You are on page 1of 16

‫األحزاب السياسية والنسق السياسي المغربي بين التأثير‬

‫والتأثر‬

‫ماستر تحليل وتقييم السياسات العمومية‬

‫‪2018ِ-2019‬‬

‫مادة‪ :‬األنظمة السياسية المقارنة‪.‬‬ ‫من إعداد الطالبين الباحثين‪:‬‬

‫إشراف‪ :‬د‪.‬محمد المساوي‪.‬‬ ‫كوثر العلوية البلغيتي‪.‬‬

‫طريق لحرش‪.‬‬
‫يعرف بنجامان كونستان " الحزب بأنه اجتماع رجال يعتنقون العقيدة السياسة نفسها"‪ ،1‬وقد‬
‫حدد "موريس ديفرجيه" وظيفة األحزاب السياسية في النظام الديمقراطي الحديث‪ ،‬في السعي‬
‫إلى الوصول للسلطة أو على األقل الرغبة في المشاركة في ممارستها ‪.‬‬

‫ارتبط المفهوم الحديث لألحزاب السياسية تاريخيا بالمرجعية " الليبرالية ‪ /‬الحداثية‪ ،‬التي‬
‫نجحت في القطع مع المفهوم القديم للسلطة باعتبارها إلهية مطلقة‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬أسست هذه‬
‫المرجعية لمفهوم حديث يعد السلطة شأنا بشريا خالصا يمارسه الشعب عبر ممثليه الذين‬
‫ينتخبهم من بين المترشحين‪ ،‬وتقدمهم األحزاب السياسية ممثلسن لبرامجها االنتخابية"‪ ،2‬هذا‬
‫المفهوم الذي ال نجده في المرجعية االشتراكية "رغم طابعها الغربي ألنها اعتمدت على نموذج‬
‫الحزب الواحد الذي يحتكر السلطة؛ باعتباره يمثل أيديولوجية الدولة ويحمي مصالحها‪ ،‬لذلك ال‬
‫مجال للتعددية الحزبية أو التنافسية في البرامج االنتخابية"‪.3‬‬

‫األحزاب السياسية "ترتكز على ثالث مقومات وهي ممارسة السلطة‪ ،‬الحصول على المساندة‬
‫الشعبية وتنفيذ سياسة محددة"‪.4‬‬

‫إن اعتماد المقاربة النسقية في تحليل األحزاب السياسية‪ ،‬يعني دراسة هذه األخيرة في‬
‫ديناميكيتها وتفاعلها مع النسق االجتماعي العام الذي يضم مجموع األنساق (األنظمة)‬
‫االقتصادية‪ ،‬الثقافية والسياسية‪.‬‬

‫واعتبارا النتماء األحزاب السياسية إلى النسق السياسي‪ ،‬الذي تؤثر عناصره وبنياته‬
‫بشكل كبير ومباشر على وظائف وهامش حضور األحزاب في المشهد السياسي والنظام‬
‫السياسي عامة‪ ،‬فإننا سنركز فيما يلي على عالقة األحزاب السياسية بالنسق السياسي‪ ،‬مع‬

‫‪ 1‬موريس ديفرجيه‪ ،‬األحزاب السياسية‪ ،‬ترجمة علي مقلد عبد المحسن سعد‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة القاهرة‪ ،2011 ،‬ص‬
‫‪ ،2‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 2‬إدريس جنداري‪ ،‬التجربة الحزبية في المغرب‪ :‬غموض التصور وإعاقة الممارسة‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪ ،2012 ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪ ،2‬بتصرف‪.‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪ ،3‬بتصرف‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫استحضار نموذج المدخالت والمخرجات لدافيد ايستون لكونه نموذجا بارزا في مجال التحليل‬
‫السياسي‪.‬‬

‫وحسب تالكوت بارسونز أن النسق السياسي هو نسق اجتماعي فرعي‪ ،‬وظيفته تنظيم‬
‫وتحر ِيك الموارد الضرورية لتحقيق غاية الجماعة الخاصة‪ ،‬إذ كل نسق يهدف إلى‬
‫االستمرارية و التأقلم مع متطلبات المحيط‪ .‬وبذلك فإن وظيفة النسق تتمثل في تحويل المطالب‬
‫والدعائم إلى قرارات وأفعال سياسية‪ ،‬ما يعرف بمدخالت ومخرجات النسق السياسي‪.‬‬

