You are on page 1of 17

Journal of Islamic Sciences ‫مجلة العلوم اإلسالمية‬

Volume (4), Issue (1): 30 Mar 2021 ‫م‬2021 ‫ مارس‬30 :)1( ‫ العدد‬،)4( ‫املجلد‬
P: 70 - 86 86 - 70 :‫ص‬
ISSN: 2664- 4347

The concept of tourism in the Holy Quran: An objective study


Nussaiba Abdelrahim Mohamed
College of Sharia and Regulations || University of Tabuk || KSA
Abstract: Tourism is one of the things that society is hardly devoid of, and it is one of the things that benefit society, as well
as it has goals and objectives that distinguish it, but in spite of that it lacks a statement of some of what surrounds it and
correct some understanding of it, and a statement of its purposes and the desired benefits, and enumerate Its forms, which
vary according to time, place and reason, so we find that the Noble Qur’an mentioned the term tourism in a number of its
verses, as well as some terms that carry its meaning and indicate it, such as striking on the ground,�traveling and walking
from one place to another place, all of which means movement for a purpose and demand, and man reaps from There are
many outcomes behind this, as it is in its scientific and linguistic sense indicating that it is one of the permissible matters
with its various legitimate reasons bearing upon it. Through this research, we want to show its benefits, purposes, and
judgment according to the analytical and deductive approach through the interpretation of the verses of the Holy Quran in
which the term tourism and its synonyms were mentioned, and what these verses give him evidence and clarify the
instructions and judgment that he brought about, and motivate them to tourism on earth and encourage it to a degree It
amounts to linking it to the faith in terms of contemplating the creation of God, calling to God, contemplation, drawing
lessons and lessons, and achieving the content of the message reaching the whole world, and among the most prominent
results of this study is that it concluded with a number of items, namely: that the acquisition of livelihood and knowledge is
guaranteed by the Creator, the Almighty, but Diligence and efforts must be made to obtain it in all permissible forms. Also,
contemplation and contemplation of the creatures of God Almighty and standing on the effects of nations are among the
things that strengthen the bonds of the servant's attachment to his Creator. Whereas, the Islamic religion does not prevent
recreation and recreation in a way that suits Islamic principles, but rather makes it one of the inevitable tasks so that souls
are not tired and resorted to despondency and despair because of the hardships and worries they encounter in the course of
their lives. Finally, the economic tourism returns are well known to us, as it brings abundant benefit to the country and its
residents by raising the standard of living as it is a source of income that has a large return that develops the economy.
Keywords: Tourism, The concept of tourism purposes, The benefits.

‫ دراسة موضوعية‬:‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬


‫نسيبة عبد الرحيم محمد‬
‫كلية الشريعة واألنظمة || جامعة تبوك || اململكة العربية السعودية‬
‫ كما ولها أهداف ومرامي‬،‫ وهي من األمور التي تعود على املجتمع بالنفع‬،‫ السياحة من األمور التي ال يكاد يخلو منها مجتمع‬:‫امللخص‬
،‫ وبيان أغراضها والفوائد املرجوة منها‬،‫ لكن بالرغم من ذلك تفتقد إلى بيان بعض ما يحيط بها وتصحيح فهم البعض عنها‬،‫تميزها‬
‫ فنجد أن القرآن الكريم ذكر مصطلح السياحة في عدد من آياته وكذلك‬،‫وتعداد أشكالها التي تتنوع باختالف الزمان واملكان والسبب‬
‫ وكلها تعني‬،‫ مثل الضرب في األرض والسفر واالرتحال والسير من موضع إلى موضع آخر‬،‫بعض املصطلحات التي تحمل معناها وتدلل عليه‬
‫ فهي بمفهومها العلمي واللغوي تدل على أنها أمر من األمور‬،‫التنقل ألجل غاية ومطلب ويجني اإلنسان من وراء ذلك محصالت جمة‬

DOI: https://doi.org/10.26389/AJSRP.N121220 )70( Available at: https://www.ajsrp.com


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫الجائزة بمختلف أسبابها املشروعة الحاملة عليها‪ .‬ومن خالل هذا البحث نريد أن نبين فوائدها وأغراضها وحكمها وفق املنهج التحليلي‬
‫االستنباطي من خالل تفسير آيات الذكر الحكيم التي ورد فيها ذكر مصطلح السياحة ومرادفاتها‪ ،‬وما تهدي له هذه اآليات البينات‬
‫وتوضيح ما جاء بها من ارشادات وحكم‪ ،‬وتحفيزها على السياحة في األرض والحث عليها بدرجة ترقى إلى ربطها بالعقيدة من حيث التفكر‬
‫في خلق هللا والدعوة هلل والتأمل واستخالص الدروس والعبر‪ ،‬وتحقيق وصول مضمون الرسالة إلى كل العالم‪ ،‬ومن أبرز نتائج هذه‬
‫الدراسة أنها خلصت إلى عدد من البنود وهي‪ :‬أن اكتساب الرزق والعلم أمر مكفول من الخالق عز وجل‪ ،‬لكن ال بد من االجتهاد والسعي‬
‫لتحصيله بكافة األشكال املباحة؛ كما أن التفكر والتدبر في مخلوقات هللا تعالى والوقوف على آثار األمم من األمور التي تقوي من أواصر‬
‫تعلق العبد بخالقه؛ وحيث إن الدين اإلسالمي لم يمنع الترفيه والترويح عن النفس بما يناسب املبادئ اإلسالمية‪ ،‬بل يجعله من املهمات‬
‫ً‬
‫املحتمة حتى ال تكل األنفس وتلجأ للقنوط واليأس بسبب ما تالقيه في مسيرة حياتها من مشاق وهموم‪ .‬وأخيرا ال يخفى علينا املردود‬
‫السياحي االقتصادي حيث تعود بالنفع الوفير للبلد وقاطنيه من رفع مستوى املعيشة باعتبار انها مصدر دخل له عائد كبير ينمي‬
‫االقتصاد‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬السياحة‪ ،‬مفهوم أغراض السياحة‪ ،‬الفوائد‪.‬‬

‫املقدمة‪.‬‬
‫ينظر كثير من الناس إلى السياحة على أنها مخالفة للشريعة اإلسالمية وفيها الفسوق والعصيان وما يغضب‬
‫هللا‪ ،‬وهذه النظرة خاطئة حيث إن في السياحة املحمود النافع؛ وفيها املنبوذ الضار‪ ،‬فإذا انضبطت األعمال‬
‫واملعامالت السياحية بأحكام الشريعة اإلسالمية؛ تحولت إلى عبادة‪ ،‬ويكون فيها الخير والنفع ولكن إذا انحرفت عن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شرع هللا؛ أصبحت شرا وضررا وكل ما يأتي منها من كسب ومال ممحوق‪.‬‬
‫ً‬
‫ولقد تبين من دراسة الفكر والتراث اإلسالمي؛ أن لها أصوال وحث اإلسالم عليها‪ ،‬كما استنبط الفقهاء‬
‫الضوابط الشرعية لها‪ ،‬وهذا يوجب علينا نحن املسلمين إبرازه للناس حتى ينتفعوا بخيرها ويتجنبوا شرها‪.‬‬

‫أ‪ -‬مشكلة البحث‪:‬‬


‫نواح تفسيرية مفصلة‬
‫مشكلة هذا البحث تتلخص في ندرة املراجع التي تناولت موضوع هذه الورقة من ٍ‬
‫ً‬
‫موضوعها تفصيال شامال‪ ،‬وألن السياحة موضوع حيوي‪ ،‬يكاد يكون جميع البشر يقومون به باختالف أشكال‬
‫السياحة أو نوعها‪ ،‬واملفهوم السائد عنها بأنها قد تكون فيها ما يخالف شريعة هللا ومنهاجه‪ ،‬كان ال بد من إزالة‬
‫اإلشكال الذي يدور حولها وتوضيح أسبابها وبيان ثمرتها‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫الدراسة املوضوعية للسياحة في القرآن بالوقوف على اآليات وتفسيرها وبيان مفهومها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫توضيح أغراض السياحة والفوائد املرجوة منها‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫بيان حكمها الشرعي‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫إزالة ما يدور حول السياحة بأنه نشاط غير محبوب أو ترفيهي فقط؛ وبيانه‪ ،‬من خالل بيان اإلرشاد الذي‬ ‫‪.4‬‬
‫صاغته اآليات لتحصيل هذه الفوائد واألغراض‪.‬‬

‫ج‪ -‬أهمية البحث‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ .1‬السياحة باعتبارها نشاط قديم متجدد زمانا بعد زمان‪ ،‬ألسباب متعددة‪ ،‬بوسائل مختلفة‪ ،‬إلى جهات وأماكن‬
‫شتى‪ ،‬وفي غالبها أنشطة ضرورية تشبع حاجات اإلنسان وتحقق آماله‪ ،‬نشأت منذ أن بدأ اإلنسان ينظر ويتدبر‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)71‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ً‬
‫ليرى أن احتياجاته في املكان الذي يقيم فيه دائما‪ ،‬ال تكفيها اإلمكانيات املتوافرة بهذا املكان‪ ،‬فيبدأ يبحث عنها في‬
‫أماكن أخرى يستطيع أن يذهب اليها ويعود بما يعود عليه وعلى غيره بالنفع‪.‬‬
‫‪ .2‬للسياحة أغراضها املختلفة‪ ،‬سواء كانت من أجل التجارة‪ ،‬أو لتلقى العلوم‪ ،‬أو لقضاء العطالت املوسمية أو ألداء‬
‫املناسك الدينية‪ :‬السياحة الدينية‪ ،‬والسياحة العالجية‪ ،‬والرياضية‪ ،‬والترفيهية‪ ،‬وحسب تنوع أشكالها فردية‬
‫كانت أو مجموعات وعائالت‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .3‬ومن األهمية بمكان المتثال أمر هللا عز وجل للسير في األرض للنظر واالعتبار تفكرا وتدبرا‪ .‬واتعاظا بأحوال األمم‬
‫السابقة‪.‬‬

‫د‪ -‬منهج البحث‪:‬‬


‫اعتمدت في هذه الدراسة على املنهج التحليلي االستنباطي وذلك بالتدبر في اآليات القرآنية الكريمة التي تدعو‬
‫إلى السياحة والسير في األرض وبيان معاني مسمياتها‪ ،‬وكشف القناع عنها‪ ،‬وبيان فوائدها وتوجيهاتها‪ ،‬باالستعانة‬
‫بأمهات كتب التفسير‪ ،‬وكتب اللغة‪ ،‬والكتب ذات العالقة بالبحث‪.‬‬

