You are on page 1of 18

‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬


‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫أي دورللفاعلين في انتاج السياسات العمومية‬

‫‪The Role of Actors in Shaping Public Policies‬‬

‫الدكتور عبد اللطيف الهاللي‬

‫أستاذ باحث بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر أكادير‬

‫الرباع عادل‬

‫باحث في سلك الدكتوراه – جامعة ابن زهر أكادير‬

‫امللخص ‪:‬‬

‫ان السياسات العمومية هي حصيلة عمل الدولة ‪ ،‬أي العمل املؤسساتي الذي يتم في إطار قانوني ومؤسساتي‬
‫إنها حصيلة عمل مجموعة من الفاعلين ‪ ،‬التي ترتبط بمجموعة من املحددات مثل طبيعة دور الدولة ‪ ،‬توزيع‬
‫األدوار بين املؤسسات والهيئات االجتماعية واالقتصادية انها سلسلة طويلة من النشاطات املترابطة إنها أكبر من‬
‫مجرد قرار واحد ‪ ،‬فعملية صنع للقرار ‪ ،‬السياسات يجب أن تفهم بصورة تشمل اإلعداد والتنفيذ والتقييم ‪،‬‬
‫وهنا بالرغم من الحياد الظاهر للكلمات والذي يعطي صورة ثابتة لهذه العملية ‪ ،‬فإن السياسات العمومية‬
‫ليست مسلسال بعيدا عن رهانات السلطة واملصالح والقيم والصراعات ‪ ،‬إن السياسات العمومية هي كذلك‬
‫بالتعبير الشهير ملنظر املدرسة النسقية ديفيد إيستون ‪ :‬دراسة التوزيع السلطوي للقيم ‪ ،‬تمرين مؤسس ي يروم‬
‫التنبؤ باملستقبل ‪ ،‬عن طريق مجموعة من االختيارات التي تعكس سلوكيات وقناعات و إكراهات وقيم الفاعلين‬
‫املتعددين الرسميين منهم أو غير الرسميين‪.‬‬
‫املفاهيم الرئيسية‪ :‬الفاعلين‪ -‬السياسات العامة‪-‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪Public policies are the outcome of the state’s work, that is, the institutional work that‬‬
‫‪takes place within a legal and institutional framework. It is the outcome of the work of a‬‬
‫‪group of actors, which are linked to a set of determinants such as the nature of the state’s‬‬
‫‪role, the distribution of roles between institutions and social and economic bodies. It is a‬‬
‫‪long series of interrelated activities. It is greater than Just one decision, the decision-making‬‬

‫‪80‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
–‫ المانيا – برلين‬/ ‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية‬
‫ المقاربات والفاعلون والرهانات‬:‫ السياسات العمومية‬: ‫ – عدد خاص‬2023 ‫ ماي‬- ‫ مايو‬: ‫العدد التاسع عشر‬

process, policies must be understood in a way that includes preparation, implementation


and evaluation, and here despite the apparent neutrality of words, which gives a stable
picture of this process, public policies are not a series away from the stakes of power,
interests, values and conflicts, public policies are also in expression The famous systemic
theorist David Easton: The study of the authoritarian distribution of values, an institutional
exercise that aims to predict the future, through a set of choices that reflect the behaviors,
convictions, compulsions and values of multiple actors, whether formal or informal.

Key words : Actors, Public policies

81
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫ان مرحلة صنع السياسات العمومية‪ ،‬من أحرج املراحل وأدقها‪ ،‬فإنها تمثل بالنسبة للفعل العمومي لحظة‬

‫املخاض والوالدة‪ ،‬حيث يمكن أن يتأثر مسلسل الرسم والصنع والوضع بأي عامل من العوامل الداخلية أو‬

‫الخارجية والذي قد يكون له دور في تحوير اتجاه القرار العمومي وتغيير معامله‪.‬‬

‫ان االنطالقة الحقيقية لتحليل السياسات العامة سيتم في الواليات املتحدة األمريكية في مطلع القرن املاض ي مع‬

‫تزايد أدوار الدولة وتعرضها النتقادات كثيرة‪ ،‬وبالتالي ظهر التحليل واملعرفة كوسيلتين أساسيتين لتطوير أداء‬

‫الدولة من خالل تطوير اإلدارة‪ ،‬وسيؤدي هذا التوجه إلى ظهور اإلدارة العمومية كفرع معرفي ‪.1‬وستتوفر‬

‫الشروط املوضوعية لتطور السياسات العامة خالل فترة حكم" كندي"واملتمثلة في تواجد عدد كبير من الخبراء‬

‫في اإلدارة الفيدرالية واملهتمين بإيجاد حلول ملختلف املشاكل االجتماعية )الصحة‪ ،‬السكن ‪... (.‬وسيستمر هذا‬

‫التوجه الذي تظهر الدولة من خالله كجهاز عقالني يضطلع بمهام الضبط داخل املجتمع‪.‬‬

‫منذ التسعينات من القرن املاض ي‪ ،‬عرفت دول العالم تحوالت أساسها توزيع جديد لالختصاصات وللسلط بين‬

‫املستوى املركزي والترابي‪ ،‬فعلى عكس مرحلة بناء الدولة الحديثة التي وجدت ترجمتها في احتكار السلطات على‬

‫مستوى املركز‪ ،‬ففي هذا الوقت وفي مختلف مناطق العالم‪ ،‬يظهر على أنه متجه نحو تقوية السياسات‬

‫الالمركزية والترابية‪ ،‬بحيث أضحت الجماعات الترابية فاعل أساس ي وشريك حقيقي في تدبير املجاالت الترابية‬

‫وارتباطها الوثيق باملعيش اليومي للمواطن‪ .‬ان مسار التجربة املجالية والتنظيم الترابي للمملكة‪ ،‬يبرز األدوار‬

‫واملهام التي تقوم بها الجماعات الترابية من خالل االختصاصات املخولة لها‪ ،‬كانت دائما في مسار تصاعدي وكانت‬

‫تكتس ي باستمرار أهمية أكثر فأكثر‪ ،‬الش يء الذي يدفعنا إلى القول بأنه رغم الصعوبات والتحديات التي يواجهها‬

‫التدبير الترابي‪ ،‬فإنه مع ذلك قد أبان على أنه ال يمكن االستغناء عنه وبأنه املدخل الحقيقي للفعالية ولألداء‬

‫الجيد للمهام وللوظائف التي كانت تقوم بها الدولة بشكل مباشر‪ .‬ويمكن تحديد عدد من الفاعلين في بلورة‬

‫‪ 1‬لقد ظهرت اإلدارة العمومية كفرع معرفي بإيعاز من الرئيس االمريكي" ويلسن)‪" (wilson‬‬

