Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
يع ّد كتاب ألف ليلة وليلة مجموعة قصصية من الشرق األوسط والهند ،وهي لح ٍد ما غير مؤكدة من
ضمنها حكاية عالء الدين ،وعلي بابا ،وسندباد والتي أصبحت جزءاً من الفلكلور الغربي ]٢[،وقد
ظهرت النسخة األولى في إيران عام 900م ،والتي تحتوي على حوالي 264حكاية ت ّم جمعها في هذا
الكتاب ،وقد أضيفت قصة شهرزاد التي تع ّد القصة المحورية للكتاب والتي ُأضيفت لتوفير سياق ومعنى
أكبر لجميع الحكايات ،ومع مرور الوقت تم إضافة قصص جديدة ،وبحلول عام 1450م تشكلت
القصص والحكايات في شكلها الحالي و من هته القصص :
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكالم المباح. -
وفي الليلة التاسعة والثالثين بعد الستمائة قالت :بلغني أيها الملك ،أن الرشيد لما اتكأ على مخدة
قال :هلم بحديثك ،فقال جميل :أني كنت مفتونا ً بفتاة محبا ً لها وكنت أتردد إليها إذ هي سؤالي من
الدنيا ثم إن أهلها رحلوا بها لقلة المرعى ،ثم إن الشوق جذبني إليها فشددت رحلي على ناقتي
وتعممت بعمامتي وخرجت طالبا ً لها وكنت أسرع في المسير فسرت ذات ليلة مظلمة ،وأنا مع
ذلك أكابد هبوط األودية وصعود الجبال فأسمع أصوات الوحوش من كل جانب وقد ذهل عقلي
ولساني ال يفتر عن ذكر هللا تعالى فبينما أنا أسير ،إذ غلبني النوم فأخذت غير الطريق التي كنت
فيها وغلب علي النوم ،وإذا أنا بشيء لطمني في رأسي فانتبهت مرعوباً .وإذا بأشجار وأطيار على
تلك األغصان تغرد بلغاتها وألحانها وأشجار gذلك المرج مشتبك بعضها ببعض ،فخرجت gمن تلك
األشجار إلى أرض فالة ،فمددت نظري في تلك البرية فاذا بي القى نارا و عندما وصلت إلى تلك
النار فقربت منها وإذا بخباء مضروب ورمح مركوز ودابة قائمة وخيل واقفة فقلت في نفسي
يوشك أن يكون لهذا الخباء شأن عظيم فإني ال أرى في تلك البرية سواه ،ثم تقدمت إلى جهة الخباء
وقلت :السالم عليكم يا أهل الخباء ورحمة هللا وبركاته ،فخرج إلي من الخباء غالم من أبناء التسع
عشرة سنة والشجاعة بين عينيه ،فقال :وعليك السالم ورحمة هللا وبركاته يا أخا العرب ،إني أظنك
ضاالً عن الطريق فقلت :األمر كذلك أرشدني يرحمك هللا.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكالم المباح. -
وفي الليلة األربعين بعد الستمائة قالت :بلغني أيها الملك السعيد ،ان الغالم قد قال يا أخا العرب إن
بلدنا هذه مسبعة وهذه الليلة مظلمة موحشة شديدة الظلمة والبرد وال آمن عليك من الوحوش فانزل
عندي فإذا كان الغد أرشدتك إلى الطريق فنزعت ما كان علي من الثياب وتخففت gوجلست ساعة،
وإذا بالشاب قد عمد إلى شاة فذبحها وإلى نار فأضرمها ،ثم دخل الخباء وأخرج gأبراراً وأقبل
يقطع من ذلك اللحم قطعا ً ويشويها على النار ويعطيني ثم بكى بكاء شديداً وأنشد يقول هذه األبيات:
ومقلة انسانهـا بـاهـت
لم يبق إال نفس هـامـت
إال وفيه سبقـم كـابـت لم يبق في أعضائه مفصل
توقـد إال أنـه سـاكـت ودمعة جـار وأحـشـاؤه
يا ويح من يرحمه الشامت تبكي له أعـداؤه رحـمة
قال جميل :فعلمت عند ذلك يا أمير المؤمنين ،أن الغالم عاشق فقلت في نفسي :هل أسأله؟ ثم
راجعت نفسي و توقفت فلما فرغنا من األكل قام الشاب ودخل الخباء وأخرج طشتا ً نظيفا ً وابريقا ً
حسناً ،ومنديالً من الحرير أطرافه gمزركشة بالذهب األحمر ،وقمقما ً ممتلئا ً من ماء الورد فعجبت
من ظرفه ورقة حاشيته ثم غسلنا يدينا وحدثنا ساعة ثم قام ودخل الخباء وفصل بيني وبينه بفاصل
من الديباج األحمر وقال :ادخل يا وجه العرب وخذ مضجعك فقد لحقك في هذه الليلة تعب وفي
سفرتك هذه نصب مفرط فدخلت ،فعند ذلك نزعت ما علي من الثياب وبت ليلة لم أبت في عمري
مثلها.
-وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكالم المباح.
ً
وفي الليلة الواحدة واألربعين بعد الستمائة قالت :بلغني أيها الملك السعيد ،أن جميال قال :فبت ليلة
لم أبت في عمري مثلها وكل ذلك وأنا متفكر في أمر هذا الشاب ،إلى أن جن الليل فلم أشعر إال
بصوت خفي لطيف فرفعت الفاصل المضروب بيننا وإذا أنا بصبية لم أر أحسن منها وجها ً وهي
في جانبه وهما يتشاكيان ألم الهوى والصبابة وشدة اشتياقهما إلى التالقي فقلت :يا للعجب من هذا
الشخص الثاني ،ثم قلت في نفسي الشك أن هذه البنت من بنات الجن تهوى هذا الغالم وقد تفرد
بها في هذا المكان وتفردت به ،ثم أمعنت النظر فيها فإذا هي أنسية عربية إذا أسفرت عن وجهها
تخجل الشمس المضيئة وقد أضاء الخباء من نور وجهها ،فلما تحققت أنها محبوبته تذكرت غيرة
المحبة فغطيت وجهي ونمت.
فلما أصبحت لبست ثيابي وصليت ثم قلت له :يا أخا العرب هل لك أن ترشدني إلى الطريق ،فنظر
إلي وقال :على رسلك يا أخا العرب إن الضيافة ثالثة أيام وما كنت بالذي يهديك إال بعد ثالثة أيام
قال جميل فأقمت عنده ثالثة أيام ،فلما كان في اليوم الرابع جلسنا للحديث فحدثته وسألته عن اسمه
ونسبه .فقال :أما نسبي فأنا من بني عذرة ،وأما اسمي أنا فالن ابن فالن وعمي فالن فإذا هو ابن
عمي يا أمير المؤمنين ،فقلت يا ابن العم ما حملك على ما أراه منك من االنفراد في هذه البرية،
وكيف تركت نعمتك وانفردت بنفسك في هذا المكان؟ فلما سمع يا أمير المؤمنين كالمي تغرغرت
عيناه بالدموع ،ثم قال :يا ابن العم إني كنت محبا ً البنة عمي مجنونا ً في هواها ال أطيق الفراقg
عنها فزاد عشقي لها فخطبتها من عمي ،فأبى وزوجها لرجل من بني عذرة ودخل بها وأخذها إلى
المحلة التي هو فيها من العام األول ،فلما بعدت عني حملتني لوعات الهوى على ترك أهلي
وانفردت بهذا البيت في البرية وألفت وحدتي فقلت :وأين بيوتهم؟ قال :هي قريبة في ذروة هذا
الجبل وهي كل ليلة عند نوم العيون تنسل من الحي سراً فأقضي منها بالحديث وطراً ،وها أنا مقيم
على ذلك الحال أتسلى بها ساعة من الليل ليقضي هللا أمراً كان مفعوالً ،ثم قال جميل :فلما أخبرني
الغالم غمني أمره وصرت من ذلك حيران لما أصابني من الغيرة فقلت له :يا ابن العم هل أن أدلك
على حيلة أشير بها عليك فقال الغالم :قل لي يا ابن العم ،فقلت له :إذا كان الليل وجاءت الجاريةg
فاطرحها gعلى ناقتي فإنها سريعة الرواح واركب أنت جوادك وأنا أركب بعض هذه النياق وأسير
بكما الليلة جميعها ،فما يصبح الصباح إال وقد قطعت بكما براري وقفاراً gوتكون قد ظفرت
بمحبوبة قلبك وأرض هللا واسعة فضاها وأنا وهللا مساعدك ما حييت بروحي ومالي وسيفي.
-وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكالم المباح.