‫ه‪ -‬الدراسات السابقة‪:‬‬


‫اطلعت على عدد من البحوث التي تناولت هذا املوضوع السياحة منها‪:‬‬
‫‪ .1‬رسالة ماجستير بعنوان أثر السياحة العالجية على االقتصاد الوطني في االردن دراسة ميدانية من وجهة نظر‬
‫العاملين في قطاع السياحة – إعداد الباحث فادي محمد السحيمات‪.2014:‬‬
‫‪ .2‬اإلعالم السعودي وتأثيره على السياحة الداخلية رسالة ماجستير في اإلعالم واالتصال مقدمة لألكاديمية العربية‬
‫املفتوحة الدنمارك‪ ،‬من اعداد‪ :‬سعيد محمد باقر الرمضان ‪2011‬م‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .3‬دور مقومات الجذب السياحى فى النهوض بالسياحة‪ :‬التجربة التونسية نموذجا‪ ،‬إعداد‪ :‬ناصيرة بلخضر ‪.2017‬‬
‫‪ .4‬إبراز العالقة بين السياحة والتنمية املستدامة مع محاولة نمذجة البعد االقتصادي للسياحة املستدامة في‬
‫الجزائر للفترة ‪ .2016 – 1995‬إعداد‪ :‬محمد ساحل ‪.2018‬‬
‫‪ .5‬أحكام السياحة وآثارها (دراسة شرعية مقارنة) رسالة ماجستير‪ ،‬إعداد هاشم بن محمد بن حسن ناقور‪ ،‬العام‪:‬‬
‫‪1422‬هـ‬
‫‪ .6‬كما كتبت ونشرت الباحثة عن هذا املوضوع من الناحية الفقهية‪ ،‬السياحة وآفاقها الفقهية‪ ،‬مجلة البحوث‬
‫العلمية ‪.2017‬‬
‫مناح مختلفة؛ كان من بينها تناولها من‬‫حيث تناولت البحوث واملوضوعات السابقة موضوع السياحة وفق ً ٍ‬
‫ناحية إبراز مقومات الجذب السياحي‪ ،‬أو بيان لبعض أنواعها التي يكون لها بعدا تنموي اقتصادي‪ ،‬أو بيان للنواحي‬
‫الفقهية؛ وكان تناولي ملوضوع هذا البحث لبيانه من ناحية تفسير آيات القرآن الواردة فيها مفردة السياحة ومرادفاتها‬
‫ُ‬
‫من السير والضرب في األرض‪ ،‬من خالل الوقوف على أمهات كتب التفسير‪ ،‬لبيان أهدافها ومراميها والفائدة التي تجنى‬
‫منها وأحكامها الشرعية والهدي التي أشارت إليه اآليات‪ ،‬بعد تعريف مصطلحاتها من ناحية لغوية واصطالحية‪،‬‬
‫واستخالص الفوائد والتوجيهات واألغراض املرجوة من ذلك‪.‬‬

‫و‪ -‬خطة البحث‪:‬‬


‫وقد سرت في بحثي هذا حسب الخطة التالية‪:‬‬
‫‪ ‬املقدمة‪ :‬وتضمنت ما تقدم‪.‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)72‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫‪ ‬املبحث األول‪ :‬مفهوم السياحة في املنظور اللغوي واالصطالحي‪.‬‬


‫‪ ‬املبحث الثاني‪ :‬آيات السياحة في القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ ‬املبحث الثالث‪ :‬حكم السياحة واألغراض والفوائد املرجوة من السياحة‪.‬‬
‫‪ ‬الخاتمة‪ :‬وفيها النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مفهوم السياحة في املنظور اللغوي واالصطالحي‬


‫وتحته املطالب التالية‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم السياحة في اللغة‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املفهوم االصطالحي للسياحة‬

‫املطلب األول‪ :‬مفهوم السياحة في اللغة‬


‫السياحة من سيح‪ :‬السيح‪ :‬املاء الظاهر الجاري على وجه األرض‪ ،‬وفي التهذيب‪ :‬املاء الظاهر على وجه األرض‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وجمعه سيوح‪ .‬وقد ساح يسيح سيحا وسيحانا إذا جرى على وجه األرض‪ .‬وماء سيح وغيل إذا جرى على وجه األرض‪،‬‬
‫وجمعه أسياح‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والسياحة‪ :‬الذهاب في األرض للعبادة والترهب؛ ساح في األرض يسيح سياحة وسيوحا وسيحا وسيحانا أي‬
‫ذهب؛ وقيل املراد بالسياحة مفارقة األمصار والذهاب في األرض‪ ،‬وأصله من سيح املاء الجاري؛ وقيل‪ :‬أراد مفارقة‬
‫األمصار وسكنى البراري وترك شهود الجمعة والجماعات؛ وقيل‪ :‬أراد الذين يسعون في األرض بالشر والنميمة واإلفساد‬
‫بين الناس؛ وقد ساح‪ ،‬ومنه املسيح ابن مريم‪ -‬عليهما السالم‪ -‬في بعض األقاويل‪ :‬كان يذهب في األرض فأينما أدركه‬
‫الليل صف قدميه وصلى حتى الصباح (‪.)1‬‬
‫ومنها (إن هلل تعالى مالئكة سياحين) (‪ )2‬يقال ساح في األرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها أصله من السيح‬
‫وهو املاء الجاري املنبسط (‪.)3‬‬
‫واملساييح في حديث على كرم هللا وجهه في قوله‪ " :‬أولئك مصابيح الدجى‪ ،‬ليسوا باملذاييع وال املساييح البذر‬
‫"‪ ،‬فإن املذاييع جمع مذياع‪ ،‬وهو الذي يذيع السر ال يكتمه‪ .‬واملساييح‪ ،‬هم الذين يسيحون في األرض بالنميمة والشر‬
‫واإلفساد بين الناس‪ .‬ومما يدل على صحة هذا القياس قولهم ساح الظل‪ ،‬إذا فاء‪ .‬والسيح‪ :‬العباءة املخططة‪ .‬وسمي‬
‫بذلك تشبيها لخطوطها بالش يء الجاري (‪.)4‬‬
‫والسيح أيضا‪ :‬ضرب من البرود‪ .‬وبرد مسيح ومسير‪ ،‬أي مخطط‪ .‬وعباءة مسيحة (‪.)5‬‬
‫من خالل دراسة معنى السياحة في مختلف كتب اللغة نجد أنها ٌتطلق على عدد من املعاني منها؛ املسير أو‬
‫الجريان؛ والحركة واالنتقال من مكان إلى آخر‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪316/7 -‬‬


‫(‪( )2‬عن ابن مسعود) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح قال الحافظ العراقي الحديث متفق عليه‬
‫دون قوله سياحين‬
‫(‪ )3‬املناوي‪ ،‬محمد عبد الرؤوف‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير‪( ٦٠٨ /٢ ،‬بتصرف يسير)‬
‫(‪)4‬ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة ‪120 /3‬‬
‫(‪ )5‬الجوهري‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ‪377/ 1‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)73‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املفهوم االصطالحي للسياحة‬


‫السياحة مأخوذة من (ساح املاء سياحة) إذا جرى على وجه األرض وذهب‪ .‬واستعملت في اإلنسان بمعنى‪:‬‬
‫ذهب في األرض للعبادة أو الترهب‪ ،‬أو لغير غرض‪ .‬وقد صار مصطلح السياحة في هذا الزمان يعني‪ :‬التنقل من بلد إلى‬
‫طلبا للتنزه‪ ،‬أو االستطالع والكشف (‪.)6‬‬‫بلد ً‬
‫وللعلماء في بيان معنى السياحة أقوال‪ ،‬وكلها تدل على ارتقاء اإلسالم إلى معالي األمور‪ ،‬وبناء األمة على مكارم‬
‫األخالق‪ ،‬وجميل الخصال‪.‬‬
‫فسر السياحة بالسفر في طلب العلم‪ ،‬فيرتحلون من أجله‪ ،‬ويشدون الرحال في طلبه‪ ،‬من أجل ثني‬ ‫فمنهم من ّ‬
‫الركب لدى العلماء والتلقي عنهم واالستفادة منهم‪.‬‬
‫قيل السائحون‪" :‬هم طلبة العلم"‪ ،‬وفسرها بعضهم بالجهاد في سبيل هللا تعالى‪ .‬فهم يسيحون ألجل رافع راية‬
‫الدين‪ ،‬وإعالء كلمة املسلمين‪ ،‬وإزالة الذل والهوان عن عباد هللا املستضعفين‪ ،‬إنهم يسيحون لبلوغ ذروة سنام‬
‫اإلسالم‪ ،‬وفسرها بعضهم بالصيام‪ .‬وعن سفيان بن عيينة قال‪" :‬إنما سمي الصائم السائح ألنه تارك للذات الدنيا‬
‫كلها من املطعم واملشرب واملنكح فهو تارك للدنيا بمنزلة السائح"‪ .‬وفسرها بعضهم باملداومة على فعل الطاعات‪.‬‬
‫وفسرها بعضهم بالهجرة(‪.)7‬‬
‫وكان جواب السائل استأذن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في السياحة في زمن تعين فيه الجهاد فكان‬
‫الجواب أن السياحة ليست هي مفارقة الوطن وهجر املألوفات وترك اللذة والجمعة والجماعات والذهاب في األرض‬
‫وترك النكاح للتخلي للعبادة بل هي (الجهاد في سبيل هللا) أي قتال الكفار بقصد إعالء كلمة الجبار‪.‬‬
‫أما السياحة في الفلوات واالنسالخ عن رعونات النفس وتجرع فرقة الوطن واألهل والغربة ملن يصبر على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذلك محتسبا قاطعا من قبله العالئق الشاغلة من غير تضييع من يعوله ففضلها ال ينكر (‪.)8‬‬
‫بالسفر في طلب العلم‪ّ ،‬‬ ‫وفسرت ّ‬ ‫بالصيام‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وف ّسرت ّ‬ ‫ُ‬
‫وفسرت‬ ‫السياحة‬ ‫قال ابن القيم رحمه هللا تعالى‪ِّ " :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطاعة‪ّ .‬‬
‫ومحبته‪ ،‬واإلنابة إليه‪ ،‬والشوق إلى‬ ‫ّ‬ ‫والتحقيق فيها ّأنها‪ :‬سياحة القلب في ذكر هللا‪،‬‬ ‫بالجهاد‪ّ ،‬‬
‫وفسرت بدوام‬
‫لقائه " (‪.)9‬‬
‫ً‬
‫ومض ى على ذلك املسلمون في عصور االزدهار والعزة حتى كانوا ال يرون أن هناك سفرا إال للغزو في سبيل‬
‫هللا أو الحج أو طلب العلم وكل ذلك من الجهاد‪.‬‬
‫ُ‬
‫فقد رحل جابر بن عبد هللا رض ي هللا عنهما مسيرة شهر كامل إلى عبد هللا بن أنيس‪ ،‬وذلك في طلب حديث‬
‫ٌ‬
‫واحد‪ ،‬يقول جابر رض ي هللا عنه‪" :‬بلغني عن رجل من أصحاب النبي ‪ ‬حديث سمعه من رسول هللا ‪ ‬فاشتريت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بعيرا ثم شددت رحلي‪ ،‬فسرت إليه شهرا حتى قدمت الشام "‪ .‬هكذا كان حرص الصحابة على تحصيل السنن‬
‫أصيال من حياتهم العلمية‪ ،‬وقد لقي ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الرحالون في‬ ‫النبوية‪ ،‬لقد صارت هذه الرحالت لدى العلماء السابقين جزءا‬
‫أسفارهم متاعب ومصاعب‪ ،‬وشدائد ال تحص ى‪ُ ،‬د ّون بعضها‪ ،‬وذهب بعضها دون تدوين‪.‬‬
‫ولقد سار‪ -‬على سبيل املثال‪ -‬محمد بن إدريس الرازي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬على قدميه ألف فرسخ (‪)10‬؛ هذا ما كان‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مل و ترك العد‪ ،‬يقول رحمه هللا تعالى‪ّ ":‬أما ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد فما أحص ي كم مرة‪،‬‬ ‫يعده‪ ،‬ثم ّ‬

