Professional Documents
Culture Documents
Le Monde
Le Monde
الملخص
بفضل ما تتمتع به القارة السمراء من موارد طبيعية ،وعوامل ديموغرافية وجيوسياسية؛ أضحت مصدر جذب
لسلسلة من االحتالل األوروبي منذ بداية ظهور حلقات متوالية من الكشوفات الجغرافية األوروبية ابتداء من القرن
الخامس عشر ،والتي ساهمت في تعرف المجتمع األوروبي على المجتمع اإلفريقي وخصوصا بما يحتويه ويمتلكه
المجتمع اإلفريقي من موارد طبيعية وتكوينات بشرية تميزت بها إفريقيا عن سائر القارات ،فلم تكن القارة السمراء
بمنأى منذ هذه الحقبة عن لهاث األوروبيين الحتالل إفريقيا ،وإقامة مستعمرات واسعة االنتشار داخل أقطاب تلك
المناطق ،واستخدامهما من ضمن مكونات الركائز والدعائم االقتصادية ،واألمنية لألوروبيين.
وقد لجأت القوى االستعمارية إلى استخدام عبارات مختلفة لشرعنة أوضاعها كوسيلة لقبول الشعوب لألمر
قدر كافيا من التاريخ يتوصل إلى أن االحتالل األوروبي أطلق بعض الكلمات على عملياته
الواقع ،فالذي يعي ا
االستعمارية مثل :الوصاية ،أو الحماية ،أو الحكم الثنائي ،أو الضم .كوسيلة لمنح أو دعم االستعمار األوروبي
األطر السياسية الشرعية ،والدولية الحتالله إلفريقيا.
434
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
conclude that the European occupation has given some words to its colonial operations such as:
guardianship, protection, bilateral rule, or annexation. As a way to grant or support European
colonialism legal and international political frameworks for its occupation of Africa
Key words: soldiers, colonies, world war
مقدمة:
بفضل ما تتمتع به القارة السمراء من موارد طبيعية ،وعوامل ديموغرافية وجيوسياسية؛ أضحت مصدر جذب
لسلسلة من االحتالل األوروبي منذ بداية ظهور حلقات متوالية من الكشوفات الجغرافية األوروبية ابتداء من القرن
الخامس عشر ،والتي ساهمت في تعرف المجتمع األوروبي على المجتمع اإلفريقي وخصوصا بما يحتويه ويمتلكه
المجتمع اإلفريقي من موارد طبيعية وتكوينات بشرية تميزت بها إفريقيا عن سائر القارات ،فلم تكن القارة السمراء
بمنأى منذ هذه الحقبة عن لهاث األوروبيين الحتالل إفريقيا ،وإقامة مستعمرات واسعة االنتشار داخل أقطاب تلك
المناطق ،واستخدامهما من ضمن مكونات الركائز والدعائم االقتصادية ،واألمنية لألوروبيين.
وقد لجأت القوى االستعمارية إلى استخدام عبارات مختلفة لشرعنة أوضاعها كوسيلة لقبول الشعوب لألمر
قدر كافيا من التاريخ يتوصل إلى أن االحتالل األوروبي أطلق بعض الكلمات على عملياته
الواقع ،فالذي يعي ا
االستعمارية مثل :الوصاية ،أو الحماية ،أو الحكم الثنائي ،أو الضم .كوسيلة لمنح أو دعم االستعمار األوروبي
األطر السياسية الشرعية ،والدولية الحتالله إلفريقيا.
ورغم من اختالف النظم ،واالستراتيجيات السياسية التي اتبعتها القوى االستعمارية في إدارة مستعمراتها في
إفريقيا ال سيما تلك المطبقة في عالقتها مع الوطنيين ،إذ كان يسود الحكم المطلق االستعماري في بعض المستعمرات
لتقضي بذلك على الشخصية الوطنية ليعتمدوا في ذلك أنهم يحكمون شعوبا بدائية ال حضارة لهم ،وآخر من اتبع
سياسة أكثر مرونة ،إذ تم إشراك الوطنيين في تنفيذ خططه االستعمارية وهذه السياسات تسهم في تنفيذ مخططاتها
بسهولة أكثر ،وأقل قدر من التكاليف ،إال أنه في النهاية تظل هذه الخطط والسياسات االستعمارية بامتياز ال سيما،
استغالل
ٌ ومن تعاريف االستعمار العامة مثل "امتداد نفوذ دولة ما إلى دولة أخرى ،على أن يصاحب هذا النفوذ
لألرض ،والسكان لصالح الدولة صاحبة النفوذ ،فهدفت في النهاية هذه الدول صاحبة النفوذ في النموذج األفريقي
إلى إحكام السيطرة على الشعوب وعلى الموارد.
جاءت حقبة اندالع الحربين العالميتين لتكون عالمة واضحة لظهور تلك المستعمرات األوروبية واستخدام
األفارقة كحائط صد دفاعي للدول واإلمبراطوريات االستعمارية ،إذ حلت كل من ألمانيا النازية ،وإيطاليا الفاشية،
وفرنسا ،وبريطانيا في مقدمة تلك الدول التي أدخلوا الشعوب اإلفريقية بنسائها ورجالها في حلقات الحروب العظمى
435
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
العالمية ،واألفريقيون بدورهم لم يكن لهم يد ،وال سلطان في اندالع مثل هذه النزاعات ،والذي ينظر إلى أسبابها
ودوافعها سعي المتقاتلين إلى اقتطاع قدر أكبر من األراضي ،واالستحواذ على الموارد الوطنية للشعوب اآلمنة
الضعيفة-كتلك اإلفريقية والشمال شرق آسيوية -والتي تحاول أن تعيش تحت ظالل أحكام وروابط اجتماعية خاصة
بها ،وتحكمها بعيدا عن تلك الصراعات الكبرى التي تأتي على األخضر واليابس.
ورغم ما ترتب ونتج عن هذه الحروب من تغيير الخارطة السياسية واالقتصادية ،ومقتل الماليين من السكان
على مستوى العالم ،والتي إذا ذكرت من الوهلة األولى يتداعى في الوجدان والذاكرة مدى فظاعة سوء األحوال
اإلنسانية في تلك الفترة ،ومدى ما وصلت إليه العالقات اإلنسانية من توتر وتدهور والتي لم يشهد لها مثيال على
مر التاريخ ،ومنذ معرفة اإلنسان الكتابة والتوثيق ،إال أنه لم يشفع ذلك عند األوروبيين ،والقوى العظمى األمريكية
ّ
واآلسيوية نحو ا تخاذ خطوة جدية إليقاف الحربين ،بل األكثر من ذلك تسارعوا وتصارعوا فيما بينهم ألجل احتالل
مناطق إفريقية ،وإدماج شعوبها ضمن وقود تلك الحروب ،فأول من احترق واكتوى بلهيبها هي المجتمعات اإلفريقية،
إذ تشير الوثائق ،والدراسات ،وخارطة األحداث قبل ،وإبان ،وبعد اندالع الحربين العالميتين ما تعرضت إليه إفريقيا
من أعمال القتل ،والتشريد ،والتهجير القصري ،إذ وصل عددهم إلى ماليين من القتلى ،ومثلهم من المصابين
والمشردين فضال عن األوضاع السيئة التي عانت منها إفريقيا بسبب امتداد الحروب بين الدول األوروبية المتقاتلة
على األراضي اإلفريقية.
ورغم أن الجندي اإلفريقي لعب دو ار محوريًّا ورئيسيًّا في الحربين العالميتين بفضل مشاركة اآلالف -أن لم
يكن ماليين -من الطاقات ،والموارد البشرية المهمة من مختلف المناطق اإلفريقية بشرقها ،وجنوبها ،وغربها ،ورغم
أن فصول تاريخ إفريقيا الحديث ،والمعاصر من أسهل المراحل التاريخية لهذه القارة ،لكون تلك الفترة بداية االحتكاك
العالم عموما ،والغرب خصوصا والتعمق بين شعوبها ارتكاز على استغالل الموارد االقتصادية ،والطاقات البشرية،
وتقسيمها ،وظهر بالتالي بداية توثيق تلك االحتكاكات ،والمعامالت ،والتفاعالت إال أنه كذلك لم يعد ثمة دافع كبير
للباحثين وخاصة العرب واألفارقة نحو االهتمام بالدارسة في تلك األحوال ،وما نتج عنها من آثار متعددة ومتنوعة
على األصعدة كافة ،إذ إن معظم الباحثين وضعوا نصب أعينهم االهتمام بالبحث في الحربين العالميتين من االتجاه
األوروبي ،ومن حيث أسبابها وتداعيتها ،فمعظم تلك الدراسات أخذت جوانب سياسية بامتياز ،وتركت الشق التاريخي
وهو األهم ألنه يسهم في معرفة الحقائق والوقائع التاريخية من جوانبه الموضوعية.
لذا تأسيسا على ما سبق نسعى من خالل هذه الورقة البحثية أن نغوص بالبحث والدراسة في دور المشاركة
اإلفريقية في الحربين العالميتين ،وأثر ذلك ،لعلنا من خالل هذه الدارسة أن نسهم في إث ارء البحث العلمي العربي
436
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
بمحتوى أدبي تاريخي في سياق التفاعالت التاريخية اإلفريقية ،وليكون ذلك ضمن األدوات ،والوسائل ،واألساليب
تمر بها ،وإن اختلفت الظروف
التي تساعد في تعريف العالم بمعاناة الشعوب اإلفريقية التي مرت بها وال تزال ّ
واألوضاع عما سبق.
المبحث األول
منذ حملة الكشوف الجغرافية األوروبية في مقدمات القرن الخامس عشر؛ شهد التاريخ اإلفريقي على أثر
ذلك بداية للوجود األوروبي ومستعمراته على األراضي اإلفريقية ،فاستخدمت تلك المستعمرات بداية تجارة الرقيق
()1
وفي حتى إدماج الجنود األفارقة ضمن نطاق وقود الحربين العالميتين ،كعنصر مهم في ثراء أوروبا وازدهارها،
نهاية الحرب العالمية الثانية ظهرت حركات المقاومة ضد االحتالل األوروبي إلى أن انتهى االستعمار ،وتجارة
الرقيق وحصلت بذلك المناطق اإلفريقية على االستقالل بالتتابع في فترات زمنية متقطعة ،وال سيما منذ عام ،1960
وحلت كل من ألمانيا ،وفرنسا ،وبريطانيا ،وإيطاليا في مرتبة تلك القوى العظمى -وخاصة في السنوات حديثة العهد
منذ بداية االستعمار -التي أنشأت مستعمرات الستخدامها في التوسع االستعماري وفي العناصر االقتصادية واألمنية
()2
الحربية.
يذكر أن الدول األوروبية وسعت نفوذها في جميع أنحاء المناطق اإلفريقية وعندما اندلعت الحرب العالمية
األولى في عام 1914كانت معظم القارة تقع تحت السيادة والحكم األوروبي عدا إثيوبيا ،ومنطقة ليبيريا فلم تتمكن
()3
سواء دول الحلفاء أو المحور من احتاللها.