‫‪82‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫السياسات العامة‪ ،‬والذين تختلف مواردهم وأساليبهم وقدرتهم على التأثير في مسلسل اتخاذ القرار كما تختلف‬

‫طبيعة العالقات التي تقوم بينهم وكذا املوارد املادية والرمزية والسياسية واالقتصادية التي يتوفرون عليها‪.‬‬

‫املفاهيم الرئيسية‪:‬‬

‫الفاعلون‪:‬‬

‫يدل تعبير الفاعل هو من يقوم بالفعل سواء كان فردا أو جماعة‪ ،‬ويشير في مسلسل اتخاذ القرار إلى‬

‫املشاركة في القرار ويحيل مفهوم الفاعل في تحليل السياسات العمومية إلى بعدين أساسيين يتجلى األول في‬
‫ي ويتمثل الثاني في مساهمة هذه املشاركة في النتائج‪1‬‬ ‫مشاركة الفاعل في املسلسل السياس‬

‫وإذا كان التحليل التقليدي للسياسات العامة يعتبر عدد الفاعلين محدودا‪ ،‬ألنه يعكس نظرة دولتية‬

‫ملسلسل وضع السياسة‪ ،‬يقتصر على املنتخبين واإلدارة؛ إال أن هذا املسلسل يتضمن عددا متزايدا من‬

‫الفاعلين نظرا للتحوالت التي عرفتها الحكومات واألنظمة السياسية‪ ،‬والتي عرفت بروز فاعلين جدد‬
‫أقوياء على املستوى الوطني والدولي‪2‬‬

‫السياسات العمومية‪:‬‬

‫تشير السياسات العمومية إلى حصيلة ما ينتجه النظام داخل مؤسسة الدولة‪ ،‬إنها إحدى مخارج هذا النظام‪،‬‬

‫لذلك فهي في العمق تستبطن جوابا ممأسسا عن مشكلة عامة‪.3‬‬

‫‪Grossman Emiliano, in dictionnaire de politiques publiques, opcit, p.251‬‬


‫‪Grossman Emiliano, Ibidem, p.27-282‬‬
‫‪ 3‬أنظر‪:‬دليل تحليل السياسات العامة‪ ،‬دليل منجز في إطار مشروع دعم أعمال البرملان املغربي ‪،‬بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية الدولية وكتاب الثنائي‬
‫لألستاذين حسن طارق وعثمان كاير في تقييم السياسات العمومية ص‪12/‬و‪13‬و‪14‬‬
‫دليل منجزفي إطارمشروع دعم أعمال البرملان املغربي ‪،‬بدعم من الوكالة المريكية للتنمية الدولية والكتاب الثنائي لألستاذين حسن طارق وعثمان كايرفي‬
‫تقييم السياسات العمومية ص‪12/‬و‪13‬و‪14‬‬

‫‪83‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫تشير السياسات العمومية إلى حصيلة ما ينتجه النظام داخل مؤسسة الدولة‪ ،‬إنها إحدى مخارج هذا‬
‫ً‬
‫النظام‪ ،‬لذلك فهي في العمق تستبطن جوابا ممأسسا عم مشكلة عامة‪.1‬‬

‫ال تتعلق السياسة العمومية بالدولة في حد ذاتها‪ ،‬بل بما تفعله وتنتجه وتقوم به عبر مؤسساتها الدستورية في‬

‫امل جاالت التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬لذلك عادة ما يقال إن السياسات العمومية هي محاولة النظر إلى‬

‫الدولة في حالة فعل )‪ .(l’état en action‬بهذا املعنى فان السياسات العمومية هي‪:2‬‬

‫حصيلة عمل الدولة‪ ،‬أي العمل املؤسساتي الذي يتم في إطار قانوني ومؤسساتي‪ .‬إنها حصيلة عمل مجموعة من‬

‫الفاعلين‪ ،‬التي ترتبط بمجموعة من املحددات مثل طبيعة دور الدولة‪ ،‬الثقافة السياسية السائدة‪ ،‬توزيع األدوار‬

‫بين املؤسسات والهيئات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫سلسلة طويلة من النشاطات املترابطة إنها أكبر من مجرد قرار واحد‪ ،‬فعملية صنع للقرار‪ ،‬السياسات يجب أن‬

‫تفهم بصورة تشمل اإلعداد والتنفيذ والتقييم وهنا بالرغم من الحياد الظاهر للكلمات والذي يعطي صورة ثابتة‬

‫لهذه العملية‪ ،‬فإن السياسات العمومية ليست مسلسال بعيدا عن رهانات السلطة واملصالح والقيم‬

‫والصراعات‪.‬‬

‫تمرين مؤسس ي يروم التنبؤ باملستقبل‪ ،‬عن طريق مجموعة من االختيارات‪ ،‬التي تعكس سلوكيات وقناعات‬

‫وإكراهات وقيم الفاعلين املتعددين الرسميين منهم أو غير الرسميين‪ .‬إن السياسات العمومية هي كذلك بالتعبير‬

‫الشهير ملنظر املدرسة النسقية ديفيد إيستون‪ :‬دراسة التوزيع السلطوي للقيم‪.‬‬

‫مجموعة من اإلجراءات والقرارات ذات املنشأ اإلداري والصادرة عن السلطات العامة‪ ،‬واملحددة ضمن إطار‬

‫منسجم يسمح بإعطاء كل إجراء أو قرار مضمونا وبعدا‪ ،‬وهو ما يجعل لها فاعلوها ومرجعياتها وآثارها املفترضة‬

‫وجمهورها الخاص‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر ‪:‬دليل تحليل السياسات العامة ‪،‬دليل منجز في إطار مشروع دعم أعمال البرملان املغربي ‪،‬بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية الدولية وكتاب الثنائي‬
‫لألستاذين حسن طارق وعثمان كاير في تقييم السياسات العمومية ص‪12/‬و‪13‬و‪14‬‬
‫‪Bruno Jobert et Pier Muler: L’Etat en action,press Universitaire de France,1987,16.- 2‬‬

‫‪84‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫وبهذا تكون أثار السياسة العامة مؤشرا هاما في تقييم وتقويم وتحليل السياسة العامة‪ ،‬من أجل التأكيد من‬

‫كون هذه السياسة قد خدمت أغراضها التي شرعت من أجلها‪ .‬كما يمكن أن تنقسم السياسة العامة إلى عدة‬
‫(مستويات)‪.1‬‬

