Professional Documents
Culture Documents
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب الإسلامي
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب الإسلامي
Research Summary
Represents the Kharijites(Rebels) in the West, a prominent element in the Islamic political-religious
conflict between Muslims, which occurred in the past, which extended its effects to our time.
The researchers attributed the emergence of the Kharijites (Rebels) in the west to bad policy and she
)was followed by the rulers of the Umayyad with barbarians. Took advantage of the Kharijites(Rebels
defectors from the east this anger when the barbarians, and after a series of revolutions and bloody
battles between the armies of the two authorities: the Umayyad and Abbasid, and the armies of rebels in
the Muslim West emerged political entities new independent of each district of the Midwest and Far, and
these entities are what is termed a "states Kharijites in the Muslim West "respectively: State Almadraria
(Al-sufriyya) in 140 AH and Rustamiya (Ibadi) state in 161 AH.
عرفت األمة اإلسالمية بعد وفاة النبي صمى اهلل عميو وسمم أوضاعا متناقضة وتسارعا في
األحداث والوقائع ،استقرار سياسي يعقبو اضطراب وصراع عمى الحكم ،وفتح لمبمدان يضاىيو انتشار لمفتن
وظيور ِ
لمفرق والمذاىب السياسية والعقدية ،راحة مالية وامتالء لخزينة الدولة ،وانتشار لمظاىر البذخ وتوسع
الحكام واألمراء في اإلنفاق ،احتجاج بالقدر لتبرير الظمم ،نفي لمقدر لتبرير العدل...وسط ىذه الفسيفساء من
األحداث المتسارعة والمتناقضة ،ظيرت في المشرق اإلسالمي فرقة سياسية دينيةُ ،عرفت باسم الخوارج أو
الم َح ِّكمة ،وكان ليا امتداد في مغربنا اإلسالمي فيما بعد ،والزالت تداعيات ىذا الفكر حاضرة في ذىنيات
ُ
وممارسات كثير من المسممين إلى يوم الناس ىذا ،وفي ىذه المقالة سيحاول الباحث إماطة المثام وتسميط
الضوء عمى ىذه الفرقة من حيث الظيور واالمتداد والنتائج ،وألجل الخموص إلى ىذا المقصد جاءت خطة
البحث عمى الشكل اآلتي:
المبحث األول :نشأة الخوارج
أوال /الخوارج في السنة المطيرة
ثانيا /مصير من نجى من الخوارج يوم النيروان
ثالثا /خصائص الخوارج
المبحث الثاني :الخوارج في المغرب اإلسالمي
أوال /المغرب قبل ظيور الخوارج والحركات المذىبية
1
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
ثانيا/بداية الظيور
ثالثا /أىم ثورات الخوارج الصفرية
رابعا /نتائج ثورات الصفرية
/1الدولة المد اررية أو دولة بني واسول 296 -140ىـ
أ /السياسة الداخمية لدولة بني مدرار
ب /السياسة الخارجية لدولة بني مدرار
#عالقات العداء
#عالقات الود والصداقة
/2الدولة الرستمية اإلباضية296-161 :ه
أ /تعريف اإلباضية
ب /أىم ثورات الخوارج اإلباضية
ج /قيام الدولة الرستمية اإلباضية 161ه297-ه
#سياسة بني رستم الداخمية
#سياسة بني رستم الخارجية
الخاتمة :نتائج ظيور الفكر الخارجي في المغرب اإلسالمي
2
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
حتى قال القاضي عياض " :وقد كادت ىذه المسألة تكون [أشد] إشكاالً عند المتكممين من سائر المسائل،
ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليو الفقيو أبو محمد عبد الحق -رحميما اهلل -في الكالم عمييا فيرب لو
من ذلك ،واعتذر لو بأن الغمط فييا يصعب موقعو؛ ألن إدخال كافر في الممة أو إخراج مسمم منيا عظيم في
الدين ،وقد اضطرب فييا قول القاضي ابن الطيب وناىيك بو في عمم األصول ،وأشار -أيضاً -القاضي -
رحمو اهلل -إلى أنيا من المعوصات".2
وألننا نعتقد أن الخوارج الذين تم نعتيم في حديث ذي الخويصرة التميمي الذي سيتم ذكره فيما بعد ،لم يبقوا
عمى نفس الفكر ونفس الموقف الديني والسياسي ،فمن الواجب عمينا أن نبين ونحن في ىذا المقام أن كثي ار
من الخالفات السياسية التي تم الحكم عمييا انطالقا من النصوص القرآنية أو األحاديث النبوية ،لم تكن
كذلك ،وأن ما مارسو الخوارج األوائل من تكفير لممسممين واستباحة لدمائيم ليس أكثر جرما مما فعمو الحكام
الفاسدون المستبدون بمخالفييم بحجة انتصارىم لمسنة وحمايتيم لمجماعة ،حيث كانت األحكام االنفعالية
والمواقف المتطرفة شائعة جدا لدى المتنازعين في تعامميم مع المشكالت الدينية والسياسية سواء كانوا من
الحكام أو المحكومين.
وألن خوارج المغرب اإلسالمي يمثمون حمقة بارزة في الصراع الديني السياسي بين المسممين ،فقد رأينا أنو
من الواجب عمينا كباحثين وميتمين بعالم األفكار أن نوضح بعض القضايا العممية المتعمقة بظيور ىذه
الفرقة في مغربنا اإلسالمي ،والتي سنبدأ تفصيل القول فييا بحديث النبي صمى اهلل عميو وسمم حول ىذه
الفرقة.
