You are on page 1of 65

1

‫‪ 1‬قد اعتمدت يف الجزء المتعلق بسيرة اإلمام الشافعي على ما كتب يف مذهب الشافعية‪ ،‬خصوصا ما كتبه الدكتور أكرم القواسمي‬
‫– وفقه اهلل – مع ش يءء من التهذيب واالختصار ‪ ،‬فقد جرى التاظم – فيما يظهر لي‪ -‬على نفس ترتيب موضوعاته‪ ،‬لذلك أهملت‬
‫العزو فيما ذكر من أخبار ؛ اعتمادا على ذكره يف كتاب الدكتور القواسمي‪.‬‬
‫‪ 2‬أستاذ أصول الفقه المشارك بكلية الشريعة يف جامعة أم القرى ‪ -‬مكة المكرمة‬

‫‪2‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري (‪)6953‬‬

‫‪3‬‬
4
‫‪ 4‬وعليها اقتصر الناظم وفقه اهلل‬
‫كمصطلحات المؤلف يف كتابه‪ ،‬كالرموز التي يشار بما ألصحاب الحواشي والشروح نحو‪ :‬حفني شرواين‪ ،‬حلي‪ ،‬بصري‪ ،‬كردي‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫حج‪ ،‬م ر‪ ،‬ز ‪ ، ،‬سم‪ ،‬ق ل‪ ،‬شقي‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وكقول بعض العلماء إذا قلت‪ :‬شيخنا‪ ..‬فهو فالن‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬شيخي‪ ..‬فهو فالن‪،‬‬
‫وإذا قلت‪ :‬الشارح‪ ..‬فمرادي به فالن‪.‬‬
‫هو ما يتحتم على المولفين ذكره بحيث يتوجه إليهم اللوم واالعرتاض إن تركوه؛ فليس المراد به الوجوب الشرعي الذي يرتتب‬ ‫‪6‬‬

‫اإلثم على تركه‪ ،‬والثواب على فعله‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ 7‬أي‪ :‬مقارث لبعثته؛ فال ينايف طروء بعض المنفرات لبعض األنبياء‪ ،‬كعمی سيدنا يعقوب‪ ،‬وبالء سيدنا أيوب صلی اهلل عليهم وعلى‬
‫نبينا وسلم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ 8‬وفيه براعة استهالل‬
‫‪ 9‬ولعله يشير بذلك أن فضل مذهب الشافعي على سائر المذاهب‪.‬‬

‫‪7‬‬
8
‫الم ْي ُموين‪ :‬سمعت أحمد بن حنبل‪ ،‬يقول ألبي عثمان بن الشافعي‪ :‬إين َألُ ِح ُّبك لثالث خالل‪ :‬أنك رجل من قريش‪ ،‬وأنك‬
‫قال َ‬ ‫‪10‬‬