‫سلسلة طويلة من النشاطات املترابطة إنها أكبر من مجرد قرار واحد‪ ،‬فعملية صنع القرار يجب أن تفهم بصورة‬
‫تشمل اإلعداد والتنفيذ والتقييم والت غذية العكسية‪ ،‬وهنا بالرغم من الحياد الظاهر للكلمات والذي يعطي‬
‫صورة ثابتة لهذه العملية‪ ،‬فإن السياسات العمومية ليست مسلسال بعيدا عن رهانات السلطة واملصالح والقيم‬
‫والصراعات‪.‬‬

‫➢ أهمية املوضوع‪:‬‬

‫استأثرت مواضيع السياسات العمومية باهتمام خاص من طرف الباحثين و مختلف األكاديميين‪ ،‬باعتبارها‬

‫مواضيع الساعة ومواضيع مطروحة حاليا أمام النقاش العمومي‪ ،‬األهمية األكاديمية فتتجلى في انفتاح الجامعة‬

‫على محيطها االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬بتسخير وجعل البحث العلمي في خدمة القضايا املجتمعية املرتبطة أساسا‬

‫بالسياسات العمومية كموضوع للدراسة‪ ،‬وهي ملتقى ونقطة تقاطع ألصناف متشعبة من العلوم املتخصصة‬

‫‪ 1‬مس ـ ــتويات السياس ـ ــة العام ـ ــة‪ :‬يض ـ ــع ج ـ ــيمس إندرس ـ ــون و آخ ـ ــرون مث ـ ــل فهم ـ ــي خليف ـ ــة الفه ـ ــداوي و قابريي ـ ــل أملون ـ ــد السياس ـ ــة العام ـ ــة ف ـ ــي ع ـ ــدة مس ـ ــتويات‬
‫ن ـ ــذكر منه ـ ــا‪/1‬السياسـ ـ ــات العام ـ ــة اإلسـ ـ ــتخراج)‪(Extractive‬فالنظ ـ ــام السياس ـ ـ ي لكـ ـ ــي يق ـ ــوم بوظائفـ ـ ــه املعروف ـ ــة يلزم ـ ــه مـ ـ ــوارد تختل ـ ــف حسـ ـ ــب املجتمع ـ ــات ‪ ،‬فـ ـ ــال‬
‫بـ ـ ــد مـ ـ ــن إيجـ ـ ــاد مـ ـ ــوارد للنظـ ـ ــام خاصـ ـ ــة املاليـ ـ ــة منهـ ـ ــا وفـ ـ ــي هـ ـ ــذا الصـ ـ ــدد يلـ ـ ــزم الحكومـ ـ ــة وضـ ـ ــع سياسـ ـ ــة عامـ ـ ــة توصـ ـ ــف باإلسـ ـ ــتراتجية وتعبـ ـ ــر عـ ـ ــن تعبئـ ـ ــة املـ ـ ــوارد‬
‫املادية والبشرية مثل ( رصد املال ‪ ،‬السلع ‪ ،‬األشخاص ‪ ،‬الخدمات ‪.)..‬‬
‫‪/2‬السياسات العامة التوزيعية(‪ :)duistributive‬تتناول توزيع الخدمات واملنافع والقيم لفئات وشرائح املجتمع واألفراد والتعاونيات والجماعات‪.‬‬
‫‪/3‬السياسـ ـ ـ ــات العامـ ـ ـ ــة إلعـ ـ ـ ــادة التوزيـ ـ ـ ــع‪ : Redistributive‬كإعـ ـ ـ ــادة النظـ ـ ـ ــر فـ ـ ـ ــي دخـ ـ ـ ــل فئـ ـ ـ ــة معينـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ــن املجتمـ ـ ـ ــع أو قطـ ـ ـ ــاع مـ ـ ـ ــا ‪/.4‬السياسـ ـ ـ ــة العامـ ـ ـ ــة الرمزيـ ـ ـ ــة‬
‫(‪ :)Symbolic‬يكـ ـ ــون تأثيرهـ ـ ــا معنويـ ـ ــا فهـ ـ ــي تخـ ـ ــص باهتمـ ـ ــام واسـ ـ ــع لـ ـ ــدى الحكومـ ـ ــات مثـ ـ ــل مـ ـ ــا يحـ ـ ــدث مـ ـ ـن خـ ـ ــالل عـ ـ ــرض التـ ـ ــاريخ السياسـ ـ ـ ي مـ ـ ــثال مـ ـ ــن بطـ ـ ــوالت‬
‫وأمج ـ ــاد ومف ـ ــاخر لألم ـ ـة تك ـ ــون بمثاب ـ ــة ال ـ ــدافع ألبن ـ ــاء األم ـ ــة م ـ ــن أج ـ ــل ال ـ ــدفاع والرف ـ ــع م ـ ــن روحه ـ ــم الوطني ـ ــة‪ ,‬ك ـ ــذلك يخل ـ ــق االلت ـ ـزام الع ـ ــاطفي والوج ـ ــداني نح ـ ــو‬
‫الوالء للوطن‪.‬‬
‫‪/5‬السياس ـ ـ ــات العام ـ ـ ــة التنظيمية‪:‬يص ـ ـ ــفها" أندرس ـ ـ ــون ج ـ ـ ــيمس" بالض ـ ـ ــابطة الت ـ ـ ــي تف ـ ـ ــرض قي ـ ـ ــودا أو مح ـ ـ ـددات عل ـ ـ ــى س ـ ـ ـلوك األف ـ ـ ـراد والجماع ـ ـ ــات أي أنه ـ ـ ــا تح ـ ـ ــد‬
‫م ـ ـ ــن ح ري ـ ـ ــة تص ـ ـ ــرف الجه ـ ـ ــات الخاض ـ ـ ــعة للس ـ ـ ــيطرة والض ـ ـ ــبط‪ ،‬فالسياس ـ ـ ــة التوزيعي ـ ـ ــة تقي ـ ـ ــد التص ـ ـ ــرف أم ـ ـ ــا التنظيمي ـ ـ ــة فتزي ـ ـ ــد عليه ـ ـ ــا بالنس ـ ـ ــبة للمت ـ ـ ــأثرين أو‬
‫املتعاملين معها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫واملناهج الدراسية‪ ،‬وإعداد التراب‪ ،‬وكذا القانون اإلداري والقانون الدستوري والسياسات العامة واملالية املحلية‬

‫وعلم االجتماع وغيرها من العلوم التي تجد مجاال خصبا للدراسة والبحث‪.‬‬

‫وتتجلى دواعي اختيار املوضوع كذلك في التطورات الحاصلة اليوم في النظم الالمركزية في أغلب التجارب املقارنة‬

‫والرائدة‪ ،‬الى جانب األهمية املتزايدة التي تحظى بها الجماعات الترابية في الوقت الراهن‪ ،‬كآلية وورش مهم للنهوض‬

