You are on page 1of 4

‫نعيش مع نكبة أصابت األمة‪ ،‬وكيف خرجت منها‪ ،‬ومن هو القائد الذي صحح المسار؛ فاألحداث التي تمرُّ

بها أ ُّمتُنا في وقتنا هذا تكاد‬


‫‪.‬تكونمتطابقة مع األحداث التي مرت بها في القرن السابع الهجري‬

‫‪:‬ظهور قوة ثالثة في األرض‬

‫ظهرت قوة التتار قوةً ثالثة في األرض في أوائل القرن السابع الهجري سنة ‪ 603‬ه‪ 1206 /‬م بعدما كان الصراع منحصرًا بين قوت َِي‬
‫‪ .‬المسلمين والصلبيين‪ ،‬وكان ظهورها األول في (منغوليا) شمال الصين‪ ،‬وكان أول زعمائها هو جنكيزخان‬

‫بدأ جنكيزخان في التوسع تدريجيًّا في مملكته‪ ،‬وسرعان ما اتسعت حتى بلغت حدودها من كوريا شرقًا إلى حدود الدولة الخوارزمية‬
‫اإلسالمية غربًا‪ ،‬ومن سهول سيبريا شمااًل إلى بحر الصين جنوبًا؛ أي‪ :‬إنها كانت تضم من دول العالم حاليًّا‪ :‬الصين‪ ،‬ومنغوليا‪ ،‬وفيتنام‪،‬‬
‫‪.‬وكوريا‪ ،‬وتايالند‪ ،‬وأجزاء من سيبيريا‪ ،‬ثم بدأ يفكر جديًّا في غزو بالد المسلمين‪ ،‬وإسقاط الخالفة العباسية‪ ،‬ودخول بغداد‬

‫‪:‬ديانة التتار‬

‫َس َّن جنكيزخان لقومه اليسق يتحاكمون إليه؛ وهو خليط من شرائع العبادات السابقة‪ ،‬وقال لهم‪( :‬أصنعه لكم شرعةً ومنها ًجا تتبعونه وتلتزمون‬
‫‪.‬بالعمل به أب َد الدهر)[‪]1‬‬

‫وال شك أن هذا يتبع ملة الكفر؛ كما جاء في فتوى ابن تيمية‪702‬ه‪" :‬إذا رأيتموني من ذلك الجانب – يعني الذي فيه المغول – وعلى رأسي‬
‫‪.‬مصحف فاقتلوني"[‪ ،]2‬لما كان يجزم به من كفرهم وظلمهم‬
‫‪:‬الهجمة التترية األولى‬

‫بدأ اإلعصار التتري الرهيب على بالد المسلمين بالهجمة التترية األولى على الدولة الخوارزمية دولة خوارزم شاه‪ ،‬التي كانت على حدود‬
‫دولة التتر من جهة الغرب‪ ،‬وكانت تضم بين طياتها عدة أقاليم إسالمية مهمة؛ مثل‪ :‬أوزبكستان‪ ،‬والتركمنستان‪ ،‬وكازاخستان‪ ،‬وطاجكستان‪،‬‬
‫وباكستان‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬وتُع َر ف في الماضي ببالد تركستان الكبرى (بالد ما وراء النهر)‪ ،‬وبالد السند‪ ،‬فتحها المسلمون العرب نهاية القرن‬
‫األول الهجري‪ ،‬جهز جنكيزخان جيشه وأسرع في اختراق إقليم كازاخستان‪ ،‬ووصل في تقدمه إلى مدينة بخارى المسلمة (في أوزبكستان‬
‫اآلن)‪ ،‬وحاصر جنكيزخان البلدة المسلمة سنة ‪ 617‬ه‪ 1219 /‬م‪" ،‬فقتلوا أكثر أهلها‪ ،‬وأسروا الذرية والنساء‪ ،‬وفعلوا معهن الفواحش بحضرة‬
‫ُور بخارى ومدارسها ومساجدها‪ ،‬فاحترقت حتى صارت خاوية على عروشها"[‪]3‬‬ ‫‪.‬أهليهن‪ ،‬ثم ألقَ ِ‬
‫ت التتار النا َر في د ِ‬

‫ضا عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظا ًما لها‪ ،‬كارهًا لذكرها‪ ،‬فلو قال قائل‪ :‬إن‬ ‫وكتب ابن األثير ينعى اإلسالم والمسلمين‪" :‬لقد بقيت عدة سنين معر ً‬
‫ً‬
‫العالم منذ خلق هللا سبحانه وتعالى آد َم‪ ،‬إلى اآلن‪ ،‬لم يُبتلوا بمثلها‪ ،‬لكان صادقا‪ ،‬فإن قو ًما خرجوا من أطراف الصين‪ ،‬فقصدوا بالد تركستان‬
‫مثل كاشغر (بتركستان الشرقية المحتلة حاليًّا)‪ ،‬ثم منها إلى بالد ما وراء النهر في سنة ‪ 617‬ه؛ مثل‪ :‬سمرقند وبخارى‪ ،‬فيملكونها‪ ،‬ثم‬
‫خراسان‪ ،‬فيَ ْف َرغون منها مل ًكا‪ ،‬وتخريبًا‪ ،‬وقتاًل ‪ ،‬ونهبًا‪ ،‬ثم إلى الري وهمذان) مدن إيرانية)‪ ،‬ثم يقصدون بالد أذربيجان وأرانية‪ ،‬ويخربونها‪،‬‬
‫‪.‬ويقتلون أكثر أهلها‪ ،‬ولم ين ُج إال الشريد النادر في أقل من سنة‪ ،‬هذا ما لم يُس َمع بمثله)[‪]4‬‬

