You are on page 1of 10

‫رثاء المدن والممالك في العصر األندلسي‬

‫إعداد الطالب‬

‫عبد العزيز سالم خميس الهاشمي‬

‫الرقم الجامعي‬

‫‪202220773‬‬

‫مقدم للدكتور‬

‫عمر الكفاوين‬

‫‪2023‬‬
‫المقدمة‪:‬‬

‫يقصد بالرثاء ذلك النوع من األشعار الذي يتم من خالله التعبير عن مواقف ذاتية تتعلق بالمتوفي ومدى‬

‫حزن األحياء عليه‪ ،‬فهو يعد بمثابة وسيلة لتكريم الميت المرثي وتخليد ذكراه‪ ،‬فهو تأبين وعزاء وندب‬

‫للفقيد وأهله وذويه‪ ،‬وهو قديم وقد أشتهر به‪ ‬الشعر االندلسي‪ ‬وإ جادة الشعراء في ذلك العصر حيث قاموا‬

‫عن طريقه بالتعبير عن مشاعرهم الدفينة‪ ،‬ولما كان الميت برثاء المدينة شخص معنوي أي أنه إما يكون‬

‫(المملكة‪ ،‬المدينة‪ ،‬أو األندلس) فغالباً ما تكون المشاعر أكثر عمقاً وتركيزاً بما هو متواجد لديهم من‬

‫عاطفة بالنصوص التي تعبر عن مدى األلم والبكاء والحسرة‪.‬‬

‫فن ون الش عر األندلس ي تع ددت وذاع ص يتها في جمي ع أنح اء ال وطن الع ربي وق د تمثلت ب دايات نش أة ذل ك‬

‫النوع من الشعر المعروف برثاء المدينة ومن ثم رثاء الممالك يليه رثاء األندلس بعد أن سقطت األندلس‬

‫أو أنه ا ك انت في ذل ك ال وقت على وش ك الس قوط‪ ،‬وق د ع رف أدب اء الع رب رث اء المدين ة لم ا يحقق ه من‬

‫أغراض أدبية بالنثر والشعر‪.‬‬

‫الن ثر األندلس ي يمث ل ل ون من أل وان التعب ير ال تي ق امت بعكس طبيع ة االنقالب ات السياس ية ال تي اجت احت‬

‫المراح ل المختلف ة لعص ور الحكم‪ ،‬وك ان يتم كتاب ة قص ائد في رث اء األن دلس‪ ‬ال تقتص ر ح دودها على رث اء‬

‫المدينة فقط وقتما أصيبت بالتخريب والدمار نتيجة الحروب مع العدو النصراني اإلسباني وما نتج عنه من‬

‫س قوط عس كري وفتن داخلي ة بالمملك ة مثلم ا ح دث من خ راب لقرطب ة ليس م رة واح دة ب ل اثن تين أولهم ا‬

‫حدث لما تم من فتنة القرطبة الكبرى‪ ،‬والثانية كانت السقوط األخير الذي قام به اإلسبان‪.‬‬
‫ويعد رث اء المدين ة من قبي ل‪ ‬مظ اهر التجدي د في الشعر االندلسيإذ لم يكن هن اك م دن يبكي على خرابه ا في‬

‫العص ور الس ابقة ل ذلك العص ر ومن أش هر القص ائد ال تي به ا رث اء الممال ك مرثي ة (مرثي ة أبي محم د‪ ،‬عب د‬

‫المجيد بن عبدون) والتي كان يرثي بها أصحاب بطليوس من قتلى بني األفطس‪ ،‬والتي كان أولى أبياتها‪:‬‬

‫‪ ‬الدهـ ــر يفجع بعد العين باألثر‪      ‬فما البـكاء على األشباح والصور‬

‫كما أكمل بالمرثية قائالً‪:‬‬

‫‪ ‬أنــهاك أنهاك ال ألوك موعظة ‪      ‬عــن نومة بين ناب الليث والظفر‬

‫كم ا يوج د مرثي ة أندلس ية ربطت بين السياس ة والمأس اة الذاتي ة في رث اء مملك ة أش بيليا وأميره ا الش اعر‬