وفي ظل المعارك التي اندلعت بين دول الحلفاء والمحور ،وبعد أن بدا أن النصر حليف لدول الحلفاء؛
أي أن تلك الدول ستعطي
صرحوا أن حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة حق أصيل ال يجوز التفريط فيهْ ،
الشعوب اإلفريقية مطلق الحرية في إدارة شؤونها ،ولكن بدت ممارسات وأفعال دول الحلفاء خالف تصريحاتهم ،إذ
بعد انتصارهم على دول المحور ابتدعوا نظاما جديدا طبق على المستعمرات المنهزمة ،ليكون ثمة أطر شرعية
لفرض سطوتها بما يتراءى لها وتطبيق السياسات التي تتماشى مع األوضاع الجديدة ،وشيئا فشيئا بعد هزيمة ألمانيا،
()4
ومغادرة إفريقيا اقتسمت دول المحور تلك المستعمرات األلمانية.
وبانتهاء الحرب العالمية األولى إذا وباستقرار األوضاع إلى حد ما في الفترة بين الحربين األولى والثانية
تركزت معظم أعمال القوى االستعمارية نحو االهتمام بالبنية التحتية التي يستخدمها المستعمرون والتي تتصل
437
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
باألسس االقتصادية ،إذ تضاعفت جهودهم في البحث عن المواد الخام كالمعادن ،وغيرها من الموارد الضرورية
والحيوية في التصنيع الحربي والتجاري ،وتسهيال لهذا األمر قاموا بمد المستعمرات اإلفريقية بخطوط سكك حديد،
()5
وتمهيد للطرق البرية والبحرية وبناء توربينات لتوليد الطاقة.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية ،وانتصار الحلفاء أبرمت معاهدة صلح بينهم وبين إيطاليا ومن نتائجها
أن األخيرة قد خسرت مستعمراتها في إفريقيا وخاصة تلك في كينيا ،وإريتريا ،والصومال وأضحت تحت الوصاية
اإليطالية وكذلك ليبيا وذلك منذ بدايات عام .1952
وبالرجوع إلى مقدمات االستعمار األوروبي في إفريقيا إبان الحروب العالمية نتوصل إلى أنه انطلق من
شمال إفريقيا منذ عام 1830ابتداء بالجزائر ،ثم تونس ،1882ومصر عام 1882حتى انتشر تدريجيًّا إلى كافة
()6
المناطق غربها وشرقها وجنوبها.
ويذكر أن القاعدة األساسية إلرساء االستعمار األوربي هي إقامة مؤتمر وإبرام معاهدة برلين في الفترة بين
عامي ،1885-1884فظهور قوى استعمارية جديدة في الساحة اإلفريقية كألمانيا ،كاد أن يؤدي لالقتتال بين
ْ
القوى ،وخاصة بين فرنسا وبريطانيا ،وألمانيا ،وإيطاليا ،ولكن برعاية ألمانيا للمباحثات توصلوا إلى حلول جذرية فيما
()7
بينهم ،واتفاق على تقسيم مناطق إفريقيا فيما بينهم.
وكان الصراع البريطاني والفرنسي في ذروته في تلك الفترة ،فعلى الرغم من عدم احتكام كال القوتين إلى
العناصر العسكرية ،إذ إن الخالفات فيما بينهما ارتكزت على الخالفات السياسية عند انتشار نفوذهما ،إال أنه
شهدت فترة معاهدة برلين تقاربا في وجهات النظر االستعمارية ،كما عرف المجتمع الدولي آنذاك ظهور قوة تعتبر
إحدى األقطاب أال وهي ألمانيا االتحادية ،مما أدى إلى إضعاف اإلمبراطورية البريطانية ،والفرنسية ،ويرجع ذلك
إلى بعض االضطرابات التي حدثت بين بريطانيا والدولة العثمانية ومن جهة أخرى ظهور حركات المقاومة القومية
في الجزائر على يد األمير عبد القادر ،لذا حاولت ألمانيا اتخاذ سياسة إما تفريق القوى االستعمارية ،وتفكيك اتحادها
()8
كما أن حركات التجارة أضحت منظمة بقدر كبير فيما بينها)9( . أو رعاية االتفاقات تحت واليتها وسلطتها.
تأسيسا على ما سبق فيعد مؤتمر برلين هو الركيزة األساسية للصراع األوروبي وفي الوقت نفسة االتفاق
نحو استعمار إفريقيا بمفاهيمه ،وأركانه ،وإستراتيجياته التقليدية في العصر الحديث ،فمن تبعاته أن قام اإلمبرياليون
األوروبيون بتغيير الخارطة اإلفريقية االجتماعية والسياسية واالقتصادية والتي لم يعهدها المجتمع اإلفريقي ،فراح
األوروبيون يقسمون الموارد بل وحتى اإلنسان اإلفريقي فيما بينهم ،فالدافع المعلن وراء سلسلة احتاللهم هي
438
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
االكتشافات الجغرافية والتعرف على مكنونات هذه القارة المنعزلة ،والحمالت التبشيرية ،واعتمادا على أن األفارقة
مجتمعات بدائية ،ولكن اتضح خالف ذلك فيما بعد من الناحية العملية ،إذ أن الغرض والغايات العليا وراء الحمالت
()10
العسكرية هي استفحال االستعمار ،واستغالل الموارد الطبيعية والبشرية اإلفريقية.
إن ًّ
كال من اإلمبراطورية البريطانية ،وفرنسا ،وألمانيا ،وبلجيكا ،وإسبانيا ،والبرتغال ،وإيطاليا هم وثمة جهات
رسمية ل لدول األوروبية هي التي قدمت المناطق اإلفريقية ،وأطلقوا على القارة السمارة "أرض بال صاحب" ،وذلك
()11
لشرعنة احتاللهم لتلك المناطق ،وتحقيق مصالحها االقتصادية والجيوسياسية.
يذكر أن من تبعات انتهاج القوى االستعمارية إبرام االتفاقيات المعاهدات فيما بينهم من معاهدة برلين للحد
من وقوع صراع على األراضي ،وتم إبرام المعاهدة األلمانية البرتغالية في عام 1886وكذا معاهدة هليغوالند لعام
،1890واألنجلو إيطالية لعام ،1891وكما ال ننسى طبعا المعاهدات واالتفاقيات التي كانت تبرم بين القوى
()12
الخارجية والسلطات المحلية اإلفريقية.
تغيرت الخارطة الجغرافية ،والسياسية لقارة إفريقيا قبل الحرب العالمية األولى بسنوات قليلة وأثناءها ،إذ
وقعت معظم األراضي تحت إمرة وحكم االحتالل األوروبي ،إما باالنتداب أو االحتالل المباشر أو الوصاية،
والحماية ،منذ عام ،1906ويستثنى من تلك الدول إثيوبيا وليبيريا ،ولكن فيما بعد قسمت مناطق تلك الدولة بين
كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ،وأدت هذه األوضاع إلى تغير البنيان االقتصادي واالجتماعي واأليديولوجي إلفريقيا
()13
عموما.
فيذكر أن ًّ
كال من بريطانيا وفرنسا في فترة الحرب العالمية األولى كانتا تسيطران على نحو ثلثي مساحة
القارة اإلفريقية تقريبا ،وفي الوقت نفسه لم تكن تلك المساحة متماثلة بين كلتا القوتين ،إذ سيطرت فرنسا على معظم
مساحات تلك األراضي المستعمرة ،ولكن التماثل لم يكن في كون معظم المناطق التي سيطرت عليه بريطانيا لها
عائدات اقتصادية كبير كمصر ،وفي الجهة األخرى أراض شاسعة سيطرت عليها فرنسا لم يكن لها منفعة ،ولكونها
()14
غير مأهولة بالسكان.
وتنقسم المستعمرات التي تواجدت داخل األراضي اإلفريقية إلى مستعمرات ألمانية ،بريطانية ،فرنسية،
إيطالية ،وبرتغالية ،وبلجيكية .فالمستعمرات الفرنسية كانت تضم :معظم مناطق غرب وشمال إفريقيا وهي :الجزائر،
إفريقيا االستوائية (تشاد ،الغابون ،جمهورية الكونغو ،جمهورية إفريقيا الوسطى ،بنين ،غينينا ،مالي ،ساحل العاج،
439
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
موريتانيا ،النيجر ،السنغال ،بوركينا فاسو ،الصومال ،مدغشقر ،المغرب ،تونس .أما المناطق االستعمارية التي
كانت تابعة لبريطانيا تضم :مصر ،السودان ،باسوتوالند ،بوتسوانا ،كينيا ،أوغندا ،غامبيا ،غانا ،نيجريا ،زامبيا،
ماالوي ،سيراليون ،جنوب إفريقيا ،زيمبابوي ،سوازيالند.
()15
المستعمرات األلمانية :الكاميرون ،تنزانيا ،رواندا ،بوروندي ،ناميبيا ،توغوالند.
المستعمرات اإليطالية :إريتريا ،ليبيا ،أجزاء من الصومال (بعد االتفاقات فيما بينها وبين بريطانيا وفرنسا).
)(16
انظر إلى خارطة المستعمرات األوروبية في إفريقيا زمن الحرب العالمية األولى 1914
440
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
لم تختلف كثي ار خارطة المستعمرات األوروبية في إفريقيا في الفترة بين عامي 1939إلى عام ،1945
ولكن يجدر اإلشارة هنا إلى أنه في ظل نشوب المعارك التي دارت في سنوات الحرب األولى ،وفي بدايات الحرب
العالمية الثانية؛ شهدت خارطة المستعمرات األوروبية في إفريقيا بعض التغييرات لكون المعارك عرفت ما يسمى
بالكر والفر بين المتقاتلين في المستعمرات ،وعلى أراضي إفريقيا أي كانت القوى المتقاتلة تحصل على األراضي،
وكانت في الوقت نفسه تفقد أجزاء منها في جبهات أخرى ،ففي بعض المعارك سيطرت إيطاليا وألمانيا على ليبيا
وفي السنوات األخيرة من حرب تمكنت بريطانيا من االنتصار عليها ،ومن ثم مغادرة قوات المحور األراضي الليبية،
()17
ولكن تميزت تلك الفترة بفقدان قوات المحور لكثير من مستعمراتها في إفريقيا.
()18
أنظر خارطة المستعمرات األوروبية في إفريقيا زمن ما بعد انتهاء الحرب العالمية األولى إلى بداية الثانية
المبحث الثاني
441
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
هي تلك الحرب التي يطلق عليها أيضا الحرب األوروبية األولى ،أو الحرب العظمى األولى ،والتي بدأت
من شهر يوليو لعام 1914إلى أن انتهت أحداث معاركها في شهر نوفمبر لعام .1918
وعلى الرغم من كونها حربا أوروبية أي بين القوى األوروبية في األساس ،إال أن معاركها امتدت إلى قارة
إفريقيا وآسيا ،فشارك فيها معظم جنود مناطق العالم ،وعليه فإن ما ترتب عن هذه الحروب من آثار ،وخسائر
بشرية ،ومادية عانت منها الدول اإلفريقية بطبيعة األحوال في تلك الفترة.
وينظر إلى األسباب والدوافع الرئيسة الدافعة إلى تلك الحرب هي:
()19
-ظهور األفكار القومية األوروبية –الفكر القومي النازي مثال على ذلك-وقدرتها على حشد وتعبئه الجيو
-ازدهار حركات االستعمار األوروبية إلفريقيا وآسيا ومناطق أمريكا الالتينية ،مما أدى إلى نشوء التحالفات المعلنة
()20
والسرية بين القوى االستعمارية ،وبالتالي زيادة الص ارع والتنافس االستعماري.