‫ابن أبي عبد اهلل‪ ،‬وأنك من أهل السنة‪.‬‬


‫وقريش هو فهر بن مالك‪ ،‬وإليه ينسب القرشيون‬

‫‪9‬‬
10
11
12
‫‪ 11‬وهي قبيلة عربية عدنانية انتشرت عشائرها بالقرب من مكة‪،‬‬

‫‪13‬‬
14
15
16
17
‫‪ 12‬ومن المفيد اإلشارة هنا إلى أن الزنجي هو أحد أبرز فقهاء تابعي التابعين الذين آل إليهم فقه الصحابة الذين استوطنوا مكة‬
‫المكرمة‪ ،‬ويف مقدمتهم سيدنا عبد اهلل بن عباس –رضي اهلل عنهما ‪ ،-‬الذي ورث علمه من فقهاء التابعين يف مكة‪ :‬عطاء بن أبي‬
‫رباح‪ ،‬ومجاهد بن جرب‪ ،‬وعكرمة مولى ابن عباس ‪ ،‬وعنهم وعن غيرهم أخذ الفقه عدد من صغار التابعين يف مكة‪ ،‬من أبرزهم ابن‬
‫جريج ‪ ،‬وعنه أخذ مسلم بن خالد الزنجي وغيره من فقهاء تابعي التابعين يف مكة‪ ،‬ويف حلقة درس الزنجي يف المسجد الحرام تفقه‬
‫اإلمام الشافعي يف صباه‪ ،‬ليؤ ول إليه بذلك فقه الصحابة والتابعين الذين استوطنوا مكة‪ ،‬وبقي اإلمام الشافعي يف مكة يأخذ عن‬
‫فقهائها ويسمع من محدثيها؛ فقد ذكر الحافظ أبو بكر البيهقي له تسعة عشر شيخا يف مكة وحدها ‪.‬‬
‫‪ 13‬مع األخذ بعين االعتبار أن وفاة مسلم بن خالد الزنجي كانت قبل وفاة سفيان بن عيينة بقرابة‬
‫العشرين عاما‪ ،‬ولقد عاصر ابن عيينة ظهور المذهب القديم لإلمام الشافعي ونشره له يف مكة ولعل ما يربر كثرة رواية اإلمام‬
‫الشافعي عن سفيان بن عيينة اتصاله به يف صباه ويف كهولته أيضا‬

‫‪18‬‬
‫۔‬

‫‪19‬‬
20
‫والذي يظهر من مجموع الروايات ‪-‬خاصة رواية إذن الزنجي له باإلفتاء يف سن الخامسة عشر ‪ ،-‬أن اإلمام الشافعي رحل إلى‬ ‫‪14‬‬

‫اإلمام مالك يف المدينة المنورة سنة ‪ ۱۹۳‬هجرية‪ ،‬وقرأ عليه الموطأ‪ ،‬لكن صحبته له لم تأخذ طابع المالزمة إال يف السنوات األخيرة‬
‫من حياة اإلمام مالك‪ ،‬الذي تويف سنة ‪ ۱۷۹‬هجرية رحمه اهلل ‪ ،‬أما قبل ذلك فقد كان اإلمام الشافعي يرتدد على مكة المكرمة ليأخذ‬
‫عن علمائها‪ . ،‬وربما مكث مع قبائل العرب حولها حينا من الزمن‪ ،‬وإلى هذا خلص العالمة محمد أبو زهرة فقال يف كتابه المفيد‬
‫(الشافعي حياته وعصره) ‪..‬‬
‫‪ 15‬وقد ذهب إلى رد تلك الروايات األستاذ عبد الغني الدقر من المعاصرين عندما قال يف كتابه( اإلمام الشافعي فقيه السنة األكرب) ‪:‬‬
‫(و ُيظن أن تحديد عمر الشافعي بثالث عشرة سنة حين رحل إلى مالك غير دقيق مع كثرة الروايات يف ذلك‪.)..‬‬

‫‪21‬‬
22
23
24
25
‫‪ 16‬أما كتاب‪ :‬اختالف مالك والشافعي‪ ،‬فقد صنفه اإلمام الشافعي يف مصر بعد أكثر من عشرين عاما مضت على صحبته لإلمام‬
‫مالك‪ ،‬و كان يومها قد بلغ مبلغا عظيما يف االجتهاد‪ ،‬ورسوخ القدم يف الفقه كما سيأيت بيانه‬

‫‪26‬‬
27
‫وهذا ما ارتضاه كل من العالمة محمد أبو زهرة واألستاذ عبد الغني الدقر يف ترجمتهما المفيدة لإلمام الشافعي عند تحقيق هذه‬ ‫‪17‬‬

