You are on page 1of 21

‫تفسري أمساء اهلل احلسىن‬

‫للشيخ عبد الرمحن السعدي‬

‫مجعا ودراسة إعداد‪:‬‬


‫د‪ .‬عبيد بن علي العبيد‬
‫األستاذ املساعد يف كلية القرآن الكرمي يف اجلامعة اإلسالمية‬
‫املقدمة‬

‫إن احلمد هلل حنمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن حممداً عبده ورسوله صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫اللهَ حَقَّ ُتقَاِتهِ وَال تَمُوتُنَّ إِال وَأَنْتُ ْم مُسْلِمُونَ}(‪.)1‬‬


‫{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا َّاتقُوا َّ‬

‫{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رََّبكُمُ الَّذِي خََل َقكُ ْم مِنْ َنفْسٍ وَاحِ َد ٍة َوخَلَ َق مِنْهَا زَ ْوجَهَا وَب َّ‬
‫َث‬
‫اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ‬
‫اللهَ الَّذِي َتسَاءَلُونَ ِبهِ وَالَْأ ْرحَامَ إِنَّ َّ‬
‫َاتقُوا َّ‬
‫مِنْهُمَا ِرجَاالً كَثِرياً وَنِسَاءً و َّ‬
‫رَقِيباً}(‪.)2‬‬

‫الل َه وَقُولُوا قَ ْوالً سَدِيداً يُصِْلحْ َلكُمْ أَعْمَالَكُمْ وََي ْغ ِفرْ َلكُمْ‬
‫{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا َّاتقُوا َّ‬
‫اللهَ َورَسُوَلهُ َفقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}(‪.)4( )3‬‬ ‫ذُنُوَبكُ ْم َومَنْ يُطِ ِع َّ‬

‫آل عمران (‪.)102‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫النساء (‪.)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫األحزاب (‪.)00،01‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫هذه خطبة احلاجة اليت كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يعلمها أصحابه‪ ،‬وأخرج‬ ‫(‪)4‬‬

‫احلديث أبو داود يف سننه (‪ )191/2‬كتاب النكاح باب خطبة النكاح‪ ،‬والنسائي‬
‫(‪ )99/6‬كتاب النكاح باب ما يستحب من الكالم عند النكاح‪ ،‬وابن ماجه يف‬
‫سننه (‪ )609/1‬كتاب النكاح باب يف خطبة النكاح‪ ،‬والترمذي وحسنه‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫فإن خري احلديث كتاب اهلل‪ ،‬وخري ادهدي هدي حممد صلى اهلل عليه وسلم وشر األمور‬
‫حمدثاهتا‪ ،‬وكلّ حمدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة يف النّار‪.‬‬

‫اعلم ‪ -‬وفقين اهلل وإياك ‪ -‬أنّ اهلل أمر املؤمنني باإلميان به يف غري موضع يف كتابه‪ ،‬فقال‬
‫سبحانه وتعاىل‪{ :‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ َورَسُوِلهِ}(‪.)1‬‬

‫وإنّ من أهم مايتضمنّه اإلميان باهلل تعاىل ‪-‬الذي هو أول أركان اإلميان‪ -‬التعرف عليه‬
‫سبحانه بأمسائه وصفاته معرفة تثمر اخلشية والعمل بآثارها على منهاج أهل السنة‬
‫واجلماعة‪.‬‬

‫مهيّة موضوع أمساء اهلل احلسىن أمواا ثيري مهاا‬


‫وإن مما يبني أ ّ‬

‫‪-1‬إنّ العلم باهلل‪ ،‬وأمسائه‪ ،‬وصفاته أشرف العلوم‪ ،‬وأجلها على اإلطالق ألنّ شرف‬
‫العلم بشرف املعلوم‪ ،‬واملعلوم يف هذا العلم هو اهلل سبحانه‪ ،‬وتعاىل بأمسائه‪ ،‬وصفاته‬
‫وأفعاله‪ ،‬فاالشتغال بفهم هذا العلم اشتغال بأعلى املطالب‪ ،‬وحصوله للعبد من أشرف‬
‫املواهب (‪.)6‬‬

‫(‪ )404/3‬كتاب النكاح باب ما جاء يف خطبة النكاح‪ ،‬وقد توسع األلباين يف‬
‫ختريج احلديث يف رسالته خطبة احلاجة‪.‬‬
‫النساء (‪.)136‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫درء تعارض العقل والنقل لشيخ اإلسالم ابن تيمية (‪ )20،29/1‬والفتوى احلموية‬ ‫(‪)6‬‬

‫له ضمن جمموع الفتوى لشيخ اإلسالم ابن تيمية (‪ )6/1‬وإعالم املوقعني البن القيم‬
‫‪-2‬إن معرفة اهلل تعاىل تدعو إىل حمبته‪ ،‬وخشيته‪ ،‬وخوفه‪ ،‬ورجائه‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬وإخالص‬
‫العمل له‪ ،‬وهذا هو عني سعادة العبد‪ ،‬وال سبيل إىل معرفة اهلل إال مبعرفة أمسائه احلسىن‪،‬‬
‫والتفقه يف معانيها‪.‬‬