‫المعتمد بن عبادة كتبها (أبي بكر بن عبد الصمد) وقد قال بها‪:‬‬

‫أم قد عدتك عن السماع عوادي‬ ‫ملك الملوك أسامع فأنادي‬

‫لما خلت منك القصور ولم تكن فيها كما قد كنت في األعــياد‬

‫قد كنت أحسب أن تبدد أدمعي نيران حـ ــزن أض ــرمت بفـ ــؤادي‬

‫ولعل من أشهر تلك القصائد‪ ‬قصيدة ابو البقاء الرندي في رثاء االندلس‪ ‬التي تحمل عنوان (لكل شيء إذا‬

‫ما تم نقصان) والتي قام بكتابتها الشاعر (صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن‬

‫شريف الرندي األندلسي) وقد كان يكنى بأبي البقاء والذي ولد عام (‪1204‬م) بمدينة رندة في األندلس‬

‫وهو ما يرجع إليه السبب في لقبه الرندي) وقد ذاع صيته عقب ما قام بكتابة قصيدته الشهيرة التي قام من‬

‫خاللها برثاء األندلس بعدما تهاوت على يد األسبان مدنها وسقطت واحدة‪  ‬تلو األخرى‪.‬‬
‫أبرز الشعراء الذين رثوا المدن األندلسية‬

‫أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح‬

‫الر ْن ِدي األندلسي (‪ 601‬هـ‬


‫أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف ُّ‬

‫نسبته‪.‬عاش في النصف‬
‫َ‬ ‫‪ 684-‬هـ الموافق‪ 1285 - 1204 :‬م) هو من أبناء مدينة رندة باألندلس وإ ليها‬

‫الثاني من القرن السابع الهجري‪ ،‬وعاصر الفتن واالضطرابات التي حدثت من الداخل والخارج في بالد‬

‫األندلس وشهد سقوط معظم القواعد األندلسية في يد اإلسبان‪ ،‬وحياتُ ه التفصيلية تكاد تكون مجهولة‪ ،‬ولوال‬

‫شهرة هذه القصيدة وتناقلها بين الناس ما ذكرته كتب األدب‪ ،‬وإ ن كان له غيرها مما لم يشتهر‪ ،‬توفي في‬

‫النص ف الث اني من الق رن الس ابع وال نعلم س نة وفات ه على التحدي د‪ .‬وه و من حفظ ة الح ديث والفقه اء‪ .‬وقد‬

‫كان بارعا في نظم الكالم ونثره‪ .‬وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد‪ .‬إال أن شهرته تعود إلى‬

‫قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن األندلسية‪ ،‬واسمها «رثاء األندلس»‪ .‬وفي هذه القصيدة التي نظمها‬

‫ليستنصر أهل العدوة اإلفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن األحمر محمد بن يوسف أول سالطين غرناطة‬

‫في التن ازل لإلس بان عن ع دد من القالع والم دن إرض اء لهم وأمال في أن يبقى ذل ك على حكم ه غ ير‬

‫المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية األندلس‪ .‬ومطلع قصيدته‪:‬‬

‫وال شك بأن الرندي تأثر في كتابه هذه القصيدة بـ «نونية البستي» التي مطلعها‪« :‬زيادة المرء في دنياه‬

‫نقصان»‪ ،‬والتي تشبهها في كثير من األبيات‪.‬وقال عنه عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة كان خاتمة‬

‫األدباء في األندلس بارع التصرف في منظوم الكالم ونثره فقيها حافظ اً فرضياً له مقامات بديعة في شتى‬

‫أغراض شتى وكالمه نظما ونثرا مدون‪.‬‬


‫عبد المجي د ابن عب دون‪ ،‬أو أب و محم د عب د المجي د بن عب دون الي ابري‪ ،‬وكنيت ه ابن عب دون الفه ري أو ابن‬

‫عب دون األندلس ي (ح‪ -1050 .‬ت‪ ،)1135 .‬ه و وزي ر أندلس ي‪ ،‬وك ان عالم اً ب الخبر واألث ر ومع اني‬

‫الح ديث‪ ،‬أديب اً‪ ،‬كاتب اً‪ ،‬مترس الً‪ ،‬وش اعراً مجي داً‪ .‬تص در لل وزارة وكتاب ة الس ر لألم ير عم ر المتوك ل ابن‬

‫االُفطس أمير يابرة سنة ‪ 473‬هـ‪ ،‬ولما سقطت دولة بني األفطس سنة ‪ 485‬هـ‪ ،‬التحق بخدمة سير ابن أبي‬