‫المسألة‪ ،‬وعليه فقد جانب الشيخ محمد زاهد الكوثري ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬الصواب عندما قال يف تحقيقه لكتاب االنتقاء للحافظ ابن‬
‫عبد الرب‪ ...( :‬خروج الشافعي إلى اليمن وهو ابن سبع عشرة أو نحوها كما ورد بطرق‪ ،‬وبقي هناك إلى أن ُحمل إلى العراق‪ ،‬وكان‬
‫يقدم مكة للحج بين حين وآخر أثناء إقامته باليمن‪ ،‬وكانت مالزمته لمالك يف األوائل‪ .)..‬إذ الروايات التي ذكرت زيارات مبكرة‬
‫لإلمام الشافعي إلى اليمن إنما حملها على الجوالت التي كان يقوم هبا خالل إقامته يف المدينة المنورة سواء إلى قبائل العرب أو‬
‫إلى مكة أو حتى إلى اليمن‪ ،‬وقد سبقت اإلشارة إلى هذا التوجيه لمجموع الروايات‪ ،‬وهذا ال يعني استمرار وجود اإلمام الشافعي‬
‫يف اليمن منذ أن كان يف السابعة عشرة من عمره سنة ‪167‬ه‪ .‬وحتى سنة ‪ ۱۸4‬هجرية‪ ،‬عندما حمل إلى بغداد كما سيأيت‪ ،‬أي أنه مكث‬
‫يف اليمن سبعة عشر عاما‪ ،‬كما قرر الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه اهلل فهذا بعيد جدا‪.‬‬

‫‪28‬‬
29
‫‪ 18‬ويف بيان هذه الفائدة قال العالمة محمد أبو زهرة رحمه اهلل ‪( :‬تجعله ‪ -‬أي مخالطة المجتمع ‪ -‬يحس بإحساس الناس‪ ،‬ويندمج‬
‫يف أوساطهم ويتعرف خبيئة نفوسهم ودخائل مجتمعهم ويستشعر بمشاعرهم‪ ،‬وذلك أمر ضروري لكل من يتصدى لعمل يتعلق‬
‫بالمجتمع وما يتصل به يف معامالته وتنظيم أحواله وتوثيق عالئقه‪ ،‬وإن تفسير الشريعة واستخراج حقائقها والكشف عن موازينها‬
‫ومقاييسها يتقاضى من الباحث ذلك)‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ 19‬هو أبو عبد الرحمن هشام بن يوسف الصنعاين‪ ،‬قاضي صنعاء اليمن وفقيهها‪ ،‬اإلمام الثبت روی عن سفيان الثوري وغيره‪ ،‬ليس‬
‫بالمكثر يف الرواية لكنه متقن‪ ،‬تويف سنة ‪ ۱۹۷‬هجرية‪ ،‬ذكره من شيوخ اإلمام الشافعي الحافظ البيهقي والفخر الرازي‪ ،‬ونص على أنه‬
‫من شيوخه اليمنيين وكذا الحافظ ابن حجر‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ 20‬هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب األنصاري ثم الكويف‪ ،‬اإلمام أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة النعمان وتلميذه‪ ،‬وجد جده‬
‫كان صحابيا‪ ،‬ولد بالكوفة سنة ‪ ۱۱۳‬هجرية‪ ،‬وأخذ الحديث وكان حافظ‪ ،‬ثقة‪ ،‬ثم لزم أبا حنيفة فغلب عليه الراي‪ ،‬تولى القضاء‬
‫ببغداد لثالثة من الخلفاء هم الهادي والمهدي والرشيد‪ ،‬وكان الرشيد يكرمه ويجعله‪ ،‬وأسند إليه تعيين القضاة يف المشرق‬
‫والمغرب‪ ،‬وهو أول من دعي بقاضي القضاة‪ ،‬وقد سار بالقضاء سيرة مرضية حسنة‪ ،‬وهو أول من وضع الكتب على مذهب أبي‬
‫حنيفة‪ ،‬وعمل على نشر مذهبه يف سائر بالد المسلمين آنذاك‪ ،‬وخالف أستاذه وإمامه أبا حنيفة يف كثير من المسائل وأقام الحجة‬
‫على رأيه‪ ،‬واخذ عنه الكثير من العلماء منهم محمد بن الحسن الشيباين‪ ،‬تويف يف بغداد سنة ‪ ۱۸۲‬هجرية‪ ،‬راجع يف ترجمته‪ :‬أخبار‬
‫ابي حنيفة وأصحابه‪ ،‬الصيمري‪ ،‬ص‬
‫‪ ،۱۰۸ - ۹۷‬والبداية والنهاية‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬ج‪ ،۱۰‬ص ‪ ،۱۹۹۰ ۱۹۳‬وهتذيب سير أعالم النبالء‪ ،‬الحافظ الذهبي‪ ،‬ج ‪،۱‬‬
‫ص ‪ ،۳۰۰‬رقم الرتجمة ‪۱۳۲۸‬‬

