You are on page 1of 63

‫جامعة اجلزائر‪3‬‬

‫كلية العلوم السياسية و العالقات الدولية‬

‫قسم التنظيم السياسي و االداري‬

‫رسم السياسة العامة و صنع القرار‬


‫مطبوعة مقدمة لطلبة السنة الثانية جذع مشرتك‬

‫من إعداد‪ :‬د‪.‬إعباسن زهية‬

‫السنة اجلامعية‪2020-2021‬‬
‫مقدمة‬

‫ارتبط علم السياسة بنشأة و تكوين الدولة‪ ،‬كما ارتبطت السياسات العامة ابلتخطيط للوظائف اليت‬
‫تقوم هبا الدولة‪ ،‬غري أن ذلك و مدى رشادة السياسة العامة يتوقف على اسرتاتيجية الدولة يف اجتاه‬
‫حتقيق املطالب املتزايدة يف اجملتمع يف خمتلف اجملاالت‪.‬‬

‫إن مفهوم السياسة العامة مفهوم حديث‪ ،‬ظهر بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬لكنه حضي ابهتمام واسع‬
‫عند املفكرين نظرا الرتباطه بعملية اختاذ القرارات العمومية‪ ،‬و قد عرف عدة تطورات يف املفهوم و‬
‫املمارسة تبعا لتأثري األنظمة السياسية و االقتصادية و االجتماعية‪.‬‬

‫من انحية أخرى‪ ،‬يعترب موضوع صنع القرار من أهم املواضيع ‪ ،‬وأكثرها أتثريا على حياة األفراد‬
‫واملؤسسات و الدول‪ ،‬و االهتمام بدارسته و دراسة مدى فعاليته ‪ ،‬و معرفة العوامل الداخلية و‬
‫اخلارجية اليت تؤثر على عملية اختاذ القرار ‪ ،‬حمور الدراسات منذ القدم‪ ،‬حيث استخدمت أساليب‬
‫تقليدية فيه‪ ،‬و مع ظهور املدارس الفكرية يف علم اإلدارة عرف هذا املفهوم تطورات خمتلفة حسب‬
‫اختالف النظرايت الفكرية‪ ،‬و اهلدف الذي كانت تبحث عنه هذه املدارس هو كيفية حتقيق رشادة و‬
‫عقالنية القرار‪.‬‬

‫تكتسي عملية تدريس رسم السياسة العامة و صنع القرار على أهداف علمية و مهنية و سياسية‪.‬‬

‫أ ‪.‬األهداف العلمية ‪:‬وذلك لكي يتم احلصول على معلومات أكثر عن مصادر السياسات العامة‬
‫وعمليات صياغتها وتطويرها وآاثرها على اجملتمع‪ ،‬مما يؤدي إىل زايدة فهم النظام السياسي واجملتمع‪،‬‬
‫وهذا ابالعتماد على األساليب العلمية‪.‬‬

‫ب ‪.‬األهداف املهنية‪ :‬مبعىن تطبيق املعرفة العلمية حلل املشاكل اإلجتماعية حمل النقاش واجلدل فكلما‬
‫زادت املعرفة لدى األفراد واملنظمات ابلعوامل اليت أدت إىل صنع السياسات العامة وابلنتائج املرتتبة‬
‫عليها‪ ،‬زادت القدرة على معرفة ما جيب فعله لتحقيق أهداف السياسة العامة‪.‬‬
‫ج ‪.‬األهداف السياسية ‪:‬يتم االهتمام هنا أبهداف السياسة العامة وكيف تقوم احلكومة ابختيار‬
‫السياسات املناسبة لتحقيق األهداف املنشودة‪ ،‬وهنا يتم التأكيد على دور حملل السياسة العامة‪،‬‬
‫وضرورة حبثه عن املشاكل اإلجتماعية والسياسية املعاصرة‪ ،‬و حماولة حتليلها وإجياد السياسة املناسبة‬
‫حللها‪.‬‬

‫كما أن اهلدف من هذه املطبوعة هو اإلجابة على اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫كيف ترسم السياسات العمومية و تتخذ القرارات العمومية‪ ،‬يف ظل تعدد الفواعل املتدخلة فيها؟‬

‫و هذا ما يؤدي إىل طرح األسئلة التالية‪:‬‬

‫ماذا نعين ابلقرار و ماذا نعين ابلسياسة العامة؟ و ما العالقة املوجودة بني املفهومني؟‬

‫من يتخذ القرار و من يصنع السياسة العامة؟ مبعىن آخر من هم الفواعل الرمسية و غري الرمسية يف رسم‬
‫السياسة العامة و صنع القرار؟‬

‫ملاذا ترسم السياسات العمومية من طرف الدولة و ما اهلدف أو األهداف اليت تصبو إليها؟‬

‫كيف ترسم السياسات العمومية و كيف تتخذ القرارات العمومية؟‬

‫و لإلجابة على هذه األسئلة‪ ،‬مت تقسيم املوضوع إىل ثالث فصول‪ ،‬الفصل األول يدور حول اإلطار‬
‫النظري و املفاهيمي لرسم السياسة العامة و صنع القرار حيث مت التطرق إىل حتديد مفهومهما و‬
‫خصائصهما و أنواعهما‪.‬‬

‫أما الفصل الثاين فهو يدور حول الفواعل الرمسية و غري الرمسية يف رسم السياسة العامة و صنع القرار‬
‫‪ ،‬و إظهار دورها يف عملية صنع و تنفيذ و تقييم السياسة العامة ‪.‬‬

‫و الفصل الثالث مت التطرق فيه إىل مراحل رسم السياسة العامة و صنع القرار ابتداءا من وجود‬
‫مشكلة وصوال إىل تقومي القرار و إدخال التعديالت الالزمة‪ ،‬بعد ذلك مت التطرق إىل مداخل دراسة‬
‫السياسة العامة و صنع القرار اليت تعددت و اختلفت بتعدد و اختالف املدارس الفكرية‪.‬‬
‫الفصل األو‬
‫اإلطار النظري و املفاهيمي لرسم السياسة‬
‫العامة و صنع القرار‬
‫الفصل األو ‪:‬اإلطار النظري و املفاهيمي لرسم السياسة العامة و صنع القرار‬

‫لقد عرف كال من مفهوم السياسة العامة و القرار عدة تطورات يف املفهوم و املمارسة‪ ،‬و هذا ما‬
‫سنوضحه من خالل هذا الفصل‪.‬‬

‫املبحث األو ‪:‬ماهية السياسة العامة‬

‫‪-1‬مفهوم السياسة العامة‬

‫إن حتول الدولة من دولة الرعاية إىل دولة متدخلة أدى إىل تضاعف وترية التدخل يف جممل مناحي‬
‫احلياة اليت ختص املواطن ‪ ،‬مما ترتب على ذلك مشكالت ومصاعب‪ ،‬استدعت تشخيص‬
‫األسباب و وضع احللول املناسبة هلذه املشكالت على أسس علمية وموضوعية‪ ،‬و مع هذا بدأت‬
‫تربز السياسة العامة كحقل علمي يتطلب العناية و الدراسة فتعددت التعاريف و تباينت حسب‬
‫املدارس البحثية واخللفية الفكرية لكل ابحث‪ ،‬و من أمهها‪:‬‬

‫تعريف جيمس اندرسون على أهنا" برانمج عمل للحكومة يف نطاق بيئة حمددة لتوضيح الغرض‬
‫املستهدف واحملددات املراد جتاوزها سعيا للوصول إىل األهداف‪ ،‬أو لتحقيق غرض مقصود‪...‬أو هى‬
‫برانمج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو مجاعي يف التصدي ملشكلة أو قضية ما‪."1‬‬

‫يركز تعريف جيمس أندرسون على ثالث عناصر هي املؤسسة احلكومية و اهلدف الذي ينبغي‬
‫حتديده منذ البداية حلل املشكلة املستهدفة‪ ،‬و الربانمج أي أن السياسة العامة عبارة عن خطة عمل‪.‬‬

‫كما عرفها توماس داي أبهنا "العالقة بني الوحدة احلكومية وبيئتها‪ ،‬فهي تعبري عن كل شيء تقوم‬
‫به احلكومة‪ ،‬أوهي تقرير أو اختيار حكومي للفعل أو عدم الفعل‪.2..".‬‬

‫‪-1‬جيمس‪ ،‬اندرسون ‪ ،‬صنع السياسة العامة‪ ،‬ترمجة‪ :‬عامر‪ ،‬الكبيسي‪ ،‬األردن ‪ :‬دار املسرية للنشر و التوزيع و الطباعة‪،‬‬
‫‪ ،9111‬ص ص‪.15-14‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Daniel Kubler, Jacques de Maillard, Analyser les politiques publiques, presse universitaire‬‬
‫‪de grenoble, France,2009,P9.‬‬
‫هذا التعريف يتناول اإلختالف بني ما تقرره احلكومة وما تفعله فعال ‪ ،‬حيث يوضح اجلانب الضمين‬
‫واخلفي يف السياسة أي مبعىن السكوت حول قضية ما ‪ ،‬أو عدم إبداء أي رد فعل حول مشكلة ما‬
‫كإضراب أو طلب الزايدة يف األجر لشرحية معينة‪ ،‬هذا الصمت و عدم الفعل يعرب عن سياسة عامة‬
‫للحكومة‪.‬‬

‫كما يرى أيضا"جابرييل أملوند" أهنا متثل"‪:‬حمصلة عملية منتظمة عن تفاعل املدخالت مع‬
‫‪3‬‬
‫املخرجات للتعبري عن أداء النظام السياسي يف قدرته اإلستخراجية والتنظيمية‪ ،‬التوزيعية‪ ،‬الرمزية"‬

‫تعترب السياسات العامة مبثابة خمرجات او استجاابت النظام السياسي للمدخالت الصادرة إليه من‬
‫البيئة‪.‬‬

‫كما يعرفها كل من حممد حممود ربيع‪ ،‬عبد هللا الغنيم ‪"::‬برانمج معد للقيم املستهدفة واملمارسات‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وهي وضع وصياغة وتطبيق التحدايت واملطالب والتوقعات"‬

‫أما علي الشرقاوي يرى أهنا"تطلق على تلك القرارات اجلوهرية اليت تتم يف منظمة معينة وتتصف‬
‫أبكرب قدر من التشعب وتعطي أطول مدى زمين وتتطلب أكرب قدر من املعلومات والتفكري‬
‫‪5‬‬
‫اإلبداعي و التأملي"‬

‫يركز هذا التعريف على عنصرين مهمني مها‪ :‬القرارات اجلوهرية مبعىن القرارات اإلسرتاتيجية و اإلدارية‬
‫أما العنصر الثاين فهو املعلومات مبعىن ضرورة توفر املعلومة الصحيحة يف الوقت املناسب‪.‬‬

‫حسن ابشر الطيب يرى أبنه‪" :‬مع تعاظم تدخل الدولة العصرية‪ ،‬املتمثل يف أدوارها املتعددة اهلادفة‬
‫لتخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه كافة جوانب احلياة يف اجملتمع يتجسد يف السياسات العامة‬
‫املتعددة واملتنوعة اليت تبلور اإلرادة اجملتمعية وحتدد األطر الفكرية واملناهج العملية لتوجهات‬
‫وأساليب عمل املؤسسات احلكومية ومنها السياسات العامة املتصلة ابلدفاع واألمن والعالقات‬

‫‪-3‬جابرييل املوند ‪ ،‬بنجهام بويل‪ ، ،‬السياسة املقارنة إطار نظري ‪ ،‬ترمجة ‪:‬حممد بشري املغازي ‪ ،‬بنغازي ‪:‬منشورات ‪.‬قاز يونس‪،‬‬
‫‪،1996‬ص‪. 272‬‬
‫‪-4‬حممد حممود‪ ،‬ربيع و عبد هللا‪ ،‬الغنيم واخرون‪ ،‬موسوعة العلوم السياسية‪،‬ج‪ ،9‬الكويت‪، 1993 ،‬ص‪. 451‬‬
‫‪ -5‬علي‪ ،‬الشرقاوي‪ ،‬السياسات اإلدارية‪،‬اإلسكندرية ‪،‬املكتب العريب احلديث‪، 1988 ،‬ص‪. 23‬‬
‫اخلارجية الصحة والتعليم واإلسكان والقوى العاملة واالقتصاد القومي والرعاية االجتماعية والبيئة‬
‫‪6‬‬
‫وغريها"‬

‫حسب هذا التعريف أن الدولة العصرية هي تلك الدولة املتدخلة يف كل القطاعات (دولة الرفاه) و‬
‫هذا ما أدى إىل كثرة السياسات العامة يف كل القطاعات اإلقتصادية و اإلجتماعية و الثقافية‪.‬‬

‫أما فهمي خليفة الفهداوي فريى أهنا تعين"‪:‬املشاركة يف صنع القرارات املهمة يف اجملتمع والقرار بصفة‬
‫عامة هو اإلختيار الواعي بني البدائل بعد دراسة املوقف من أجل حتقيق هدف معني‪"7‬‬

‫كما يعرف فهمي خليفة الفهداوي السياسة العامة انطالقا من ثالث زوااي‪:8‬‬

‫‪ -‬من منظور ممارسة القوة (السلطة) مبعىن أهنا القدرة على التأثري يف صنع القرار يف اجملتمع‪ ،‬أي أن‬
‫منظور القوة يعكس إمكانية الصفو ة يف حصوهلا على القيم العامة عرب التأثري على قوة اآلخرين يف‬
‫اجملتمع ‪ ،‬وأن السياسة العامة ميكن هلا أن تكون إنعكاسات لوجهة نظر أو إرادة أصحاب النفوذ‬
‫والقوة‪ ،‬الذين يسيطرون على حماور التنظيم السياسي ونشاطات مؤسساته املختلفة وتكون القوة نتيجة‬
‫إمتالك مصدر أو مصادر القوة املعروفة مثل اإلكراه ‪ ،‬املال ‪ ،‬اخلربة ‪ ،‬املنصب ‪ ،‬الشخصية‪ ....‬اخل‬

‫‪-‬مفهوم السياسة العامة من منظور أداء النظام‪:‬‬

‫إن هذا املنظور قدم نظرة كلية واسعة وشاملة‪ ،‬حلركة البيئة وتفاعل نظمها‪ ،‬ابلشكل الذي يسهم يف‬
‫إقامة وحدة حتليلية مرتابطة ترتكز على قضااي وشؤون املصلحة العامة‪ ،‬كإستجابة للنظام السياسي‪،‬‬
‫فالسياسة العامة من هذا املنظور تتأثر بعوامل عديدة قائمة يف اجملتمع‪ ،‬فالبيئة الداخلية واخلارجية‬
‫تعمالن على تشكيل القضااي واملشكالت السياسية يف الدولة‪ ،‬وتضع حتدايت يف وجه السياسة‬
‫العامة مثل البطالة والتضخم ‪ ،‬وعليه ال تكون السياسة العامة ذات كفاءة وفعالة ما مل تراع الظروف‬
‫البيئية اليت حتيط هبا‪.‬‬

‫‪ -6‬حسن ابشر‪ ،‬الطيب‪ ،‬الدولة العصرية‪:‬دولة مؤسسات‪ ،‬القاهرة‪:‬الدار الثقافية للنشر‪ ،0222 ،‬ص‪. 3‬‬
‫‪ -7‬فهمي خليفة‪ ،‬الفهداوي‪ ،‬السياسة العامة‪:‬منظور كلي يف البنية و التحليل‪ ،‬األردن ‪ :‬دار املسرية للنشر و التوزيع و الطباعة‪،‬‬
‫‪ ، ،1009‬ص‪. 16‬‬
‫‪-8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 32‬‬
‫‪ -‬مفهوم السياسة العامة من املنظور املؤسسي (احلكومة) أي النظر إىل السياسة العامة من خالل‬
‫عملية إختاذ القرارات داخل األجهزة احلكومية يف سبيل صيانة بنيتها التنظيمية‪.‬‬

‫مما سبق ميكن القول أبن السياسة العامة هي جمموعة القرارات والربامج احلكومية اليت تشكل خمرجات‬
‫النظام السياسي يف جمال معني و اليت تشارك يف صنعها فواعل رمسية و غري رمسية‪ ،‬ويتم التعبري عنها يف‬
‫عدة صور وأشكال منها القوانني واللوائح والقرارات اإلدارية‪.‬‬

‫‪-0‬خصائص السياسة العامة‬

‫من تعريف السياسة العامة ميكن أن نستنتج السمات و اخلصائص اليت تتميز هبا وهي‪:9‬‬

‫‪ -‬إهنا حصيلة عملية مجاعية تطرح فيها االجتهادات وتُؤثر فيها االجتاهات واإليديولوجيات مثلما‬
‫ختضع للمعرفة واألطر النظرية ولألساليب العقالنية والتقنية‪.‬‬

‫‪ -‬إهنا تُناقش مث تُقر مث تصدر من جهات رمسية خمولة دستوراي أو قانونيا بذلك‪ ،‬لكن ال مينع‬
‫من حبثها ودارستها ومشاركة الكثريين يف بلورة أفكارها وبدائلها ممن هم غري رمسيني مبعىن أن‬
‫التوجهات العامة بشأن املشكالت والقضااي اجملتمعية‪ ،‬ال تصبح سياسات عامة ما مل تتبناها احلكومة‬
‫وتصدر بشأهنا قانوان أو قرارا حيدد أهدافها وينظم مسارات ونشاطات املؤسسات احلكومية املعنية‬
‫بشأن سياسة ما‪ ،‬وبذلك فهي تعرب عن توجهات احلكومة الفكرية والعملية‪.‬‬
‫‪-‬إهنا تتناول قضااي ومشكالت هتم املصلحة العامة وهلا طابع الشمولية‪ ،‬ولكن ذلك ال ينفي‬
‫تناول السياسات العامة لقضيا هتم فئة يتعاطف معها مجهور واسع من املواطنني‪ ،‬أو تكون‬
‫للسياسات العامة توجهات إسرتاتيجية ومستقبلية ال تشغل ابلعموم املواطنني‪.‬‬

‫‪ -‬إهنا تتسم ابلثبات واالستمرارية والدميومة يف نفاذها وفاعليتها‪ ،‬وان كان لبعضها سقف زمين‬
‫بوقف مفعوهلا ويكون معلوما يف قرار صدورها‪ ،‬وعندها تكون السياسة العامة مرحلية أو مؤقتة‬
‫بظرف سنة أو سنتني مث ينتهي مفعوهلا‪.‬‬

‫‪-9‬عامر خضري‪ ،‬الكبيسي‪ ،‬السياسات العامة مدخل لتطوير أداء احلكومات‪ ،‬القاهرة‪:‬املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‬
‫‪،0222‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -‬تتسم ابلواقعية والعقالنية وتكون قابلة للتنفيذ والقياس والتقومي والتحليل‪ ،‬أي أن السياسة العامة‬
‫هي مبثابة البديل أو البدائل اليت ميكن حتقيقها وفق اإلمكانيات املتوافرة وليست حلما أو طموحاعاما‪.‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة تعبري عن التوازن بني اجلماعات املصلحية‪ :‬إذا كانت السياسة العامة هي بلورة‬
‫لإلرادة اجملتمعية‪ ،‬فهي تتفاعل وتتمازج فيها توجهات ورغبات اجلماعات ذات املصلحة املباشرة يف‬
‫السياسة العامة املعينة‪ ،‬وبعبارة أخرى فان ألغلب السياسات العامة أطراف راحبة وأخرى خاسرة‪،‬‬
‫أو طرف حيظى ابلكثري واآلخر ال يصيبه منها إال القليل‪.‬‬