‫ت الهزيمة النفسية الرهيبة في قلوب المسلمين‪ ،‬فما استطاعوا أن يحملوا سيفًا‪ ،‬وال أن يركبوا خياًل ‪ ،‬ويصور ابن األثير هذه الهزيمة‪:‬‬ ‫دبَّ ِ‬
‫"حينما َملَكَ التتر مدينة مراغة من أذربيجان (في إيران( ‪618‬هـ‪ ،‬سمعت من أهلها أن رجاًل من التتر دخل دربًا فيه مائة رجل‪ ،‬فما زال يقتلهم‬
‫ت الذلة على الناس‪ ،‬فال يدفعون عن نفوسهم قلياًل وال كثي ًرا‪ ،‬نعوذ باهلل من ِ‬
‫الخذالن‪،‬‬ ‫ض َع ِ‬
‫وو ِ‬
‫واحدًا واحدًا حتى أفناهم‪ ،‬ولم يمد أحد يده إليه‪ُ ،‬‬
‫ً‬
‫ض ْع رأسك على األرض وال تبرح‪ ،‬فوضع رأسه على األرض‪ ،‬ومضى التتري فأحضر سيفا وقتله‬ ‫ووصل الخذالن أن يأمر التتريُّ المسل َم‪َ :‬‬
‫‪.‬به"[‪]5‬‬
‫‪:‬حال المسلمين قبل دخول التتار بغدا َد‬

‫رغم تحرر المسجد األقصى من أيدي الصليبيين في صفر ‪642‬ه بقيادة نجم الدين أيوب‪ ،‬وانتصار المسلمين على الصليبيين في معركة‬
‫‪.‬المنصورة ‪647‬ه‪ ،‬لكن لألسف وضع األمة اإلسالمية كان يتسم بالضعف والفرقة والنزاع على السلطة‬

‫‪:‬إنذار التتار للخليفة ‪ 655‬ه‬

‫ويذكر المقريزي أن "هوالكو قصد بغداد‪ ،‬وبعث يطلب الضيافة من الخليفة‪ ،‬فكثر االرتجاف ببغداد‪ ،‬وخرج الناس منها إلى األقطار‪ ،‬ونزل‬
‫‪.‬هوالكو تجاه دار الخالفة‪ ،‬و َملَكَ ظاهر بغداد‪ ،‬وقتل من الناس عال ًما كبيرًا"[‪ ،]6‬ولم يعد الخليفة ال ُع َّدة لحماية دار الخالفة من هجمات التتار‬

‫‪:‬القتال بين األيوبيين ومماليك مصر‬

‫حاول األمراء األيوبيون انتزا َع ملك مصر من المماليك‪ ،‬وفي كل مرة ينكسرون منهزمين‪ ،‬األمير سيف الدين قطز يهزم الملك المغيث عمر‬
‫األيوبي صاحب الكرك‪ ،‬الذي خرج ومعه المماليك البحرية ألخذ مصر ‪655‬ه‪ ،‬ويلتقي مع الملك الناصر يوسف األيوبي الذي خرج من‬
‫‪.‬دمشق ومعه المماليك البحرية ألخذ مصر مطلع سنة ‪656‬ه بالعباسة‪ ،‬فولى الملك الناصر منهز ًما جهة الشام‪ ،‬والتتار على أبواب بغداد‬

‫‪:‬حال الخالفة اإلسالمية‬

‫الخالفة العباسية ليست خالفة حقيقية فقد أصابها الوهن؛ فقد كانت مصر والشام والحجاز واليمن في أوائل القرن السابع الهجري في أيدي‬
‫األيوبيين أحفاد صالح الدين األيوبي‪ ،‬وبينهما قتال ونزاع على السلطة‪،‬وكانت الخالفة في بغداد في صراع مع الدولة الخوارزمية التي كانت‬
‫تضم معظم البالد اإلسالمية في قارة آسيا‪ ،‬بقيادة جالل الدين بن خوارزم‪ ،‬الذي حاصر البصرة بعسكره سنة ‪622‬هـ لمدة شهرين‪ ،‬ووصل‬
‫إلى بعقوبة على بعد خمسين كيلومترًا من بغداد‬.

‫رابط الموضوع‬:
https://www.alukah.net/culture/0/160957/%D9%86%D9%83%D8%A8%D8%A7%D8%AA-
%D8%A3%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-
%D9%88%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D8%B1-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-
%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-656-%D9%87%D9%80/#ixzz7vFXIUbf4

You might also like