‫وإذا ما كان النسق السياسي يتفاعل ويتأثر مع باقي األنساق الفرعية المكونة للنسق االجتماعي‬
‫العام‪ ،‬فنفس المبدأ نجده في كل نسق فرعي حيث تتفاعل عناصر هذا األخير مكونة بيئة خاصة‬
‫توجه سلوك النسق‪.‬‬

‫إن ما يجعل النسق في حركية هي المدخالت التي تتحول إلى مخرجات عبر سيرورة النسق‪.‬‬
‫وللمخرجات أثار سواء على النسق الذي يوجد ضمن البيئة المحيطة التي يشتغل فيها‪ ،‬كما لها‬
‫تأثير على البيئة نفسها‪ ،‬ما يسمى حسب نموذج دفيد استون بالتغذية االسترجاعية أو التأثير‬
‫العكسي‪.‬‬

‫ال يمكن للنسق السياسي أن يشتغل بمعزل عن المحيط‪ ،‬فهو في تفاعل دائم ومستمر معه‪،‬‬
‫وردود أفعال النسق تجاه متغيرات المحيط دليل على محاولة النسق للتأقلم وضمان االستقرار‬
‫واالستمرارية‪ .‬وتعتبر األحزاب السياسية جزءا من ال يتجزأ من النسق السياسي بحيث ال‬
‫يمكن أن تشتغل األحزاب بمعزل عن محيطه‪ ،‬هذا ما يدفعنا إلى طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫إلى أي حد تؤثر األحزاب السياسية في النسق السياسي المغربي ؟‬

‫الفرضية‪ :‬األحزاب السياسية تؤثر في النسق السياسي المغربي‪.‬‬

‫قصد مقاربة اإلشكالية سنعتمد المقترب النسقي من خالل التصميم التالي‪:‬‬


‫المطلب األول‪ :‬عالقة األحزاب السياسية والنسق السياسي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تأثير األحزاب السياسية في النسق لسياسي‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تأثير النسق السياسي المغربي على أدوار األحزاب السياسية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حزب العدالة والتنمية بين مدخالت ومخرجات التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪2011‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حزب العدالة والتنمية ومدخالت التعديل الدستوري لسنة ‪:2011‬الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مخرجات مطالب حزب العدالة والتنمية لإلصالح الدستوري لسنة ‪2011‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عالقة األحزاب السياسية والنسق السياسي‬

‫يحتوي النسق السياسي على عناصر ووحدات متعددة تتفاعل فيما بينها وتؤثر في بعضها‬
‫البعض حتى يبقى النسق في دينامية‪ .‬فحسب ايستون النسق حي وفي حركة مستمرة عن طريق‬
‫استقبال مدخالت متنوعة وتحويلها إلى مخرجات‪ .‬الشيء الذي يدعم طرح عالقة التأثير‬
‫والتأتر بين األحزاب السياسية والنسق السياسي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تأثير األحزاب السياسية في النسق لسياسي‪:‬‬

‫تعتبر األحزاب السياسية أهم وحدات النسق السياسي‪ ،‬فهي تأتي بمطالب‬
‫متنوعة(مدخالت) تترجمها إلى برنامج انتخابي يعكس المطالب واالنتظارات الشعبية ويحولها‬
‫إلى قرارات سياسية‪(.‬مخرجات) ويتم ذلك بواسطة دعائم تتمثل في مقومات الحزب السياسي‪،‬‬
‫وهي كاالتي‬

‫‪" -‬ممارسة السلطة‪ :‬تعد الرغبة في الوصول إلى الحكم وممارسة السلطة أهم مقومات الحزب‬

‫السياسي‪.‬‬

‫يسعى الحزب إلى الوصول إلى السلطة لتطبيق برنامجه االنتخابي الذي مكنه من األغلبية‬
‫البرلمانية‪ .‬وتفقد هذه األغلبية مشروعيتها إذا لم تتحول إلى حكومة مستقلة‪ ،‬تمتلك سلطة‬
‫تشريعية وأخرى تنفيذية تمكنها من تطبيق برنامجها االنتخابي‪ ،‬مع الخضوع للرقابة‬
‫الشرعية"‪.5‬‬

‫‪ -‬الحصول على المساندة الشعبية‪:‬باعتبار أن المفهوم الديمقراطي الحديث لممارسة السلطة‬