‫‪ -3‬تطور مفهوم السياسة العامة‬

‫شهدت السياسة العامة كحقل معريف تطورات و تغيريات منهجية و عملية ملحوظة‪ ،‬ففي خضم كل‬
‫التحوالت السياسية و االقتصادية و االجتماعية و حىت األمنية اليت عرفها العامل تغري مضمون و‬
‫مفهوم السياسة العامة اليت أصبحت أكثر تعبريا عن مصاحل و احتياجات أفراد اجملتمع‪ ،‬و أكثر‬
‫جتسيدا حملصلة التفاعل و التمازج القائم بني النشاطات املختلفة للفواعل الرمسية منها و غري الرمسية‪.‬‬

‫إن السياسة العامة كممارسة موجودة منذ القدم‪ ،‬فعندما تكون سلطة تتخذ قرارات عمومية يف‬
‫جماالت هتم اجملتمع فهي بذلك تصنع سياسة عامة‪ ،‬لكنها كمصطلح مل تظهر إال حديثا‪ ،‬و مفهومها‬
‫تطور و تغري تبعا لتغري الظروف‪ ،‬و ميكن حصر هذا التطور يف مخسة مراحل‪:‬‬

‫املرحلة األوىل‪ :‬مرحلة ما قبل احلرب العاملية األوىل‬

‫حيث كانت الدراسات التقليدية هي السائدة‪ ،‬و اليت متيزت بدراسة احلكم والسياسة يف نطاق‬
‫الفلسفة األخالقية ابلرتكيز على السياسة املوضوعة من طرف احلكومة‪ ،‬املؤسسات السياسية‪،‬‬
‫الرتتيبات اهليكلية‪ ،‬و املربرات الفلسفية للحكومة‪...‬األمر الذي جعل من الدراسات وصفية ظاهرية‬
‫بعيدة عن التحليل السيما فيما خيص السلوكيات و التصرفات املصاحبة لصنع السياسة العامة‪ ،‬هذا‬
‫الوضع بقي على حاله إىل غاية استقالل علم السياسة عن الفلسفة األخالقية و حتوله إىل فرع من‬
‫فروع العلوم االجتماعية‪ ،‬و بذلك أصبح ينظر للسياسة العامة على أهنا وجه للقانون والعالقات‬
‫املتفاعلة بني املؤسسات عن طريق جمموعة القواعد اليت حتكم بينهما من جهة ‪ ،‬و أن هذه السياسة‬
‫متثل جزءا ال يتجزأ من النشاط االجتماعي من جهة أخرى‪ ،10‬وميكن إرجاع سطحية االهتمام‬
‫ابلسياسة العامة يف هذه لفرتة إىل كون علم السياسة ما زال يف إطاره الفلسفي‪ ،‬ولكن بعدما بدأ‬
‫يتبلور علم السياسة ويغدو فرعا من فروع العلوم االجتماعية عقب استقالله عن الفلسفة األخالقية‪،‬‬
‫حضي ابلدعم العلمي واملعريف الالزم‪ ،‬واعتبار أن السياسة صارت متثل جزءا ال يتجزأ من النشاط‬
‫االجتماعي والنفسي للمجتمع وللظاهرة االجتماعية‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬األزمة االقتصادية العاملية يف ‪1929‬‬

‫و اليت أدت إىل توسيع دور احلكومة ‪ ،‬و ما صاحبه من طلب وعرض متزايد للمعلومات الضرورية‬
‫لوضع السياسة العامة و حتليلها‪ ،‬فكلما تطورت احلكومة و توسعت صالحياهتا زادت احلاجة لتحليل‬
‫السياسة العامة‪.‬‬

‫و من نتائج األزمة االقتصادية العاملية هو حتول الدولة الرأمسالية من دولة حارسة للممتلكات إىل دولة‬
‫متدخلة (دولة الرفاه االجتماعي) ‪ ،‬ابلتايل فهذه األزمة سامهت يف حتويل االهتمام يف العلوم‬
‫االجتماعية من االهتمامات التقليدية للعلوم السياسية إىل االهتمام بعمليات صنع السياسة العامة‪ ،‬و‬
‫اليت اعتربت من طرف األكادمييني السبب الرئيسي لتلك األزمات و اإلنتكاسات ملعظم الدول‪.11‬‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬بعد احلرب العاملية الثانية‬

‫إن فرتة مابني احلربني العامليتني و اليت عرفت شيوعا و انتشارا كبريا لنتائج املدرسة السلوكية ‪ ،‬مما أدى‬
‫إىل بروز التوجه السلوكي لعلم السياسة احلديث‪ ،‬حيث كان الرتكيز يف البداية منصبا على القواعد‬
‫النفسية واالجتماعية لسلوك األفراد و اجلماعات‪ ،‬دراسة حمددات التصويت‪ ،‬وظائف اجلماعات‬
‫املصلحية و األحزاب السياسية‪ ،‬و التوزيع املختلف للسلوك التصارعي بني السلطات‪...‬فيما بعد اجته‬
‫الرتكيز بشكل أكرب إىل مضمون السياسة العامة بتحليل أثر القوى السياسية و االجتماعية فضال عن‬
‫تقومي نتائج السياسة العامة على اجملتمع املتوقعة وغري املتوقعة و هكذا‪ ،‬و خاصة بعد احلرب العاملية‬

‫‪ -10‬فهمي خليفة‪ ،‬الفهدوي‪ ،‬املرجع السابق الذكر ‪،‬ص‪. 27‬‬


‫‪ -11‬أمحد مصطفى‪ ،‬احلسني‪ ،‬حتليل السياسات‪:‬مدخل جديد للتخطيط يف األنظمة احلكومية‪ ،‬ديب‪:‬مطابع البيان التجارية‪،‬‬
‫‪،1994‬ص‪.19‬‬
‫الثانية ‪،‬انصب الرتكيز بشكل أكرب على مفهوم السياسة العامة ‪،‬كيفية بلورهتا‪ ،‬أهدافها‪ ،‬أساليب‬
‫تنفيذها و تقوميها ضمن إطار حتليلي بسبب تزايد األصوات املنادية بتدخل أكرب للدولة لتفعيل‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬و تسيري املوارد االقتصادية‪ ،‬و استيعاب النمو املتزايد يف اخلدمات الواجب‬
‫توفريها واليت تتعدى حدود القطاع اخلاص و قدراته اخلدماتية‪.12‬‬

‫ابلتايل السياسة العامة مل تكتسب معناها االصطالحي علميا‪ ،‬إال يف مطلع اخلمسينات من القرن‬
‫السابق‪ ،‬على يد عامل االقتصاد السياسي "هارولد الزويل ‪ " H.D Laswell‬الذي تناول ابلدراسة‬
‫يف كتابه‪ :‬من حيصل على ماذا؟ مىت؟ وكيف؟ ‪ ، 13‬وكتابه مع "دانيال لرينر "‪" D.Lirner‬عام‬
‫‪1591‬م املعنون بـ‪" :‬علوم السياسات‪ :‬التطورات املعاصرة يف اهلدف واألسلوب"‪ ،14‬الذي تطرق فيه‬
‫إىل اإلطار التحليلي للسياسات العامة‪.‬‬

‫فقد شهدت الفرتة اليت أعقبت احلرب العاملية الثانية احنسارا لفلسفة النظام االقتصادي احلر حيث‬
‫اتسمت هذه الفرتة ابألطروحات املنادية أبمهية تدخل الدولة كمحرك رئيسي للنشاط االقتصادي‪،15‬‬
‫فقد تعاظم دور الدولة يف اجملتمع ابلقدر الذي جعلها يف بعض احلاالت السلطة املهيمنة واملنسقة‬
‫لكافة الوظائف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬األمر الذي قاد بعض املفكرين إىل القول‬
‫أن هذا العصر هو عصر تدخل الدولة‪.‬‬
‫وقد حتولت الدول الغربية من نظم حكم تسلطية إىل نظم دميقراطية‪ ،‬وأصبحت سلطة الدولة تستخدم‬
‫بشكل متزايد من أجل االستجابة لالحتياجات واملطالب الشعبية‪ ،‬قد أنتجت العملية السياسية‬
‫الدميقراطية ما يعرف بدولة الضماانت االجتماعية‪ ،‬من خالل برامج التأمني اإلجتماعي والصحة‬
‫والتعليم العام وغريها‪ ،‬وهكذا فإن العالقة البسيطة بني التحول الدميقراطي وبني اخلصائص الضمانية‬
‫للدولة يف العقود األوىل من القرن ‪02‬م‪ ،‬قد حتولت إىل إشكالية معقدة ومتشابكة‪ ،‬ولقد نتج عن‬
‫ذلك تنامي دراسات السياسة العامة يف العلوم االجتماعية ‪.16‬‬

‫‪ -12‬فهمي خليفة‪ ،‬الفهدوي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 28‬‬


‫‪13‬‬ ‫‪- Jacques Fontanel, évaluation des politiques publiques,paris,2008,p59.‬‬
‫‪ - 14‬املنويف‪ ،‬كمال ‪ ،‬السياسة العامة و أداء النظام السياسي‪ ،‬القاهرة‪:‬مكتبة النهضة املصرية‪ ، 1988،‬ص ‪.951‬‬
‫‪15‬‬
‫‪- Jacques Fontanel, Opcit,p39.‬‬
‫‪ -16‬املنويف‪ ،‬كمال‪ ،‬املرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫كما عرفت تطور أدوات البحث العلمي يف الدراسات السياسية كاالعتماد على اجلوانب الكمية‪،‬‬
‫تفعيل االستبيان واإلحصاء‪...‬إضافة إىل تطور الدراسات املتعلقة مبفهوم املال العام‪ ،‬و اتساع قضااي‬
‫السياسة العامة‪ ،‬فبعض القضااي أصبحت مواضيع للسياسة العامة بعدما كان ينظر هلا على أهنا‬
‫قضااي خاصة و واجبة االحرتام‪ ،‬أو أهنا خاضعة لإلرادة اإلهلية ال يسمح ابلتدخل يف نطاقها ومن‬
‫أمثلة دلك‪ :‬الرتبية‪،‬املرأة‪،‬الكوارث‪.‬‬

‫املرحلة الرابعة‪:‬بعد مرحلة التسعينات‬

‫وخالل مرحلة التسعينات وما بعدها من القرن العشرين‪ ،‬وانتقاال إىل متطلبات القرن احلادي والعشرين‬
‫وما أحدثه من تغريات على دور الدولة وارتفاع مستوايت التفاعل بني مؤسسات القطاعني اخلاص‬
‫والعام فضال عن تزايد دور الشركات املتعددة اجلنسيات واملنظمات الدولية واملنظمات غري احلكومية‬
‫يف صياغة أولوايت السياسات العامة وحتديد مساراهتا‪ ،‬وقد ساعد على تبلور هذا الدور التغري يف‬
‫مفهوم السيادة والتسارع املعلومايت واالتصايل‪ ،‬الذي منح للمنظمات الدولية غري احلكومية مثل‬
‫منظمات حقوق اإلنسان‪ ،‬القدرة السريعة على التدخل يف السياسات العامة الداخلية للدول ومن مث‬
‫التأثري يف مضامني هذه السياسات‪ ،‬وظهرت حبوث وكتاابت جديدة تركز على دور الفاعلني اجلدد‬
‫يف السياسات العامة كمنظمات حقوق اإلنسان واجملتمع املدين‪ ،‬وهذا كله قد أسهم يف بلورة‬
‫االجتاهات احلديثة اليت ترى أن السياسات العامة ما هي إال حمصلة للتفاعالت الرمسية وغري الرمسية‪،‬‬
‫بني عدد من املؤثرين والفاعلني على املستوى احمللي واملركزي‪ ،‬وأن السياسات العامة يف ضوء ذلك‬
‫تعرب عن إرادة الفاعلني واملؤثرين الذين هم عادة ما يكونون أعضاء يف شبكة منظمة تُدعى حاليا‬
‫‪".‬‬ ‫‪17‬‬
‫السياسة‬ ‫"شبكة‬ ‫ابسم‬
‫وبتحليل ما سبق ميكن القول أن علم السياسة العامة قد تطور من الوصف إىل التحليل مث إىل املقارنة‬
‫ليصبح اآلن حقال شامال اما مع بداايت تطور الفكر السياسي‪ ،‬ليصل يف هذا القرن مبنهجية وأسلوب‬
‫علمي للتحليل مستقل وكنقطة إلتقاء بني العديد من العلوم االجتماعية كاالقتصاد والعلوم السياسية‪،‬‬
‫واالجتماع‪ ،‬واإلدارة وغريها‪ ،‬ومع هذا التطور توالت اهتمامات متتابعة ابلسياسة العامة‪ ،‬متثلت يف‬
‫األحباث والدراسات النظرية والتجريبية يف العديد من التخصصات‪ ،‬وكان نتاجها ما نعايشه حاليا من‬

‫‪ - 17‬أبشر الطيب ‪،‬حسن‪ ،‬املرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص‪.141‬‬


‫تعدد احملاور واألطروحات العلمية والعملية اليت أثرت التوجهات والفكر ابملعارف والتجارب املتصلة‬
‫بفعاليات وقواعد صنع السياسات العامة وطرق تنفيذها وتقوميها بشكل فعال وكفء‪.18‬‬

‫أي أن السياسة العامة عرفت تطورا يف املفهوم و املمارسة و أصبح البحث عن كيفية رسم سياسات‬
‫عامة انجحة عن طريق توفري املعلومات الصحيحة و ذلك بفتح اجملال لتعدد قنوات االتصال و‬
‫استخدام التطور التكنولوجي لذلك‪ ،‬كما ابدر العديد من الكتاب و املفكرين إىل وضع العديد من‬
‫التعاريف اخلاصة ابلسياسة العامة‪.‬‬

‫‪ -4‬أنواع السياسة العامة‪:‬‬

‫تعددت تصنيفات السياسة العامة ‪ ،‬كل مفكر نظر هلا من زاوية معينة‪ ،‬و أهم هذه التصنيفات‪:19‬‬

‫أ‪ -‬حسب النشاطات اليت تقوم هبا احلكومة‬

‫‪-‬السياسات اإلقتصادية‪ :‬و هي كل األفعال احلكومية من خطط و برامج و قوانني و قرارات يف‬
‫القطاع اإلقتصادي مثل السياسة الفالحية‪ ،‬السياسة التجارية‪ ،‬و السياسة الصناعية‪.‬‬

‫‪ -‬السياسة اإلجتماعية‪ :‬و هي القرارات املختلفة املتخذة يف القطاع االجتماعي مثل السياسة‬
‫السكنية‪ ،‬سياسة التشغيل‪ ،‬السياسة الصحية‪.‬‬

‫‪ -‬السياسة الثقافية‪ :‬و هي تلك القرارات و األفعال اليت تقوم هبا احلكومة يف اجملال الثقايف مثل قطاع‬
‫السنما و املسرح‪...‬‬

‫ب‪ -‬حسب األفعا اليت تقوم هبا احلكومة‪:‬‬

‫وتتمثل يف أربع أنواع‪:‬‬

‫‪ -‬السياسة العامة اإلستخراجية ‪:‬و نعين هبا األفعال اليت تقوم هبا احلكومة الستخراج املوارد من‬
‫بيئتها الداخلية و اخلارجية‪ ،‬مثل اخلدمة العسكرية واخلدمات العامة اإللزامية األخرى‪.‬‬

‫‪ -18‬املرجع نفسه‪،‬ص‪. 145‬‬


‫‪ -19‬فهمي خليفة‪ ،‬الفهداوي‪ ،‬املرجع السابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫وتعترب الضرائب من أهم أنواع االستخراج للموارد انتشارا يف الدول املعاصرة‪ ،‬فهي تعين استخراج‬
‫النقود والسلع من أفراد اجملتمع لألغراض احلكومية‪،‬دون أن تلقى منفعة فورية أو مباشرة‪ ،‬وتنقسم‬
‫بدورها إىل ضرائب مباشرة على دخل الفرد واألصول الرأمسالية‪ ،‬والرتكات والعقارات‪ ،‬و ضرائب غري‬
‫املباشرة على السلع واخلدمات‪ ،‬كالرسوم اجلمركية‪ ،‬و رسوم املنتوجات الصناعية‪ ،‬والضرائب على‬
‫املبيعات واملشرتايت‪.‬‬

‫‪ -‬السياسة العامة التوزيعية وإعادة التوزيع‪:‬‬

‫هي ختصيص الوكاالت احلكومية مبختلف أنواعها لألموال‪ ،‬والسلع واخلدمات وتوزيعها على األفراد‬
‫واجلماعات يف اجملتمع‪ ،‬من أجل االستفادة منها‪ ،‬مثل توزيع القروض إلقامة مشاريع صغرية‪ ،‬واملنح‬
‫واالمتيازات اليت تقدم لطلبة اجلامعة‪ ،‬ابإلضافة إىل اإلعتمادات املوجهة للصحة‪ ،‬والتعليم والدفاع ‪...‬‬
‫اخل‬

‫ويقاس األداء التوزيعي للسياسات العامة‪ ،‬من خالل مقارنة كمية التوزيع للقيم‪ ،‬مع املنافع اليت‬
‫حصلت عليها القطاعات البشرية يف اجملتمع اليت حصلت على املنافع‪.‬‬

‫و كلما مشل األداء التوزيعي للحكومة ازدايدا يف القيمة التوزيعية‪ ،‬كلما دل ذلك على اتساع نطاق‬
‫املستفيدين من التوزيع‪.‬‬

‫وترتبط بسياسة التوزيع ما يعرف بسياسة إعادة الدخل لصاحل فئات الدخل احملدود و هي عبارة عن‬
‫سياسة إعادة التوزيع مثل املنح املقدمة للمعوقني‪.‬‬

‫‪-‬السياسات العامة التنظيمية‪:‬‬

‫نظرا لتعقد احلياة‪ ،‬وتزايد املشاكل يف الصحة‪ ،‬املرور‪ ،‬السكن ‪ ...‬اخل‪ ،‬وتطور سبل األعمال وتزايد‬
‫أنشطة احلكومة يف اجملتمع إزدادت احلاجة إىل مثل هذه السياسات واملتمثلة يف ممارسة النظام‬
‫السياسي لعمليات الضبط والرقابة ملختلف األنشطة والسلوكيات لإللتزام بدواعي املصلحة العامة‪،‬‬
‫وتطبيق القانون مبا يضمن عمل اجملتمع أو عدم عمله‪ ،‬وفرض العقوابت الالزمة عند حصول أي‬
‫جتاوزات‪ ،‬مثل قانون املرور‪.‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة الرمزية‪:‬‬