‫بقضايا التنمية‪.‬‬

‫وعليه فإن دراستنا ملوضوع دور الفاعلين في انتاج السياسات العامة يحيلنا الى القول أن تحليل‬ ‫✓‬

‫السياسات العامة يهدف ابتداء اإلجابة عن األسئلة التالية ‪:‬من يحكم و كيف؟ من طرف من و كيف تتم بلورتها‬

‫و تنفيذها؟ ما هو املكان الذي يشغله الفاعلون السياسيون)الحكام‪ ،‬املنتخبون اإلداريون في هذه البلورة ؟ من‬

‫هذا كله يمكن طرح االشكالية التالية ما هو دور الفاعلون العموميون في صنع السياسات العمومية ؟‬

‫✓ خطة البحث‪:‬‬
‫تبعا لإلشكالية املطروحة‪ ،‬عملنا على تقسيم املوضوع إلى محورين رئيسيين‪:‬‬

‫سنتناول بالتحليل الفاعلون و املتدخلون الرسميون وغيرالرسميين في صنع السياسات العمومية‪:‬‬

‫اوال‪ :‬الفاعلون الرسميون في صنع السياسات العمومية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الفاعلون غيرالرسميين في صنع السياسات العمومية‪.‬‬

‫يتعدد الفاعلون في صناعة السياسات العمومية بالرغم من صعوبة تحديدهم بدقة بحكم ما يطرحونه من‬

‫إشكاالت تهم التداخالت فهل نصنف األحزاب ضمن الفاعلين الرسميين بحكم تواجدهم في بعضها (البرملان)أو‬

‫كفاعلين غير رسميين بحكم تأطيرهم للشعب)؟ لكن املجمع عليه هو وجود فاعلين عمومين وغير عموميين‬

‫يشاركون في رسم السياسات العمومية بصورة مباشرة‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫أوال‪ :‬الفاعلون الرسميون في صنع السياسات العمومية‪.‬‬

‫ينحصر الفاعلون املتدخلون الذين تخول لهم الصالحيات املشاركة في صنع السياسات العمومية‪ ،‬مثل أعضاء‬

‫السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬واإلداريين اآلخرين من العاملين في األجهزة الحكومية‪ ،‬الذين‬

‫يساهمون في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات العامة بطرائق ودرجات متفاوتة فمن هم وما دورهم؟‬

‫‪ _1‬أي دورللبرملان في صنع السياسات العمومية‪.‬‬


‫ً‬
‫تعد السلطة التشريعية من اهم املنظمات الرسمية الحكومية التي تضطلع اساسا بتشريع اللوائح واالنظمة‬

‫والقوانين‪ ،‬ووضع ال قواعد العامة التي تنظم مختلف اوجه الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫والصحية وغيرها في الدولة‪ ،‬أصبحت دالئل العمل البرملاني الجيد تقدم بشكل معياري ‪،‬مؤشر تواصل املجتمع‬

‫املدني والبرملان ‪،‬وإمكانية مساهمة هيئات وممثلي املجتمع ‪،‬في العمل البرملاني (التشريع ‪،‬املراقبة ‪،‬تقييم‬

‫السياسات العمومية )‪،‬كأحد املؤشرات الحاسمة واألساسية في تقييم أهمية الوظيفة البرملانية ‪ ،‬تضطلع بمهمة‬

‫صياغة وتفسير النصوص القانونية ومدى مطابقة األنظمة واللوائح والقوانين مع دستور الدولة النافذ‪ ،‬وإصدار‬

‫األحكام في املخالفات التي ترتكب بحق املواطنين من قبل األجهزة الحكومية ‪ ،‬زيادة على دورها األساس في تحقيق‬

‫العدالة ‪ ،‬وتطبيق القانون والفصل في املنازعات والحكم في الجرائم واملخالفات املتنوعة‪ .‬وللقضاء – مع هذا –‬

‫دور مهم في رسم السياسات العامة في بعض األنظمة الحكومية ‪ ،‬مثل املحكمة العليا في الواليات املتحدة‬

‫األمريكية‪ ،‬التي تقوم بمراجعة نصوص اللوائح القانونية عند عرضها عليها البداء املشورة قبل التصويت عليها في‬

‫الكونكرس األمريكي‪ ،‬وقد تقترح تعديلها أو إلغائها عند مخالفتها للدستور الفدرالي‪ ،‬أو القوانين النافذة‪،‬‬
‫ً‬
‫فالكونكرس يتردد كثيرا عند الخوض في قضايا يتوقع أن يعترض عليها القضاء بحجة عدم شرعيتها أو مخالفتها‬
‫ً ً‬
‫للدستور‪ ،‬ويذكر أن القضاء األمريكي لعب دورا كبيرا في صنع السياسات االقتصادية‪ ،‬كقضايا امللكية‪ ،‬والعقود‪،‬‬

‫والعالقة بين العمال ونقاباتهم من جهة‪ ،‬و أصحاب املصانع من جهة أخرى‪.1‬‬

‫‪- 1‬جيمس أندرسون‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪61‬‬

‫‪87‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫وقد حذت بعض الدول كأملانيا االتحادية‪ ،‬وكندا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬واستراليا‪ ،‬حذو الواليات املتحدة األمريكية في هذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املجال‪ .‬أما في الدول النامية‪ ،‬فان للقضاء دورا محدودا – أو ال يكاد يظهر – في رسم السياسات العامة‪.1‬‬

‫في هذا السياق مثال يتحدث دليل املمارسة الجيدة‪ ،‬املعد من طرف االتحاد البرملاني الدولي‪ ،‬على الصيغ واألشكال‬

‫التي بإمكانها أن تجعل البرملانات متاحة لعدد أكبر من املواطنين‪ ،‬أفراد وجماعات‪ ،‬عن طريق أساليب االتصال‬

‫املباشر بين املواطنات واملواطنين ونوابهم‪ ،‬ثم وسائل تمكين املواطنين من حل مشكالتهم ورفع الظلم عنهم في‬

‫حالة تعرضهم له‪ ،‬وأخيرا الفرص املهيأة ملشاركتهم في مراحل سن التشريعات وغير ذلك من اعمال لجان البرملان‪.‬‬

‫ان دول العالم تتباين في كيفية تشكيل السلطة التشريعية‪ ،‬ودورها وتأثيرها في عملية رسم السياسات العامة‪.‬‬

‫فبعضها يأخذ بنظام املجلس (البرملان) التشريعي الواحد‪ ،‬مثل لبنان وجمهورية مصر العربية وتركيا وروسيا‬

‫وغيرها‪ ،‬اذ تتكون السلطة التشريعية فيها من مجلس واحد يمثل املواطنين جميعهم واألحزاب السياسية‬

