Professional Documents
Culture Documents
Arabic 01057
Arabic 01057
مقدمة البحث:
يعد أسلوب النهي من األساليب اليت وظَّفها القرآن الكريم لبيان احلكم الشرعي ،وكان له
فضال عن ذلك دور فاعل يف التعبري عن املعاني بطريقة فنية تشتمل على تهويل املعنى أو تأكيده
أو التنفري منه أو غري ذلك من الدالالت اليت خرج إليها أسلوب النهي يف التعبري القرآني.
وقد وقف الزخمشري يف تفسريه على أغلب األغراض اجملازية اليت ذكرها علماء البالغة ألسلوب
النهي ،كالتوبيخ واإلنذار والوعيد والتسلية والتهديد والتحقري واإلرشاد ،كما وقف على
دالالت أخرى كان قد سبق إليها واستلهمها بذوقه الفين وحسِّه املرهف ،كالتهييج والتثبيت
ويرمي البحث اىل إحصاء األغراض اجملازية اليت خرج إليها أسلوب النهي يف تفسري الكشاف
ومعرفة مدى اتساقها مع سياق النص القرآني ،ووجد الباحث أنها بلغت مثانية وعشرين غرضا
توزعت يف ثالثة أقسام ،قسم صرَّح به الزخمشري ،وقسم آخر أملح إليه ومل يذكره صراحة،
وقسم ثالث أغفله ومل يصرح به أو يلمح إليه ،وقد استشفَّه الباحث من سياق النصوص وقرائن
األحوال .وقد عمدنا اىل موازنة رأي الزخمشري مبا ذهب إليه أبو حيان ،يف تفسريه البحر
احمليط ،لكونه من أبرز املفسرين الذين يعنون باجلوانب البالغية يف النص القرآني.
أ.م.د .عقيل جاسم دهش
113
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
قال الزركشي" :إن النهي للتحريم قوالً واحداً حتى يرد ما النهيُ هو طلبُ الكفِّ عن الفعل على وجه االستعالء .قال
من األدنى اىل األعلى ،والتماسا ،إنْ كان من متماثلني يف ومعناه عند النحويني نفي األمر ،أي أنه ينزل من األمر منزلة
الرتبة أو املقام .6وذهب االسرتاباذي اىل أن صيغة (ال النفي من اإلجياب ،قال ابن السراج :فكما أن األمر يف قولنا
تفعل) ،وإن استعملت على سبيل االلتماس أو التضرع فإنها (قمْ) يراد به اإلجياب فكذلك النهي يف قولنا (ال تقم) يراد
ال خترج عن معنى النهي ،7وتابعه يف ذلك الدكتور قيس به النفي.2
إمساعيل األوسي ،مؤكدا على أنَّ استعماهلا يف هذين املعنيني ويعد النهي أحد أساليب اإلنشاء الطليب اليت يوليها علماء
جماز ال حقيقة ،إذ يقول " والصحيح يف صيغة (ال تفعل) البالغة اهتماما كبريا لقدرتها على التفاعل مع املتلقي
أنها تُسمّى نهيا وإن كانت مستعملة يف طلب ترك الفعل والتأثري فيه ،يقول الدكتور عبد العزيز فتح اهلل علي "إن
على سبيل االلتماس أو التضرع".8 االهتمام بأساليب اإلنشاء الطليب راجع اىل ما تتميز به من
وخيرج النهي عن معناه احلقيقي للداللة على معان وأغراض حيوية وقدرة على التأثري ينبعان من عملية التفاعل بني طريف
كثرية ،أبرزها (اإلرشاد ،التهديد ،التيئيس ،التوبيخ، عملية اإلبداع ،فأصل هذه األساليب قائم على استدعاء
التحقري ،التأديب ،التمين ،اإلباحة ،العزاء والتسلية) .9وقد الطرف اآلخر املخاطب يف الكالم ذاته".3
أشار اىل ذلك السكاكي يف قوله "وإنْ استعمل يف حق وللنهي صيغةٌ واحدةٌ هي (ال) الناهية والفعل املضارع ،قال
املستأذن سُمِّيَ إباحة وإنْ استعمل يف مقام تسخط الرتك القزويين " وله حرف واحد وهو (ال) اجلازمة يف قولك (ال
114
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
األميان باهلل ال يبقي لليمني يف قلب املؤمن وقعاً وال يؤمن يستعمل يف غري طلب الكفِّ أو الرتك ،كالتهديد ،كقولك
من إقدامه على اليمني الكاذبة.14 لعبد ال ميتث ُل أمركَ :ال متتث ْل أمري".11
ثانيا :تزكية النفس ،قال تعاىل ﭽﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ومل يكن خيفى على علماء البالغة أنَّ هذه الدالالت اجملازية
ﯠﭼ ،15قال الزخمشري :أي ال تنسبوا أنفسكم اىل زكاء ال ميكن حتديدها وضبطها بأغراض بعينها ،بل ينبغي أن تبقى
العمل وعمل الطاعات وال تثنوا عليها ،فقد علم اللّه الزكي مفتوحة أو (متحرِّكة) حبسب سياق الكالم ومقاصد
من بطون أمهاتكم .16ويفهم من كالم أبي حيان أن النهي وقد ظهر للباحث من خالل اإلحصاء والتأمل والتدقيق أنَّ
واقع على تزكية السمعة أو املدح للدنيا ،أما التزكية إلثبات أسلوب النهي يف تفسري الكشاف خرج عن معناه احلقيقي
احلقوق فجائزة للضرورة.17 يف مواطن كثرية للداللة على املعاني أو األغراض اجملازية
اجتناب كل امليل مما هو يف حد اليسر والسعة فال ينبغي أن ﯹ ﯺ ﯻ ﭼ ،12قال الزخمشري :أي ال جتعلوا
تفرطوا فيه إن وقع منكم التفريط يف العدل كله .19وذهب اهلل حاجزا ملا حلفتم عليه من ترك اإلحسان أو إصالح ذات
أبو حيان اىل أنه نهي صريح عن اجلور على املرغوب ،مبعنى البني .13يف حني ذهب أبو حيان اىل أنها نهيٌ صريحٌ ،إذ
أنه إذا وقع منكم التفريط يف شيء من املساواة بني أزواجكم نهاهم عن ابتذال امسه وجعله معداً ألميانهم حيلفون به يف
فال جتوروا كل اجلور.20 الرب والفجور ،وأنَّ احلكمة يف النهي عن ذلك هي أنَّ تكثري
115
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
بأفواهكم وقلوبكم على خالفها" .28وذهب أبو حيان اىل ﭽﮀ رابعا :إحباط العمل بارتكاب املعاصي ،قال تعاىل
أنه نهي صريح ،إذ نهاهم تعاىل عن قسمهم لعلمه تعاىل أنه ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ،21قال
ليس حقاً.29 الزخمشري" :أي ال حتبطوا الطاعات بالكبائر" .22وذكر أبو
سابعا :قتال الكفار ،قال تعاىل ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ حيان مصاديق عدة إلبطال العمل منها املن باإلسالم ومنها
ﯟﭼ ،30قال الزخمشري :ما لكم ال تصربون يف طلب ﭽﭹ ﭺ خامسا :مصادرة حقوق اآلخرين ،قال تعاىل
الكفار بالقتال مثل صربهم ،مع أنَّكم أوىل منهم بالصرب ﭻ ﭼ ﭽﭼ ،24قال الزخمشري :نعى عليهم طمعهم
ألنكم ترجون مِنَ اللَّهِ ما ال يرجون من إظهار دينكم على بأموال اليتامى مع استغنائهم مبا رزقهم اهلل ،ومسَّع بهم،
سائر األديان ومن الثواب العظيم يف اآلخرة .31وذهب أبو ليكون أزجر هلم .25وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج
حيان اىل أن النص تضمن نهيا صرحيا ،إذ نهوا عن أن يقع عن معناه احلقيقي ،إذ ارتقى يف النهي من استبدال اخلبيث
منهم ما يرتتب عليه إهانتهم ،وهو اجلنب والتهاون يف قتال بالطيب إىل ما هو أفظع من االستبدال ،وهو أكل أموال
العدو ،مع كونهم يرجون من اهلل الثواب ،وأعداؤهم اليتامى ،وهو قوله "أي وال تضموا أمواهلم يف األكل إىل
يصربون على اآلالم واجلراحات والقتل مع كونهم ال أموالكم ،وهذا نصٌّ على النهي عن األكل ويف حكمه
ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ثامنا :التودد اىل أعداء اهلل ،قال تعاىل سادسا :خمالفة القول للمعتقد (األميان الكاذبة) ،قال تعاىل
أو توادُّونهم وهذه حاهلم ،فإنَّ مودة أمثاهلم ومناصحتهم ﰒﭼ ،27قال الزخمشري" :ال أميان تقسمون بها
116
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
نهاهم عن مواالة اليهود والتودد إليهم ،قال "وملّا فتح هذه أن اىل النهي مل خيرج عن معناه احلقيقي ،إذ تضمَّن اخلطاب
السورة بالنهي عن اختاذ الكفار أولياء ،ختمها مبثل ذلك نهيا عن مواالة الكفار والتودُّد إليهم ،وأضاف املفعول اىل
تأكيداً لرتك مواالتهم وتنفري املسلمني عن توليهم وإلقاء ذاته تغليظاً جلرمهم وإعالماً حبلول عقاب اهلل بهم.35
ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮ أوال :اجلهاد ضد الكفار ،قال تعاىل ﰐ ﭼ ،36قال الزخمشري :إنَّ اختاذهم دينكم هزواً ولعباً
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ ،42قال الزخمشري :وقوله ال يصح أن يقابل باختاذكم إياهم أولياء ،بل يقابل ذلك
وال تهنوا وال حتزنوا ،تسلية من اللَّه سبحانه لرسوله بالبغضاء والشنآن واملنابذة" .37وذهب أبو حيان اىل أنه نهي
وللمؤمنني عمّا أصابهم يوم أحد ،واملعنى ال تبالوا مبا نزل صريح ،وهو قوله " وملا نهى تعاىل املؤمنني عن اختاذ الكفار
بكم وال حتزنوا على من قتل منكم وال تضعفوا عن والنصارى أولياء ،نهى عن اختاذ الكفار أولياء يهودا كانوا