‫وهي السياسات اليت هتدف من وراءها النظم السياسية تعبئة اجلماهري‪ ،‬ورفع محاسهم الوطين من‬
‫خالل حديث القادة السياسيني عن اتريخ األمة وعن القيم واإليديولوجيات املتمثلة يف املساواة‬
‫والدميقراطية والوعد ابإلجنازات ومكافآت مستقبلية‪ ،‬وهتدف هذه الشعارات إىل حتسني نوااي املواطنني‬
‫يف قادهتم واإلميان برباجمهم السياسية‪ ،‬مما جيعلهم يدفعون الضرائب بطواعية وطاعة القوانني مما يقلل‬
‫من معارضة النظام‪ ،‬أي قبول شرعية احلكومة وسياساهتا‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬ماهية صنع القرار‬

‫قبل أن نعرف صنع القرار و نوضح االختالف و العالقة املوجودة بينه و بني اختاذ القرار‪ ،‬البد من‬
‫تعريف القرار‬

‫‪ -1‬مفهوم القرار‪:‬‬

‫ف القرار لغة هو ما قر عليه الرأي يف احلكم يف مسألة ‪ ،‬فيقال صار األمر اآلن قرار أي انتهى و ثبت‬
‫القرار‪ ،‬و كلمة القرار تعين القطع أي قطع عملية التفكري و هي عملية اختيار تقود إىل فعل معني‪،20‬‬
‫و على الرغم من أمهية موضوع القرار وارتباطه ابلعلوم االجتماعية ‪ -‬اإلدارة العامة‪ ،‬السياسة‪،‬‬
‫االجتماع‪ ،‬علم النفس االجتماعي‪ -‬إالّ أن اجلهود اليت بذهلا أصحاب االختصاص يف توضيح مفهوم‬
‫القرار أو تعريفه مل تؤدي إىل حتديد التعريف اجلامع املانع للقرار و من أهم هذه التعاريف‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫"هو االختيار بني عدد من البدائل املتاحة اليت تتسم بعدم اليقينية يف نتائجها"‬

‫هذا التعريف يدور حول فكرتني أساسيتني‪ ،‬أوهلما أن القرار هو اختيار أي عمل مقصود و واعي‬
‫يسبقه تفكري حول البديل (أي احلل أو القرار) الذي سيختاره‪ ،‬أما الفكرة الثانية و هي تتعلق‬
‫بظروف عدم التأكد اليت يتم فيها هذا القرار ألن املعلومات انقصة حول نتائج هذا القرار مستقبال‪.‬‬

‫‪ -20‬عاشور‪ ،‬يوسف حسني‪ ،‬حبوث العمليات – نظرية القرارات‪ ،‬فلسطني ‪:‬اجلامعة اإلسالمية قسم إدارة األعمال ‪، 1996،‬‬
‫ص‪.910‬‬
‫‪ -21‬أيوب‪ ،‬اندرة‪ ،‬نظرية القرارات اإلدارية‪ ،‬عمان ‪ :‬دار املسرية ‪ ، 1997.،‬ص‪.38‬‬
‫هو"اختيار تصرف معني بعد دراسة و تفكري"‪. 22‬‬

‫"هو حتليل وتقييم لكافة املتغريات املشرتكة واليت ختضع مبجملها للتدقيق والتمحيص حبيث يتم‬
‫إدخاهلا وإخضاعها مجيعها للقياس العلمي ومعادالت البحث العلمي والنظرية العلمية واألساليب‬
‫الكمية اإلحصائية للوصول إىل حل أو نتيجة‪ ،‬وأخريا إىل استنتاجات وتوصيات لوضع هذا احلل أو‬
‫احللول يف جمال التطبيق العملي وحيز التنفيذ‪".23‬‬

‫هذا التعريف يركز على أن القرار يتخذ على أسس علمية و أساليب رايضية و حسابية حىت نصل إىل‬
‫قرار صحيح و سليم‪.‬‬

‫"هو نشاط إنساين مركب يبدأ بشعور من الشك وعدم التأكد من جانب متخذ القرار حول ما‬
‫جيب عمله حيال مشكلة ما‪ ،‬وتنتهي ابختيار أحد احللول اليت يتوقع أن تزيل حالة الشك وعدم‬
‫التأكد‪ ،‬وبذلك تساعد يف الوصول إىل حل املشكلة املطروحة‪".24‬‬

‫هو "عملية اختاذ القرار هي استخدام املنهجية العلمية والتحليل الكمي الختيار بديل من عدة‬
‫بدائل‪ ،‬شريطة أن حيقق هذا البديل املنفعة األكثر لألفراد والتنظيمات اإلدارية‪".25‬‬

‫اختاذ القرار هي عملية اختيار البديل األفضل بني البدائل املتاحة و تتم هذه العملية بشكل واعي‬
‫‪26‬‬
‫بشرط أن حتقق العائد األكرب "‬

‫كما يرى اجلوهري أن صنع القرار هو سلسلة من االستجاابت الفردية أو اجلماعية اليت تنتهي ابختيار‬
‫البديل األنسب يف مواجهة موقف معني‪.27‬‬

‫‪ -22‬سيد‪ ،‬اهلواري‪ ،‬املوجز يف شرح عناصر عملية اإلدارة‪ ،‬مكتبة عني مشس‪ ،‬القاهرة‪ ، 1996 ،‬ص‪. 213‬‬
‫‪ -23‬ظاهر‪ ،‬الكاللدة‪ ،‬القيادة اإلدارية‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ، 1997 ،‬ص‪. 254‬‬
‫‪ -24‬حممد‪ ،‬سويلم‪ ،‬اإلدارة‪،‬دم ن‪ ،‬دار اهلاين للطباعة‪،‬دت ن ‪ ،‬ص‪. 7‬‬
‫‪ -25‬موسى ‪،‬اللوزي‪ ،‬التطوير التنظيمي أساسيات ومفاهيم حديثة‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ، 1999 ،‬ص‪. 31‬‬

‫‪ - 26‬عبد الفتاح ‪،‬حسني دايب ‪ ،‬طريقك إىل اإلدارة الفعالة‪ ،‬دار التوزيع و النشر اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪،1555 ،‬ص ‪.002‬‬
‫‪ -27‬عاشور‪ ،‬يوسف حسني‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫مما سبق ميكن القول أن القرار هو مسار فعل خيتاره املقرر ابعتباره انسب وسيلة متاحة أمامه بعد‬
‫دراسة علمية‪ ،‬الجناز اهلدف أو األهداف اليت يبتغيها حلل املشكلة اليت تواجهه‪.‬‬

‫‪ -2‬الفرق بني صنع القرار واختاذ القرار‬

‫تعددت الدراسات اليت تناولت مفهوم اختاذ القرار‪ ,‬و قبل إعطاء مفهوم هلذه العملية فمن األفضل‬
‫أن نبني الفرق بني صنع القرار واختاذ القرار‪.‬‬

‫إن عملية صنع القرار حتتوي يف مضموهنا على مجيع مراحل إعداد القرار ابتداءا من حتديد املشكلة و‬
‫معرفة أسباهبا مث مجع املعلومات من كل مصادرها و وضع البدائل املمكنة وتقييمها بغرض اختيار‬
‫البديل األفضل(القرار)‪ ،‬مث متابعته و تقييمه و إدخال التعديالت املمكنة عليه‪.‬‬

‫وهناك من يرى عملية صنع القرار من زاوية خمتلفة و مبراحل أخرى‪ ،‬فهي عملية امشل وأوسع ألهنا‬
‫تتكون من ثالث مراحل هي املرحلة الفكرية(ما قبل القرار)واملرحلة التنظيمية(اختاذ القرار)ومرحلة ما‬
‫بعد القرار‪.28‬‬

‫بينما عملية اختاذ القرار هي عملية عقالنية رشيدة تتبلور يف عمليات ثالث هي‪ :‬البحث واملفاضلة‬
‫واملقارنة بني البدائل واختيار بديل معني من بني بدائل خمتلفة ‪ ،‬و هي املرحلة احلامسة و املهمة يف‬
‫عملية صنع القرار‪ ،‬لذلك هي تتطلب قدرا كبريا من االنتباه واإلدراك والتصور واالبتكار وتؤدي إىل‬
‫حسم منطقي ملوقف يتطلب حله وتنفيذه‪.‬‬

‫إذن ميكن القول أن اختاذ القرار هي حمتواة يف عملية صنع القرار اليت هي عملية شاملة و معقدة و‬
‫حتتوي على مراحل عديدة بينما اختاذ القرار هو مرحلة مهمة و حامسة من مراحل صنع القرار‪.‬‬

‫‪ -3‬أنواع القرارات‬

‫اختلفت معايري التصنيف و تباينت وجهات نظر املختصني حول تصنيف القرارات‪ ،‬و ميكن‬
‫تلخيصها كما يلي‪:‬‬

‫‪ -28‬ظاهر‪ ،‬الكاللدة‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫أ‪-‬حسب درجة توفر املعلومات‬

‫‪ -‬القرارات يف حالة التأكد ‪:‬هي اليت تتخذ يف ظروف التأكد التام من طبيعة املتغريات والعوامل‬
‫املؤثرة يف عملية صنع القرارات‪ ،‬وابلتايل آاثر القرار ونتائجه تكون معروفة بصورة مسبقة‪.‬‬

‫‪-‬القرارات يف حالة املخاطرة ‪:‬هي اليت تتخذ يف ظروف وحاالت حمتملة الوقوع‪ ،‬وابلتايل فإن على‬
‫متخذ القرار أن يقدر الظروف واملتغريات احملتملة احلدوث يف املستقبل‪ ،‬وكذلك درجة احتمال‬
‫حدوثها‪.‬‬

‫‪-‬القرارات يف حالة عدم التأكد ‪:‬هي اليت غالبا ما تقوم هبا اإلدارة العليا عند حتديد أهداف‬
‫املشروع العامة وسياسته‪ ،‬ويصعب على اإلدارة حتديد الظروف املتوقع وجودها أو حدوثها‪ ،‬بسبب‬
‫عدم توفر معلومات كافية‪ ،‬وابلتايل صعوبة التنبؤ هبا‪.29‬‬

‫ب‪-‬حسب درجة التكرار‬

‫‪-‬القرارات املربجمة‪ :‬املقصود هبا تلك القرارات الروتينية اليت تتخذها املنظمة كلما واجهتها نفس‬
‫املشكلة أي ال داعي للمرور على كل مراحل عملية صنع القرار‪ ،‬فالبديل األفضل (القرار) متخذ‬
‫مسبقا‪.‬‬

‫‪ -‬القرارات غري املربجمة‪ :‬و هي تلك القرارات اليت تصنع كلما واجهت املنظمة مشاكل جديدة غري‬
‫روتينية‪ ،‬ابلتايل ضرورة املرور بكل مراحل عملية صنع القرار إلجياد احلل املناسب هلا‪.‬‬

‫ج‪ -‬حسب درجة الشمو ‪:‬‬

‫‪ -‬القرار السياسي‪ :‬هو ذلك الفعل اإلرادي الصادر من أجهزة السلطة السياسية ويتوج مببادئ‬
‫وقواعد عامة توجه املرؤوسني يف ترشيد سلوكهم وقراراهتم‪ ،‬فالقرار السياسي هو اإلطار األعم الذي‬
‫تتخذ فيه القرارات اإلسرتاتيجية و القرارات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -29‬مشرقي‪ ،‬حسن على‪ ،‬نظرية القرارات اإلدارية ‪،‬عمان ‪:‬دار املسرية للنشر والتوزيع‪ ، 1997 ،‬ص ‪.31‬‬
‫يرتبط القرار السياسي بسلوك النظام السياسي و هو عبارة عن مجلة من القواعد واملبادئ العامة اليت‬
‫ترشد القادة واملسئولني يف خمتلف املستوايت التنظيمية يف اإلدارة العامة الختاذ قرارات على مستوايهتم‬
‫التنظيمية ‪ ،‬وحل املشكالت اليت تواجههم‪.‬‬

‫إن القرار السياسي يوضع من قبل القيادة العليا يف التنظيم ‪ ،‬وأعلى تنظيم يف الدولة ‪ ،‬هي املؤسسات‬
‫الدستورية اليت تتوىل اختاذ قرارات سياسية حتدد مبوجبها القواعد واملبادئ املوضوعية اليت ترشد وتوجه‬
‫سلوك املرؤوسني يف اختاذ القرارات التنفيذية لعالج املشكالت اليت تعرتضهم‪.‬‬

‫يتأثر القرار السياسي ابلرتكية السياسية للنظام السياسي وابألوضاع االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫السائد يف بلد خالل فرتة زمنية معينة‪.‬‬

‫كما يتأثر ابلظروف الدولية ‪ ،‬والضغوط املوجهة للنظام السياسي من الداخل واخلارج على حد‬
‫سواء‪.30‬‬

‫‪-‬القرارات اإلسرتاتيجية‪ :‬وتتعامل فيه هذا النوع من القرارات مع األعمال ذات الصيغة غري التقليدية‬
‫املتعلقة ابملستقبل كعمل اخلطط طويلة املدى اليت تؤثر على املنظمة كلها‪ ،‬وتشمل بناء األهداف‬
‫والسياسات والتنظيمات والوصول إىل الكفاءة الشاملة للمنظمة‪ ،‬بعبارة أخرى القرارات اإلسرتاتيجية‬
‫هي تلك القرارات اليت اليت هلا عالقة ابألهداف البعيدة املدى و ذات أمهية ابلنسبة للمنظمة ‪ ،‬و هذا‬
‫النوع من القرارات يتخذ على مستوى القيادات العليا‪.31‬‬

‫‪-‬القرارات التكتيكية‪ :‬حيث تتعامل مع األنشطة املتوسطة أو القصرية املدى وختصيص املوارد‬
‫لتحقيق أهداف املنظمة‪ ،‬وعلى حني أن اختاذ القرار اإلسرتاتيجي هو نشاط ختطيطي فإن القرار‬
‫التكتيكي خليط من كل من نشاطي التخطيط والرقابة‪ ،‬وهذا النوع من اختاذ القرارات له حاالت‬
‫قليلة التعامل مع عملية اختاذ القرارات املربجمة‪.32‬‬

‫‪ -30‬موسى ‪،‬اللوزي‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫‪ -31‬حممد‪ ،‬سويلم‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -32‬سيد‪ ،‬اهلواري‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪-‬القرارات الفنية‪ :‬وتتعامل هذا النوع من القرارات مع األنشطة اليومية أو القصرية املدى‪ ،‬ويف هذا‬
‫املستوى من القرارات تكون املعايري القياسية اثبتة‪ ،‬لذلك تكون نتيجة القرار حمدودة‪ ،‬والقرار الفين هو‬
‫عملية ضمان أن األهداف احملددة قد نُفذت بكفاءة وفاعلية‪ .‬وتكون معظم القرارات الفنية من النوع‬
‫الروتيين الذي ميكن برجمته بسهولة‪ ،‬حيث توضع هلا قواعد وشروط‪ ،‬حبيث ميكن اختاذ القرار بصفة‬
‫آلية عند توافر الشروط احملددة للمعلومات مقدماً‪.‬‬

‫د‪-‬حسب املدى الزمين‬

‫‪ -‬قرارات طويلة األجل‪ :‬و هي عبارة عن قرارات مرتبطة بفرتات طويلة يف املستقبل مما يطبعها بطابع‬
‫اآلأتكد و هذا ما جيعل املعلومات املتوفرة غري كافية و صعبة احلصول ‪.‬‬

‫‪-‬القرارات القصرية األجل‪ ،‬و تتميز ابرتفاع درجة اليقني فيها و املعلومات ممكنة احلصول عليها و‬
‫ابلتايل هي قرارات هلا عالقة أبهداف قصرية املدى‪.‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫فواعل رسم السياسة العامة و صنع القرار‬
‫الفصل الثاين‪:‬فواعل رسم السياسة العامة و صنع القرار‬

‫إن رسم السياسة العامة و صنع القرار ختضع ملعايري الدميقراطية‪ ،‬و هذا ما يستوجب مشاركة عدة‬
‫فواعل منها رمسية و غري رمسية‪.‬‬

‫املبحث األو ‪ :‬الفواعل الرمسية يف رسم السياسة العامة و صنع القرار‬

‫‪ -1‬السلطة التشريعية‪:‬‬

‫وتربز العالقة بني السياسة العامة والسلطة التشريعية كون األخرية تقوم بوضع التشريعات والقوانني‬
‫واخلطط يف رسم سياسة معينه‪.‬‬

‫فالسلطة التشريعية تقوم ابلدور املركزي لتشريع القوانني وصنع السياسات يف النظام السياسي و يظهر‬
‫دورها يف السياسة العامة كمصدر رمسي من خالل أداءها للوظائف التالية‪:‬‬

‫فهي تعمل على أداء ثالث وظائف‪ :‬الوظائف التمثيلية‪ ،‬والتشريعية‪ ،‬والرقابية‪.‬‬

‫أ‪ -‬من خالل الوظيفة التمثيلية فهي متثل إرادة الشعب الذي يعترب مصدر الشرعية للسلطة يف البلدان‬
‫الدميقراطية‪ ،‬من هنا فهو مسؤول بشكل مستمر عن التمكني ملختلف القوى السياسية اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية من أن جتد تعبريا مناسبا عند وضع السياسة العامة‪ ،33‬فهو حيمل معلومات وبياانت عن‬

‫‪ -33‬برو‪ ،‬فيليب ‪،‬علم االجتماع السياسي ‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد عرب صاصيال‪ ،‬بريو ت ‪:‬املؤسسة اجلامعية ‪.‬للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪، 1998 ،‬ص‪301‬‬
‫املشاكل العامة اليت تعاين منها فئات اجملتمع‪ ،‬فقد مت إنشاء الربملاانت لتمثيل مصاحل املواطنني‪،‬‬
‫واالستماع هلم‪.‬‬

‫مبعىن آخر تتشكل السلطة التشريعية من النواب كممثلني عن املواطنني‪ ،‬و هم الذين حيملون‬
‫إنشغاالهتم وتصوراهتم وأفكارهم وكل البياانت واملعطيات حول املشاكل العامة اليت تواجههم يف شىت‬
‫اجملاالت إذن للسلطة التشريعية دور يف إظهار و ترتيب مشاكل اجملتمع يف األجندة السياسية‪.‬‬

‫ب‪ -‬من خالل الوظيفة التشريعية فبمقتضى الصالحيات املخولة له اليت متنحه سلطة سن‬
‫التشريعات‪ ،‬فهو بذلك يعد و يصنع السياسات العامة اليت تكون حمل جدل ونقاش وجتاذب مستمر‬
‫ومساومة أي إعطاء معلومات و إحصاءات وتفضيالت تساعد على توازن السياسات وجعلها أكثر‬
‫مرونة إلستيعاب كافة املصاحل‪ ،34‬أي احللول و البدائل و اخليارات اليت تقرتحها السلطة التشريعية‬
‫حبكم خربهتم و معلوماهتم كنخبة سياسية‪.‬‬

‫ج‪ -‬من خالل الوظيفة الرقابية على احلكومات لضمان قيام األخرية بتنفيذ السياسات والربامج وفقا‬
‫لرغبات ونوااي السلطة التشريعية‪.‬‬