-الثورة الصناعية الثانية في أوروبا وما نتج عنها من محاولة األوروبيين االستفادة من المواد الخام إلدخالها في
النشاطات الصناعية واالعتماد على األيدي العاملة الرخيصة في المناطق االستعمارية بدال من االعتماد على مثلها
في المناطق األوروبية كخشية من القادة من أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور الحركات واالنتفاضات العمالية كتلك التي
حدثت في روسيا لعام ،1905وأخرى في عام ،1917فأثر ذلك في توجيه األوروبيين وخاصة ألمانيا وبريطانيا
وفرنسا إلى احتالل أو السيطرة ليس فقط على مناطق أوروبية مجاورة بل على المناطق اإلفريقية واآلسيوية ،ومن
ثم بدأ يدب التنافس األوروبي بأشكاله التطبيقية في ساحات المعارك.
وهنالك أحداث ثانوية ساهمت في نشوء تلك الحرب ،منها على سبيل المثال "اغتيال األرشيدوق النمساوي
()21
إذ أدى ذلك إلى انتقام النمسا وولي العهد "فراز فرديناند" ،في صبيحة يوم بداية اندالع الحرب العالمية األولى،
والمجر من صربيا وإعالن الحرب عليها ،فدخل المجتمع الدولي في سلسلة من التحالفات الحربية؛ فتبلور القطبان
قطب لقوات المح ور وآخر لقوات الحلفاء ،ولكن كما ذكرنا أن األسباب الدفينة للحرب هي انتشار األفكار القومية،
()22
وسعي الدول األوروبية إلى توسيع نفوذها ،واستغالل موارد الدول األخرى وال سيما تلك المستضعفة.
إذ شاركت في هذه الحرب دول المحور ،وهذه الدول هي :النمسا ،والمجر ،والدولة العثمانية(آنذاك) ،وألمانيا،
()23
وبلغاريا ،وإيطاليا -في البدايات ،ولكنها انضمت إلى دول الحلفاء فيما بعد بداية من عام .-1915
بينما تكونت مجموعة دول الحلفاء ،وهي :اإلمبراطورية البريطانية ،فرنسا ،إيرلندا ،روسيا ،البرتغال .بالنظر
إلى خارطة المستعمرات في المحور السابق إبان فترة الحرب العظمى األولى ،وبقراءة الدول المشاركة في الحرب
442
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
العالمية نتوصل إلى نتيجة مفادها أن أحداث المعارك امتدت إلى األراضي اإلفريقية ،فشملت الجبهة القتالية في
ثنايا هذه المعارك ،ففي غرب إفريقيا تمكنت قوات الحلفاء من االستحواذ على مناطق مثل :توجو ،والكاميرون،
وأنجوال.
وفي شرق إفريقيا تمكنت بريطانيا من طرد ألمانيا من مستعمراتها في مناطق مثل :دار السالم ،وتنجانيقا.
بينما في الجنوب تمكنت بريطانيا وإيرلندا والبرتغال من طرد األلمان في جنوب غرب إفريقيا في منطقة :جنوب
()24
ولم تشهد مناطق شمال إفريقيا اقتتال بين القوت األوروبية في تلك الفترة مثلما تعرضت له إفريقيا وناميبيا.
المناطق األخرى التي سبق وأن ذكرناها.
وانتهت تلك الحرب بإلحاق القوات األلمانية خسائر فادحة بإبرام هدنة مع حكومة الجمهورية األلمانية الجديدة
في شهر نوفمبر من عام ،1918ومع دول الحلفاء.
هو ذلك النزاع المسلح الدولي الذي اندلع بداية من مناطق آسيا في شهر سبتمبر لعام 1937كجذور
للحرب والنزاع ،وبدأت هذه الحرب تتخذ األطر الدولية والعالمية منذ عام ،1939وتعد الحرب العالمية الثانية أكثر
شراسة وقوة عن الحرب األولى ،نظ ار لتعدد جبهاتها ،وتوسعها إلى أن شملت إفريقيا ،وآسيا ،وأوروبا وبالتالي شاركت
معظم دول العالم بما يقدر مجموع عدد الجنود بـ 100مليون جندي ،وإزهاق أرواح ما يقارب 70مليون إنسان
بمدنيته وعسكريته ،لذا فينظر إلى تلك الحرب إلى كونها أشرس الحروب التي عرفها اإلنسان حتى اآلن ،وتتشابه
األسباب والدوافع وراء نشوب تلك المعارك وكان الدافع الرئيس هنا هو شروط اتفاقية أو معاهدة فرساي لعام 1919
فرأت ألمانيا أن تلك المعاهدة بمثابة فرض عقوبات عليها ،وترتب على ذلك بلورة مناطق متوترة في كافة أقطاب
أوروبا ،وتنتظر فقد القوى الدولية ،واالستعمارية الش اررة األولى لتنطلق ارتكا از على االستعدادات العسكرية السابقة
()25
واعتمادنا على النتائج التي سببتها الحرب العالمية األولى ،وإنشاء التحالفات الدولية.
أما فيما يخص مسارح األحداث والجبهات في إفريقيا فعلى عكس الحرب األولى ،إذ شهدت مناطق شمال
إفريقيا أوج الصراع األوروبي في إفريقيا ،وخاصة في مصر ،وليبيا ،والجزائر ،والسودان ،وتونس( )26بينما في األولى
تركزت في مناطق الشرق والغرب وبعضها في الجنوب ،وجاءت القوات اإليطالية واأللمانية من جهة والفرنسية
()27
والبريطانية في الجهة األخرى في مقدمة الدول األوروبية التي تصارعت في شمال إفريقيا آنذاك.
443
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
وبدأت أولى المعارك في الشمال اإلفريقي منذ عام 1940إلى أن انتهت تدريجيًّا بانتهاء الحرب العالمية الثانية في
13مايو-آيار من عام ،1943وتكبدت القوات األلمانية ،والبريطانية في طور المعارك خسائر فادحة فتذكرها
بعض المصادر والوثائق التاريخية إلى أن وصلت 620ألف محسوبين على قوات تلك الدولتين سواء من األوروبيين
أو المستعمرين ،بخالف أعداد الجنود األفارقة المشاركين في الحرب تحت قيادة تحالف المحور والحلفاء ،ناهيك
عن المواطنين العزل جراء القصف الجوي والبري ،نظ ار الستخدام القوات األوروبية الدبابات والطائرات في ساحات
()28
إفريقيا ،وخاصة في منطقة العالمين بمصر وطبرق في ليبيا.
المبحث الثالث
أدخلت الشعوب اإلفريقية وجنودها في الحربين العالميتين عنوة وإجبارا ،فهناك مشاركة مباشرة عبر الجنود
األفارقة في الساحات األوروبية واإلفريقية ،وأخرى غير مباشرة كمثل إدماج الشعوب والمواطنين في العمليات
اإلنتاجية الصناعية االستعمارية الحربية في المستعمرات اإلفريقية إبان الحرب العالمية األولى والثانية ،وبالرغم أن
المشاركة غير المباشر أدت إلى تدهور األحوال االقتصادية واالجتماعية ،إال أن الدعم اللوجستي عبر الجنود
آثار على األصعدة الكافة ،لكون معظم المشاركين من الفئات العمرية
اإلفارقة في الحروب كان أشدها خطورة و ا
المهمة في النشاطات ،والعمليات االقتصادية ،واالجتماعية ،والسياسية ،واألمنية ،وحلت فرنسا في المرتبة األولى
استخداما للقوات ،والجنود ،والشعوب اإلفريقية في الحروب العالمية ،تليها اإلمبراطورية البريطانية ،ثم اإليطالية
واأللمانية والبلجيكية ،وأعداد قليلة للدول االستعمارية األخرى ال تقارن ،وال تضاهى بمثيلتها لدى الدول التي
لذا سنركز على تلك االستخدامات اإلفريقية من ِقبل الفرنسيين والبريطانيين واأللمان في هذا المحور. ()29
ذكرنها،
منذ بداية الحرب في عام 1914أجبر الجنود األفارقة على المشاركة والقتال جنبا إلى جنب مع القوات
األوروبية في مقدمتها فرنسا ،فعلى الرغم من أن اإلمبراطورية البريطانية كانت تنافس فرنسا في حلقتها االستعمارية،
والتوسعات في إفريقيا ،إال أن األُولى اعتمدت بشكل أكبر على جنود المستعمرات القادمين من الهند البريطانية ،أو
()30
ما يطلق عليها "الراج البريطاني".
فتشير التقارير إلى أن فرنسا استخدمت ما يقارب من 450.000ألف جندي إفريقي في الفترة بين 1914
حتى عام ،1918وتم استدعاؤهم ،وجلبهم من مستعمرات من مناطق غرب وشمال إفريقيا ،ففي ذلك يصرح رئيس
444
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
الوزراء الفرنسي وهو الجهة الرسمية الممثلة لفرنسا أن حاولي 200.000ألف جندي إفريقي من المستعمرات قد
وإذا افترضنا أن تلك األرقام صحيحة، ()31
قتلوا بجانب القوات الفرنسية ،وكان ذلك في الذكرى المئوية للحرب،
وموضوعية لكونها صادرة عن جهة لها دور تاريخي في االستعمار ،ال سيما وأن بعض اإلحصائيات والدراسات
فإن األخرى تشير إلى مشاركة ما يزيد عن مليوني جندي إفريقي من المستعمرات في الحرب العالمية األولى،
()32
ْ
ذلك من شأنه أن يعبر عن حجم الكارثة التي تعرضت لها إفريقيا ،والنقص الشديد للفئات العمرية المهمة للقارة
اإلفريقية آنذاك ،وعلى هذا األساس تشير النقاط التالية إلى أعمال الدول االستعمارية الكبرى ال سيما فرنسا في
إدماج الجنود األفارقة في تلك الحرب.
يجدر اإلشارة في البداية إلى مسألة المشاركة اإلفريقية في الحروب العالمية أنها ليست بجديدة ،فنظ ار لتوجد
األوروبيين-كما ذكرناه آنفا -في إفريقيا قبل الحرب العالمية بسنوات ،وأن في تلك الفترة اندلعت معارك أوروبية
استثنائية ،ولكنها مهمة في مسار التاريخ األوروبي واإلفريقي في أواخر القرن التاسع عشر ،وعلى ذلك تؤكد الوثائق
والدراسات التاري خية أن األفارقة من شمال إفريقيا شاركوا في حرب القرم تحت مظلة وحدات القوات الفرنسية
()33
والحروب اإليطالية في عام ،1859والحروب الفرنسية والعثمانية في الفترة بين عامي 1854إلى ،1856
األلمانية في عام ،1870وظهرت على إثر ذلك مقاومة ،لذلك صدر مرسوم بقانون التجنيد اإلجباري لصالح فرنسا
دور محوريًّا ورئيسا ،ومن ثمة
في الجزائر في عام ،1912وفي الوقت نفسه تم ذلك في غرب إفريقيا ،فلعب ذلك ا
القارة السمراء لتشارك األوروبيين في الحروب العالمية ،والتي شهدت زيادة كانت النواة والبذرة األولى لتعبئة جيو
()34
مطردة في أعداد القوات اإلفريقية المشاركة ،بصورة لم تعهدها القارة من ذي قبل.
