You are on page 1of 15

‫مركز الشيخ زايد‬

‫لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها‬

‫‪:‬العنوان‬

‫الوحدة اإلسالمية‬
‫‪:‬محاضر‬

‫د‪ .‬محمد مصطفى‬

‫‪:‬جمع و إعداد‬
‫فاتح زيدان‬
‫رقم الجلوس ‪29193‬‬
‫قاعة ‪ 14‬بنين مستوى المتميز‬

‫‪1‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫المقدمة@‬

‫الحمد هلل الذي كان بعباده خبيرا بصيرا‪ .‬تبارك الذي جعل في السماء بروجا و جعل فيها‬
‫سراجا و قمرا منيرا‪ .‬اشهد ان ال اله اال هللا و اشهد ان محمدا عبده و رسوله الذي بعثه بالحق‬
‫بشيرا و نذيرا‪ .‬وداعيا إلي الحق بإذنه و سراجا منيرا‪ .‬اللهم صل عليه و على آله وصحبه و سلم‬
‫تسليما كثيرا‪.‬‬

‫لقد رأينا الكثير حتى اآلن ‪ ،‬هناك العديد من االنقسامات بين المسلمين‪ .‬هناك خالفات كثيرة في‬
‫الرأي واالفتراء بين المسلمين تنتهي بالشجار والحروب‪ .‬في الحقيقة ‪ ،‬نحن نعلم أن اإلسالم جاء‬
‫لتوحيد المسلمين‪ .‬فكيف نقاتل عندما يأمرنا هللا أن نتحد؟‬

‫لذلك كتبت هذا البحث من منطلق قلقي وحزني تجاه المسلمين اليوم‪ ,‬أرجو الي هللا كي يجعلنا‬
‫من المسلين الذي نوحد بيننا وال نتشجر بيننا‪ .‬وهللا يرحمنا وتوفيق الينا‪.‬‬
‫وجزاكم هللا الي شيخنا‪ ,‬الشيخ مصطفى الذي يساعدني في صنعا هذا البحث‪.‬‬

‫اندونيسيا‪ 1 ,‬يوليو ‪2022‬‬

‫فاتح زيدان‬

‫‪2‬‬
‫الباب االول@‬
‫واصطالحا‬
‫ً‬ ‫مفهوم الوحدة اإلسالمية لغة‬

‫مفهوم الوحدة لغة‬

‫قال ابن فارس‪ :‬و َّحد الواو والحاء والدال أصل واحد يدل على االنفراد‪،‬ومن ذلك الوحدة‪ .‬وهو‪:‬‬
‫واحد قبيلته إذا لم يكن فيهم مثله‪.‬‬

‫والواحد بني على انقطاع النظير وعوذ المثل والوحيد بني على الوحدة واالنفراد عن األصحاب‬
‫من طريق بينونته عنه‪،‬والعرب تقول أنتم حي واحد وحي واحدون‪،‬وقيل الواحد المتقدم في علم‬
‫أو بأس أو غير ذلك‪ ،‬كأنه المثل له فهو وحدة ووحدة توحيدًا‪،‬جعله واحدًا وقيل الواحد هو الذي‬
‫ال يتجزأ وال يثنى وال يقبل االنقسام وال نظير له والمثل وال يجمع هذين الوصفين‪ f‬إال هللا عز‬
‫وجل ‪.‬‬

‫والواحد في الحقيقة هو الشيء الذي الجزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى إنه ما من‬
‫عدد إال ويصح أن يوصف به ويقال عشرة واحدة ومائة واحدة وألف واحد‪.‬‬