اجلهاد .43وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه، أو نصارى ،أو غريهما".38
إذ نهاهم عن أن يضعفوا عن جهاد أعدائهم وعن احلزن عاشرا :مواالة اليهود ،قال تعاىل ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ألجل هزميتهم يوم أحد أو على من استشهد من إخوانهم ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ ،39قال الزخمشري :اخلطاب لبعض
أو ملا أصاب النيب (ص) أو ملا فات من الغنيمة أو جملموع فقراء املسلمني ممن كانوا يواصلون اليهود طمعا مبا عندهم
ذلك.44 من اخلريات فقيل هلم :ال تتولَّوا قوما مغضوبا عليهم ،قد
ثانيا :تآمر الكفار واملنافقني على الرسول (ص) وكيدهم يَئِسُوا من أن يكون هلم حظٌّ يف اآلخرة لعنادهم رسول اللّه
ﭽﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ لإلسالم ،قال تعاىل (ص) ،وهم يعلمون أنه الرسول املنعوت يف التوراة .40يف
ﮙ ﮚ ﮛﭼ ،45قال الزخمشري" :ال تهتم وال تبال حني ذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ
117
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
ﭦ ﭼ ،51قال الزخمشري :أي ال تشكُّ يف سوء عاقبة لإلسالم ومن مواالة املشركني ،فإني ناصرك عليهم وكافيك
املشركني وتعرُّضهم ملا أصاب أمثاهلم قبلهم .52وتابعه أبو شرَّهم" .46وذهب أبو حيان اىل أن النهي خرج اىل معنى
حيان يف خروج النهي اىل معنى التسلية ،وهو قوله " شرح األمر ،قال " أمره تعاىل أن ال حيزن وال يهتم بأمر املنافقني،
للرسول أحوال الكفار من قومه ،وإنهم متبعو آبائهم كحال وأمر اليهود من تعنتهم وتربصهم به ومبن معه الدوائر
من تقدم من األمم يف اتباع آبائهم يف الضالل ،وهذه تسلية ونصبهم له حبائل املكروه ،وما حيدث هلم من الفساد يف
للرسول وعدة باالنتقام منهم إذ حاهلم يف ذلك حال األمم األرض ونصب احملاربة هلل ولرسوله وغري ذلك من الرذائل
خامسا :توجس الرسول من مكر قومه وخطر مكائدهم، ثالثا :تدليس اليهود على رسول اهلل ،قال تعاىل ﭽﭨ ﭩ
قال الزخمشري :أي ال حتزنْ على قومك ألنهم مل يتبعوك ﭶ ﭷ ﭸﭼ ،48قال الزخمشري :أطلع اللَّه رسوله
وال تكن يف حرج من مكرهم وكيدهم لك فإنَّ اهلل يعصمك على خرب اليهود وساله مبا أنزل من وعيدهم ،أي ال حتسنبَّ
منهم .55وتابعه أبو حيان يف خروج النهي اىل معنى التسلية، اليهود الذين يفرحون مبا فعلوا من تدليسهم عليك ناجني
قال " ثم سلّى نبيَّه ،فقال :وال حتزنْ عليهم :أي يف كونهم من العذاب .49وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن
مل يسلموا ومل يذعنوا إىل ما جئت به ،وال تكنْ يف ضيق: معناه ،قال "ويف هذه اآلية داللة على أن تزين اإلنسان مبا
أي يف حرج وأمر شاق عليك مما ميكرون ،فإنَّ مكرهم ليس فيه وحبه املدح عليه منهي عنه ومذموم شرعاً".50
الحق بهم ،ال بك ،واهلل يعصمك منهم" .56 رابعا :التوجس من تفاقم خطر املشركني ومتاديه يف عبادة
118
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
ثامنا :التوجس من املالئكة ،قال تعاىل ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭽﮀ ﮁ ﮂ سادسا :االفتتان حبال الكفار ،قال تعاىل
الزخمشري" :الظاهر أنه أحسَّ بأنهم مالئكة ،ونكرهم ألنه اللَّه (ص) ،أي ال تلتفت إىل ما هم عليه من سعة الرزق
ختوَّف أن يكون نزوهلم ألمر أنكره اللّه عليه أو لتعذيب وإصابة حظوظ الدنيا ،وال تغرتَّ بظاهر ما ترى من تبسطهم
قومه ،وإمنا قالوا ال ختف ألنهم رأوا أثر اخلوف والتغيُّر يف يف األرض وتصرفهم يف البالد .58وذهب أبو حيان اىل أن
وجهه" .64وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه، النهي خرج اىل معنى التثبيت ،وذلك أنَّ رسول اهلل (ص)
قال " فنهوه عن شيءٍ وقع يف نفسه ،وعرفوا خيفته بكون مل يكن مغرتا حبال الكفار واملشركني وما هم عليه من
اهلل جعل هلم من االطالع ما مل جيعل لغريهم".65 الرخاء ولني العيش ،فأُكِّد عليه ما كان وثبت على
ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ أوال :االعرتاض على مشيئة اهلل ،قال تعاىل ﭽ سابعا :األسف لعناد الكفار وطغيانهم ،قال تعاىل
ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭼ ،66قال ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ
الزخمشري :أي ال تلتمسْ مين ملتمساً ال تعلم أصوابٌ هو ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ ،60قال الزخمشري :اخلطاب للرسول
أم غريُ صوابٍ حتى تقف على كنهه ،إذ جعل سؤال ما ال (ص) أن ال يتأسَّف عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم ،فإنَّ
يعرف كنهه جهال وغباوة ووعظه أن ال يعود إليه وإىل أمثاله ضرر ذلك راجع إليهم ،ويف املؤمنني غنىً عنهم .61ويفهم
من أفعال اجلاهلني .67ويفهم من كالم أبي حيان أنه مييل من كالم أبي حيان أنه مييل اىل هذا املعنى ،أي خروج النهي
اىل هذا املعنى ،قال "أي ال تطلب مين أمراً ال تعلم املصلحة اىل معنى العزاء والتسلية لرسول اهلل (ص) ،وهو قوله " أي
فيه علم يقني ،ونسب نوح النقص والذنب إىل نفسه تأدُّبا ال حتزن عليهم ،فأقام الظاهر مقام املضمر تنبيها على العلة
62
. املوجبة لعدم التأسف ،أو هو عام فيندرجون فيه"
119
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
ﭽﯓ رابعا :التشبُّه باليهود يف أقواهلم ،قال تعاىل مع ربه فقال :وإنْ ال تغفر لي ،أي ما فرط من سؤالي
قال الزخمشري :ال تتشبهوا باليهود يف قولكم ،عند مساعكم ثانيا :االتكال على النفس ،قال تعاىل ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
شيئا من القرآن ،راعنا أي راقبنا وانتظرنا ،ولكن قولوا ما ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﭼ ،69قال الزخمشري" :
هو يف معناها وهو انظُرنا أي أمهلنا حتى حنفظ .76وذهب وهذا نهي تأديب من اللّه لنبيه حني قالت اليهود لقريش:
أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى سبحانه سلوه عن الروح ،وعن أصحاب الكهف ،وذي القرنني،
املؤمنني أن خياطبوا رسوله بكلمة توهم بشيء ن اخلشونة فسألوه ،فقال :ائتوني غدا أخربكم ومل يستثن ،فأبطأ عليه
أو اإلساءة ملقام النيب (ص) ،وهو قوله " بُدىءَ بالنهي ألنه الوحي حتى شقَّ عليه وكذَّبتهُ قريش" .70وذهب أبو حيان
من باب الرتوك فهو أسهل ،ثم أتى باألمر بعده الذي هو اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال " ثم نهاه أن خيرب بأنه
أشق حلصول االستئناس قبلُ بالنهي ،فنهوا يف عن أن خياطبوا يفعل يف الزمن املستقبل شيئاً إالّ ويقرن ذلك مبشيئة اهلل
الرسول بلفظ يكون فيه أو يوهم شيئاً من الغض مما يستحقه تعاىل".71
من التعظيم وتلطيف القول وأدبه".77 ﭽﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ثالثا :اغرتار اإلنسان بنفسه ،قال تعاىل
خامسا :حماكاة الكفار يف تثبيطهم عزمية اجملاهدين ،قال ﯿﭼ ،72قال الزخمشري :أي اليكنْ غرضك يف املشي
ﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬ ﯭﯮﯯ ﯰﯱﯲﯳ ﯴ أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى لقمان
ﭼ ،78قال الزخمشري :أي ال تكونوا مثلهم يف النطق مبثل ولده عن التكرب على الناس واإلعجاب واملشي مرحاً.74
120
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
لقراءته .85ويفهم من كالم أبي حيان أنه مييل اىل خروج خيرج عن معناه ،إذ نهى تعاىل املؤمنني أنْ يتشبَّهوا باملنافقني
النهي اىل معنى التاديب أو اإلرشاد ،وهو قوله " أي تأنَّ يف اعتقادهم الفاسد بأنَّ من قتل يف احلرب لو قعد يف بيته
حتى يفرغ امللقى إليك الوحي وال تساوق يف قراءتك لعاش ومل ميت يف ذلك الوقت الذي عرض فيه نفسه
قراءته ،فاملراد إذاً أن ال ينصب نفسه وال غريه عليه حتى للقتال.80
يتبيَّن بالوحي متامه أو بيانه أو هما مجيعا".86 سادسا :أدب الصحبة أو االتباع ،قال تعاىل ﭽﯔ ﯕ ﯖ
ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ ،87قال الزخمشري :أي إذا جاءك طالب الزخمشري" :فمن شرط اتباعك لي أنك إذا رأيت مين شيئا