‫‪-3‬إن معرفة اهلل سبحانه وتعاىل بأمسائه احلسين مما يزيد اإلميان كما قال الشيّخ ابن‬
‫سعدي رمحه اهلل‪" :‬أنّ اإلميان بأمساء اهلل احلسىن‪ ،‬ومعرفتها يتضمّن أنواع التوحيد الثالثة‪،‬‬
‫توحيد الربوبيّة‪ ،‬وتوحيد األلوهية‪ ،‬وتوحيد األمساء‪ ،‬والصفات‪ ،‬وهذه األنواع هي رَوح‬
‫اإلميان وروحه (‪ ،)0‬وأصله وغايته فكلّما ازداد العبد معرفة بأمساء اهلل‪ ،‬وصفاته ازداد‬
‫إميانه‪ ،‬وقوي يقينه (‪.)9‬‬

‫أهم أسباب اختياا املوضوع‬

‫‪ -1‬عظم أمر اإلميان بأمساء اهلل احلسىن إذ إن معرفتها هو أصل اإلميان‪ ،‬واإلميان يرجع‬
‫إليها‪ .‬وذلك لشرف متعلقها‪ ،‬وعظمته‪ ،‬ووجوب معرفته تعاىل كما وصف نفسه‬
‫ووصفه نبيه صلى اهلل عليه وسلم كما سبق‪.‬‬

‫‪ -2‬ندرة الكتابة يف هذا املوضوع على منهج سلف األمة‪.‬‬

‫(‪ )49/1‬وتيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان السعدي (‪.)24/1‬‬


‫الرَوّح‪ :‬الفرح‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب (‪.)419/2‬‬ ‫(‪)0‬‬

‫التوضيح والبيان لشجرة اإلميان للسعدي (ص‪.)41‬‬ ‫(‪)9‬‬


‫‪ -3‬ملا يتّسم به شرح األمساء احلسىن للسّعديّ من مشول‪ ،‬ودقة يف الفهم على منهج‬
‫سلف األمة‪ ،‬مع غوص يف بيان املعاين اإلميانيّة لألمساء احلسىن‪ ،‬وبيان آثار اإلميان هبا‪ ،‬قلّ‬
‫أن جتده عند غريه رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬

‫ال يف شرح األمساء‬


‫‪ -4‬من خالل مطالعيت لتفسري السعدي رمحه اهلل‪ ،‬وجدته عقد فص ً‬
‫احلسىن بعد تفسريه لسورة النحل‪.‬‬

‫ووجدت يف نفسي رغبة يف إخراجه‪ ،‬وطباعته مستقالً عن التفسري لتعمّ الفائدة ويسهل‬
‫حصوله ملريده‪ ،‬حيث إن موضعه يف التفسري ليس مظنّة لقاصده‪ ،‬وبعد العزم‪ ،‬والتصميم‬
‫على ذلك‪ ،‬استشرت بعض املشايخ‪ ،‬والزمالء‪ ،‬فوجدت منهم استحساناً لألمر‪ ،‬وأشاروا‬
‫عليَّ بأن أزيد على هذا الفصل كل ما يتعلق بشرح األمساء احلسىن من كتب الشيخ عبد‬
‫الرمحن السّعديّ ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬ومجعها‪ ،‬وترتيبها‪ ،‬وإخراجها‪.‬‬

‫وكان ممن له أثر كبري يف ذلك األخ الدكتور‪ /‬عبد الرزاق بن عبد احملسن العباد وفقه اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬حيث أحتفين بفهرس ملواطن األمساء احلسىن من كتب ابن سعدي رمحه اهلل تعاىل‬
‫فجزاه اهلل خري اجلزاء‪.‬‬

‫ودهذه األسباب وغريها رغبت يف إخراج هذا اجملموع‪ ،‬واهلل ادهادي لسواء السبيل‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫وتشتمل على مقدمة وقسمني‪:‬‬


‫املقدمة‪ :‬وذكرت فيها‪:‬‬
‫‪-1‬أمهية املوضوع‪.‬‬
‫‪-2‬أسباب اختيار املوضوع‪.‬‬
‫‪-3‬خطة البحث‪.‬‬
‫‪-4‬منهجي يف البحث‪.‬‬