3
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
4
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
عمى السنة والشيعة ،تمكنوا بواسطة اعتماد فرض فصول التقوى كسب تعاطف العامة خاصة منيم
المضطيدين والميمشين وعامة المسممين الطامعين في العدالة والمساواة بين بني البشر دون النظر
6
إلى األنساب واألصول"
ومقابل ىذا الرأي نجد رأيا لباحث آخر يرى أن مبادئ الخوارج وتطرفيم في إصدار األحكام وتعدييم
عمى أموال الناس وحرماتيم كان السبب الرئيس في كره الناس ليم وعدم التفافيم حول دعوتيم حيث
يقول " :فضال عن فقدان الخوارج لمصداقيتيم في نظر قطاعات عريضة من الشعوب اإلسالمية وىو ما
يمثل عامال آخر إذ أن الخوارج قد أسيموا في إثارة الكراىية والسخط الشعبي ضدىم نتيجة ممارستيم
7
القتل والتخريب والنيب"
ويبدو أن ِكال الرأيين لو جانب من الصواب وىامش من الخطأ :فالرأي األول قد أصاب في قولو بأن
الخوارج قد كسبوا تعاطف العامة خاصة منيم المضطيدين والميمشين وعامة المسممين الطامعين في
العدالة والمساواة بين بني البشر دون النظر إلى األنساب واألصول ،ولكن ىذا ليس عمى إطالقو ،بل
نرى أنو مختص ببعض قبائل البربر التي وجدت في الدعوة الصفرية واإلباضية متنفسا ومرجعا في الثورة
عمى السمطة األموية والعباسية ،وىو ما ال نجده في المجتمع المشرقي الذي رفض وجود الخوارج بسبب
مواقفيم الحدية واعتدائيم عمى عامة المسممين الذين ال يرون رأييم في خالفة عثمان وعمي ،كما أن ىذا
الرأي قد جانب الموضوعية في قولو بأن طريقة الخوارج في اختيار اإلمام ىي الخصوصية األرقى التي
كرسوىا عمميا وتفرقوا بيا عمى أىل السنة ،ألن األمر ىنا يتعمق بنص نبوي صحيح وصريح في أن
الخالفة العظمى تكون في قريش ،والقول بيذا الرأي يعتبر إىدا ار ليذا النص الذي يعتبر حاكما عمى بقية
النصوص المجيزة لمخالفة في غير قريش وأنيا خاصة بالخالفة الفرعية الصغرى ،أو انعدام شروط
اإلمامة في القرشي ،أو الغمبة لغير القرشي...
أما الرأي الثاني فيقال عنو ما قيل في األول ،وىو أن الحكم بفقدان المصداقية بسبب المواقف المتطرفة
ليس عمى إطالقو بل ىو خاص بالمجتمع المشرقي الرافض لمخوارج ،بعدما رأى منيم تمك األعمال
المشينة والمواقف المتطرفة واآلراء البعيدة عن مذىب أىل السنة والجماعة ،والدليل عمى ذلك ما وجدوه
من قبول لدى قبائل البربر في المغرب ولدى قطاع عريض من الشعوب العربية في الكوفة والبصرة
واليمن وغيرىا.
5
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
عرفوا بتمسكيم بظواىر األلفاظ القرآنية دون فيم المعنى والمرمى ،وىذا أيضا ليس عمى إطالقو إذ
المنظر الحقيقي لممذىب اإلباضي ،والربيع بن
فييم العمماء والمفسرون والمحدثون كجابر بن زيد ُ
حبيب الفراىيدي صاحب المسند ،وعكرمة مولى ابن عباس وغيرىم.
تميزوا بالتشدد في العبادة الذي يظير في جباىيم المقرحة وأيدييم التي تشبو نفثات اإلبل ،وىذا ليس
بعيب يالم صاحبو ،إال إذا ابتدع في العبادة ،وأتى فييا بما لم يشرع اهلل.
عرفوا باإلخالص الشديد لعقيدتيم والشجاعة في حروبيم وىذا ما جعل مواجيتيم صعبة عمى الدولة
األموية خاصة وأنيم كانوا فرعين :أحدىما بالعراق وما حوليا وكان أىم مركز ليم "البطائح" بالقرب
من البصرة ،وقد اشتير من رجاليم "نافع بن األزرق وقطري بن الفجاءة" والفرع اآلخر كان بجزيرة
العرب واستولوا عمى اليمامة وحضر موت واليمن والطائف ،ومن أشير أمرائيم فييا أبو طالوت
ونجدة بن عامر وأبو فديك.
تميزوا بكثرة اختالفيم وتكفيرىم لبعضيم بمجرد اختالفيم في الرأي ويعد ىذا من أىم أسباب إخفاق
حركاتيم وفشل ثوراتيم –كما سنراه فيما بعد حين الحديث عن قيام الدولتين المد اررية والرستمية-
بالء حسناً
يمتاز غالبية األمازيغ بطبعيم المتشدد ،وقد دخموا في دين اهلل أفواجاً مع الفتح اإلسالمي ،وأبموا ً
في نصرة الدين اإلسالمي منذ الفتح ،ولعبوا أدوا اًر ىامة جداً في التاريخ العربي واإلسالمي في شمال إفريقيا
وغربيا وكذلك في األندلس ،ويعود أول اتصال ليم مع اإلسالم إلى عام 22ىـ عندما وفد عمى عمرو بن
العاص بعد فتح مصر جماعة من أىالي ( برقة ) يطمبون االحتماء باإلسالم من ظمم البيزنطيين ،وعندما
نقل ابن العاص طمبيم إلى الخميفة عمر بن الخطاب أذن لو باالستجابة إلييم ،فشكل ابن العاص قوة
أمر عمييا ابن خالتو ( عقبة بن نافع ) الذي تمكن من تحرير ( برقة وطرابمس الغرب )
عسكرية خاصة ،و َّ
ونشر اإلسالم بين قبائميا األمازيغية ,ثم توقفت العمميات العسكرية غربا بفعل قرار من المدينة ،وفي ىذه
تعم المناطق التي تعرف
األثناء كان الضغط البيزنطي يشتد عمى قبائل األمازيغ ،وكانت الثورات األمازيغية ّ
6
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
اليوم بالجزائر والمغرب ،ولم يستأنف اإلسالم تمدده إال في عام 49ىـ حيث تمت تولية عقبة بن نافع عمى
إفريقية التي اختط فييا في العام التالي مدينة القيروان عاصمة تنطمق منيا الفتوح في الشمال اإلفريقي.
