You are on page 1of 4

‫مقدمة‬

‫نهض بالحديث النبوي الشريف دراية و رواية رجال نابهون من العرب أو من أصول غير عربية‪ ،‬لكن اإلسالم رفع أصلهم‪ ،‬وأعلى العلم ذكرهم‪- ،‬‬
‫وبوأهم ما يستحقون من منزلة وتقدير؛ فهم شيوخ الحديث وأئمة الهدى‪ ،‬ومراجع الناس فيما يستفتون‪.‬وكان اإلمام البخاري واح ًدا من هؤالء‪ ،‬انتهت إليه‬
‫رئاسة الحديث في عصره‪ ،‬وبلغ تصنيف الحديث القمة على يديه‪ ،‬ور ُِز ق كتابه الجامع الصحيح إجماع األمة بأنه أصح كتاب بعد كتاب هللا تعالى‪ ،‬واحتل‬
‫مكانته في القلوب؛ فكان العلماء يقرءونه في المساجد كما تتلى المصاحف‪ ،‬وأوتي مؤلفه من نباهة الصيت مثلما أوتي أصحاب المذاهب األربعة‪ ،‬وكبار‬
‫‪.‬القادة والفاتحين‬

‫اإلمام البخاري‬
‫المولد والنشأة‬
‫في مدينة “بخارى” وُ لد “محمد بن إسماعيل البخاري” بعد صالة الجمعة في (‪ 13‬من شوال ‪194‬هـ = ‪ 4‬من أغسطس ‪810‬م)‪ ،‬وكانت بخارى آنذاك ‪-‬‬
‫مركزا من مراكز العلم تمتلئ بحلقات المح ِّد ثين والفقهاء‪ ،‬واستقبل حياته في وسط أسرة كريمة ذات دين ومال؛ فكان أبوه عالمًا مح ِّد ًثا‪ ،‬ع ُِرف بين الناس‬‫ً‬
‫بحسن الخلق وسعة العلم‪ ،‬وكانت أمه امرأة صالحة‪ ،‬ال تقل ور ًعا وصالحً ا عن أبيه‪.‬والبخاري ليس من أرومة عربية‪ ،‬بل كان فارسيَّ األصل‪ ،‬وأول من‬
‫أسلم من أجداده هو “المغيرة بن برد زبة”‪ ،‬وكان إسالمه على يد “اليمان الجعفي” والي بخارى؛ ف ُن سب إلى قبيلته‪ ،‬وانتمى إليها بالوالء‪ ،‬وأصبح “الجعفي”‬
‫نسبًا له وألسرته من بعده‪.‬نشأ البخاري يتيمًا؛ فقد ُتو ِّف َي أبوه مبكرً ا‪ ،‬فلم يهنأ بمولوده الصغير‪ ،‬لكن زوجته تعهدت وليدها بالرعاية والتعليم‪ ،‬تدفعه إلى العلم‬
‫وتحببه فيه‪ ،‬وتزين له الطاعات؛ فشب مستقيم النفس‪ ،‬عفَّ اللسان‪ ،‬كريم الخلق‪ ،‬مقبال على الطاعة‪ ،‬وما كاد يتم حفظ القرآن حتى بدأ يتردد على حلقات‬
‫المحدثين‪.‬وفي هذه السنِّ المبكرة مالت نفسه إلى الحديث‪ ،‬ووجد حالوته في قلبه؛ فأقبل عليه محبًا‪.‬كانت حافظته قوية‪ ،‬وذاكرته القطة ال ُتضيّع شيًئ ا مما‬
‫‪.‬يُسمع أو يُقرأ‪ ،‬وما كاد يبلغ السادسةـ عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك‪ ،‬ووكيع‪ ،‬وغيرها من كتب األئمة المحدثين‬