‫القسم األول‪ :‬الدراسة وتشتمل على أربعة مباحث‪:‬‬


‫املبحث األول‪ :‬ترمجة موجزة للشيّخ عبد الرمحن السعدي رمحه اهلل‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬منهج الشيخ ابن السعدي ‪ -‬رمحه اهلل تعاىل ‪ -‬يف األمساء احلسىن‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬أمساء اهلل تعاىل توقيفية‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬حديث هلل تسعة وتسعون امسا والكالم عليه‪.‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬عرض شرح أمساء اهلل احلسىن للسعدي مجعاً ودراسة‪.‬‬
‫منهجي يف البحث‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مجع املادة العلمية من كتب الشيخ عبد الرمحن السعدي رمحه اهلل وهى من الكتب‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان‪.‬‬
‫‪-2‬تيسري اللطيف املنان يف خالصة تفسري القرآن‪ ،‬وقد أشرت إليه يف العزو باسم‬
‫اخلالصة‪.‬‬
‫‪-3‬توضيح الكافية الشافية‪.‬‬
‫‪-4‬احلق الواضح املبني يف شرح توحيد األنبياء واملرسلني من الكافية الشافية‪.‬‬
‫‪-1‬املواهب الربانية من اآليات القرآنية‪.‬‬
‫‪-6‬هبجة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار يف شرح جوامع األخبار‪.‬‬
‫‪-0‬جمموع الفوائد واقتناص األوابد‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬النظر فيما قاله عن كل اسم من أمساء اهلل احلسىن‪ ،‬وتأليفه‪ ،‬وترتيبه‪ ،‬وحذف ما‬
‫تكرر منه‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬ترتيب األمساء احلسىن حسب حروف ادهجاء مع ترقيمها ترقيماً تسلسلياً مث عرض‬
‫ما قاله الشيخ عن االسم وجعله بني عالميت تنصيص‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬االستدالل لالسم الذي مل يستدل له الشيخ من الكتاب أو السنة إن وجد‪،‬‬


‫وأجعله يف احلاشية‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬أعلق على ما حيتاج إىل تعليق‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬عزو اآليات إىل سورها وأرقامها‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬ختريج األحاديث‪.‬‬

‫ثامناً‪ :‬جعلت يف خامتة البحث ملخّصًا يبيّن أهم النتائج اليت توصلت إليها من خالل‬
‫البحث‪.‬‬

‫تاسعاً‪ :‬وضع الفهارس الالزمة للبحث‪.‬‬

‫هذا وإن احلمد هلل تعاىل على التمام‪ ،‬وله الشكر على كل حال أمحده سبحانه أن يسر يل‬
‫إخراج هذا اجملموع عسى اهلل أن ينفع به جامعه‪ ،‬وقارئه‪ ،‬وكل من مسعه‪.‬‬

‫كما أسأله سبحانه أن يكون هذا العمل متقبالً عنده وسائر أعمايل إنه مسيع جميب‪.‬‬

‫وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬الدراسة وتشتمل على‪:‬‬

‫املبحث األول‬
‫(‪)9‬‬
‫ترمجة موجز عن الشيخ عبد الرمحن السعدي امحه اهلل‬

‫أوال امسه ونسبه‬


‫هو الشيخ العالمة أبو عبد اهلل عبد الرمحن بن ناصر بن عبد اهلل بن ناصر بن محد آل‬
‫سعدي‪ ،‬من بين متيم‪.‬‬

‫ثانيا مولده‬
‫ولد يف عنيزة يف القصيم يف الثاين عشر من حمرم سنة ألف وثالمثائة وسبع من ادهجرة‬
‫النبوية على صاحبها أفضل الصالة والتسليم‪.‬‬

‫(‪ )9‬انظر مصادر هذه الترمجة يف‪:‬‬


‫‪ -1‬روضة الناظرين عن مآثر علماء جند وحوداث السنني للشيخ حممد بن عثمان‬
‫القاضي (‪.)219/1‬‬
‫‪ -2‬علماء جند خالل مثان قرون للشيخ عبد اهلل البسام (‪.)219/3‬‬
‫‪ -3‬مشاهري علماء جند وغريهم للشيخ عبد الرمحن بن عبد اللطيف آل الشيخ‬
‫(ص‪.)216‬‬
‫‪ -4‬مقدمة كتاب الرياض الناضرة البن سعدي بقلم أحد تالميذ الشيخ‪.‬‬
‫‪ -1‬الشيخ عبد الرمحن بن سعدي وجهوده يف توضيح العقيدة‪ ،‬رسالة ماجستري إعداد‬
‫د‪/‬عبد الرزاق بن عبد احملسن العباد (من ص‪ 13‬إىل ‪.)61‬‬
‫ثاليا نشأته‬
‫نشأ الشيخ يتيماً فقد توفيت أمه وله أربع سنني‪ ،‬وتوىف والده وله سبع سنني‪ ،‬ولكنه‬
‫نشأ نشأة صاحلة وقد أثار اإلعجاب فقد اشتهر منذ حداثته بفطنته‪ ،‬وذكائه‪ ،‬ورغبته‬
‫الشديدة يف طلب العلم وحتصيله‪ ،‬فحفظ القرآن عن ظهر قلب وعمره أحد عشر سنة مث‬
‫اشتغل بالعلم على يد علماء بلده فاجتهد يف طلب العلم وجَدّ فيه وسهر الليايل وواصل‬
‫األيام حىت نال احلظ األوفر من كل فن من فنون العلم وملا بلغ من العمر ثالثاً وعشرين‬
‫سنة جلس للتدريس فكان يَتَعلم ويُعلِّم‪.‬‬

