Professional Documents
Culture Documents
الأحزاب
الأحزاب
إعداد الطالب
الرقم الجامعي
020122202
مقدم الدكتور
أحمد الخزاعلة
المقدمة:
تُعد األحزاب السياسية من أهم التنظيمات السياسية التي تؤثر بشكل مباشر على سير وحركة النظام
السياسي وضمان استم ارره واستق ارره ،فهي تؤدي دو اًر مهماً في تنشيط الحياة السياسية وصارت تُشكل
ركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية ،فأداء األحزاب ينعكس سلباً أو إيجاباً على نوعية الحياة
السياسية وعلى مستوى التطور الديمقراطي والتحديث السياسي وفاعلية النظام السياسي الذي ُي ّ
عد
انعكاساً للنظام الحزبي السائد في الدولة ،وتُعد األحزاب إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن،
وكذا إحدى قنوات االتصال السياسي المنظم في المجتمع ،فهي تقوم بالتعبير عن اهتمامات األفراد
وحاجاتهم العامة والعمل على تحقيقها من ِق َبل الحكومة ،بفضل الضغط الذي تمارسه األحزاب على
َّ
صناع السياسة العامة الرسميين ،وكذلك نقل رغبات وسياسات الحكومة إلى المواطنين والعمل على
ويعدها علماء السياسة ،الركيزة القوية والمنظمة للربط بين القمة والقاعدة وكمحطة اتصال الزمة بين
ّ
المواطنين والسلطة ،فهي تجمع المعلومات وتنقلها إلى السلطة ،وكذا تنقل إليها مطالب الشعب .قد
عن طريق القوانين التي ستسنها في “السلطة التشريعية” أو عن طريق تنفيذها للقوانين في “السلطة
التنفيذية” ،أو عن طريق وجودها في المعارضة وهنا قد تقوم باستخدام وسائل وطرق عديدة للضغط
يشير مصطلح الحزب إلى التعددية ،من حيث تباين األيديولوجيات ووجهات النظر والبرامج والوسائل،
وبذلك فإن الحزب بتمثيله لآلراء وأفكار معينة تتضافر في شكل متناسق يختلف عن جماعات
اء ومصالح ضيقة ،فاألحزاب تتنافس وتقتات
المصالح ،والنقابات والجماعات األهلية ،التي تتبنى أر ً
على السلطة.
لألحزاب على السياسات العامة ،كما أنها تعد وسيلة مهمة لنقل تفضيالت الناخبين إلى الهيئات
والمؤسسات المنتخبة ،ويمكن توضيح الدور الذي تلعبه األحزاب السياسية في صنع (وفرض) السياسة
تعتبر السلطة التشريعية في الوقت الحاضر أهم السلطات في الدولة ،فهي التي تقوم بسن القوانين
أي بوضع القواعد العامة الملزمة لألفراد ،وتكون المساهمة في هذه السلطة عن طريق مشاركة األفراد
في الحياة الحزبية والسياسية للدولة ،وذلك في إطار المشاركة السياسية التي بواسطتها يتم المشاركة
في صناعة القرار السياسي وخاص ًة صنع ورسم السياسات العامة التي تهمه وتخصه والتي تهم
وبشكل عام ارتبط ظهور األحزاب بظهور األيديولوجيا الغربية وما رافقها من ديمقراطية نيابية ،أدت
األعضاء ،ومن هنا ظهرت األحزاب السياسية لتقوم بدور الكتل البرلمانية ،واللجان االنتخابية.