‫مدينة بخارى حيث ولد البخاري وطرد منها في أواخر حياته‬

‫الرحلة في طلب الحديث‬


‫ثم بدأت مرحلة جديدة في حياة البخاري؛ فش َّد الرحال إلى طلب العلم‪ ،‬وخرج إلى الحج وفي صحبته أمه وأخوه حتى إذا أدوا جمي ًعا مناسك الحج؛ تخلف ‪-‬‬
‫البخاري لطلب الحديث واألخذ عن الشيوخ‪ ،‬ورجعت أمه وأخوه إلى بخارى‪ ،‬وكان البخاري آنذاك شا ًّبا صغيرً ا في السادسة عشرة من عمره‪.‬وآثر‬
‫البخاري أن يجعل من الحرمين الشريفين طليعة لرحالته؛ فظل بهما ستة أعوام ينهل من شيوخهما‪ ،‬ثم انطلق بعدها ينتقل بين حواضر العالم اإلسالمي؛‬
‫يجالس العلماء ويحاور المح ِّد ثين‪ ،‬ويجمع الحديث‪ ،‬ويعقد مجالس للتحديث‪ ،‬ويتكبد مشاق السفر واالنتقال‪ ،‬ولم يترك حاضرة من حواضر العلم إال نزل بها‬
‫وروى عن شيوخها‪ ،‬وربما حل بها مرات عديدة‪ ،‬يغادرها ثم يعود إليها مرة أخرى؛ فنزل في مكة والمدينة وبغداد وواسط والبصرة والكوفة‪ ،‬ودمشق‬
‫وقيسارية وعسقالن‪ ،‬وخراسان ونيسابور ومرو‪ ،‬وهراة ومصر وغيرها…ويقول البخاري عن ترحاله‪" :‬دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين‪ ،‬وإلى‬
‫‪".‬البصرة أربع مرات‪ ،‬وأقمت بالحجاز ستة أعوام‪ ،‬وال أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد‬
‫شيوخ اإلمام البخاري‬
‫ولذلك لم يكن غري ًب ا أن يزيد عدد شيوخه عن ألف شيخ من الثقات األعالم‪ ،‬ويعبر البخاري عن ذلك بقوله‪“ :‬كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة‪- ،‬‬
‫وليس عندي حديث ال أذكر إسناده”‪ .‬ويحدد عدد شيوخه فيقول‪“ :‬كتبت عن ألف وثمانين نف ًسا ليس فيهم إال صاحب حديث”‪.‬ولم يكن البخاري يروي كل ما‬
‫يأخذه أو يسمعه من الشيوخ‪ ،‬بل كان يتحرى ويدقق فيما يأخذ‪ ،‬ومن شيوخه المعروفين الذين روى عنهم‪ :‬أحمد بن حنبل‪ ،‬ويحيى بن معين‪ ،‬وإسحاق بن‬
‫راهويه‪ ،‬وعلي بن المديني‪ ،‬وقتيبة بن سعيد‪ ،‬وأبو بكر بن أبي شيبة‪ ،‬وأبو حاتم الر‬
‫العودة إلى الوطن‬

‫وبعد رحلة طويلة شاقة لقي فيها الشيوخ ووضع مؤلفاته العظيمة‪ ،‬رجع إلى نيسابور لإلقامة بها‪ ،‬لكن غِ ي َْرة بعض العلماء ضاقت بأن يكون البخاري ‪-‬‬
‫محل تقدير وإجالل من الناس؛ فسعوا به إلى والي المدينة‪ ،‬ولصقوا به ته ًم ا مختلفة؛ فاضطر البخاري إلى أن يغادر نيسابور إلى مسقط رأسه في بخارى‪،‬‬
‫وهناك استقبله أهلها استقبال الفاتحين؛ ف ُنصبت له القباب على مشارف المدينة‪ ،‬و ُن ثرت عليه الدراهم والدنانير‪.‬ولم يكد يستقر ببخارى حتى طلب منه‬
‫أميرها “خالد بن أحمد الدهلي” أن يأتي إليه ليُسمعه الحديث؛ فقال البخاري لرسول األمير‪“ :‬قل له إنني ال أذل العلم وال أحمله إلى أبواب السالطين‪ ،‬فإن‬
‫كانت له حاجة إلى شيء فليحضرني في مسجديـ أو في داري‪ ،‬فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان‪ ،‬فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند هللا يوم القيامة‬
‫أني ال أكتم العلم”‪.‬لكن الحاكم المغرور لم يعجبه رد البخاري‪ ،‬وحملته عزته اآلثمة على التحريض على اإلمام الجليل‪ ،‬وأغرى به بعض السفهاءـ ليتكلموا‬
‫في حقه‪ ،‬ويثيروا عليه الناس‪ ،‬ثم أمر بنفيه من المدينة؛ فخرج من بخارى إلى “خرتنك”‪ ،‬وهي من قرى سمرقند‪ ،‬وظل بها حتى ُتو ِّف َي فيها‪ ،‬وهي اآلن‬
‫‪".‬قرية تعرف بقرية "خواجة صاحب‬

