You are on page 1of 21

‫ماسرت ادلس تور واحلاكمة املالية‬

‫وحدة‪ :‬تقييم السياسات العمومية‬


‫عرض حول‪:‬‬

‫آليات وتقنيات تقييم السياسات‬


‫العمومية‬

‫حتت ارشاف ا ألس تاذة‪:‬‬ ‫من اعداد الطلبة‪:‬‬


‫دة‪ .‬خدجية أأولغازي‬ ‫معاذ البوش‬
‫فاطمة الزهراء بزوط‬
‫معر يــزوغ‬
‫الهتايم بوبكريي‬
‫هشام اجلنات الدريس‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪2021-2022‬‬
‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫لقد شهد العالم خالل السنوات األخيرة عددا من المتغيرات األساسية طالت مختلف جوانب‬
‫الحياة المعاصرة في كافة دول العالم على اختالف تكويناتها ومستويات تقدمها‪ ،‬إذ أثرت تلك‬
‫المتغيرات على أسلوب الحياة ونسق العالقات االجتماعية والسياسية واالقتصادية لدى سائر األمم‪،‬‬
‫حيث بادرت مجموعة من الدول إلى إنشاء مؤسسات سياسية ودستورية تتعاون فيما بينها لتحقيق‬
‫المصلحة العامة للبالد وتعد المؤسسة البرلمانية من أهم هذه المؤسسات‪ ،‬باعتبارها الهيئة التي تمثل‬
‫األمة وهي ركيزة أساسية من الركائز التي يقوم عليها البناء الديموقراطي‪.‬‬

‫ولتقييم السياسات العمومية يتم االعتماد على رصد وتحليل األطر الدستورية والنظم القانونية‬
‫والمطالب الملحة للمجتمع‪ ،‬وتقييم األدوار الفعلية للفاعلين الرئيسيين في صنعها‪ ،‬وتحليل مضمون‬
‫ومحتوى السياسة موضوع الدراسة‪ ،‬بقصد الوقوف على اهدافها وأولوياتها‪.‬‬

‫هذا وقد ظهرت البوادر األولى لتحليل السياسات العمومية خالل عقد الثالثينيات من القرن‬
‫الماضي (‪ )1936‬بالواليات المتحدة األمريكية عبر بعض األعمال المؤسسة التي حاولت إخضاع‬
‫العمل العمومي للشرط العلمي والموضوعي في القراءة والتحليل والتركيب‪.1‬‬

‫أما في المغرب فلم تظهر السياسات العمومية إال في فترة التسعينيات وذلك على غرار فرنسا‬
‫التي لم تهتم بها في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي(‪ )1985‬وقد ارتبط تطور السياسات‬
‫العمومية بمختلف القفزات التي عرفها علم السياسة والفكرة المراد التأسيس لها حول الدور الجديد‬
‫للدولة‪ ،‬فلم يعد دور هذه األخيرة ينحصر فقط في تحقيق األمن والدفاع عن السيادة الوطنية أي ما‬
‫كان يسمى بالدولة الحارسة‪ ،‬بل تتجاوز هذه الوظيفة التقليدية إلى ما هو أوسع إذ أصبحت تتدخل في‬
‫العديد من القضايا االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية والبيئية أي أصبحت دولة تدخلية‪.‬‬

‫وتتنوع مداخل تقييم السياسات العمومية وفق االتجاهات السياسية ‪ ،‬والخلفيات النظرية الممكنة‬
‫لتأطير عملية التقييم‪ ،‬لتشمل مختلف الظواهر و العوامل التي تساعد على فهم السياسات العامة‪ ،‬فمن‬
‫جهة‪ ،‬تعتمد المقاربة السلوكية عبر مدخل الجماعات على دراسة التفاعالت الحاصلة بين الجماعات‬
‫النافذة داخل المجتمع‪ ،‬وعلى الصراعات أو التسويات التي تتم بينهما و التي تشكل نواة السياسة‬
‫العامة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ترتكز المقاربة البنيوية عبر مدخل النخبة على فكرة أن المجتمع مكون‬
‫حسن طارق‪ ،‬مبادئ ومقاربات في تقييم السياسات العمومية‪ ،‬منشورات جمعية الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬أبريل ‪ ،2014‬ص‪.11.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫من أقلية متنفذة مسيطرة مالكة للسلطة‪ ،‬و أغلبية تشكل كتلة الحكومة‪ ،‬فاألولى يتأتى لها االستئثار‬
‫بالقوة السياسية‪ ،‬وسلطة اتخاذ القرارات الهامة التي تؤطر الحياة العامة للمجتمع‪ ،‬في حين تركز‬
‫المقاربة النسقية عبر مدخل النظم على أن السياسات العمومية هي منتوج النظام السياسي القائم في‬
‫المجتمع‪ ،‬وأنها استجابة للضغوط والمطالب الملحة في المجتمع تجاه الطبقة الحاكمة‪،‬أما المقاربة‬
‫أما على مستوى تقنيات تقييم‬ ‫المؤسساتية فتقوم على دراسة مؤسسات الدولة وتمفصالت السلطة‪،‬‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬فتتميز بتعدد مداخلها حسب مواصفات وعناصر كثيرة‪ ،‬من قبيل توقيت إجرائها‬
‫‪ ،‬أو من حيث زاوية المشاركة في التقييم ‪ ،‬أو من خالل طبيعتها‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬قبل الخوض في مقاربة موضوع آليات وتقنيات تقييم السياسات العمومية البد أوال من‬
‫تعريف المفاهيم المفاتيح المؤثثة للموضوع وهي كالتالي‪:‬‬

‫التقييم ‪ : Evaluation‬وهو تحديد قيمة نشاط عمومي بالرجوع إلى معايير ومقاييس واضحة‪،‬‬
‫ويستند هذا التقييم على معلومات تم جمعها وتفسيرها خصيصا لتحديد قيمة هذا النشاط‪.‬‬

‫وقد عرفه " طوماس داي " بأنه تقدير الفاعلية أو التأثيرات الكلية للبرنامج الوطني في بلوغه‬
‫ألهدافه‪.2‬‬

‫هذا ويتشابه التقييم مع مجموعة من المفاهيم الرقابية األخرى كالتدقيق واالفتحاص والمراقبة‪ ،‬لكن‬
‫مع ذلك يظل التقييم هو اآللي ة الفعالة التي تساعد على فهم واستيعاب طرق تنفيذ الحكومة لبرامجها‬
‫وسياستها العمومية‪.‬‬

‫السياسات العمومية‪ ،Les politiques publiques:‬أوال السياسات هي جمع سياسة والسياسة‬


‫حقل معرفي شاسع يتفرع إلى ثالثة معاني وهي ‪ :‬المجال السياسي وهو ما يهتم بالتنظيم السياسي‬
‫للمجت مع خاصة عالقة المواطن بالدولة‪ ،‬مدخالت المنظومة وتعني كل ما يدخل في إطار السلطة‬
‫وممارستها والبقاء فيها‪ ،‬ثانيا مخرجات المنظومة التي تتمثل في تلك النتائج المحصل عليها من تنفيذ‬
‫سياسة عمومية‪.‬‬

‫فهمي خليفة الفهداوي‪ ،‬السياسة العامة منظور كلي في البنية والتحليل‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2001‬ص‪.311.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫وارتباط السياسات بمجموعة من المواطنين هو الذي يعطيها صفة عمومية‪ ،‬وتعرف أيضا بأنها‬
‫ما ينتجه النظام داخل مؤسسة الدولة إذ أنها إحدى مخارج هذا النظام فهي في العمق تستبطن جوابا‬
‫عن مشكلة عامة‪.‬‬