‫اابعا نبذ من أخالقه‬


‫كان على جانب كبري من األخالق الفاضلة‪ ،‬متواضعاً للصغري‪ ،‬والكبري‪ ،‬والغين‪ ،‬والفقري‪،‬‬
‫وكان يقضي بعض وقته باالجتماع مبن يرغب حضوره فيكون جملسهم جملساً علمياً‬
‫حيث إنه حيرص على أن حيتوي على البحوث العلمية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وحيصل ألهل‬
‫اجمللس فوائد عظمى من هذه البحوث‪ ،‬وكان يتكلم مع كل فرد مبا يناسبه‪ ،‬وكان ذا‬
‫شفقة على الفقراء‪ ،‬واملساكني‪ ،‬والغرباء مادًّا يد املساعدة دهم حبسب قدرته‪ ،‬ويستعطف‬
‫دهم احملسنني ممن ُيعْرف عنهم حب اخلري يف املناسبات‪.‬‬

‫وكان على جانب كبري من األدب‪ ،‬والعفّة‪ ،‬والنّزاهة‪ ،‬واحلزم يف كل أعماله‪ ،‬وكان من‬
‫أحسن الناس تعليماً‪ ،‬وأبلغهم تفهيماً‪.‬‬

‫خامسا مكانته العلميّة‬


‫كان رمحه اهلل ذا معرفة فائقة يف الفقه وأصوله‪ ،‬وكان أول أمره متمسكاً باملذهب‬
‫احلنبليّ تبعاً ملشاخيه‪ ،‬وحفظ بعض املتون من ذلك‪.‬‬
‫وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وتلميذه ابن القيم‪ ،‬وحصل‬
‫له خري كثري بسببيهما يف علم األصول والتوحيد‪ ،‬والتفسري‪ ،‬ولغته‪ ،‬وغريها من العلوم‬
‫النافعة‪ .‬وبسبب استنارته بكتب الشيخني املذكورين صار ال يتقيد باملذهب احلنبلي‪ ،‬بل‬
‫يرجح ما َت َرجّح عنده بالدليل الشرعي‪ ،‬وال يطعن يف علماء املذاهب‪ .‬وله مكانة مرموقة‬
‫يف علم التفسري إذ قرأ عدة تفاسري وبرع فيه وألف تفسريًا جليالً‪ ،‬يف مثان جملدات‪ ،‬فسره‬
‫بالبديهية من غري أن يكون عنده وقت لتصنيف كتاب تفسري وال غريه‪.‬‬

‫دائماً يقرأ تالميذه يف القرآن الكرمي ويفسره ارجتاالً‪ ،‬ويستطرد‪ ،‬ويبني من معاين القرآن‪،‬‬
‫وفوائده‪ ،‬ويستنبط منه الفوائد البديعة واملعاين اجلليلة‪ ،‬حىت أن سامعه يودّ أن ال يسكت‪،‬‬
‫لفصاحته‪ ،‬وجزالة لفظه‪ ،‬وتوسعه يف سياق األدلة‪ ،‬والقصص‪ ،‬ومن اجتمع به وقرأ عليه‬
‫وحبث معه عرف مكانته العلمية‪ ،‬وكذلك من قرأ مصنفاته وفتاويه‪.‬‬

‫سادسا مصهفاته‬
‫كان رمحه اهلل تعاىل ذا عناية بالغة بالتأليف فشارك يف كثري من فنون العلم فألّف يف‬
‫التوحيد‪ ،‬والتفسري‪ ،‬والفقه‪ ،‬واحلديث‪ ،‬واألصول‪ ،‬واآلداب‪ ،‬وغريها‪ ،‬وأغلب مؤلفاته‬
‫مطبوعة إال اليسري منها‪ ،‬وإليك سرد دهذه املؤلفات‪:‬‬