‫مؤلفاتاإلمام البخاري‬
‫* ‪.‬الجامع الصحيح المسند من حديث رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) وسننه وأيامه‪ ،‬المعروف بـ الجامع الصحيح‬
‫*‪.‬األدب المفرد‪ُ :‬‬
‫وطبع في الهند واألستانة والقاهرة طبعاتـ متعددة‬
‫‪ .‬التاريخ الكبير‪ :‬وهو كتاب كبير في التراجم‪ ،‬رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم‪ ،‬وقد طبع في الهند سنة (‪1362‬هـ = ‪1943‬م)*‬
‫التاريخ الصغير‪ :‬وهو تاريخ مختصر للنبي (صلى هللا عليه وسلم) وأصحابه ومن جاء بعدهم من الرواة إلى سنة (‪256‬هـ = ‪870‬م)‪ ،‬وطبع الكتاب *‬
‫‪.‬ألول مرة بالهند سنة (‪1325‬هـ = ‪1907‬م)‬
‫*‪.‬خلق أفعال العباد‪ :‬وطبع بالهند سنة (‪1306‬هـ = ‪1888‬م)‬
‫*‪.‬رفع اليدين في الصالة‪ :‬وطبع في الهند ألول مرة سنة (‪1256‬هـ = ‪1840‬م) مع ترجمة له باألوردية‬
‫*‪.‬ال ُكنى‪ :‬وطبع بالهند سنة (‪1360‬هـ = ‪1941‬م)‬
‫*‪.‬وله كتب مخطوطة لم ُت طبع بعد‪ ،‬مثل‪ :‬التاريخ األوسط‪ ،‬والتفسير الكبير‬

‫وفاة اإلمام البخاري‬


‫شهد العلماء والمعاصرون للبخاري بالسبق في الحديث‪ ،‬ول ّق بوه بأمير المؤمنين في الحديث‪ ،‬وهي أعظم درجة ينالها عالم في الحديث النبوي‪ ،‬وأثنوا عليه ‪-‬‬
‫‪.‬ثنا ًء عاطرً ا‬
‫فيقول عنه ابن خزيمة‪“ :‬ما تحت أديم السماءـ أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري”‪.‬وقال قتيبة بن سعيد‪“ :‬جالست الفقهاء والعباد والزهاد؛ فما ‪-‬‬
‫رأيت ‪-‬منذ عقلت‪ -‬مثل محمد بن إسماعيل‪ ،‬وهو في زمانه كعمر في الصحابة”‪.‬وقبَّله تلميذه النجيب “مسلم بن الحجاج” ‪-‬صاحب صحيح مسلم‪ -‬بين عينيه‪،‬‬
‫وقال له‪“ :‬دعني أقبل رجليك يا أستاذ األستاذِين‪ ،‬وسيد المح ِّد ثين‪ ،‬وطبيب الحديث في علله”‪.‬وعلى الرغم من مكانة البخاري وعِ َظم قدره في الحديث فإن‬
‫بعيدا عن وطنه‪ ،‬حتى لقي هللا في (‪ 30‬رمضان ‪256‬هـ‬ ‫ذلك لم يشفع له عند والي بخارى؛ فأساءـ إليه‪ ،‬ونفاه إلى “خرتنك”؛ فظل بها صابرً ا على البالء‪ً ،‬‬
‫‪ 31 =.‬أغسطس ‪869‬م)‪ ،‬ليلة عيد الفطر المبارك‬