العلم فال تزجره .88ويفهم من كالم أبي حيان أنه مييل اىل أن ال تفاحتين بالسؤال وال تراجعين فيه حتى أكون أنا الفاتح
هذا املعنى ،قال " وملا عدد عليه هذه النعم الثالث ،وصاه عليك ،وهذا من آداب املتعلم مع العامل واملتبوع مع
بثالث كأنها مقابلة هلا ...،فال تنهرْ :أي تزجره ،لكن أعطه التابع" .82واكتفى أبو حيان بنقل كالم الزخمشري ،ويبدو
أو رده رداً مجيالً". 89 أنه يتابعه فيما ذهب إليه ،قال " أي إذا رأيتَ مين شيئاً خفي
.4اإلرشاد :ويقرتن مبوضوعات عدة ،أبرزها: عليك وجه صحته فأنكرتَ يف نفسك فال تفاحتين بالسؤال
ﭽﯲ ﯳ ﯴ أوال :مداهنة الكفار ،قال تعاىل حتى أكون أنا الفاتح عليك ،وهذا من أدب املتعلم مع العامل
خماصما للربآء" .91وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج ﭽﭖ ﭗ سابعا :االستعجال يف تلقي الوحي ،قال تعاىل
عن معناه ،قال " ملّا بيَّن األحكام الكثرية عرَّف أنَّ كلها من ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ ،84قال الزخمشري:
اهلل ،وأنه ليس للرسول أن حييد عن شيء منها طلباً لرضا أي إذا لقَّنك جربائيل (ع) ما يوحى إليك من القرآن فتأنَّ
121
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
رابعا :حتريم الطيبات ،قال تعاىل ﭽﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭽﭪ ثانيا :االحنراف العقدي بتأثري السحر ،قال تعاىل
أنفسكم ما طاب ولذَّ من احلالل ،وال حترِّموه مبالغة منكم الزخمشري :ومعنى ال تكفر أي فال تتعلم معتقداً أنه حق
يف العزم على تركه تزهداً .100ويقرتب أبو حيان من هذا فتكفر .94ويفهم من كالم أبي حيان أنه يتابع من ذهب اىل
املعنى يف قوله " ومعنى ال حترِّموها ال متنعوا أنفسكم منها أن النهي خرج اىل معنى االستهزاء ،وهو قوله " وقد تقدَّم
ملنع التحريم وال تقولوا حرَّمناها على أنفسنا مبالغةً منكم ما حكاه املهدوي إنَّ قوهلما :فال تكفر ،على سبيل
يف العزم على تركها تزهداً منكم وتقشفاً".101 االستهزاء ،ال على سبيل النصيحة". 95
ﭽﮮ خامسا :السؤال عن التكاليف الشاقة ،قال تعاىل ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ثالثا :جمادلة أهل الكتاب ،قال تعاىل
الزخمشري :ال تكثروا مسألة رسول اللَّه (ص) حتى تسألوه أصحاب الكهف إالّ جداال ظاهرا غري متعمق فيه ،وهو أن
عن تكاليف شاقة عليكم ،إن كلِّفتم إياها غمَّتكم وشقَّت تقص عليهم ما أوحى اللّه إليك من غري جتهيل هلم وال
وندمتم على السؤال عنها .103ويفهم من كالم أبي حيان تعنيف بهم يف الرد عليهم" .97وذهب أبو حيان اىل أن النهي
خروج النهي اىل معنى الزجر والتوبيخ على اإلحلاح يف مل خيرج عن معناه ،إذ نهى سبحانه نبيَّه عن جمادلة أهل
السؤال عما مل يبلَّغوا فيه ،وهو قوله " والظاهر من الروايات الكتاب يف أصحاب الكهف ،قال " ثم نهاه تعاىل عن اجلدال
أنَّ األعراب أحلُّوا عليه بأنواع من السؤاالت فزجروا عن فيهم أي يف عدتهم ،ومسّى مراجعته هلم مراءً على سبيل
ذلك بهذه اآلية".104 املقابلة ملماراة أهل الكتاب له يف ذلك ،وقيَّده بقوله ظاهراً
122
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
أوال :اجلد يف العمل بآيات اهلل ومراعاة أحكامه ،قال تعاىل سادسا :االعتدال يف طلب املال ،105قال تعاىل ﭽ ﯨ ﯩ
جدّوا يف األخذ بها والعمل مبا فيها وارعوها حق رعايتها قال الزخمشري :أي أن تأخذ من مالك ما يكفيك
وإن مل تفعلوا فقد اختذمتوها هزواً ولعبا .113وذهب أبو ويصلحك .107ويفهم من كالم أبي حيان أنه يتابع من
حيان اىل أنه نهي صريح ،وهو قوله " وملا نهى تعاىل املؤمنني ذهب اىل أن النهي خرج اىل معنى الوعظ واإلرشاد ،وهو
عن اختاذ الكفار والنصارى أولياء ،نهى عن اختاذ الكفار قوله " قال ابن عباس واجلمهور :معناه وال تضيع عمرك يف
أولياء يهودا كانوا أو نصارى ،أو غريهما".114 أن ال تعمل صاحلاً يف دنياك ،إذ اآلخرة إمنا يعمل هلا يف
ﭽﯲ ﯳ ﯴ ثانيا :تقريب املتقني وإكرامهم ،قال تعاىل الدنيا ،فنصيب اإلنسان عمره وعمله الصاحل فيها ،وهذا
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﭼ ،115قال التأويل فيه عظة .وقيل :أرادوا بنصيبه الكفن ،وهذا وعظ
الزخمشري :أمره بتقريب املتقني وإكرامهم ،وأن ال يطيع متصل ،كأنهم قالوا :ترتك مجيع مالك ،ال يكون نصيبك
فيهم من أراد بهم خالف ذلك .116وذهب أبو حيان اىل منه إالّ الكفن".108
أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى تعاىل نبيَّه عن طرد ﯹ ﭽﯷ ﯸ سابعا :التواضع للناس ،قال تعاىل
فقراء املؤمنني عنه استجابة ألشراف العرب ،قال " وملّا أمر ﯺﭼ ،109قال الزخمشري :أي أقبلْ على الناس بوجهك
تعاىل بإنذار غري املتقني لعلهم يتقون أردف ذلك بتقريب وال توهلم جانب الوجه كما يفعل املتكربون .110ويفهم من
املتقني وإكرامهم ونهاه عن طردهم ووصفهم مبوافقة كالم أبي حيان أنه مييل اىل هذا املعنى ،قال " أي ال توهلم
ظاهرهم لباطنهم من دعاء ربهم وخلوص نياتهم".117 شقَّ وجهك ،كفعل املتكرب ،وأقبل على الناس بوجهك من
ﭽﭑ ثالثا :رعاية مال اليتيم وتعهده باحلفظ ،قال تعاىل غري كرب وال إعجاب ،قاله ابن عباس واجلماعة".111
123
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
محلهنَّ على النشوز ، ،وقيل :املعنى فإن أطعنكم فال تبغوا إليه .119وذهب أبو حيان اىل أنها نهيٌ صريحٌ ،قال " هذا
عليهنَّ سبيالً من سبل البغي هلنَّ واإلضرار بهنَّ توصيالً نهيٌ عن القرب الذي يعمُّ مجيع وجوه التصرف ،وفيه سدُّ
بذلك قال " ومعنى فال تبغوا :فال تطلبوا عليهنَّ سبيالً من الذريعة".120
السبل الثالثة املباحة ،وهي الوعظ واهلجر والضرب إىل ﭽﯔ رابعا :حجب إدارة األموال عن السفهاء ،قال تعاىل
أوال :املناجاة بالشر ،قال تعاىل ﭽﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ فيما ال ينبغي ويفسده .122ويفهم من كالم أبي حيان ونقله
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﭼ ،127قال ألقوال العلماء أنَّ النهي مل خيرج عن معناه ،وهو قوله " نهى
الزخمشري :أي إذا تناجيتم فال تتشبَّهوا باليهود واملنافقني يف أن يدفع إىل السفيه شيء من مال غريه ،وإذا وقع النهي عن
تناجيهم بالشر .128وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج هذا فإن ال يؤتى شيئاً من مال نفسه أوىل وأحرى
عن معناه ،إذ نهى سبحانه املؤمنني أن يكون تناجيهم مثل بالنهي".123
تناجي الكفار ،وبدأ باإلثم لعمومه ،ثم بالعدوان لعظمته يف خامسا :رفع األذى واحليف عن الناشز بعد رجوعها اىل
النفوس ،ثم ترقى إىل ما هو أعظم ،وهو معصية الرسول الطاعة ،قال تعاىل ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ
ثانيا :حتريف آيات اهلل طلبا للمال أو الرئاسة ،قال تعاىل ﭽ والتجين وتوبوا عليهن واجعلوا ما كان منهن كأن مل يكن
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ ،130قال الزخمشري :أي ال بعد رجوعهن إىل الطاعة واالنقياد وترك النشوز".125
تستبدلوا بآياتي مثنا ،والثمن القليل الرئاسة اليت كانت هلم ويفهم من كالم أبي حيان أنَّ النهي مل خيرج عن معناه ،إذ
124
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
الزخمشري :إنَّ تهالككم على طلب األموال واألوالد أمر يف قومهم ،خافوا عليها الفوات لو أصبحوا أتباعا لرسول
تافه حقري ألن قدر منفعة األموال واألوالد أهون شيء اللَّه (ص) فاستبدلوها بآيات اللَّه ،وباحلقِّ ،الذي كلُّ كثري
وأدونه يف جنب ما عند اللّه .137ويقرتب أبو حيان من هذا إليه قليلٌ وكلُّ كبري إليه حقريٌ ،فما بالُ القليل احلقري؟،
املعنى يف قوله " ال تُ ْل ِهكُم أمواُلكُمْ بالسعي يف منائها والتلذذ وقيل :كانت عامَّتُهم يُعطونَ أحبارهم من زروعهم ومثارهم
جبمعها ،وال أوالدكم بسروركم بهم وبالنظر يف مصاحلهم ويهدون إليهم اهلدايا ويرشونهم الرشا على حتريفهم الكلم