مشاركة جنود المستعمرات الفرنسية :نشرت فرنسا ما يزيد عن 480ألف جندي إفريقي من المستعمرات
إلى المناطق األوروبية وساحات المعارك في إفريقيا على أن تمثل 134ألف جندي من غرب إفريقيا ،وما يزيد عن
172ألف جندي من الجزائر ،وما يزيد عن 60ألف جندي من تونس 37 ،ألف من المغرب ،و 34ألفا من
مدغشقر 2100 ،من الصومال (الساحل الصومالي آنذاك) .ويذكر أن في بدايات الحرب اعتمدت سياسة فرنسا
في إرسال الجنود على السياسة التطوعية اعتمادا إما على المال ،أو إعطاء وعود للمستعمرات بحصولها على
االستقالل بعد انتهاء الحرب أو االمتيازات التي سوف يحصل عليها الجنود عبر مشاركتهم ،ومنها إمكانية استقرارهم
في أوروبا ،ولكن في خضم المعارك وشدتها ،تغيرت تلك السياسات بيد أنها ارتكزت على سياسة التجنيد اإلجباري
والقسري ،لذا القت هذه السياسات عدة مقاومات من ِقبل األفارقة وخاصة من الجزائر ،وشمال إفريقيا عموما،
وشهدت هروبا من مناطق غرب إفريقيا إلى المناطق المجاورة واألدغال من ِقبل الفئات العمرية الشبابية من الطبقات
445
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
()35
،فبدأت أولى بعثات جنود مستعمرة فرنسا من وسط إفريقيا تحت مسمى بيدق السنغال ( Tirailleurs الُدنيا.
،)Sénégalaisوقوات الجزائر وكانت تسمى تلك الوحدات ( ،)Turcos and Spahisوغرب الشمال اإلفريقي من
تونس والمغرب ،والشرق الجنوبي من الصومال ،معظم هذه البعثات انتشرت في أوروبا لتقاتل بجانب القوات
الفرنسية ،ولقد ُق ِّد َر عددهم في البدايات بما يزيد عن 110.000جندي ،إضافة إلى جنود مستوطنين من أصل
()36
وتركزت معظم أوروبي يقدر عددهم 5700جندي وقد أُطلق عليهم (.)Zouaves & Chasseurs d'Afrique
أعمال القوات اإلفريقية في الجهات الغربية األوروبية في ثنايا المعارك.
في البداية كانت القوات اإلفريقية عبارة عن وحدات مستقلة بذاتها في المعارك ،ولكن نظ ار لتشابك التحالفات السرية
وقت الحرب وخاصة التعاون العثماني األلماني خشيت فرنسا من هروب القوات اإلفريقية من المسلمين لقوات
المحور ،لذا تم انتهاج سياسة إدماج تلك القوات مع القوات األوروبية وخاصة تلك القادمة من شمال إفريقيا والجزائر
()37
على وجه الدقة.
وفي بدايات عام ،1917وفي أوج االقتتال في الجهة الغربية للمعارك كانت مهمة معظم القوات اإلفريقية
المواجهة من المقدمة ،أي أخذ زمام المبادرة ،ولهذا يطلق البعض على هذه األعمال أن الجنود االفارقة ما هم إال
عبارة عن حائط صد ووقود للحرب آنذاك ،وتأسيسا على ذلك تشير أرقام الخسائر البشرية للجنود األفارقة سواء تلك
الصادرة من الجهات الرسمية أو مؤسسات توثيقية بحثية خاصة أنها في حدود 25إلى 65ألف جندي من غرب
إفريقيا قد قتلوا ،ومن الجزائر ما يزيد عن 100ألف جندي ،وللمغرب ما يزيد عن 9آالف ،ولكن وجب اإلشارة
إلى أن هذه األرقام غير دقيقة ،ألن في تلك الفترة لم تهتم الجهات سواء األوروبية أو اإلفريقية بتوثيق أعداد الجنود
القتلى األفارقة القادمين من المستعمرات ،بل وضعت نصب أعينها فقط االهتمام بتوثيق الحاالت األوروبية ،كما أن
بعض ظروف المعارك المضطربة في أوقات مختلفة لم تهيء تلك األعمال سواء لألوروبيين أو األفارقة ،لذا فقد
تزيد أو تقل تلك األرقام ،ولكن الثابت أن المشاركة اإلفريقية تحت القيادة الفرنسية تخطت اآلالف إلى أن وصل
()38
العدد إلى ما يقارب نصف الميلون.
إضافة إلى الجنود فقد تم استخدام العمال المهاجرين من المستعمرات والمناطق اإلفريقية للعمل في الخطوط
الصناعية واإلنتاجية الحربية خلف الخطوط القتالية ،إذ جندت فرنسا ما يزيد عن 220ألفا من هؤالء من مستعمرات
مختلفة ،إذ جاء من الجزائر من يزيد عن 75ألف عامل ،والمغرب 35ألف عامل ،وتونس 18ألف عامل،
ومدغشقر 5آالف ،وفي ظل الممارسات العنصرية بين العمال المحليين األوروبيين والمهاجرين ،اتخذت الحكومة
()39
الفرنسية وقتها سياسة الفصل في أعمالها بين الجانبين.
446
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
وكان يتم استدعاء الجنود األفارقة من خالل مطالبة القادة المحليين بضرورة توفير المجندين المحتملين من
الفئات العمرية الشبابية ،وذلك اعتمادا على سياسات التجنيد اإلجبارية التي سبق وأن ذكرناها ،فيذكر أن بلغ عدد
المتطوعين االختياريين من غرب إفريقيا في القوت االستعمارية حوالي 7000جندي من أصل ما يزيد عن 53
ألف جندي ،فترتب على هذه السياسيات هروب بعض من شباب السنغال إلى مناطق األدغال قدر عددهم في تلك
الفترة ما يزيد عن 15ألفا ،كما ظهرت بعض أعمال المقاومة ضد هذه السياسات والقت هذه السياسات صدى كبير
لدى الحكومة الفرنسية آنذاك ،إذ إنه في عام 1916شهدت إفريقيا توسعا في تطبيق تحركات التجنيد اإلجباري،
وأخذت حكومة المستعمرات األطر الشرعية من الحكومة األم في انتهاج تلك األعمال ،وتوقف بعض منها لفترة
نظ ار للمقاومة التي القتها فرنسا من األفارقة.
ظهرت أولى مالمح المشاركة اإلفريقية في صراعات الحرب العالمية األولى في أوروبا في شهر سبتمبر،
وأكتوبر ،ونوفمبر لعام 1914في منطقة "بيكاردي" الفرنسية ،وعانت البعثات العسكرية اإلفريقية من خسائر فادحة
()40
في األرواح.
وهكذا كلما تسارعت وتيرة أعمال الحرب ،والنزاع الدولي تسارعت كذلك أعمال االستدعاء والتجنيد اإلجباري
لألفارقة ،فزادت حدتها في عام ،1917ونظر بعض الباحثين إلى هذه الممارسات كأساس الستخدام الجنود األفارقة
()41
"كعلف للمدافع".
مشاركة جنود المستعمرات البريطانية :لم تعتمد بريطانيا بشكل كبير على الجنود األفارقة في حروبها على
عكس فرنسا ،أي أنها كانت تعتمد في األساس على الجنود الوطنيين ،بينما تركزت أعمال الجنود األفارقة تحت
قيادة الحكومة البريطانية االستعمارية لمحاربة قوى دول المحور "ألمانيا" فعندما جاءت ألمانيا إلى إفريقيا وحاولت
أن تضع قدمها وتتوسع وتسيطر على مستعمرات دول الحلفاء في هذه القارة ،يذكر أن بريطانيا جندت جنودا من
مناطق كنيجيريا ،وساحل الذهب ،وسيراليون ،وغامبيا؛ كجنود محليين للمستعمرات األوروبية في إفريقيا ليتخذوا
مواقف مهمة ودو ار حيويا في الدفاع عن المستعمرات حتى وصل األمر إلى طرد األلمان من مواقع عدة ،فيذكر أن
ما يزيد عن 60ألف جندي من جنوب إفريقيا شاركوا في الحروب األوروبية في المناطق المحلية اإلفريقيةِ ،
وض ْعف
()42
هذا العدد قد تم إدماجه ضمن القوات النظامية البريطانية.
كما أن ابتداء من عام 1916اعتمدت بريطانيا على عدد كبير من جنود شمال إفريقيا في تلك الحروب
المحلية المتفرعة عن الصراعات األوروبية في إفريقيا وجاءت مصر في مقدمة تلك الدول في شمال إفريقيا ،ولكن
447
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
لم تكن مشاركة كبيرة كمثلها من المناطق اإلفريقية األخرى ،لكونها كانت تشهد معارك بين بريطانيا المستعمر
()43
والمسيطر الجديد على الدولة المصرية ،وبين قوى المحور ألمانيا والدولة العثمانية المستعمر القديم لمصر.
إن بريطانيا اعتمدت على الجنود القادمين من الهند البريطانية في الصراعات الواقعة في المناطق األوروبية،
وكما ذكرنا أن األفارقة قد لعبوا دو ار محوريًّا في احتواء األلمان في إفريقيا ،فيذكر أن في عام 1918ومع مقدمات
انتهاء الحرب العالمية األولى كان الجيش البريطاني االستعماري في شرق إفريقيا في معظمه كان يتكون ويتألف
من جنود أفارقة ،فضال عن الفيلق األفريقي من الشرق المشاركين في الجبهات البريطانية في تلك الفترة ،إذ في
البداية حاولت بريطانيا عدم إدخال الجنود األفارقة في الحرب بجانب الجنود البيض ،إال أنه في السنوات األخيرة،
ومع تعرض بريطانيا ،ودول الحلفاء عموما لخسائر فادحة ،استدعت األفارقة ليتواجدوا تحت نطاق "عمال خلف
()44
خطوط الجبهات " ،"Carrier Corpsفوصل عدد فيلق الشرق اإلفريقي آنذاك إلى 180ألف إفريقي.
أما بالنسبة لمناطق جنوب إفريقيا والتي بلغت ذروة التواجد البريطاني االستعماري ما قبل اندالع الحروب
العالمية ،فقد تم إرسال ما يزيد عن 60ألف عامل ،وتم استخدام ما يزيد عن 25ألف عامل مجند في الفرق
المحلية الجنوب إفريقية والتي ساعدت القوات في الجبهات الغربية منذ عام ،1916وفي هذا تذكر المصادر
كبير من
ا األوروبية ،وأن عددا والدراسات التاريخية أن ما يزيد عن 4ماليين من غير البيض ماتوا في الجيو
كبير من األفارقة
عدد ٌهؤالء كانوا قادمين من بالد الهند تحت سلطة القوات البريطانية ،وبالرغم من ذلك مات ٌ
)(45
كعمال في المناطق األوروبية وكمقاتلين في الصراعات الدولية في المناطق المحلية في إفريقيا.