والبرلمان عبارة عن مؤسسة تتكون من نواب يمثلون جميع شرائح المجتمع وذلك من خالل “األحزاب
السياسية” ،فهذه األخيرة هي التي تقوم باختيار المرشحين إلى المجالس النيابية ،وذهب “محمود
االقتصادية وأهدافه اإلستراتيجية والسياسية وبنيانه االجتماعي وهويته الثقافية والحضارية ومن
تظهر أهمية األحزاب السياسية ،إ ْذ تعمل على تمكين الجماعات المختلفة من التعبير عن رغباتها
وضمها
ّ وفعالة تستحوذ على اهتمام صانعي السياسات العامة
واحتياجاتها ومعتقداتها بطريقة منظمة َّ
ضمن أولويات األجندة السياسية ،بالتالي على األحزاب الممثلة في هذه السلطة مناقشتها وايجاد حل
وبوجه عام يمكن رصد تأثير االحزاب السياسية في رسم السياسات العامة من داخل أو خارج إطار
البناء السلطوي ،حيث تقوم االحزاب بوظائف أساسية في المجتمع ،أبرزها تجميع المصالح والتعبير
عنها ،واالتصال والربط بين الحكومة والمجتمع بهدف بلورة القضايا العامة الي يتم مناقشتها عند
وضع السياسة العامة واثارة الرأي العام حولها ،لذا يمكن رصد تأثير االحزاب عبر دائرتين أساسيتين :
يقصد بها مجموعة الوظائف السياسية التي تقوم بها االحزاب خارج الحكم مثل:
إثارة الرأي العام حول القضايا العامة ،فيعمل الحزب السياسي من خالل أيديولوجيته ومواقفه تجاه
السياسات على توجيه الرأي العام لمناصريه ،حيث يتبع أنصار الحزب توجهه نحو سياسة معينة
أو ضدها في كثير من األحيان ،كما قد يتأثر الحزب بآراء أعضائه ومناصريه ،وهو ما ينعكس
في تشكيل السياسة العامة واقرارها ،فعلى سبيل المثال قام حزب الخضر في ألمانيا بإثارة الرأي
العام حول ضرورة عدم تلويث البيئة في فترة الثمانينيات والتسعينيات ،واستمر في تعزيز قضيته
حتى وصل إلى المشاركة في حكم عدة واليات المانية ،ووصل إلى االئتالف الحاكم في ،2222
العمل على تعبئة الجماهير ،فتساعد األحزاب السياسية على تعزيز القيم السياسية لألفراد من
خالل إضفاء الطابع االجتماعي على أدوار األفراد وتعريفهم بكيفية تنظيم الحكومة ،وكيف تؤثر
الخدمات الحكومية على حياتهم ،وكيفية التأثير على إدارة المناصب الرسمية ،فيقوم بمهمة التثقيف
والتوعية ،ففي جنوب إفريقيا على سبيل المثال قامت األحزاب الممثلة لألغلبية السوداء بتعبئة
اإلثنيات التي تدافع عنها مطالبة حكومة األقلية باالنفتاح الليبرالي ،واضفاء مزيد من الحقوق
والحريات على السود ،والمساواة بينهم وبين البيض في جنوب إفريقيا ،مستغلة زيادة نسبة المتعلمين
بين األجيال الشابة من السود ،والتطور المستمر في تلك الفترة في قدرات السود والضغط الدولي،
مما دفع الحزب الوطني في النهاية للرضوخ والتفاوض معهم ،مما ساهم بشكل كبير في التحول
الديمقراطي في جنوب إفريقيا ،ومثال آخر لدور األحزاب في التعريف بتنظيم الحكومة بل والتجنيد
السياسي في المناصب الحكومية ،ما حدث في مصر على سبيل المثال من تعزيز األحزاب
السياسية لدور أعضائها الشباب مستهدفة التدريب على القيادة والمشاركة في الفعاليات التي ترعاها
بلورة المسائل الرئيسية التي تناقش في النظام السياسي ،فعملية تنفيذ السياسة العامة هي عملية
ذلك القرار بما ينطوي عليه من أهداف وقواعد ومبادئ إلى خطط وبرامج عمل محددة عن طريق
مراحل صنع السياسة العامة ،وعلى ذلك فإن لألحزاب السياسية دور جوهري في هذه العملية ،إذ
جهاز
ًا (فيتبنى الحزب سياسات ذات دعم شعبي عريض) ،أم نظام حزب واحد (يكون الحزب
حكوميا يتبنى أطروحاتها وفلسفتها) ،فعلى سبيل المثال في الواليات المتحدة األمريكية تدور
ً
نقاشات حادة بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي حول قضايا مجتمعية مثل قانون
بالنسبة للحزب الجمهوري ،والليبرالية بالنسبة للحزب الديمقراطي ،وهو ما انعكس على تبني بعض
الواليات التي يغلب عليها الديمقراطيون لهذه السياسيات ،فيما لم تقنن واليات أخرى هذه القوانين.