كانت األوضاع في المغرب اإلسالمي متردية بعد الفتح ،بفعل الصراعات الداخمية بين الوالة من
جية ،ثم بين العناصر المشرقية والعناصر المغربية من جية أخرى ،وبمغ الصراع العنصري أشده في عام
122ىـ فيما عرف بالفتنة المغربية الكبرى التي كانت –حسب بعض المؤرخين -بإيعاز من الخوارج الفارين
من المشرق خاصة مع سوء سياسة والة بني أمية وعدم إدراك األمويين لطبيعة البربر وىم السكان األصميون
لمبالد وانكارىم لمدور الكبير الذي قاموا بو في عمميات الفتوح وما يستتبع ذلك من المساواة في المعاممة وفي
الحقوق والواجبات ،كما تطمع البربر من جانبيم إلى الحصول عمى نصيبيم من العطاء ما داموا مسممين
يحاربون جنبا إلى جنب مع العرب ،و أروا أنيم لم يكافؤوا عمى ما قدموه من خدمات كما كانوا يأممون ولم
يعامميم العرب معاممة النظير لمنظير ،وىم في الوقت نفسو غير مستعدين لمسماح لمعرب بمشاركتيم خيرات
بالدىم مشاركة كاممة ،وينكرون عمييم االستئثار بالسيادة فييا دون حساب ،وقد استغل الخوارج الفارين من
الشرق ىذه األوضاع وىذا االحتقان من جانب البربر فتغمغموا في صفوف البربر وأخذوا يحرضونيم عمى
الثورة ضد ما يقع عمييم من ظمم ،ويبينون ليم حقوقيم في دولة اإلسالم التي أصبحوا مواطنين فييا ،وقد وجد
الخوارج في ىؤالء البربر النفوس المستعدة لقبول تعاليميم التي تناسب نزعاتيم ،ولذلك كانوا يأممون في أن
يجدوا في شمالي إفريقيا األرضية الصالحة لزرع تعاليميم وتأسيس دولة تناىض السمطة القائمة في المشرق.
وقد تمخض عن الثورات التي قامت في تمك المنطقة وتراجع قوة السمطة المركزية المشرقية بروز
كيانات سياسية استقمت كل منيا بناحية من المغربين األوسط واألقصى ،وىذه الكيانات السياسية ىي ما
يسم ى "حركات الخوارج في المغرب اإلسالم ي" وىي عمى التوالي :الدولة المد اررية الصفرية والدولة الرستمية
اإلباضية المتين تأسستا نتيجة لعدة عوامل منيا:
-سياسة والة األمويين التي أثارت موجة من السخط في أوساط البربر.
-الفتن السياسية الناجمة عن الخصومات القبمية بين القيسية واليمنية من العرب الفاتحين ،ذلك أن غالبية
العرب الفاتحين كانوا يمنية وىم الذين آزروا موسى بن نصير خالل واليتو إلى أن عزلو الخميفة سميمان بن
عبد الممك واستبدلو بمحمد بن يزيد الذي كان قيسيا ،فجعل ىمو وشغمو الشاغل تصفية نفوذ آل موسى
فبطش بيم واستولى عمى أمواليم ،ثم آلت الوالية بعده إلى بشر بن صفوان المتميز بشدة عصبيتو لميمنية
فأمعن ىو اآلخر في اضطياد القيسية ،وقد شكمت ىذه الفتن عوامل نفور وسخط لدى قطاع عريض من
البربر وىو ما أوجد بذور الخروج عمى ىؤالء الوالة واستبداليم باألصمح واألنسب.
7
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
-إلى جانب ىذه الفتن والخصومات القبمية كان ىؤالء الوالة يتنافسون في جمع األموال بالسمب والنيب وسبي
ويجمع كثير من المؤرخين عمى سوء معاممة عمال
نساء البربر ،وارساليم كجواري إلى الحكام بالمشرقُ ،
العصر األموي األخير لمبربر وارىاقيم بالغرامات والجبايات والجزيات حتى بعد دخوليم في اإلسالم.
-حاول الخميفة عمر بن عبد العزيز رد االعتبار لمبربر من خالل سياستو العادلة معيم ،ولكن ذلك انتيى
بوفاتو وعادت األمور إلى ما كانت عميو من ظمم واستبداد ،واشتط الوالي األموي يزيد بن أبي مسمم في
معاممة البربر وأىدر كبرياءىم حين وسم حرسو من البربر في اليد اليمنى واليسرى باالسم والوظيفة ،كما قام
وٍ
ال آخر بسمب البربر المسممين وسبي نسائيم في أقاصي المغرب واعتبرىم فيئا وعامميم معاممة الرقيق رغم
إسالميم ،فيذه التصرفات وغيرىا تسببت في إثارة مشاعر الحقد والكراىية عند البربر مما أوجد مناخا مالئما
النتشار مذىب الخوارج ىناك ،ذلك أن البربر المسممون وجدوا تناقضا صارخا بين تعاليم اإلسالم ومبادئو
التي بشر بيا الفاتحون بما تنطوي عميو من عدل ومساواة ،وبين سياسة الوالة األمويين األواخر الجائرة فأقبموا
عمى اعتناق مذىب الخوارج الداعي إلى الثورة عمى الحاكم الظالم.
وخالصة القول أن أحوال بالد المغرب في أواخر القرن األول وأوائل القرن الثاني قد ساعدت عمى نزوح
الخوارج المضطيدين في المشرق إلى بالد المغرب لنشر دعوتيم بين البربر المضطيدين أيضا وتحقيق ما
فشموا فيو من قبل من أىداف.
ثانيا/بداية الظيور
إذا كانت بداية ظيور الخوارج كمذىب عقدي معارض سياسيا يعود إلى اليوم الذي اعتزلوا فيو جيش عمي
في معركة صفين وتجمعوا في حاروراء –كما ذكرنا سابقا -فإن ىذه البداية كانت تمثل مفترق طرق ليؤالء
القراء "الخوارج" الذين تنوعت بفراقيم األمة اإلسالمية إلى فرق ومذاىب وانتشرت آراؤىم في العقيدة والسياسة
واعتنقيا كثير من المسممين في بقاع كثيرة من أرض اإلسالم.
"فالرموز الذين نجدىم في النيروان من القراء الذين خرجوا عمى عمي أو اختاروا نظاما غير نظام الشورى
وغير نظام اإلمامة حك ار عمى آل البيت ىم الذين سيشكمون الدعامة التي ستظير تباعا في البصرة واألىواز
8
وسجستان وعمان والمغرب"
وتذكر كتب التاريخ والفرق أن الخوارج قد انقسموا إلى عشرين فرقة 9يجمعيا كميا القول بتكفير عمي وعثمان
ومعاوية وأصحاب الجمل والحكمين ومن رضي بحكم الحكمين كما يجتمعون عمى القول بخمود المذنبين من
أمة محمد في النار.