خامسا :النظر اىل ما يف أيدي الناس من نعم اهلل ،قال تعاىل وذكر أبو حيان أنَّ الشراء يراد به االستبدال ،أي وال
الزخمشري :أي ال تطمح ببصرك اىل ما متَّعنا به أصنافا من ثالثا :االعتداء على الضيف ،قال تعاىل ﭽﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
الكفار طموح راغب فيه متمنٍّ له ،فقد أوتيت النعمة قال الزخمشري" :ال تهينوني وال ﯘ ﯙﭼ،133
العظمى اليت كلُّ نعمة وإن عظمت فهي إليها حقرية ضئيلة، تفضحوني يف حقِّ ضيويف ،فإنه إذا خزي ضيف الرجل أو
وهي القرآن العظيم ،فعليك أن تستغين به .140وذهب أبو جاره فقد خزي الرجل ،وذلك من عراقة الكرم وأصالة
حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى املؤمنني عن املروءة" .134ويقرتب أبو حيان من هذا املعنى يف قوله "
االشتغال مبتاع الدنيا ،قال " وملّا ذكر تعاىل ما أنعم به على حيتمل أن يكون من اخلزي وهو الفضيحة ،أو من اخلزاية
رسوله من إتيانه ما آتاه ،نهاه ،وهذا وإن كان خطاباً وهو االستحياء ،ألنه إذا خزي ضيف الرجل أو جاره فقد
للرسول فاملعنى نهى أمته عن ذلك ألن من أوتي القرآن . 135
خزي هو ،وذلك من عراقة الكرم وأصل املروءة"
شغله النظر فيه وامتثال تكاليفه وفهم معانيه عن االشتغال قال تعاىل ﭽﮝ ﮞ ﮟ رابعا :التهالك يف حتصيل املال،
بزهرة الدنيا".141 ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﭼ ،136قال
125
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
من اليهود والنصارى من بعد ما جاءتهم الدالئل املوجبة .7التهديد :ومن موضوعاته:
لالتفاق على كلمة احلق .149وذهب أبو حيان اىل أن النهي ﭽﯖ ﯗ ﯘ ﯙ أوال :االفرتاء على اهلل ،قال تعاىل
مل خيرج عن معناه وأنه تضمن شرحا وتفسريا لقوله يف آية ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﭼ ،142قال الزخمشري:
سابقة (وال تفرَّقوا) .150 أي ال تدعوا آيات اهلل ومعجزاته سحرا فيستأصلكم
ﭽﯡ ﯢ ﯣ رابعا :بطالن الصدقة باملن ،قال تعاىل بالعذاب .143وذهب أبو حيان اىل أن النهي خرج اىل معنى
ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﭼ ،151قال الزخمشري :أي التحذير ،إذ خاطبهم خطاب حمذِّرٍ وندبهم إىل قول احلق إذ
ال تبطلوا صدقاتكم باملنّ واألذى كإبطال املنافق الذي ال رأوه وأن ال يباهتوا بكذب ،وفيه داللة على عظم االفرتاء
يبتغي بإنفاقه وجه اللَّه وال ثواب اآلخرة .152وذهب أبو وأنه يرتتب عليه هالك االستئصال.144
حيان اىل أنه نهي صريح ،إذ صرَّح سبحانه بالنهي عن املن، ثانيا :تهاون العبد إزاء حق اهلل ،قال تعاىل ﭽﭱ ﭲ ﭳ
وخصَّ الصدقة بالنهي إذ كان املنُّ فيها أعظم وأشنع.153 . ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭼ ،145قال الزخمشري :ال تكونوا
.8التهييج :ومن موضوعاته: كالذين نسوا حق اهلل فجعلهم ناسني حق أنفسهم
ﭽﭵ ﭶ ﭷ ﭸ أوال :زيادة اإلخالص والتقوى ،قال تعاىل باخلذالن .146وذهب أبو حيان اىل أن النهي خرج اىل معنى
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭼ ،154قال الزخمشري" :قد علم التنبيه والتحذير ،وهو قوله " وهذا تنبيه على فرط غفلتهم
أنَّ ذلك ال يكون ولكنه أراد أن حيرِّك منه الزدياد اإلخالص واتباع شهواتهم".147
والتقوى" .155وذهب أبو حيان اىل أنه نهي صريح للكفار ثالثا :تفريق وحدة األمة اإلسالمية ،قال تعاىل ﭽﮦ ﮧ
أن ال يدعوا مع اهلل إهلا آخر ،قال " واخلطاب يف احلقيقة ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﭼ ،148قال
للسامع ،ألنه تعاىل قد علم أنَّ ذلك ال ميكن أن يكون من الزخمشري :ال يكن حالكم كحال الذين تفرَّقُوا واختلفوا
الرسول".156
126
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
مما عرضوا عليه من امللك أو املال ،وإمنا رغبته يف الدعاء إىل ثانيا :القسم على ترك اإلحسان أو التقصري فيه ،قال تعاىل
رابعا :توجُّس الرسول ملا نزل عليه من الوحي ،قال تعاىل ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉﭼ ،157قال
قال الزخمشري" :فال تكنْ يف شكٍّ من أنك لقيتَ مثله لإلحسان ،وإن كانت بينهم شحناء ،مثل ما يرجون أن
ولقيتَ نظريه" .164ويفهم من كالم أبي حيان أنه مييل اىل يفعل بهم ربُّهم مع كثرة خطاياهم وذنوبهم .158يف حني
هذا املعنى ،أي اىل خروج النهي اىل معنى التسلية ،إذ ذهب أبو حيان اىل أن النهي خرج اىل معنى األمر ،وهو
خاطب نبيَّه بأنا آتيناك مثل ما آتينا موسى ولقناك مبثل ما أمر للمؤمنني وكل من يقع عليه هذا الوصف أن حيسنوا اىل
لقن من الوحي ،فال تكُ يف شكٍّ من أنك لقيتَ مثله ذويهم ،قال " وكان مسطح ابن خالة أبي بكر الصديق،
وتعرَّضتَ لنظريه.165 وكان ما نسب إليه داعياً أبا بكر أن ال حيسن إليه ،فأمر هو
ﭽ أوال :التوجُّس من ادعاءات أهل الكتاب ،قال تعاىل ﭽﯓ ﯔ ثالثا :مالينة الكفار وتلبية رغباتهم ،قال تعاىل
إنَّ احلق ما ثبت أنه من اللَّه كالذي أنت عليه فَال َتكُونَنَّ الزخمشري :أي ال جتب الكفار اىل ما يريدونك عليه ،وأراد
من الشاكني يف أنه من ربك ،وما مل يثبت أنه من اللَّه بهذا تهييجه وتهييج املؤمنني وحتريكهم .161وذهب أبو
كالذي عليه أهل الكتاب فهو الباطل .167وذهب أبو حيان حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى سبحانه نبيَّه
اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى تعاىل نبيَّه أن يكون عن طاعة كفار قريش حتى يظهر هلم أنه ال رغبة له يف شيء
من الشاكني مبا أنزل عليه من ربه ،قال " ودلَّ املمرتين على
127
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
من اللَّه صادرة عن حكمة وتدبري وعلم بأحوال العباد.173 وجودهم ،ونهي أن يكون منهم ،والنهي عن كونه منهم
وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى أبلغ من النهي عن نفس الفعل ،وأكَّد النهي بنون التوكيد
سبحانه املؤمنني عن متين ما عند الغري وأن يرضوا مبا قسم مبالغةً يف النهي ،واملعنى :فال تكوننَّ من الذين يشكون يف
هلم ،قال " نهاهم عن متين ما فضل اهلل به بعضهم على بعض، احلق ،ألن ما جاء من اهلل تعاىل ال ميكن أن يقع فيه شك
إذ التمين لذلك سبب مؤثر يف حتصيل الدنيا وشوق النفس وال جدال ،إذ هو احلق احملض الذي ال ميكن أن يلحق فيه
إليها بكل طريق ،وظاهر اآلية يدلُّ على النهي أن يتمنى ريب وال شك".168
اإلنسان لنفسه ما فضل به عليه غريه ،بل عليه أن يرضى مبا ﭽﰎ ثانيا :التوجُّس من ادعاءات أهل الكتاب ،قال تعاىل
ﭽﭬ ﭭ ﭮ رابعا :اليأس من روح اهلل ،قال تعاىل الزخمشري :اخلطاب للرسول (ص) ،يف معرض بيان حرصه
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭼ ،175قال الزخمشري :أي بشَّرناك على إسالم قومه وتهالكه عليه ،بأن ال يكون من الذين
باليقني الذي ال لبس فيه فال تيأس من روح اهلل القادر على جيهلون الواقع ويرومون ما هو خالفه .170ويفهم من كالم
أن يوجد ولداً من غري أبوين ،فكيف من شيخ فان وعجوز أبي حيان وما نقله عن املفسرين أن النهي خرج اىل معنى
عاقر؟ .176وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه، التثبيت للنيب (ص) بأن ال حيزن على أمر أراده اهلل وأمضاه
قال " فال تكن من القانطني نهيٌ ،والنهيُ عن الشيء ال يدل وعلم املصلحة فيه.171
على تلبس املنهى عنه به وال مبقارنته ،وأنَّ احملاورة يف البشارة قال تعاىل ﭽ ثالثا :التطلع اىل ما عند اآلخرين من نعم اهلل،
ال تدلُّ على القنوط ،بل ذلك على سبيل االستبعاد ملا جرت ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﭼ ،172قال
به العادة".177 الزخمشري :ينبغي على كلِّ أحد أن يرضى مبا قسم اهلل تعاىل
.10التيئيس :ومن موضوعاته: له وال حيسد أخاه على حظه من اجلاه واملال ألنَّ ذلك قسمة
128
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
ﭼ ،184قال الزخمشري :يقال هلم عند دخوهلم النار :ال ﭽﭜ ﭝ ﭞ أوال :الفرار من عذاب اهلل ،قال تعاىل
