد امللك هن هشام املعافري
احلمريي البصري األصل املتوىف مبصر ننة 249من أنس هن مالك قال :مسع
أصحاب رنول هللا من جوف الليل وهو يقول اي أهل القليب اي متبة هن رهيعة واي
شيبة هن رهيعة واي أمية هن خلف واي أاب جهل هن هشام ،فعدد من كان منهم يف
القليب ،هل وجدمت ما ومد رهكم حقاً؟ فإين قد وجد ما ومدين ريب حقاً ،فقال
املسلمون اي رنول هللا أتنادس قوماً قد جيفوا 4قال ما أنتم أبمسع ملا أقول منهم
ولكنهم ال يستطيعون أن جييبوا.
قال إهن إنحق وقال حسان هن اثهت هنع هللا يضر من قصيدت اليت أوهلا:
مـرفـت ديـار هزيـنـب ابلـكـثيب
كـخط الوحي فـي الـورق القشيـب
مث قلت :أما كفاك هذا هرهاانً ملى وجود الروح هعد املو ؟ فهاك القرآن قد نص
مليها والسنة النبوية مزهزهتا وأيدهتا ،ونداء النيب ألهل القليب قواها ،وفكر النفوس
الشرقية والغرهية قد أشرهتا .وكل احلكماء واألذكياء أهرهزهتا وصدقتها ،فهل هعد هذا
مقال لقائل أو شك لعاقل .فقال أما ما ذكر من اآلاي القرآنية واألحاديث النبوية
ونداء صاحب الشريعة ألهل القليب ،وقول هلم هل وجدمت ما ومد رهكم حقاً فلسنا
هصدد الكالم في ،وإمنا أردان أن نصل للحقائق أبدلة مقلية تطاهق النقلية ودالئل
معقوال تؤيد املنقوال ،فأما ما ذكر من الراهزي من رؤي اآلابء ألهنائهم واألهناء
آلابئهم فذلك ال يقوم حجة وما لنا ولألحالم والرؤي.
4اجلبوب :األرض
قال كعب هن هزهري " :إن األماين واألحالم تضليل".
نعم إن هزايرة القبور من أهل املشارق واملغارب رمبا دلت ملى الفكر اإلنسانية،
وإهنا شاهدة هبقاء أرواح األحباب هعد املو والفطرة ذا قدم صدق وقول فصل يف
كثري من قضااي العامل .ألننا نرى األمها من األنعام والوحش واألنس أمجعن ملى
أرضاع الولد ،وأن الزواج والتنانل ننة جبلية يف كل حي ،وذلك شأن الفطرة ،فرمبا
كان هذا الدليل ذا شأن يف قضيتنا ولكن ضعيف القوة قليل اجلدوى ال حيكم يف
القضية وحده .أيها األنتاذ إننا يف هزمن ضلت في الفكر ،وحار العقول ،وابر
امللل ،واختلت النحل ،وأصبح الناس يؤمنون أبدايهنم ويف قلوهبم مرض من شك،
والشك ال يدخل إال أفئدة ارتقت من طائفة العامة ،فال تطيق البقاء ملى التقليد وال
جرم أن الشك يؤدي إيل خلع العذار وضياع األماان وذهاب الفضائل واحلكم
ابلدنية والظلم يف القضية خراب الذمم أال وأن الناس ثالثة أقسام :مامة مقلدون،
وأذكياء مغرورون ،وحكماء حمققون ،وأان لست من العامة فأقف ملى التقليد ،وال من
اخلاصة فأانل اليقني ولكين شاب أحبث يف كل أمر هعقلي ،ولقد نننت أنت هذه
السنة.
فـال تـبتئس مـن ننـة أنـت رهـهـا
فـأول راض نـنـة مـن يسـنهـا
أال تذكر أنك يف التاج املرصع أثبت ما خاجلك من الشك يف قضية الرهوهية،
أفليس يل أأنجد وأحبث حىت أيتيين اليقني هعامل األرواح كما أاتك اليقني يف العنامل
اإلهلي ،أال وأن السميعا يف الدين يؤمن هبا الناس وقلوهبم تود لو وقفوا ملى احلقائق
فاهزدادوا يقيناً ،ووهللا لو أن الناس آمنوا حق اإلميان وأيقنوا ابآلخرة حق اإليقان ما
انتكربوا يف األرض إنتكباراً وال طغوا طغياانً وال آذي العظيم احلقري وال أخفيت
األماان وال أهيحت احملرما وال جار احلكام وال طمع الناس وشرهوا ألصبح الناس
إخواانً ملى نرر متقاهلني ،ولكن الشك يف اآلخرة هو الذي أورث الذهذهة يف
األممال والتخبط يف األخالق والضالل والوابل ،ولو أن طبيباً قال للناس هذا نم
فال تعاطوه لنبذوه ظهرايً ولرتكوه أهدايً ألهنم ه موقنون ،فلو أيقنوا هعذاب النفس هعد
املو وإحراق جهنم يف اآلخرة إيقاهنم هقول الطبيب لتحاموا الذنوب حتامى تلك
العقاقري السامة ولصلحت نفونهم وطاهت أمماهلم .إن الناس يف الدنيا يسرتون كثرياً
من الشكوك فال ينطقون هبا ظناً أن هللا يعاقبهم إذا نطقوا وال يؤاخذهم إذا صمتوا،
وحتاشياً أن يظن الناس هبم السوء فيقول أمداؤهم أهنم ضالون مارقون من الدين تشفياً
وانتقاماً ليتناقلها األمداء واحلساد ويشيعوها مشاتة ،وأكثر الناس نوانية يف أن اجلرح
رم ملى فساد ،ومن الناس من ال يؤمنون ابآلخرة ترفعاً مما آمن ه العامة متيزاً منهم
وتكرباً ،حىت أين رأيت قوماً هلم إملام هعلم األرواح وقد قرأوا طرقاً من ملم األوروهيني
وتناولوا أمماهلم ،ولكنهم إذا قاهلوا الشبان قالوا حنن ال نؤمن هذلك ألن هذه أناطري
األولني ليبينوا للناس أهنم ملى حق والناس مبطلون .حىت يقول الشبان أن هؤالء
فالنفة حمققون ولوال أهنم كذلك ما نطقوا هبذا وال أظهروا الكفر وال حتملوا تبعة ذلك
اإلنكار.
فإذا كانت هذه حالنا حىت أصبح هعض الذين هلم إملام هعامل األرواح ينكروهنا
ترفعاً ،فإن املسألة قد أصبحت ذا أمهية مظمى فليكن الربهان جلياً كالعيان وإال
فماذا يريدون؟
فقلت ولدي شري دمحم:
أما ذكر من حبهم للتميز من العامة فذلك خرق ومحق وجهل ،وإال فالعامة
أيكلون ويشرهون ويلبسون ويتزوجون ويلدون وحيبون الولد ويعملون اخلري والشر
ويشبون ويشيبون وهلم أمضاء ومسع وهصر وشم وذوق وملس ونائر األمضاء ،فكان
األج در هبم إذا أرادوا التمييز منهم أن يدموا الطعام فال أيكلوا واللباس فال يلبسوا
والشراب فال يتعاطوه وال يتزوجون ال يلدون ..اخل .فقال قد متيزوا يف أنواع الطعام
والشراب واللباس وغريها ابلتأنق والتحسني متييزاً هلم من العامة ،قلت :أفلم يكن
األجدر هبم واألحرى هلم أن ميتاهزوا يف االمتقاد يف اآلخرة ابلبحث والتنقيب واهزدايد
الدليل وواثقت ورجاحت وصدق وتبيان لو كانوا يعقلون ،أما ما أرد من أدلة أملى
وهراهني أقوى فانتمع ملا ألقى مليك أوالً :قال العالمة هزين الدين دمحم املدمو مبد
الرءوف اتج العارفني هن هزين العاهدين اجلداوي القاهري املعروف ابملناوي املولود ننة
712املتوىف ابلقاهرة صبح يوم اخلميس الثالث والعشرين من صفر اخلريهسنة 4894
ملى قصيدة النفس الهن نينا صفحة 92انقالً من الغزايل ما أييت:
والعامل من حمرك الفلك التانع من الصفحة اليت تلي جهة فوق إىل اليت تلي جهة
أقدامنا مملوء جنوداً ومالئكة ( وما يعلم جنود رهك إال هو) ،إىل أن قال وال ينبغي أن
ينكر منكر ذلك وقد شهد شعاع الشمس وروحانيت وهساطت حىت أن قرصها يكون
ابلغرب وشعامها ابلشرق فما هو إال أن يغيب خلف جبل فينقطع الشعاع الذي
ابملشرق هال هزمان ،فلو كان جسماً ما إنقطع يف مدة ينني ،وإذا أخذ مرآة
ومكست هبا 4الشعاع ابإلضافة إيل جوهر النفس كثيف ،فليس يف العامل موضع إال
وهو مغمور مبا ال يعلم إال هللا ،ولذلك أمر الشارع ابلسرت يف اخللوة ومند اجلماع
والعامل مشحون ابألرواح اهـ.
اثنيا :قال املناوي نفس يف الكتاب املذكور نقالً من الغزايل رمح هللا صفحة 98
ما ملخص أن قال :قد ظهر ابملشاهدة ظهوراً أوضح من العيان أن أصناف مذاب
4هذا حبسب ما وصل إل العلم يف هزماهنم ولكن الضوء نريه يف هزمان كما تقدم ول مسافا يقطعها يف كل
اثنية وشهر وننة كما تقدم اهـ .مؤلف.
القرب ثالثة أقسام :فرقة املشتهيا ،وخوي خجل الفاضحا ،وحسرة فوق
احملبواب .
وهذه أنواع روحانية تتعاقب ملى امليت إىل أن ينتهي إىل النار اجلسمانية ،ففرقة
املشت هيا وهو أوهلا صورت املستعارة من مامل احلس والتخيل التنني الذي وصف
الشرع ومدد رؤون وهي هقدر الشهوا ورذائل الصفا إىل أن قال :والثاين خزي
خجل الفاضحا ،فإذا تطاول الزمن هعد املو وقد احرتق الفؤاد هفراق ما تشتهي
النفس من األهل واألحباب واملال ختبو انر ذلك الفراق هطول الزمن فتبدو إذ ذاك
انر اخلزي يف القلب مبا إرتكبت من الذنوب واآلاثم ويرى نفس يف خزي وفضيحة
أمام خالق والعقالء ،فإذا طال الزمن ألف الفضيحة.
مث تظهر آخر األمر انر حسرة فو احملبواب من األممال العظيمة والعلوم
اليقينية اليت يرى غريه هبا إرتقي ،وذلك آخر ما يلقى من العذاب قبل ما يلج النار يف
اآلخرة.
هذا ملخص ما ذكره املناوي نقالً من الغزايل صفحة 98و 94ومما قال فيها
ابحلرف:
وال تظن أن هللا يغضب مليك إنتقاماً مث ختدع نفسك هرجاء العفو فتقول مل
يعذهين ومل تضره معصييت ،إذ يلزم العذاب من املعصية كما يلزم املو من السم،
وهذه احلسرة دائمة ال تزول أهداً ا هـ .املقصود من ابحلرف الواحد.
اثلثا :قال يف إخوان الصفا اجلزء الثالث صحفة :912
واملم أن النفوس املتجسدة اخلرية مالئكة ابلقوة ،فإذا فارقت أجسادها كانت
مالئكة ابلفعل ،كذلك النفوس املتجسدة الشريرة هي شياطني ابلقوة فإذا فارقت
أجسادها كانت شياطني ابلفعل ،هلذه النفوس الشيطانية ابلفعل تونوس للنفوس
الشيطانية ابلقوة لتخرجها إىل الفعل كما قال تعاىل{ :شياطني اإلنس واجلن يوحي
هعضهم ملى هعض هزخرف القول غروراً} ،فشياطني اإلنس هي النفوس املتجسدة
الشريرة أنت ابألجساد ،وشياطنب اجلن هي النفوس الشريرة املفارقة لألجسام احملتجبة
من األهصار .وقال قبل ذلك ما ملخص :إن هذه النفوس الشريرة ملا فارقت اجلسد
وكانت معلقة ابلدنيا ونلبت احلواس وآال اللذا حزنت ومتنت لو رجعت للذا
كرة أخري ،فحينئذ تصبح النفس كأهنا ال حية وال ميتة كما قال تعاىل{ :ال ميو
فيها وال حييا} ،وتقول {اي ليبتنا نرد فنعمل غري الذي كنا نعمل ،اي ليتين كنت تراابً.
هل لنا من شفعاء لنا} وقال تعاىل {ولو ردوا لعادوا ملا هنوا من واهنم لكاذهون} ملا
ركب فيهم من األخالق الشائنة ،وتبقى تلك النفوس متعلقة أبهناء جنسها املتجسدة
تونوس هلم ،وهكذا شأن الغافلني ا هـ .ملخصاً من إخوان الصفا.
قال شري دمحم ملا مسع هذا القول :ما أحسن ما مسعت لوال شبهة مرضت يل وشك
حريىن .إن ما قال الغزايل وما ذكره إخوان الصفا يتفق وال خيتلف إال يف أن إخوان
الصفا جيعلون أرواحنا هعد املو شياطني اترة ومالئكة أخرى ملى مقتضى اخلري
والشر ،فأما الغزايل فلم يصرح هبذا هل اكتفى هعقاهبا ملى ما جنت ابخليبة واحلسرة
وفوا احملبوب ،وما أشب كالم إخوان الصفا مبا مر من الفخر الراهزي يف جمالسنا،
فقد تقدم أن نقل من هعضهم أن أرواح الناس هعد املو شياطني ومالئكة ول جرم
أن هذا يوقعنا يف شك مريب .وكيف يتفق ذلك مع اإلميان ابملالئكة كإنرافيل
وجربيل وميكائيل واجلن والشياطني إن هذا لعجب مجاب ،وكأن العلماء كلما
ارتقت آراؤهم خالفت آراء اجلمهور ،وكيف يتسىن للناس أتبامهم وهم خمالفون نص
الدين؟
فقلت اي شري دمحم :إملم أن هؤالء العلماء مل يذكروا ذلك ختصيصاً للمالئكة
والشياطني أبرواحنا ،وإمنا هو يريدون أن أرواح األهرار تلتحق ابملالئكة وأرواح األشرار
تلتحق ابلشياطني ،فأما إنكارهم للمالئكة والشياطني املخلوقني خلقاً أولياً من هللا هال
أجسام نراها فهذا مل يقل ه أحد منهم وال قرأت يف كتاب ،وإمنا الذي هالك تعبري
الراهزي وإخوان الصفا هلفظ مالئكة وشيطني ،فال يهولنك اللفظ وقف ملى املعىن
جتده نهالً مجيالً ،أي أن األهرار منا مع املالئكة واألشرار مع الشياطني {ولكل
وجهة هو موليها} ،وما منا إال ول مقام معلوم ،ومن ذا الذي جيرؤ ملى هللا فيحكم
ملي أن مل خيلق خلقاً إال يف أرضنا ،فال ملك وال جن وال إنس إال منها ،فهل يعمي
هذا القائل من الشموس اليت ال هناية لعددها وقد هلغت مخسمائة ألف ألف مشس،
لكل منها نيارا وتواهع ،فما تلك املخلوقا وما أمدادها أي شيء أرضنا ابلنسبة
ملا ال مدد ل من الشموس وتواهعها وخملوقاهتا {إن رهك هو اخلالق العليم} فكم يف
تلك األقطار من العوامل اليت جنهلها من املالئكة وغريهم {وما يعلم جنود رهك إال هو
وما هي إال ذكرى للبشر}.
قال شري دمحم :اي نيدي أان أملم هذا وأوقن ه ،ولكنين نألتك خيفة أن يقف
ملى هذه احملادثة من يف قلب مرض أو ملى ميني غشاوة احلسد والبغضاء فيؤول
كالمهم أو ينسب إليك هزوراً وهبتاانً ،فلما أوضحت هزال الوهم .فقلت أحسنت.
قال شري دمحم :مندي نؤال آخر هام ال طاقة يل ملى كتم وال مندوحة يل من
فهم ،وذلك أين قرأ أحاديث كثرية يف أمر مذاب القرب ونعيم وأهنا أمور جسيمة
ال معنوية وكيف يقنع املسلمون هقولك هذا ،وكأين مبن يسمع كالمك يقول هذا
كالم فالنفة خارج من الدين وما تقول يف قول "املؤمن يف قربه يف روضة خضراء
ويرحب ل يف قربه نبعون ذراماً ويضي ء حىت يكون كالقمر ليلة البدر هل تدرون
فيماذا أنزل (فإن ل معيشة ضنكا) قالوا هللا ورنول أملم قال مذاب الكافر يف قربه
يسلط ملي تسعة وتسعون تنيناً هل تدرون ما التنني؟ تسع وتسعون حية لكل حية
تسعة رؤوس خيدشون ويلحسون وينفخون يف جسم إىل يوم يبعثون".
قلت اي شري دمحم :إن لنا يف اجلواب ملي وجوهاً ثالثة ذكرها اإلمام الغزايل ،فلنسر
ملى منهج ولننسج ملى منوال :
األول :إننا نبقى احليا والعقارب والتنانني ملى حاهلا هال أتويل ونسلم أهنا
موجودة وجوداً غري ما نعهده ،ولنا يف ذلك نظائر ،أمل تر أن النيب كان ينزل ملي
جربيل والناس ال يرون وهم ه مصدقون ملا رأوا من اآلاثر والعلم واحلكمة ،وقد أمجع
رجال الكشف من املسلمني أهنم يشاهدون صوراً ويعرفون أموراً جيهلها نواهم ،وأنت
تعلم أن الونطاء املنومني ابلفتح يشاهدون صوراً وأشباحاً وخيربون أبمور والناس
حوهلم ال يدركون منها شيئاً ،أفليس امليت أوفر حرية وأكثر إنطالقاً؟ فإذا مل يسعك
أن تتصور هذا وشق مليك فانتمع ملا ألقي إليك يف..
الوجه الثاين :ذلك أننا نعرت حبال النائم فإننا نرى انئمني يف فراش واحد وقد قام
أحدمها مذموراً كئيباً وجالً خائفاً مما شاهد وقت نوم .وقال الثاين قد كن يف حديقة
غناء مع من أحب وهو مستبشر فرح مما القى من املسرا والنعيم ،فلنتأمل امليت
الذي صار أكثر حرية وأحد نظراً من النائم فتكون احلية والتنني والعقرب موجودة
ابلنسبة ل واحلاضرون ال يعلمون ،فإذا مسر مليك هذا وأهيت أن تقبل فانتمع ملا
أقول يف..
الوجه الثالث :أبن نقول إن احليا ليست مؤذية هذاهتا وأن املؤذي هو السم
الذي تنفث من انهبا فيدور مع الدم فيكون األمل الشديد ،هل نفس السم ليس مبؤذ،
أال ترى إىل ما حققت األطباء أن نم احلية إن شرب وال جرح يف الفم وال يف جمرى
الطعام إىل املعدة صار غذاء ال داء قاتالً ،وإمنا يؤذي ويضر اجلسم إذا دار مع الدم
يف العروق والشرايني فهنالك األذي ،فاحلية ليست مبؤذية وال السم وإمنا هو األثر
الناجم من السم امللفوظ من احلية ،فكانت النتيجة أن اللذا واآلالم كيفيا قد
تصل إيل احلس هطريق األمصاب واملدار ملى األثر ال املؤثر .واآلالم قسمان :قسم
جسمي وقسم روحي ،فاجلسمي إما من داخل وإما من خارج ،والذي من اخلارج ما
من احلواس اخلمس ،كالصو الكري يف السمع ،واملنظر البشع واحملزن أو املخيف يف
البصر ،والرائحة الكريهة يف الشم ،واملر يف الذوق .والذي من داخل هي األمراض
وهي ترجع إىل إحنراف املزاج من امتدال الطبائع األرهع وهي الصفراء والسوداء والدم
والبلغم ،ومن هذه تنشأ نائر األمراض املتكاثرة.
أما القسم الروحي :فهو راجع إىل الغضب والشهوة واجلهل ومدم العدل ،ولقد
تفرع ملى هذه فروع كثرية كتفرع رؤوس احليا ومدد التنانني واحليا ،فإذا مل يتزن
الغضب ابلشجامة واحللم ومل حتفظ الشهوة ابلعفة ،لوم يوصف العقل ابحلكمة ،ومل
يكن امتدال هني هذه القوى :كانت اآلالم النفسية املوجعة اليت تبقى يف النفس هعد
املو ،وهذا إحنراف يف املزاج ،فإذا غلب الدم حجثت األمراض النامجة من ،كما أن
الغضب يف األخالق حيدث من أمثال األحقاد والضغائن ،وإذا غلبت الشهوة
حدثت أمور كالعشق املنحرف من اجلادة ،ومىت فارق احملب ما أحب جزع ،وهناك
مواهزنة ما هني اآلالم اجلسمية هقسميها وما هني اآلالم النفسية .ولنضرب لك مثالً
يوضح املقام فنقول لنتخذ حانة اللمس مثالً فإن اآلالم الواصلة ملى اجلسم منها
تكون ابلضرب أو ابجلرح مثالً ،ونقاهلها ابآلالم الروحية لفقد احملبوب من مال
ومقار.
فلو أن رجالً قيل ل أمطين مقارك وضيامك وضرب ضرابً موجعاً فإن ال يرتك ما
ملك وال يدع ما أحب ملا حيس من األمل الناجم من فراق احملبوب وهو ما ميلك وهو
أشد من األمل الناجم من الضرب املؤمل .هطريق اللمس ،إال أن ال يزال يواهزن هني األملني
ويتحمل األمرين ويرضى لتمزيق جلده ،حىت إذا أصبح أمل اجلسم ال يطاق وكاد
تلتف الساق ابلساق ،هنالك يرى األمل الناجم من الضرب اجلسمي أقوى من أمل فراق
احملبوب فيرتك ملى قامدة (إذا اجتمعت ملتان يتبع األخف).
قال اإلمام الغزايل :والصفا املهلكا تنقلب مؤذاي ،ومؤملا يف النفس مند
املو فتكون آالمها كآالم لدغ احليا من غري وجود حيا ،وانقالب الصفة مؤذايً
يضاهي إنقالب العشق مؤذايً مند مو املعشوق ،فإن كان لذيذاً فطرأ ملي حال
صار اللذيذ هنفس مؤملاً ،حىت يرد ابلقلب من أنواع العذاب ما يتمىن مع إن مل يكن
قد تنعم ابلعشق والوصال ،هل هذا هعين أحد أنواع مذاب امليت ،فإن قد نلط
العشق يف الدنيا ملى نفس فصار يعشق مال ومقاره وجهل وولده وأقاره ومعارف ،
ولو أخذ من مجيع ذلك يف حيات من ال يريد إنرتجام ،فماذا ترى يكون حال ؟
أليس يعظم شقاؤه ويشتد مذاه ويقول اي ليتين مل يكن يل مال قط وال جاه فكنت ال
أأتذى هفراق ،فاملو مبارة من مفارقة احملبواب الدنيوية كلها دفعة واحدة.
مـا حـال مـن كـان لـ واحـد
غـيـب مـنـ ذلـك الـواحـد
فما حال من ال يفرح إال ابلدنيا فتؤخذ من وتسلم إىل أمدائ ،مث يضاف إىل
ذلك احلسرة ملى ما فات من نعيم اآلخرة اهـ .املقصود من .
قال شري دمحم :اي نيدي قرأ يف كتاهك (مجال العامل – صفحة )419ما نص :
حنن نعلم اليقني أن اإلهليا يف أورواب ترقث كما ترقث نائر العلوم فيدرنون درناً
مدققاً ،وها هو ذا فن األرواح اجملردة من املادة كان قدمياً جزءاً من ملم اإلهليا
فأصبح اآلن مستقالً وأتوا في ابلعجب العجاب ويتبع حنو مشرين مليوانً من
العلماء ،وأخذ تضرب األمثال من جهل الناس يف التقليد فإهنم يقلدون الفرجنة يف
العلم ما مدا اإلهلي فإذا ما وصلوا غلي كذهوا ،فإذا نئلوا قالوا أهنم ملماء جبميع
العلوم يف مقال لك واف هناك ،حىت أنك شبهتهم وهم يسألون معلم اللغة األجنبية
يف معرفة هللا وقد تركوا ملماء األرواح يف أورواب مبن يسأل الفالح يف حقل من تدهري
امللك .فكأنك اي نيدي هبذا أتمران أن نقر ملم األرواح الذي أذام األوروهيون؟
فقلت ل نعم ،فإين أيقنت أن أولئك الشاكني يقولون حنن نتبع يف الشك ملماء
أورواب ،فإذا ما حقق األمريكيون ،والفرنسيون ،واألملان ،والبلجيكيون ،واإلنبانيون،
واإليطاليون ،والسويديون ،والسويسريون ،والرونيون ،وأن هعض ملماء هذه األمم
كلها كانوا ماديني فأصبحوا هعد التحقيق موقنني ابحلياة هعد املو وأيقنوا هعامل
األرواح {فإهنم خيرون لألذقان نجدا ويقولون نبحان رهنا إن كان ومد رهنا
ملفعوال}.
ولقد اطلعت ملى كتاب ي هذا الفن يسمى املذهب الروحاين ،وقرأ ما دون
ملماء تلك األمم ،فدهشت ومجبت كل العجب أن يتصل ملم األرواح هني هؤالء
القوم مع تبامد دايرهم وتنائى أوطاهنم واختالف جتارهبم ابلدين اإلنالمي وآراء
ملمائ مجلة وتفصيالً ،وكيف حتل مشكال القرآن هبذا العلم احلديث؟ وكيف
يصبح ما كنا نؤمن ه هطريق السمع معروفاً ابحس ،فالعذاب والنعيم وهقاء األرواح
واجملاهزاة ملى األممال .كل هذا مسعي أنخذه ابلتسليم من صاحب الشرع ،فأصبح
اليوم معروفاً ،مند ملماء من هذه األمم كلها ،أليس هذا هعجيب؟ أصبحت تنطق
األموا ملى ألسنة أولئك الذين اتسعد فطرهم لذلك هعذاهبم ونعيمهم ويعملون
أمماالً مدهشة وأيتون ابألشياء البعيدة وخيربون أبخبار تصدق وتكذب حسب
مراتب األرواح إذ هي تبقى هعد املو ملى أخالقها وماداهتا ،وهعضها يتخلق مبا
ميسع من نصح الناصحني لبعض الناس ،وهكذا مما نرتى من العجائب والغرائب
ملى أيدي آالف من البشر ،وذلك موافق للقرآن كل املوافقة.
قال شري دمحم :لقد أمسعتين مجباً فهل لك أن تسمعين طرفاً مما ذكرت حىت يكون
يل في مقنع ولكل من قرأ الكتاب ،فقلت نأقص مليك من الكتاب املذكور ما في
مقتنع يف اجمللس الراهع إن شاء هللا تعاىل.
اجمللس الرابع
يف الروح اليت أخربت مبوهتا وزمنه
ويف قلة علم النوع اإلنساين
ومقارانت شىت بني أقوال األرواح
وبني القرآن واحلديث الشريف
فلما جاء الشيخ شري دمحم ،والتأم اجمللس ،شرع يطالبين مبا ومدت يف اجمللس
الساهق .فقل حباً وكرامة...
أما القصة األوىل فهي ما قال يف الكتاب املذكور يف صفحة 19ما نص ابحلرف
الواحد :روى املعلم جاردي نقالً من إحدى اجلرائد الروحانية األملانية احلادث اآليت:
يف اليوم الثالث من شهر آب ننة 4992قعد ثالثة أشخاص من مدينة ح حول
طاولة ملكاملتها ،فلما انتقر هبم احلال أخذ املائدة تتحرك إشارة إىل رغبتها يف
التكلم ،فدار هينهم احلديث اآليت:
ج :خياط مقتول. س :من الطارق؟
ج :مر ملى قطار فدانين. س :كيف قتلت؟
ج :منذ ثالث ننني. س :مىت كان ذلك؟
ج :يف أونرتابرمن. س :وأين مت ذلك؟
ج :يف 27آب ننة .4997 س :أي يوم؟
ج :نيجوار ليكوهيسك. س :ما إمسك؟
ج :يف ابرمن. س :أين كان مقرك؟
ج :نعم. س :هل والداك ملى قيد احلياة؟
ج :كنت أجري صانع. س :أنت معلماً أم صانعاً؟
ج :نعم كثرياً. س :هل أنت نعيد؟
ج :يف الساهعة مشرة من ممىي. س :يف أي نن قتلت؟
ج :كال. س :هل تستحسن أن تبلغ
ذلك لوالديك؟
ج :ألهنما ال يعتقدان احلياة هعد املو . س :ملاذا؟
ج:ال ينوهكم من ذلك إال السخرية. س:رمبا هذا يقنعهما؟
ج :كنت ذاهباً لزايرة أنسباء يل يف س :كيف مت حادث قتلك؟
ملي
أونرتابرمن وإذ كنت ماشياً يف طريق مل أملح لضعف هصري قدوم القطار فمر ّ
ودانين.
ج :ال أنتطيع وصف ذلك. س :مباذا تشتغل اآلن؟
فعجب احلضور من هذه الرواية وقصدوا أن يتحققوا صحتها فكتب أحدهم يف
اليوم الثاين إىل مديرية ابرمن ليستقصي اخلري ،فورد إلي اجلواب من رئيس الشحنة يف
49آب ننة 4992وهاك نص :إجاهة لطلبكم رقم 9اجلاري أتشرف إبمالمكم
أ ننا ملى أثر مطالعتنا نجال املديرية وجدان أن الصانع اخلياط املدمو نيجوار
ليكوهيسك ول من العمر نبعة مشرة ننة هينما كان ماراً يف طريق أونرت ابرمن ليلة
27آب ننة 4997السامة 44والدقيقة 41مر من فوق قطار السكة احلديدية
فقتل ،ونسبت قضيت إىل جتول القتيل جهالً من يف طريق القطار.
قال شري دمحم :ما أحسن هذا املقال الذي أدهشين ،ولكن أيسمح يل أنتاذي أن أقول ل
كيف نثق أبقوال هؤالء األملانيني وهل هم حجة مندان؟
نعم .أان موقن أنك قرأ حوادث كثرية ،وأن القوم مقتنعون مبا رأوا من تلك
األقوال .فقلت :اي شري دمحم قد فهمت ما ترمي إلي ،وأان أملم ملماً ليس ابلظن أن
هذا السؤال أوردت من رأي العامة ال يعن رأي أنت لتنزيل شكوك العامة ،وإال
فمثلك يعلم ملم اليقني أن نائر العلوم املدونة من مساوية وأرضية يقرؤها القوم وحنن
معهم وأهل كل فن صادقون ،وال جرم أنك تعلم أن نائر الناس مل يكونوا يلعلموا أن
هناك خملوقا صغرية (ميكرواب ) حتدث يف أجسامنا احلمى واجلدري وأمراض
الوابء ،حىت أن آالفاً مؤلفة من تلك املخلوقا احلية تؤلف مجامة مظيمة وتتعاون
ملى إتالف أجسامنا ومتزيق أحشائنا وهعثنا من مامل األجسام إىل مامل األرواح،
فأصبح هفضل ملماء أورواب اإلميان هبذه احليواان الذرية اليت ال تراها العني يقيناً ال
يشك في أحد ،وقد آمن هبا الصعاليك واجلهالء والعلماء .فهكذا هم الذين خاطبوا
األرواح هتلك النفوس العصيبة واألمزجة املستعدة للتخاطب مع العامل اللطيف الذي مل
نقرأ من إال يف الكتب الدينية ،فهل نصدقهم يف احليواان الذرية املسماة
(ابمليكرواب ) ونكذهبم يف حياة األرواح؟
ولعلك تذكر أن نبينا دمحماً وقف ملى قليب هدر واندى :اي أاب جهل اي فالن اي
فالن ،وملا رويت لك هذا يف اجملالس الساهقة قلت إان نريد أن نصل كالم األنبياء
هكشف العلم احلديث ،فلما أن اهتدأ أن أذكر ما نطره القوم يف جرائدهم وما
أجاهت ه حكوماهتم اليت هي أدق وأرقى من حكوماتنا الشرقية قلت هل نثق هبم،
فقل يل اي شري كيف نسري مع األمة؟ وكيف نؤلف هلم؟ فنحن كما قال الشامر يف
حمبوهت اجلميلة النافرة:
فوصـلي يؤذيهـا وهجـري يـضيـرهـا
وتـجـزع من هعـدي وتنفـر من قرهـي
فيـا قـوم هـل من حـيلة تعرفـونـهـا
أغيثـوا هبا وانتوجبـوا األجـر مـن رهـي
فوهللا ليس يف إمكاين أهدع مما كان ،قراان كتاب هللا فقلتم نريد أهني ،فروينا السنة
وكتب ملماؤان فقلتم نريد كشفاً مصرايً ،فطفقنا نشرح فقلتم إننا مسلمون ،واحلق أن
هذه الشكوك هع د هذا البيان ألشب مبا قال اخلياط املقتول هذه احلادث إذ نئل من
تبليغ والدي فقال :ال ألهنما ال يعتقدان احلياة هعد املو .هكذا إذا حنن كلمنا هذه
الطائفة يف دايران فال جواب هلم إال الغستهزاء والسخرية كما قال اخلياط املقتول :ال
ينالكم من ذلك إال السخرية .وأهدع من ذلك وأمجب ما قال هللا تعاىل يف القرآن
{ولو أننا نزلنا إليهم املالئكة وكلمهم املوتى وحشران مليهم من كل شيء قبالً ،ما
كانوا ليؤمنوا إال أن يشاء هللا ولكن أكثرهم جيهلون} .إال تتعجب من هذه اآليهة
كيف طاهقت مصران احلاضر وهي توايت جدالك وشكوكك وتتصل هقول اخلياط
املقتول ،وأن والدي ال يوقنان ولو مسعا أن امليت ولدمها كلم الناس أن هذا لعجب
مجاب.
ومما يدهش العقالء أن القرآن رمبا أشار هطرف خفي إىل حادثة ظهور األرواح ف
هذه الزمان يف آية {وإذا وقع القول مليهم أخرجنا هلم داهة من األرض تكلمهم ،إن
الناس كانوا آبايتنا ال يوقنون} .هقول ال تعاىل وإذا وقع القول مليهم ،أي شاف
الوقوع ،وهو قرب قيام السامة وحقت كلمة العذاب ملى نوع اإلنسان فجهلوا
املعنواي ومكفوا ملى املاداي وكذهوا الدايان وشكوا يف اآلاي ،وأصبحوا ال
شرف هلم يف حكوماهتم وال أفرادهم ومرنوا ملى الكذب والنفاق واهزدادوا ابلعلم ممي
وابلفلسفة ظلماً أخرجنا هلم من األرض من يطرق املوائد وحيركها وميسك األقالم يف
أيديهم ويكتب ويرتاءى هلم يف أشكال وأهزايء خمتلفة ووجوه نورية فرتاه أهصارهم اتره
ويسمعون كالم وطوراً يبصرون أشكاالً واترة يقرأون خطوطاً وآونة يسمعون صريراً
وصواتً شديداً كالرمد القاصف ،وقد حيسون هربودة متر مليهم مث تتحرك األيدي
ابلكتاهة ،فكان يف ملم أشب مبن يدب ملى األرض من اإلنسان يف تعلق وممل
ومبا جيري فوقها من الدواب يف حركاهتا وأمماهلا األخرى ،فهذا يشري ل معىن قول :
{أخرجنا هلم داهة من األرض} ،وهذه الداهة تبني للناس حقائق وتدرس هلم حكمة
وتريهم أهنم غافلون جاهلون ضالون ،فيجلس أمامها أكرب الضالني وأمظم الفانقني
وأشد الغافلني .ومن يدمي أن ملك مقاليد العلم وهرع يف احلكمة املادية فيخر
ناجداً لره خاضعاَ خلالق موقناً أن روح نتبقى هعد موت ،فهذا معىن تكلمهم..إخل.
وقرا اهن مسعود تكلمهم أبن الناس كانوا آبايتنا ال يوقنون ،وهذا هو احلاصل اآلن
هعين ،وهذه معجزة للقرآن وحكمة اثهتة للفرقان ،فإن اآلالف املؤلفة من البشر اليوم
يف أحناء العامل يوقنون إذا حتققوا مذهب األرواح .وليس اإلميان هكاف هل اليقني هو
أكمل اإلميان ،فتعجب من اآلية وانظر كيف كان هذا مظهرها وهي مسألة ظهور
األرواح فالقرآن يشري إليها.
قال شري دمحم :اي نيدي إن تفسريك هذا خيالف ما جاء من نيد البشر ،وكيف
نرتك قوال النيب ونسمع مقالك؟ أو ليس النيب أملم ابلكتاب منك؟ ..قلت :وكيف
ذلك؟ قال :قال الفخر الراهزي إن هلذه الداهة أرهع قوائم وهزغباً وريشاً وجناحني ،ومن
اهن جريج يف وصفها رأس ثور ومني خنزير وأذن فيل وقرن آيل وصدر أند ولون منر
وخاصرة هقر وذنب كبش وخف هعري ،وإهنا خترج من املسجد احلرام أو خترج من
الصفا ،وقيل خترج ابليمني مث خترج مند الركن حذاء دار هين خمزوم .فقلت اي شري دمحم:
أملم أن ال داللة يف اآلية ملى ما روى ،وقد قال الراهزي نفس فغن صح اخلرب في من
رنول هللا قبل وإال مل يلتفت إلي ،وهو يريد أن اخلرب غري صحيح ،أقول :ولقد حبثت
يف كتب الصحاح فلم أمثر ملى هذا الوصف للداهة ،ملى أن لو صح فرضاً لدل
ملى أهنا خمالفة لكل حيوان ،فقال :ولكن كيف تقصرها ملى مسألة األرواح وأىن لك
هذا؟ فقلت اي شري دمحم :أان مل أقل إن هذا هو املعىن ولكن أقول إن رمز ل وإشارة،
فاآلية ابقية ملى ظاهر معناها ترمز إىل ما ذكران ،فالداهة ابقية ملى املعىن األصلي
نكل ملمها إىل هللا تعاىل وتكون رمزاً هلذا ،وهذا قسم من أقسام الكناية يف ملم
البيان فاللفظ ملى حال يشري ملا اقرت من كما أوضح اإلمام الغزايل يف تفسري قول
:إن املالئكة ال تدخل هيتاً في كلب وال صورة فقد جعلها ملى حاهلما ورمز هبما إىل
الشهوة والغضب فافهم ،فإذا فهمت هذا فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب ،وقطع
لسان كل معرتض هعدك فقد ند يف وجه أهواب اجلدال ،وكفى هللا املؤمنني
القتال اهـ .اجمللس الراهع.
اجمللس اخلامس
يف أسباب حتريك املوائد ويف عجائب جاءت
على يد األرواح كإحضار فواكه وزهر وحكم غيبية
ومقارنة هذا مبا ورد يف الدين تصديقا للكتاب
قال شري دمحم :لقد فهمت ما ذكر أمس ،وأرجو اليوم التمادي يف احلديث فإن
لذيذ شهي ،ولقد ندد ملى طرق اجلدال يف اجمللس الراهع فلم أقدر أن أنبس هبنت
شفة ،فلقد أثبت أبجلي الرباهني وأوضحها وأمتها وأكملها يف القصة الثانية.
قلت :أريك اليوم أمراً مجيباً يدهش املسلمني يف أقطار األرض .قال :وما هو؟
قلت :قال يف كتاب املذهب الروحاين حكاية من أحد األرواح ما ملخص :
إن الروح إذا انطلق من اجلسد وقت النوم يتذكر شيئاً من ماضي ومن مستقبل ،
ويناجي األرواح األخرى يف هذا العالم ويف نواه .وهو إذا انم كثرياً ما يبحث من
مستقبل وماضي .فما األماكن العجيبة والغرائب إال ما كان رآه قبل والدت أو ما
نوف يراه هعد موت .إال وأن األرواح اليت تنسل وقت املو إمنا هي اليت تكون
أحالمها غاية يف الوضوح ،ألهنا تقاهل أحباهبا يف مامل األرواح وتنتفع أبحاديثهم ،أال
وأن هذا نينزع منكم خوف املو فإنكم متوتون كل ليلة كما قال أحد األهرار :وهذا
يف األرواح العلوية.
أما أولئك الذين تبقى أرواحهم هعد املو ناما وأايماً مضطرهة فأولئك الذين
ال يذكرون ما يعملون وقت النوم ،ولقد شاهدمت هذا اإلضطراب فيمن ماتوا حديثاً
ممن طلبتم حضروهم ،أال وأن للنوم أثراً يف حياتكم اليومية وإال فكيف حتب أمراً هر
نبب وتكره آخر إال ملا اطلعتما ملي وأنتما يف حال اإلنبعاث من اجلسم وقت الرقاد
فيظهر لكل منكما تباين املشرهني واختالف الرأيني أو إحتادمها مع الصفاء والسرور،
والبهجة واحلبور.
أال وأن الناس ال يذكرون وقت اليقظة حديثاً قط من أحاديث إخواهنم وأحباهبم
كال ،وإمنا يذكرون ما اتفق هلم مند مودهتم إىل أجسامهم هني اليقظة والنوم وهذا هو
احللم وهزد ملي ما صنع املرء وقت اليقظة من أممال شاغلة ،وأفكار هامة ،مما يراه
العلماء والعامة ملى حد نواء.
وقد يكون احللم من مدم تذكر ما اطلعتم ملي كرواية حذف منها مجل متعددة
وما يبقى فال نياق ل ،وقد تنتهز األرواح الشريرة الفرصة لتنكيد األنفس الضعيفة
اجلبانة.
قال شري دمحم :وأي دهش للمسلمني وأي مجب هلم فيما قلت يف ثالثة مواطن.
األول :قول فإنكم متوتون كل ليلة كما قال أ،حد األهرار يشري هذلك ملى قول تعاىل
{هللا يتوقى األنفس حني موهتا واليت مل متت يف منامها فيمسك اليت قضى مليها
املو ويرنل األخرى ملى أجل مسمى إن يف ذل آلاي لقوم يتفكرون} الثاين:
قول األرواح وقت النوم تتالقى .قال العالمة القرطيب يف تفسريه قال اهن مباس وغريه
من املفسرين ،إن األحياء واألموا تلتقي يف املنام فتعرف ما شاء هللا ،فإذا أراد
مجيعها الرجوع إىل األجساد أمسك هللا أرواح األموا منده وأرنل أرواح األحياء إىل
أجسادها .وقال نعيد هن جبري إن هللا يقبض أرواح األموا إذا ماتوا وأرواح األحياء
إذا انموا فتعرف ما شاء هللا أن تعرف ،فيسمك اليت قضى مليها املو ويرنل
األخرى أي يعيدها .وقال ملي رضي ال من أن الرؤاي الكاذهة من إلقاء الشيطان
وهذا هو املوطن الثالث ،وإال فكيف يقول يف ملم األرواح احلديث إن األرواح الشريرة
حتدث األحالم لتحزن األنفس الضعيفة اجلبانة وهذا كما قال ملي الصلة والسالم:
إذا رأى أحدكم يف نوم ما يكره فليثقل ملى يساره ثالاثً وليقل اللهم غين أموذ هك
من نيئا األحالم ووناوس الشيطان ،أال يتعجب املسلمون من هذا اي شري،
وكيف تطاهق املعقول واملنقول ،وكيف نطقت األرواح يف أورواب مبا جاء يف القرآن
وكيف انتشهد الروح ملى أن النوم مو هقوهلا كما قال أحد األهرار تريد نيدان
دمحماً يف اآلية املذكورة من هللا ،وكيف يروي اهن مباس وغريه ،أن أرواح األحياء
واألموا تلتقي وقت النوم كما أوضحت األرواح يف الوقت احلاضر .وكيف يطاهق
أقوال األرواح كالم النبوة أن األحالم احملزنة من إلقاء األرواح الشريرة .أن هذا لعجب
مجاب .وهل هذه الروح مطلعة ملى هذه اآلي واألحاديث وكالم نيدان ملى .كال
هل املورد واحد فالروح من مامل العيب وكذا النبوة ،ومن الفرق هينهما اخلطأ يف األول
والعصمة يف األمر الثاين وهذا مندي غاية العجب.
(لطيفة) قال الشيخ السبكي أخرج الطيالسي من من مائشة اهنع هللا يضر :إن إمرأة
ملي.
كانت مبكة تدخل ملى نساء قريش تضحكهم فلم هاجر إىل املدينة قدمت ّ
فقلت أين نزلت قالت ملى فالنة كانت تضحك ابملدينة فدخل النيب فقال فالنة
املضحكة مندكم .قلت نعم .قال ملى من نزلت قبلت ملى فالنة املضحكة .فقال
احلمد هلل أن األرواح جنود جمندة فما تعارف منها ائتلف :وما تناكر منها اختلف ا
هـ.
وإليك اآلن شرح كيفية خماهرة املوائد وفقاً لتعليم األرواح 4ذاهتا املنقول من كتاب
الونطاء للمعلم الفيلسوف االن كارداك:
س :هل السيال العام منصر األشياء كلها؟
قال شري دمحم :اي نيدي يف اجمللس الساهع قد مجعت هني ما جاء ه الدين
اإلنالمي والكشف احلديث ،وأصبح ما كشف القوم يف أورواب مصداقاً لديننا
اإلنالمي ،فالقوم يقولون أن اآلراء والعلوم واملعارف والشرور احلادثة يف األفئدة انمجة
من إهداء وإضالل األرواح الفاضلة والناقصة ،والنيب يقول :يف القلب ملتان ملة من
امللك وملة من الشيطان .إن هذا ملن العجب ،ولقد كنا منر ملى ذلك مراً ،وال نلتفت
إلي ،ونكل ملم إىل هللا ،واحلق أن الكشف احلديث معجزة لنبينا ومصداق قول
تعاىل :ننرهبم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم .أما يف اآلفاق فالكشف الطبيعي ،وأما
يف األنفس فتلك العجائب الروحية يف مجيع البلدان ،ومن العجب أن تقوم هبا أمم
الفرجنة وهم ال يعرفون القرآن ودين اإلنالم ،اي ليت املسلمني هذلك يشعرون ،مث
قال :ها ما مندك من هذه األخبار فإهنا نارة لذيذة حلوة تسر املفكرين فقلت-:
قال يف الكتاب املذكور :وحيسن هنا أن نذكر ههنا هعض أجوهة األرواح ملى
أنئلة طرحت مليها يف هذا املوضوع.
س :ملاذا ترى هعض الونطاء الصاحلني ذوي اخلصال احلميدة ال يتمكنون من
مناجاة األرواح الصاحلة.
ج :قد ميكن أن يكون ذلك قصاصاً هلم من ذنوب ماضية ،مث ما أدراك ما يف
قلب الونيط الصاح من الكربايء اخلفية؟ هل من إنسان كامل ملى وج األرض ،ال
ختدمن هظاهر الفضيلة فإهنا تسرت غالباً ميوابً خفية إنك تدمو كامالً من جتده
متجنباً لألذى مستقيماً يف معاملت مع الناس ،ولكن أتعلم أن مل تكن هذه الصفا
في مشوهة ابلكربايء وحب الذا أو ليس يف ابطن نوع من احلسد واحلقد ال يظهر
لعينيك ،أن أحسن وانطة لطرد األرواح الشريرة هي السعي يف التقرب من طبيعة
األرواح الصاحلة.
س :أال ميكن التخلص من األرواح الشريرة هطريقة إرشادها وإصالحها.
ج :ال شك يف ذلك وقل من يفكر في إن ذا لفرض واجب ينبغي القيام ه هكل
دقة وحمبة ،فبقليل من النصائح املخلصة ميكنكم أن حتركوا فيها الندامة وتسهلوا هلا
الرتقي.
س :كيف ميكن لإلنسان أن يكون ل يف ذلك فعل أمظم من فعل األرواح
العلوية.
ج :تؤثر األرواح الشريرة التقرب من هين البشر ملقاصد رديئة ،فإن وجد من الناس
من أخذ يسعى يف إرشادها مند تقرهبا إلي ،ضحكت يف ابديء األمر من وما
إنتفاد شيئاً ،ولكن إذا انتعمل الونيط الفطنة يف نصائح فال هد لكالم من أن
يؤثر شيئاً فشيئاً وليس املعىن يف ذلك أن لإلنسان نلطاانً متفاواتً ملى األرواح
العلوية ،هل كالم يؤاخي ابألكثر طبيعة األرواح السفلية ،وهذا دليل ملى اإلرتباط
القائم ما هني كافة األرواح ملى إختالف طبقاهتا.
س :أال يكون أحياانً اإلنتيالء اجلسدي نوماً من اجلنون.
ج :نعم ولكن خيتلف جداً من اجلنون ماإلمتيادي إن يف البيمارنتان كثرياً من
هؤالء اجملانني الذي يستدمي حاهلم معاجلة أدهية وهطرد الروح الشرير منهم يتم
شفاؤهم ،غري أن األطباء يداووهنم مبعاجلا جسدية تنتهي هعم غالباً إىل حالة اجلنون
احلقيقي ،فمىت مرف األطباء أصول الروحانية إنتقامت آراؤهم وحتسنت أحوال
مرضاهم.
س :ما قولك فيمن يزممون أن أحسن طريقة لدفع هعض أخطار الوناطة
انتئصال شأن اجملتمعا الروحانية.
ج :إن إنتطاع هؤالء أن يصدوا هعض الونطاء من مناجا األرواح ال يقوون
ملى منع التجليا البديهية اليت تتم ملى يديهم وذلك لعجزهم من إنتئصال األرواح
ومنع فعلهم اخلفي ،ومملهم هذا أشب ابألطفال الذين يغمضون أمينهم أبيديهم طناً
منهم أن الناس ال يروهنم .أن لضرب من اجلهالة إنتئصال شيء كلي الفائدة لدامي
أن هعضاً من قليلي الدراية يسئون التصرف ه يف حني أن التعمق يف أصول أحسن
ونيلة لدفع أضراره.
ومل ا قصصت ملي هذا القصص قال لقد ظهر من احلديث أن األرواح اجملردة من
املادة قد تتهذب وتتأدب هنصائح األرواح املتجسدة من اآلميني وهذا مل يكن ليخطر
ملى ابل .من هؤالء قد غادروا املادة ونزحوا وناحوا يف أقطار العامل ومرفوا احلقائق
فكيف تؤثر فيهم آراؤان وأقوالنا وحن ن يف هذا السجن مع جهلنا أن دائرة فكري لن
تتسع ملثل هذا ،ولعل تلك األقوال اليت تبدو من هعض األرواح اليت ال تتحرى احلقائق
وال تطبق آؤها ملى اليقني.
قلت لقد جاء يف القرآن احلكيم أن النيب ملا قرأ القرآن مسع اجلن واهتدوا ه
{فقالوا إان مسعنا قرآانً مجباً يهدي إىل الرشد فأمنا ه ولن نشرك هرهنا أحداً وأن تعاىل
جد رهنا ما ختذ صاحبة وال ولدا وأن كان يقول نفيهنا ملى هللا شططا وأان طننا أن
لن تقول اإلنس واجلن ملى هللا كذابً وأن كان رجال من اإلنس يعوذون هرجال من
اجلن فزادوهم رهقاً وأهنم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث هللا أحداً}.
فهذا صريح يف أن هذه الطائفة من اجلن اهتدوا ابلقرآن وأهنم مل يعرفوا تنزيه تعاىل
من الصاحبة والولد ،كما مسعت يف اجملالس الساهقة من تلك األرواح اليت أشبهت
اجلن يف اجلهل والشر.
فرتى ذلك العين البخيل الذي ذكران .وقد أحضر مند موت .ومل يدر أن ميت
وهقي قلب معلقاً ابلدنيا ومل جير ذكر هللا ملى قلب وخروج من الدنيا مل جيرده م
مالئقها وكذلك ذلك الروح الطائش املتقدم الذي قال أان أنلي نفسي .فهذان
وأمثاهلما مل شيئاً هعد موهتما .قال تعاىل{ :ومن كان يف هذه أممى فهو يف اآلخرة
أممى وأضل نبيالً} فيا حسرة ملى األحياء إذا ضلوا السبيل فجهلوا حياهتم ومماهتم
حىت يضلهم األشرار من األحياء ومن اجملردين من املادة كأولئك الذين يصدقون ما
يلقى إليهم يف املنام الشيطاين والذين يعوذون من اإلنس هرجال من اجلن فيخربوهنم
أبخبار ما أنزل هللا هلا من نلطان ،كما ترى يف الكتاب كيف كان الروح الذي يغوي
الونيط يسد ملي مسالك فال يسمع إال من الروح املسلط ملي ،ويصم من مساع
كل هرهان فهذه مصداق ملا يف اآلية{ :وأن كان رجال من اإلنس يعوذون هرجال من
اجلن فزادوهم رهقا}.
اي شري دمحم أان أتعجب من هذا املقال املتقدم أال ترى إىل قول الروح ( ال تغرتو
هظاهر الفضيلة فإهنا تسرت غالباً ميوابً خفية) إىل أن قال أن هذه الصفا قد تكون
مشوهة ابلكربايء ،أو ليس يف ابطن نوع من احلسد واحلقد ال يظهر لعينيك؟ فقال
شري :وما الذي يف هذا القول قلت في ملم غزير وأمر مظيم كبري ونر غامض
قصر من دون وهللا أمناق القحول ،أمل إىل قول تعاىل {نأصرف من آاييت الذين
يتكربون يف األرض هغري احلق وأنريوا كل آية ال يؤمنوا هبا وأن يروا نبيل الرشد ال
يتخذوه نبيال وأن يروا نبيل الغي يتخذون نبيال ذلك أبهنم كذهوا آبايتنا وكانوا منها
غافلني}.
اي شري دمحم :ألست ترى أن كل ذي غرور من أهل العلم الصالح أو الغين يتجاىف
ويتعاىل أن يسمع العلم ممن هو أملم من تكرباً وتعاظماً ،فيقع يف اجلهالة العمياء،
وهذه إحدى املهلكا كما يف احلديث (ثالث مهلكا شح مطاع وهوى متبع
وإمجاب املء هنفس ) ،فالناس ملى األرض مساكني يكتفون مبا ظهر ويعرضون مما
انترت ،ولذل ك قال ملماؤان أن الذنوب القلبية من احلقد واحلسد والعجب والكربايء
كبائر أفظع وأشد وأقطع للنفوس اإلنسانية من الكبائر الظاهرية ،وإن من أتقن
العبادا الظاهرة وخال قلب وفرغ من األخالق العالية فإن هذا ينفع يف الدنيا مند
الناس هظاهر الصالح ول خالق ل يف اآلخرة.
أنظر األحياء لإلمام الغزايل رمح هللا تعاىل ،فلقد أوضح هذا أبونع معاني ومقد
كتاابً للمهلكا وكتاابً للمنجيا وجعل التعلق ابلدنيا مما الرذيلة ومهاد اخليال
ومعدن الوابل وداء مضاالً ومفسدة للمرء أي مفسدة ولقد أابن أن آراء اإلنسان
وأخالق وأممال ومقائده هي هي اليت تبقى مع هعد موت ومليها مدار شقائ أو
نعادت ،والقرآن غىن هذلك .أمل تر إىل قول تعاىل رداً ملى اليهود {هلى من كسب
نيئة وأحاطت ه خطيئت فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} فإن اليهود قالوا:
{لن متسنا النار إال أايماً معدودا } فكان هذا اخلطاب من هللا تعاىل رداً مليهم،
فجعل العذاب منوطاً ابألممال واخلطااي اليت أحاطت ابلروح ولصقت هبا وامتزجت
كما نرى الناس يف الدنيا يالهزمون ذنباً امتادوا ملي وقد ملموا نوء مغبت ورداءة
مسعت وشنامة منظره وهؤس فعل وحنس طالع وشؤم مصدره ومورده وهم ال
يستطيعون من حوال .ويقولون لالئمهم ملمنا صدق نصيحتك وخالص قلبك وغاية
وجهتك ولكن قد أصاهنا نيئا ما كسبنا والعادة ملكتنا واألخوان واألحباب
طاوموان ملي فإن حنن خالفنا آراءهم واتبعنا غري ننتهم نلقوان أبلسنة حداد وأكثر
الناس يف هذه احلياة جعل يف أمناقهم أغالل فهم مقمحون ،وجعل من هني أيديهم
ند ومن خلفهم ند فأغشى ملى أمينهم فهم ال يبصورن ،إال ما مرنوا ملي ودرجوا
وانتأنسوا ه وظاهرهم ملي األصحاب وأوجبت البيئة والعادة والرتهية إال من رحم
رهك ،فإذا كنا وحنن يف هذه احلياة ولنا مسعنا وأهصاران وأمضاؤان ولنا احلرية املطلقة قد
قيدان وصفدان أبصفاد من حديد ،فما ابلك هنا وقد نزع منا السالح فصران مزالً
وذهب مسعنا وأهصاران ،أفال تكون أرواحنا قد انتقر ملى حاهلا ونار ملى
منهجها ال حتيد من قيد شعرة إذ ال قدرة هلا ملى التخلص مما ملمت ومملت ،هللا
ما معناه (إمنا هي أكرب هللا أكرب ،جل العلم وجلت احلكمة ،أمل تر إىل قول
أممالكم تعرض مليكم) وقول تعاىل{ :اقرأ كتاهك كفى هنفسك اليوم مليك حسيباً}
وقول تعاىل{ :يوم جتد كل نفس ما مملت من خري حمضراً وما مملت من نوء تود
لو أن هينها وهين أمداً هعيداً وحيذركم هللا نفس } أنظر هذا القول وقارن هكالم األرواح
جتده منطبقاً أشد اإلنطباق ملى اآلاي واألحاديث .وأحيلك تكراراً ملى "إحياء
اإلمام الغزايل" فإن ما قرأت من األرواح يف هذا الكتاب وما نتقرؤه جتده روح كتاب
"األحياء" ويكون جممالً ملفصل ومسطاً لدرره ومنقاً لقالدت ومتناً لشارح ومعىن للفظ
وإنساانً لعين .وأان أكتب هذا وأان معجب أشد اإلمجاب من هذه املوافقة الغريبة
البديعة ،وكيف ما كنت أقرؤه يف هذا الكتاب ليايل وشهوراً ذوا مدد أتذكره يف
هذه احملاضرا من اجملامع األوروهية املختلفة املشارب واملمالك ،واألرواح احملدثة هلم،
أن يف ذلك لعربة ألوي األهصار.
قال شري دمحم :إن ما كان ليخطر ابلبال أن نصل يف هذا العلم إىل هذا احلد ،ولقد
أصبح كل حديث مما تقص ملى آية وحجة وهرهاانً ومعجزة لسيد البشر ،ومن ذا
الذي كان خيطر ل أن تصبح األمور السمعية حمسونة يعرفها اجلهال والعلماء ،صدق
هللا العظيم {ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أن احلق} .ولقد تبني
أن هذا القرآن حق حىت أصبحت األمور اخلارجة من العقل واضحة كاحملسونا ،
وهل هعد هذا هيان ،ما شاء هللا كان.
ولكن اي نيدي قد مر ملى كلمة يف األحاديث الساهقة مل أفهمها .ما معىن
قول الروح فيما تقدم؟ ال يبعد أن يكون هذا مالكاً العلم املذكور يف وجود ناهق،
وهو اليوم كامن يف روح .
قلت اي شري دمحم :هذا السؤال خطر يل كثرياً ،والذي أمرف أن دين اإلنالم يبني
أن الروح كان قبل خلق األجسام ،ويتجلى لك هذا يف آية {وإذ أخذ رهك من هين
آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم ملى أنفسهم ألست هرهكم قالوا هلى} .أما اهن
نينا وأضراه من الفالنفة فقد قالوا أن األرواح خلقت مع األجسام وملي فاآلية
مؤولة .فمقال الروح يؤيد ما ورد يف القرآن ويدحض ما قال اهن نينا ،ويفيد أن
األرواح كانت قبل خلق األجسام .ولعل األرواح كانت يف غالف نوراين ال يرى من
مادة األثري اليت تدق ملى األذهان فضالً من العيان ،ولعل لألرواح هناك معارف
وملوماً ال ندريها ،وفوق كل ذي ملم مليم ،وهذا ما ال طاقة لنا هعلم نكل إىل هللا.
واقعـة روحية:
قال يف الكتاب املذكور:
من أغرب هذه الوقائع ما حدث ننة 4912يف قرية هرجزايرن ابلقرب من مدينة
ديسمبورغ من جلبة قوية كانت تزمزع املنزل وانقالب أمتعة ورمي قذائف وظهور
أشباح ومساع أحلان ودق آال طرب هيد غري منظورة ،إىل غري ذلك من احلوادث
املدهشة اليت انتمر حنواً من ننتني ،وشهدها مياانً قوم أفاضل ال مدد هلم ونقلتها
أكثر اجلرائد األملانية .إن أمماالً كهذه ال أيتيها إال أرواح نفلية قصد التسلي واهلزل
مبا يسببون للناس من الرغب ،فيالحقون الشخص هتنكيداهتم من حمل إىل آخر
وأحياانً يلبثون يف مكان خمصوص لتكدير ميش من حيل ه ،وتكون هغيتهم اإلنتقال
كما راينا يف الفصل الساهق ،أو أهنم يقصدون يف مملهم خماهرة الشخص لنصح أو
إمتام هغية هلم أو التماس الصالة لراحتهم أو غصالح ممل رديء ارتكبوه يف حياهتم.
رو اجمللة الروحانية يف مددها من شهر نيسان ننة 4918ما تعريب :
نقل إلينا املسيو كروتزوف مرانلنا يف هطرنبورج حاداثً أكيداً أخذه من البارون
تشريكانوف ،وقد أحدث يف وقت أتثرياً مظيماً يف نفوس أهل املدينة ،وهو أن يف
هداية القرن احلاضر أتى مدينة هطرنبورج رجل إجنليزي مستقيم السرية طيب السريرة،
وأنس ممالً متسعا حيوي مدداً وافراً من الفعلة يعوهلم حسب العادة اجلارية يف رونيا
من مال ويسكنهم الطبقا العليا من داره ،فاتفق يف صباح ما أن الفعلة مند
إنتباههم من النوم مل جيدوا ثياهبم مكان ما وضعوها قبل رقادهم ،فظنوا أن هعض
املاكرين قصد التالمب هبم فسألوا وفتشوا إىل أن وجدوا ثياهبم هعد اجلهد اجلهيد
ملقاة ملى السطح ويف املداخن والطبقا السفلية .فانتدماهم صاحب املعمل مجيعاً
ووخبهم توهيخاً ماماً لعدم متكن من معرفة األثيم من هينهم.
وهعد مدة تكرر العمل ذات اثنياً مث اثلثاً وراهعاً إىل أن صار حيدث تقريباً كل ليلة،
فاراتع صاحب املعمل وتعطلت أشغال وصار خيشى مبارحة الفعلة ملعمل إذا دامت
احلال ملى هذا املنوال ،فانتشار هعض العمال األقدمني وأقمهم حراناً ينظرون ملى
ما حيدث يف الليل ،فذهبت أتعاهبم أدراج الرايح ،وتفاقم األمر رغماً من تيقظهم،
حىت أن هعض الفعلة غذ كانوا يف ليلة صامدين يف السالمل للذهاب ملى خمادمهم
فاجأهتم يف الظلمة لطما وصفعا يد غري منظورة ،فنسب ذلك كل منهم إىل
رفيقة ،واشتد هينهم اخلصومة حىت مول الرجل ملى صرف الفعلة وأقفل معمل ،وإذ
كان جالساً إحدى الليايل مع مائلت حزينا كئيباً يفكر فيما جيب ممل مع فجأة
جلبة قوية يف حجرة شغل فنهض ماجال لريى أنباب الضجة ،وملا فتح ابب حجرت
وجد مكتب مفتوحاً والشمعة موقدة مع أن قبل هنيهة كان قد أطفأ الشمعة وأغلق
الباب ،وملا دان من املكتب وجد ملي دواة هزجاجية وقلماً مع ورقة مكتوب ميها هذه
الكلما :إهدم احلائط الذي جبانب السلم فتجد مظاماً هشرية ينبغي أن تدفنها يف
أرض مقدنة ،فأخذ صاحب املعمل الورقة ونار إىل رجال الشرطة ليعلمهم اخلرب،
فنهضوا اثين يوم وأخذوا يبحثون من مصدر الدواة والقلم فوجدوا أن صاحبهما هقال
حانوت يف أنفل الدار ،وملا نألوا ممن أمارمها هو ل أجاب :يف الليلة البارحة هعد
أن أقفلت ابب حانويت مسعت طرقة م الكوة ففتحتها إذا هرجل مل أمتكن من متييز
مالحم قال يل :أمطين دواة وقلماً وأان أدفع لك قيمتها ،وملا أمطيت ما طلب ألقى إيل
قطعة كبرية من النقود مسعت صو رنتها ملى احلضيض ومل أجدها فيما هعد ،مث هدم
صاحب املعمل احلائط يف املكان املعني فوجد مظاماً هشرية ،وهعد أن دفنها يف أرض
مقدنة ماد املعمل إىل حالت األصلية ومل يعد حيدث في ما خيل ابلراحة ،ومل يتمكن
أحد من معرفة صاحب تلك العظام املدفونة.
