You are on page 1of 2

‫عن حُبِّ نبينا محمد صلوات هللا وسالمه عليه ألمته‪ ،‬قال‬ ‫عن نب ٍّي من األنبياء عليهم الصالة

لة والسالم ذلك الحب الشديد ألمته كما ُأثِر ْ‬ ‫لم يُْؤ ثَر ْ‬
‫َزي ٌز َعلَ ْي ِه َما َعنِتُّ ْم َح ِريصٌ َعلَ ْي ُك ْم بِال ُمْؤ ِمنِينَ َر ُء ٌ‬
‫وف َر ِحي ٌم}(التوبة‪ ،)128:‬قال ابن كثير في تفسيره‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬
‫هللا تعالى‪{ :‬لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َرسُو ٌل ِم ْن نف ِس ُك ْم ع ِ‬
‫َزي ٌز َعلَ ْي ِه َما َعنِتُّ ْم} أي‪ :‬يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها‪َ { ،‬ح ِريصٌ َعل ْيك ْم} أي‪ :‬على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫" وقوله‪{ :‬ع ِ‬
‫واألخروي إليكم"‪ .‬وقال السعدي‪" :‬أي شديد الرأفة والرحمة بهم‪ ،‬أرحم بهم من والديهم‪ ،‬ولهذا كان حقّه ُمقدَما ً على سائر حقوق الخلق‪،‬‬
‫‪".‬وواجب على األمة اإليمان به وتعظيمه وتعزيره وتوقيره‬

‫ومن صور ومظاهر محبة نبينا صلى هللا عليه وسلم ألمته‪ :‬دعوته لها في كل صالة‪ ،‬وشدة رحمته وشفقته بها‪ ،‬وشفاعته لها‪ ..‬ومنها‬
‫‪ :‬كذلك‪ :‬حبه واشتياقه صلى هللا عليه وسلم لمن أتى بعده من أمته وآمن به ولم يره‪ ،‬واألحاديث في ذلك كثيرة‬

‫ـ عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خرج إلى المقبرة‪ ,‬فقال‪( :‬السالم عليكم دار قوم مؤمنين‪ ,‬وإنا إن شاء‬
‫ت أ ِّني قد رأي ُ‬
‫ْت إخواننا‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ,‬ألسنا بإخوانك؟ قال بل أنتم أصحابي‪ ،‬وإخواننا الذين لم يأتوا بعد‪ ،‬وأنا‬ ‫هللا بكم الحقون‪ ،‬ود ِْد ُ‬
‫‪.‬فرطهم (متقدمهم) على الحوض‪ )..‬رواه مسلم‬

‫قال النووي في شرح صحيح مسلم‪" :‬قال العلماء‪ :‬في هذا الحديث جواز التمني ال سيما في الخير ولقاء الفضالء وأهل الصالح‪ ،‬والمراد‬
‫بقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬وددت أنا قد رأينا إخواننا) أي‪ :‬رأيناهم في الحياة الدنيا‪ ،‬قال القاضي عياض‪ :‬وقيل المراد تمني لقائهم بعد‬
‫الموت‪ ،‬قال اإلمام الباجي‪ :‬قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬بل أنتم أصحابي) ليس نفيا ألخوتهم‪ ،‬ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة‪ ،‬فهؤالء‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ}(الحجرات‪)10:‬‬
‫‪ ".‬إخوة صحابة‪ ،‬والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪ِ{ :‬إ َّن َما المُْؤ ِم ُن َ‬

‫ـ عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬طوبى لمن رآني وآمن بي‪ ،‬ثم طوبى‪ ،‬ثم طوبى‪ ،‬ثم طوبى‬
‫‪.‬لمن آمن بي ولم يرني) رواه ابن حبان وصححه األلباني‬

‫وطوبى لِ َمنْ لم يرني وآمن بي‬ ‫ِ‬ ‫وآمن بي مرَّ ة‪،‬‬


‫َ‬ ‫ـ عن أبي أمامة الباهلي رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬طوبى ِل َمنْ رآني‬
‫سبع مرَّ ات) رواه أحمد وصححه السيوطي واأللباني‪ .‬قال الزرقاني‪(" :‬وطوبى لمن لم يرني وآمن بي) ألن هللا مدح المؤمنين بإيمانهم‬
‫بالغيب‪ ،‬وإيمان الصحابة باهلل واليوم اآلخر غيباً‪ ،‬وبالنبي صلى هللا عليه وسلم شهوداً لآليات والمعجزات‪ ،‬ومنْ َبعْ َدهم آمنوا غيبا ً بما آمنوا‬
‫‪".‬به شهوداً‪ ،‬فلذا أثنى عليهم‬