‫مفهوم الوحدة اصطالحًا‪:‬‬

‫تعددت تعريفات الوحدة ومنها‪:‬الوحدة هي اتحاد الدول أو البالد‪ ،‬واألفراد والجماعات لسائر‬
‫أمور حياتهم ومعاشهم وسيرتهم وغايتهم‪ ،‬وبموجب هذه الوحدة يصبح الجميع شيء واحد أو أمة‬
‫واحدة يقال اتحاد البلدان‪ ،‬اتحد البلدان أي صارا بلدًا واحدًا‪ ،‬واتحدت األشياء صارت شيًئا‬
‫واحدًا‪ ،‬ويقال وحَّد المتعدد أي صيَّره واحدا‪ ،‬واالتحاد امتزاج الشيئين واختالطها حتى يصيرا‬
‫شيئا ً واحدًا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الباب الثاني‬
‫الوحدة االسالمية في القرآن الكريم والسنة‬

‫قال تعالي‪" :‬إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (األنبياء‪)92:‬‬

‫وقال رسول هللا‪" :‬إذا ألبست عليكم الفتن كقطع اليل المظلم‪ ,‬فعليكم بالقرآن‪ ،‬فإنه شافع مشتفع‪،‬‬
‫وماحل مصدق‪ ،‬من جعله أمامه قاده إلي الجنة‪ ،‬ومن جعله خلفه ساقه إلي النار‪ ،‬وهو الدليل يدل‬
‫على خير سبيل‪ ....‬وهو الفصل ليس بالهزل"‪.‬‬

‫من نعم هللا سبحانه وتعالى على األمة اإلسالمية أنها أمة واحدة‪ ،‬وأن مذاهبها تلتقي في‬
‫مشتركات كثيرة ومهمة‪ ،‬تعبر عن وحدتها‪ ،‬فهم يعتقدون باهلل الواحد الذي ال شريك له‪،‬‬
‫وبالرسول محمد‪ ،‬وبالكتاب الواحد وهو القرآن الكريم‪ ،‬ومودة أهل البيت‪ ،‬كما أنهم يحجون بيت‬
‫هللا الحرام جميعا حجا واحدا‪ ،‬ويصلون‪ f‬خمس فرائض في اليوم نحو قبلة واحدة وهي الكعبة‬
‫المشرفة‪ ،‬فضال عن اشتراكهم بصيام شهر رمضان‪ ،‬والزكاة والخمس والجهاد وغيرها من‬
‫المسائل الرئيسة المتفق عليها بين المسلمين‪ ،‬وان كانوا قد يختلفون في بعض تفاصيلها‪ ،‬ومن‬
‫أجل تعزيز مبدأ (الوحدة اإلسالمية) بين المسلمين البد إبراد نقاط االلتقاء واالبتعاد عن تفاصيل‬
‫المختلف فيها‪.‬‬

‫وما أحوج األمة اإلسالمية اليوم إلي توحيد كلمتها و موقفها عمال بقول هللا تعالي‪" :‬واعتصموا‬
‫بحبل هللا جميعا وال تفرقوا" (آل عمران‪ ،)103:‬وحذرمن مغبة قوله غز وجل‪" :‬وال تنازعوا‬
‫فتفشلوا وتذهب ريحكم" (األنفال‪. )46:‬ونظرا إلي خطورة األمر‪ ،‬وما يترتب عليه من آثار فقد‬
‫حذرنا النبي من التفرق في أحاديث كثيرة‪ ،‬منها قوله‪" :‬فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا‬
‫فيموت إال مات ميتة جاهلية"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل االول@‬
‫تنوع مفهوم الوحدة في القرآن‬