‫يقوم على أساس تمثيل الشعبية‪ ،‬فإن الحزب السياسي بهذا المعنى يعمل على بلورة اإلرادة‬
‫الشعبية عبر االنتخابات على شكل قرارات سياسية بعد وصوله ل قرارات سياسية بعد وصوله‬
‫إلى الحكم‪.‬‬

‫وهو بذلك يمارس سلطة شرعية‪ ،‬باعتباره حاصال على المساندة الشعبية‪ ،‬لتي تجسدها صناديق‬
‫االقتراع‪.‬‬

‫‪-‬تنفيذ سياسة محددة‪:‬‬

‫ترتبط هذه السياسة بالضرورة بالبرنامج االنتخابي الذي يقدمه الحزب لناخبيه‪ ،‬ويلتزم بتطبيقه‬
‫إذا نجح في االنتخابات ووصل إلى الحكم‪.‬وحتى يستطيع الحزب تطبيق برنامجه االنتخابي بعد‬
‫حصوله على األغلبية البرلمانية‪ ،‬البد أن تتوفر له الشروط السياسية المرتبطة بممارسة‬
‫مجموع السلطات التشريعية والتنفيذية‪ ،‬التي تخولها له الشرعية الشعبية التي يمتلكها عبر‬
‫االنتخابات‪.‬‬

‫و حتى تتضح كيفية تأثيراالحزاب السياسيةداخل النسق السياسي‪ ،‬سنتطرق إلى أهم وظائفها‪:‬‬

‫‪ 5‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬األحزاب السياسية‪ ،‬أهميتها‪ ،‬نشأتها‪ ،‬نشاطها‪ ،‬القاهرة مركز البحوث البرلمانية‪ ،‬مجلس الشعب ‪،2005‬‬
‫ص ‪ ،12‬بتصرف‪.‬‬
‫_ "وظيفة التعبئة‪ :‬وذلك عبر تبادل الحوار الديمقراطي المفتوح بين الدولة والمواطنين‪ ،‬بشأن‬

‫مجموعة من القضايا المصيرية التي تهم المجتمع‪.‬ولألحزاب السياسية شأنا مهما في الوساطة‬
‫في هذا الحوار‪ ،‬ألنها تقيم عالقات مباشرة مع المواطنين‪ ،‬داخلية عبر هياكلها ومؤتمراتها‪،‬‬
‫وخارجية عبر العالقات التي تربطها بالهيئة الناخبة‪.‬كما تقوم بالتنظيم والتأطير من خالل هذه‬
‫االتصاالت التعبوية المباشرة‪.‬‬

‫_ وظيفة دعم الشرعية‪ :‬تستمد األحزاب شرعيتها من الشعب باعتبارها مؤسسات شعبية عبر‬

‫الية االنتخاب وتداول السلطة داخلها‪ .‬وهكذا تقوم األحزاب السياسية بوظيفة هامة جدا حيث‬
‫تكسب النظام السياسي القائم شرعية شعبية‪ ،‬فتكون جميع قراراته من الشعب وإليه‪ .‬وهذا‬
‫يكسبها قوة ويجعلها شرعية غير قابلة لطعن أي طرف"‪.6‬‬

‫_ "وظيفة التجنيد‪ :‬ترتبط بإسناد األدوار السياسية لألطر القادرة على تسيير الشأن العام‪.‬‬

‫ويعتمد التجنيد السياسي في األنظمة الديمقراطية والتعددية على ميكانيزمات محددة‪ ،‬تقوم على‬
‫أساس امتالك كفايات تواصلية ونهجية وثقافية وإستراتيجية‪ .‬وتتم المساهمة في توزيع األدوار‬
‫القيادية على األعضاء من خالل والتدريب على التفاعل الداخلي‪ ،‬واالنخراط في اللجان‬
‫والمؤتمرات الحزبية‪.‬‬

‫وبالتالي‪،‬فإن وظيفة التجنيد السياسي بهذا المعنى ترتبط بصناعة النخبة السياسية في األنظمة‬
‫الديمقراطية‪.‬وتوكل هذه الصناعة لألحزاب باعتبارها للقيام بذلك"‪.7‬‬

‫‪ 6‬إدريس جنداري‪ ،‬التجربة الحزبية في المغرب‪ :‬غموض التصور وإعاقة الممارسة‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ 7‬عبد الرحيم العطري‪ ،‬صناعة النخبة بالمغرب‪ :‬المخزن والمال والنسب والمقدس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدارالبيضاء امغرب‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2006 ،‬ص ‪ ،10‬بتصرف‪.‬‬
‫_الوظيفة التنموية‪ :‬تلعب األحزاب دورا مهما في التنمية عبر إنعاش الحياة السياسية في‬

