Professional Documents
Culture Documents
العزيزي
العزيزي
لقد تجلى مع مرور الزمن وأثر التطور الهائل الذي عرفته أنماط التعاقدات المدنية
والتجارية على حد سواء ،قصور النظرية التقليدية القائمة على فكرة سلطان االرادة في كثير من
جوانبها ،ومنها عدم صحة المبدأ على إطالقه في تفسير القوة الملزمة للعقد في ظل القيود
التشريعية العديدة التي تضعها الدولة حماية المستهلك ،فكثير من القوانين والقواعد على اختالفها
عملت على حماية ارادة طائفة من المتعاقدين على نحو يؤكد ضرورة أن يكون رضى المتعاقد
أكثر حرية وأمام الدور الذي تلعبه عيوب االرادة فإنه يتجلى بوضوح قصور هذه النظرية في
تحقيق الحماية للطرف الضعيف في العالقة التعاقدية وفي توفير مناخ مالئم لتأكيد صفة ارادة
المستهلك كما أثرت التطورات االقتصادية والتكنولوجية بدورها على مبادئ النظرية العامة
لاللتزامات والعقود وذلك بظهور عقود إذعان أدت إلى اختالل في التوازنات العقدية ومن هنا
ففكرة الط رف الضعيف في هذه النظرية مؤسسة على التفاوت االقتصادي بين طرفي العقد وهذا
دفع المشرع المغربي إلى خلق أليات جديدة لحماية رضا المتعاقد في ظل هذه القوانين الحديثة
لذا فإننا سنعالج هذا المبحث في مطلبين نخصص المطلب االول لتأثير القوانين الجديدة على
المبادئ العامة لقانون االلتزامات والعقود المغربي ،على أن نتطرق في المطلب الثاني لدور
القوانين المستحدثة في حماية رضا المتعاقد.
المطلب االول :تأثير القوانين الجديدة على مبادئ العامة لقانون االلتزامات والعقود
االصل أنه إذا قام العقد صحيحا جامع لكل شروطه أصبحت له قوة ملزمة أي انه يصبح
بمثابة قانون بين أطرافه وهاته القوة ينحصر مجالها ونطاقها في اطراف العقد والتي تجسد مبدا
نسبيته أثار العقد لكن في وقتنا الحاضر تمضي التوجهات الحديثة لقانون العقود نحو تشجيع
المشرع على الحد من هاته المبادئ(كفقرة أولى) وإعطاء المشرع للطرف الضعيف الحق في
التراجع أو العدول كآلية حمائية(فقرة ثانية)
1
الفقرة االولى :تأثير القوانين الجديدة على مبادئ العامة للنظرية العامة لاللتزام
إذا كان كل إلتزام عقدي يقوم مقام القانون بالنسبة لطرفيه شريطة ان يكون صحيحا حسب
المادة 230من قانون االلتزامات والعقود هذا يعني أن من إنشآته إرادتين ال يموت وال يعدل إال
بتلك االرادتين وهو ما يصطلح عليه بمبدأ سلطان االرادة ،هذا االخير الذي ينطوي تحت لوائه
مجموعة من المبادئ االخرى المعبرة عن سيادة وسمو االرادة ولعل من أمثلة هذه المبادئ مبدأ
العقد شريعة المتعاقدين وكذا مبدأ القوة الملزمة للعقد فكل هذه المبادئ تأثرت نوعا ما بمجيء
بعض القوانين الخاصة وهكذا فالتطورات االقتصادية والتكنولوجية أبت االوان تقرر لنا اطراف
عالقة قانونية متفاوتة في المراكز القانونية ،طرف المستهلك غالبا ما يكون تحت رحمة الطرف
القوي يملك السلطة والقدرة على تطويع مفاصيل العقود ،الشيء الذي يجعل الطرف الضعيف
المقبل على التعاقد مغلوب على أمره ،وهذا ما يجعل الحديث عن مبدأ سمو العقد شريعة
المتعاقدين مجرد كلمات منقوشة على أوراق ال تجد لها مكانة في الواقع العملي ،هذا كله عجل
من تدخل المشرع ولو على حساب المستهلك حيث فرض مجموعة من البيانات التي يجب ان
يتضمنها العقد المنشئ الذي جعل المبدأ االخير يتأثر وقد يصبح مستقال يحمل تسمية العقد
شريعة المتعاقدين تحت مراقبة المشرع ،وكذا مبدأ القوة الملزمة للعقد الذي بدوره تأثر بمجيء
القوانين الجديدة والذي يلزم من كان طرفا في العقد اي بين المتعاقدين ،ألنه ال يجوز التحلل من
التزام يفرضه القانون فكذلك ال يمكن التحلل من التزام أنشأته إرادة حرة ،1الن القوة الملزمة