وملا فرغت من هذا احلديث قال شري دمحم :ذلك ال يدل ملى أكثر من هقاء
األرواح هعد املو ،وفيها دليل ملى ما يقول ملماؤان من أن امليت يسر هدفن جسم
هني قوم صاحلني وحيزن إذا دفن هني قوم فانقني.
رواية روحية أخرى:
رو اجمللة الروحانية يف مدد شهر آب 4918خرب حوادث مزمجة من هذا
النوع جر يف مدينة ابريس يف شارع نوي ،واألجوهة اليت أمطاها الروح حمدثها مندما
انتحضرت إحدى اجلماما الروحانية ما تعريب :
س( :إىل الروح املوكول إلي حرانة اجلمعية) هل من صحة للحوادث اليت متت يف
شارع نوي ؟
ج :نعم ،وقد مظمتها خميلة البعض إما من ابب اخلوف وإما من ابب السخرية،
أما حمدثها فهو روح طائش يقصد اللهو وإرماب نكان الناحية.
س :هل يف املنزل من ونيط طبيعي يسامد الروح ملى ممل جهالً من ؟
ج :ال شك يف ذلك ولوال وجوده ملا متكن الروح من ممل .إن الروح الذي حيل
مبكان ويسر ه ال يستطيع أن أييت ممالً ما مل يتيسر ل وجود ونيط هديهي أو
اختياري يستعني ه ملى ما يقصد ممل .
س :هل وجود الونيط يف املنزل ضروري حتماً؟
ج :يف أغلب الظروف نعم ،وقد يتمكن الروح اندراً من إنتخدام مائع ونيط ال
يكون مقيماً ابملنزل ذات .
س :من أين أيخذ الروح القذائف اليت يرمي هبا؟
ج :أيخذها من املنزل ذات أو من األماكن اجملاورة.
س :ألألرواح تعلق ابألشخاص فقط أم هبا وابألشياء أيضاً؟
ج :هذا منوط هدجة إرتقائهم .فلعض األرواح السفلية تعلق شديد ابألشياء
األرضية كالبخيل مثالً الذي مل يتجرد هعد من املاداي فإن يالهزم الكنز الذي خبأه
حتت األرض وحيافظ ملي .
س :هل لألرواح التائهة أماكن تسر ابإلقامة هبا؟
ج :املبدأ واحد ،أي أن الروح الذي جترد من األرضيا يذهب حيثما جتذه
احملبة ،وأما هعض األرواح السفلية فتستحب أحياانً اإلقامة مبكان تسر ه لداع من
الدوامي.
س :هل من وج الصحة امتقاد تفضيل األرواح اإلقامة ابخلرائب ملى نواها؟
ج :كال ،هل إن مشهد اخلرائب يؤثر يف خميلة اإلنسان فيجعل الرمب يتسب إىل
األرواح ما هو فعل طبيعي ،فيتوهم الشبح يف ظل الشجرة وصو األموا يف هزمي
الريح وخرير املاء .إن األرواح حيبون اإلجتماع ابلبشر ،فلهذا يؤثرون اإلقامة ابألماكن
اآلهلة ملى الطلول اخلرهة.
س :هل لألرواح أايم وناما يفضلون فيها التجلي ملى غريها؟
ج :كال من األايم والساما حتديدا هشرية ملعرفة األوقا ،فال تفتقر األرواح
إليها.
س :فعلى أي مبدأ يقال أن األرواح تؤثر احلضور وقت الليل؟
ج :هذه من مجلة اإلخرتاما اخلرافية اليت ال هد ملعرفة أصول الروحانية أن
تالشيها يوماً.
س :إن صح ذلك فلم نرى هعض األرواح حيددون حضورهم يف نامة معينة ويوم
أيلفون كيوم اجلمعة مثالً؟
ج :هذه أرواح طائشة تسر هسذاجة من حيضرها وهتزأ ه ،فتنتحل أحياانً لدي
أمساء ومهية كانم نطائيل أو هعلزهوب وما شاكلها من األلقاب اجلهنمية ،ومىت كان
احملضر نبيهاً ال يعبأ خبدامها فتتجنب وال تعود إلي اثنية.
س :هل أتلف األرواح القبور املدفونة فيها أجسادها؟
ج :إن اجلسد كساء مؤقت فال تكرتث الروح ه أكثر من أكرتاث السجني
هسالنل ،إمنا الشيء الوحيد الذي مييل الروح ل هو ذكر أحبائهل .
س :أال تسرهم الصلوا اليت تقام ملى حلودهم؟
ج :من الصالة إنتحضار جيذب روح امليت ،وكلما كانت الصالة حارة نقية
إهزداد نروره هبا فمشهد القرب يزيد املصلي خشوماً وهيبة كما حفظ أثر للميت حيرك
في الذكر واحملبة .وملي فالفكر هو الذي يفعل ابلروح ال األشياء املادية ،وأتثري هذا
مائد ملى احلي أكثر مما ملى امليت.
س :فعلى هذا املبدأ قد ميكن لبعض األرواح أن مييلوا هزايدة إىل هعض األماكن.
ج :نعم ،وقد يدوم مكثهم فيها طاملا دوامي اإلجتذاب ماملة فيهم.
س :ما تكون هذه الدوامي.
ج :أخصها حمبتهم لبعض األشخاص املرتددين إىل تلك األماكن ورغبتهم يف
مناجاهتم ،وإن كان الروح شريراً يقصد اإلنتقام من مدو ل مقيم هتلك النواحي،
ويكون أحياانً مكمن يف مكان خمصوص اضطراراي حكم ملي ه قصاصاً من جرم
إقرتف يف ذاك املكان نفس حىت تكون خطيئت دائماً نصب ميني فيحصل ل من
ذلك مذاب ال يطاق.
س :هل من الصواب أن يفزع اإلنسان من األماكن اآلهلة ابألرواح؟
ج :كال إن األرواح يف الغالب ال أيلفون مكاانً وحيدثون اجللبة في إال هقصد اللهو
والتسلي مبا يسببون من الرمب واخليانة ،فضالً من أن األرواح مالئون كل مكان
يكتنفونكم أينما توجهتم ،وال تبدو اجللبة منهم يف هعض األماكن إال لوجود فرصة
متكنهم من ذلك.
س :هل من ونيلة لطردهم؟
ج :نعم ،ولكن م يتخذ البعض من الونائل لطردهم تزيد يف إجتذاهتم ،إن أحسن
طريقة لطرد األرواح الشريرة هي إجتذاب الصاحلة .فانعوا جهدكم يف إكتساهبا
هوانطة ممل اخلري واجتناب الشر وإصالح ما هكن من النقائص ،فتهرب منكم
األرواح الشريرة ألن اخلري والشر ال أيتلفان.
س :كثري من أهل الصالح يكونون مع هذا مرضة إلهزماجا األرواح الشريرة.
فما الدامي لذلك؟
ج :إن كان هؤالء حقاً صاحلني يكون هلم ذلك من ابب التجرهة لرتويض صربهم
وحثهم ملى التقدم يف الصالح ،ولكن ال تثقوا كثرياً هظاهر الفضيلة وال تظنوا أن من
يكثر من ذكرها هو صاحبها فإن من ميلكها حقاً وحيملها ال يتكلم منها.
س :ما قولك يف التقسيم املستعمل من الكتبة لطرد األرواح؟
ج :هل رأيتم وانطة كهذه أتت هنتيجة؟ أمل جتدوا اجللبة تزداد هعد حفلة التقسيم؟
ذلك ألن ال شيء يسر األرواح الطائشة مثل امتقاد الناس إهنا طائفة من األابلسة.
س :هل نستطيع أن حنظر الروح املسبب للجلبة يف شارع نوي ؟
ج :ميكنكم ذلك ،إمنا هذا روح طائش ال أتتيكم أجوهت هفائدة .وإليك األجوهة
اليت أمطاها الروح املذكور وقت إحضاره :قال :ما تقصدون من إحضاري؟ هل
تشتهون أن أقذفكم هبعض احلجارة ألشهد هزميتكم رغماً مما تبدون من مظاهر
البسالة.
س :حجارتك ال تفزمنا ،هل نسألك إن كنت حقاً تقوى ملى قذفها؟
ج :رمبا ال أجسر ملى ذلك ،ألن ههنا حارناً جليالً متيقظاً مليكم.
س :هل وجد يف شارع نوي شخصاً تستعني ه ملى األممال املكرهة اليت
أقلقت هبا نكان املنزل؟
ج :نعم وجد آل نفيسة وصفا يل اجلو هعدم وجود روح قدير يصدين من
ملمي ،إين كثري البسط واإلنشراح وأحب أحياانً أن أتسلى.
س :من هي اآللة اليت انتعنت هبا يف مملك؟
ج :هي خادمة.
س :وهل كان ذلك من غري ملم منها؟
ج :نعم ،واملسكينة كانت مذمورة أكثر من اجلميع\.
س :هل كان مملك صادراً من نوء نية؟
ج :كال إمنا من الناس من يستخدمون كل شيء لنفعهم الذايت.
س :ما معىن قولك هذا؟
ج :إين قصد يف مملي اللهو والتسلي ،وأنتم اختذمتوه هرهاانً جديداً ملى صحة
وجودان.
س :تقول إن مملك مل يكن صادراً من نوء نية ،ومع هذا فإنك نببت ألهل
املنزل ضرراً هليغاً هتكسريك ابلقذائف هزجاج الشباهيك.
ج :هذا مارض ال أمهية ل .
س :من أين أخذ القذائف اليت رميت هبا؟
ج :من فسحة الدار واحلدائق اجملاورة.
س :أوجدهتا كلها أم صغت من نفسك هعضها؟
ج :مل أصغ وال أهدمت شيئاً منها.
س :وهل كان يف ونعك أن تصوغ شيئاً منها؟
ج :رمبا يتم ذلك ،ولكن هصعوهة كلية.
س :قل لنا كيف كنت تقذفها؟
ج :هذا صعب ملى شرح ،فال أملم نوى أين انتعنت هكهرابئية االهنة ومزجتها
هكهرهييت وقذفت هبذا املزيج حجاريت.
س :كم لك من الزمان وأنت ميت؟
ج :مخسون ننة؟
س :ماذا كنت يف حياتك؟
ج :خرقياً ال نفع ه ،أجول يف هذه النواحي والناي يهزءون يب لتعلقي هشراب
أهينا نوح األمحر.
س :ماذا تعمل اآلن؟ وهل تسعى يف أمر مستقبلك؟
ج :كال .أان اتئ اآلن ألن ليس من يفكر يب ملى األرض ،وال من يصلى
ألجلي.
س :ماذا كان إمسك يف حياتك؟
ج :حنني.
س :إننا مستعدون النعافك ابلصالة ،فقل لنا اي حنني هل نرر إبحضاران
لك؟
ج :نعم أنتم قوم صلحاء حمبو الزهد ،وقد نرر جداً ابنتمامكم يل ،انتودمكم
هللا.
قال شري دمحم ماذا ترى يف هذه احلادثة من العجائب العلمية؟ قلت :اي شري دمحم
تذكر هقول الروح أن األرواح أتلف األمكنة اليت يناجيهم فيها من حيبوهنم (ما قرأت
يف كتاب املضنون ه ملى غري أهل لإلمام الغزايل) قال :ومن أقبل يف الدنيا هبمت
وكليت ملى إنسان يف دار الدنيا ،فإن ذلك اإلنسان حيس إبقبال ذلك املقبل ملي
وخيربه هذلك ،فمن مل يكن يف هذا العامل فهو أوىل ابلتنبي وهو مهياً لذلك التنبي ،فإن
إطالع من هو خارج من أحوال العامل ملى هعض أحوال العامل ممكن كما يطلع يف
املنام ملى أحوال من هو يف اآلخرة ،أهو مثاب أم معاقب ،فإن النوم صنو املو
وأخوه ،فبسبب النوم صران مستعدين ملعرفة أحوال مل نكن مستعدين هلا يف حال
اليقظة ،فكذلك من وصل إىل الدار اآلخرة وما مواتً حقيقياً كان ابإلطالع ملى
هذا العامل أوىل وأحرى ،فأما كلية أحوال هذا العامل يف مجيع األوقا فلم تكن مندرجة
يف نلك معرفتهم كما مل تكن أحوال املاضني حاضرة يف معرفتنا يف منامنا مند الرؤاي.
وال حاد املعارف معينا وخمصصا منها مهة صاحب احلاجة ،وهي إنتيالء
صاحب تلك الروح ملى صاحب احلاجة .وكما تؤثر مشاهدة صورة احلي يف حضوره
وخطور نفس ابلبال ،فكذلك تؤثر مشاهدة ذلك امليت ومشاهدة ترهت اليت هي
حجاب قالب ،فإن أثر ذلك امليت يف النفس مند غيبت ومشهده ليس كأثره يف حال
حضوره ومشاهدة قالب ومشهده ،ومن ظن أن قادر ملى أن حيضر يف نفس ذلك
امليت مند غيبة مشهده كما حيضر مند مشاهدة مشهده ،فذلك ظن خطأ ألن
للمشاهدة أثراً هينا ليس لغيبة مثل .ا هـ .املقصود من ابحلرف الواحد .وإمنا ذكر
لك ذلك ألريك العجب يف توافق أقوال ملمائنا ملا نطقت ه األرواح ملى اختالف
مشارهبا ومناهزمها واختالف أقطار إحضارها يف مشارق األرض ومغارهبا يف الرونيا
وأمريكا وأجنلرتا وفران وأنبانيا حىت أصبح ذلك متوتراً ،فانظر كيف وافق قول اإلمام
الغزايل املذكور قول الروح فمشهد القرب يزيد املصلي خشوماً وهيبة ،كما حفظ أثراً
للميت حيرك في الذكر واحملبة ،وملي فالفكر هو الذي يفعل ابلروح ال األشياء املادية،
وأتثري هذا مائد ملى احلي أكثر مما ملى امليت ،وقوهلا أيضاَ اخص دوامي ميل
األرواح إىل األماكن حمبتهم لبعض األشخاص املرتددين ملى تلك األماكن .ورغبتهم
يف مناجاهتم ،وإن كان الروح شريراً قصد االنتقام من مدو ل مقيم هتلك النواحي
فتأمل وتعجب.
قال شري دمحم :هل خطر لك غري هذا يف هذه احملادثة؟ فقلت نعم .قال :ماذا؟
قلت اي شري دمحم :تذكر هقول الروح التائ (قد كنت مولعاً هشراب أهينا نوح األمحر،
يشري إىل اخلمر) ما قال هللا تعاىل{ :وال تكونوا كالذين نسوا هللا فأنساهم أنفسهم
أولئك هم الفانقون} .أال ترى إىل قول الروح (أان اتئ ال ممل يل) وقول (قد كنت
خرقيا أجول يف هذه النواحي والناس يهزءون يب) .أال ترى أن كان اننيا هللا والعمل
الصاحل ونفع نفس والناس فأنساه هللا نفس وأصبح اتئهاً .وأتمل قول تعاىل{ :وذر
الذين اختذوا دينهم لعباً وهلواً وغرهتم احلياة الدنيا ،فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم
هذا وما كانوا آبايتنا جيحدون} مث يقول {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد
فنعمل غري الذي كنا نعمل ،قد خسروا أنفسهم وضل منهم ما كانوا يفرتون} .أتذكر
هبذ ا اخلرقي من أراهم جيولون يف الشوارع كل يوم من املصراي واملصريني ممن ال ممل
هلم وجيلسون يف حمال القهوة شارهني ناكرين ضاحكني المبني ،فويل هلم مث ويل هلم
يوم يكونون كذلك الروح التائ ،أولئك الذين خسروا أنفسهم فهم اتئهون ،وضل
منهم ما كانوا يلعبون ،صم هكم ممي فهم ال يرجعون ،أان أحرم ملى نفسي أن تضيع
حلظة من حيايت ،وأوقن أن حلظة تضيع ذنب كبري.
مث إن قول الروح :إن األرواح مغرمة ابألماكن لتناجي الزائرين أو للحمن مليها
ابلسجن فيها لذنوب إرتكبوها يف حياهتم ،فاملم أن قول الروح :إن األرواح تناجي
الزائرين يرجع إىل أن امليت يهرغ ملن يتج قلب غليهم إجتاهاً كلياً فيفرح لفرحهم وحيون
حلزهنم ،ولذلك رود النهي من البكاء ملى امليت .روى البخاري ومسلم والنسائي أن
ملا أصيب ممر هنع هللا يضر دخل صهيب هنع هللا يضر يبكي ويقول وا أخاه وا صاحباه .فقال ممر
هنع هللا يضر :اي صهيب أتبكي مل ّى وقد قال رنول هللا :إن امليت ليعذب هبكاء أهل
ملي .
أما السيدة مائشة اهنع هللا يضر فإهنا رو أن هللا ليزيد الكافر مذاابً هبكاء أهل ملي .
وروي منها أهنا قالت:مر رنول هللا ملى يهودية يبكي ملها فقال :إهنا ليبكي
مليها وإهنا لتعذب يف قربها .أخرج مالك والبخاري ومسلم والرتمذي اهـ .من كتاب
تيسري الوصول ملخصاً.
أقول :أملم أن ال منافاة هني هذه األحاديث ،ولقد انتبان احلق هنا ،وذلك أن
امليت ما دام متجهاً إىل األرض ماكفاً ملى أمور الدنيا يعذب مبا مكف ملي وحيزن
لبكاء أهل ملي ،وهذا وهللا العجب.
لقد نطقت األرواح مبا جاء ف الصحاح ،فعلى العلماء أن ينهوا النساء من ذك
ليقلوا من العذاب الواقع ملى املوتى.
وقد كان رنول هللا يبايع النساء أال يشركن ابهلل شيئاً وال يشركن وال يزنني وال
يقتلن أولدهن وال أيتني هبهتان يفرتين هني أيديهن وأرجلهن وال يعصين يف معروف،
فقالت امرأة منهن :ما هذا املعروف الذي ال ينبغي أن نعصيك في اي رنول هللا؟
قال :ال تنحن.
قالت اي رنول هللا :من هين فالن كانوا قد أنعدوين ملى ممي فال هد يل من
قضائهم ،فأىب مليها ،فعاودت مراراً ،قالت :فإذن هلا يف قضائهن فلم أنح هعد يف
قضائهم وال يف غريه حىت السامة .أخرج الرتمذي ا هـ.
فانظر كيف جعل الشارع منع البكاء ملى امليت واحداً من نتة أمور كان يعاهد
النساء مليها رفقاً ابألموا وشفقة ملى األحياء .أقول ولقد قصصت هذا ملى نساء
قريتنا يوم ماتت املرحومة والديت يف العام املاضي ،فدهش النساء لسماع احلديث وقلن
فلنبايع النيب مبساع حديث ولنكف من النياحة ،فعلمت أن األمة تقبل العلم ولكن
العلم ال يذاع هني اجلهال ا هـ.
وأما قول الروح أن األرواح تعذب ابلسجن يف أماكن ارتكبت فيها الذنوب ،فهذا
قول قريب مما ورد يف السنة وخلص احلافظ هن حجر قال:
أرواح املؤمنني يف مليني ،وأرواح الكفار يف نجني (الطني املطبوخ) ولكل روح
جبسدها اتصال معنوي ال يشب االتصال يف احلياة الدنيا ،هل أشب شيء ه حال
النائم وإن كان هو أشد من حال النائم اتصاال .قال وهبذا جيمع هني ما ورد أن مقرها
يف مليني أو نجني ،وهني ما نقل اهن مبد الرب من اجلمهور أهنا مند أفنية قبورها،
ومع ذلك فهي مأذون هلا يف التصرف وأتوي إىل حملها يف مليني أو نجني ،وإذا نقل
امليت من قرب إىل قرب ابالتصال املذكور مستمراً ا هـ.
فانظر كيف طاهق قول الروح ما نقل من السنة واألشياخ ،وكيف يقول ملماءان
أهنا مأذون هلا يف التصرف وأتوي إىل حملها من نجني أو مليني.
وتقول الروح يف هذا الكتاب :إن الروح يذهب هعد املو إىل ما انتعد ل .
ويف احلديث أن النيب ملا نأل رجل من السامة و قال ما أمدد هلا؟ قال:
حب هللا ورنول ،قال :أنت مع من أحببت فاألرواح هعد املو تلج مكاانً ألفت
وتلزم ممالً مرفت فتعذب ه لشؤم وتعم ليمن ،وكل روح مشقت املادة الهزمتها
فذاقت العذاب اهلون ،ومىت ترفعت جنت من الشقاء والعذاب ا هـ.
اجمللس التاسع
(يف استعمال الوساطة وبعض مضارها وأتثري الوسيط األديب)
(ووصف األرواح لنظام السموات وكواكبها)
(ونظام العامل واألرواح)
قال يف كتاب املذهب الروحاين ،ومن الواجب أن نذكر ههنا خالصة تعاليم
األرواح يف إنتعمال الوناطة وهعض مضارها وأتثري الونط األديب فيها ،نقالً من
كتاب الونطاء للمعلم ىالن كاردك:
س :هل الوناطة دليل حالة مرضية؟
ج :كال ،ألن من الونطاء من هم أشداء البنية كاملوا الصحة وليس للوناطة
تعلق أبمراض البعض منهم.
س :هل انتعمال الوناطة تنهك القوى؟
ج :كل شيء كثر انتعمال حيدث ضعفاً يف القوى ،ومثلها الوناطة فإن
انتعماهلا يستوجب صرف كمية من املائع احليوي ،وهذا حيدث يف الونيط تعباً يزول
ابإلنرتخاء.
س :هل الوناطة من نفسها مضرة ابلصحة ولو انتعملت ابمتدال؟
ج :هذا منوط حبالة الونيط الصحية واألدهية ،فكل ونيط شعر منها هضرر أو
تعب هزائد فيلكف من انتعماهلا هتااتً.
س :هل تسبب الوناطة اجلنون؟
ج :ال تسبب اجلنون إال إذا كان الونيط ضعيف الدماغ وفي انتعداد للجنون،
ففي حالة كهذه الوناطة فقط ،هل كل ما من شأن أن يهيج العصب يكون مضراً
هصحت .
س :هل انتعمال الوناطة مضر ابألوالد؟
ج :نعم ،هل كلي اخلطر ألن أمصاهبم الضعيفة ال تطيق هتيجاً هذا فضالً من
نذاجتهم وقلة خربهتم يف هذه املواد ،فعلى الوالدين أن يصرفا أفكار أوالدمها من كل
نوع من االنتحضار وال يكلماهم إال حبقائق الروحانية ونتائجها األدهية.
س :من األوالد من هم ونطاء طبيعيون ،فهل يضر هذا هصحتهم؟
ج :كال ،ألن الوناطة البديهية يف الولد تكون من ذا طبيعت وتركيب هنيت فال
يتأتى منها ضرر خالفاً ملا لو كانت اضطرارية ومكتسبة ،مث الحظوا أن الفىت صاحب
الرؤى قلما يتأثر منها فيعتدها شيئاً طبيعياً وتربح من ذهن من وقت قصري.
س :يف أي نن جيوهز انتعمال الوناطة؟
ج :ليس من نن معني النتعماهلا ،هل هذا منوط حبالة منو الونيط الطبيعي
واألديب معاً ،فمن الفتيان من ال يتجاوهز اخلامسة مشرة من ممرهم ،وهم مع ذلك
أشد أبنا من الرجال وأقل أتثراً منهم فيما يتعلق ابلوناطة.
س :هل لتكامل الوناطة تعلق هنمو الونيط األديب؟
ج :كال ،هل هذه خاصة طبيعية لإلنسان ال تعلق هلا آبداه ،وأما انتعماهلا
فيكون صاحلاً أو نيئاً وفقاً لصفا الونيط.
س :هل نوء التصرف يف الوناطة جير ملى صاحبها مقاابً؟
ج :ال شك يف ذلك ويكون مقاه مضامفاً ألن لدي مصباحاً يستنري ه وال
يصرف لفائدت الروحية ،إن صحيح النظر إذا مثر كان أشد لوماً من األممى الواقع يف
حفرة.
س :من الونطاء من أتتيهم دائما املقاال يف موضوع واحد ،أي يف مسائل أدهية
متعلقة هبعض النقائص ،فهل هذا من تعمد؟
ج :نعم وقصدان يف ذلك إانرة الونطاء وإصالحهم ،فنكلم البعض منهم دائماً
من الكربايء وغريهم من حمبة القريب ،وليس من ونيط يصرف وناطت يف الطمع
وكسب املال ويسوهها مبا في من الكربايء وحب الذا أال توافي تنبيها األرواح من
وقت آلخر لعل تتنفتح ميناه ويعود إىل طريق اهلدي.
س :مبا أن صفا الونيط األدهية إن كانت صاحلة تبعد من األرواح الناقصة،
فكيف حيدث أن هعض مقاال كاذهة أو دنسة أنيت أحياانً ملى يد ونيط صاحل.
ج :هل تعرف خفااي نفس وهل خيلو من هعض النقائص؟ مث قد ميكن أن تكون
هذه املقالة أمثوىل ل للتحفظ يف املستقبل.
س :هل يستحيل الفوهز مبقاال جيدة ملى يد ونيط انقص؟
ج :كال ،فإن األرواح الصاحلة تستخدم أحياانً ونيطاً انقصاً إن مل يكن لديها
أصلح من ،غري أن ذلك ال يكون إال مؤقتاً ويف ظروف خصوصية ،ومىت وجد
ونيطاً آخر أفضل تستغين حاالً من .
س :أي ونيط يدمى كامالً؟
ج :كامالً؟ اي لألنف إذ ليس من كمال ملى وج أرضكم ولوال ذلك ما نجنتم
فيها .قل ونيطاً صاحلاً وإن قدر وجوده ملى أن الونيط الكامل من ال جتسر قط
الروح الناقص ملى الدنو من خلدام وأما الصاحل فتألف األرواح الصاحلة ،قلما يكون
مرض خلداع الشريرة منها.
س :ما هي أخص الشروط الواجبة لفوهزان هتعاليم األرواح العلوية منزهة من كل
ضالل؟
ج :صنيع اخلري وانتئصال الكربايء والتجرد من حب الذا خاصة.
س :مبا أن تعاليم األرواح العلوية ال أتتينا إال هشروط يعسر لقاؤها ،أفما يكون
هذا مانعاً إلنتشار احلقائق الروحانية.
ج :كال أن النور يضيء ملى كل من طلب ،فمن أراد أن يستنري فليتحاش الظلمة
والظلمة هي يف جنانة القلب .إن األرواح العلوية ال أتلف قلوابً شوهتها الكربايء
والطمع وقلة احملبة ،فمن طلب النور فليتضع وابتضام هذا جيتذب األرواح العلوية
إلي .
س :هل حتضر األرواح العلوية اجملالس الروحانية اهلزلية؟
ج :كال ،إن احملافل اهلزلية ال حتضرها إال األرواح الطائشة فتنتشيء طريق املوائد
ورفعها ،وتلقي األحاديث اهلزلية واألكاذيب الفارغة إذ شبي الشكل منجذب إلي .
س :هل حتضر األرواح السفلية اجملالس الرصينة؟
ج :ال يؤذن هلا يف احلضور إال لغاية االنتفادة ،فال جتسر حينئذ أن ترفع صوهتا
أو تبدي حراكاً.
س :هل ميكن للونيط أن يفقد وناطت ؟
ج :نعم يتوقع ذلك غالباً ،وال يكون هذا االنقطاع إال مؤقتاً يزول مع هزوال ملت .
س :ما هذه العلة؟
ج :جتنب األرواح ل ومدم رغبتها يف مناجات .
س :ما الذي حيمل األرواح ملى جتنب ؟
ج :نوء تصرف ابلوناطة .فإننا نغادره مندما نراه يصرف وناطت يف اللهو
واحملافل اهلزلية أو جيعلها ابابً لإلرتزاق وكسب املال .إن مطية هللا هذه مل ينلها إال
إلصالح نفس وكشف احلقائق لبين البشر فإن رآه الروح مثاهراً ملى غ غري ملتفت
إىل نصح وتنبيهات يغادره ويسعى وراء من هو أكثر إنتئهاالً من .
س :هل انقطاع الوناطة تكون دائما من ابب القصاص؟
ج :كما أن الروح الصاحل يقصد أحياانً هبذا اإلنقطاع راحة الونيط فال يسمح
لروح آخر أن حيل مكان .
س :كيف يستدل الونيط ملى أن إنقطاع الروح من هو من ابب القصاص.
ج :ليسألن ضمريه من كيفية تصرف ابلوناطة واخلري الذي نتج منها ألخوت
والفائدة اليت اجتناها من نصح األرواح فيلقى اجلواب من نفس .
اي شري دمحم :إن يف هذه احملادثة الروحية أموراً منها قول الروح ( :إن منأناء
التصرف يف الوناطة يكون مقاه مضامفاً ألن لدي مصباحاً يستنري ه ) وال جرم أن
هذا يطاهق قول تعاىل{ :اي نساء النيب من أي منكن هفاحشة مبينة يضامف هلا
العذاب ضعفني} وقول يف خطاه الذي أرنل إىل هرقل مظيم الروم( :أنلم تسلم
يؤتك هللا أجرك مرتني فإن توليت فإن مليك إمث االريسني (أي الفالحني) وكذلك
العامل مقاه أشد من مقاب اجلاهل ومنها قول الروح( :ليس يف األرض كامل) يطاهق
قول تعاىل {:قتل اإلنسان ما أكفره} ومنها قول ( :أن الونيط الكامل ال جيسر الروح
الناقص ملى الدنو من ) يطاهق قول تعاىل{ :إن مبادي ليس لك مليهم نلطان}
وقول تعاىل ملى لسان إهليس{ :فبعزتك ألغوينهم أمجعني إال مبادك منهم املخلصني
قال هذا صراط ملى مستقيم}.
من تعاليم األرواح:
( نقالً من كتاب الونطاء ملعلم أالن كردك وكتاب املذهب الروحاين)
س :كيف متيز الروح الصاحل من الشرير؟
ج :من حديث فإن األرواح العلوية حتب اخلري وال أتمر إال ه أما الناقصة فال يزال
اجلهل متسلطاً مليها وحديثها يشف من نقصها يف العلم والفضيلة.
س :هل العلم يف الروح دليل إرتفام ؟
ج :كال قد ميكن مع ملم أن يكون هعد حتت نلطة الرذيلة واألوهام .إن يف
ماملكم األرضي من هم يف منتهى الكربايء واحلسد والتعصب فهل يتجردون من هذه
النقائص حال مبارحتهم احلياة؟ كال إن الرذائل ملى إختالف أنوامها حتيط ابلروح
هعد موت ملتصقة ه كاهلواء وهؤالء أشد خكراً من األرواح الشريرة إذ فيهم اجتمعت
الكربايء مع النباهة واملكر مع الذككء فيطغون هعلمهم األانم السذج ويشرهوهنم
مبادئهم السخيفة الكاذهة وهذا ما يعرقل قليالً وثبة الروحانية ،فعلى الروحانيني
اخلبريين أال أيلوا جهداً يف كشف خدامهم ومتييز احلق من الباطل.
س :مندما حنضر روحاً ملواي مرف ملى األرض هل حيضر هنفس أو يرنل من
ينوب من .
ج :حيضر هنفس أن أمكن وإال فرينل من ينوب من .
س :هل يكون للنائب كفاءة ليسد مسد الروح العلوي؟
ج :إن الروح مارف مبن يسلك إلي أمر نياهت ،مث املموا أن األرواح العلوية كلما
اهزداد ارتقاء انضمت إىل هعضها يف وحدة الفكر حىت ال يعود ملسألة الشخصية
حيز مندهم وال من يلتفت إليها وهذا ما جيب أن تسعوا يف البلوغ إلي يف ماملكم
األرضي مث هل تظنون أن ليس من األرواح العلوية القادرة ملى تعليمكم إال من مرفتم
منها ملى األرض؟ ما ابلكم تعدون دائماً أنفسكم مثال اخلليقة وأن ال شيء يف
الدنيا خارج من ماملكم احلقري؟ إنكم يف هذا تشاهبون املتوحشني الذين مل خيرجوا قط
من جزرهم فظنوا املسكونة ال متتد خارجاً منها.
س :هذا صحيح ولكن كيف تسمح األرواح العلوية لبعض األرواح الكذهة أبن
تنتحل أمساءها لنشر الضالل والفساد؟
ج :ليس إبرادة األرواح العلوية تفعل ذلك ونوف ينوهبا العقاب ملى مملها ،مث
لو مل تكونوا أنتم انقصني ملا وفاكم إال أرواح صاحلة فإذا مكر أحد هكم فال تلوموا إال
ذواتكم .إن هللا يسمح هذلك حىت ترتوضوا ملى الصرب والثبا وتتعلموا أن متيزوا احلق
من الباطل فإن مل تفعلوا ذلك يكون هذا دليالً ملى نقصكم واحتياجكم هعد إىل
امثوال اخلربة.
س :هل األرواح اليت تنشر الضالل تفعل ذلك دائماً من ممد؟
ج :كال قد ميكن لبعض األرواح الصاحلة أن تكون هعد جاهلة انقصة العلم فهذه
تقر هعجزها وتتكلم ملى مقتضى درجة ملمها.
س :هل تستطيع األرواح الشريرة هوانطة الرنائل الروحانية أن تلقي الشقاق وتزرع
الفنت ما هني العيال واألصحاب؟
ج :نعم فلهذا يقتضي التحرهز التام من مقاال موهقة كهذه يكون أكثرها إفكاً
وخداماً وإايكم واالنقياد لرنائل كهذه ال يسطرها إال روح كل كاذب شرير.
س :إذا كان لألرواح الشريرة نهولة كهذه للتداخل يف املخاهرا الروحانبة
فانتطالع احلقيقة أصبح من أمسر األمور.
ج :كال ليس هذا هعسر ما دام فيكم قوة التمييز ،إذا قرأمت كتاابً تستدلون ملى
صفا كاتب إن كان ماملاً أو جاهالً أدهياً أو جلفاً فعلى هذه الصورة انتوضحوا
صدق الروح من رنائل .
س :هل تستطيع األرواح العلوية أن تنهي شريرة من اخلداع؟
ج :ال ريب يف ذلك ،ومن الونطاء من متيل إليهم األرواح العلوية هنوع خاص
فتقيهم شر اخلداع وال تدع األرواح السفلية تسطو مليهم؟
س :ما الدامي هلذا االختصاص؟
ج :ال يدمي هذا اختصاصاً هل مدالً ،ألن األرواح العلوية ال متيل إال إىل من
ينقاد لنصحها ويبذل جهده يف إصالح نفس وترقية الروح ،فونيط صاحل كهذا يكون
حمبباً إليها فتخذه حتت كالءهتا وتسعف يف كل ظرف وحاجة.
س :مل يسمح هللا هنفاق األرواح الشريرة مند انتحاهلا أمساء مبجلة؟
ج :نؤالكم أشب هقول من يسأل مل يسمح هللا أبن يكذب اإلنسان فلألرواح كما
للبشر االختيار املعتوق يف ممل اخلري أو الشر ولكن ال يفو أحداً منهم مد هللا ،هل
كل أمريء يلقي جزاء أممال .
س :أال تستطيع األرواح املاكرة أن تقلد الفكر؟
ج :تقلد الفكر كما هزخارف املرنح تقلد الطبيعة.
س :من الناس من هم قاصروا الفهم تغويهم هزخارف احلديث وال يفقهون قوة
املعاين فكيف يتمكن هؤالء من احلكم مبقاال األرواح؟
ج :إن كانوا متواضعني يقروا هعجزهم ويركنوا إىل من هم أوفر ذكاء وفطنة منهم
وإن أغمتهم الكربايء وظنوا أبنفسهم أهنم أشد كفاءة مما هم فليتحملوا تبعة كربايئهم.
س :كثري من الونطاء مييزون األرواح الصاحلة من الشريرة ابلتأثري اللطيف أو
املزمج الذي يصيبهم من خمالطتها فهل هذا صحيح؟
ج :إن الونيط يشعر هتأثريا الروح املتجلي ل ملى أية حالة كان فالروح السعيد
يكون هادائً رهزيناً والتعس يكون مضطرابً متقلقالً وأتثريا هذه احلالة تصيب جهاهز
الونيط العصيب.
س :هل ميكن لإلنسان إن حيضر األرواح من دون أن يكون ونيطاً؟
ج :نعم وهذا يدمي اإلحضار الفكري ففي يناجي الروح ابطناً حمضره وإن مل يكن
هذا ونيطاً مادايً.
س :هل يليب الروح دائماً دموة حمضره؟
ج :هذا منوط ابلظروف اليت يكون الروح مليها.
س :أية موانع تصد الروح من تلبية دموتنا؟
ج :أوهلا إرادت احلرة مث أحوال أخرى هعد املو .أو األممال اليت يكون موكالً هبا
أو أخرياً مدم إيذان يف تلبيت حمضره إذ كان من األرواح من ال تستطيع مناجاتكم
هتااتً وهي اليت يف موامل أوطأ من ماملكم الرضي ألن الروح ال يستطيع أن خياهر نكان
مامل ما مل يكن درجة تقدم مواهزايً للعامل املدمو إلي وإال فيكون غريباً من أفكاره
ومبادئ وإن كان هو روحاً متقدماً أرنل إىل العامل السفلي تكفرياً من ذنوه أو لرنالة
يقدم هبا فال يعجز حينئذ من احلضور ملناجاتكم إن أذن ل يف ذلك.
س :ملاذا ينكر مل أحياانً اإلذن؟
ج :قصاصاً ل أو ملن حيضره.
س :كيف ميكن لألرواح املتشبعة يف الفال والعوامل القاصية أن تسمع صراخ
مستدميها وتليب دموت ؟
ج :شرح ذلك مسر طاملا أنكم جتهلون كيفية جتاذب األفكار هني األرواح ولكن
أقول أن الروح احملضر ملى أي هعد كان تصيب صدمة الفكر كحركة كهرابئية جتتذب
انتباه إىل نقطة مصدرها هنوع أن يسمع الفكر ملى نوع القول كما تسمعون
الصو ملى وج األرض.
س :هل السيال العام حيمل الفكر كما اهلواء ينقل الصو ؟
ج :نعم إمنا الفرق أن الصو ال يسمع إال هدائرة حمدودة يف حني أن افكر ينتقل
إىل هعد غري حمدود.
س :ألييب الروح الدموة ابختياره أم قسراً من .
ج :ل احلرية املطلقة يف تلبية الدموة أو اابئها إال أن الروح العلوي يستطيع يف
هعض الظروف أن جيرب روحاً نفلياً ملى احلضور إن كان حضوره مفيداً.
س :هل من ضرر يف إحضار األرواح السفلية وهل خيشى ملى الونيط شرها؟
ج :ال جت سر األرواح الشريرة ملى إحلاق األذى مبن يكون حتت محاية ملوية ال هل
هتاب الونيط الفاضل ملا ل مليها من السلطة األدهية ،إمنا خري للونيط املبتدىء أن
يتجنب انتحضارها يف العزلة.
س :ما هي أخص الشروط إلحضار األرواح الصاحلة؟
ج :التهيب واالختالء الباطن وصفاء النية والصالة احلارة.
س :هل اجتماع األشخاص يف وحدة الفكر والنية تزيد اإلحضار قوة؟
ج :نعم وال شيء يضر ابالنتحضار مثل تباين األفكار وتضاد النوااي.
س :هل حتسن إقامة اجللسا الروحانية يف أايم وناما معينة؟
ج :نعم ألن لألرواح أشغاالً ال متكنها من احلضور إليكم مىت وكيفما شئتم.
س :هل لأليقوان والطالنم أتثري يف جذب األرواح أو طردها؟
ج :أال تعلموا أن املادة ال أتثري هلا ملى الروح وأن الطالنم ال وجود لقوة هبا إال
يف خميلة األانم السذج.
س :أتسر األرواح ابنتحضارها أم ال؟
ج :هذا منوط هطبامها وهدوامي انتحضارها فإن كانت الغاية محيدة واحلضور
من أحبائها تتقاطر إلي هسرور وإال أهت احلضور أو حتضر كرهاً منها وتدل أجوهتها
ملى كدرها وغيظها.
س :هل ميكن انتحضار أرواح مجلة معاً؟
ج :نعم هشرط أن يكون لديكم مجلة ونطاء وإال فروح واحد جييب من اجلميع
ملى يد الونيط احلاضر؟
س :هل يستطيع الروح أن حيضر مدة جمالس يستدمي إليها يف آن واحد؟
ج :نعم هشرط أن يكون روحاً ملوايً.
س :كيف يتم ذلك .هل يتجزأ الروح؟
ج :إن الشمس واحدة وتنري مع هذا أماكن مديدة معاً فكلما تعاىل الروح وتنقى
اهزداد شأشعة فكره قوة وامتداداً أما الروح السفلى فال يستطيع لتغلب املادة ملي أن
حيضر إال مكاانً واوحداً وال أن يكاتب إال ونيطاً واحداً.
س :هل ميكن انتحضار األرواح النقية أي اليت هلغت الغاية القصوى؟
ج :قد ميكن ذلك وهذا اندر جداً فإن أرواحاً كهذه ال تناجي إال قلوابً نقية
خملصة ال تشوهبا الكربايء وحب الذا .
س :ما مقدار الزمن الذي يكفي النتحضار الروح هعد موت \.
ج :قد ميكن انتحضاره حىت وقت املو ولكن أجوهت تكون انقصة النتيالء
االضطراب هعد ملي .
س :هل انتحضار الروح املتجسد ممتنع ملى اإلطالق؟
ج :كال فقد ميكن انتحضاره هشرط أن حال اجلسدية متسح ل هذلك وكلما كان
العامل أرقى قلت املادة من اجلسد واهزداد الروح نهولة يف مزايلت .
س :هل ميكن انتحضار روح احلي؟
ج :نعم هشرط أن يكون انئماً أو تكون روح وقتئذ منطلقة قليالً من قيود
جسدها ومرتبطة ه هراهط نيال ه مييز الونيط الناظر روح احلي من روح امليت.
س :هل روح احلي املستحضر وقت الرقاد جييب نائل هسهولة كروح امليت؟
ج :كال ألن املادة املقيد هبا تفعل دائماً في وتعيق حريت .
س :هل يتذكر اإلنسان مند اليقظة انتحضاره وقت الرقاد؟
ج :كال فإن حالت أشب ابلنائم املغناطيسي الذي ينسى مند اليقظة كل ما قال
وممل وقت التنومي.
س :هل ميكن تغري أفكار احلي مند اليقظة ابنتحضار روح وإقنام مند الرقاد؟
األدهية اليت ج :قلما يصح ذلك ألن اإلنسان ينسى وقت اليقظة التأثريا
أصاهت روح واملقاصد الصاحلة اليت اختذها وقت الرقاد؟
س :هل لروح احلي حرية يف قول وإخفاء ما يشاء؟
ج :ال ريب يف ذلك .ال هل يكون أشد حتفظاً من وقت اليقظة وإذا حلوا ملي يف
السؤال ينصرف.
س :أال ميكن لروح آخر أن يضطر روح احلي إىل احلضور والتكلم مبا ال يريد؟
ليس من نلطة هني األرواح أحياء كانوا أم أموااتً إال السلطة األدهية فيمن ل
نلطة كهذه فليس ينبغي أن يستخدمها يف نبيل أغراض ناقطة تنزه منها.
س :هل ميكن انتحضار روح اجلنني وهو هعد يف أحشاء أم ؟
ج :كال ألن يكون وقتئذ يف حالة اضطراب اتم.
س :هل يتأتى ضرر من انحضار روح احلي؟
ج :ال خيلو ذلك من هعض الضرر خصوصاً إذا كان احلي مريضاً فإن إحضاره
يزيد يف أوجام وملي ال ينبغي إحضار روح الولد الصغري وال الشيخ الضعيف وال
اإلنسان العليل فإن االنتحضار مضر هبم.
س :إن كان انتحضار روح احلي ال خيلو من هعض الضرر فيمن أين نعلم أن
الروح الذي نفظن ميتاً ونستحضره ال يكون قد صار هعد املو يف حال حياة يضره
فيها االنتحضار.
ج :إن روحاً كهذا ال يليب االنتحضار فلهذا قلت لكم أن ال يستحضر الونيط
روحاً ما مل يسأل قبالً الروح مرشده أكان انتحضاره ممكناً أم ال.
س :أليس حمتمالً يف الوناطة اخلطية أو االنتيالئية أن تكون املقاال صادرة من
روح الونيط ذات ؟
ج :قد ميكن لروح الونيط إن كانت منطلقة هعض االنطالق أن تستخدم كالروح
األجنيب جسدها ذات للكتاهة وليس هذا هعجب طاملا روح احلي يستطيع رغماً من
جتسده أن يستخدم جسد ونيط للكتاهة أو التكلم.
س :أال يثبت مبدأ هذا رأي القائلني أبن املقاال الروحانية أهنا من شخصية
الونيط اليت مل تتنب وليس لألرواح دخل فيها؟
ج :قد يصح هذا الرأي يف هعض الظروف ولكن ال يشمل املقاال الروحانية
كلها .إذا كان يف انتطامة الونيط أن يستخدم جسده للكتاهة أو التكلم ال يدل
هذا ملى امتناع انتخدام الروح األجنيب ل يف نبيل ذلك.
س :فمن أين نعلم أن كان املتكلم أو الكاتب روح الونيط أم روحاً آخر أجنبياً؟
ج :تستطيعون متييز ذلك من فحوى املقالة وهلجة احلديث وظروف أخرى ال
ختفي ملى الناقد البصري فإن من األجوهة ما يتعذر إمزاؤها إىل روح الونيط فعلى
اخلبري أن يتبصر ويدرس.
وملا أمتمت هذا املقال من كتاب املذهب الروحاين قلت اي شي دمحم :املم أن يف
هذا احلديث من املعاين العجيبة الدينية ما في مربة ملن امترب ،وذكرى ملن أذكر .أمل تر
إىل قول الروح (إن الرذائل ملى اختالف أنوامها حتيط ابلروح هعد موت فتلتصق ه )
مث قال (هؤالء العلماء الفانقون أشد خطراً من األرواح الشريرة ألن الكربايء والنباهة
اجتمعت فيهم).
أما إحاطة األخالق ابألرواح أو التصاقها هبا فقد تقدم الكالم مليها .وأما
اجتماع الكربايء مع النباهة يف العلماء الفسقة وأهنم شر من األرواح الشريرة فذلك
ورد يف قول تعاىل{ :واتل مليهم نبأ الذي آتيناه آايتنا فانسلخ منها فاتبع الشيطان
فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه هبا ولكن أخلد إىل األرض واتبع هواه فمثل كمثل
الكلب إن حتمل ملي يلهث أو ترتك يلهث}.
ذلك أن ماملاً من هين إنرائيل كان جماب الدموة يسمى هلعام اهن ابمورا تقدم إلي
قوم وانتعانوا هزوجت اجلميلة وأهدوا هلا حلياً وماالً ونألوه أن يدمو هللا ملى نيدان
مونى فاندلع لسان وانقلب الدماء ملى قوم وطرد من رمحة هللا فأخذ حيتال حبيل
دنيوية ويوقع الفنت يف جيش النيب مونى صلى هللا ملي وملى نبينا ونلم.
فلهذا قال تعاىل{ :واتل اي دمحم ملى قومك نبأ هذا الرجل الذي آتيناه آايتنا}
اخل ،مث قال { :فاقصص القصص اي دمحم ملى قومك لعلهم يتفكرون} فيما صار إلي
ذلك الرجل الذي أضل هللا ملى ملم ،وقومك ضلوا هعد إذ أرنلتك إليهم ،فكذا
ههنا يف مامل األرواح يكون العالم منهم دامياً لسبيل مضالً ملن أطام مونوناً مبا
منده من العلم فصار من الشياطني مبا أويت من العلم الذي ضرف يف نبيل الشر
ولذلك قال هللا تعاىل{ :أفرأيت من اختذ اهل هواه وأضل هللا ملى ملم وختم ملى
مسع وقلب وجعل ملى هصره غشاوة فمن يهدي من هعد هللا افال تذكرون}
ويف مقال العلماء:
ومـالـم هـعـلـمـ لـن يـعـمـال
مـعـذب مـن قـبـل مبـاد الـوثـن
أما قول الروح مث هل تظنون أن ليس من األرواح العلوية القادرة ملى تعليمكم إال
من مرفتم منها ملى األرض ...اخل ،فهذا هو املنطبق متام االنطباق ملى ديننا الكرمي
فإن كل ما ورد يف القرآن من املالئكة والشياطني يشري إىل مامل ليس يف األرض فإن
جربيل وميكائيل وإنرافيل ومزرائيل والروح األمني وروح القدس واملالئمة الكروهيني
وملك اليمني وملك الشمال والكرام الكاتبيني وأمثاهلا مما جاء ه السنة ونطق ه
القرآن مل يقل أحد أهنم كانوا أرواحاً أرضية ،هل قالوا أهنم خلق من خلق هللا تعاىل
خلقهم هال أحسام ،فهكذا يقول الروح هنا أنكم إذا مل تؤمنوا هعوامل روحية غري األرواح
اليت خرجت من األرض فأنتم كاملتوحشني الذين مل خيرجوا قط من جزرهم فظنوا
املسكونة ال متتد خارجاً منها ،قال تعاىل {وما يعلم جنود رهك إال هو وما هي إال
ذكرى للبشر} وقال تعاىل{ :وما أوتيتم من العلم إال قليالً}.
وأما قول الروح إن األرواح السفلية تكذب وتغش وتنشر الضالل ونتعاقب ملى
ذلك جزاء كذهبا ملى األرواح العلوية وتكلمها هلساهنا ،وقد جعلها هللا حمنة لكن
لتميزوا اخلبيث من الطيب فهذا القول مجيل وهديع مصداقاً لقول تعاىل{ :لتبلون يف
أمولكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذي أشركوا أذى
كثرياُ وأن تصربوا وتتقوا فإن ذلك من مزم األمور} وقول تعاىل :رونبلونكم ابلشر
واخلري فتنة وإلينا ترجعون} وقال تعاىل{ :تبارك الذي هيده امللك وهو ملى كل شيء
قدير الذي خلق املو واحلياة ليبلوكم أيكن أحسن ممالً وهو العزيز الغفور}.
قد تبني يل ابالختبار أن احلياة ملى هذه األرض وغريها إن هي إال فتنة ونظر
واختبار وكأن مسألة حساهية وملوم رايضية نعيش وننظر يف العلوم ونعاشر الناس
ونرى أن األمور أليق مثالً املال والصحة والعلم واحلكم هني الناس .فكل من جعل
املال للذات وشهوات جحد الناس فضل وذم هللا نعي ،ومن حرم نفس وقرت مليها مث
جتاوهز من مال وفرق ملى الناس الم العلماء وذم الفضالء إذا أصبح فقرياً معدماً
يسأل النسا فعلي أن ينظر هعقل فيما جيب ل وللناس ،وهكذا أمر الصحة والعلم
والعقل ونائر املواهب ،إن مطلها ماقب هللا وغضب ملي الناس وإن أنرف حىت
أضرهبا كان كذلك ،وإن حفظها ونفع هبا الناس كان مشكوراً من هللا والناس وهكذا
ما يبتلى ه اإلنسان من البالاي وما يصاب ه من احملن والرهزااي وما حييط ه من
األهوال ونوائب احلداثن ،فحكمها حكم ما ذكر من النعم ،فإن مرف ما يراد ه
ومقل نتائج تلك املصائب اهزداد هصرية وملماً وإال كان جهوالً .أال وإن املصائب
ألهل األرض تبصرة وذكرى ،هل كل ما احتجنا إلي وكلفنا أمماالً فإن ال حمالة مرق
لعقولنا .أال ترى إىل الصنائع وهناء السفن وترهية الرجال املدرهني ملى احلرب والضرب
مث هم يرمون مجيعاً يف البحر أايم احلرب .وترى مثالً قدماء املصريني قد أفرغوا وطبهم
ونثروا آخرنهم من كنانتهم فبنوا مصانع ظاهرة وهكذا نائر الناس جدوا يف التزويق
والتزيني والبناء منها ما قدمنا مما يصنع ف البحر يف احلرب وغريه ومنها ما يدفن حتت
األرض وال هد هلذا كل من مقصد ونتيجة ،وما النتيجة والفائدة إال ارتقاء مزائم هذا
النوع اإلنساين ورقي وإكمال القوى والعزائم والبصائر لتلك األنفس الراحلة لرتجع إىل
العامل الذي ترنل إلي قوية ذا هصرية وقس ملى ذلك نائر مصائبها ونوائبها فإهنا
جاء تبصرة وذكرى حىت تقوى قلوهبا وتشتد مزائمها وتزداد جتارهبا.
نتيجة:
ملى كل ماقل مفكر أن يزن ما لدي من خري وشر حىت ال يفوت صوف األول
فيما خلق ل من املنافع ،وال يشذ من ما أودع يف الثاين من الفطنة واحلكمة واخلربة،
فمن خدع ألول مرة فليفطن حىت ال خيدع مرة أخرى ومن ظهر ل آاثر حسنة
فحسده األقران وتضافوا ملى ذم وإنقاط فذلك إيقاظ من هللا ل أن جيد يف اخلري
ويزيد فيما خلق ل ويستعني هغريهم مليهم ليكون ذلك ل أقوم قيالً وأهدى نبيال
وأرفع شأانً وأقوى مزمية قال تعاىل يف نورة النور هعد أن قص قصص اإلفك{ :ولوال
فضل ال مليكم ورمحت ما هزكا منكم من أحد أهدا ولكن هللا يزكي من يشاء وهللا مسيع
ملم} وقال تعاىل { :اي أهت أين أخاف أن ميسك مذاب من الرمحن فتكون للشيطان
وليا} فانظر كيف جعل اإلفك والرمي ابلزان مما يكون تزكية وتطهرياً وفضالً من هللا
ورمحة وجعل مذاب آهزر أىب نيدان إهراهيم أو مم ملى اخلالف انمجاً من رمحة هللا
فكأن يقول إن ما أصيبت ه مائشة من الرمي ابلزان ليس نقصاً فيها ه ل قامدة
مامة يف دائرهتا إال وهي أن املصائب تزكي وتطهر النفوس وترفعها إىل أملى
الدرجا ،وحلوهلا ابلناس فضل من هللا ونعمة ولوالها مل يتطهروا ومل يرتقوا وهذا املعىن
يؤخذ من قول { :ولوال فضل هللا مليكم ورمحت ما هزكا منكم من أحد أهدا} وقال
أيضاً{ :إن الذين جاءوا ابإلفك فصبة منم ال حتسبوه شراً لكم هل هو خري لكم}
فجعل ذلك خرياً لعائشة كما جعل العذاب احلال أبهل الكفر من فضل رمحت تعاىل،
ولسنا نعلم أين الرمحة يف مذاب الكافرين ونكل ملم إىل هللا تعاىل.
وأما قول الروح ال يدمي هذا اختصاصاً هال مدالً أي أن من الونطاء من متيل
هلم األرواح العلوية وتقيهم شر خداع األرواح الشريرة ألهنا متيل إىل من يسمع
نصائحها ويبذل جهده يف إصالح نفس .
فأقول أن منطبق أمت االنطباق ملى قول تعاىل{ :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
نبلنا وإن هللا ملع احملسنني} وقول { :من انتعف يعف هللا ومن انتغىن يغن
هللا}.
وأما قول الروح يف أول احلديث( :مث املموا أن األرواح العلوية كلم اهزداد ارتقاء
انضمت إىل هعضها يف وحدة الفكر حىت ال يعود ملسألة الشخصية حيز مندهم
فأقول قال هللا تعاىل يف أهل اجلنة{ :ونزمنا ما يف صدورهم من مل أخواانً ملى نرر
متقاهلني ال ميسهم فيها نصب وما هم منها مبخرجني}.
قال شري دمحم :نرجو أن تزيدان من حديث األرواح فقلت ل :
من مبادىء تعاليم األرواح:
ورد يف الكتاب املذكور:
يتوهم البعض أن الروحانبة وانطة نهلة وابب رحب لكشف الكنوهز وانتنباء
املستقبل وفتح الفال وحل املسائل العلمية إىل غري هذه من دوامي الطمع وحب
الرضيا فدفعاً هلذه األوهام رأينا أن نذكر يف هذا الفصل خالصة تعليم األرواح يف
هذا املوضوع نقالً من كتاب الونطاء للمعلم الفيلسوف اآلن كاردك.
س :هل جتيب األرواح من كل نؤال يطرح مليها؟
ج :كال فإن األرواح الرصينة ال جتيب إال من أنئلة غايتها خريكم الروحي وترقيكم
األديب.
س :هل األنئلة اجلدية هي الوانطة إلهعاد األرواح الطائشة؟
ج :ليس األنئلة اليت تبعد األرواح الطائشة هل صفا من يلقي األنئلة.
س :أية أنئلة تكرهها األرواح الصاحلة؟
ج :هي اليت ال فائدة منها أو يشتم منها رائحة الفضول أو الطمع.
س :هل من أنئلة تكرهها األرواح الناقصة؟
ج :ال تكره إال األنئلة اليت تزيح النقاب من جهلها وخدامها.
س :ما قولك فيمن يتخذون املخاهرة الروحانية ابابً للهو واهلزل أو النتنباء امور
هتم صواحلهم الزمنية.
ج :هؤالء تسر هبم جداً األرواح الناقصة ملدامبتهم وخدامهم.
س :هل تستطيع األرواح أن تكشف لنا أمر املستقبل؟
ج :كال إذ لو مرف اإلنسان املستقبل ألمهل احلاضر.
س :أليس مع هذا من حوادث تنبئنا األرواح منها وتتم يف حينها؟
ج :قد يتفق أحياانً أن الروح يستشعر حدوث هعض أمور يرى من الفائدة كشفها
وهذا ال مينع األرواح املاكرة من نشر النبوا الكاذهة.
س :ما هي أخص دالئل النبوا الكاذهة؟
ج :هل اليت ال أتيت هفائدة مامة أو يكون مرجعها النفع اخلاص.
س :ملاذا تكون األرواح الرصينة مند تنبئها من أمر ال تعني هزمن حدوث ؟
ج :يكون هذا إما من ممد منها أو مدم معرفة .إن الروح يستشعر أحياانً وقوع أمر
إمنا هزمن وقوم يكون يف الغالب متعلقاً حبوادث مل تتم هعد وال يعلمها إال هللا.
أما األرواح الطائشة فال يهمها أمر احلقيقة وحتدد األايم والساما من دون
التفا إىل صحة النبوة ومدمها ،ومن الواجب ههنا أن أكرر مليكم القول إن غاية
رنالتنا إانرة هصريتكم وتعرقيكم الروحي ال العرافة وفتح الفال ،فمن أحب هذه أتلف
األرواح املاكرة ويصبح ألعوهة هني أيديها.
س :ما قولك فيمن تنبئ األرواح مبوت يف نامة معينة؟
ج :هذه أرواح ماكرة ال تقصد إال الضحك مبا تسب من الرمب ملصدقها.
س :كيف يتفق أن هعض الناس يستدلون ملى قرب موهتم وحيددون هزمن وقوم ؟
ج :تطلع أرواحهم ملى ذلك مند انطالقها من قيود اجلسد ويبقى فيها ذكره مند
اليقظة ،فهؤالء ال يهوهلم أمر املو وال يرون في إال انتقاالً من حالة إىل حالة أو
تغيري كساء خشن هكساء لطيق ،إن خشية املو نوف تتناقص وتتالشى مند
انتشار احلقائق الروحانية.
س :هل تستطيع األرواح أن تطلعنا ملى حياتنا املاضية؟
ج :تستطيع ذلك إن مسح هلا الرب وال يكون مساح إال لغاية محيدة مفيدة ال
لفضول ابطل وملي ال تصدقوا نبأ كهذا إال إذا صار هديهياً ولغاية مفيدة .كثرياً ما
حتب األرواح املاكرة أن هتزأ ابلونطاء واملؤمنني هقوهلا هلم إهنم من أصل نام ومرتبة
رفيعة فيتقبل هعضهم ذلك مبزيد االهتهاج وال يفقهون أن حالتهم الروحية احلاضرة ال
تدل ملى املرتبة اليت تنسبهم األرواح إليها مع أن األحرى هبؤالء املساكني جتنباً
للسخرية أن يالحظوا أن الرتقي خري هلم من االحنطاط وأن التقهقر يف الكمال خمالف
لنامون تعاىل.
س :إن كان ال ميكن لإلنسان أن نعرف شخصيت يف وجود ناهق فهال ميكن
ملى األقل أن يطلع ملى مركزه والصفا أو النقائص اليت تغلبت ملي في .
ج :قد ميكن كشف أمر كهذا لكون مفيداً إلصالحكم ولكن ال حاجة إلي
ألنكم إذا أتملتم جيداً يف أنفسكم تستدلون ملى الصفا النقائص اليت تغلبت
مليكم يف احلياة املاضية.
س :هل نستطيع انتطالع شيء من مستقبل حياتنا هعد املو ؟
ج :كال وإايكم وتصديق شيء من هذا القبيل فإن أفك وخداع حمض والدليل
واضح وهو أن وجودكم املقبل نيكون نتيجة نريتكم احلاضرة فكلما قل الدين خف
الوفاء واهزددمت يف املستقبل نعادة وراحة ،ولكن أين وكيف يتم هذا الوجود ،هذا أمر
ال تعرفون إال هعد مودتكم إىل احلالة الروحية وتبصركم فيها.
س :هل يسوغ انتشارة األرواح يف الصواحل الزمنية؟
ج :قد ميكن ذلك يف هعض الظروف وملى مقتضى نية املستشري وصفا الروح
املوجهة إل االنتشارة ،ومن الواجب أن تتأكدوا أن األرواح الصاحلة ال تتواطأ قط
ملى جماراة مطامعكم ،وأما الشريرة فتهزأ هكم مبواميد نراهية ما وراءها إال اخليبة
واحلسرة ،مث املموا أن إذا قدر مليكم حمنة فاألرواح الصاحلة تسامدكم ملى حتملها
وختفف منكم وطأهتا ولكنها قد ال تستطيع أن تدرأها منكم ألن هبا خريكم الروحي
وجناح مستقبلكم.
س :إذا تويف شخص وكانت مصاحل معرقلة إال يسوغ انتشارة روح يف حل
هعض املشاكل وهال يكون هذا ابب العدل.
ج :لعلكم نسيتم أن املو ابب النجاة من مهوم احلياة وأن الروح املعتوق من
األنر ال يعاود نالنل للتداخل يف أمور ما ماد هتم وخلدمة ورثة رمبا اهتهجوا
مبوت ملا جنم هلم من من الفائدة املالية؟ تقولون أن هذا من ابب العدل والعدل قائم
خبيبة مطامعهم وهذا هدء القصاصا اليت نتنوهبم من تعلقهم املفرط.
س :أنستطيع أن نستنيبء األرواح من أحواهلا ومراكزها يف مامل الغيب؟
ج :نعم هشرط أن يكون هذا االنتنباء انجتا من احملبة وطلب الفائدة الروحية.