‫المجتمع‪ .‬األمر الذي يدعم العملية الديمقراطية‪ ،‬ويفتح المجال أمام مختلف فئات المجتمع‬
‫للمساهمة في التنمية‪ .‬ويمكن أن نفهم الوظيفة التنموية لألحزاب بشكل أوضح في األنظمة‬
‫الديمقراطية‪ ،‬حيث تساهم األحزاب بشكل وافر في جعل الحياة السياسية شأنا يوميا لجميع فئات‬
‫المجتمع دون أي تمييز‪.‬‬

‫يتبين من خالل ما تم التطرق إليه في هذه الفقرة كيفية تأثير األحزاب السياسية في النسق‬
‫السياسي‪ ،‬حيث تعتمد على مقومات الحزب السياسي التي تمكنه من كسب شرعية الدفع‬
‫بمجموعة من المطالب في شكل مدخالت وتحويلها عبر سيرورة قرارية إلى سياسات عمومية‪،‬‬
‫والتي تسمى بالمخرجات حسب نموذج دفيد ايستون‪.‬‬

‫نخلص من خالل هذه الفقرة إلى أن األحزاب السياسية تؤثر في سلوك النسق السياسي‪ ،‬الذي‬
‫يقوم بأفعال وردود أفعال حتى يحافظ على استقراره وهويته السياسية‪ ،‬الشيء الذي ينعكس‬
‫على العناصر المك ونة له و على رأسها األحزاب في األنظمة الديمقراطية‪ .‬وهذا ما سنتطرق‬
‫إليه في الفقرة التالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تأثير النسق السياسي المغربي على أدوار األحزاب السياسية‬

‫إن دراسة تأثير النظام السياسي المغربي على وظائف األحزاب السياسية‪ ،‬يستدعي‬
‫ضرورة مالمسة طبيعة النسق السياسي المغربي مع استحضار مسألة الخصوصية و الهوية‬
‫السياسية‪.‬‬

‫ويستمد هذا النظام خصوصيته من الحضور القوي للمؤسسة المليكة على واجهة الفعل‬
‫السياسي‪ ،‬االقتصادي واالجتماعي‪ .‬فالملك يسود ويحكم‪ ،‬وبذلك يكون هو الفاعل األساسي في‬
‫المجال السياسي المغربي‪ ،‬وتحت تأثير هذا المعطى‪ ،‬نجد أن امتداد نفوذه يكاد يغطي كافة‬
‫المجاالت بما فيها االقتصادي واالجتماعي والثقافي والديني إلى جانب السياسي‪.‬‬

‫إن المؤسسة الملكية إذن‪ ،‬اكتسبت آليات لتوطيد أسس حكمها وتفوقها وتدعيم حضورها‬
‫القوي في مختلف تفاصيل المشهد السياسي المغربي‪،‬الشيء الذي انعكس على أدوار األحزاب‬
‫السياسية حيث أصبحت عاجزة عن القيام بمشاركة سياسية حقيقية وفعالة واقتصارها على‬
‫أدوار تأطيرية‪.‬‬

‫ويتأك د هذا من خالل الوظيفة األساسية التي خولها القانون للحزب السياسي‪ .‬وهي وظيفة‬
‫المساهمة في تنظيم المواطنين وتمثيلهم‪ .‬وهو ما ينسجم مع منطق دستور ‪ ،1996‬حيث جاء‬
‫في الفصل في الفصل الثالث منه األحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية‬
‫والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم‪ ،‬ونفس الداللة نجدها في الفصل الثالث‬
‫من دستور‪ ،2011‬وكذلك المادة الثانية من الباب األول من قانون األحزاب ‪.2006‬‬

‫ويربط الباحث محمد الشقير هذه الوضعية حيث قصور وظائف األحزاب السياسية بمجموعة‬
‫من االعتبارات يلخصها فيما يلي‬

‫_"تنافي طبيعة السلطة في المغرب مع وجود أي ممارسة سياسية تطمح على الحصول على‬
‫السلطة‪.‬‬

‫كون الملكية تعمل دائما على احتالل موقع الصدارة داخل النظام السياسي المغربي‪ ،‬وهو‬
‫تصدر يقابله في الوقت نفسه توازي مختلف القوى السياسية بما فيها األحزاب‪.‬‬