‫وقد حاول األمريكي "هارولد السويل" ‪ Harold Lasswel‬من خالل كتابه "السياسة" فهم‬
‫وتحليل تدخل الحكومة من خالل طرح مجموعة من األسئلة‪ :‬من يحصل؟ على ماذا؟ متى؟ وكيف؟‪،‬‬
‫من بمعنى الفئات المستفيدة‪ ،‬ماذا‪ :‬أي الخدمات المقدمة‪ ،‬متى‪ :‬أي السياق الزمني‪ ،‬كيف‪ :‬بمعنى‬
‫طرق وإجراءات تقديم هذه الخدمات‪.‬‬

‫وتظهر أهمية موضوع آليات وتقنيات تقييم السياسات العمومية من خالل األدوار المهمة التي تلعبها‬
‫المدارس المؤطرة لتقييم السياسات العمومية وكذا مختلف التقنيات التي توظف لتحليل وتقييم‬
‫السياسات العمومية‪.‬‬

‫ولمقاربة هذا الموضوع يمكن طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫ماهي مختلف اآلليات والتقنيات المعتمدة لتقييم السياسات العمومية؟‬

‫من هذه اإلشكالية تتفرع األسئلة التالية؟‬

‫➢ ما هي مختلف المقاربات النظرية لتقييم السياسات العمومية ؟‬


‫➢ ماهي مختلف أنماط تقنيات تقييم السياسات العمومية ؟‬
‫➢ ماهي أبرز االتجاهات المؤطرة لتحليل السياسات العمومية؟‬

‫ولدراسة هذا الموضوع‪ ،‬واإلجابة عن اإلشكالية المحورية سيتم االعتماد‪ ،‬على المنهج الوظيفي‬
‫لتوضيح وتحليل وظائف كل من المقاربات النظرية والتقنيات المستعملة لتقييم السياسات العمومية‪.‬‬

‫لإلجابة عن هذا اإلشكال نعتمد التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نظريات تقييم السياسات العمومية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تقنيات تقييم السياسات العمومية‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نظريات تقييم السياسات العمومية‬
‫تتنوع مداخل تقييم السياسات العمومية وفق االتجاه السياسي ‪ ،‬سيتم التركيز على أهمها في‬
‫محاولة لعرض أهم الخلفيات النظرية الممكنة لتأطير عملية التقييم‪ ،‬لتشمل مختلف الظواهر و‬
‫العوامل التي تساعد على فهم السياسات العامة‪ ،‬و بهذا سوف نتناول في هذا المبحث مطلبين‪،‬‬
‫سنخصص المطلب األول ل لمقاربة السلوكية و البنيوية أما على مستوى المطلب الثاني سوف نتطرق‬
‫فيه إلى المقاربة النسقية و المؤسساتية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المقاربة السلوكية والبنيوية‬


‫تنبني المقاربة السلوكية على مدخل الجماعات (الفقرة األولى)‪ ،‬بينما يشكل مدخل النخبة النواة‬
‫األساسية للمقاربة البنيوية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مدخل الجماعات‬


‫يرتكز هذا المدخل على دراسة التفاعالت الحاصلة بين الجماعات النافذة داخل المجتمع‪ ،‬وأن‬
‫الصراعات أو التسويات التي تتم بينهما هي التي تشكل نواة السياسة العامة‪ ،‬حيت تتآلف الجماعات‬
‫وفقا ل مصالحها وتشكل وحدة ضغط على الحكومة‪ ،‬هذه األخيرة تتفاعل معها و تستجيب لمطالبها‬
‫التي تشكل موضوع التدخل وسن القوانين و إقرار السياسات‪ ، 3‬لقد أحدث هذا االتجاه تحوال مهما‬
‫في تحليل السياسات العامة‪ ،‬حيث نقل االهتمام و التركيز من المؤسسات و البنيات الرسمية إلى‬
‫التركيز على األفعال و تفاعالتها‪ ،‬بمعنى التعمق في دراسة الفعل السياسي في إطار فعل المؤسسات‬
‫الديناميكي وليس في إطار البنيات الجامدة‪ ،‬فقد نقل هذا االتجاه دراسة النشاط السياسي من مستوى‬
‫أعلى يهتم بالبنيات و المؤسسات إلى مستوى أدنى يهتم بالنشاط و الحركية المؤسسة‪ ،‬دون أن ينزل‬
‫لمستوى فعل و أثر الفرد‪ ،‬باعتبار أن الفرد يصنع تحركه و يبني مواقفه من خالل الجماعة التي‬
‫ينتمي إليها ‪ ،‬باعتبارها ضابطا و موجها لسلوكه‪ ،‬لهذا أولى رواد هذا التوجه االهتمام للجماعة في‬
‫صياغة السياسة العامة و تقييمها ‪ ،‬بدال من تأثير األفراد أو النخبة أو غيرهما ‪ ،‬وقد اعتبر آرثر‬
‫فيشر بينتلين ‪ Arthur Ficher Bentley‬في كتابه "العملية السياسية"‪ 4‬أن السياسات العامة‬
‫وفقا لهذا المدخل نتاج لصراع الجماعات و ضغطها على النظام‪ ،‬فهي نتاج لتوازن القوى أو‬
‫المصالح داخل النظام السياسي تتوصل إليه الجماعات عبر نضالها ‪ ،‬تجمعهم قيم مشتركة‪ ،‬يؤدي‬
‫‪ 3‬جيمس اندرسون‪ ،‬ترجمة عامر الكبيسي‪ ،‬صنع السياسات العمومية‪ ،‬دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،,2002،‬ص‪.34:‬‬
‫‪4‬موقع العلوم االجتماعية ‪ ،https://mimirbook.com/ar/29baaa06351 ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 08‬يناير‪ 2022‬على الساعة التاسعة مساء‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اإلحساس الجماعي باالنتماء و االفتقار ل مصلحة معينة إلى تشكيل جماعة مصلحية‪ ،‬تتحول إلى‬
‫جماعة ضغط عندما تقوم بصياغة مطالبها الخاصة و تطرحها للتفاوض و المناقشة مع األجهزة‬
‫الحكومية للتوصل إلى تنفيذها‪ ،‬و الفرد يستمد قوته من انتمائه إلحدى هذه الجماعات التي يضمن من‬
‫خاللها مصالحه‪.‬‬

‫تعكس السياسات العامة في أي مرحلة من مراحلها مصالح الجماعة الضاغطة ‪ ،‬ومع تغيير‬
‫موازين القوى وتبدل المواقع طبقا لمنطق الربح و الخسارة ‪ ،‬و النفوذ األقوى‪ ،‬فإن هذه السياسات‬
‫العامة تعرف تغيرا و تحوال لصالحها ‪ ،‬فالتشريعات ماهي إال نتاج لصراع المصالح داخل المجتمع‬
‫‪ ،‬ودور الحكومة هنا هو حسم الصراع لصالح الجماعة القوية‪ ،‬و بالتالي فإقرار السياسات العامة ما‬
‫‪5‬‬
‫هو إال الوجه الظاهر للمساومات و المفاوضات الخفية لجماعة المصالح‬

‫من المفيد استحضار دور الجماعات الضاغطة في عملية تقييم السياسات العمومية‪ ،‬و مصالحها‬
‫المتضارب ة و الخلفيات المتحكمة فيها‪ ،‬غير أنه ال يمكن االعتماد عليها بشكل مطلق و إغفال المداخل‬
‫األخرى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مدخل النخبة‬