وفي نهايات الحرب العالمية األولى وعلى وجه الدقة منذ شهر يوليو لعام 1919بدأت تظهر حركات
مقاومة االستعمار سواء من ِقبل األفارقة في األراضي األفريقية ،أو من ِقبل العمال األفارقة في بريطانيا ،مما أدى
()46
إلى جالء عدد كبير من العمال السود من المصانع البريطانية.
مشاركة جنود المستعمرات األلمانية :جاءت ألمانيا في أواخر الدول والقوى االستعمارية التي استخدمت
الجنود األفارقة كفرق مساعدة في الحرب العالمية األولى ،إذ رفضت ألمانيا في البداية اتباع سياسة إدماج السود
في حروبها مع األوروبيين اعتمادا على النزعة العنصرية النازية التي كانت تنتهجها ألمانيا .أما في عالقتها مع
القوى األوروبية في تلك الفترة أو مع الدول المستعمرة األخرى ،فضال عن اتباعها سياسة دعائية تنال من استخدام
()47
،ولكن في خضم المعارك وشدتها بداية منذ عام قوات دول الحلفاء للجنود في األفارقة في الحروب العالمية.
،1916ومع تعرض األلمان لخسائر فادحة في المعدات العسكرية واألعداد البشرية استدعت الحاجة إلى االستفادة
من القوى البشرية لمناطق االستعمار األلماني في إفريقيا في الحرب العالمية األولى ،وخصوصا في الصراعات
448
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
المحلية في مناطق المستعمرات المجاورة لمثيلتها من دول الحلفاء ،ونظ ار لعدم وجود إحصائيات مادية في هذا
الشأن فنعتمد على بعض الروايات الشفوية لألفارقة ،فتذكر تلك الروايات أن الجيش األلماني االستعماري في
مستعمرة ألمانية جنوب غرب تنزانيا كان يتألف معظمه من الجنود األفارقة ليحارب بذلك دول الجيش االستعماري
لدول الحلفاء ،وكما تشير الوثائق المادية فإن عدد الجنود األفارقة وصل في هذه الوحدات إلى ما يزيد عن 12ألف
()48
إفريقي ،وذلك في عام .1916
وفي مستعمرة الكاميرون األلمانية كانت القوات اإلفريقية تتألف مما يزيد عن 3آالف جندي إفريقي ،قتل
معظمهم جراء الحروب التي اندلعت بين القوات األلمانية والبريطانية ،وتقهقر األلمان في مواضع عدة ،وفي مناطق
مستعمرة جنوب غرب إفريقيا األلمانية وصل عدد الجنود المشاركين من أبناء المستعمرات ما يزيد عن 7آالف
إفريقي ،وفي ظل تواجد االستعمار البريطاني لجنوب إفريقيا ،ووجود عالقات سياسية وطيدة بين ألمانيا والقادة
الجنوبيين ،استفادت ألمانيا من تلك األوضاع فتم إرسال قوات جنوب إفريقية لتساعد ألمانيا تحت قيادة "البويري"،
وصل عدد تلك القوات إلى ما يزيد عن 12ألف جندي ،وتسببت الحمالت العسكرية بين القوات األوروبية في
منطقة شمال إفريقيا بمقتل ما يزيد عن 300ألف من السكان األفارقة فضال عن انتشار المجاعات ،واألمراض
()49
المعدية المزمنة ،وبنهاية تلك الحملة انتهى بذلك الوجود األلماني في مناطق الشرق إفريقية.
مشاركة جنود مستعمرات الكونغو البلجيكية :بعد خسارة ألمانيا لمستعمراتها في الكاميرون منذ عام ،1916
تحولت وتركزت ساحات معارك الحرب العالمية األولى في إفريقيا إلى مناطق شرق إفريقيا ،إذ قامت كل من بلجيكا
وبريطانيا بتعبئة القوات لالستعداد لهجوم مكثف لمستعمرات ألمانية في شرق إفريقيا وترتب على ذلك تجنيد ما يزيد
عن 250ألف إفريقي كجنود أو حمالين للمعدات ومساعدين ،وكانت تسمى هذه الحملة العسكرية بالقوة العامة
االستعمارية للكونغو البلجيكية ،فلعبت دو ار محوريًّا واستراتيجيًّا في تغيير خارطة القتال بين القوات األلمانية وبين
قوات دول الحلفاء ،وكما يذكر أن معظم هؤالء قد أجبروا على هذه األعمال ،ومات عدد كثير منهم عقب وصولهم
إلى مناطق النزاع ،وذلك بسبب الظروف الصحية السيئة التي تعرض لها هؤالء ،ونظ ار لصعوبة الوظائف المخولة
إليهم ،إذ اعتمدت القوات البلجيكية األم على هؤالء في حمل معدات ثقيلة أدت إلى تعرض األفارقة إلى كوراث
صحية .وانتهجت القوات البلجيكية سياسة عنيفة تجاه السكان المحليين ،فانتشرت أعمال السرقة والنهب واالغتصاب
()50
في تلك الفترة وفي خضم المعارك.
وفي أثناء المعارك وفي ظل ازدهار عمليات التجنيد اإلفريقي من ِقبل قوات الحلفاء حاولت إيطاليا اتباع
نفس هذه السياسات ففي شهر أغسطس من عام 1915حاولت نشر قوات إفريقية في أوروبا فتم شحن ما يزيد عن
449
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
2700جندي من الليبيين ،فترتب على ذلك حدوث كارثة إنسانية إذ مات معظمهم من الظروف السيئة ،ولم يتمكنوا
بذلك من الدخول إلى خطوط المواجهة ،ففشلت معظم خطط اإليطاليين في ذات الشأن ،وتم إعادة الجنود الليبيين
()51
اآلخرين إلى وطنهم األم ال سيما هؤالء الذين كانوا مخصصين إلرسالهم إلى مناطق جبال األلب.
خالصة لألوضاع اإلفريقية في ثنايا الحرب العالمية األولى فإن إفريقيا عموما تعرضت إلى خسائر فادحة
في األرواح ما بين مقاتلين إلى مدنين عاملين ،إذ في الفترة بين عامي 1918-1914قتل ما يزيد عن 250ألف
مقاتل وناقل للمعدات من األفارقة ،بينما قتل ما يزيد عن 750ألفا من المدنيين ،وينظر إلى هذه النسبة في وقتها
بأن إفريقيا خسرت ما يعادل 2في المائة من عدد السكان ،فوصل عدد الوفيات من العمال والجنود في أوروبا إلى
()52
ما يزيد عن 70ألفا ،وأكثر من 154ألفا في مناطق شرق إفريقيا وحدها.
مشاركة جنود المستعمرات الفرنسية :ففي فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية يذكر أن عدد الجنود الذين
خدموا تحت قيادة الجيش االستعماري الفرنسي في الفترة بين عامي 1920إلى 1930كجنود احتياط وناشطين
وصل عددهم إلى 250ألف جندي في وحدات تسمى ( )tirailleurs sénégalaisمعظمهم من مناطق السنغال
()53
فمنذ إعالن فرنسا الحرب على ألمانيا في سبتمبر من عام 1939؛ تم تعبئة القوات من مناطق جنوب اإلفريقية.
()54
إضافة بالطبع إلى وجود إعداد هائلة من جنود المستعمرات الفرنسية غرب ،ووسط إفريقيا المستعمرة من فرنسا.
من مناطق شمال إفريقيا ،ولكن مع تسارع وتيرة الصراعات في خضم سنوات 1945-1939تعد ثمة سنوات مراحل
الطوارئ ،والتي ازدهرت فيها عمليات استخدام الجنود من األصول اإلفريقية في عمليات القتال في أوروبا وإفريقيا.
وتعبر حجم الكارثة وعدد الجنود األفارقة المشاركين تحت قيادة الجيش الفرنسي؛ إنه في عام 1940وفي ظل تفوق
القوات األلمانية ودخولها لألراضي الفرنسية ،وقع ما يزيد عن 120ألف جندي من المستعمرات اإلفريقية كأسرى
من ِقبل القوات األلمانية ،وتم تعيين عدد منهم كعمال في المزارع ،والمصانع ،والمناجم األلمانية ،وفي بناء خطوط
()55
السكك الحديدية ،وتم قتل عدد منهم.
ووصل عدد الجنود من الشباب التونسي المشاركين في الحرب العالمية الثانية وتحت قيادة القوات الفرنسية
إلى 40ألف جندي ،أُجبروا على الدخول في ساحات المعارك إمام تلك القوات في مناطق شمال إفريقيا أو بجانب
()56
القوات الفرنسية في أوروبا ،وبلغت ذروة هذه المشاركة من مطلع عام 1942منذ تدهور أوضاع الجيش الفرنسي.
450
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
كما ساهم األفارقة من األصول الجزائرية في كسب دول الحلفاء للحرب العالمية الثانية في السنوات األخيرة
النتهائها ،وبالرغم من اختالف ،وعدم وجود إحصائيات دقيقة فإن المؤشرات العامة تشير إلى أن ما يزيد عن 225
ألف جندي من الجزائر انضموا إلى ساحات المعارك جنبا إلى جنب مع قوات الحلفاء ال سيما في مناطق النزاع
ودفنوا في
الفرنسية ،وكما تشير أيضا تلك اإلحصائيات إلى أن ما يزيد عن 12ألفا من تلك القوات قد لقوا حتفهمُ ،
()57
مقابر أوروبية.
مشاركة جنود المستعمرات البريطانية :وصل عدد سكان المستعمرات البريطانية في إفريقيا في فترة الحرب
العالمية إلى حوالي 31مليون نسمة ،لذا فإنه كما ذكرنا آنفا فأن بريطانيا كانت ترى أنه على الرغم من صغر
مساحة أراضيها االستعمارية في إفريقيا مقارنة بتلك الفرنسية ،إال أن معظم المستعمرات البريطانية كانت مأهولة
بالسكان ،وفي ظل ذلك ُق ِّدر عدد الجنود الذين تم تجنيدهم من ِقبل البريطانيين من مناطق شرق وغرب وجنوب
إفريقيا ما يزيد عن نص مليون جندي معظمهم من مناطق شرق إفريقيا؛ شاركوا في سنوات الحرب سواء في أحداث
المعارك في إفريقيا أو أوروبا ،كما تم إرسال 166ألف جندي إلى ساحات القتال لمحاربة اإلمبراطورية اليابانية في
()58
مناطق بورما.
وتشكلت القوات اإلفريقية التابعة تحت القيادة البريطانية من يوليو لعام 1940من مناطق شرق إفريقيا
وسميت في البداية الفرقة رقم 1إلى أن تغير اسمها إلى الفرقة رقم 11اإلفريقية في الجيش البريطاني ،والفرقة
الثانية اإلفريقية تكونت من وحدات من جنود مناطق كينيا والمناطق المجاروة لها ،وهناك فرقتان من مناطق غرب
إفريقيا الفرقة 81غرب إفريقيا البريطانية ،وتم تشكيلها منذ عام ،1943والفرقة رقم 82وشاركت في المعارك في
بورما في عام ،1946وهناك قوات أخرى من شمال إفريقيا من مصر ولكن ال توجد إحصائيات دقيقة في شأنها،
()59
وكما تم تجنيد أعداد كثيرة من الجنود من مناطق جنوب إفريقيا الواقعة تحت االستعمار البريطاني.
