You are on page 1of 18

‫المقدمة‬

‫مل يكن فضل القرآن العظيم على الثقافة اإلنسانية منحصرا يف كونه مفتاح املعرفة الىت هبا‬

‫يس لم االعتق اد و يس رتيح الض مري و منه اج الس لوك ال ذى ب ه ت رتقي القيم اإلنس انية و‬

‫تستقيم احلياة‪ ،‬و عنوان الشريعة الىت هبا يستقر العدل و املصاحل و تنتظم احلضارة‪ .‬بل إن‬

‫فضله على الثقافة اإلنسانية عموما‪ ،‬ة على الثقافة العربية خصوصا‪ ،‬و تعدى ذلك ليشمل‬

‫حق وال معرفي ة كث رية ك ان ه و مفتاحه ا من حيث ك ون االنطالق من ه ة االنش غال ب ه و‬

‫دبرا و ش رحاً و تفس رياً و‬


‫العك ف علي ه و ال دوران حول ه‪ :‬ق راءةً و ت ذوقاً و فهم اً و ت ً‬
‫اسطنباطاً و تأويال كان سببا ىف نشوء أو نضج علوم كثرية هلا أثر كبري ىف الرقى مبستوى‬

‫اإلدراك و اإلراك و اإلحس اس و ىف توجي ه الثقاف ة اإلنس انية إىل حيث يتع انق احلق و اخلري‬

‫و اجلمال‪ .‬ومن هذه العلوم علوم األدب و البالغة و النقد‪.‬‬

‫وم ا ك ان الق ران ك ذالك إالن ه يتم يز بص فتني ال زم تني مها كون ه مص درا للمعرف ة الغيبي ة‬

‫اإلهلياة الصحيحة املطلقة مث كونه تبعا لذلك معجزا من جهة أنه كالم اهلل فالبد حتما أن‬

‫يكون الئقا بعلومه و كمله متنزها عن الشبه و املداناةة من جهة أنه دليل الرسالة وحجة‬

‫اهلل على خلق ه فالب د أن يك ون إعج ازه دلي ل مص دره الرب اين و دلي ل ك ون ال ذى ج اء‬

‫رسوال من اهلل‬

‫‪1‬‬
‫التعريف البالغة‬

‫البالغة لغة ‪ :‬اإلنتهاء و الوصول‬

‫البالغ ة اص طالحا ‪ :‬الظه ور و البي ان و اإلنته اء إىل املع ىن و البل وغ املراد بالف ظ اجلي د و‬

‫(و قُ ْل هَلُ ْم يِف أ ْن ُف ِس ِه ْم َق ْواًل‬


‫الق ول البلي غ املؤثر و التعب ري احلس ن الفص يح‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل َ‬
‫بَلِْيغًا)‬

‫مفهوم البالغة‪ :‬وضع الكالم يف موضعه من طول وإجياز‪ ،‬وتأدية املعىن أداء واضحا‬

‫بعبارة صحيحة فصيحة‪ ،‬مع مالءمة كل كالم للمقام الذي يقال فيه وللمخاطبني‬
‫‪1‬‬
‫به‪.‬‬

‫تعريف اإلعجاز وإثباته‬

‫اإلعجاز‪ :‬إثبات العجز‪ ...‬والعجز يف التعارف‪ :‬اسم للقصور عن فعل الشئ ‪ ،‬وهو ضد‬

‫القدرة‪ ،‬وإذا ثبت اإلعجاز ظهرت قدرة العجز‪ ،‬واملراد باإلعجاز هنا‪ :‬إظهار صدق النىب‬

‫‪ 1‬البالغة يف العلم البيان‪ ،‬حممد غفران زين العامل‪ ،‬كلية املعلمني اإلسالمية‪:‬فونوركو‬

‫‪2‬‬
‫صلى اهلل عليه والسالم يف دعوى الرس الة بإظهار عج ز الع رب عن معارض ته ىف معجزت ه‬

‫اخلالدة‪ -‬وهي القرآن‪-‬وعجز األجيال بعدهم‪.‬‬

‫املعجزة‪ :‬أمر خارق للعادة مقرون بالتحدى سامل عن املعارضة‪.‬‬

‫والقرآن الكرمي حتدى به النىب صلى اهلل عليه والسالم العرب‪ ،‬وقد عجزوا عن معارضته‬
‫‪2‬‬
‫مع طول باعهم ىف الفصاحة والبالغة‪ ،‬ومثل هذا ال يكون إال معجزا‪.‬‬

‫فقد ثبت أن الرسول صلى اهلل عليه والسالم حتدى العرب بالقرآن على مراحل ثالث‪:‬‬

‫حتدهم ب القرآن كل ه ىف أس لوب ع ام يتن اول غ ريهم من اإلنس واجلن حتديا يظه ر‬ ‫أ‪.‬‬