‫(‪ )6‬مصطفى ـ الزيات ـ املعجم الوسيط‪.467/1 ،‬‬


‫ّ‬
‫الجاهلي‪ -‬ص ‪19‬‬ ‫واملفهوم‬ ‫ّ‬
‫اإلسالمي‬ ‫املفهوم‬ ‫السياحة َ‬
‫ُبين‬ ‫(‪ )7‬الشحود‪ -‬بحث ّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫(‪ .)8‬املناوي‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير – مرجع سابق ‪٥٧٥/ ٢‬‬
‫(‪ )9‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬حادي االرواح إلى بالد االفراح ‪169/1‬‬
‫(‪ )10‬الفرسخ ثالثة أميال‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)74‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ً‬
‫ومن مكة إلى املدينة مرات كثيرة‪ ،‬وخرجت من البحر من قرب مدينة سال‪ -‬وذلك في املغرب األقص ى‪ -‬إلى مصر ماشيا‪،‬‬
‫ً‬
‫ومن مصر إلى الرملة ماشيا‪ ،‬ومن الرملة إلى بيت املقدس‪ ،‬ومن الرملة إلى عسقالن‪ -‬ومن الرملة إلى طبرية‪ ،‬ومن طبرية‬
‫إلى دمشق‪ ،‬ومن دمشق إلى حمص‪ ،‬ومن حمص إلى أنطاكية‪ ،‬ومن أنطاكية إلى طرسوس‪ ،‬ثم رجعت من طرسوس إلى‬
‫حمص‪ ،‬وكان بقي على ش يء من حديث أبي اليمان فسمعته‪ ،‬ثم خرجت من حمص إلى بيسان‪ ،‬ومن بيسان إلى الرقة‪،‬‬
‫ً‬
‫ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد‪ ،‬وخرجت إلى الشام من واسط إلى النيل‪ ،‬ومن النيل إلى الكوفة‪ ،‬كل ذلك ماشيا‪،‬‬
‫هذا في سفري األول وأنا ابن عشرين سنة‪ ،‬أجول سبع سنين" (‪.)11‬‬
‫مما سبق يتضح لنا أن السياحة‪ -‬على اختالف تفسير العلماء لها – تعني الجهاد والصيام والحج والسفر في‬
‫طلب العلم ومشاهدة اآلثار‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬آيات السياحة في القرآن الكريم‬

‫املطلب األول‪ :‬اآليات التي تناولت السياحة وتفسيرها‬


‫ُ‬
‫السياحة من املفردات التي ذكرت في القرآن الكريم في عدد من املواضع وهي‪ :‬آيتان من سورة التوبة وآية في‬
‫سورة التحريم‪ ،‬وكلها تأتي بمعنى السير في األرض‪ ،‬وتأتي بمعنى الصيام والجهاد في سبيل هللا؛ وفيما يلي نذكر اآليات‬
‫التي ورد فيها ذكر السياحة بألفاظها املختلفة‪ ،‬ومعانيها املرادة في كل سياق من سياق اآليات التي وردت بها‪:‬‬
‫م َ م َ م َ َ َ َ م ُ َ م َُ‬ ‫َّ َ َ َ ُّ ّ َ م ُ م َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ٌ ّ َ َّ َ َ ُ‬
‫ض أربعة أشه ٍر واعلموا‬ ‫قال تعالى‪ :‬بر َاءة ِّمن الل ِّه ورس ِّول ِّه إلى ال ِّذين عاهدتم ِّمن املش ِّر ِّكين *ف ِّسيحوا ِّفي األر ِّ‬
‫الل َه ُم مخزي مال َكافر َ‬ ‫َّ َ َّ َّ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ين‪[ ‬التوبة‪]2 -1 :‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أ َّنك مم غ مي ُر ُم مع ِّج ِّزي الل ِّه ۙ وأن‬
‫َ َّ َ‬
‫الن ُاهون َع ِّن‬ ‫َ مَ م‬ ‫َّ ُ َ م َ ُ َ م َ ُ َ َّ ُ َ َّ ُ َ َّ ُ َ م‬
‫وف و‬‫الس ِّاجدون اآل ِّم ُرون ِّباملع ُر ِّ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬التا ِّئبون الع ِّابدون الح ِّامدون السا ِّئحون الر ِّاكعون‬
‫ّ مُم‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫مُ َ م‬
‫املنك ِّر َوال َحا ِّفظون ِّل ُح ُد ِّود الل ِّه ۗ َو َب ِّش ِّر املؤ ِّم ِّن َين‪[ .‬التوبة‪]112 :‬‬
‫ات‬ ‫ات ع ِّابد ٍ‬
‫ِّ ٍ ِّ ٍ ِّ ٍ‬ ‫ِّ ٍ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬ع َس ى َرُّب ُه إ من َط َّل َق ُك َّن َأ من ُي مبد َل ُه َأ مز َو ً‬
‫اجا َخ مي ًرا م من ُك َّن ُم مسل َمات ُم مؤم َنات َقان َتات َتائ َب َ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ َ‬ ‫َسائ َح َ ّ‬
‫ات َوأ مبكا ًرا‪[ ‬التحريم‪]5 :‬‬ ‫ات ث ِّي َب ٍ‬ ‫ِّ ٍ‬

‫النواحي التفسيرية لآليات التي تناولت السياحة‬


‫قال تعالى‪:‬‬
‫م َ م َ م َ َ َ َ م ُ َ م َ ُ َ َّ ُ م م َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ ُّ ّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ََ ٌَ ّ َ‬
‫ض أربعة أشه ٍر واعلموا أنكم غير‬ ‫‪‬براء َة ِّمن الل ِّه ورس ِّول ِّه إلى ال ِّذين عاهدتم ِّمن املش ِّر ِّكين *ف ِّسيحوا ِّفي األر ِّ‬
‫ين‪ ‬سورة التوبة ‪2 -1‬‬ ‫الل َه ُم مخزي مال َكافر َ‬
‫َّ َ َّ َّ‬
‫ُم مع ِّج ِّزي الل ِّه ۙ وأن‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اختلف أهل التأويل فيمن َب ِّر َئ هللا ورسوله إليه من العهد الذي كان بينه وبين رسول هللا من املشركين‪،‬‬
‫فأذن له في السياحة في األرض أربعة أشهر‪.‬‬
‫أقل من أربعة‬ ‫فقال بعضهم‪( :‬هم صنفان من املشركين‪ :‬أحدهما كانت مدة العهد بينه وبين رسول هللا ‪َّ ‬‬
‫فق ِّصر به على أربعة أشهر ليرتاد‬ ‫وأمهل بالسياحة أربعة أشهر‪ ،‬واآلخر منهما‪ :‬كانت مدة عهده بغير أجل محدود‪ُ ،‬‬ ‫م‬
‫أشهر‪ِّ ،‬‬
‫ويؤس ُر‪ ،‬إال أن يتوب)‪.‬‬ ‫لنفسه‪ ،‬ثم هو حرب بعد ذلك هلل ولرسوله وللمؤمنين‪ ،‬يقتل حيثما أدرك َ‬
‫(براءة من هللا ورسوله) إلى الذين عاهدتم من املشركين) أي‪ :‬ألهل العهد العام من أهل الشرك من‬
‫ُ‬ ‫مُ م‬ ‫َ َّ‬
‫العرب((فسيحوا في األرض أربعة أشهر)‪ ،‬إلى قوله‪  :‬أ َّن الل َه َب ِّري ٌء ِّم َن املش ِّر ِّك َين َو َر ُسول ُه‪ ‬أي‪ :‬بعد هذه الحجة‪ ،‬وقال‬