س :هل تستطيع األرواح أن تصف لنا نعيمها أو شقاءها؟
ج :نعم ألن فوائد مظيمة تنتج لكم من ذلك أخصها اطالمكم ملى ماهية
الثواب والعقاب ورفع األوهام املرتكبة ملى مقول هعض السذج من هذا القبيل.
وإحياء األميان فيكم وتقوية رجائكم السماوي .إن األرواح الصاحلة يلذ هلا وصف
نعيمها والشريرة جتد راحة يف تبيان ما تقاني من تباريح العذاب خصوصاً إذا القت
من نامعيها مواطف اإلشفاق والتأني ال خيفي أن غاية الروحانية هي أصالحكم
الروحي والغرض من كل األمثلة واملقاال اليت أتتيكم هو وقوفكم ملى حقائق ما هعد
املو لتتجردوا من األرضيا وتسعوا وراء السماواي .
س :إذا فقد أحد من الوجود ومل يعرف أمر مصريه فهل ميكن انتحضار روح
للوقوف ملى احلقيقة.
ج :قد ميكن ذلك إذا مل يكن االرتياب يف موت حمنة قدر احتماهلا ملى من
يهمهم أمره.
س :هل جيوهز انتشارة األرواح يف الصحة؟
ج :نعم ألن الصحة شرط ضروري حلسن القيام ابلعمل الذي جتسد اإلنسان
ألجل .وإمنا ال ينبغي انتشارة أي روح كان من األرواح ألن اجلهالء يكثرون هينهم.
س :أحيسن انتشارة مشهوري األطباء املتوفني؟
ج :ليس هؤالء املشهورين مبعصومني من الغلط وقد تتصلب فيهم أحياانً هعض
آراء فاندة ال ينزمها املو منهم هسهولة .إن العلوم األرضية ليست هشيء ابلنسبة
إىل العلوم السماوية وهذه ال ميلكها إال األرواح العلوية فإليها جيب أن تلجأوا يف كل
أمر.
س :هل العامل هعد موت يقر أضاليل العلمية؟
ج :إن كان قد جترد من الكربايء وأدرك نقص يقر هبا هال خجل وإال تبقى في
هعض األوهام اليت تركبت ملي يف احلياة.
س:هل ميكن للطبيب أن حيضر املوتى الذين ماتوا ملى يده ويستوضح منهم
هعض الدالئل ليزداد هبا خربة ومعرفة؟
ج :قد يصح ذلك وينال املسامدة من األرواح العلوية ذاهتا هشرط أن ينكب ملى
درن هذا ابالنتقامة وصفاء القلب ال هنية حشد املال وكسب املعارف من دون جد
وال مناء.
س :هل ميكن انرتشاد األرواح يف املباحث واالكتشافا العلمية؟
ج :إن العلم هو صنع العقل وال يكتسب غال ابلعمل وابلعمل وحده يتقدم املرء
يف طريق .أي فضل يبقى لإلنسان إذا أمكن أن يعرف كل شيء ابنتنباء األرواح.
أال يصبح الغيب اجلاهل هبذه الطريقة ماملاً؟ مث إن لكل شيء وقتاً معيناً أييت يف حين
أي مندما تكون األفكار مؤهلة لقبول وأما هتلك الطريقة فيقلب اإلنسان نظام
األشياء إذ يقطف الثمرة قبل نضجها.
س :أال ينال إذاً العامل واملخرتع من األرواح املعونة يف مباحث .
ج :من العون ال ينقص مندما يكون أوان االخرتاع قد دان فتوافي وقتئذ األرواح
وتلقي إلي هعض اإلهلاما الفكرية فيفكر فيها هو ويشتغل هبا إىل أن ينتج منها
االكتشاف املقصود فيكون معظم الفضل راجعاً إلي فإايكم إذاً والزيغ من حمجة
الروحانية والتطرف إىل أمر ال ينوهكم من إال اخلداع والسخرية.
س :هل ميكن أن تدلنا األرواح ملى الكنوهز واألحافري اخلفية؟
ج :قد قلت لكن أن األرواح العلوية ال تتناهزل إىل مواضعة مطامعكم وأما املاكرة
فتدل دائماً نائلها ملى أماكن ال وجود لكنز فيها فيذهب املسكني مناؤه وتعب
أدراج الرايح.
س :ما قولك يف االمتقاد حبرانة الكنوهز املدموة رصداً؟
ج :من هعض أرواح البخالء يلبثون مقيمني حول الكنوهز اليت طمروها يف األرض
وخوفهم ملى اكتشافها يكون مذاابً مستدمياً هلم إىل أن يتجردوا من املاداي ويدركوا
هطالهنا ا هـ.
حينئذ قلت اي شري دمحم أتمل يف هذا احلديث امل حتد في ملماً جديداً يف فهم
القرآن .قال وما ذاك قلت :قال تعاىل{ :فلما قضينا ملي املو ما دهلم ملى موت
إال داهة األرض أتكل منسأت فلما خر تبينت اجلن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا
يف العذاب املهني} فإن اجلن أايم نليمان ملي السالم هقوا أمداً طويالً مسخرين
وكان نليمان ملي السالم متكئاً ملى مصاه فلما أكلت داهة األرض تلك العصا خر
ملى األرض فلو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا يف ذلك العذاب ولعلموا أن نليمان
ميت ،وال جرم إن هذه القصة مثرهتا أال يثق اإلنس أبخبار اجلن ،هذا هو املقصد
احلقيقي منها .ولقد جتلى واضحاً يف هذا احلديث أال ترى أهنم ملا نألوا الروح هل
تستطي ع األرواح أن تكشف أمر املستقبل؟ فكان اجلواب :كال إذ لو مرف اإلنسان
املستقبل ألمهل احلاضر.
وملا نألت األرواح أليس مع هذا من حوادث يتنبأ األرواح منها وتتم يف حينها،
فكان اجلواب قد يتفق أحياانً أن الروح يستشعر حدوث هعض أمور يرى من الفائدة
كشفها وهذا ال مينع األرواح املاكرة من نشر النبوءا الكاذهة ،مث أفاد أن األرواح
الرصينة قد تستشعر أبمر يكون يف الغالب متعلقاً حبوادث مل تتم وال يعلمها إال هللا
فال تقطع يف جواهبا.
أما األرواح الطائشة فال يهمها أمر احلقائق فتنشر األخبار الكاذهة ،وال جرم أن
ذلك مغزى قصة نليمان ملي السالم وشرح ما انطو ملي من العلم وهرهان صدق
ملا فيها من التوقف من تصديق ما تلقى اجلن من األكاذيب ا هـ.
مث انظر اي شري دمحم إىل قول الروح إن هعض الناس يستدلون ملى قرب موهتم
وحيددون هزمن وقوم وإن هؤالء الذين انطلقت أرواحهم من قيود اجلسد ال يهو هلم
أمر املو ألست ترى اي شري إن هذا مصداق قول تعاىل{ :إن الذين قالوا رهنا هللا مث
انتقاموا تتنزل مليهم املالئكة اال ختافوا وال حتزنوا وأهشروا ابجلنة اليت كنتم تومدون
حنن أولياؤكم يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة ولكن فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما
تدمون نزال من غفور رحيم ومن أحسن قوالً ممن دما إىل هللا وممل صاحلاً وقال إنين
من املسلمني}.
فتعجب اي شري كيف يقول تتنزل مليهم املالئكة ليلهموهم السرور والبهجة
وخياطبوهم وانظر إىل قول تعاىل{ :أال إن أولياء هللا ال خوف مليهم وال هم حيزنون
الذين آمنوا وكانوا يتقون هلم البشرى يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة ال تبديل لكلما هللا
ذلك هو الفوهز العظيم} فقد قال ملا نئل من البشرى قال :هي الرؤاي الصاحلة
يراها الرجل أو ترى ل .وتعجب اي شري دمحم من قول الروح يف هذا :إن الطبيب إذا
اكب ملى درن ابالنتقامة ال هنية حشد املال وكسب املعارف هدون جد وال مناء
ينال مسامدة األرواح العلوية أو ليس هذا من مسامدة املالئكة للمجدين وقد قال
( :إمنا العلم ابلتعلم وإمنا احلام ابلتحلم) فال ملم هال جد وال حلم هال تكلف وتصرب
وجد.
وقال تعاىل { :وإن من شيء إال مندان خزائن وما ننزل إال هقدر معلوم} .وقال:
{وكل شيء منده مبقدار} .وقد ملمت فيما مضى أن األرواح ال ختص من مضوا
من مامل األرض هل هناك من هم أمظم هل هم املالئكة املكرمون مث انظر قول تعاىل
يف نورة النحل{ :الذين تتوفاهم املالئكة ظاملي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعم ملن
نوء هلى إن هللا مليم مبا كنتم تعملون} .مث قال{ :وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل رهكم
قالوا خرياً للذين أحسنوا يف هذه الدنيا حسنة} .مث قال{ :الذين تتوفاهم املالئكة
طيبني يقولون نالم مليكم ادخلوا اجلنة مبا كنتم تعملون}.
أليس هذا اي شري يوميء إىل ما يقول الروح هنا أن أرواحهم تطلع ملى ذلك مند
انظال قها من قيود اجلسد ويبقى فيها ذكره مند اليقظة فهؤالء ال يهوهلم أمر املو وال
يرون في إال انتقاالً من حال إىل حال أو تغيري كساء خشن هكساء لطيف :وهل
يعطي من ال يستحق احلكمة؟ كال ا هـ.
مث انظر إىل قول فاألرواح الصاحلة تسامدكم ملى حتمل احملنة ولكنها ال تدرؤها
منكم ألن هبا خريكم الروحي وجناح مستقبلكم وهذا قول تعاىل{ :ومسى أن تكرهوا
شيئاً وهو خري لكم ومسى أن حتبوا شيئاً وهو شر لكم} وقول { :ما أصاب من
مصيبة يف األرض وال يف أنفسكم إال يف كتاب من قبل أن نربأها إن ذلك ملى هللا
يسري} .وقول { :ولنبلونكم هشيء من اخلوف واجلوع ونقص من األموال واألنفس
والثمرا وهشر الصاهرين الذين إذا أصاهتهم مصيبة قالوا إان هلل وإان إلي راجعون
أولئك مليهم صلوا من رهبم ورمحة وأولئك هم املهتدون} .مث أتمل قول الروح وهذا
هدء القصاصا اليت نتنوهبم من تعلقهم املفرط ابخلريا ،وقول أن العدل قائم خبيبة
آماهلم فتعجب كيف كان مطاهقاً أشد املطاهقة لقول تعاىل{ :وال تعجبك أمواهلم وال
أوالدهم إمنا يريد هللا ليعذهبم هبا يف احلياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} .وقول
تعاىل { :املال والبنون هزينة احلياة الدنيا والباقيا الصاحلا خري مند رهك ثوااب وخري
أمالً} .فجعل هللا املال والولد مذاابً يف الدنيا ويف اآلخرة ملن تعلق هبما ومل جيعلهما
ونيلة الرتقاء روح ،مث جعل املال والبنني هزينة احلياة الدنيا وال خري إال فيما هقي من
الصاحلا الباقيا .
وأما قول الروح أن العلوم األرضية ليست هشيء ابلنسبة إىل العلوم السماوية فهذا
قول تعاىل{ :قل لو كان البحر مداداً لكلما ريب لنفد البحر قبل أن تنفد كلما
ريب ولو جئنا مبثل مدداً} .وقول الروح :ال خيفي أن غاية الروحانية هي إصالحكم
الروحي والغرض من كل األمثلة واملقاال اليت أتتيكم هو وقوفكم ملى حقائق ما
هعد املو لتتجردوا من األرضيا وتسعوا ورالء السماواي هذا وكثري أمثال يفهم
من قول تعاىل { :إن الذين كذهوا آبايتنا وانتكربوا منها ال تفتح هلم أهواب السماء
وال يدخلون اجلنة حىت يلج اجلمل يف نم اخلياط وكذلك جنزي اجملرمني} .ومفهوم
أن الذين صدقوا ومل يستكربوا تفتح هلم أهواب السماء .وقول تعاىل {إن الذين ال
يرجون لقاءان ورضوا ابحلياة الدنيا واطمأنوا هبا والذين هم من آايتنا غافلون أولئك
مأواهم النار مبا كانوا يكسبون} .ومفهوم إن الذين يرجون لقاء هللا ومل يرضوا يف
احلياة الدنيا وجعلوها جلة واختذوا صاحل األممال فيها نفنا ومل يطمئنوا هلا ومل يغفلوا
مما أودع فيها من آاي هللا فأولئك مأواهم اجلنة مبا كانوا يكسبون أ هـ.
(حكمة ومعجزة):
اي شري دمحم إن قول الروح هنا أيضاً أن الطبيب ينال املسامدة من األرواح العلوية
وقول يف العامل واملخرتع أهنما يناالن املعاونة من األرواح العالية إذا آن وقت االخرتاع
دال ملى مداخلة األرواح يف أممالنا مند االنتحقاق أليس هذا مطاهقاً لقول تعاىل
يف نورة آل ممران{ :ولقد نصركم هللا هبدر وأنتم أذلة فاتقوا هللا لعلكم تشكرون إذ
تقول للمؤمنني ألن يكفيكم أن ميدكم رهكم هثالثة آالف من املالئكة منزلني هلى أن
تصربوا وتتقوا وأيتوكم من فورهم هذا ميدكم رهكم خبمسة آالف من املالئكة مسومني
وما جعل هللا العزيز احلكيم} .أال فانظر كيف رتبت األرواح املعونة للمخرتع والعامل
ملى اجلد واملثاهرة وهي تطاهق اآلية إذ جعل مسامدة خسمة آالف من املالئكة
موقوفاً ملى الصرب والتقوى وهجوم العدو أو لست ترى أن هيان األرواح معجزة
للقرآن .لقد كنا نسمع هذا ونكل ملم إىل هللا تعاىل فأصبحنا نروي نظائره من
األرواح العالية أنفسها وقال يف نورة األنفال:
{ إذ تستغيثون رهك فانتجاب لكم أين ممدكم أبلف من املالئكة مسومني وما
جعل هللا إال هشرى لكم ولتطمئن ه قلوهكم وما النصر إال من مند هللا إن هللا مزيز
حكيم إذ يعشيكم النعاس أمنة من وينزل مليكم من السماء ماء ليطهركم ه ويذهب
منكم رجز الشيطان ولريهط ملى قلوهكم ويثبت ه األقدام إذ يوحي رهك إىل املالئكة
أين معكم فثبتوا الذين آمنوا يف قلوب الذين كفروا الرمب}.
فانظر كيف أمر املالئكة أن يثبتوا الذين آمنوا وأن نيلقى يف قلوب الذين كفروا
الرمب فرتى أن ما قال الروح هنا من اهلام األرواح األحياء ومسامدهتم وإانرة
هصائرهم موافق لآلاي ومعجزة يف هذا الزمان فتأمل يف هذا األمر اللطيف.
روى املعلم أالن كاردك يف كتاب الونطاء من نيدة كانت ليلة مريضة فرأ حنو
السامة العاشرة رجالً من معارفها جالساً ملى كرني داخل غرفتها يتناول من وقت
آلخر نشقة من السعوط .فتعجبت من هزايرة كهذه وأراد أن تكلم فأشار إليها
ابلسكو ووجوب الرقاد ،فبعد أن موفيت من مرضها أبايم حضر الرجل املذكور
لزايرهتا اللباس ذات الذي رأت في تلك الليلة وهيده ملبة السعوط فأخذ تشكره
ملى افتقاده هلا تلك الليلة يف مرضها فقال هلا الرجل متعجباً :ال خيطر هبايل أين
حضر لزايرتك يف وقت من األوقا ،فأدركت السيدة نر املسألة لعلمها أبصول
الروحانية وامتذر لدي هقوهلا أهنا رمبا رأ ذلك يف احللم ا هـ.
إن من جتلى للسيدة املذكورة وقت مرضها كان روح الرجل احلي وهيده ملبة
السعوط فمن أين أتى هبا؟ والغريب يف هعض هذه احلوادث هقاء األشياء وثبوهتا كما
يف آاثر الكتاهة اليت يرقمها الروح رأناً مبعزل من الونيط وملم وكالشعر وقطع
النسيج اليت رأينا روح كايت 4تقصها وتوهزمها ملى احلضور هدية هلم ،وقد ألقيت هذه
املشكلة ملى األرواح وإليك حلها نقالً من كتاب الونطاء للمعلم أالن كاردك.
س :هل األلبسة اليت تتجلى هبا األرواح شيء حقيقي؟
ج :ال شك يف ذلك ألن للروح نلطة ملى املادة األصلية ال تدركوهنا هعد .فبفعل
إرادت يستطيع أن يضم العناصر األصلية هعضها إىل هعض ويصوغ شكالً يهواه.
س :يظهر من هذا أن روح الرجل الذي جتلى للسيدة املريضة يف احلادثة املقدم
ذكرها قد صاغ ملبة نعوط من املادة األصلية هفعل إرادت .
ج :هذه هي احلقيقة.
س :وهل كان يف ونع أن جيعلها جامدة حسية؟
ج :نعم.
س :ويقدمها للمريضة فتمسها هيدها.
ج :نعم.
س :فالروح إذن ليس يستطيع فقط أن يصوغ الشيء هل أن جيعل ل أيضاً
خواص؟
ج :يستطيع كل ذلك مبجرد فعل إرادت .
س :إذا قصد أن يصوغ مادة نامة وتناول منها أحد فهل يكون مسموماً؟
ج :نعم .ولكن الروح ال أييت ممالً كهذا إذ ال يسمح ل ه قط.
س :وإذا صاغ مادة شافية فهل يربأ العليل هتناوهلا؟
ج :نعم وكثرياً ما حدث وحيدث ذلك.
س :وإذا صاغ مادة غذائية كفاكهة أو طعام آخر هل تشبع آكلها؟
ال هد لكل مبدأ نظري من هراهني مملية تؤيده ،فقد أنبأتنا األرواح هوجود جسم
روحاين يالهزم اإلنسان يف احلياة ويتبع هعد املو فلننظر هل لدينا حوادث حتقق هذا
املبدأ ابالختبار والفعل.
إن احلوادث اآليت إيرادها مأخوذ من أتليف أمداء الروحانية كامليسو داني
وخالف ومن كتاب أشباح األحياء أو جمموع احلوادث اليت قرر هصحتها اللجنة
العمية اإلنكليزية حينما اضطرها الرأي العام إىل التنقري والبحث من ملة احلوادث
الروحانية احلديثة ،وقد اهتعنا هذه اخلطة حىت يتأكد القاريء أن ما ننأيت ملى ذكره
ليس هضرب من األحاديث اخلرافية هل وقائع أكيدة رواها أمداؤان وشهدوا هصحتها
قوم ملماء ال يسلمون أبمر ما ل تؤيده الدالئل الصادقة وتثبت الشواهد الناطقة.
وههنا ذكر نت حوادث إثبااتً هلذه القضية:
.4حادثة الدكتور جيبي .
.2حادثة املسيو داني يف كتاب اإلنسان هعد املو .
.9حادثة العالمة اكساكوف الروني.
.1حادثة اآلنسة "ابج " املذكورة يف كتبا األشباح األحياء.
.1حادثة أخرى ذكرها "داني " أيضاً.
.1حادثة رواها السري روهر دال أوين وغريها.
(احلادثة األوىل) :روى الدكتور جيبي يف كتاه حتليل األشياء ما أييت تعريب
:حدثين شا ب ل من العمر ثالثون ننة نقاش ماهر يف صنامت قال :دخلت منذ أايم
منزيل حنو السامة العاشرة ليالً وقد امرتاين نوع غريب من العياء فأوقد املصباح
ووضعت ملى مائدة ابلقرب من نريري مث أشعلت نيكارة ومتدد ملى مقعد قصد
االنرتاحة.
وماكد أنند رأني إىل ظهر الكرني حىت شعر ابألشياء اجملاورة أخذ
تدور من نفسها وامرتتين دوخة شديدة انتقلت ملى أثرها فجأة ومن دون انتباه إىل
ونط الغرفة ،فعجبت هلذا االنتقال الغريب وال تسل من اندهاشي ملا نظر إىل ما
حويل فرأيت نفسي متمدداً ملى املقعد هرخاوة ويساري مرفومة ملى رأني والسيكارة
هني أصاهعها .ففي أول وهلة ظننت نفسي انئماً وإن ما أراه حلم وإذ الحظت هعد
هنيهة إين مل أر قط حلماً واضحاً كهذا خلت نفسي ميتاً وغذ ذاك خطر ملى ذهين
ما كنت مسعت من وجود األرواح وقلت يف ذايت إين أصبحت روحاً وتذكر كل ما
قيل يل يف هذا املوضوع ،وأنفت مبرارة ملى هناية حيايت قبل إكمايل هعض أممال...
مث دنو من نفسي أي من جسدي الذي كنت أخال جثة فرأيت في من حركة
التنفس ما نب خاطري ونظر إىل صدره فعاينت القلب من داخل يطق ينظام
طرقا ضعيفة فتأكد حينئذ أن قد امرتاين إغماء غريب يف ابه ،وقلت يف نفسي
إن من يعشى مليهم ال يتذكرون ما يصيبهم وقت اإلغماء وخفت أن أفقد ما أراه
هعد إفاقيت من الغثيان.
وإذا أمنت قليالً أمر املو صرفت ذهين إىل ما حويل وتغاضيت من جسدي
الراقد ملى املقعد فنظر إىل املصباح وإذ رأيت مشتعالً ابلقرب من نريري خفت
ملى الستائر أن تلتهب هفعل احلرارة فقصد أن أطفيء املصباح فمسكت هزر الفتيلة
ومبثاً حاولت هرم مع أين كنت أشعر جيداً هدقائق الزر هني أصاهعي ولكين مل أقوى
ملى حتريك هتااتً.
مث صرفت نظري إىل نفسي فرأيت ذايت كأين متشح هلباس أهيض ويدي خترتق
جسمي هسهولة وإذا وقفت جتاه مرآة فبدالً من أن أري صوريت مرتسمة مليها شعر
هنظري ميتد إىل ما وراءها فرأيت اجلدار ومؤخر الصور واألمتعة املوجودة يف غرفة
جاري مع أن ال وجود للنور فيها إمنا كنت انتضيء هشعاع نور ينبعث من صدري
وينري األشياء الواقع نظري مليها ،فخطر لبايل أن أدخل غرفة جاري اليت مل أرها قط
قبالً وهو كان متغيباً وقتئذ من ابريس فما كد أشعر هرغبيت هذه حىت ماينت
نفسي داخل الغرفة وال أدري كيف مت هذا االنتقال السريع إمنا ملى ظين اخرتقت
اجلدار كما اخرتق نظري ،فأخذ أجتول يف خمادع جاري ألول مرة واحفظ يف ذهين
ما أراه فيها مث دخلت مكتبت وقرأ أمساء هعض كتاب موضومة ملى الرفوف وكلما
قصد االنتقال من مكان إىل آخر كنت أصري حيثما أرغب هلمح البصر ومبجرد
إراديت.
ومنذ ذاك تشوشت أفكاري وما مد أذكر شيئاً فقط أملم أين كنت أتنقل إىل
أماكن هعيدة جداً حىت إىل ايطاليا ملى ما أظن ولكن لست أدري ما رأيت ومملت
فيها إذ مل يعد يل نلطة ملى ضبط أفكاري وهي تنقلين حيثما توجهت قبل أن أتوىل
هزمامها .فحمقاء املنزل كانت تقود وقتئذ معها املنزل إىل أن صحو السامة اخلامسة
صباحاً وأان متوند املقعد ابرد اجلسم متشنج األمضاء ونيكاريت هيدي مطفأة،
فقمت إىل نريري وامرتاين نفاض مزمج منت ملى أثره هضع ناما وما انتيقظت
إال ضحى النهار ،وانتنبطت يف ذلك اليوم حيلة للدخول مع البواب إىل منزل جاري
فتفقد الصور واألاثث وأمساء الكتب فرأيت كل هذا طبق ما ماينت وقت اإلغماء
إال أين مل أكلم أحداً ابحلادثة حذراً من أن ينسبوا إىل اجلنون أو اهلذاين ا هــ.
فهذا احلادث يؤيد لنا أوالً :إن انطالق النفس من اجلسد أمر أكيد ال ميكن
إمزاؤه إىل التخيل الومهى أو أضغاث األحالم مبا أن النقاش حقق اثين يوم ما كان
قدر رآه يف منزل جاره وقت اإلغماء .اثنياً :إن للنفس مند انطالقها من اجلسد
شكالً حمدوداً ملى اخرتاث املادة والتنقل حيثما أراد هفعل إرادهتا .اثلثاً :إن قوة
الباصرة تكون يف أشد نفوذاً مما يف حالتها االمتيادية مبا أن النقاش ماين قلب يطرق
داخل صدره.
(احلادثة الثانية) :روى املسيو داني يف كتاه اإلنسان هعد املو ما أييت :كان
السري روهر هروس األيكوني انئب رئيس مركب مبحر يف جوار جزيرة ترنوف ،وإذ
كان مشتغالً يوماً هكتاهت الحت من التفاتة فرأى ملى مكتب الرابن رجالً غريب
الزى ابرد النظر فاراتع روهر هلذا املرأى ونار توا إىل الرابن ليسأل :من الغريب
القامد ملى متب ؟ فأجاه الرابن إن ليس من غريب يف املتب حىت وال يف املركب وملا
أكد ملي األمر رافق إىل احلجرة فلم جيدا أحداً ،فقال السري روهر :رأيت مع هذا
يكتب ملى لوحك ،فتصفحنا اللوح وإذا مكتوب ملي هذه الكلما " نري املركب
ملى الناحية الشمالية الغرهية" فأحضر الرابن كل من يف املركب وأمرهم أن يكتبوا
اجلملة املذكورة ملى لوح آخر فلم جيد خطاً مشاهباً للخط األول ،فقال مندئذ الرابن
لنلبني األمر السري ولنسريان املركب إىل الناحية املطلوهة ،وهعد ثالث ناما من
املسري صادفوا مركباً مكسور الصواري التطم جببل من اجلليد وقد انهز الغرق فأنرع
القوم لنجدة من في وأحصروهم ملى السفينة ،وهينما كان أحدهم صامداً إليها هتف
روهر هروس مندما رآه هذا هو الغريب الذي رايت قامداً ملى املكتب ،فأحضر
الرابن الرجل الغريب وطلب إلي أن يكتب ملى لوح "نري املركب إىل الناحية
الشمالية الغرهية" فكتب الغريب اجللملة املطلوهة ولدى مقاهلتها مع اجلملة األصلية
وجد اخلط واحداً فسأل رابن املركب الغارق للكاتب :من أين هذه اجلملة األوىل
املشاهبة خلطك؟ قال :ال أملم .فسأل اثنية :ألعلك حلمت أنك تكتب ملى هذا
قرب وال
اللوح؟ أجاب :ال أذكر شيئاً من هذا ،فقط يلوح يل أن ما أره ههنا قد رأيت ً
أملم كيف كان ذلك ،فالتفت السري رهور إىل رابن السفينة الغارقة نأل مما كان
يعمل هذا الغريب وقت الظهر ،أجاب كان غارقاً يف النوم وملا انتيقظ قال يل :اهشر
ابخلالص فإين حلمت هنفسي واقفاً ملى ظهر مركب مقبل إلينا ،ووصف هيئة املركب
وشرام جتهيزه كل هذا طبق ما وجدان ي مركبكم ا هـ.
من اجلسم الروحاين يف هذه الواقعة مل يظهر هشكل خيال هل هبيئة حسية وهقوة
كافية ملسك القلم وحتريك للكتاهة وهذا ما يتم يف أكثر احلوادث املتعلقة هبذا
املوضوع.
(احلادثة الثالثة) :روى العالمة اكساكوف الروني من هزجني يدمى لويس من
مدينة هليكت كان ذا قوة مغنطيسية ال مثيل هلا يتعاطاها حىت يف احملافل العمومية،
فمغنط مرة يف إحدى احلفال صبية مل يكن قد رآها قبالً وهعد أن أغرقها يف السبا
املعنطيسي أمر روحها ابلذهاب إىل هيتها لتخرب احلضور مما ترى في فقالت أهنا
تعاين امرأتني يف املطبخ مشتغلتني أبممال خدمية فأمرها لويس أبن متس إحدى
هاتني املرأتني فضحكت الصبية وقالت :مسست إحدامها وقد أخذ الذمر منهما كل
مأخذ فقصد هعض احلضور منزل الصبية لتحقيق األمر فوجدوا أهل البيت يف
اضطراب متزايد وإحدى اخلادما أتكد أهنا رأ خياالً يف املطبخ مس كتفها ا هـ.
(احلادثة الرابعة) :جاء أيضاً يف كتاب أشباح األحياء ما تعريب :كتبت لنا اآلنسة
ابج من لوندن يف 49متوهز ننة 4991ما أييت :يف ننة 4991كان أخي متوظفاً
اثلثاً يف إحدى هواخر شركة وجبرام الرأنية ملى مدينة ملبورن يف أنرتاليا ،وكنت وقتئذ
مقيمة مع والدي مبصيف لنا يف جوار لوندن فاحندر إحدى الليايل إىل املطبخ هزهاء
السامة العاشرة قبل نصف الليل ألخذ قليالً من املاء الفاتر وكان اخلدام نياماً
واملصباح مستكمل الوقود فالحت مين التفاتة فرأيت هغتة أخي دخل املطبخ وجلس
ملى املائدة وثياه البحرية تقطر ماء فصحت ه من فرحي :أخي كيف حئت أجاهين
هلهوجة ابهلل ال تقويل إين ههنا ،وإذ هرمت إلي ألقبل توارى من مياين هلمح البصر
فتأكد حينئذ أن خيال وامرتاين شديد الذمر ،فصعد حاالً إىل غرفيت وكبت
اتريخ احلادثة من دون أن أكلم هبا أحداً ،وهعد ثالثة أشهر ماد أخي من السفر
فاختليت ه مند املساء ونألت أن يقص ملى ما اتفق ل من الغرائب يف رحلت ،
أجاهين :كد أغرق إحدى الليايل يف مرنى ملبورن وذكل أين نزلت تلك الليلة إىل
الرب من دون إذ وهينا أان مائد إىل السفينة هزلت قدمي فسقطت يف البحر ما هني
الرصيف واملركب وإذ كانت املساحة ضيقة مل أمتكن من السباحة وغبت من الرشد
ولو مل يسرموا إىل انتشايل هللكت غرقاً .وحلسن حظي مل يدر أحد هنزويل ملى الرب
من دون إذن فلم تنلين العقوهة اليت كنت أتوقعها .مث نألت من اتريخ احلادثة فوجد
مطاهقاً لليلة طهوره يف املطبخ ،فقصصت ملي حينئذ ما رأيت تلك الليلة فتعجب
وقال :ال خيطر ملى ابيل أين وجهت فكري إليك وقت الغرق ا هـ.
إن اجلسم الروحاين يف هذا احلادث ليس فقط خيرتق األجسام ويقطع املسافا
هلمح البصر هل يتجلى حسياً ويتكلم أيضاً .وهاك حاداثً آخر من هذا النوع نقالً من
كتاب املغنطيسية احليوانية للبارون دي هوت قال :إن البارون دي نولزا رئيس حجاب
ملك انوج اتفق ل يف أحد األايم الصيفية من ننة 4941إن ذهب لزايرة صديق ل
وماد ملى منزل ي منتصف الليل وهي نامة يكون فيها النور يف انوج كافياً لقراءة
أدق اخلطوط ،قال البارون :وملا وصلت قرب منزيل رأيت والدي مقبالً إىل مرتداي
هثياه االمتيادية مانكاً هيده هراوة منقوشة فألقيت ملي السالم وحتادثنا مع مدة
ليست هيسرية حىت دخلنا املنزل وهلغنا ابب حجرت ،وملا دخلناها وجد والدي
خالعاً ثياه راقداً يف نريره فالتفت إىل شخص والدي األول فلم أر ل أثراً .وهعد
هنيهة هب من الرقاد وقال يل :احلمد هلل ملى نالمتك اي مزيزي أدوار قد كنت
منشغل البال جداً من حنوك ألين حلمت أنك نقطت يف النهر وكد تغرق ،وكان
هذا صحيحاً ألين يف ذلك اليوم توجهت مع هعض أصحايب إىل النهر الصطياد
السراطني وكاد نيل املاء خيطفين مث أخرب والدي أين رأيت خيال احلسي ملى ابب
احلديقة وحتدثنا ملياً .أجاهين أن كثرياً ما يقع مع هذا العارض ا هـ.
(احلادثة اخلامسة) :روى أيضاً داني ما أييت :أخربان املعلم نتيلني من اننك
غريب األطوار كان يسكن جوار فيالدلفيا من الوالاي املتحدة ننة 4918ل شهرة
وانعة يف معرفة الغيب وانتطالع اخلفااي ومن أصدق وأثبت ما روى من احلادث
اآليت :أحبر رابن نفينة إىل أورواب وأفريقيا وانقطعت أخباره من امرأت هزمناً طويالً
فامرتاها شديد القلق من حنوه وجلأ ملى العراف املذكور لتستطلع أمر مصريه ،فقال
هلا العراف :أن ألبثي ههنا هنيهة إىل أن آتيك ابإلفادة املقصودة مث تركها وجاهز إىل
الغرفة الثانية وأقفل وراءه الباب ،وطالت مليها غيبت إىل أن ملت االنتظار فقامت
ملى ابب الغرفة ونظر إىل ما يف داخلها من خصاص الباب فرأيت مضطجعاً ملى
أريكة ال حراك ه كأن ميت ،فانتظرت ملى أن هب من رقاده وماد إليها قائالً :إن
رأي هزوجها يف إحدى قهاوي لندن وأخربه أن ما منع من التحرير هلا الدامي الفالين
ومن قريب نيتوج إليها.
وهعد مدة ماد الرابن إىل أمريكا وملا اجتمع هزوجت نألت هذه من نبب انقطاع
أخباره ،فقدم هلا األنباب ذاهتا اليت رواها العراف ومل تكتف املرأة هبذا هل أخذت
ونار ه ملى العراف فما وقع نظر الرابن ملي حىت قال لزوجت :تالقيت هبذا
الشخص يوماً يف إحدى قهاوي لندن وأخربين من انشغال ابلك النقطاع حتاريري
منك فأجبت من أنباب ذلك مث توارى مين ما هني اجلموع وما مد رايت فيما هعد
ا هـ.
ي ظهر لنا يف هذا احلادث أمر ذوابل وهو ظهور اجلسم الرواين وجتسم وتكلم
هفعل اإلرادة االختيارية وهقاء ذكر ذلك مند اليقظة ،وال يتم هذا التجلي وقت الرقاد
فقط هل أحياانً وقت اليقظة أيضاً كما يف احلادث اآليت:
(احلادثة السادسة) :روى السري روهر دال أوين الذي كان نفرياً جلمهورية
الوالاي املتحدة يف انهويل ننة 4911من مدرنة للبنا منشأة ليفونيا ومؤلفة من
اإلثنتني وأرهعني تلميذة أكثرهن من هنا األشراف وكان من مجلة املعلما اهنة
إفرنسية األصل تدمى اميلي ناج هلا من العمر اثنتنان وثالثون ننة صحيحة البنية
لكنها مصبية حداً ،فكان يتفق أحياانً إن إحدى التلميذا تؤكد وجود املعلمة يف
أحد احملال يف حني أن تلميذة أخرا تراها يف الوقت نفس يف حمل آخر.
ففي أحد األايم هينما كانت التلميذة انطوانت أوراجنل تلبس ثياهبا تقدمت املعلمة
لتنسب هلا حزام الفستان من الوراء فالتفتت التلميذة فرأ شخصي اميلي ينشبان هلا
احلزام وأغشي مليها من الرمب ،واتفق مراراً للتلميذا وابقي املعلما أن يرين أميلي
متكئة ملى املائدة لألكل وشخصها الثاين واقف وراءها يقلد حركاهتا ويف أحد األايم
مرضت املعلمة ولزمت الفراش فجاءهتا إحدى التلميذا لتقرأها يف كتاب وفيما هي
تقرا شاهد املعلمة قد شحب لوهنا وكاد أن يغشى مليها وهعد هنيهة رأ شخصها
الثاين انفصل منها وأخذ يتمشى يف املخدع.
وأغرب جتل هدا من املعلمة املذكورة هو أن اإلثنتني واألرهعني تلميذة كن جمتمعا
يوماً للتطريز يف خمدع يطل ملى احلديقة وكانت املعلمة مشتغلة هقطف الزهور فيها
وإذا خبصها الثاين الح جالساً يف مقعد داخل املخدع فالتفتت التلميذا حاالً إىل
احلديقة فرأين املعلمة انهكة القوى واقفة احلركة وملى حمياها لوائح الوهن والتأمل ،مث
اقرتهت تلميذاتن راهطتا اجلأش من اخليال اجلالس ملى املقعد ومسكتاه فأحسا
هصالهة أشب هصالهة الكريشة اخلفيفة مث توارى اخليال شيئاً فشيئاً ،وتكرر هذه
احلوادث مراراً مديدة يف خالل ننة ونصف ملى أن خاف األهايل ملى هناهتن
وأقفلت املدرنة ،وأما املعلمة فلم تكن تلحظ هذه التجليا وال حالة الضعف اليت
تصري إليها وقت حدوثها ا هـ.
هذا وقد روى كثري من األطباء من هعض املرضى أهنم هعد تبنيجهم لعملية جراحية
كانوا ينتبهون ألنفسهم ويشهدون أممال اجلراحة يف جسدهم كأهنا يف جسد غريهم
ويرون يف ذواهتم جسماً خبارايً صحيحاً مستكمل األمضاء.
ومل يكن األقدمون جيهلون حوادث كهذه منها م رواه طاجيطوس املؤرخ قال :هينما
ان فسبانيانونس امللك مقيماً ابإلنكندرية منتظراً هبوب األرايح الصيفية اليت يكون
فيها البحر هادائً ال خطر في حدثت معجزا شىت انتبان منها للمالئكة من
االهتمام واحملبة هلذا امللك .وانتفز هذه املعجزا رغبة فسانيانوس يف أن يزور
مقام املالئكة ليستشريها يف أمر اململكة فأمر ان يغلق ابب اهليل وال يدخل أحد
وفيما هو منتب كل االنتباه مل امتيد أن ينطق ه الوحي الحت من التفاتة فلمح وراءه
أحد مظماء املصريني املدمو ابنتليد وكان قد مسع من أن طريح الفراش يف مدينة
تبعد مجلة اايم من اإلنكندرية .فانتخرب امللك الكهنة ونأل املارين مما إذا كانوا قد
رأوا ابنتليد يف املدينة الكهنة ونأل املارين مما إذا كانوا قد رأوا ابنتليد يف املدينة مث
أرنل فرناانً ليستوضحوا األمر فأكدوا ل أن ابنتليد ما هزال طريح الفراش يف مكان
يبعد أكثر من مثانني ميالُ من اإلنكندرية فتأكد حينئذ صح الرؤاي ا هـ.
مث أن نري القديسني من النصارى مشحونة من وقائع كهذه ومن طالع أخبار
فرنسيس كسغارهوس وانطونيوس البادوي والفنسيوس ليكوري أتكد صحة ما نقول
وثبت لدي انفصال اجلسم الروحاين من اجلسد يف هعض الظروف.
فينتج مما تقدم أن الشخص الذي يظهر يف وقت واحد ف مكانني خمتلفني ل
جسدان مرتبطان هبعضهما هراهط نيال :الواحد حقيقي مادي واآلخر صورة األول
وشكل .ففي األول تكون احلياة النمائية فقد ويف الثاين احلياة العقلية ،ومند اليقظة
يعود اجلسمان إ ىل واحد وتظهر احلياة العقلية ي اجلسد املادي ،وإذ أثبتنا وجود
اجلسم الروحاين وقت احلياة هقى ملينا إثبا وجوده هعد املو ومدم انفصال من
النفس.
الفصل الثاين
(يف إثبات اجلسم الروحاين بعد احلياة)
إن لدينا طريقتني إلثبا وجود اجلسم الروحاين يف النفس وهي شهادة الونطاء
الناظرين وجتليا الروح هعد انفصال ابملو من اجلسد .فالطريقة األوىل تكلمنا منها
إبنهاب يف الباب الساهق فبقي ملينا أن أنيت ملى ذكر هعض حوادث صحية تؤيد
هقاء شخصية اإلنسان هعد املو مظهرين أوج املشاهبة ،ما هني جتليات يف احلياة
جتليات هعد املو أتييداً لصدورها من ملة واحدة وهي النفس العاقلة املزملة هكسائها
السيال العدمي االنفصال منها.
جاء يف كتاب أشباح األحياء احلادث اآليت :كتبت لنا مدام نتيال كياري من
ايطاليا يف 49كانون الثاين ننة 4991ما نص :ملا كان يل من العمر مخس مشرة
ننة كنت مقيمة مبنزل الدكتور ج يف مدجينة تريفورد وارتبطت وقتئذ هعرى صداقة
وثيقة مع اهن مم مضيفي وكان ل من العمرنبع مشرة ننة فكنا نرتافق يف كل غدواتنا
وروحاتنا أنهر أان مل وأمتين ه امتناء األخت أبخيها ألن كان ضعيف ابلبنية حنيف
املزاج ،ففي إحدى الليايل جاء اخلرب للدكتور ج .ابمتالل اهن مم ووجوب الذهاب
لعيادت وإذ مل ينبئوين من شدة مرض مل يقلق ل ابيل فقط تكدر ملى هقائي تلك
الليلة يف املنزل وحدي ومدم اجتمامي هصديقي فقعد جبانب ااملوقد وصر أقرأ
كتاب هزيل وفيما أان أقرأ مسعت الباب انفتح ودخل صديقي العليل مرجتفاً من الربد
وليس ملي رداؤه ،فقمت إلي هلهوجة وقدمت ل كرنياً جيلس ملي إهزاء املوقد
وأخذ ألوم لوماً منيفاً ملى خروج من املنزل هدون رداء مع تساقط الثلج وقتئذ.
أما هو فلم جيبين هبنت شفة هل وضع يده ملى صدره وهز هرأن إشارة إىل أتمل من
صدره وفقدان الصو ،وفيما أان أكلم دخل الدكتور ج .ونألين من أخاطب
فقلت :أخاطب هذا الغالم اجلاهل ال4ي خرج من هيت دون رداء مع ما ه من النزلة
الصدرية وفقدان الصو ،فما كد انتهي من كالمي حىت رأيت نيما االندهاش
والذمر الحت ملى حميا الطبيب ألن الغالم كان قد ما من نسف نامة فظن
الدكتور أين مسعت اخلرب وفقد الشعور ملى أثره فأخرجين هكل لطافة من الغرفة
وهعد التحقيق قال يل :إن ما رأيت ختيل ومهي ألن صديقي ما هزال طريح الفراش يف
منزل وأنند مقال إىل شواهد ملمية ومل يطلعين ملى حقيقة األمر خوفاً ملى من الغم
والرمب ،ملى أين مل أكلم أحداً هبذه احلادثة خشية التهكم .إال أن ما يذهلين فهو
صو افت تاح الباب ونري اخليال توا إىل وجلون ملى الكرني مع التهائي وقتئذ
هقراءة كتاب هزيل وتيقظ أفكاري هتمامها اهـ.
وجاء يف أحد أمداد اجمللة الروحانية ما أييت :كتب لنا املسيو ليكونت الزراع يف
مديرية هريكس أن يف 41كانون الثاين املاضي هزاره شخص هل طيف ادمى أبن أحد
رفقائ اشتغل مع يف مرنى شرهورج وقد تويف من حنو ننتني ونصف فجاءه طاابً أن
يقيم ل قداناً من نفس فاراتع املسيو ليكونت هلذا املرأى ومل حير جواابً إال أن ظهور
اخليال تكرر أرهع مرار يف حبر الشهر ويف كل مرة كان يطلب غلي األمر نفس إىل أن
نأل املسيو ليكونت يف املرة األخرية :أين تريد أن أقيم لك القداس؟ أجاه :يف معبد
السان نوفور هعد مثانية أايم ونأحضر القداس هنفسي ،إن يل هزمناً طويالً وما رأيتك
ومكاين هعيد من هنا جداً انتودمك هللا ،مث هز يده وتوارى من وهعد مثانية أايم أمت
املسيو ليكونت ومده وما ماد الروح يرتاءى ل ،ا هـ.
إن هذا احلادث وكثرياً من أمثال يثبت ما قلنا مراراً من حالة االضطراب اليت يصري
إليها املرء هعد موت فتدوم يف البعض ننني مديدة ويصحبها االمتقادا واألوهام
ذاهتا اليت كانت مرتكبة ملي يف احلاية .وهذه احلالة أشب حبالة احللم اليت تكون مليها
وقت الرقاد ،ففيها نشعر هوجود احلاية فينا ونرى األشخاص واألشياء ونقوم هبعض
األممال ولكن كل هذا هنوع مبهم مار من االنتباه وإمعان الفكر فتتواىل أمامنا
احلوادث وتدخل يف هعضها ونسر هبا أو حنزن ولكن دون أن يكون هلذه العواطف
أتثري فينا كما يف اليقظة ألن اإلحساس والتمييز ال يكوانن فينا وقت احللم االمتيادي
ملى جمرامها الطبيعي ،فهذا ما يتم أيضاً ابلروح هعد املو إذ يستويل ملي االضطراب
فريى جسم الروحاين فيخال جسده املادي وشعر هذات حياً كامل الوجود ومع هذا
ليس من يلتفت إلي وال من يكلم من أصحاه أو أقرابئ فيغدو ويروح ويقوم أبممال
االمتيادية ويتعجب لذهول الناس من ومدم التفاهتم إلي .وتدوم في هذه احلال إىل
أن يزول من االضطراب شيئاً فشيئاً لذات كأن مستفيق من نبا مميق وتعود قواه
العقلية إىل جمراها األصلي ويرى حول األرواح أحباءه وتنجلي لدي أممال املاضية
وينظر فيما انتفادة من جتسده وترتاءى ل أممال فرداً فرداً فيعرتي األنف أو الفرح
من جرائها.
وال تصيب حالة االضطراب هذه األانم الضعيفي الذهن واإلدراك فقط هل تصيب
أيضاً أصحاب الفهم والذكاء مند ما يكونون إما ماديني ال يعتقدون شيئاً هعد املو
وإما اتئهني يتومهون أموراً ال صحة لوجودها هعد احلياة .فالدهري العامل الذي ال يعتقد
هعد املو إال العدم ال يظن هنفس ميتاً ألن وجوده يكذب وقتئذ معتقده فيحصل ل
من هذا التضعضع قلق أليم ال يطاق.
كذلك الروح املتدين الذي تشرب يف حيات قضااي دينية ختالف ما يراه هعد املو
فهذا ال يظن نفس ميتاً ألن يرى يف ذات جسماً صحيحاً .وهاك هعض حوادث تؤيد
ما نقول:
جاء يف نجال األكادميية الطبية يف لسبيك احلادث اآليت :يف ننة 4117
ما يف كرونن (نيليزاي) غالم صيدالين يدمى كريستوف مونيخ .وهعد موت أبايم
قليلة رأي الناس خيال داخالً الصيدلية يقعد ويقوم ويصعد الرفوف وأيخذ القناين
واحلناجر ويذوق ما فيها ويزن ما يريد منها يف الطيار ويركب العقاقري وينظم وصفا
طبية يقدمها الناس ل ويستلم منهم الدراهم ليضعها يف اخلزانة كل هذا ولس من
جيسر ملى مكاملت .ويف أحد األايم أخذ رداء كان ل داخل الصيدلية وخرج يدور يف
الشوارع من دون أن ينظر إىل أحد مث دخل مناهزل كثري من أصحاهة وأتمل فيهم ملياً
ولكن من دون أن يفوه هبنت شف مث نار إىل املقربة فصادف هناك خادمة وقال هلا:
اذهيب إىل هيت نيدك واحفري احلجرة السفلية فتجدين كنزاً ميسناً .فاراتمت الفتاة
حىت أغشى مليها فأمسكها اخليال وأهنضها وترك مليها مالمة انتمر مدة طويلة.
وملا ماد اخلادمة إىل هيت نيدها أخربت مبا كان فحفروا املكان الذي أشار إلي
اخليال فوجدوا قطعة من حجر الدم ،والكيماويون األقدمون كانوا ينسبون إىل هذا
احلجر خصائص نحرية غامضة .وملا منت أخبار هذه الغرائب ملى األمرية
الياصااب شارلو أمر هنبش جثة الفقيد فوجدوها ملى حالة اتمة من الفساد ،مث
أشار الناس ملى صاحب الصيدلية هنزع كل ما خيص الفقيد فيها فنزم ومذ ذاك ما
ماد اخليال يرتاءى ألحد ا هـ.
فهذا احلادث يثبت ما قلناه من حالة الروح هعد املو وقيام أبممال االمتيادية
إال أن الشروط الضرورية لتجلي جسم الروحاين ال حتصل دائماً وهذا نب ندور
هذه الظهورا .ولدينا من هذا النوع حادث آخر رواه داني نقالً من كتاب ورد ل
من املسيو أوج املدرس يف مديرية نانتياانك يف 9آاير ننة 4997كما تعريب :
نيدي :طلبت إىل هقصد املباحث العلمية أن أنقل إليك هعض أخبار من ظهور
األشباح مأخوذه من رواة صادقني وشهود ميانيني من مديرية نانتيناك فلم أجد أصح
من احلوادث الثالثة اآلتية اليت قصها ملى شهود ميانيون يركن إليهم ويوثق هصحة
كالمهم:
األوىل :تويف من هزهاء مخس وأرهعني ننة األب هيتون خورى نانتياانك وهعد موت
كان يسمع كل ليلة يف دار اخلورنة صو مشية داخل الغرف وحتريك الكراني وفتح
ملبة نعوط وإغالقها يصحبها صو أخذة نشوق وإذ تكرر احلادث مراراً انتوىل
الرمب الشديد ملى أكثر أهايل املديرية حىت قصد حاكمها انطوان ايشن وابتيست
جايل الذي ما هزال حياً أن يتحققا صحة الرواية فتسلحا هبندقية وفأس وقصدا دار
اخلورنة مند انسدال الليل لينظرا هل األصوا صادرة من حي أم ميت .فقعدا يف
املطبخ هعد أن أشعال انراً يصطليان مليها ،وفيما مها يتكلمان من نذاجة أهل
املديرية ورمبهم إذا هصو مشية طرق آذاهنما من الغرفة اليت فوقهم مقبها حتريك
الكراني ووقع أقدام من يسري اهلوينا وينحدر من السلم متوجهاً إىل املطبخ ،فنهض
كالمها ونالحهما يف أيديهما وكمن املسيو ايشن وراء الباب وصوب ابتيست
هندقيت مستعدين لضرب من جيسر ملى الدخول ،وملا دان اخليال من الباب مسعاه
أيخذ نشفة نعوط مث جاهز إىل القامة وأخذ يتمشى هناك ،ففتح حينئذ الكمينان
ابب املطبخ ودخال القامد فلم جيدا أحداً مث صعدا الغرف وجتوال يف املنزل من األملى
حىت األنفل دون أن ينظرا شيئاً ،فقال حينئذ احلاكم لرفيق :أظن اي مزيزي أن
الضوضاء ليست من حي هل من ميت ،هذه مشية اخلوري هيتون اليت أمرفها ونشقة
نعوط .
الثانية :إن ماري كالف خادمة األب فريه الذي خلف األب هيتون يف خورنت
كانت تنظف يف إحدى الليايل أواين املطبخ وكان األب فريه متغيباً تلك الليلة مند
صديق ل .فبينما كانت اخلادمة مشتغلة هعملها جاهز من أمامها خوري ومل يكلمها
فظنت األ ب فريه فقالت ل دون أن ترفع رانها ال تتوهم اي حضرة اخلوري إين أفزع وال
أان هبذا املقدار جاهلة حىت أمتقد وجود طيف اخلوري هيتون وإذ مل أيتيها جواب
رفعت رأنها ونظر إىل اليمني والشمال فلم جتد أحداً فتوالها حينئذ شديد الرمب
ونار إىل جرياهنا لتخربهم األمر وتطلب إليهم من أييت لريقد مندها.
الثالثة :إن القروية حنة موريت قرينة فريو اليت ماهزالت يف قيد احلياة ذهبت أحد
األايم ابكراً جداً لالحتطاب وفيما هي مارة من أمام حديقة اخلورنة رأ خورايً
يتمشى فيها وكتاب صلوات هيده فأراد أن حتيي ابلسالم ظناً منها أن األب فريه
ولكن كان دائراً هلا ظهره فلم تشأ أن تقاطع يف صالت ونار يف طريقها.
وملا انتهت من مملها وماد إىل منزهلا صادفت فرية أمام الكنيسة فقالت ل :
لقد هكر اليوم جداً اي حضرة اخلوري وقد رأيتك يف احلديقة تتلو فرضك .قال هلا:
كال اي اهنيت إين أتخر اليوم يف النهوض ومل أضع قدمي يف احلديقة.
قالت حينئذ املرأة ولوائح الذمر ابدية مليها :فمن هو إذاً ذاك اخلوري الذي رأيت
يتلو الفرض ملساً يف احلديقة .العل الطيف اخلوري هيتون؟ احلمد هلل ملى أنين ظننت
إايك وإال ملت رمباً.
هذه موالي ثالث وقائع ال مين نسبتها إىل التخيل الومهي أو اخلديعة وال أظن
العلم كفؤاً لتعليلها ابلطرائق الطبيعية املعروفة .هذا مع تكرار حتيايت ..اخل .ج .أوج .
إن أمراض هذه الوقائع تؤيد حالة االضطراب الصائر إليها روح اخلوري هيتون
وقيام أبممال وصلوات لعدم أتكده هعد أن أصبح من مداد األموا ولدينا حوادث
جامة من هذا النوع نضرب صفحاً من ذكرها لضيق املقام.
ال هد للمشككني من أن ينسبوا ملى األحاديث اخلرافية كل الوقائع اليت أتينا ملى
ذكرها رغماً من ثبو صحتها وصدق رواهتا هزاممني أن ال هد أن يكون للتخيل
الومهي واملبالغة الغرورية النصيب األوفر فيها ،ولكن هل يثبت شكهم إهزاء حوادث من
هذا النوع متت يف معمل وحيد العصر وغرة ملماء انكلرتا أمين ه ويليام كروكس؟ إن
ضيق املقام ال ميكننا من تفصيل االمتحاان اليت أقامها ملى يد الونيط هوم
واآلنسة فلورنس كوك فنكتفي هتلخيص هعض األندية اليت فيها جتسمت الروح املدموة
كايت كينج وظهر مياانً للحضور.
قال العالمة املذكور يف كتاه املدمو مباحث الروحانية :كنت أقيم اجللسا يف
معملي ذات .واملكتبة اليت ينفذ غليها اجعلها احلجرة السوداء اليت تدخلها الونيطة
إللقاءها يف السبا ومنها يظهر خيال الروح هعد إضعاف النور.4
مل تظهر قط كايت ظهوراُ واضحاً كهذا فإهنا لبثت هزهاء نامتني تتمشى يف الغرفة
وتكلم هدالة كال من احلضور مث أخذ مراراً هذرامي لنتمشى معاُ وانهيك مما توالين
من التأثر مند معرفيت إين أماشي هزائراً من مامل الغيب ال امرأة حية مث طلبت إليها أن
أقبلها لزايدة التحقيق فأذنت يل يف ذلك هكل لطف فقبلتها هكل ما تقتضي دوامي
األدب واللياقة.
مث قالت كايت أهنا تستطيع يف هذه املرة ان تتجلى هصحبة األنسة كوك (وهي
الونيطة) .فأطفأ نور الغاهز وأخذ مصباحاً من الزيت الفسفوري ودخلت احلجرة
السوداء فوجد اآلنسة كوك ملقاة ملى املقعد مدمية احلراك فجثو جبانبها وأدنيت
املصباح منها فرأيتها الهسة حلة من املخمل األنود ،مث رفعت املصباح ونظر إىل ما
حويل فرأيت كايت وافقة إهزاء الونيطة الهسة حلة هيضاء صافية الذيل :مث مسكت
ثالث مرا يد اآلنسة كوك ألحتقق إين مانك يد امرأة حية ورفعت ثالث مرا
مصباحي حنو خيال كايت ألفحصها هدقة وأأتكد أين أماين حقاً أمامي من قبلتها
هفمي من هضع دقائق .مث حتركت قليالً اآلنسة كوك فأومز حاالً كايت إىل ابلذهاب
4يظهر أن لإلهتزاهزا النورية فعالً متلفاً ابخليال املتجسم فلهذا يهرب من النور دائما.
فخرجت من احلجرة ،وهعد قليل انتيقظت الونيطة هعد أن توارى خيال كايت وأمدان
مصباح الغاهز إىل ما كان ملي .
من الواجب قبل ختام الفصل أن أهني االختالفا اليت ميزهتا ما هني كايت واآلنسة
كوك .فقوام األوىل يزيد من قوام الثانية أبرهع أصاهع ونصف ومنقها انمم جداً
ابللمس والنظر أما منق الونيطة فعل أثر جرح خشن امللمس ،مث أن أذين كايت ليستا
مبثقوهتني خالفاً لآلنسة كوك اليت تتشنف دائما ابألقراط كذلك لون وجهها انصع
البياض أما لون الونيطة فشديد السمرة هذا مدا التباين الشانع ما هينهما يف هلجة
احلديث ومذوهة النطق.
ليس القلم هكفوء لوصف هباء حميا كايت ومذوهة ألفاظها خصوصاً حني كانت
جتمع هين حوهلا وتقص مليهم هعض وقائعها يف هالد اهلند ويف هذه اجللسة جتلت
ملى نور املصباح الكرهبائي يف كل نطوم حىت انتطعت أن أالحظ أوجههاً أخرى
من التمييز ما هينها وهني اآلنسة كوك .إن مسا شىت يف وج الونيطة ال وجود هلا
ملى حميا كايت وشعر األوىل شديد السمرة يبلغ السواد وأما شعر الثانية فذهيب اللون
وقد قصصت من خصلة ماهزالت حمفوظة مندي ابمتناء.
ويف إحدى الليايل أحصيت نبضا كايت فوجدهتا مخس ونبعني نبضة يف الدقيقة
يف حني أن نبضا الونيطة كانت تبلغ التسعني مث وضعت أذين ملى صدرها
فوجد طرقا قلبها أوفر امتداالً ونظاماً من قلب اآلنسة كوك ،كذلك فحصت
رئتيها فوجدهتما أحسن تعافياً ونالمة من رئيت الونيطة ألن هذه كانت مصاهة تلك
الليلة ابلزكام.
ولتأتني اآلن ملى ذكر اجللسة األخرية :يف السامة الساهعة ودقيقة 29مند املساء
دخلت اآلنسة كوك احلجرة السوداء واضطجعت ملى األرض كالعادة مسندة رأنها
إىل ونادة .ويف السامة 9ودقيقة 29أمسعت كايت صوهتا ويف دقيقة 98الحت من
وراءن الستارة وتراء هكماهلا فرأيناها مرتدية حبلة هيضاء قصرية األكمام ومنقها
مكشوف وشعرها الطويل الذهيب منسدل ملى كتفيها حىت خصرها ،أما وجهها
فكان مربقعاً خبماء طويل مل تنزم منها إال مراراً قليلة يف حبر اجللسة.
فوقفت كايت أمامنا ونتار احلجرة السوداء مرتفع حىت متكنا من معاينة الروح
والونيطة معاً ،وهذه كانت راقدة ملى األرض ووجهها مستور هشالة محراء تقي أشعة
النور الساطع :مث أخذ كايت تكلمنا من رحيلها الداين ،وقدم هلا املسيو اتب أحد
احلضور ابقة من الزهور فقبلتها من هلطف مث قعد ملى األرض وأقعدتنا حوهلا
وأخذ تفرق الزهور وابقا صغرية راهطة كالً منها هشريطة هزرقاء ،مث أخذ قلماً
ودواة وكتبت حتارير مجة إىل هعض أصدقائها وهزيلبتها إبمضائها احلقيقي :حنة مورجان
قائلة أن هذا امسها احلقيقي الذي كان هلا ملى األ{ض إذ ماشت يف مصر كارلوس
األول مث حرر كتاابً مطوالً إىل ونيطتها اآلنسة كوك واختار هلا من الزهور وردة
هزكية مث أخذ مقصاً وجز خصالً متعددة من نعرها ووهزمتها ملينا ،وهعدها
هنضت آخذة هذرامي فتمشينا يف الغرفة ميلياً مث ماد فجلست وقصت قطعاً شىت
من ردائها ومخارها وقدمتها لنا هدية ،فسألناها هل تستطيع أن متأل اخلروق اليت يف
ثوهبا كما فعلت ذلك مراراً أجاهت نعم وأخذ هيدها القسم املخروق وضرهت ملي
هيدها فعاد حاالً إىل ما كان ملي ،فسألتها حينئذ أن أتذن يل يف حتقيق األمر فأذنت
ومل أجد يف الرداء أقل أثر للفتق أو الرتق.
مث أخذ تعطينا تعليماهتا األخرية يف شأن التجليا العتيدة أن تتم ملى يد
ونيتطتها فلورنس وإذ ذاك الحت مليها نيما التعب والكتئاب فقالت إن قواها
تكاد أن تنفذ ،وودمت كالً من احلضور وداماً رفيقاً وأومز إىل ابلدخول معها إىل
احلجرة السوداء حيث كانت راقدة اآلنسة كوك فدنت منها كايت ونبهتها قائلة:
انتيقظي اي فلورنس فقد أهزمعت ملى الرحيل فهبت فلورنس من نباهتا العميق
وأخذ تنتحب وال انتحاب الثكلي طالبة كايت أال تبارحها قائلة هلا :كال اي مزيزيت
إن رناليت قد انقضت ابركك هللا،وأخذ تالطفها مبا مذب من احلديث إىل أن
خنقت العربا اآلنسة كوك وكاد أن يغشى مليها فهرمت إليها إلننادها ويف غضون
ذلك توار كايت مع حلتها البيضاء ،فاهنضت فلورنس ونكنت جأشها ،وأمدهتا إىل
الغرفة هني احلضور واحلزن آخذ منها كل مأخذ.
ومن أقوال كايت األخرية إن ما ماد يف ونعها أن ترينا هعد وجهها وال أن تسمعنا
صوهتا وإهنا هتجسماهتا هذه اليت انتمر ثالث ننوا قد قضت مذاابً ه كفر
من ذنوهبا املاضية 4وأهنا ارتقت هعد هذا التكفري إىل درجة أملى يف املرتبة الروحية وما
ماد تناجينا هعد إال ابلوناطة اخلطية ملى يد اآلنسة كوك وأما هذه فتستطيع أن
تراها يف السبا املغنطيسي (ا هـ).
من ماد هعد هذا يشك يف وجود األرواح وخلود النفس؟ هذه كايت كينج روح حي
من نكان مامل الغيب جتلت يف البدء هبيئة خبار يظهر يف الظلمة وال يقوى ملىي
حتمل النور ولكنها تدرجت شيئاً فيشئاً إىل ان جتسمت يف ونط األشعة الكهرابئية
ويف معمل مامل خطري تنزه من اجلهل والغش .ويستبان مما تقدم أن الروح هتجسم
4حنن نقلنا هذه الوقائع من القوم يف مصران احلاضر ولسنا جنزم هشيء هل نكل األمر إىل من هعدان ليحققوه
حني ترتقى أمم اإلنالم قريباً.