8
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
والذي ييمنا من تمك الفرق كميا فرقتين ظيرتا في المغرب العربي كحركات مذىبية سياسية استولتا عمى
الحكم واستقمتا عن الخالفة اإلسالمية وىما فرقتا الصفرية واإلباضية ،حيث تعود البدايات األولى لظيور
ىاتين الفرقتين إلى نيايات القرن األول وبدايات القرن الثاني اليجريين حينما حل كل من سممة بن سعيد
اإلباضي 10وعكرمة الصفري مولى ابن عباس 11كما ُيرجع كثير من الدارسين ظيور ىاتين الفرقتين في
المغرب إلى عاممين-كما ذكرنا سابقا:-
األول :التطور السياسي الذي حدث لخوارج المشرق في أواخر القرن األول بعد فشل ثوراتيم وتعرضيم
لممطاردة واالضطياد من قبل حكام بني أمية.
12
الثاني :مالءمة األحوال السياسية واالجتماعية في بالد المغرب في أواخر القرن األول لتقبل ىذا المذىب
وسنفرد لكل حركة منيما فصال مستقال لمحديث عن نشاطيا ونتائجو عمى المستوى المحمي واإلقميمي.
9
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
-أحس الصفرية بالزىو والقوة فوسعوا نشاطيم نحو المغرب األوسط واألدنى بيدف اإلستيالء عمى القيروان
مقر الوالية األموية ،لكن الخميفة ىشام بن عبد الممك أرسل إلييم جيشا آخر قوامو 30ألف مقاتل التقى
بالصفرية في معركتي القرن واألصنام وألحق بيم ىزيمة نكراء وىو ما حال دون وقوع القيروان في أيدي
الصفرية.
-بعد وفاة ىشام بن عبد الممك عاود الصفرية تجميع قواتيم واغتنموا فرصة انتقال الخالفة إلى العباسيين
فقاموا بمعارك كثيرة أسفرت عمى سيطرتيم عمى القيروان وبذلك أصبحوا يمثمون خط ار عمى بالد المغرب
األدنى التي كانت الغمبة فييا ألنصار المذىب اإلباضي ،وىو ما لم يرض بو قادة ىذا المذىب فقام أبو
الخطاب بن السمح المعافري باإلستيالء عمى القيروان وطرد الصفرية منيا وكان ذلك سنة 140ىـ وولى
عمييا عبد الرحمن بن رستم.
-بعد اليزيمة التي تمقاىا الصفرية عمى يد اإلباضية انسحبوا إلى المغرب األقصى فقام أبو قرة الصفري
بتأسيس أمارة مستقمة بنواحي تممسان لكنيا لم تدم طويال ،كما تمكن أبو القاسم سمكو بن واسول من إرساء
دعائم دولة بني مدرار في سجمماسة سنة 140ىـ.
10
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
اختط بنو مدرار مدينة سجمماسة في مكان حصين وسط الصحراء حيث يستطيعون التوسع فيما بعد بعيدا
عن سمطة العباسيين في القيروان ،وقاموا بعدة إنجازات عمى المستوى العمراني والزراعي والتجاري ،وبذلك
أضحت سجمماسة سوقا تجاريا كبي ار ،وقد أغرى ىذا االزدىار الصفرية في أنحاء بالد المغرب إلى الرحيل
إلييا واالستقرار فييا ،فأضحت بذلك مركز دعوة ومستقر جماعة دينية عمى المذىب الصفري الخارجي.
عمى المستوى السياسي ،حكم أبو القاسم سمكو اثني عشر سنة ولما توفي خمفو ابنو إلياس 16فمم يرض الناس
حكمو فخمعوه –بعد أن دام حكمو ست سنوات -17وولوا مكانو أخاه اليسع 18الذي كان متصفا بالحماس
الشديد لممذىب الصفري.
أتم اليسع بناء سجمماسة واختط بيا المصانع والقصور ووسع نطاق الدولة فشممت جزء كبي ار من وادي درعة
ولكنو فشل في التوسع عمى حساب دولة األدارسة –الشيعية -في إقميم تممسان وأقام عالقات حسنة مع الدولة
الرستمية اإلباضية في تاىرت تُِّوجت بزواج ابنو مدرار من أروى ابنة عبد الرحمن بن رستم أمير تاىرت.
توفي اليسع عام 208ىـ وخمفو ابنو مدرار "المنتصر" 19وفي عيده بدأ تدىور الدولة ومع ذلك حكم 44سنة
انتيت باعتزالو الحكم سنة 252ىـ وقد خمَّف ولدان اسم كل منيما ميمون ،أحدىما من أروى الرستمية ويمقب
بابن الرستمية ،والثاني من زوجة تدعى بقية فعرف ابنيا بابن بقية كما عرف ب"ميمون األمير" ،وقد نشأ بين
األخوان صراع عمى السمطة دام 3أعوام ولم يستطع المنتصر حسمو عمى الرغم من مساندتو البن الرستمية،
واضطر أخي ار إلى طرد ابن بقية.
أغضب ىذا التصرف شيوخ الصفرية ألنيم ساندوا ابن بقية وعدوا تصرف المنتصر انتياكا لتعاليم المذىب،
كما انتابتيم الخشية من وقوع البالد تحت سيطرة اإلباضية ،فخمعوا ابن الرستمية وولوا ابن بقية وبقي يحكم
البالد حتى وفاتو في عام263ىـ فخمفو ابنو محمد الذي توفي عام 270ه ثم خمفو اليسع بن المنتصر –ىكذا
يدعى -واشتدت في عيده رياح الدعوة الفاطمية التي عصفت بحكمو وأدخمت سجمماسة في صراع مع حكم
الدولة الفاطمية الناشئة بقيادة عبيد اهلل الميدي الفاطمي.
11
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
-الصراع العنصري :يظير ىذا الصراع في تقمد عيسى بن يزيد األسود المكناسي الحكم بسبب تفوق
العنصر السوداني ،ثم ىجرة قبائل مكناسة إلى سجمماسة كان لو أكبر األثر في انتقال الحكم إلى ابن
واسول.