‫املوجودة في ذلك البلد‪ .‬والبعض األخر تأخذ بنظام املجلسين ككندا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬والواليات املتحدة األمريكية‪ ..‬وفي‬

‫بريطانيا‪ ،‬مجلس العموم ومجلس اللوردات‪ ،‬وهكذا في الدول األخرى‪.‬‬

‫فمجلس العموم البريطاني‪ ،‬يعد من أضعف املجالس التشريعية قدرة وفعالية في صنع السياسات العامة‪،‬‬
‫ً‬
‫بسبب سيطرة حزب األغلبية الحاكم عليه‪ ،‬وان اغلب أعضائه يشكلون السلطة التنفيذية ويبقى دوره منحصرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في مناقشة تأهيل النخبة وتوظيف أفرادها‪ ،‬على عكس الكونجرس األمريكي الذي يلعب دورا رئيسا في رسم‬

‫السياسات العامة للحكومة الفدرالية من خالل لجانه املتعددة ‪2‬وقد اختص عدد من الدراسات الحديثة‬

‫بمعرفة دور الهيئات التشريعية األوربية‪ ،‬وأهميتها في رسم السياسات العامة‪ ،‬فوجد بأنها متباينة بحسب تباين‬

‫أنظمتها السياسة‪.3‬‬

‫‪- 1‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪63‬‬


‫‪ _ 2‬جابرييل املوند‪ ،‬بنجهام بويل‪ ،‬السياسة املقارنة إطار نظري‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد بشيراملغازي‪ ،‬بنغازي‪ :‬منشورات قان يونين‪ ،1996،‬ص‪.169‬‬
‫‪ - 3‬جابرييل املوند‪ ،‬بنجهام بويل‪ ،‬السياسة املقارنة إطار نظري‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد بشيراملغازي‪ ،‬بنغازي‪ :‬منشورات قان يونين‪ ،1996،‬ص‪.170‬‬

‫‪88‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫ان الوثيقة الدستورية ‪،2011‬قد جاءت بمستجدات أساسية على مستوى العالقة بين املؤسسة التشريعية‬

‫والسياسات العمومية ‪،‬فاملواطنون واملواطنات أصبح من حقهم وفق شروط يحددها قتنون تنظيمي ‪،‬التقدم‬

‫بملتمسات في مجال التشريع ‪،‬ومن جهة أخرى فالبرملان فضال عن مهمتي التشريع واملراقبة أصبح مكلفا بمهمة‬

‫تقييم السياسات العمومية (الفصل ‪،1)70‬حيث تخصص جلسة سنوية ملناقشة السياسات العمومية وتقييمها‬

‫(الفصل ‪،)101‬وجلسة واحدة كل شهر لتقديم األجوبة على األسئلة املتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس‬

‫الحكومة (‪ 100‬الفصل )‪،‬كما أصبح البرملان بإمكانه اللجوء إلى مساعدة املجلس األعلى للحسابات في مجاالت‬

‫مراقبة املالية العامة ولتقديم األجوبة واالستشارات املرتبطة بوظائف التشريع واملراقبة والتقييم املتعلقة باملالية‬

‫العامة ‪.‬‬

‫يبدو أن الوثيقة الدستورية عملت على ترسيخ حدود االنتقال من منظومة برملانية رقابية تقليدية إلى منظومة‬

‫برملانية تقييمية وحديثة‪.‬‬

‫‪ -2‬السلطة التنفيذية ‪:‬‬

‫وتضم األفراد العاملين في البيروقراطية الحكومية املتمثلة باملؤسسات والهيئات واللجان واألجهزة اإلدارية‬
‫ً‬
‫الحكومية املتنوعة‪ ،‬التي غالبا ما تضطلع بتنفيذ السياسات العامة‪ ،‬غير أن دورها في رسم السياسات العامة ال‬

‫يمكن إخفاءه بأي حال من األحوال‪ ،‬إذ أن الشعوب تعيش عصر هيمنة السلطة التنفيذية بسبب االعتماد‬

‫بشكل كبير على القيادة التنفيذية في رسم السياسات العامة وتنفيذها‪. 2‬‬

‫وينطبق هذا الكالم على معظم السياسات الخارجية للدول األخرى‪ ،‬إذ تترك اليد الطولى لرئيس الحكومة في‬

‫رسم السياسات الخارجية لبالده‪ ،‬مثل غانا‪ ،‬تايلند‪ ،‬سوريا‪ ،‬والجزائر وغيرها‪ .‬وما قيل عن دور رئيس الجمهورية‪،‬‬

‫‪ 1‬الدستور املغربي ‪2011‬‬


‫‪ - 2‬جيمس اندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عامرالكبيس ي‪،‬ط‪،1‬الردن‪ :‬دار املسيرة‪ ،1999،‬ص‪58‬‬

‫‪89‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫يقال أيضا عن املحافظين‪ ،‬وحكام الواليات واألقاليم املحلية‪ .‬إذ يمتد دورهم إلى رسم أو صنع السياسات العامة‬

‫لوالياتهم أو محافظاتهم‪ ،‬مع تنفيذها‪.1‬‬

‫منح دستور ‪2011‬وضعا جد متقدم للحكومة قياسا مع الصالحيات التي سبق أن منحت لها طوال التجربة‬

‫الدستورية املغربية‪ ،‬حيث أصبحنا أمام حكومة سياسية ومنتخبة جراء انبثاقها عن األغلبية مما جعلها ال تكتمل‬

‫كوجود قانوني وسياس ي إال بعد تظافر لحظتين‪ :‬لحظة التعيين امللكي ثم لحظة التنصيب البرملاني‪.‬‬

‫لقد خول الدستور للحكومة حق اإلشراف على التدبير املباشر للسياسات العمومية وذلك انطالقا من‬

‫اآلليات الدستورية التالية‪:‬‬

‫التعيين في مناصب الكتاب العامين‪ ،‬ومديري اإلدارات املركزية باالدرات العمومية‪ ،‬ورؤساء الجامعات‬

‫والعمداء‪ ،‬ومديري املدارس واملؤسسات العليا‪ ،‬وفي الوظائف السامية لبعض املؤسسات واملقاوالت العمومية‪.‬‬

‫سلطة التعيين كصالحية حصرية عندما يتعلق بالوظائف املدنية في اإلدارات العمومية‪ ،‬أو سلطة‬

‫االقتراح في التعيين في الوظائف السامية التي يتم البث فيها داخل املجلس الوزاري‪.‬‬

‫سلطة تنفيذ البرنامج الحكومي وتنفيذ القوانين واإلشراف والوصاية على املؤسسات واملقاوالت‬