‫س َو ا جْلِ ُّن‬ ‫ِ ِإْل‬ ‫ِئ‬


‫على ط اقتهم عمجتمعني بقول ه عتع اىل ‪" :‬قُ ْل لَ ِن ْ‬
‫اج تَ َم َع ت ا نْ ُ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫ون مِبِ ثْ لِ ِه َو لَ ْو َك َ‬
‫ان َب ْع ُ‬ ‫َأن ي ْأ تُوا مِبِ ثْ ِل ٰه َذ ا الْ ُق ر ِ‬
‫آن اَل يَ ْأ تُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َع لَ ٰى ْ َ‬
‫لِ َب ْع ٍ‬
‫ض ظَ ِه ريً ا"‬

‫ون ا ْف َت َر اهُ ۖ قُ ْل فَ ْأ تُوا‬


‫مث حتداهم بعش ر س ور من ه ىف قول ه تع اىل‪َْ " :‬أم َي ُق ولُ َ‬ ‫ب‪.‬‬

‫ون اللَّ ِه ِإ ْن‬ ‫بِ ع ْش ِر س و ٍر ِم ثْ لِ ِه م ْف َت ر ي ٍ‬


‫ات و ْاد ع وا م ِن اس تَ طَ ع تُ م ِم ن د ِ‬
‫َ ُ َ ْ ْ ْ ْ ُ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬

‫‪ 2‬مناع القطان‪ :‬مباحث يف علوم القرآن‪ 14 ،‬شارع اجلمهورية عابدين‪ ،‬مكتبة وهبة‪:‬القاهر‬

‫‪3‬‬
‫اع لَ م وا َأ مَّنَ ا ُأنْ ِز َل بِ عِ ْل ِم اللَّ هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ‬ ‫ِِ‬
‫ص اد ق نيَ ‪ -‬فَ مَّلْ يَ ْس تَ ج يبُ وا لَ ُك ْم فَ ْ ُ‬
‫ُك ْن تُ ْم َ‬

‫َأن اَل ِإ ٰلَ هَ ِإ اَّل ُه َو ۖ َف َه ْل َأ ْن تُ ْم ُم ْس لِ ُم َ‬


‫ون"‬ ‫َو ْ‬

‫ب مِم َّ ا َن َّز لْ نَ ا‬
‫ج‪ .‬مث حتداهم بس ورة واح دة من ه يف قول ه‪ " :‬و ِإ ْن ُك ْن تُ م يِف ر يْ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ع لَ ٰى ع ب ِد نَا فَ ْأ تُوا بِ س ور ٍة ِم ن ِم ثْ لِ ِه و ْاد ع وا ُش ه َد اء ُك م ِم ن د ِ‬
‫ون اللَّ ِه ِإ ْن‬ ‫َ َ ْ ْ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫‪3‬‬
‫ني "‬ ‫ُك ْن ت م ِ ِ‬
‫ص اد ق َ‬
‫ُْ َ‬

‫اإلعجاز العلمى‬

‫وإعجازه العلمى ليس يف اشتعماله على النظريات العلمية اليت تتجدد وتتبدل وتكون مثرة‬

‫للجه د البش رى يف البحث والنظ ر‪ ،‬وإمنا يف حث ه على التفك ري‪ ،‬فه و حيث اإلنس ان على‬

‫النظر يف الكون وتدبره‪ ،‬وال يشل حركة العقل يف تفكريه‪ ،‬أو حيول بينه وبني االستزادة‬

‫من العل وم م ا اس تطاع إىل ذل ك س بيال‪ ،‬وليس مثة كت اب من كتب ال ديان الس ابقة يكف ل‬

‫هذا مبثل ما يكفله القرآن‪.‬‬

‫فأى مسألة من مسائل العلم‪ ،‬أو قاعدة من قواعدة‪ ،‬يثبت رسوخها‪ ،‬ويتبني يقينها‪ ،‬تكون‬

‫حمقق ة ملا حيث علي ه الق رآن من تفك ري سلس م‪ ،‬وال تتع ارض مع ه حبال من األح وال‪ ،‬وق د‬

‫‪ 3‬نفس املراجع‬

‫‪4‬‬
‫تقدمت العلوم وكثرت مسائلها ومل يتعارض شيئ ثابت منها مع آية من آيات القرآن‪،‬‬

‫وهذا وحده إعجاز‪.‬‬

‫والقرآن الكرمي جيعل التفسري السديد والنظر الصائب يف الكون وما فيه أعظم وسلية من‬

‫وسائل اإلميان اهلل‪.‬‬

‫إعجاز اللغوى‬

‫ال ّدقّ ة يف اختي ار كلم ات الق رآن وترتيبه ا بص و ٍر بديع ة‪ ،‬وببالغ ة متناهي ة ‪،‬وه و‬

‫تأدية املعىن املطلوب بأبلغ الطرق‪ ،‬اليت يعجز البشر عن اإلتيان مبثلها‪.‬‬

‫لق دمارس أه ل العربي ة فنوهنا من ذ نش أت لغتهم ح ىت ش بت وترع رعت‪ ,‬وأص بحت ىف‬