‫ظهر مفهوم النخبة في مقابل مفهوم الطبقة الذي اعتمدته النظرية الماركسية في التحليل‬
‫السياسي‪ ،‬حيث تعتبر المجتمع منقسما إلى طبقات‪ ،‬طبقة تملك كل شيء و هي التي تحكم ‪ ،‬وطبقة ال‬
‫تملك شيئا و هي التي تخضع للحكم و السيطرة‪.‬‬

‫و قدد حدد موريس ديفرجي ‪ Maurice Duverger‬مفهوم الطبقة من خالل ثالث عناصر‬
‫أساسية ‪:‬‬

‫✓ وجود حاالت التفاوت الجماعي في مجتمع معين‬


‫✓ تداخل هذا التفاوت مع تراتبية في السلطة‬
‫‪6‬‬
‫✓ إضافة إلى اإلحساس أو الشعور باالنتماء إلى نفس الطبقة‬

‫‪ 5‬جيمس اندرسون‪ ،‬ترجمة عامر الكبيسي‪ ،‬صنع السياسات العمومية‪،،‬‬


‫‪ 6‬موريس دوفرجيه‪ ،‬ترجمة سليم حداد‪ ،‬علم السياسة‪ ،‬مبادئ علم السياسة‪ ،‬الطبقات االجتماعية ‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ‪ ،‬بيروت‬
‫‪،2001‬ص ‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫في حين ترى نظرية النخبة‪ ،‬أن المجتمع مكون من أقلية متنفذة مسيطرة مالكة للسلطة‪ ،‬و أغلبية‬
‫تشكل كتلة الحكومة‪ ،‬فاألولى يتأتى لها االستئثار بالقوة السياسية‪ ،‬وسلطة اتخاذ القرارات الهامة التي‬
‫تؤطر الحياة العامة للمجتمع‪ ، 7‬وذلك من خالل المكانة التي تحظى بها تلك األقلية بفعل امتالكها‬
‫للسلطة أو القرب منها ‪ ،‬أو بفعل االنتماء القبلي أو العائلي‪ ،‬أو من خالل النفوذ االقتصادي‪ ،‬وأيضا‬
‫من خالل النفوذ الديني‪ ،‬أو عبر القدرات التنظيمية الكبيرة ‪ ،‬إضافة إلى ما قد تمكنه السلطة العلمية‬
‫من النفوذ و السيطرة‪ ،‬و تتميز هذه األقلية بنوع من التماسك في مواجهة القوى األخرى داخل‬
‫المجتمع ‪ ،‬أما الفئة المقابلة و التي تفتقر آلليات التأثير ‪ ،‬تشكل األغلبية العريضة داخل المجتمع و‬
‫تكون موضوع الحكم‪ ،‬و ال تتخذ القرار بل عليها التنفيذ و الخضوع‪.8‬‬

‫يعتبر أصحاب مدخل النخبة لتقييم السياسات العمومية أن أي مجتمع ال بد أن تكون فيه نخبة متفوقة‬
‫و حاكمة‪ ،‬تتحكم في مسار القرار‪ ،‬مالكة لزمام المبادرة و الفعل ‪ ،‬وبقية عريضة تكون موضوع‬
‫القرار‪ ،‬عليها الخضوع و التنفيذ‪ ،‬فالنخبة بحكم موقعها الفاعل في النسق المجتمعي ‪ ،‬و بالنظر إلى‬
‫تأثيرها في عملية صياغة القرار السياسي و تنفيذه‪ ،‬فإنها تظهر كوسيلة للسيطرة التي تمارسها‬
‫األقلية المسيطرة على القرار ‪ ،‬و يستوي في ذلك المجتمعات المتقدمة و النامية على حد سواء‪.‬‬

‫وفقا لهذا المدخل فالسياسات العامة تحددها توجهات و اختيارات الصفوة الحاكمة‪ ،‬وأنها كنخبة‬
‫متفوقة هي التي تحدد توجهات الجمهور و تبلور مواقفه من السياسة العامة‪ ،‬فهي تؤثر في الجماهير‬
‫أكث ر من تأثرها بهم‪ .‬و يستند هذا المدخل إلى أن المجتمع مقسم إلى قسمين‪ ،‬قسم مع من يملك‬
‫السلطة و السيطرة‪ ،‬و األخر مع من ال يملك السلطة و خاضع للسيطرة‪ ،‬و بالتالي فتحول األفراد من‬
‫الكتلة إلى النخبة ممكن و مسموح به‪ ،‬لكنه يخضع لضوابط محددة‪ ،‬و ال يسمح بالصعود إال لمن‬
‫كانت له نفس قيم النخبة‪ ،‬و القلة الحاكمة هنا ليست ممثلة لألكثرية الكادحة فهي فوق المجتمع الذي‬
‫يفترض فيها أن تدافع مع مصالحه‪ ،‬وهي ال تخضع لضغوط الجموع إال في نسب جد محدودة‪ ،‬و‬
‫أراء و مواقف هذه األخيرة غالبا ما يتم التشويش عليها‪ ،‬و تضليلها لما تملكه هذه النخبة من سلطة‬

‫‪ 7‬جون واتربوري‪ ،‬ترجمة عبد الغني ‪ ،‬الملكية و النخبة السياسية المغربية‪ ،‬مؤسسة الغنى‪ ،‬الرباط‪ ، 2004 ،‬ص‪134:‬‬
‫‪ 8‬بوتومور‪ ،‬مجموعة من المترجمين‪ ،‬الصفوة و المجتمع دراسة في علم االجتماع السياسي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية االسكندرية‪ ،1988،‬ص ‪27:‬‬

‫‪7‬‬
‫المعرف ة‪ ،‬و اإلعالم‪ ،‬و الجماهير ذاتها‪ ،‬و السياسات العمومية ال تكون إال بالقدر الذي يحافظ على‬
‫‪9‬‬
‫النظام و االستقرار‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المقاربة النسقية والمؤسساتية‬

‫تتنوع مداخل تقييم السياسات العمومية وفق االتجاه السياسي‪ .‬ومن خالل هذا المطلب سيتم تسليط‬
‫الضوء على مدخل النظم (الفقرة األولى)‪ ،‬في حين سيتم الحديث عن مدخل المؤسسات (الفقرة‬
‫الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مدخل النظم‬


‫يقوم مدخل النظم على أساس أن السياسات العمومية هي منتوج النظام السياسي القائم في‬
‫المجتمع‪ ،‬وأنها استجابة للضغوط والمطالب الملحة في المجتمع تجاه الطبقة الحاكمة‪ ،‬ويعتمد في‬
‫ذلك على المعطيات المتاحة من خالل ثالثية المدخالت والمخرجات والتغذية الراجعة‪ ،‬ويعتبر دافيد‬
‫ايستون ‪ David Easton‬من مؤسسي نظرية النظم في التحليل السياسي‪ ،‬ويتكون النظام‬
‫السياسي من مجموعة من العناصر المرتبطة بالحكم ومؤسساته و بالتنظيمات السياسية والفعل‬
‫السياسي‪ ،‬ويمكن التعرف على النظام السياسي و محدداته من خالل المخرجات المرتبطة بالقرارات‬
‫‪10‬‬
‫اإللزامية للمجتمع ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مدخل المؤسسات‬