تستطيع األحزاب السياسية كذلك التأثير على سير عملية صنع السياسة العامة من خالل العملية
االنتخابية ،فهي تقوم بتقديم المرشحين (البدائل) على الساحة السياسية ،والذين من يتبنون
األيديولوجية أو البرامج الحزبية ،وتقوم األحزاب من خالل قنواتها المختلفة (الجرائد -القنوات-
االنترنت ،وغيرها) بالعمل على توجيه الناخبين إلى صف هؤالء المرشحين ،وهذا ما من شأنه
التأثير على صنع السياسات الحًقا أثناء مناقشتها واقرارها ،أو إقصائها في البرلمان ،كما أن
األحزاب السياسية تقوم بتوفير المعلومات ألعضاء المجالس النيابية بعد ،مما يساهم في نقل
تصوراتهم عن الواقع الفعلي ،وبالتالي التقدم خطوة أخرى في سلم وضع أهدافها على األجندة،
وتنفيذها ،وبالتالي فاألحزاب تسعى إلى الحفاظ على متانة عالقاتها مع النواب من جهة ،وبين
أفراد الشعب من جهة أخرى ،ألنه سبيل بقاء وتعزيز الجزب السياسي ،فعلى سبيل المثال نجاح
مرشحي األحزاب اليمينية الشعبوية في بعض الدول األوروبية مثل حزب البديل من أجل ألمانيا
أو ازدياد شعبيتها مثل حزب التجمع الوطني في فرنسا يعكس نجاح هذا الحزب في استغالل آليته
الدعائية في نشر وجهة نظره حول سياسة الهجرة واإلسالموفوبيا والدين والدولة بين دوائر
اء على مستوى برلمانات الواليات أو
المواطنين ،سينعكس بالضرورة على تبني سياسات معينة سو ً
لم تكن الحياة الحزبية عند األردنيين حديثة العهد ،فقد بدأت قبل إعالن تأسيس إمارة شرق األردن
عام .1221ففي عام1212ـ أي في عهد الحكومة الفيصلية ـ وبعد انتهاء الحرب العالمية األولى ،
وافتضاح أمر اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور ،انتضم بعض األردنيين في حزب االستقالل السوري،
وعندما أنشأت إمارة شرقي األردن،تم تأسيس فرع لهذا الحزب في األردن ،حيث شارك بعض أعضائه
ثم توالى بعد ذلك تأسيس األحزاب السياسية في األردن مثل حزب الشعب األردني عام ،1221وهو
أول حزب أردني دعا إلى تكوين مجلس نيابي منتخب وحكومة مسئولة أمامه ،كما كان من الداعين
إلى عقد المؤتمر الوطني األول عام ،1221ألجل مناهضة المعاهدة األردنية البريطانية التي عقدت
في ذلك العام ،حيث أعلن المؤتمرون ميثاقا وطنيا ،تضمن مجموعة من المبادىء ،التي تطالب
باالستقالل التام لألردن ،وبالرفض القاطع لتلك المعاهدة التي تنتقص من استقالل البالد ،ثم جاء
من بعده حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني بزعامة حسين الطراونة عام ،1222
والذي كان في طليعة أهدافه ،تنفيذ مباديء الميثاق الوطني الصادر عن المؤتمر الوطني األردني
األول لعام ، 1221وهوأكثراألحزاب األردنية مقاومة لالنتداب البريطاني وللحركة الصهيونية آنذاك
،كما أنه الحزب األردني الوحيد الذي استمر أكثر من خمس سنوات.ثم تاله حزب التضامن األردني
بها رسميا عام ، 1291ثم الحزب العربي األردني /الجبهة الوطنية ،1291وحزب الشعب
،1292والحزب الوطني االشتراكي 1299الذي شكل ما سمي آنذاك بالحكومة الوطنية عام 1291
برئاسة دولة السيد سليمان النابلسي ،ثم جاء بعد ذلك حزب البعث العربي االشتراكي في آب من
كما شهدت التجربة السياسية األردنية خالل العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي ظهور عدة
تيارات حزبية ،ونشاط حزبي ملحوظ .وفي عام 1291ونتيجة الظروف السياسية التي طرأت على
المشهد السياسي األردني تم اإلعالن عن حالة الطؤاري الحكومة ،وتم توقف النشاط الحزبي حتى
وفي عام 1222صدر قانون األحزاب بعد عقود طويلة من توقف الحياة الحزبية ،وتأسست على
غ ارره عدد من األحزاب التي ال زال منها ما هو قائم لغاية اآلن والتي جاء تأسيسها بناء على األفكار
كما تأسست أحزاب أخرى غلب عليها الطابع البرامجي ،وتال هذا القانون صدور قانون األحزاب
لألعوام ،2221،2212عندما كان ملف األحزاب ضمن اختصاص و ازرة الداخلية .ثم صدر قانون
الحزاب رقم ( )12لسنة 2219الذي يعمل به اآلن ،وتم نقل ملف األحزاب بموجبه إلى و ازرة
ومع ذلك فال يمكن الحديث عن غياب كامل لألحزاب في هذه انتخابات ،12فإضافة إلى جماعة
اإلخوان المسلمين (لم يشملها قرار حظر األحزاب عام 1291باعتبارها جمعية وليست حزباً) التي
تقدمت بـ 21مرشحاً ،فقد ترشح العديد ممن ينتمون إلى التيارات السياسية المختلفة في األردن والتي
كانت البوتقة التي تجمع العديد من األحزاب الموجودة على الساحة األردنية بشكل غير معلن أو
الرحم التي خرجت منه العديد من األحزاب األردنية التي تشكلت الحقاً.