‫صحيح البخاري‬
‫الجامع المسند الصحيح المختصر من ُأمور رسول هللا صلى هللا عليه وسلّم وسننه وأيامه»‪ ،‬الشهير ِبٱسم‪« ‬صحيح البخاري»‪ ‬هو أبرز كتب‪ ‬الحديث‬
‫النبوي‪ ‬عند المسلمين من‪ ‬أهل السنة والجماعة‪ .‬ص ّنفه اإلمام‪ ‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ ‬واستغرق في تحريره ستة عشر عاماً‪ ،‬وانتقى أحاديثه من ستمائة‬
‫ألف حديث جمعها‪ ‬ويحت ّل الكتاب مكانة متقدمة عند‪ ‬أهل الس ّنة‪ ‬حيث إنه أحد‪ ‬الكتب الس ّتة‪  ‬التي تعتبر من أمهات مصادر الحديث عندهم‪ ،‬وهو أوّ ل كتاب‬
‫مص ّنف في الحديث الصحيح المجرّد‪ ‬كما يعتبر لديهم أص ّح كتاب بعد‪ ‬القرآن الكريم‪ ‬ويعتبر كتاب صحيح البخاري أحد‪ ‬كتب الجوامع‪ ‬وهي التي احتوت‬
‫على جميع أبواب الحديث من العقائد واألحكام والتفسير والتاريخ والزهد واآلداب وغيرها‪.‬‬

‫مرحلة تاسيسه‬

‫تم تاسيسه في المرحلة الرابعة للتدوين اي بداية القرن الثالث الهجري‬

‫اسم الكتاب‬

‫لم يقع خالف بين العلماء أن االسم الكامل للكتاب هو «الجامع المسند الصحيح المختصر من ُأمور رسول هللا صلى هللا عليه وسلّم وسننه وأيامه» وأن هذا‬
‫االسم هو ما سمّاه به البخاريّ نفسه‪ .‬ذكر ذلك عدد من العلماء ومنهم‪ ‬ابن خير اإلشبيلي[‪ ]24‬وابن الصالح[‪ ]25‬والقاضي عياض[‪ ]26‬والنووي[‬
‫‪ ]27‬وابن الملقن[‪ ]28‬وغيرهم‪ .‬وكان البخاري يذكر الكتاب أحيانا ً باختصار فيسمّيه‪« :‬الصحيح»[‪ ]29‬أو «الجامع الصحيح»[‪ ]30‬وسمّاه بذلك عدد من‬
‫العلماء منهم‪ ‬ابن األثير[‪ ]31‬وابن نقطة[‪ ]32‬والحاكم النيسابوري[‪ ]33‬والصفدي[‪ ]34‬والذهبي[‪ ]35‬وابن ماكوال[‪ ]36‬وأبو الوليد الباجي[‪ ]37‬وغيرهم‪.‬‬
‫وقد عُرف الكتاب قديما ً وحديثا ً على ألسنة الناس والعلماء ِباْسم «صحيح البخاري» وأصبح هذا االختصار معهوداً معزواً إلى اإلمام البخاري للشهرة‬
‫الواسعة للكتاب ومص ّنفه‪.‬‬

‫مدّ ة تصنيفه‬

‫اشتغل البخاري في تصنيف الكتاب وجمعه وترتيبه وتنقيحه مد ًة طويلة‪ ،‬ذكر البخاري أنها بلغت ستة عشر عاماً‪ ،‬وذلك خالل ِرحْ الته العلمية الواسعة إلى‬
‫األقاليم اإلسالمية‪ ،‬فكان يرحل لطلب الحديث ثم يعود إلكمال ما بدأ من التصنيف ممّا سمعهـ وصح لديه وتجمع عنده من الحديث الصحيح‪ .‬وقد ابتدأ‬
‫تصنيفه في المسجد الحرام‪ ،‬قال البخاري‪« :‬صنفت كتابي هذا في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثا ً حتى استخرت هللا تعالى وصليت ركعتين وتيقنت‬
‫صحته» وجمع تراجمه في المسجد النبوي‪ ،‬قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني‪« :‬سمعت عبد القدوس بن همام يقول‪ :‬سمعتـ عدّة من المشايخ يقولون‪ :‬حوّ ل‬
‫محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي ﷺ ومنبره‪ ،‬وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين‪ ».‬وأكمله وبيّضه في بخارى‪ .‬وقد َح َرص البخاري‬
‫على الد ّقة والتثبّت في إخراج الكتاب فأعاد النظر فيه ع ّد ة مرات وتعاهده بالتهذيب والتنقيح‪ ،‬ولم يكد يتم تصنيفه حتى عرضه على شيوخه وأساتذته‬
‫ليعرف رأيهم فيه‪ ،‬ومنهم علي بن المديني‪ ،‬ويحيى بن معين‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪ ،‬فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة‪ .‬قال العقيلي‪« :‬لما ألّف البخاري كتابه‬
‫الصحيح عرضه على بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم فامتحنوه‪ ،‬وكلهم قال كتابك صحيح اال أربعة أحاديث‪ ».‬قال العقيلي‪« :‬والقول‬
‫فيها قول البخاري وهي صحيحة‪».‬‬