‫يقوم مدخل المؤسسات على دراسة مؤسسات الدولة والسلطة‪ ،‬فالسياسات العمومية ال تصدر إال‬
‫عن المؤسسات الرسمية المتمثلة في الجهاز التنفيذي والتشريعي ومؤسسة القضاء‪ ،‬وهي المؤهلة‬
‫كذلك بتنفيذها‪ ،‬وقد كان في السابق وفقا لهذا المدخل‪ ،‬يتم التركيز على دراسة السياسات العمومية‬
‫انطالقا من دراسة وتقييم الجوانب المؤسساتية‪ ،‬من خالل االهتمام بالصالحيات واالختصاصات‬
‫والمناهج المتبعة في ذلك‪ ،‬وكذا الهياكل والبنيات التنظيمية ومستوياتها‪ ،‬إلى جانب العالقات التي‬
‫تسود فيما بينها‪ ،‬في حي ن ظل االهتمام بسلوك وفعل هذه المؤسسات ال يحظى باألهمية الالزمة‪ ،‬بل‬
‫لم تكن السياسات العمومية ذاتها تحظى باالهتمام‪ ،‬غير أن هذا التوجه سرعان ما سيتحول إلى توجه‬

‫‪ 9‬أحمد مصطفى الحسين‪ ،‬مدخل إلى تحليل السياسات العامة‪ ،‬المركز العلمي للدراسات السياسية ‪ ،‬مطبعة الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪ ، 2002 ،‬ص‪112 :‬‬
‫‪ 10‬جيمس أندرسون‪ ،‬ترجمة عامر الكيسي‪ ،‬صنع السياسات العمومية‪ .‬ص‪.33 :‬‬

‫‪8‬‬
‫جديد‪ ،‬يركز على النشاط والفعل الصادر عن هذه المؤسسات الرسمية والمشاركين فيه‪ ،‬وقد تحول‬
‫‪11‬‬
‫التركيز من تحل يل ودراسة ما يجب أن يكون إلى ما هو كائن‪.‬‬

‫وبالتالي فدراسة السياسات العمومية من خالل المؤسسات الرسمية أصبح يعتمد على الدينامية‬
‫والحركية داخل المؤسسات‪ ،‬بعد أن كان يعتمد على الثابت واإلجرائي فيها‪ ،‬فالمؤسسات إطار موجه‬
‫ومحدد لسلوك الرسمية فيها‪ .‬وهو ما يميز مؤسسة عن أخرى‪ ،‬وهو ما يطلق عليه بالضوابط‬
‫والقواعد والهياكل التي تلعب دورا أساسيا في تحديد السياسات العمومية وطبعا هي ليست محايدة أو‬
‫جامدة في تبنيها لخيار دون آخر‪ ،‬إذن فالتغيير الحاصل في أدوار الدولة وصعود فاعلين آخرين إلى‬
‫جانبها في الفضاء العام‪ ،‬جعل هذا المدخل ال يصلح ليعتمد عليه لوحده في تقييم السياسات‬
‫‪12‬‬
‫العمومية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تقنيات تقييم السياسات العمومية‬


‫خالل هذا المبحث‪ ،‬سنتناول أنماط تقنيات تقييم السياسات العمومية (المطلب األول)‪ ،‬فيما سنخصص‬
‫(المطلب الثاني) لتحليل السياسات العمومية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنماط تقنيات تقييم السياسات العمومية‬


‫تختلف تقنيات تقييم السياسات العمومية وتتعدد حسب مواصفات وعناصر كثيرة‪ ،‬من قبيل‬
‫توقيت إجرائها (الفقرة األولى)‪ ،‬أو من حيث زاوية المشاركة في التقييم (الفقرة الثانية)‪ ،‬أو من خالل‬
‫طبيعتها (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أنواع تقييم السياسات العمومية من حيث توقيت إجرائها‬


‫نميز في هذه الحالة بين التقييم القبلي (أ) والتقييم المواكب (ب) وأخيرا التقييم البعدي (ج)‪.‬‬

‫أ‪ -‬التقييم القبلي‪évaluation ex ante :‬‬

‫إن التقييم القبلي هو تقييم يتم إجراؤه قبل تنفيذ السياسة العمومية موضوع التقييم‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫الوقوف على مالئمة وقابلية تنفيذ برنامج أو سياسة عمومية في طور اإلعداد‪ ،‬وبالتالي فهذا التقييم‬

‫أحمد مصطفى الحسين‪ ،‬مدخل إلى تحليل السياسات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116 :‬‬ ‫‪11‬‬

‫أليكس دو تكفيل‪ ،‬ترجمة أمين مرسي قنديل‪ ،‬الديمقراطية في أمريكا‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الجزء األول و الثاني‪ ،‬الطبعة ‪ ،2004‬ص‪.72 :‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪9‬‬
‫يكتسي طابعا توقعيا ‪ .13‬حيث يقوم على تحليل اآلثار المحتملة للسياسة على الفئة المستهدفة‪ ،‬انطالقا‬
‫من المعارف الحالية ‪.14‬‬

‫و يمكن هذا النوع من التقييم ذي الطبيعة االستشرافية‪ ،15‬من ضمان اتساق السياسة العمومية‪ ،‬خاصة‬
‫فيما يخص التحديد الجيد والمالئم للقضايا ذات األولوية‪ ،‬ويساعد على معرفة أهمية األهداف‬
‫‪16.‬‬
‫المقترحة مقارنة بالحاجيات‪ ،‬ومدى تطابقها و انسجامها مع السياسات والتوجهات العامة‬

‫ويوفر هذا النوع من التقييم األسس الضرورية إلجراء عمليات تقييمية مستقبلية في إطار التقييم‬
‫البعدي‪ ،‬كما أنه يشكل خطوة أساسية تمك ن من توفير المعلومات الضرورية الالزمة إلجراء مقارنات‬
‫‪17.‬‬
‫ما قبل وما بعد تنفيذ السياسة موضوع التقييم‬

‫غير أن التقييم القبلي لسياسة عمومية معينة غالبا ما يتم إجراؤه من طرف أجهزة متخصصة في‬
‫التقييم‪ ،‬ألنه يحتاج إلى مؤهالت تقنية ومعارف خاصة ال يحسنها إال من تخصص في هذا الميدان‪،‬‬
‫‪18.‬‬
‫كما أن هذا النوع من التقييم يشبه دراسة األثر المحتمل لمشاريع القوانين‬

‫ب‪ -‬التقييم المواكب‪évaluation concomitante ou formative :‬‬

‫على عكس التقييم القبلي‪ ،‬فإن التقييم المواكب يتم إجراؤه عادة أثناء تنفيذ السياسة العمومية‬
‫موضوع التقييم‪ ،‬ويهدف إلى تحسين أداء هذه السياسة العمومية أثناء سريانها‪ .‬وبالتالي فهذا النوع من‬
‫‪19 .‬‬
‫التقييم يمكن من تتبع السياسة وإعادة توجيهها بالشكل الصحيح إذا تطلب األمر ذلك‬

‫والغرض من هذا النوع من التقييم هو ضمان القدرة على التعديل المستمر للسياسة العمومية أو‬
‫البرنامج موضوع التقييم‪ ،‬وذلك كل ما ظهرت عناصر جديدة تستدعي التدخل من أجل تحسين أو‬
‫‪13‬‬ ‫‪Nicholas Fleury, « L’évaluation des politiques publiques, Retour sur l’expérience française et les conceptions‬‬
‫‪syndicales » , p.6.‬‬
‫‪14 Bozio Antoine, « L’évaluation des politiques publiques : enjeux, méthodes et institutions », Revue française‬‬

‫‪d'économie, 2014/4 (Volume XXIX), p. 59-85. DOI : 10.3917/rfe.144.0059. URL : https://www.cairn.info/revue-‬‬