‫عنفوان شباهبا عمال فامعطاء‪ ,‬واستظهروا شعرها ونشرها‪ ,‬وحكمها وأمثاهلا‪ ,‬وطاوعهم‬

‫البيان ىف أساليب ساحرة‪ ,‬حقيقة وجمازا‪ ,‬إجيازاوإطنابا‪ ,‬حديثاومقاال‪ ,‬وكلماارتفت اللغة‬

‫وتسامت‪ ,‬وقفت على أعتاب لغة الق رآن ىف إعجاز اللغوى كسرية صاغرة‪ ,‬تتحىن أمام‬

‫أس لوبه إجالال وخش ية‪ ,‬وماعه دتاريخ العربي ة حقب ة من أحق اب الت اريخ‪ ,‬ازده رت فيه ا‬

‫اللغ ة إال وتط ا من أعالمه ا وأس اتذهتا أم ام البي ان الق رآىن اعرتاف ا بس موه‪ ,‬وإدراك ا ل‬

‫اسراره‪ ,‬و ال عجب ((فتلك سنةاهلل ىف آياته الىت يصنعهابيديه‪ ,‬اليزيدك العلم هباوالوقوف‬

‫‪5‬‬
‫على أس رارهاإالإذعانالعظمتها‪ ,‬وثق ةبالعجزعنها‪ ,‬والك ذلك ص ناعات اخلل ق‪ ,‬ف إن فض ل‬

‫العلم هباميكن ك منه اويفتح ل ك الطري ق إىل الزيادةعليه ا‪ ,‬ومن هناك ان س حرةفرعون هم‬

‫أول املؤمنني برب موسى وهارون))‪.‬‬

‫وليس للعرب كالم مشتمل على هذه الفصاحةوالغرابةوالتصرف البديع‪ ,‬واملعاىن اللطيفة‪,‬‬

‫والفوائ دالغزيرة‪ ,‬واحلكم الكث رية‪ ,‬والتناس ب ىف البالغ ة‪ ,‬والتش ابه ىف الرباع ةعلى‬

‫ه ذاالطول‪-‬وعلى هذاالق درة‪ ,‬وإمناتنس ب إىل حكيمهم كلم ات مع دودة‪ ,‬وألف اظ قليل ة‪,‬‬

‫وإىل ش اعرهم قصائدحمص ورةيقع فيه ااخلتالل واخلتالف‪ ,‬والتكل ف والتغس ف‪,‬‬

‫وق دجاءالقرآن على كثرت ه وطول ه متناس باىف الفص احةغلى ماوص فةاهلل ع زمن قائ ل‪(( :‬اهلل‬

‫نزل أحسن احلديث كتابامتشاهبامثاىن‪ ,‬تقشعرمنه جلودالذين خيشون رهبم مث تلني جلودهم‬
‫‪4‬‬
‫وقلوهبم إىل ذكراهلل))‪(( ,‬ولوكان من عندغرياهلل لوجدواْفيه اختالفاكثريا))‪.‬‬

‫فأخربأن كالم اآلدمى إن امتدوقع فيه التفاوت وبان عليه اخلتالل‪.‬‬

‫وجوه إعجاز القرآن‬

‫‪ 4‬البالغة القرآنية املعجزة بني ناقدين‪ ،‬عبد القاهر اجلرجاين و سيد قطب‬

‫‪6‬‬
‫لقدكان لنشأةعلم الكالم يف اإلسالم أثرأصدق مايقال فيه‪ :‬إنه كالم ىف كالم‪ ,‬ومافيه من‬

‫وميض التفكريجيرمتتبه إىل جماهل من القرآن بعضهافوق بعص‪ ,‬وقدبدأت مأساةالكالم ىف‬

‫القول خبلق القرآن‪ ,‬مث إختلفت آراؤهم وتضاربت ىف وجوه إعجازه‪:‬‬

‫فذهب أبو إسحاق إبراهيم النظام ومن تابعه كاملرتضى من الشيعة إىل أن إعجاز‬ ‫أ‪.‬‬

‫الق رآن ك ان بالص رفة‪ ,‬ومع ىن الص رفةىف نظ ر النظ ام‪ :‬أن اهلل ص رف الغ رب عن‬

‫معارضة القرآن مع قدرهتم عليها‪ ,‬فكان هذاالصرف خارقا للعادة‪ ,‬ومعنهاىف نظر‬

‫املرتضى‪ :‬أن اهلل سلبهم العلوم الىت حيتاج إليها ىف املعارضة ليجيثوا مبثل القرآن‪,‬‬