‫‪32‬‬
33
34
35
‫‪ 21‬وقد ذهب العالمة محمد أبو زهرة إلى أنه غادر بغداد سنة ‪ 186‬هجرية‪ ،‬أي أنه مكث فيها سنتين‪ ،‬و الذي حققه األستاذ عبد‬
‫الغني الدقر أن مغادرة اإلمام الشافعي لبغداد كانت سنة ‪ ۱۸۹‬هجرية أي أنه مكث فيها خمس سنوات‪ ،‬ففي سنة ‪ ۱۸۹‬هجرية تويف‬
‫محمد بن الحسن الشيباين رحمه اهلل وهو يف طريقه إلى خراسان بصحبة الخليفة هارون الرشيد‪ ،‬على ما سبق يف ترجمته‪ ،‬وما كان‬
‫لإلمام الشافعي أن يغادر بغداد وفيها محمد بن الحسن‪ ،‬وقد أفاد منه ما أفاده‪ ،‬سواء يف أخذه عنه علما جما‪ ،‬أو يف مناظرته له‬
‫وألصحابه‪ ،‬على غرار مالزمته لإلمام مالك بن أنس يف المدينة حتى تويف سنة ‪ ۱۷۹‬هجرية‪.‬‬

‫‪36‬‬
37
‫‪ 22‬وقد عرف علماء األصول المجتهد المطلق بأنه‪ :‬الذي يستقل باجتهاده يف األصول والفروع واالستنباط من األدلة‪ ،‬وإن وافق يف‬
‫قاعدته قاعدة غيره‪ ،‬أو وافق فرعه فرع غيره فإنما هو من موافقة االجتهاد لالجتهاد ال من قبيل التقليد‪.‬‬

‫‪38‬‬
39
40
41
‫‪ 23‬وقد أحسن العالمة محمد أبو زهرة يف تعليله لطول مكث اإلمام الشافعي يف مكة هذه المرة بقوله‪ ...( :‬ويصح لنا أن نفهم من‬
‫مقامه الطويل يف مكة بعيدا عن ضجة العراق وتناحر اآلراء فيه‪ ،‬أنه فعل ذلك ليتوافر له االنصراف الكايف والتأمل المبصر‬
‫الستخراج هذه القواعد‪( ...‬يعني قواعد استنباط األحكام)‪...‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ 24‬وقد أحسن العالمة محمد أبو زهرة يف تعليله هذه الرحلة بقوله‪ ..( :‬ولعله ‪ -‬أي اإلمام الشافعي‪ -‬عندما انتهى إلى قدر يصح‬
‫إخراجه وعرضه للجمهرة من الفقهاء سافر إلى بغداد ِع ِّش الفقهاء جميعا‪ ،‬إذ ضعف أمر المدينة بعد وفاة مالك رضي اهلل عنه‪ ،‬وبعد‬
‫أن صار ببغداد أهل الرأي وأهل الحديث معا)‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ 25‬فهي عاصمة الخالفة ‪،‬وإليها يفد األمراء والوالة واألدباء والشعراء‪ ،‬وسوق العلم فيها رائجة‪ ،‬والمناظرات يف مساجدها محتدمة‪،‬‬
‫ومدونات شتى العلوم يف مكتباهتا العامة متوفرة‪ ،‬فمكتبة بيت الحكمة فيها أصبحت قبلة لطالب العلم بما تزخر به من نفائس‬
‫الكتب‪ ،‬وال شك أن بغداد كانت مركز النشاط يف تدوين العلوم الذي امتاز به هذا العصر عن سابقه‪.‬‬