‫‪francaise-d-economie-2014-4-page-59.htm. P :65‬‬
‫‪15 Nasser Mansouri- Guilani, « Promouvoir une culture de l’évaluation des politiques publiques », op.cit, p 12.‬‬
‫‪15 « Guide de l’évaluation », Direction générale de la coopération internationale et du développement, Ministère‬‬

‫‪des Affaires étrangères, 2007, p 11.‬‬


‫‪ 16‬اإلطار المرجعي لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬منشورات مجلس النواب‪ ،‬تقييم السياسات العمومية‪ ،‬ص‪.120 :‬‬
‫‪17 « L’évaluation en 7 étapes », guide pratique pour l’évaluation des actions santé et social, Instance Régionale‬‬

‫‪d’Education et de Promotion de la Santé Auvergne-Rhône-Alpes et l’Observatoire Régional de la Santé‬‬


‫‪Auvergne-Rhône-Alpes, 4ème édition, Novembre 2019, p 12.‬‬
‫‪18 Nasser Mansouri- Guilani, « Promouvoir une culture de l’évaluation des politiques publiques », op.cit, p 12.‬‬
‫‪19 « Guide de l’évaluation », Direction générale de la coopération internationale et du développement, Ministère‬‬

‫‪des Affaires étrangères, 2007, p 6.‬‬

‫‪10‬‬
‫تعديل البرامج والسياسات العمومية‪ ،‬ما يجعل هذا النوع من التقييم أداة مساعدة على فهم أفضل‬
‫للسياسة العمومية أثناء تنفيذها‪ ،‬ويمكن القائمين على التقييم من إجراء الخطوات التصحيحية‬
‫‪20 .‬‬
‫الالزمة‬

‫ج‪ -‬التقييم البعدي‪évaluation ex post :‬‬

‫يهدف هذا النوع من التقييم إلى قياس األثر الواقعي للسياسة العمومية بعد دخولها حيز التنفيذ‪،‬‬
‫ويتم عادة بعد مرور سنتين أو ثالث سنوات من تنفيذ السياسة العمومية‪ ،21‬كما يهدف إلى تحليل‬
‫‪22.‬‬
‫استخدام الموارد وكيفية حدوث النتائج و اآلثار المتوقعة وكذا دراسة مدى استدامتها‬

‫غير أنه ينبغي التنبيه إلى أن المقصود بانتهاء السياسة العمومية إنما هو إسدال الستار على مرحلة‬
‫معينة من تلك السياسة وانتهاء زمنها السياسي إن صح التعبير‪ ،‬أما السياسات العمومية فمن النادر أن‬
‫‪23.‬‬
‫تنتهي وتتوقف عن انتاج آثارها‬

‫والهدف األساسي من هذا التقييم هو معرفة ما الذي تم توظيفه بشكل إيجابي‪ ،‬بمعنى ما هي‬
‫العناصر األساسية التي ك انت جد فعالة في إحداث التغيير المنشود والمتمثل في اإلجابة عن‬
‫اإلشكاالت المجتمعية المطروحة من خالل السياسة العمومية‪ .‬ويعتمد التقييم البعدي على تقنية تقوم‬
‫على إنشاء افتراض » ‪ « Un Contrefactuel‬بمعنى وضع السيناريو األقرب لما كان يمكن أن‬
‫يحصل إذا لم يتم تنفيذ السياسة العمومية‪ ،‬ويكون قياس أثر هذه السياسة بمقارنة السيناريو "بدون‬
‫سياسة" مع ما يمكن مالحظته من نتائج التنزيل الفعلي للبرنامج موضوع التقييم‬
‫‪24.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع التقييم من حيث زاوية المشاركة‬


‫نميز في هذا اإلطار بين التقييم الداخلي (أ) والتقييم الخارجي (ب) والتقييم التشاركي (ج)‬

‫‪20‬‬‫‪« Référentiel commun en évaluation des actions et programmes santé et social », groupe d’évaluation,‬‬
‫‪espace régional de santé publique, Lyon, mai 2004, pp : 20-21.‬‬
‫‪ 21‬الخطوط التوجيهية لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬انتوساي‪ ،‬يوليو ‪ ،2016‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 22‬اإلطار المرجعي لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪.120 ،‬‬
‫‪23‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪Bozio Antoine, « L’évaluation des politiques publiques : enjeux, méthodes et institutions “, op.cit, p 65.‬‬

‫‪11‬‬
‫أ‪ -‬التقييم الداخلي‪Evaluation Interne :‬‬

‫المقصود بالتقييم الداخلي ذلك التقييم الذي يتم إنجازه من طرف المسؤول عن وضع السياسة‬
‫العمومية أو من طرف جهاز آخر تابع له‪ ،‬بمعنى المسؤول عن التقييم ال يتعدى اإلدارة المسؤولة عن‬
‫السياسة العمومية‪.‬‬

‫وما يميز هذا التقييم هو أنه يتم من طرف مقيمين قريبين من السياسة موضوع التقييم ويتمتعون‬
‫بوضع يمكنهم من معرفة المشاكل التي تعترض هذه السياسة العمومية‪ ،‬غير أن ما يعاب على هذا‬
‫النوع هو أن المقيمين قد ال يحافظون على مسافة بينهم وبين السياسة موضوع التقييم‪ ،‬وقد يفتقد هذا‬
‫التقييم للموضوعية الالزمة في هذا النوع من العمليات‪ ،‬كما أن الوقت الذي سيخصص لعملية التقييم‬
‫‪25.‬‬
‫قد ال يكون كافيا بسبب كثرة المهام الملقاة على عاتق المسؤولين المكلفين بالتقييم‬

‫وهذا النوع من التقييم كما هو معلوم ال يتيح الفرصة أمام بعض الفاعلين االجتماعيين للمساهمة‬
‫في تقييم هذه السياسة العمومية بصفة مشتركة‪.‬‬

‫وخالصة القول أن التقييم الداخلي وإن كانت له بعض اإليجابيات المتعلقة بما هو تدبيري وإداري‪ ،‬إال‬
‫أنه يظل غ ير قادر على إعطاء صورة حقيقية لواقع التدبير العمومي الفتقاده الموضوعية‪ ،‬فكيف لمن‬
‫وضع البرنامج موضوع التقييم أن يطعن في عمله؟‬

‫ب‪ -‬التقييم الخارجي أو المستقل‪Evaluation Externe :‬‬

‫التقييم الخارجي هو تقييم يتم إنجازه من طرف أطراف خارجية وغير تابعة للجهة التي قامت‬
‫بصياغة أو وضع أو تنفيذ السياسة العمومية موضوع التقييم‪ .‬وما يميز هذا النوع من التقييم هو أنه‬
‫يساعد على إنجاز تقييم محايد من طرف مقيمين غير خاضعين للمسؤول عن وضع السياسة‬
‫العمومية‬
‫‪26 .‬‬

‫ج‪ -‬التقييم التشاركي‪Evaluation Pluraliste ou Conjointe :‬‬

‫إن التقييم التشاركي يقوم على المزج بين النوعين األولين‪ ،‬بمعنى إنجاز التقييم من طرف الفاعلين‬
‫المسؤولين عن السياسة العمومية‪ ،‬ولكن بمساهمة أطراف أخرى خارجية غير مسؤولة عن السياسة‬
‫‪25‬‬ ‫‪« L’évaluation en 7 étapes », op.cit, p 12.‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪« Guide de l’évaluation », Le centre de développement de la région de Tensift (CDRT), avril 2015, p 8.‬‬

