Professional Documents
Culture Documents
مكتبة نور قطعه من روحي
مكتبة نور قطعه من روحي
جلست في حين غرة وحيدة علي طاولة في زاوية ذلك المطعم الذي لطالما اعتادت
ان تذهب اليه ،منذ ذلك الحين حين توفت والدتها وهي دائما ما تاتي الي ذلك
المكان ،يتصارع بداخلها الندم و الحزن معا ،حيث ندم علي انها لم تكن ابنة بارة
بوالدتها في حياتها ،و حزن ان والدتها فارقتها وظلت هي وحيدة في ذلك الكون
الشاسع ،اصابتها متالزمة الحزن ،الي اين اهرب منكِ يا والدتي و كل ذكرياتي
متشبثة بكِ ،الي اي ارض انوي الرحيل ،و الي اي اتجاه ستكون وجهة رحلتي ،
المقصد بك و منك و اليك ،يدور بداخلها ذلك الحديث كأن والدتها تجلس امامها
علي تلك الطاوله و يتحدثان معا ،انني كنت حمقاء لم ادري كم احبك و كم انتي
اكبر نعمة بحياتي قد خلقها هللا لي و اوجدها في حياتي ،العالم فارغ جدا و موحش
من دونك يا امي ،رغم انني ابتسم لكن هناك شئ ما ينقصني وهو انتي و وجودك
في حياتي ،اخذها الشوق الي والدتها الي عالم الذكريات حيث اخذت تبحر به الي
ان وصلت الي تلك اللحظات السعيده التي جمعتهما ،حيث ظهرت لها تلك اللحظة
التي كانت والدتها توقظها وتقوم بدغدتها وتحملها بين طياتها وتذهب بها تنظف
لها وجهها بيدها و صوت والدتها العذب هيا يا عزيزتي افيقي هيا يا طفلتي المدهلل
،زارتها تلك االبتسامه التي كانت تخرج من اعماق قلبها في ذلك الوقت ،لم
تتذكر ان يوما ما بعد رحيل والدتها قد ابتسمت مثل تلك االبتسامه ،لمعت عيناها
واخذت اضواء الحزن تتالأل في عينيها ،حزن دفين خرج من اعماقها في صورة
تلك الدمعات ،ثم تابعت السير في عالم ذكرياتها حيث والدتها تقف هنالك في تلك
الحجره تعد لها الطعام ،طعام صحي و شهي و تحبه ،ثم جال بخاطرها سؤاال
كيف كانت امي تستطيع ان تجمع لي كل ذلك ؟ من اين لها ان يكون الطعام بكل
تلك المواصفات و فوق كل ذلك ان اكون احبه ؟ لم اعد اهتم بذاتي كما كنت تفعلين
يا امي من قبل بي ،لم اهتم بكِ كما اهتممت انتي بي ،يا هللا انني سيئة جدا ،
زارتها تلك اللحظه حين تسالها معلمتها لماذا دائما تشربين ذلك النوع من العصير
؟ فتجيبها هو عصير صحي و طازج انه فيتامين سي حيث ان والدتها اخبرتها
انها لن يصيبها الزكام ابدا ما دامت تحافظ علي شرب ذلك العصير طوال الشتاء ،
ت ذلك ف اخبرتها بأن والدتها هي تعجبت معلمتها انذاك و سالتها من اين علم ِ
التي اخبرتها بذلك و قالت لمعلمتها قد اجبتك منذ قليل ان والدتي اخبرتني بذلك و
لكنكي لم تركزي جيدا في حديثي ،لكي تستطيعين التركيز جيدا عليكي ايتها
المعلمه ان تهتمي بتناول ذلك النوع من العصير الطازج ،انتبهت حين سالت تلك
الدمعات علي وجنتيها اخذت تزيل اثار تلك القطرات الحارقه التي قطرتها ،نظرت
الي خارج المطعم من ذلك الزجاج الذي بجانبها الذي يحيط بذلك المطعم الفاره ،
رأت طفلة تتشبث بكلتا يديها في والدتها و هي تحتضنها و تستند ب راسها علي
كتف والدتها ،رات والدتها التي تحملها و علي وجهها ابتسامة و حديث مع ابنتها
التي تجيبها في براءة ،تمنت في تلك اللحظه لو انها لم تكبر يوما و ظلت طفلة
طول عمرها و لم تفارقها و الدتها قط ،اخذت تبكي مجددا في حرقة شديده لم
تنتبه اال حين جاء زوجها و جلس علي ذلك المقعد المقابل لها من تلك الطاوله
مبتسما في وجهها ومحدثا اياها ما بك يا عزيزتي لماذا يبدو عليكي الحزن ثم مد
يده و اخذ يزيل عن وجهها اثار تلك الدموع هل كنت تبكين يا سومان ؟ اجابته و
هي تحاول ان ترسم علي وجهها ابتسامة زائفه ال يا عزيزي قاطعها وهو يضع