للعقد يمنع اي تدخل خارجي من شخص أجنبي غير االطراف بمن فيهم تدخل المشرع لإلضافة
التزام أو انقاصه واستنادا إلى هذا فإن المستهلك متى أبرم عقدا للحصول على سلعة أو خدمة
استهالكية معينة إنما يلزم بذلك العقد وبتنفيذه أي كانت الظروف حتى وإن كانت هذه السلعة أو
الخدمة ال تفي بالغرض الذي يسعى إليه أوال تقيده أصال ،وهو ما يجعلنا نتساءل والوضعية هذه
عن كيف للمستهلك كفرد عادي غالبا ما ال يتوفر على القدرة القانونية والفنية والوقت الكافي
للتفكير في ما يبرمه من عقود وصفقات استهالكية؟ أم يكن من األرحم به منحه حق العدول عن
تنفيذ العقد في حاالت معينة؟ هكذا ومن باب محاولة إعادة التوازن لألطراف العالقة التعاقدية
- 1الفصل 230من قانون اللتزامات والعقود :االلتزامات المنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها وال يجوز إلغاؤها إال
برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون.
2
تدخل المشرع عبر قانون حماية المستهلك مؤثرا على مبدأ القوة الملزمة للعقد وأقر له الحق في
التراجع كلما قدر أن الخدمة أو السلعة التي تعاقد من أجلها ال تفي بالغرض المطلوب ،2كما أثر
قانون حماية المستهلك على مبدأ تسيبه أثار العقد وبالرجوع إلى الفصل 228من قانون
االلتزامات والعقود نجده يقرر أن اثار العقد ال تنسحب إلى أطرافه بمعنى أن األطراف هم من
ينتفعون أو يضرون بأثار العقد وأن هذه األثار ال تضر وال تنفع الغير ستة(إلى في حاالت
مذكورة في القانون وهذا ما جعل العقد يكون نسبي في تطبيق أثاره وال يمكن مواجهة األغيار
بمقتضياته بيد أن طبيعة العملية االستهالكية عادة ما تحتمل وجود أكثر من طرف مما يحول
دون إمكانية تمديد أثار العقد إلى طرف أجنبي تطبيقا لمبدأ نسبية أثار العقد هذا القول أبان عن
خطورته وعجزه عن حماية بعض المتدخلين الذين لم يكونوا أطراف في العقد ،فمثال لو اشترى
(زايد ) جهاز حاسوب من بائع (عمر) فقام أخ زيد باستعمال ذلك الحاسوب فتعرض هذا األخير
لالنفجار بسبب عيب فيه مما تسبب في أذى ألخ زيد وبالتالي ال يكون بمقدره الرجوع على
البائع (عمر) على اعتبار أنه أجنبي عن العقد تطبيقا للقواعد العامة 3كل هدا جعل المشرع
المغربي يتدخل بمقتضيات أكث ر حماية تجعلنا نقول أنها أترث بالفعل على القواعد العامة من
خالل إصداره لقانون رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك سنة 2011والدي
يعرف في مادته الثانية آن المستهلك هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية
حاجياته غير المهنية منتوجا أو سلما أو خدمات معدة لإل استعماله الشخصي أو العائلي لهدا
الفصل وسع من نطاق حماية المستهلك سواء كان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه تمردا على مبدأ
نسبة آثار العقد ،وبناء عليه يعد هاجس توفير الحماية الضرورية للمستهلك هو الدي دفع
المشرع إلى سن هده المقتضيات لتحقيق المنتهي ،إال أنها آثرت بالملموس على المبادئ المقررة
في النظرية العلمية لاللتزامات والعقود .4
- 2أنظر المادة 36من قانون حماية المستهلك رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5932بتاريخ 3
جمادى االولى 1432ه ج الموافق ل 7أبريل 2011ميالدي ص .1072
- 3محمد آشهيهب وأيوب العثماني ،قانون حماية المستهلك والقواعد العامة أي تأثير؟ منشور في الموقع اإللكتروني في موقع العلوم القانونية
MAROC.DROIT.COM
- 4أنظر القسم األول المادة 2من قانون رقم 08.31القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5932بتاريخ 3
جمادي األول ( 7أبريل )2011ص .1072
3
الفقرة الثانية :الحق في التراجع كآلية لحماية رضى المتعاقد اإللكتروني .