تعتذروا ،ألنه ال عذر لكم ،أو ألنه ال ينفعكم االعتذار . ﭟﭠﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ
وتابعه أبو حيان يف خروج النهي اىل معنى التيئيس وعدم ﭼ ،178قال الزخمشري :أي هو قول اهلل عز وجل يلهمه
اجلدوى من تقديم االعتذار بعد فوات األوان ،قال " ال املنهزمني فيحدِّثوا به نفوسهم أو يسمعه مالئكته لينفعهم يف
تعتذروا خطاب هلم عند دخوهلم النار ألنه ال ينفعهم دينهم .179وذهب أبو حيان اىل أن النهي خرج اىل معنى
االعتذار ،فال فائدة فيه".185 التهكم ،وهو من كالم مالئكة العذاب على وجه اهلزء بهم
.11التثبيت :ومن موضوعاته: الغرتارهم وظنهم أنهم من اهلل مبكان وأنهم مبنجى من
أوال :الثبات على حماربة الشيطان ومعاداته ،قال تعاىل ﭽﯱ عذابه.180
ﯲ ﯳﭼ ،186قال الزخمشري" :أي اثبت على ما أنت عليه ثانيا :خصومة األقران يوم القيامة ،قال تعاىل ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ
من عصيانه" .187ويفهم من كالم أبي حيان أنه مييل اىل ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﭼ ،181قال الزخمشري" :ال
املعنى ،أي خروج النفي اىل معنى التثبيت ،إذ خاطب تعاىل ختتصموا يف دار اجلزاء وموقف احلساب فال فائدة يف
نبيه أن ال يلتفت اىل كالم أبي جهل وال اىل نهيه ،وهو قوله اختصامكم وال طائل حتته" .182وذهب أبو حيان اىل أن
" ال تُطعْهُ :أي ال تلتفت إىل نهيه وكالمه".188 النهي مل خيرج عن معناه ،وأن النهي واقع يف دار اجلزاء،
ثانيا :االحتكام اىل اهلوى ،قال تعاىل ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ وهو قوله " أي يف دار اجلزاء وموقف احلساب وقد قدَّمتُ
ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﭼ ،189قال الزخمشري :أي ال إليكم بالوعيد فلم أترك لكم حُجَّةً ،والتقديم كان يف الدنيا
تتَّبِعْ هوى النفس يف قضائك وما تتصرَّفُ فيه من أسباب ،ونهيهم عن االختصام يف اآلخرة".183
الدين والدنيا فيكون ذلك سببا لضاللك عن شرائع اهلل اليت ثالثا :عدم جدوى االعتذار أو الندم يوم احلساب ،قال تعاىل
129
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
أبو حيان فيما ذهب إليه ،وهو خروج النهي اىل معنى اىل معنى األمر باجتناب اهلوى ،واملقصود باخلطاب مَنْ وليَ
الوعيد ،إذ تضمَّن النص وعيدا عظيما للظاملني وتسلية أمور الناس من غري املعصوم ،قال " ملّا كان اهلوى قد يعرض
للمظلومني ،وأن اخلطاب موجَّهٌ للسامع الذي ميكن منه لغري املعصوم ،أمر باجتنابه وذكر نتيجة اتباعه ،وهو إضالله
حسبان مثل هذا جلهله بصفات اهلل.197 عن سبيل اهلل" .191
ثانيا :اتباع اهلوى رغبة يف اجلور أو عزوفا عن العدل ،قال قال تعاىل ﭽﭳ ثالثا :املداهنة واللني مع الكفار واملنافقني،
تتبعوا اهلوى كراهة أن تعدلوا بني الناس أو إرادة أن تعدلوا قال الزخمشري :أراد الدوام والثبات على ما كان عليه من
عن احلق" .199وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن جمانبة الكفار ومعاداتهم .193وذهب أبو حيان اىل أن النهي
معناه ،إذ نهى سبحانه املؤمنني عن اتباع اهلوى بعد أن مل خيرج عن معناه ،إذ نهى تعاىل نبيَّه عن االستماع للكافرين
أمرهم بتحري العدل وااللتزام به ،قال " ملا أمر تعاىل بالقيام واملنافقني أو األخذ مبشورتهم ،وهو قوله " نهي له عليه
بالعدل وبالشهادة ملرضاة اهلل نهى عن اتباع اهلوى ،وهو السالم عن السماع منهم يف أشياء كانوا يطلبونها مما ال
ما متيل إليه النفس مما مل يبحه اهلل تعاىل".200 جيب ،ويف أشياء ينتصحون بها وهي غش".194
ﭽﯲ ﯳ ﯴ ثالثا :ترقُّب اخلري من البخل ،قال تعاىل .12الوعيد :ومن موضوعاته:
ال حيسنبَّ الذين يبخلون خبلهم خريا هلم ،بل سيلزمون وبال الزخمشري" :إنَّ املراد بالنهي عن حسبانه غافال ،اإليذان بأنه
ما خبلوا به إلزام الطوق ،وقوله (مبا تعملون) على طريقة عامل مبا يفعل الظاملون ،ال خيفى عليه منه شيء ،وأنه معاقبهم
االلتفات ،وهي أبلغ يف الوعيد .202وتابعه أبو حيان يف على قليله وكثريه على سبيل الوعيد والتهديد" .196وتابعه
130
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
ثالثا :الظن بأنَّ حادثة اإلفك تعقب شرا على أصحابها ،قال خروج النهي اىل معنى الوعيد ،قال " وبيَّن الوعيد الشديد
العظيم لكونه بالء مبينا وحمنة ظاهرة .211ويفهم من كالم .13االعتبار :ومن موضوعاته:
أبي حيان أنه يذهب اىل هذا املعنى ،وهو خروج النهي اىل ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ أوال :االغرتار مبتاع الدنيا ،قال تعاىل
معنى االعتبار ،قال " ال حتسبوه ينزل بكم منه عار ،بل هو ﯠﭼ ،204قال الزخمشري" :ال يفرح بالدنيا إالّ من رضي
خري لكم لرباءة الساحة وثواب الصرب على ذلك األذى بها واطمأن ،وأمّا من قلبه إىل اآلخرة ويعلم أنه مفارق ما
وانكشاف كذب القاذفني".212 فيه عن قريب مل حتدّثه نفسه بالفرح" .205وذهب أبو حيان
.14التخويف :ومن موضوعاته: اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال " وملّا نهوه عن الفرح
أوال :تفرُّق وحدة الصف ،قال تعاىل ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ املطغى ،أمروه بأن يطلب فيما آتاه اهلل من الكنوز وسعة
بينكم كما اختلفت اليهود والنصارى أو كما كنتم متفرقني ﭽﭿ ﮀ ﮁ ثانيا :املبالغة بالضجر واملغاضبة ،قال تعاىل
يف اجلاهلية ،وال حتدثوا ما يكون عنه التفرق ويزول معه ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ،207قال الزخمشري:
االجتماع واأللفة اليت أنتم عليها مما يأباه جامعكم واملؤلف أي ال يوجدْ منك ما وجد من يونس (ع) من الضجر
بينكم .214وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه، واملغاضبة فتُبتلى ببالئه .208ويفهم من كالم أبي حيان أنه
قال " نهوا عن التفرق يف الدين واالختالف فيه كما اختلف يذهب اىل هذا املعنى ،أي اىل خروج النهي اىل معنى
اليهود والنصارى ،وقيل :عن املخاصمة واملعاداة اليت كانوا االعتبار ،قال " وليس النهي منصباً على الذوات ،إمنا املعنى
215
. عليها يف اجلاهلية" ال يكن حالك مثل حاله".209
131
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
ﭽﮭ ﮮ ﮯ ﮰ أوال :التشويش على القرآن ،قال تعاىل ثانيا :النكوص عن القتال ،قال تعاىل ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
الزخمشري :أي ال تسمعوا له إذا قرئ وتشاغلوا عند قراءته ختافوهم فتقعدوا عن القتال وجتبنوا فإن اإلميان يقتضي أن
برفع األصوات حتى تشوِّشوا على القارئ وتغلبوه على تؤثروا خوف اللَّه على خوف الناس .217وذهب أبو حيان
قراءته .223وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه، اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى سبحانه املؤمنني
قال " أي ال تصغوا ،هلذا القرآن والغوا فيه إذا تاله عن خوف أولياء الشيطان ،وأمرهم وال تفرَّقوا خبوفه
حممد".224 وحده.218
ثانيا :اخلوف من مطاعن أهل الكتاب ومكائدهم ،قال تعاىل ﭽﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ثالثا :الفرار يف احلرب ،قال تعاىل
ﮮ ﮯ ﭼ ،225قال الزخمشري :أي ال ختافوا أدباركم من خوف اجلبابرة جبناً وهلعاً فرتجعوا خاسرين
مطاعنهم يف قبلتكم فإنهم ال يضرونكم .226ويفهم من ثواب الدنيا واآلخرة .220وتابعه أبو حيان فيما ذهب إليه
كالم أبي حيان أنه يتابعه يف هذا املعنى ،قال " املعنى كأنه ونقل طرفا من كالمه ،قال " أي ال تنكصوا على أعقابكم
قيل :من يظلم من الناس فال ختافوا مطاعنهم يف قبلتكم".227 من خوف اجلبابرة جبنا وهلعا ،وحيتمل أن يراد :ال ترتدوا
ﭽﮖ ﮗ ﮘ ثالثا :هيمنة اخلوف على النفس ،قال تعاىل على أدباركم يف دينكم ملخالفتكم أمر ربكم وانقالبهم
ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ ،228قال الزخمشري" :وقيل خاسرين ،وحقيق باخلسران من خالف ما فرضه اهلل عليه
ملّا قال له ربه ال ختفْ بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه من اجلهاد وخالف أمره".221