‫وهو قول يدل على عجز ذويه‪ ,‬فال يقال فيمن سلب القدرة على شئ أن الشئ‬

‫أعجزه مادم ىف مقدوره أن يأتى به ىف وقت ما‪ ,‬وإمنا املعجز حينئذ هو قدر اهلل‪,‬‬

‫فال يك ون الق رآن معج زا‪ ,‬وح ديئثا عن إعج از مض اف إىل الق رآن س وف يظ ل‬

‫ثابتاله ىف كل عصر‪ ,‬العن إعجازاهلل‪.‬‬

‫وذهب قوم أىل أن القرآن معجز ببالغته الىت وصلت أىل مرتبة مل يعهدهلا مثيل‪,‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫وهذه النظرة نظرة أهل العربية الذين يولعون بصور املعاىن احليةقى النسخ احلكم‪,‬‬

‫والبيان الرائع‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وبغضهم يقول‪ :‬إن وجه إعجاز ىف تضمنه البديع الغريب املخالف ملاعهد ىف كالم‬ ‫ت‪.‬‬

‫العرب من الفواصل واملقاطع‪.‬‬

‫ث‪ .‬ويقول آخرون‪ :‬بل إعجاز ىف اإلخبار عن امليبات املستقبلة الىت اليطلع عليها إال‬

‫بالوحى‪ ,‬أو اإلخبار عن األمور الىت تقدمت مند بدء اخللق مبا ال ميكن صدوروه‬

‫من أمى مل يتصل بأهل الكتاب‪.‬‬

‫ج‪ .‬وذهب مجاعة أىل أن القرآن معجز ملا تضمنه من املعلوم املختلفة‪ ,‬واحلكم البليغة‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وحقيقة أن القرآن معجز بكل مايتحمله هذا اللفظ من املعىن‪:‬‬

‫فه و معج ز ىف ألفاظ ه وأس لوبه‪ ,‬واحلرف الواحدمن ه ىف موض عه من اإلعج از ال ذى اليغ ىن‬

‫عنه غريه ىف متاسك الكلمة‪ ,‬والكلمة ىف موضعها من اإلعجاز ىف متاسك اجلملة‪ ,‬واجلملة‬

‫ىف موضعها من اإلعجاز ىف متاسك اآلية‪.‬‬

‫و هو معجز ىف بيان ونظامه‪ ,‬جيد فيه القارئ صورة حية للحياة والكون واإلنسان‪.‬‬

‫وهو معجز ىف معانيه الىت كشفت الستار عن احلقيقة اإلنسانية ورسالتها ىف الوجود‪.‬‬

‫‪ 5‬نفس املراجع‬

‫‪8‬‬
‫وهو معجز بعلومه ومعارفه الىت أثبت العلم احلديث كثريامن حقائقها املغيبة‪.‬‬

‫وه و معج ز ىف تش ريعه وص يانته حلق وق اإلنس ان وتك وين جمتم ع مث اىل تس عد ال دنيا على‬

‫يديه‪.‬‬

‫والق رآن_أوالًوأخ را_هوال ذى ص ري الع رب رعاةالش اءوالغنم ساسةش عوب وق ادةأمم‪,‬‬

‫وهذاوحده إعجاز‪.‬‬

‫ق ال اخلط اىب ىف كتب ه‪(( :‬فخ رج من ه ذاأن الق رآن أمناص ارمعجزاألنه جاءبأفص ح‬

‫األلف اظ‪ ,‬ىف أحس ن نظ وم الت أليف‪ ,‬ومتضمناأص ح املع اىن‪ ,‬من توحيداهلل وتنزيه ه ىف‬

‫صفاته‪ ,‬ودعاء إىل طاعته‪ ,‬وبيان ملنهج عبادته‪ ,‬ىف حتليل وحترمي‪ ,‬وحظروإباحة‪ ,‬ومن‬

‫وع ظ وتق ومي‪ ,‬وأمرمبروف وهنى عن املنك ر‪,‬وإرش ادإىل حماس ن األخالق‪ ,‬وزج رعن‬

‫مس اويها‪ ,‬واض عاكل ش ئ منهاموض عه ال ذى الي رى ش ئ أوىل من ه‪ ,‬واليت وهم ىف‬

‫ص ورةالعقل أمرألي ق ب ه من ه‪ ,‬مودعاأخب ارالقرون املاض يةومانزل من مثالت اهلل مبن‬

‫عصى وعاندمنهم‪ ,‬منبئاعن الكوائن املستقبلةىف األعصاراملاضيةمن الزمان‪-‬جامعاىف‬

‫ذلك بني احلجةواحملتج له‪ ,‬والدليل واملدلول عليه‪ ,‬ليكون ذلك أوكدللزوم مادعاإليه‪,‬‬

‫وإنباءعن وجوب ماأمربه وهنى عنه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫إعجاز القرآن الكريم‪:‬‬

‫إظهار صدق النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬يف دعوى الرسالة بإظهار عجز العرب‬