‫العمومية‪.‬‬

‫التداول في قضايا السياسة العامة للدولة قبل عرضها على املجلس الوزاري‪.‬‬

‫الصالحيات املمنوحة للمجلس الحكومي واملتعلقة أساسا بالسياسات العمومية والسياسات القطاعية‪.‬‬

‫إقرار البرنامج الحكومي املتضمن للخطوط الرئيسية لللعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في ميادين‬

‫السياسة االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية‪ ،‬كقاعدة للتعاقد السياس ي لحظة الحصول‬

‫على ثقة مجلس النواب عند تنصيب الحكومة‪.‬‬

‫‪- 1‬جيمس أندرسون‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪59‬‬

‫‪90‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫ممارسة السلطة التنظيمية‪.‬‬

‫كما نجد الحكومة تتدخل عن طريق السياسات العمومية من أجل تقديم األجوبة ملشاكل الناس من هذا‬

‫املنظور تعمل الحكومة وفق عمليات تدبير سياسات املشاكل‪ ،‬مما يجعل في هذه حالة أعضاء الحكومة مجرد‬

‫فاعلين كباقي الفاعلين اآلخرين‪ ،‬الش يء الذي يجعل السياسات العمومية خاضعة للتفاعل والتفاوض‪ ،‬وتبادل‬
‫الترضيات بين مختلف املتدخلين بعيدا عن املنطق االنتخابي‪1‬‬

‫ثانيا‪ :‬الفاعلون غيرالرسميون واملتدخلون في صنع السياسات العمومية‪.‬‬

‫ال تنحصر عملية رسم السياسات العمومية فقط في مشاركة الجهات والقـوى الرسمية‪ ،‬بل هناك جهات‬

‫أخرى غير حكومية (غير رسمية) تشارك في التأثير على صانعي السياسات العمومية ومنفذيها‪ ،‬ومن هذه الجهات‪،‬‬

‫على سبيل املثال‪ ،‬ال الحصر‪ :‬الجماعات املصلحية (الضاغطة) األحزاب السياسية‪ ،‬املواطنون (الرأي العام)‪،‬‬

‫وفيما يلي توضيح لكيفية تأثير هذه الجهات في صنع السياسات العامة‪.‬‬

‫‪ _1‬الفاعلون غيرالرسميون في صنع السياسات العمومية‪:‬‬

‫أ‪-‬الجماعات الضاغطة املصلحية)‪:‬‬

‫تعرف الجماعات الضاغطة بأنها مجموعة من األفراد يلتقون في أهداف وصفات أو خصائص معينة‬

‫يسعون إلحداث التأثيرات املطلوبة في السلوك الذي يتخذه صناع القرار تجاه قضاياهم ومطالبهم‪ ،‬وتوجيهه‬

‫لتحقيق مصالحهم املشتركة‪ ،‬وقد تتعددت التصنيفات ملفهوم املجموعات في األدب السياس ي‪ ،‬كما تتعدد‬

‫أسمائها من جماعات الضغط‪ ،‬أو جماعات املصلحة‪ ،‬أو القوى الضاغطة‪ ،...‬وعليه فان راسمي السياسات‬
‫ً‬
‫العامة يضطرون إلى املواءمة أو املوازنة بين مطالب هذه الجماعات‪ ،‬خصوصا إذا كانت متعارضة‪ ،‬وقد‬

‫‪_ 1‬مطيع توفيق‪ :‬تقييم السياسات العمومية في ضوء دستور ‪ ،2011‬التقييم البرملاني نموذجا أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد الخامس _اكدال_ الرباط‪2020،-2019 ،‬ص‪.82،‬‬

‫‪91‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫ً‬
‫يستخدمون املساومة للخروج بحلول توفيقية مقبولة للجميع‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬فان الجماعات األحسن تنظيما‪ ،‬و‬
‫ً‬
‫األوسع حجما‪ ،‬واألكثر موارد" واألفضل قيادة‪ ،‬تضل أكثر تأثيرا" في توجيه كثير من السياسات العامة لصالحها‬
‫ً‬
‫على حساب الجماعات األخرى األقل تنظيما‪ ،‬وسعة‪ ،‬وإمكانيات‪ ،‬ليس هذا فحسب بل إن للمكانة االجتماعية‬

‫لهذه الجماعة أو تلك‪ ،‬وتماسك أعضائها‪ ،‬ودرجة املنافسة بين هذه الجماعات‪ ،‬وموقف األجهزة الحكومية من‬

‫مطالبها‪ ،‬ونمط اتخاذ القرارات في النظام السياس ي‪ ،‬وغيرها‪ ،‬أثرها الواضح في اتخاذ القرارات لصالحها‪ .‬زيادة على‬

‫إسهام الجماعات املصلحية في بلورة املطالب وتجميعها وإيصالها وطرح البدائل للسياسات العامة املتعلقة بها‪.‬‬
‫ً‬
‫كما يقومون بتزويد املنفذين باملعلومات الواقعية عن موضوعاتهم‪ ،‬خصوصا حين تكون املوضوعات ذات طبيعة‬

‫فنية‪ ،‬وبهذه الطريقة فإنهم يسهمون في ترشيد السياسات العامة املرسومة‪.1‬‬

‫فمن غير املمكن إنكار أهمية عالقة التأثير املتبادلة بين الرأي العام ورسم أهداف السياسات العمومية في‬

‫العصر الحالي‪ ،‬مما جعل تأثير الرأي العام على صناعة القرار‪ ،‬يضمن لهذا األخير الشرعية الالزمة واالحتضان‬

‫املجتمعي الواسع من أجل تحقيق أهدافه‪ ،‬كما يوفر شروط تأمين االستقرار السياس ي واالجتماعي‪ .‬وأبرزت‬

‫مجموعة من الدراسات أن تشكيل الرأي العام حول قضايا املجتمع‪ ،‬تساهم فيه منذ القدم‪ ،‬مجموعة الضغط‬

‫ووسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬لكن في عصرنا الحالي املعولم‪ ،‬أصبح تشكيل الرأي العام يساهم فيه‪ ،‬فضائيات‬

‫دولية‪ ،‬ووسائط التواصل االجتماعي املتعددة‪ ،‬الش يء الذي جعل املجتمعات عرضة لتأثيرات خارجية بشكل‬
‫كبير‪ ،‬والتي تساهم في تشكيل قيمها‪ ،‬وتوجيهها نحو تحديد حاجياتها وأولوياتها‪2.‬‬

‫ب_ الحزاب والنقابات بين الفعل واملشاركة‪:‬‬

‫يعرف الحزب بأنه " تنظيم سياس ي له صفة العمومية والدوام‪ ،‬وله برنامج يسعى بمقتضاه للوصول إلى‬

‫السلطة‪ ،‬إن تأثير األحزاب السياسية في رسم السياسات العامة‪ ،‬يمكن أن يتم خارج نطاق البناء السلطوي‪ .‬أو‬