‫أوليس نحنُ إخوانك؟ قال‪:‬‬


‫َ‬ ‫قيت إخواني‪ ،‬فقال أصحابه‪:‬‬ ‫ت أ ِّني َل ُ‬
‫(ود ِْد ُ‬
‫ـ عن أنس بن مالك رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪َ :‬‬
‫أنتم أصحابي‪ ،‬و لكن إخواني الذين آم ُنوا بي ولم َي َر ْونِي) رواه أحمد وصححه األلباني‪ .‬وفي رواية أخرى قال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬متى‬
‫ألقى إخواني؟ قالوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ألَسْ نا إخوا َنك؟ قال‪ :‬بل أنتم أصحابي‪ ،‬وإخواني الَّذين آ َمنوا بي ولم َ‬
‫ير ْوني)‪ .‬قال القرطبي‪" :‬هذا يدل‬
‫‪ ".‬على جواز تمني لقاء الفضالء والعلماء‪ ،‬وهذه األخوة هي أخوة اإليمان اليقيني‪ ،‬والحب الصحيح للرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫قلت ألبي جمعة ‪ -‬رج ٌل من الصحابة ‪ :-‬ح ِّدثنا حديثا ً َسمِع َته من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ُ ،‬أ َح ِّد ُثكم‬ ‫ْريز قال‪ُ :‬‬ ‫ـ عن أبي م َُحي ٍ‬
‫ْ‬
‫وجاهدنا‬ ‫ً‬
‫حديثا جيداً‪( :‬تغ َّد ْي نا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا! َأ َح ٌد خي ٌر منا؟ أسْ لَ ْمنا‬
‫معك؟! قال‪ :‬نعم‪ ،‬قو ٌم يكونون من بعدكم‪ ،‬يؤمنون بي ولم َي َر ْو ني) رواه أحمد وصححه األلباني‪ .‬وفي رواية أخرى حسنها ابن حجر‬
‫جبل عاش ُر عشرة‪ ،‬قال‪ :‬فقلنا يا رسول‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫معاذ بنُ‬ ‫وغيره‪ ،‬قال ـ حبيب بن سباع أبو جمعة ـ‪( :‬كنا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم معنا‬
‫هللا‪ :‬هل من قوم هم أعظم منا أجراً‪ ،‬آم َّنا بك وا َّت بعناك؟ قال‪ :‬ما يمنعُكم من ذلك ورسو ُل هللا صلى هللا عليه وسلم بين أظه ُِركم يأتيكم‬
‫ك أعظ ُم منكم أجرا)‬ ‫‪.‬بالوحيِ من السماء‪ ،‬بل قو ٌم يأتون مِن بعدِكم يأتيهم كتابٌ بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه‪ ،‬أولئ َ‬

‫وفي "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"‪" :‬والمعنى أنهم خير منكم من هذه الحيثية‪ ،‬وإن كنتم خيراً منهم من جهة المسابقة والمشاهدة‬
‫‪".‬والمجاهدة‬

‫لقد أحبَّ رسو ُل هللا صلى هللا عليه وسلم أمته وأصحابه ُح َّبا ً شديدا‪ ،‬وأحب إخوانه من أمته الذين آمنوا به ولم يروه وأتوا من بعده‪ ،‬واشتاق‬
‫إليهم‪ ،‬وتمنى اللقاء بهم‪ ،‬فإذا كان هذا حب النبي صلوات هللا وسالمه عليه لنا ـ كأفراد وأمة ـ‪ ،‬فحريٌّ بنا أن نحبه من أعماق قلوبنا حبا ً‬
‫هللا َفا َّت ِبعُونِي يُحْ ِب ْب ُك ُم هللاُ}(آل‬
‫ُّون َ‬‫حقيقيا ً صادقا ً‪ ،‬وذلك بطاعته واتباعه‪ ،‬واالقتداء به‪ ،‬وتوقيره واألدب معه‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬قُ ْل ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِحب َ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫هلل َو َرسُولِ ِه َوت َعزرُوهُ َوت َوقرُوهُ}‬ ‫هللا ُأسْ َوةٌ َح َس َن ٌة}(األحزاب‪ ،)21:‬وقال تعالى‪{ :‬لِ ُتْؤ ِم ُنوا ِبا ِ‬
‫ُول ِ‬‫ان لَ ُك ْم فِي َرس ِ‬
‫عمران‪ ،)31:‬وقال‪{ :‬لَ َق ْد َك َ‬
‫{و َما َآ َتا ُك ُم الرَّ سُو ُل َف ُخ ُذوهُ َو َما َن َها ُك ْم َع ْن ُه َفا ْن َتهُوا}(الحشر‪)7:‬‬
‫(الفتح‪ .)9 :‬وقال تعالى‪َ :‬‬

You might also like