أن أدخل يده يف فمها وأخذ بلحيها" .229وذهب أبو حيان .15التهوين :ومن موضوعاته:
132
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
وإن كثروا فمرجعهم فيما هم فيه هو اهلوى واتباعه ال اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال " ثم أمره تعاىل باإلقدام
الربهان وتدبره ،ويف هذا حثٌّ على العمل بالدليل وإنذار على أخذها ونهاه عن أن خياف منها وذلك حني وىل مدبراً
بأنَّ اهلالك والردى مع التقليد وأهله .235وذهب أبو حيان ومل يعقب".230
اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى سبحانه نبيَّه موسى .16اإلنذار :ومن موضوعاته:
عن مالينة الكفار لئال يطمعوا يف صدِّه عما هو عليه من ﭽﰅ ﰆ أوال :قبح جمالسة املستهزئني ،قال تعاىل
إميان واعتقاد ،قال " والظاهر أنَّ اخلطاب ملوسى عليه ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﭼ ،231قال
السالم ،وال يلزم من النهي عن الشيء إمكان وقوعه ممن الزخمشري :قبَّح جمالسة املستهزئني ألنها مما تنكره العقول،
سبقت له العصمة ،فينبغي أن يكون لفظاً وللسامع غريه ممن واملعنى ال تقعد بعد أن ذكَّرناك قبحها ونبَّهناك عليه
ميكن وقوع ذلك منه".236 معهم .232وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه،
.17التحذير :ومن موضوعاته: إذ نهى سبحانه نبيَّه عن جمالسة الظاملني بعد تذكُّر النهي،
أوال :االنتقام بدافع البغض ،قال تعاىل ﭽﯡ ﯢ ﯣ وأن ال ينشغل بوسوسة الشيطان ،قال " أي إن شغلك
الزخمشري :ال يكسبنَّكم بغض قوم ألن صدُّوكم عن بعد الذكرى ،أي ذكرك النهي".233
املسجد احلرام االنتقام منهم وال حيملنكم عليه .238وذهب ثانيا :مالينة الكفار تطمعهم يف حتقيق مآربهم (صدُّك عن
أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى سبحانه معتقداتك) ،قال تعاىل ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
املؤمنني عن االنتقام من املشركني ،قال " وهذا النهي تشريع ﭶ ﭷﭼ ،234قال الزخمشري :أي كنْ شديد
يف املستقبل ،واالعتداء االنتقام منهم بإحلاق املكروه الشكيمة حتى ال يتلوَّحُ منك ملن يكفر بالبعث أنه يطمع يف
بهم".239 صدكَ عمّا أنت عليه ،وال جتعل الكثرة مُزلَّةً قدمك ،فهم
ِّ
133
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
أي القتل عظيم فألقوه يف حفرة يدفن فيها ،وهي غور ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ثانيا :إفشاء الرؤية ،قال تعاىل
اجلُبِّ وما غاب منه عن عني الناظر وأظلم من أسفله.247 ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭼ ،240قال الزخمشري :ملّا عرف
ويفهم من كالم أبي حيان أنه يذهب اىل هذا املعنى ،وهو يعقوب (ع) داللة الرؤيا خاف على يوسف (ع) حسد
خروج النهي اىل معنى التعظيم ،قال " والقائل ال تقتلوا اإلخوة وبغيهم .241وتابعه أبو حيان يف خروج النهي اىل
يوسف ،روبيل أو مشعون أو يهوذا وكان أحلمهم وأحسنهم معنى التحذير ،وهو قوله " ويف خطاب يعقوب ليوسف
فيه رأياً ،قال هلم :القتل عظيم ،وهذا عطف منه على أخيه تنهيه عن أن يقص على إخوته خمافة كيدهم داللة على حتذير
ملا أراد اهلل من إنفاذ قضائه وإبقاء على نفسه وسبب لنجاتهم املسلم أخاه املسلم ممن خيافه عليه والتنبيه على بعض ما ال
من الوقوع يف هذه الكبرية وهو إتالف النفس بالقتل".248 يليق".242
.19التهكُّم :ومن موضوعاته: .18التعظيم :ومن موضوعاته:
أوال :إيقاع املشركني اللوم على الشيطان يوم القيامة ،قال ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ أوال :نقض األميان ،قال تعاىل
ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ تعاىل
ﭕﭼ ،243قال الزخمشري" :كرَّر النهي عن اختاذ
ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ األميان دخال بينهم تأكيداً عليهم وإظهاراً لعظم ما يركب
ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﭼ،249 منه" .244وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه،
قال الزخمشري" :ال تلوموني ولوموا أنفسكم حيث اغرترمت قال " وجاء النهي بقوله :وال تتخذوا ،استئناف إنشاء عن
بي وأطعتموني إذ دعوتكم ومل تطيعوا ربَّكم إذ اختاذ اإلميان دخالً على العموم فيشمل مجيع الصور من
دعاكم" .250ويفهم من كالم أبي حيان أنه يتابعه يف خروج . 245
احللف يف املبايعة وقطع احلقوق املالية وغري ذلك"
النهي اىل معنى التهكم ،إذ ينهاهم الشيطان يف موقف ثانيا :اجتماع كلمة األخوة على قتل يوسف (ع) ،قال
احلساب على سبيل التهكم واالستخفاف بأن ال يتوجَّهوا تعاىل ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ ،246قال الزخمشري:
134
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
نهوا عن قوهلم عن الشهداء أموات ،وأخرب تعاىل أنهم إليه باللوم على ضالهلم وسوء تقديرهم واستجابتهم
.21التهويل :واقرتن مبوضوع واحد هو اجلمع بني احلق ثانيا :دعاء الكفار بالثبور عند دخوهلم جهنم ،قال تعاىل ﭽ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ ،258قال الزخمشري" :أي يقال هلم ذلك ،أو هم أحقاء بأن يقال هلم
الزخمشري :أي وال جتمعوا لبس احلق بالباطل وكتمان وإن مل يكن مثة قول" .253وتابعه أبو حيان يف خروج النهي
احلق يف حال علمكم أنكم البسون كامتون ،وهو أقبح اىل معنى التهكم ،ونقل طرفا من كالمه ،قال " يقول هلم
لكم ،ألنَّ اجلهل بالقبيح ربَّما عذر راكبه .259وذهب ال تدعوا ،أو هم أحقُّ أن يقال هلم ذلك وإن مل يكن هناك
أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال " وظاهر قول ،أي ال تقتصروا على حزن واحد بل احزنوا حزناً
هذا الرتكيب أن الباء يف قوله بالباطل لإللصاق، كثريا ،وكثرته إما لدميومة العذاب فهو متجدداً دائماً ،وإما
فكأنهم نُهوا عن أن خيلطوا احلق بالباطل فال يتيمز احلق ألنه أنواع وكل نوع يكون منه ثبور لشدته وفظاعته".254
.22التدبُّر :واقرتن مبوضوع واحد هو تصيري املخلوق ندا تعاىلﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ الشهيد ،قال
ﯠﭼ ،261قال الزخمشري" :ويتفكَّرونَ يف خلق هم أحياء وَلكِنْ ال تشعرونَ كيف حاهلم يف حياتهم،
أنفسهم وخلق ما فوقهم وحتتهم ،وأنَّ شيئا من هذه وقيل :نزلت يف شهداء بدر وكانوا أربعة عشر.256
املخلوقات كلِّها ال يقدرُ على إجياد شيء منها ،فيتيقَّنوا وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ
عند ذلك أن ال بُدَّ هلا من خالق ليس كمثلها ،حتى ال نهى سبحانه املؤمنني عن تسمية الشهداء أمواتا ،قال "
135
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
أي وال تكونوا ،وأنتم تعرفونه مذكورا يف التوراة جيعلوا املخلوقات له أندادا وهم يعلمون أنها ال تقدر
موصوفا ،مثل من مل يعرفه وهو مشركٌ ال كتاب له.265 على حنو ما هو عليه قادر" .262وذهب أبو حيان اىل
وذكر أبو حيان أقوال العلماء وتأويالتهم ،ويفهم من أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال "ظاهره أنه نهي عن
كالمه أنه مييل اىل هذا املعنى ،وهو خروج النهي اىل اختاذ األنداد ،ومسوا أنداداً على جهة اجملاز من حيث
معنى التعريض ،وهو قوله " ذكر األولية تعريض بأنه أشركوهم معه تعاىل يف التسمية باإلهلية والعبادة صورة
كان جيب أن يكونوا أول مؤمن به ملعرفتهم به وبصفته ال حقيقة ،والنهي عن اختاذ األنداد بصورة اجلمع هو
وألنهم كانوا هم املبشرين بزمانه واملستفتحني على على حسب الواقع ألنهم مل يتخذوا له تعاىل نداً واحداً
الذين كفروا به ،فلما بعث كان أمرهم على ،وإمنا جعلوا له أنداداً كثرية فجاء النهي على ما كانوا
العكس".266 اختذوه".263
.24التحريض :واقرتن مبوضوع واحد هو التمسك بعبادة .23التعريض :واقرتن مبوضوع واحد هو تغليب العقل على
وكان حتريضهم أن يتمسكوا بعبادة األصنام وال الزخمشري :وهذا تعريضٌ بأنه كان على اليهود أن
حيان أنه مييل اىل هذا املعنى ،وهو قوله " وقالوا ،أي وبصفته ،وألنهم كانوا املبشرين بزمان من أوحي إليه