-ساىم اإلباضية في إثارة الفتن داخل الدولة المد اررية ويظير ذلك في محاولة استقالليم بنواحي درعة
الشييرة بمعادنيا ،وارساليم ألموال الزكاة إلى حاكميم في تاىرت ،فقام اليسع بإخماد ثورتيم في
ميدىا وأحكم سيطرتو عمى أطراف دولتو ،مما دفع بإباضية تاىرت إلى السعي لكسب وده ليأمنوا
جانبو وليضمنوا اإلستقرار إلخوانيم في سجمماسة عن طريق المصاىرة التي تمت بين ابن رستم
ومدرار ابن اليسع ،وبيذا استكان اإلباضية لحكم أبي المنصور اليسع ودانوا بطاعتو حتى وفاتو سنة
208ه.
-عاد الصراع المذىبي في عيد مدرار المنتصر بعد أن أعطى والية العيد البنو ميمون بن الرستمية
مما شكل تفوقا إلباضية سجمماسة وىو ما لم يرض بو الصفرية الذين خمعوه وولوا مكانو أخاه ميمون
بن بقية ولقبوه باألمير.
-ذكر ابن خمدون أن ميمون األمير كان مستبدا في حكمو ،وكان مضط ار إلى ذلك لمواجية فتن
اإلباضية ومؤامراتيم ،وقد عرف عيده استأصال شأفة اإلباضية من تمك األصقاع ،ولم ينقل التاريخ
أي حركة ليم خالل فترة حكمو التي دامت إلى سنة 270ه
#عالقات العداء
-سبب العداء مع الخالفة يعود إلى عقيدة الخوارج في إبطال إمامة بني العباس باعتبارىم مغتصبين لمخالفة،
وحيث لم يكن بمقدور الصفرية عزليم أو مقاتمتيم فال أقل من مناصبتيم العداء ،وانكار شرعية إمامتيم،
ومشايعة أعدائيم من بني أمية باألندلس من منطمق "عدو عدوي صديقي"
12
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
-أما العداء مع األغالبة فكان مرده إلى أن ىذه األخيرة كانت تشكل امتدادا لمخالفة العباسية بإفريقية رغم
استقالليا الذاتي ،ولكن ىذا العداء لم يصل إلى درجة التناحر بسبب بعد المسافة واىتمام كل دولة بمشاكميا
وشؤونيا الداخمية ،ومن أسباب العداء مع األغالبة ما تعرض لو صفرية إفريقية من اضطياد وبطش بالقيروان
خاصة بعد تولي سحنون قضاء القيروان.
-وأما العداء مع األدارسة فقد كان مرده إلى أمرين:
األول :دولة األدارسة شيعية قامت بالمغرب األقصى سنة 172ه وكان ىذا القيام عمى حساب نفوذ الصفرية
في المغرب.
الثاني :ما قام بو األدارسة من حمالت الستئصال شأفة صفرية تممسان من بني يفرن الزناتيين ،وعدم قدرة
صفرية سجمماسة عمى مد يد العون إلخوانيم ،بسبب استحالة االتصال بينيم ألن الطريق إلييم يمر عبر
أراضي الدولة اإلدريسية التي كانوا معادين ليا.
-سبب العالقات الودية مع الرستميين يرجع إلى المواقف السياسة المتمثمة في العداء الذي أبداه الطرفان لبني
العباس وعماليم بالقيروان ،باإلضافة إلى اختالط قبائميم وأتباعيم ،والمالحظ أن ىذه العالقات بقيت في
إطار تجنب الخصومة والقتال ولم تصل إلى درجة التحالف بسبب الخالف المذىبي بين الدولتين.
-سبب العالقات الودية مع أمويو األندلس ىو العداء المشترك لمخالفة العباسية واألغالبة واألدارسة
الخالصة :أن عالقات بني مدرار الخارجية تأثرت بظروفيا السياسية ومصالحيا االقتصادية وطبيعتيا
الجغرافية ومذىبيا الديني.
الخروج باإلباضية يعود إلى سياسة الدولة األموية في التشنيع عمى اإلباضية لتنفير الناس من مذىبيم لما
وجدوه من صالبة في مواقفيم تجاه الدولة األموية ،وألن اإلباضية أنكروا التحكيم ورفضوا مبدأ القرشية في
إمامة المسممين وىو ما تقول بو الخوارج ،فقد قام كتاب المقاالت بنسبة كل ما تقول بو الخوارج إلى اإلباضية
وىو ما يعد تعميما بعيدا عن الموضوعية واإلنصاف.
يرجع الفضل في تنظيم أسموب الدعوة اإلباضية إلى جابر بن زيد 22بل يعتبره بعض اإلباضية أول أئمتيم،
ولما توفي خمفو تمميذه أبو عبيدة مسمم بن أبي كريمة 23الذي اىتم ببالد المغرب ورأى فييا ميدانا خصبا
لنشر المذىب اإلباضي فبعث بداعيتو سممة بن سعيد في بداية القرن الثاني لنشر الدعوة اإلباضية والذي
اتخذ من بالد المغرب األدنى ميدانا لنشاطو واستطاع أن يكسب أنصا ار في إقميم طرابمس وجبل نفوسة الذي
أصبح فيما بعد "دار ىجرة " ألنصار المذىب اإلباضي في بالد المغرب وانتشر بعدىا إلى بقية القبائل مثل
ىوارة ولماية وزناتة وسدراتة...
واصل عمماء المذىب جيودىم في تثبيت دعائم المذىب ولما اشتد ساعدىم عقدوا العزم عمى إعالن إمامة
الظيور سنة 140ىـ وىي السنة التي شرع فييا الصفرية في إقامة دولتيم بسجمماسة جنوب المغرب ،وىكذا
أصبحت بالد المغرب معقال لنشاط الخوارج بعد انتشار المذىب الصفري بين بربر المغرب األقصى وبعض
نواحي المغرب األوسط ،واإلباضي في المغربين األدنى واألوسط ،وبدأ الخوارج حقبة جديدة في تاريخ البالد
عمت الثورات كافة ربوعيا.
14
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
الخطاب المعافري زعيما لمثورة عند إعالن إمامة الظيور ،وأن ال يعمنوا ىذه اإلمامة إال بعد حشد
القوى المادية والبشرية لمقيام بالثورة.
-لما توفرت الظروف إلعالن الثورة أجمع رؤساء المذىب عمى مبايعة أبي الخطاب المعافري
باإلمامة ،وانضوت تحت لوائو قبائل نفوسة وزناتة وىوارة فاستولى عمى طرابمس واتخذىا قاعدة
إلمامة الظيور ،أخذ يتوسع منيا حتى دانت لحكمو كل بالد المغرب األدنى.
