‫خطبة الحث على حسن الخلق‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات‬
‫أعمالنا من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال‬
‫هللا وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى هللا عليه وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪ .‬اللهم إنا نسألك أن تهدينا ألحسن األخالق‪ ،‬ال يهدي‬
‫ألحسنها إال أنت‪ ،‬وأصرف عنا سيئها ال يصرف عنا سيئها إال أنت‪ .‬أما بعد أيها‬
‫في كتابه الكريم قال‪ ] :‬وإنك ‪ r‬األخوة في هللا‪ :‬فإن هللا عز وجل لما امتدح نبيه‬
‫لعلى خلق عظيم [ وقال تعالى في مدح فريق من المؤمنين‪ ] :‬والكاظمين الغيظ‬
‫والعافين عن الناس وهللا يحب المحسنين [ وكل هذا مدح لحسن الخلق‪ ،‬وإعالء‬
‫أحسن الناس خلق ًا ” ‪ r‬كان رسول هللا ” ‪ t:‬لقدره ومرتبه‪ ..‬لذا قال أنس بن مالك‬
‫عشر سنين فما قال لي قط‪ :‬أفّ ‪ r ،‬ولقد خدمت رسول هللا ‪ t:‬متفق عليه‪ .‬وقال‬
‫وال قال لشيء فعلته‪ :‬لم فعلته؟ وال لشي ٍء لم أفعله‪ :‬أال فعلت كذا؟‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق‪ r: “ ،‬وقال‬
‫‪ r‬وإن هللا يبغض الفاحش البذيء “‪ .‬رواه الترمذي عن أبي الدرداء‪ .‬ولما سئل‬
‫عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال‪ ” :‬تقوى هللا وحسن الخلق “‪ .‬ولما سئل عن‬
‫أكثر ما يدخل الناس النار قال‪ ” :‬الفم والفرج ” رواه الترمذي عن أبي هريرة‪.‬‬
‫أنا زعيم لبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ” رواه أبو داود عن ” ‪ r:‬وقال‬
‫أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلق ًا”‪ .‬وكان من ” ‪ r:‬أبي أمامة الباهلي وقال‬
‫أن يقول‪ ”:‬اللهم اهدني إلى أحسن األخالق‪ ،‬ال يهدي ألحسنها إال أنت‪ r ،‬دعائه‬
‫واصرف عني سيئها‪ ،‬ال يصرف عني سيئها إال أنت “‪ .‬رواه مسلم عن علي‪.‬‬
‫وأول من يتضرر بسوء الخلق هو صاحبه‪ ،‬لما يالقيه من بغض الناس له‬
‫وكراهيتهم مصاحبته‪ ،‬قال الحسن البصري رحمه هللا‪ ” :‬من ساء خُ لُقُـه ع ّذب‬
‫نفسه”‪ ،‬وقال الفضيل بن عياض ‪ ”:‬ألن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إلي‬
‫من أن يصحبني عابد سيء الخلق”‪ .‬وصحب ابن المبارك رجالً سيئ الخلق في‬
‫سفر فكان ابن المبارك يحتمله ويداريه‪ ،‬فلما فارقه بكى ابن المبارك فقيل له‪ :‬ما‬
‫يبكيك؟ فقال‪ :‬بكيتُه رحم ًة به‪ ،‬فارقته وخلقه السيئ لم يفارقه‪ .‬وحسن الخلق‬
‫يرفع صاحبه في الدنيا ويرزقه محبة الناس واحترامهم‪ ،‬ويرفع درجته في‬
‫إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة ”‪ r:‬اآلخرة ويثقل ميزان عمله الصالح‪ ،‬قال‬
 ‫الصائم القائم “‪ .‬نسأل هللا تعالى أن يزين أخالقنا ويكسونا حلة اإليمان إلى يوم‬
‫نلقاه‪ ،‬أقول قولي هذا وأستغفر هللا لي ولكم ولسائر المسلمين‪ ..‬الخطبة الثانية‬
‫الحمد هلل الولي الحميد‪ ،‬الفعال لما يريد‪ ،‬أحمده سبحانه وأشكره وعد من شكره‬
‫بالمزيد‪ ،‬وأشهد أال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمد ًا عبده‬
‫ورسوله‪ .‬صلى هللا وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬والتابعين ومن تبعهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسيلم ًا كثير ًا‪ .‬أما بعد‪ ،‬أيها األخوة في هللا‪ :‬تكلم‬
‫بعض العلماء بكالم جامع بيّن فيه حقيقة حسن الخلق فقال‪ :‬هو أن يكون الرجل‬
‫كثير الحياء‪ ،‬قليل األذى‪ ،‬كثير الصالح‪ ،‬صدوق اللسان‪ ،‬قليل الكالم‪ ،‬كثير‬
‫العمـل‪ ،‬قليل الزلل‪ ،‬قليل الفضول‪ ،‬بر ًا وصوالً‪ ،‬وقور ًا صبور ًا رضي ًا حليم ًا‪،‬‬
‫رفيق ًا عفيف ًا شفيق ًا‪ ،‬ال لعان ًا وال سباب ًا وال نمام ًا وال مغتاب ًا‪ ،‬وال عجوالً وال حقود ًا‪،‬‬
‫شا هشاش ًا‪ ،‬يحب في هللا‪ ،‬ويبغض في هللا‪ ،‬ويرضى‬ ‫وال بخيالً وال حسود ًا‪ ،‬بشا ً‬
‫في هللا‪ ،‬ويغضب في هللا‪ ،‬فهذا هو حسن الخلق‪ .‬وقال ابن المبارك رحمه هللا‪:‬‬
‫حسن الخلق‪ :‬طالقة الوجه‪ ،‬وبذل المعروف‪ ،‬وكفّ األذى‪ ،‬وقال الحسن‬
‫البصري‪ :‬حسن الخلق‪ :‬بسط الوجه وبذل الندى وكف األذى‪ .‬وحسن الخلق أيها‬
‫األخوة الكرام‪ :‬قد ذهب وهللا بخيري الدنيا واآلخرة‪ .‬ففي الدنيا يحبه الناس‬
‫ويقدرونه ويحترمونه ويوالونه‪ ،‬وفي اآلخرة يثقل ميزانه ويجلب رضا الرحمن‪..‬‬
‫نسأل هللا أن يهدينا ألحسن األخالق واألقوال واألفعال‪ ،‬وأن يصرف عنها ال‬
‫يصرف عنا سيئها إال هو‪ .‬اللهم إنا نسألك من خيري الدنيا واآلخرة‪ ،‬ونسألك‬
‫المعافاة والعافية الدائمة‪ ،‬ونسألك أن تجعلنا أحب عبادك إليك يا ذا الجالل‬
‫واإلكرام‪ ( ،‬اللهم اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإليمان وال تجعل في قلوبنا‬
‫ال للذين آمنوا واغفر ربنا إنك رؤوف رحيم)‪ .‬اللهم وأصلح أحوال المسلمين‪..‬‬
‫‪.‬أقم الصالة‬