‫_ محاوالت الحكم الدائمة للحد من نشاط كل ظاهرة حزبية"‪.8‬‬

‫وهذا اإلطار القانوني يجعل من األحزاب السياسية" ال تبحث عن تطبيق برنامجها السياسي أو‬
‫تحويل المجتمع‪ ،‬بحسب مشاريعها‪ ،‬بل تتنافس للتأثير على الحكم وخدمته ال االستيالء عليه"‪.9‬‬

‫محمد الشقير‪ ،‬القرار السياسي في المغرب‪ ،‬الطبعة األولى الدارالبيضاء المغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪8‬‬
‫إن السعي إلى ممارسة السلطة سياسيان تشريعيا وتنفيذيا‪ ،‬يعد المحور األساسي لكل نشاط‬
‫حزبي‪" .‬لك ن ما يميز وظيفة األحزاب في النسق السياسي المغربي‪ ،‬هو تحولها من عمل يروم‬
‫بلوغ السلطة السياسية‪ ،‬كتوجه استراتيجي داخل المنظومة الديمقراطية‪ ،‬إلى دعامة للنظام‪ ،‬في‬
‫مواجهة التخلف االقتصادي واالجتماعي"‪.10‬‬

‫وإذا ما اعتبرت األحزاب السياسية فاعال في سيرورة صنع القرارات السياسية‪ ،‬فإن قوة‬
‫حضورها وتأثيرها في هذه السيرورة رهين بتموضعها داخل النسق السياسي‪.‬‬

‫لمجموع‬ ‫تعبر الوثيقة الدستورية لسنة ‪ 2011‬على المخرجات التي جاءت كاستجابة‬
‫المدخالت‪ ،‬هذه االخيرة ساهمت فيها مختلف الفعاليات من مجتمع مدني وأحزاب سياسية‬
‫فكيف ساهمت األحزاب السياسية المغربية في هذه المدخالت ؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حزب العدالة والتنمية بين مدخالت ومخرجات التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪2011‬‬

‫سنقتصر الحديث في هذا المطلب مساهمة حزب العدالة والتنمية في مدخالت‬


‫التعديل الدستوري لسنة ‪ 2011‬هذا من جهة‪ ،‬من جهة أخرى محاولة التعرف على مدى‬
‫حضور تلك المدخالت في مخرجات النظام السياسي المغربي والتي تتجسد في الوثيقة‬
‫الدستورية لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ 9‬محمد معتصم‪ ،‬الحياة السياسية المغربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪ ،144‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 10‬يونس برادة‪ ،‬وظيفة الحزب في النظام السياسي المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حزب العدالة والتنمية ومدخالت التعديل الدستوري لسنة ‪:2011‬‬

‫سنتطرق في هذه الفقرة إلى تجربة حزب العدالة والتنمية في مسألة المدخالت‬
‫المتعلقة بالتعديل الدستوري لسنة ‪ ، 2011‬عرف المغرب شأنه شأن مجموعة من الدول‬
‫العربية –تونس مثال‪ -‬حراكا جاءت فيه مجموعة من المطالب من قبيل تعديل الدستور‪،‬‬
‫والمطالبة بأن يكون هذا األخير ديمقراطيا‪ ،‬يمكن في ذات السياق الرجوع إلى مطالب حركة‬
‫‪ 20‬فبراير‪.‬‬

‫باعتبار الحزب ووفقا للتحليل النسقي يلعب دور الوسيط الذي يدفع بالمطالب نحو العلبة‬
‫السوداء‪ ،‬ذلك من خالل تأييدها سواء صراحة أو ضمنيا تم انتقاء األفضل بينها‪ ،‬كما قد يكون‬
‫الحزب مصدر المطالب‪ ،‬سنتحدث عن بعض المدخالت التي تضمنتها مذكرة حزب العدالة‬
‫والتنمية لإلصالح الدستوري‪ ،‬إذ ينطلق تصور الحزب لمشروع التعديل الدستوري " من‬
‫الحاجة الماسة إلى تمكين بالدنا من دستوري ديمقراطي"‪.11‬‬

‫ضمت مذكرة الحزب مجموعة من المطالب التي شكلت مدخالت دفع بها نحو العلبة‬
‫السوداء وفيما يلي بعض منها‪:‬‬