‫فالربملان ميارس وظيفة الرقابة بطريقتني‪ :‬اإلشراف على إعداد سياسات معينة (الرقابة املسبقة)‪ ،‬أو‬
‫مراقبة تطبيق وتنفيذ سياسة معينة (الرقابة الالحقة)‪ ،‬ورغم امتالك معظم اجملالس التشريعية لسلطة‬
‫مساءلة احلكومة عن أعماهلا وسياساهتا‪ ،‬يوجد تباين كبري بينها يف األدوات واهليئات التشريعية اليت‬
‫ميكن استخدامها ألداء وظيفة املراقبة‪ ،‬ويعكس هذا التباين إىل حد كبري االختالف يف شكل احلكومة‬
‫‪35‬‬
‫وغريها من الرتتيبات الدستورية‪.‬‬

‫و تضم األجهزة الربملانية آليات هامة تساعد علي مجع املعلومات وذلك من خالل مجع احلقائق‬
‫والتشاور مع األطراف املعنية ابملشكلة وتشتمل هذه الوسائل على اللجان الربملانية‪ ،‬واألسئلة الربملانية‪،‬‬

‫‪ -34‬برو‪ ،‬فيليب ‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪،‬ص ‪.161‬‬

‫‪-35‬اجلمال راسم ‪،‬حممد‪ ،‬االتصا و اإلعالم يف الوطن العريب‪ ،‬بريوت‪:‬مركز دراسات الوحدة العربية‪0222 ،‬‬

‫‪،‬ص ‪.115‬‬
‫واالستجواابت‪ ،‬واملناقشات العاجلة‪ ،‬ومراجعة القوانني‪ ،‬والطلبات اخلاصة ابألعضاء من أجل أتجيل‬
‫املناقشات واالقرتاحات اليت تسمح للمشرعني إباثرة املسائل املتعلقة ابستخدام السلطة احلكومية‪ ،‬أو‬
‫االستخدام املقرتح هلا‪ ،‬مما يستدعي شرح اإلجراءات اليت اختذهتا احلكومة‪ ،‬أو اليت حتتاج إىل الدفاع‬
‫عن أو تربير السياسات أو القرارات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ - 2‬السلطة التنفيذية‪:‬‬

‫ال ميكن إخفاء دور السلطة التنفيذية يف صنع السياسة العامة‪ ،‬ألهنا أصبحت اليوم هي املهيمنة سواء‬
‫يف الدول املتقدمة أو النامية‪ ،‬من خالل تقدمي مشاريع القوانني للربملان‪ ،‬وهي ذات صلة وثيقة‬
‫ابلسلطتني التشريعية والقضائية‪.‬‬

‫كما تنوب عن الربملان يف تشريع القوانني‪ ،‬عن طريق األوامر واملراسيم‪ ،‬خاصة أثناء العطل الربملانية‪،‬‬
‫وتقوم بتعيني القضاة‪ ،‬ويربز دور السلطة التنفيذية يف عملية صنع السياسة العامة‪ ،‬خصوصا يف إطار‬
‫السياسة اخلارجية والعسكرية‪ ،‬حيث دورها يف غالبية األنظمة السياسية أن مل يكن مجيعها ابرز بشكل‬
‫كبري‪. 36‬‬

‫و سنتطرق يف هذه النقطة إىل إظهار دور كل من املسؤولني السياسيني التنفيذيني‪ ،‬و البريوقراطيني و‬
‫التكنوقراطيني‪.‬‬

‫أ‪-‬املسؤولون السياسيون التنفيذيون‬

‫إن جناح السياسات القطاعية مرهون ابلدور الذي يلعبه املسؤولون السياسيون التنفيذيون يف عملية‬
‫صنع السياسة العامة‪ ،‬هذه الفئة هي تلك الشخصيات املوجودة يف القيادة العليا لإلدارات احلكومية‬

‫‪ -36‬السويدي حممد ‪،‬علم اال جتماع السياسي ميادينه وقضاايه‪ ،‬اجلزائر ‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،.1990،‬ص ‪.910‬‬
‫كالوزراء من خالل املعلومات الشاملة واخلطوط العريضة اليت يقدموهنا عن سياساهتم القطاعية و‬
‫ميكن إمجال دورها يف النقاط التالية‪:37‬‬

‫‪ -‬ابعتبارها خنبة سياسية فهي متلك خربة و معرفة و دراية إنطالقا من موقعها يف اجلهاز احلكومي‬
‫وحبكم إطالعها على األاماط اليت تصنع يف خضمها السياسة العامة‪ ،‬فبحكم وزهنا وأتثرياهتا‬
‫وتفضيالهتا و نفوذها متلك معلومات متكنها من تسطري األهداف العامة و الربامج و إقرتاح مشاريع‬
‫القوانني‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك من خالل اإلتصاالت السياسية اليت تقوم هبا من خطاابت و مؤمترات و غريها‪.‬‬

‫‪ -‬و من خالل دراساهتا امليدانية تقدم معلومات حول القضااي العامة وكيفية التعامل معها كل‬
‫حسب نطاق ختصصها‪.‬‬

‫‪ -‬من خالل التوضيحات اليت يقدمها الوزراء ملشاريع قطاعاهتم فهي مبثابة معلومات هامة عن‬
‫التوجيهات األساسية املاضية واحلاضرة واملستقبلية للسياسة العامة‪.‬‬

‫ب‪-‬البريوقراطيون‪:‬‬

‫على الرغم من النظرة التقليدية الشائعة يف العلوم السياسية حول عدم مشاركة اجلهاز اإلداري يف صنع‬
‫السياسات العامة وختصصه فقط يف التنفيذ‪ ،‬إال أن هناك اتفاق عام حول الدور الكبري الذي يقوم به‬
‫البريوقراطي يف صياغة ومناقشة السياسات العامة‪ ،‬وذلك المتالك اإلدارة املعلومات اهلامة والكافية‬
‫عن السياسة‪ ،‬نتيجة مشاركتها يف تنفيذ تلك السياسات عمليا‪ ،‬لذا يعرب عنها "بذاكرة احلكومة"‪،‬‬
‫ويقوم اجلهاز اإلداري مبهام تتعلق بتنفيذ القوانني وتنفيذ القواعد والتعليمات‪ ،‬واجلهاز اإلداري هو‬
‫الذي حيتكر جانب املخرج من النظام السياسي‪. 38‬‬

‫ويتجاوز دور اجلهاز اإلداري مهمة التنفيذ إىل التأثري يف عملية صنع السياسة العامة و ذلك‪:‬‬

‫‪ -37‬اجلمال راسم‪،‬حممد‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪،‬ص ‪.115‬‬

‫‪ -38‬الكواري علي خليفة ‪ ،‬الشليب مجال وآخرون‪ ، ...‬املسألة الدميقراطية يف الوطن العر يب‪ ،‬بريو ت ‪:‬سلسلة كتب املستقبل‬
‫العريب ‪ ، 19‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ، 2000،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -‬من خالل اإلتصال املستمر للجهاز اإلداري مع املسؤولني عن رسم السياسة العامة يؤدي هبم‬
‫(البريوقراطيني) المتالك القوة و النفوذ و التأثري‪ ،‬فنقص اخلربة واملعلومات عند املشرعني واملسؤولني‬
‫السياسيني عن املسائل الفنية‪ ،‬أدى إىل تفويض مهام و صالحيات واسعة متكنهم من رسم‬
‫السياسات واختاذ القرارات‪ ،‬و يظهر ذلك على شكل تقدمي مقرتحات وخيارات وتفضيالت للقادة‬
‫السياسيني حول أعقد املسائل اليت تواجه قطاعاهتم حبكم طبيعة املعلومات املتخصصة اليت يدركوهنا‬
‫الطالعهم على أمهات القضااي يف احلكومة‪.‬‬

‫‪ -‬من خالل اإلتصال املستمر للجهاز اإلداري مع املستفيدين عن رسم السياسة العامة و ذلك حبكم‬
‫إطالعهم على السجالت وختزين البياانت‪ ،‬والعلم أبهم القضااي العامة وإدراكهم جملرايت األمور‬
‫وخلفيات األحداث‬

‫‪ -‬من خالل اإلتصال املستمر للجهاز اإلداري مع املطالبني إبطاعة و تنفيذ السياسات‪.‬‬

‫كل هذا أدى ابلبريوقراطيني احتكار املعلومات للمحافظة على مركز التحكم ومن مث على قوة التأثري‬
‫على السياسات العامة‪.39‬‬

‫ج‪-‬التكنوقراطيون‪:‬‬

‫أدت التطورات احلديثة لإلدارة وتكنولوجيات املعلومات إىل وفرة املعلومات‪ ،‬إذ أصبحت املعلومات‬
‫غزيرة وتتطلب عملية ختزينها وفرزها وحتليل حمتواها أكرب دقة وكفاءة وتفرض وجود فئات أخرى أعلى‬
‫درجة من البريوقراطيني الذين أهنكتهم امللفات والتقارير والسجالت واالرشيفات الورقية و هم‬
‫التكتوقراطيون‪ ،‬الذين يؤثرون ابستخدام وسائلهم للسيطرة على حجم املعلومات اليت يرغبون يف‬
‫نشرها وطريقة تفسريهم هلا‪.‬‬

‫فهم القادرون على مجع املعلومات الضرورية إلختاذ القرارات خاصة تلك املعلومات املتخصصة‬
‫واملتصلة ابألمور التقنية‪.‬‬

‫‪-39‬اخلضراء بشري حممد ‪،‬النمط البنيوي اخلليفي يف القيادة السياسية العريبة والدميقراطية‪،‬ط‪، 1‬بريوت‪:‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ، 2005،‬ص ‪.911‬‬
‫أن احلكومات املعاصرة ال ميكن أن تقوم برسم أي سياسة عامة دون اإلعتماد على هذه النخبة إىل‬
‫درجة أصبح مييل فيها االعتقاد لدى معظم علماء السياسة إىل تالشي دور البريوقراطيني وسيطرة الفئة‬
‫التكنوقراطية على السياسة العامة‪ ،‬فهي تقدم معلومات متخصصة حول أهم القضااي اليت تقع يف‬
‫نطاق ختصصها‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬الفواعل غري الرمسية يف رسم السياسة العامة و صنع القرار‬

‫تشارك الفواعل غري الرمسية يف رسم السياسات العامة من خالل التأثريات و الضغوطات اليت متارسها‬
‫على الفواعل الرمسية انطالقا من القوة اليت متتلكها‪ ،‬و ليس من الصالحيات اليت تتمتع هبا‪ ،‬و دورها‬
‫وطبيعتها يقومان على أساس الشراكة الكاملة واالخنراط يف العملية السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫ويف عملية التغيري والتطوير واإلصالح وعلى وجوب االنتقال من الدور املطليب و اخلدمايت الذي‬
‫يقتصر على ملء فراغ املؤسسات احلكومية إىل الدور الفاعل واملؤثر يف صنع السياسات الوطنية‬
‫العامة وتطوير حركتها لتتحول من قوة احتجاج إىل قوة اقرتاح أيضا‪ ،‬و هذا راجع لألسباب التالية‪:40‬‬

‫‪-‬ألن وجود فواعل غري رمسية فاعلة واليت ختضع السياسيني لدرجة معينة من الرقابة جتعلهم أكثر حذرا‬
‫وأقل ميال إىل إساءة استغالل السلطة‪.‬‬

‫‪ -‬للفواعل غري الرمسية دورا ابرزا كوسيط بني السلطة وقطاعات اجملتمع املختلفة‪ ،‬وهو ما يعزز حالة‬
‫من التواصل ابجتاهني و هذا االتصال الدائم يؤدي إىل حتقيق حكم راشد وتعزيز الطابع الدميقراطي‪.‬‬

‫مبعىن آخر هي قنوات اتصال بني النظام السياسي ومؤسساته الرمسية و اجملتمع من خالل العمل على‬
‫نقل مطالب اجملتمع إىل النظام السياسي والسعي حنو حتقيقها من خالل التأثري يف عمل املؤسسات‬
‫الرمسية‪.‬‬

‫‪ -40‬اخلضراء بشري حممد‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.910‬‬


‫ومن هذه الفواعل ميكن ذكر اجملتمع املدين‪ ،‬الذي يلعب دورا من خالل تقدمي معلومات بصورة غري‬
‫مباشرة إىل صناع السياسة العامة‪ ،‬بتفرعاته املختلفة من أحزاب سياسية‪ ،‬ومجاعات املصاحل ‪ ،‬مث‬
‫وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -1‬األحزاب السياسية‪:‬‬

‫وتعترب األحزاب السياسية من أهم متغريات النظام السياسي كوهنا تؤدي جمموعة من الوظائف‬
‫األساسية فهي توفر قنوات للمشاركة والتعبري عن الرأي‪ ،‬وتقوم بتجميع املصاحل وتعبئتها‪ ،‬وهي أداة‬
‫للتنشئة والتجنيد السياسيني‪ ،‬وتساهم يف إسباغ الشرعية على نظم احلكم‪ ،‬و يظهر دورها يف كل‬
‫مراحل رسم السياسة العامة من صنع و تنفيذ و تقييم‪ ،‬و اليت ميكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬هي إحدى أهم مصادر املعلومات حول البيئة الداخلية واخلارجية و تشكل أحد أقوى مصدر‬
‫للمعلومات يف الدول الدميقراطية احلديثة‪ ،‬وذلك ملا تقدمه من مواقف وآراء وبدائل حول أهم وأعقد‬
‫القضااي‪ ،‬فتكشف مدى فعالية السياسات وعقمها‪ ،‬وترفع اللبس عن القضااي‪ ،‬وتفضح التجاوزات‪.‬‬

‫‪ -‬يعمل احلزب السياسي على ربط وجتميع املصاحل من خالل حتويل املطالب املتعددة إزاء موضوع‬
‫معني إىل مقرتحات حمددة ميكن التعامل سياسيا معها‪ ،‬و هذا بعدما يتم عزل املصاحل و االختيار و‬
‫التوفيق بينها‪.41‬‬

‫و يستطيع احلزب ممارسة هذه املهمة من خالل املؤثرات احلزبية‪ ،‬و تلقي الشكاوي و املطالب‪ ،‬و‬
‫القيام بعملية املوازنة و املساومة حماوال بذلك التوصل إىل نوع من التسوية للمصاحل املختلفة يف صورة‬

‫‪41‬‬
‫‪Guillaume Marc, Ou vont les autoroutes de l’information, Paris : Descartscie, 1997,p50.‬‬
‫اقرتاحات لسياسات جديدة و ذلك من خالل طرح البديل أو حماولة التأثري على السلطة للتعبري عن‬
‫مصاحل ومطالب قوى اجتماعية حمددة‪.42‬‬

‫‪ -‬نظراً لكوهنا أداة وسيطة بني اجلماهري والسلطة السياسية‪ ،‬يلعب احلزب السياسي دور الوسيط بني‬
‫السلطة احلاكمة و املواطنني‪ ،‬األمر الذي جيعل من هذه الوساطة الوظيفة املركزية للحزب السياسي‬
‫ألهنا تضمن له واقعيا مساعدة و خدمة املواطنني‪.‬‬

‫األحزاب السياسية بذلك هي إحدى قنوات املشاركة السياسية للمواطن‪ ،‬وكذا أحد قنوات اإلتصال‬
‫السياسي‪ ،‬فهي اليت تقوم ابلتعبري عن إهتمامات الناس ومطالبهم العامة والعمل على حتقيقها من‬
‫قبل احلكومة‪ ،‬حبيث تتمكن من االطالع بشكل مباشر على مطالب و احتياجات األفراد لغرض‬
‫تنظيمها و ترتيبها ‪ ،‬و العمل على إيصاهلا و إبالغها إىل اجلهات املعنية‪.43‬‬

‫وكذلك نقل رغبات وسياسات وقرارات احلكومة إىل املواطنني‪ ،‬والعمل على تعبئة اجلهود واملواقف‬
‫املتباينة إزاءها‪ ،‬إما دعما وأتييدا وإما مواجهة ورفضا‪.‬‬

‫‪ -2‬مجاعات املصاحل‪:‬‬

‫هي مجاعة أو فئة هلا مصاحل أو توجهات مشرتكة‪ ،‬حيث يكون هلذه اجلماعة عمل أو مهنة واحدة‬
‫تسعى للتأثري يف السياسات العامة حفاظا على مصاحلها أو أتكيدا لتوجهاهتا‪.‬‬

‫ومتارس مجاعات الضغط دورها يف السياسات العامة من خالل التأثري يف عملية رسم السياسات‬
‫العامة وعلى تنفيذ تلك السياسات والرقابة عليها‪ ،‬وهلا يف ذلك وسائل عدة ذلك من خالل دورها يف‬
‫التأثري على املؤسسات الرمسية يف النظام السياسي مثل السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية واإلدارية‬
‫‪.44‬‬

‫‪ -‬فبالنسبة لدورها يف إطار السلطة التشريعية‪ ،‬تعمل تلك اجلماعات على تقدمي املعلومات الفنية‬
‫واإلحصاءات واألحباث العلمية‪ ،‬والدراسات املستفيضة‪ ،‬اليت قد تغري من تقدير األمور وتوجيه‬

‫‪42‬‬ ‫‪Ibid,p 54‬‬


‫‪ -43‬الكواري علي خليفة ‪،‬املرجع السابق الذكر‪،‬ص ‪.161‬‬
‫‪-44‬اهلوش أبو بكر حممد‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.985‬‬
‫السياسة التشريعية لصاحل أهداف هذه اجلماعات‪ ،45‬وقد تسمح املؤسسة التشريعية جلماعات‬
‫الضغط ابن تقرر مبا تراه مباشرة أمام جلان الربملان املختلفة … كذلك تعمل تلك اجلماعات على‬
‫أتييد مرشحني معينني يف االنتخاابت أو معارضة إعادة انتخاهبم‪.‬‬

‫‪ -‬أما يف إطار العالقة مع السلطة التنفيذية‪ ،‬فكون السلطة التنفيذية هي اقدر وفق حقيقة الواقع‬
‫السياسي على ممارسة اقرتاح القوانني ابعتبارها تتوىل مهمة التنفيذ‪ ،‬ومن مث تكون أقرب إىل ملس‬
‫احلاجات التشريعية للمجتمع‪ ،‬وهي متلك األدوات الفنية الالزمة ألعداد اقرتاح مشروع التشريع‪،‬‬
‫لذلك فان مجاعات املصاحل حتاول التأثري يف أعضاء املؤسسة التنفيذية على أساس أن االقرتاح هو‬
‫األصل الذي ينبثق عنه التشريع‪ ،‬مث أن السلطة التنفيذية متلك حق االعرتاض على القوانني‪ ،‬ويف‬
‫إمكاهنا التغيري يف التشريع عن طريق التفسري والكيفية اليت ينفذ هبا‪ ،‬ومجاعات الضغط تستخدم نفس‬
‫األساليب لتحقيق أتثريها يف السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪ -‬أما يف إطار اإلدارة‪ ،‬فإن مجاعات الضغط متارس دورها يف الرقابة على عملية تنفيذ السياسات‬
‫العامة من قبل اجلهاز اإلداري حيث يعترب االتصال مع الدوائر احلكومية املعنية بصنع السياسة العامة‬
‫مهما بشكل خاص‪.‬‬