كلتا يديه علي تلك الطاوله و يهز راسه يمنة و يسرة و مطبق الحاجبين الا يا
زوجتي ال تستطيعين الكذب علي ،انت تخبئين شيئا عني اجابته ال يا علي انا ال
اخبأ عنك شيئا فقط تذكرت و الدتي ،مد يده اليمني و امسك بيديها مواسيا اياها ال
تحزني يا سومان هي هناك في مكان افضل من هنا بكثير لن يفيدها بكاءك و لن
يجعلها سعيدة حيث هي لكن عليكي فقط ان تدعي لها و ان تطلبي من هللا ان يغفر
لها ،طأطأت راسها في خجل ودمعت عيناها انني لم اكن تلك االبنة الصالحه يا
زوجي ،انني اخشي ان يكون هللا عاقبني علي ذلك بان حرمني من ان انجب طفال
و ان اكون اما ً ،اخشي انها فارقت الحياة و هي ما زالت غاضبة مني لذلك
حرمني هللا من نعمة االمومه ،حزن زوجها شديدا لما قالته مهما فعلت يا سومان
ان والدتك لن تفارق الحياة و هي غاضبة منكِ ،ليست امك فقط يا سومان ان
مهنتي ك طبيب تجعلني اري في االمهات حنانا و تسامحا ليس لهما مثيال اذكر انه
في تلك الليلة في العناية ام في غيبوبة و لكن حين افاقت لم تنطق ب شئ سوي
اسم ابنها الذي كان سببا في تلك الغيبوبه ،و حين جاء اليها اخذ يبكي و يقبلها
ويعتذر منها ،لكنها اخبرته انها سامحته و لم تكن ابدا لتغضب منه حتي و لو انه
ليس بارا بها او النه في لحظة ما قد ازعجها ،اظن ان هللا ارحم يا سومان من ان
يعاقبكِ علي فعلتك بهذا العقاب القاسي ،ثم تنهد و اخذ يحاول ان يرسم البهجة
علي وجهه كي يخفي تلك االحزان التي قد ارتسمت بظلمة علي و جهه ،انني ال
اريد اطفاال ايتها المدام ،اتريدين ان تهتمين بهؤالء االبناء و تتركينني ؟ لن
اسمح الحد ان يشاركني بكِ يا سومان ،انني طفلك منذ االاان ،اخذ تبتسم
سومان لما يقوله زوجها ،و يبتهج قلبها ،ثم قالت و هي تمسك اذنه بيدها انت
ولد مزعج جدا يا علي سوف اعاقبك اخذ يتداعي االلم من قبضتها كي يفلت من
ت تؤلمينني يا امي ارجوكي اتركيني لن افعل ذلك ثانية ،تعالت يدها قائال ان ِ
ضحكات سومان من فعل زوجها انك زوج مشاغب ايها الطبيب ،اجابها متبسما
كيف لي ان اكون هادئا و مطيعا ايتها االم ،اتعلمين شيئا ! نظرت اليه وهي تقطب
حاجبيها و هزت راسها في عدم قبول لما قاله و هي تسند راسها ب يدها ااممم ال
ال اعلم شيئا يا زوجي ،انك محظوظة جدا يا سومان و والدتك قد غادرت و هي
راضية عنكِ جدا يا زوجتي و اال لو انه غير ذلك لما كان هللا قد رزقكِ بزوج رائع
و ناجح و بشوش مثلي ،تبسمت سومان و ازالت يدها لتلتف حول ذلك الكاس
الذي امامها وهي تنظر اليه و لماذا ال نعتقد بانها كانت غاضبة جدا مني حتي
اكرمني هللا بزوج مغرو مثلك ؟ اتكأ بظهره الي ذلك المقعد في خفة يحاول ان
يرسم علي وجهه بعض التالم وهو يضع يديه علي موضع قلبه من جسده قائال
اووه الاا قلبي الصغير ال يتحمل انتي تهينينني جدااا ،ابتسمت و هي تحدثه فتي
مشاغب و غير ناضج ،حاول ان يعدل من هيئة جلوسه زوجتي ال اعلم لماذا ال
تصدقي انني طبيب و ماهر ايضا ؟ انني تركت عملي كي آتي و اجلس معك
نرتشف بعضا من القهوه معا هل هذا هو مقابل الخير الذي افعله ؟ تعالت
ضحكاتها محدثة اياه ال تحاول التمثيل يا عزيزي ال يليق بك ذلك ال تحاول ان
تخفي تلك التفاهة من شخصيتك ،انني اتالم و بشده و سابكي يا سومان من
حديثك هذا سوف اذهب ايتها الشريره الي عملي ،اشارت اليه ب ان يجلس كي
يتناول قهوته المفضله قبل ان يذهب ،ظهرت علي وجهه عالمات الجدية في
حديثه قائال سومان ال تفكري بذلك ثانية ارجوكي ،انا ال اريد اطفاال و ال توهمي
نفسك بان والدتك قد توفت وهي غاضبة منك ،اتذكرين ان سوء التفاهم الذي قد
حدث بينكما كان قبل ان تمرض والدتك ،و تذكرين انك رافقت والدتك طوال تلك