‫ّ‬
‫الجاهلي – مرجع سابق ‪(10 -9 /487‬بتصرف يسير)‬ ‫واملفهوم‬ ‫ّ‬
‫اإلسالمي‬ ‫املفهوم‬ ‫السياحة َ‬
‫ُبين‬ ‫(‪ّ )11( )11‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)75‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫آخرون‪ :‬بل كان إمهال هللا عز وجل بسياحة أربعة أشهر‪ ،‬ملن كان من املشركين بينه وبين رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم عهد‪ ،‬فأما من لم يكن له من رسول هللا عهد‪ ،‬فإنما كان أجله خمسين ليلة‪ ،‬وذلك عشرون من ذي الحجة‬
‫واملحرم كله‪ .‬وأما قوله ‪(:‬فسيحوا في األرض أربعة أشهر(‪ ،‬فإنه يعني‪ :‬فسيروا فيها مقبلين ومدبرين‪ ،‬آمنين غير خائفين‬
‫وس َي ً‬
‫حانا (‪.)12‬‬ ‫وحا‪َ .‬‬ ‫وس ُي ً‬‫من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأتباعه‪.‬قال منه‪" :‬ساح فالن في األرض يسيح‪ ،‬سياحة‪ُ .‬‬
‫ورد في تفسير القرطبي؛ في تفسير قوله تعالى‪( :‬فسيحوا)‪(:‬رجع من الخبر إلى الخطاب) أي قل لهم‪ :‬سيحوا‪ ،‬أي‬
‫ً‬
‫سيروا في األرض مقبلين ومدبرين‪ ،‬آمنين غير خائفين أحدا من املسلمين؛ بحرب وال سلب وال قتل وال أسر‪ .‬يقال ساح‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فالن في األرض يسيح سياحة وسيوحا وسيحانا‪ ،‬ومنه السيح في املاء الجاري املنبسط (‪.)13‬‬
‫ألجل عينته‬ ‫ومن خالل سياق اآلية واالرشاد فيها إلى أمر السياحة نجد أنها املراد بها هنا السير في األرض‪ٍ ،‬‬
‫ضرب بينهم وبين املسلمين‪.‬‬ ‫اآلية الكريمة‪ ،‬وهي فترة إمهال املشركين بسبب العهد الذي ُ‬
‫َ َّ َ‬
‫الن ُاهون َع ِّن‬ ‫َ مَ م‬ ‫َّ ُ َ م َ ُ َ م َ ُ َ َّ ُ َ َّ ُ َ َّ ُ َ م‬
‫وف و‬ ‫الس ِّاجدون اآل ِّم ُرون ِّباملع ُر ِّ‬ ‫قال تعالى‪ :‬التا ِّئبون الع ِّابدون الح ِّامدون السا ِّئحون الر ِّاكعون‬
‫ّ مُم‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫مُ َ م‬
‫املنك ِّر َوال َحا ِّفظون ِّل ُح ُد ِّود الل ِّه ۗ َو َب ِّش ِّر املؤ ِّم ِّن َين‪ ‬سورة التوبة ‪112‬‬
‫ات‬ ‫اجا َخ مي ًرا م من ُك َّن ُم مسل َمات ُم مؤم َنات َقان َتات َتائ َب َ َ‬
‫ات ع ِّابد ٍ‬ ‫ِّ ٍ ِّ ٍ ِّ ٍ‬ ‫ِّ ٍ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬ع َس ى َرُّب ُه إ من َط َّل َق ُك َّن َأ من ُي مبد َل ُه َأ مز َو ً‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ات َوأ مبك ًارا‪‬سورة التحريم ‪5‬‬ ‫َسا ِّئحا ٍت ث ِّي َب ٍ‬
‫السا ِّئ ُحون) هذا نعت املؤمنين الذين اشترى هللا منهم أنفسهم وأموالهم بهذه‬
‫َ‬ ‫(التا ِّئ ُبو َن مال َعاب ُدو َن مال َحام ُدو َن َّ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الصفات الجميلة والخالل الجليلة‪ ):‬التائبون) من الذنوب كلها‪ ،‬التاركون للفواحش‪) ،‬العابدون )أي‪ :‬القائمون بعبادة‬
‫ربهم محافظين عليها‪ ،‬وهي األقوال واألفعال فمن أخص األقوال الحمد؛ فلهذا قال ‪):‬الحامدون( ومن أفضل األعمال‬
‫الصيام‪ ،‬وهو ترك املالذ‪ ،‬وهو املراد بالسياحة هاهنا؛ ولهذا قال‪( :‬السائحون( كما وصف أزواج النبي صلى هللا عليه‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ات) أي‪ :‬صائمات‪ ،‬وكذا الركوع والسجود‪ ،‬وهما عبارة عن الصالة‪ ،‬ولهذا‬ ‫ات َسا ِّئح ٍ‬ ‫وسلم بذلك في قوله تعالى)‪:‬ع ِّابد ٍ‬
‫قال)‪:‬الراكعون الساجدون( وهم مع ذلك ينفعون خلق هللا‪ ،‬ويرشدونهم إلى طاعة هللا بأمرهم باملعروف ونهيهم عن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املنكر‪ ،‬مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه‪ ،‬وهو حفظ حدود هللا في تحليله وتحريمه‪ ،‬علما وعمال فقاموا بعبادة‬
‫الحق ونصح الخلق؛ ولهذا قال‪( :‬وبشر املؤمنين)ألن اإليمان يشمل هذا كله‪ ،‬والسعادة كل السعادة ملن اتصف به‪.‬‬
‫وقيل‪( :‬السائحون) الصائمون‪ ،‬عن ابن عباس‪( :‬كل ما ذكر هللا في القرآن السياحة هم الصائمون)‪ .‬وقيل إن‬
‫السياحة الجهاد‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هم طلبة العلم‪ .‬وقيل‪ :‬هم املهاجرون‪ .‬وليس املراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد‬
‫السياحة في األرض‪ ،‬والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري‪ ،‬فإن هذا ليس بمشروع إال في أيام الفتن (‪.)14‬‬
‫وجاء في تفسير الشوكاني في تعريف السائحون قيل‪(:‬هم الصائمون)‪ ،‬وإليه ذهب جمهور املفسرين‪ ،‬ومنه‬
‫قوله تعالى ‪):‬عابدات سائحات) وإنما قيل‪ :‬للصائم سائح‪ ،‬ألنه يترك امللذات كما يتركها السائح في األرض‪ ،‬وقيل‪ :‬إنهم‬
‫الذين يديمون الصيام‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬السائحون‪( :‬املجاهدون)‪ .‬وقيل‪( :‬هم الذين يسافرون لطلب الحديث والعلم)‪ ،‬وقيل‪( :‬هم الجائلون‬
‫بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر) (‪.)15‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ات) سائحات فيه وجهان‪:‬‬ ‫ات َسا ِّئح ٍ‬ ‫وقوله تعالى (ع ِّابد ٍ‬

‫(‪ )12‬الطبري‪ ،‬تفسير الطبري ‪92/ 14‬و‪113‬‬


‫(‪ )13‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪6/1‬‬
‫(‪ )14‬ابن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم ‪193 /4‬‬
‫(‪ )15‬الشوكاني‪ -‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية ‪601/ 1‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)76‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ً‬
‫أحدهما‪ :‬صائمات‪ ،‬وقيل‪ :‬سمي الصائم سائحا ألنه كالسائح في السفر بغير زاد‪ .‬وقيل للصائم سائح ألن الذي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان يسيح في األرض متعبدا ال زاد معه كان ممسكا عن األكل‪ ،‬والصائم يمسك عن األكل‪ ،‬فلهذه املشابهة سمي‬
‫ً‬
‫الصائم سائحا‪ ،‬وإن أصل السياحة االستمرار على الذهاب في األرض كاملاء الذي يسيح‪ ،‬والصائم مستمر على فعل‬
‫الطاعة وترك املشتهى‪ ،‬وهو األكل والشرب والوقاع‪ .‬وفيه وجه آخر وهو أن اإلنسان إذا امتنع عن األكل والشرب‬
‫والوقاع وسد على نفسه أبواب الشهوات انفتحت عليه أبواب الحكم وتجلت له أنوار املتنقلين من مقام إلى مقام ومن‬
‫درجة إلى درجة فتحصل له سياحة في عالم الروحانيات‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬مهاجرات ألنهن بسفر الهجرة سائحات‪ ،‬قاله زيد بن أسلم ‪.)16( ‬‬
‫ثم وصف األزواج الالتي كان يبدله هللا فقال‪( :‬مسلمات( أي خاضعات هلل بالطاعة )مؤمنات) مصدقات‬
‫بتوحيد هللا تعالى مخلصات (قانتات( طائعات‪ ،‬وقيل‪( :‬قائمات بالليل للصالة‪ ،‬وهذا أشبه؛ ألنه ذكر السائحات بعد‬
‫هذا والسائحات الصائمات‪ ،‬فلزم أن يكون قيام الليل مع صيام النهار)‪ ،‬وقرئ (سيحات)‪ ،‬وهي أبلغ وقيل للصائم‪:‬‬
‫ً‬
‫سائح ألن السائح ال زاد معه‪ ،‬فال يزال ممسكا إلى أن يجد من يطعمه فشبهه بالصائم الذي يمسك إلى أن يجيء وقت‬
‫(‪)17‬‬
‫إفطاره‪ ،‬وقيل‪( :‬سائحات‪ :‬مهاجرات)‪.‬‬
‫والتحقيق فيها‪ :‬أنها سياحة القلب في ذكر هللا ومحبته واإلنابة إليه والشوق إلى لقائه‪ ،‬ويترتب عليها كل ما‬
‫ذكر من األفعال‪ ،‬وكذلك وصف نساء النبي صلى هللا عليه وسلم الالتي لو طلق أزواجه بدله بهن‪ ،‬بأنهن (سيحات)‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وليست سياحتهن جهادا‪ ،‬وال سفرا في طلب العلم‪ ،‬وال إدامة صيام‪ ،‬إنما هي سياحة قلوبهن في محبة هللا وخشيته‬
‫واإلنابة إليه وذكره‪.‬‬
‫وتأمل كيف جعل سبحانه التوبة والعبادة قرينين‪ :‬هذه ترك ما يكره‪ ،‬وهذه فعل ما يحب‪ .‬والحمد والسياحة‬
‫قرينين‪ :‬هذا الثناء عليه بأوصاف كماله‪ ،‬وسياحة اللسان في أفضل ذكره‪ ،‬وهذا سياحة القلب في حبه وذكره‬
‫وإجالله‪ .‬كما جعل سبحانه العبادة والسياحة قرينين في صفة األزواج‪ :‬فهذه عبادة البدن‪ ،‬وهذه عبادة القلب‪ .‬وجعل‬
‫اإلسالم واإليمان قرينين‪ :‬فهذا عالنية‪ ،‬وهذا في القلب (‪.)18‬‬
‫ومما سبق ُيفهم من لفظ السياحة أتت في سياق اآليتين السابقتين باختالف لفظها‪ ،‬وتعني الجهاد في سبيل‬
‫ً‬
‫هللا إلعالء كلمة الحق‪ ،‬وتعني الصيام وقيام الليل‪ ،‬والتودد إلى هللا عز وجل بترك املالذ ألجل العبادة طمعا فيما عنده‬
‫من النعيم املقيم‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مرادفات كلمة السياحة في القرآن الكريم وتفسير آياتها‬


‫ً‬
‫هنالك بعض الكلمات املرادفة لكلمة سياحة مثل السير والرحلة والضرب في األرض؛ حيث إنها جميعا تعنى‬
‫السفر واالرتحال ومفارقة األمصار من مكان إلى آخر ألجل غاية وهدف محدد؛ ووردت في القرآن بهذه املعاني التي تشير‬
‫إلى السياحة وتحمل نفس معناها وغاياتها وأهدافها؛ نذكر منها على سبيل املثال ال الحصر اآليات التالية‪:‬‬
‫م َ م َ َ ُ َ َ ُ م ُ ُ ٌ َ م ُ َ َ َ م َ ٌ َ م َ ُ َ َ َ َّ َ َ َ م َ م َ‬
‫األ مب َ‬
‫صارُ‬ ‫َ ََ م َ ُ‬
‫ض فتكون لهم قلوب يع ِّقلون ِّبها أو آذان يسمعون ِّبها ۖ ف ِّإنها ال تعمى‬‫قوله تعالى‪ :‬أفلم ي ِّسيروا ِّفي األر ِّ‬
‫الص ُد ِّور‪ ‬سورة الحج ‪46‬‬‫وب َّالتي في ُّ‬‫َو َل ِّكن َت مع َمى مال ُق ُل ُ‬
‫ِّ ِّ‬

‫(‪ )16‬املاوردي‪ ،‬تفسير املاوردي ‪38 /6‬‬


‫(‪ )17‬الرازي‪ -‬التفسير الكبير‪45/30 ،‬‬
‫(‪ )18‬حادي األرواح إلى بالد األفراح – مرجع سابق ‪169 /1‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)77‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ُ ً ََ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ان َعاق َب ُة َّالذ َ‬


‫ف َك َ‬ ‫م َم َ َ ُ ُ َ م َ‬ ‫َ‬
‫ين ِّمن ق مب ِّل ِّه مم ۚ كانوا أش َّد ِّم من ُه مم ق َّوة َوأث ُاروا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ض فينظروا كي‬ ‫ِّ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬اول مم َي ِّس ُيروا ِّفي األر‬
‫م َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫م َّ‬ ‫ُ‬ ‫م َم َ َ َ َ َ م َ‬
‫ان الل ُه ِّل َيظ ِّل َم ُه مم َول ِّكن كانوا أ ُنف َس ُه مم َيظ ِّل ُمون‪‬‬ ‫ات ۖ فما ك‬ ‫َ َ َ َ م‬
‫ض وع َم ُروها أكث َر ِّم َّما ع َم ُروها وج َاءت ُه مم ُر ُسل ُهم ِّبال َب ِّين ِّ‬ ‫األر‬
‫سورة الروم ‪9‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫السي َر ۖ ِّس ُيروا ِّف َيها ليالي وأ َّي ًاما ِّآم ِّنين‪ ‬سورة سبأ ‪18‬‬ ‫قال تعالى‪  :‬قد مرنا ِّف َيها َّ‬
‫َ م َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ َُ َ َ م ُ َ م م‬
‫ض ِّل الل ِّه‪ ‬سورة املزمل ‪20‬‬ ‫ض َي مب َتغون ِّمن ف‬ ‫قال تعالى‪ :‬وآخرون يض ِّربون ِّفي األر ِّ‬
‫َ م مََ ّ‬
‫الش َت ِّاء َو َّ‬ ‫َ ُ م‬
‫الص ميف‪ ‬سورة قريش ‪2 -1‬‬ ‫قال تعالى‪ِّ ِّ  :‬إليال ِّف ق َريش* ِّإيال ِّف ِّهم ِّرحلة ِّ‬