‫االعتصام بحبل هللا تعالى‬ ‫‪.1‬‬

‫تنوعت أساليب القرآن الكريم في الدعوة لهذا المفهوم فتارةً يدعو صراحة كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ُوا نِ ْع َمةَ ٱهَّلل ِ َعلَ ْي ُك ْم ِإ ْذ ُكنتُم َأ ْعدَاء فََألَّفَ بَ ْينَ قُلُوبِ ُك ْم‬ ‫وا َو ْٱذ ُكر ْ‬ ‫وا بِ َح ْب ِل ٱهَّلل ِ َج ِميعا ً َوالَ تَفَ َّرقُ ْ‬
‫ص ُم ْ‪f‬‬
‫" َوٱ ْعتَ ِ‬
‫ار فََأنقَ َذ ُك ْم ّم ْنهَا َك ٰذلِ َ‬
‫ك يُبَي ُّن ٱهَّلل ُ لَ ُك ْم ءايَ ٰـتِ ِه‬ ‫فََأصْ بَحْ تُم بِنِ ْع َمتِ ِه ِإ ْخ َوانا ً َو ُكنتُ ْم َعلَ ٰى َشفَا ُح ْف َر ٍة ّمنَ ٱلنَّ ِ‬
‫لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْهتَ ُدون"‪.‬‬

‫قال القرطبي في تفسيره‪ :‬فإن هللا تعالى يأمر باأللفة وينهى عن الفرقة فإن الفرقة هلكة والجماعة‬
‫نجاة‪.‬‬

‫و قال ابن المبارك‪ :‬إن الجماعة حبل هللا فاعتصموا منه بعروته الوثقى لمن دانا‪.‬‬

‫وقال السيد الطباطبائي في ميزانه‪ :‬هذه اآلية تتعرض لحكم الجماعة المجتمعة والدليل عليه قوله‬
‫جميعا ً وقوله وال تفرقوا فاآليات تأمر المجتمع اإلسالمي باالعتصام بالكتاب والسنة كما تأمر‬
‫الفرد بذلك‪.‬‬

‫إصالح ذات البين‬ ‫‪.2‬‬

‫وتارة أخرى نجد أن القرآن الكريم يأمر بأشياء للوصول إلى الوحدة منها اإلصالح بين األخوين‬
‫وإصالح ذات البين فهي من األمور التي تخلق الوحدة بين المسلمين‪ .‬قال هللا تعالى‪ِ" :‬إنَّ َما‬
‫خَو ْي ُك ْم َوٱتَّقُ ْ‬
‫وا ٱهَّلل َ لَ َعلَّ ُك ْم تُرْ َح ُمونَ "‪.‬‬ ‫ُوا بَ ْينَ َأ َ‬
‫ْٱل ُمْؤ ِمنُونَ ِإ ْخ َوةٌ فََأصْ لِح ْ‬

‫وا ٱهَّلل َ َوَأصْ لِح ْ‬


‫ُوا َذاتَ بِ ْينِ ُك ْم "‪.‬قال اإلمام الصادق عليه السالم‪ :‬المسلم أخو‬ ‫وقال جل وعال‪ " :‬فَٱتَّقُ ْ‬
‫المسلم‪ ،‬وحق المسلم على أخيه المسلم أن ال يشبع ويجوع أخوه‪ ،‬وال يروي ويعطش أخوه‪ ،‬وال‬
‫يكتسي ويعرى أخوه فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫ك َأ َّن َرسُو َل هَّللا ِ قَ َ‬
‫ال‪" :‬ال تباغضوا وال تحاسدوا وال‬ ‫روى البخاري بسنده عن َأنَسُ ب ُْن َمالِ ٍ‬
‫تدابروا وكونوا عباد هللا إخوانا وال يحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثالثة أيام"‪.‬‬

‫النهي عن االفتراق واالختالف‬ ‫‪.3‬‬

‫ومن أساليب القرآن والسنة في الداللة على وجوب الوحدة بين المسلمين النهي الصريح عن‬
‫االفتراق واالختالف الذي هو ضد الوحدة واالجتماع‪.‬‬

‫َب ِري ُح ُك ْم َوٱصْ بِر ْ‬


‫ُوا ِإ َّن ٱهَّلل َ‬ ‫وا َوت َْذه َ‬
‫وا فَتَ ْف َشلُ ْ‬
‫ُوا ٱهَّلل َ َو َرسُولَهُ َوالَ تَنَ ٰـزَ ُع ْ‬
‫قال هللا عز وجل‪َ " :‬وَأ ِطيع ْ‬
‫َم َع ٱل َّ‬
‫ص ٰـبِ ِرينَ "‪f.‬‬