ملى أن إن صحت أمثال هذه القصة فأمرها نهل ألن هذه حال الربهزخ وحال اهرهزخ فيها مجائب فرمبا
كانت هذه هلا ذنوب هرهزخية اقتضت التكفري منها ىف نفس الربهزخ أبحوال هم أدرى هبا ومنها ما جاء هنا وهللا
يعلم وأنتم ال تعلمون وأيضاً أن املؤلف ذكر أن كثرياً من هذه األحوال قد تكون أوهاماً وابجلملة فاملقصد من نقل
وما مداه فقاهل لألخذ والرد واإلثبا واحلذف واحلمد هلل رب العاملني. هذا إثبا وجود الروح هعد املو
املوقت يظهر إنساانً حياً كامالً مستكمل األمضاء ابطناً وخارجاً يطرق القلب في
وتقوم الرئتان هوظيفتهما يقوم ويقعد ويتمشى وجيز قسماً من شعره وثوه كل هذا مما
يويد أن اجلسم الروحاين قالب اجلسد احلجي وفي توجد األمضاء كلها ملى حالة
نيالة ومىت متكن الروح من وجود ونيط يستعري من قوة ومادة فيتجلى للعيان
ويرتاءى هبيئة حمسونة حسية ،إال أن اجلسم الروحاين يف احلي ال يفتقر مند جتلي
ملى ونيط أيخذ ما حيتاج إلي من القوة واملادة من جسده ذات الواقع يف السبا .
ومن أشهر حوادث التجسما الروحانية جتسم روح انتيل قرينة الصرييف
األمريكي ليفرمور فإهنا جتلت هعد موهتا لزوجها ثالمثائة ومثان ومثانني مرة هبيئة
حمسونة يف خالل مخس ننني هقيادة وصحبة روح آخر ملوي دما نفس الدكتور
فرنكالن كذلك العالمة جيبي األفرنسي شهد يف معمل ذات حوادث مجة من هذا
النوع ملى يد الونيطة مدام نلمون ونشرها مفصالً يف آتليف ويف ننة 4784و
4782اشتغلت الصحافة اإليطالية هغرائب االمتحاان اليت أقامها العالمة اخلطري
لومربوهزو يف جينوا صحبة العلماء مورنلي وهرو الكاتب التحرير فاناللو مدير جريدة
اجليل التانع مشر اإليطالية ،وكانت الونيطة أوهزاهيا ابالدينو وقد جتسم ملى يدها
مراراً اهن فانالو املتوىف أطفأ هتجلي لومة أهي وأيد ل صحة خلود النفس هذا وإن
لدينا حوادث أخرى مديدة من جتسم األرواح ملى يد الونطاء وظهورهم ألحبائهم
لتعزيتهم وتبديد حزهنم نضرب صفحاً مند كرها الكتفائنا هشهادا العلماء املقدم
ذكرهم.
الفصل الثالث
يف ذكر روح استحضرت قريبا
جاء يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة حم فصلت ما أييت نقالً من جملة
كل شيء:
ملا نافر الوفد احلكومي املصري الرمسي إىل لندن هرائنة مديل يكن ابشا ملفاوضة
احلكومة الربيطانية يف حل املسألة املصرية ،رافق الوقد يومئذ األنتاذ توفيق دوس ابشا
هصفة مستشار قضائي وشريف صربي هك وحضرة األنتاذ مبد امللك محزة هصفة
نكرتريين ،وهعد وصول أمضاء الوقد إىل لندن أخرب األنتاذ مبد امللك محزة صديقي
توفيق دوس ابشا وشريف صربي هك أن من املهتمني هدرس ملم األرواح وأن يود أن
يدمومها إىل هزايرة "كلية ملم األرواح" اليت تديرها املسز نتيد اهنة املسرت وليم نتيد
الصحايف االجنليزي املشهور الذي غرق يف الباخرة "تيتانك" يف ننة 4742فسأاله
من هذه الكلية وأغراضها فقال هلما أهنا معهد ملمي يؤم األشخاص الذين أينسون
يف أنفسهم قوة الوناطة فيمتحن املعهد هذه القوة فيهم هني األرواح اليت يف اآلخرة
ونكان هذا العامل مث أن كثريين من العلماء الذين يشتغلون هعلم األرواح يرتددون ملى
هذه الكلية إلجراء جتارهبم العلمية ،فهي ليست واحلالة هذه داراً من دور النصب اليت
يدخلها هسطاء العقول ليدفعوا جنيهاً أو جنيهني مقاهل (خماطبة األرواح) .وهنا ندع
الكالم لتوفيق دوس ابشا لكي يصف لنا هزايرت لتلك الكلية ،قال:
وملا مسعت هذه املعلوما من األنتاذ مبد امللك محزة تولد يف رغبة يف هزايرة
كلية ملم األرواح ألميط اللثام من حقيقة ما كنت أمتقده تدجيالً ،فرافثين حضرت
وصحبنا شريف صربي هك ،ومل هلغناها قدمنا للمسز نتيد فطلبت منها أن حتيلنا إىل
ونيط من القادرين ملى خماطبة األرواح فعرفتنا هشخص امس املتسر هيرت ،وملا اختلينا
ه طلب إىل أن أضمر الشخص الذي أريد أن يستحضر يل روح هدون أن أنر إلي
ابمس إلاضمر والدي ،فجلس الرجل ملى كرني أمامنا وما هي إال ثوان قليلة حىت
أخذ مضال وجه وشراين حلق تنتفخ انتفاخاً أهزمجين منظره مث مل يلبث أن انم
نوماً مميقاً وأخذ يتكلم ابللغة االجنليزية وهي اللغة اليت كان والدي جيهلها متاماً فقال
يل" :أان والدك" فقلت ل "وما دليلك ملى ذلك؟" فقال "أان أقول منك قليالً" فقلت
( :هذا ال يكفي) فقال قليالً ) فقلت "وهذا ال يكفي أيضاً) فقال (ويل حلية خفيفة
لعب الشيب جبزء منها) فقلت ل ( وكيف انتقلت إىل العامل الثاين؟) فقالك (هعملية
مملت يل هنا) (وأشار إىل مكان األمعاء واملثانة والكبد) فقلت ل ( :هذا ال يكفي)
فقال( :ممل يل العملية طبيبان ويف أثناء اهنماكهما هعملهما دخل مليهما طبيب
اثلث وماوهنما ومل انتهوا من مهمتهم قالوا لكن إن العملية جنحت ولكنين توفيت يف
اليوم التايل) فقلت ( :وهل تعلم ملاذا حنن يف لندن؟) فقال (ألجل مسألة كبرية) وفتح
ذرامي ملى ونعهما فقلت ( :وهل تنجح فيها؟) فقال( :كال وجبانيب نيدة تزامحين
لكي ختاطبكم هدالً مين) وهنا أخذ الونيط يتكلم هلسان هذه السيدة فوصفت
نفسها وصفاً ينطبق متاماً ملى ممة هزوجيت فقلت ( :وهل لك أوالد؟) فقالت يل( :
اهن واهنة) فقلت ( :وهل مها هعيدان منك؟) فقالت ( :هيين وهينهما حبر كبري) فقلت:
( وهل مها يف مصر؟) فقالت( :كال).
قال لنا توفيق ابشا ( :وإذا انتثنينا هذا اجلواب األخري) أي هل مها يف مصر (
فأجاهت كال) فإن مجيع األجوهة الساهقة والبياان اليت تضمنتها تطاهق الواقع ،وقد
مزو ذلك يف ابديء األمرإىل ما يسمون ملم قراءة األفكار وقلت يف نفسي إن هذا
الونيط ل قوة قراءة أفكاري فيسرتشد هبا ملى اإلجاهة ملى أنئليت ولكن هذا
االمتقاد هزال مىن ملا قال يل الونيط( إن هناك نيدة تزاحم والدي لتتكلم معي) فإنين
مل أكن أفكر قط يف ممة هزوجيت نامتئذ لكي يقال إن الونيط قرأ أفكاري يف
صددها أيضاً ولذلك ال أمرف كيف أملل هذا احلادث ملى اإلطالق.
ومضى توفيق ابشا يف حديث معنا فقال ( :وقيل يل هعد ذلك إن يف الكلية
ونطاء هلم قوة انتحضار وجوه األرواح حبيث يستطاع تصويره ابلفتوغرافيا ،فذهبت
إىل الكلية يف يوم آخر مع شريف صربي هك ومبد امللك محزة هك وأخذ معي
هزجاج التصوير (البالك) منعاً لكي تالمب وملا قاهلنا املسز نتيد قلت هلا (إنين أريد
تصوير وج والدي) فقادتين إىل أحد الونطاء القادرين ملى انتحضار وجوه األرواح
فدماان إىل قامة طليت جدراهنا ابللون األهيض وأجلسنا ملى ثالثة كراني متالصقة
وأخذ يرتل هعض الصلوا واألانشيد الدينية مث فتح آلة التصوير وصور هبا وملا انتهى
من ممل أخذ هزجاج الصورة وكان شريف هك قدوقع مليها إبمضائ لئال تستبدل
هلوحة غريها ومنيت هتحميضها يف حمل للتصوير إبشرايف فإذا ابلصورة اليت ظهر
فيها ختتلف من مالمح والدي متاماً فقصد يف الغد إىل املسز نتيد وقلت هلا( :
إنكم تسخرون منا فإن الرنم الذي ظهر يف الصورة ليس رنم والدي مطلقا).
فقالت " :قد حيدث ذلك أحياانً ويكون نبب أن شخصاً أقوى من والدك ملى
تصوير نفس هوانطة الونيط يزامح ملى الصورة فينجم من ذلك أن يظهر رمس
هدالً من رنم والدك فقل هلا :إنين نأمطيك اآلن فرصة أخرى إلقامة الدليل ملى
صحة كالمك فهيا هنا إىل الونيط وملا اجتمعنا ه قلت هلم (أغلقوا الباب) فأغلقوه
فناولتهم هزجاج التصوير فوضعوه يف اآللة أمامي ،فقلت للمسز نتيد مندئذ :إنين
نأطلب من الونيط رنم وج والدك املسرت نتيد وأظن أن أقدر األرواح ملى تصوير
نفس وال يستطيع أحد أن يزامح ملى ذلك وقد أمضى حيات يف درس ملم األرواح
"فأخذ ا لونيط يرتل وينشد األانشيد الدينية وهعد قليل التقط الصورة وملا محضها
ظهر فيها رنم املسرت نتيد فعجز يف تعليل هذا احلادث.
فقلنا لتوفيق ابشا :هل الحظتم يف أثناء التقاط الصورة أن هناك شبحاً غريباً يف
القامة؟ فقال ( :ال مطلقاً) فقلنا( :إذن كيف يظهر ملى هزجاج التصوير رنم ال
وجود لصاحب يف القامة) فقال ( نألتهم من ذلك فان جواهبم أن مدنة آل التصوير
أقوى من العني جداً وأهنا لذلك تستطيع رؤية شبح الروح الذي ال تراه العني العادية)
فقلنا ( :أان واثق من ذلك وال فائدة من أن تتعبوا أنفسكم ابألنئلة فقد اختذ يومئذ
مجيع التد اهري اليت خطر يل ملنع أي غش كان) فقلنا ل (وكيف تعللون ملا رويت لكم)
فقلنا :أؤمن هعلم األرواح ولكنين ال أجد تعليالً ملا رويت لكم) فقلنا( :أمل تسألوا
املسز نتيد من التعليل؟) فقال ( :نألتها فكان جواهبا لو جاءك رجل من مشر
ننوا فقط وقال لك أهنم نيخرتمون تليفوانً النليكاً أفال كنت تقول من أن
مصاب مبس يف مقل فلماذا ال يعقل أن تقتنع هعد ننوا هصحة ملم األرواح
وحقيقت .
التعاليم الروحية وأسرار الكون
.4تعليم األرواح من الكتاب املذكور ،وهاك ما قال أحد األرواح وهو أشب مبقال
الصوفية املسلمني مندان أن اإلنسان مامل صغري..
إن اإلنسان مامل صغري وما في من األمضاء واحلواس والعضال واألمصاب
واملفاصل هي كأفراد شخصية ملى نوع القول مستقرة يف أماكن مينت هلا يف اجلسد،
فما من حركة أو أتثري حيدث يف هذه األجزاء مع اختالفها وتنوع وظائفها إال يتنب ل
الروح حاالً ،وإذا حدثت التأثريا يف وقت واحد ويف أجزاء خمتلفة فالروح تشعر هبا
ومتيزها وتصيب ملة ومصد كل منها .هذا ما حيدث ملى نوع القوم هني املخلوقا
واخلالق أي أن تعاىل موجود يف كل مان كما الروح موجود يف كل أجزاء اجلسد
ومناصر الربية أبنرها مرتبطة ه ارتباط العناصر اجلسدية كلها ابلروح هوانطة اجلسم
الروحاين .وكما يشعر الروح هكل حركة تبدو من األمضاء هكذا هللا يعلم هكل فكر
يبدو من خليقت وكما أن الروح يدرك ومييز حركا شىت تبدو يف وقت واحد من
األمضاء األجهزة احلانة ،هكذا هللا يدرك كل فعل وفكر وحركة تبدو من كل من
ملخوقات اليت ال حتصى ا هـ وهذا القول تقريب وإال فاهلل ليس كمثلة شيء.
.2تعليم األرواح .قال يف الكتاب:
مل جند للخليقة تبياانً أفصح من مقاال مرتادفة لقنتها روح غاليليوش الشهري ملى
يد الونطاء للجمعية الباريسية الروحانية يف خالل ننيت 912و 4919وهاك
هعضها .قال:
أفضل حتقيق أطلق ملى الفضاء أن مسافة تفصل ما هني جرمية فانتنتج هعض
املغالطني من هذا التحديد أال وجود للفضاء حيثما انتقى وجود األجرام وإىل هذا
املبدأ أنند هعض الالهوتيني رأيهم يف ضرورة تناهي الفضاء ومدم إمكان تسلسل
أجرام حمدودة إىل ما ال انتهاء ل .الضهاء لفظة تدل ملى معىن مفهوم هذات ال حيتاج
إىل التعريف وما قصدي هبذه املقالة إال أن أهني لكم مدم حده وتناهي .
أقول أن الفضاء ال حد ل هدليل أن من املستحيل تصور حدود حتج ،إىل أن
قال :وإن شئنا أن منثل يف ذهننا احملدود مدم تناهي الفضاء فلنتصور أنفسنا طائرين
من األرض حنو إحدى جها الكون هسرمة الشرارة الكهرابئية اليت تقطع يف الثانية
ألوفاً مديدة من الفرانخ ،فبعد طرياننا هثوان قليلة ال تعود األرض ترتاءى لنا إال
ككوكب حقري ضعيف النور جداً وهعدقليل تتوارى من نظران ابلكلية والشمس ذاهتا
ال تلوح لنا إال كنجم حقري متوغل يف أقاصي الفال وموضها تتجلى ألميننا جنوم
مديدة ال نكاد منيزها يف احملطة األرضية وإذا لبثنا طائرين ابلسرمة ذاهتا نقطع يف كل
هنيهة موامل متجمعة ونيارا ناطعة وهقاماً هزاهية ،نثر هللا فيها العوامل ،كما نثر
الزهور يف مروجكم األرضية.
ملى أن مل ميض ملى نفران إال دقائق قليلة وقد أنينا من األرض ماليني يف
ماليني من الفرانخ ورأينا ألوفاً من العوامل ولكن لدى التحقيق مل خيط هعد وال خطوة
واحدة يف الكون وإذا انتقام نفران الربقى ال دقائق وناما هل ننني وأجياالً وألوفاً
وأجياالً وماليني يف ماليني من العصور والدهور فإان ال نكون مع هذا قد خطوان
خطوة واحدة يف طريقنا ،وذلك إىل أي صوب اجتهنا وأية نقطة انتحينا من تلك الذرة
احلقرية اليت ابرحناها وأنتم تدموهنا أرضاً .هذا ما مندي من تعريف الفضاء.
وأما الزمان فهو كالفضاء لفظة معربة هنفسها غنية من التحديد وقد يسوغ أن
ندموه تعاقب األشياء ابلالهناية .فلنتصور أنفسنا يف هدء ماملنا أي يف مصر هدأ
في األرض تتبخرت حتت النفحة اآلهلية وهرهز الزمان من مهد الطبيعة السري ،فقبلها
كانت األهدية نائدة ناكنة والزمان جيري جمراه يف موامل أخرى وملا هرهز األرض إىل
حيز الوجود انتبدلت فيها األهدية ابلزمان وأخذ السنون والقرون تتعاقب ملى
نطحها حىت اليوم األخري أي نامة تبلى األرض ومتحى من نفر احلياة ،ففي ذلك
اليوم تتعاقب األشياء وتزول احلركا األرضية اليت كانت مقياناً للزمان أيضاً فينتج
من هذا أن الزمان يتولد من تولد األشياء وينقضي ابنقضائها وهو هقياس األهدية
كنقطة نقطت من مباب اجلو يف البحر ،فتختلف األهزمنة ملى اختالف العوامل،
وخارج هذه التعاقبا الفانية تسود األهدية وحدها ومتأل هضيائها فلوا الفضاء اليت
هي غري حمدودة ،ففضاء ال حد ل وأهدية ال قرار هلا مها اخلاصيتان العظيمتان للطبيعة
العامة.
وإذا كان الزمان تعاقب األشياء الزائلة ومقيانها فإذا مجعنا ألوفاً يف ألوف من
القرون واألحقاب ال يكون هذا العدد إال نقطة هزهيدة يف األهدية كما أن األلوف يف
األولف من الفرانخ تعد نقطة حقرية يف الفضاء ،وإذا مضى ملى حياتنا الروحية
مدد من القرون يواهزي قدر ما يكتب ملى طول خط االنتواء فإن ينقضي هذا العدد
اجلسيم والنفس كأهنا اليوم ولد .
وإذا أضفنا إىل العدد املذكور نلسلة أخرى من األمداد ممتدة من األرض إىل
الشمس وأكثر ،فإن ينقضي هذا العدد الذي ال يدرك قيان من القرون والنفس ال
تتقدم يوماً واحداً إىل األهدية ذلك ألن األهدية ال حد هلا وال قياس وال يعرف هلا هدء
وال هناية ،فإن كانت القرون املذكورة كلها ال تعد ثنية قياس األهدية فم أمهية ممر
اإلنسان ملى األرض؟
إذا ما ألقينا النظر إىل ما حولنا رأينا اختالفاً جسيماً ومتييزاً جوهرايً يف كل املواد
املؤلف منها العامل فانظر إىل مجيع األشياء طبيعية كانت أو صنامية ،وانظر ما أمظم
التغاير يف صلبتها وضغطها ووهزهنا ونواها من اخلصائث اليت يتميز هبا اهلواء مثالً من
مرق الذهب والنقطة املائية من احلجارة املعدنية واألنسجة النباتية املتنومة من
األنسجة احليوانية ملى اختالف طبقاهتا ،ومع هذا نستطيع أن نثبت هوج اإلطالق
أن كل املواد املعروفة واجملهولة مهما مظم تباينها وكثر تنومها إن هي إال أشكال
وأمناط متفننة تظهر فيها مادة أصلية واحدة حتت فعل القوى الطبيعية املتعددة.
إن الكيمياء اليت هلغت اليوم منكم درجة رفيعة من التقدم وقد كانت تعد يف
أايمي متعلقا العلوم السحرية قد فوضت مسألة العناصر األرهعة اليت أمجع األقدمون
ملى تركيب الطبيعة منها وأثبتت أن العنصر الرتايب إن هو إال تركيب مواد متنومة يف
تفنناهتا إىل ما ال انتهاء ل وإن اهلواء واملاء قاهالً التحليل ومها مرتكبان من هعض
الغاهزا وإن النار ليست هعنصر اصلي هل حالة من املادة انجتة من نوع من احلركة
العامة يصحبها اخرتاق حسي أو كامن .ومبقاهلة ذلك كشفت الكيمياء مدداً وافراً
من العناصر اجملهولة من تتألف كل اإلجرام املعروفة ومستها مناصر هسيطة إشارة ملى
أهنا أولية غري قاهلة التحليل إىل ما هو أهسط ولكن فعل الطبيعة ال يقف حيثما
وصلت تقديرا اإلنسان وحكم إرادت هل املتتبع هنظره إىل م جتاوهز حد املعرفة البشرية
ال يرى يف كافة العناصر املركبة والبسيطة إال مادة واحدة أصلية تتجمع يف هعض
النواحي لتنشأ منها العوامل وتتفنن أشكاالً وأنواماً يف مدار حياهتا وتعود إىل مأوى
الفضاء هعد انقراضها.
من املسائل ما نعجز حنن األروا املغرمني ابلعلوم من التعمق فيها فال أنيت حللها إال
آبراء شخصية مبىن أكثرها ملى أقيسة افرتاضية أما مسألة وحدة املادة فال شبهة فيها
وال ختمني .ومن أيخذ قويل ملى حممل االفرتاض أقول ل :انتومب إن أمكن هنظرك
تفننا أممال الطبيعة كلها فتحقق يقيناً أن هدون وحدة املادة يتعذر مليك شرح
نبا أصفر هذره ونتاج أحقر دويبة وأما البامث ملى تنوع ما تراه يف املادة فهو تباين
الفوى اليت تولت أمر حتوالهتا والظروف اليت كانت مليها قبل نشأهتا ،إمنا جوهرها يف
األصل واحد وكل ما يقع أو ال يقع حتت نظرك من األجرام والسوائل فهو صادر من
مادة أصلية واحدة مالئة الكون الذي ال حيد.
إذا كانت إحدى الدويبا احلقرية اليت تقضي حياهتا الوجيزة يف قعر البحار وال
تعرف من الطبيعة إال أمساك وغااب املياه انلت فجأة من العقل ما مكنها من درس
ماملها وأخذ تقيس أفكارها يف الكائنا فيما مسى يكون تصورها للعامل األرضي
الذي ال يقع حتت نظرها إذا مبعجزة أخرى انقلبت هذه الدويبة من القعر إىل ما فوق
املياه ابلقرب من جزيرة غناء اتست مبروج هزاهية فأي تغيري يطرأ ملى أفكارها الساهقة
وكم تتسع دائرة تصوراهتا ولكن ماهزالت هذه دون احلقيقة ،هذا هيان حال ملومكم
النظرية يف احلاضر اي يين البشر.
إن نياالً ميأل الفضاء الذي ليس مبحدود ينفذ يف اإلجرام أبنرها يدمى األثري أو
املادة األصلية ومن تتولد كافة العوامل والكائنا ،فهذا السيال تالهزم أهداً القوى أو
النواميس الطبيعية املتولية تقلبا املادة ومسرى العوامل ،وهذه النواميس املختلفة ملى
اختالف تركبا املادة واملتفننة يف أواع فعلها ملى مقتضى الظروف واملراكز تعرف يف
أرضكم ابلثقل والتالصق واملنانبة والتجاذب واملغناطيسية والكهرابئية مث حركا
العامل االهتزاهزية تدمى مندكم صواتً وحرارة ونوراً اخل.
وأما العوامل األخرى فتظهر هذه النواميس حتت أوج أخرى وخباصيا جمهولة
مندكم ،وإن يف نعة السموا اليت ال حتد تفننا من القوى نعجز حنن من
إحصائها وتقدير مظمتها كما تعجز الدوهية يف قعر البحار من انتيعاب كافة
احلوادث األرضية.
وكما أن ال وجود يف األصل إال ملادة واحدة هسيطة تتولد منها كافة األجرام
والرتكبا اهليولية هكذا كل القوى الطبيعية صادرة من انموس أصلي واحد متفنن يف
مفاميل مما ال انتهاء ل فرض اخلالق منذ األهزل ليقوم ه نظام اخلليقة وهباء الكائنا .
إن الطبيعة ال تضاد ذاهتا وشعار الكون هو ذا الوحدة يف التفنن .فإن صعد يف
نلم العوامل وجد وحد ة النظام واخلليقة مع تفنن ال يعرف حده يف تلك األجرام
الفلكية وإن أجلت هنظرك يف مراتب احلياة من أحقر الكائنا إىل أمالها وجد
التنانب والتسلسل .كذلك القوى الطبيعية كلها صادرة ابلتسلسل من قوة أصلية
واحدة تدمى ابلناموس العام.
يتعذر مليكم يف احلاضر انتيعاب هذا الناموس يف مشول اتسام ألن القوى
الصادرة من والداخلة يف دائرة أحباثكم حمدودة مقيدة إمنا قوات التجاذب والكهرابئية
تفصحان لكم نوماً من الناموس العام األصلي الشامل السموا والكائنا ،فكل
هذه القوى الثانوية أهزلية مامة كاخللقة ومبالهزمتها للسيال العام تعمل ضرورة يف كل
شيء ويف كل مكان وهتنوع مملها ابملقارنة والتعاقب تتغلب يف مكان ومتحي من
آخر يظهر فعلها ههنا ماملة أهداً يف جتهيز العوامل وإدارهتا وحفظها مالشاهتا متولية
أممال الطبيعة ومعجزاهتا حيثما قامت ضامنة ملى هذه الصورة هباء اخللقة األهزلية
ونظامها األهدي.
هعد أن أتملنا توج مام يف تركيب الكون ونواميس وخصائص هقي ملينا أن نشرح
كيفية تكوين العامل والربااي مث ننتقل هعدها إىل تكوين األرض ومركزها احلايل يف
املربوءا .لقد أهنا ناهقاً ما الزمان وما نسبت إىل األهدية وإن هذه وحدة اثهتة،
وابلتايل ال هدء وال هناية ،4مث إذا الحظنا من جهة أخرى مدم تناهي القدرة اإلهلية
حكمنا ضرورة هوجوب أهزلية الكون ألن منذ وجد هللا كملت كماالت القدنية ومبا أن
هللا من ذات أهزيل نرمدي اقتضى أن يكون ممل أهزلياً نرمدايً ال هدء ل وال هناية فإذا
الفصل األول
يف بيان مناجاهتا بسائر ضروهبا
قال شري دمحم :هل يذكر يل األنتاذ كيف كان هدء هذه احلركة يف العامل احلديث.
قلت ،إن هذه احلركة هدأ مع اإلنسان ملى ظهر األرض ،وماشت مع األمم دهوراً
وأحقاابً ،فلما كانت هذه القرون احلاضرة ،وأظلمت الدنيا وانود وج احلقيقة ،وأخذ
الناس جيهرون ابإلحلاد ،أرنل رهك هلم مجائب وهث هلم من األرض غرائب ،وانبعث
هلم من موامل الغيب ،ونطعت احلقائق ،وأشرقت األرض هنور رهبا يف ننة 4911م،
ذلك أن مسع يف تلك السنة طرقا متوالية يف هيت رجل يسمى (فيكمان) من
قرية(هيدنفيل) يف نواحي والية نيويورك ،وتواىل ذلك ليايل ذوا مدد ،فانذمر
تلك األنرة وذمر وقذف يف أفئدهتم الرمب ،فهاجروا املكان هعد أشهر فسكنت
الدار أنرة (جون فوكس) املؤلفة من الرجل وامرأت واهنتي ،فعاد الطرقا ،وتوالت
الضراب ،وهرع اجلريان لينقبوا من تلك األصوا املزمجة ،مث اهتدوا إىل نبيل
الرشاد ،إذ ملموا أن تلك أفعال انمجة من مقل فاصطلحوا مع مصدرها ملى لفظ
نعم ولفظ ال هطرقتني وثالث ففهموا أهنا روح أصاهبا شر ،قد قتلها رجل يف هذا
البيت ،والذي كشف ذلك مدام (فوكس) والقتيل الطارق يدمى (شارل راين) قتل
منذ أموام مديدة يف ذلك البيت ،وكان يف حيات دوراً ،قتل من كان يبيت منده
لسلب مال ،وان ممره إحدى وثالثني ننة مث شاع اخلرب وذاع وانتهزأ الناس هذلك
ونخروا منها ،وقالوا إن هذا الكذب مبني ،وانتقلت مائلة فوكس إىل قرية( رونرت)
من الوالاي املتحدة ،وشاع اخلرب وذاع واثر ملماء الدين وامللحدون ونائر الشعب
ملى املرأة واهنتيها ،وتعرضن للمون مراراً ،فعني القوم جلنة من العلماء لكشف
احلقيقة ،فأملنت أن ال أثر للشعوذة وال لالحتيال ،فهاج الشعب ومني جلنة أخرى
فقرر كاألوىل ،فعينوا اثلثة فأذمنت كساهقتيها ،فهم الطغاة إبهالك االهنتني ،ونبوا
وشتموا ملماء اللجان املذكورة ولكن االهنتني مل يصبهما ضرر ،وقامت اجلرائد
واجملال تنشر مقاال اهلزؤ والسخرية هبذا العمل ،ومن العجب أن مل ميض أرهع
ننني حىت فشا املذهب يف نائر الوالاي املتحدة ،حىت مل يكن خيلو هيت من ونيط
األرواح ،وقد جيلسون حول منذدة ويتلون أحرف أو ونيطة ،ختاهر القوم ملى يده م
اهلجاء ومند وصوهلم إىل احلرف املقصود تطرق املائدة هرجلها ،ومل متض ننة 4911
أي هعد احلادث هثمان ننني ،حىت أصبح أمر هذا احلادث من أممال درا الندوة
وجملس األميان امللتئم يف مدينة وشنطون ،فقد رفعت مريضة طويلة مذيلة خبمسة
مشر الف انم ،هاك صورهتا صفحة 41من كتاب املذهب الروحاين:
حنن الواضعني أمسائنا هذيل أهناء مجهورية الوالاي املتحدة األمريكية نعرض
جمللسكم املوقر أن حوادث طبيعية ومقلية ال يعرف هلا مبدأ ظهر منذ قليل يف هذه
البالد ويف أكثر األحناء األوروهية ،وتكاثر هذه احلوادث السرية يف مشايل الوالاي
املتحدة وغرهيها ومتونطها حىت أقلقت الرأي العام.
وملا كان املوضوع الذي نلتمسن من مجهوركم املوقر االلتفا إلي ال ميكن شرح
يف هذه العريضة ملى اختالف أنوام نلخص لكم هوجز من الكالم فنقول:
أول -إن ألوفاً من العقالء املدركني شهدوا قوة خفية حترك أجراماً ثقيلة وترفعها
وختفضها وتنقلها وتقلبها ملى أنواع خمتلفة مناقضة يف الظاهر للنواميس الطبيعية
ومتجاوهزة حدود اإلدراك البشري ومل يتوصل أحد حىت اآلن إىل إجياد ملة خصوصية
أو مقارهة هلذه احلوادث.
اثنيا – إن أنواراً خمتلفة الشكل واألوان تظهر يف احلجر املظلمة من دون أن جيد
القامدون فيها مادة قاهلة لتوليد ممل كيماوي أو تنوير فسفوري أو نيال كهرابئي.
اثلثا – إن نوماً غريباً من هذه احلوادث نلتمس من جممعكم املوقر االنتباه ل وهو
اختالف األصوا يف تكرارها وأنوامها وأمهية معناها فبعضها طرقا نرية تدل ملى
وجود ماقل غري منظور ،وهعضها حتاكي األصوا اليت تدوي يف هعض املعامل
امليكانيكية أو تتحول إىل دوي أشب هصرير الريح العاصفة ،تتخللها فرقعة صواري
املراكب ومالطمة األمواج جلدران حني هبوب العواصف وأحياانً تصري األصوا
شبيهة هقصيف الرمد وإطالق املدافع ،وترتج مندها األشياء اجملاورة هل البيت ذات
الذي تقوم في تلك احلوادث ،ويف هعض األوقا تكون األصوا شجية متاثل اترة
الصو البشري واترة آال الطرب كاملزمار والطبل والبوق والقيثارة والعود واألرغن
تصدر إما مجلة وإما ملى حد .واترة مع مدم وجود اآلال املذكورة وطوراً مع
وجودها ولكن تضرب من نفسها دون مس يد هشرية هلا وتصدر هذه األصوا وفقاً
للمبادىء العلمية املنوطة هقوة السمع أي حدوث متوجا هوائية تلتطم أبمصاب
السمع وغنما مل يتوصل الباحثون رغماً مما هذلوه من اجلهد يف انتجالء مصدر هلذه
التموجا اهلوائية.
ونرى من املنانب أن نشري إىل املبدأين اللذين افرتضا يف حل هذا املشكل،
فاألول امزاء احلوادث إىل أرواح األموا وفعلهم يف العناصر الدقيقة األولية املالئة
والسارية يف كل األشكال اهليولية وهذا ما شرح العامل السري ذات حني طلب إلي
إيضاح ذلك وقد وافق ملى هذا الزمم مدد منديد من أنباء وطننا املمتاهزين آبداهبم
وقوة ذكائهم ومركزهم الرفيع يف السيانة واهليئة االجتمامية وأما أصحاب املبدأ الثاين
وألكثرهم أيضاً رفيع املنزلة يف القوم فهم ينكرون الزمم األول ويذهبون ملى أن
مباحث العلماء ال هد من أن تنري هقوة املبادىء املعروفة من العلوم النظرية العقول
إبجياد نب حقيقي مستويف الشروط لكافة احلوادث املنوه منها.
ملى أننا وإن كنا ال نوافق ملى رأي هؤالء وقد توصلنا هقوة البحث إىل نتائج
خمالفة لكل ملة طبيعية للحوادث اليت حنن هصددها نؤكد جلمهوركم املوقر أن احلوادث
جارية حقاً وصدقاً وأن مصرها السري وغراهة وقومها وأمهية أتثريها يف صواحل اجلنس
البشري تستوجب حبثاً ملمياً مدققاً يعرتي الكلل.
أال يستطيع كل ماقل أن يفكر ما مقدار احلوادث اليت حنن هصددها من اإلتيان
للشعب األمريكي هنتائج مهمة اثهتة تتعلق أبحوال املادية والعقلية واألدهية ،مث ماذا
يكون هلا من التأثري يف أصول الصحة واحلياة مبادىء الفكر والعمل حىت ميكنها أن
تؤول إىل تغيري أصول معيشتنا وإصالح مبادىس غيماننا وفلسفة مصران وتبديل هيئة
إدارة العامل.
وإذا كان من الالئق واملنانب لروح نظامنا أن نقصد دائماً نواب الشعب يف
املسائل اليت يصد منها اكتشاف مباديء جديدة أتيت هنتائج مذهلة للهيئة
االجتمامية.
أتينا حنن أهناء الوطن نلتمس ابحلاج من مجهوركم املوقر إانرة هصائران يف هذه
الظروف الغريبة ،وذلك هتعيني جلنة كاملة مهما يلزم هلا من النفقا يف نبيل
انتجال ء هذه الغزامض وإننا ملعتقدون أن صواحل اهليئة االجتمامية نيناهلا احلظ
األكرب من نتائج أممال اللجنة اليت التمسنا إقامتها ولنا مزيد الثقة يف انتصواب
طلبنا وإجاهة ملتمسنا من لدن جملسكم املوقر – مذيل خبمسة مشر ألف انم ا هـ.
مث املم إن هذا العلم مم الوالاي املتحدة حىت صار املذهب يبع ننة 4971
حنو 28مليوانً يف الوالاي املتحدة ،ومدد الشركا الروحانية ننة 4998مشرون
شركة روحانية ممومية ،ومائة ومخس مجعيا خصوصية ،و ( )289خطباء ،و22
ونطاً ممومياً ،ومن ملمائهم احلاكم (أدمون) كان رئيس القضاء وانتخب مراراً يف
جملس األميان والعالمة ( روهر هري) األمريكي الكائر الصيت وألف كتاب أحباث
مرفية يف ظهور األرواح ،والعالمة (روهر دال أوين) وألف كتاابً مساه (مثار يف حدود
مامل الغيب) ،وكان يف تلك البالد يف آخر القرن املاضي حنو 22جريدة وجملة تنقل
إىل القراء أخبار أمماهلا.
ومل يكن ليبحث أحد من العلماء هذا البحث إال لينقذ الناس من الضالل مبا آاته
ال من العلوم الطبيعية والرايضية والفلسفية ،وملا مأل هذا احلادث أرجاء الوالاي
املتحدة هلغ صدى صوهتم آذان االجنليز ،فقام العلماء والفالنفة فيها للبحث
والتنقيب مسى أن خيرجوا العاليم اإلنساين من الظلما إىل النور هتفنيد هذا السحر
وإهعاد هذا الظالم وقشع السحاب الذي غشى ملى اإلنسان ،فحجب من نور
العلم ،وأذاع في اخلرافا واألكاذيب ،فقام العالمة الطائر الصيت (وليم كروكس) من
أمظم الكيماويني والطبيعيني املكذهني هبذه األناطري ،والعالمة الفرد (رونل واالس)
قرين داروين الشهري واملسامد ل يف أممال فقال شري دمحم :قرين داروين! فقلت :نعم
قرين داروين فقال أف للمقلدين ،كيف يصبح واألس قرين داروين مؤمناً ابلبعث
وهؤالء الذين يدمون أهنم قرأوا مذهب داروين ينسبون كفرهم إلي .إال تعس اجلاهلون
الذين ال يعقلون مث قلت :ومنهم العالمة ( أوجست) دي مرجان رئيس مجعية
الرايضيا يف لودره وكامت أنرار اجملمع العلمي الفلكي .مث السري (فاريل) خمرتع آلة
املستودع الكهراابئي.
واجملمع العلمي املنطقي الذي أتنس يف لودره ننة 4919قرر يف جلست املنعقدة
يف 1كانون ننة 4917وجوب إقامة جلنة لنظر يف احلادث الروحاين ،والوقوف ملى
صحة األمر ودرنت 49شهراً متوالية ،ولقد دهشت األمة اإلجنليزية ملا هلغها قرار
اللجنة هصحة احلادث ،ولقد ألف واالس اآلنف الذكر اته الذي مساه (مجائب
الروحانية احلديثة) ومن العلماء الذين كانوا من أشد املعاندين الدكتور (جورج
ناكستون) ،اخلطيب املصقع ،الذي هعد أن ماهبا أخذ يدرنها 41ننة ،وقال لقد
أيقنت ابلروحانية وحادثت أقاريب وأصدقائي املتوفني ،وكذا الدكتور (شامربس)
والدكتور (هوغسون) والعالمة (مريس) وهناك مجعية املباحث النفسية وهلا جملة تسمى
(أشباح األحياء).
ولقد حصل يف فرنسا مثل ما كان يف أمريكا واجنلرتا ،فقد قام ابألمر منهم البارون
(جيلدنستوي ) ،وألف كتاابً مساه (حقيقة وجود األرواح) ،وظهر يف ننة 4919أي
هعد احلادث األمريكي هنحو 44ننة وأجيسيت فاكريي الف كتاابً مساه (شتا
التاريخ) ملى ذكر االمتحاان الروحانية وكذلك (فكتور هوجو) شامر الفرنسويني،
غذ قال إن من أمرض من احلادث الروحي فقد أمرض من احلقيقة ،وكذا املؤرخ
(أوجني هوشري) والعالمة فالماريون الفكي الطائر الصيت ،والعامل موريس الشائر
مؤلف القاموس الذي ابمس ،والدكتور جيبي الطبيب الشهري.
مث فشت الروحانية يف أملانيا ورونيا وايطاليا والبلجيك وأنبانيا والبورتوغال
وهوالنده وأنوج ونروج ،هذا ملخص ما جاء يف كتاب املذهب الروحاين الذي هو
خري اتب ألف ابلغرهية لعلم األرواح يف هذا الزمان .قد أهنت لك كيف كان انتشار
هذا احلادث يف النصف الثاين من القرن املاضي.
فلما مسع شري دمحم ذلك قال :من األورهيني واألمريكيني يريدون أن جيعلوا العلم
وقفاً مليهم .إن الروحانية أثر مام وإذا كان ذلك مغروناً يف فكرة الناس فأرجو أن
أمرف هل كانت األمم اليت قبلهم تعرف هعض هذه العجائب فقلت نعم :جاء يف
الكتاب املذكور ما أييت:
(يف األجيال اخلالية)
لقد أمجع شعوب القدماء ملى امتقاد خلود النفس وإمكان مبادلة العالئق ما هني
األحياء واألموا ،إمنا الطرق إلقامة هذه العالئق كانت جمهولة مند مامة الشعب ومل
يكن يتعاطاها غال الكهنة فقط هغية أن ميتصوا أموال العباد ويتجلوا هلم مبرأى
والقدانة مومهني اهنم قد خص هبم وحدهم انتطالع أنرار املو ومعرفة أحوال
النفس هعد مبارحتها هذه احلياة.
وتدلنا تواريخ أقدم الشعوب ملى وجود أانس تعاطوا يف كل مصر انتحضار
األرواح ،وإليك ما كتب مانو املشرع اهلندي يف أحد أنفار "الفيدا" وهو أقدم كتاب
ديين أتصل إلينا قال :إن ارواح األنالف يرافقون هبيئة غري منظورة هعضاً من الربامهة
املدموين (ملى هعض احلفال املتعلقة هتذكار املوتى) ويتبعوهنم حتت شكل هوائي
ويتكئون قريباً منهم مندما جيلسون ا هـ.
وكتب مؤلف آخر هندي ما نص :إن األنفس اليت دأهبا ممل اخلري والصالح
كاألنفس املقيمة يف أجساد الرهبان واحلبساء .فهذه قبل أن تتجرد من جسمها الفاين
هزمان حتظي ابلقدرة ملى مناجاة األنفس اليت نبقتها ملى "السوراجا" وهذا دليل
ملى قرب اهتعادها من العامل األدىن ا هـ.
وكان كهنة اهلنود ميرنون هعضاً من العباد املتسولني ملى انتحضار األرواح وملى
حوادث غريبة منوطة ابملغنطيسية احليوانية ومل يكن يعطى نر انتحضار انفس
األموا إال ملن قضى أرهعني ننة يف التجرهة والطامة العمياء .واملتمرنون كانوا ملى
طبقا ثالث:
األوىل :هم الربامهة ووظيفتهم االمتناء ابلطقوس اخلارجية وخدمة هياكل األصنام
ومجع تقدما الشعب وإرشاده وتعلمي .
الثانية :هم املقسمون والعرافون واملتنبئون ومستحضرو األوراح ووظيفتهم اإليهام
ملى مقول الشعوب حبوادث خارقة ينشئوهنا يف حصول هعض املشاكل العامة ،وكانوا
يقرءون ويفسرون كتاب "اإلطار فافيدا" وهو جمموع تعاهزمي نحرية.
الثالثة :هم الربامهة املتقدمون املعتزلون من الشعب وكان اشتغاهلم الوحيد يف درس
قوى الكون والعلل الطبيعية ومل يكوان يظهرون خارجاً إال ما ندر وهبيئة خميفة.
أما الصينيون فقد ألفوا منذ أمد غري معروف صناع انتنباء األرواح وقد شهد
املرنلون اختبارا شىت من هذا القبيل ،وما هزال الشعب الصيين ملى اختالف
طبقات يتعاطى هذه الصنامة حىت يومنا هذا.
ومع تعادي الزمن وملى أثر احلروب اليت أنفر من جالء قسم من الشعب
اهلندي من الوطن انتشر نر انتحضار األرواح يف مموم آنيا وانتقلت التقاليد
اهلندية ملى املصريني مث ملى العربانيني.
وقد أمجع املؤرخون ملى أن كهنة املصريني كانوا أيتون أمماالً نرية خارقة للطبيعة
مها تلك املعجزا اليت روهتا التوراة من نحرة فرمون ،فإن جردان هذه الوقائع مما
شاهبا من األحاديث اخلرافية مل يسعنا مع هذا أن ننكر ملى هؤالء الكهنة معرفة
انتحضار األرواح مبا أن متليذهم مونى قد هنى العربانيني من ممارنتها هقول :يف
نفر تثنية االشرتاع :ال يستعملن أحد منكم السحر والرقاء وال يستحضرون األموا
النتطالع احلقيقة.
ومل يعبأ شاول امللك هبذا النهي هل قصد مرافة مني دور وطلب إليها أن
تستحضر ل روح صموائيل فحضر وانتطلع من نتائج احلرب كما روى ذلك
الكتاب .وإن كثرياً من اليهود كانوا يتناقلون تعليماً نرايً يدمى "القبالة" موضوم
مناجاة األرواح ،ومل يكونوا يقبلون يف شركتهم إال من قيد نفس ابإلميان ملى األمانة
وحفظ السر ،وإليك ما جاء ي التلمود هبذا املعىن :كل من تعلم هذا السر (انتنباء
األرواح) وحرص ملى كتمان يف قلب نفي .حيظى مبحبة هللا ومودة البشر ويكون امس
مبجال وملم ال يشوه النسيان ويكون وريثاً للعاملني أي احلاضر والعتيد ا هـ.
أما اليواننيون فامتقادهم انتحضار األرواح كان ماماً وهياكلهم كانت حاوية
هعضاً من النساء العرفا يناط هبن أمر انتشارة املالئكة .إمنا املستشري كان يقصد
أحياانً أن يرى هعين الروح املتجلي ويكلم شفاهاً وكثرياً ما كان ينال هغيت كما مت
لشاول امللك.
إن هومريس الشامر وصف يف شعره كيف انتطاع موليس امللك أن خياطب روح
تريهزايس العراف .وأهولينوس الفيلسوف البيتاغوري الشهري وصانع العجائب كان ماهراً
يف العلوم الغامضة وروى من املؤرخون أمماالً مجيبة وكان يعتقد ويعلم وجود األرواح
وإمكان مناجاهتا.
وكان الرومانيون مولعني ايضاً هبذه املمارنا والشعب يعتقد امتقاداً أممى
هصحة األوحية ،وقط مل يكن يقدم قوادهم ملى حرب أو أمر ذي ابل قبل أن
يستشريوا العرافا املوكول إليهن أمر انتحضار األرواح وانتطالع أنرار الغيب.
وحدث يف ايطاليا ما كان قد حدث يف اهلند ومصر واليهودية أي أن نر انتنباء
األرواح هعد أن كان حمفوظاً للكهنة انتشر شيئاً فشيئاً هني الشعب وإليك ما كتب
ترتولينوس يف هذا الصدد ومن كالم يستدل ملى أن ارومانيني يف مصر يف مصره
كانوا يستعملون الطرائق ذاهتا املستعملة اليوم النتحضار األرواح قال :إن كان
للسحرة قوة ملى إظهار األشباح وانتحضار أنفس األموا وانتخراج األوحية من
فم األطفال ،وإن كان هؤالء املشعبذون يزورون هعضاً من العجائب فكان األحرى
هبذه األرواح القديرة أن تعمل فنفسها ما تعلم خلدمة الغري ا هـ.
وروى أيضاً أميان مارنللينوس من ابر يسيوس وايالريوس كيف أحضرا ملى
احملكمة الرومانية لدامي السحر وأقرا أبهنما صنعا من خشب الغاهز مائدة صغرية
ووضعا مليها صينية مستديرة الشكل مركبة من مجلة معادن وملى دائها منقوشة
أحرف اهلجاء ،وغن رجالً مرتدايً هثوب من كتان هعد انتنجاده إل السحر كان
ميسك هيده فوق الصينية خامتاً من البوص الدقيق مكرناً هطرائق نرية ،وحينئذ كان
اخلامت يفقز من ذات ملى مجلة أحرف مركباً منها شعراً يف منتهى الدقة هبا جييب ملى
األنئلة املوضومة ،وأضاف ايالريوس قائالً :ونئل يوماً اخلامت ممن نيخلف القيصر
احلايل فقفز اخلامت ملى أحرف "تيو" ومل نسأل تتمة الكلمة لتأكدان أهناتيودورس قال
مرنلينوس إن احلوادث كذهت فيما هعد السحرة ومل تكذب النبوة ألن تيودونيوس
ارتقى العرش التيودورس اهـ.
ملى أن النهي من انتحضار األموا كان شامالً األجيال اخلالية والسلطة املدنية
املرتبطة وقتئذ أشد االرتباط ابلسلطة الدينية كانت تعاقب أشد العقاب كل من تعدى
األمر ،وهذا كل دفعاً للقالقل اليت حتصل من حضور األموا إلظهار احلقائق
وتكذيب هعض تعاليم الكهنة .هلذا أما النصارنية يف األمصر املتونطة ابلسيف
والنار ألوفاً من األهرايء املساكني هدموى أهنم نحرة ومستحضرو أموا .
وإذا تتبعنا هعضاً من احلوادث التارخيية كحادثة دان دارك اليت إبصغائها لصو
أحد األرواح قهر جيوش اإلجنليز وطردهتا من أراضي فرنسا مث حادثة مسكوين
لودون ومرجتلي نيفني ونان ميدار وغريها من احلوادث فإننا نثبت أن صال
األحياء مع األموا قد متت يف كل مصر رغماً من مقاومة السلطتني الدينية واملدنية
هلا.
فلما مسع ذلك شري دمحم قال :يظهر يل أن األمم اإلنالمية هعد ظهور هذا
الكتاب وانتشاره كما هو احلاصل فعالً نيكونون كثريي انتحضار األرواح وإن نقلك
هذا القول يغريهم وحيبهم فيها وجيعلهم مغرمني هبا ألن من أولع هقراءة كتاب
يستحسن ما انتحسن مؤلف وأغلب النوع اإلنساين مقلدون فقلت لقد انتعجلت
وكان األحرى أن تصرب حىت تقرأ ما أييت حتت فصل يف آداب من حيضرون األرواح
فهناك جتد القول الفصل ملى أين أقول لك هنا.
املم إن هللا مز وجل ال مينع منا أمراً إال ملصلحتنا وإذا كان موتنا وتركنا هذه
احل ياة لنفس مصلحتنا كما يرتك التلميذ اللوح والكتب هعد متام الدرانة وخيرج للحياة
العامة فهكذا يكون منع مقاهلة األرواح ومعرفة الغيب منا وانتشارهتا إال يف أحوال
خاصة.
يعلم هللا قبل أن خيلق العامل أن رقينا موقوف ملى جدان وحده فأما اتكالنا ملى
غريان فذلك إضعاف هل ممنا .إن املعلم الذي حيمل من تلميذه كل مناء رجل جيهل
طرق التعليم اللهم لك احلمد ملى أن خلقتنا يف هزمان في نستطيع أن نظهر احلقيقة
جلية واضحة.
فنقول ليست كثرة اخلريا من املال والولد دليالً ملى السعادة هل كثرياً ما تكون
ابابً للشقاء والذلة واألنى واحلزن.
إن ما يفعل اهلنود من مترين هؤالء املتسولني ملى انتحضار األرواح وملى هعض
احلوادث الغريبة كما تقدم كل ذلك إضعاف لإلنسانية .وهكذا هقاؤهم حتت الطامة
العمياء 18ننة وهعد ذلك يعطوهنم السر كل ذلك رجوع ابإلنسانية القهقري فما
هو هذا السر؟ هو حمادثة األرواح وما هي فائدة حمادثة األرواح؟ فائدهتا طهور هعض
احلوادث األرضية؟ مث ما فائدهتا ألهل األرض؟ فائدهتا أن العامة جيمعون املال
ويقدمون هدااي هلؤالء املتسولني هذا هو أول األمر وآخره مث ما نتيجة هذا؟ نتيجت أن
يكون يف األمة ماطلون وهناك يثقل احلمل ملى العاملني وهنالك يدخل الفاحتون.
وهذا هو احلاصل يف اهلند قدمياً وحديثاً لوال أن غاندي أيقظهم هعض اإليقاظ،
ومثل ما حيصل يف اهلند حيصل يف هالد اإلنالم.
فهؤالء املسلمون مندهم ما مند أهل اهلند هل هم اتبعوهم حذو القذة ابلقذة
جهالة وشعوذة لكثرة الكتب اليت فيها الدجل والبهتان والتبس احلق ابلباطل والناس
ال يشرمون.
فقال املسلمون املسلمون فقلت آي وريب إن حلق مثل ما أنكم تنطقون فقال
حدثين اي نيدي فقد شاقين قولك فقلت.
جاء يف كتاب اتريخ الزيين دجالن ما نص :
إن دمحم هن تومر املقلب ابملهدي ملا فصل من مند نلطان مراكش الذي مفا
من ومل يسمع ما قال وهزيره مالك هن وهيب أن هومظ وهزهده وتشدده إمنا يقصد
امللك ،توج هو ورجال إىل امما مث ذهبوا إىل جبل تينمل وكان جبالً مظيماً في
كثري من القبائل وكثري من الزروع والفواك واتصلوا ابلسوس وذلك ننة أرهع مشرة
ومخسمائة واجتمع مل خلق كثري ةتسامع ه أهل تلك النواحي ومل يعظهم ويذكرهم
أبايم ال ويذكر هلم شرائع اإلنالم وما غري منها وما حدث من الظلم والفساد وإن ال
جيب طامة دولة من هذه الدول التبامهم الباطل هل الواجب قتاهلم ومنعهم مما هم
في ،فتاهع قبائل كثرية ومسى أتبام املوحدين وأمملهم أن النيب هشر ابملهدي الذي
ميأل األرض مدالً وإن مان الذي خيرج من املغرب األقصى فقام غلي مشرة رجال
أحدهم مبد املؤمن فقالوا ال يوجد هذا إال فيك فأنت املهدي فبايعوه ملى ذلك
فانتهى خربه إىل أمري املسلمني فجهز جيشاً ونريه إلي مع هعض أصحاه وومد
املهدي أصحاه ابلنصر فلقوا جيش أمري املسلمني فهزموهم وأخذوا أنالهبم وقوى
ظنهم يف صدق املهدي وأقبلت غلي أفواج القبائل من احللل اليت حول شرقاً وغرابً
وابيعوه وألف هلم كتاابً يف التوحيد مساه املرشد وكتاابً يف العقيدة وهنج هلم طريق
األدب هعضهم مع هعض واالقتصار ملى القصري من الثياب القليل الثمن ويزهدهم يف
الدنيا وكان قوت كل يوم هرغيف وقليل من هزيت أو مسن وكان حيرضهم ملى قتال
مدوهم وإخراج األشرار من هينهم وكان يستميل األحداث ودوي الغرة ابلراء هعد
الغني املعجمية وكان ذووا احللم والعقل من أهاليهم ينهوهنم من وحيذروهنم من إتبام
وخيوفوهنم من نطوة امللك فلما ملم هذلك خشي أن يفسدوا ملي من اتبع ويسلموه
للملك فصار يسأل ويتجسس من هؤالء الذين مينعون أوالدهم ومشائرهم من أتبام
ويكتب أمساءهم يف جريدة منده ومل يطلع ملى ذلك أحداً غال مبد هللا الونشريسي
األهكم الذي خيدم لريتب األمر مع ،وقد تقدم أن أمر أن يكتم ما منده من العلم
ويظهر البل والبكم فقال ل يف هذا الوقت هذا وقت إظهار ما منده وأمره أن يفعل
ما ننذكره فخرج املهدي يوماً لصالة الصبح فرأى يف جانب حمراه إنساانً حسن
الثياب طيب الرائحة فأظهر أن ال يعرف وقال من هذا فقال أان الونشريسي فقال
املهدي ما قص تك فقد كنت أهكم ال تتكلم فقال أاتين الليلة ملك من السماء فغسل
قليب وملمين هللا القرآن واملوطأ وغريه من العلوم واألحاديث فبكى املهدي حبضرة
الناس قم قال حنن منتحنك فقال افعل واهتدا يقرأ القرآن قراءة حسنة من أي موضع
نئل وكذلك املوطأ وغريه من كتب الفق واألصول وهقية العلوم فعجب الناس من
ذلك ومستعظموه مث قال هلم من هللا أمطاين نور أمرف ه أهل اجلنة من أهل النار
وأمركم أن تقتلوا أهل النار وتركوا أهل اجلنة ،وقد أنزل هللا مالئكة إىل البئر اليت يف
موضع كذا يشهدون هصدقي وكان قد وضع يف البئر رجاالً ثالثلة يشهدون هصدق
فسار املهدي والناس مع وهم يبكون إىل البئر وصلى املهدي مند رأنها ركعتني وقال
اي مالئكة هللا إن مبد هللا الونشريسي قد هزمم كيت وكيت فقال من يف البئر صدق
فلما قيل ذلك من البئر قال املهدي إن هذه البئر مطهرة مقدنة قد نزل غليها
املالئكة فاملصلحة من تطم لئال يقع فيها جنانة أو ما ال جيوهز وقال ذلك لئال يظهر
الرجال منها فيفشون السر فيفسد األمر الذي دهره فألقوا فيها من احلجارة والرتاب ما
طمها وأهلك من فيها من الرجال مث اندى أهل اجلبل ابحلضور ملى ذلك املوضع
فحضروا ليتميز أهل اجلنة من أهل النار فكان الونشريسي هعمد إىل الرجل الذين مرف
املهدي ه أن خياف ماقبت وكتب يف اجلريدة اليت أطلع مليها فيقول هذا من أهل
النار فيقتل وإىل الشاب الغرو من ال خياف من فيقول من أهل اجلنة فيرتك ملى ميين
ومل يزل جيمعهم يف أايم مرة هعد أخرى ويفعل ذلك وتتبع كل من خيشى من فقتل قال
اهن األثري يف الكامل فكان مدة من قتلهم نبعني ألفاً وصار الباقون مع ملى نيا
صادقة وقلوب متفقة ملى طامت .
فلما مسع شري دمحم ذلك قال اي مجبا إن هذا الرجل دام ملك هعد موت وانتمر
حنو قرن ونصف فقلت ولكن قد كان أخرب أن يبقى إىل آخر الزمان فقال ومل هقي
هذه املدة فقلت ألن وإن هين ملى غري احلقيقة فإن اشتمل ملى العبادة وصار أتبام
قائمني ابلدين فهذا هو السبب ولعل ملا غدر ابملقتولني وهم 98ألفاً وابلثالثة الذين
يف البشر قرر يف نفس إن هذا ابطل مقدمة للحق يف نظره وحنن نقرر أن هذه أمة قد
خلت وغلينا أن نرقي املسلمني ابلتعليم أما أمثال هذا فهو ابطل فإن رجوع إىل
شعبذة اهلنود فيما تقدم قريباً من إظهار الغرائب لالنتحواذ ملى قلوب الرماع
واجلهالء .اللهم إن نوع اإلنسان أمره يضحك الثكلى فقال شري دمحم :فهل يف األمم
اإلنالمية أمثال اهن تومر فقلت نعم إن تلك العصور كانت مظلمة مملوءة هبذه
األوهام قال فزدين ملماً فإين ملى ذلك وامق أحدثك قصتني أنقلهما من كتايب
اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة الشعراء مند آية السحر.
القصة األوىل يف كشف أسرار من ادعى النبوة:
قد كان ظهر يف آخر خالفة السفاح أبصفهان رجل يعرف إبنحق األخرس
فادمى النبوة وتبع خلق كثيب وملك البصرة وممان وفرض ملى الناس فرائض وفسر
هلم القرآن ملى ما أراد مث قتل ،وكان حديث أن نشأ ابملغرب فتلعم القرآن مث تال
اإلجنيل والتوراة والزهور ومجيع الكتب املنزلة مث قرا الشرائع مث حل الرموهز واألقالم ومل
يرتك ملماً حىت أتقن مث ادمى أن أخرس ونافر فنزل أبصفهان وخدم قيماً يف مدرنة
وأقام هبا مشر ننسن ومرف مجيع أهلها وكرباءها .مث هعد ذلك أراد الدموة فعمل ل
أدهاانً ودهن هبا وجهة حىت ال ميكن ألحد النظر إلي من شة األنوار مث انم يف
املدرنة وأغلق ملي األهواب فلما انم الناس وهدأ احلواس قام هدهن وده من ذلك
الدهن مث أوقد مشعتني مصبوغتني هلما أنوار تفوق السرج ،مث صرخ صرخة أهزمج الناس
مث اتبعها اثنية واثلثة مث انتصب يف احملراب يصلي ويقرا القرآن هصو أطيب ما يكون
وهنغمة أرق من النسيم فلما مسع الفقهاء تواثبوا وأشرفوا ملي وهو ملى تلك احلالة
فحار أفكارهم من ذلك مث املموا املدرس هذلك فأشر ملي وهو ملى تلك احلال
فلما رآه خر مغشياً مل فلما أفاق ممد إىل ابب املدرنة ليفتح فلم يقدر ملى ذلك
فخرج من املدرنة وتبع الفقهاء حىت انتهى إىل دار القاضي واألخبار قد شامت يف
املدينة ،فأخرب القاضي هذلك فخرج القاضي واتصل اخلرب ابلوهزير واجتمع الناس ملى
ابب املدرنة وهو قد فتح االقفال وترك األهواب غري مفتحة ،فلما صار القاضي
والوهزير وكرباء البلد إىل الباب أطلع ملي الفقهاء وقالوا ل ابلذي أمطاك هذه الدرجة
افتح لنا الباب فأشار هيده إىل األهواب وقال تفتحي أيتها األقفال فسمعوا وقع
األقفال إىل األرض فدخل الناس إلي ونأل القاضي من ذلك فقال إن منذ أرهعني
يوماً رأى يف املكان أثر دليل واطلع ملى أنرار اخللق ورآها مياانً.
فلما كان يف هذه الليلة أاتين ملكان فأيقظاين ومسالين مث نلما ملي ابلنبوة فقاال
السالم مليك اي نيب هللا فخفت من ذلك وطلبت أن أرد مليهم فلم أطق وجعلت
أمتلمل لرد اجلواب فلم أقدر ملى ذلك فقال أحدمها افتح فاك هسم هللا األهزيل ففتحت
فمي وأان أقول يف قليب هسم هللا األهزيل فجعل يف فمي شيء أهيض ال أملم ما هو أهرد
من الثلج وأحلى من الشهد وأذكى من املسك فلما حصل يف امعائي نطق لساين
فكان أول ما قلت أشهد أن ال إل إال هللا وأن دمحماً رنول هللا ،فقاال وأنت رنول هللا
حقاً ،فقلت ما هذا الكالم أيها السادة؟ فقاال إن هللا قد هعثك نبياً ،فقلت وكيف
ذلك وهللا تعاىل قد أخرب نيدان دمحم أن خامت النبيني ،فقاال صدقت ولكن هللا أراد
هذلك أن خامت النبيني الذين هم ملى غري ملت وشريعت فقلت إين ال أدمي هذلك وال
أصدق وال يل معجزا ،فقاال يوقع يف قلوب الناس تقديقك الذي أنطقك هعد أن
كنت أخرس منذ خلقت ،وأما املعجزا اليت أمطاك هللا مز وجل فهي معرفة كتب
املنزلة ملى أنبيائ ومعرفة شرائع ومعرفة األلسن واألقالم ،مث قال اقرأ القرآن فقرأت كما
أنزل ،مث قاال اقرأ اإلجنيل فقرأت ،مث قاال اقرأ التوراة والزهور والصحف فقرأ اجلميع
كما أنزل ،مث قاال قم فأنذر الناس ،مث انصرفا مين وقمت أان أصلي وهذا آخر خربي
فمن آمن ابهلل ومبحمد مث يب فقد فاهز ومن كذب فقد مطل شريعة دمحم وهو كافر
والسالم .فعند ذلك مسع ل خلق كثري وانتقام أمره وملك البصرة وممان وغريمها
وانتفحل أمره ومل يزل كذلك حىت قبل ول شيعة هعمان إىل يومنا هذا 4قبحهم هللا
تعاىل.
األرواح أبوراب وقد ناقين هذا إىل أنقال شري دمحم :قد فهمت اتريخ مناجاة م
أمرف كيف أحضر وإذا كانت العلوم الرايضية والطبيعية قد صدقها اجلهال هبا
لعلمهم إن نلكوا السبل اليت نار مليها املهندنون وملماء احلساب والطبيعة وصلوا
إىل النتائح اليت وصل إليها أولئك األمالم فحق لنا أن نسأل من الطرق اليت نار
مليها ملماء األرواح ي أوراب حىت إذا امتوران الشك فيما أخربوان ه مما مل حنط ه
ملماً نلكنا نبيلهم ليحق احلق ويبطل الباطل مند احملققني فقلت :املم اي شري دمحم
إن الطرق اليت اطلعت مليها يف كتبهم نت ونأوضحها جهد طاقيت وال أخرج من
دائرة النقل مما يكتبون.