‫‪12‬‬
‫العمومية موضوع التقييم‪ ،‬مثل منظمات المجتمع المدني والتي تعتبر بدورها جهة معنية مثلها مثل‬
‫بعض األطراف بهذه السياسة‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يمكن تعريف التقييم التشاركي بأنه التقييم الذي يشرك‬
‫بطريقة مباشرة وفعالة األطراف المعنيين بالسياسة العمومية في عملية تقييم هذه السياسة‪ ،‬سواء عند‬
‫التخطيط لهذا التقييم أو عند تنفيذه‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬أنواع التقييم من حيث الطبيعة‬


‫يمكن التمييز بين التقييم الكمي (أ) و التقييم النوعي (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬التقييم الكمي‪Evaluation Quantitative :‬‬

‫يتم التركيز في عملية تقييم السياسة العمومية على الكم‪ ،‬فالمؤشرات االجتماعية واالقتصادية تعتبر‬
‫المادة الخام التي يحبذها ممارسو هذا المنهج‪ ،‬ويتم استعمال الجداول ومختلف مؤشرات القياس‪ .‬كما‬
‫‪27 .‬‬
‫يتم اللجوء إلى المقارنات بين السياسات العمومية خالل مراحل زمنية معينة‬

‫فهذا النوع من التقييم يتعلق بطبيعة المقاربات المنهجية المعتمدة الموزعة بين المناهج الكمية‬
‫واالحصائية واالقتصادية المشتغلة على المعطيات والمعلومات التي لها عالقة بالبرنامج أو السياسة‬
‫وهذا التقييم يقوم على مجموعة من الدراسات الكمية كتحليل األثر‪ ،‬و تحليل ‪coût-‬‬ ‫‪28 .‬‬
‫العمومية‬
‫‪.bénéfice‬‬

‫ب‪ -‬التقييم النوعي‪Evaluation Qualitative :‬‬

‫يقوم هذا التقييم بدراسات نوعية كرضى المستفيدين والطاقم المشتغل على السياسة‪ ،‬ويتعلق بمناهج‬
‫كيفية تعتمد على مقاربات العلوم السياسية واالجتماعية‪ ،‬أو منهجية التجريب االجتماعي التي لها‬
‫عالقة ب أشكال البحث المرتبط بالفعل المجتمعي‪ ،‬والتي تسعى لرصد آثار سياسة معينة داخل عينة‬
‫‪29.‬‬
‫مختارة من الفئة المستهدفة‬

‫‪ 27‬حسن بال‪ ،‬مدخل لفهم السياسة العامة‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪2012 ،‬ن ص‪.20 :‬‬
‫‪ 28‬حسن طارق‪ ،‬مبادئ ومقاربات في تقييم السياسات العمومية‪ ،‬الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬أبريل ‪ ،2014‬ص‪.17-16 :‬‬
‫‪ 29‬حسن طارق‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.19 :‬‬

‫‪13‬‬
‫ويتأسس هذا التقييم على تفسير األيديولوجية أو النظرية التي تؤطر السياسة‪ ،‬والبحث عن العالقة‬
‫بين نظام القيم المعلن عنه في السياسة العمومية‪ ،‬والسياسة المطبقة فعال على أرض الواقع‬
‫‪30 .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحليل السياسات العمومية‬


‫إن تحليل السياسات العمومية تناولته مدارس ونظريات متعددة‪ ،‬ولكن سنحاول في هذا المطلب‬
‫التعرف على مختلف طرق تحليل السياسات العمومية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحليل التكلفة االقتصادية للسياسات العمومية‬


‫ال يكفي قياس أثر سياسة عمومية ما لمعرفة ما إذا كانت ناجعة أم ال‪ ،‬بالنطر إلى األهداف‬
‫المسطرة في األول‪ .‬ولكن في الواقع ال يمكن اعتبار سياسة عمومية ناجعة وفعالة إال إذا كانت فوائدها‬
‫على المجتمع تفوق كلفتها‪.‬‬

‫ويقوم تحليل ‪ coût-bénéfice‬كلفة‪ -‬منفعة على منح القيمة النقدية لكل من عنصري المعادلة من‬
‫أجل حساب القيمة الصافية اإلجمالية للسياسة موضوع الدراسة‪ .‬وهذا النوع من التحليل يستعمل في‬
‫الغالب كأداة للقرار القبلي ‪ ،ex ante‬ولكن أيضا تصلح كإطار تحليل للتقييم البعدي‪.31‬‬

‫إن القيمة الحالية الصافية لمنافع السياسة العمومية هي أكتر تعقيدا من حساب القيمة الحالية‬
‫الستثمار عمومي‪ .‬حيث إن قرارات االستثمار يمكن أن تتخذ مع األخذ بعين االعتبار األسعار السوقية‬
‫لعوامل اإلنتاج والعوائد المتوقعة‪ ،‬غير أن تقييم تكاليف ومنافع السياسة العمومية نادرا ما يطبق على‬
‫أسعار السوق‪ .‬ولكن في بعض الحاالت‪ ،‬هذه األسعار موجودة ولكن ال تعكس التكاليف والمنافع‬
‫االجتماعية ألنها ال تأخذ بعين االعتبار العوامل الخارجية المحتملة وتكون ملوثة بفعل عدم تماثل‬
‫المعلومات أو تنظي مها من طرف الدولة في بعض الحاالت األخرى فإن هذه األسعار ببساطة غير‬
‫‪32.‬‬
‫موجودة‬

‫ولكن بالرغم من هذه القيود‪ ،‬فإن القياس الكمي لمزايا ومكاسب السياسات العمومية هي ممارسة‬
‫أساسية عند مقارنة مزايا جميع التدخالت الممكنة‪ .‬هناك عدة مشاكل عند االنتقال من التقييم البعدي‬

‫‪ 30‬حسن بال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20 :‬‬


‫‪31‬‬ ‫‪Bozio Antoine, « L’évaluation des politiques publiques : enjeux, méthodes et institutions », Revue française‬‬
‫‪d'économie, 2014/4 (Volume XXIX), P:69, disponible sur le lien suivant: https://www.cairn.info/revue-francaise-‬‬
‫‪d-economie-2014-4-page-59.htm, consulté le 7/01/2022 à 8:30 du matin.‬‬
‫‪32 Ibid‬‬

‫‪14‬‬
‫إلى تحليل الكلفة والمنفعة‪ ،‬أوال يجب الحصول على قياس شامل للتكاليف (تكاليف مباشرة‪ ،‬تكاليف‬
‫إدارية‪ ،‬تكاليف من أجل المستفيدين‪ ،‬تكاليف الضرائب االزمة من اجل التمويل‪ ،)...‬بعد ذلك يجب أن‬
‫تكو ن هناك فكرة على مدة األثر المراد الحصول عليه‪ ،‬إذا كان هذا األثر لمدة طويلة او قصيرة فإن‬
‫تحليل الكلفة والمنفعة سيتغير بشكل جوهري‪ ،‬وأخيرا يجب أن نتمكن من تقدير التكاليف والمنافع غير‬
‫‪33.‬‬
‫النقدية (وصم المستفيدين‪ ،‬وحقوق األسر‪ )...‬بغية إجراء استعراض شامل لتدخل عمومي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحليل السياسات العمومية (نظرية االختيار العقالني ‪Compréhensive‬‬


‫‪) Rational‬‬

‫تقوم أعمدة هذه النظرية كما يوردها جيمس اندرسون "‪ " Anderson James‬على‬
‫اعتماد العناصر التحليلية التالية في عملية صناعة القرار السياسي‪:34‬‬