‫ت َوُأوْ لَـِئ َ‬
‫ك لَهُ ْم‬ ‫وا ِمن بَ ْع ِد َما َجاءهُ ُم ْٱلبَيّنَ ٰـ ُ‬
‫ٱختَلَفُ ْ‬ ‫وا َكٱلَّ ِذينَ تَفَ َّرقُ ْ‬
‫وا َو ْ‬ ‫وكذلك قوله تعالى‪َ " :‬والَ تَ ُكونُ ْ‬

‫َع َذابٌ ع ِ‬
‫َظي ٌم"‪.‬‬

‫أن يكون المسلمون أولياء بعضهم للبعض اآلخر‬ ‫‪.4‬‬

‫وأيضا ً ذكر القرآن أسلوبا ً آخر للحث والتقريب واأللفة بين المسلمين وهو أن يكون المؤمنون‬
‫أولياء بعضهم للبعض اآلخر يحب احدهم اآلخر‪ ،‬وعندئذ تكون الرحمة قد نزلت عليهم لتآخيهم‬
‫ومودتهم وحبهم فيما بينهم‪.‬‬

‫ُوف َويَ ْنهَوْ نَ ع َِن‬‫ْض يَْأ ُمرُونَ بِ ْال َم ْعر ِ‬ ‫ضهُ ْم َأوْ لِيَاء بَع ٍ‬ ‫ون َو ْال ُمْؤ ِمن ُ‬
‫َات بَ ْع ُ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ " :‬و ْال ُمْؤ ِمنُ َ‪f‬‬
‫ُأ‬ ‫ْال ُمن َك ِر َويُقِي ُمونَ ال َّ‬
‫صالَةَ َويُْؤ تُونَ ال َّز َكاةَ َوي ُِطيعُونَ هّللا َ َو َرسُولَهُ وْ لَـِئكَ َسيَرْ َح ُمهُ ُم هّللا ُ ِإ َّن هّللا َ ع ِ‬
‫َزي ٌز‬
‫َح ِكي ٌم" إذن هذه أدلة صريحة تأمر المسلمين بشكل عام بكل ما يزيد المحبة بينهم‪ ،‬والنهي عن‬
‫كل ما يولد البغضاء في صفوفهم‪ ،‬وتأمرهم صراحة بأن يكونوا إخوة‪ ،‬وال يمكن للمسلمين أن‬
‫يكونوا إخوة إال إذا كانوا متحدين غير متفرقين‪ ،‬فإن األخوة ضد الفرقة واالختالف‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫القرآن هو المرجع في الوحدة اإلسالمية‬

‫ال يختلف مسلمان في أن كلمة القرآن الكريم هي الفـصل والفرقـان في كل نزاع‪ ،‬وأن ما خالف‬
‫القرآن فمردود‪ .‬فلنرجع إلى القرآن الكريم من أول الطريق ونريح أنفسنامـن عنـاء الخالف‬
‫والجدل‪.‬‬

‫والقرآن الكريم قد قال كلمته في تحديـد أوقـات الـصالة في آيـات كثيرة‪ ،‬فالواجب علينا أن ننظر‬
‫في هـذه اآليـات مجتمعـة مـع بعـضها ‪ ،‬ونربط بينها وهو ما يسمى في األصول‪ :‬الجمـع بـين‬
‫أطـراف األدلـة ‪ ،‬وحينذاك سيتبين لنا المقصود بوضوح‪ .‬إال أن هذه القاعـدة غائبـة عـن أذهان‬
‫الكثيرين ‪ ،‬فيقتصر على آية واحدة مـن آيـات المواقيـت الكثـيرة المبثوثة في القـرآن ثـم تفـسر‬
‫تفـسيرا يخرجهـا عـن معناهـا ‪ ،‬ويجعلهـا متناقضة مع مثيالتها من اآليات التي تعزل عنهـا وال‬
‫تـذكرمعهـا‪ ،‬مـا يسهل على السامع الساذج أو الذي لم َيتح له تـدبرالقـرآن قبـول ذلـك التفسير‬
‫بمعـزل عـن هـذه اآليـات‪ .‬أمـا األسـلوب العلمـي المنـصف‪ f‬فيقتضي جمع األدلة المتفرقة ذات‬
‫الموضوع الواحـد‪ ،‬وإال وقعنـا في فـخ (اتباع المتشابه)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الباب الثالث‬
‫المنهج النبوي في بناء الوحدة االسالمية‬