‫عدد أحاديث صحيح البخاري‬

‫قول ابن الصالح والنووي‪ :‬أن عدد أحاديثه (‪ )7275‬حديثاً‪ ،‬وبدون المكرر أربعة آالف‪.‬‬

‫قول ابن حجر‪ :‬إنه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعاتـ (‪ )7397‬حديثاً‪ ،‬والخالص من ذلك بال تكرار (‪ )2602‬حديثاً‪ ،‬وإذا أضيف إلى ذلك المتون‬
‫المعلقة المرفوعة وهي (‪ )159‬حديثا ً فمجموع ذلك (‪ ،) 2761‬وعدد أحاديثه بالمكرر والتعليقات والمتابعات واختالف الروايات (‪ )9082‬حديثاً‪ ،‬وهذا‬
‫غير ما فيه من الموقوف على الصحابة والتابعين‪.‬‬

‫عدد األحاديث المعلقة (‪ ،) 1341‬وأكثرها مكرر مخرج في الكتاب أصول متونه‪ ،‬وليس فيه من المتون التي لم تخرج في الكتاب ولو من طريق أخرى إال‬
‫(‪ )159‬حديثا ً معلقاً‪.‬‬

‫مكانة الكتاب واهتمام العلماء به‬

‫بالرغم من كثرة كتب الحديث عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬إال أن العلماء اعتبروه أصح الكتب المصنفة في الحديث‪ ،‬وثاني أص ّح الكتب على اإلطالق بعد‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬وقد ذكر ذلك العديد من العلماء ونقل بعضهم إجماع األمة على ذلك‪:‬‬

‫قال الذهبي‪«:‬وأما جامع البخاري الصحيح‪ ،‬فأجل كتب اإلسالم‪ ،‬وأفضلها بعد كتاب هللا تعالى»‬

‫يقول النووي‪«:‬أول مص ّنف في الصحيح المج ّر د‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ثم صحيح مسلم‪ .‬وهما أصح الكتب بعد القرآن‪ .‬والبخاري أص ّحهما‪ ،‬وأكثرهما فوائد‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬مسلم أصح‪ ،‬والصواب األول»‬

‫ويقول النووي أيضا ً‪«:‬اتفق العلماء ـ رحمهم هللا ـ على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان‪ ،‬البخاري ومسلم‪ ،‬وتلقتهما األمة بالقبول»‬

‫مجموعة من كتب الحديث‪ :‬الصحيحان والسنن األربعة‪ ،‬ويطلق عليهم الكتب الستة‬

‫وقال السخاوي‪«:‬صحيح البخاري وصحيح مسلم أصح الكتب بعد كتاب هللا تعالى»‬

‫قال ابن الصالح‪«:‬وكتاباهما (البخاري ومسلم) أصح الكتب بعد كتاب هللا العزيز»‬

‫وقال إمام الحرمين الجويني‪« :‬لو حلف إنسان بطالق امرأته‪ :‬أن ما في الصحيحين مما حكما بصحته من قول النبي ﷺ لما ألزمته الطالق‪ ،‬إلجماع‬
‫علماء المسلمين على صحته»‪.‬‬

‫وقال ابن تيمية‪«:‬فإن الذي اتفق عليه أهل العلم أنه ليس بعد القرآن كتاب أصح من كتاب البخاري ومسلم»‬

‫وقال ابن حجر العسقالني‪«:‬وكتاباهما (البخاري ومسلم)أصح الكتب بعد كتاب هللا العزيز‪».‬‬

‫وقال صديق حسن خان‪«:‬إن السلف والخلف جميعا ً قد أطبقوا على أن أصح الكتب بعد كتاب هللا تعالى صحيح البخاري ثم صحيح مسلم»‬