‫النواحي التفسيرية لبعض مرادفات السياحة‬


‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَ‬ ‫َ ََ‬
‫وب َي مع ِّقلون ِّب َها أ مو آذان َي مس َم ُعون ِّب َها‪ ‬أفلم يسيروا في‬ ‫األ مرض فتكون ل ُه مم قل ٌ‬
‫ِّ‬ ‫قال تعالى‪ :‬أفل مم َي ِّس ُيروا ِّفي‬
‫األرض يعني كفار مكة فيشاهدوا هذه القرى فيتعظوا‪ ،‬ويحذروا عقاب هللا أن ينزل بهم كما نزل بمن قبلهم فتكون‬
‫لهم قلوب يعقلون بها أضاف العقل إلى القلب ألنه محله كما أن السمع محله األذن‪ .‬وقد قيل‪ :‬إن العقل محله‬
‫الدماغ‪ ،‬وقيل‪( :‬البصر الناظر جعل بلغة ومنفعة‪ ،‬والبصر النافع في القلب)‪ .‬قيل‪( :‬لكل عين أربع أعين؛ يعني لكل‬
‫إنسان أربع أعين‪ :‬عينان في رأسه لدنياه‪ ،‬وعينان في قلبه آلخرته؛ فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره‬
‫عماه شيئا‪ ،‬وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئا)‪.‬‬
‫قيل‪( :‬نزلت هذه اآلية في ابن أم مكتوم األعمى‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬ملا نزل ومن كان في هذه أعمى قال ابن أم‬
‫مكتوم‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬فأنا في الدنيا أعمى أفأكون في اآلخرة أعمى؟ فنزلت فإنها ال تعمى األبصار ولكن تعمى القلوب‬
‫)‪(19‬‬
‫التي في الصدور)‪ .‬أي من كان في هذه أعمى بقلبه عن اإلسالم فهو في اآلخرة في النار‪.‬‬
‫ّ‬
‫قول تعالى‪( :‬أفلم يسيروا) هؤالء املكذبون بآيات هللا والجاحدون قدرته في البالد‪ ،‬فينظروا إلى مصارع‬
‫َّ‬ ‫مكذبي رسل هللا الذين م‬ ‫ّ‬
‫خلوا من قبلهم‪ ،‬كعاد وثمود وقوم لوط وشعيب‪ ،‬وأوطانهم ومساكنهم‪ ،‬فيتفكروا‬ ‫ضربائهم من‬
‫)‪(20‬‬
‫فيها ويعتبروا بها ويعلموا بتدبرهم أمرها وأمر أهلها ‪.‬‬
‫ومن خالل اآلية أن األمر فيها للسير ألخذ العظمة والعبرة من أمثال األمم السابقة‪ ،‬ولكي ينظروا ويتفكروا في‬
‫قدرة هللا سبحانه وتعالى وقوة بأسه ملن كذب بلقائه‪ ،‬وانصرف عن عبادة هللا ولم ينفق عقله وقلبه للتفكر والتدبر‪،‬‬
‫في كثير من آيات هللا الحسية واملعنوية‪ ،‬لكن هيهات لهم ذلك وهم فارغي الوفاض من قلوب تعقل أو آذان تسمع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ان َعاق َب ُة َّالذ َ‬ ‫ف َك َ‬ ‫م َم َ َ ُ ُ َ م َ‬ ‫ََ م َ ُ‬
‫ين ِّمن ق مب ِّل ِّه مم ‪‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ض فينظروا كي‬ ‫وقوله تعالى ‪:‬أولم ي ِّسيروا ِّفي األر ِّ‬
‫نبههم على السير في األرض والنظر في عاقبة الذين كذبوا رسلهم وخالفوا أمرهم ممن هم أشد من هؤالء قوة‬
‫وأكثر آثارا في األرض من بناء قصور ومصانع ومن غرس أشجار ومن زرع وإجراء أنهار‪ ،‬فلم تغن عنهم قوتهم وال نفعتهم‬
‫آثارهم حين كذبوا رسلهم الذين جاءوهم بالبينات الداالت على الحق وصحة ما جاءوهم به‪ ،‬فإنهم حين ينظرون في‬
‫(‪)21‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫آثار أولئك لم يجدوا إال أمما بائدة وخلقا مهلكين ومنازل بعدهم موحشة وذم من الخلق عليهم متتابع‪.‬‬
‫من خالل اآلية الكريمة يتبين لنا أن الخطاب في اآلية لبيان حال املشركين بأنهم لم يتعظوا بحال األمم‬
‫السابقة التي كذبت بلقاء هللا عز وجل فأخذهم هللا بعذاب بئيس في الدنيا واآلخرة؛ رغم قوتهم وشدة بأسهم‪ ،‬وكان‬
‫ً‬
‫حقا عليهم النظر لعاقبتكم بعين االعتبار‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قد مرَنا ِّفي َها َّ‬
‫الس مي َر ۖ ِّس ُيروا ِّف َيها ل َيالي َوأ َّي ًاما ِّآم ِّن َين‪‬‬ ‫قال تعالى‪َّ  :‬‬

‫(‪ )19‬تفسير القرطبي – مرجع سابق ‪72 /12‬‬


‫(‪ )20‬تفسير الطبري – مرجع سابق ‪658/18‬‬
‫(‪ )21‬السعدي‪ ،‬تفسير السعدي ‪1329/6‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)78‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫يذكر تعالى ما كانوا فيه من الغبطة والنعمة‪ ،‬والعيش النهي الرغيد‪ ،‬والبالد الرخية‪ ،‬واألماكن اآلمنة‪ ،‬والقرى‬
‫املتواصلة املتقاربة‪ ،‬بعضها من بعض‪ ،‬مع كثرة أشجارها وزروعها وثمارها‪ ،‬بحيث إن مسافرهم ال يحتاج إلى حمل زاد‬
‫ً‬
‫وال ماء‪ ،‬بل حيث نزل وجد ماء وثمرا‪ ،‬ويقيل في قرية ويبيت في أخرى‪ ،‬بمقدار ما يحتاجون إليه في سيرهم؛ ولهذا قال‬
‫تعالى‪( :‬وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها)‪ ،‬قيل‪ :‬هي قرى بصنعاء‪ .‬وقيل‪(:‬قرى الشام)؛ يعنون أنهم كانوا‬
‫يسيرون من اليمن إلى الشام في قرى ظاهرة متواصلة‪ ،‬عن ابن عباس‪ :‬القرى التي باركنا فيها‪ :‬بيت املقدس‪( .‬قرى‬
‫ظاهرة) أي‪ :‬بينة واضحة‪ ،‬يعرفها املسافرون‪ ،‬يقيلون في واحدة‪ ،‬ويبيتون في أخرى؛ ولهذا قال‪ ):‬وقدرنا فيها السير أي‪:‬‬
‫ً‬
‫جعلناها بحسب ما يحتاج املسافرون إليه(‪( ،‬سيروا فيها ليالي وأياما آمنين( أي‪ :‬األمن حاصل لهم في سيرهم ليال‬
‫ً (‪)22‬‬
‫ونهارا‪.‬‬
‫من خالل نظم اآلية الكريمة يتضح لنا نعمة من نعم هللا عز وجل التي تفضل بها على عباده‪ ،‬وهي تمهيد‬
‫األرض لهم للسير دون مشقة وعناء حيث الطريق املمهد باألشجار املثمرة والوريفة‪ ،‬وأحيط بهم بنعمة األمن واألمان‬
‫سائر يومهم‪.‬‬
‫َ م َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫م مَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض يبتغون ِّمن فض ِّل الل ِّه‪ :‬علم ربكم أيها املؤمنون أن‬ ‫وفي تفسير قوله تعالى‪ :‬وآخرون يض ِّربون ِّفي األر ِّ‬
‫سيكون منكم أهل مرض قد أضعفه املرض عن قيام الليل )وآخرون يضربون في األرض( في سفر يبتغون من فضل‬
‫هللا في تجارة قد سافروا لطلب املعاش فأعجزهم‪ ،‬فأضعفهم أيضا عن قيام الليل (‪.)23‬‬
‫و"الضرب في األرض" هو السفر للتجارة‪ ،‬فذكر هللا تعالى أعذار بني آدم التي هي حائلة بينهم وبين قيام الليل‪،‬‬
‫وهي املرض والسفر في تجارة أو غزو‪ ،‬فخفف عنهم القيام لهذا‪ ،‬وفي هذه اآلية فضيلة الضرب في األرض للتجارة‬
‫وسوق لها مع سفر الجهاد‪ ،‬وقال عبد هللا بن عمر رض ي هللا عنهما‪ :‬أحب املوت إلى بعد القتل في سبيل هللا أن أموت‬
‫بين شعبتي رحلي أضرب في األرض أبتغي من فضل هللا (‪.)24‬‬
‫وضرب في األرض ابتغاء الرزق من فضل هللا‪ ،‬وغزو في سبيل هللا فهؤالء إذا لم يناموا في الليل تتوالى عليهم‬
‫العدو والجهاد في التجارة‬ ‫ّ‬ ‫أسباب املشقة ويظهر عليهم آثار الجهد‪ ،‬وفى هذا إيماء إلى أنه ال فرق بين الجهاد في قتال‬
‫لنفع املسلمين‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫قال ابن مسعود ‪): ‬أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن اإلسالم صابرا محتسبا‪ ،‬فباعه بسعر يومه‪،‬‬
‫ُ‬
‫ون ُيقا ِّتلو َن‬
‫آخ ُر َ‬‫َ َ ُ َ َ م ُ َن م َ م َ م َ ُ َن م َ م َّ َ َ‬
‫ض يبتغو ِّمن فض ِّل الل ِّه‪ ،‬و‬ ‫كان عند هللا من الشهداء)‪ ،‬ثم قرأ قوله تعالى‪ :‬وآخرون يض ِّربو ِّفي األر ِّ‬
‫َّ‬
‫ِّفي َس ِّب ِّيل الل ِّه‪. ‬‬
‫وأخرج البيهقي في شعب اإليمان عن عمر ‪ ‬قال‪ :‬ما من حال يأتينى عليه املوت بعد الجهاد في سبيل هللا‬
‫ُ َ‬
‫ض َي مب َتغون ِّم من‬ ‫م َم‬ ‫َ َُ َ َ م ُ َ‬
‫أحب إلى من أن يأتيني‪ ،‬وأنا بين شعبتي جبل ألتمس من فضل هللا‪ ،‬وتال‪ « :‬وآخرون يض ِّربون ِّفي األر ِّ‬
‫َّ (‪)25‬‬ ‫َف م‬
‫ض ِّل الل ِّه‪.‬‬
‫مما سبق من اآلية الكريم أن من مرادفات السياحة؛ الضرب في األرض ابتغاء الرزق‪ ،‬وابتغاء العلم؛ ويكون‬
‫ُ‬
‫الضرب لتحصيل فائدة من الفوائد قد ال تتاح إال بالضرب؛ واالنتقال من مكان إلى آخر ابتغاء تحصيل ما فيه من‬
‫املنافع واملكاسب‪.‬‬
‫قال تعالى‪  :‬إليالف قريش إيالفهم رحلة الشتاء والصيف‪ ‬سورة قريش آية ‪2 -1‬‬