الطريقة األوىل:
الهد من قراءة الفصل اآليت أوالً يف آداب احملضرين فمىت مملت ه فلتجلس أنت
وأصحاهك وأل منزلك حول مائدة ذا ثالث أرجل وتضعوا ايديكم مليها غري
متكئني هقوة وقد المست يد كل واحد منكم يد اآلخر واتصلت هبا مث يدوم ذلك
وال يزيد ملى رهع نامة فإذا مل تتحرك فليعد إىل العمل يف اليوم الثاين وهكذا كما
نيأيت يف الصف اآليت ومىت حتركت فلتسألوا الروح احلاضر أن يرنل لكم من تريدون
من أصدقائكم أو أناتذتكم ومىت حضر فهنا طرق تتفقون مليها مع ألن إما أن
يقال ل أن اجلواب نعم هضرهة وال هضرهتني وهكذا وإما أن يقال يكون اجلواب هكذا
األلف ضرهة والباء ضرهتان والتاء ثالثة وهكذا وإما أن تنطق حروف اهلجاء ا ب
اخل واحلرف الذي تضرب املائدة منده يكتب مث جتمع احلروف فتكون ذا معىن
وهناك حيصل كثري من التهويش والتخليط مند املبتدئني كما يف الفصل اآليت.
الطريقة الثانية:
جتلس أنت وأصحاهك أو أهل منزلك وقد وضعتم فنجاالً فوق املائدة مثالً وقد
كتبتم حروف اهلجاء واضحة جلية حسنة اخلط يف ورقة لطيفة وجعلتم هذه الورقة
حميطة هبذه املائدة ويكون الفنجال يف ونط املائدة مقلوابً وقد وضعتم أصاهعكم ملى
قامدت ويدوم ذلك رهع نامة كما تقدم فإن مل يتحرك فليعد العمل الليلة الثانية
وهكذا أنبوماً أو شهراً إىل نتة شهور كما نيأيت يف الفصل التايل ولتكن أنت
رئيس القوم ولتفكروا مجيعاً يف روح صاحلة حاضرة يف املكان أو تريدون إحضارها
ومىت حضر فاطلبوا منها أن تعرف امسها فيتحرك الفنجال واألصاهع موضومة ملي
هطريق املالمسة هال ضغط ويتج إىل احلروف حرفاً حرفاً فتكتب تلك احلروف وتقرأ
وتكون مفهومة معقولة وقد حيصل هتويش وخلط مند املبتدئني لتدخل أرواح نفلية
وإذن تكف حاالً من العمل مث يعاود مرة أخرى وال هد من الصرب والثبا .
الطريقة الثالثة:
إن األرواح أنفسها ملا رأ أن يف حتريك املائدة وانتخراج احلروف هطرقها صعوهة
وضياماً للزمن أشار مبا أييت:
وهي أن أتخذ قطعة صغرية من اخلسب مثلثة الزوااي جتعل هلا ثالث قوائم صغرية
منتهية هدواليب صغرية وترهط إبحدامها قلماً من الرصاص وتضعها ملى صحيفة من
الورق ،فلما فعلوا ذلك ووضع الونيط يده ملى هذه املنضدة الصغرية أخذ القلم
املائدة تكتب هسرمة هزائدة وحترر يتحرك فحط أحرفاً مث مجالً وهعد ذلك أخذ
رنائل مطولة.
الطريقة الرابعة:
إن يضع الونيط يده ملى الورقة وهو ممسك القلم فيستويل مليها الروح وحيركها
هذات ويسمى هذا كتاهة آلية ألن الكاتب إذ ذاك ال يدري ما ختط يده ولقد جاءهتم
كتااب ورنائل هلغا خمتلفة ومجائب من التصوير وهدائع من النقش ومن العلوم
املختلفة.
الطريقة اخلامسة:
أن توضع الورقة يف ملبة خمتومة ويضع الونيط يده خارج العلبة وملا فعلوا ذلك
خرجت مشحونة ابلكتاهة والتصاوير اجلميلة.
الطريقة السادسة:
أن تظهر األشباح واألنوار وصور أيد هشرية نورية ووجوه مستنرية المعة ويدمى
القوم أهنم ملسوا األشباح أخرياً أبيديهم وال جرم إن هذا ال يكون إال هطريقة التنومي
املغناطيسي.
قال شري دمحم "أأجريت هنفسك هذه الطرق الست أم هذا جمرد نقل قلت " هل
جمرد نقل" قال "أراك يف هذا أشب مبن يصف للناس ملم الكيمياء القدمي اليت يزمم
القوم أهنا تكون الذهب فتضر املسلمني هال فادة" فقلت "إن اإلنسان قد يف املزارع
واألشجار واألهنر ووالبحرا واألرض وهو مل يصنع شيئاً من ذلك" فقا "وهل شاهد
شيئاً من هذا " قلت "نعم قد شاهد فقد قيض هللا يل من ممل الطريقة األوىل
والثانية وأان جالس ابلقرب منهم وهم قوم صاحلون" وهذا كان مندي من العجب ألن
كان أثناء أتليف الكتاب فإهنم طلبوا أانناً منهم روح األنتاذ العزايل فتحرك الفنجال
إىل احلجروف هبذه العبارة ( مسكني شاب مرف هللا ومل يهم شوقاً ملى مجال ) مث
نألت مسائل أخرى ال يعلمها احلضور فأتت األجوهة مطاهقة فعجبت أشد العجب"
فقال شري دمحم "لعل أمصاهبم أتثر مبا يف ذهنك أو مبا مندهم من الصالح فجاء
العبارة ملى مقتضاه" فقلت "اي شري دمحم هذا هو الذي أريد من الناس أن يبحثوه
ولست أقطع يف العلم هل هذا يعوهزه مجاما وقوم مندهم انتعداد وما ملى الرنول
إال البالغ" وهذا كان يف الطبعة األوىل أما يف هذه الطبعة فإن قد مضى 49ننة
وقد رأيت فيها مجائب نأوضحها فيما هعد إن شاء هللا.
أمثلة على ما تقدم:
املثال األول :وهاك حادثة مدهشة وذلك أن يف ننة 4999ذكر جرائد
أورواب وأمريكا حاداثً مدهشاً وهو أن املؤلف االجنليزي دينكس Dichensفاجأت
املنية يف مدينة لندن 4998قبل تتمة روايت األخرية املدموة The Yoystri of
Eduin Broodأي أنرار أدوين هرود فأمتها هعد موت ملى يد الونيط األمريكي
جيمس يف مدينة هونتون وذل أن جيمس كان غالماً صانعاً قليل العلم يقضي
أايم يف العمل وإتقان حرفت فحضر يف أحدى ليايل تشرين األول ننة 4992
جلسة روحانية جتلى فيها روح ديكنس وطلب أن يكون جيمس ونيطاً يتم ه روايت
فقبل جيمس وصار جيلس يف كل ليلة يف حنو السامة الساهعة وتتحرك يده وهي
تكتب يف القراطيس أقواالً ال يعلمها ودام ملى ذلك نبعة أشهر أكمل فيها الرواية
أبلف ومتين قرطاس ولقد شهد رجال الصحافة مموماً ان يستحيل ملى القارىء أن
مييز هني ما كتب فيكنسن قبل موت وهني ما كتب الونيط جيمس هعد موت أقل
اختالف ال يف اإلنشاء وال يف اخلط وال يف نسق الرواية حىت أن األغالط اإلمالئية
اليت كان املؤلف يف حيات يعادها هقيت كما هي ولقد جاء مقاال يف الفلسفة
والعلوم والفنون والتاريخ واللغا األجنبية كتبتها األرواح ملى أيدي فتيان حديثي
السن أو فتيا ناذجا ال حيسن القراءة.
املثال الثاين :قال يف املذهب الروحاين أن األرواح قد أشار إىل وانطة انهل
من املادة ملخاهرهتم وهي أن ميسك الونيط قلماً ويضعها ملى قرطاس فيحس هعد
ذلك هيده قد حتركت من نفسها وأخذ ترقم نقطاً وخطوطاً مث أحرفاً يتألف منها
املقالة الروحانية ،وهاك كيفية ما ملك الدكتور نرايكس األملاين الوناطة اخلطية أن
مزم ملى انتجالء احلوادث الروحانية يف هيت وما هني آل دفعاً لالحتيال ،فبعد أن
أقام تسع مشرة جلسة هدون نتيجة تذكر قال ما ترمجت " يف هذه اجللسة األخرية
وهي العشرون شعر فجأة وابلتوايل إبحساس غري مألوف من احلرارة والربودة مث تريح
ابردة مر ملى وجهي ويدي فامرتى ذرامي األيسر نوع من اخلدر ال منانبة هين
وهني التعب الذي كان يعرتيين يف اجللسة فكانت يدي خملعة ملى نوع القول ال تقوى
إراديت ملى حتريكها وهعد هنيهة شعر هقوة أجنبية حتركها هسرمة مل أكن أقوى ملى
تثبيطها.
مث أحضر يل امرأيت ورقاً وقلم رصاص ووضعتهما ملى املائدة فوثبت يدي
اليسرى ملى القلم وأمسكت وهدأ ختط يف الفضاء إشارا ال معىن هلا وهسرمة
منيفة أجرب جماوري ملى التخلف للوراء.
وهعد ذلك انقضت يدي ملى الورق وضرهت هعنف حىت انكسر القلم مث احنطت
ملى املائدة ومهد .فتأكد أن ليس إلراديت دخل ال يف احلركا اليت أحدثتها
يدي وال يف حالة الشكينة اليت صار إليها فيما هعد وهعد أن هرى القم من جديد
ونوضع أمامي امسكت يدي وأخذ تلف أوراقاً مجة مالئة إايها شطواب وتقاطيع إىل
أن هدأ هنيهة ورأيناها تكتب مترينا خطية يبدأ هبا صبيان املدارس أي خطوطاً
هسيطة يف األول مث أحرافاً هجائية وكل ذلك هسرمة مجيبة وهعدها هدأ اضطراب
ذرامي وشعر من جديد هريح ابردة مر ملى يدي فعاد إىل أصلها وتبدد منها
كل ضرر وتعب.
فسرر جداً هبذه اجللسة لتأكدي فيها ظهور قوة ال تعلق هلا إبراديت وال يف
ونعي مقاومتها.
ويف الليلة الثانية قمنا من جديد إىل العمل وما مضت مخس دقائق حىت شعر
ابريح الباردة واألمراض ذاهتا اليت متت يف اجللسة الساهقة فكانت يدي اليسرى هتتز
هعنف متزايد وتطرق أحياانً طرف املائدة طرقا شديدة مرتادفة حىت ظننت أهنا قد
نلخت إال أين مل أر فيها هعد اجللسة أدىن خدش وال امرتاين فيها أقل وجع.
مث مترنت وناطيت يف اجللسا التالية وتكاملت هسرمة حىت صار يدي اليسرى
تكتب مقاال شىت لألرواح ويف إحدى الليايل صوهت نلة من الزهور يف منتهى
اإلتقان وال حاجة للقول أين ال أنتطيع أن أنتعمل يساري حىت يف األكل فكيف يف
الكتاهة ،وأما التصوير فليس يل إملام أبصول ولو هيدي اليمىن وقد أتكد أتكيداً ال
ريب في أن القوة اليت كانت تستعني هيساري للكتاهة والتصوير كانت خارجة مين وال
تعلق هلا إبراديت وكنت يف حال الكتاهة ملى أمت االنتباه ال أشعر من نفسي هغري خدر
يدي وتسلط غريب ملها مبعزل من اختياري.
والدليل ملى ذلك أين ن يف حالة الكتاهة أخاطب رفقائي وأطارحهم احلديث دون
أن تتوقف يدي من الكتاهة وال أدري ما ختط.
وقصد أحد احلضور يف جلسة أن يوقف يدي فوضع مليها يدي وارتفع جسم
تى وقع كل ثقل مليها فبقيت مع هذا تتحرك للكتاهة هقوة ونظام كأهنا ليس مليها
شيء وأن ال أحس ابلثقل الواقع مليها.
قال يف الكتاب املذكور أحببنا املالحظا اليت نشرها الدكتور نرايكس ألهنا
حتتوي ملى األمراض اليت تعرتي كل ونيط كاتب يف أول وناطت فضالً مما
لصاحبها من الشهرة يف العلم والكفاءة واهتدائ إىل الروحانية ابختياره حوادثها يف
نفس .
املثال الثالث :قال يف الكتاب املذكور :قال العالمة وليام كروكس يف الوناطة
اخلطية:
كثرا ما شاهد اآلنسة فوكس ( وهي الونيطة) تكتب مقالة روحانية ألحد
احلضور يف حني أن مقالة أخرى ويف موضوع آخر كان يتلقنها آخر هوناطة طرقا
املائدة الواضعة الونيطة يدها مليها ويف الوقت نفس كانت الونيطة تكلم إنساانً
اثلثاً هكل نهولة وانتباه يف موضوع خمالف للموضومني االخرين".
قال " وال جرم أن الوناطة اخلطية أكمل وأن لطريقة ملناجاة ا"ألرواح ولنيلها
يبذل املبتدئون جهدهم خصوصاً ألهنم يتمكنون هبا من متييز األرواح وانتجالء
هواطن أفكارهم وتقدير درجة ارتقائهم؟
أرواح تكتب بال أقالم:
املثال الرابع :قال البارون جيلد نستوي يف كتاه من حقيقة األرواح يف أول شهر
آب ننة " 4911خطر يل أن أجرب كتاهة األرواح من غري يد الونيط ملا قرأ يف
كتاب مونى من كتاهة الوصااي العشر يف نفر دانيال من الكلما السرية اليت
خطتها يد غري منظروة يف وليمة هلتشاصر وما قرأ من أنرار انرتاقور األمريكي يف
هذا املوضوع فوضعت ورقاً أهيض وقلم رصاص يف ملبة أقفلتها ووضعت املفتاح معى
وال ملم ألحد مبا فعلت ويف اليوم الثالث مشر من شهر آب ننة 4911رأيت
حروفاً نرية مكتوهة فدهشت ومجبت أشد العجب وكرر العمل يف ذلك اليوم
مشر مرا فكلل مسعاي ابلنجاح .ويف اليوم الثاين كررت مشرين مرة والعلبة مفتوحة
أمامي وأرى احلروف والكلما تسطر أمامي هر قلم فصر هعد ذلك أضع الورق
أمامي ملى املائدة فتسطر املقاال ملي هيد غري منظورة".
هبذا العمل نفس حظى الكونت أورش هرنالة من أم املتوفاة ابخلط واإلمضاء
نفسها الذي كان هلا يف حياهتا ملى يد البارون املتقدم.
وقد جرب مثل هذا العالمة واالس وكذا العالمة أونكون من مجعية العلماء يف
اكسفورد والعالمة هزولنر األملاين الدكتور جيبي األفرنسي واملعلم أويت كويس األمريكي
يف مؤلفاهتم هعد احلتياط الشديد لرفع الريبة ونفي الشبهة واإلثبا اليقني.
املثال اخلامس :روى املشرتع الفقي نارجان كوكس ما تعريب :
"كثرياً ما رأيت غعالاماً ثريفياً وهو ونيط مار من كل ملم وهتذيب جبادل مند
انتيالء الروح ملي قوماً من الفالنفة يف مسائل املنطق ومعرفة الغيب واإلرادة والقدرة
وغالباً كان يفحمهم أبجوهت السديدة وأان نفسي ألقيت ملي يوماً هعضاً من
معضال ملم النفس فحلها يل هرباهني قاطعة ألفاظ يف منتهى الرقة والفصاحة مع
أن يف حالت الطبيعية ال يدري ما الفلسفة وال جيد ألفاظاً يعرب هبا من أفكاره
الصغرية"
املثال السادس :روى العالمة واالس يف تكلم من أممال احلاكم أدمون
األمريكي ما أييت:
إن اهنة احلاكم املدموة الورا أصبحت فيما هعد ونيطة متكلمة وصار تنطق
هلغا أجنبية ال تعرف هي منها شيئاً وكثرياً ما خاطب أصحاب احلاكم مواتهم
ملى يدها وهلغاهتم اخلصوصية ،واتق مرة أن نطقت هعش لغا يف مدة نامة فقط
منها األنبانية واالفرنسية واليواننية واإليطالية والربتغالية والالتينية واهلندية واالجنليزية
وغريها من اللغا اليت كان جيهلها احلضور.
املثال السابع :هو هعض ما تقدم خاص ابلتنومي املغناطيسي وهعضها يتيسر
جلميع الناس هال تنومي ملى شرط املثاهرة والصرب واالحرتام واإللتجاء إىل هللا مز وجل.
قال شري دمحم :وهل اطلعت ملى شيء مما يذكره جهل املسلمني اليوم من قوهلم
إ ن العفريت لبس جثة فالنة أو فالن وأييت شيخ يقرأ و يعزم أحق أم هذا ضالل؟
أفال ميكن تباين احلقيقة حىت ال يقع الناس يف شباك الكذاهني؟
فقلت اي شري دمحم إين قاهلت كثرياً م هؤالء فألفيتهم كذاهني غاشي لألمة ولطاملا
قاهلت متعلماً فاضالً حاهز الشهادا العالية وقد أحسن الظن أبحد هؤالء فإذا قاهلت
وجدت افرغ من فؤاد أم مونى .وإىل اآلن مل انر هواحد من هؤالء وجدير ابألمة أن
تتيقظ وأتنف من مسايرة هؤالء ال نيما أهنا دخلت ابب العلم والرتقي وقد اطلعت
ملى نبذة يسرية تنانب هذا من الكتاب املذكور.
قال " :إن االنتيالء اجلسدي ليس لصاحب قوة كافية لتخلص من مضايقة الروح
فلهذا يشرتط يف األمر تدخل شخص اثلث يفعل إما هقوة املغناطيسية وإما هسلطة
إرادت .
هذه السلطة أدهية حمضة فال يقوى ملى طرد الروح إال من كان متغلباً مليها
ابلفضيلة والكمال ..إىل أن قال وليس للتقسيم والتعزمي أق فعل يف طرد الروح املضايق
مث قال إن النقائص األدهية أقوى جاذب لألرواح الشريرة ومن قصد التخلص منها
فعلي أن يسعى يف ممل اخلري فيجتذب إلي األرواح ومبجرد إرادهتا فقط تكبح
مجاحها وتطردها إال أن مسامدهتا ال يناهلا إال اجملتهدون يف إصالح أنفسهم السامون
وراء الكمال والفضيلة.
أقول إن هذا القول أقرب إىل الصواب فعلى من يتوىل أمر من يتخبط الشيطان
من املس أن أيمره ابألممال الصاحلة واإلخالص ( إن مبادي ليس لك مليهم
نلطان) وإن انتيالء الورح الشية ملى اجلسد املذنب أشب مبا جاء يف جمالسنا
الساهقة اي شري دمحم إذ قالت الروح العالية فيما ذكرت لك يف اجمللس التانع مث لو مل
تكونوا انقصني ما وافاكم إال أرواح صاحلة فإذا مكر هكم أحد فال تلوموا إال ذواتكم،
وما أنسب هذا لقول تعاىل يف نورة إهراهيم ( :وقال الشيطان ملا قضى األمر إن هللا
ومدكم ومد احلق وومدتكم فأخلفتكم وما كان يل مليكم من نلطان إال أن دموتكم
فانتجبتم يل فال تلوموين ولوموا أنفسكم ما أن مبصرخكم وما أنتم مبصرخي غين
كفر مبا أشركتمون من قبل إن الظاملني هلم مذاب أليم) ويف آية أخرى( :كمثل
الشيطان غذ قال لإلنسان اكفر فلما كفر قال إين هرىء منك إين أخاف هللا رب
العاملني) واحلكمة يف ذلك ترويضنا ملى الثبا وصدق العزمية وكان ال مز وجل يريد
هذلك ترويضنا ملى مصادمة األهوال والثبا يف نائل األحوال ،فكل شر جسمي
أو ونونة مقلية تدمو حثيثاً إىل الصرب والثبا ،فمن صرب وصار ذلك مادة في
نعد ومن مال مع اهلوى فرضي ابلرتف والنعيم ومل حيتمل املشقا أو أطاع الونونة
نقط ي اهلاوية وقد تقدم يف اجمللس التانع قول الروح ( :إن هللا يسمح هذلك حىت
تروضوا ملى الصرب والثبا وتتعلموا أن متيزوا اخلبيث من الطيب فإن مل تفعلوا ذلك
يكون هذا دليالً ملى نقصكم.
مطابقات للشريعة اإلسالمية:
مث قلت أليس هذا اي شري دمحم من العجب العجاب أو ليس حديث ديكنس
الساهق هذا يومىء إىل قنول مز وجل {ولو ترى إذ وقفوا ملى النار فقالوا اي ليتنا نرد
وال نكذب آباي رهنا ونكون من املؤمنني هل هدا هلم ما كانوا خيفون من قبل ولو ردوا
لعادوا ملا هنو من وإهنم لكاذهون} وقول { :ومرضوا ملى رهك صفاً لقد جئتموان كما
خلقناكم أول مرة} وقول { :اقرأ كتاهك كفى هنفسك اليوم مليك حسيباً} فقال شري
دمحم :أما حديث ديكنس فهو مجيب إن صح هل هو أمجب ما مسعنا وأما هذه
اآلاي فال أدري ما موقعها وأي مالقة لعرض جهنم ملى الكفار يوم القيامة وملى
هللا وقراءة اإلنسان كتاه ملا يف حكاية ديكنس من منط اإلنشاء وخطأ اإلمالء فقلت:
املم اي شري دمحم إن هذه اآلاي فيها داللة واضحة إن كل ممل نعمل وامتدانه
يصبح فينا نجية وغريزة اثهتة فال ينزم منا املو وإن ديكنس مل يقتلع املو من
خطأ اإلمالء واهقي منده حسن اإلنشاء وال جرم إن كل ذنوه وأممال من اخلري
والشر هقيت يف نفس حيانب مليها ويعاقب وهاذ قول تعاىل{ :ولو ردوا لعادوا إىل
ما هنوا من وإهنم لكاذهون} ألن الغريزة ال تقوم كما مل ميكن إصالح اإلمالء هعد
املو مند ديكنس وهكذا كل ذرة من اخلري والشر حاضرة مندان ابقية يف نفوننا هي
هكذا مل تتغري فال يغادر هللا صغرية وال كبرية من أممالنا .وال يعزب من مثقال ذرة يف
األرض وال يف السماء وكفى هنفسنا حسيباً ملينا .وإذا قلنا أرجعنا نعمل صاحلاً غري
الذي كنا نعمل أجاهنا( أو مل نعمركم ما يتذكر في من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما
للظاملني من نصري).
وكأن يقول :لو رددتكم لعدمت ملا هنيتكم من وأنتم تكذهون كما كنتم تكذهون يف
الدنيا هنقض مهدي هعض مرض يصبيكم أو فاقة تنتاهكم أنو انهزلة متحقكم فال مهد
لكم مندي.
اي شري دمحم إننا غافلون من نفوننا يف هذه الدنيا ولقد أفلح املؤمنون وألذكرك
ابحلديث الصحيح الشريف ( :يبعث العبد ملى ما ما ملي ) وقال الشيخ دمحم
الزرقاين:
وتـحشر أطـفـال ونقط كمثـل مـا
يكـونـون منـد الـمـو مث تكمـل
وقال يف شرح للنظم :هل حيشر الطفل والسقط هصفت وقت املو أم ال جواه
قال احلافظ هن حجر كل واحد من أهل املوقف يكون ملى ما ما ملي .
أقول :ألست ترى اي شري دمحم إن كالم النبوة صريح يف أن اإلنسان حافظ ألخالق
وآداه حىت حيشر مليها .أليس هذا هعين ما يف حكاية ديكنس وأن قد حفظ أخالف
يف أنلوب اإلنشاء وخطأ اإلمالء وهكذا يقاس مليها نائر أخالق اليت حيشر مليها،
إال أن هذه األخالق الثاهتة فينا هعد املو أمدل انقد وأكرب شاهد كمنت فينا
فأظهرها هللا .أال وأن العادا واملغرونا فينا ابلتكرار لن تزول هل تبقى خزايً ملينا
وماراً وفضيحة يقرؤها الناس يف صحائف أرواحنا ويكون مذاب اخلزي فليقلع املرء
من مادات وليوطد النفس ملى مناهذة اهلوى وحمارهة العادا الذميمة فإهنا هرنوخها
فينا تشهد ملينا.
أو ليس اخلطأ يف إمالء ديكنس شهد ملي هذلك ،أليس ذلك مصداقاً لقول
تعاىل { :يوم تشهد مليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم مبا كانوا يعملون اليوم خنتم ملى
أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم مبا كانوا يكسبون} وقول {حىت إذا ما
جاؤوها شهد مليهم مسعهم وأهصارهم وجلودهم مبا كانوا يعملون وقالوا جللودهم مل
شهدمت ملينا قالوا أنطقنا هللا الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإلي ترجعون
وما كنتم تسترتون أن يشهد مليكم مسعكم وال أهصاركم وال جلودكم ولكن طننتم أن
هللا يعلم كثرياً مما كنتم تعملون}.
آداب من حيضرون األرواح:
قال يف كتاب املذهب الروحاين ملخصاً من أخص شروط :
االختالء .والسكينة .والرغبة الصادقة .واإلرادة مع العزمية .واهلدوء والتجرد من
االضطراب .وقلة الصرب .وليكن يف مكان معتزل هعيد من الضوضاء وتشتيت الفكر.
وليلجأ املرء إىل هللا تعايل وليحرتم األرواح .وال ينبغي أن يطيل االمتحان أكثر من 41
دقيقة كل يوم وذلك مدة شهر أو شهرين أو أكثر إذا لزم ذلك فإن من الناس من ال
تتحرك أيديهم إال هعد مرور نتة أشهر من التجرهة وهعضهم تتحرك أيديهم ألول
جلسة وهو اندر جداً.
مىت شعر اجملرب هضعف يف فواه أو ضيق يف صدره انتج من فقد كهرابئيت
العصبية فليكف حاالً من النعمل وال يستأنف إال هعد أن تكمل قواه.وإذا أطال
اجللسة أكثر من 41دقيقة فهو غري حسن وليكن العمل كل يوم أو يومني ملى قدر
إمكان وإن خالف ما ذكرانه انتاه أمراض وهيلة وليجلس مع أهل منزل ملى مائدة
هبدوء وميسك كل منهم قلماً ملى قرطاس فعسى أن يكون ألحدهم انتعداد نريع،
وإذا جلس وحده أضر ه .ومن جرب ومل جيد يف نفس انتعداداً فليكف .وإذا
ظهر في هذه القوة فليصرفها يف األمور الشريفة ال يف اللهو واللعب واألمور
الشهوية وليخرت يوماً يف األنبوع حيضر مع آل لذلك العمل ،األرواح ليسوا حتت أمران
هل حيضرون مىت وكيفما شاءوا.
وإذا كانت الكتاهة غري مفهومة فليطلب من الروح إمادهتا ،وهعض األرواح ال
ميكن حضورها فال يكن يف صدر الطالب حرج من ذلك وكثرة االنتحضار تضر
املستحضر ،وقد حيدث اجلنون ليمن يف دماغهم ضعف ،وهكذا كل ما يهيج
العصب ،وهي ضارة ابلغلمان إال إذا كان طبيعياً فيهم ،وليست هذه القوة دليالً ملى
الكمال وال مدمها دليالً ملى النقص إمنا هي ترجع لالنتعداد ،ونوء التصرف هبذه
القوة يضر هصاحبها ألن من يعلم هعذب أكثر ممن ال يعلم ملى التقصري ،وكمال
صاحب هذه القوة ونقص يرجعان لألمور النفسية من التواضع وحب الناس والكرب
وكراهة الناس وما أشب ذلك ،إال وأن اجتماع احلاضرين يف الفكر صاحل حلضور
األرواح وضد ذلك تفرق األهواء وخري للمستحضر أن يعني وقتاً ألحباه الذين
يستحضرهم ألهنم ليسوا حتت أمره هل هلم أممال غري ذلك هم هلا ماملون ومن
األرواح من يسر ابحلضور وهم أحباهنا أو من حيبون اخلري العام ،ويرون أننا نطلبهم
لغاية محيدة هنا ،والروح العلوي قد حيضر جمالس كثرية يف آن واحد ،أما األرواح
السفلى فال حتضر إال جملساً واحداً ألهنا أقرب ملى األرض.
أما األرواح النقية وهي اليت ارتفعت من املادة فال تناجي إال قلواب خملصة ال
تشوهبا كربايء وال حب ذا .
ومن أراد الفوهز هتعليم األرواح فليصنع اخلري وليتجنب الكربايء وحب الذا .
درجات األرواح:
إن األرواح ملى ثالث درجا أرواح نفلية وأرواح ملوية وأرواح نقية\:
.0فاألرواح السفلية :هي اليت تغلبت مليها املادة فمالت إىل الشر وهي إما
جنسة ،ودينها الشر وإلقاء اخلصومة ،وأما طائشة حتب اخلالمة واخلفة والتالمب،
وأما متكربة مبعارفها القليلة وملومها الضئيلة فتتعامى من احلق وأما مقيمة ال تصلح
خلري وال لشر.
.2وأما األرواح العلوية :فلها نلطان ملى املادة حتب اخلري وتبعد من الرذائل
وهي:
(أ) إما صاحلة :توصف ابجلود وحب الصالح وإهلام الناس ً
أفكار صاحلة ومعارفها
قليلة وترقيها العقلي دون ترقيها األديب.
(ب) وإما حكيمة :وصفاهتا األدهية محيدة ال نقص فيها وملومها أوفر اتساماً
وأغزر مادة.
(ج) وإما رفيعة :مجعت ما هني احلكمة والعلم والفضيلة وال تلقي تعاليمها إال ملن
طلب معرفة احلق خبلوص نية وجرد قلب من املطامع الدنيوية.
.3وأما األرواح النقية :فهي اليت هلغت ذروة الكمال وجترد من ل نقص ومل
يعد للمادة أدىن أتثري فيها فأصبحت معاينة هللا مغتبطة ه وليست تناجي إال من كان
ذا فضيلة نامية وقلب جمرد من كل ما هو ذميم وغلي فاملو ال يغري طبع اإلنسان.
فالعامل يبقى ماملاً واملتوحش متوحشاً والشامر شامراً هلم جرا كما ورد يف احلديث (إن
العبد حيشر ملى ما ما ملي ) (ومن كان ف هذه أممى فهو يف اآلخرة أممى وأضل
نبيالً)
وملى ذلك تكون رنائل األرواح غري مسلم هبا ففيها الغث والسمني فرمبا حضر
للمحضر روح طائشة أو جنسة أو متكربة أو مقيمة فتذكر ل حقائق انقصة جلهلها أو
لسوء خلقها .وكما أننا يف الدنيا نرى طوائف الناس ملى أقسام فهكذا نرى األرواح
فاآلخرون من األولني.
فإذا شككت فيمن حضر من األروح فسل من امس ولقب ومدد السنني اليت
ماشها ملى األ{ض واألماكن اليت حل هبا والظروف اليت مكنت من التعرف هك إىل
غري ذلك وتسأل أن يقسم مل ابهلل إن هو حقاً روح فالن فأكثرهم ال جيسرون ملى
هذا الكذب وقليل منهم يقسمون وهم الفانقون ومن األدلة أيضاً اإلمضاء
ومضاهات إبمضائ املعروف يف األرض ،وأهم األدلة نري اإلنشاء وأنلوه ومعانية،
فغالباً ال ميكن للجاهل أن يظهر مليماً وألصحاب الرذيلة أن يرون الفضيلة فاألرواح
تتميز ابحلديث.
أال وأن الرذائل حتيط ابلروح هعد موت إحاطة اهلواء ،وإن العامل املتكرب أشد خطراً
من األرواح الشريرة ،ألن العامل مجع العلم والنباهة والكربايء واملكر ،فيغري اجلهال
ويشرهبم مبادئ السخيفة الكاذهة.
والروح العلوي قد حيضر لطالب وقد ينيب من من يعلم أن كفؤ ملى أن األرواح
كلما اهزداد ارتقاؤها اهزداد يف وحدة الفكر وانضم هعضها إىل هعض فما يراه أحدمها
يراه اآلخرون وقد تنتحل هعض األرواح السفلية أمساء األرواح العلوية هغري إرادة
اآلخرين فتعاقب هعد تلك اجلرمية ويكون ذلك امتحاانً واختباراً للناس لتمييز اخلبيث
من الطيب.
وقد أتيت الرنائل حمشوة أبكاذيب تفرق ما هني األنرة فال ينبغي أن يصدق ما
فيها كما قدمنا.
ولألرواح العلوية نلطة أدهية ملى السفلية فهي اليت متنعها من إغواء من هم
خملصون صادقون.
( إن مبادي ليس لك مليهم نلطان) واألرواح يف حال تنكنهم من فعل ما
يريدون كما يتمكن الناس ملى األرض أال وأن اإلنسان قد يناجي األرواح هفكره وإن
مل يكن ونيطاً وهذا يسمى اإلحضار الفكري وال جيوهز ل أن حيضر روحاً شريرة
إحضاراً فكرايً إذا كان وحده.
والذي يصد الروح من إجاهة حمضره أمور منها إرادت اخلاصة ه فل احلرية املطلقة
ومنها أن يكون يف أممال اخلاصة فال يتفرغ ملى احملضر ومنها أن ال يؤذن ل يف
إجاهة احملضر مقاابً ل أو ملن حيضره ومنها أن يكون يف مامل أدىن من العامل األرضي
وهو ال يتسىن ل احلضور هنا لتنايف املبدأين.
فأما إذا كان ملوايً وقد أرنل إىل العامل السفلي تكفرياً من ذنب أو لرنالة يقوم هبا
فذل لن يعجز حينئذ من احلضور ملناجاة أهل األرض.
مث إن الفكر حتمل املادة األثرية ملى الروح كما حيمل اهلواء الصو واألول ال جد
ل والثاين حمدود ،ومجيع األرواح هلا احلرية املطلقة يف احلضور ومدم ولكن األرواح
السفلية ترغمها األرواح العلوية ملى احلضور إذا كان ذلك انفعاً هلا.
والرجل الفاضل هتاه األرواح السفلية فال تقره وال نيما إن كانت حتمي أرواح
ملوية والطالنم ال أتثري هلا ملى األرواح وإمنا ذلك يف مقول السذج والعوام.
والروح قد حيضر مند موت ولكن يكون يف حال اختالط واختباط.
وحتضر روح احلي إذا كان انئماً ولكن إجاهتها ال تكون نهلة وليس يتذكر مند
اليقظة ما فعل وقت اإلحضار يف نوم .
واجلنني ال ميكن إحضاره البتة وإحضار املريض والصغري والشيخ الضعيف يضر هبم
كما تقد أن يضر هبم أيضاً أن يكونوا ونطاء .ومن املقاال ما يكون من روح
الونيط الكامنة وملوم اخلفية اليت ملمها قبل وروده ملى هذا العامل فال ندري أمن
النائم هذا أم من روح حاضرة .وال جرم إن هذا مما يدمو إىل التفكري والتبصر ليزول
اللبس .واألرواح العلوية ال حتضر اجملالس الروحانية اهلزلية وإمنا حتضرها األرواح
الطائشة فتنشيء طرق املوائد ورفعها وتلقي األحاديث اهلزلية واألكاذيب الفارغة إذ
شبي الشيء منجذب إلي .وليس يؤذن لألرواح الطائشة أن حتضر اجملالس الرهزينة إال
إذا حضر لالنتفادة فال جتسر أن ترفع أصواهتا .والونيط قد يفقد الوناطة مؤقتاً
إما لتصرف أبن جيعلها ابابً للرهزق أو اللهو والعب وأما إراحة الونيط من التعب وال
يسمح ألخر أن حيل مكان .والذكي مييز هني األمرين .مث أن املتبدىء يرغب يف
مناجاة أحبائ وهم رمبا ال يقدرون ملى مناجات جلهلهم هطرق ذلك وأما ألهنم يف مامل
أقل من ماملنا فليتخذ اإلنسان روحاً مرشداً من األرواح العالية ويسأل ممن حتضره
من األرواح الشريرة ابألرواح العالية مع التوقف حاالً من الكتاهة .وقد أطنبت يف هذا
املقام ألمهية املوضوع وليكن القارىء ملى هصرية ونور وهدى وكتاب منري .هذه
األحكام كلها من حماداث األرواح أنفسها مع العلماء فيما تقدم نقالً من أالن
كردك.
(تذكرة يف مقارنة ما يف هذا ابلقرآن
وكالم اإلمام الغزايل وإخوان الصفا):
قال شري دمحم :إذن كل هذا الفضل نقلت من كالم نفس األرواح .فقلت نعم قال
نبحان هللا إن يف هذا لعجباً مجااب قد قسمت األرواح إىل درجا من صاحلة ونقية
وملوية والصاحلة جعلت اقل اجلميع والنقية أرقاها فهل ل نظري مند ملماء اإلنالم.
وإذا كانت األرواح هلا حياة هعد املو وحرية فلم يكره الناس املو وجهلوا
حياهتم هعده وهو يف احلقيقة احلرية التامة .وأرجو أن تزيدين يقيناً يف أن أرواح
األموا هلا اتصال ابألحياء تعلمها وترهيها .فقلت أما درجا األرواح فقد ورد يف
قول مز وجل:
{أولئك مع الذين أنعم هللا مليهم من النبيني والصديقني والشهداء والصاحلني
وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من هللا ،فاألنبياء هم األرواح النقية والصديقون
الشهداء هم األرواح العلوية ومنهم الصاحلون وهم أقل اجلميع درجا }.
وقال اإلمام الغزايل يف كتاه هداية اهلداية ما ملخص ( :إن العلم أفضل ما يبتغي
الطالبون ويلي كل ممل مام للناس من املنافع املادية ،كإغاثة امللهوف ودفع الضر
واألذى ،وآخر الدرجا أن ينقطع للعبادة ،وشر الدرجا ل أن يكون شريراً مؤذايً
طماماً مجاماً.
وأما كون الناس يكرهون املو جلهلهم ابحلياة هعده وال حيبون مع أهنم هعده
أحرار ،فهاك أمسعك ما قال أخوان الصفا –إن ملة كراهة حليواان املو هو ما
يلحقها من االالم واألوجاع الفزع مند مفارقة األحياء ،فغن قيل فلم تدري النفوس
أبن هلا وجوداً خلواً من األجسام ،قلنا ألن ال يصلح هلا أن تعلم هذه املعاين ،ألهنا لو
ملمت لفارقت أجسادها قبل أن تتم وتكمل ،وإذا فارقت أجسادها قبل ذلك هقيت
فارغة مطالً هال فعل وال ممل ،وليس من احلكمة أن تكون كذلك إذا كان خالقها مل
خيل من تدهري فيكون فارغا هال فعل هل كل يوم هو يف شأنو وأما قولك كيف كانت
األرواح مهذهة ومرهية لألحياء يف الدنيا فقد ذكران يف هذا الكتاب ما ورد يف النبوة إن
إهلام الناس من املالئكة والونونة هلم من الشياطني كما جاء من األرواح يف اجملامع
النفسية وتزيده هياانً اآلن فنيقول ومما جاء يف احلكم املأثور أن هللا تعاىل ومالئكت
مليهم السالم وأهل السموا وأهل األرض حىت النملة يف جحرها واحليتان يف البحر
يصلون ملى معلم الناس اخلري.
ومنها أن املالئكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ،فانظر وتعجب أليس ذكر
املالئكة يف هذه احلمن وأهنا تضع أجنحتها لطالب العلم داللة ملى املنانبة واملالهزمة
هني املتعلم وهني املالئكة واألرواح العالية أليس هذا نظري ما جاء يف هذا املقال من
األرواح ترمجة آالن كردك :إذ يقول أن األرواح العلوية ال حتضر اجملالس اهلزيلة إمنا
حتضرها األرواح الطائشة وال يؤذن لألرواح الطائشة أن حتضر اجملالس الرهزينة ،ونقول
أيضاً أن األرواح العلوية قد أتمر األرواح ابحلضور يف اجملالس النافعة الروحية فهناك
إذن مالقة ملمية وترى منانبة املالئكة ألهل العلم جاء كالم يف السنة ويف
األرواح وورد يف القرآن الكرمي (شهد هللا أن ال آل آال هو املالئكة وأولو العلم
قائماً ابلقسط) فجعل أويل العلم هعد املالئكة فإن املالئكة يعلمون أويل العليم وقال
يف إخوان الصفا يف رنالة العلل واملعلوال صفحة :492
مث إملم أن النفوس التامة الكاملة إذا فارقت أجسادها تكون مشغولة هتأييد
النفوس الناقصة اجملسدة لكيما تتم هذه وتكمل وتتخلص من حال النقص وتبلغ ملى
حال الكمال وترتقي هذه املؤيدة أيضاً إىل حال أكمل وأشرف وأملى وان إىل رهك
املنتهى .واملثال يف ذلك األب الشفيق واألنتاذ الرفيق وتعليمهما التالمذة واألوالد
وإخراجها أابهم من ظلما اجلهاال إىل فسحة العلوم وروح املعارف ليتم التالميذ
واألوالد تعليمهم وليكمل اآلابء واألنتاذون إبخراج ما يف قوة نفونهم من العلوم
واملعارف والصنائع واحلكم إىل الفعل والظهور اقتداء ابهلل تعاىل وتشبهاً ه يف حكمت ،
إذ هو السب األول واملبدأ يف إخراج املوجودا من القوة إىل الفعل والظهور ،وكل
نفس هي أكثر ملوماً وأحكم صنائع وأجود ممالً فهي أقرب تشبهاً هرهبا وهذه هي
مرتبة املالئكة الذين ال يعصون هللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ويبتغون إىل رهبم
الونيلة أيهم أقرب ،ولذا قالت احلكماء احلكمة هي التشب ابهلل حبسب طاقة البشر،
معناه أن تكون ملوم حقيقية وصنامت حمكمة وأممال صاحلة وأخالق مجيلة وإرادت
صحيحة ومعاملت نظيفة وجوده ملى غري متصالً وهللا نبحان وتعاىل كذلك .انتهى
ما أردت من إخوان الصفاء .فتعجب أليس م قالت األرواح يف اجلمعيا النفسية يف
أورواب هو كما يف القرآن ويف احلديث ويف كالم إخوان الصفا ،ذلك إمجاع من الغرب
والشرق والعلم والدين أن أرواح الناس هعد املو تكون متصلة ابألحياء تشب
الشياطني اترة واملالئكة أخرى وأن الكاملة منها تعلم األحياء وهتديهم الصراط
املستقيم .أو ليس هذا معجزة لسيدان دمحم .
ما كان ليجول يف خاطري أن العلم يكشف من وج احلقيقة النقاب وجيليها
مذراء هبية ألويل األلباب إن يف هذا لعربة لقوم مفكرين.
أو ليس ذلك قول تعاىل{ :ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أن
احلق أو مل يكف هرهك أن ملى كل شيء شهيد أال أهنم يف مرية من لقاء رهبم أال أن
هكل شيء حميط}.
ولقد تبني فيما مضى يف هذا الكتاب أن اإلنس فلهم أتثري ملى األرواح السفلية
وهنا جتلى أن لألرواح السفلية واملالئكة نلطاانً ملى نفوس األحياء وأن الفضالء منا
يتلقون من األرواح العالية .والسفهاء من األرواح يتعلمون من اإلنس القرتاب طبيعتهم
السفلية من طبيعة األحياء النغمانهم يف املادة وكل هذا يستفاد من كالم األرواح
كما تقدم فانظر كيف صح هذا يف ديننا تعجب أليس النيب ملا قرأ نورة الرمحن
وكر آية {:فبأي آالء رهكما تكذابن} أي أبي نعم رهكما اي معشر اجلن واإلنس
تكذابن ذكر للصحاهة رضوان هللا مليهم إن اجلن مسعوها قالوا( :وال هشيء من نعمك
رهنا نكذب فلك احلمد) وكثرياً ما كنا نسمع أن النيب ملي الصالة والسالم مرنل
لإلنس واجلن ونسمع يف نورة الرمحن يقول نبحان وتعاىل{ :اي معشر اجلن واإلنس
إن انتطعتم أن تنفذوا من أقطار السموا واألرض فانفذوا ال تنفذون إال هسلطان}
وقال يف نورة أخرى { :اي معشر اجلن واإلنس أمل أيتكم رنل منكم يقصون مليكم
آاييت} فإذا مسع العاقل أمثال هذا قال يف نفس :
كيف يرنل للجن وهم جمردون من املادة وهبذا الكتاب وضح احلق وانتبان
السبيل وأن األروح اليت ما انقصة طبيعتها أقرب ملى البشر فيفهمون منهم أكثر
مما يفهمون من األرواح العالية اليت تفيض ابلعلم ملى أفئدة العلماء يف الدنيا وقد
أتذن األرواح العلوية للسفلية أن حتضر جمالسنا لتستفيد منها ملوماً وهبذا جتلى لنا
كيف كان نيدان دمحم مرنالً للجن واإلنس .ما أمجل العلم احلكمة.
فائدة:
رمبا أشار النبوة من ظف خفي ملى هعض حوادث العصر احلاضر إذ جاء يف
السرية احللبية اجلزء األول صفحة 281قال رنول هللا (والذي نفس دمحم هيده ال
تقوم السامة حىت يكلم الرجل شراك نعل ومذهة صوت مبا فعل أهل ) وشراك النعل
أحد نيورها الذي يكون ملى وجه ومذهة صوت طرف وقيل نريه وهذا أشب هشريط
(املسرة) التليفون ولعل يف املستقبل ما يبني معناه من هذا العلم أو غريه وهللا أملم.
الفصل الثالث
يف التنومي املغناطيسي
قال شري دمحم :قد مرفنا إحضار األرواح ونريد أن نعرف التنومي املغناطيسي،
فقلت :إملم اي شري دمحم أن ذلك ملم آخر يسمى السبا املغناطيسي أو التنومي،
وهو أن ينام اإلنسان هدرجا خمتلفة ألنباب طبيعية او كيماوية أو حيوية،
فاألنباب الطبيعية النور والصو ابن يسمع صواتً متساوي اللحن ،والسائل
الكهرابئي اخلفيف ،والقطع الزجاجية الالمعة اليت تنوم من حدوق نظره إليها،
واملؤثرا الكيماوية هي األثري والكلوروفورم واألهزو ،وهي تلقى آخذها يف النوم
وتفقده اإلحساس .واملؤثرا احليوية أخصها اإلرادة أبن أيمر ابللسان أو السيال
العصيب أو حيدق هبصره إىل الشخص املنفعل أو يبادئ ابإلشارا واحلركا
املغناطيسية .هذه هي أنباب التنومي إمجاالً أما درجا النوم فهي ثالث:
أول :أن يفقد اإلحساس ويلبث شاخص العني يتلقى أوامر املنوم ،وتلوح ملي
األمارا الدالة ملى قبول لكل ما يريد املنوم ابلكسر .ويف هذه احلالة لو أدخل رجل
املنوم ابلفتح يف ماء مغلي أو قرص جسم مل حيس كما جره العالمة دي هوكات يف
ابريس لتالميذه (وكما شاهدت هذه الليلة -ليلة السبت الساهع من شهر فرباير ننة
– 4728وأان أتب هذه القطعة مند إمادة طبع الكتاب) ،فإن صديقي حممود
أفندي مراد قد أانم يف دار التمثيل العريب شباانً وصار يلعب حبوانهم ،فيطعمهم املوهز
ويقول هلم هو حنظل فيلفظون ويطعمهم الطماطم ابنم التفاح فيستلذون طعمها،
ويسمى أحدهم ابنم غري امس فيصدق ويتمسى ه .وقد قال لشاب أنت امسك لبيبة
فأران رقصك ففعل ،وأمره أيضاً هقلب النوم الصنامي طبيعياً ففعل ،وأهرهز صورة اجلرائم
من املنومني وكيفية إقرارهم وما أشب ذلك .وكان يبكيهم اترة ويفرحهم أخرى ويلفق
هلم هتمة مث يفهمهم أهنم آمثون ظاملون فيندمون ويبكون هصو مال...اخل.
وال جرم أن هذا مبدأ التنومي املغناطيسي ،وقد صدق ظين أن هالدان نتنال حظها
من ملم األرواح .وهذا كتاهنا في جتارب األمم من حيث الثمرا ،وأان ال أشك أن
العقالء نينظرون لثمرا التنومي وإحضار األرواح الرتقاء نوع اإلنسان ،كما نقلناه يف
هذا الكتاب.
اثنيا – إن يفقد اإلحساس متاماً ويغلق ميني كاحلال األوىل ولكن متتاهز هذه أن
يسمع ويبصر ويتكلم وجييب مبعزل من احلواس ويقرأ ويكتب كما أيمره املنوم.
اثلثا ًً – أن حيصل اخنطاف روحي أبقصى درجات .وإذن يعرف النائم نفس
معرفة اتمة ويصف ملل جسم والعالجا املالئمة ويشاهد أفعال النسا ويسمع
كالمهم من هعد نحيق ،وينيبء من حوادث مستقبل ويتكلم هلغا شىت ،ويرى
أرواح األموا ويصف هيئتها الكاانلبسيا .البنارجيا .السوانهيلزم.
(ومما ذكر ) من خرب املعتضد وحزم يف األمور وحيل أن أطلق ابلرتتيب:
وينقل إىل اجلالسني أقواهلا .وهذه الدرجا الثالثة تسمى هكذا وهاك هعض
احلوادث إلثبا ما تقدم:
املثل األول :قال العالمة شاردل يف أتليف املدمو ابملغنطيسية احليوانية أن نوم اهنة
صحيحة البنية ،وهينما هي تلقن وصف العالج الذي يداوي ه نألت :أال تسمع
كيف أيمرين هذلك ،فقال هلا :ال أمسع أحداً ،فقالت :نعم ألنك انئم وأان يقظانة
حرة ،فقال هلا :وامجباً لك أين حريتك ،أنت مسخرة إلراديت .قالت ل :أنت تعرف
ظاهر الشيء اخلشن الغليظ أما أان فأرمق ابطن البهي ،فإن نفسي منحلة من القيود
مؤقتاً ،فأرى ما ال تراه أنت ،وأمسع ما ال تسمع أذانك ،وأدرك ما ال تقوى ملى
إدراك ،وأرى النور يشع من أطراف أصاهعك وأنت متغطسين ،وأمسع أصوااتً من هعيد
جداً وحديث من يتكلم يف هلد آخر ،فأان أذهب إىل األشياء وليست هي اليت يؤتى
هبا إىل .وحايل اآلن يقظة حتاكي يقظة اإلنسان هعد املو .
املثل الثاين :وصفت فتاة كان ينومها العالمة شاردل املذكور ل احلال اليت كانت
مليها حني نومها ،فقالت :أحش أن جسمي يتمدد شيءاً فشيئاً حىت أفارق وأراه
هعيداً مين ابرداً كجسم ميت ،وأرى نفسي كبخار وأدركما ال أقوى ملى إدراك يف
اليقظة والنوم املغناطيسي الذي هو أقل من هذا ،وهذه احلال ال تدوم أكثر من رهع
نامة مث يرجع اجلسم البخاري شيئاً فشيئاً إىل جسمي الغليظ مث أفقد الشعور.
املثال الثالث :أممال األكادميية الطبية الفرنسية غذ خصصت جلنة طبية للنظر
يف احلوادث املغناطيسية .ولنذكر حادثة واحدة من حوادثها لتطلع اي شري دمحم ملى
مجائب العلم واحلكمة ولتكون منوذجاً من أممال تلك اللجنة يف أشهر املمالك
األوروهية .
اجتمعت اللجنة يف 1تشرين األول وقت الظهر واملريض هو املسيو كاهزو املصاب
هداء الصرع واملنوم هو املسيو فرواناك وجلس فواناك يف حجرة أخرى ومل يعلم كاهزو
أن حضر وأرنلوا لفرواناك أن ينوم كاهزو ومينوا ل النقطة احملاذية ل يف احلجرة فنام
كاهزو هعد أرهع دقائق .فسألوه من النواب اليت نتنوه هعني منها اثنتني هدقائقهما
ونامتهما وأايمهما والنوهة األوىل هعد أرهع أناهيع .والثانية هعد مخسة أناهيع .فكتبوا
التقرير وأمطوه ملن ينوم وهو املسيو فرواناك مبدلني املواميد قصداً فلما نوم هعد
أايم ليشفي من أمل الرأس مبواميد للنوهة غري اليت أخرب اللجنة هبا .فرجع ملى اللجنة
وأخربهم أن التقرير الذي قدموه ل حمرف :فأصروا ملى قوهلم مث متت النواب يف
األوقا املعينة ابلضبط يف مومدين معينني حصلت إحدامها يف وقتها .أما األخرى
فقد نقط قبل وقومها وهو يهدي حصاانً وهتشمت رأن ملى العجلة فما ا هـ.
وقد فصل القول العالمة هيسون من أمضاء اللجنة املذكورة فقال أن املريض أنبأ
حبوادث النواب قبل حدوثها فلم خيطيء واملغناطيسية احليوانية أصلحت حال وأهزالت
من أوجاع الرأس وكان يصف العالجا وصفاً دقيقاً .وكان يقول أن هذه النواب
تصيب ما مل ينوم قبل وقت حلوهلا .ومع ذلك مل خيطر هبال أن حادثة نتصيب فتقطع
ملي حيات .وهذه أشب أبمر السامة فإن اإلنسان يعرف مقادير قطع العقارب للميناء
فيحددها ابلتحقيق ولكن ال يدري مىت يفاجئها كسر أو هتشيم فتق حاهلا.
فقال شري دمحم إن التتومي املغناطيسي أمره مجيب فهل اطلعت ملى ما يشب ذلك
مند األمم العرهية فقلت أتذكر قصة واحدة فقال وما هي قلت جاء يف كتاب مروح
الذهب للمسعودي ما أييت:
من هيت املال لبعض الرنوم يف اجلند مشر هدر فحملت إىل منزل صاحب مطاء
اجليش ليصرفها فيهم فنقب منزل يف تلك الليلة وأخذ العشر البدر فلما أصبح نظر
إىل النقب ومل ير املال فأمر إبحضار صاحب احلرس وكان ملى احلرس يومئذ مؤنس
العجلي فلما أاته قال ل إن هذا املال للسلطان واجلند ومىت مل أت ه أو ابلذي نقب
وأخذ املال ألزمك أمري املؤمنني غرم فنجد يف طلب وطلب اللص الذي جسر ملى
هذا الفعل صار إىل جملس وأحضر التواهني والشرط والتواهون هم شيوخ أنواع
اللصوص الذين قد كربوا واتهوا فإذا جر حادثة ملموا من فعل من هي فدلوا ملي
ورمبا يتقامسون اللص ما نرقوه فتقدم إليهم يف الطلب وهتددهم وأومدهم وطالبهم
فتفرق القوم يف الدروب واألنواق والغرف واملواخري ودكاكني الروانني ودور القمار
فما لبثوا أن أحضورا رجالً حنيفاً ضعيف اجلسم رث الكسوة هني احلالة فقالوا اي
نيدي هذا صاحب الفعلة هو غريب من غري هذا البلد وأطبق القوم كلهم ملى أن
صاحب النقب ولص املال فأقبل ملي مؤنس العجلي وقال ل ويلك من كان معك
ومن أمانك وأين أصحاهك ما أظنك تقدر ملى مشر هدر وحدك يف ليلة ما كنتم إال
مشرة وأقل ذلك مخسة فأقر يل ابملال إن كان جمتمعاً وملى أصحاهك إن كان املال
قد قسم فما هزاده ملى اإلنكار شيئاً فأقبل يرتفق ه ويعده أن يثيب ويرهزق ويعظم
جائزت ويعده هكل مجيل ملى رده واإلقرار ه يتومده هكل مكروه ملى جحوده
وإنكاره فلما غاظ ذلك وأنكره ويئس من إقراره أخذ يف مقوهت ومسألت فضره
ابلسوط والقلوس واملقارع الدرة ملى ظهره وهطن وفقاه ورأن وأنفل رجلي وكعاه
ومضل حىت مل يكن للضرب في موضع وهلغ ه ذلك إىل حالة ال يعقل فيها وال
ينطق فلم يقر هشيء فبلغ ذلك املعتضد فأحضر صاحب اجليش فقال ل ما صنعت
يف املال فأخربه اخلرب فقال ل ويلك أتخذ لصاً قد نرق من هيت املال مشر هدر
فتبلغ ه املو والتلف حىت يهلك الرجل ويضيع املال فأين حيل الرجال فأتى ه وقد
محل يف جل فوضع هني يدي وقد مقل فسأل فأنكر فقال ل ويلك إن مت مل ينفعك
وإن هرئت من هذا الضرب مل أدمك تصل إلي فلك األمان والضمان ملى ما تصلح
ل حالتك وحيمد ه أمرك فأىب إال اإلنكار ،فقال ملى أبهل الطب فأحضروا فقال
خذوا هذا الرجل إليكم فعاجلوه أبرفق العالج وواظبوا ملي ابملراهم والغذاء والتعاهد
واجتهدوا أن تربئوه يف أنرع وقت فأخذوه إليهم وأخرج ما ال مكان املال وأمر هتفريق
ملى اجلند فيقال أن هريء وصلح يف اايم يسرية مث واظبوا ملي ابلطعام والشراب
والوطاء والطيب حىت صح وقوي جسم وظهر لون ورجعت غلي نفس مث ذكر ه
فأمر إبحضاره فلما حضر هني يدي نأل من حال فدما وشكر وقال أان خبري ما أهقى
هللا أمري املؤمنني مث نأل من املال ماد إىل اإلنكار فقال ه ويلك لست ختلو من أن
تكون قد أخذت وحدك كل أو وصل إليك هعض فإن كنت أخذت ل فإنك تنفق يف
أكل وشرب وهلو ال أظنك تفني قبل موتك وإن مت فعليك وهزره وإن كنت أخذ
هعض مسحنا ل ه فأقر ملى أصحاهك فإين أقتلك إن مل تقرر وال ينفعك هعار املال
هعدك وال يبايل أصحاهك هقتلك ومىت أقرر دفعت لك مشرة آالف درهم وأخذ
لك من أصحاب اجلسر داننري تكفيك ألكلك وشرك وكسوتك وطيبك وتكون مزيزاً
وتنجو من القتل وتتخلص من اإلمث فأهىإال اإلنكار فانتحلف ابهلل وأظهر ل مصحفاً
فحل ف ملي فقال أين نأظهر ملى املال فإن أان ظهر ملي هعد هذه اليمني قبلتك
ومل أنتبقك فأىب إال اإلنكار فقال ل فضع يدك ملى رأني واحلف حبيايت فوضع يده
ملى رأن وحلف حبيات أن ما أخذوه وأن مظلوم متهم وأن التواهني قد تربؤوا ه فقال
ل املعتضد فإن كنت قد كذهت قتلتك وأان هريء من دمك قال نعم فأمر إبحضار
ثالثني أنود حبيث يراهم ويرون أمرهم أن يتناوهوا يف مالهزمت فا ملي أايم وهو قامد
ال يتكىء وال يستلقي وال يضطجع وكما خفق خفقة وجيء فك وقمع ران حىت إذا
ضعف وقارب التلف أمر إبحضاره فأمد ملي ما كان خاطب ه وانتحلف ابهلل وهغري
ذلك من اإلميان فحلف ملى ذلك كل ومبا مل يستحلف ه أن ما أخذ املال وال يعرف
من أخذه فقال املعتضد ملن حضر قلي يشهد أن هريء وأن ما يقول حق وأن التواهني
قد مرفوا صاحب وقد أمثنا يف هذا الرجل ونأل أن جيعل يف حل ففعل مث أمر
إبحصار مائدة مليها طعام وأ،حضر ابرد الشراب وأمره ابجللوس واألكل والشرب،
فأقبل ايكل ويشرب وحيث ملى األكل ويلقم ويعاد الشراب ملي ويكرر حىت مل يبقى
لألكل والشرب موضع مث أمر هبخور فبخر وطيب وأتى ل حبشية هيش فوطيء ل
ومهد فلما انتلقى وانرتاح وغفا أمر إبهزماج ونرمة ايقاظ فحمل من موضع حىت
أقعد هني يدي ويف ميني الونن فقال ل حدثين كيف صنعت وكيف نقبت ومن أين
خرجت وإىل أين ذهبت ابملال ومن كان معك قال ما كنت إال وحدي وخرجت من
النقب الذي دخلت من وكن مقاهل الدار محام ل كوم شوك يوقد ه فأخذ املال
ورفعت ذلك الشوك والقماش والقصب فوضعت حتت وغطيت وهو هنالك فأمر هرده
ملى فراش فردوه وأضجعوهن ملي مث أمر إبحضار املال فأحضر من آخره مؤنس
العجلي وأحضر الوهزير واجللساء وقد غطى املال ابلبساط انحية من اجمللس مث أمر
إبيقاظ اللص وقد اك تفى يف النوم وذهب من الونن فقال ل حبضرة اجلميع مثل قول
األول فجحد وـنكر فأمر هكشف البساط وقال ل ويلك أليس هذا املال فعلت كذا
وكذا يصف ل ما كان حدث ه فأنقط يف يد اللص مث أمر فقبض ملى يدي ورجلي
وأوثق مث أمر مبنفاخ يف دهره وأتى هقطن فحشى يف أذني وفم وخيشوم واقبل ينفخ
وخلى من يدي ورجلي من الواثق وأمسك ابأليدي قد صار كأمظم ما يكون من
الزقاق املنفوخة وقد ورم نائر أمضائ ومظم جسم وغيناه قد امتألات وهرهزات فلما كاد
أن ينشق أمر هعض األطباء فضره يف مرقني فوق احلاجبني ومها يف اجلبني فأقبلت
الريح خترج منهما مع الدم وهلا صو وصفري إىل أن مخد وتلف وكان ذلك أمظم
م نظر رؤى يف ذلك اليوم من العذاب وقيل أن البدر كانت مينا وأن مددها كان
أكثر مما وصفنا ا هـ.
فلما مسع ذلك شري دمحم قال هذه من أماجيب الزمان أين أريد أن تزيدين من هذا
ومن ملم السحر مند القدماء فإن مجيل فقلت إن أمظم قوم نبغوا ي السحر هم
قدماء املصريني فأان اآلن أمسعك ما ذكرت يف كتايب اجلواهر يف تفسري القرآن يف اجمللد
الثالث مشر يف نورة الشعراء مث أهتع مبا جاء يف كتاب املذهب الروحاين ،فأما ما
جاء يف كتاب اجلواهر فهاك نص :
4
روى من اهن الفارض الشامر الطائر الصيت أن تلقن معظم قصائده وأخصها النائية الكربى الشهرية يف
السبا املغناطيسي املدمو مند العرب فتحاً.
املذكور هذه املباديء احلديثة قام ملي الكهنة وأجلأوه إىل اهلرب إىل هوالاندا حيث
اجتمع ابلعالمة ديكار الفيلسوف الشهري.
ويف اجليل الساهع مشر تعاطي مدد من األطباء العلماء األصول املغنطيسية
وأذاموا آرائهم فيها .ونذكر منهم ملى نبيل اإلختصار املعلم روهر فلود االكوني مث
املعلم ماكسويل الذي نسب الكهنة آتليف إىل تلقينا شيطانية مث الطبيب جريرتاك
اإلجنليزي الذي كان يصنع مجائب هوضع يدي ملى املرضى من دون أن يدري
هكيفية صدور هذه األممال من ويف هداية اجليل الساهع مشر كان الطبيبان هوريل
وفال يستعمالن التفخا املغنطيسية ي شفاء األدواء العصبية اليت مل ينجح فيها دواء
واملعلم جاننر مأل أملانيا من أنباء ما فاهز ه من النتائج احلسنة يف انتعمال
املغنطيسية فكان حيدق هبصره إىل العليل ويفرك جسم يف فوق إىل أنفل ومند
وصول إىل األطراف ينفض أصاهع كأن يطرد اجلراثيم املرضية.
ويف أواخر اجليل الثامن مشر ظهر العالمة مزمر ومجع شتا ما تفرق ف1ي
املغنطيسية احليوانية ورتب أصوهلا وفرومها وملم كيفية صدورها من الشخص الفامل
إىل الشخص املنفعل .فانتشر تعليم إنتشاراً ماماً وتقاطر إلي مدد غفري من
التعالمذة فنسب إنشاء املغنطيسية احليوانية إلي ولقبت ابملزمرية.
غري إن ملماء العصر مل يسملوا هصحة هذه التعاليم احلديثة هل نبذوها وامتدوها
من مجلة خرافا األقدميني وأشهروا مليها حرابً مواانً حىت جعلوها موضوما للسخرية.