‫‪-1‬األدلة والقواطع والرباهني يف إبطال أصول امللحدين‪.‬‬


‫‪-2‬اإلرشاد إىل معرفة األحكام‪.‬‬
‫‪-3‬انتصار احلق‪.‬‬
‫‪-4‬هبجة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار يف شرح جوامع األخيار‪.‬‬
‫‪-1‬التعليق وكشف النقاب على نظم قواعد اإلعراب‪.‬‬
‫‪-6‬توضيح الكافية الشافية‪.‬‬
‫‪-0‬التوضيح والبيان لشجرة اإلميان‪.‬‬
‫‪-9‬التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من املباحث املنيفة‪.‬‬
‫‪-9‬تزنيه الدين ومحلته ورجاله مما افتراه القصيمي يف أغالله‪.‬‬
‫‪-10‬تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان‪.‬‬
‫‪-11‬تيسري اللطيف املنان يف خالصة تفسري القرآن‪.‬‬
‫‪-12‬اجلمع بني اإلنصاف ونظم ابن عبد القوي‪.‬‬
‫‪-13‬اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬أو واجب املسلمني وما فرضه اهلل عليهم يف كتابه حنو دينهم‬
‫وهيئتهم االجتماعية‪.‬‬
‫‪-14‬احلق الواضح املبني يف شرح توحيد األنبياء واملرسلني من الكافية الشافية‪.‬‬
‫‪-11‬حكم شرب الدخان‪.‬‬
‫‪-16‬اخلطب املنربية على املناسبات‪.‬‬
‫‪-10‬الدرة البهية شرح القصيدة التائية يف حل املشكلة القدرية‪.‬‬
‫‪-19‬الدرة املختصرة يف معان دين اإلسالم‪.‬‬
‫‪-19‬الدالئل القرآنية يف أن العلوم النافعة العصرية داخلة يف الدين اإلسالمي‪.‬‬
‫‪-20‬الدين الصحيح حيل مجيع املشاكل‪.‬‬
‫‪-21‬رسالة يف القواعد الفقهية‪.‬‬
‫‪-22‬رسالة لطيفة جامعة يف أصول الفقه املهمة‪.‬‬
‫‪-23‬الرياض الناضرة واحلدائق النرية الزاهرة يف العقائد والفنون املتنوعة الفاخرة‪.‬‬
‫‪-24‬سؤال وجواب يف أهم املهمات‪.‬‬
‫‪-21‬طريق الوصول إىل العلم املأمول مبعرفة القواعد والضوابط واألصول‪.‬‬
‫‪-26‬الفتاوى السعدية‪.‬‬
‫‪-20‬فتح الرب احلميد يف أصول العقائد والتوحيد‪.‬‬
‫‪-29‬فوائد مستنبطة من قصة يوسف‪.‬‬
‫‪-29‬الفواكه الشهية يف اخلطب املنربية‪.‬‬
‫‪-30‬القواعد احلسان لتفسري القرآن‪.‬‬
‫‪-31‬القواعد واألصول اجلامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة‪.‬‬
‫‪-32‬القول السديد يف مقاصد التوحيد‪.‬‬
‫‪-33‬جمموع اخلطب يف املواضيع النافعة‪.‬‬
‫‪-34‬جمموع الفوائد واقتناص األوابد‪.‬‬
‫‪-31‬املختارات اجللية من املسائل الفقهية‪.‬‬
‫‪-36‬املواهب الربانية من اآليات القرآنية‪.‬‬
‫‪-30‬منهج السالكني وتوضيح الفقه يف الدين‪.‬‬
‫‪-39‬املناظرات الفقهية‪.‬‬
‫‪-39‬منظومة يف أحكام الفقه‪.‬‬
‫‪-40‬منظومة يف السري إىل اهلل والدار اآلخرة‪.‬‬
‫‪-41‬وجوب التعاون بني املسلمني وموضوع اجلهاد الديين وبيان كليات من براهني‬
‫الدين‪.‬‬
‫‪-42‬الوسائل املفيدة للحياة السعيدة‪.‬‬
‫‪-43‬يأجوج ومأجوج‪ .‬طبع دار لينا‪ ،‬مصر‪ ،‬دمنهور‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1419‬هـ‪.‬‬

‫سابعا وبعد عمر دام تسعاً وستني سنة قضاها يف التعلم والتعليم والتأليف وخدمة األمة‬
‫اإلسالمية وافاه األجل احملتوم فتوىف سنة ‪1306‬هـ يف مدينة عنيزة من بالد القصيم‬
‫رمحه اهلل رمحة واسعة وأسكنه فسيح جناته‪.‬‬
‫املبحث الياين مهاج الشيخ ابن السعدي امحه اهلل يف األمساء احلسىن‬

‫من خالل مطالعيت‪ ،‬ومجعي لألمساء احلسىن للسعدي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬تبني يل من منهجه ما‬
‫يأيت‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬بالنسبة ملنهجه يف األمساء احلسىن فإن السعدي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬مل يتقيّد مبن سبقه ممن‬
‫ألف يف األمساء احلسىن‪ .‬ألنين وجدت بعض األمساء اليت أوردها ال توجد يف هذه الكتب‬
‫فأحياناً يزيد عليها‪ ،‬وأحياناً ينقص عنها يف بعض األمساء‪.‬‬

‫كما أنه مل يعتمد على حديث أيب هريرة يف سرد األمساء احلسىن فمثالً أورد اسم اهلل‬
‫تعاىل «الستار» وهذا االسم مل يرد يف حديث أيب هريرة وال يف أي رواية من رواياته‬
‫الواردة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫فقد يكون ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬اعتمد على ما ظهر له أهنا أمساء اهلل تعاىل من نصوص الكتاب‪،‬‬
‫والسنة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬من األمور الذي متيز هبا هذا اجملموع ما ظهر يل من منهج الشيخ ‪ -‬رمحه اهلل تعاىل‬
‫‪ -‬من العناية‪ ،‬واالهتمام بقواعد األمساء‪ ،‬والصفات كما يتبني ذلك من خالل إيراده دهذه‬
‫القواعد يف هذا اجملموع ومن ذلك‪:‬‬

‫القاعد األوىل أمساء اهلل كلها حسىن (‪.)10‬‬

‫القاعد اليانية اإلميان بأمساء اهلل‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأحكام الصفات (‪.)11‬‬

‫(‪ )10‬انظر ص‪.19‬‬


‫(‪ )11‬انظر ص‪.11‬‬
‫القاعد اليالية داللة األمساء على الذات‪ ،‬والصفات تكون باملطابقة‪ ،‬والتضمن‪،‬‬
‫وااللتزام (‪.)12‬‬

‫القاعد الرابعة من أمساء اهلل ما يرد مفرداً‪ ،‬ومنها ما يرد مقروناً مع غريه ألن الكمال‬
‫احلقيقي من اجتماعهما(‪.)13‬‬