‫التأثري على اجلهاز اإلداري للدولة يكون من خالل تقدمي املعلومات الدقيقة و التفصيلية‪ ،‬مما جيعلها‬
‫طرفا مؤثرا يف عملية صياغة السياسات العامة و من خالل عضوية ممثلي هذه اجلماعات يف اجملالس‬
‫اإلدارية و اللجان الفنية ‪ ،‬مما ميكنها من املسامهة يف وضع بدائل عملية حلل املشاكل العامة‪.46‬‬

‫‪ -‬أما يف إطار العالقة مع السلطة القضائية ‪ ،‬فانه ابلرغم من اإلمجاع على استقالل السلطة القضائية‬
‫فاجلماعات الضاغطة متلك وسائل عدة يف التأثري عليها من خالل الدخول كطرف يف اخلصومة‬

‫‪45‬‬
‫‪Ramonet Ignacio, « Pouvoir : fin de siècle », Manière de voir, 1995.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪Vedel Thierry, « Les politiques de autoroutes de l’information dans les pays industrialisés »,‬‬
‫‪Réseau, N°78, 1996.‬‬
‫القضائية فتعمل اجلماعات على تقدمي الدراسات والبياانت واملعلومات إىل احملكمة‪ ،‬وقد تتدخل يف‬
‫اختيار القضاة ويف انتخاهبم يف النظم اليت أتخذ بوسيلة االنتخاب يف تعيني بعض قضاهتا‪.47‬‬

‫‪ -3‬وسائل اإلعالم‪:‬‬

‫متثل الوسائل االعالمية دورا حضاراي انقدا‪ ،‬من خالل التفاعل االجيايب مع احلراك االجتماعي واحلركة‬
‫الثقافية فتتفاعل وتتعايش مع مشاكل وتناقضات اجملتمع عن قرب مبا يتناسب مع ظروف اجملتمع‬
‫الذاتية واملوضوعية على ضوء منظومته القيمية ونسقه الثقايف‪ ،48‬و دورها يظهر يف النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬يظهر الدور احلقيقي لوسائل اإلعالم واالتصال يف تكوين الرأي العام وخلق الفضاء العمومي‪ ،‬فبني‬
‫الرأي العام و السياسة العامة عالقة ديناميكية دائمة‪ ،‬قائمة على التأثري املتبادل لكل واحد منهما‬
‫على اآلخر‪ ،‬و ذلك ابعتبار أن السياسة العامة برانمج عمل حكومي‪ ،‬يهدف إىل حتقيق املصلحة‬
‫العامة جتسيدا لإلرادة الشعبية‪ ،‬و بذلك يتحول الرأي العام إىل وسيلة للسياسة العامة وهدفها يف‬
‫نفس الوقت‪ ،‬عن طريق التأثري يف األجندة السياسية و التأثري يف اخليارات السياسية‪.‬‬

‫إال أن درجة أتثري الرأي العام يف السياسة العامة متوقف بشكل كبري على طبيعة النظام السياسي‪،‬‬
‫ففي األنظمة الدميقراطية يكون جمال التعبري عن الرأي العام مفتوحا عن طريق وسائل االتصال‬
‫اجلماهريي مما يسمح للرأي العام مبمارسة ضغط أكرب على الفواعل السياسية املعنية برسم السياسة‬
‫العامة‪.‬‬

‫و قد يتعذر وصول املعلومات الدقيقة عن توجهات الرأي العام ‪ ،‬و يعود السبب يف ذلك إىل حتيز‬
‫الصحافة ووسائل اإلعالم جلهة معينة أو سلطة ما‪ ،‬مما يؤدي إىل تغييب احلقيقة ‪،‬و عادة املعلومات‬
‫املتعلقة بتوجهات الرأي العام ال يتم وصوهلا بشكل مباشر إىل الفواعل السياسية املكلفة بوضع‬
‫السياسة العامة و اختاذ القرارات السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬بروز دورها كوسائط اتصال يف احلمالت االنتخابية من قبل األحزاب و املرتشحني والدور الكبري‬

‫‪-47‬عبده ‪،‬عزيزة‪ ،‬اإلعالم السياسي و الرأي العام‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفجر للنشر و التوزيع‪.1000 ،‬‬

‫‪48‬اهلوش أبو بكر حممد‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.985‬‬


‫الذي تلعبه هده الوسائل يف اختيار الشخصيات السياسية مع بروز كذلك مستشاري االتصال لدى‬
‫السياسيني‪.‬‬

‫‪-‬إمداد األفراد اجلماعات ابملعلومات واحلقائق اليت تقنعهم ابحلاجة إىل التنمية والكيفية اليت حتدث هبا‬
‫التنمية والوسائل املتاحة حلدوثها وما سوف ويرتتب عليها من نتائج وآاثر واملسؤولية امللقاة على عاتق‬
‫وسائل االعالم خاصة يف اجملال السياسي كبرية‪ ،‬ذلك أهنا ال تقوم مبجرد نقل الواقع أو جزءا منه‪.49‬‬
‫بل انتقاء احملتوايت‪ ،‬وحىت يتحقق هلذه الوسائل أداء دورها بفاعلية وكفاءة البد من وجود سياسة‬
‫اتصالية إبشراك عناصر من اجملتمع جتعل العمل يف هذا اجملال بعيدا عن العشوائية‪.‬‬

‫‪-‬نقل املعلومات‪ :‬تنقل املعلومات من صناع السياسات إىل اجلمهور فتساعد يف هتيئة األجواء لتبين‬
‫سياسات معينة فهي هلا أتثري كبري يف تنفيذ السياسات كما تساهم وسائل اإلعالم يف رسم‬
‫السياسات عن طريق نقل اهتمامات ومطالب األفراد إىل أعلى مستوى يف هرم الدولة‪ ،‬فالسياسات‬
‫هتدف إىل حل و ختفيف املشاكل العامة مبعىن آخر هلا أتثري قوي بدءا من حتديد املشكلة‪ ،‬وإاثرة‬
‫اجلمهور حوهلا‪.50‬‬

‫نشر املعلومات‪ :‬هي أول وظيفة اليت من أجلها وجدت وسائل اإلعالم عن طريق كل السبل خاصة‬
‫مع تطور وسائل اإلتصال و التطور التكنولوجي‪.‬‬

‫‪-‬التحري و البحث عن املعلومات‪ :‬فهي تعترب كمراقب و مقيم للسياسات العامة عن طريق كشف‬
‫احلقيقة ملدى حل املشاكل اجملتمعية و مدى صحة التقارير اليت يقدمها السياسيون و اإلداريون‪.‬‬

‫‪ -4‬القوى الدولية‪:‬‬

‫‪-49‬املرجع نفسه‪،‬ص ‪.161‬‬


‫‪-50‬قنديل ‪،‬محدي‪ ،‬اإلعالم العريب و التكنولوجية و وسائل التكنولوجيا احلديثة لالتصا يف الثورة التكنولوجية و وسائل‬
‫االتصا العربية‪ ،‬تونس‪:‬املنظمة العربية للرتبية و الثقافة و العلوم‪ ،9119 ،‬ص‪.15‬‬
‫أصبح من غري املمكن أن تعيش أي دولة مبعزل عن الدول األخرى أو األحداث‪ ،‬و املعطيات الدولية‬
‫ألهنا تتأثر سلبا و إجيااب مبجرايت و تيارات عوامل القوة السياسية و االقتصادية و التكنولوجية و حىت‬
‫الثقافية املتواجدة يف احمليط الدويل‪.‬‬

‫تؤثر القوى الدولية يف رسم السياسة العامة‪ ،‬فاملناخ العام للشؤون الدولية يعترب مبثابة الوسط الذي يقع‬
‫فيه فعل الدولة و تدار فيه سياستها العامة‪ ،‬أي أنه مصدر أتثري كبري وواسع ملا يطلق عليه معطيات‬
‫أو مسلمات السياسة العامة‪.51‬‬

‫دول العامل الثالث أفضل دليل على أتثري القوى الدولية و تدخلها يف رسم السياسات العامة‪ ،‬فهذه‬
‫الدول وجدت نفسها قابعة يف نطاق التبعية للقوى الدولية الكربى من كل النواحي االقتصادية‪،‬‬
‫السياسية‪،‬العسكرية و حىت الثقافية‪ ،‬فبعد حصوهلا على استقالهلا وجدت نفسها حمكومة بواقع التبعية‬
‫يف قلب نظام دويل تسيطر عليه جمموعة من الدول و الشركات و املنظمات العاملية ‪ ،‬و أخضعت‬
‫بفعل ذلك إىل قواعد لعبة حددت خارجا عنها و فرضت عليها التأثري الدويل على قرارات و‬
‫سياسيات الدول قد يكون مباشرا أو غري مباشر‬

‫فالقوى الدولية قد تشكل قوى ضغط على صانعي السياسة العامة كما ميكنها أن تكون مصدرا‬
‫لتعبئة الرأي العام العاملي‪ ،‬مما يدفع ابلدول الضعيفة املسيطر عليها إىل انتهاج اماذج و سياسات‬
‫تتوافق مع توجهات الرأي العام العاملي‪.52‬‬

‫خنلص مما سبق إىل التأكيد على أن درجة مسامهة و أتثري الفواعل السياسية كمصادر للمعلومات يف‬
‫مثل هذه السياسات خيتلف حجمه و مداه من فاعل آلخر ‪ ،‬ويعد هذا االختالف انعكاسا مباشرا‬
‫و فعليا لالختالف و التباين يف أسباب و دوافع تدخل كل فاعل سياسي‪ ،‬و أيضا أساليب التدخل‬
‫املمنوحة للفاعل ومدى قدرته على استخدامها و توظيفها ‪.‬كما ميكن إرجاع هذا االختالف إىل‬
‫طبيعة النظام السياسي الذي يعترب احملدد الفعلي حلجم و قوة أي فاعل سياسي يف عملية رسم و‬

‫‪ -51‬مركز البحوث العربية و اإلفريقية‪،‬الدولة الوطنية و حتدايت العوملة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبويل‪ ،1008 ،‬ص‪.911‬‬
‫‪-52‬املرجع نفسه‪،‬ص ‪.161‬‬
‫صنع السياسة العامة ‪ ،‬ففي النظم املتبنية للدميقراطية بشكل فعلي تشهد مشاركة من أغلب الفواعل‬
‫السياسية يف هذه العملية و لو كان ذلك بدرجات متباينة‪.53‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫مراحل و مداخل دراسة السياسة العامة‬
‫و صنع القرار‬

‫‪-53‬عبد هللا ‪،‬إمساعيل‪ ،‬يف توصيف األوضاع العاملية املعاصرة‪ ،‬مصر‪:‬دار الشروق‪ ،1000 ،‬ص‪.53‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬مراحل و مداخل دراسة السياسة العامة و صنع القرار‬

‫اختلف املفكرين يف حتديد املراحل و املداخل اخلاصة بدراسة السياسة العامة و صنع القرار‪ ،‬هذا ما‬
‫أدى إىل تعددها‪ ،‬و هذا ما سيتم التطرق إليه‪.‬‬

‫املبحث األو ‪:‬مراحل رسم السياسة العامة و صنع القرار‬

‫توصل جمموعة من العلماء أمثال هارولد السويل و توماس داي إىل حتديد جمموعة من العمليات و‬
‫النشاطات الوظائفية اليت تصنع و ترسم يف إطارها السياسة العامة و اعتربوا السياسة العامة برانمج‬
‫عمل مستمر تتخلله مجلة من العمليات بدءا من الصنع وصوال إىل اإلهناء أي أهنا سلسلة من‬
‫النشاطات العامة و اخلطوات اليت جتسد يف جمموعها السياسة العامة و أمهها‪:‬‬

‫‪-‬حتديد املشكالت‪ :‬يتم هذا التشخيص عن طريق جتميع املطالب‪،‬ألجل التحرك أو العمل احلكومي‬
‫حياهلا‪،‬و مبا يؤكد اهتمامها و عنايتها‪.‬‬

‫‪-‬تشكيل مقرتحات السياسة العامة‪ :‬يتم التوصل إىل تشكيل مقرتحات السياسة العامة‪ ،‬من خالل‬
‫وضع و حتديد األجندة ألغراض املنافسة العامة‪ ،‬و تطوير مقرتحات برامج حلل املشكلة‪.‬‬

‫‪-‬تشريع السياسة العامة‪ :‬عندما يتم اختيار املقرتح‪،‬و بناء الدعم السياسي املطلوب له‪ ،‬و العمل على‬
‫تفعيله ليأخذ شكل قانون فهذا عبارة عن تشريع سياسة عامة‪.‬‬
‫‪-‬تنفيذ السياسة العامة‪ :‬تطبيق السياسة العامة يكون من طرف املنظمات البريوقراطية التابعة للجهاز‬
‫التنفيذي‪.‬‬

‫‪-‬تقومي السياسة العامة‪:‬لتقومي السياسة العامة‪ ،‬البد من دراسة الربانمج‪ ،‬و تقدير خمرجاته‪ ،‬مث العمل‬
‫على حتديد آاثره على اجلماعات املوجودة يف اجملتمع ملعرفة ما إذا كان الربانمج هادفا أم ال‪ ،‬و‬
‫انطالقا من النتائج املتوصل إليها يتم اقرتاح التعديالت الضرورية‪.‬‬

‫إن هذه الوظائف و العمليات جتسد يف جمموعها الطابع السياسي لعملية صنع السياسة العامة‪،‬‬
‫ابعتبارها تتضمن صراعا بني األطراف و اجلماعات أو كفاحا من أجل اخليارات املتعلقة ابلقضااي‬
‫السياسية و مشاكلها‪.‬‬

‫و اآلن سيتم التفصيل أكثر يف مراحل رسم السياسات و صنع القرار‪.‬‬

‫‪ -9‬حتديد املشكلة و وضع األجندة السياسية أو جدو األعما‬

‫ميكن تعريف املشكلة أبهنا ترتبط بقضية أو مبوقف معني‪ ،‬أو حاجات مطلوبة‪ 54،‬وابلتايل هي ظاهرة‬
‫حمددة‪ ،‬هلا أغراضها وآاثرها املباشرة وغري مباشرة‪ ،‬وهي قابلة للحل يف إطار املقومات البيئية‪.‬‬

‫إن األسلوب العلمي لذلك يكون بتتبع أسباهبا و ظروف حدوثها و معدل تكرارها وصوال إىل‬
‫األسباب احلقيقية اليت أدت لظهورها‪ ،55‬ومن هذا املنطلق ميكن حتديد املشكلة احلقيقية حتديدا‬
‫دقيقا‪ ،‬فالعجز عن حتديد املشكلة حتديداً واضحاً أو عدم القدرة على التمييز بني املشكلة السطحية‬
‫واملشكلة احلقيقية قد يؤدي إىل قرار أو سياسة عامة أو حل صحيح ملشكلة أخرى غري تلك‬
‫املشكلة اليت يريد متخذ القرار حلها‪.‬‬

‫ويتم التساؤل هنا من الذي جيعل احلكومة أو صانعوا القرار يهتمون ببعض املشاكل دون األخرى؟‪،‬‬
‫هلذا فإنه ال يتم االقتصار فقط على املشكل وإاما املشاكل العامة اليت متس شرحية واسعة من اجملتمع‬
‫وتثري إنتباه احلكومة مثل ‪:‬التلوث البيئي‪ ،‬الفقر‪ ،‬اخنفاض الدخل‪ ... ،‬اخل‪.‬‬

‫‪ -54‬جيمس‪ ،‬اندرسون‪،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ص‪.78 77‬‬

‫‪ -55‬سيد‪ ،‬اهلواري‪ ،‬االدراة األصو واألسس العلمية‪ ،‬القاهرة ‪:‬مكتبة عني الشمس‪، 1976 ،‬ص ‪.19‬‬
‫لذا فاملشكلة العامة هي اليت تدفع صناع السياسة العامة للتحرك بسرعة ألهنا متثل جمموعة املطالب‬
‫واحلاجات والقيم اليت جيب اإلستجابة هلا‪ ،‬وصفة العمومية هي الصفة األساسية يف حتديد مشاكل‬
‫السياسة العامة‪. 56‬‬

‫يعد التشخيص الدقيق للقضااي واملشكالت اليت تعاجلها السياسات العامة‪ ،‬صلب عملية صنع‬
‫السياسة العامة‪ ،‬وهذا إنطالقا من التعبري القائل أبن تشخيص املشكالت هو نصف حلها ‪ ،‬لذلك‬
‫جيب استخدام أساليب دقيقة و اسنادها إىل حمصلة وافية من املعلومات املساعدة لإلحاطة التامة‬
‫والشاملة ابلقضااي حمل اإلهتمام‪ ،‬ألهنا تتطلب تشكيل حوصلة عن األبعاد احلقيقة للمشكلة وكذلك‬
‫عن خمتلف ردود األفعال وما قد تثريه من حساسيات عند معاجلتها أو حىت عن صرف نظر صناع‬
‫السياسة عنها ‪.‬‬

‫يف هذه املرحلة يتم مجع مجيع البياانت واملعلومات اليت قد تساهم يف تفهم جوانب املشكلة وأبعادها‬
‫ويف نفس الوقت تساهم يف حلها وال تقتصر عملية مجع البياانت واملعلومات على مرحلة من املراحل‬
‫بل تتم يف مجيع مراحل حتليل وحل املشكالت‪ ،‬ابلرتكيز على النقاط التالية‪:‬‬

‫ما هي العناصر األساسية اليت تتكون منها املشكلة ؟‬


‫أين حتدث املشكلة ؟‬
‫مىت حتدث املشكلة ؟‬
‫كيف حتدث املشكلة ؟‬
‫ملاذا حتدث املشكلة هبذه الكيفية وهذا التوقيت ؟‬
‫ملن حتدث هذه املشكلة ؟‬
‫ملاذا حتدث املشكلة هلذه الشرحية ابلذات ؟‬

‫‪ -‬األجندة السياسية أو جدول األعمال "‪"Policy Agenda‬‬

‫‪- georgs.c.edwards-lrasharkansky,les politiques publiques, paris,les éditions‬‬


‫‪56‬‬

‫‪d’organisation,1981,p75.‬‬
‫تواجه احلكومات العديد من القضااي اجملتمعية‪ ،‬لكن ال تستطيع أن حتل كل تلك املشاكل‪ ،‬مهما‬
‫كانت إمكانياهتا املادية والبشرية‪ ،‬هلذا فإهنا تقوم إبدراج أهم القضااي أو املطالب العامة األكثر طلبا‬
‫عند اجملتمع يف جدول يسمى جبدول أعمال السياسة العامة أو ما يسمى أبجندة سياسة احلكومة‪.57‬‬