‫بكر أمير جيوش المرابطين‪ ،‬وفي سنة ‪ 500‬هـ صار كاتب سر بالط علي بن يوسف المرابطي‪.‬‬

‫حياته‬

‫هو أبو محمد عبد المجي د بن عبد اللّ ه بن عب دون الفهري الي ابري‪ ،‬من ي ابرة غربي بطليوس‪ ،‬عنى أبوه‬

‫بتربيته‪ ،‬وطمحت نفسه إلى التلمذة على أعالم العربية من مثل األعلم الشنتمري المتوفي سنة ‪ 476‬وعبد‬

‫الملك بن سراج المتوفي سنة ‪ 486‬وأبي بكر عاصم بن أيوب البطليوسي المتوفي سنة ‪ .494‬وفي الصلة‬

‫البن بش كوال أن ه ك ان عالم اً ب الخبر واألث ر ومع اني الح ديث وأن الن اس أخ ذوا عن ه‪ .‬واس تيقظت ملكت ه‬

‫الشعرية مبكرة‪ ،‬فمدح المتوكل عمر بن المظفر أمير بطليوس وكان كاتب اً شاعراً مع شجاعة وفروسية‪،‬‬

‫وكان مثل أبيه مالذاً ألهل األدب و الشعر‪ ،‬وكانت إمارته تشمل مدن يابرة وشنترين وأشبونة إلى المحيط‪.‬‬

‫وأعجب المتوكل بالشاعر الشاب الناشئ في إمارته‪ ،‬ونفاجأ بوفود الشاعر على المعتمد ومديحه‪ ،‬ولم يجد‬

‫لديه قبوالً لما كان بينه وبين المتوكل أمير بلدته‪ ،‬فربما ظن أنه أرسله عينا عليه‪ ،‬ولو كان يعرفه ويعرف‬

‫خلقه الكريم م ا داخل ه ه ذا الظن‪ .‬وع اد الش اعر من لدن ه‪ ،‬فلم يفد بع د ذل ك على أح د من أم راء الطوائف‪،‬‬

‫واس تغرقه المتوك ل بنوال ه وبمودت ه‪ ،‬إذ اتّخ ذه جليس اً ورفيق اً ل ه في زيارات ه لم دن إمارت ه‪ ،‬وأس بغ علي ه من‬

‫الود حلالً ضافية‪ ،‬جعلته يلهج بمديحه ويقصر شعره عليه‪ ،‬حتى إذا غاضب المرابطين‪ ،‬وقاتلهم وقتل هو‬

‫يقدم ه‬
‫وابن اه‪ :‬الفض ل والعب اس رث اه ورثى دولت ه برائي ة المش هورة‪ .‬ون راه يعلن بع د ذل ك في ش عره أن ه لن ّ‬
‫إلى أمير‪ ،‬وكأنما مات األمراء جميعا في شخص المتوكل ومات معهم المديح‪ .‬ويقول صاحب المعجب إنه‬

‫كان يكتب للمتوكل أمير بطليوس ثم يقول إنه كتب بعد ذلك لألمير سير بن أبي بكر بن تاشفين الذي ولى‬

‫إشبيلية بعد استنزال المعتمد منها مدة طويلة‪ ،‬ويذكر له رسالة كتب بها عنه إلى سلطان المرابطين يوسف‬

‫بن تاشفين بفتح مدينة شنترين‪ ،‬ويقول المراكشي‪ :‬إن ابن عبدون كتب ليوسف بن تاشفين أو البنه ال ي دري‬

‫والصحيح أنه إنما كتب البنه على بعد سير بن أبي بكر‪ ،‬ويؤكد ذلك قول المراكشي في موضع آخر‪« :‬لم‬

‫يزل أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين من أول إمارته يستدعي أعيان الكتاب من جزيرة األندلس‪،‬‬

‫يع ددهم ويذكر من بينهم أبا محمد عبد‬


‫وصرف عنايته إلى ذلك حتى اجتمع له منهم ما لم يجتمع لملك» ثم ّ‬

‫المجيد بن عبدون‪ .‬ويبدو أنه ظل كاتباً عنده إلى آخر حياته إذ يقول صاحب الصلة إنه انصرف إلى يابرة‬