مشاركة جنود المستعمرات األلمانية :يذكر أنه تكونت بعض القوات من األفارقة من المغرب ،وتونس،
والجزائر تحت ألمانيا الموحدة تسمى (وحدة التدريب الجرمانية العربية) وكانت تضم 800جندي ،وكان من المفترض
أن تنضم إلى القتال بجانب القوات األلمانية في شمال إفريقيا في عام ،1942ولكن تحولت وجهتها إلى القتال في
()60
جبال القوقاز في عام .1943
ونظ ار لخسارة ألمانيا لكثير من مستعمراتها في إفريقيا بنهاية الحرب العالمية األولى ،وأن معظم المستعمرات
األوروبية في إفريقيا كانت تابعة لدول الحلفاء ومع اتخاذ ألمانيا بعضا من سياسة عدم إدخال قوات إفريقية من ذوي
البشرة السمراء ضمن نطاق القوات األلمانية؛ لم تشهد هذه الفترة وجودا مكثفا لجنود أفارقة يحاربون بجانب القوات
451
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
األلمانية يمكن إدراكه في اإلحصائيات والتقارير ،ولكن بلغت ذروة االستخدام اإلفريقي تحت القيادة األلمانية منذ
عام 1940بعد أن قامت ألمانيا بأسر عدد كبير من األفارقة في فرنسا ،وإدماجهم في الصناعات األلمانية.
هناك شقان للمشاركة اإلفريقية في الحربين العالميتين ،فتشير الوقائع إلى أن الجندي اإلفريقي عندما كان
يحارب كان يقف على قدم وساق بالتساوي إلى حد ما مع الجندي األوروبي -على الرغم من االمتيازات المعنوية
والمادية التي كان يحصل عليها المقاتل األوروبي خالفا عن تلك للجندي اإلفريقي-مما أدى إلى تنامي شعور
بإعالء الذات والفخر ال سيما بعد رؤية هؤالء للجنود البيض وهم يقاتلون بعضهم البعض مما ساهم في زيادة النزعة
الفردية والجماعية والتي تتمثل في القدرة على مناهضة سياسيات األوروبيين تجاه األفارقة ،واالعتراض عليها،
فساهم بعض الجنود العائدين من ساحات المعارك إلى بلورة حركات سياسية وعسكرية مقاومة لالحتالل خصوصا
()61
بعد اكتسابهم الخبرات اإلستراتيجية والتدريبية القتالية ،وكيفية استخدام المعدات واألدوات الحربية.
كما أن انفتاح األفارقة على الثقافة األوروبية جعلهم ينحون النزاعات األهلية والقبلية جانبا وينصب اهتمامهم
نحو مناهضة االحتالل واالستعمار ،وبطبيعة الحال فانتشار األيديولوجيات القومية في أوروبا في تلك الفترة انتقل
عفويًّا إلى إفريقيا ،ولعبت السياسيات األوروبية المخالفة ،ونقض وعودهم بمنح األفارقة-وخاصة من قبل دول
الحلفاء-االستقالل بعد مشاركة وتعاون الجنود األفارقة في الحروب وانتصار الحلفاء ،ولكن بانتهاء الحرب العالمية
األولى والثانية لم تنفذ تلك الدول وعودها ،ولم تحصل مناطق إفريقيا على االستقالل رغم ما بذلت من جهود
مضنية ،وفقدت على أثرها الماليين من القتلى والمشردين والمصابين ،وخسرت مثلها من الموارد الطبيعية ،مما أدى
إلى نشوء االتحادات اإلفريقية بواسطة الساسة والزعماء والمفكرين ارتكا از على تحقيق أهداف مشتركة أال وهي
()62
الحصول على االستقالل ،وجالء االستعمار.
ويذكر أنه بداية من أواخر عام 1959نجد ما يقارب من عشر دول تحصل على استقاللها في مقدمتها
مصر وليبيا والسودان والمغرب ،وجاء العام التالي ليطلق عليه عام إفريقيا كتتويج لحصول معظم المناطق المستعمرة
األخرى على االستقالل ،ولم يبق إال بعض المناطق القليلة حصلت على االستقالل في سنوات متباعدة.
ويجدر بنا اإلشارة إلى أنه على الرغم من اتحاد األفارقة على قلب رجل لمناهضة االستعمار ،إال أنه ظهرت
مشكالت سياسية لم تتخلص منها بعض المناطق اإلفريقية نتيجة عن السياسات االستعمارية ،وفي خضم الحربين
العالميتين ،والتي تمثلت في تقسيم الدول اإلفريقية إلى دويالت ودويالت فتشابكت وذابت الحدود ،ومن هنا ظهرت
452
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
سلسلة من النزاعات اإلفريقية المحلية الحربية منها والسياسية ،بسبب المشكالت الحدودية بين الدول اإلفريقية فيما
بعد االستعمار ،فوجدت مناطق حدودية بين دول ومستعمرات سابقة يتشارك مواطنوها نفس العادات واللغات ،فإن
الحدود المصطنعة التي فرضت على المجتمع اإلفريقي بداية من إبرام معاهدة برلين ،وأحداث الحرب العالمية األولى
()63
وصوال للحرب العالمية الثانية أدت إلى استفحال تلك المشكلة بين الشعوب اإلفريقية.
كما وجدت آثار سليبة بصفة مباشرة وهي تناقص أعداد الجنود من الفئات البشرية العمرية المهمة للمجتمع
اإلفريقي ،إضافة إلى حاالت التدهور الصحي التي تعرض لها الجنود أثناء عمليات النقل الجماعي ،والظروف
البيئية والمناخية المختلفة بين إفريقيا وأوروبا ،والتي ساهمت في تزايد عدد القتلى األفارقة ،فضال عن عدد القتلى
الذين قتلوا داخل ساحات المعارك في أقطار القارة اإلفريقية ،فتشير الدراسات إلى أن ما يزيد عن مليون إفريقي
قتلوا من مناطق شرق إفريقيا فقط ،وأن من ضمن هؤالء المشاركين في الحروب ،ونظ ار للتقسيم المصطنع للحدود
اإلفريقية فقد أجبر بعض الجنود على محاربة عائالتهم في ساحات المعارك ،)64(.ويذكر أن أعدادا كبيرة من الجنود
المشاركين قد ماتوا في عمليات النقل ،ففي شهر أغسطس من عام ،1915قتل ما يزيد عن 2700جندي قادمين
من ليبيا تم إرسالهم إلى صقلية ،ويرجع سبب وفاتهم إلى اإلصابة بااللتهاب الرئوي الحاد فور وصولهم ،وهذا إن
دل إنما يدل على سوء المعاملة ،وعدم االهتمام بهؤالء من ِقبل األوروبيين ،وعدم األخذ في الحسبان اختالف
()65
الظروف المناخية بين القارة األوروبية واإلفريقية.
ونظ ار العتماد أوروبا على سياسات التجنيد اإلجباري وفي الوقت نفسه عمليات المقاومة التي كانت تتعرض
لها بعض الدول األوروبية وخاصة فرنسا ،فقد تم انتخاب األفارقة في البرلمان الفرنسي في عام 1914وجاء
()66
" "Diagneأول رجل من أصول إفريقية في البرلمان الفرنسي.
وتكشف التقارير الرسمية الصادرة من أجهزة األمم المتحدة حجم الكارثة التي تعرضت لها إفريقيا إبان
الحربين العالميتين وخاصة األول ى منها ،فيقدر عدد القتلى من الجنود وحاملي المعدات األفارقة في أوروبا إلى ما
()67
يزيد عن 150ألف إنسان ،قتلوا في سنوات الحرب.
لذا فإن المشاركة اإلفريقية في الحربين العالميتين؛ كان لها أثر بالغ في الشخصية اإلفريقية ،ودور واضح
في كسب دول الحلفاء للحرب على حساب دول المحور ،إذ إنه بالنظر إلى ما سبق نجد أنه تركزت أعمال االستخدام
حيويا في انتصار تلك الدول وفي
ًّ العسكري اإلفريقي من قبل دول الحلفاء فرنسا وبريطانيا ،ويمثل ذلك عنص ار
تحجيم ألمانيا ومستعمراتها في مناطق إفريقيا في الفترة األولى من الحروب العالمية ،أما في الثانية فلعبت الجيو
اتيجيا في تغيير موازين قوى دول الحلفاء ،فبعد أن
اإلفريقية كالتونسية والجزائرية والمغربية والمصرية دو ار استر ًّ
453
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
وصلت قوات المحور لداخل األراضي الفرنسية منذ مطلع عام ،1940وبفضل السياسات المتسارعة من قبل دول
الحلفاء والتي تتلخص بضرورة استخدام جنود شمال إفريقيا-وبالطبع بفضل تدخالت قوى أخرى كتدخل الواليات
المتحدة األمريكية في تلك الحرب -تمكنت فرنسا من رد هذه القوات والتحرر ،وفك حصار القوات األلمانية لبريطانيا،
إضافة إل ى التصدي إلى القوات األلمانية في مناطق شمال إفريقيا التي شهدت معارك ضارية في منطقة العالمين
بمصر ،وطبرق في ليببا.
خاتمة:
تعرضنا إلى مرتكزات المشاركة العسكرية اإلفريقية في الحروب العالمية سواء تلك اإلجبارية أو الطواعية،
وتأثر إفريقيا بتلك المشاركة على وجه خاص في الحروب ،وعلى الدول اإلفريقية ككل بوجه عام ،ولقد شملت هذه
اآلثار الجوانب السياسية ،االجتماعية ،واالقتصادية ،واإلنسانية ،وتأسيسا على ذلك يمكننا في نهاية هذا العرض
الوصول إلى أهم االستنتاجات:
-ندرة المصادر العربية التي تتعرض للمشاركة اإلفريقية تحت إمرة السلطات االستعمارية في تلك الحروب
سواء من قبل دول الحلفاء أو المحور ،ولذا يتضح جليًّا أننا ارتكزنا واعتمدنا على المصادر واألدبيات
األجنبية.
-على الرغم من أهمية الدور الحيوي واالستراتيجي للجنود والعمال األفارقة في ساحات المعارك ،والعمليات
اإلنتاجية الصناعية والحربية ،إال أنه ال يوجد اهتمام عالمي وإقليمي في ذات الشأن.
-لعبت سياسة التجنيد اإلجباري التي مارستها دول الحلفاء على الشعوب اإلفريقية دو ار في إدماج الجنود
األفارقة في الحروب العالمية ،وذلك بداية من عام ،1912وترتب على ذلك نقص شديد للفئات العمرية
الشبابية اإلفريقية.
-ساهم الجنود األفارقة في كسب دول الحلفاء للحرب العالمية ،وال سيما الحرب العالمية الثانية ،وأيضا
ساهمت في تحجيم قوى دول المحور االستعمارية في الحرب العالمية األولى.
-أدت المشاركة اإلفريقية إلى بلورة عملية التأثير الثقافي ،إذ إن الجنود األفارقة العائدين إلى وطنهم ساهموا
في نشر األفكار القومية في بالدهم بحكم انتشارها في أوروبا في تلك الفترة ،مما أدى في النهاية إلى
حصول دول إفريقية عديدة على االستقالل .إلى أن جاء عام 1960ليسمى بعام إفريقيا لحصول الكثير
من الدول اإلفريقية على االستقالل بفضل حركات المقاومة سواء العسكرية أو السياسية.