كرباؤهم ألتباعهم أومجيعهم بعضهم لبعض ال ترتكن واملستفتحني على الذين كفروا به ،وكانوا يعدون
آهلتكم ،أي أصنامكم ،وهو عام يف مجيع أصنامهم ،ثم اتباعه أول الناس كلهم ،فلمّا بعث كان أمرهم على
خصُّوا بعد أكابر أصنامهم".269 العكس ،وجيوز أن يراد :وال تكونوا مثل أول كافر به،
136
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
.27الرتفُّع :واقرتن مبوضوع واحد هو مداهنة األغنياء مع .25التعجب :واقرتن مبوضوع واحد هو اخلوف من الكفار
مثالبهم ،قال تعاىل ﭽﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ ،276قال ﭽﭱ ﭲ ﭳ ﭴ بعد زوال خطرهم ،قال تعاىل
الزخمشري :أي وال تُطِعْهُ مع هذه املثالب ،ألنْ كان ذا ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭼ ،270قال الزخمشري:
مال ،أي ليساره وحظِّه من الدنيا ،ألنه إذا أطاع الكافر ال ختشوا الكفار بعد إظهار الدين وزوال خطرهم
لغناه فكأنه اشرتط يف الطاعة الغنى .277وذهب أبو وانقالبهم مغلوبني مقهورين بعد ما كانوا غالبني.271
حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال " فإمنا وقع وذهب أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،قال
النهي عن طواعية من هو بهذه الصفات".278 " والظاهر أنه نهى عن خشيتهم إياهم ،وأنهم ال
.28العزم :واقرتن مبوضوع واحد هو حرمان املساكني من خيشون إال اهلل تعاىل".272
الصدقة ،قال تعاىل ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ،279 .26التحسُّر :واقرتن مبوضوع واحد هو التحسُّر على كفر
يدخل ،أي أنهم عزموا أن يتنكدوا على املساكني ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﭼ ،273قال الزخمشري :أي ال حتزن
وحيرموهم وهم قادرون على نفعهم .280وذهب أبو على الكفار األغنياء أنهم مل يؤمنوا فيتقوّى مباهلم
حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ تناهوا فيما ونفوذهم اإلسالم وينتعش بهم املسلمون .274وذهب
بينهم على منع املساكني من دخول جنتهم ،وهو قوله أبو حيان اىل أن النهي مل خيرج عن معناه ،إذ نهى تعاىل
" يسارُّونَ القول والنهي عن الدخول ،نهيٌ عن نبيَّه عن احلزن عمن مل يؤمن شفقة منه عليهم ،قال "
التمكني منه ،أي ال متكِّنوهم من الدخول ونهاه تعاىل عن احلزن عليهم إن مل يؤمنوا ،وكان كثري
فيدخلوا".281 الشفقة على من بعث إليه ،وادّاً أن يؤمنوا باهلل كلهم
اخلامتة: فكان يلحقه احلزن عليهم".275
137
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
التعريض ،كما يف قوله "وهذا تعريض بأنه كان إنَّ الدالالت اجملازية اليت خرج إليها أسلوب النهي يف تفسري
جيب أن يكونوا أوّل من يؤمن به ملعرفتهم به الكشاف تنقسم على ثالثة أقسام:
التعظيم ،كما يف قوله " قال هلم :القتل عظيم ألقوه التهييج ،كما يف قوله " وأراد بهذا تهييجه وتهييج
التأديب ،كما يف قوله " وهذا نهي تأديب من اللّه التثبيت ،كما يف قوله " أراد الدوام والثبات على
العزم ،كما يف قوله " يعين أنهم عزموا أن يتنكدوا التسلية ،كما يف قوله " مل تقع التسلية بالطعام
على املساكني وحيرموهم وهم قادرون على والشراب من حيث أنهما طعام وشراب".
-قسم أملح إليه ضمنا ومل يذكره صراحة ،ويندرج حتته: العمل بالدليل وزجر بليغ عن التقليد وإنذار بأن
التوبيخ ،كما يف قوله" ال جتعلوا اهلل حاجزا" فإنَّ اهلالك والردى مع التقليد وأهله".
من يضع حاجزا يف طريق اإلحسان يستحق أن الوعيد ،كما يف قوله " وأنه معاقبهم على قليله
يوبَّخ ،وبتعبري الزخمشري "ال يكون برا متقيا". وكثريه على سبيل الوعيد والتهديد".
وقوله " ليكون أزجر هلم" فالزجر عالمة من األمر ،كما يف قوله " أمره بتقريب املتقني
طلب الكفار" فقد أنكر عليهم ذلك واإلنكار التحريض ،كما يف قوله " وكان حتريضهم أن
138
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
على هلجة التهديد بقرينة عذاب االستئصال بوصفه التهكُّم ،كما يف قوله " وأطعتموني إذ دعوتكم
أشد أمناط العذاب. ومل تطيعوا ربَّكم إذ دعاكم" وكان حقا عليه أن
التحقري ،كما يف قوله " فاستبدلوها بآيات اللَّه، يطيع هو ربَّه ال سيما أنه كان من املالئكة (أو
وباحلقِّ ،الذي كلُّ كثري إليه قلي ٌل وكلُّ كبري إليه اجلن) املقربني ،ويؤكد لنا هذا نزعة التهكم بهم
حقريٌ ،فما بالُ القليل احلقري" فالتحريف والسخرية منهم ،اليت استشفها الزخمشري من
واالستخفاف بآيات اهلل يكشف عن وضاعة سياق النص ومدلول اخلطاب ومل يصرِّح به ،بأنهم
التهوين ،كما يف قوله " وتشاغلوا عند قراءته برفع تزيينه ووسوسته للتمادي يف كفرهم وإنكارهم
القرآن وطمسا ألثره يف نفوس السامعني لكونهم اإلرشاد ،كما يف قوله " ال تكن ألجل اخلائنني
عجزوا عن جماراته أو االتيان مبثله وقد أدركوا خماصما للربآء" فالتوجيه بإزاء سلوك ما يدخل يف
خطره وقوة تاثريه يف النفوس فإذا بهم حياولون عبثا باب اإلرشاد والنصيحة ،وقوله " إن كلِّفتم إياها
جتاهله وصرف العامة عن مساعه واإلنصات له. غمَّتكم وشقَّت وندمتم على السؤال عنها" فإنَّ
التسليم ،كما يف قوله "فال تكونن من اجلاهلني من تنبيههم على أمر يعود عليهم باملشقة والندم يدخل
الذين جيهلون ذلك ويرومون ما هو خالفه" فمن يف باب النصح واإلرشاد.
أمارات التسليم أن يتعامل مبا هو موجود يف الواقع التهديد ،كما يف قوله " ال تدعوا آيات اهلل
وال يدفعه احلرص على قومه اىل ابتغاء أمر جيهله ومعجزاته سحرا فيستأصلكم بالعذاب" إذ يستدلُّ
139
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
فتصيبه من جراء ذلك احلسرة ظنا منه أنه مل يبذل االعتبار ،كما يف قوله "وأمّا من قلبه إىل اآلخرة
كل ما يف وسعه لتحقيق اهلدف املنشود ،وال شك ويعلم أنه مفارق ما فيه عن قريب مل حتدّثه نفسه
أن ضياع األمنيات أو عدم القدرة على حتقيقها بالفرح" فالتعلق باآلخرة واالعتقاد الراسخ حبتمية
يرتك حسرة يف قلبك ويغمر نفسك باألسى. تلبدُّل األحوال وفناء الوجود قمينان باالعتبار
وال طائل حتته" فإن انتفاء اجلدوى من أي عمل التدبُّر ،كما يف قوله "ويتفكَّرونَ يف خلق أنفسهم
يسقط الدافع للقيام به ويبعث على اإلحباط وخلق ما فوقهم وحتتهم ...حتى ال جيعلوا
التخويف ،كما يف قوله " ال يقع اخلالف بينكم الدعوة اىل التفكُّر يف خلق املوجودات واستثمار
كما اختلفت اليهود والنصارى أو كما كنتم عقوهلم لإلقرار بوحدانية اخلالق وتنزيهه عن الند
وانقسامهم ومنازعاتهم يف اجلاهلية وبالصراعات التحسُّر ،كما يف قوله " ال تتمنَّ أمواهلم وال حتزن
الداخلية بني األمم والشعوب األخرى مما يدلُّ على عليهم أنهم مل يؤمنوا فيتقوّى مبكانهم اإلسالم
إرادة التخويف والردع. وينتعش بهم املؤمنون" فإنَّ احلرص على قوَّة
التحذير ،كما يف قوله " فلما كان ذلك من اإلسالم واالنتعاش االقتصادي للمسلمني يبقى
صنيعهم مؤديا إىل الفساد قيل هلم :ال تفسدوا، الشغل الشاغل للرسول األعظم (ص) ولذلك
كما تقول للرجل :ال تقتل نفسك بيدك ،وال تلق حياول جاهدا استقطاب األغنياء لتعزيز القوة املالية
نفسك يف النار ،إذا أقدم على ما هذه عاقبته" فمما للدولة اإلسالمية ،وقد ال تنجح بعض احملاوالت
140
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
بانتشار اإلسالم وزوال خطر الكفار وانكسار هو مألوف ومتعارف عليه أن من يقدم على فعل
-قسم أغفله ومل يصرِّح به أو يلمح إليه ،وقد استشفَّه فإنه يُنبَّه اىل خطورة ذلك الفعل ويُحذَّر من عواقبه
الباحث من سياق النصوص ،ويندرج حتته: اليت قد تكون وخيمة عليه ورمبا تودي به اىل اهلالك
اإلكرام ،وقد ورد يف مناسبة واحدة هي توهُّم موت أو تعرضه أللوان العذاب ،وما يعزز هذا املعنى
الشهيد يف قوله تعاىل (وال تقولوا ملن يقتل يف سبيل وصفهم باجلهل والغفلة يف قوله (ال يشعرون) ومن
اهلل أموات بل أحياء) وقوله (وال حتسنبَّ الذين قتلوا هكذا حاله حري بأن يُبصَّر جبريرته ويُحذَّر من
يف سبيل اهلل أمواتا بل أحياء) ،وقد استدلَّ الباحث سوء عاقبة فعله.