إمنا املغنطيسية احليوانية هي إحدى احلقائق الراهنة اليت تنمو رغماً من كل مصادمة
مدوانية فل ترشها السخرية وال هزمزمتها ريح االضطهاد هل أتصلت وامتد إىل أن
هلغت اليوم احملافل العلمية الرننية فسلموا هصح حوادثها وانتبدلوا امسها فدموها
تنومياً ) (hypnotismوأصبحوا يكتبون املقاال الراننة يف غرائب التنومي وأنشئت
جمال طبية خصوصية للبحث يف هذه احلقائق احلديثة .هذا شان كل حقيقة راهنة
تصدم يف هدايتها الرأي العام فينهض ضدها املتعصبون ولكنها ال تزول حىت تستظهر
ملى كل مقاومة وختضع هلا العقول.
فصل يف عجائب العلم احلديث يف التنومي:
قال شري دمحم :قد فهمت ما أهديت يف هذا الفصل من هذا اجمللس من مجائب
التنومي املغناطيسي ومرفت أنواع املؤثرا ملى األمصاب من املواد الكيماوية والطبيعية
واحلواينية وكيف ينام اإلنسان ال حراك وال حس ل .وكيف يرى ويسمع هال مسع وال
هصر .ولكن هل هلذا مالقة ابلقرآن الكرمي .وإذا كان إحضار األرواح يوافق القرآن
فكيف يكون للتنوم املغناطيسي مالقة ه .وما املنانبة هين وهني العقائد العامة للناس
– قلت اي شري دمحم:
ال فرق هني العمني من حيث النتيجة كما أشر أنت ل يف نؤالك إمنا املدهش
العجيب الذي ختر ل أرابب احلكمة نجداً ما قصصت مليك اليوم فإن النائم يف
درجات الثالث يتذكر أحواالً ماضية ويبدي غرائب ومجائب.
إن كل من حاال السبا املغناطيسي ل ذاكرة خاصة ه إلغن النائم يف احلالة
األوىل يتذكر كل ما ممل يف اليقظة .ويف احلالة الثانية يتذكر كذلك كل ما مل يف
اليقظة وي احلال األوىل .ويف احلال الثانية يتذكر أممال يف اليقظة ويف احلال األوىل
والثانية وإذا ماد إىل احلال الثنانية يفقد ذكر ما ممل يف احلال الثالثة وإذا ماد إىل
احلال األوىل ال يتذكر ما ممل يف الثانية والثالثة وهلم جرا وملى هذا يتسع نطاق
ذاكرة الروح ملى قدر اتساع حريتها وضعف الواثق لرطها ابجلسد.
فإذن ال يكون التذكر التام إال هعد اإلحنالل التام من اجلسد ابملو .وقد أنهب
العالمة جربائيل ديالن يف إثباات هذه احلقيقة يف كتاه املدمو ابالرتقاء الروحي -
هذه نتائج مجيبة للمغناطيسية ا هـ .ملخصاً من املذهب الروحاين.
اليس هذا ينطبق هتفسري قول تعاىل {يوم يتذكر اإلنسان ما نعي} وقول تعاىل:
{إقرا كتاهك كفي هنفسك اليوم مليك حسبا} وقول أيضاً{ :لقد كنت يف غفلة من
هذا فكشفنا منك مطاءك فبصربك اليوم حديد} وقول تعاىل{ :يوم جتد كل نفس ما
مملت من خري حمضرا وما مملت من نوؤ تود لو أن هينها وهين أمداً هعيداً}.
أليس هذا ما أخرب ه هللا تعاىل فقال{:ننريهم آايتنا يف األفاق ويف أنفسهم حىت
يتبني هلم أن احلق} وها حنن أوالء نظران يف اآلفاق فألفيناها منظمة حمكمة .واليوم
حنن نبحص يف األنفس فألفيناها أمجب وأغرب تصديقاً لقول تعاىل{ :ويف أنفسكم
أفال تبصرون) وأتمل ما يقال "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" وتذكر قول تعاىل:
{فستذكرون ما أقول لكم} وقول "إمنا هي أممالكم تعرض مليكم".
أليست أممال النفس الثالثة املتقدمة شرحاً للحديث الشريف فإن اإلنسان ال
يتذكر إال يف حال االنطالق التام واملو هو أمت االنطالق وكأننا اآلن انئمون ويقظتنا
ابملو قال تعاىل{ :وإن الدار اآلخرة هلي احليوان لو كانوا يعلمون} فبمثل هذا فيكن
العلم واليقني وملثل هذا فليعمل العاملون وهذه املعارف هي مني اليقني.
اجمللس احلادي عشر
يف بيان براهني سقراط على بقاء النفس وكيف كان مبدأ
التفكري عند املؤلف وكيف استدل ابن مكسويه
عليها وهيئة املفكرين يف هذا العصر احلاضر
قاهلين الشيخ شري دمحم وقال :لقد فهمت يف اجمللس الساهق كيف كان إنتشار
الروحانيتة يف الدنيا وطرق اإلحضار .واليوم أرجو أن تذكر يل كيف أنكر الناس يف
هذا العصر ،وكيف ينسبون هذا اإلنكار إىل رجال جملة مشهورة يف هذه البالد.
فقلت اي شري دمحم :إن النسا ملى أقسام فمنهم املفكرون الناظرون هعقوهلم .وكثرياً ما
هم يف هالدان :وقد يطلعون ملى آراء أفالطون ونقراط وقدماء الفالنفة وحمدثيهم،
فأما هراهني املتقدمين العقلية فيمنها ما قال نقراط :ترمجة الفيلسوف ننتالنة الطلياين
والققطي املصري وهذا نصها:
أول :إان نشاهد الضد يتولد من ضده فاجلميل ينشا من القبيح ،والعدل من
اجلور ،واليقظة من النوم ،والنوم من اليقظة ،والقوة من الضعف وابلعكس .فاألشياء
يتحيل هعضها إىل هعض .مث ترجع هصفة دائرة إىل ما كانت ملي .
واحلياة املو .والوجود والعدم نقيضان .فالوجود ينشأ من العدم واملو ينشأ من
احلياة .وملى ذلك يلزم أن تنشأ احلياة من املو إذ ال هد أن يكون للمو ما
يناقض وإال فقد خالفت الطبيعة قامدهتا املطرودة يف مجيع األشياء.
اثنيا :ما يستدل ه من طبيعة العلم :وذلك آ العلم إمنا هو تذر النفس ما
كانت قد ملمت يف حياة ناهقة ومصادقة أن أجهل الناس إذا نئل نؤاالً منظما
من مباديء اهلندنة مثال وانتقل ه السؤال من أصل إىل أصل شيئاً فشيئاً ملى
الرتتيب فقد جيد من نفس مباديء اهلندنة جمومباديء كل ملم وهذا ال ميكن إال إذا
كانت األصول منطبقة يف فطرت موجودة مند قبل والدت وهناك دليل آخر من هذا
النوع وهو لو أان فرضنا ملماً ناهقاً موجوداً يف ذهننا ما متكنا من فهم شيء من
املوجودا .فإننا إذا قاهلنا شيئاً آبخر مثالُ ما أمكن أن نقول أن مساو أو غري مساو
لو مل يكن يف ذهننا قبل كل مقاهلة معىن املساواة املطلقة اليت مل نستفدها من األشياء
احملسونو .إذ ال شيء منها يتحقق في املساواة إال هنوع التقريب ومساحمة توجب أن
يكون معىن املساواة مرتسماً يف ذهننا حىت حنكم ملى األشياء أهنا متساوية أو غري
متساوية .ومثل هذا ما حيمن ملى األشياء أهنا متساوية أو غري متساوية .ومثل هذا
ما حيكم ه فكران كالمجال والعدل والوجود وغريه .فإن ذلك يستدمي معرفة تلك
املعاين قبل احلكم مليها .فيلزم من أن العقل البشري إمنا اكتسب هذه املعرفة مبشاهدة
تلك املعاين صافية غري مشوهة ابملادة قبل ورودها إىل هذا العامل وهذا من كالم نقراط
يف الداللة ملى أن النفس كانت موجودة قبل هذه احلياة أما الدليل ملى أهنا موجودة
هعد املو فقد قال أيضاً:
إن النفس جوهر غري مرئي ،فيلزم أن ملى غري طبيعة األجسام ألن من طبيعة
اجلسم أن يكون مدركاً إبحدى احلواس وإذا كانت ملى غري طبيعة اجلسم ،فهي إذن
غري مركبة ألن الرتكيب من طبيعة األجسام .وإذا كانت هسيطة فإهنا غري قاهلة
لالحنالل ألن االحنالل يعرتي املركب إىل املواد اليت منها تركب ،فإذا كانت النفس
هسيطة مل يتصور احنالهلا.
إن النفس هي اآلمر والبدن هو املأمور فمن طبيعة األمور اإلهلية أن تكون آمرة
ومتصرفة ومن طبيعة األمور السفلية أن تكون مأمورة .فالنفس إذن من األمور اإلهلية
وهي غري قاهلة للزوال فهي إذا هقيت ملى صفائها وفطرات من غري أن تشارك البدن يف
أدانن فإهنا تلتحق هعد املو مبوجود مثلها .فقتبقى مع نعيدة مبتهجة حمررة من
أوهامها وأخوافها وكل ما كان يسخرها ويهوش مليها إذ كانت يف قيد احلياة .وإذا
تركت الدن ملوثة مدنسة غري معتقدة من الوجود إال ما يؤكل ويشرب ويدرك ابحلس
فال يسعها إال أن ترجع إىل حياة مشاكلة لطبيعتها.
إىل أن قال :وأما االلتحاق ابلعامل األملى اإلهلي فال جيوهز إال ملن ترك احلياة وهو
يف غاية من النقاوة والصفاء وهذا خمتص ابلفيلسوف احلقيقي دون غريه مث نكت
نقراط هرهة وقال لعل ما مسعتموه يكفي إلثبا هقاء النفس هعد املو ويف األقل
ترجيح هذا الرأي ملى غريه ،إذ هي الغاية القصوى اليت ميكن إدراكها يف هذه احلياة
ي هذا املوضوع فامرتض ملي هعض تالميذه ابمرتاضني:
األول :إن لقائل أن يقول :من النفس للبدن كاألحلان آلال املونيقى فإذا
انكسر اآللة وفسد مل يبق لألحلان وجود وهكذا ميكن أن يقال أن النفس ما هي
إال نتيجة تكافؤ العناصر وامتداهلا يف املزاج اإلنساين .فإذا فسد االمتدال وتالشى
املزاج تفسد النفس ال حمالة .واالمرتاض الثناي أن يقال :قد نلمنا وجود النفس قبل
هذه احلياة وأهنا أفضل من البدن وأقوى من وأهنا تبقى هعد موت .غري أن ال يرتتب
مل ي ذلك هقاؤها ملى الدوام .إذ قد ميكن أهنا تبقى هعد مو هدهنا مث تفين كما
ميو اإلنسان وهو قد أخلق الثوب هعد القشوي مث ميو من آخر ثوب قد أخلق .
فأجاب نقراط من االمرتاض األول هقول :أان إذا نلمنا أن التعلم إمنا هو تذكر
النفس ما كانت قد ملمت يف حياة ناهقة فال يسوغ أن يقال أن النفس نتيجة
امتدال املزاج إذ لو كان كذلك ما نبق وجودها وجود املزاج فكيف تتذكر معلوماهتا
يف حياة ناهقة فغذا وجب االمرتاف أبن العلم ال يتصور إال هوجود هذه امللعوما
الساهقة يف النفس لزم من أال تكون النفس نتيجة املزاج وأيضاً لو كانت النفس نتبجة
املزاج لكانت اتهعة للمزاج وال ختالف يف شيء هل تكون مسخرة ل وتد خالف ذلك
يف الواقع .إذ قد نرى النيفس تنهي البدن من أشياء وأتمره هشاشياء وتصرف ي
هوجوه خمتلفة وهذا يدل ملى أهنا مغايرة للبدن مستقلة من وان جوهرها أملى وأفضل
من طبيعة البدن .إذ لو كانت اتهعة للمزاج ملا كانت تفارق يف شيء ما وملا كانت
النفس ختتلف من النفس .إذ ال فرق هني األحلان واألحلان إال يف القوة والضعف ال
من حيث أهنا أحلان .وحنن نشاهد أنبني النفوس تفاواتً مظيماً .وأما االمرتاض الثاين
فجواه :أن األشياء احملسونة الفانية ال يتصور قيامها إال هوضع معان غري حمسونة
أهزلية كاملة الوجود .وأن هذه املعاين ما دامت فهي ال تقبل شيئاً مما يناقضها .ومثال
ذلك :أن العدل ال يقلل شيئاً من اجلور واملساواة ال يدخلها شيء من التفاو .
والفرد ما دام ملى جوهر الفردية ال يقبل شيئاً من الزوجية والعكس ابلعكس .والقول
يف النفس مثل القول يف املعاين نواء هسواء .إذ تقرر أن النفس جوهر مسيطر قائم
هنفس جمانس للمعاين فيكون حكم مثل حكم املعاين من مدم قبول الضد والنقيض.
وال شك أن النفس أصل احلياة فهي إذن حية من ذاهتا فهي إذن ال تقبل نقيضها أي
املو مادامت ملى جوهرها وهو احلياة .فكما أن الفرد ال يكون هزوجاً والعدل ال
يكون جوراً ما هقيا ملى حاهلما كذلك النفس ال تقبل املو وال يداخلها الفناء فهي
إذن أهزلية.
مث إذا كان املو هناية كل شيء كان في فائدة مظيمة للشرير والظامل فإهنما
يسرتحيان ابملو من أنفسهما ومن الفبدن ومن شره ومن مواقب الشر دفعة واحدة.
وهذا مما ال يرتضي العقل وال اإلنصاف .فتعني أن نعتقد يف النفس أهنا إذا فارقت
البدن فقد حتمل معها ما كانت ملي من األوصاف .إن خرياً فخياً وإن شراً فشراً.
فمن ترك وهو يف قيد احلياة مالذ البدن املتاع الدنيا واجتنبها كما جيتنب ما ال يعين أو
يضر ومل يطلب إال ما يعني ملى العلم وهزين ضمريه ابلعفة والعدل واملروءة واحلرية
والصدق فل أن يرتقب وقت السفر من غي اضطراب كمن هتيأ للرحيل .وكل ما تقدم
من احملاورة املونومة فاذون أو فيذون كتب الفقطي يف اترخي وفيها هزايدا ترمجها
الفيلسوف ننتالنة أدخلتها هنا وقد اطلعت ملى كتاب ابإلجنليزية مطوال هبذا العنوان
وما لدينا من كالم الفقطي واألنتاذ ننتالنة الطلباين خمتصرة.
كيف كان مبدأ تفكري املؤلف يف أمر الروح:
وملا إ نتهى هنا القول إىل هذا املقام قال شري دمحم :قد فهمت ما قلت من آراء
نقراط وأن الروح منده قدمية ومرفت هراهين اإلقنامية ولكين أريد قبل أن خنرج من
قسم املفكرين إىل قسم املقلدين أن ختربين كيف كان أول ما فكر يف هذا املقام فقد
رايتك يف كتبا التاج املرصع تبدأ ابلشك يف نظام هذا العامل وتبني كيف كان تشكك.
وكيف كنت تطلب حقيقة الروح ،وهل كان الشك مبدأ أمرك فيها؟ فقلت أملم اي
شري أن مبدأ أمري يف مسألة الروح كان الشك املطلق هل اإلنكار.
ذلك أين كنت يوماً واقفاً يف حقلنا أبرض كفر موض هللا جبانب هنره املسمى ترمة
كفره موض ال – وكنت أهزاول هعض العمل فامرتاين دوار .لضعف صحيت فجلست
مدة .فلما أفقت مما أغشى ملي نظر يف أمر الوح وقلت :اي ليت شعري .إذا كنت
اآلن ال أهزل حياً مل أفارق اجلسم وما هو إال أن أغشى ملي حىت فقد الشعور
واإلحساس .فكيف تكون حال إذا فارقت اجلسم وتفرقت األوصال وتناثر
األمضاء فهل يبقى يل مقل أو ملم وكنت إذ ذاك يف هزمان العطلة األهزهرية .وكانت
نين حوايل العشرين .مث هعد ذلك رجعت إىل األهزهر وأان مكب ملى طلب العلوم
اللسانية والشرمية فذا ليلة رأيت وأان انئم كأين يف مقاهر (قريبتنا) كفر موض ال
وكأن قائالً يقول أنظر فنظر يف اجلو فرأيت كأن هناك نوراً أهيض مغموراً يف ونط
الزرقة .فقال :هذه هي الروح .وكانت ليلة اخلميس .فلما انتيقظت قمت مع رفاقي
اجملاورين للرايضة خارج القاهرة قاصدين هيت أحد أقارهنا .فلما جلست وجد يف
الطاق كتاابً فأخذت .فإذا هو كتاب هتذيب األخالق للشيخ أب ملى أمحد هن دمحم
املعروف ابهن مسكوية املتوىف ننة 124ومل يكن يل مهد هبذا الكتاب وال هغريه من
الكتب الفلسفية فتفحت فوجدت اهتدأه ابلربهان ملى وجود النفس .وأتى هرباهني
أشب مبا تقدم ذكره من أفالطون ونقراط .فمنها أننا وجدان فينا شيئاً يضاد اجلسم
وأمراض اجلسم ويباينها كل امباينة حكمنا أن ليس جبسم وال جزءاً من جسم وال
مرضاً آال ترى أن اجلسم املثلث ال يقبل الرتهيع إال هعد هزوال الصورة األوىل .وهي
التثليث .وهكذا نائر األشكال واألمراض ليس يقبل اجلسم واحداً منها إال إذا خلع
اآلخر والعقل نراه يقبل نائر األشكال واألوان واملقادير .فليس يتغري .هل =يقبلها
كلها دفعة واحدة .وهذه العلوم تزيد العقل قوة خبالف اجلسم فال يقبل إال لوانً او
شكالً وال جيمع شكني معاً .وهذا هو التباين العظيم هني املادة والعقل .ومنها أن
القوى اجلسمية ال تعرف العلوم إال من احلواس فتتشوقها ابملالهسة واملشاهكة
كالشهوا البدنية وحمبة اإلنتقام واجلسم يزداد هبا قوة فهو يفرح هبا فأما النفس فإهنا
كلما اتقره ت من املاة .ضعف إدراكها وكلما رجعت إىل ذاهتا اهزداد قوة .ومنها أن
النفس حترص ملى العنوم واألمور اإلهلية وال يتشوق شيء إىل ما ليس من طبع وال
ينصرف مما يكمل ذات ويقوم جوهره فالنفس ابنصرافها من احلواس مند التفكري
لتكمل معارفها خمالفة أفعال البدن .فهي إذن جوهر مفارق للبدن ومنها أهنا أخذ
مباديء للعلوم غري اليت أخذهتا من احلواس .فإهنا حكمت مثالُ أبن ليس هني طرقي
النقيض وانطة وهذا ال تدرك احلواس .ومنها أن احلواس تدرك احملسونا وحدها.
وأما النفس فإهنا تدرك أنباب االتفاقا وأنباب االختالفا .وهي مفعوالهتا اليت
ال تستعني مليها هشيء من اجلسم .وهي حتكم ملى احلس أن صادق أو كاذب .أال
ترى أن البصريري الكبري صغرياً والصغري كبرياً كالشمس واإلصبع الغائص يف املاء فإن
األول أكرب ابلربهان .واإلصبع ليس حجم احلقيقي ما يرى يف املاء هل هو في أكرب
مما هو ملي يف النظر وأناب ذلك مذكور يف ملم املناظر هذا ملخص ما ذكره اهن
مسكوية وقرأت يف ذلك اليوم .ومل أشأ أن أخرج مع اجملاورين للرايضة هل هقيت أقرا
الكتاب هقية النهار .فهذا كان مبدأ نظري يف النفس وهقائها.
قال شري دمحم :لقد أوضحت املقام وتبني يل ما قال القدماء واحملدثون ومرفت
كيف يتفكر العقالء يف هالدكم وإىل أي الكنب يرجعون ،ومرفت النحو الذي
ينحون يف معرفة الروح ،ولقد رأيت ما قال نقراط يشاه ما ذكر آنفاً يف احملاضرا
الساهقة يف كالم غاليلي الفكي الشهري حني انتحضر روح وقال إهنا من املادة
الوىل هسيطة ال تقبل العدم وأخذ يفهم ما معىن األهدية فإذا صح ما قيل من روح
غاليلي ناهقاً وإهنا هي الروح حقيقة رأينا تطاهقاً غريباً هني كالم األرواح ومقال
نقراط واهن مسكوية فإن إمجامهم أهنا هسيطة ال تقبل العدم.
إال أن العامل احلديث والقدمي متفقان فما أمجل العلم .وما أمجب احلكمة ولقد
فهمت هذا املقام حق الفهم فلننتقل لبيان القسم الثاين من الناس ابلنسبة للعلم وهم
املقلدون كما ومد يف أول هذا اجمللس فقلت مومدان الصبح أليس الصبح هقريب أ
هـ .اجمللس احلادي مشر.
اجمللس الثاين عشر
يف بيان الطرق اليت يتبعها املقلدون
يف العصر احلاضر وشبهاهتم
جاء شري دمحم وقا ل :اي نيدي قد ومد يف اجمللس الساهق أن تفيض الكرم يف
مسألة التقليد يف مسألة الروح يف هالدكم فقلت :من كالمنا يف هذا املقام وهو هقاء
األرواح هعد املو أول كان نؤاالً منك من السبب يف شيوع إنكار هقاء األرواح هعد
املو فقلت لك الناس مفكرون ومقلدون وقد أهنت الطريق اليت يسلكها املفكرون.
أما املقلدون فبعضهم ال ريب ال يعلمون إال ما قالت الفرجنة .وال يعلمون غري ذلك
وليس يقد أن يشيع أجد فكراً أو يذيع رأايً إال إذا مضده هرأي مامل غريب وفيلسوف
أورويب ومىت ذكر امساً من أمسائهم خضعت األمناق وانتمعت اجلموع ،وأنصتوا وهم
خم بتون .فهؤالء مىت اطلعوا ملى ما نقلناه يف هذا الكتاب فإن ال حمالة يذمنون لذلك
وهم فرحون ،ألن هؤالء ملماء طبيعيون وفالنفة وفلكيون فال جرم يقلدوهنم .فبهذا
مرفنا طريق الفكر وطريق التقليد يف هالدان فاملقلدون هذه أحسن نبيل هلم وليسوا
يقدون ملى املكاهرة مىت قرءوا هذا ،أو ما كتب صديقنا الفاضل دمحم فريد وجدي يف
مؤلفات .
قال شري دمحم :أان فهمت ما تقول وكين أجد أكثر املتعلمني ينكرون هقاء الروح
وينسبون هذا لبعض رجال اجملال العلمية يف مصر وإهنم أتبعوهم يف ذلك .فقلت
ل :إذا مجعك هواحد من هؤالء جملس فبني هلم املقام واذكر هلم ما أفدانك مث أفهمهم
أن كل كاتب إمنا يصول ويدمو الناس هدموى أن مامل مبا يدرن األوروهيون وهذه هي
آراء ملماء أورواب والمجيعيا العلمية فيها .فمن ذا الذي يدمي أن أملم من هؤالء
وأرقى من دار الندوة يف واشنطن كما رأيت يف هذا الكتاب؟
قال شري دمحم :ولكن القوم هنا انتحكمت الفكرة يف أذهاهنم وأن ملى قلوهبم
هعضهم ما كانوا يقرءون يف هعض اجملال .
قلت اي شري دمحم :أن هذه الطبقة اليت ذكرهتا دماها إىل ذلك أحد أمرين :أما
اجلهل وأما الكرب والشهوة فقد يعرف اإلنسان أن جاهل ولكن أينف أن يتاهع
البحث ويصغي إىل نداء وتصده شهوات املستغرقة أوقات حبيث ال جيد جماالً للبحث
وال متسعاً للتنقيب فيفر من البحث فراره من األند والسليم من األجرب.
فقال شري دمحم :أما الكرب واهلشوة فنعم .وأما اجلهل فاين أمارض في ألن من
أذكرهم لك معهم الشهادا العليا .فكيف يكونون جهالء؟ فقلت :أليسوا جهالء
هبذه املسألة؟ قال :هلى .قلت هذا يعد جهالً أبهم األشياء وملى املرء أن يسعى
للعلم وهللا يتوىل أمره.
قال شري دمحم إن الناس يزممون أن جملة املقتطف تدمو إىل ذلك ألراي وأن هذه
مقيدة رجاهلا وقد اتبعهم كثري من أكاهر القوم وناجاهتم .فقلت :أمل أقل لك أن
اجلهل أوقع الناس يف هذا اخلطأ ومن ذا أخربهم أن هذا راي املقتطف ،هل أطلعوا
ملي ضمائرهم؟ هل هم نصبوا أنفسهم لعلم افلسفة والنفس وحدمها وأمرضوا مما
نوامها؟ أليست اجمللة وانعة الرحاب لكل ملم وفن من طبيعة وفلك ونيانة وأدب
واتريخ وهم يعرضون ذلك ملى الناس.ولو كان هذا رأيهم لكان األجدر ابلعقالء أن
أيخذوا تلك املسألة من اجلمعيا اخلاصة هبا .وهل يسأل الطبيب من ملم النحو،
أو املهندس من ملم املعادن .ولكين ال أنلم ما يقول الناس .هل هم يرجحون أن
األرواح حية وأهنا تكلم الناس أمل تر إىل ما ذكر يف املقتطف يف أغسطي آب ننة
4749اجمللد احلدي واخلمسني صفحة 499ما نص :
(وكل ما ذكرانه من االمرتاض والتعقيب ملى السر أو ليفرلدج وأهل هيت ال يثبت
أن أرواح املوتى تالشى وال تبقى يف الوجود أو ال ميكن االتصال هبا ومناجاهتا كال هل
إن احتمال وجودها واتصاهلا ابألحياء أرجح جداً من احتمال تالشيها وانتحالة
اتصاهلا ابألحياء) ا هـ.
أقول وأملم أن الناس امتادوا أن ينسبوا آراءهم إىل من هلم شهرة إما ليدرءوا من
أنفسهم الذم وإما المتقادهم أن العلم مند الناس كالعلم مندهم وهذا هو الغالب
ملى نوع اإلنسان.
قال شري دمحم :إذا كانوا يرجحون فهل يقال هذا رأيهم؟
فقلت أ مل تر إىل نقراط املتقدم حديث كيف قال إن هذا الربهان ملى هقاء النفس
يكفي إلفادة الظن وهذا كاف يف احلياة الدنيا اليت اختلط فيها األمر والتبس ملى
البشر .هذا معىن ما تقدم فارجع إلي وتذكر ما قلناه جتده.
قال شري دمحم :لقد مجبت من الناس كيف يقرءون الكالم وال يفهمون ما في .
وإن جملة املقتطف هني ظهرانينا يقرؤها الناس ويظنون أهنا تعلمهم ضد ما فيها؟ إن
هذا هلو العجب العجاب .فقلت :أمل أقل لك أن الكربايء والشهوا واجلهل قد
أحاطت ابلناس .وما منع هعضهم من العلم إال ما أحرهزوا من شهادا وما أوتوا من
ألقاب فأصر هعضهم انتكربوا انتكباراً وجهلوا ما يقرءون وامتقدوا ما ال يفهمون.
ولو أنك طالعت ما كتب صديقنا الفاضل العالمة دمحم فريد وجدي يف نفس
املقتطف يف هذه السنة ننة 4747من مقاال متاهعا مجيبة يف إثبا مناجاة
األرواح لرأيت العجب العجاب إال وأين أحيلك مليها لتزداد حكمة وملماً وفهماً
ويقيناً.
وال هد من اإلشارة إىل هعض ما كتب يف تلك املقاال اليت توىل نشرها في ملا ل
من الفائدة وليدل ملى ابقي .
قال يف مدد شهر فرباير 4728من املقطم نقالً من كتاب Teaching Spirit
الروح املعلمة
بيد القس سنتون موزس حتت عنوان
مذهب األرواح يف حب اإلنسانية ويف الفلسفة
حمب اإلنسانية هو الذي حيبها لذاهتا والفيلسوف هو الذي حيب العلم لذات
كذلك ،فأمثال هذين الرجلني هم أحباء هللا الذي ال تقدر هلم فقيمة ،وما أمد هلم
من السعادا ال ميكن أن حيد فاألول ال يقيد حب للناس امتبارهم ابجلنس وال الوطن
وال االمتقاد وال االنم هل حييط اإلنسانية مامة حبب اخلالص فيحب الناس ابمتبارهم
إخواانً غري مبال آبرائهم اخلاصة فهو ال ينظر إال إىل حاجاهتم يهبهم من ملم الراقي
فيبارك هللا ملي .هذا هو احلب الصادق لإلنسان وليس هو ذلك الذي ال حيب إال
الذين يوافقون يف الرأي وال يسامد ‘غال من يتملقون ل وال يتصدق إال ليعرف من
أن من احملسنني.
والثاين أي الفيلسوف هو الذي خلص من وطأة النظراي فيما جيب أن يكون
ومن اخلضوع لآلراء الطائفية والتقاليد .املذهبية فأصبح حراً من أنر املقررا
ومستعداً لقبول احلقيقة مهما كانت هشرط أن تقوم مليها الرباهني ابحثاً من مساتري
احلكمة اإلهلية فيجد نعادت من وراء هذا البحث وهو ال خيشى أن يستنفذ خزائن
هذه احلكمة فإهنا ال تقبل النفاذ ،أما اغتباط يف احلياة فهو يف الرتقي كل يوم يف
معارج العلوم العالية ويف احلصول منها ملى حمصول مظيم من آراء هي أقرب إىل
احلقيقة من هللا ومن العامل.
اجتماع هاتني اخلصلتني حب اإلنسانية وحب الفلسفة يكوانن الرجل الكامل ا
هـ .متقطف شهر فرباير ننة .4728
ومن مجيب اإلتفاق أن وقع يف يدي اليوم كتاب التفاحة املنسوب لسقراط
احلكيم حني ودام لتالميذه هعد ما شر السم فرأيت أن أنقل ما ينانب هذه.
ق ال :نأل نقراط شيماس أتدري ماذا محل الفالنفة ملى خلع الدنيا ونبذ
شهواهتا .فأجاب شيماس :محلهم ملى ذلك ملمهم إبفساد الدنيا مقوهلم .قال
احلكيم :أفال ترى أن املفسد مضر وأن املضر مدو ومدو العقل إمنا هو اجلهل .ومنها
أيضاً نأل احلكيم نقراط قريكون قائالً أفدين من منفعة العلم يف الدنيا اليت أقرر
هبا أهي لذة العيش أم متام الفلسفة؟ فأجاب أقريطون :أما وقد أقرر مبنفعة العلم
ورايت الفلسفة مضرة ابللذا واللذا مانعة من الفلسفة فلقد اضطرين ذلك اإلقرار
إىل التسلم أبن تلك املنفعة متام الفلسفة ا هـز
قال شري دمحم :اي نيدي قد شاقين هذا احلديث أن تلخص يل ما ذكره املقتطف،
من قصة أوليفرلدج وحمادثت مع اهن هعد أن غادر احلياة الدنيا يف احلرب احلاضرة:
فقلت! نأقص مليك قصص وقصص اهن يف هذا املقام ،والعم أين لست أريد أن
تعتقد كل ما ينقل يف هذا الكتاب ،هل مقلك هو امليزان ،فزن ه ما يرد مليك فإن
اهن اليفرليدج ،شاب نار إىل العامل اآلخر ،ليس منده كثيب من جترهة .فلذلك نرتى
هعض آرائ غري انضجة كقول يف منزل أن مبين من آجر ،واآلجر والثياب إمنا تكون
من تصامد خبار ودخان من األرض يتجمد هناك ،هذا تعليل نقيم ،ألن الشاب
خاو من احلكمة يف الدنيا ،فجعل ملل نقيمة ضعيفة ،ومنها قول إن اإلنسان هعمل
الصاحلا ،ترفع درجات يف اآلخرة وليس يهم االمتقاد فهو أيضاً خطأ ينايف إمجاع
ملماء الفلسفة وآراء األرواح العالية ،اليت تقدمت يف هذا الكتاب ومن آرائ احلقة
تعليل رفع املنضدة أبن من احتاد مغناطيس احلي اجلالس مبغناطيس الروح املستحضرة
فيكون هبما حترك املتحرك وهذا التعليل حق يوافق ما ذكرت األرواح العالية فيما تقدم
فافهم ما قلت وهزن كالم ملى هذا النسق .وهاك ملخص نقلت من املقتطف ليكون
فكاهة يف اجمللس القادم إن شاء هللا تعاىل ا هـ اجمللس الثاين مشر.
اجمللس الثالث عشر
يف خطبة اللورد اليفرلودج يف احلياة بعد املوت
ويف حماورته مع ابنه رميند الذي مات يف احلرب العاملية
قال نري دمحم :أموقن أنت هكل ما قصصت من هذا احلديث قلت .نعم .فإن كثيرباً
مما يرد يف أمثال هذا يدخل الشك والعقل ميزان .ولكن ليس الشك يف هعص القول
مبانع من ذكره ليكون الشك دامياً حثيثاً الكتناه احلقائق ،واحلقائق ال وصول إليها إال
ابلبحث ،والبحث هعد الشك .أما أولئك الذين ينبذون النظر فيما ال حييطون ه
ملماً فأولئك هم الكساىل اخلائبون .ولعلك لو نألت هعض أويل العلم من املسألة
امل شهورة وهي أن تضع يف البيت األول من هيو الشطرنج حبة قمح وتضامفها يف
الثاين مث تستمر يف املضامفة إىل 11هيتاً لقال لك كيفي القمح أقل من أردب ويذر
البحث واحلساب مع أن لو دقق احلساب أليقن أان ما ملى األرض من القمح
وأضعاف ال يكفي مث جتده أيخذ يف التكذيب واجملاهرة ابلسوء وال يكلف نفس
البحث والتنقيب .ولو أن الناس مل يعلموا إال ابليقني ملا النوع اإلنساين.
فالزرامة والتجارة والصنامة واإلمارة ليست حمققة النتائج فاآلفا يف الزرع،
واخلطوب والكساد يف التجارة ،والعزل يف اإلمارة ،واخليبة يف الصنامة ،فلو كان هؤالء
ال يقدمون إال ملى ذى نتائج صادقة لبطل نوع اإلنسان.
قال شري دمحم :ال يزال مندي حرج يف صدري .قلت :لعلك ال تزال أتمل من أن
الظن ل أثر يف حياة البشر .قال نعم .قلت :إن ملم الفق يف اإلنالم ظين وملي
مدار املعامال والعببادا وملم األصول هو اليقني كالتوحيد ووجوب الصالة والزكاة
وما أشب ذلك فكذلك هنا اليقني هقاء األرواح فأما التفصيل هو الذي يعوهزه اجلد
والتشمري.
فلنذكر حوادث األرواح ولنلق دلوان يف الدالء ولنبحث مع الباحثني وإن كان
الغث متلبساً ابلسمني والباطل ابحلق املبني فأما من ينغض إليك رأن ويقول لك مىت
هو فاملم أن متكرب أو جاهل أو جبان .فألمسعك اآلن ملخص كتاب هرايفت
دودينج ملى هذا املنوال ولنعلم ما يقول الناس يف ذلك .فقال وكيف كان أمره .قلت
اهرايفت دودينج انم لكتاب ألف (تودورهول) مبدينة هور منوث يف 28مارس ننة
.4749وقبل تلخيص الكتاب أقدم مقدمة فأقول ال جرم أن من طالع كتاهنا هذا
يعلم أن حمادثة األرواح أم أبن جيلس مجامة حول منضدة واضعني أيديهم مليها
ويتفقوا ملى أهنم إذا نطقوا ابحلروف اهلجائية تتحرك املائدة مند كل حرف وتسكن
مند احلرف املراد وجتمع تلك احلروف وخترج كلما ذا معىن كجواب من نؤال
نأل اجلمامة أو حنو ذلك.
مث ارتقوا من ذلك إىل أن الروح يستويل ملى يد الكاتب وهو ال يشعر مبا يكتب
مث ارتقوا إىل أن وضعوا الورق أمامهم والقلم فأخذ القم يكتب مث وضعوا الورق وحده
فظهر الكتاهة مث ظهر األرواح هلم أبشكال خمتلفة ،هذا ملخص ما تقدم يف هذا
الكتاب ،أن مؤلف الكتاب قص حديثاً يف أول قال أن شاهد شبحاً يوم 42مارس
ننة 4749يتبع يف حل وارحتال جتلى ل يف هزي جندي ظن أن ممن قتلوا يف حرب
األملان يريد أن خياطب .
فلما أن خيم الظالم وقد قاهل نيدة ذا قوة روحية وملم هبذا الفن وقد نسى
أمر الشبح نبهت وذكر أن جالس ملى الكرني قريباً من وهينت حليت وصفت وما
تبدي هلا من مسات وأخالق فلما أن رجع إىل منزل وجلس أمام مكتب أخذ يده
تكتب هال اختيار من وآراء ليس ل وأنلوب مل يعتده فرأى أن ذلك هقوة خارجية من
نلطت ملى مقل ويده فأخذ يكتب ما ميلي ملي هنص وفص .
(تقسيم الكتاب)
إن الكتاب مقسم فصول ثالثة
الفصل األول :يف وصف املو وحال النفس منده وهعده والشعور الذي أحس
ه الروح .وكيف قاهل أخاه امليت قبل .وكيف كان ذلك رمحة ه وكيف وجد أن
التعلق ابلدنيا وشئوهنا يكون خزايً وابالً كما اتفق ملدير اجلريدة الفرنسية الذي قاهل
وهو مشغول أبحوال احلرب وهو يف الدار اآلخرة .وكيف انتهى اهرايفت إىل مقاهلة
روح مالية مساها رنوالً نصحت أن يتبامد من أن ميلي ملى الكاتب ما حيس ه ألن
ال دوام ل وذلك يف 1قطع األوىل هتاريخ 42مارس ننة 4749الثانية 49مارس
والثالثة والراهعة يف 41مارس ننة .4749
الفصل الثاين :أن قاهل تلك الروح العالية وقد أابنت ل فظامة احلرب وذكر
جالل هللا وأن حميط هكل شيء فجاء أخوه الذي تقدم ذكره والم تلك الروح العالية
ألهنا ملمت أخاه ما ليس يف طاقت مث أخذ هرايفت دودينج يتلو نصائح كثرية مث
ختطى ليطلع ملى جهنم فوصفها كما ختيلها وهو مع أخي ليسامد رجالً من اجلند
انتحق العذاب فيها مث قاهلهما ملك فوصف هلما حال جهنم وأهنا خلقت من
الشهوا .
مث قاهل ذلك الرنول فبشر أبن يف العامل األرضي نوراً أشرق ملى قلوب اهلداة
الذين نبغوا يف القرن املاضي مث طفق هريفت دودينج هتواضع وهو يقول أان لست موقناً
مبا أقول فال أصلح لإلرشاد وذلك يف 1قطع إثنتان هتاريخ 41وإثنتان هتاريخ 49
مارس وواحدة هتاريخ 49مارس واتبع ذلك الكتاب هشرح ملا تقدم كل .
الفصل الثالث :ما ألقاه الروح الذي مساه رنوالً ملى الكاتب من مستقبل
اإلنسان ومصريه يف الدنيا وأن العامل مقبل ملى نعادة ونعيم وهبجة وهناء وأن
السعادة والسالم يرفرفان ملى العامل قبل ننة 2888وذلك يف رنالة مؤرخة 24
مارس ننة 4749هذا ملخص ما نيذكر يف الكتاب ولقد نشر الكتاب يف اجنلرتا
يف أغسطس ننة 4749مث يف نبتمرب ننة 4749مث يف نوفمرب ننة 4749وهي
النسخة اليت أبيدينا وال ندري ما مقدار ما نشر هعدها.
الفصل األول
قال :أن كان مدرناً يف قرية صغرية ملى الشاطىء الشرقي قبل احلرب مث صار
جندايً يف خريف ننة 4741ومكث يف التعليم احلريب مثانية أشهر مث هاجر فرقت
إىل فرنسا يف يوليو ننة 4741ودخل يف اخلنادق وقتل مبدافع األملان مساء يف شهر
أغسطس ننة 4741ودفنت جثت يف اليوم الثاين مث أخذ يشرح حال املو إبطناب
وضرب أمثلة ملى ذلك.
قال إىن كنت جباانً خوار العزمية أفرق من املو وأخاف من مصائب احلياة.
فأصبحت موقناً أن املو ليس شيئاً مذكوراً كما أن احلياة قبل ليست هشيء يؤنف
ملي .وليس يعرف هذا إال من فارقها .ما املو إن هو إال شيء يسري .أحسست
هضرهة فاقرة يف منقي مبدافع األملان فخرر صريعاً أحسست أبين خرجت من
نفسي .وكأنين يف جو من الضباب حالك اإلهاب .وقد غطى صور احملسونا ،
وأخفت األصوا فال أمسع إال ركزاً وال أرى صوراً مغلفة ابلضباب وكأن األرض
خالية من اجلنود ومن املدافع والبنود ،أو كأين أرى صور األشياء يف آلة معظمة قد
مكست احملسونا فجعلتها يف غري وجهتها ورمستها يف غري مستها وال شيء ابق
ملى حقيقت ،أو كأين فوق نحاب أو فوق قمة جبل .أو كمثل الذي جرى شوطاً
وقت اهلاجرة يف محارة القيظ فلما أن خاف االختناق ألقى مباءت وخلع معطف .
ذلك مثلي مع جسدي الذي نبذت نبذ النواة أو كأنين يف حلم مميق.
مث نظر إىل جسمي األرضي قد محل رفاقي فأخذ أنامدهم ولكن خاب
أملي وضل نعيي وطفقوا يعملون في مملهم .وملا أن جن الليل وأرخى ندول
ترهصت مسى أن اقتنص فأمود إلي كرة أخرى .كل هذا وال ملم يل أين ميت مث
انتغرقت يف النوم فلما انتيقظت مل أجد اجلثة ،هنالك جاء احلق وهزهق الباطل
وانتبان يل إين مت مبدافع األملان مجباً كيف قضيت تلك املدة وأان أجهل إين ميت
نظر حوىل فلم أجد أحداً فأان وحيد فريد ومل أدر أذن أحي أان يف اجلسم املادي أم
يف حياة أخرى أان لست هقادر ملى وصف احلال فإين السامة أرى قلمك ولكن
أحس أبن فكري جيتمع ويصور صوراً لعلها كلما تصل فكرك ،إين اآلن أحس أبين
حي واجلسم ملى صورة اجلسم األرضي ،ومن مجب أن احلياة أشب ابحلياة األرضية
ولكن ليس يعوهزها طعام وال شراب فال ضرورة هلما واحلرية هنا أوفر مع اخلفة
واللطافة.
مث طفق يشرح حال هعد ذلك وأن :هعد أن انتفاق من غشيت اليت أصاهت من أن
أيقن ابملو ال من املو نفس فإن أمر يسري لقي أخوه الذي هاجر إىل العامل اآلخر
قبل هثالث ننني وحياه أمجل حتية وواناه أحسن مواناة .وقال ل :أملم إىن كنت
معك حني مت ولكن اجلو الذي أحا هك كان كقطع من الليل مظلم حالك
اإلهاب ،وما نسج إال ما اتصفت ه من األخالق وما أحاط هك من العواطف
واآلراء ،أال وأن أخي يف شغل شاغل يستقبل من نزحوا من األرض ،أال وأن يف تلك
الساحا مناهزل الراحة يطمئن هبا أولئك الناهزحون ويسرتحيون من العناء.
لقد أجلسين أخي يف قامة منها ذا قبة هلورية وأن فيها ميوانً جارية ماؤها ذو
صو مونيقي ونظام مجيل هديع وقال أن نيصرف أمداً طويالً يف درانة تلك القبة
البلورية ،وليس ينبغي أن يطيل يف وصفها لئال يزمم الناس أن ذلك حديث خرافة.
هنالك تبني ل أن أخالق وآراءه اليت كسبها ملى وج األرض قد تبد ل
فأشقت ومذهت وألزمت أن يقرتب من األرض فال يربح األحوال األرضية ،وقد حكم
ملي أن يدرس ما أىب أن يدرن يف حيات الدنيا مث أخذ يذم الوحدة والعزلة (قد
فسرها الكاتب هعد أبهنا االنقطاع من األمور العالية والتوفر ملى احملسونا ) والتوفر
ملى قراءة الكتب إال من كانت وحدهتم لعمل انفع للناس فهؤالء هلم فضل مظيم يف
العزلة ،مث قال :فوا أنفي أين مل أكن منهم وإمنا كنت أممل لتحصيل اخلبز واجلنب
وليس يل نظر إىل ما وراء ذلك مث أخذ ينهي من لتمادي يف قراءة الكتب ويقول أن
األايم اليت قضاها يف احلرب والتمرين ملي ملمت ما مل يعلم.
مث قال ولقد طلبت من أخي أن أطلع ملى أحوال أهل األرض فأخذ هيدي وهزران
مدير جريدة فرنسية ما وممره إحدى ومثانون ننة .وكان قد أخلد إىل األرض واتبع
هواه وكان أمره فرطاً .فإننا ملا حللنا هساحت حياان حتية الكرماء ،وأكرمنا مند اللقاء
وأخذ يسألين من األرض وأحواهلا ومن صيت جريدت اليت أصبح إهن خليفة ل
مليها ،فلما مسع مين أن ال ملم يل هبا خاب ظن وأنف جلهلي هذلك الصيت
العظيم والذكر احلسن.
وقد خيل ل يف دار هبا إدارة اجلريدة ومكتب تلغراف وآلة (التليفون) املسرة يتصل
هب ا شريط كما كان يف الدنيا .وكل ذلك نسج اخليال وأهرهزه الوهم ولكن يعجب
ذلك السيد العظيم .وأطال هعد ذلك يف نرد ما قص مليهما ذلك الشيخ من قصص
إهن وأن يدير اجلريدة إبرشاد أهي هطريق اإلهلام السري.
وأخذ يذكر أحوال احلرب يف تركيا ورونيا وإجنلرتا وفرنسا ومنوان املقاال اليت
ينشئها إهن إىل غري ذلك مما ال فائدة يف تبيان وال لذة يف إثبات مث انتنتج من ذلك
الروح أن اإلنسان ملى األرض ملي أال يفنت هبا وال أتنره أحواهلا ،حىت ال جين هبا
جنوانً وال يفتنت هبا فتوانً لئال تعوق من نعادت كما ماقت ذلك الشيخ املفتون إبهن
وجريدت وحتسره ملى حيات يف األرض وقال اي ليتنا كنا نرد فنعمل غري الذى كنا
نعمل .وال نعيش للعظمة والكربايء وال جلمع الدرهم والدينار .وإمنا نسعى للجميع
ونعمل حلسن الصنيع .مث قال أن كل امرىء يعذب هعمل ،ويسعد إبحسان {من
ممل صاحلاً فلنفس ومن أناء فعلها وما رهك هظالم للعبيد} مث كر اهرايفت دودينج
راجعاً إىل اندي االنرتاحة .فأما أن ألقي هناك مصا التسيار قاهل روح مسى نفس
رنوالً تنزل إلي من املأل األملى وأخذ ينهاه مماصنع من التعليم اإلهلامي الذي
ذكرانه .فإن ما حول من احملسونا الثبا ل كالظالل (فهل مسعت هظل غري
متنقل) فتعجب دودينج من ذلك مث رجع إىل نفس وقال :مايل وللتعليم وكيف أثق
مبا ملمت وما أحاط يب ولعل نراب هقيعة حيسب الظمآن ماء حىت إذا جاءه مل جيده
شيئاً ووجد الوجود مدماً والثبو نفياً مث تذكر حادثة جر ل وهو ملى األرض
تلميذ هلندن إذ قاهل رجالً يف قطار فأخذا يتجاذابن أطراف احلديث من قدمي
وحديث .فقال ل الرجل :أال أن كل شيء يف الوجود ابطل ال ثبا ل وال هقاء فهزأ
ه دودينج وظن معتوهاً .مث قال :اآلن أرى أن كالم الرجل حق وكل ما كنت أراه
فوق األرض خيال .فياليت ضشعري هل ما أراه اآلن حويل اثهت ولعل نراب هقيعة
كما كان ما ملى األرض يف احلياة الدنيا .أان ال أثق إال مبا أحس ه من حياة وحس
وحركة وما مدا ذلك فلست هوجوده واثقاً .إن كل ذلك إال كما كان ما فوق األرض
خبال وهباء .مت الفصل األول.
الفصل الثاين
إهتدأ الكاتب (و ب) يف هذا الفصل يشرح حال اهرايفت دودينج كما أخربه
قال :ملا ضاق ذرماً من صنامة التدريس هزج هنفس يف اجلندية مسى أن جيد متنفساً م
ضيقة ونعة يف حيات فألفى اجلندية أصعب مراناً وأشد أبناً .وقال لقد وخط
املشيب مارضي وحىن الدهر أضالم قبل أن يتجاوهز السادنة والثالثني ولقد كان
تعلم يف املدارس الطبيعيا والرايضيا فند من تلك العلوم مند املو فنسيها
وهو يتلمس العلوم مما حييط ه كطفل صغري مث قال الكاتب (تودورهول) أحيق يل أن
أثق مبا يلقى ملى من اهلام وهل يل أن أشك فيما يلهمني كال هل أكل احلكم
للقارئ فهو الذي ل القول الفصل يف حكم وإمنا أخط ابلقلم ما يلقي إيل والقارئون
هم احلاكمون.
قال اهرايفت أن الرنول قاهل مرة أخرى وماتب ملى ما ألقى ملى الكاتب م
اإلهلام ملا يف ذلك من وضع اخليال موضع احلقيقة وأابن الرنول ما دار من احلديث
هين وهني أخي يف هذا املقام وآمن اهرايفت أن ما حول اليوم ليس يكون ملماً اثهتاً
وإمنا الثاهت هو العامل الروحي واحلضرة اإلهلية احمليطة ابألكوان املشرقة ملى مجيع العامل
كليات وجزئيات وأخذ هرايفت أينف ويقول ايليتين مل اختذ الدين هزواً ولعباً ومل تغرين
احلياة الدنيا.
مث قال الرنول أن النور اإلهلي يشرق فيزيل الضباب ،أان اآلن يف ضباب قد كنت
أظن أن يل نصيباً من العلم أما اآلن فإين أملم أين لست من العالني مث أخذ الرنول
يلعن احلرب ومن أوقدوها ويصب جام غضب ملى هذه الدول اجلاهلة اليت اختذ
احلرب ونيلة للمطامع الشهوية .وقال تباً للجاهلني .أما ملموا أهنم مجيعاً هعد احلرب
أقل ماالً وولداً منهم قبلها ومن مجب أهنم يزممون أهنا مقدنة أال ناء ما يصنعون.
فكما اهزدادوا ابحلرب طمعاً اهزدادوا ابلفاقة طلعاً (يوم نقول جلهنم هل امتأل وتقول
هل من مزيد) إال أن تصادم القوى املادية نيحدث فراغاً وليس ميلؤه إال القوة الروحية
وإين رأيت حوض الكوثر هعيين رأيت ونور هللا مشرق ملي وماء احلياة قد مأله .إن
تلك احلياة ال تعلم نفس ما أخفى فيها من قرة أمني فيها ماال مني رأ وال أذن
مسعت وال خطر ملى قلب هشر ال حياة اخلبال واهلباء .إال أن طريق اهلداية إىل هنر
احلياة العجيب مشرقة كما أشرق البلور من لدن ذي اجلمال واجلالل .ولقد قال
الرنول يل لقد أهزف الوقت الذي في تشرق مشس اهلداية ملى العاملني .ولقد حق يل
أن أقص ما قال يل الرنول وإن كنت مل أهزل يف مامل اخليال والضالل أال وأن املرء ال
يعلو إىل الدرجا العال إال إذا أكمل ما ملي يف الدرجا اليت هي أدىن .ولقد
قصر أايم حيايت ملى األرض وكنت من الضالني .فحق يل أن أممل مسى أن
أكون من املفلحني وما مثلنا يف جهادان إال كمثل قوم صعدوا قمة جبل فلما أن ملوه
كر أحدهم راجعاً وهو حسري ألن مل يطق التنفس يف ذلك اهلواء اللطيف ألن اهلواء
كلما مال اهزداد خفة ونقاوة وهذه النقاوة ال تعيش فيها األرواح األرضية كما هو
معلوم وهذا ضرب مثل ألحوال األرواح لطافة وكثافة وحاهز غريه قصب السبق فوق
اجلبل فوا أنفي إين اليوم ممن رجعوا خائبني ،فال نعني للعال ما هقيت واي نعادة من
كانوا من الساهقني .لقد قال الرنول :إن هللا أذن ابرتفاع نوع اإلنسان إىل الفلك
وهو نيهديهم الصراط املستقيم.
قاعة السكينة
يقول أخذين أخي إىل قامة السكينة وقبة السماء فوقها واجلو هادئ ناكن حييط
ه وهو وحيد يف اجلزيرة .هنالك جتلت ل أنرار وفاضت ملى قلب أنوار ملخصها،
فرغ نفسك من اهلوى فتفعم حكما وملماً .ولن ينال املرء ماء احلياة إال مع التسليم
هلل وال طريق للناس ىف الدنيا إىل السكينة والفهم إال هنفونهم والنفس جوهرة مثينة
وليست الكتب السماوية مبعنية وحدها .أال وأن احلرب اليوم مهوشة ملى النفوس
قاطعة طريقها من الوصول.
جهنم
مث قال :أن هزار جهنم فألفاها مستمدة من أفعال اإلنسان وظلم ونوء ممل
وضالل املبني.
لقد مر مليها أحقاب وآالف اآلالف من السنني حىت اشتد اليوم هزفريها
فصار أقوى نعرياً .ولعمرك مايل هزايرهتا يدان لوال أن دماين أخي ومع ملك نوري
لينقذا جندايً ما ضاالً جاحداً ناخطاً ملى ره وملى نوع اإلنسان .ولوال أن
نامدان امللك لقضينا حنبنا وهلكنا يف ذلك الظالم املخيف.
أآل وأن جهنم دار خداع وضالل أال وأن من أنس ابحلواس وصدق أن ال وجود
إال مع صورت وال حياة إال ما نسجت فاغرت هغرورها وانتضاء هنورها وفرح جبماهلا
فذلك خمدوع يوم يلقي حتف .ومن ذا يقدر أن يرجع من غي وهو يقول ايليتتين أرد
فأقاتل األمداء وأواني األصدقاء وأقضي الوطر وأنتلذ مبا تسعد ه احلواس من
املطامم واملشارب واملآرب .هنالك تثور في اثرة احلزن واألنى ملى ما فات وحتيط ه
خطيئات من احلسد والغش والعداوة والبغضاء والطمع والكربايء وحب الذا واحلقد
وصغر اهلمة (هل ران ملى قلوهبم ما كانوا يكسبون) وهناك مطهرة أان اآلن فيها خيرج
املطهرون فيها إىل العال وقليل من الناس أيهوهنا ،أال وأن الناس فريقان فريق مرف أن
هناك حياة روحية فعمل هلا وآخر مكف ملى إرضاء أهوائ وند شهواهتا فاألولون
هم الناجون واألخرون ال يسمعون نصحاً .وال يذرون ما امتادوه يف احلياة من املطامع
والشهوا وملا أن حللت هساحة جهنم قال الرنول :لن تقدر أن خترتق تلك اآلفاق
املظلمة فمكثت مكاين وتقدم أخي وامللك حىت وصال إىل ذلك اجلندي لينقذاه.
ولكن أىب أن يفارق اجلحيم ألن اهللع خلع قلب قبل أن يغادر مكان حىت ال يصيب
ما هو أشد من العذاب فاخلوف واجلهل أممياه .ولو مرف احلب لكان من الناجني.
أال وأن املرء يف ذلك املنكان ليحس هشهوا حمرقة لذامة تطلع ملى األفئدة.
ولقد جتلى ألخي وللملك نور غشى أهصارمها نور ليس نور السماء وال نور هللا ولكن
نور صنامى خداع حجب نور هللا من األهصار وتضاءل دون نور امللك مث قال أال ال
يضيعن امرؤ وقت يف احلياة .اال فليكبح مجاح شخوات وليتول تدهري نيانت وليدع
الطمع والشهوا والكرب واحلسد والكراهة ونائر املذموما .
فلما أن رجع من أقطار جهنم قاهل الرنول كرة أخرى وقال كيف اقتحمت أقطار
جهنم وأنت ال ملم لك ابحلياة الروحية إال قليالً إن ذلك خلطر مليك مظيم .مث أخذ
هيده ليزورا جبل التجلي ذا النور املغشى ملى األهصار ولقد شاهد أنوار احلوض
الفائض أنواره فغشاين ما غشى من تلك األنوار .حىت كاد يزيغ األهصار مث أخذ
حيدثين أن قد آن أن يستضيء اإلنسان هنور العرفان .إال وأن ولياً مظيماً قد وىف مبا
م هد ملي يف القرن املاضي فبلغ دموة ره وفتح األهواب للحوض املشرق ابألنوار
ورجع إىل مامل قدن .وليكونن يف العامل احتاد ووائم ونالم .أال وأن العصر الذهيب
والعيش اهلين لنوع اإلنسان قد آن أوان وأظل هزمان فطوىب ملن يعيش هعد اآلن مث
طوىب لنوع اإلنسان ا هـ.
مث قال أن الرنول أراد أن أيخذ هيدي إىل ذلك اجلبل فلم أطق صرباً ورجعت إىل
مكاين .أقول أان ملا وصلت إىل هذا املقام قال شري دمحم اي مجباً كيف يصف جهنم
مبا وصف وكيف يكون انتمدادها من أممال الناس وكيف يصف الروح مبا تقدم.
فقلت اي شري دمحم ليس من الواجب ملى حتمل تبعة أي مقال يف هذا املقام
ولعلك تذكر ما قدمناه يف أول هذا اجمللس خصوصاً يف كالم دودينج وهو هذاى
الكتاب األخري ألان ال ندري أحقيقة كالم روح هذا أم نباهة كاتب من الكتاب
أهرهز هذه املعاين هبذه القوالب فدلت ملى نبوغ يف ملم الالهو أو ملم
التصوف.
ولكين نألقي مليك من ذكراً :أما وصف جهنم مبا ذكر فهو وصف القرآن
واإلنالم .يقول هللا تعاىل {وقودها الناس واحلجارة} فانظر كيف جعل الناس وقوداً
والنار مستمدة من احلطب .وقال تعاىل {ذوقوا ما كنتم تكسبون} وقال " :حفت
اجلنة ابملكاره وحفت النار ابلشهوا " .وقال تعاىل{ :إان أمتدان للظاملني انراً أحاط
هبم ناردقها} .وقال " :إمنا هي أممالكم تعرض مليكم".
قال شري دمحم :ومن هو هذا العظيم؟
قلت اي شري دمحم :قدمت لك إان لسنا مكلفني هتبيان كل شيء ولعل املراد هعموم
النور يف املشارق واملغارب ظهور آاثر دين اإلنالم يف نائر األقطار هدليل ما نرتى
يف الفصل الثالث أن أمة اإلنالم نتعلو ملواً كبرياً {هو الذي أرنل رنول ابهلدى
ودين احلق ليظهره ملى الدين كل }.
فأنت ترى أن اخلمر قد حرمت يف أمريكا والراب منع يف الرونيا واإلنالم هو الذي
اندى هبا أبفهم وتعجب وأما قول فيما تقدم واجلسم الروحي ملى صورة اجلسم
األرضي فهو ما جاء يف ديننا ،أمل تر إىل ما جاء يف جوهرة التوحيد:
وال تـخض فـي الـروح إذ مـا وردا
نـص مـن الـشـارع لـكـن وجـدا
لـمـالـك هـي صـورة كـالـجسد
فـحسبـك الـنص هـهـذا الـسنـد
هذا ولنرجع إىل ما كنا هصدده لنتم حديث اهرايفت دودينج قال هعدما تقدم :إين
لست وامظاً وال معلماً مرشداً وكيف أكون كذلك وأنت رمبا كنت أقرب إىل هللا مين
فإين ال أقول لك إال ما يوحى إيل وما أان من العالني الراقني .فألشكرنك ملى ما
أصغيت إيل وألشكرن أخي هل ألشكرن هللا ملى أن أرنل إىل امللك ليعلمين احلكمة
والعلم ولقد أذن يل أن أنامد هعض القوم هنا .مث أخذ دودينج يشكو الوحدة وأن
اخلوف حييط ه من كل جانب وأن وحيد خمذول مث أخذ يذم اخلوف واخلائفني وميدح
احلب واحملبني كأن نطق هلسان كثري مزة:
رهبان مدين والذين مهدهتم
يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما مسعت كالمها
خروا لعزة ركعا ونجودا
أو هلسان الناهغة اجلاهلي
لو أهنا هرهز المشط راخب
مبد اإلل ضرورة متعبد
لران لبهجتها وحسن حديثها
وخلال رشداً وإن مل يرشد
أو هلسان راهعة العدوية
كلهم يعبدون من خوف انر
ويرون النجاة حظاً جزيال
أو أبن يسكنوا فيحظوا
هقصور ويشرهوا نلسبيال
ليس يل يف اجلنان ولنار حظ
أان ال أهتغي حبيب هديالً
أقول وكأن الكاتب يرى أن يعبد الناس رهبم وهزيصنعوا اخلري حباً ل تعاىل وللخري
وال خوفاً كما يف احلديث الشريف "نعم العبد شهيب لو مل خيف هللا مل يعص " مث قال
واخلوف إمنا هو وهم اخرتم اإلنسان.
ولقد جعل هللا السعادة والسالم يتبعان احلب .فليحب املرء هللا وليسلم نفس إلي
وحيب الناس فينري هلم طريق السعادة واهلداية ولقد نوى هني اخلوف والشر فقضى
مليهما ابإلثبا هلما وإمنا اخرتمها هذا اإلنسان مث هشر إبقبال الزمان ملى نوع
اإلنسان وإن نيعم أرجاء املعمورة هعد هذه احلرب .ويف األرض أانس أمدهم هللا
لقبول اهلداية فلتكن منهم إال وأن أايم طفولية اإلنسان قد انقضت ونيعم اإلهلام
نائر األانم انتهى الفصل الثاين.
شرح الكاتب تودور بول لبعض
ما تقدم من قول روح اجلندي
قال تودورهول أان ال أشك إين أكلم جندايً قتل يف احلرب منذ نبعة أشهر تلك
حقيقة ال ريب فيها وليس اتصال الناس هعامل األرواح مستحيالً وقد شامت الكتب
املؤلفة ملى هذا املنوال.
ولست أقول أن ما يلقي إىل حق أو ابطل ال ملم يل هذلك ليعرف الناس الرجال
ابحلق ال احلق ابلرجال فليكن احلكم ملى نفس الكالم.
مث قال أن الروح اجلندي املذكور ضرب صفحاً من معارف الناس ملى األرض
وأخذ ينبذها نبذ النواة ليستفيد ملوم األرواح .ومن ذا الذي يدري ما السبب أن
اتصل أبهل األرض وكيف اصطفى لذلك من ال مالقة ل ه .
ولقد كان يتلمس احلقائق ونتيجة احلكمة منده إايك أن تطلب ماال ثبا ل .أال
وأن الدار اآلخرة هلي احليوان .مث اهزداد ثقة حبال الروح ومل يثق آبرائ هل آبراء الرنول
وامللك فحسب.
ولقد فسر الوحدة املذكورة يف مقال الروح أهنا حصر النفس يف اخلواس اخلمس
وتعاطي اللذا الشهوية واالنقطاع من األحوال الروحية هذا هو معىن الوحدة
املذكورة – وفسر الضباب املذكور ابلشرور النامجة من ممى النفس البشرية .مث أن
العمى ألحد نببني الغفلة من حقائق األشياء حىت كأن املرء ال يراها .ومدم احلب.