‫يتقد التحدي الصعب أمام علماء األمة المستنيرين الذين يوسعون اليوم من مساحات االشتغال بما‬
‫هو خارج خط القسمة المذهبية المعهودة بين المسلمين‪ .‬تح ٍد يحفر في سر الهواجس التي يمكث‬
‫المسلمون داخل دوائرها‪ ،‬وفي سر األسئلة التي تتجمع مالمحها على أرض مملوءة بركام هائل‬
‫من الخالفات والنزاعات والتوترات التي تترمد الروح عند استحضارها‪ ،‬خصوصا ً عندما يتم‬
‫استدراك السنوات القريبة الماضية‪.‬‬

‫حقا ً إن هؤالء العلماء اآلتين من مناشىء وبيئات متنوعة يستفحل السخط على من شذ منهم وعال‬
‫فوق رواسب الغريزة والعصبيات‪ f،‬إن هؤالء العلماء يقتربون شيئا ً فشيئا ً على ما يمكن اعتباره‬
‫جوابا ً عن سؤال كبير حيّر األمة وأقعدها في وحول البله والعطالة‪ .‬لماذا يشاء جعل الخالف بين‬
‫المسلمين في موقع النص القطعي الصدور‪ f‬والداللة! وجعل الوحدة في موضع االجتهاد المفتوح‬
‫على التأويل والتخريب!‪.‬‬

‫امتياز من يجتمع اليوم على اسم الوحدة أنه يُحسن التلبث على صيغة ومشروع يتبدى المقبل‬
‫اإلسالمي من خاللهما وضا ًء ومشرقا ً وبهيا ً كما كان في زمن التأسيسات النبوية األولى التي ما‬
‫زال معظم المسلمين بعيدين عن التعامل معها في كثير من أبعادها وشواهدها‪ ،‬مكتفين‬
‫ومحتفظين فقط بصورة المراقب عن بعد على تاريخ نبيهم وسيرته‪ ،‬من دون أن ينخرطوا في‬
‫عمق تلك التجربه الثورية لتعديل شروط وجودهم وإمكاناتهم‪ ،‬في حاضر يتكاثر فيه ديانو‬
‫التفرقة‪ ،‬ومن ادعى لنفسه نسبا ً قرآنيا ً وفقهيا ً وعقيديا ً وحديثيا ً وال يضطلع في أناء الليل وأطراف‬
‫واف من إنماء الصفة الخاصة المغايرة‪ ،‬وما يباعد المسلمين‬
‫ٍ‬ ‫النهار إال بحديث فيه نصيب‬
‫بعضهم عن بعض ويُركبهم مركب التكفير والعنف‪ .‬ومستقبل ينثني على حروب العدالة التي‬

‫‪8‬‬
‫تبشر بالديمقراطية على أعتاب الدم والنفط!‪ ،‬و"نضال" السوق! وعولمة الظلم بأشكال جديدة‬
‫تطل على شبكة النزاعات والمصالح االستكبارية‪.‬‬