‫(‪ )22‬تفسير ابن كثير مرجع سابق ‪449/6‬‬


‫(‪ )23‬تفسير الطبري – مرجع سابق ‪697/23‬‬
‫(‪)24‬ابن عطية األندلس ي‪ ،‬تفسير ابن عطية ‪447 /8‬‬
‫(‪ )25‬املراغي‪ ،‬تفسير املراغي ‪242/10‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)79‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫كانت لقريش رحلتان‪ :‬يرحلون في الشتاء إلى اليمن‪ ،‬وفي الصيف إلى الشام‪ ،‬فيمتارون ويتجرون‪ ،‬وكانوا في‬
‫رحلتيهم آمنين ألنهم أهل حرم هللا ووالة بيته‪ ،‬فال يتعرض لهم‪ ،‬والناس غيرهم يتخطفون ويغار عليهم‪ .‬واإليالف من‬
‫ً‬
‫قولك‪ :‬آلفت املكان أولفه إيالفا‪ :‬إذا ألفته‪ ،‬فأنا مؤلف‪ ،‬يألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف‪ .‬وقريش‪ :‬ولد النضر‬
‫بن كنانة سموا بتصغير القرش‪ :‬وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن‪ ،‬وال تطاق إال بالنار‪ ،‬قيل سئل ابن عباس‬
‫رض ى هللا عنهما‪ :‬بم سميت قريش؟ قال ‪):‬بدابة في البحر تأكل وال تؤكل‪ ،‬وتعلو وال تعلى)‪ .‬والتصغير للتعظيم‪ .‬وقيل‪ :‬من‬
‫القرش وهو الكسب‪ :‬ألنهم كانوا كسابين بتجاراتهم وضربهم في البالد‪ .‬أطلق اإليالف ثم أبدل عنه املقيد بالرحلتين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تفخيما ألمر اإليالف‪ ،‬وتذكيرا بعظيم النعمة فيه (‪.)26‬‬
‫ً‬
‫وسموا قريشا من القرش‪ ،‬والتقرش وهو التكسب والجمع‪ ،‬يقال‪ :‬فالن يقرش لعياله ويقترش أي يكتسب‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهم كانوا تجارا حراصا على جمع املال واإلفضال (‪.)27‬‬
‫مما سبق وبتناول بعض اآليات التي تحمل معنى السياحة من السفر واالرتحال والسير من موضع إلى موضع‬
‫آخر يتبين لنا أنها كلها تعني التنقل ألجل غاية ومطلب ويجني اإلنسان من وراء ذلك أغراض وفوائد عظيمة‪ُ ،‬ويتاح له‬
‫ُ‬
‫بها مرامي وتفتح له آفاق واسعة‪ ،‬فهدي هللا تعالى ال يأتيه الباطل بين يديه وال خلفه‪ ،‬وأنزل القرآن الكريم رحمة بنا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا وقفنا عند آياته تدبرا والتماسا ملننه من خالل فهمنا آلياته والعمل بما جاء في محكمها‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬حكم السياحة واألغراض والفوائد املرجوة من السياحة‬


‫وتحته املطالب التالية‬
‫املطلب األول‪ :‬حكم السياحة‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أغراض السياحة‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الفوائد املرجوة‬

‫املطلب األول‪ :‬حكم السياحة‬


‫األصل في مطلق السفر اإلباحة إال بعارض نحو حج أو جهاد فيكون طاعة أو نحو قطع طريق فيكون معصية‬
‫(‪)28‬‬
‫‪.‬‬
‫السفر وسيلة تأخذ حكم الغاية منها‪:‬‬
‫ً‬ ‫فقد يكون السفر ً‬
‫واجبا‪ ،‬إذا كان لفعل واجب؛ كحج الفريضة‪ .‬وقد يكون مندوبا؛ كالسفر لحج النافلة‪ .‬وقد‬
‫مباحا؛ كالسفر للتجارة من أجل تكثير املال‪ .‬واملشهور‬ ‫ً‬
‫مكروها‪ .‬وقد يكون حر ًاما؛ كالسفر ملعصية‪ .‬وقد يكون ً‬ ‫يكون‬
‫(‪)29‬‬
‫عند العلماء أن السفر للتنزه والفرجة من قبيل السفر املباح ‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا فالسياحة تأخذ األحكام الخمسة حسب تفاصيلها االتية‪:‬‬
‫‪ -1‬واجبة لفعل واجب كالحج‬
‫‪ -2‬سياحة مباحة‪ :‬إن كانت ملجرد التنزه والفرجة والترويح عن النفس‪ ،‬وهي مباحة على األصل إال إن كانت في‬
‫مكان يكثر فيه الفساد‪.‬‬

‫(‪ )26‬الزمخشري‪ ،‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ‪801/4‬و‪802‬‬


‫(‪ )27‬البغوي‪ ،‬معالم التنزيل في تفسير القرآن ‪546 /8‬‬
‫(‪ )28‬عابدين‪ ،‬رد املحتار على الدر املختار‪121 / 2‬‬
‫(‪ )29‬الزركش ي‪ ،‬شرح الزركش ي ‪142 -141/2‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)80‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫‪ -3‬سياحة مكروهة‪ :‬إذا لم تكن ملقصد شرعي وإنما ملجرد النزهة والفرجة‪ ،‬وكان السفر لبالد يكثر فيها الفساد‪،‬‬
‫فتكره بسبب انتشار الفساد في تلك البالد وصعوبة السالمة منه‪.‬‬
‫‪ -4‬وتكون السياحة محرمة إذا اعتراها مانع خارجي ولها صور‪:‬‬
‫إذا كانت بقصد املعصية وتقليب النظر فيما حرم هللا‪ ،‬والوقوع في املعاي ي والفواحش الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫إذا كان السفر ملشاركة الكفار في أعيادهم واحتفاالتهم‪.‬‬
‫إذا كانت السياحة تزاحم حقوق هللا؛ كمن يسافر للسياحة في زمن الحج‪ ،‬وقد وجب عليه الحج وهو قادر‬
‫عليه‪.‬‬
‫إذا كانت السياحة تزاحم حقوق العباد؛ كحق الوالدين والزوجة‪ ،‬أو كانت تكاليف السياحة تؤخر سداد‬
‫دين قد لزمه وفاؤه‪ .‬وإذا كان ذلك السفر بعصيان أوامر الوالدين بعدم الذهاب‪.‬‬
‫‪ -5‬وتكون مستحبة في أحوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كانت للدعوة إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫(‪)30‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ .2‬إذا كانت لالتعاظ بالتفكر في آيات هللا الكونية‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أغراض السياحة‬


‫ً‬
‫مما ال شك فيه أن للسياحة في غالب األحيان أغراض فعندما يحزم الشخص حقائبه ميمما وجهة من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الجهات راغبا في نيل غرض من األغراض التي حددها‪ .‬وفيما يلي نذكر عددا من هذه األغراض‪.‬‬
‫ً‬
‫اوال التفكر والتدبر‪:‬‬
‫التفكر في بدء الخلق باختالف الهيئات والطبائع واملخلوقات‪ ،‬التدبر في كيفية النشأة والخلق حتى يزداد‬
‫مَ‬ ‫ُ‬
‫ض‬‫ِّ‬ ‫ر‬‫األ م‬ ‫ايمان املسلم بربه ويقينه بصدق رساالته؛ كما وضحها هللا عز وجل في كتابه العزيز؛ قال تعالى‪ :‬ق مل ِّس ُيروا ِّفي‬
‫َّ َ ُ َ َ‬ ‫َّ م َ َ م َ َ‬ ‫َ م ُ َ َ َ م َ م ُ َّ م‬
‫فانظ ُروا ك ميف َب َدأ الخل َق ث َّم الل ُه ُين ِّش ُئ النشأة اآل ِّخ َرة ِّإ َّن الل َه َعلى ك ِّ ّل ش مي ٍء ق ِّد ٌير‪ ‬سورة العنكبوت ‪20‬‬
‫االعتبار بما في اآلفاق من اآليات املشاهدة من خلق هللا األشياء‪ :‬السموات وما فيها من الكواكب النيرة‬
‫الثوابت والسيارات‪ ،‬واألرضين وما فيها من مهاد وجبال‪ ،‬وأودية وبراري وقفار‪ ،‬وأشجار وأنهار‪ ،‬وثمار وبحار‪ ،‬كل ذلك‬
‫دال على حدوثها في أنفسها‪ ،‬وعلى وجود صانعها الفاعل املختار‪ ،‬الذي يقول للش يء كن فيكون (‪.)31‬‬

‫ثانيا‪ :‬االستيقاظ الحس ي والقلبي‬


‫ً‬
‫كثيرا ما يتجدد االستيقاظ للحس والقلب والعقل كذلك عند تجدد املكان باختالف الوجهات واألغراض فإن‬
‫من أغراض السياحة في اإلسالم كذلك السفر لتأمل بديع خلق هللا تعالى والتمتع بجمال هذا الكون العظيم؛ ليكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذلك باعثا للنفس البشرية على قوة اإليمان بوحدانية هللا‪ ،‬وليكون عونا لها أيضا على أداء واجبات الحياة‪ ،‬فإن ترويح‬
‫َّ َ َ َ َ م َ َّ َ َ َ َ م َ َ َ ً‬ ‫َم‬ ‫َ َ َ َّ َ‬
‫اطال‬
‫ض ربنا ما خلقت هذا ب ِّ‬ ‫النفس ضروري ألخذها بالجد بعد ذلك؛ قال تعالى‪ :‬و َيتفك ُرون ِّفي خل ِّق السماو ِّ‬
‫ات واألر ِّ‬
‫َ‬
‫ُس مب َحان َك ‪ ‬سورة ال عمران ‪191‬‬

‫(‪ )30‬موقع الدليل الفقهي – حكم السياحة في االسالم (‪)fikhguide.com‬‬


‫(‪ )31‬ابن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪244/6 ،‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)81‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ثالثا طلب العلم‪:‬‬


‫ً‬
‫كثيرا ما اقترنت السياحة في املفهوم اإلسالمي بالعلم واملعرفة‪ ،‬وقد سيرت أعظم وأقوى الرحالت السياحية‬
‫في صدر اإلسالم لغرض طلب العلم ونشره‪ ،‬حتى ألف الخطيب البغدادي كتابه املشهور " الرحلة في طلب الحديث" ‪،‬‬
‫وقد جمع فيه من رحل من أجل حديث واحد فقط‪ ،‬ومن ذلك ما قاله بعض التابعين في قوله‪ -‬سبحانه وتعالى ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫م َ م‬ ‫ون ب ماملَ مع ُروف َو َّ‬ ‫التا ِّئ ُبو َن مال َعاب ُدو َن مال َحام ُدو َن َّ‬
‫الن ُاهو َن َع ِّن املُنك ِّر َوال َحا ِّفظو َن‬ ‫ِّ‬
‫الساجدو َن ُ َ‬
‫اآلمر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الر ِّاك ُعو َن َّ‬
‫السا ِّئ ُحو َن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫‪َّ ‬‬
‫ّ مُم‬ ‫ّ‬
‫ِّل ُح ُد ِّود الل ِّه َو َب ِّش ِّر املؤ ِّم ِّن َين ‪ ‬سورة التوبة ايه ‪.112‬‬
‫ولنا في حياة الصحابة والتابعين الذين جابوا البسيطة ألجل تعلم وتعليم العلوم الشرعية ونشر هذا الدين‬
‫ً‬
‫االسالمي فحازوا بذلك مجدا خلده التاريخ وسطرته القيم التي نشروها على الرغم من صعوبة االنتقال آنذاك وتركوا‬
‫ً‬
‫لنا مجدا ال يمكن تجاوزه فجزاهم هللا عنا خير الجزاء‪.‬‬