‫و هناك نوعني من جداول األعمال‪ ،‬األول نظامي والثاين حكومي‪.‬‬

‫األول‪ ،‬يضم املسائل اليت تتبناها السلطة وتستدعي تدخل السلطات الثالث وفقا لصالحيتها‬
‫واختصاصاهتا‪ ،‬أما الثاين فهو مبثابة جدول للنقاش يكتفي عادة ابملستوى احلكومي ملعاجلتها‪ ،‬وما‬
‫جتدر اإلشارة إليه أن جدول األعمال السياسة يتميز بغياب التفاصيل فيه وعدم الوضوح وموضوعاته‬
‫حمل جدال دائما ‪.‬‬

‫أحياان قد تدرج مشكلة يف األجندة احلكومية لكن هذا ال يعين انتقاهلا إىل مراحل أخرى متقدمة يف‬
‫السياسة العامة‪ ،‬وهناك العديد من القضااي تدخل األجندة وتبقى عالقة أو تزول بسبب ظهور‬
‫مشاكل أكثر أمهية وإحلاحا على الساحة‪.58‬‬

‫ويرجع عدم استجابة النظم السياسية أو احلكومات للقضااي بطريقة سريعة إىل ‪:‬‬

‫‪-‬املتطلبات اليت يفرضها الدستور حول معاجلة القضااي بطريقة متأنية و اخلطوات البريوقراطية‪ ،‬كل‬
‫هذا يؤثر يف حل القضااي املطروحة مما ينعكس سلبا على فعالية األجندة السياسية‪.‬‬

‫‪-‬كما يؤخذ بعني االعتبار أسبقيات األجندة و ذلك يف ضوء اعتبارات سياسية أسهم يف بلورهتا‬
‫أشخاص فاعلون مثل" املنظمني للقضااي أو املتفتحني لألجندة‪ ،"59‬حبيث تتداخل املواقف حول‬
‫األسبقيات‪ ،‬مما يؤدي إىل معاجلة قضية على حساب قضااي أخرى أكثر أمهية وإحلاحا‪.‬‬

‫‪ -‬احملددات والظروف و العوائق اليت تؤثر على متخذ القرار‪ ،‬حيث ميكن ملتخذ القرار إما التغلب‬
‫عليها أو االلتفاف حوهلا أو إزالتها متاما أو حتييد أثرها‪ ،‬أو إثبات عدم وجودها سوى يف خميلة‬

‫‪ -57‬جنيب وصال العزاوي‪،‬املرجع السابق الذكر‪،‬ص ‪.918‬‬

‫‪ -58‬الشعراوي مجعة‪ ،‬سلوى ‪،‬و آخرون ‪،‬املرجع السابق الذكر‪،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ - 59‬أملوند‪،‬جربائيل‪ ،‬بويلبنجام‪،‬و آخرون ‪ ،‬املرجع السابق الذكر ‪،‬ص ‪.161‬‬
‫البعض وأهنا جمرد حاجز ذهين حبت‪ ،‬وقد تكون جمرد عائق يلزم فقط توخي احلذر منه‪ ،‬أو أخريا قد‬
‫يلزم األمر االنتظار حىت تزول هذه العوائق واحملددات‪.‬‬

‫‪ -1‬تشكيل مقرتحات السياسة و صياغتها‬

‫بعد حتديد املشاكل ووضعها على األجندة السياسية‪ ،‬البد للحكومة من بلورة األفكار والسياسات‬
‫املمكن إتباعها للتعامل مع املشاكل ذات األولوية‪.‬‬

‫وتعرب هذه املرحلة أيضا عن حماولة التعرف على احللول املختلفة للمشكلة القائمة فال توجد مشكلة‬
‫هلا طريق واحد يف نظر صناع السياسة‪ ،‬فبعد مجع املعلومات وترشيحها لتعطي صورا عن حلول‬
‫خمتلفة‪ ،‬فمهما كانت الطرق املؤدية إيل صياغة مقرتحات السياسة العامة وما قد حيدث فيها من‬
‫تناقضات وتضارب يف املصاحل هبدف الكسب السياسي ‪ ،‬فإن جدوى البدائل املقدمة تتوقف بصورة‬
‫شبه كلية على املعلومات الواردة إىل احلكومة من املرحلة السابقة وكذا مدى مالئمة ودقة ومشولية‬
‫وحداثة هذه املعلومات‪ ،‬و وصوهلا يف الوقت املناسب سواء كان الرافد هو حمللون سياسيون أو مراكز‬
‫معلومات أو معاهد حبوث ودراسات متخصصة‪ ،‬ميكن تلخيص أهم ما حيدث يف مرحلة تشكيل‬
‫مقرتحات السياسة العامة يف النقاط التالية‪:‬‬

‫حصر مجيع البدائل املمكنة‪.‬‬

‫االبتكار و اإلبداع يف طرح البدائل‪.‬‬

‫صياغة البدائل بناء على املعلومات والبياانت اليت مت جتميعها‪.‬‬

‫استكمال املعلومات والبياانت الالزمة لصياغة البدائل ابلدقة والتفصيل املطلوبني‪.‬‬

‫حتديد النواتج والعواقب الناجتة عن كل بديل‪ ،‬سواء كانت عواقب إجيابية أو سلبية‪.‬‬

‫حتليل مبدئي إلمكانية التنفيذ‪.‬‬


‫‪60‬‬
‫التوصل إيل البدائل القابلة للتنفيذ‬

‫وهذه العملية أتيت حمصلة لتفاعل عوامل عدة منها ‪:‬االقتصادية والسياسية واالجتماعية‪ ،‬فنجد بعض‬
‫متخذي القرارات يركزون اهتمامهم علي االعتبارات االقتصادية واملالية ويعتقدون أن الناحية املالية‬
‫جيب أن أتخذ االعتبار األول بينما مييل البعض اآلخر إيل الرتكيز علي النواحي اإلنسانية وجند البعض‬
‫اآلخر مييل بطبيعته إيل القيم الروحية والدينية‪.‬‬

‫و يتم ذلك يف صورة اماذج خمتلفة يستخدمها صناع السياسة يف عملية وضع احللول و إعداد الربامج‬
‫‪ ،‬حيث يتم ذلك يف جو من الرشد أي إختيار احللول اليت ينبغي أن يتمخض عنها أكرب عائد‬
‫إجتماعي ابلشكل الذي يعرب عن حتقيق فوائد كبرية‪.‬‬

‫لتتوج هناية هذه املرحلة بصياغة السياسة العامة‪ ،‬فيتم يف هذه املرحلة إختيار بديل من البدائل‬
‫املطروحة كبديل مفضل للسياسة العامة‪ 61،‬أي إختاذ القرار من طرف اجلهة الرمسية املخولة لذلك‪ ،‬أو‬
‫إصدار تشريع أو قانون جيسد األهداف املراد بلوغها‪ ،‬ويشمل هذا تبين مقرتحات بعينها أو تعديلها‬
‫أو رفض أو قبول بديل آخر‪.‬‬

‫حيث تتم عملية املفاضلة بني البدائل و البحث عن البديل الذي حيل املشكلة جزئيا أو كليا أو‬
‫البديل الذي يرضي األطراف املختلفة أو غري ذلك‪ ،‬حيث يتم التساؤل حول طبيعة السياسات العامة‬
‫و ما اهلدف منها( حتسني مستوى احلياة‪ ،‬تلبية حاجيات األفراد‪.)...‬‬

‫أي أن حملل السياسة العامة يقوم ابختيار البديل حبسب السياق املنطقي للمفاضلة‪ ،‬وعلى أساس‬
‫التوجه املوزون واحملسوب يف ضوء املعايري واملقاييس ذات العالقة ابألبعاد االجتماعية و السياسية‬
‫واالقتصادية وغريها‪.62‬‬

‫‪60‬‬
‫‪- georgs.c.edwards-lrasharkansky,op.cit, p166.‬‬

‫‪-61‬جيمس اندرسون‪،‬املرجع‪،‬السابق‪،‬ص ص‪.99 - 98‬‬


‫‪-62‬روبرت‪ ،‬دا ل‪ ،‬التحليل السياسي احلديث‪ ،‬ترمجة‪ :‬هال أبو زيد‪،‬مراجعة‪:‬علي الدين هالل‪ ،‬ط‪، 5‬القاهرة‪:‬مركز األهرام للرتمجة‬
‫والنشر‪، 1993 ،‬ص‪. 180‬‬
‫و ال تكون عملية املفاضلة بني البدائل بصورة عشوائية و إاما تكون مبنية على رؤية ومقاييس علمية‬
‫دقيقة تساعد احملللني وصناع السياسة يف اختياراهتم السياسية مثل نظرايت املبارايت أو شجرة القرار‬
‫أو نظرية االحتماالت أو حبوث العمليات كأساليب كمية قادرة على الكشف عن آاثر البدائل يف‬
‫شكل طرق بيانية للتوصل إىل توقعات سليمة و التعامل مع األحداث واملواقف واملشكالت والقضااي‬
‫الغامضة وغري املؤكدة‪.63‬‬

‫فعملية إختيار أفضل بديل وتبنيه كسياسة عامة تتم يف حالة الشك و عدم اليقني و هذا ما يبني‬
‫صعوبة هذه املرحلة‪ ،‬وعليه البد أن تكون املعلومات الضرورية والالزمة متوفرة ‪.‬‬

‫إذن متخذ القرار مقيد ابملعلومات اليت مت إيصاهلا إليه بقنوات االتصال املختلفة‪ ،‬و مقيد ابلضغوط‬
‫االجتماعية واألعراف والتقاليد و عليه إجياد نقطة التوازن بني ما يتطلبه القرار وما يفرضه اجملتمع من‬
‫ضغوط‪.‬‬

‫‪ -1‬مرحلة تنفيذ السياسة العامة‬

‫تنفيذ السياسة العامة عبارة عن جمموعة النشاطات واإلجراءات والتدابري التنفيذية اهلادفة إلخراج‬
‫السياسة العامة أو وضعها حيز الواقع العملي ‪ ،‬ابستخدام الوسائل واإلمكاانت املادية والبشرية و‬
‫التكنولوجية وغريها يف سبيل حتقيق مقاصد السياسة العامة‪ ،‬وعادة ما يعرب ذلك التنفيذ عن منجزات‬
‫البريوقراطية احلكومية ومهاراهتا األدائية‪.64‬‬

‫وابلرغم من وجود صعوبة يف حتديد املرحلة اليت تفصل بني العمل التشريعي والتنفيذي‪ ،‬وهنا تعترب‬
‫عملية تنفيذ السياسة العامة استمرار ملختلف العمليات السابقة واليت ينتقل العمل فيها إىل السلطة‬
‫التنفيذية مبختلف مستوايهتا‪ ،‬وتتمتع بسلطات تقديرية واسعة أثناء التنفيذ وذلك لتمتعها ابخلربة‬
‫الالزمة والثقة والتجربة يف كافة امليادين‪ ،‬مما يعطيها احلق يف إصدار اللوائح والتعليمات الالزمة‬
‫بتفاصيل تنفيذ السياسات العامة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪- g.i.gow.,m.barrette,sdion,introduction aladministration publique,canada, 1992,p158.‬‬
‫‪-64‬جيمس أندرسون‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫إن معظم التشريعات احلديثة هي ذات طبيعة عامة وشاملة لعموم األفراد يف البيئة اإلجتماعية ‪،‬‬
‫وابلتايل ال ميكن تطبيقها ما مل يقم املسؤولون اإلداريون ابلعمل على وضع لوائح تفصيلة و إجراءات‬
‫تنظيمية لتحويل تلك التشريعات اليت تتضمنها السياسة العامة إىل نتائج واقعية ملموسة ‪ ،‬فالسلطة‬
‫السياسة مل تضيق اخلناق بل تركت هامش إلصدار اللوائح التنفيذية والتنظيمية وفق احلدود‬
‫والصالحيات املخولة هلا يف اهليئات املركزية او احمللية وإن كان هذا له إنعكاسه السليب يف إمكانية‬
‫التالعب ابلسياسات العامة‪.65‬‬

‫وللتطبيق الفعال جيب وجود خطة تنفيذية تفصيلية لتنفيذ دقائق العمل بفاعلية‪.‬‬
‫واخلطة التنفيذية جيب أن تشمل ما يلي‪:66‬‬

‫‪-‬حتديد مراحل التنفيذ واخلطوات يف كل مرحلة ابلتوايل‪.‬‬


‫‪-‬حتديد توقيتات تنفيذ اخلطوات واملراحل ‪.‬‬
‫‪-‬حتديد من سيقوم بتنفيذ كل خطوة من اخلطوات‪.‬‬
‫‪-‬حتديد من سرياقب التنفيذ‪.‬‬

‫كما أن التطبيق اجليد هو الذي جيسد السياسة العامة يف أرض الواقع‪ ،‬وبناءا على ما تقدم إن جناح‬
‫عملية تطبيق السياسة العامة يتطلب توفري مجلة عوامل متحكمة يف التنفيذ‪:67‬‬

‫‪-‬رصد األموال واملوارد الالزمة للتنفيذ‪.‬‬

‫‪-‬دراسة إمكانية التنفيذ ورصد الكفاءات الضرورية لذلك‪.‬‬

‫‪-‬حتديد األهداف بدقة وإيضاحها للمسئولني عن التنفيذ‪.‬‬

‫‪-‬إعطاء الشرعية املناسبة للسياسة جبلب أكرب عدد من املؤيدين‪.‬‬

‫‪ -65‬بيرت دراكر ‪ ،‬اإلدارة‪ ،‬املهام‪ ،‬املسؤوليات‪ ،‬التطبيقات‪ ،‬ترمجة‪:‬حممد عبد الكرمي ‪ ،‬القاهرة‪:‬الدار الدولية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،1996‬ص‪85‬‬
‫‪66‬‬
‫‪- Daniel Kubler, Jacques de Maillard,Opcit,p124.‬‬
‫‪ -67‬عادل‪ ،‬فتحي و اثبت‪ ،‬عبد احلفيظ ‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.911‬‬
‫‪-‬احلرص الشديد على التنسيق بني أجهزة التنفيذ والصياغة و بني السياسات نفسها‪.‬‬

‫كل ما سبق ذكره جيعل االعتقاد أبن احلكومات حتاول أن تكون سياستها مبنية على العقالنية‬
‫وتسعى لضمان التنفيذ اجليد للسياسات‪ ،‬غري أن الواقع يؤكد أن تنفيذ السياسة العامة يتم يف ظروف‬
‫خمتلفة يغلب عليها طابع اجلمود يف القوانني وقلة اإلمكاانت الالزمة لتجسيد السياسات اليت قررهتا‬
‫القيادة العليا ‪.‬‬

‫‪ -8‬مرحلة تقومي السياسات العامة‬

‫عرف" جاك فونتاانل "التقييم أبنه عملية منظمة تستهدف تقييم النشاطات احلكومية حىت تقدم‬
‫‪68‬‬
‫معلومات متكاملة عن اآلاثر بعيدة وقريبة املدى للربامج احلكومية"‬

‫أي أن مرحلة التقييم تعتمد على املعلومات املرتدة عن التنفيذ حول النتائج (املخرجات) املطلوبة‬
‫للبديل املختار يف التوقيت املتوقع و ابلكيف املطلوب‬

‫أما موفق حممد حديد‪ ،‬يرى أن التقييم يعين"‪:‬قياس مدى فعالية برانمج معني حتت التنفيذ يف إجناز‬
‫أهدافه ‪ ،‬أو مقارنة مرحلة التصميم مبرحلة التشغيل وربط النتائج ابلعناصر املستخدمة يف الربانمج ‪،‬‬
‫وكذلك العمل على تطوير الربانمج عن طريق التغيري يف العمليات احلالية‪."69‬‬

‫يركز تعريفه على ثالث عناصر هي األهداف‪ ،‬املقارنة‪ ،‬التغيري أو التعديل مبعىن مقارنة ما مت تنفيذه مع‬
‫األهداف املرجوة بغية إدخال التحسينات الآلزمة‪.‬‬

‫إذن فعملية التقومي عملية أساسية وذلك لتشخيص وقياس آاثر السياسة العامة‪ ،‬من أجل التوصل إىل‬
‫معرفة نتائج السياسة العامة‪ ،‬و يف حالة وجود إحنرافات يتم تصحيحها‪.‬‬

‫للتقومي عدة أنواع يف السياسة العامة‪ ،‬ميكن اختصارها فيما يلي‪:70‬‬

‫‪-‬التقومي السابق للتنفيذ يتم االهتمام فيه جبدوى السياسة العامة قبل تنفيذها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-jacques fontanel,Opcit,P34.‬‬
‫‪ -69‬حممد موفق‪ ،‬حديد‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪. 322‬‬
‫‪ -70‬فهمي خليفة ‪،‬الفهداوي‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪-‬التقومي املالزم للتنفيذ ويضم دراسة التكلفة‪ ،‬التشغيل‪ ،‬تطوير و حتسني عملية األداء‪.‬‬

‫‪-‬التقومي الالحق للتنفيذ حيدد جناح أم فشل السياسة العامة‪.‬‬

‫‪-‬التقومي اإلسرتاتيجي هبدف حتقيق الفاعلية يف التنفيذ‪ ،‬حيث ميكن إدخال التعديل على السياسات‬
‫لردم اهلوة بني األداء والتخطيط من جهة و النظرية و التطبيق من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪-‬تقومي الفاعلية أي مدى قدرة السياسة أو الربامج على حتقيق األهداف‪.‬‬

‫‪-‬تقومي الكفاءة أي احلصول على أقل نفقة ممكنة‪.‬‬

‫‪-‬تقومي النتائج واآلاثر من حيث السلبية أو اإلجيابية‪.‬‬

‫كما أن التقومي يعتمد على جمموعة من املعايري للتحقق من مدى جناح السياسة العامة هي‪:71‬‬

‫‪-‬املعيار االقتصادي ‪:‬يؤكد على التقليل من اإلنفاق احلكومي ومن عيوبه‪ ،‬وهو عدم متكن احتساب‬
‫زايدة اإلنفاق و املنافع اليت تتخلى عنها كنتيجة خلفض اإلنفاق‪.‬‬

‫‪-‬الكفاءة ‪:‬تعين مستوى اإلجناز أو النتائج مقاسا ابملقارنة ابملدخالت‪.‬‬

‫الفعالية ‪:‬تقيس املقدار الذي أجنزه من األهداف‪.‬‬

‫‪-‬العدالة ‪:‬من حيث التوزيع العادل للمنافع بني خمتلف الشرائح وتستخدم عدد من املقاييس يف‬
‫كيفية توزيع املوارد والثروات‪.‬‬

‫‪-‬الشرعية القانونية ‪:‬من حيث مطابقة هذه السياسات إىل التشريعات والقوانني واللوائح املنظمة‬
‫لتلك السياسات أو الربامج‪.‬‬

‫فبهذه املعايري يتم حتليل و تقييم مدى حتقيق السياسة العامة لألهداف املتوخاة‪.‬‬

‫‪ -71‬عبد املطلب‪ ،‬غامن‪ ،‬معايري تقومي السياسة يف اإلدارة العامة‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1989‬ص‪. 160‬‬
‫لكن ابلرغم من أمهية عملية التقومي إال أنه تواجهه العديد من التحدايت منها ‪:‬غموض األهداف‪،‬‬
‫ضعف آاثر السياسة العامة و عدم استقرارها ‪ ،‬صعوبة تعميم نتائج التقومي‪.‬‬