‫عن معارضته يف معحزته اخلالد‪-‬وهي القرآن‪-‬و عجز األجيال بعدهم‪.‬‬

‫ويوجه حركته و نشاطه‪ ,‬و ميلؤه الشغر و يوجهّ بالغته‬ ‫ٍ‬


‫ىف وسط ثقايف يصنعه القرآن ّ‬
‫و بيانه‪ ,‬كان ال بد أن تنشأ حركة نقدية و بالغية واعدة‪ ,‬و أن تنمو هنضة فكرية و‬

‫مفجره ا األول و حموره ا األس اس الق رآن الك رمي‪ ,‬ويك ون‬
‫حبيثي ة ص ا ع دة‪ ,‬يك ون ّ‬
‫مقابل ه ىف ذل ك و مس اعده ىف توخي ه حرك ة البحث الش عر الع رىب الق دمي‪ ,‬و يك ون‬

‫الذب عن الدين‪ ,‬وتأكيد صحته وجدارته أن يكون‬


‫اهلدف األكرب من هذه احلركة ّ‬
‫منهاج حياة للمسلمني ورسالة هداية للعاملني‪.‬‬

‫علم ا وجغرافي ة و حاض ارة‪,‬‬


‫يوس عفيه اإلس الم آف اق الع رب ً‬
‫ىف ه ذا الوس ط ال ذي ّ‬
‫فيض عهم أم ا مس ؤ ولي ات ك ربى و حتديات جس يمة‪ ,‬ك ان ال ب د أن ينهض اجلدل‬

‫ويوسع اجلغرافية و ينشئ احلضارة‪.‬‬


‫يوجه احلياة ّ‬
‫حول هذا الكتاب (القرآن) الذي ّ‬

‫‪10‬‬
‫على أس اس ه ذه الق ا ع دة العقدي ة نش أت البح وث ىف إعج از الق رآن‪ ,‬نافي ةً ش بهات‬

‫الش ككني ىف إعج ازه ‪,‬ب ا حث ةً س ر اإلعج از ال ذىبهر أم ةً أكم ل ص ناعاهتا البالغ ة‪ ,‬فاحتة‬
‫‪6‬‬
‫طريقا واسعا ال كتشاف األسرار البالغية و تأسيس ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ النقدية‪.‬‬

‫ااﻈاهر اإلعجاز البالغى‬

‫يتجلى هذا اجلانب من الإلعجاز مب ﻈاهر عدة نوجزها فيما يلى ‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬احلصائص املتعلقة بأسلوب القرآن‬

‫إن امل ﻈه ر األول من مظ اهر اإلعج از البالغى ه و أن الق رآن جيرىعلى نس ق خ اص ىف‬

‫أسلوبه‪ ,‬ال يستطيع أحد أن جياريه فيه‪ .‬وهذه اخلصائص هى‪:‬‬

‫أ‪ .‬نظمه البديع‬

‫احملافضة على مجال اللفﻈ وروعة التعبري‬ ‫ب‪.‬‬

‫صياغته املوافقة حلال املخاطبني‬ ‫أ‪.‬‬

‫التجديد ىف األسلوب‬ ‫أ‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬الكلمة القرآن‬

‫‪ 6‬أصول التفسري و مناهجه‪ ،‬فهم بن عبد الرمحن بن سليمان الرومي‬

‫‪11‬‬
‫متتاز الكلمة الىت تتألف منها اجلمل القرآنية بالتالية ‪:‬‬

‫مجال توقيعها ىف السمع ‪ :‬فليس ىف القرآن لفط ينبو عن السمع‪ ,‬أو يتنافر مع ما‬ ‫أ‪.‬‬

‫قبل ه أو بع ده‪ ,‬فالكلم ة القرآني ة ىف الض زوة من الفص احة‪ ,‬و هى حتم ل املع ىن ىف‬

‫الس َمآءُ َبَن َه ا ‪َ 27‬رفَ َع‬ ‫َأش ُّد َخ ْل ًق ِ‬


‫اَأم اُ َّ‬ ‫طياهتا‪ ,‬واق رأ إن س ئت قول ه تع اىل‪( :‬ءََأنتُ ْم َ‬

‫حهل ) ( النازعات ‪. ) 29-27 :‬‬


‫ض َ‬‫َأخَر َج ُ‬ ‫مَسْ َك َها فَ َس َّو َىها ‪َ 28‬وَأ ْغطَ َ‬
‫ش لَْيلَ َها َو ْ‬
‫اتساقها مع املعىن‪ ,‬وكأنرئ يشم منها رائحة املعىن املطلوب‪ ,‬أو يلحﻈ فيها إشراقًا‬ ‫ب‪.‬‬

‫اعس َعس‪ 17‬و ُّ ِإ‬ ‫َّ ِإ‬


‫س)‬
‫الص ْب ِح َذ اَتَت َف َ‬ ‫يصور املعىن أمام العني‪ .‬اقرأ قوله تعاىل‪َ ( :‬والْي ِل َد َ ْ َ َ‬
‫(التكويلر‪)18-17 :‬‬

‫اتس اع داللته ا‪ ,‬ملا ال تتس ع ل ه دالالت الكلم ات األخ رى من املع اىن واملدلوالت‬ ‫أ‪.‬‬