‫رابعا الدعوة إلى هللا‪:‬‬


‫ولعل أعظم مقاصد السياحة في اإلسالم تكون في الدعوة إلى هللا‪ -‬تعالى ‪ ،-‬وتبليغ البشرية النور الذي أنزل‬
‫على نبينا محمد‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ،-‬وهو وظيفة الرسل واألنبياء‪ ،‬ومن بعدهم أصحابهم رضوان هللا عليهم‪ ،‬وقد‬
‫انتشر صحابة نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم في اآلفاق يعلمون الناس الخير‪ ،‬ويدعونهم إلى كلمة الحق‪ ،‬ونحن نرجو‬
‫أن تحذو سياحة اليوم تلك السياحة العظيمة املقصد‪ ،‬الشريفة الغاية والهدف (‪.)32‬‬
‫مُ‬ ‫ص ِّال ًحا َو َق َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ م َ م َ ُ َ مً‬
‫ال ِّإ َّن ِّني ِّم َن امل مس ِّل ِّم َين‪ ‬فصلت ‪.33‬‬ ‫الله َو َعم َل َ‬ ‫م َ َ‬
‫قال تعالى‪ :‬ومن أحسن قوال ِّم َّمن دعا إلى ِّ ِّ‬

‫املطلب الثالث‪ :‬فوائد السياحة‬


‫(‪)33‬‬
‫يقول اإلمام الشافعي في فوائد السفر ‪:‬‬
‫ما في املقام لذي ع ــقل وذي أدب * * * من راحة فدع االوطان واغت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫وانص مب فإن ل ـ ـ ــذيذ العيش في النص ـ ــب‬ ‫سافر تجـد عوضـا عمـن تفارقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه * * *‬
‫إني رأيـت وقـوف املـاء يفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده * * * إن ساح طاب وإن لم يجر لـ ـ ـ ــم يطـ ـ ــب‬
‫واألسد لوال فراق األرض ما افترست * * * والسهم لوال فراق القوس لم يص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬ ‫ُ‬
‫والشمس لو وقفت في الفلك دائم ــة * * * مللها الناس من عجـم ومـن عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب‬
‫والتبر كالترب ملقـي فـي أماكنـ ـ ـ ـ ــه * * * والعود في أرضــه نوع من الحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـط ــب‬
‫فـإن تغـرب هـذا ع ــز مطلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـه * * * وإن تغـرب ذلـك عـ ـ ـ ــز كال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذهـب‬
‫عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ " :‬سافروا تصحوا وتسلموا "‪ .‬رواه الطبراني في األوسط (‪.)34‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ان َي مس َم ُعون ِّب َها ۖ ف ِّإ َّن َها ال ت مع َمى‬ ‫وب َي معق ُلو َن ب َها َأ مو َآذ ٌ‬ ‫م َم َ َ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ض فتكون ل ُه مم قل ٌ ِّ‬
‫وفي قوله تعالى‪ :‬أفلم ي ِّسيروا ِّفي األر ِّ‬
‫وب َّالتي في ُّ‬ ‫ص ُار َو َل ِّكن َت مع َمى مال ُق ُل ُ‬ ‫مَ‬
‫الص ُد ِّور‪ )35( ‬االستفهام تعجيبي من حالهم في عدم االعتبار بمصارع األمم املكذبة‬ ‫ِّ ِّ‬
‫األ مب َ‬
‫ً‬
‫ألنبيائها‪ :‬والتعجيب متعلق بمن سافروا منهم ورأوا شيئا من تلك القرى املهلكة وبمن لم يسافروا‪ ،‬فإن شأن‬

‫(‪ )32‬عبد القادر علي ورسمه‪ -‬التصنيف العام‪ -‬املصدر‪ :‬موقع املختار اإلسالمي ‪( – (islamway.net) .http://iswy.co/e14fdc‬بتصرف‬
‫يسير)‬
‫(‪ )33‬اإلمام الشافعي‪ -‬الديوان‪ -‬موسوعة الشعر العربي)‪(aldiwan.net‬‬
‫(‪ )34‬الهيثمي ‪-‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ -‬كتاب الحج » باب في السفر‪5281 -‬‬
‫(‪ )35‬سورة الحج اية ‪46‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)82‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫املسافرين أن يخبروا القاعدين بعجائب ما شاهدوه في أسفارهم كما يشير إليه قوله تعالى أو آذان يسمعون بها‬
‫ً‬
‫فاملقصود بالتعجب هو حال الذين ساروا في األرض‪ ،‬ولكن جعل االستفهام داخال على نفي السير؛ ألن سير السائرين‬
‫منهم ملا لم يفدهم عبرة وذكرى جعل كالعدم‪ .‬وهذا شأن األسفار أن تفيد املسافر ماال تفيده اإلقامة في األوطان من‬
‫اطالع على أحوال األقوام وخصائص البلدان واختالف العادات‪ ،‬فهي تفيد كل ذي همة في ش يء فوائد تزيد همته‬
‫ً‬
‫نفاذا فيما تتوجه إليه وأعظم ذلك فوائد العبرة بأسباب النجاح والخسارة (‪.)36‬‬
‫فالسياحة هي السير املستوعب‪ ،‬والسير في األرض منه سير اعتبار تأكيد إيمانه بربه‪ ،‬ومنه سير استثمار بأن‬
‫يضرب في األرض " ليبتغي من فضل هللا إذن‪ :‬فالسياحة إما سياحة اعتبار‪ ،‬وإما سياحة استثمار‪ ،‬أما سياحة‬
‫االستثمار فهي خاصة بالذين يضربون في األرض‪ ،‬وهم الرجال أما سياحة االعتبار؛ فهي أمر مشترك بين الرجل واملرأة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫منكن ُمسلمات ُمؤمنات قانتات‬ ‫بدليل أن هللا قال ذلك في وصف النساء) وعس ى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا‬
‫تائبات عابدات سائحات) تكون في صحبة الزوج الذي يضرب في األرض‪ .‬إذن (سائحات)مقصود بها سياحة االعتبار‪،‬‬
‫ً‬
‫أو السياحة التي عما ألفت من إقامة في وطن ومال وأهل‪ ،‬والصيام يخرجك عما ألفت من وقيل أيضا‪ :‬إن السياحة‬
‫أطلقت على الصيام«؛ ألن السياحة تخرجك عما ألفت من طعام وشراب وشهوة "إذن‪ :‬القذر املشترك بين الرجال‬
‫والنساء هو في سياحة االعتبار هو سياحة الصوم (‪.)37‬‬
‫تبرز السياحة في الدول املتطورة كرافد أساس ي في التنمية االقتصادية ولذلك نجد ضخامة االستثمارات‬
‫املختلفة في القطاع السياحي كما حدث في إيطاليا وإسبانيا واليونان واملكسيك وتركيا‪ ،‬وغيرها من البلدان التي‬
‫ً ً‬
‫حققت تقدما كبيرا في هذا املجال‪ .‬ونوضح بإيجاز أهم املزايا التي تبين دور السياحة في التنمية االقتصادية‪ :‬ـ‬
‫‪ ‬تعتمد العديد من الدول على السياحة‪ ،‬كمصدر مهم من مصادر الدخل الوطني‪ ،‬واستطاعت هذه الدول‬
‫الحصول على مدخوالت سنوية كبيرة من القطاع السياحي كما يحدث في الواليات املتحدة وإسبانيا وإيطاليا‬
‫واليونان والنمسا وسويسرا وفرنسا وإنكلترا وتركيا‪ ،‬وغيرها من بلدان العالم‪ .‬إن الدخل السياحي له شأن كبير‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫في اقتصاديات الدول السياحية‪ .‬فهو ّ‬
‫يعزز ميزان املدفوعات ويعتبر مصدرا كبيرا لتوفير فرص العمل‬
‫للمواطنين مما يدعم مستواهم املعاش ي واالجتماعي‪ .‬وألهمية السياحة فقد أصبحت ترتبط بالتنمية‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫االقتصادية ارتباطا وثيقا بعد أن كانت ِّعلما مجردا يدرس في الجامعات واملعاهد‪ .‬وتعتبر السياحة أحد‬
‫العناصر األساسية للنشاط االقتصادي في الدول السياحية‪ ،‬اهتمت بها املنظمات العاملية كالبنك الدولي‬
‫ومنظمة اليونسكو التي أصبحت تنظر إلى السياحة كعامل أساس ي ومهم للتقريب بين الثقافات‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬وكمثال على أهمية السياحة في قطاع العمل‪ ،‬ووفقا لتقارير (املجلس العالمي للسياحي والسفر ))‪ (WTTC‬فإن‬
‫ً‬
‫صناعة السياحة والسفر ساهمت في إيجاد أكثر من مليون فرصة عمل شهريا بشكل مباشر أو غير مباشر في‬
‫جميع أنحاء العالم خالل القرن املاض ي‪ .‬وقد تضاعفت فرص العمل في السنوات األخيرة والتي توفرها صناعة‬
‫السياحة والسفر في معظم بلدان العالم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬تعتبر السياحة مصدرا مهما من مصادر اكتساب العمالت األجنبية وذلك بما ينفقه السائح على السلع‬
‫ً‬
‫والخدمات من هذه العمالت‪ ،‬وال ينكر أن العمالت الصعبة‪ ،‬خصوصا في الدول النامية كمصر وتونس‬
‫واملغرب‪ ،‬تمكن البلد من استيراد السلع والخدمات وتسند العملة املحلية ما يؤدي إلى التقليل من التضخم‬