‫ثاليا من منهج الشيخ رمحه اهلل أنه أدخل يف األمساء احلسىن األمساء املضافة مثل «بديع‬
‫السموات واألرض» و «ذو اجلالل واإلكرام» و«الفعال ملا يريد» وغريها‪.‬‬

‫وكذلك ما أخذ بطريق اإلشتقاق ومل أقف على نص ينص على تسميته هلل مثل‬
‫«الستار» و«ادهادي» و «الرشيد» وغريها‪ .‬وقد بينت يف الدراسة ما ترجّح يل يف األمساء‬
‫املضافة‪ ،‬واالشتقاق (‪.)14‬‬

‫اابعا اتسم منهج الشّيخ ‪ -‬رمحه اهلل تعاىل ‪ -‬لشرحه أمساء اهلل احلسىن ببيان املعىن‬
‫الظاهر لالسم مع الغوص يف بيان املعاين اإلميانية لألمساء احلسىن‪ ،‬وبيان آثار اإلميان هبا‪.‬‬

‫وهذه السمة مما ميّزت شرحه على كثري من شروح األمساء احلسىن مع إغفاله لألوجه‬
‫اللغوية لالسم‪ ،‬وهذا ظاهر يف أغلب األمساء اليت شرحها رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬

‫(‪ )12‬انظر ص‪.16‬‬


‫(‪ )13‬انظر‪ :‬ص‪.69‬‬
‫(‪ )14‬انظر ص‪.11‬‬
‫املبحث اليالث أمساء اهلل تعاىل توقيفية‬

‫مذهب مجهور أهل السنة واجلماعة أن أمساء اهلل تعاىل توقيفية‪ ،‬فال وجوز تسميته سبحانه‬
‫مبا مل يرد به السمع‪.‬‬

‫وذلك أن أمساء اهلل تعاىل من األمور الغيبية اليت ال ميكن لنا معرفة شيء منها إال عن‬
‫طريق الرسل الذين يطلعهم اهلل على ما يشاء من الغيب مث هم يبلغونه للناس فال وجوز‬
‫القياس فيها أو اإلجتهاد ألن هذا الباب ليس من أبواب االجتهاد‪.‬‬

‫قال أبو إسحاق الزجاج‪" :‬ال ينبغي ألحد أن يدعو اهلل مبا مل يصف به نفسه"(‪.)11‬‬

‫وقال أبو إسحاق القشريي(‪" :)16‬األمساء تؤخذ توقيفياً من الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع‪،‬‬
‫فكل اسم ورد فيهما وجب اطالقه يف وصفه‪ ،‬وما مل يرد ال وجوز ولو صح معناه"‪.‬‬

‫وقال أبو سليمان اخلطايب‪" :‬ومن علم هذا الباب؛ أعين األمساء‪ ،‬والصفات‪ ،‬ومما يدخل‬
‫يف أحكامه‪ ،‬ويتعلق به من شرائط أنه ال يتجاوز فيها التوقيف‪ ،‬وال يستعمل فيها القياس‪،‬‬
‫فيلحق بالشيء نظريه يف ظاهر‪ ،‬وضع اللغة‪ ،‬ومتعارف الكالم‪ ،‬فاجلواد‪ :‬ال وجوز أن يقاس‬
‫عليه السخي‪ ،‬وإن كانا متقاربني يف ظاهر الكالم‪ ،‬وذلك أن السخي مل يرد به التوقيف‬
‫كما ورد باجلواد‪ ،‬مث إن السخاوة موضوعة يف باب الرخاوة واللني‪ ،‬يقال‪ :‬أرض سخية‬
‫وسخاوية إذا كان فيها لني ورخاوة‪ ،‬وكذلك ال يقاس عليه السمح ملا يدخل السماحة‬
‫من معىن اللني‪ ،‬والسهولة‪.‬‬

‫(‪ )11‬انظر معاين القرآن وإعرابه ‪.392/2‬‬


‫(‪ )16‬الفتح (‪ )123/11‬واملنهج األمسى يف شرح أمساء اهلل احلسىن (ص ‪.)39‬‬
‫وأما اجلود فإمنا هو سعة العطاء من قولك جاد السحاب إذا أمطر فأغزر‪ ،‬وفرس جواد‬
‫إذا بذل ما يف وسعه من اجلري‪.‬‬

‫وقد جاء يف األمساء القوى‪ ،‬وال يقاس عليه اجللد‪ ،‬وإن كان يتقاربان يف نعوت األدميني‬
‫ألن باب التجلد يدخله التكلف‪ ،‬واإلجتهاد‪.‬‬

‫وال يقاس على القادر املطيق‪ ،‬وال املستطيع ألن الطاقة‪ ،‬واالستطاعة إمنا تطلقان على‬
‫معىن قوة البنية‪ ،‬وتركيب اخللقة‪.‬‬

‫ويف أمسائه العليم‪ ،‬ومن صفته العلم فال وجوز قياساً عليه أن يسمى عارفاً ملا تقتضيه‬
‫املعرفة من تقدمي األسباب اليت هبا يتوصل إىل علم الشيء وكذلك ال يوصف بالعاقل‪.‬‬