‫لذا فعملية التقومي تعد مرحلة هامة‪ ،‬مالزمة جلميع مراحل صنع السياسة العامة‪ ،‬ال ميكن االستغناء‬
‫عنها‪ ،‬ألن السياسة العامة من خالهلا تستطيع أن تتجنب خمتلف الصعوابت واملشاكل اليت تعرتضها‬
‫خاصة أثناء تنفيذها‪ ،‬وإذا حتققت نتائجها ابلصورة اليت خطط هلا‪.‬‬

‫مما سبق ميكن القول أن السياسة العامة عبارة عن جمموعة من اخلطوات املرتابطة فيما بينها واملتعاقبة‬
‫يف العمل إال أن التمييز بينها صعب بسبب النشاطات الوظيفية املتداخلة لكن التأكيد على هذه‬
‫اخلطوات اإلجرائية يساهم يف فهم السياسة العامة‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬املداخل التحليلية لدراسة السياسة العامة و صنع القرار‬

‫لقد عرفت السياسة العامة عدة مداخل من أجل فهم و تفسري السياسات املنتهجة يف الدول و من‬
‫بني هذه املداخل ‪:‬‬

‫‪-1‬مدخل اجلماعة و مدخل النخبة‬

‫مدخل اجلماعة‪:‬‬

‫يقوم مدخل اجلماعة على اعتبار أن اجلماعة هي وحدة التحليل يف دراسة الظواهر السياسية فهي‬
‫حمور العملية السياسية‪ ،‬و اجملتمع يتكون من اجلماعات املتعددة اليت غالبا ما تكون يف حالة من‬
‫التعاون و الصراع‪ ،‬و هذا يعود إىل أن األفراد بتوجهاهتم و خياراهتم املتشاهبة مييلون إىل التواجد يف‬
‫مجاعة ما هبدف طرح مطالبهم أمام املؤسسات احلكومية و الضغط عليها لكي تستجيب هلم ‪ ،‬و‬
‫بذلك تتحول اجلماعة إىل جسر رابط بني الفرد و احلكومة‪.‬‬

‫و ابلتايل تبقى املهمة األساسية للنظام السياسي يف ظل مدخل اجلماعة هي القيام إبدارة أوجه الصراع‬
‫و التفاعل بني هذه اجلماعات و التوصل إىل احللول الوسيطة و التوفيقية اليت تكون يف شكل قوانني‬
‫و برامج أي سياسات عامة ألنه عن طريق تنظيم عمليات الصراع و التوفيق يتمكن النظام من التنفيذ‬
‫و التطبيق بشكل فعال‪ ،‬إن هذا املدخل يصلح أكثر يف تفسري صنع السياسات العامة يف الدول‬
‫الدميقراطية اليت تسمح أبن يتنظم اجملتمع يف شكل مجاعات كانت أحزااب أو نقاابت أو مجعيات و‬
‫غريها‪.‬‬

‫‪ -‬مدخل النخبة‪:‬‬

‫لقد ظهر هذا املدخل على أيدي جمموعة من املفكرين أمثال ابريتو‪ ،‬موسكا‪ ،‬روبرتو ميشلز‪ ،‬رايت‬
‫ميلز‪ ،‬برهنام‪ ،72،‬وقد رأى هؤالء أنه ما من جمتمع مهما كان مستواه من التطور االقتصادي‬
‫واالجتماعي والسياسي‪ ،‬ال خيلو من أقلية ماهرة تسيطر و تتخذ القرارات و ترسم السياسات‪ ،‬وأكثرية‬
‫ختضع حلكم تلك األقلية‪ ،‬ويطلقون عليها تلك األقلية احلاكمة اسم‪ :‬الصفوة أو النخبة‪.‬‬

‫و من أهم ما يتميز به هذا املدخل ‪:‬‬

‫‪ -‬النخبة احلاكمة ليست ممثلة لألغلبية متثيال حقيقيا‪ ،‬حيث غالبا ما تكون النخبة احلاكمة من الطبقة‬
‫العليا الغنية وذات النفوذ‪ ،‬والبعيدة عن الطبقات العامة وال تليب مطالبها‪ ،‬بل أهنا تسعى فقط لتلبية‬
‫مصاحلها اخلاصة‪.‬‬

‫مبعىن آخر أن هذه األقلية تستأثر ابلقوة السياسية وتتخذ القرارات اهلامة اليت تؤثر على حياة اجملتمع‪،‬‬
‫وأييت هذا التأثري انطالقا من السيطرة إما بفعل االنتماء العائلي‪ ،‬أو التحكم يف املوارد‪ ،‬أو جتسيد‬
‫القيم الدينية أو االجتماعية السائدة‪ ،‬أو ارتفاع املستوى التعليمي‪ ،‬أو حيازة مهارات معينة أو قدرات‬
‫تنظيمية كبرية‪.‬‬

‫‪-‬األغلبية ال تشارك وال تؤثر يف عملية صنع القرار و إاما هي خاضعة للنخبة احلاكمة‪ ،‬كما أن حتول‬
‫األفراد من فئة األكثرية إىل فئة األقلية النخبوية‪ ،‬يقيد بضوابط شديدة‪ ،‬تكمن يف احلفاظ على‬
‫االستقرار وجتنب حاالت قيام الثورة‪ ،‬حبيث ال يدخل ضمن فئة النخبة إال الذين يؤمنون فعال بقيم‬
‫النخبة واالقتناع هبا واإلخالص هلا‪.‬‬

‫‪-‬فهمي خليفة الفهداوي‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪72‬‬


‫‪ -‬ال ختضع النخبة لضغوط اجلماهري األغلبية‪ ،‬إال بنسبة حمدودة‪ ،‬إذ أن النخبة هي اليت تشكل‬
‫مصدر الضغط والتأثري يف اجلماهري وليس العكس‪ ،‬كما أن آراء اجلماهري عادة ما يتم تضليلها والتأثري‬
‫عليها من قبل النخبة‪ ،‬دون أن يكون لتلك اجلماهري أي رد فعل أو أثر يذكر يف قيم النخبة‪.‬‬

‫تكون السياسة العامة هي تلك اليت تعرب عن قيم و تفضيالت النخبة احلاكمة‪ ،‬وأهنا كنخبة متميزة‬
‫هي اليت تشكل رأي اجلمهور حول السياسة العامة‪ ،‬وهي اليت تؤثر يف اجلمهور أبكثر مما تتأثر هي‬
‫به‪.‬‬

‫‪ -2‬مدخل النظم و املدخل املؤسسايت‬

‫مدخل النظم‬

‫النظام عبارة عن عملية تكوين منظم ومركب من عدة عناصر اليت تنتظم معا يف تكوين متناسق‬
‫لتحقيق هدف أو عدة أهداف‪ ،‬وأن أي عطب يصيب جزء منه فإنه يؤثر يف بقية األجزاء أو العناصر‬
‫املكونة للنظام‪. 73‬‬

‫من أبرز رواد هذا املدخل دافيد إيستون‪ ،‬غابرايل أملوند‪ ،‬و يرى أنصار هذا املدخل وجود عالقة‬
‫خطية بني كل من مدخالت النظام و خمرجاته‪ ،‬إذ يتم حتويل هده املدخالت اآلتية من البيئتني‬
‫الداخلية و اخلارجية إىل خمرجات‪ ،‬كما أن االستجاابت املرتتبة عن املخرجات قد تتحول إىل مطالب‬
‫جديدة للنظام و هو ما يعرف ابلتغذية الراجعة أو العكسية‪.‬‬

‫ابلتايل يرتكز مدخل النظم على العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬املدخالت‪ Inputs :‬وتتكون من العناصر التالية‪:74‬‬

‫‪ -73‬صالح مصطفى‪ ،‬الفوال‪ ،‬معامل الفكر السوسيولوجي املعاصر‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر العريب ‪، 1982 ،‬ص‪.105‬‬

‫‪ - 74‬حممد زاهي بشري‪ ،‬املغرييب‪ ،‬قراءات يف السياسة املقارنة ‪ :‬قضااي منهجية و مداخل نظرية‪ ،‬ليبيا‪ :‬منشورات قازيونس‬
‫‪ ،0225،‬ص‪. 150‬‬
‫‪-‬املطالب‪ :‬وهي احلاجات والتفضيالت املختلفة ألفراد اجملتمع‪ ،‬واليت تدخل إىل النظام السياسي‬
‫كمطالب ومتثل ما يريده أو يسعى له األفراد واجلماعات لغرض إشباع مصاحلهم العامة‪ ،‬ما يفرض‬
‫على السلطات أن تستجيب هلا بصورة أو أبخرى‪.‬‬

‫‪-‬الدعم واملساندة‪ :‬وتعرب عن التزام األفراد واجلماعات مبا تقوم به احلكومة‪ ،‬وكذا عالقتهم ابلسلطات‬
‫واملؤسسات الرمسية‪ ،‬ويكون التأييد يف أشكال عدة‪ :‬كدفع الضرائب‪ ،‬تطبيق القوانني‪....‬‬

‫وهلذا السبب يرى استون أنه جيب على كل نظام سياسي أن يعمل على خلق واحملافظة على درجة‬
‫عالية من التأييد‪ ،‬حيث أنه كلما اخنفضت نسبة التأييد عن احلد األدىن‪ ،‬فإن استمرارية ودميومة النظام‬
‫السياسي تصبح معرضة للخطر‪.‬‬

‫‪-‬املعارضة أو املقاومة‪ :‬وتكون هذه املعارضة من قبل اهليئات اليت لديها مطالب ترمي إىل حتقيقها من‬
‫خالل ممارستها هلا للضغوط على النظام السياسي‪ ،‬كاألحزاب السياسية واجلماعات املعارضة‪.‬‬

‫املصادر واملوارد‪ :‬متثل املصادر املادية والبشرية واملوارد املوجودة يف بيئة النظام السياسي على املستوى‬
‫الداخلي والدويل‪ ،‬واليت يتم توظيفها حتقيقا ألهداف النظام وتنفيذ السياسة العامة‪.‬‬

‫املعلومات الراجعة‪ :‬هي تلك املعلومات الصادرة من اجملتمع جتاه السياسة العامة السابقة‪ ،‬واليت تشكل‬
‫مجلة مطالب جديدة‪.‬‬

‫‪-‬املخرجات ‪ :outputs‬أتخذ أشكال عدة من ضمنها شكل ‪:‬السياسة العامة‪ ،‬القرارات‪ ،‬القوانني‪،‬‬
‫األوامر و املراسيم الصادرة عن السلطات و اهليئات السياسية املوجودة يف النظام السياسي كاستجابة‬
‫ملدخالت النظام‪.‬‬

‫إن درجة االستجابة ختتلف ابختالف طبيعة و كمية املدخالت‪ ،‬و طبيعة و إمكانيات النظام‬
‫السياسي‪ ،‬و أيضا قوة أتثري و ضغط الفواعل السياسة و تعد استجابة النظام للمطالب و‬
‫االحتياجات عامال مهما للرفع من درجة التأييد‪ ،‬ألن النظام يرفع من قدرته على االستجابة من‬
‫خالل اسرتجاع املعلومات املتعلقة بوضعية النظام و البيئة الداخلية و اخلارجية له‪ ،‬و هذا ما يعرف‬
‫ابلتغذية الراجعة و اليت تشري إىل التأثري الذي حتدثه السياسات العامة و القرارات يف البيئة و املطالب‬
‫املطروحة من قبلها و أيضا يف خصائص النظام السياسي ذاته‪،‬كما ميكن للسياسة العامة أن تولد‬
‫مطالب جديدة تؤدي بدورها إىل خمرجات جديدة و بناء على ذلك يتم إدراج التعديالت و‬
‫التغيريات الضرورية يف السياسات و القرارات مبا يتماشى و االحتياجات و املطالب الفعلية لألفراد و‬
‫‪75‬‬
‫اجلماعات‪.‬‬

‫‪ -‬البيئة الكلية للنظام‪ :‬و اليت تنقسم إىل البيئة الداخلية و البيئة الدولية‪.‬‬

‫البيئة الداخلية ‪:‬أين تتفاعل جمموعة من األنساق الفرعية فيما بينها مثل النسق اإلجتماعي‬
‫االقتصادي‪،‬الثقايف‪ ،‬البيولوجي ‪،‬و الشخصي‪.‬‬

‫البيئة الدولية‪ :‬و نعين هبا أتثري العالقات اخلارجية و التغريات الدولية اليت كثريا ما تضغط على اجلهاز‬
‫‪76‬‬
‫السياسي أو تعمل على تقدمي الدعم له‪.‬‬

‫إذا حسب ايستون فإن النظام السياسي‪ ،‬و بفعل الضغوط اليت يتعرض هلا من البيئتني الداخلية و‬
‫اخلارجية‪ ،‬يسعى من خالل رمسه للسياسات العامة و اختاذه جملموعة من القرارات إىل إحداث تغيريات‬
‫يف هياكله و توجهاته عن طريق تعبئة موارد و إمكانيات ابلشكل الذي ميكنه من االستمرار و‬
‫التصدي للضغوط و التحدايت املفروضة عليه ‪ .‬السياسة العامة بناء على هذا املدخل هي نتاج‬
‫جمموع املدخالت اليت يتلقاها النظام السياسي‪ ،‬أي أن مضمون السياسات العامة و أهدافها ميكن‬
‫حتديدها بناء على حتليل و حتديد كمية و نوعية املطالب اليت عمل النظام على االستجابة هلا‪.‬‬

‫‪ -‬املدخل املؤسسايت‪:‬‬

‫لقد حضيت املؤسسات ابهتمام العديد من املختصني مثل صامويل هانثنقتون‪ ،‬و وفقا هلذا املدخل‬
‫فإن األنشطة السياسية واحلكومية تتمحور من خالل املؤسسات الرمسية يف الدولة وهي‪ :‬املؤسسة‬
‫التشريعية‪ ،‬التنفيذية والقضائية‪ ،‬حبيث أن هذه املؤسسات هي اليت تتخذ القرارات وتصنع السياسة‬
‫العامة‪ ،‬فالسياسة العامة وفقا هلذا النموذج تتبناها وتنفذها احلكومة يتميز هذا املدخل النموذج‬
‫ابلطابع الوصفي و القانوين ‪،‬بسبب ارتكازه على املؤسسات احلكومية الرمسية و أتكيده على أن‬

‫‪ -‬جيمس‪ ،‬آندرسون ‪،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪. 33‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪ -76‬عادل فتحي‪ ،‬اثبت عبد احلفيظ‪،‬النظرية السياسية املعاصرة ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪ ،1551‬ص‪. 189‬‬
‫السياسة العامة نشاط جيري داخل املؤسسات احلكومية‪ ،‬يعين أنه يركز على الفواعل السياسية‬
‫احلكومية و يهمل بشكل كلي الفواعل غري احلكومية كاألحزاب السياسية و مجاعات‬
‫املصاحل‪...77‬كما يعمل على إلغاء التفاعالت القائمة بني هذه الفواعل و دور هذه التفاعالت يف‬
‫رسم و صنع السياسة العامة‪ ،‬لكن و مع بروز املدرسة السلوكية عرف هذا املدخل تعديالت و‬
‫تطورات‪ ،‬حيث أصبح االهتمام منصبا أكثر على العملية السياسية أو صنع السياسات العامة يف‬
‫إطار املؤسسات احلكومية من خالل الرتكيز على جمموع السلوكات و الفواعل السياسية احلكومية و‬
‫غري احلكومية املشاركة يف هذه العملية‪ ،‬إن تطور هذا املدخل أدى إىل االنتقال من دراسة ما جيب أن‬
‫يكون إىل دراسة ما هو كائن‪ ،‬أي أنه مل يكتف ابجلوانب اهليكلية بل تعداها إىل دراسة جمموع‬
‫التفاعالت القائمة بني الفواعل احلكومية و غري احلكومية إىل جانب عالقات التأثري املتبادلة بني هذه‬
‫املؤسسات و البيئة احمليطة‪ ،‬و دور هذا التأثري يف رسم السياسات العامة‪.‬‬

‫‪ -3‬املدخل الكلي الرشيد و املدخل التدرجيي‪:‬‬

‫املدخل الكلي الرشيد‪:‬‬

‫تعود جذور هذا املدخل إىل أفكار املدرسة الكالسيكية يف اإلدارة (اإلدارة العلمية‪ ،‬التقسيم اإلداري‪،‬‬
‫النموذج البريوقراطي)‪ ،‬اليت كانت تبحث عن مبادئ و قواعد تؤدي إلدارة ميثالية و إلختاذ قرارات‬
‫ميثالية دون وجود أي جمال للخطأ‪.‬‬

‫وفقا هلذا املدخل‪ ،‬فإن القرار الرشيد أو السياسة الرشيدة هو ذلك الذي حيقق أكرب عائد (انتج)‬
‫اجتماعي معني‪ ،‬مبعىن حتقيق الفوائد الكبرية وفقا ألقل قدر من التكاليف املطلوبة‪.78‬‬

‫ويقوم هذا املدخل من العناصر األساسية التالية‪:79‬‬

‫‪ -‬وجود مشكلة حمددة‪ ،‬وهي قابلة ألن تدرس بشكل متأين وجديرة ابالهتمام ‪.‬‬

‫‪ -77‬عادل فتحي‪ ،‬اثبت عبد احلفيظ‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص‪.918‬‬


‫‪ - 78‬فهمي خليفة‪ ،‬الفهداوي ‪،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ - 79‬احلسني ‪،‬أمحد مصطفى‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ -‬حتديد األهداف‪ ،‬أي أن صانع القرار يقوم ابختاذ قراره يف ظل وضوح األهداف وأمهيتها وترتيبها‬
‫تبعا لدرجات األفضلية فيها وترتيبها يكون منطقيا‪.‬‬

‫‪ -‬فحص مجيع البدائل ودراستها بصورة كاملة‪ ،‬مع حتديد وحتليل النتائج املتوقعة من اختيار البدائل‬
‫كلها قياسا ومقارنة مع التكلفة‪.‬‬

‫‪ -‬و يقوم هذا املدخل على اإلعتبار املعياري مبعىن امكانية قياس الفرق بني القيم املضحى هبا و القيم‬
‫املكتسبة جراء اختاذ قرار معني‪.‬‬

‫‪ -‬إن كل بديل جرى اختياره‪ ،‬جتري عليه عملية مقارنة تبعا ملا يتوقع عنه من نتائج مع البدائل‬
‫األخرى‪ ،‬سعيا لتحديد البديل األفضل‪.‬‬

‫وابلتايل يقوم صانع القرار بناء على تلك اخلطوات السابقة ابختيار البديل األفضل‪ ،‬الذي ميكن صانع‬
‫القرار من إمكانية حتقيق اهلدف املسطر يف البداية وأبقل تكاليف ممكنة بوصفه األفضل من بني مجيع‬
‫البدائل األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬يف ظل هذا املدخل املعلومات كلها متوفرة لدى متخذ القرار و البدائل كلها متوفرة كذلك ‪ ،‬و‬
‫يقوم متخذ القرار إبجراء عمليات حسابية بني ما سيكسبه و ما سيضحي به حىت يتخذ القرار ذو‬
‫املنفعة القصوى‪.‬‬