‫وقال األلباني‪«:‬والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب هللا تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم»‬

‫وقال الشيخ عبد المحسن العباد‪«:‬وي ّت فقان (صحيحا البخاري ومسلم) في أن العلماء تلقوهما بالقبول واعتبروهما أصح الكتب بعد كتاب هللا العزيز»‬

‫نقل عن أبي زيد المروزي أنه قال‪«:‬كنت نائما ً بين الركن والمقام‪ ،‬فرأيت النبي ﷺ في المنام‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا أبا زيد‪ ،‬إلى متى تدرس كتاب الشافعي‪ ،‬وال‬
‫تدرس كتابي؟ فقلت‪ :‬يا رسول هللا‪ .‬وما كتابك؟ قال‪ :‬جامع محمد بن إسماعيل»‬

‫اإلسناد في صحيح البخاري‬

‫روى عن‪ ‬عائشة‪ 242 ‬حديث‬ ‫‪‬‬

‫روى عن‪ ‬فاطمة الزهراء‪ ‬حديث واحد‬ ‫‪‬‬


‫روى عن‪ ‬أبو هريرة‪ 446 ‬حديث‬ ‫‪‬‬

‫روى عن‪ ‬علي بن ابي طالب‪ 29 ‬احاديث‬ ‫‪‬‬

‫روى عن‪ ‬عبد هللا بن عمر‪270 ‬‬ ‫‪‬‬

‫روى عن‪ ‬عمار بن ياسر‪ ‬اربع احاديث‬ ‫‪‬‬

‫روى عن‪ ‬سلمان الفارسي‪ ‬اربع احاديث‬ ‫‪‬‬

‫سبب تأليفه‬

‫قال البخاري‪ : ‬كنا عند‪ ‬إسحاق بن راهويه‪ ‬فقال‪ : ‬لو جمعتم كتابا ً مختصراً لصحيح سنة النبي ‪ .‬قال‪ : ‬فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح‬

‫ميزاته‬

‫اصح كتب الحديث النبوي الشريف‪ ،‬بل هو ثاني الكتب صحة بعد القرآن الكريم‪.‬‬

‫ب بين كتب الحديث والسنن‬


‫صحيح البخاري أعلى كتا ٍ‬

‫موضوعاته‬

‫ا ّتبع اإلمام البخاري في ترتيب صحيحه أسلوبا ً فريداً؛ حيث ر ّتب صحيحه على كتب مختلفة‪ ،‬ينضوي تحت ك ّل كتاب مجموعة من األبواب‪ ،‬وبلغ عدد‬
‫الكتب التي وضعها البخاري في صحيحه سبعة وتسعين كتابا ً؛ فابتدأ صحيحه بكتاب بدء الوحي‪ ،‬ثم اتبعه بكتاب اإليمان‪ ،‬ث ّم كتاب العلم‪ ،‬ث ّم أورد ُكتب‬
‫العبادات من وضوء‪ ،‬وغسل إلى أن أت ّم جميع العبادات‪ ،‬وجمع في تلك الكتب أحكام الشريعة‪ ،‬سوا ًء العمليّة أو االعتقاديّة‪ ،‬ومن ذلك أيضا ً كتاب تفسير‬
‫القرآن‪ ،‬وفضائله‪ ،‬وكتاب األدب‪ ،‬وكتاب الدعوات‪ ،‬وكتاب الرِّ قاق‪ ،‬ث ّم وضع كتابا ً ذكر فيه أحاديث األنبياء ‪-‬عليهم السالم‪ ،-‬وكتاب المناقب‪،‬ـ ووضع كتابا ً‬
‫ص ه بذكر سيرة النبي محمد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وغزواته‪ ،‬ووضع كتابا ً في الصحابة ‪-‬رضوان هللا عليهم أجمعين‪ ،-‬وجعل في أخر‬ ‫في المغازي خ ّ‬
‫صحيحه كتاب الفتن‪ ،‬وكتاب األحكام‪ ،‬وكتاب التم ّن ي‪ ،‬وذكر كتاب أخبار اآلحاد‪ ،‬وكذلك كتاب االعتصام بالكتاب وال ُس ّنة‪ ،‬وختم صحيحه بكتاب التوحيد‪.‬‬

You might also like