‫حبي يعرب بكلمة واحدة عن معىن ال يستطاع التعبري عنه إاّل ببضع كلمات‬
‫عادة‪ُ ,‬‬
‫أو مجل‪ .‬وخ ذ مث ااًل على ذل ك قول ه تع اىل‪َ( :‬أَفرء ْيتُمالن َّ‬
‫َّار اُلىِت تُ ُ‬
‫ورون ‪ 71‬ءََأْنتُ ْم‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأنش ْأمُتْ َش َجَرَت َهآ َْأم حَن ُن املُنش ُئون ‪ 72‬حَن ُن َج َع ْلَن َه ا تَ ذكَرةً َو َمَت ًع ا لِّْل ُم ْق ِو َ‬
‫ين)‬ ‫َ‬

‫(الواقعة‪)73-71 :‬‬

‫ثالثا‪ -‬اجلملة القرآنية وصياغتها‬

‫ويتجلى مﻈهر اإلعجاز فيها مبا يلى‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫التالؤم واالتس اق بني كلماهتا‪ ,‬و تالح ق حركاهتا وس كناهتا‪ ,‬بن{م ب ديع يس رتيح‬ ‫أ‪.‬‬
‫الس م ِ‬
‫آء‬ ‫ب َّ َ‬
‫اه الس مع والص وت والنط ق‪ .‬واق رأ إن ش ئت قول ه تع اىل‪َ ( :‬ف َفتَ ْحنَ آ َْأب َو َ‬
‫َأمر قَدقُ ِد َر) (القمر ‪-11 :‬‬
‫ض عُُي ْونًا فَالَْت َقى الْ َماءُ َعلَى ً‬
‫ِ‬
‫َآءً ّمْن َهم ٍر‪َ 11‬وفَ َّج ْرنَا ْ‬
‫اَألر َ‬
‫مِب‬

‫‪)12‬‬

‫خمل أو ضعف ىف‬


‫الداللة بأقصر عبارة على أوسع معىن تام متكامل‪ ,‬دون اختصار ّ‬ ‫ب‪.‬‬

‫آَأه َل َق ْريَ ٍة‬


‫(حىَّت ِإذَا آَأَتيَ ْ‬
‫الدالل ة‪ .‬واق رأ ىف ه ذا قول ه تع اىل ىف س ورة الكه ف ‪َ :‬‬
‫استَطْ َع َمآ َْأهلَ َها) (الكهف ‪)77 :‬‬
‫ْ‬
‫إخراج املغىن اجملرد ىف مﻈهر األمر احملس امللموس‪ ,‬مث بث الروح واحلركة ىف هذا‬ ‫أ‪.‬‬

‫املﻈهر نفسه‪ ,‬حبيث جيد القارئ إقناع العقل وإمتاع العاطفة‪ ,‬مبا يفى حباجة النفس‬

‫البشرية تفكريا ووجدانًا ىف تكافؤ واتزان‪ ,‬فال تطغى قوة التفكير على قوة الوجدان‪,‬‬

‫وال قوة الوجدان على قوة التفكري ‪ .‬وهكذا جتد وأنت تقرأ القرآن أن العقل يفهم‬

‫واخليال يتصور‪ ,‬وذلك خالف املألوف واملعروف لدى قراءة الكالم أو كتاب آخر‪.‬‬

‫واق رأ‪-‬على سبيل املثال‪ -‬قول ه تعاىل ‪ِ( :‬إنَّا جع ْلنَ ا ىِف َأعنَ ِق ِهم َأ ْغلَاًل فَ ِهي ِإىَل اَأل ْذقَ ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫َأيدي ِهم َس دًّا َو ِمن َخ ْل ِف ِهم َس دًّا فََأ ْغ َش ْيَن ُهم َف ُهم اَل‬
‫ني ِ‬ ‫َف ُهم ُّمقم ُح و َن‪ 8‬و َج َع ْلنَ ا َم ۢن بَ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ي ِ‬
‫بص ُرو َن) (يس ‪.)9-8 :‬‬‫ُ‬

‫‪13‬‬
‫رابعا‪ -‬جالل الربوبية وكربياء األلوهية ىف آلياته‬
‫ً‬

‫من أجلى مﻈاهر اإلعجاز ىف القرآن الكرمي ما يوجد ىف كثري من آياته من جالل الربوبية‬

‫و كربي اء األلوهي ة‪ ,‬بقط ع النﻈر عن املع ىن ال ذى يؤدي ه اللفﻈ‪ .‬و ه ذا مما ال يق وى على‬

‫اختالقه أى إنسان‪ ,‬ىف أى صنف من أصناف املعاىن والكالم‪.‬‬

‫و بي ان ذل ك ‪ :‬أن الكالم م رآة لطبيع ة املتكلم‪ ,‬تتجلى فيم ا يكتب أو يق ول‪ ,‬و ت زداد‬