‫‪- 1‬جيمس أندرسون‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.63‬‬


‫‪ 2‬مطيع توفيق‪ :‬تقييم السياسات العمومية في ضوء دستور ‪ ،2011‬التقييم البرملاني نموذجا أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد الخامس _اكدال_ الرباط‪2020،-2019 ،‬ص‪.82،‬‬

‫‪92‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫داخله‪ .‬إذ أن األحزاب السياسية تقوم بمجموعة من الوظائف منها‪ :‬بلورة املطالب والقضايا العامة التي تناقش‬

‫عند رسم السياسات العامة‪ ،‬وإثارة الرأي العام حولها‪ ،‬ومحاولة إقناع املواطنين بتبني املواقف التي تتخذها هذه‬

‫األحزاب للضغط على الحكومة‪ ،‬كما تعد وسيلة من وسائل الرقابة السياسة على النشاط الحكومي‪ .‬أما الشكل‬

‫اآلخر للتأثير في صنع السياسات العامة‪ ،‬فهو عندما تستلم هذه األحزاب زمام السلطة‪ ،‬أو مقاليد الحكم‪ ،‬فإنها‬

‫تقوم وبشكل عام فان األحزاب السياسية سواء كانت خارج السلطة أم داخلها تقوم بدور املراقب بعضها على‬

‫البعض اآلخر‪ ،‬فأحزاب املعارضة تترصد حركة الحكومة وكيفية صنعها للسياسات العامة‪ ،‬وتنفيذها‪ .‬بينما تقوم‬

‫األحزاب الحاكمة بشرح سياسات ال حكومة ومواقفها‪ ،‬والدفاع عنها‪ ،‬والعمل على إقناع الرأي العام بصحتها‪،‬‬

‫وقدرتها على تحقيق املصلحة العامة بتشكيل السلطة أو تجديد بنيتها أو تغيرها‪ ،‬وتحديد مساراتها وتوجيه عملية‬
‫ً‬
‫رسم السياسات العامة طبقا للفلسفة التي تتبناها والتوجهات الفكرية التي تؤمن بها‪.‬‬

‫إن الحزب السياس ي هو إطار تنظيمي ملجموعة من األفراد متحدين في أفكارهم وأرائهم ومعتقداتهم بواسطة‬

‫العمل لبلوغ غاية ممارسة السلطة السياسية في الدولة و الحزب السياس ي وفق هدا املفهوم يعد بمثابة‬

‫مؤسسة متوفرة على خصائص أبرزها الديمومة واالستقرار و االستمرارية والشخصية املعنوية و القدرة‬

‫والفعالية على املنافسة السياسية مع غيرها من املؤسسات املتشابهة ‪ ،‬ويعد الحزب منظمة ذات هيكلة كاملة‬

‫على املستويات املحلية و الجهوية والوطنية يسعى إلى الحصول على التأييد الشعبي بغاية الوصول إلى الحكم‬

‫وهدا ما جعل الحزب يختلف عن التنظيمات األخرى كالطائفة والرابطة والزوايا والنقابة وجماعات الضغط‪،‬‬

‫ومن ثم غدت األحزاب و االنتخابات من اإلطارات التي يصعب الفصل فيما بينها خصوصا فيما يتعلق بترسيخ‬

‫وتوسيع فكرة الديمقراطية‪.‬‬

‫شكلت السياسات العمومية جزءا من اهتمامات الحوار العمومي الواسع الذي شهده املغرب بعد الخطاب‬

‫امللكي للتاسع من مارس ‪ ،2011‬ودالك من خالل انشغال عدد مهم من األحزاب السياسية‪ ،‬والنقابات‬

‫والجمعيات املدنية بتضمين املذكرات إلى اللجنة االستشارية ملراجعة الدستور ملقتضيات تهم عالقة السياسات‬

‫‪93‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫العمومية بالوظيفة التنفيذية أو بالوظيفة التشريعية ونجد مذكرات األحزاب السياسية قد اختلفت لكن اغلبها‬

‫ركز على التقائية السياسات العمومية‪:‬‬

‫لقد جاء في مذكرة كل من حزبي التقدم واالشتراكية والصالة واملعاصرة‪:‬‬


‫ان مجلس الحكومة يجب ان يكون من صالحياته (تنفيذ وتتبع السياسات العمومية)‪.‬‬

‫مذكرة االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‪:‬‬

‫تضمنت املذكرة على أن وظيفة البرملان تتجسد في التشريع ومراقبة األداء العمومي للحكومة والصناديق‬
‫والوكاالت واملؤسسات العمومية‪ ،‬وكل املرافق التي تدير املال العام‪ ،‬كما يقوم بتقييم السياسات العمومية‪.‬‬

‫مذكرة الصالة واملعاصرة‪:‬‬

‫اكدت على ضرورة ربط املجلس األعلى للحسابات بالبرملان في تقييم السياسات العمومية اعتبارا أن هذه العملية‬
‫ال يمكن أن تتم إال باالستناد على تقارير هذا األخير‪.‬‬

‫‪_2‬املتدخلون غيرالرسميين في صنع السياسات العمومية‪:‬‬

‫أ‪-‬الرأي العام املواطنون)‪:‬‬

‫ففي القرون الوسطى كانت الدول التقليدية على الرغم من أنظمتها املستبدة تحرص على سماع أصوات‬

‫املواطنين وتلبية بعض مطالبهم لتقليل النقمة بين صفوفهم‪ ،‬والتخفيف من عدم االرتياح عندهم كما ان النظام‬

‫في االتحاد السوفيتي (السابق) لم يهمل جميع املطالب الفردية للمواطنين‪ ،‬بل كان يحرص على االستجابة لبعض‬

‫القضايا واملطالب لهذه املجموعة من املواطنين او تلك‪ ،‬فحرصه على االستجابة ملطالب املستهلكين وترجمتها في‬

‫سياسات االنتاج في السنوات االخيرة التي سبقت انهياره‪ ،‬ما هو اال دليل على استجابة االنظمة مهما كان شكلها‬

‫للراي العام ولو بدرجات وكيفيات متفاوتة‪. 1‬‬

‫‪- 1‬جيمس أندرسون‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪268‬‬

‫‪94‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫وعلى مستوى االفراد فان لألنشطة العلمية والفكرية لبعض املفكرين وعلماء االجتماع واالقتصاد والسياسة‪،‬‬

‫وغيرهم االثر البالغ في توجهات وقرارات راسمي السياسات العامة عند قيامهم بصياغتها واتخاذ القرارات‬