30يوما لممارسة حقه في التراجع في لم يفي المورد بالتزامه بالتأكيد الكتاب للمعلومات
المنصوص عليها في المادتين 29و 32من القانون السالف الدكر كالتعريف بالمميزات
االساسية للمنتوج او السلعة او الخدمة محل العرض وكدا اسم المورد وتسميته التجارية
والمعطيات الهاتفية التي تمكنه من التواصل الفعلي معه وبريده اإللكتروني وإدا كان شخصا
اعتباريا فيتعين ذكرو مقره االجتماعي وإدا تعلق األمر بغير المورد فعنوان المؤسسة المسؤولة
عن العرض ورقم تعريفه الضريبي إذا كان خاضعا للضريبة ورقم الرخصة كذلك اذا كان
نشاطه خاضعا لنظام الترخيص وتاريخها ،دون اإلخالل بمقتضيات القانون رقم 53.05
المتعلق بالتبادل.
- 5المادة 6/1من توجيه المجلس األروبي رقم 7/97المنشور بالمجلة القانون األعمال الدولية ،جامعة الحسن األول سطات و المأخود من البوابة
اإللكترونية droit etentrepris.com
4
بالتبادل اإلليكتروني للمعطيات القانونية ويجب على المورد أن يذكر المستهلك قبل إبرام
العقد بمختلف اختياراته وأن يمكنه من تأكيد طلبيته أو تعديله حسب إرادته وكذا تمكين المستهلك
من الولوج بسهولة واالطالع على الشروط التعاقدية المطبقة على توريد المنتوجات والسلع أو
على تقديم خدمات عن بعد ،على صفحة االستقبال في الموقع اإلليكتروني لمورد السلعة أو مقدم
الخدمة ،مع ضرورة أن تكون هذه الشروط موضوع قبول صريح من طرف المستهلك وذلك
قبل تأكيده العرض6كما أكد المشرع المغربي في المادة 37من قانون رقم 31.08القاضي
بتحديد تدابير لحماية المستهلك على أنه عند ممارسة حق التراجع يجب على المورد أن يورد
إلى المستهلك المبلغ المدفوع كامال على الفور وعلى أبعد تقدير داخل أجل 15يوما الموالية
للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور 7وبهذا فالحق في التراجع من النظام العام وهكذا
فالمورد ال يملك حق الرفض لطلب المستهلك المتمثل سوءا في استرداد الثمن أو استبدال
المنتوج سوى في حالة واحدة وهي انقضاء المدة المحددة للعدول ،أو إذا تسبب المستهلك في
إتالف الشيء المبيع ،لذا يستوجب ممارسة حق التراجع من طرف المستهلك وضرورة إعالمه
عنه من خالل الوسائل المختلفة المستعملة لإلخطار كاإلعالم بالبريد اإلليكتروني أو الفاكس،
فعلى المطالب بهذا الحق اختيار أضمن وسيلة الستعمالها كدليل إثبات عقد وقوع النزاع.8
وفي حالة رفض المورد رد المبلغ المدفوع للمتعاقد اإلليكتروني ،فإنه في هذه الحالة
يعاقب بغرامة مالية من 12000إلى 50.000درهم تماشيا مع المادة 178من قانون رقم
31.08الذي ينص على أنه يعاقب بغرامة مالية من 12000درهم المورد الذي يرفض إرجاع
المبالغ إلى المستهلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 40/37من القانون السالف
9
الذكر
- 6فاطمة الزهراء قردوني ،أثر قانوني 31.08 ،المحدد لتدابير حماية المستهلك على قانون العقود واإللتزامات ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس الرباط ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال سنة /2014/2015ص .49
- 7أنظر المادة 37من قانون رقم .31.08
- 8معزوز دليلة ،حق المستهلك في العدول عن تنفيذ العقد " مجلة علمية محكمة معارف ،العدد 22قسم العلوم القانونية ،الجزائر ،جامعة ...
أولحاج 2017 ...ص16
- 9أنظر المادة 178من قانون 31.08القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5932بتاريخ 3جمادى األولى
1432هج ،الموافق 7أبريل ،2011ص.1072
5