‫وبين ما أفضى ويفضي إليه هذا االستمرار في سيْريَّات العنف بين المسلمين في أكثر من منطقة‬
‫ساخنة‪ ،‬تتوجه الرغبة واإلرادة إلحالة الحالة اإلسالمية بكل مكوناتها إلى مشهدها األول‬
‫ومصادرها النبوية األولى‪ ،‬بغية تظهير معالم الوحدة واستدعائها من عصر األمس إلى عصر‬
‫اليوم‪ .‬فنحن بحاجة في سياق بناء وتكوين واقعنا اإلسالمي الحالي للتعامل مع مجموعة من‬
‫المفردات االعتقادية والسلوكية والمعرفية في أعلى مستويات االستيعاب والتجرد‪.‬‬

‫فإن ما حل بالمسلمين من فقدان للمناعة الداخلية‪ ،‬وتقهقر مستمر‪ ،‬وهزيمة تتلو هزيمة‪ ،‬وغيبوبة‬
‫عن المعطيات الحضارية الحديثة يؤكد أن أزمة المسلمين أزمة ثقيلة تستوجب النظر في عقليتنا‬
‫نحن المسلمين وفي ثقافتنا وفقهنا وأخالقنا وفي كل المناحي التي ترتبط بحياتنا الخاصة والعامة‪.‬‬

‫وإذا كان أمر المسلمين اليوم يتوقف على اجتذاب النهج النبوي واألخذ به كما هو معتقدنا‪ ،‬فإن‬
‫هذا االجتذاب ال يعني استجرار الماضي تأويالً وتفسيراً وتصحيحا ً فقط‪ ،‬بل يعني حضور هذا‬
‫النهج في إبداع الحلول وصنع الحياة الحرة الكريمة لإلنسان‪ .‬ويعني أيضا ً أن االسالم سيكون‬
‫خارج التأطير الضيق‪ ،‬وخارج النص البراغماتي الذي يستخدم للدفاع عن شخصية تاريخية أو‬
‫حالة تاريخية بمعزل عن ميزان الحق والعقل‪ .‬وإذا كان هذا مفهوما ً فإن هذه الورقة تحاول‬
‫اإلضاءة على أهم المبادىء والمتكآت التوحيدية في مشروع النبي محمد ﷺ‬

‫‪9‬‬
‫الفصل االول@‬
‫الوحدة في العبادة‬

‫إن من أسمى الطرق لتربية االنسان وتزكيته وتخليته من سوداوية الجهل والشرك‪ ،‬وتنويره‬
‫باألنوار الملكوتية والهداية اإللهية‪ ،‬هي العبودية الخالصة هلل تبارك وتعالى‪ .‬وقد تصدى رسولنا‬
‫األكرم محمد ﷺ من ضمن أهدافه الرسالية الكبرى لمهمة أساسية وهي توجيه الناس نحو عبادة‬
‫هللا الواحد األحد‪ .‬وعمل على تخليصهم من شوائب الشرك واالنحراف في العبادة‪ .‬ومن أجل أن‬
‫يعرفهم مبلغهم استثار فيهم كل المرتكزات الفطرية والدالئل العلمية والبراهين العقلية إلثبات‬
‫وحدانية هللا ومنبع الوجود والغاية من خلق البشر‪ .‬وأرسى قواعد التوحيد عبر منظومة واسعة‬
‫من الشعائر العبادية التي تربط العبد بربه وتسيّره في مدارج الكمال‪ .‬وعلى الرغم من تنوع‬
‫أساليب العبادة وتعدد مجاالتها وتوسع أبعادها إال أن األبرز فيها ذاك الدافع الجماعي حين‬
‫يحتشد المؤمنون في زمان واحد وفي ميدان واحد ونحو هدف واحد وباتجاه نقطة واحدة بانسجام‬
‫واتساق كما هو الحال في الصالة والصيام والحج‪ .‬بتعبير موجز أن التوحيد في العبادة يُبرىء‬
‫اإلنسان من ملوثات ومؤثرات الشرك واالنحراف‪ ،‬ويضعه في خط الهداية والصالح‬
‫واالطمئنان النفسي والكمال الذاتي‪.‬‬