‫وضوحا كلما تنوعت أحباثه و مواضيعه‪ .‬وإذا كان ىف مقدور اإلنسان أن يﻈهر بصورة‬
‫ً‬
‫طبيعة أخرى‪ ,‬فإن ذلك ال ميكن أنيصل إىل حد التناقض‪ ,‬حبيث ينطبع جبصائص البشرية‬

‫تارة‪ ,‬وخبصائص األلوهية أخرى‪ .‬وإذا كان هذا غري ممكن‪ ,‬فال ميكن إلنسان ما أن يصوغ‬

‫كالم ا ينش ر من حول ه عﻈم ة الربوبي ة وكربي اء األلوهي ة ىف ص ياغة ال تكل ف فيه ا و ال‬
‫ً‬
‫جل واقرأ‪-‬على سبيل املثال‪-‬قوله تعاىل‪ِ( :‬إنَّىن‬
‫عز و َّ‬
‫متثيل‪ ,‬كما هو ﻈاهر ىف الكالم اللّ ه َّ‬

‫ُأخ ِف َيه ا لِتُ ْج َزئ‬


‫اد ْ‬
‫ِ‬
‫اعةَ ءَاتيَ ةٌ َأ َك ُ‬ ‫الص لَو َة لِ ِذ ْك ِرئ~ ‪ِ 14‬إ َّن َّ‬
‫الس َ‬
‫ِ‬
‫َأنَاالَّهُ آَل ِإهَلَِإآَّل َأنَا فَ ْ‬
‫اعبُ ْدىِن َوَأق ِم َ‬
‫س مِب َا تَ ْس َعى) (طه ‪)15-14‬‬
‫ُك ُّل َن ْف ِ‬

‫خامسا‪-‬التصوير الفين ىف القرآن‬


‫ً‬

‫‪14‬‬
‫إن القرآن الكرمي حني خياطب العقالء‪ ,‬إمنا خياطب فيهم عقوهلم‪ ,‬كما يثري فيهم مشاعرهم‬

‫و أحاسيسهم‪ ,‬بأسلوبه الفذ‪ ,‬وبيانه املعجز‪ ,‬وموسيقاه الساحرة‪ ,‬فيجعل املخاطب يتخيل‬

‫املعىن اجملرد صورة ناطقة يتحسس فيا احلركة و احلياة‪.‬‬

‫و إذا كان التصوير تشبيتًا للﻈل الصامت‪ ,‬أو جمموعة خطوط وألوان متجمعة‪ ,‬تضع أمام‬

‫مشهدا من املشاهد‪ ,‬فإن‬


‫ً‬ ‫لرائى لوحة قد تثري ىف ذهنه معىن من املعاىن‪ ,‬أو تنقل أىل خميلته‬

‫التصوير القرآىن أوسع من هذا بكثري‪ :‬فهو حتويل احلروف الصوتية اجلامدة إىل ريشة تنبع‬

‫من رأس ها األص باغ واألل وان اجملتلف ة‪ ,‬حس ب احلاج ة والطلب‪ ,‬لتحي ل‪-‬ب دورها‪-‬املع اىن‬

‫املعتادة إىل صور يتأملها اخليال‪ ,‬و يدركها الشعور‪ ,‬وتكاد العني أن تستوعبها العقل‪ .‬و‬

‫ه و‪ -‬كم ا يق ول ص احب كت اب التص وير الف ىن ىف الق رآن‪ -‬تص وير ب اللون‪ ,‬و تص وير‬

‫باحلركة‪ ,‬و تصوير بالتخييل‪ ,‬كما أنه تصوير بالنغمة تقوم مقام اللون ىف التمثيل‪ .‬وكذلك‬

‫‪ :‬هو تصوير حي‪ ,‬منتزع من عامل األحياء‪ ,‬ال ألوان جمردة وخطوط جامد‪ ,‬تصوير تقاس‬

‫األبعاد فيه والسافات باملشاعر والوجدانات‪ ,‬فاملعاىن ترسم و هى تتفاعل ىف نفس آدمية‬

‫حية‪ ,‬أو ىف مشاهد من الطبيعة ختلع عليها احلياة‪.‬‬

‫مظاهر التصوير الفين ىف القرآن ووسائله ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫مظاهره ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪15‬‬
‫إخ راج م دلول اللف ظ منم دائ رة املع ىن ال ذهىن اجملرد إىل الص ورة احملسوس ة‬ ‫‪.1‬‬

‫واملتخيلة‬

‫التخييل احلسى‬ ‫‪.2‬‬

‫ت َوَأ ۢن بتَ ْ‬
‫ت‬ ‫آَأنزلنَ ا َعلَ َيه ا امل آءَ ْاهَت َّز ْ‬
‫َ‬ ‫ض َه ا ِم َدةً فَِإذَ‬
‫اَألر َ‬
‫(وَت َرى ْ‬ ‫أ‪ .‬قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫َ‬
‫يج) (احلج ‪.)5 :‬‬ ‫ِمن ُك ِّل َز ْو ِج هَبِ ِ‬