‫‪ " -‬تعزيز مكانة اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية في الحياة العامة والتعليم واإلدارة‬
‫‪12‬‬
‫واالقتصاد‪ ،‬خاصة في ظل استمرار هيمنة لغة أجنبية في االقتصاد والتعليم العالي"‬

‫‪ " -‬دسترة اللغة األمازيغية كلغة وطنية ويحدد قانون تنظيمي كيفية حمايتها"‪ ،13‬وهو نفس ما‬
‫ذهب حزب التجمع الوطني لألحرار وذلك بالمطالبة ب " دسترة اللغة األمازيغية كلغة وطنية‬
‫وتمتيعها بكل ضمانات الحماية والتطوير"‪.14‬‬

‫‪ 11‬مذكرة حزب العدالة والتنمية لإلصالح الدستوري لسنة ‪ ،2011‬ص ‪.1‬‬


‫‪ 12‬نفسه‪ ،‬ص ‪ ،5‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 13‬نفسه‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ 14‬مذكرة حزب التجمع الوطني لألحرار للتعديل الدستوري لسنة ‪ ،2011‬ص ‪.3‬‬
‫من المطالب كذلك‪:‬‬

‫مسألة " تعيين رئيس الحكومة بناء على نتائج االنتخابات التشريعية العامة وذلك من الحزب‬
‫الفائز على الرتبة األولى في انتخابات مجلس النواب "‪ ،15‬من بين ما جاء في المذكرة أن‬
‫رئيس الحكومة هو الذي يختار الوزراء ويعينهم الملك‪ ،‬باإلضافة إلى الدعوة إلى التنصيص‬
‫على مجلس الحكومة في دستور ‪.2011‬‬

‫يظل ما سبق بعض المطالب الواردة في مذكرة حزب العدالة والتنمية لإلصالح‬
‫الدستوري لسنة ‪ ،2011‬حيث تشكل هذه المطالب إلى جانب ما جاء في مذكرة الحزب‬
‫ومختلف مذكرات األحزاب األخرى مدخالت تم الدفع بها نحو العلبة السوداء قصد القيام بعلية‬
‫تحويلها إلى مخرجات‪ ،‬فهل تم ذلك؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مخرجات مطالب حزب العدالة والتنمية لإلصالح الدستوري لسنة ‪2011‬‬

‫سنحاول في هاته الفقرة معرفة ما إذا تم تحويل مدخالت الحزب والمتمثلة في‬
‫المذكرة المقدمة للجهات المعنية قصد مساهمتها في التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2011‬نظرا‬
‫لطبيعة البحث ومجال االشتغال فإننا لن نعرض كل المطالب التي تضمنتها مذكرة الحزب‬
‫وبالتالي في محاولة معرفتنا أي المطالب قد تم تحويلها إلى مخرجات سنتطرق فقط لما جاء في‬
‫الفقرة السابقة‪.‬‬

‫عرف المغرب تعديال دستوريا سنة ‪ ،2011‬لدى فنحن مطالبون بالرجوع إلى هاته‬
‫الوثيقة قصد معرفة المطالب التي تم تحويلها إلى مخرجات ضمنت في الوثيقة الدستورية لسنة‬
‫‪.2011‬‬

‫من بين ما جاء من مطالب في مذكرة الحزب موضوع الدراسة " تعزيز مكانة اللغة‬
‫العربية باعتبارها لغة رسمية‪ "....‬كما تمت الدعوة إلى " دسترة اللغة األمازيغية كلغة وطنية‬

‫مذكرة حزب العدالة والتنمية لإلصالح الدستوري لسنة ‪ ،2011‬ص ‪.10‬‬ ‫‪15‬‬
‫ويحدد قانون تنظيمي كيفية حمايتها‪ "...‬الشيء الذي كرسه دستور ‪ 2011‬من خالل فصله ‪"5‬‬
‫تظل العربية اللغة الرسمية للدولة‪ .‬وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها‪ ،‬وتنمية استعمالها‪.‬‬
‫تعد األمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة‪ ،‬باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون‬
‫استثناء‬

‫يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي لألمازيغية‪ ،‬وكيفيات إدماجها في مجال‬
‫التعليم‪ ،‬وفي مجاالت الحياة العامة ذات األولوية‪ ،‬وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبال بوظيفتها‪،‬‬
‫بصفتها لغة رسمية"‪.‬‬