‫✓ أوال‪ :‬أن متخذ القرار يواجه مشكلة وهي قابلة ألن تحاصر وتدرس وهي جديرة باالهتمام‬
‫مقارنة بالمشاكل ألخرى‪.‬‬
‫✓ ثانيا‪ :‬أن األهداف والقيم والمقاصد التي تعود إلى متخذ القرار واضحة ومرتبة تبعا لدرجة‬
‫أهميتها‪.‬‬
‫✓ ثالثا‪ :‬أن البدائل المختلفة لمواجهة المشكلة قد فحصت وحددت‪.‬‬
‫✓ رابعا‪ :‬أن النتائج المتوقعة من اختيار البدائل قد طرحت في إطار العوائد إلى الكلفة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أن كل بديل وما يتوقع عنه من نتائج يمكن مقارنته مع البدائل األخرى‪.‬‬
‫✓ سادسا‪ :‬أن متخذ القرار سوف يختار البديل الذي يضاعف إمكانية تحقيق الغرض والقيم‬
‫واألهداف‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تحليل السياسات العمومية على ضوء نظرية التدبير العمومي الجديد ‪(New‬‬
‫)‪Public Management‬‬
‫التدبير مصطلح أ ثبت نجاعته وفعاليته في الرفع من األداء بالمقاوالت الخاصة‪ .‬وقد حاول‬
‫الباحثون تطبيق بعد مبادئه في تدبير القطاع العمومي وذلك من خالل سياسات عمومية فعالة وناجعة‬

‫‪33‬‬ ‫‪Bozio Antoine, Op. Cit.P.71‬‬


‫جيمس أندرسون صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة عامر الكبيسي‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ‪ ،2013‬ص‪.42 .‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪15‬‬
‫وعبر تخطيط استراتيجي وتشاركي وعبر تحديد أهداف قائمة على التسويق لألداء العمومي مع‬
‫استحضار آليات التقييم كآلية لقياس آثار السياسات العمومية‪.‬‬

‫سنحاول الوقوف على بعض مبادئ التدبير العمومي الجديد والتي تؤثر على تحليل السياسات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النجاعة والفعالية كمحددات لتحليل السياسات العمومية‬


‫يقصد بالنجاعة في األداء حسب نظرية التدبير العمومي الجديد تحقيق األهداف المسطرة عبر‬
‫سياسة عامة بجودة عالية وأقل تكلفة‪ 35‬ومبدأ الفعالية يحيل إلى إمكانية تحقيق األهداف في مدة‬
‫محددة ‪.‬‬

‫وبالتالي ي تم االنتقال من النمط البيروقراطي لتدبير السياسات العمومية إلى منطق المردودية‬
‫والتخطيط والجودة‪.‬‬

‫فالتدبير العمومي الجديد يعد توجها انكلوساكسونيا وكتطور منفتح وموسع‪ ،‬يعتمد على إدخال‬
‫تقنيات التدبير المقاوالتي وبقوة إلى القطاع العام وإلى مجال رسم السياسات العمومية عبر تبني‬
‫ثالثة مبادئ أساسية‪:‬‬

‫✓ الفعالية‬
‫✓ الكفاءة االقتصادية لتجاوز االختالالت التي طبعت اإلدارة العمومية المغربية‬
‫✓ تلبية حاجيات األفراد عبر سياسات عمومية فعالة وناجعة‪.‬‬

‫والتدبير العمومي جاء بعدة مناهج حديثة في التدبير عبر وضع مخططات وبرامج وسياسات‬
‫عمومية تعالج المشاكل (االجتماعية واالقتصادية والسياسية والدينية والبيئية‪ )....‬عبر اعتماد‬
‫التخطيط التشاركي واالستراتيجي وتحديد أهداف وتنفيذها بفعالية وكفاءة واعتماد آليات التسويق‬
‫المعتمدة في القطاع الخاص وذلك من أجل تجويد األداء العمومي‪.‬‬

‫وبالتالي وحسب هذا المقترب التدبيري األنكلوسكسوني النشأة‪ ،‬يعتبر السياسات العمومية‬
‫كمجموعة من اإلجراءات واآلليات التي تتخذ في وقت زمني محدد لمعالجة مشكلة معينة‪.‬‬

‫سعيد جفري‪" ،‬الحكامة واخواتها "(مقاربة في المفهوم ورهان الطموح المغربي) الشركة المغربية لتوزيع الكتاب سنة‪ 2010.‬ص‪.19‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪16‬‬
‫والتدبير العمومي ال يعد فقط آلية عالجية لعيوب البيروقراطية بل (الدولة في حالة فعل لسياسات‬
‫عمومية مستعملة أساليب ومناهج التدبير في القطاع الخاص من أجل معالجة اإلشكاالت بسرعة‬
‫وبجودة عالية وبتكلفة مالية أقل من أجل ترشيد النفقات العمومية ومن أجل أن تمس فئة عريضة من‬
‫المجتمع‪.)36‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحليل السياسات العمومية انطالقا من مبدأ التخطيط وتسويق األداء العمومي والتدقيق‬
‫يعد التدبير العمومي الجديد علما محكما ومعقلنا‪ ،‬غايته الرفع من جودة األداء العمومي وتقليص‬
‫النفقات‪ .‬وفصل اإلدارة عن السياسة عبر إدخال آليات علمية في التدبير اإلداري‪ .‬وتطبيق مناهج‬
‫تحسين اإلنتاجية‪ .‬وذلك عبر اعتماد آليات التخطيط والتسويق لألداء العمومي واعتماد مقترب التقييم‬
‫للسياسات العمومية وتفعيل مبادئ الحكامة والقرب وفق ما جاء به دستور ‪ 2011‬في الفصل‪. 154‬‬

‫وآ لية التخطيط تلعب دورا مهما في رسم السياسات العمومية من أجل تحقيق شمولية معالجة‬
‫االختالالت واالكراهات التي يعرفها المجتمع‪ .‬ويتم التخطيط إما على المدى الطويل أو المتوسط أو‬
‫القصير‪ .‬أو اعتماد المخططات االستراتيجية‪ .‬والتخطيط يشكل حلقة وصل بين المعرفة العلمية‬
‫‪37‬‬
‫والقرار السياسي والنقاش العمومي‪.‬‬

‫يقوم مقترب التدبير العمومي الجديد على مبدأ تسويق األداء العمومي والذي عرفت تطبيقاته‬
‫األولى في اإلدارة المعاصرة مع المقترب األنكلوسكسوني‪ ،‬والتسويق يقوم على منظومة تواصلية‬
‫بين الفاعلين في رسم السياسات العمومية وبين المستفيدين من السياسات العمومية لمعرفة‬
‫احتياجاتهم والعمل على تلبيتها بجودة عالية‪ ،‬ولتسويق السياسات العمومية البد أن تكون تكلفتها‬
‫مناسبة أي مراعاة الموارد المالية والسياسة العامة ي جب أن تكون ذات جودة عالية ويجب اعتماد‬
‫وسائل اإلعالم لترويج ا لسياسة العمومية مع ضرورة مراعاة أثناء رسم السياسات العمومية القدرة‬
‫الشرائية للمواطنين والواقع االجتماعي‪. 38‬‬

‫‪ 36‬هشام العقراوي‪" ،‬مدارس تحليل السياسات العمومية" مقال منشور على الرابط التالي ‪https://www.droitp.com/2016/11/politique -:‬‬
‫‪ ، publique.html‬تاريخ الولوج ‪ 2022/01/07‬على الساعة الثانية زواال‪.‬‬
‫‪ 37‬نفس المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 38‬نفس المرجع السابق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يمكن تقييم السياسات العمومية من إنجاح النشاط العام‪ ،‬وهو أساس كل المحاوالت التحديثية‬
‫للنظام السياسي وآليات تدبيره للفضاء العام ‪ ،‬فهو أداة فعالة لتحسين المردودية وتحقيق النتائج‪،‬‬
‫وتقدير االهداف القابلة إلنجاز مقارنة بالوسائل واإلمكانات المتاحة‪ ،‬ويمكن من قياس مدى تحقيق‬
‫احتياجات وانتظارات المواطنين‪ ،‬كما يمكن من تقليص المسافة بين النتائج المرغوبة والنتائج‬
‫المتحققة‪.‬‬