على خروج النهي اىل معنى اإلكرام من سياق النص الرتفُّع ،كما يف قوله "ألنه إذا أطاع الكافر لغناه
ومقصود اخلطاب ،وذلك أن وصفهم بأنهم قتلوا يف فكأنه اشرتط يف الطاعة الغنى" أي ينبغي جتريد
سبيل اهلل فيه تعظيم لشأنهم وإعالء ملنزلتهم عند املعتقد بوصفه قيمة عليا عن كل االمتيازات والنظر
ربهم ،وهو يكشف عن قوة عزائمهم ونقاء قلوبهم اىل الناس بعني واحدة وأنهم سواء يف اإلسالم وأن
وطهارة سرائرهم ،وإن من حقهم على املسلمينب يربأ بنفسه عن أن يكون أسريا لذوي النفوذ
يستشهدوا وعدِّهم أحياءً واستذكار موقفهم التعجب ،كما يف قوله "ال ختشوا الكفار بعد إظهار
البطولي وتفانيهم وتضحيتهم يف سبيل دين اهلل الدين وزوال خطرهم وانقالبهم مغلوبني
ونصرة رسوله (ص) ،وقد يطلق لفظ (أحياء) جمازا مقهورين" وذلك أن وجه االستغراب والتعجب
ويقصد به الذكر احلسن واخللود يف وجدان األمة. هو استحواذ اخلوف عليهم مع زوال مسبباته
141
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
ألحكام اهلل وتدمري ملرتكزات األديان والشرائع التهويل ،وقد ورد يف مناسبة واحدة هي اجلمع بني
وهدم لكيان األمة وضربها يف الصميم ،ومما يعزِّزُ احلق والباطل حبسب املصلحة يف قوله تعاىل (وال
هذا املعنى تقديم املفعول به مرتني يف (وإياي تلبسوا احلقَّ بالباطل) ،وليس يف كالم الزخمشري ما
فارهبون ،وإياي فاتقون) إلفادة معنى االختصاص يُلمحُ اىل خروج النهي اىل معنى التهويل ،ولكن مثة
لتشديد األمر وتهويله عليهم يف حماولة لردعهم قرائن يف سياق النص تشري اىل هذا املعنى وتؤكده،
وإصالح فساد عقوهلم ،وجميء مجلة احلال (وأنتم وذلك أنه ملّا كان اللباس يشتمل على صاحبه
تعلمون) اليت أسهمت يف مضاعفة القبح وتهويل ويلتصق به وخيالط بدنه ويغدو كأنه جزء من كيانه
الصورة فإن العامل الضال املنحرف أشدُّ خطرا من وماهيته فإنَّ التخليط على الناس من علماء بين
أمَّة كافرة بأمجعها لكونه يهلك احلرث والنسل إسرائيل وخداعهم وافتتتانهم بأمور الدين والشريعة،
بصرفه األمور عن مواضعها وحتريفه كالم اهلل عن برتوجيهم للباطل وكتمانهم للحق وحتريفهم الكتب
142
قائمة اهلوامش واملصادر:
1مفتاح العلوم :أبو يعقوب يوسف بن حممد السكاكي ،حتقيق عبد الرمحن هنداوي دار الكتب العلمية -بريوت ،ط2000 ،1م 429 :وظ :اإليضاح
يف علوم البالغة :جالل الدين حممد بن عبد الرمحن القزويين ،دار الكتب العلمية -بريوت ،ط2003 ،1م.117 :
2ظ :األصول يف النحو :أبو بكر حممد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي ،مؤسسة الرسالة -بريوت ،ط1988 ،3م( 163/2 :بتصرف).
3أسلوب النهي وبالغته يف احلديث النبوي الشريف :عبد العزيز فتح اهلل علي عبد الباري.2 :
4اإليضاح يف علوم البالغة 117 :وظ :االتقان يف علوم القرآن :جالل الدين اليوطي ،دار الكتب العلمية -بريوت ،ط2001 ،1م.83/2 :
5الربهان يف علوم القرآن :بدر الدين حممد بن عبد اهلل الزركشي ،حتقيق حممد أبو الفضل إبراهيم ،املطبعة العصرية -بريوت ،ط2004 ،1م.86/1:
6ظ :مفتاح العلوم. 429 :
7ظ :شرح الكافية.267/2 :
8أساليب الطلب عند النحويني والبالغيني :قيس إمساعيل األوسي ،املكتبة الوطنية -بغداد1988 ،م .467 :وقد أخرجنا النصوص اليت خرج بها
النهي اىل معنى الدعاء أو االلتماس من نطاق البحث لكون االستعمال فيهما حقيقة ال جمازا على رأي أغلب النحاة والبالغيني .ظ :مغين اللبيب:
247/1وشرح قطر الندى وبل الصدى :أبو عبد اهلل مجال الدين بن هشام األنصاري ،حتقيق حممد خري طعمة حليب ،دار املعرفة -بريوت 84 :و
أساليب الطلب عند النحويني والبالغيني466 :
9ظ :معرتك األقران يف إعجاز القرآن :معرتك األقران يف إعجاز القرآن :جالل الدين عبد الرمحن بن أبي بكر السيوطي ،تصحيح أمحد مشس الدين،
دار الكتب العلمية -بريوت ،ط 1988 ، 1م 337-336/1 :و أساليب الطلب عند النحويني والبالغيني 484 :وما بعدها و البالغة فنونها وأفنانها
(علم املعاني) :فضل حسن عباس ،دار النفائس -األردن ،ط 2009 ، 12م155-154 :
10مفتاح العلوم429 :
11اإليضاح يف علوم البالغة117:
12سورة البقرة ،آية 224
13ظ :الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل فى وجوه التأويل :جار اهلل أبو القاسم حممود بن عمر الزخمشري ،دار الكتاب العربي-
بريوت1986 ،م( 267/1:بتصرف).
14ظ :البحر احمليط :حممد بن يوسف الشهري بأبي حيان األندلسي ،حتقيق الشيخ عادل أمحد عبد املوجود و علي حممد معوض ،دار الكتب العلمية
– بريوت ،ط2001 ،1م187/2 :
15سورة النجم ،آية 32
16ظ:الكشاف( 426/4 :بتصرف).
17ظ :البحر احمليط163/ 8 :
143
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
144
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
145
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
146
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
147
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
125الكشاف 507/1
126البحر احمليط252-251/3 :
127سورة اجملادلة ،آية 9
128ظ:الكشاف .491/4
129ظ :البحر احمليط234/8 :
130سورة البقرة ،آية 41
131ظ:الكشاف 132/1
132ظ :البحر احمليط333/1 :
133سورة هود ،آية 78
134الكشاف 414/2
247/5 135
136سورة املنافقون ،آية 9
137ظ:الكشاف ( 544/4بتصرف).
138البحر احمليط270/8 :
139سورة احلجر ،آية 88
140ظ:الكشاف ( 588/2بتصرف).
البحر احمليط453-452/5 : 141
148
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
152ظ:الكشاف .312/1
153ظ :البحر احمليط321/2 :
154سورة الشعراء ،آية 213
155الكشاف 339/3
البحر احمليط43/7 : 156
149
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
179ظ:الكشاف (106/3بتصرف).
180ظ :البحر احمليط279/6 :
181سورة ق ،آية 28
182الكشاف 387/4
183البحر احمليط126/8 :
184سورة التحريم ،آية 7
185البحر احمليط288/8 :
186سورة العلق ،آية 19
187الكشاف 779/4
188البحر احمليط491/8 :
189سورة ص ،آية 26
190ظ:الكشاف ( 89/4بتصرف).
191البحر احمليط378/7 :
192سورة األحزاب ،آية 48
193ظ:الكشاف 547/3
البحر احمليط230/7 : 194
150
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
151
الدالالت اجملازية ألسلوب النهي يف تفسري الكشاف
152
مركز دراسات الكوفة :الدراسات النحوية واللغويةُ
153