وفي الليلة الثانية واألربعين بعد الستمائة قالت :بلغني أيها الملك السعيد ،أن جميالً لما قال البن
عمه على أخذ الجارية ويذهبان بها في الليل ويكون عونا ً له ومساعداً مدة حياته فلما سمع ذلك قال:
يا ابن العم حتى أشاورها في ذلك ،فإنها بصيرة باألمور قال جميل :فلما جن الليل وحان وقت
مجيئها وهو ينتظرها ،فأبطأت عن عادتها فرأيت الفتى خرج وجلس يتنسم هبوب الريح وينشد
هذين البيتين:
من بلدة فيها الحبيب مـقـيم ريح الصبا يهدي إلي نـسـيم
أفتعلمين متى يكـون قـدوم يا ريح فيك من الحبيب عالمة
ثم دخل الخباء وقعد ساعة زمانية وهو يبكي ثم قال :يا ابن العم إن البنة عمي في هذه الليلة نبأ وقد
حدث لها أو عاقها عني عائق ،ثم قال لي :كن مكانك حتى آتيك بالخبر ثم أخذ سيفه وغاب عني
ساعة من الليل ثم أقبل وعلى يده شيء يحمله ،ثم صاح علي فأسرعت إليه فقال يا ابن العم أتدري
ما الخبر؟ فقلت :ال وهللا ،فقال :لقد فجعت في ابنة عمي هذه الليلة ألنها قد توجهت إلينا فتعرض لها
في طريقها أسد فافترسها ولم يبق منها إال ما ترى ثم طرح ما كان على يده فإذا هو مشاش الجارية
وما فضل من عظامها ،ثم بكى بكاء شديداً ورمى القوس من يده وأخذ كيسا ً على يده ثم قال :ال
تبرح إلى أن آتيك إن شاء هللا تعالى ثم سار فغاب عني ساعة ثم عد وبيده رأس أسد فطرحه gمن
يده ،ثم طلب ماء فأتيته به فغسل فم األسد وجعل يقبله ويبكي وزاد حزنه عليها وجعل ينشد هذه
األبيات:
هلكت وقد هيجت لي بعدها حزنـا أال أيها الليث المـغـر بـنـفـسـه
وصيرت بطن األرض قبراً لها رهنا وصيرتني فرداً وقد كنـت ألـفـهـا
معاذ إليها أن تريني لـهـا خـدنـا أقول الدهر ساءنـي بـفـراقـهـا
ثم قال :يا ابن العم سألتك باهلل وبحق القرابة والرحم التي بيني وبينك أن تحفظ وصيتي فستراني
الساعة ميتا ً بين يديك فإذا كان ذلك فغسلني وكفني أنا وهذا الفاضل من عظام ابنة عمي في هذا
الثوب وادفنا جميعا ً في قبر واحد واكتب على قبرنا هذين البيتين:
والشمل مجتمع والدار والوطـن كنا على ظهرها والعيش في رغد
وصار معنا في بطنها الكـفـن ففرق الدهـر والـتـصـريفـا
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكالم المباح. -
وفي الليلة الثالثة واألربعين بعد الستمائة قالت :بلغني أيها الملك السعيد ،أن الغالم وصى جميل بأن
يكتب بعد موته على قبره بيتين من الشعر ثم بكى بكاء شديداً ودخل الخباء وغاب عني ساعة
وخرج وصار يتنهد ويصيح ثم شهق شهقة ففارق الدنيا .فلما رأيت ذلك منه عظم علي وكبر عندي
حتى كدت أن ألحق به من شدة حزني عليه ،ثم تقدمت إليه فأضجعته وفعلت به ما أمرني من العمل
وكفنتهما ودفنتهما جميعا ً في قبر واحد وأقمت عند قبرهما ثالثة أيام ،ثم ارتحلت وأقمت سنتين
أتردد إلى زيارتهما ،فلما سمع الرشيد كالمه اعجبه و جزاه جائزة تليق بحكايته
بداية ب ذهاب جميل ليال و عثوره على الغالم و التقاء الغالم ب تواتر األحداث
:الخاتمة
و ختاما تعتبر قصص الف ليلة و ليلة من أفضل ما في المكتبه العربيه من مصدر حياتي
واقعي لما يحتويه من االشعار ولما يشير اليه من حكايات وقصص تعرفنا بالتاريخ القديم
وبالعادات التي كان لها التأثير ،كل التأثير اجتماعيا وثقافيا وعلميا ويستدل على ذلك من
سعة انتشار هذا االثر الخالد وتهافت المطابع العربيه ودور النشر قديما وحيثما على
اعادة طباعته في مجمل عواصم العالم عدا عن المبادره إلى ترجمته إلى مختلف اللغات
ونخص بالذكر الترجمتين الفرنسيه واالنجليزيه.
.