-بعد ذلك توجو أبو الخطاب نحو القيروان وخمصيا من حكم الصفرية وأمر عمييا عبد الرحمن بن
رستم ،وانطمق لمواجية جيوش الخالفة العباسية في إفريقية
-كانت الجيوش التي أرسميا المنصور تفوق الخمسين ألف مقاتل وقد جعل عمى رأسيا القائد محمد بن
األشعث الخزاعي ،وقد التقى مع الجيش اإلباضي الذي كان يضم سبعين ألف مقاتل في المكان
المسمى تاورغا قرب سرت شرق طرابمس وىناك دارت الدائرة عمى اإلباضية وىزموا شر ىزيمة فقتل
قائدىم أبو الخطاب ونجا منيم نفر قميل الذوا ف ار ار بالجبال والقالع.
-واصل ابن األشعث سياسة التقتيل والسمب من أجل استئصال اإلباضية من المغرب األدنى ،ولم
يفرق في ذلك بين من شارك في الحرب ومن اعتزليا كقبائل زناتة.
-وضعت معركة تاورغا سنة 144ه حدا إلمامة الظيور التي دامت أربع سنوات ،فاضطر اإلباضية
إلى العمل في الستر والكتمان فيما يعرف لدييم بإمامة الدفاع التي تولى زعامتيا أبو حاتم
الممزوزي 25بداية من سنة 145ه.
-بعد خمس سنوات عاود أبو حاتم الممزوزي من إباضية نفوسة إعالن الثورة عمى والة الدولة العباسية،
ودارت بين اإلباضية وجيوش الدولة العباسية عدة معارك انتيت بمقتل أبي حاتم والكثير من أتباعو
سنة 155ه ،وقد شكمت ىذه الضربة نياية لنشاط اإلباضية في صورتو الشاممة المنظمة وان بقيت
ىناك بعض الثورات التي كانت تقوم ىنا وىناك ولكنيا تميزت بالضعف وانعدام التنظيم والشمول.
26
في الوقت الذي تصدعت فيو ثورات اإلباضية في المغرب األدنى وافريقية استطاع عبد الرحمن بن رستم
تأسيس إمارة مستقمة في المغرب األوسط بتاىرت سنة 161ه وقد امتد نفوذ دولتو إلى إباضية المغرب
جميعا فدانوا لو ولدولتو الرستمية بالوالء والتبعية.
15
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
-حرص اإلباضية عمى أن يكون موضع دولتيم في مكان قابل لمعمارة يحوي شروط الحياة من كثرة مياه
وخصوبة أرض وجودة ىواء وأن يكون مأمونا من وصول األعداء إلييم ،فوجدوا ىذه الشروط متوفرة في
موضع تاىرت الذي كانت تقطنو قبائل صنياجة.
-بادر اإلباضية باختطاط مدينة تاىرت سنة 161ه وبدؤوا ببناء المسجد الجامع ،ثم تموه ببناء القصور
والبيوت واألسواق ،ثم حصنوا المدينة ببناء سور حوليا ،وبذلك أضحت تاىرت عاصمة لمدولة الرستمية
وأطمق عمييا اسم "المعسكر المبارك"
-اختمف المؤرخون حول الوقت الذي بويع فيو البن رستم بالخالفة ،والظاىر أنو بويع مرتين :األولى بعد
موت أبي الخطاب سنة 144ه ،27ونزولو عمى إباضية المغرب األوسط وكانت ىذه المبايعة عمى أنو " إمام
دفاع" ،والثانية كانت سنة 162ه بعد تأسيس مدينة تاىرت ،وكانت مبايعتو فييا عمى أنو " إمام ظيور"
-التزم ابن رستم عمى سياسة الميادنة مع الخارج فحرص عمى مسالمة عمال بني العباس في إفريقية ،كما
صاىر اليسع ابن أبي القاسم سمكو رغبة في مسالمة دولة بني مدرار الصفرية.
-استعان ابن رستم في تنمية دولتو داخميا بما كان يصمو من أموال من إباضية المشرق خاصة بعدما أروا
من عدلو وورعو ،فخصص جزء من تمك األموال لتسميح رجالو من اإلباضية ،وتمكن بفضميم من بسط سيادة
دولتو عمى كل قبائل البربر الضاربة في حدودىا.
-أولى ابن رستم النواحي االقتصادية والعمرانية اىتماما كبيرا ،فصارت تاىرت قبمة لمتجار من سائر أرجاء
العالم اإلسالمي ،فازدىرت العاصمة اقتصاديا وساىم ىذا االزدىار في تدعيم أركان الدولة الرستمية ،التي
صارت ترفض المعونات المالية التي تأتييا من إباضية المشرق.
-حرصا من ابن رستم عمى استقرار دولتو فقد أوصى قبل وفاتو بتعيين مجمس شورى يختار إمام الدولة من
بين أعضائو ،وبيذا نجح ابن رستم في إقامة دولة إباضية مستقمة في تاىرت ضمت معظم أقاليم المغربين
األدنى واألوسط ،ودام حكميا حوالي القرن وربع القرن.
-لم يستطع األئمة من آل ابن رستم الحفاظ عمى االستقرار الذي حققو المؤسس ،فكانت فترات حكميم
متميزة بالصراعات الداخمية واالختالفات الفقيية المذىبية ،باإلضافة إلى الصراعات القبمية والعنصرية ،ولعل
أىم أسباب عدم االستقرار ىو تحول اإلمامة من مبدأ االختيار إلى فكرة التنصيب بالتوريث وىو األمر الذي
أنكره الخوارج عمى حكام بني أمية.
ومن أسباب عدم االستقرار ظيور سياسة التمييز العنصري التي حصرت وظائف الدولة في عناصر معينة –
نفوسة والعجم -مما شكل خروجا عن تعاليم المذىب اإلباضي وتمزقا لمرباط الذي جمع العناصر والعصبيات
16
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
المختمفة تحت مظمتو ،فظيرت الثورات الداخمية عمى أئمة بني رستم وعمى رأسيا حركة ابن فندين وجماعتو
سميت جماعة "النكار" أو النكاث أو النجوية وخرجت عمى إمامة عبد الوىاب ابن عبد الرحمن بن رستم
ألسباب فقيية تتعمق باإلمامة ،وىي بطالن إمامة المفضول مع وجود الفاضل.