‫وهذا الباب وجب أن يراعى‪ ،‬وال يغفل فإن عائدته عظيمة‪ ،‬واجلهل به ضار‪ ،‬وباهلل‬
‫التوفيق‪.‬اهـ (‪.)10‬‬

‫وقال السفاريين يف نظمه للعقيدة‪:‬‬

‫لكنها يف احلق توقيفية‬


‫لنا بذا أدلة وفية‬

‫مث شرح البيت فقال‪:‬‬

‫لكنها‪ :‬أي األمساء احلسىن‪ ،‬يف القول احلق املعتمد عند أهل احلق توقيفية بنص الشرع‪،‬‬
‫وورود السمع هبا‪.‬‬

‫(‪ )10‬شأن الدعاء (ص‪.)112-111‬‬


‫ومما وجب أن يُعلم أ ّن علماء السنة اتفقوا على جواز إطالق األمساء احلسىن‪ ،‬والصفات‬
‫العلى على الباري جل وعال إذا ورد هبا اإلذن من الشارع‪ ،‬وعلى امتناعه على ما ورد‬
‫املنع عنه‪ .‬اهـ(‪.)19‬‬

‫فاحلق أن‪ :‬أمساء اهلل تعاىل توقيفية؛ ألهنا من األمور الغيبية اليت ال تُعلم إال مبا جاء عن اهلل‬
‫وعن رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫فال جمال للقياس‪ ،‬وإعمال العقل فيها إثباتاً أو نفياً ألن العقل ال ميكنه إدراك ما يستحقه‬
‫اهلل من األمساء لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال حنصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على‬
‫نفسك"(‪.)19‬‬

‫فإذا تبني أنّ أمساء اهلل تعاىل توقيفية فال وجوز أن يشتق من الفعل أو من الصفة امسًا هلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫فباب األفعال أوسع من باب األمساء (‪.)20‬‬

‫وما ورد مقيداً أو مضافاً من األمساء يف القرآن أو السنة فال يكون امساً هبذا الورد مثل‬
‫ني مُنَْتقِمُونَ}(‪.)21‬‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫اسم (املنتقم) فلم يرد إال مقيداً يف قوله تعاىل‪{ :‬إِنَّا مِنَ الْمُ ْ‬

‫(‪ )19‬لوامع األنوار البهية وسواطع األسرار األثرية شرح الدرة املضية يف عقيدة الفرقة‬
‫املرضية (‪.)124/1‬‬
‫(‪ )19‬أخرجه مسلم يف صحيحه (‪ )312/1‬كتاب الصالة باب ما يقال يف الركوع‬
‫والسجود‪.‬‬
‫(‪ )20‬انظر مدارج السالكني البن القيم (‪ )411/3‬والقواعد املثلى البن عثيمني (ص‪.)21‬‬
‫(‪ )21‬السجدة (‪.)22‬‬
‫وما ورد مضافًا مثل‪{ :‬عَالِمُ اْلغَْيبِ وَالشَّهَا َدةِ}(‪.)22‬‬

‫فال يؤخذ هذا االسم من هذا الورود املضاف لكن يؤخذ من آيات أُخر‪.‬‬

‫وإذا ورد يف الكتاب‪ ،‬والسنة اسم فاعل يدل على نوع من األفعال ليس بعام شامل فهذا‬
‫ال يكون من األمساء احلسىن ألن األمساء احلسىن معانيها كاملة احلسن تدل على الذات‪،‬‬
‫وال تدل على معىن خاص مثل جمرى السحاب‪ ،‬هازم األحزاب‪ ،‬الزارع‪ ،‬الذاري(‪.)23‬‬

‫(‪ )22‬الرعد (‪.)9‬‬


‫(‪ )23‬انظر رسالة أقوم ما قيل يف القضاء والقدر واحلكمة والتعليل لشيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية ضمن جمموع الفتاوي (‪ )196/9‬ومعارج القبول للحكمي (‪)03 ،02/1‬‬
‫وشرح القواعد املثلى البن عثيمني شريط (‪ )2‬وجه (‪ )1‬وكتاب أمساء اهلل احلسىن‬
‫للغصن (ص‪.)136‬‬
‫املبحث الرابع حديث "هلل تسعة وتسعون امسا"‬

‫أخرج البخاري ومسلم وغريمها عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪" :‬هلل تسعة وتسعون امساً مائة إال واحدة ال حيفظها أحد إال دخل اجلنة‪،‬‬
‫وهو وتر حيب الوتر"‬

‫ويف رواية‪" :‬من أحصاها(‪ )24‬دخل اجلنة" وهذا احلديث متفق على صحته(‪.)21‬‬

‫وقد وردت روايات أخرى للحديث بطرق أخرى خمتلفة تزيد على احلديث السابق‬
‫بذكر أمساء من أمساء اهلل تعاىل‪ ،‬واحلديث ورد بثالث طرق عند الترمذي(‪ )26‬وابن‬