‫(‪ )36‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ -‬ج ‪/18‬ص‪288‬‬


‫(‪ )37‬الشعراوي‪ ،‬تفسير الشعراوي – الخواطر ‪5526 -4425/1‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)83‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫وغالء املعيشة (‪ .)38‬وفي ختام هذا البحث نستخلص بأنه عندما يأمر هللا تعالى بأي أمر من األوامر ال يكون إال‬
‫لصالح أحوال العباد‪ ،‬فله الحمد أن سخر لنا من النعم ما يكون به صالح األمم ومن التوجيهات الربانية ما‬
‫ينقلنا من ظلمات الجهل إلى النور واليقين والهدى فله الحمد واملنة‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫نخلص مما سبق أن للسياحة أغراض فوائد ومنافع كثيرة تعود بالنفع على املستوى الفردي أو الجماعي‪،‬‬
‫وهي من األمور املباحة التي شرعها هللا تعالى وفيما يلي أهم النتائج التي نستخلصها من مكنون هذا البحث‪:‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫‪ ‬السياحة بمفهومها العلمي واللغوي تدل على أنها أمر من األمور الجائزة ولها فوائد تعود على السائح بالنفع إذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان معنويا أو حسيا بمختلف أسبابها الحاملة عليها‪.‬‬
‫‪ ‬اكتساب الرزق أمر مكفول من الخالق عز وجل لكن ال بد من االجتهاد والسعي لتحصيله بكافة األشكال املباحة‬
‫ً‬
‫ويأخذ السفر والضرب في األرض البتغاء الرزق‪ ،‬نمطا من هذه األنماط املباحة‪.‬‬
‫‪ ‬حتى ال تمل هذه النفس ال بد تكميلها والترفيه عما يجيش بها من فترة ألخرى‪ ،‬وهذه يمكن أن يحدث بالسفر‬
‫والسياحة والضرب في األرض‪.‬‬
‫أمرنا هللا تعالى باإلدكار من حال األمم السابقة من خالل مشاهدة آثار األمم السابقة ألخذ العظة واالعتبار‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السير للنظر التفكر والتدبر في مخلوقات هللا تعالى من أجل العبادات‪ ،‬حيث يقوى ايمان املرء بالتفكر في عظيم‬ ‫‪‬‬
‫خلق هللا عز وجل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مشاهدة اآلثار اإلسالمية تفيد املسلم بإنجازات عظماء هذه األمة‪ ،‬وتكون دافعا معنويا للمض ي قدما بنحو‬ ‫‪‬‬
‫طريقتهم التي كانوا عليها‪.‬‬
‫السياحة لها مردودها االقتصادي حيث تعود بالنفع الوفير للبلد وقاطنيه من رفع مستوى املعيشة باعتبار انها‬ ‫‪‬‬
‫مصدر دخل له عائد كبير ينمي االقتصاد‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ ‬كل ما أباحه هللا تعالى هو من أجل النفع للمخلوق فيجب الوقوف على آي القرآن الكريم الستخالص اإلرشاد‬
‫اإللهي من مختلف آيات القرآن الكريم‬
‫‪ ‬االهتمام باآلثار االسالمية والتي لها أثرها البالغ في قوة هذه األمة املحمدية‪ ،‬ألن أمة تعتز بموروثاتها وتحافظ عليها‬
‫ال تهزم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬يجب على اإلنسان من فترة ألخرى الترويح عن نفسه بما شرعه هللا تعالى من مباحات‪ ،‬حتى يكون ذلك عونا لهم‬
‫في التجديد والرجوع بروح أزالت ما بها من كدر وهموم بالترويح والسياحة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬أهمية الوقوف على آثار األمم السابقة‪ ،‬حتى يكون دافعا ألخذ العظة واالعتبار‪.‬‬

‫(‪. )38‬األنصاري‪ ،‬مجلة سطور‪ ،‬السياحة ودورها التنمية االقتصادية واالجتماعية ‪(swideg- geography.blogspot.com).2016‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)84‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫‪ ‬اتخاذ الهجرة مناصا للتغيير لألفضل‪ ،‬طلبا للعلم أو طلبا للحياة الكريمة‪ ،‬وهي سنة من سنن هذه األمة العظيمة‬
‫بإيمانها‪.‬‬
‫‪ ‬ينبغي على الهيئات املختصة بالسياحة االهتمام بهذا الرافد القومي الذي يعود على املجتمع بالنفع‪.‬‬
‫تم البحث والحمد هلل من قبل ومن بعد‬

‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫القرآن الكريم‬ ‫‪‬‬


‫ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي‪ -‬رد املحتار على الدر املختار‪ -‬الناشر‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫دار الفكر‪ -‬بيروت الطبعة‪ :‬الثانية‪1412 ،‬هـ‪1992 -‬م‬
‫ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر التحرير والتنوير‪ - -‬دار سحنون‪ -‬سنة النشر‪ :‬دون‪ -‬رقم الطبعة‪ :‬د‪ .‬ط‬ ‫‪-‬‬
‫ابن عطية‪ ،‬عبد الحق بن محمد بن عطية األندلس ي تفسير‪ -‬طبعة وزارة األوقاف‪ -‬سنة النشر‪ 1428 :‬هـ‪2007 -‬‬ ‫‪-‬‬
‫م رقم الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية‬
‫ابن كثير‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرش ي البصري ثم الدمشقي‪ -‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬املحقق‪ :‬محمد‬ ‫‪-‬‬
‫حسين شمس الدين الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات محمد على بيضون‪ -‬بيروت الطبعة‪ :‬األولى‪ 1419 -‬هـ‬
‫ابن منظور‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم لسان العرب‪ -‬دار صادر‪ -‬سنة النشر‪2003 :‬م‪ -‬رقم‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة‪:‬د‪.‬ط‬
‫أبو الحسين‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي‪ -‬معجم مقاييس اللغة املؤلف‪( ،:‬املتوفى‪395 :‬هـ) املحقق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد السالم محمد هارون الناشر‪ :‬دار الفكر عام النشر‪1399 :‬هـ‪1979 -‬م‬
‫أبو عبد هللا‪ ،‬محمد ابن ابي بكر ايوب ابن القيم الجوزية‪ -‬حادي االرواح إلى بالد االفراح – تحقيق زائد بن احمد‬ ‫‪-‬‬
‫النشيري – دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع‪ -‬الناشر‪ :‬مجمع الفقه اإلسالمي بجدة سنة النشر‪ 1428 :‬ه‪.‬‬
‫اإلمام الشافعي‪ -‬الديوان‪ -‬موسوعة الشعر العربي)‪(aldiwan.net‬‬ ‫‪-‬‬
‫األنصاري‪ -‬رؤوف محمد على‪ -‬مجلة سطور‪ ،‬السياحة ودورها التنمية االقتصادية واالجتماعية ‪(swideg- .2016‬‬ ‫‪-‬‬
‫)‪geography.blogspot.com‬‬
‫البصري‪ ،‬أبي الحسن على بن محمد بن حبيب املاوردي تفسير املاوردي‪ -‬دار الكتب العلمية سنة النشر‪ -:‬رقم‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة‪ -:‬د‪.‬ط‬
‫البغوي‪ ،‬محيي السنة‪ ،‬أبو محمد الحسين بن مسعود‪ -‬معالم التنزيل في تفسير القرآن‪ ،‬املحقق‪ :‬حققه وخرج‬ ‫‪-‬‬
‫أحاديثه محمد عبد هللا النمر‪ -‬عثمان جمعة ضميرية‪ -‬سليمان مسلم الحرش الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‬
‫الطبعة‪ :‬الرابعة‪ 1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫جار هللا‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد‪ ،‬الزمخشري‪ -‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫الكتاب العربي‪ -‬بيروت الطبعة‪ :‬الثالثة‪1407 -‬هـ‬
‫الزركش ي‪ ،‬شمس الدين محمد بن عبد هللا املصري الحنبلي‪ -‬شرح الزركش ي ‪(:‬املتوفى‪772 :‬هـ )الناشر‪ :‬دار العبيكان‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة ‪:‬األول ى‪ 1413 ،‬هـ‪ 1993 -‬م‬
‫السعدي‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر‪ -‬تفسير السعدي‪ - -‬دار ابن الجوزي‪ -‬رقم الطبعة‪ :‬د‪ .‬ط‬ ‫‪-‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)85‬‬ ‫محمد‬


‫المجلة العربية للعلوم ونشر األبحاث ــ مجلة العلوم اإلسالمية ــ المجلد الرابع ــ العدد األول ــ مارس ‪ 2021‬م‬

‫ّ‬
‫الجاهلي‪ -‬جمع وإعداد الباحث في القرآن‬ ‫واملفهوم‬ ‫ّ‬
‫اإلسالمي‬ ‫املفهوم‬ ‫السياحة َ‬
‫ُبين‬ ‫الشحود‪ ،‬على بن نايف بحث ّ‬ ‫‪-‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬
‫والسنة‬
‫الشعراوي‪ ،‬محمد متولي تفسير الشعراوي – الخواطر‪ -‬املتوفى‪1418 :‬هـ‪ ،‬مطابع اخبار اليوم‪ ،‬رقم اإليداع‪ :‬عام‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 1997‬م(‬
‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن على بن محمد‪ -‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية‪ - -‬دار املعرفة‪ -‬سنة النشر‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1423‬هـ ‪2004 /‬م د‪ .‬ط‬
‫الطبري‪ ،‬ابي جعفر محمد بن جرير‪ -‬تفسير الطبري‪ -‬حققه وخرج احاديثه محمود محمد شاكر دار املعارف‬ ‫‪-‬‬
‫بمصر‪ ،‬د‪ .‬ط‬
‫الفارابي‪ ،‬أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري‪ -‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ :‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الغفور‬ ‫‪-‬‬
‫عطار الناشر‪ :‬دار العلم للماليين‪ -‬بيروت الطبعة‪ :‬الرابعة ‪ 1407‬هـ‪1987 -‬‬
‫القرش ي‪ ،‬اإلمام فخر الدين الرازي أبو عبد هللا محمد بن عمر بن حسين‪ -‬التفسير الكبير‪ -‬دار الكتب العلمية‬ ‫‪-‬‬
‫ببيروت‪ -‬سنة النشر‪2004 :‬م – ‪1425‬هـ‪ -‬رقم الطبعة‪ :‬د‪ .‬ط‬
‫القرطبي‪ ،‬ابي عبد هللا محمد بن احمد االنصاري‪ -‬الجامع ألحكام القرآن– املجلد األول – دار الفكر للطباعة‬ ‫‪-‬‬
‫والنشر والتوزيع‬
‫املراغي‪ ،‬احمد مصطفى‪ -‬تفسير املراغي‪ -‬تحقيق محمد باسل عيون السود –دار الكتب العلمية‪ -2006‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫الثانية‬
‫مصطفى‪ ،‬إبراهيم ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار‪ ،‬املعجم الوسيط‪ -‬تحقيق ‪ /‬مجمع اللغة‬ ‫‪-‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫املناوي‪ ،‬محمد عبد الرؤوف‪ -‬فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير‪ -‬ضبطه وصححه‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد عبد السالم الجزء الثاني تتمة حرف الهمزة دار الكتب العلمية بيروت ‪-‬لبنان‬
‫موقع الدليل الفقهي – حكم السياحة في االسالم )‪(fikhguide.com‬‬ ‫‪-‬‬
‫الهيثمي‪ ،‬نور الدين على بن أبي بكر مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ - -‬مكتبة القدس ي‪ -‬سنة النشر‪1414 :‬هـ ‪/‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1994‬م‬
‫ورسمه‪ ،‬عبد القادر على‪ -‬التصنيف العام‪ -‬املصدر ‪:‬موقع املختار اإلسالمي‪ .‬السياحة‪ :‬اإلسالم وضع لها ضوابط‬ ‫‪-‬‬
‫وصحح مفاهيمها املشوهة رابط املادة ‪(islamway.net) .http://iswy.co/e14fdc‬‬

‫مفهوم السياحة في القرآن الكريم‬ ‫(‪)86‬‬ ‫محمد‬

You might also like