وال ريب أن الذي ال يرى ال حيب .وال يعقل األشياء وفسر قامة الراحة ابلسالم:
وقامة السكينة ابلفهم ،وفسر ما ذكر من أن الناس ال يفهمون شيئاً من البلور أن ال
يريد أن يلقي إلي ذكراً من لعسر فهم .وليس ينبغي للناس أن يتعلموا ملماً قبل
االنتعداد لفهم .وأما ما ذكر من اإلشارة حلوض اهلداية املورود ملى جبل الرؤية
والتجلي وأن أممى هصره وأن هنفس وحده لن يقدر ملى الرجوع :فاملراج ابلنفس
تلك احلواس اجملذوهة ابلغش الناجم من قوى الشر وهي قد مميت أيضاً أبنوار حوض
اهلداية املورود .أما حض ملى نشر أقوال الرنول فذلك أن ينشر معرفة هللا تعاىل
واهلداية العامة يف الشرق والغرب والسالم ويثبت دمائم السالم العام يف العامل.
الفصل الثالث
حضر الروح الذي مساه رنوالً وقال ال تطمعن يف حضور صاحبك هعد اليوم
فألتكلم أان معك وليعكف هو ملى درون وأممال فإن اتصال ابلعامل األرضي يعيق
أممال ويصده من ترقي يف العامل الروحي ولقد أدىل إليك مبا هو أهم يف هذا األوان
فسأل الكاتب من مستقبل اإلنسان .فقال :ال ختف اي هين إنكم أيها الناس اليوم يف
ظالم حالك األهاب واشطراب واختالط .وحنن ال حيجبنا ظالم السحاب من
مكاضشفا األنوار .فاهشروا فقد آن للناس أن يسعدوا وأن أشقتهم هذه احلروب
فإذا انقضت هذه السنة أقبلت األخرى ) (4749فمزقت احلجاب ورفعت النقاب
وأهزاحت الضباب .فإذا ما أقبلت ننة 4747أشرق النور ولع فعم األرجاء وإذن
يسقط هعض امللوك يف أورواب من مروشهم .ولتسعدن رونيا ابلسالم ونعيم احلرية.
وليعتقن من األنر حيظى ابلسالم كل من انتعبدوا من األانم يف كل مكان وإذا انفلق
ممود الصباح من األرض األملانية ،وطلعت الشمس احلرية من األقطار الغرهية،
فلتنسخن أمامها الظالم ظلمة اجلهل وظلمة الظلم للعاملني .األهزمة والشدة مظيمتان.
وأهوال الفنت واالضطراب ،منتظرة ابلباب .ولكن ال حيجب ذلك النور من اإلنسان.
وليقعن ابألقطار الغرهية اجلنوهية أمور ذا ابل الرونيا والنمسا واجملر والبلقان .ويف
هالد فارس مهد جديد ويف اهلند قلب النظام .وىف الشرق األقصى روح القدس ترفرف
وكشف جديد حيدث ،ويف الدنيا اجلديدة يف الشمال واجلنوب تكون الفنت وحوادث
االضطراب والتقلبا ولكن اهلداية والنور يكوانن يف منو وارتقاء .فرنسا نتعلو كرة
أخرى وتكون كعبة الدنيا يف الصناما والعلوم .وإيرلندا نتأخذ يف النهاية قسطها
وتكون مهداً لعظماء الرجال وانهغا النساء .واجنلرتا نتتحد مع كثري من األمم لرفع
راية االحتاد واإلخاء فوق البسيطة ونتضحى ضحااي كثرية يف الشرق والغرب.
ولكنها نتعيد لنفسها جمداً مؤثالً ومظمة جديدة جبدها ونعيها احلثيث احلكم
العام يف األمم هو القانون الدميقراطي العادل مع احلرية والسالم العام .ولن يكون
السالم يف األمم هال أناس ،فلقد فتحت أهواب احلب العام الفائض من املقام
األقدس لألمم واألجناس األوان رب األرابب آذن ابلنجاح والفالح .وفتح األهواب.
وأمد العدة للسالم.
فقال الكاتب (تودرهول) :هذه أمور مجيبة ولكن كيف يشرق النور الروحي ويعم
فقال الرنول :إنكم تشهدون اليوم قوهتا املختمرة .وليست الدنيا ابلرغم من احلرب
القائمة يف حالك الظالم كالذي كانت في منذ مخسة أموام .إال أن روح القدس
نينفث يف روع املصطفني ممن مندهم انتعداد لذلك التجلي املقدس فإذا امتأل
نفونهم من األنوار فاضت ملى األمم ونشر يف البقاع ونيتجلى اإلصالح جبالل
يف صور متباينة وأشكال متخالفة وال تشرب اخلمر وليكونن اهلواء أنقى واجلو أصفى
من رجس البغي والضالل .ولتقلن النواهزل واملصائب هزلزال األرض وحوادث البحر
واهلواء وليعيشن الناس يف صفاء إخواانً فال جدال هني الدايان وال نزاع هني املذاهب
املختلفا ولتأخذن املرأة قسطها من املساواة .ولتتبعن نساء ماملا يف املشرق
واملغرب وليذهنب املرض الطبيعي والعقلي والسياني واالجتمامي إن هذا القول يعد
مندك من نوع األناطري وضرابً من األابطيل ،ولتعلم أن الدواء الروحي نيكون شفاء
لسقام الذنوب الفردية واالجتمامية ونيكشف من أكسري احلياة اجلديدة ونيسلك
يف قلوب نائر الناس.
س :هل أميش حىت أشهد مثل هذه العجائب؟
ج :نيشهد أهناؤك وأهناء أهنائك حقائق ما تلوت ملي فهيء احللل املقدنة
لتلبسها األرواح العالية الشريفة اليت نرتنل إىل األرض.
س :مل ختربين هبذا كل ؟
ج :ليبصر الناس أبمينهم لتنصت األمساع إىل هشائر األايم املقبلة أال وأن العلم مبا
نيكون من السعادة والسالم نيحدث يف أفئدتكم إرتباحاً وأمالً مجيالً يف هذه األايم
العصيبة الشديدة املراس.
أال وأن لإلميان ابألمور املقدنة والرجاء اجلميل ألثراً يف الفهم وقدناً وطهارة يف
حياتكم وحياة من حولكم.
س :هل يرتفع احلجاب من البني هني الدنيا واآلخرة؟
ج :إن احلجاب لرقيق ونيحدث يف الناس أحوال جديدة ال يكون معها هذا
احلجاب .ونيفقد املو نطوت – أال وأننا معاشر األرواح اجملردة ملستعدون
ملناجاتكم أكثر من الذين كانوا قبلكم من األمم اليت وماها التاريخ – أال وأن اخرتاق
احلجب هني العاملني ليستطاع أبممال العقل والقلب الروحية والطبيعية ال مبا يصنع
الساحرون وأرابب الطقوس وأصحاب الشطحا والغيبا أولئك الذين ران ملى
قلوهبم ما كانوا يكسبون كال إهنم حملجوهون.
س :أيكون يف العامل دين جديد؟
ج :نتزيد األرواح اإلميان يف نائر األداين والدين اجلديد اخلدمة ابإلخالص
واألخوة واالحتاد .ولقد رفع العلم لذلك اإلميان يف أ{ض الفرس اليت نتعيد جمدها
القدمي.
س :ما تقول من مصر؟
ج :أن أرض الفرامنة املربى نتلعب دوراً يف تطور نوع اإلنسان ولكن ذلك هعد
رفع كاهوس احتالل اجنلرتا وأن العامل اإلنالمي نريقى هعد جتزية اململكة العثمانية
ولقد أمد لذلك الرقي العظيم مدت ووضعت قوامده ملى األناس.
س :من أنت؟
ج :أان أحد أولئك الذين مهد إأليهم أن يبثوا اهلداية اجلديدة يف قلوب الناس
ومقوهلم وأن أتقبل وأحيي أولئك الذين اصطفاهم هللا من الناس لألممال الشريفة
مندان إذا هم وصلوا إلينا.
س :هل توماس دودينج واحد منهم؟
ج :إن ل جناحاً يف ممل وفضالً مظيماً يف معونة صحب ،وليست األممال
العظيمة دائما ملن يظن أهنم هبا جديرون.
س :ما تقول يف الشرق األقصى؟
ج :إن هادايً مظيماً نيقوم فيهم قد آن أوان يرفع منهم إصرهم واألغالل اليت
كانت مليهم ويهديهم نواء السبيل يف النجاح أدابً وإجتماماً ذلك يف الصني وما
واالها من البلدان .أال وأن العداوة الظاهرة اليوم هني األقطار الشرقية والدنيا اجلديدة
يف نصف الكرة الشمايل نتنقلب إىل أحسن األخوال.
س :كيف حتدث هذه العجائب؟ هل ترنل لنا أنبياء ومعلمون؟
ج :إن قناديل مظيمة نتضيء يف الشرق والغرب ،وهذه أايم يشرق فيها النور
اإلألهي ملى قلوهكم ونينزل السر ملى أويل األلباب ومنهم يفيض ملى نائر الربااي.
إصدع مبا تؤمر وأملن للمأل إشراق فجر جديد .لتكونن مجيعاً أصفياء ملهمني .إن
الذين ناروا يف حالك الظالم نتشرق مليهم األنوار ،والذين اتهوا يف ظلما املقاهر
ابملو نتضيء مليهم من رهبم أنوار هبا يهتدون .مث أخذ الكاتب يصف أحواالً
يستحيل أن تكون ملى هذه األرض ،ولعلها يف موامل أخرى أو لعلها مما ال حمصل ل .
فقال :الوالدة واملو الطبيعيان ال دوام هلما ونيتغري شكلهما وصورهتما ،وهذا
نر مصون وليس يكشف إال ابلرباءة من كل ميب ودنس مشني.
س :هل يفهم كالمك ويصدق؟
ج :نتنشط العقول من مقلها فيفهم الناس ما ألقيناه.
س :أخربين من الشرور االجتمامية والظلم والفقر املدقع واجلهل والشهوا
والطمع هل تزول؟ ومن الطعام هل يتغري؟
ج :إن حب هللا قوة مظيمة والعصر الذهيب لن يكون يف طرفة مني {ولن جتد
لسنة هللا تبديال} والغين املبطر والفقر املدقع ال يبقيان ،واحلكوما نتكون حملية،
أمرها نهل ،فيها العدل واألخاء واملساواة ،مث كرر ما ذكره من مظماء املصلحني.
مث اقل :ونيقنع الناس من الغذاء ابلفواك والبقل واحلب ،ونتبطل مادة األكل فوق
الشبع ،واالهنماك يف لذا احلواس وإرضاء الشهوا ،نيلهم لناس أهنم ليسوا يف
خاجة إىل اخلضوع األممى لسلطان الشهوا .مث أخذ يقارن ما هني ننة 4949
وننة 4749ويقارن ما هني ننة 4788وننة ،2888ففي ننة 4788غمر
الناس يف غمرا احلواس ويف ننة 2888أميا إيقان .ونيزداد اإلميان ونيشاهد
الناس أن ما أنبأان ه نينجز قبل األلفني .وهللا يعلم ،وأنتم ال تعلمون.
أقول{ :قل ال يعلم من يف السموا واألرض الغيب إال هللا وما يشعرون أاين
يبعثون}.
وملا أمتمت املقال وانتهينا من ترمجت .قال شري دمحم :إن اإلميان هبذا خارج من
الطاقة البشرية .قلت :لعلك نسيت أننا ذكرانه هنا تدريباً ملى التعقل والتفكري ونبذ
ماال يعقل وإصفاء ما خنتاره ،ولقد مسعت قائالً يقول :إن الكتاب أألف لصبغة
مسيحية واخرتع لنزمة دينية ،وآخر يقول :كال هل ذلك خلدمة مذهب البهائية .أما
أان فلست أجزم هبذا وإمنا أكل أمر القارئ لعقل وفهم ،كما أين لست أوقن أبن
وحي وإهلام ،هل أكل األمر للمستقبل .ونقول ما قال هللا ملى لسان نيدان نليمان
{قال نننظر أصدقت أم كنت من الكاذهني}.
ولنا يف كل ما نقرأ ونرى ونسمع تدريب للعقل ملى التفكري .وللنفس ملى التذكرة
والتبصرة .وهللا يهدي من يشاء إىل صراط مستقيم.
هبجة العلم والعرفان يف ملم األرواح
هذا آخر ما جاء يف هذا الكتاب يف الطبعتني األوىل والثانية ،ولقد قرأه أحد
األصدقاء فقال :إن هذا الكتاب قد ألف منذ نيف ومشر ننني وههنا مسائل الهد
من حبثها فأرجو أن تصغى يل يف تبياهنا ،فقلت حباً وكرامة ،فقال:
أول :أرجو أن تذكر هعض ما مثر ملي من ملم األرواح يف هذه املدة ليكون
ذلك أمجل وقعاً وأحسن صنعاً.
اثنيا :جاء يف آخر الكتاب ذكر مسألة جهنم فأرجو هزايدة إيضاح الكالم مليها
من نفس ملم األرواح ومن كالم ملماء الصوفية ،ملى شريطة أن جتعل لك رأايً يف
ذلك ليكون أنهل مند القراء.
اثلثا :هل شاهد أنت قوماً حيضرون األرواخ يف مصر يف هذه املدة غري ما
ذكرت خمتصراً ناهقاً.
رابعا :أريد إيضاح هذه املسائل اليت قالتها األرواح قبل أتليف الكتاب ،أي منذ
49ننة ،مثل أن النظام يف اهلند يكون في إنقالب ومثل أن هادايً مظيماً يظهر يف
الشرق األقصى.
فلما مسعت ذلك قلت :أجيبك إن شاء هللا هقدر طاقيت وأجعل الكالم يف
فصول :الفصل األول يف واقعة جاء من ملماء األرواح يف أمريكا ونقلت يف كتاب
اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة األنعام .الفصل الثاين :فيما جاء يف نفس ذلك
التفسري يف نورة التوهة من مامل روحي إيطايل حتت منوان معجزا القرآن يف هذا
الزمان وظهور الكشف احلديث ...اخل .الفصل الثالث :فيما جاء من ملماء األرواح
من كتاب اجلواهر أيضاً يف نورة االنراء منقوالً من كتاب هبجة األفراح يف مناجاة
األرواح مع مواهزنت مبا جاء من الشيخ الدابغ الصويف اإلنالمي .الفصل الراهع فيما
شاهدت أان من مناجاة األرواح يف مصر .الفصل اخلامس فيما جاء يف جملة اهلالل من
خماطبة صاحبها لوالده يف مامل الغيب .الفصل السادس يف مخس مباحث :املبحث
األول يف أن تركيا فقد فقد ممالكها مثل ما قالت األرواح ،املبحث الثاين يف أن
تركيا اآلن هعد متزيق ممالكها أصبحت يف قوة مل حتلم هبا من قبل ،املبحث الثالث يف
شهادة ملماء العمران والسيانة أبن أمم اإلنالم اليوم آخذة يف الرتقي فعالً هل أهنا
ارتقت طفرة وهذا مصداق ملا نطقت ه تلك األرواح ،املبحث الراهع يف أن اهلند فعالً
أخذ نظامها يف االنقالب كما أخرب األرواح ويف أن املصلح الذي ذكرت إمنا هو
املهامتا غاندي ،املبحث اخلامس يف مسائل متفرقة يف هذه املسائل وه يتم الكتاب.
الفصل األول
يف واقعة جاءت عن علماء أمريكا الروحانيني
جاء يف كتاب اجلواهر يف تفسري القرآن ،حتت منوان مناجاة األرواح ،ما نص :
يف اجلهة الغرهية من والية (نيويورك) وملى هعد 18ميالً من مدينة (هفلو) مصيف
ابنم للي دال اشتهر جبمال موقع ومذوهة مائ ومليل هوائ ،وامتاهز هكثرة أحراج
وضخامة أشجارها ومسو ارتفامها وأحاطت ه حبرية وانعة األطراف ،وتقوم إبرادة
ه ذا املكان مجامة من الروحيني الذين يعتقدون مبذهب (مناجاة األرواح) ويبدون من
أمماهلم وأقواهلم في ماال يدرك ل العقل حالً وال يدري إىل أي انموس يرده.
ومن العجيب أن مع تقادم العهد ملى ظهور هذا املذهب ونعة انتشاره مل تزل
آراء العلماء في ملى اختالف مبني ،فمنهم من ينكره إنكاراً اباتً ويعد أممال
القائمني ه من ابب التدجيل واألوهام .ومنهم من يعتقده امتقاد احلقائق املسلمة
ذهاابً إىل أن يف الطبيعة أنراراً ال يسع الوجدان إنكارها وإن مل تقع يف حيز العقل.
وقد هزار هذا املكان أحد أدابء (السوريني) وكتب إىل اهلدى (النيويوركية) يصف ما
رأى ،فقال :كان جيتمع يف امللهى خلق كثري لسماع اخلطيب الروحي (جان نالتر)
أحد هزمماء هذا املذهب وونطائ املشهورين.
وقبل ميعاد االجتماع كان معظم احلضور يتساهقون إىل إلقاء أوراق صغرية ملى
(طاولة) اخلطيب يكتبون مليها هعض األرقام أو احلروف املتقطعة اليت كان الونيط
يكتفي هبا دون كتاهة األمساء مث يفتتح اخلطيب احلفلة إبلقاء كلمة هبذا املوضوع من
الوجهة العلمية ويسرتنل يف الكالم إىل مسألة خلود النفس وإمكان خماطبة أرواح
املوتى الساحبة يف الفضاء هوانطة ونطاء حقيقيني ،والوناطة موهبة مظيمة إمنا يف
هعض األحيان خيلو الونيط من القوة الالهزمة لتأدية الوظيفة حقها ،ولكن مىت توافر
القوة كالواجب تظهر البينة وتتجلى احلقيقة للعيان.
مث يتناول اخلطيب األرواق امللقاة ملى (الطاولة) أمام فيقرؤها الواحدة هعد
األخرى ،مرنالً من كل منها جواابً يتناول من التجليا واملخاطبا الروحية
فيدهش احلضور مبا أيتي من املعجزا .
جاء الونيط إىل مدد ( )1فنادى هصورت اجلهوري قائالً :مسرت (جيمس
مهلتونظ 7وأشار هيده إلي فأجاب :نعم ،فقال ه :أال تسكن (كلنفلند أوهايو) وتقيم
يف الشارع الفالين رقم (كذا)؟ فأجاه :نعم وهذا هو منواين احلقيقي .فقال :إين أرى
اآلن والدتك واقفة إبهزائك تقرئك الشوق والتحيا وقد أومز إيل أن أهلغك
نصيحة وهي أن الرجل الذي قاهلت يف (ديرتويت ميشكن) مساء االثنني املاضي
وحتادثت وإايه هشأن افتتاح جتارة يف تلك املدينة وومدت أبنك نتعود إلي يف الغد
للمباحثة يف العمل ،فهي تنصحك ابإلقالع من هذا العزم ألن الرجل ال يضمر اخلري
وال اإلخالص لك فإايك أن تتعامل مع .
فوقف الرجل مبهواتً ورفس األرض هرجل وقال نعم هذا هو احلادث هعين ،فقد
أقلعت اآلن من مزمي ونأممل هبذه النصيحة.
مث تناول اخلطيب ورقة أخرى كان مليها حرف (ج) ملى ما أذكر ،فالتفت إىل
اجلمهور وقال (مسز مارى روالند) وأبقل حلظة وقعت مين ملى هذه السيدة ،فقال
هلا ال ميكن أن يكون هذا امسك احلقيقي .أجاهت نعم :قال أال تقيمني يف (شيكاغو)
يف شارع كذا ومنرة كذا .قالت نعم وكل ذلك صحيح .قال هلا :إنين أرى اآلن جنلك
(ألرب ) الذي جتند يف احلرب الكربى ونافر مع الفرقة األخرية وانقطعت أخباره
منك حىت أصبحت وألنت ال تعلمني من شيء جاء إيل هروح مملوءة من الشجامة
واحلمانة ،وهو يقول لك أن قد كان مقتل قبل انتهاء احلرب مبدة قصرية وقال أن
جثت هقيت مطروحة ثالثة أايم قبل االهتداء إليها .وهنا وصف الونيط مالمح جنلها
ومظهره وأخربها من إنم املكان واليوم الذي قتل في .
وهعد ذلك قرأ الونيط مدد ( )49مسز (ألن مكالن) وأشار هيده إليها فذكر هلا
انم املدينة اليت تقطنها وإنم الشارع الذي تقيم في حسب مادت .مث قال :لك
شقيقة تدمى (أان) مجيلة الطلعة شيقة القوام كانت تسكن يف (دنفر) من والية
(كوالرادو) مرضت مرة مرضاً شديداً كاد يودي حبياهتا فكتبت إليك تطلب حضورك
إليها ،وقد حالت الظروف دون ذهاهك فساءها ذلك وقطعت أخبارها منك وهذا ما
محلك ملى االمتقاد أبهنا توفيت ،واحلقيقة هي أهنا مل تزل حية ترهزق وتقيم اليوم يف
مدينة (هلتيمور) .وكنت أود أن ال أخدش مسمعك إبيراد شيء مما مرفت منها ولكن
احلقيقة جيب أن تقال فإن نوء أحواهلا ونوء العشرة دفعاها الرتياد مناهزل الفساد،
وهي تسكن يف الشارع (الفالين) حتت منرة كذا وإذا شئت مرانلتها فعليك االمتماد
ملى هذا العنوان ،وإذا مل يكن ذلك صحيحاً فإين أضرب ملى نفسي غرامة مالية
كبرية واختذ هذا اجلمع الغفري شاهداً ملى ذلك.
مث جاء اخلطيب إىل مدد آخر فقال :مسرت (توماس فيليس) فأجاه :نعم .قال:
إنىن أراك شديد االهتمام مبسألة مبيع (البناية اليت متلكها يف (جامستون نيويورك)
جلورج مارش ،وتود أن تعرف إذا كان املبيع ينتهي حسب طلبك أم ال ،وكثرياً ما
تباحثت مع إمرأتك يف هذا الشأن مع أنك قبضت من مثن البناية حوالة أبلف رايل
وذلك مساء اجلمعة املاضي ،وأهزيدك اآلن اطمئناانً أبن املبيع نيتم ابلقيمة اليت
اتفقتما مليها وهي مبلغ مشرون ألفاً (هيعة مل حيضرها أهليس) والشاري غري مغبون.
فانتغرق اجلمهور ىف الضحك وأغرق صاحبنا يف التعجب .وملا وصل الونيط إىل
هنا يف الكالم صمت هنيهة مث قال :يف هذه السامة حدثت حادثة حمزنة يف ضواحي
(فالدلفيا) وذلك أن نيارة نقل مخسة ركاب انقلبت هراكبيها من شاهق فقتل إثنان
وأصيب الباقون جبروح خطرة وهينهم إمرأة هلا هنت موجودة هيننا تدمى (لوهزاو تنكس)
ومل يكد يدور نظره ملى اجلمهور حىت رآها فقال :نعم إن والدتك من مجلةالركاب
الذين هو هبم السيارة وهي اآلن يف املستشفى (الفالين) القريب من حمل احلادثة
فأنرمي ،فصرخت الفتاة ولكت والتفتت إىل السامة وكانت قد قارهت التانعة
والنصف ليالً وهو املومد الذي يرتك فيها القطار األخري احملطة فقالت :وما احليلة
والقطار قد نافر .قال هلا الونيط :انتظري قليالً مث التفت إىل العال ونأل هل
القطار ترك احملطة؟ ومتتم هلغة غري مفهومة ،مث قال :أنرمي وأمدي حوائجك فإن
القطار متأخر من ميعاده نصف نامة .فهبت الفتاة مسرمة وأمد لواهزمها وجاء
إىل احملطة فوجد القطار ملى جناح السفر فركبت .ويف اليوم الثالث ورد من الفتاة
رنالة ملى صديق هلا هناك ختربه أبن احلادثة وقعت كما رواها الونيط وتؤمل أبن
والدهتا تتقدم إىل الشفاء .ا هـ.
الفصل الثاين
فيما جاء يف نفس ذلك االتفسري يف نورة التوهة من مامل روحي إيطايل ،حتت
منوان معجزا القرآن يف هذا الزمان ،وظهور الكشف احلديث مصداقاً هلذه اآلاي
{الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا يف نبيل هللا أبمواهلم وأنفسهم أمظم درجة مند هللا
وأولئك هم الفائزون يبشرهم رهبم هرمحة من ورضوان وجنا هلم فيها نيم مقيم خالدين
فيها أهدا إن هللا منده أجر مظيم ،اي أيها الذين آمنوا ال تتخذوا آابئكم وإخوانكم
أولياء إن انتحبوا الكفر ملى اإلميان ومن يتوهلم منكم فأولئك هم الظاملون ،قل إن
كان آابؤكم وأهناؤكم وإخوانكم وأهزواجكم ومشريتكم وأموال اقرتفتموها وجتارة ختشون
كساده ا ومساكن ترضوهنا أحب إليكم من هللا ورنول وجهاد يف نبيل فرتهصوا حىت
أييت هللا أبمره وهللا ال يهدي القوم الفانقني ،لقد نصركم هللا يف مواطن كثرية ويوم
حنني إذ أمجبتكم كثرتكم فلم تغن منكم شيئاً وضاقت مليكم األرض مبا رحبت مث
وليتم مدهرين ،مث أنزل هللا نكينت ملى رنول وملى املؤمنني وأنزل جنوداً مل تروها
ومذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرون ،مث يتوب هللا من هعد ذلك ملى من يشاء
وهللا غفور رحيم ،اي أيها الذين آمنوا إمنا املشركون جنس فال يقرهوا املسجد احلرام هعد
مامهم هذا وإن خفتم ميلة فسوف يغنيكم هللا من فضل إن شاء إن هللا مليم حكيم،
قاتلوا الذين ال يؤمنون ابهلل وال ابليوم اآلخر وال حيرمون ما حرم هللا ورنول وال يدينون
هدين احلق من الذين أوتوا الكتاب حىت يعطوا اجلزية من يد وهم صاغرون ،وقالت
اليهود مزيز اهن هللا وقالت النصارى املسيح اهن هللا ذلك قوهلم أبفهواههم يضاهئون
قول الذين كفروا من قبل قاتلهم هللا أىن يؤفكون ،اختذوا أحبارهم ورهباهنم أراابً من
دون هللا واملسيح اهن مرمي وما أمروا إال ليعبدوا إهلاً واحدا ال إل إال هو نبحان مما
يشركون ،يريدون أن يطفئوا نور هللا أبفواههم وأيىب هللا إال أن يتم نوره ولو كره
الكافرون ،هو الذي أرنل رنول ابهلدى ودين احلق ليظهره ملى الدين كل ولو كره
املشركون ،اي أيها الذين آمنوا إن كثريا من األحبار والرهبان ليأكلوا أموال الناس
ابلباطل ويصدون من نبيل هللا والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقوهنا يف نبيل
هللا فبشرهم هعذاب أليم ،يوم حيمى مليها يف انر جهنم فتكوى هبا جباههم وجنوهبم
وظهورهم هذا ما كنزمت ألنفسكم فذوقوا ما كننتم تكنزون}.
ولنفصل الكالم يف هذا ملى ثالث جواهر (اجلوهرة األوىل) ملخص هذه اآلاي
إمجاالً نبين ملي ما هعده (اجلوهرة الثانية) يف مبحث مام يف النفس اإلنسانية وقواها
وملكاهتا وأخالقها ألهنا هي أناس مجيع األممال( .اجلوهرة الثالثة) فيما أملن هعض
الذين خاطبوا األرواح من ملماء املسيحيني الكبار وحكمائهم وأهنم شاهدوا يف اجلنة
قصوراً ويف النار ظلما ونعرياً ،وإن هعض رؤناء الدين املسيحي من آابء الكنيسة
الرومانيني يف أنفل جهنم ...اخل ،وأن الدين اإلنالمي قد ظهر ل أحسن أثر يف
األموا الذي امتنقوه ...اخل وهذا املقال من أمجب ما يف هذا التفسري.
(اجلوهرة األوىل) جممل هذه اآلاي هو:
.4إن من قدم النفس واملال هلل فهو يف اجلنة.
.2أن الذي يقدم حب املال واألهل وغريمها ملى حب هللا فهو يف جهنم.
.9أن النصر هيد هللا ألن العامل يف قبضت .
.1معاداة الكفار.
.1ذم النصارى واليهود الذين جعلوا هلل شريكاً واتبعوا األحبار والرهبان الذين
حيللون وحيرمون.
.1األحبار والرهبان لشرههم ملى مال وحبهم للرائنة يعذهون يف جهنم.
هذه األصناف الستة ترجع ألصل واحد هو أن الشره ملى املال أو الرائنة أو
حب أمر من األمور يصد النفس من حب هللا تعاىل ،وهذا يوجب مذاب جهنم.
فهذه اآلاي مجعت ما هني مؤمن متثاقل من اجلهاد ألجل مسكن أو مال أو أهل
وهني رئيس ديين مغرم ابملال والرائنة ...اخل .وهبذا متت اجلوهرة األوىل.
(اجلوهرة الثانية) يف حتليل النفس اإلنسانيةومعرفة قواها وملكاهتا حىت نقف ملى
نرها املكنون املخزون الذي ه ندرك هعض نر هذه اآلاي .
مث نقفي يف (اجلوهرة الثالثة) مبصداقها من احللم احلديث ،اللهم إنك أنت الذي
حتمي القلوب وخترج احلي من امليت ،أنت الذي شرحت صدري هلذا التفسري
وأن عمت ملي ابلتوفيق وأريتين هدائع الغرائب ومشاهد احلوادث حىت يظهر نر كتاهك
يف هذا الزمان الذي التبس في احلق ابلباطل .اللهم إنك أنت الذي خلقت نفوننا
وأضأهتا هنورك وأودمت فيها جواهر وأهدمت وهزوقت وصور وأحكمت فكانت
نفوننا:
.4قاهلة ملعرفة مجيع املوجودا .
.2مشا ركة لكل حي يف صفا مامة فبهذا تود لو مشلت مجيع األحياء ابلرمحة
واإلحسان.
.9وحياهتا متوقفة ملى العوامل العلوية والسفلية هوج ممومي.
.1وهي من جهة أخرى تود لو تبتلع كل موجود إطامة لشهوهتا أو هتلك كل
حي إطامة لغضبها ونطوهتا.
ولبيان هذه األرهعة نقول :هلم أيها الذكي أحدثك دقائق وامتزل مامل األجساد
وادخل معي مامل روحك ونفكر فيها ،فها أان ذا أصف نفسي وهذا الوصف ينطبق
ملى نفسك .ولقد أمرين هللا وأمرك أن ننظر يف نفوننا فقال{ :وىف أنفسكم أفال
تبصرون} .وهذا في توهيخ لنا وإنكار ملينا لعدم نظران لنفوننا ،فامتثاالً ألمره تعاىل
أنظر يف نفسي وأنت تنظر يف نفسك فأقول:
قل يل :ألست جتد أنك حتب أن تعرف جسمك ومنزلك وقريتك وأمتك والكرة
األرضية واجملمومة الشمسية ومامل اجملرة الذي حيتوي ملى حنو ( )218ألف ألف من
النجوم اليت هي أكرب من مشسنا وأضوأ جداً .فمنها ما هو أضوأ منها ( )488مرة،
ومنها ما هو أضوأ منها ألف مرة ،ومنها ما أضوأ مثانية آالف مرة وأكثر كما تقدم
كثرياً يف هذا التفسري .مث وراء هذه اجملرة جمرا أخرى قد وصلت إىل ما يزيد ملى
ألف ألف جمرة ،وكل واحدة من هذه فيها مشوس كشموس جمرتنا .اللهم أنت
القدوس ،أنت العليم ،أنت احلكيم ،أنت الكرمي ،فمن كرمك أن أهدمت نفسي
وأهدمت نفس قارئ هذا الكتاب وجعلتهما تواقتني إىل هذه العجائب اليت ذكرهتا
ناهقاً يف نورة األنعام ونأذكر هعضها يف نورة يونس وغريها ،هل أن هذه النفس
نراها تدرك أن هناك ماال هناية ل يف الزمان واملكان والعوامل ،ولكنها حني تريد أن
تتصور ذلك تبهر وتنكمش وتتقهقر وتقول ال قدرة لبصرييت ملى تصور هذا .وإن
ترجع القهقري وتقول إن ماال هناية ل يعلم من وجوده ال هناية ل وهو الذي دهر
هذا الوجود فمن أان حىت أقف ملى نر الوجود؟
فمن هذا يتبني أن نفسي ونفسك معاً ماشقتان مغرمتان ابإلطالع ملى كل
موجود .ومعىن هذا أهنما قاهلتان لذلك كما قبلت الطعام والشراب .ويظهر يل أن كل
ما متيل إلي النفس هو من جبلتها وطبيعتها وإال فلماذا كان ميلها للطعام نبباً حلياهتا
وميلها القرتاب الرجل واملرأة نبباً لبقاء الولد .فهكذا فليكن ميلها ملعرفة العوامل وحبها
نبباً لسعادة كربى منانبة هلذا امليل ،كما نعد نعادا صغرى ابمليل للطعام
وللتزوج .هذا هو ما قصد من شرح:
(األمر األول) وهو قبول النفس ملعرفة مجيع املوجودا .
(األمر الثاين) أن اإلنسان ملشاركت ألهناء نوم يف مواطف حيب حياة كل إنسان
مىت خلى وطبع .والربهان ملى ذلك أنك ترى اإلنسان إذا شاهد قطاراً دهم رجالً
وقتل يف مصر أو هغداد أو اآلنتانة أو كلكوات أو ابريس أو هرلني فإن يف احلال يفزع
وجيزع ،وهذا دليل ملى أن يفرق هني حايل هذا املقتول ويفضل حال احلياة ملى حال
املو .
(األمر الثالث) أن نفسي اليت حتب معرفة كل شيء وحياة كل إنسان (إذا
وصلت لليقني) تعرف أهنا متوقفة ملى مجيع العلوم العلوية والسفلية .وهذا واضح يف
ثنااي هذا التفسري .أفال تعجب من هذا؟ أال تعجب من أن حبها ملعرفة العوامل
ومطفها العام ينانبان احتياجها العام؟ اللهم أن نفسي ال تعيش يف هذه احلياة الدنيا
إال جبسم حتفظ قرية حتميها دولة حيبط هبا هواء وأضواء مشرقا من العوامل العلوية
واألمم مجيعها .والدول مشرتكا يف األمور العامة كاألنالك الربقية (التلغراف)
وكاملسرة (التليفون) وكالقاطرا يف الرب والسفن يف البحر .وهكذا فاألمم ملى هذه
األرض كلها متعاوان وإن كن متعاداي وهذا هو العجب .حب مام واحتياج مام
واشرتاك مام .وإن كان هذا االشرتاك صورايً والقلوب مقفلة ملى الطمع والشره
والعداوة والبغضاء لنقص أهل األرض أمجعني إال قليالً منهم {وقليل من مبادي
الشكور}.
(األمر الرابع) إهنا مع هذا احلب وهذا الغرام ابلعلم واالشرتاك العام كمنت فيها
قواتن( :أحدها) جاذهة (واألخرى) دافعة .أما القوة اجلاذهة فهي الشهوا اليت
أمد لبقاء احلياة يف الدنيا .فهذه الشهوا نراها قوية هائلة فكما رأينا مقولنا تود
معرفة كل كوكب وكل مشس وكل أرض ،كما هو معروف من أخبار ملماء أهل أورواب
الذين يودون أن يسافروا للقمر أو خياطبوا أهل املريخ ...اخل ،وحنن نتشوق لذلك
شوقاً كبرياً .هكذا نراان إذا ملكنا ال نقف مند حد فنحن تكفينا األطعمة اخلاضرة
واملالهس الساترة ،لكن هذه النفس تندفع يف شهواهتا كاندفامها يف ملومها يود
اإلنسان لو ميلك قرية أو أمة أو أهل األرص مجيعاً.
والدليل ملى ذلك ما نعرف من انهليون وخبتنصر وغليوم امرباطور األملان وغريهم،
وهكذا كل أحد منا يعرف يف نفس أهنا تقف مند حد يف أمر امللك وحوهز النعم
األرضية .وإذا مارض أحد من املاس هذه القوة فينا غضبنا ملي وكرهنا حيات ،ونسينا
أن كل حي ملى األرض رمحة لنا .فاألمم وأفراد األمم يسامد هعضهم هعضاً ،فكل
منده من العلم والسلع ما ليس مند اآلخر ،فكل لكل مكمل ومرق ،ولكن الناس
لنقص أكثر نفوس أهل هذه األرض هعضهم لبعض مدو .وهذه هي القوة الدافعة.
فنحن أهل األرض هني قوتني :قوة جالبة ملا ه احلياة ،وقوة دافعة ملا يضادها .وهااتن
القواتن مها اللتان تظهران يف اجلاذهية العامة .فالشمس مثالً جيذب األرض ولكنها
تدفعها منها إىل هعد خمصوص ابلقوة الطاردة ،فاألالض كعاشقة للشمس ألهنا
جمذوهة إليها ولكنها مطرودة منها إىل هعد خمصوص .هذه هي القوى األرهعة اليت يف
نفوننا ،فهي حمبة لكل ملم متوقفة ملى كل العوامل (وهذا ال يعرف إال من درس مجيع
ملوم الكائنا أو قرأ أكثر هذا التفسري).
تريد أن نعرف كل شيء ،ومتلك كل شيء ،وحتسن لكل حي .ولكن يعارض هذا
شهواهتا وأضغاهنا (وإن كانت يف حاجة ألهناء نومها) .إن رغبة العلم العام واحملبة
العامة طبيعتان أصليتان يف النفس .أما كوهنا تود البطش أبهناء نومها وتود هالكهم
فهذا مارض من حيث حاجتها إىل ند شهواهتا .ونتيجة هذه اجلوهرة الثانية أن
اإلنسان ال تصلح حيات إال ملى مقتضى فطرت وأصول فطرت أمهها العلم واحلب
والتعاون .إذن حياة الفرد يف أمة يتوقف كماهلا ملى حياة األمة وكل ما توقفت ملي
حياتنا أحببناه ،وهكذا يف األمم ملى هذه األرض.
اللهم إن كمال األفراد يف حب هعضهم من أمتهم .وكمال األمم يف حب هعضهم
هعضاً .ولقد حصل هذا فعالً يف أرضنا ولكن حصول انقص .فإننا نرى أن أهل املنزل
يتشاركون وهو كثرياً ما يتعادون ،ونرى أهل القرىي يتشاركون يف أمورهم العامة وهم
يتشاجرون ،ونرى األمم تتعاون يف التجارة والربيد واملواصال وهم مجيعاً متعادون .هللا
أكرب ظهر احلق وانتبان السبيل وظهر مجالك يف العامل الذي مشنا في .
اللهم إنك قد أهدمت هذا الوجود وأرجعت لفطران .أنت مضتنا يف املعرفة وجعلت
حياتنا موقوفة ملى أهناء نومنا فتشاركوا وتعاونوا ،ولكن هذا التشارك وهذه املعاونة
ظاهراين ال ابطنيان .اللهم إن فطرتنا صادقة لصدقها حتزن أو تتأمل يف هذه احلياة وهي
ال تدري ما نبب هذا األمل وال تعلم أن نبب أن هذا العامل انقص ال يطلبق فطرهتا
متام املطاهقة ،هل املطاهقة لفطرتنا لفظية ظاهرية .ولذلك حكمت مبوتنا لندخل يف
مامل آخر تتوافر في معدا احلياة احلقة فيكون التعاون ابلقلب والقالب وتصبح
النفوس متجاذهة جتاذابً صادقاً ال موج في وال خداع.
إن حياة األرواح يف أجسامها جيب أن تكون ابحلب العام اخلالص كما أحبت
الشمس األرض واألرض القمر ،وأفاض األملى ملى األدىن هال من وال أذى كما
يفيض األهوان ملى الولد .وهذه الصفة مفقودة يف أرضنا اليت حياة األمم وحياة األفراد
فيها مصحوهة ابخلداع .اللهم أنك نرت يف الدنيا هواطننا رمحة منك ،أنت أرد أن
تكون ظواهران متشاكلة متوادة متجاذهة .وقد أقفلت ملى قلوهنا أقفالك حىت ال
تظهر ،ولو ظهر لكان التنافر ومل تتم احلياة .وهذا النقص يتبع مامل أكمل من ماملنا
هذا تكون البواطن في ظاهرة واضحة وهو مامل األرواح ألن الليل يعقب النهار،
فحياتنا ليل مظلم ال تظهر في البواطن.
أما حياة األرواح فهي هنار مضىء تظهر في األشكال .وههنا يظهر معىن هذه
اآلاي اليت حنن هصدد الكالم مليها .فإذا رأينا اإلنسان يقدم نفس ومال يف املنفعة
العامة إبخالص فهذا مطاهق لفطرتنا األصلية .وإذا رأينا األحبار والرهبان يزجون يف
جهنم ألهنم جيمعون أموال الناس ألنفسهم ،فمعىن هذا أهنم نخروا اجملموع ألنفسهم،
فمحبتهم إذن ألنفسهم ال للمجموع وهذا مناقض لفطرتنا .وهذا هو الذي أرد
تبيان هطريق مقلي نفسي.
(اجلوهر الثالثة) معجزا القرآن اليت ظهر مطاهقة ملا تقدم مند هعض العلماء
النصارى الذي حدثوا األرواح.
هني يدي اآلن كتاب مؤلف مامل مسيحي (ممانوئيل نودنربج) ماش يف القرن
الثامن مشر ،وقد ولد يف مدينة (نتوكهلم) وأهوه كان (أنقفاً) ملى ونرتوغوثيا ل
شهرة طويلة يف خيات ،وكان مضواً يف اجلمعية االجنليزية لنشر تعاليم االجنيل ،وأقام
امللك كارلس الثاين مشر أنقفاً ملى الكنائس األنوجية يف (هنسلفانيا ولندن) .أما
ممانوئيل نودنربج الذي حنن هصدد الكالم ملي فإن هزار انكلرتا ننة 4948وهولندا
وفرنسا وأملانيا وماد إىل وطن ننة ،4941وجعل امللك كارلوس الثاين مشر يف رتبة
مقدر يف مدرنة املعادن وهقي يف هذه الوظيفة إىل ننة ،4999وقال أن انتقال
منها ألن دماه داع إهلي لنشر احلقيقة العلمية يف العامل ،فعرض ملي امللك رتبة أملى
فرفضها خوفاً من أن يتي غروراً وتكرباً وتعاظماً .مث أنعمت امللكة ملي هرتقيت إىل
منزلة األشراف ولقب هلقب (نودنربج) فجلس يف جملس األشراف وحضر اجللسا
الثالث اليت تعقد كل ننة ،وصار مضواً يف اجلمعية العلمية يف (انتوكهلم) .ولكن
يقول :هذه احلمعية مبحثها ال ينانب ألهنا تتعلق هبذا العامل املادي ،ولذلك مل يبحث
معهم وإن كان مضواً منهم ابإلنم .وقد تناول الطعام ملى نفرة امللك وامللكة (وهو
شرف ال ينال غري أشراف اململكة) وقد قال :إن هذه النعم ليست شيئاً مذكوراً
ابلنسبة ملا دماين إلي هللا وأهلمين أن أحدث الناس ابحلقائق اليت شاهدهتا يف مامل
األرواح إلظهار احلق للمسيحيني ليعرفوا احلقيقة ،وقال :إين تنقلت يف البالد هلذه
الغاية وإهراهز هذا العلم للناس خلالصي وخالصهم.
هذا ملخص ما ذكره املؤلف يف خطاه ألحد أصحاه ننة 4917وقال :إن
تشنيع الناس ملي وتشهريهم يب وانتهزاؤهم ال يهمين ما دمت قائماً ابحلق .وملا قال
ل أحد أصحاه :إين أنصحك أن تعتزل تلك الكتااب اليت تكتبها مما ترى وتسمع
يف مامل األرواح فإهنا تعرضك لسهام ذوي اجلهالة .وقد أصبحت هزؤاً ونخرية .قال:
قد هلغت من العمر إىل درجة ال جيسر فيها ملى اهلزء ابألمور الروحية ،وأن منتهى
جهدي السعي وراء خالصي غري ملتفت إىل ما يرى الناس فيذ .مث قال :أقسم
خبالص نفسي أن ما كتبت مل يكن مصدره التخيل هل حقيقة ما مسعت وما رأيت.
وقد ما ننة 4992ودفن يف لندن هعد ما أصيب ابلفاجل ،وقد قاهل قبيل موت
كاهن يسمى (أرفيد فرليوس) وقال ل :لقد نلت مرادك من الشهرة ،والناس يزممون
أنك هبذه التعاليم أرد الشهرة فإذا كان هزممهم صادقاً فمن الواجب مليك يف هذه
احلال – حباً يف العدل والصدق – أن تكذب ما كتبت أو هعض ما دام مل يبق لك
مأرب يف مامل مما قريب تفارق .فلما مسع ذلك من انتصب يف فراش جهد طاقت
ورفع يده الصحيحة إىل صدره وقال هلهجة( :إن صدق ما كتبت حقيقي كحقيقة
رؤيتك أايي أمام مينيك ،ولو مسح يل لكتبت كل ما رأيت وقلت أكثر مما فعلت
حىت اآلن ،ونرتى كل شيء هعينيك يوم تدخل العامل األهدي حيث اجتمع هك
للكالم يف أمور كثرية) انتهى ملخصاً.
ماذا حيدثنا عمانوئيل الذي ذكران ملخص اترخيه؟
حيدثنا:
.4يقول يف صفحة ( )497من نص يف الرتمجة :إن األفريقيني من هني مجيع
األمم هو احملبوهون أكثر من اجلميع يف السماء (أي اجلنة) ،ألهنم يقبلون
خريا وحقائق السماء أبوفر نهولة من اآلخرين وهم يرغبون خصوصاص أن
يدموا مطيعني .ويقول ىف صفحة ( )498إن رأى مباد األصنام من األمم هعد
الطوفان وشاهد أرواحهم فرآها يف مكان مظلم ويف حال تعسة وقد حرموا من
الفكر ،وقالوا ل إهنم أقاموا يف ذلك املكان قروانً كثرية وأهنم خيرجون منها يف
هعض األحيان ليقوموا حباجا دنيئة لآلخرين .قال :فمن هذا محلت ملى
التفكر يف كثري من املسيحيني الذين ليسوا يف اخلارج مبدة أواثن ولكنهم يف
الداخل كذلك إذ يعبدون ذواهتم والعامل ويرفضون هللا .قال :وأخذ أتفكر يف
نوع النصيب الذي ينتظرهم يف احلياة األخرى .وقال يف موضع آخر :إن
املسيحيني يعيشون ميشة شريرة وهلم ولوع ابلزان والبغض واخلصام والسكر
وذنوب متشاهبة أتابها األمم الوثنية.
.2وهو يقول أيضاً :إن حادث األرواح فقالت ل (إننا يف السماء ال نقول إن هللا
ثالثة وإمنا حنن نعلم ونبصر أن هللا واحد) .ويقول إهنم قالوا ل :إن الذين
يعتقدون آبهلة ثالثة ال ميكن إدخاهلم إىل اجلنة ألن أفكارهم حيصل هلا حتري فال
تدري أين الثاين والثالث .واملدار يف مامل األرواح ملى الفكر ،فالكر إذا تصور
ثالث آهلة فقول اللسان إن واحد نفاق ال يفيد هل يظهر الباطن ويكون وابالً
ملى صاحب ،وذلك يف صفحة ( )9من الكتاب.
.9ويقول يف صفحة ( :)94يعتقد البعض أن األطفال الذين ولدوا تبع الكنيسة
هسبب أهنم متعمدون مباء املعمودية يدخلون يف اإلميان .وأما الذين ليسوا تبع
الكنيسة ومل ينلهم ماء العمودية ال يدخلون يف اإلميان .قال :وهذا ابطل ألن
املعمودية تذكار .مث قال فليعلموا أن كل طفل يف أي مكان ولد من والدين
تقيني أو من والدين غري تقيني مىت ما يقبل هللا ويعلم يف البسماء (أي
اجلنة) .وهنا أخذ يشرح العناية ابألطفال شرحاً مستفيضاً ملى ما يقول أن
رآهم كذلك.
.1ويقول يف صفحة ( :)72رأيت قصوراً مساوية ذا اتقان ال ميكن وصف
أشرقت من فوق كالذهب النقي ومن حتت كاحلجارة الكرمية يزيد هعضها من
البعض رونقاً والغرف كزدانة هزينة يستحيل أن يصفها الكالم ،ويف هعض
األماكن ترى األوراق كالفضة والثمار كالذهب واألهزهار يف ألواهنا أظهر
قوس قزح .ويقول :إن األرواح قالت ل :إن هناك أشياء كهذه ال حتصى وهي
أمظم كما ال يعرضها هللا أمامهم ،ومع ذلك يبهجون مقوهلم أكثر مما يبهجون
أمينهم وذلك ألهنم يرون مطاهقة يف كل شيء إهلي .ويقول :إن هذه املظاهر
تطاهق هواطنهم فإهنا لطهارهتا ظهر هلم احملسونا وتنعموا هبا كما تنعم
هواطنهم ابلكمال.
.1ويقول يف صفحة ( :)11إن داخليا اإلنسان تعرف ابلنظر لوجه حبيث ال
خيفي منها شيء .فأهل اجلنة حيبون أن يظهروا ألن هواطنهم مجيلة .أما الفجار
من أهل النار فإن أحدهم يظهر لآلخر كما يرى الناس هعضهم هعضاً .أما
أهل اجلنة واملالئكة فإهنم يروهنم كالوحوش يف وجوه وأشكال خميفة يف نفس
شكل شرهم الذايت ،فكل إنسان يظهر شكل ملى هيئة ابطن فإما مجيل ملى
قدر خريه وإما قبيح ملى قدر شره.
ويصف يف صفحة ( 991و )991جهنم فيقول :إن مداخل جهنم تكون حتت
اجلبال والتالل والصخور ومجيعها تظهر مظلمة ومغربة ،وهلا نوع من النور كالفحم
املشتعل ،وأن الذين ماشو يف الدنيا يف البغض واالنتقام من الذين مل يعتربوهم ومل
يقدنوهم ومل يعبدوهم فهؤالء يوضعون يف أقصى جهنم .ومن هؤالء طائفة
(الكاثوليكية الرومانية) ،وكذلك الذين جعلوا أنفسهم آهلة تعبد ،فهؤالء اضطرموا هنار
البغض واحلقد ضد كل من مل يعرتف هقدرهتم ملى نفوس العامل وال يزالون يف جهنم
يعللون األماين اليت ماشوا هبا ملى األرض .فقلوهبم مألى غيظاً وحقداً وضغناً ملى
من ال يوافقوهنم يف هزممهم فأصبحوا يف جهنم وقلوب كل منهم متجهة حنو ذوي
صيت .
وقال يف صفحة ( :)999يف هعض حها جهنم ترى خرااب ومناهزل ومدن هعد
شبوب نريان ،وفيها تسكن األرواح اجلهنمية يف خفية ويف النواحي املعتدلة من جهنم
ترى أكواخ نيئة البناء هبيئة مدينة ابألهزقة والشوارع ويف داخل هذه البيو األرواح
اجلهنمية دائماً يف مشاجرة ومداوة ومضارهة وقتال ،ويف الشوارع واألهزقة ال ترى إال
النهب والسلب .وقال :إن أهواب جهنم حني تفتح لدخول أرواح شريرة جديدة خيرج
من ها خبار يكون إما مثل خبار النار مع الدخان كما يظهر يف اهلواء من أهنية حمرتقة أو
مثل هليب هدون دخان أو نظري نخام كالذي خيرج من املداخن املشتعلة أو نظري
ضباب أو نحاب كثيف .قال :وهذه األشياء منانبة ألخالقهم ولكنها تظهر هبذا
الشكل لغريهم أما هم فال ميكنهم أن يعيشوا خارجها.
وصرح يف صفحة ( )917أبن هعض الناس إذا مسع يف جهنم ذكر هللا اهزداد غيظ
جداً حىت التهب راغباً قتل ،وهو لو أطلق العنان لنفس ألحب أن يكون إهليس حىت
يزمم أن يلحق األذى ابهلل تعاىل كما يتمناه هعض اصحاب الداينة الباهوية مندما
يدركون يف احلياة األخرى أن الرب كل القوة وليس هلم شيء منها ملى اإلطالق.
.1ويقول يف صفحة ( :)19إن هللا يرى يف السماء (اجلنة) كالشمس) ،ويرى
لكل أحد مبقدار ما يقبل نبحان وتعاىل .ومن رأوه إلفاضتهم اخلري ملى
الناس ظهر هلم كالشمس ملا مندهم من احملبة واخلري للناس ،أما الذين يرون
ألجل اإلميان فإهنم يرون كالقمر.
.9ويقول أيضاً :إن نصيب األغنياء والفقراء يف اآلخرة اتهع لسرائرهم .فكم من
غين كان حمسناً طاهر القلب فرأيت نكن القصور اجلميلة .وكم من فقري كان
اض ابلقجر فهذا يعذب مذاابً شديداً .انتهى. ناخطاً ملى الزمان غري ر ٍ
فأمجب من معجزا القرآن .أليست هذه املسائل اليت خلصتها لك من كتاه
هي مني تفسري هذه اآلاي هل هي من آاي هللا ،وهي هعض آاي رهك اليت
أظهرها للناس .فياليت شعري ،أليست اجلنة والنار اللتني ذكرمها مها املذكوراتن يف
القرآن ابلنص؟ أفليس الرجل أنكر التثليث ؟ ...أ ،ليس كالم يف أهل أفريقيا وأهنم
يسبقون الناس إىل اجلنة وأن األمم الوثنية من نفس تلك البالد قدمياً معذهون يف
جهنم .أقول :أليس هذا معجزة للقرآن يف هذا العصر ،ألن أهل أفريقيا مسلمون
وأنالفهم مباد أصنام .وانظر كيف صرح مبا نصت ملي اآلية وهو أن رؤناء دينهم
حلبهم إلجالل الناس إايهم يف أنفل جهنم كنص هذه اآلاي .أو ليس قول أن
أطفال مجيع األمم يدخلون اجلنة موافقاً لألحاديث وآلراء أجل ملماء اإلنالم .أو
ليس تفضيل للغىن الشاكر هو مني ما أوضح اإلمام الغزايل يف األحياء (أن الغين
الشاكر أفضل من الفقري الصاهر).
نتيجة هذا املقام
ألست ترى هعد هذا أن ما نقلناه من هذا الكتاب إمنا هو هيان لسر هذه اآلاي ،
إذ ذكر أن التثليث يعذب ملي املسيحيون وأن مظمة رجال الكنيسة تطرحهم يف
أنفل نافلني ...اخل؟
هذا هو نر هذه اآلاي والس ميا قول تعاىل {ليظهره ملى الدين كل } .انتهى
ليلة اإلثنني 41مايو ننة 4729هذا ومن أمجب العجب أن يقع هذا الكتاب يف
يدي وهذه السورة مقدمة للمطبعة وأُخر طبعها ألنباب مارضة ،حىت متكنت من
تلخيص ما تقدم واحلمد هلل الذي هنعمت تتم الصاحلا .ا هـ
إيضاح
هعد أن كتبت ما تقدم أبنبوع إطّلع ملي أحد أهل الفضل فقال :أهبذا القول
تثق؟ وهل مثل هذه األقوال اليت الحظ هلا من التحقيق يفسر القرآن .القرآن وحي
وهذا الرجل ي ّدمي أن خاطب األرواح .فهل النائجة كالثكلى * فأين الثري وأين
الثرى * وأين معاوية من ملي .أو كلما نعق انمق أثبت قول يف تفسري كالم هللا؟
فقلت :أان مل أقل إنين موقن أن حادث األرواح .كال .قال :ومل إذن نقلت كالم ؟
فقلت :لثالثة أمور:
األمر األول :أنين وجد هذه اآلراء يف فحواها ويف مقصودها تشب كالم
األرواح كما يف كتايب املسمى (كتاب األرواح) فإن تلك العوامل ملا خاطبها القوم يف
أورواب كان ذلك أشب مبا جاء يف هذا الكتاب .فإذا كان هذا العامل من رجال القرن
الثامن مشر موافق ملن جاؤا يف القرن التانع مشر والقرن العشرين فهو جدير ابلبحث
والتحري.
أيضت قد ذكرها خواص ملماء اإلنالم يف ً األمر الثاين :أن هذه اآلراء كما تقدم
أنرار الدين اإلنالمي ،وينحو حنوها اإلمام الغزايل وحميي الدين هن مريب وكتاب
(إخوان الصفاء) وحنوهم.
األمر الثالث :أنين أ،ا نظر يف هذه الدنيا هعقلي فوجدهتا كما تقدم قد الهزمتها
الوحدة مجلة وتفصيالً والهزمها االحتاد.
فالشمس والسيارا والتواهع كاألرض والقمر ،وهكذا هقية الشموس ،كلهن
متجاذاب متحااب متعاوان .وكل هذه وما معها يف اجملرة وهكذا اجملرا األخرى.
هذه نراها يف نفوننا ماملاً واحداً فهي يف نفوننا واحدة ،واألملى منها ميد األنفل.
فالشمس متد األرض وابقي السيارا ابلضوء وهي جمذواب هلا كما تقدم.
مث إين وجد هذا النوع اإلنساين جعلت هيئت كهيئة هذه العوامل ،أي أن وضع
يف الوجود هو واحليواان كلها كوضع اشتقاق هذه العوامل .فإذا رأينا األرض (كما
هو الرأي العام يف العامل اآلن) مشتقة من الشمس دائرة حوهلا مالهزمة هلا والقمر
مشتق من األرض مالهزم هلا دائر حوهلا) .هكذا نرى الناس مجيعاً قسمني أهوين وإهناً
وهنتاً واألوالن يعطفان ملى األخريين واألخريان مشتقان من األولني اتهعان هلما مث
نراهم من جهة أخرى (قسمني) :قسم هم ذكور وقسم هم إانث ومها متعاشقان
متحاابن .ونرى ماملاً وحكيماً ونبياً يعلمون تالميذاً وأمماً .وهذه أيضاً والدة أخرى
معنوية .يعجبين هذا النظام كنظام يراد ه التعارف واحملبة حبسب أصل وهو قول
تعاىل{ :اي أيها الناس إان خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوابً وقبائل لتعارفوا}.
وهذا هو األصل الذي هنيت ملي كتايب (أين اإلنسان) الذي نأذكر ملخص الذي
انتخلص من األنتاذ (ننتالن ) التلياين يف (جملة العلوم الشرقية) يف نورة احلجرا
مند تفسري اآلية املتقدمة فيها هناك .فإذن العامل اإلنساين خلق أوالً وابلذا للتعارف
واحملبة كما خلقت هذه العوامل للتجاذب ولالحتاد ،فإذا مل يوفق اإلنسان لذلك يف هذه
احلياة فما أحراه أن يتلكأ يف نريه ويوضع (الذين مل يصلوا إىل هذه النتيجة) يف موامل
منحطة ليدركوا هعد حني أهنم يف ضالل مبني ،وليعلموا أهنم يف السجن اجلهنمي
هغباوهتم .كما قال تعاىل {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا يف أصحاب السعري *
فامرتفوا هذنبهم فسحقاً ألصحاب السعري} .وهذا األصل هو الذي يبين ملي مجيع
هذه اآلاي .فمن فضل مال أو أهل ملى اجملموع ،ومن أخذ املال وكان رئيساً دينياً
وهو ملي حريص ،فقد أخطأ املرمى وغش اجملموع فصار جنساً حيبس يف مكان حمزن
هو جهنم.
فهذا هو رأيي يف هذه الدنيا ،فلذلك نقلت كالم هذا الرجل ملالءمت لذلك أشد
املالءمة .فإذا مل يكن ما فهمت حقاً فلماذا مل خيلق اإلنسان هصفة أخرى؟ وملاذا مل
خيلق كالنبا يعي ش وميو وال نصب وال تعب وال أمل؟ وكا يف اإلمكان أن خيلق
الناس كما خيلق الشجر إىل حني مث ميوتون .الشجر ال حيتاج هعض إىل هعض كثرياً،
ولكن هم يف أشد احلاجة هعضهم لبعض ،لعمر هللا مل يكن ذلك إال ألجل ما ذكرانه
وهيناه وفتح هللا ه .اللهم إن الناس يعيشون وميوتون وأكثرهم ال يعقلون وال يدرنون
هذا الوجود ،لذلك أنزلت مليهم الدايان وخلقت احلكوما ليتفطنوا .هذا هو نر
ذم هللا لألحبار والرهبان الذين حيرصون ملى املال ويستعبدون الناس ،مع أن هؤالء
العلماء إمنا نصبوا خلدمة اجملموع .هكذا ملماء اإلنالم إن مل يكونوا رمحة للمسلمني
فهم ملحقون ابألحبار والرهبان حلرصهم ملى الدرهم والدينار.
هذا هو الذي أفهم يف هذه الدنيا اليت هي أكرب مدرنة لنا معاشر هين آدم .فلما
مسع صاحيب ذلك قال هذا هيان يصلح أن يكون أناناً تبىن ملي احلكمة والفلسفة
واحلياة .فقلت :وحنن إذا فسران كتاب هللا فهو أوىل ابألصول الثاهتة والعلوم احلقة ،وأن
هلذه اآلراء شأانً يف األمم هعد مغادرتنا هذه الدنيا ،ويشري ملا قلت اآلن قول تعاىل:
{مث انتوى إىل السماء وهي دخان فقال هلا ولألرض ائتيا طوماً أو كرهاً آتينا
طائعني} ،وقول {وهلل يسجد من يف السموا واألرض طوماً وكرهاً وظالهلم ابلغدو
واآلصال} .انتوى هللا إىل السماء ودما السماوا واألرض فأتتا طائعتني ،وملا نجد
ل من يف السموا واألرض انقسموا فريقني /فريق نجد طائعاً وآخر مكرهاً ،وهذا
يشهد ملا ذكرت لك اآلن .جتاذهت العوامل كلها ونظمت حبساب ،جر الشمس
حول كوكب جمهول لنا ،وجر األرض حول الشمس ،وجرى القمر حول األرض،
وجر للسيارا كذلك ،وهكذا تواهعها ومجيع الكواكب كلها جر جرايً منظماً مل
جيد في العلماء خطأ ،وهذا في معىن احلب ويسمى اجلاذهية.
الفصل الرابع
فيما شاهدت أان من مجائب ملم األرواح وحنو ذلك ،ولقد فاتين أن أذكر فيما
تقدم مجيبة يف ملم األرواح جر أايم أيب هكر هنع هللا يضر فأحببت أن أذكرها هنا مث أقفي
مبا أان هصدده فأقول :جاء يف كتايب اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة احلجرا ما
نص :
ملا كان يوم اليمامة يف حرب مسيلمة رأي اثهت من املسلمني هعض إنكسار
واهنزمت طائفة منهم ،فقال أف هلؤالء مث قال اثهت لسامل موىل حذيفة :ما كنا نقاتل
أمداء هللا مع النيب مثل هذا مث ثبتا وقاتال حىت قتال ،وانتشهد اثهت وملي درع
فرآه رجل من الصحاهة هعد موت يف املنام وأن قال ل أملم أن فالانً رجالً من
املسلمني نزع درمي فذهب ه وهو يف انحية املعسكر مند فرس يسنت يف طيلة وقد
وضع ملى درمي هرمت ،فأ خالد هن الوليد فأخربه حىت يسرتد درمي وأ أاب هكر
ملي ديناً حىت يقضي مين وفالن من رقيقي ومتيق، خليفة رنول هللا وقل ل إن ّ
فأخرب الرجل خالداً فوجد الدرع والفرس ملى ما وصف فانرتد الدرع ،وأخرب خالدا
أاب هكر هتلك الرؤاي فأجاهز أهو هكر وصيت .قال مالك هن أنس ال أملم وصية أجيز
هعد مو صاحبها إال هذه.