الهوامش
454
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
)1(1زاهر رياض ،استعمار إفريقيا ،الدار القومية للطباعة والنشر ،القاهرة ،1965 ،ص .57 ،11،5
( )2حسن سيد سليمان ،ظاهرة االستعمار في إفريقيا والعالم العربي ،32 ،دراسات إفريقيا ،المركز اإلسالمي اإلفريقي بالخرطوم ،السودان ،1986 ،ص .60
( )3شوقي عطاَّلل الجمل ،عبد هللا عبد الرزاق ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،ط ،2دار الزهراء للنشر والتوزيع ،الرياض ،2002 ،ص .35
( )4شوقي الجمل ،عبد هللا عبد الرزاق إبراهيم ،تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة ،المكتب المصري للتوزيع والمطبوعات ،مصر ،2004 ،ص
.194-192
( )5شوقي عطاَّلل الجمل ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،المرجع السابق ،ص.335
( )6مصطفى علي هويدي ،نظرة إلى االستعمار الحديث ،ع ،12مجلة كليات التربية ،ليبيا ،2018 ،ص .24
( )7صالح هريدي ،تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر ( ،)1914-1789دار الوفاء للنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،مصر ،2001 ،ص .130-128
( )8محمد علي القوزي ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،دار النهضة العربية ،بيروت ،لبنان ،2006 ،ص .116-114
( )9محمد عاشور مهدي ،التحوالت السياسية في القارة اإلفريقية وتأثيراتها السلبية ،ع ،13مجلة قراءات إفريقية ،مصر ،2012 ،ص .5-1
( )10ألبير أدوا بواهن ،تاريخ إفريقيا العام :إفريقيا في ظل السيطرة االستعمارية ( ،)1935-1180المطبعة الكاثوليكية ،لبنان ،1990 ،ص .53
( )11صالح الدين حافظ ،صراع القوى العظمى حول القرن اإلفريقي ،عالم المعرفة ،الكويت ،1982 ،ص .45
).George padmare, ,Panafricanisme Ou Communisme ?La Prochaine Lutte Pour l’Afrique , 1960, p291 (12
( )13جالل يحيى ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،المكتب الجامعي الحديث ،اإلسكندرية ،مصر ،1999 ،ص .485
( )14هيلين دالميدا ،إفريقيا في القرن العشرين ،تعريب :صباح ممدوح كعدان ،الهيئة العامة السورية للكتاب ،سورية ،2013 ،ص .44-43
15
( ) H.M Stationery office, German colonization, no 42, London, 1920, P 138-139-140.
( )16المصدر:
Colonial Presence in Africa, facinghistory and resource, Available in: https://bit.ly/2ruw9Yn
(17) A. D. Roberts, The Earlier Historiography of Colonial Africa, Vol. 5, Cambridge University Press, 1978, pp.
153-167.
( )18المصدر:
Political Map of Africa, 1920, Available in: https://bit.ly/3569Pmf
Historical Maps of Africa, After 1920, Available in: https://bit.ly/340EOPy
( )19عبد الرؤوف سنو ،القومية األلمانية وتجلياتها الوحدوية والعنصرية اإلمبريالية ،1990-1806العروبة والقرن الحادي والعشرين ،بيروت،2009 ،
ص .14 ،11 ،10
( )20عابد س يان ،مؤتمر برلين الثاني ( )1885-1884وانعكاساته على القارة اإلفريقية ،ع ،6مجلة الدراسات اإلفريقية ،الجزائر ،2018 ،ص .11
( )21محمد حسنين هيكل ،باب مصر إلى القرن الواحد والعشرين ،ط ،1دار الشروق ،مصر ،1995 ،ص.7
( )22نيل م.هايمان ،الحرب العالمية األولى ،ترجمة :حسن عويضة ،ط ، 1هئية أبوظبي للسياحة والثقافة ،اإلمارات العربية المتحدة ،2012 ،ص .20-17
( )23عصام عبد الفتاح ،أطلس الحربين :األرض والحرب والسالم ،ط ،1شركة الشريف للنشر والتوزيع ،القاهرة ،2015 ،ص .47-40
( )24ريهبوك تنبونر ،جنوب غرب أفريقيا األلمانية ،مقتطف من ،Deutsch-Südwest-Afrikaألمانيا ،1898 ،متاح على الرابط التالي:
. https://bit.ly/36maOin
( )25الحسيني الحسيني معدي،موسوعة الحرب العالمية األولى والثانية،دار الحرم للتراث ،مصر،2011 ،ص 28-23
( )26عز الدين زيدي ،نزول قوات الحلفاء وأثره على منطقة شمال إفريقيا ،أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر(غير منشورة) ،كلية العلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة الجياللي ،الجزائر ،2015 ،ص .186-183
( )27هدى بنت محمد عبده أحمد عثمان ،التنافس االستعماري بين بريطانيا وإيطاليا ،1945-1935أطروحة لنيل الدكتوراه (غير منشورة) في التاريخ
الحديث والمعاصر ،كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ،جامعة أم القرى ،السعودية ،2005 ،ص .380-368
( )28انظر :موسوعة مقاتل ،مسارح عمليات شمال إفري قيا في الحرب العالمية الثانية ،متاح على الرابط التالي. https://bit.ly/2E1X3JO :
( )29عبد القادر بلجة ،مسألة تجنيد الجزائريين في الجيش الفرنسي ،وانعكاساتها على المجتمع الجزائري ،1945-1907أطروحة لنيل الدكتوراه (غير
منشو رة في التاريخ الحديث والمعاصر) ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جماعة جياللي ليابس ،الجزائر ،2016 ،ص أ-ح.
(30) Harmeet S. Sandhu, British Raj: The Legacy of Colonialism in India, Vol 3, Iss 1, Article 6, 2014.
(31) Reports: World War I: The 'Black Army' that marched in from Africa , DW Made for minds, 10/11/2018,
Available in: https://bit.ly/2LB9Y9R
455
2020 كانون الثاني مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية 1 المجلد46 العدد
(32) Reports: Nearly 2 million Africans were pulled into World War I, their reward was even more colonization, by:
Jackie Bischof, 28/6/2018, Available in: https://bit.ly/36gSlUp
،2017 ، العراق،" مجلة جامعة جيهان"أربيل العلمية،2 ع،1 مج،العثمانية- والعالقات الروسية1856-1853 حرب القرم،) جاوان حسين يض هللا33(
.98-88 ص
سبتمبر، الجزائر، مجلة الحوار المتوسطي،2 ع،9 مج، دراسة في ظروف وموقف الجزائريين منه،1912 قانون التجنيد اإلجباري،) حميد آيت حبوش34(
.281-278 ص،2018
(35) hristian Koller, “The Recruitment of Colonial Troops in Africa and Asia and their Deployment in Europe during
the First World War,” Immigrants & Minorities, Vol 26, Nos 1/2, March 2008, P 112.
(36) Raymond: Au service de la France. Neuf années de souvenirs, volume 10, Paris 1933, pp. 14-15; Watson, David
Robin: Georges Clemenceau: A Political Biography, Plymouth 1974, p. 307.
(37) e.g. Höpp, Gerhard: Die Privilegien der Verlierer. Über Status und Schicksal muslimischer Kriegsgefangener
und Deserteure in Deutschland während des Ersten Weltkrieges und in der Zwischenweltkriegszeit, in: Höpp,
Gerhard (ed.): Fremde Erfahrungen. Asiaten und Afrikaner in Deutschland, Österreich und in der Schweiz
bis 1945, Berlin 1996, pp. 185-210; Müller, Herbert Landolin: Islam, ğihad ("Heiliger Krieg") und Deutsches
Reich, Frankfurt am Main 1991, pp. 267-298.
(38) Joe Harris: Memoirs of the Maelstrom. A Senegalese Oral History of the First World War, Portsmouth et al.
1999, pp. 140-147.
(39) hristian Koller, “The Recruitment of Colonial Troops in Africa and Asia and their Deployment in Europe during
the First World War, Op. cit, p 113.
(40) hristian Koller, “The Recruitment of Colonial Troops in Africa and Asia and their Deployment in Europe during
the First World War, Op. cit, p 115-116.
(41) Horne, The Price of Glory, 100 –101; Goldstein, Libe´ration ou annexion, 176–7; Crowder, ‘The 1914 –1918
European War and West Africa’, 494.
(42) Reports: How Black Soldiers Helped Britain in First World War, Stephen Bourne, 10/11/2019, Available in:
https://bit.ly/2RzWGOq
.25-19 ص،2009 ، مصر، القاهرة، دار الشروق، مصر في الحرب العالمية األولى،) لطيفة محمد سالم43(
44
( ) Reports: The Commonwealth and the First World War, Available in: https://bit.ly/36mKHrP .
(45) Talat Ahmed, The British Empire and the First World War: the colonial experience, Iss 152, International
Socialism journal, October 2016.
(46) Reports: Black servicemen: Unsung heroes of the First World War, the history press, Available in:
https://bit.ly/38oEwp6 .
: متاح على،2014/8/3 بتاريخ، دور جنود أبناء المستعمرات في الحرب العالمية األولى:) تقارير47(https://bit.ly/2LGAVJ2
(48) Reports: The African soldiers dragged into Europe's war, BBC Magazine, 3/5/2015, Available in:
https://bbc.in/2rAAJ7t
، الجزائر، مجلة الدراسات اإلفريقية،6 ع،)1918-1914( الحملة العسكرية في شرق إفريقيا إبان الحرب العالمية األولى،) بوسليماني عبد الرحمان49(
.12-10 ص،2018
50
( ) Michael Pesek , Force Publique, Humboldt-Universität zu Berlin, Version 1.0, May 2017& Violent
Intermediaries: African Soldiers, Conquest, and Everyday Colonialism in German East Africa, 2014.
(51) Christian Koller, Colonial Military Participation in Europe (Africa), October 2014, Available in:
https://bit.ly/359lEZ9 .
52
( ) Joe Harris Lunn, War Losses (Africa), 22/6/2015, Available in: https://bit.ly/38yX06m .
(53) Marc Michel, “L’Armée colonial en Afrique Occidentale Française,” in L’Afrique Occidentale au temps des
Français Paris: Éditions La Découverte, 1992, 73.
(54) Myron Echenberg, Colonial Conscripts: The Tirailleurs Sénégalais in French West Africa, 1857-1960
Portsmouth: Heinemann, 1991, 88.
(55) Reports: What happened to the French army after Dunkirk, 20/4/2017, Available in: https://bit.ly/2PubGeh .
& Raffaele Scheck, French colonial soldiers in German captivity during World War II, Cambridge University Press,
2014, p 336.
أطروحة لنيل الماجســــتير في التاريخ المعاصــــر، دور منطقة شــــمال إفريقيا في تغيير موازين القوى أثناء الحرب العالمية الثانية،) عياشــــي عبد الكريم56(
.50 ص،2014 ، الجزائر، جامعة الوادي، كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية،)والحديث (غير منشورة
456
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
( )57جمال خراشي ،عبد السالم عزيزي ،االستعمار وسياسية االستيعاب في الجزائر ،1962-1830دار القصبة ،الجزائر ،2009 ،ص .387
58
( ) Marika Sherwood, Britain, its colonies and WWII, Aug 04, 2016, , Available in: https://bit.ly/2P7PPKF .