‫عرف هذا املدخل انتقادات عديدة من أمهما وجود حمدودية للعقالنية بسبب عدم توفر املعلومات‪،‬‬
‫و وجود معوقات يتلقاها متخذ القرار سواء كانت ضغوطات و أتثريات من البيئة الداخلية و‬
‫اخلارجية‪ ،‬و عدم قدرته على معرفة كل القيم املكتسبة و املضحى هبا‪ ،‬هذه اإلنتقادات كانت بداية‬
‫لظهور مدخل آخر و هو املدخل التدرجيي أو الرتاكمي‪.‬‬

‫‪ -‬املدخل التدرجيي‬

‫هذا املدخل جيد جذوره يف أفكار املدرسة السلوكية أمثال هربرت ساميون و خصوصا نظريته العقالنية‬
‫احملدودة‪ ،‬و يقوم هذا النموذج يف عملية صنع القرار من خالل كون السياسة العامة ماهي يف حقيقة‬
‫األمر إال استمرارية للنشاطات احلكومية السابقة‪ ،‬مع وجود بعض التعديالت التدرجيية‪.‬‬
‫وصاحب هذا املدخل هو ‪ :‬تشارلز لندبلوم يف مقالته الشهرية‪" :‬علم التخبط العشوائي أو نظرية‬
‫اخلوض يف الوحل"‪ ،80‬ابعتبار أن صانعي القرارات يفضلون جتزئة املشكالت عند صياغة القرارات‪،‬‬
‫لغرض التمكن من اختيار القرار الذي حيقق يف كل منها هامشا مطلواب من احلل‪.81‬‬

‫ويقوم املدخل التدرجيي على أساس أن القرار والسياسة العامة عملية تراكمية حمورها اإلضافة ملا مت يف‬
‫املاضي‪ ،‬وحماولة حتسني الوضع بصورة آنية وجزئية‪ ،‬وعليه فإن الربامج واملشروعات الراهنة وما يتصل‬
‫هبا من سياسيات تتخذ كقاعدة يبىن عليها مع إضافة بعض التعديالت اجلزئية‪.‬‬

‫‪ -4‬مدخل الفحص املختلط‪:‬‬

‫صاحب هذا املدخل هو أميتاي اتزيوين ‪ Amitai Etzioni‬الذي دعا إىل ضرورة إجياد مدخل‬
‫توفيقي يف عملية صنع القرار واختاذه‪ ،‬حبيث أيخذ هذا املدخل من املدخل الكلي الرشيد كما أيخذ‬
‫أيضا جبانب من املدخل التدرجيي‪.‬‬

‫وجاءت أفكار اتزيوين بناء على االنتقادات اليت وجهها إىل املدخل العقالين على أساس أنه مدخل‬
‫خيايل‪ ،‬وأن صانع هذا القرار هو إنسان ال ميكن أن يتصف بكل صفات الكمال اليت تؤهله الختاذ‬
‫قرار رشيد‪ ،‬كما وجه انتقادات للمدخل التدرجيي جتلت يف أن اإلنسان ال يعرف كل البدائل‪ ،‬وأن‬
‫هذا املدخل يركز على حاضر املؤسسة وماضيها دون االهتمام ابملستقبل‪.82‬‬

‫وعليه فقد قدم اتزيوين بديال أطلق عليه الفحص املختلط‪ ،‬واعترب أن عملية التخطيط والتنفيذ‬
‫وظيفتان متكاملتان‪ ،‬ما يعين أن مرحلة التخطيط تستدعي اعتماد املدخل الرشيد ومرحلة التنفيذ‬
‫تتطلب اعتماد املدخل التدرجيي‪.‬‬

‫أي أن السياسة العامة متر مبرحلتني التخطيط مث التنفيذ‪ ،‬ففي التخطيط يتم اإلعتماد على املدخل‬
‫الكلي الرشيد‪ ،‬و يف التنفيذ يتم اإلعتماد على املدخل التدرجيي‪.‬‬

‫‪ - 80‬جنيب وصال‪ ،‬العزاوي‪ ،‬مبادئ السياسة العامة‪،‬عمان‪ ،‬دار أسامة للنشر و التوزيع‪ ،0220 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 81‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ -82‬حسن‪ ،‬أبشر الطيب ‪،‬املرجع السابق الذكر‪،‬ص‪.152‬‬
‫وابلتايل فإن اتزيوين حاول التوفيق بني املدخلني من أجل احلصول على مدخل قائم على الدمج بني‬
‫العقالنية والتدرجيية اليت تعترب األسس اليت يقوم عليها مدخل الفحص املختلط‪.‬‬

‫بعد التطرق إىل بعض املداخل اليت عنيت بتحليل و تفسري أسباب صنع السياسيات العامة‪ ،‬و‬
‫خلفيات ذلك و آاثره ابعتبارها ظاهرة ديناميكية‪ ،‬نالحظ أن كل مدخل يركز و حيصر جمال اهتمامه‬
‫يف بعض اجلوانب و إمهال دور اجلوانب األخرى‪.‬‬
‫اخلــات ـمــة‬

‫اخلامتة‬
‫حاول املعنيون من علماء السياسة واإلدارة العامة واالجتماع أن يربطوا مفهوم السياسة العامة بقضااي‬
‫الشؤون اليت تتمثل ابحلاجات واملطالب والقضااي واملشكالت على الرغم من وجود تفاوت وتباين‬
‫حول األسس اليت ينطلقون منها عند تعريفهم للسياسة العامة‪.‬‬

‫وينبغي أن أيخذ مفهوم السياسة العامة العناصر التالية بعني االعتبار‪:‬‬

‫‪-‬كون السياسة العامة جمموعة القواعد والربامج احلكومية اليت تشكل قرارات أو خمرجات النظام‬
‫السياسي بصدد جمال معني ‪ ،‬ويتم التعبري عن السياسة العامة يف صور و أشكال عدة منها القوانني ‪،‬‬
‫واللوائح ‪ ،‬القرارات اإلدارية واألحكام القضائية‪.‬‬

‫‪-‬إن السياسة العامة جتسد عملية تنسيق وتعاون بني أجهزة الدولة املختلفة سواء كانت رمسية متمثلة‬
‫يف السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية أو غري رمسية متمثلة يف التنظيمات غري الرمسية مثل‬
‫النقاابت و التنظيمات املهنية وتنظيمات ا جملتمع املدين‪.‬‬

‫‪ -‬ونعين ابجلهات الرمسية األفراد الذين يتمتعون ابلصالحيات القانونية اليت تسمح هلم ابملشاركة يف‬
‫صنع السياسة العامة‪ ،‬حيث ويقوم أعضاء السلطة التشريعية ابلتشاور والتباحث والنقاش حول‬
‫السياسات العامة املعربة عن القضااي املعروضة عليهم من قبل اجلهات املعنية ‪ ،‬فمعظم السياسات‬
‫العامة والقواعد والقوانني املهمة اليت حتتاج إىل النظر فيها واملوافقة عليها رمسيا او شكليا إاما تتم من‬
‫قبل هؤالء املشرعني قبل أن تصبح قوانني انفذة ‪ ،‬وخيتلف دور املشرعني من حيث التأثري يف صنع‬
‫السياسة العامة بني القوة واحملدودية تبعا لطبيعة النظام السياسي القائم يف الدولة‪.‬‬

‫أما ابلنسبة للسلطة التنفيذية فتملك سلطات واسعة يف رسم السياسة العامة و صنع القرارات‬
‫العمومية ‪ ،‬فالسياسة العامة حتت رمحة اإلداريون كما يقول الفهداوي يف كتابه‪ ،‬و قوة هذه السلطة‬
‫تكمن يف املعلومات اليت ميلكها البريوقراطيون و اخلربة و الكفاءة اليت ميلكها التكنوقراطيون‪.‬‬

‫كما ال ميكن إغفال الدور الكبري الذي تقوم به األطراف و الفواعل األخرى الغري رمسية اليت تشارك‬
‫يف رسم السياسات العامة و صنع القرار بطريقة غري مباشرة عن طريق خمتلف األساليب اليت‬
‫تستخدمها‪.‬‬
‫‪-‬إن اجلهاز التنفيذي يلعب دورا هاما يف املراحل املختلفة لصنع السياسة العامة‪.‬‬

‫‪-‬إن السياسة العامة تعكس املصاحل العامة وابلتايل فهي على صلة وثيقة ومباشرة ابجملتمع واحلياة‬
‫اليومية للمواطنني‪.‬‬

‫‪-‬إن املصلحة العامة اليت تسعى احلكومة إىل حتقيقها ختتلف عن املصلحة اخلاصة جلماعة مصلحية‬
‫أو خنبة سياسية معينة‪.‬‬

‫تعدد فواعل رسم السياسات العامة و صنع القرار أدى إىل تعدد املراحل اليت متر عليها و اليت ميكن‬
‫إمجاهلا يف حتديد املشكلة و وضع األجندة السياسية أو جدول األعمال‪ ،‬تشكيل مقرتحات السياسة‬
‫و صياغة السياسات‪ ،‬مرحلة تنفيذ السياسة العامة‪ ،‬مرحلة تقومي السياسات العامة‪.‬‬

‫من انحية أخرى تعددت املداخل التحليلية لدراسة السياسة العامة و صنع القرار‪ ،‬و كل مدخل يركز‬
‫على زاوية معينة‪.‬‬
‫قــائـمـة املـراجـع‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬

‫املراجع ابللغة العربية‪:‬‬


‫اندرسون‪ ،‬جيمس ‪ ،‬صنع السياسات العامة ‪(،‬ترمجة‪ :‬عامر الكبيسي‪،‬األردن‪ :‬دار املسرية‬ ‫‪)1‬‬
‫‪.)1111،‬‬

‫املوند‪ ،‬جابرييل ‪ ،‬بويل‪ ،‬بنجهام ‪ ،‬السياسة املقارنة إطار نظر ي ‪( ،‬ترمجة‪ :‬حممد بشري املغازي ‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫بنغازي‪ :‬منشورات‪ .‬قار يونس‪)1111،‬‬

‫أبشر الطيب ‪،‬حسن‪ ،‬الدولة العصرية‪:‬دولة مؤسسات‪ ،‬القاهرة‪:‬الدار الثقافية للنشر‪.2222 ،‬‬ ‫‪)3‬‬

‫الفهداوي ‪،‬فهمي خليفة ‪ ،‬السياسة العامة‪:‬منظور كلي يف البنية و التحليل‪،‬عمان‪:‬دار املسرية ‪،‬‬ ‫‪)4‬‬
‫‪. 2221‬‬

‫احلسني ‪،‬أمحد مصطفى‪، ،‬حتليل السياسات‪:‬مدخل جديد للتخطيط يف األنظمة احلكومية‪،‬‬ ‫‪)5‬‬
‫ديب‪:‬مطابع البيان التجارية‪1114 ،‬‬

‫الشرقاوي‪ ،‬علي ‪ ،‬السياسات اإلدارية‪،...‬اإلسكندرية ‪:‬املكتب العريب احلديث‪.2222،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫الكبيسي‪ ،‬عامر خضري ‪ ،‬السياسات العامة مدخل لتطوير أداء احلكومات‪ ،‬القاهرة‪:‬املنظمة العربية‬ ‫‪)7‬‬
‫للتنمية اإلدارية ‪2222‬‬

‫الفوا ‪،‬صالح مصطفى‪ ،‬معامل الفكر السوسيولوجي املعاصر ‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر العريب ‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫‪1122‬‬

‫املوسوعة الدولية للعلوم اإلجتماعية‪ ،‬الكويت ‪:‬دار القلم ‪.1125 ،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪ )12‬املغرييب ‪،‬حممد زاهي بشري ‪،‬قراءات يف السياسة املقارنة ‪ :‬قضااي منهاجية و مداخل نظرية‪ ،‬ليبيا‪:‬‬
‫منشورات جامعة قاريونس ‪2222،‬‬

‫‪ )11‬احلسني ‪،‬أمحد مصطفى‪،‬حتليل السياسات‪:‬مدخل جديد للتخطيط يف األنظمة احلكومية‪ ،‬ديب‪:‬مطابع‬


‫البيان التجارية‪1114 ،‬‬
‫‪ )12‬السويدي‪ ،‬حممد ‪،‬علم اال جتماع السياسي ميادينه وقضاايه‪ ،‬اجلزائر ‪ :‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪.1111،‬‬

‫‪ )13‬الكواري ‪،‬علي خليفة ‪ ،‬الشليب‪ ،‬مجا وآخرون‪ ، ...‬املسألة الدميقراطية يف الوطن العريب‪ ،‬بريو ت‪:‬‬
‫سلسلة كتب املستقبل العريب ‪ ، 11‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2222 ،‬‬

‫‪ )14‬اخلضراء‪ ،‬بشري حممد ‪،‬النمط البنيوي اخلليفي يف القيادة السياسية العريبة والدميقراطية‪ ،‬بريوت‪:‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪.2225 ،‬‬

‫‪ )15‬العزاوي‪ ،‬جنيب وصا ‪ ،‬مبادئ السياسة العامة‪ ،‬عمان‪ :‬دار أسامة للنشر و التوزيع‪.2223 ،‬‬

‫‪ )11‬الشعراوي‪ ،‬مجعة سلوى ‪ ،‬و آخرون‪ ،‬حتليل السياسات العامة يف الوطن العريب ‪،‬القاهرة‪:‬مركز‬
‫دراسات واستشارات اإلدارة العامة ‪2224 ،‬‬

‫‪ )17‬املنويف ‪،‬كما ‪ ،‬السياسة العامة و أداء النظام السياسي‪ ،‬القاهرة‪:‬مكتبة النهضة املصرية‪.1112 ،‬‬

‫‪ )12‬برو‪ ،‬فيليب ‪،‬علم االجتماع السياسي ‪( ،‬ترمجة ‪ :‬صاصيال ‪،‬حممد عرب ‪ ،‬بريو ت‪ :‬املؤسسة اجلامعية‬
‫للدراسات والنشر والتوزيع‪.) 1112 ،‬‬

‫‪ )11‬كنعان‪ ،‬نواف ‪ ،‬اختاذ القرارات اإلدارية بني النظرية والتطبيق‪ ،‬األردن‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر‪.1112،‬‬

‫‪ )22‬حممد اجلما راسم ‪ ،‬االتصا و اإلعالم يف الوطن العريب‪ ،‬بريوت‪:‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪2224‬‬

‫‪ )21‬مركز البحوث العربية و اإلفريقية‪،‬الدولة الوطنية و حتدايت العوملة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة مدبويل‪،‬‬
‫‪.2224‬‬

‫‪ )22‬عبده عزيزة‪ ،‬اإلعالم السياسي و الرأي العام‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفجر للنشر و التوزيع‪2222 ،‬‬
‫ اإلعالم العريب و التكنولوجية و وسائل التكنولوجيا احلديثة لالتصا يف الثورة‬،‫محدي‬، ‫) قنديل‬23
.1111 ،‫املنظمة العربية للرتبية و الثقافة و العلوم‬:‫ تونس‬،‫التكنولوجية و وسائل االتصا العربية‬

‫ املراجع ابللغة األجنبية‬-‫ب‬

Daniel Kubler, Jacques de Maillard, Analyser les politiques )24


publiques, presse universitaire de grenoble, France,2009

jacques fontanel, évaluation des politiques )25


.publiques,paris,2008

georgs.c.edwards-lrasharkansky,les politiques )21


publiques,paris,les editions d’organisation,1981

Guillaume Marc, Ou vont les autoroutes de l’information, )27


Paris : Descartscie, 1997
‫الـفـهـرس‬

‫الفهرس‬
‫الصفحة‬
‫مقدمة ‪1..................................................................................‬‬
‫الفصل األو ‪:‬اإلطار النظري و املفاهيمي لرسم السياسة العامة و صنع القرار‪3...............‬‬
‫املبحث األو ‪:‬ماهية السياسة العامة‪4. ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬

‫‪-1‬مفهوم السياسة العامة‪4........ . . ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬


‫‪-0‬خصائص السياسة العامة ‪7 ........ ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬

‫‪ -8‬تطور مفهوم السياسة العامة‪8... ........ ........ ........ .......... ........ ........‬‬
‫‪-8‬أنواع السياسة العامة‪11..... ........ ........ ........ ........ ........ ..............‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬ماهية صنع القرار‪14...................... ........ ....... ........ ........‬‬
‫‪-1‬تعريف القرار‪14......... ........ ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬
‫‪ -2‬الفرق بني صنع القرار واختاذ القرار ‪11............... ........ ...... ........ ........‬‬
‫‪ -3‬أنواع القرارات‪17........ ........ .............. ........ ........ ........ ........‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬فواعل رسم السياسة العامة و صنع القرار‪11. ........ ..... ........ ........‬‬
‫املبحث األو ‪ :‬الفواعل الرمسية يف رسم السياسة العامة و صنع القرار‪11....................‬‬
‫‪ -1‬السلطة التشريعية‪11.................................. ........ ..... ........ ........‬‬
‫‪ - 1‬السلطة التنفيذية‪14................................ ........ ........ ....... ........‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬الفواعل غري الرمسية يف رسم السياسة العامة و صنع القرار‪17.................‬‬
‫‪ -1‬األحزاب السياسية‪18.............................. ........ ........ ........ ........‬‬
‫‪ -1‬مجاعات املصاحل‪12........ ........ ................................ ........ ........‬‬
‫‪ -0‬وسائل اإلعالم‪31........ .......... ............................... ........ ........‬‬
‫‪ -4‬القوى الدولية‪31........ ................................... ....... ........ ........‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬مراحل و مداخل دراسة السياسة العامة و صنع القرار ‪34...................‬‬
‫املبحث األو ‪:‬مراحل رسم السياسة العامة و صنع القرار‪33....... ........ ...... ........‬‬
‫‪-9‬حتديد املشكلة و وضع األجندة السياسية أو جدول األعمال‪31..... ............ .........‬‬
‫‪-1‬تشكيل مقرتحات السياسة و صياغة السياسات‪32........ ......... ... ........ ........‬‬
‫‪ -1‬مرحلة تنفيذ السياسة العامة‪41...................... ........ ........ ........ ........‬‬
‫‪ -8‬مرحلة تقومي السياسات العامة‪43..................... ......... ..... ........ ........‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬املداخل التحليلية لدراسة السياسة العامة و صنع القرار‪44.....................‬‬
‫‪-9‬مدخل اجلماعة و مدخل النخبة‪43..................... ........ ...... ........ ........‬‬
‫‪-2‬مدخل النظم و املدخل املؤسسايت‪47.................. ........ ....... ........ ........‬‬
‫‪-3‬املدخل الكلي الرشيد و املدخل التدرجيي‪35.......... ........ ........ ........ ........‬‬
‫‪-4‬مدخل الفحص املختلط‪31.......................... ........ ........ ........ ........‬‬
‫اخلامتة‪34.... ......... .... ........ ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬
‫قائمة املراجع‪37.... ........ ........ ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬
‫الفهرس‪11.. ........ ........ ...... ........ ........ ........ ........ ........ ........‬‬

You might also like