‫املتنوعة بشانها ومن ابرز االمثلة على ذلك مافعله (مارتن لوثلر كنك) عام ‪ 1960‬في مجال الحقوق املدنية‬

‫للسود في الواليات املتحدة االمريكية‪.1‬‬

‫ب‪-‬اإلعالم‪:‬‬

‫وأبرزت مجموعة من الدراسات‪ ،‬أن تشكيل الرأي العام حول قضايا املجتمع‪ ،‬تساهم فيه منذ القدم‪،‬‬

‫مجموعة الضغط ووسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬لكن في عصرنا الحالي املعولم‪ ،‬أصبح تشكيل الرأي العام يساهم‬

‫فيه‪ ،‬فضائيات دولية‪ ،‬ووسائط التواصل االجتماعي املتعددة‪ ،‬الش يء الذي جعل املجتمعات عرضة لتأثيرات‬

‫خارجية بشكل كبير‪ ،‬والتي تساهم في تشكيل قيمها‪ ،‬وتوجيهها نحو وأبرزت مجموعة من الدراسات أن تشكيل‬

‫الرأي العام حول قضايا املجتمع‪ ،‬تساهم فيه منذ تحديد حاجياتها وأولوياتها‪ .‬وإذا كان في السابق‪ ،‬يتم التعبير‬

‫عن توجهات الرأي العام من خالل آليات الوساطة التقليدية‪ ،‬أو من خالل االحتجاج في مواجهة قرارات‬

‫الحكومات‪ ،‬أو من خالل مطالبتها بالتدخل لحل مشاكل عمومية معينة‪ ،‬فإنه في العصر الحالي أصبح الرأي العام‬

‫يمتلك وسائل جديدة للتعبير عن نفسه‪ ،‬تتجاوز الوسائل التقليدية‪ ،‬وتتسع رقعة التعبير عبرها‪ ،‬حيث تسمح‬

‫لجميع أفراد املجتمع بالتعبير عن رأيهم‪ ،‬بخالف الوسائل التقليدية التي كانت محتكرة من طرف فئة محددة‪.2‬‬

‫يعد اإلعالم بجميع أنواعه اإلعالم الرسمي واإلعالم البديل (مواقع التواصل االجتماعي) من اآلليات التي‬

‫تساه م بشكل فاعل في صنع السياسات العمومية‪ ،‬و ذلك عبر نقلها إلى الرأي العام‪ ،‬كما أنها من شأنها املساهمة‬

‫في غض الحكومة الطرف عن العديد من امل طالب التي تستوجب الرد عليها في صيغ سياسات عمومية‪ ،‬و ال أدل‬

‫على ذلك ما عرفته املنطقة العربية في ما سمي "الربيع العربي" خالل سنة ‪.2011‬‬

‫‪ - 1‬جيمس أندرسون‪ :‬م‪.‬س ص‪99‬‬


‫‪ 2‬مطيع توفيق‪ :‬تقييم السياسات العمومية في ضوء دستور ‪ ،2011‬التقييم البرملاني نموذجا أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد الخامس _اكدال_ الرباط‪2020،-2019 ،‬ص‪.82،‬‬

‫‪95‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫أمام هذا الحراك املجتمعي والنخبوي ‪،‬أصبح مفهوم السياسة العمومية مرتبطا أكثر بتطلعات املواطنين‬

‫واملواطنات‪ ،‬وبمدى رضاهم على ما تقدمه الدولة من سياسات وخدمات لهم‪ ،‬سواء كانت هذه السياسات‬

‫اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬صحية تعليمية‪ ،‬عمرانية ‪،.....‬إن القصور الذي يشهده مسلسل السياسات العمومية من‬

‫مرحلة التنظير واإلعداد وصوال إلى مرحلة التنفيذ والتقييم‪ ،‬كان نتاجا لغياب التشخيص الواقعي والفعال‬

‫للمشاكل التي يعاني منها املواطنون حيث أن القرار العمومي كان يتم إنتاجه على مستوى املركز ‪،‬ليعمل به في‬

‫مجموع التراب الوط ني ‪،‬في غياب تام ملفهوم التتبع والتقويم في مسار تنفيذ أي سياسة عمومية ‪،‬مما أنتج أجوبة‬

‫معوقة ومشوهة ملجموعة من املشاكل االقتصادية والتعليمية واالجتماعية‪ .‬إن الجزم أن املشكل الحقيقي الذي‬

‫تعيشه السياسات العمومية املغربية هو كامن على مستوى التشخيص العلمي والناجع للحاالت املراد الجواب‬

‫عليها هو حقيقة أثبتها الواقع‪ ،‬كما أثبت أن هذه السياسات تفتقر ملفهوم التقييم الذي يروم التقويم خالل‬

‫مرحلتي التنفيذ واملحاسبة ومقارنة ما تم تسطيره من أهداف مع ما تم الوصول إليه من نتائج ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫مجلة القانون الدستوري والعلوم اإلدارية‬
‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية واالقتصادية ‪ /‬المانيا – برلين–‬
‫العدد التاسع عشر ‪ :‬مايو ‪ -‬ماي ‪ – 2023‬عدد خاص ‪ :‬السياسات العمومية‪ :‬المقاربات والفاعلون والرهانات‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬الكتب باللغة العربية‪:‬‬

‫جابرييل املوند‪ :‬بنجهام بويل‪ :‬السياسة املقارنة إطار نظري‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد بشير املغازي‪ ،‬بنغازي‪:‬‬ ‫➢‬

‫منشورات قان يونيو‪.1996،‬‬

‫جيمس أندرسون‪ :‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة الدكتور عامر الكبيس ي‪ ،‬دار املسيرة للنشر‬ ‫➢‬

‫والتوزيع والطباعة ‪.1998‬‬

‫جيمس اندرسون‪ :‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عامرالكبيس ي‪ ،‬ط‪ ،1‬الردن‪ :‬داراملسيرة‪.1999،‬‬ ‫➢‬

‫➢ ذ‪ .‬حسن طارق وآخرون‪ :‬مبادئ ومقاربات في تقييم السياسات العمومية؛ الوسيط من أجل‬

‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان؛ أبريل ‪.2014‬‬

‫➢ تقييم السياسات العمومية في ضوء دستور ‪ ،2011‬التقييم البرملاني نموذجا أطروحة دكتوراه في القانون‬
‫العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد الخامس‬
‫_اكدال_ الرباط‪.2020-2019 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬الكتب باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫• ‪.Bruno Jobert et Pier Muler : L’Etat en action, press Universitaire de France,1987‬‬


‫• ‪Grossman.E, Saurugger.S, les groupes d’intérêts action collective et stratégies de‬‬

‫‪.représentation, Armand colin, Paris, 2006‬‬

‫‪97‬‬

You might also like