‫لزيارة من له بها‪ ،‬فتوفي فيها سنة ‪ 529‬للهجرة‪ .‬ويشيد ابن بسام والفتح بن خاقان و كل من ترجموا له‬

‫بأشعاره‪ ،‬وخاصة برائيته التي رثى فيها دولة المتوكل ببطليوس و قد نالت شهرة واسعة مما جعل كثيرين‬

‫ممن ترجموا له ينشدونها في ترجمته‪ ،‬وعنى بشرحها عبد الملك بن عبد اللّه الشلبي من أدباء القرن السابع‬

‫الهجري فشرحها‪ .‬ونشرها مع شرحها دوزي ثم طبعت مع الشرح بالقاهرة‪ ،‬وهو فيها يسوق العبرة بمن‬

‫م اتوا وان دثروا من عظم اء األمم وحكامه ا الكب ار ودوله ا الغ ابرة وحيواناته ا الفاتك ة وطيوره ا الجارح ة‪،‬‬

‫يقول ابن بسام‪« :‬اقتفي فيها أبو محمد أثر فحول القدماء من ضربهم األمثال في التأبين والرثاء بالملوك‬

‫والحي ات في‬
‫ّ‬ ‫األع زة وب الوعول الممتنع ة في قل ل الجب ال واألس ود الخ ادرة في الغي اض وبالنس ور والعقب ان‬

‫طول األعمار»‪ .‬وهو يستهلها بقوله‪:‬‬

‫والصور‬
‫ّ‬ ‫فما البكاء على األشباح‬ ‫الدهر يفجع بعد العين باألثر‬
‫ّ‬

‫عن نومة بين ناب اللّيث والظّفر‬ ‫أنهاك أنهاك‪-‬ال آلوك موعظة‪-‬‬
‫من الليالي وخانتها يد الغير‬ ‫ما للّيالي أقال اللّه عثرتنا‬

‫النظر‬
‫منا جراح وإ ن زاغت عن ّ‬ ‫في كل حين لها في ك ّل جارحة‬

‫الزهر‬
‫كاأليم ثار إلى الجاني من ّ‬ ‫تغر به‬
‫تسر بالشيء لكن كي ّ‬
‫ّ‬

‫وهو يتحدث عن الدهر وأنه دائم اً يرسل فواجعه على المحسوس وما وراء المحسوس‪ ،‬ففيم الحزن على‬

‫أقص ر في وعظك ونهي ك عن االستنامة إلى‬


‫من يموتون‪ ،‬وهم ليسوا إال أشباحا و ص ورا‪ ،‬ويقول إنني ال ّ‬

‫الدهر‪ ،‬وهو قد أنشب فيك نابه وظفره‪ .‬ويدعو اللّ ه أن يقيلنا وينقذنا من عثرات الليالي وأن يسلط عليها‬

‫األحداث حتى تنهكها وال تبقى فيها بقية‪ ،‬إذ في كل حين تصيبنا في عضو منا عزيز علينا بجراح‪ ،‬منها ما‬

‫ن راه‪ ،‬ومنه ا م ا يزي غ عن البص ر‪ ،‬وإ نه ا إن س ّرت بش يء‪-‬وهيه ات‪-‬فلكي تخ دعنا ب ه‪ ،‬ب ل لكي تلس عنا من‬

‫خالله اللسعة القاضية‪ ،‬كاألفعى المختبئة في الزهر تلسع يد قاطفه اللسعة السامة المميتة‪.‬‬

‫ويأخذ في العظة بذكر من أبادتهم الليالي واأليام من الدول العظيمة منشدا‪:‬‬

‫لم تبق منها‪-‬وسل دنياك‪-‬من خبر‬ ‫بالنصر خدمتها‬


‫كم دولة وليت ّ‬

‫وكان عضبا على األمالك ذا أثر‬ ‫هوت بدارا وفلّت غرب قاتله‬

‫ولم تدع لبنى يونان من أثر‬ ‫واسترجعت من بنى ساسان ما وهبت‬

‫عاد وجرهم منها ناقض المرر‬ ‫وأتبعت أختها طسما وعاد على‬

‫فما التقى رائح منهم بمبتكر‬ ‫ومزقت سبأ في كل قاصية‬


‫ّ‬

‫وهو يقول‪ :‬دول كثيرة أتاحت الليالي لها الظفر والرفعة‪ ،‬ثم عادت فهوت بها من حالق‪ ،‬هوت بدارا ملك‬