‫من المطالب كذلك التي تحولت إلى مخرجات مسألة تعيين رئيس الحكومة من‬
‫الحزب الحائز على األغلبية في انتخابات مجلس النواب وكذا تعيين الوزراء من طرف الملك‬
‫واقتراح من رئيس الحكومة‪ ،‬وهو ما جاء به دستور ‪ 2011‬من خالل الفصل ‪ " 47‬يعين‬
‫الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدّر انتخابات أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وعلى‬
‫أساس نتائجها‪ .‬ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها"‪.‬‬

‫تلبية مطلب التنصيص على مجلس الحكومة وهو ما جاء به الفصل ‪ 92‬من دستور ‪.2011‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المخرجات ليست دائما صورة للمدخالت إذ أنها قد تخالفها أو تأتي‬
‫بمستجدات لم تكن أبدا في الئحة المدخالت‪ ،‬كما أنها قد توثر في الجهة التي دفعت بالمدخالت‬
‫للعلبة السوداء وهنا نستحضر الحزب السياسي الذي قد يتأثر بمخرجات تنظم نشاطه ومجال‬
‫اشتغاله‪.‬‬

‫يظهر مما سبق كيف أن الحزب السياسي ساهم في مخرجات التعديل الدستوري لسنة ‪2011‬‬
‫وهنا تظهر أهمية استحضار هذه المخرجات‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة هنا إلى أن لكل نسق خصوصيته‪ ،‬وبالنسبة للنسق السياسي المغربي فإنه يتحدد‬
‫وفق اعتبارات ثالث‪ ،‬تتجسد في كل من اعتبار الدين‪ ،‬اعتبار التقاليد المغربية واعتبار‬
‫متطلبات العصر‪ ،‬ومكانة األحزاب السياسية في النسق السياسي مرتبطة بالضرورة بهذه‬
‫االعتبارات‪.‬‬

‫وبالتالي فإن التحليل النسقي لألحزاب السياسية يتجاوز الوقوف عند أدوارها ومدى أهميتها‪،‬‬
‫ويسلط الضوء على النسق السياسي في شموليته حيث يهتم بمختلف التفاعالت الحاصلة بين‬
‫وحداته‪ ،‬والتي تنتج عنها عالقات انسجام‪ ،‬توافق أو صراع‪ ،‬وهو ما تبين لنا من خالل‬
‫مذكرات األحزاب السياسية خاصة في مسألة ترسيم األمازيغية كلغة‪ .‬وعليه فإنه تم تأكيد‬
‫الفرضية المطروحة حيث أن األحزاب السياسية تؤتر في النسق السياسي المغربي إلى أن‬
‫هامش حضورها وفعاليتها بالمشهد السياسي بشكل عام مازال ضعيفا‪ ،‬مقارنة بمكانة األحزاب‬
‫السياسية داخل األنظمة الديمقراطية الحديثة‪.‬‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫‪ -‬إدريس جنداري‪ ،‬التجربة الحزبية في المغرب‪ :‬غموض التصور وإعاقة الممارسة‪ ،‬المركز‬
‫العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬موريس ديفرجيه‪ ،‬األحزاب السياسية‪ ،‬ترجمة علي مقلد عبد المحسن سعد‪ ،‬الهيئة العامة‬
‫لقصور الثقافة القاهرة‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬مذكرة حزب التجمع الوطني لألحرار للتعديل الدستوري لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ -‬مذكرة حزب العدالة والتنمية لإلصالح الدستوري لسنة ‪.2011‬‬

‫‪ -‬عبد الرحيم العطري‪ ،‬صناعة النخبة بالمغرب‪ :‬المخزن والمال والنسب والمقدس‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬الدارالبيضاء امغرب مطبعة النجاح الجديدة‪.2006 ،‬‬

‫‪ -‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬األحزاب السياسية‪ ،‬أهميتها‪ ،‬نشأتها‪ ،‬نشاطها‪ ،‬القاهرة مركز البحوث‬
‫البرلمانية‪ ،‬مجلس الشعب ‪.2005‬‬
‫‪ -‬محمد الشقير‪ ،‬القرار السياسي في المغرب‪ ،‬الطبعة األولى الدار البيضاء المغرب‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪.‬‬

‫‪ -‬محمد معتصم‪ ،‬الحياة السياسية المغربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء المغرب‪.‬‬

‫الئحة المصادر‪:‬‬

‫‪ -‬الدستور المغربي لسنة ‪2011‬‬

You might also like