فلنرجع إىل ما كنا هصدده فنقول :ملا ألفت هذا الكتاب وطبع الطبعة األوىل خطر
يل أنين كتبت من مامل مل أتصل ه ،وفكر يف هذا كثرياً وتذكر قول ملماء إخوان
الصفا :إن شقاوة أهل األرض احلقيقية رجامة إىل الشك واالضطراب ومدم انتقرار
النفس يف نظام هذا العامل وهقاء األنفس ،فهذه احلرية هي الشقاء وما جزاء احملسنني
إال الوقوف ملى احلقائق هعد ذلك الشك املؤمل وما نعادهتم إال يف االنتمتاع جبمال
النظام والعجائب يف الدنيا ،فههنا أمران :األول الثقة هبقاء األرواح ونظام الوجود
ومناية صانع العامل هذلك ،والثاين التمتع مبطالعة ذلك اجلمال يف صفحا الوجود.
وال جرم أن حيايت كلها ما هي إال نلسلة من الشكوك واالضطراب واحلرية اليت
أقضت مضجعي وأهلبت قليب للبحث والتفكر يف كل شيء يف نظام الدنيا يف مامل
الروح يف نظام أمم اإلنالم – يف ذهلم – يف جهلهم وما السبيل لرقيهم وإنعادهم؟
وما الطرق اليت هبا يسعدون؟ وهل دين اإلنالم صاحل إلنعادهم؟ وما السبيل لتولية
قيادهت م ورقيهم؟ ..وهذا كتاب ألفت يف ملم األرواح فهل من نبيل إىل أن أشاهد
ذلك ولو قليالً ًَ حىت تسصكن هذه النفس للحقائق.
فبينما أان مفكر وغارق يف تلك اآلراء إذا أحد العظماء املصريني راكب مرهة وأان
نائر يف شارع الناصرية يقول يل :اي فالن أنت ألفت كتاابً يف ملم األرواح ولكنك مل
تباشره وتنقل من أورواب واملصريون فيهم هذه القوة ،فقلت :إن كثرياً من الطبقة
املتعلمة مندان حيقرون كل ملم دين فأان ال مطمع يل يف ذلك من أهل هالدي ،فقال:
لقد أخطأ املرمى .أن أحضر وهزوج اهنيت فالن واهنيت نفسها (وهزوج اهنت هذا رمح
هللا كان شاابً م ن املؤلفني املشهورين األدابء وهو من أنرة مشهورة مريقة يف اجملد).
فقلت :هذا مجيب .فحضر ومعي هعض األدابء مثل الكاتب املشهور حسن
أفندي حسني وغريه وأخذ حيضر األرواح حنو ( )18ليلة هو اترة وهزوج اهنت اترة
أخرى ،وأان هناء ملى ما يف هذا الكتاب كنت شديد احلذر من أقوال األرواح لعلمي
أن فيها الصادق والكاذب.
ومما أدهشين أمران األمر األول أن يل قريباً يسمى مبد اجلليل كان فالحاً ال يقرأ
وال يكتب ،وكانت ل يف حيايت قصة غريبة ذلك أين حينما كنت جماوراً ابجلامع
األهزهر كنت أذكر إىل قريتنا كفر موض هللا حجاهزي أايم العطلة وأميش مع أنريت
وأتعاطى أممال الفالحة حيناً ولكين أقضي أايمي يف العلم واملذاكرة يف احلقول
واخللوهزا .فبينما أان جالس ذا ليلة إذا هبذا الفىت الفالح جالس أمامي ابحرتام
ألهنم يرون اجملاور ابألهزهر أشب ابلقديسني الصاحلني ،وأخذ يسألين نؤاالً أدهشين
وقص ملي قصصاً غريبة من مشاهدا هلا هناراً وليالً وهي كاخلرافا ،وأان أصغي ل
وأان أرى أين ذو احرتام ألين من األهزهر .ولكن هذا املتواضع املنزوي اجلاهل مظم يف
ميين شيئاً فشيئاً مع أن يف نظر أهل قريتنا مخول جداً ال قيمة ل إال العمل يف احلقل
والسماد ليالً وهناراً حىت أن أنرت ال متكن من الصالة ليالً وال هناراً .ومما قال يل :أين
رأيت يف املنام كأن رجاالً صاحلني يقولون يل مل تركت الصالة؟ فإذا مرضت وجب أ،
تصلي إما واقفاً أو قامداً أو ملى جنبك أو مبجرد اإلمياء هعينيك أو إبجراء الصلوا
ملى قلبك .مث قال :فهل هذا يوافق العلم مندكم يف األهزهر .فأدهشين قول ولكن
انتجمعت فؤادي وقلت يف نفس لعل هذه الرؤاي من اخلواطر اليت حفظتها نفس مما
مسع من هعض أهل الدين وهو ال يعرف نر ذلك.
وأخربين أن يرى رؤى كثرياً ما أتيت صحيحة ،فطلبت من أن يرى ما أضمرت يف
نفسي ومل أخربه وال أخرب أحداً ه .فجاء يف اليوم الثاين وقص ملي قصص ما نويت
فعجبت من ذلك .ومرة فكر ىف الوظيفة الىت أشغلها هعد أن دخلت مدرنة دار
العلوم ،ومل أقل ل ذلك هل نويت يف فكري ،فجاء يف اليم الثاين ووصف املدرنة وإذا
هي هدمنهور ولقد ،كان إندهاشي مظيماً حينما نلت شهادة الدرانة هعد الرؤاي
هثالث ننني وقيل يل أنت مينت يف دمنهور أليس هذا مجيباً؟ فلم يسعين إال أن
أخرب هذلك كل املرحوم أهراهيم هك مصطفة انظر مدرنة دار العلوم الذي كان يل ه
صلة ،وهو الذي أخربين ابلتعيني هدمنهور ،وحضر وصار خيربه كما كان خيربين .كل
هذا يف حال حيات وهو شاب صغري مل يصل نن ( .)21هذه قصيت مع يف حيات
وقد ما شاابً.
فلما جلست يف منزل ذلك العظيم املصري وأخذ حيضر األرواح كننت أهناه من
كثرة االنتحضار ألن ذلك يضر هصحت هناء ملى التعاليم املذكورة يف هذا الكتاب،
وكنت أ‘تقد – كما أمتقد اآلن – أن هذه الكثرة مضيعة للوقت مضرة ابلصحة
كتعاطي املخدرا ألننا جئنا يف الدنيا لنعمل أبنفسنا وال نتكل ملى أحد .ولكن
هذا العظيم املصري ما كان لريجع من اإلنراف يف االنتحضار.
فخطر يل أن أحضر مبد اجلليل وذلك هطريق الكتاهة ابليد ،وهي نهلة كما تقدم
شرح يف هذا الكتاب ،فحضر وأخذ أنأل من كتاب يف يدي امس (راجا يوقا)
مكتوب ابإلجنليزية مرتمجة من اهلندية وقد درنت قبل ذلك هسنتني وفهمت معظم .
وحمصل الكتاب أن السعادة مند قدماء اهلندةأن يهذب اإلنسان نفس هطريق حصر
األنفاس فتدخل هنظام وخترج هنظام وحيصرها خارجاً ثواين وحيصرها داخالً ثواين ويزيد
ذلك قليالً قليالً حىت يقدر أن حيكم هذه األنفاس ،وملى مقتضى حكم األنفاس
حيكم مقل ل ،األنفاس هلا السلطان ملى الدورة الدموية ألهنا هي اليت تعطيها
األ:نوجني الذي هو مادة احلياة .وهلم يف ذلك كالم طويل يف الفقرا الظهرية
ومجائب مجب الذنب وما أشب ذلك ،ويدخلون يف حبر مميق وهكذا مما ال حمل
لذكره.
هذا مقصود الكتاب ،والكتاب إذ ذاك مقفل يف يدي ومل يطلع ملي أحد من
حلاضرين ،فسألت مبد اجلليل من فكانت دهشيت وحدي مظيمة .إذ أجاهين قائالً ما
نصف ابحلرف الواحد (هذه مترينا مضلية إن أهل اهلند قوم مشعوذون فانظر
هعقلك ومش ه ال هبذه األابطيل) .دهشت من هذا اجلواب الذي ال يقدر ملي إال
رجل قرأ االجنليزية ودرس الكتاب شهوراً مث أمطى فلسفة وحكمة وحكم هذا احلكم
الصارم حاالً.
فسألت نؤاالً آخر من والدي ،فقال :أنت نألت والدك من أمس فرايت أن
هذه اإلجاهة من تدل ملى أن ينظر يل هعني غري اليت كان ينظر يل هبا يف احلياة.
فقلت :اي مبد اجلليل هذا اخللق الذي فيك مل يكن وأنت حي ،فكان جواه ما أييت:
(فرق هني احلياة واملو ).
هذا هو الذي حصل يف ذلك اجمللس احلافل أبهل العلم وأان يف غاية الدهش،
وإىل اآلن ال قدرة يل ملى تفسري هذه األلغاهز فالتكذيب غرور والتصديق اخنداع،
وإمنا كتبت هذا ليطلع ملي املسلمون هعدان ويستخرجوا احلقائق .هذا هو األمر
األول.
هارون الرشيد خياطبين
أما األمر الثاين الذي أدهشين ،فذلك أننا كنا ليلة جالسني مند ذلك السري يف
حنو ننة 4722وحنن يف جلسة من تلك اجللسا إذ حضر هزوج اهنت ذلك الشاب
األديب ،وهو حيسن لفرنسية وكان خياطب هبا جان دارك املشهورة ،وحنن احلاضرين
مع ال يروقنا ،فقالت جان دارك (هوانطة الكتاهة كما هو معلوم) :أحتبون أن أحضر
لكم روحاً مالية مسلمة فقلنا مجيعاً :نعم ،وكان معنا حسن أفندي حسني كما قلت
ناهقاً ،فلم ميض إال ثوان حىت رأينا املرحوم هزوج اهنت قد حترك القلم يف يده وألفينا
كتاهة هي نفسها الكتاهة الكوفية خبط مجيل جداً يشب ما نراه مكتوابً يف املصاحف
األثرية وما هو مكتوب ملى هعض املساجد اإلنالمية ولكن ما كنا نقدر ملى
قراءهتا .وغاية األمر أن ذلك الشاب كان مييزها أنهل منا هسبب حتريك يده هبا.
وأول ما كتبت هذه اجلملة.
اي أنتاذ طنطاوي:
ولـما رأيت السيـف جلل جعفـراً
أجـز فقلـت :منـاد للخليفـة يـا حييـى
أنفـت ملى الدنيـا وماتبت أهلهـا
مـليهـا وقـلت :اآلن ال تنفـع الـدنيـا
فقال :موفيت اي أنتاذ طنطاوي أنت مقلك كبري ولكنك حسن النية ،انتمر يف
أتليفك ،ولكن أان أريد منك أمراً فهل أنت فامل ؟
قلت :نعم .قال :حبق هللا حبق النيب حبق القرآن أال فعلت ؟ فكاد يغشى ملي
واحلاضرون دهشوا هلذه املفاجأة وملاذا اختار فالانً.
فأكد ل أين أفعل ذلك .فقال :وهللا أن جعفراً ماهزين أبخيت العبانة وال هزوجت
هلا ،ولكن رجل خا نين فقتلت .فهل تعاهدين أن تسهر الليل وجتد ابلنهار وتقرأ يف
الكتب وتبحث فيها حىت تؤلف كتاابً ه تطفئ النار املتأججة يف الشرق والغرب
وتدفع األكاذيب اليت نشرها جورجي هزيدان؟
فعاهدت ملى ذلك ،فقال ل صاحب املنزل وهو يضحك :ما تقول يف والد
الشيخ طنطاوي؟ فقال :أان أمرف وهو نعيد .مث قال :هل حتب اي أنتاذ طنطاوي أن
أذكر لك انم والدتك ألنك كنت متتحن األرواح فيها ،وذكر احلرف األول من
امسها ،فقلت ل :كفى.
فقال ل صاحب املنزل وكان حيب الضحك كثرياً (لزوج اهنت وهو الونيط) :ال
تضع قلماً ملى الورقة لئال يقلع مني اخلليفة .فقال ل :اي نيدي أن اآلن روح من
أرواح هللا ولست خليفة .فقال ذلك السري ما هذا وهل هللا ل أرواح .فقال الرشيد:
اي حبييب تعلم اللغة العرهية مث كلمين .وهعد ذلك أخذ الرشيد يالطف صاحب املنزل
فقال ل :أان ال أؤاخذك هقولك ألن النيب كان ميزح وال يقول إال صدقاً إن أابك
كان حمبوابً للنيب ،وهو اآلن يف درجة مالية وأمك صفتها كذا .فقال :وما تقول يف
أخي أمحد؟ فقال :أما هذا فال تسألين من .فقال صاحب املنزل :حقيقة أخي كان
يرتكب اآلاثم .مث مطف اثنياً وقال :اي أنتاذ طنطاوى تذكر وصييت ،فقلت :نأممل
هبا فكن مطمئناً .وانتهى احلديث.
وهعد ذلك أبايم حضر لصاحب املنزل وقال :قل لألنتاذ طنطاوي ملاذا مل يعمل
جبد فيما أوصيت ه .
وهعد مدة قال ل :قل لألنتاذ طنطاوي أان شاكر ل ملى فعل .
وهيان أين هعد أأنقمت من ذلك اجمللس حبثت فوجد يف املكاتب كتاابً إنشم
(العبانة أخت هارون الرشيد÷ .وما كنت أطلعت ملي قبل ذلك فاشرتيت ودرنت ،
وحبثت يف كتب التاريخ فوجد الرواية خيالية والعلم يكذهبا ،فألفت فعالً كتاب هو
اآلن مندي امس (هراءة العبانة أخت هارون الرشيد) .ووضع هلذا الكتاب حسن
أفندي حسني – وهو كاتب مشهور مبصر – مقدمة ذكر هذه احلال كلها والكتاب
اآلن حتت الطبع.
وإلمتام هذا املقام أذكر أننا وحنن يف تلكاجللسة قبل حضور روح الرشيد ،وذلك
الشاب يكلم (جان دارك) ،كلمت جان دارك نائالً :هل أحد كتب من كتيب يف
أورواب غري األنتاذ نانتالنة يف إيطاليا وغري اجلمعية اآلنيوية يف فرنسا؟ فقال :نعم
رجل آخر وهو (اليويت) الذي كان صديق صديقك مصطفى كامل ،ومصطفى كامل
هو السبب يف أن صديقك إمساميل ابشا صربي مرف ،فانأل إمساميل ابشا صربي
خياطب وهو يرنل لك ما كتب منذ مشر ننني ،وهذا الكاتب كان صديقاً لرتكيا وكان
يدافع منها أايم حرب هلغاراي ،ففي صباح اليوم التايل قاهلت صديقي املرحومو
إمساميل صربي ابشا وقلت ل :أتعرف (اليويت) فقال مقل ما قالت :ومل أخربه مبا قالت
(جان دارك) ونألت أن يكتب ل خطاابً فكتب يطلب من ذلك .ولكن األحوال
هعد ذلك تغري إذ ما صربي ابشا ملرض أصاه ومل أمرف ماذا جرى .هذا هو
األمر الثاين .وأان أمحد هللا إذ وفقت إىل ذكره يف هذا الكتاب ،وهو من املقدما ،
لبحث املسائل الروحية مند أمم اإلنالم.
(لطيفة) ملا أحضر والدي نألت فكانت أجوهت هنفس األلفاظ اليت كان يعرفها
يف احلياة .ونألين مرة قائالً أكثر من الدماء يل .فقلت اي والدي أليست أممال اإلهن
تنفع األب .فقال :كال أان ال أحس هشء إال إذا دمو يل فعالً إبمسي ،فتعجبت
ألن هذا هو السر النبوي إذا يقول :إذا ما اهن آدم انقطع ممل إال من ثالث:
صدقة جارية أو ملم ينتفع ه أو ولد صاحل يدمو ل .فالدماء يف احلديث قيد وهو
الذي مسعت من والدي .انتهى احلديث.
يف جملس ذلك العظيم املصري الذي مل يشأ أن أذكر إمس ،وقد تويف هو وصهره
وهزوج اهنت ،وهو من أنرة متت هصلة إىل األنرة احلاكمة يف البالد .ولذلك نأحفظ
إمس هعد موت كما طلب مين حفظاً لوصيت .
فلما مسع ذلك صاحيب قال :هذا مجيب .ولكن أخربين أموقن أنت هكل ما
جرى ملى يديك أو ملى يدي غريك .فقلت :موقن وغري موقن.
قال :إذن أنت جتمع هني النقيضني .فقلت :للنقيضني شروط كثرية تبلغ الثمانية
يف ملم املنطق وهنا مل يستوفها .فقال :أان أريد شرح هذا املقام .فقلت:
أضرب لك مثالً هبذا العامل الذي نعيش في أن الناس أحد رجلني رجل يراه خمتالً
معتالً مضطرابً مملوءاً ابألكاذيب واخلرافا واملو واحلياة والظلم واخلتل واخلداع،
ورجل يراه منظماً مجيالً.
فاألول نظره موج إىل اجلزئيا كإحراق ثوب اننك ،وكإهندام هيت مجوهز ووقع
احلجر ملى رجل صاحل ،ومو طفل ليس ألهوي اهلرمني نواه ،وكظلم هعض دول
أورواب للمسلمني أو حنو ذلك.
والثاين نظره موج للنظام العام كنظام الشمس شروقاً وغروابً والكواكب
والسيارا ،وال يوج نظره هلذه اجلزئيا وال حيفل هبا ،وذلك ال يتم إال هدرانة مجيع
العلوم مثل كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن ،فإن هذه العلوم في ويف غريه تفهم
اإلنسان كيف كان نظام اجلزئيا مجيالً أيضاً مع اضطراه ،هذا شأن مجيع العقالء
يف مجيع األمم موقن ومرتبك يف نظام العامل .فهكذا هنا يف مامل األرواح ،فمن نظر
اجلزئيا اليت ذكرانها وذكرها غريان حتري وشك ،ومن نظر للعموم فإن لكثرة احلوادث
يكون منده شب يقني أو يقني هوجود األرواح هوحمادثتها .أما أن هذا احلديث صادق
أو كاذب فإين أقول لك هو مندي حمل حبث ونظر.
قال :ولكن أنت ألفت كتاب (هراءة العبانة أخت هارون الرشيد) فقلت :رأيت
القول يف هذه احلادثة صادف احلقيقة ،فإين حبثت فرأيت مجيع هذه القصة خيالية.
ومل حيصل هذا من العبانة وهي مل تر جعفراً .واملسألة كلها نيانية حبتة.
إن قدماء الفرس ملا رأوا صولة العرب تدخلوا هينهم وقلبوا دولة األمويني .وملا
جاء الدولة العبانية ومل ينالوا مرادهم أرادوا قلبها أيضاً ،ففتك أبيب مسلم اخلرناين
أهو جعفر املنصور وجبعفر الربمكي هارون الرشيد ملقاصد نيانية والكتاب قد شرح
هذه النقطة شرحاً وافياً مستمداً من مجيع املؤرخني قدمياً وحديثاً .فقال صاحيب ما
أمجل العلم وأهبج احكمة ،نأقرأ هذا الكتاب هعد طبع .فقلت احلمد هلل رب العاملني
ا هـ الفصل الراهع.
الفصل الـخامس
فيما جاء يف جملة اهلالل
جاء يف هذه اجمللة يف أول ديسمرب ننة 4794و 24رجب ننة ،4918حتت
منوان مشاهدايت يف مناجاة األرواح ،ما نص :
أهي أرواح تتحدث إلينا ...أم ماذا؟
بقلم األستاذ إميل زيدان
هل مو اجلسم خامتة كل شيء؟
أم مثة روح تنفصل من وحتيا هعده حياة مستقلة حتتفظ فيها هذكرايهتا األرضية؟
مث – ملى فرض وجود األرواح – هل من نبيل إىل االتصال هبا والتحدث إليها؟
تلك مسائل حري األلباب منذ أقدم العصور .وقد مىن هبا كاتب هذه السطور
فرتة من الزمن ،ولكن مل يلبث أن أمهلها إذ مل يعثر من األدلة والبياان ملى ما يشفي
غليل وحيمل ملى اختاذ موقف صريح هشأهنا.
أمهلت هذه املسائل ننوا إىل أن وفقت أخرياً إىل مشاهدة جتارب كان هلا وقع
شديد يف نفسي ودفعتين إىل انتقصاء هذا املوضوع اجلليل ،وهل من موضوع أجل
من وأخطر؟
وههنا أخذ يذكر أن تردد يف الكتاهة :أيكتب أم ال؟ وأخرياً رأى أن يكتب ،ولكن
ذلك ملى نبيل أن وقائع حصلت ل وتكون حمل حبث ونظر ال غري وملى اإلنسان
أن جيد ليعرف احلقيقة .وقصد الكاتب هذلك االحرتاس من التصديق إال هعد التثبت
مثل ما قلنا فيما وقع لنا إىل أن قال:
قضيت خالل الصيف املاضي هضعة أناهيع يف لبنان ،وهناك اجتمعت هبعض
األصدقاء فذكروا يل أهنم قاموا هتجارب موفقة يف مناجاة األرواخح ،وأهنم توصلوا إىل
حمادثة غري واحد من الراحلني الذين أمرفهم .وأول من ذكروه يل املرحوم والدي.
قال يل أحد هؤالء األصدقاء" :ال ريب مندي أنك تتشكك فيما نقول .ومن
حقك أن تتشكك .ولكن تعال واحضر هعض جلساتنا وأحكم هنفسك ،فقد نكون
ضالني ...وقد نكون خمدومني ...وملى كل حال فالذي ال يستطاع إنكاره هو أن
جتارهنا حتري الفكر".
حضر إذن جلسا هؤالء األصدقاء وشاهد جتارهبم ،وفعالً حتري أميا حرية
يف تعليلها .ملىأين يف اجللسا األوىل مل أدون شيئاً مما جرى أمامي إذ كنت مأخوذاً
مبا أشاهده .ولكين يف هعض التجارب األخرية دونت حماداث طويلة مما نأذكر
هعض فيما أييت.
وجيدر يب هنا أن أشري إىل أين لن أذكر إال ما شاهدت هعيين وما حققت هنفسي.
ملى أن هؤالء األصدقاء ما هرحوا منذ أكثر من ننة وهم يقومون هتلك التجارب وقد
خربوا يف تلك األثناء أموراً محيبة وحدثت هلم حوادث تذهل نامعها فضالً من
خاهرها ومع أين واثق من صدقهم وحسن نيتهم فإين أوثر نشر ما حدث يل وما جرى
أما الطريقة اليت يعمدوإنليها للتحدث إىل األرواح فهي كما أييت :يؤتى هلوحة مرهعة
الشكل من الرخام وتكتب ملى حدودها األرهعة حروف األجبدية ،ويوضع يف ونط
اللوحة "فنجان" من النوع الذي يستعمل للبيض أو غريه (لسهولة انزالق ملى
الرخام).
وجيلس ونيطان أمام تلك الرخامة وقد وضع كل منهما أصبع يف الفنجان.
مندئذ يطلب اجلالسون يف الغرفة الروح الذي يريدون حمادثت إما مباشرة أو هوانطة ٍ
أحد األرواح اليت نبق هلم التحدث إليها ونهل مليهم االتصال هبا .والطلب يكون
ابنتدماء الروح (أي ايق "نريد روح فالن") وحصر فكر املوجودين يف ذلك
الشخص .فإذا انتجيب الطلب شعر الونيطان أن قوة تدفع يديهما فيتحرك
ٍ
ومندئذ توج األنئلة جهراً إىل ذلك الروح ،فتجيء األجوهة الفنجان وفي األصبعان.
هوانطة تنقل الفنجان من حرف إىل آخر – وتنقل يف الغالب نريع – فتؤلف من
احلروف كلما ومن الكلما تتألف اجلمل ...وما ملى احلاضرين إال تتبع حركة
الفنجان وقراءة ما يدون هبده الطريقة.
(أمود فأحذر القارىء مرة أخرى من أن ينسب إىل التسرع يف االنتنتاج ،فإين
حني أقول "الروح" هنا أو فيما هعد فإمنا أصف الظاهرة كما تبدو ملن يرقبها .ولست
أجزم أبن الروح هو الذي جييب من األنئلة فرمبا كان مثة تعليل آخر ...فأان هنا يف
مقام نرد احلوادث ال تعليلها).
هذا وصف موجز للصورة اليت تتم هبا حمادثة الروح .واملهم يف ذلك أن نتيقن من
أن الونيطني مسريان يف حتريك الفنجان .وقد اقتنعت شخصياً من ذلك وحتققت
هونائل يطول إيرادها ،وإمنا أذكر أين طلبت إىل الونيطني أن يديرا ظهريهما للوحة
لكيال يراي احلروف فكانت األجوهة أتيت حمكمة هال إخالل ،مما يدل ملى أن يديهما
مدفومتان حقاً هقوة خارجة منهما.
أضف إىل ذلك أن جانباً كبرياً من األجوهة كان يتعلق أبشياء ال يعرفها الونيطان
وال ميكن أن يعرفاها ،هل أن هعض األجوهة كانت من أمور جيهلها احلاضرون مجيعاً
وقد حتققنا من صحتها فيما هعد.
وأقول أخرياً :أن اجللسا كانت تعقد يف غرفة مادية يضيئها النور الكهرابئي،
وأن الونيطني يظالن يف أثناء التجارب يف حالة ذهنية طبيعية .فال ظالم وال تنومي
مغناطيسي وال نواب مصبية وال أي ظرف آخر غري مألوف مما يشاهد أحياانً يف
هعض جلسا مناجاة األرواح .أضف إىل ذلك أن الونيطني ليسا من احملرتفني هل
من األشخاص العاديني الذين أمرفهم وأمتقد حسن نيتهم.
ونأهدأ يف نرد احلديث – هل األحاديث – اليت دار هيين وهني والدي ،وأقتصر
منها ملى ما ميكن نشره.
ففي اجللسا األوىل طلبت إىل والدي أن يذكرين أبشياء تؤكد يل أن هو الذي
حيدثين مما ال يعرف الونيطان فذكر يل أشياء أمرفها أان ،مث ذكر يل أشياء ما كنت
أمرفها وإمنا قال يل أن أذكر هبا والديت فلما ذكرهتا هبا تذكرهتا.
وفيما يلي هعض ما دار هيين وهني والدي والهد من اإلشارة هنا إىل أن األجوهة
كانت دائما مطاهقة لألنئلة ،وكانت واضحة نلسلة إال فيما ندر .وإين أرويها هنا
حرفياً كما أمليت.
هعد حديث يتعلق أبفراد العائلة ،وأبمور خاصة ال دامي لنشرها ،قلت:
أان – أريد أن أكتب مقاالً من مناجاة األرواح .فهل لك أن تسامدين يف كتاهت
وتصف يل كيف تنفصل الروح من السد وكيف تعيش األرواح؟
والدي – مند ترك الروح مسكنهااألرضي تبقى مدة وحدها وهعدها تنتقل حبسب
انتحقاقها .هنا توجد نت حمال والساهع للعزة اإلهلية .أحط طبقة مل أجرهبا
واحلمد هلل .ولكن أملم أن ال راحة هناك وال دقيقة من مذاب الضمري.
أان – يف أي درجة أنت؟ وهل وصلت إليها مرة واحدة؟
هو – أان اآلن يف الدرجة السادنة ،أي أرفع طبقة للبشر .وهنا ال مذاب ضمري
وال فكر حيزن ،هل حياة هادئة نعيدة .وقد مرر يف درجتني قبالً.
أان – وما الفرق هني هذه الدرجا ؟
هو – كلما رفعت درجة خيفف مذاب الضمري.
أان – هل اجتمعت هبعض أصدقائنا املتوفني؟
هو – نعم كثري.
أان – مثل من؟
هو – نعوم (يقصد املرحوم نعوم هك شقري) .ويف جلسة أخرى ذكر الدكتور
يعقول صروف وجربان خليل جربان وهعض أقارب العائلة.
أان – وهل تتحادث األرواح؟
هو – إن األرواح جتتمع وتتحدث ،وتتآلف وتتعارف .إننا اي إميل نراكم غالباً،
نفرح لفرحكم ونزمل لزملكم .ولكن ليس كما تزملون ملى األرض إذ ال يوجد هنا
مهوم.
أان – إذن كيف تزملوهزن؟
هو – نشعر هزملكم.
أان – وهل تعرفون التعب؟
هو – نعم.
أان – يدخل اهلالل قريباً يف ننت األرهعني ،فهل حتت هذه املنانبة أن تبلغ رنالة
للقراء؟.
هو – أكتب :قضيت حيايت وأان أنعى ألجل تقدم اهلالل ،ومندما وافتين املنية
ظننت أن يبقى ملى ما هو .ولكن ال ...إن أيت أكثر مما كنت أنتظر (وهنا اجلملة
املعرتضة التالية ،وهي انتدراك دقيق ملا قد يتبادر إىل هعض األذهان) – إميل هنا
يظنون أن إنشاد من أب ألوالده ولكن أريد أن تكتب :أنين فخور ابهلالل اآلن ...
وأملم أن روحي دائماً أهداً مرافقتكم (معذرة من نشر هذه القطعة ولكين ما فعلت
إال ملا تشف من من نفسية والدي كما أمرفها).
أان – أمطين معلوما أخرى من ماملكم.
هو -ابنتهاء حياة اإلنسان ملى األرض تبتدئ حيات العلوية ،أي حيات اليت ال
هناية هلا .وهنا إما أن تكون حياة نعيدة هنيئة وإما أن تكون اجلحيم هعين .وذلك
نسبة ملا كانت أفعال ذلك الراحل .احلياة اخلالدة موجودة ال شك فيها والويل للذين
ال يعتقدون هبا .إن األرواح ترافق حمبيها وترى أفعاهلم.
يف جلسة أخرى
أان – يف االجتماع املاضي أمطيتين هعض معلوما من مامل األرواح ،فهل تود
إمتام املقال؟
هو – أنين أقدر مجب القراء وانتغراهبم مند قراءهتم إمسي .ولكن جيب أن يزول
العجب مندما أان جوجرجي هزيدان أؤكد هلم حياة اخللود وأقول هلم :أنين أمطيت
الرباهني الكافية ملن مسعوين وذكرهتم أبشياء كانت نسياً منسياً ،وأرجوهم أن يتمعنوا مبا
قلت ويؤكدوا أن األرواح هنا حية خالدة مالصقة هلم هكل أمماهلم ،فالويل ملن
يشكون ألهنم خيسرون لذة مكاملتهم واالجتماع هبم ٍ
هعدئذ.
أان – كيف تتفاهم أرواح من كانوا يتكلموهزن لغا خمتلفة ملى األرض.
هو – كلنا هنا نتفاهم .ال كالم البتة ،هل انتقال أفكار.
أان – هل متيزون أرواح الرجال من أرواح النساء؟
هو – طبعاً ،كل حيتفظ هنفس الصفا اليت كان يتصف هبا.
أان – ماذا مصري األداين املختلفة هعد املو ؟
هو – ال فرق البتة ابألداين .كل جياهزي حبسب أفعال .
أان – هل من دين أصح من نواه؟
هو – كل واحد ،من يؤمن ابهلل هذا خيلص.
أان – لنفرض أن إنساانً ال يؤمن هللا ولكن خملص يف إنكاره هذا؟
هو – جيب أن يعتقد ابهلل.
أان – ولكن رمبا كان مقل قد أوصل إىل تلك النتيجة هدون أن يتعمدها؟
هو – وإذا وجد من يفهم اآلن هل يبقى ملى امتقاده؟
أان – ملى فرض أن مل يسمع قط ابهلل فما ذنب ؟
هو – إذا مل يسمع البتة فقصاص ال يدوم وانتقال يكون قريباً.
أان -هل تقدر أن تصف اخلالق؟
هو – مل يره أحد هعد.
أان – هل نرتون ؟
هو – نعم .طبعاً .هكذا ومدان.
أان – وهل تعرفون املستقبل؟
هو – ال جيوهز أن نقول.
أان – أتعين أنكم تعرفون ما يف املستقبل؟
هو – نعرف .لكن ليس كل شيء .وال نقدر أن نقول.
أان – ملاذا؟
هو – هكذا أمران.
أان – هل للحيواان أرواح؟
هو – نعم .ولكن ال حمل هلا.
أان – أين تذهب إذن؟
هو – ابلفضاء ال نراها وال نعلم منها.
أان – وأنتم أين؟ هل تشغلون حيزاً معيناً؟
هو – طبعاً .وهو يبعد جداً من األرض .وال نعلم حنن ما هو.
أان – هل نعى غريان للتحدث معكم؟
هو – أنتم أول من طلبوان .وأنتم تذكرون وال شك إندهاشنا ألول مرة .وكنا ال
نقدر ملى مكاملتكم مدة طويلة .واآلن ألفت أرواحنا.
هذا أمنوذج م ن احلديث الذي كنت أحد طرفي .وهناك أشياء وتفصيال أخرى
ال حاجة إىل نشرها ،وإمنا أرد أن يكون القارىء لنفس فكرة من طريقة األخذ
والرد اليت خربهتا يف تلك اجللسا .
وأريد أن أشري هنا إىل ما يعرتض ه البعض ملى أنصار مناجاة األرواح ،إذ
يفرضون أو يتصورون أن األرواح كاملة ال ختطىء وأهنا تدرك كل شيء وترى كل
شيء .وليس هذا ما يدمي القائلون مبناجاة األرواح – هل ليس هذا هو املعقول –
فإن األرواح تتفاو يف املراتب ويف اإلدراك ،وقد ختطىء الفهم والتعبري ،وقد تنسى
أشياء وتفوهتا أشياء .وملى كل حال جيب أال يربح ذهن الباحث يف هذه املوضوما
أن مقاييسنا وتصوراتنا األرضية ال تصلح دائماً إلدراك ذلك العامل غري املنظور ،والهد
من فرض فروض خمتلفة لكي يتيسر لنا فهم ما جيري في .
وقد أتيح لنا – فضالً من احلديث السالف – أن نتحدث إىل أرواح أخرى .ويف
العدد القادم نأنشر هعض تلك األحاديث ،مع ما تقتضي من الشرح والتعليق.
إميل زيدان
الفصل السادس
وفيه مخسة مباحث
املبحث األول
يف أن تركيا ق فقد ممالكها مثل ما جاء يف حديث األرواح ولكنها فعالً
أصبحت أقوى مما كانت ملي ،واإلنالم أصبح يف رقي مستمر كما قالت األرواح
فيما تقدم .فهاك ما جاء يف جريدة األهرام هتاريخ 9ديسمرب ننة 4794حتت
منوان تركيا ونيانتها الدولية مالقاهتا ابلغرب والشرق مبنانبة هزايرة املسيو موشانوف
ألنقرة.
وصل املسيو موشانوف رئيس وهزارة هلغاراي اليوم إىل أنقرة لتوثيق مرى الصداقة هني
حكومت وحكومة اجلمهورية الرتكية وتسوية هعض املسائل املعلقة هينهما منذ حرب
البلقان واحلرب العظمى ،وللتوفيق هني وجهيت نظرمها يف السيانة الدولية.
وهذه الزايرة ملى أثر الزايرا اليت نبقتها كزايرة الرفق لفينوف واملسيو فنزيلوس
والكونت هنلن وهزير خارجية رمانية ،وقبيل هزايرة رئيس وهزارة العراق القريبة ألنقرة،
وهزايرة رئيس وهزارة تركيا ملونكو ،فدل ملى خطورة الدور السياني اليت تلعب تركيا يف
نيانة أورواب والشرق األدىن ،فهي اليت كانت صلة الوصل هني إيطاليا وحكومة
السوفيا ،وهي الىت مهد نبيل االتفاق املايل هني هلغاراي واليوانن ،وهي اليت
نتكون مع ايطاليا حجر الزاوية يف هناء جممومة الدول املراد هتأليفها من إيطاليا وتركيا
وهلغاراي واليوانن وألبانيا ملى أناس حسن التفاهم مع أملانيا ورونيا والنمسا وإجياد
تواهزن قوى يف السيانة الدولية للوقوف يف وج التحالف الصغري الذي يعمل إبرشاد
فرنسا وتعزيز التواهزن البحري يف البحر األهيض املتونط ومعاجلة املشاكل اخلطرية اليت
نتعرض قريباً ملى هساط البحث كمشاكل تزع السالح والتعويضا والديون وإمادة
النظر يف املعاهدا هروح واحدة وملى أناس خطة واحدة.
ةهذه املظاهر السيانية تدل ملى أن مل يكن لرتكيا منذ قرون من النفوذ والكلمة
املسمومة يف السيانة األوروهية ما أصبح هلا يف األشهر األخرية هعد توثيق مالقاهتا
إييطاليا وهبعض أمدائها االنبقني كاليوانن وغريها ،وهعدما أصبحت الصلة الوحيدة
تقريباً هني رونيا وهعض دول الغرب .فقد انتمد من رونيا قوة ال يستهان هبا يف
أثناء حرب األانضول وهي اآلن تكافئها ملى ذلك إبجياد أصدقاء حلكومة السوفيا
يف هالد مل يكن خيطر يف البال أن تكون صديقة هلا كإيطاليا مثالً .مث أهنا مالوة ملى
نفوذها اآلخذ ابالهزدايد يف السيانة األوروهية ،هدأ تعمل هبمة ونشاط مظيمني
ملى مجع كلمة الشعوب الشرقية واكتساب صداقتها للتعاون معها يف خطة تكون هلا
اليد الطويل يف وضعها فإن مالقاهتا إبيران ملى رغم املشاكل اليت مكر صفوها يف
أثناء ثورة األكراد هي اليوم أحسن منها يف كل هزمن مضى ،وكذلك مالقاهتا
أبفغانستان؟ وقد توثقت مرى الصداقة هينها وهني العراق إىل أهعد حد ممكن هني
دولتني ،فحكومة هغداد تالقي منها كل مطف وكل مسامدة يف مجيع شئوهنا
وأصبحت مشكلة املوصل هينهما نسياً منسياً ،مث أهنا تبدي من الصداقة حنو الشعوب
العرهية األخرى ما يدل ملى أهنا رمست لنفسها خطة وانعة النطاق يف نيانتها
الشرقية ،فهي تريد أن تتقوى ابلغرب لتكتسب النفوذ والصداقة اللذين تتوخامها يف
الشرق كما تريد أ ،يكون ال شرق قوة هلا إذا انفصلت من الغرب أو انفصل الغرب
منها.
أما األغراض العاجلة من املسامي السيانية اليت تبذل اليوم فهي تقوية الصداقة
اليت ترهط جممومة الدول البلقانية هبا وإبيطاليا وأتليف جبهة قوية هلا رأي خاص يف
مشاكل العامل احلالية وال نيما مشكلة نزع السالح ويف طرق حلها.
وقد أنبأان مرانل "األهرام" اخلاص من روما أمس أبن املقاما السيانية اإليطالية
تتوقع هعد هزايرة املسيو موشانوف ألنقره أن تقوم احلكومة الرتكية هسعي جدي
للتقريب هني هلغاراي ورونيا كما قرهت هني هلغاراي واليوانن وكما كانت هلا اليد الطوىل
يف التقريب هني رونيا وإيطاليا.
مث أن األنباء األخرية تدل ملى أن يف نية حكومة أنقرة انتئناف السعي لتخفيف
وطأة اخلالف القائم هني رونيا ورومانيا هشأن هساراهيا وإجياد حل ل يزيل األخطار
اليت هتدد السلم يف شرقي أورواب من جرائ .
وخالصة القول أن تركيا تقوم اآلن هدور خطري يف نيانة أورواب والشرق وأهنا
أحرهز كثرياً من النجاح والتوفيق يف قيامها هبذا الدور الذي يرجى أن يكون في خري
للسلم وفائدة هلا وللشعوب الشرقية انتهى املبحث األول.
املبحث الثاين والثالث والرابع
هذا ما يتعلق هرتكيا وهو املبحث األول من الفصل السادس أما املبحث الثاين
والثالث والراهع فإنك تراها واضحة فيما كتبناه يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن يف
اجمللد الثاين من وهو ما نقلت من الكاتب العالمة لوث روب نتودارد األمريكي من
كتاه حاضر العامل اإلنالمي وكيف انتبان في أبدلة ال تقبل النقض أن العامل
اإلنالمي اآلن ارتقى طفرة وأخذ ملوم الغرب وأن أورواب ال خمالة خارجة من نوراي
ومصر ومشال أفريقيا واهلند ومجيع أصقاع هالد اإلنالم قاطبة وأتى هشواهد ال ميكن
إحصاؤها هنا وهكذا نقلت من يف تفسري نورة الفتح يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري
القرآن ما يفيد أن إيطاليا وفرنسا وإجنلرتا احملتال لبالد اإلنالم قد آن خروجها منها
أبدلة كثرية كما يف صفحة 98وما هعدها من اجمللد ( )22من التفسري املذكور وجاء
في أن اإلنالم ينتشر يف هذه األايم انتشاراً مدهشاً وقال أن اإلنالم مل ميأل أفريقيا
الوقنية فقط هل أن أيضاً احتل النصرانية يف احلبشة إذ أنلم كثري منهم هناك يف هزماننا
وهكذا الصني والتتار واهلند ومجيع العامل شرقاً وغرابً أن هذا املقام مشروح شرحاً وافياً
يف تفسري نورة الفتح ابمتبار أن فتح إنالمي وهذا جممل ما هنالك مكتوابً يف
صفحة 424من اجمللد 22من التفسري حتت منوان نظرة مامة يف هذه املقاال
وهذا نص :
تلك املقاال املنقولة من ذلك الكتاب الذي حرره رجل مامل أمريكي نظر نظرة
يف اإلنالم "إن أكثر املسلمني يغيشون وميوتون وال هم يذكرون ،يعيش املسلم غالباً
وهو جيهل تركيب أمضائ ومجاهلا ونظام العامل احمليط ه وجيهل تركيب جسم األمة
اإلنالمية اليت هو مضو منها وأن كاتب هذه السطور أمحد املسلمني املساكني الذين
جيهلون نظام أمم اإلنالم ،وما أقبح اجلهل وما أفظع ،أفليس من املؤمل أ ،جنهل وحنن
يف مصر (املشهورة ابلعلم) هالد اإلنالم وما حصل فيها؟ مث أييت رجل نصراين قد
درس هو وقوم هالدهم ومرفوها مث أخذ يدرس أمم اإلنالم .وأان السامة أنقل من .
فكيف نفهم معاشر املسلمني قول تعاىل "هو الذي أرنل رنول ابهلدى ودين احلق
ليظهره ملى الدين كل " وما هو هذا الظهور؟ وما معناه؟ نعم نفهم اآلن هقول رجل
هعيد من الغرض ألن ليس مسلماً .فماذا يقول؟ يقول فيما قدمناه:
.4إن أحد املبشرين اإلجنليز منذ ( )28ننة يقول :إن الدموة النصرانية ابتت
خرافة من اخلرافا .
.2ويقول :إن مبشراً هروتستانتياً يقول" :إن اإلنالم يسري يف نبيل منذ هدايت
إىل اليوم فلم يعثر يف نبيل إال القليل .وهو ال ميقت املسيحية .فلذلك فاهز
فوهزاً مبيناً .النصارى حيلمون هفتح أفريقيا يف النوم وفتحها املسلمون يف
العالنية".
.9ويقول "أن نيوهزيالنده مبشروها من مرب وجتار اهتدأو ذلك من (4788
ننة) وهعد مشرين ننة أصبح يف كل قرية مسجد .ومدرنة إنالمية.
ومعلمون مسلمون اإلجنليز مجزوا من مقاومتهم"
.1ويقول هعض املفكرين الغرهيني هعده مبدة قليلة "من اآلن جيتاهز اإلنالم رمباهزي
وينتشر يف جنوب أفريقيا فيطبق القارة أبنرها".
.1ويقول" :اإلنالم يهجم ملى املسيحية كما هجم ملى الوثنية ،إذ أصبح الذين
تنصروا يف غرب أفريقيا ملى يد املبشرين يدخلون اإلنالم هل احلبشة أيضاً
تسلم هعد أن كانت نداً منيعاً".
" .1منذ مخسني ننة ما كنت ترى يف األحباش مسلماً واحداً ،أما اآلن فغالبهم
مسلمون".
" .9ظفر اإلنالم اليوم يف أفريقيا مظيم".
.9إن التتار هعد أن ظلم الروس هعض املسلمني ونصروهم خبوا فأرجعوا إخواهنم
مجيعاً لإلنالم يف القرن التانع مشر ملا انتيقظ املسلمون".
.7ومقال العامل (فريدو) ملخص أانحلرب العامة مل تصبح ظفراً ألورواب هل صار
ظفراً للشرق وأشار إىل قيام الصني واألفغان واهلند ومصر ،وأن الرونيا اليت
كانت نبب إذالل فرنسا وإجنلرتا للشرق قد أصبحت هعد احلرب الكربى
نصريت .أقثول :وملخص هذا كل قول تعاىل هنا{ :ليظهره ملى الدين كل }،
فبينما اإلنالم ينتشر يف أفريقيا شرقاً وغرابً إذا آنيا يزول الكاهوس الذي كتم
أنفانها فانتعش اإلنالم.
.48ويقول" :ظلم أورواب أوقد انر اجلامعة اإلنالمية .ومثال ما حصل يف
طراهلس من إجتماع الرتك والعرب ملى مناوأة الطليان".
.44ويقول" :احلرب البلقانية هزاد تقارب املسلمني".
" .42إن مصطفى كمال هعد أن مزقت الدولة العثمانية غلب أورواب كلها وقال
هلم :أان أحارب العامل كل ففاهز ،وهذا نصر لإلنالم".
.49واتفق العرب والرتك نراً .وحاراب معاً يف كيليكية .وإن كانوا مل يظهروا
كذلك.
.41ويقول أرمينوس" :إن الدين اإلنالمي هو الدين الفائق نائر أداين العامل
شورى ودميقراطية إىل آخره" .أليست هذه اجلملة من حجة ثقة مند أورواب
أبمجعها هو نفس معىن قول تعاىل{ :ليظهره ملى الدين كل } وهذا مجب اي
رابه! أميش يف مصر هالدي .وأجد كثرياً من الطبقة املتعلمة ال يصلون الصالة
املفروضة احتقاراً للدين هسبب انتشار املبشرين هيننا .مث أمسع هذا العالمة يف
أورواب يقول" :إن هذا الدين يفوق أداين العامل" أليس أمثال هذا القول وما
تقدم أكرب معجزة للقرآن يف هذا الزمان.
.41مث يقول أيضاً" :إن جزيرة العرب حفظت اإلنالم واحلرية ...اخل".
.41ملخص كالم املسرت (كرتس)" :أن أورواب لن تبقى طويالً يف الشرق وال
ميضي جيل هل مقد من السنني حىت تصري الدولة اإلنالمية متمتعة ابحلكم
الذايت".
هذه رهدة مستخلصة من هذه املقاال مرضتها مليك حىت حيضر يف مقلك أيها
الذكي منظر العامل اإلنالمي العجيب ويظهر يل أنك متعجب من هذه األخبار!
وتراه ا غريبة مليك كحايل حينما كنت أقرأها ،فخذها جلية خالصة فأنت اآلن
تقرؤها وإخوانك املسلمون يف أقطار األرض يقرؤهنا وهل هعد هذه األخبار يبقى ذل
ألمم اإلنالم؟ كال .مث كال .أان أكتبهذا وقد ظهر يل أمم اإلنالم شرقاً وغرابً كأهنم
يف خيايل قد رهطتهم راهطة األخوية العامة كما قال تعاىل{ :إمنا املؤمنون إخوة} ولقد
ظهر اآلن ظهوراً واضحاً.
خطاب املؤلف
أيها املسلمون :أنتم نادة هذه األرض أنتم الظاهرون فيها .أيها املسلمون :أورواب
حنن ملمناها وها هي ذا تظهر ملمها لنا فخذوه .أيها املسلمون :أنتم رمحاء ،واملموا
أن األمم نتبلغ رشدها فكونوا أنتم القدوة وأنشروا السالم وهل تنشرون السالم وأنتم
ضعفاء؟ نتكونون أقوايء فتهاهكم األمم لقوتكم وحتبكم لفرمحتكم .إايكم أن تكونوا
كأورواب الشرهة الظاملة .هل كونوا رمحة للعاملني.
أيها املسلمون" :كنتم خري أمة أخرجت للناس" مجيب ألمم اإلنالم ولدين
اإلنالم! هذا الدين الذي نزل من السماء نوراً مشرقاً .وما كاد يصل إىل األرض
ويسري قليالً حىت امتزج ابلظالم .وأول هذا الظالم االختالف والشجار الذي وقع هني
مظماء األمة ألجل اخلالفة .فتشاجر األمويون والعبانيون والعلويون أمداً طويالً .مث
ذهبت الدولة كأمس الداهر وهقي العلم ولكن يف الوقت الذي كانت في حتتضر
اململكة العبانية أخذ العلم يرجع القخقري .فرأينا احلكمة انمت نوماً مميقاً .وهي
هالد األندلس ومشايل أفريقيا نفي اهن رشد .واب الذي يقرأ احلكمة مذموماً مدحوراً.
فهرب العلم من وج املسلمني إىل أورواب وها هو ذا رجع إلينا اثنياً.
هذا ومن أمجب العجب أنين أثناء طبع هذا الكتاب هذه الطبعة الثالثة وطبع
كتاب اجلواهر يف تفسري القرآن أرى مجائب من أهبرها أن تكون احلوادث اإلنالمية
متجلية واضحة ظاهرة كأهنا خلقت لتكون تبياانً للمسلمني في .مثال أن املسلمني
انتظم هلم مؤمتر ألول مرة يف حياة األمم اإلنالمية هعد نيف و 49قرانً جيمع شتاهتم
ويوحد كلمتهم من الصني واهلند إىل شواطىء احمليط األطلنطيقي ومن األورال يف
الرونيا إىل أقاصي أفريقيا مث يكون ذلك كل يف حال طبع هذا الكتاب .نعم اجتمع
املسلمون يف هزمن النبوة ومصر اخللفاء الراشدين ولكن مل يصلوا للصني وال لبالد
األورال والقاهزان وال فنلنده يف نفس ذلك الزمان هل هعده أفال تعجب من فعل هللا
ومجائب صنع أين أكتب هذا صباح يوم 24ديسمرب ننة 4794ذاكراً ما جرى
يوم 49ديسمرب ننة 4794وهذا نص ملخصاً:
مقد املؤمتر جلست السادنة مشرة يف السامة العاشرة والنصف من صباح اليوم
هرائنة السيد أمني احلسيين .فتلى حمضر اجللسة الساهقة ووافق األمضاء ملي هعد
تعديل طلب هعضهم.
وطلب األنتاذ مبد الرمحن مزام أن يوافق املؤمتر ملى طرح املسألة الطراهلسية ملى
هساط البحث يف دور إجتمام املقبل فوافق املؤمتر ملى ذلك.
مث قدم تقرير إضايف من جلنة السكة احلديدية احلجاهزية فتلى ملى املؤمتر وقرر
املؤمتر هشأن ما أييت:
.4أن تكون للسكة احلجاهزية جلنة مركزية تؤلفها جلنة املؤمتر التنفيذية من تسعة
أمضاء وأن تكون مرتبطة هبا.
.2أن تؤلف هذه اللجنة فروماً هلا يف البالد اليت تراها مالئمة لذلك.
.9أن تتخذ اللجنة املركزية مجيع األنباب السيانية واإلدارية والقضائية واحمللية
للوصول إىل غايتها.
.1أن تقوم جلان فرمية هنشر الدموة إىل حتقيق هذه الغاية ملى األنس اليت
تضعها اللجنة املركزية.
.1أن يكون مركز اللجنة املدينة اليت تراها أكثر مالءمة لذلك.
وقد جاء يف اتريخ 47ديسمرب ننة 4794أن قال هعض من كان يف املؤمتر من
املصريني أن املؤمتر قد جنح حبمد هللا أكثر مما كنا نظن .وقد اهنزم معارضوه وقتلوا يف
مهدهم ،وأنين مسرور جداً هبذا النجاح العظيم وأطلب من هللا العلى القدير أن يوفقنا
إىل خري اإلنالم واملسلمني.
وقا نار املؤمتر ملى املنهج الذي رمس ومل يبحث يف غري الشئون اإلنالمية اهلامة
اليت تتصل ابملسلمني وابلشعوب اإلنالمية املهضومة احلقوق وقال مظيم هندي ما
أييت.
لقد ظهر من نتيجة هذا املؤمتر أن العامل اإلنالمي يف حاجة شديدة إىل توحيد
الكلمة والعمل اجلدي يف نبيل النهوض ابإلنالم وال تنس أن هذا املؤمتر هو األول
من نوم وأن أكثر الشعوب اإلنالمية كانت مشغولة ابلشئون الداخلية وأما املعارضة
اليت تسألين منها فأقول لك أن ليس يف فلسطني معارضة للمؤمتر أبي حال من
األحوال وإمنا هني الفلسطينيني هعض املشاكل احمللية نسأل هللا أن يهديهم مجيعاً إىل
نواء السبيل.
وأما اجلامعة اإلنالمية املنوي إنشاؤها يف فلسطني فقد اتفق الرأي ملى أن تسمى
جامعة املسجد األقصى.
ولقد وضعنا القانون األناني للمؤمتر ابالشرتاك مع هعض إخواننا وقد كنت أمتىن
أن تكون أن تكون نصوص أكثر حرية ليسع مجيع الذين يرغبون يف اخلدمة اإلنالمية
العامة.
لقد حضر إىل مصر حيث أقضي أرهعة أايم ،مث أنافر إىل اليمن تلبية لدموة
جاللة اإلمام حيىي اليت وصلتين وأان يف لندن ،للتكلم يف مسألة إنالمية هامة ،ولقد
تلقى السيد دمحم هزابرة أوامر جاللة اإلمام لريافقين يف السفر ،ونأكون يف صنعاء قبيل
أواخر هذا الشهر .ونأقضي فيها مشرين يوماً تقريباً مث أقوم إىل اهلند ا هـ.
أيها األخ الكرمي أان ذكر كالم ذلك العضو اهلندي وذكر املائدة املستديرة
وذكر اخلالف هني املسلمني واهلندوس يف اهلند ألهني لك أن كالم األرواح الذي
جاء منذ ( )49ننة قد ظهر هوادره يف ارتقاء اإلنالم ويف أن هادايً مظيماً خؤج
يف اهلند ويف قلب النظام فيها فاملصلح العظيم هو غاندي ودليلك هذه املعركة اجلدية
هني املسلمني واهلندوس وخالفهم يف نظام احلكم ألجل االنتقالل أليس هذا قلباً
للنظام الذي كان نبب دموة غاندي ملقاطعة اإلجنليز يف اهلند مث قيام املسلمني ضد
اهلندوس يف ذلك وكل يطلب احلرية دليل ملى حركة األمم اإلنالمية وكفى هبذا
وهغريه دايالً وهبذا انتهت املباحث األرهعة.
املبحث اخلامس يف مسائل متفرقة
قال صديقي أن الروح حدد مومد الطوائف الثالث يف أورواب هسبع ننني وها هي
ذا مضت 49ننة ومل حيصب شيء فقلت حصل هعض هذا والروح مل تعني املدة
ابلضبط هل هي ملا قالت نبع ننني رجعت وقالت أن العامل يبقى ننني حىت تتزن
القوى ومع ذلك حنن قلنا غري مرة ليس كل ما يقال حقاً هل هي أقوال تصيب
وختطىء قال أن يقول أن اخلمر حترم قلت أن أمريكا حرمتها والناس أخذوا يقلدوهنا
وقال أهن م قالوا أن الناس يرتكون الشبع وحنو ذلك فقلت أن هوادر هذه ظهر فإن
مسألة (الفيتامني أي مادة احلياة) يدرنها الناس اليوم وقد وجدوا أن نر احلياة يف
املواد النيئة من فاكهة وخضر وأن السكر واللحم والبيض وكل مطبوخ جيب اإلقالل
منها هل اخلياة السعيدة ابالقتصار ملى النيئا ومدم الطبخ ألن الطبخ يقتل مادة
احلياة وهذا إمجال تراه مفصالً يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة ط مند
ذكر قصة آدم يف آخرها ويف نورة الشعراء مند آية( :وإذا مرضت فهو يشفني} ويف
نورة ص مند آية آدم أيضاً فهناك مباحث األغذية مفصلة تفصيالً وهكذا يف أول
نورة احلجر مند اإلشارة إىل آدم وإهليس فهنالك أفضت يف هذه املواضيع إفاضة ال
تدع لقارئها ابابً إال وجلت وال مبحثاً إال فصلت تفصيالً.
فقال صديقي لقد ذكر األرواح أن األمة املصرية نيكون هلا شأن يذكر يف
ارتقاء أمم األرض هعد انتقالهلا وها هي ذا مصر انتقلت انتقالالً داخلياً فأين أثرها
فقلت رمبا يكون ذلك هعد االنتقالل التام وأيضاً األرواح تصدق وتكذب فقال هل
أاتك نبأ حديث منك يف جريدة املقطم وأن كتبك نفعت اإلنسانية يف هالد الشرق
األقصى فقلت أين هذا النبأ فقال ها هي ذا هتاريخ يوم الثالاثء 27ديسمرب ننة
4794حتت منوان معلوما جديدة من هالد تركستان الصينية (كشغر) .نصف
نامة مع السيد منصور خان .وصدرها كاتبها الشيخ نعيد درويش من نوراي الباب
مبقدمة ذكر فيها أن ملا انصرف من املؤمتر اإلنالمي ابلقدس الذي كان هو أحد
أمضائ قاهل الشاب الرتكستاين املذكور وهعد أن وصف أبن يعرف مخس لغا الرتكية
والفارنية والعرهية والفرنسية واالجنليزية قال نألت :
س :ما السبب الذي محلك ملى مغادرة الوطن وهل هزر غري مصر من البالد
اإلنالمية؟
ج :كنت تلميذاً يف املدرنة الثانوية (كشغر) والعلوم املصرية قليلة يف هالدان جداً
ابلرغم من رقي العلوم اإلنالمية واآلداب العرهية والفارنية.
فمنذ مصور قدمية كانت هالدي وأخواين املسلمون غرقى يف جلة اجلهالة حبيث ال
ميكنين تفصيل أحواهلم االجتمامية يف هذه املدة القصرية فها أنذا أريد اآلن أن أرفع
من شأن هالدي وشعيب وهم مسلمو تركستان الصينية – ابلعلوم العصرية تلك العلوم
اليت كانت منذ أهزمنة متطاولة حىت هزماننا هذا معدودة من أنباب الزندقة واإلحلاد يف
البالد هل الكفر وأن كل من يتعلم ملماً مصرايً يعده قومي مارقاً من الدين إىل أن هزغ
يف آفاق مامل اإلنالم مشس أحرقت أبنوارها حجب اجلهالة فتجلى مجال احلقيقة
وأهزيل الغطاء من ميون شباب هالدي مجيعاً يف هضع ننني األمر الذي مجز من
القرون املتطاولة واملؤلفا اليت كانت تصدر آانً فآانً لفالنفة اإلنالم وما هذه
الشمس اليت مزقت تلك احلجب وأحرقتها إال مؤلفا حضرة فيلسوف اإلنالم
األوحد فضيلة األنتاذ الشيخ طنطاوي جوهري املصري الذي نحر مقول هالدان يف
مدة وجيزة وأهدع قرانً جديداً يف احلياة االجتمامية اإلنالمية ووفق هني القرآن والعلوم
العصرية مما ال يدع جماالً للشك والريب يف أ ،تلك العلوم هي نفس الدين وأخص
ابلذكر من املؤلفا ،التاج املرصع الذي أهداه مليكادو الياابن ونظام العامل واألمم
وتفسري اجلواهر وكتاب القرآن والعلوم العصرية.
ومن العجب أين يف أي هالد مرر هبا يف نفري إىل تركيا كنت أقاهل من يعرف
فيلسوف الشرق الشيخ الطنطاوي جوهري ويف يده أثر من آاثره القيمة يريد أن
يتثقف ه أو يتثقف ه غريه واحلق يقال أن آاثر الفيلسوف ملى ما أ‘تقد نتؤثر يف
مقلية الشعوب أتثرياً يشب أتثري املصلح يف الدين املسيجي (لوثر) وملا كنت يف هالدي
كان شباب تركستان الصينية يتشاورون فيما هينهم أن يشاورون فيما هينهم أن يشيدوا
ابنم الفيلسوف اجلوهري جامعة تكون تذكاراً إلمس وتقديراً ألممال .
أن تلك اآلاثر القيمة أثر يف مقلية شبان تركستان الصينية الذين كانوان يتيهون
يف هيداء آنيا الونطى حيارى ال مرشد هلم وال دليل يف مزلة من األمم املتمدنة فلما
رأوها أقبلوا مليها وحل يف قلوهبم شوق إىل العلوم العصرية فسعوا إىل مناهعها يف
جامعاهتا يف املمالك املتمدنة األوروهية واإلنالمية وأن هذه الكتب الطنطاوية هي اليت
هعثتنا يف أقطار الشرق والغرب لدرانة ملوم األمم مما حرم من مجيع أجدادان وآابئنا
وأن واحد من أول وفد قام من البالد ومددان ثالثون شاابً وقام هعدان وفد آخر كل
ذلك هتأثري حضرة الفيلسوف هبا أان ذا غادر هالدي إىل تركيا القتباس العلوم
العصرية ولالرتشاف من مناهل حياضها.
س :ذكرمت يف هالدكم مسلمني فكم مددهم ومن حيكمهم؟
ج :مندان أكثر من مشرة ماليني من األتراك املسلمني الذي يتكلمون هلهجة
قدمية من اللغة الرتكية.
أما املسلمون يف هالد الصني فإهنم أكثر من نبعني مليون مسلم يتكلمون ابللغة
الصينية ويعتادون العادا والتقاليد الصينية ويدينون ابلداينة اإلنالمية احملمدية .وأن
الذي حيكمهم هي احلكومة الصينية األمرباطورية.
س :هل تضيق احلكومة مليكم يف دينكم أن هل تقيمون الشعائر هكل حرية.
ج :حنن أحرار هكل معىن الكلمة
س :هل هزرمت غري مصر وتركيا
ج :األفغان وإيران يف طريقي إىل تركيا.
س :هل مكثتم طويالً يف هالد األفغان.
ج :جلت يف األفغان نتة أشهر وأن رفيقي أمني أفندي الكاشغري دخل يف
إحدى املدارس األفغانية جماانً حتت محاية أمان هللا خان امللك الساهق ،فحينما ذهبت
إىل وهزارة املعارف األفغانية أخربين معاون الوهزير أن يف صدد ترمجة كتاب نظام العامل
واألمم حلضرة األنتاذ طنطاوي جوهري إىل اللغة الفارنية لشبان األفغان.
س :قلتم أن كتاب التاج املرصع هلذا الفيلسوف أهداه صاحب مليكادو الياابن،
فهل لذلك الكتاب أثر يف تلك البالد الياابنية.
ج :إن التاج املرصع ملا وصل الياابن أكب املسلمون الياابنيون الذين أنلموا من
رهع قرن إبرشاد املشهور مبد الرشيد إهراهيم السياح واآلن يف الياابن ملى ما مسعت
من هعض الثقاة أكثر من مشرين ألف مسلم ايابين ،فصار هذا األثر النفيس (دولة)
أي تتداول األايدي وأثر يف هزايدة حمبتهم لدينهم ،واآلن ينتشر الدين اإلنالمي هتأثري
ترمجة هذا األثر إنتشاراً وانع النطاق.
فلما أمسعين ذلك مجبت غاية العجب ،فقرأ "ذلك من فضل ريب ليبلوين
أأشكر أم أكفر ومن شكر فإمنا يشكر لنفس ومن كفر فإن ريب غين كرمي" وقرأ
"احلمد هلل الذي هداان هلذا وما كنا لنهتدي لوال أن هداان هللا" .انتهى ما أردت يف
كتاب أألرواح ،وكان الفراغ من إمداد مسودا الطبعة الثالثة ليلة اخلميس 29
شعبان ننة 9 ،4918يناير ننة .4792
فهرس كتاب األرواح