الفترة وقد تخليت عن عملك و كل شئ الجلها ،قاطعته لكنك ال تعلم ما كان قبل
ذلك ان والدتي قد عرضت علي ان نترك منزلنا ونغادر الي بلد اخر و انا قد ابيت
ذلك ،وحين كنت ادرس كنت كثيرا ما اتذمر و يصيبني التنمر و اغضبها و ال
انتبه الي ما تقوله دائما ما كنت ازعجها ،دائما كانت تقول لي ال تفعلي ذلك بي يا
بنيتي كي ال يفعله بكِ ابناؤك غدا ،ال تجعليني غاضبة منك هذا ال يرضي هللا ،
لكنني ما تاثرت بذلك الحديث و ندمت عليه اال حين فارقتني ،لم اعلم ان كل
حديثها صحيحا و انني فتاة مراهقه في ذلك الوقت لم اعلم اين يكمن الخير لي ،
رايت صدق حديثها بعد وداعها ،نعم انها امي ،امي التي فارقتني ،و لكن
الوصف الدقيق ان قطعة من روحي قد فارقتني يا زوجي ،تلك السنون العده التي
قضيناها سويا متشبثة بها ،ضحكة تخرج من اعماق قلبي ،طفولتي ب لهوها و
سعادتها ،تذمري و مرحلة مراهقتي ،جامعتي و عالماتي ،ان تلك السنون كانت
عمر امي ،لم تكن قط سنوات عمري انا ،انني اخذت منها بهجتها و شبابها و
قوتها ،جمالها ،انني اخذت من والدتي كل شئ جميل بها في سبيل ان احيا و
اكبر و لكن لم استطع ان امنحها شيئا يسيرا مما قد بذلته من اجلي ،قاطعها
زوجها قائال يكفي يا عزيزتي ذلك الحزن الذي تعيشين به ،لنحاول ان ننشئ
مسجدا يكون بمثابة صدقة جارية لها او ان نطعم المساكين ،ارجوكي ال تقلقي
بشاني انا ال اريد اطفاال يا عزيزتي و يكفي شعورك بالندم علي ما اقترفته من
خطا ،كان يجب ان اكون اكثر تهذيبا معها لكنني كنت كذلك فقط مع اصدقائي وها
هم ايضا قد رحلو عني و غادروني لم يبقي لي شئ سوي ذكراها لو كنت اعلم
انني ساكون هنا يوما كنت جلست ارعاها و اقبل يداها وقدماها كي تكون فقط
راضية عني و لكن هيهات ان يفيد الندم بعد رحيلها ،علي الطاولة المجاورة لها
جلست امراة يبدو علي وجهها قد بلغت الستينيات تجلس علي كرسي متحرك و
ابنتها تحرك والدتها بذلك الكرسي حتي تجلس في وضع صحيح من تلك الطاوله
تبتسم االم كأن ابنتها تالعبها و تبتسم االبنة في مرح النها نجحت في ان تجعل
والدتها سعيده ،تذكر علي زوج سومان ان تلك السيده المسنه زارته يوما هي و
ابنتها هذه وكانت متعبة جدا في ذلك الوقت ،و اخبر سومان ان االهل حين
يبلغون من العمر عتيا او ان يبدا ال ِه َرم يورهم فانهم يحتاجون بشدة الي وجود
ابناءهم بجانبهم وانه حين ال يستطيعون ان ينجحو في ذلك فان ذلك ينعكس سلبا
علي نفسية االهل وصحتهم ،نظر علي و سومان الي تلك الفتاة التي جاء الدور
كي تجلس علي مقعدها بجانب والدتها وحين همت بالجلوس قد تقابلت نظراتها مع
علي زوج سومان لوحت له تلك الفتاة مبتسمة التفتت والدة تلك الفتاة فوجدت ذلك
الطبيب لوحت له هي ايضا في سعادة ،كأن تلك السيده ال تفقد شيئا بوجود ابنتها
بجانبها وبتلك السعادة التي تغمرها ،كان العمر لم يقابلها قط بويالته و آآلمه
لمعت عيني سومان ثم استدارت و اقترحت علي زوجها ان تذهب كي تزور
والدتها وتضع لها بعض االزهار عند قبرها وافق زوج سومان وذهبا معا اخذت
سومان تبكي و تطلب من والدتها الصفح و العفو عنها ،وانها قد زاقت كأس
الياس و الحزن قد تجرعت االهات و الويالت و زوجها صامت رغم كل ذلك كي ال
يكدر خاطرها هي تعلم انه يريد ان يكون لديه اطفاال ولكن هو يخشي ان يزعج
سومان بذلك و يغضبها ،اخذت تبكي سومان ثم نامت بجانب قبر والدتها ثم
استيقظت علي صوت والدتها يناديها هيا يا سومان افيقي حين فتحت عيناها
علمت انها كانت تحلم شكرت ربها ان ذلك كان حلما ولكنها عزمت االمر علي بر
والدتها قبل ان تفارقها.