‫وضمن هذا المنحى قدم رسولنا األعظم محمد ﷺ أطروحة متكاملة جمع فيها الفطرة والعلم‬
‫والعقل وما يتحرك في أفق الوحي والغيب‪ ،‬ليجيب على أسئلة اإلنسان حول الكون والحياة‬
‫واإليمان وهللا‪ ،‬بما يحقق ثبات حركة اإلنسان المسلم والمجموعة المسلمة بعيداً عن التردد‬
‫والتخبط والفراغ والحيرة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الوحدة في القيادة‬

‫تشكل مسألة القيادة في اإلسالم شأنا ً حاسما ً تتوقف عليها حياة المسلم ومصيره في النشأتين‬
‫الدنيوية واألخروية‪ .‬بل حياة اإلنسان كله‪ ،‬ألن القائد اإلسالمي ينظر ضمن سعة حاكميته إلى‬
‫كل األفراد مهما تنوعت أصولهم النسبية والعرقية والدينية بمقتضى مسؤوليته وواجبه الشرعي‪.‬‬

‫وقد اشتملت قيادة الرسول األكرم محمد ﷺ على حشد هائل من المرتكزات‪ f‬والمفاهيم النظرية‬
‫واالختبارات والتطبيقات العملية في شتى الحقول والمجاالت التي لم يسبق ألمة أن حصلت‬
‫عليها بمثل هذا العمق والوضوح والشمول‪.‬‬

‫فنبي الرحمة محمد ﷺ بسط على نحو الكفاية كل ما يمكنه ضمان سالمة حياة اإلنسان‬
‫واستقامته ونظافته وش ّرع كل ما يقع في طريق تكامل اإلنسان من الواجبات والمستحبات‬
‫والمحرمات والمكروهات والمباحات‪ ،‬وما يطلق فكره في أسرار الفطرة‪ ،‬ويحرك شعوره في‬
‫دنيا العدل والرحمة‪ ،‬وما يبلغه صالحه وهدايته وسعادته من خالل منظومة المبادىء والقيم‬
‫والتكاليف والحقوق التي تتجه لعالقة اإلنسان مع ربه ونبيه وقائده وأهله ومجتمعه وكل ما له‬
‫دخالة بأبعاد الحياة اإلنسانية المادية والروحية‪ .‬فلقد منحت العناية اإللهية رسولنا األكرم مرجعية‬
‫متفردة ومتوحدة‪ ،‬تتطلع إليها األنظار‪ ،‬وتتطاول إليها األعناق‪ ،‬وتهفو إليها القلوب‪ ،‬وتنش ُّد إليها‬
‫العقول‪ ،‬وهي الملهمة والباعثة والمحركة وهي القدوة واألسوة الحسنة التي ترجى وتقتدى وتتبع‬
‫لسعادة وخالص اإلنسان‪.‬‬

‫على مثل هذا السياق نتنبه أن القيادة المرجعية المحورية الجاذبة العالمة التي تتجمع فيها كل‬
‫صفات الجمال والخير والخلق والشجاعة والحكمة هي المطلوبة والمبتغاة عقالً‪ ،‬لتوقف مسائل‬
‫الدين والدنيا عليها‪ ،‬فقيادة المجتمع البشري ليست من األمور التي يمكن إيكالها إلى أي كان‪.‬‬
‫وتخلف وتعصب وتشرذم وتنافر وتناحر يعيشه المسلمون اليوم هو‬
‫ٍ‬ ‫وجهل‬
‫ٍ‬ ‫خلل‬
‫وإذا كان من ٍ‬

‫‪11‬‬
‫بسبب تخليهم عن الشروط والمواصفات‪ f‬والمعايير األخالقية واإلدارية والسياسية التي يجب أن‬
‫يتحلى بها كل رئيس وقائد وزعيم مسلم بمعزل عن االجتهادات الفقهية التي تطال شكل نظام‬
‫الحكم وآلياته‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫الوحدة في المجتمع‬