-حممت الدولة الرستمية بذور فنائيا في ذاتيا بسبب الثورات واالنشقاقات داخل الدولة الرستمية والتي
تعود في محصمتيا إلى ثالثة أمور:
/1الخالفات الفقيية حول - :مسائل اإلمامة وسياسة عبد الوىاب في تعيين عمالو.
-قضية تعدد األئمة وحق الرعية في اختيار عماليا.
-إخالل الحاكم بشرعية اإلمامة واىدار رسوميا كما حدث في عيد أفمح حفيد ابن رستم.
/2صراع العنصريات القبمية البربرية "ىوارة ،نفوسة ،لواتة ،سدراتة ،لماية" باإلضافة إلى الفرس والعرب
القادمين من إفريقية.
/3التناحر األسري عمى االستئثار باإلمامة.
17
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
الرستمي وتدبيرىم المؤامرات واالغتياالت ضد بعضيم البعض من أجل االستيالء عمى الحكم ،وقد
ساىمت ىذه العوامل مجتمعة في سقوط دولة بني رستم سنة 297ه.
العالقات العدائية:
كانت ىذه العالقات مع العباسيين واألغالبة واألدارسة ألسباب كثيرة منيا:
أ -مع العباسيين :كان عداء الرستميين لمعباسيين بسبب الكوارث التي حمت بإباضية المغرب ،والتي
تمت عمى يد والة المنصور والرشيد منذ عيد ابن األشعث ومن تاله من أمراء األسرة الميمبية،
والمالحظ أنو رغم العداء فقد كانت سياسة تحاشي الصدام بين الطرفين ىي السائدة طول مدة
حكم أمراء القيروان من عمال بني العباس ،ومما زاد من حدة العداء بين الدولتين ،تواطؤ الخالفة
العباسية مع المارقين عمى بني رستم ،حيث وجد ىؤالء في بغداد دعما ومالذا آمنا بعد إخفاق
حركاتيم.
مع األغالبة :األغالبة كانوا ُسَّنة عمى مذىب اإلمام مالك وكانوا يدينون بالوالء لبني العباس رغم
ب -
استقالليم في الحكم وبالتالي فال عجب أن يسود العداء بينيم وبين بني رستم ،كما ساىمت
الظروف الجغرافية في زيادة حدة العداء بينيما حيث أحاطت الدولة الرستمية بالدولة األغمبية من
الشرق والغرب والجنوب فكان تشابك الحدود وحركة القبائل سببا في حدوث التناحر والشجار بين
الدولتين كما حدث في منطقة طرابمس.
مع األدارسة :الدولة اإلدريسية دولة شيعية قامت عمى حساب نفوذ الخوارج في المغرب األقصى
ت -
واألوسط وقد اتسمت العالقة بينيا وبين بني رستم بالعداء والصراع واثارة القالقل ،وقد أسفر
الصراع بينيما عمى تغمب األدارسة واستكانة بني رستم.
العالقات الودية:
مع إباضية المشرق واألمويين باألندلس وبني مدرار
أ -مع إباضية المشرق :التوافق في المذىب والمساعدات التي تمقتيا الدولة الرستمية الناشئة من إباضية
المشرق وارسال العمماء لمتدريس في المغرب وانتقال إباضية المغرب لتمقي العمم في المشرق،
وطمب الفتاوى في المسائل الفقيية المتعمقة بالسياسة والحكم خاصة ،وفرح إباضية المشرق
18
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
بظيور إمامة ابن رستم في تاىرت ...وانتيت ىذه العالقات بعزوف إباضية المشرق عن
إخوانيم في المغرب بعدما تحولت اإلمامة إلى ممك وراثي في عيد عبد الوىاب ومن بعده.
مع أمويي األندلس :اشترك الطرفان في عداء بني العباس واألغالبة واألدارسة فأوجبت ىذه الضرورة
ب -
السياسية عقد أواصر الصداقة بين قرطبة وتاىرت ،فجمعتيما مناوئة األعداء رغم الخالفات
التاريخية والمذىبية ،عبد الرحمن بن معاوية "الداخل" قضى زمنا في تاىرت قبل رحيمو إلى
األندلس وتأسيس دولتو ىناك سنة 138ه ،تبادل السفراء واليدايا بين أمراء الدولتين خاصة في
عيد أفمح بن عبد الوىاب ،قرب األمير األندلسي إليو الكثير من أبناء األسرة الرستمية واتخذ
منيم الوزراء والحجاب والقادة.
مع بني مدرار :سبق ذكرىا حين الحديث عن العالقات الخارجية في الدولة المد اررية.
ت -
/1كانت ثورات الخوارج تتأثر ضعفا وقوة بموقف الخالفة في المشرق واىتماميا بشؤون المغرب أو
انصرافيا عنيا.
/2تأثرت ثورات الخوارج قوة وضعفا أيضا ،بشخصيات الوالة العرب وسياساتيم وما ىم عميو من قوة
وضعف وصراع عمى الحكم فاستفاد الخوارج من الصراعات القبمية بين اليمنية والقيسية.
/3كانت ثورات الخوارج تزداد تأججا حين كان الوالة ينشغمون عنيا بإنفاذ حمالتيم خارج المغرب ،فيجد
الخوارج الفرصة مواتية لتعبئة الجيود واعالن الثورات – قامت ثورة ميسرة عندما كانت جيوش ابن
الحبحاب تغزو صقمية-
/4ارتبطت ىزائم الخوارج بكفاءة القادة من خصوميم ودىائيم واستقرار أحوال الجند ،باإلضافة إلى
الصراعات المذىبية القائمة بينيم والتي كان يولدىا االختالف في الرأي.
/5تميزت حركات الخوارج في المغرب بالشمول وسعة االنتشار وقد كانت الثورة األولى التي قادىا ميسرة
المطغري سنة 121ه نموذجا اقتفاه ثوار المغرب األدنى واألوسط من الصفرية واإلباضية عمى حد
سواء.
19
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
/6اتسمت ثورات الخوارج في المغرب باإلصرار المستميت عمى البقاء رغم ما حل بيم من نكبات
متوالية ،فقد كانوا عقب تمك المحن يعممون عمى إعادة التنظيم ولم الشمل س ار بزعامة من سموه "إمام
الدفاع" فإذا ما أنِسوا من أنفسيم قوة عاودوا الخروج وأعمنوا الثورة عمى الوالة ،وىذا ما يفسر استمرار
ثوراتيم قرابة نصف قرن ،فمم تخب نارىا حتى حققت أىدافيا وقامت لمخوارج دول ببالد المغرب ذات
طابع استقاللي.