‫‪44‬‬
45
46
‫‪ 26‬و لعل أبا ثور اعترب إعماله للرأي على حساب السنة هو من قبيل البدعة‪ ،‬وهذا يدل على شدة تأثره بفقه اإلمام الشافعي ومنهجه‪،‬‬
‫حتى إنه كان يقدمه على فقهاء التابعين فيما بعد‪ ،‬ويف ذلك أخرج الحافظ البيهقي بسنده إلى داود بن علي الظاهري يقول‪ :‬كنت عند‬
‫أبي ثور إذ دخل عليه رجل فقال‪ :‬يا أبا ثور‪ ،‬أما ترى هذه المصيبة التي نزلت بالناس؟ قال‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬يقولون‪ :‬إن الثوري أفقه‬
‫من الشافعي‪ ،‬فقال‪ :‬يا سبحان اهلل وقد قالوها؟! قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬نحن نقول‪ :‬إن الشافعي أفقه من إبراهيم النخعي وذويه‪ ،‬وقد جاءنا‬
‫هذا بالثوري)‪.‬‬

‫‪47‬‬
48
‫‪ 27‬وقد علل العالمة محمد أبو زهرة قصر إقامة اإلمام الشافعي يف بغداد يف زيارته الثالثة إليها‪ ،‬بما حصل يف خالفة المامون (من سنة‬
‫‪ ۱۹۸‬هجرية إلى سنة ‪ ۲۱۸‬هجرية) من غلبة العنصر الفارسي على العنصر العربي يف الدولة‪ ،‬وتقريب الخليفة للمعتزلة وتبنيه‬

‫‪49‬‬
‫آلرائهم‪ ،‬ومعاداته لمخالفيهم‪ ،‬وهذه بيئة ينفر منها اإلمام الشافعي وهو الفقيه القرشي وإمام أهل السنة يف زمانه‪ ،‬مما حمله على‬
‫االبتعاد إلى مصر متفرغا لنشر وتدوين مذهبه الجديد)‪.‬‬

‫‪ 28‬وقد نقل الحافظ ابن حجر العسقالين هذه الرواية شارحا لها يف توالي التأسيس‬

‫‪50‬‬
51
52
53
‫‪29‬ونقل الحافظ بن حجر العسقالين هذه الرواية أيضا‪ ،‬والتي يتضح منها جليا أن اإلمام الشافعي كان يدون ويع ِّلم ويملي يف مجلس‬
‫واحد بطريقة لم يسبق إليها‪ ،‬وهي تدل على عظيم فقهه ورسوخ قدمه يف العلم حتى استطاع أن يجعل من تالميذه نساخا لفقهه‬
‫وحفاظا له يف آن واحد‪ ،‬وهو خالل ذلك يجدد يف مذهبه‪ ،‬ويدرهبم االجتهاد ويحثهم على االستنباط‪ ،‬مما جعلهم يتدرجون يف‬
‫مراتب المجتهدين‪ ،‬من خالل درس إمامهم الذي كان أشبه بما يعرف يف زماننا بالندوة العلمية‪.‬‬

‫‪54‬‬
55
56
‫‪30‬ونق ل جمال الدين اإلسنوي يف طبقاته ما مفاده أن المزين انتهى حاله إلى كونه صاحب مذهب مستقل‪ ،‬وذلك ما خلص إليه أيضا‬
‫الدكتور محمد حسن هيتو عند ترجمته للمزين حيث قال‪ ...( :‬والخالصة أن ما كان من أقواله موافقا ألقوال اإلمام وجارية على‬
‫قواعده فهو من المذهب ال محالة‪ ،‬وإن كان رأيا له مخالفا به قول اإلمام وقواعده فهذا من مذهبه‪ ،‬فقد كان صاحب مذهب)‪.‬‬

‫‪57‬‬
58
59
60
61
62
63
‫‪ 31‬الشافعي ألبي زهرة ص‪149- 148‬‬
‫‪ 32‬البواسير هي أوردة متورمة يف الشرج والمستقيم السفلي‪ ،‬تشبه الدوالي الوريدية‪ ،‬وهو الذي أشار إليه الناظم بقوله ( وبالدوالي‬
‫مشتهر)‬

‫‪64‬‬
65

You might also like