‫(‪ )24‬اختلف العلماء يف بيان املراد باإلحصاء على أقوال أظهرها واهلل أعلم ما ذكره ابن‬
‫القيم يف بدائع الفوائد ‪ 164/1‬حيث قال‪« :‬واحصاؤها مراتب‪ :‬املرتبة األوىل‪:‬‬
‫احصاء ألفاظها وعدها‪ .‬والثانية‪ :‬فهم معانيها ومدلودها‪ .‬والثالثة‪ :‬دعاؤه هبا كما قال‬
‫حسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} األعراف آية (‪ .)190‬وهو مرتبان‪:‬‬ ‫تعاىل‪{ :‬وَلِلَّهِ األَسْمَاءُ الْ ُ‬
‫احدها‪ :‬دعاء ثناء وعبادة‪ .‬والثانية‪« :‬دعاء طلب ومسألة»أ‪.‬هـ‪ .‬وهذا اختيار ابن‬
‫سعدي رمحه اهلل‪ .‬انظر احلق الواضح املبني ص‪ ،22‬وملزيد بيان دهذه املسألة انظر‬
‫فتح الباري ‪ ،226/11‬والنهج األمسى ‪.46/1‬‬
‫(‪ )21‬صحيح البخاري (‪ )169/0‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب هلل عز وجل مائة اسم غري‬
‫واحد‪ .‬ومسلم (‪2062/4‬و ‪ )2063‬كتاب الذكر‪ ،‬باب يف أمساء اهلل تعاىل وفضل‬
‫من أحصاها‪.‬‬
‫(‪ )26‬سنن الترمذي (ح ‪.)3104‬‬
‫ماجه(‪ )20‬واحلاكم(‪ ،)29( )29‬وهذه الطرق ضعفت من جهة اإلسناد‪ ،‬ومن جهة املنت كما‬
‫بينه مجع من العلماء‪ ،‬واحملققني‪ ،‬وإليك أقوادهم‪.‬‬

‫قال البيهقي رمحه اهلل يف حديثه عن رواية عبد العزيز بن احلصني‪ :‬حيتمل أن يكون‬
‫التفسري وقع من بعض الرواة‪ ،‬وكذلك يف حديث الوليد ابن مسلم (‪.)30‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل‪" :‬قد اتفق أهل املعرفة باحلديث على أن هاتني‬
‫الروايتني ‪ -‬يعين رواييت الترمذي من طريق الوليد وابن ماجه من طريق عبد امللك بن‬
‫حممد ‪ -‬ليستا من كالم النيب صلى اهلل عليه وسلم وإمنا كل منهما من كالم بعض‬
‫السلف"(‪.)31‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬أن التسعة والتسعني امساً مل يرد يف تعيينها حديث صحيح عن النيب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن‬
‫شعيب بن أيب محزة‪ ،‬وحفاظ أهل احلديث يقولون‪ :‬هذه الزيادة مما مجعه الوليد بن مسلم‬

‫(‪ )20‬سنن ابن ماجه (ح ‪.)3961‬‬


‫(‪ )29‬مستدرك احلاكم (‪.)10/1‬‬
‫(‪ )29‬وقد مجع هذه الطرق وبني أقوال أهل العلم عليها وحكم عليها الشيخ‪ /‬حممد بن‬
‫محد احلمود يف كتابه النهج األمسى يف شرح أمساء اهلل احلسىن (‪ )10/1‬وكذلك‬
‫الشيخ‪ /‬عبد اهلل بن صاحل الغصن يف كتابه أمساء اهلل احلسىن (ص ‪.)111‬‬
‫(‪ )30‬األمساء والصفات للبيهقي (‪.)32/1‬‬
‫(‪ )31‬جمموع فتاوي شيخ اإلسالم ابن تيمية (‪.)309/6‬‬
‫عن شيوخه من أهل احلديث وفيها حديث ثان أضعف من هذا‪ ،‬رواه ابن ماجه‪ ،‬وقد‬
‫روى يف عددها غري هذين النوعني من مجع بعض السلف (‪.)32‬‬

‫وقال ابن كثري رمحه اهلل‪" :‬الذي عول عليه مجاعة من احلفاظ أن سرد األمساء يف هذا‬
‫احلديث ‪ -‬أي حديث الوليد عند الترمذي ‪ -‬مدرج فيه وإمنا ذلك كما رواه الوليد بن‬
‫سلم‪ ،‬وعبد امللك بن حممد الصنعاين عن زهري بن حممد أنه بلغه عن غري واحد من أهل‬
‫العلم أهنم قالوا ذلك أي أهنم مجعوها من القرآن‪.)33("...‬‬

‫وقال ابن حجر رمحه اهلل‪" :‬والتحقيق إ ّن سردها إدراج من الرواة"(‪.)34‬‬

‫ونقل ابن حجر عن ابن عطية رمحهما اهلل قوله‪" :‬حديث الترمذي ليس باملتواتر وبعض‬
‫األمساء اليت فيه شذوذ"(‪ )31‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )32‬املرجع السابق (‪.)492/22‬‬


‫(‪ )33‬تفسري القرآن العظيم (‪.)210/3‬‬
‫(‪ )34‬بلوغ املرام (ص‪( )346‬ح ‪.)1396‬‬
‫(‪ )31‬التلخيص احلبري (‪.)190/4‬‬

You might also like