رغم استمرار العمل بآلية الصوت الواحد المثيرة للجدل ،فإن أياً من األحزاب األردنية لم يعلن مقاطعته
لالنتخابات الحالية .وفي ذات الوقت تبدو المالحظة الرئيسية في هذه االنتخابات على صعيد المشاركة
الحزبية ،متمثلة في تراجع مشاركتها المعلنة وتحديداً على صعيد عدد المرشحين ،ال سيما مع زيادة
عدد مقاعد مجلس النواب إلى 112مقاعد ستة منها حصص مخصصة للنساء ،ولجوء العديد من
ويمكن التمييز داخل األحزاب التي أعلنت مشاركتها في هذه االنتخابات من خالل طرح مرشحين أو
دعم مرشحين مستقلين ،بين اتجاهين رئيسيين :االتجاه المعارض الذي يضم في األصل األحزاب
المنضوية ضمن لجنة التنسيق العليا ألحزاب المعارضة األردنية ،واالتجاه الوسطي القريب من
السلطة.
غير أن مما تجب مالحظته هنا هو لجوء االتجاه الوسطي تحديداً إلى عدم إعالن أسماء عدد من
مرشحيه .فبينما لم يعلن "المجلس الوطني للتنسيق الحزبي" عن اسم أي من مرشحيه ،أكد عدد من
أحزاب "تجمع اإلصالح الديمقراطي" صراحة وجود مرشحين لها يخوضون االنتخابات دون اإلعالن
عن مظلتهم الحزبية .ومن ناحية أخرى فإن "تجمع المرشحين المستقلين" -ال يعتبر حزباً أو تكتالً
حزبياً -يحظى بدعم حزب الشعب الديمقراطي وحزب الشغيلة الشيوعي اليساريين.
الخاتمة:
على صعيد التوجهات السياسية ورغم وجود عدد من نقاط االلتقاء بين األحزاب واالتجاهات السياسية
األردنية المختلفة من خالل خطابها المعلن ،ال سيما فيما يتعلق بدعم الشعب الفلسطيني ،والشعب
العراقي في مواجهة االحتالل األميركي ،وكذلك ترسيخ الديمقراطية في األردن ،واإلصالح على
المستويات كافة ،فإن التباين بين هذه األحزاب واالتجاهات التي تمثلها يظهر جلياً من خالل آليات
العمل ومدى القرب من المفهوم والخطاب الرسميين فيما يتعلق بهذه القضايا وغيرها ،كما هو حال
األحزاب الوسطية المقربة من السلطة والتي تنطلق في طروحاتها من منطلق وطني (قطري) ،بخالف
االتجاه المعارض الذي يضم التيار اإلسالمي والقومي واليساري -األكثر ثورية -والذي يبتعد في
-1علي محمد سعادة ،المعارضة السياسية األردنية في سبعين عاماً ،1221-1221د.ن ،عمان،
.1221
-2محمد مصالحة ،التجربة الحزبية السياسية في األردن :دراسة تحليلية مقارنة ،دار وائل للطباعة
عمان.1221 ،
-1هاني الحوراني (وآخرون) ،المرشد إلى الحزب السياسي ،مركز األردن الجديد للدراسات ،عمان،
.1229
-9هاني الحوراني (وآخرون) ،دراسات في االنتخابات النيابية األردنية ،1221مركز األردن الجديد
-9هاني خير ،الحياة النيابية في األردن ،1221-1222سلسلة الكتاب األم في تاريخ األردن