(59) Priya Pitamber, Remembering Africans’ role in ending World War 2, 14/5/2015,: https://bit.ly/2PAR2ZO .
(60) Belkacem Recham.Les musulmans Algériens dans l'armée française 1919:194, l'harmattan, paris, 1996, p 185-
186.
( )61شوقي عطاَّلل الجمل ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،المرجع السابق ،ص.336
( )62فرغلي على تسن هريدي ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،الكشوف-االستعمار-االستقالل ،ط ، 1دار العلم واإليمان للنشر والتوزيع ،مصر،2008 ،
ص .285 ،283 ،288 ،282
( )63شوقي عطاَّلل الجمل ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،المرجع السابق ،ص.370 ،338،339،340
64
( ) Oswald Masebo, The African soldiers dragged into Europe's war, Reports, BBC News, 3/5/2015, Available in:
https://bbc.in/2LEaXpx
(65) Hill, The Marcus Garvey and Universal Negro Improvement Association Papers, vol. 9, p 588.
(66) hristian Koller, “The Recruitment of Colonial Troops in Africa and Asia and their Deployment in Europe during
the First World War, Op. cit, p 117.
(67) Reports: The First World War and its consequences in Africa, Available in: https://bit.ly/2Ps9yUg
المصادر
المراجع العربية:
.1ألبير أدوا بواهن ،تاريخ إفريقيا العام :إفريقيا في ظل السيطرة االستعمارية ( ،)1935-1180المطبعة الكاثوليكية ،لبنان.1990 ،
.2بوسليماني عبد الرحمان ،الحملة العسكرية في شرق إفريقيا إبان الحرب العالمية األولى ( ،)1918-1914ع ،6مجلة الدراسات اإلفريقية ،الجزائر،
.2018
.3جالل يحيى ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،المكتب الجامعي الحديث ،اإلسكندرية ،مصر.1999 ،
.4جمال خراشي ،عبد السالم عزيزي ،االستعمار وسياسية االستيعاب في الجزائر ،1962-1830دار القصبة ،الجزائر.2009 ،
.5جاوان حسين يض هللا ،حرب القرم 1856-1853والعالقات الروسية-العثمانية ،مج ،1ع ،2مجلة جامعة جيهان "أربيل العلمية" ،العراق.2017 ،
.6حسن سيد سليمان ،ظاهرة االستعمار في إفريقيا والعالم العربي ، 32 ،دراسات إفريقيا ،المركز اإلسالمي اإلفريقي بالخرطوم ،السودان.1986 ،
.7الحسيني الحسيني معدي ،موسوعة الحرب العالمية األولى والثانية ،دار الحرم للتراث ،مصر.2011 ،
.8حميد آيت حبوش ،قانون التجنيد اإلجباري ،1912دراسة في ظروف وموقف الجزائريين منه ،مج ،9ع ، 2مجلة الحوار المتوسطي ،الجزائر ،سبتمبر
.2018
.9زاهر رياض ،استعمار إفريقيا ،الدار القومية للطباعة والنشر ،القاهرة1965 ،م.
.10شوقي ال جمل ،عبد هللا عبد الرزاق إبراهيم ،تاريخ أوروبا من النهضة حتى الحرب الباردة ،المكتب المصري للتوزيع والمطبوعات ،مصر.2004 ،
.11شوقي عطاَّلل الجمل ،عبد هللا عبد الرزاق ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،ط ،2دار الزهراء للنشر والتوزيع ،الرياض.2002 ،
.12صالح الدين حافظ ،صراع القوى العظمى حول القرن اإلفريقي ،عالم المعرفة ،الكويت.1982 ،
.13صالح هريدي ،تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر ( ،)1914-1789دار الوفاء للنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،مصر.2001 ،
.14عابد س يان ،مؤتمر برلين الثاني ( )1885-1884وانعكاساته على القارة اإلفريقية ،ع ،6مجلة الدراسات اإلفريقية ،الجزائر.2018 ،
.15عبد الرؤوف سنو ،القومية األلمانية ،وتجلياتها الوحدوية ،والعنصرية اإلمبريالية ،1990-1806العروبة والقرن الحادي والعشرين ،بيروت.2009 ،
.16عبد القادر بلجة ،مسألة تجنيد الجزائريين في الجيش الفرنسي وانعكاساتها على المجتمع الجزائري ،1945-1907أطروحة لنيل الدكتوراه (غير
منشورة) في التاريخ الحديث والمعاصر ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جماعة جياللي ليباس ،الجزائر.2016 ،
457
كانون الثاني 2020 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية العدد 46المجلد 1
.17عز الدين زيدي ،نزول قوات الحلفاء وأثره على منطقة شمال إفريقيا ،أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر (غير منشورة) ،كلية العلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة الجياللي ،الجزائر.2015 ،
.18عصام عبد الفتاح ،أطلس الحربين :األرض والحرب والسالم ،ط ،1شركة الشريف للنشر والتوزيع ،القاهرة.2015 ،
.19عياشـــــي عبد الكريم ،دور منطقة شـــــمال إفريقيا في تغيير موازين القوى أثناء الحرب العالمية الثانية ،أطروحة لنيل الماجســـــتير(غير منشـــــورة)،كلية
العلوم االجتماعية واإلنسانية،جامعة الوادي ،الجزائر.2014 ،
.20فرغلي على تسن هريدي ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،الكشوف-االستعمار-االستقالل ،ط ،1دار العلم واإليمان للنشر والتوزيع ،مصر.2008 ،
.21لطيفة محمد سالم ،مصر في الحرب العالمية األولى ،دار الشروق ،القاهرة ،مصر.2009 ،
.22محمد حسنين هيكل ،باب مصر إلى القرن الواحد والعشرين ،ط ،1دار الشروق ،مصر.1995 ،
.23محمد عاشور مهدي ،التحوالت السياسية في القارة اإلفريقية وتأثيراتها السلبية ،ع ،13مجلة قراءات إفريقية ،مصر.2012 ،
.24محمد علي القوزي ،تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر ،دار النهضة العربية ،بيروت ،لبنان.2006 ،
.25مصطفى علي هويدي ،نظرة إلى االستعمار الحديث ،ع ،12مجلة كليات التربية ،ليبيا.2018 ،
.27نيل م.هايمان ،الحرب العالمية األولى ،ترجمة :حسن عويضة ،ط ،1هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة ،اإلمارات العربية المتحدة.2012 ،
.28هدى بنت محمد عبده أحمد عثمان ،التنافس االستعماري بين بريطانيا وإيطاليا ، 1945-1935أطروحة لنيل الدكتوراه (غير منشورة) ،كلية الشريعة
والدراسات اإلسالمية ،جامعة أم القرى ،السعودية.2005 ،
.29هيلين دالميدا ،إفريقيا في القرن العشرين ،تعريب :صباح ممدوح كعدان ،الهيئة العامة السورية للكتاب ،سورية.2001 ،
المراجع األجنبية:
1. George padmare, Panafricanisme Ou Communisme ?La Prochaine Lutte Pour l’Afrique , 1960.
2. H.M Stationery office, German colonization, no 42, London, 1920 .
a. D. Roberts, the Earlier Historiography of Colonial Africa, Vol. 5, Cambridge University Press, 1978 .
3.
Harmeet S. Sandhu, British Raj: The Legacy of Colonialism in India, Vol 3, Iss 1, Article 6, 2014.
4.hristian Koller, “The Recruitment of Colonial Troops in Africa and Asia and their Deployment in Europe during
the First World War,” Immigrants & Minorities, Vol 26, Nos 1/2, March, 2008.
5. Raymond: Au service de la France. Neuf années de souvenirs, volume 10, Paris 1933, pp. 14-15; Watson, David
Robin: Georges Clemenceau: A Political Biography, Plymouth 1974.
6. E.g. Höpp, Gerhard: Die Privilegien der Verlierer. Über Status und Schicksal muslimischer Kriegsgefangener
und Deserteure in Deutschland während des Ersten Weltkrieges und in der Zwischenweltkriegszeit, in: Höpp,
Gerhard (ed.): Fremde Erfahrungen. Asiaten und Afrikaner in Deutschland, Österreich und in der Schweiz bis
1945, Berlin 1996, pp. 185-210; Müller, Herbert Landolin: Islam, ğihad ("Heiliger Krieg") und Deutsches
Reich, Frankfurt am Main 1991.
7. Joe Harris: Memoirs of the Maelstrom. A Senegalese Oral History of the First World War, Portsmouth et al.
1999, pp. 140-147.
8. Horne, The Price of Glory, 100 –101; Goldstein, Libe´ration ou annexion, 176–7; Crowder, ‘The 1914 –1918
European War and West Africa’.
458
2020 كانون الثاني مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية 1 المجلد46 العدد
9.
Talat Ahmed, The British Empire and the First World War: the colonial experience, Iss 152, International
Socialism journal, October 2016.
10. Michael Pesek , Force Publique, Humboldt-Universität zu Berlin, Version 1.0, May 2017 .
11. Violent Intermediaries: African Soldiers, Conquest, and Everyday Colonialism in German East Africa, 2014.
12. Marc Michel, “L’Armée colonial en Afrique Occidentale Française,” in L’Afrique Occidentale au temps des
Français Paris: Éditions La Découverte, 1992.
13. Myron Echenberg, Colonial Conscripts: The Tirailleurs Sénégalais in French West Africa, 1857-1960
Portsmouth: Heinemann, 1991.
14. Raffael scheck, French colonial soldiers in German captivity during World War II, Cambridge University Press,
2014.
15. Belkacem Recham.Les musulmans Algériens dans l'armée française 1919:194, l'harmattan, paris, 1996.
16. Hill, the Marcus Garvey and Universal Negro Improvement Association Papers, vol. 9 .
17. hristian Koller, “The Recruitment of Colonial Troops in Africa and Asia and their Deployment in Europe during
the First World War, Op. cit.
: متاح على الرابط التالي،1898 ، ألمانيا،Deutsch-Südwest-Afrika مقتطف من، جنوب غرب أفريقيا األلمانية،ريهبوك تنبونر.18
https://bit.ly/36maOin
: متاح على،2014/8/3 بتاريخ، دور جنود أبناء المستعمرات في الحرب العالمية األولى:تقارير.19
https://bit.ly/2LGAVJ2
20. Reports: The First World War and its consequences in Africa, Available in: https://bit.ly/2Ps9yUg
21. Colonial Presence in Africa, facinghistory and resource, Available in:
Political Map of Africa, 1920, Available in: https://bit.ly/3569Pmf
32. Marika Sherwood, Britain, its colonies and WWII, Aug 04, 2016, , Available in: https://bit.ly/2P7PPKF
459
2020 كانون الثاني مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية 1 المجلد46 العدد
33. Priya Pitamber, Remembering Africans’ role in ending World War 2, 14/5/2015,: https://bit.ly/2PAR2ZO
34. Oswald Masebo, The African soldiers dragged into Europe's war, Reports, BBC News, 3/5/2015, Available in:
https://bbc.in/2LEaXpx .
460