‫إن التقييم بما سبق ال يعني أنه عملية تقنية وفنية جامدة ومحايدة‪ ،‬بل هو مجال للتفاعالت‬
‫والتجاذبات التي تنشط حقل السياسة‪ ،‬بما يحفظ المصالح ويضمن االستقرار واالستمرار للنظام‬
‫القائم‪ ،‬حيث يعد فرصة لتجديد مشروعية النظام وتعزيز خطوط دفاعها‪.‬‬

‫وعموما يكون للناس أفرادا وجماعات وبغض النظر عن تكوينهم وخلفياتهم الفكرية انطباعات‬
‫ذاتية عن السياسات العمومية‪ ،‬تجعلهم متفقين أو مختلفين معها حسب المعلومات والمعطيات التي‬
‫تحصلت لهم عنها‪ ،‬لكن الفاعلين السياسيين يمونون مواقفهم بخصوص السياسات العمومية انطالقا‬
‫من مواقعهم في الميدان السياسي ورهاناتهم في اللعب‪ ،‬بما يضمن مصالحهم ويحفظ توازنات اللعبة‬
‫وقواعدها‪ ،‬ويتم اختيارهم لنوع التقييم ومرتكزاته انطالقا من الرهانات المعقودة عليه‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالتقييم يعد أهم األدوات التي تمكن الباحثين في علم السياسة من فهم آليات وميكانزمات اشتغال‬
‫النظام السياسي‪ ،‬واستمرار سلطة النخب الحاكمة‪ ،‬واستقرار المؤسسات السياسية واستمرارها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫العلم للدراسات السياسية‪،‬‬ ‫الحسي‪ ،‬مدخل إىل تحليل السياسات العامة‪ ،‬المركز‬‫ى‬ ‫ى‬
‫مصطف‬ ‫أحمد‬
‫ي‬
‫مطبعة الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪.2002 ،‬‬
‫مرس قنديل‪ ،‬الديمقراطية ى يف أمريكا‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الجزء‬
‫ي‬
‫أليكس دو تكفيل‪ ،‬ترجمة ى‬
‫أمي‬
‫والثان‪ ،‬الطبعة ‪.2004‬‬ ‫ى‬ ‫األول‬
‫ي‬
‫جمي‪ ،‬الصفوة و المجتمع دراسة ى‬ ‫بوتومو‪ ،‬مجموعة من ر‬
‫المت ى‬
‫السياس‪ ،‬دار‬
‫ي‬ ‫االجتماع‬ ‫علم‬ ‫ف‬‫ي‬
‫المعرفة الجامعية االسكندرية‪.1988،‬‬
‫الغن‪ ،‬الملكية والنخبة السياسية المغربية‪ ،‬مؤسسة ى‬
‫الغن‪ ،‬الرباط‪،‬‬ ‫جون واتربوري‪ ،‬ترجمة عبد ى‬
‫ي‬
‫‪.2004‬‬
‫جيمس اندرسون‪ ،‬ترجمة عامر الكبيس‪ ،‬صنع السياسات العمومية‪ ،‬دار المستة ر‬
‫للنش والتوزي ع‬ ‫ي‬
‫والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2002‬‬
‫حسن طارق‪ ،‬مبادئ ومقاربات ى يف تقييم السياسات العمومية‪ ،‬منشورات جمعية الوسيط من أجل‬
‫الديموقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬أبريل ‪.2014‬‬
‫سعيد جفري "الحكامة واخواتها "(مقاربة ىف المفهوم ورهان الطموح المغرن) ر‬
‫الشكة المغربية‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫لتوزي ع الكتاب سنة ‪.2010‬‬
‫ر‬
‫للنش‬ ‫كل ى يف البنية والتحليل‪ ،‬دار المستة‬
‫فهم خليفة الفهداوي‪ ،‬السياسة العامة منظور ي‬ ‫ي‬
‫والتوزي ع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.2001‬‬
‫موريس دوفرجيه‪ ،‬ترجمة سليم حداد‪ ،‬علم السياسة‪ ،‬مبادئ علم السياسة‪ ،‬الطبقات االجتماعية‪،‬‬
‫ر‬
‫والنش والتوزي ع‪ ،‬بتوت ‪.2001‬‬ ‫المؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫منشورات‪:‬‬
‫المرجع لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬منشورات مجلس النواب‪ ،‬تقييم السياسات‬
‫ي‬ ‫اإلطار‬
‫العمومية‪.‬‬
‫الخطوط التوجيهية لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬انتوساي‪ ،‬يوليو ‪.2016‬‬
‫المقاالت‪:‬‬
‫حسن بال‪ ،‬مدخل لفهم السياسة العامة‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪ .2012 ،‬مقال منشور عل موقع‪:‬‬
‫‪Marocdroit.com‬‬

‫‪19‬‬
‫هشام العقراوي "مدارس تحليل السياسات العمومية" مقال منشور على الرابط التالي‬
https://www.droitp.com/2016/11/politique -publique.html:
:‫موقع إلكتروني‬
.https://www.mimirbook.com/ar/29baaa06351 ،‫موقع العلوم االجتماعية‬
Bibliographie :
Les œuvres :
Nasser Mansouri- Guilani, « Promouvoir une culture de l’évaluation des
politiques publiques », les avis du conseil économiques social et
environnemental, Les éditions des journaux officiels de la république
française, Septembre 2015.
Articles :
Bozio Antoine, « L’évaluation des politiques publiques : enjeux, méthodes
et institutions », Revue française d'économie, 2014/4 (Volume XXIX), p. 59-
85. DOI : 10.3917/rfe.144.0059. URL : https://www.cairn.info/revue-
francaise-d-economie-2014-4-page-59.htm.
Nicholas Fleury, « L’évaluation des politiques publiques, Retour sur
l’expérience française et les conceptions syndicales ».
Guides :
« Guide de l’évaluation », Direction générale de la coopération
internationale et du développement, Ministère des Affaires étrangères,
2007.
« Guide de l’évaluation », Le centre de développement de la région de
Tensift (CDRT), avril 2015.
« L’évaluation en 7 étapes », guide pratique pour l’évaluation des actions
santé et social, Instance Régionale d’Education et de Promotion de la Santé
Auvergne-Rhône-Alpes et l’Observatoire Régional de la Santé Auvergne-
Rhône-Alpes, 4ème édition, Novembre 2019.
Rapport :

20
‫‪« Référentiel commun en évaluation des actions et programmes santé et‬‬
‫‪social », groupe d’évaluation, espace régional de santé publique, Lyon, mai‬‬
‫‪2004.‬‬
‫الفهرس‪:‬‬
‫‪2‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪5‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬نظريات تقييم السياسات العمومية‬
‫‪5‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المقاربة السلوكية والبنيوية‬
‫‪8‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المقاربة النسقية والمؤسساتية‬
‫‪9‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تقنيات تقييم السياسات العمومية‬
‫‪9‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أنماط تقنيات تقييم السياسات العمومية‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬تحليل السياسات العمومية‬
‫‪18‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪19‬‬ ‫الئحة المراجع‬
‫‪21‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪21‬‬

You might also like