‫دفع الرسول المصطفى محمد ﷺ المجتمع المسلم الذي ُوفق للعيش في كنفه‪ ،‬دفعه للتطلع نحو‬
‫القيم وال ُمثل والكمال في أسمى مراتبه‪ ،‬وأراد له التخلص من الميول والرغبات المادية الدنيوية‬
‫التي تُقعد المسلم في وحول الغريزة الحيوانية والنزعة الفردية الذاتية‪ ،‬ليضمن من خالل ذلك‬
‫السعادة والعدالة والخير للمجتمع ويحقق احتياجاته ومتطلباته في أرقى وأجلى صورها‪.‬‬

‫وقد وضع الرسول جملة من المبادىء الضرورية في إطار عمله لبناء مجتمع متماسك مترابط‬
‫متواد متراحم‪ .‬وهذه المبادىء ال تتحدد في بيئة معينة وبجغرافيا خاصة وإنما هي صالحة لكل‬
‫بيئة ولكل زمان ومكان‪.‬‬

‫فقد أم ّد الرسول ﷺ المجتمع باألفكار والقيم واألهداف التي تجعله دائما ً في طور النمو والتطور‬
‫والتحضر‪ .‬مجتمع يتحرك بكل حماسة وحرارة وحيوية من أجل مرضاة هللا تبارك وتعالى‪ ،‬وفي‬
‫سبيل أن يكون أفراده كتلة متراصة متآخية متكاتفة م ّشعة بالعلم واإليمان والنور‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الخاتمة‬

‫الحمد هللا الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬قد صولنا الي آخر من البحث‪ .‬اشكر كثيرا الي هللا تعالي‪،‬‬
‫الذي يساعدني في جمع هذا البحث‪ ،‬وإلي دكتورنا الدكتور محمد مصطفي الذي يساعد ايضا و‬
‫يعطي كثير من العلوم عن البحث‪.‬‬

‫وارجو للقراء من هذا البحث يستطيع ان يجد كثير من العلوم و المعرفة من هذا البحث‪ ،‬الن‬
‫اجمع هذا البحث بسبب اريد للمسلمين ان يعرف عن الوحدة االسالمية و اهمية عنها‪ .‬الن كثير‬
‫من المسلمين ال يعرف عن الوحدة االسالمية و اهمية عنها والبد او واجب علينا ان يفهم عنها‪.‬‬

‫وأعتذر إذا كانت هناك أخطاء في هذا البحث‪ .‬وجزاكم هللا خير جزا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المراجع‬
‫القرآن الكريم‬

‫الغدير‪ ،‬الشيخ عبد الحسين األميني‪ ،‬دار الكتاب العربي‬

‫نحو وحدة إسالمية حقيقية‬

‫‪https://www.almrsal.com/‬‬

‫‪https://www.almaaref.org/‬‬

‫‪https://www.islam4u.com/‬‬

‫‪https://www.alwahabiyah.com/‬‬

‫‪14‬‬
‫فهرس‬
‫المقدمة‪2..........................................................................................................‬‬
‫الباب االول ‪ :‬مفهوم الوحدة اإلسالمية لغة واصطالحًا‪3.................................................‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬الوحدة االسالمية في القرآن الكريم والسنة‪4..............................................‬‬
‫الفصل االول ‪:‬تنوع مفهوم الوحدة في القرآن‪5............................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬القرآن هو المرجع في الوحدة اإلسالمية‪7................................................‬‬
‫الباب الثالث ‪:‬المنهج النبوي في بناء الوحدة االسالمية‪8.................................................‬‬
‫الفصل االول ‪:‬الوحدة في العبادة‪..........................................................................‬‬
‫‪10‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬الوحدة في القيادة‪11..........................................................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬الوحدة في المجتمع‪12.......................................................................‬‬
‫الخاتمة‪13........................................................................................................‬‬
‫المراجع‪14.......................................................................................................‬‬
‫فهرس‪15.........................................................................................................‬‬

‫‪15‬‬

You might also like