‫َّس) (التكوير ‪)18 :‬‬ ‫قوله تعاىل‪( :‬و ُّ ِإ‬


‫الصْب ِح ذَا َتَنف ّ‬ ‫َ‬ ‫ب‪.‬‬

‫التجسيم والتضخيم‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫َأوز َار ُهم َعلَى ظُ ُه و ِر ِهمۚ َأاَل َس آءَ َم ايَِز ُرو َن)‬
‫(و ُهم حَي ِملُ و َن َ‬
‫قول ه تع اىل‪َ :‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫(األنعام‪)13 :‬‬

‫قول ه تع اىل‪َ ( :‬كُب َرت َكلِ َم ةً خَت ُر ُج ِمن َأف َو ِه ِهمۚ ِإن َي ُقولُ ون ِإاّل َك ِذبًا)‬ ‫ب‪.‬‬

‫(الكهف ‪)5:‬‬

‫وسائل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الوسائل القرية‬ ‫‪.1‬‬


‫‪7‬‬
‫الوسائل البعيدة‬ ‫‪.2‬‬

‫نفس الوراجع‬ ‫‪7‬‬

‫‪16‬‬
‫نماذج تصويرية من القرآن الكريم‪:‬‬

‫ِ‬
‫اَألرض َأو‬ ‫ت َأن تَبتَغِى نَ َف ًق ا ىِف‬
‫اس تَطَ ْع َ‬
‫ِ‬
‫اض ُهم فَِإن ْ‬
‫عر ُ‬‫قال اللّه تعاىل‪ ( :‬وِإن َكا َن َكُبر َعلَْي َ ِإ‬
‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۚ‬ ‫سلَّما ىِف َّ ِ ِ‬
‫الس َمآء َفتَأتَي ُهم بَِئايَ ٍة َو لَ ْو َشآءَ اللَّهُ جَلَ َم َع ُهم َعلَى اهلَُد ۚى فَاَل تَ ُك ونَ َّن م َن اجلَ ِهل َ‬
‫ني) (‬ ‫ًُ‬
‫األنعام ‪)35 :‬‬

‫كان يكرب على النّيب ﷺ كفر قومه وإعراضهم عما جاء به‪ ,‬فنزلت هذه اآلية توضح له‪:‬‬

‫أنه ال ج دوى من أن يض يق ص دره بكف رهم‪ ,‬و إال فليجه د نفسه وليبذل قص ارى ما ىف‬

‫وسعه ليأتيهم مبا حيملهم على تصديقه‪ ,‬ويدخل اإلميان ىف قلوهبم إن استطاع‪.‬‬

‫صورهتا اآلية مبشهد ترسم فيه تأمله ﷺ من إعراضهم ىف صورة شيء يضخم‬
‫هذه املعاىن ّ‬
‫ذرع ا‪ ,‬ويسعى للخالص منه‪.‬‬
‫و يكرب حجمه‪ ,‬حىت يثقل على النّ يب ﷺ محله‪ ,‬و يضيق به ً‬
‫كم ا ترس م في ه اجله د ال ذي لن ي أتى بطائ ل‪ ,‬بص ورة من ينبعث حنو ك ل جه ة ىف قل ق و‬

‫حبث‪ ,‬ليتخلص من عبء عالق به‪ .‬و هكذا فقد عربت عن املعىن الذهىن بصورة حمسوس‬
‫‪8‬‬
‫متخيل تنبعث فيه احلركة واحلياة‪ ,‬مع شيء من التجسيم والتفخيم‪.‬‬

‫‪ 8‬دراسات يف علوم القرآن الكرمي‪ ،‬فهم بن عبد الرمحن بن سليمان الرومي‬

‫‪17‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫من اع القط ان‪ :‬مب احث يف عل وم الق رآن‪ 14 ،‬ش ارع اجلمهوري ة عاب دين‪ ،‬مكتب ة‬

‫وهبة‪:‬القاهر‬

‫البالغة القرآنية املعجزة بني ناقدين‪ ،‬عبد القاهر اجلرجاين و سيد قطب‪ ،‬التجديد‪-‬‬

‫جملد الرابع عشر ‪1431‬‬

‫أص ول التفس ري و مناهج ه‪ ،‬فهم بن عب د ال رمحن بن س ليمان ال رومي‪ ،‬مكتب ة‬

‫التوبة‪:‬الرياض‬

‫دراسات يف علوم القرآن الكرمي‪ ،‬فهم بن عبد الرمحن بن سليمان الرومي‪ ،‬حقوق‬

‫الطبع حمفوظة للمؤلف‪:‬الرياض‬

‫البالغة يف العلم البيان‪ ،‬حممد غفران زين العامل‪ ،‬كلية املعلمني اإلسالمية‪:‬فونوركو‬

‫‪18‬‬

You might also like