‫هدت منه‪ ،‬وكان سيفا قاطعا ساطعا فثلّمته وحطمته‪ .‬وقد‬


‫الفرس‪ ،‬فقتله اإلسكندر المقدوني‪ ،‬ولم تلبث أن ّ‬
‫استرجعت من بني ساسان ملوك الفرس كل ما وهبتهم من عز ومجد‪ ،‬ولم تدع لليونانيين شعب اإلسكندر‬

‫وكر الدهر‬
‫من أثر كأن لم يكونوا شيئا مذكورا‪ .‬وبالمثل صنعت بقبيلتي طسم وأختها جديس في اليمامة‪ّ ،‬‬

‫على عاد وجرهم نكباته حتى محاهما محوا‪ ،‬ومزقت الليالي سبأ كل ممزق‪ ،‬فتفرق أهلها في األرض ولم‬

‫يلت ق منهم رائح بغ اد مبك ر‪ .‬ويمض ي ابن عب دون في الح ديث عمن أهلكتهم اللي الي من أع اظم الع رب في‬

‫الجاهلي ة واإلس الم مش يرا معهم إلى كث ير من األح داث في العص ر الج اهلي وص در اإلس الم والعص رين‬

‫األم وي والعباس ي مم ا ي دل بوض وح على اتس اع ثقافت ه وكي ف يتح ول الت اريخ إلى ش عر وفن‪ ،‬ثم يخ اطب‬

‫المتوكل عمر وآباءه بنى المظفر أمراء بطليوس‪:‬‬

‫مراحال والورى منها على سفر‬ ‫بني المظفّر واأليام ما برحت‬

‫بمثله ليلة في مقبل العمر‬ ‫سحقا ليومكم يوما وال حملت‬

‫لألسنة يهديها إلى الثّغر‬


‫ّ‬ ‫من‬ ‫لألعنة أو‬
‫ّ‬ ‫لألسرة أو من‬
‫ّ‬ ‫من‬

‫الدين والدنيا على عمر‬


‫واحسرة ّ‬ ‫ويح السماح وويح البأس لو سلما‬

‫وهو يقول لبني المظفر بعد أن عدد لهم ما أبادته الليالي من الدول والعظماء تلك هي األيام مراحل‪ ،‬وما‬

‫أشبه الناس فيها بقوافل راحلة إلى عالم الموت والفناء‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫«سحقا وبعدا لليوم الذي زالت فيه دولتكم وال حملت بمثله ليلة تعسة من الليالي‪ .‬ويبكيهم لعرش بطليوس‬

‫وخيلها العادية وسيوفها الباترة‪ ،‬ويتوجع للسماح وللشجاعة‪ ،‬ويتحسر على ما خسر الدين من جهاد المتوك ل‬

‫لألعداء وخسرت الدنيا من مجده وأبهة إمارته‪».‬‬


‫يعد ابن عبدون من أفذاذ‬
‫والمرثية تعد من فرائد الشعر األندلسي‪ ،‬بل الشعر العربي بعامة‪ ،‬وبدون ريب ّ‬

‫الشعراء األندلسيين‪.‬‬
‫المراجع‬

‫ابن الخطيب ‪ :‬اإلحاط ة في أخب ار غرناط ة ‪ ،‬تحقي ق محم د عب د اهلل عن ان‪ ،‬مكتب ة الخ انجي ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1974‬م‪.‬‬

‫صاعد األندلسي ‪ :‬طبقات األمم ‪ ،‬تحقيق وتعليق ‪ :‬حسين مؤنس ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪.1993‬‬ ‫‪‬‬
‫ني بنش ره ‪ ،‬الس يد ع زت العط ار ‪ ،‬ط‬
‫ابن الفرض ي‪ :‬ت اريخ العلم اء وال رواة للعلم باألن دلس ‪.‬ج‪ُ 2‬ع ّ‬ ‫‪‬‬
‫‪ ، 2‬مكتبة الخانجي ‪ .‬القاهرة ‪ 1988‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬مجهول ‪ :‬ذكر بالد األندلس ‪ ،‬تحقيق لويس مولينا ‪ ،‬المجلس األعلى لألبحاث العلمية ‪ ،‬مدريد ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪1983‬م ‪.‬‬

You might also like