28
/7في أغمب األحيان كانت تتصدر ثورات الخوارج قيادات من البربر " َبتْ ار" و" َب َرانس"
/8لم يكن ىناك تعاون بين الصفرية واإلباضية عمى الرغم من اعتناق بطون القبيمة الواحدة ألحد
المذىبين ،والسبب في ذلك يعود إلى اختالفيما في العقائد والمبادئ ،ما أدى في بعض األحيان إلى
أجمَت اإلباضيةُ الصفريةَ عنيا في عيد أبي الخطاب المعافري،
اقتتاليما ،كما حدث في القيروان حين ْ
ولقد ُع َّد ىذا الصراع من أىم أسباب ضعفيما ووقوعيما لقمة سائغة في يد جيوش ابن األشعث.
/9مما أضعف شوكة الخوارج ما حدث من خالفات وانشقاقات داخل كل فرقة بسبب الصراع القبمي
واالختالف الفقيي والتناحر األسري لالستئثار باإلمامة.
/10لقد وقع الخوارج في عين ما فروا منو وألجمو خرجوا عمى الحكام ،وىو مبدأ توريث الحكم ،والدليل
عمى ذلك أن اإلمامة لم تخرج عن إطار األسرتين الحاكمتين في بني مدرار وبني رستم ،رغم أن
الروايات التاريخية تقول أن اإلمامة كانت تتم عن طريق الشورى واالختيار ،وىو قول يشبو إلى حد كبير
ما يذاع في وسائل اإلعالم الرسمي في الدول العربية االستبدادية ،من أن االنتخابات تتم في شفافية
وديمقراطية وتسفر عن فوز مرشح السمطة بنسبة تسعة وتسعين بالمئة!
/10أسفرت ثورات الخوارج في األخير عن قيام دولتين ليم بالمغرب إحداىما لمصفرية سنة 140ه
وتسمى الدولة المد اررية وعاصمتيا سجمماسة بالمغرب األقصى ،واألخرى لإلباضية سنة 161ه وتسمى
الدولة الرستمية وعاصمتيا تاىرت بالمغرب األوسط وقد سقطت ىاتين الدولتين عمى يد الدولة الفاطمية
سنة 296ه ،ورغم سقوط الدولتين فقد بقيت اآلراء العقدية والسياسية لمخوارج منتشرة في تمك المناطق،
وال أدل عمى ذلك من رفع الخوارج لشعار الثورات مرة أخرى ضد حكام الدولة الفاطمية.
/11إذا كان بربر المغرب قد اعتنقوا مذىب الخوارج ليتخمصوا من جور عمال بني أمية وسياستيم المجحفة،
فيذا ال يبرر ما قاموا بو من أعمال القتل والتخريب واالعتداء عمى الناس وممتمكاتيم كما فعل الصفرية في
20
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
القيروان سنة 139ه ،كما أن الخروج عمى الحاكم الظالم وتغييره بقوة السالح ،أمر مرفوض شرعا إذا أدى
إلى منكر أكبر منو ،وال منكر أكبر من قتل المسممين لبعضيم ،وتشتت صفوفيم ،وتفرق كممتيم.
/12كانت األوضاع االقتصادية في المغرب متدىورة أثناء ثورات الخوارج بسبب الحروب التي ىدمت األبنية
واألسوار وأحرقت الزروع وقضت عمى الماشية ،ثم تحسنت ىذه األوضاع شيئا فشيئا بعد قيام الدول المختمفة
واستقرار األوضاع السياسية نسبيا بسبب اشتغال كل دولة بمشاكميا الداخمية وتنميتيا المحمية.
/13اىتم الخوارج الصفرية واإلباضية بعد قيام دوليم بالتنمية االقتصادية فازدىرت عندىم الزراعة والصناعة
والتجارة ،كما بقوا محافظين عمى الرعي واإلىتمام بالثروة الحيوانية وقد ساعدىم عمى ذلك تواجد
دوليم قرب أنيار كبيرة تنبض بالحياة ،باإلضافة إلى كثرة المياه الباطنية ،وسيولة حفر اآلبار.
/14تشكل خوارج المغرب من فسيفساء عرقية مختمفة وأحيانا متناقضة ،ومع ذلك فقد عممت مبادئ المذىب
الخارجي التي تحض عمى العدل والمساواة عمى توحيد شمميم ،ففييم البربر وىم " َبتٌْر" يعيشون في البادية
انس" يعيشون في الحضر كصنياجة ولمتونة ،وفييم من العرب وأقميات من األفارقة
كمكناسة وزناتة ،و" َب َر ٌ
والسودان والييود.
/15كان العداء العنصري ظاى ار في الثورات التي قام بيا الخوارج ضد الحكام العرب ،ونممس ذلك من خالل
"موقعة األشراف" التي ىزمت فييا جيوش الخالفة سنة 123ه حيث كان شعار الخوارج فييا "الفتك بأمر
العرب"
/16برز دور المرأة في المجتمع الخارجي المغربي في النواحي السياسية والثقافية ،خاصة في األسرة
الحاكمة التي برزت فييا أمثال جدة المنتصر بن محمد التي تولت الوصاية عميو وأمسكت بزمام السمطة في
سجمماسة وابنة عبد الرحمن بن رستم التي برعت في عمم الفمك والنجوم وكانت غزالة زوجة أبي اليقظان
مالكة ألمره.
/17لم تنقطع الصمة العممية بين خوارج المغرب وشيوخيم في المشرق خاصة في البصرة التي كانت قبمة
لتمقي العموم الدينية والتعمق في أصول المذىب وفروعو فبرز منيم أمثال الشيخ ميدي النفوسي المتكمم وابن
يانس الفقيو المفسر وغيرىما ممن أثروا المذىب اإلباضي خاصة بمؤلفاتيم ،وقاموا بمناظرات عديدة مع شيوخ
المذاىب األخرى من السنة والمعتزلة الواصمية والشيعة ،وقد كان ليذه المناظرات دور في إثراء الحياة العقمية
والثقافية في دولتي الخوارج والمغرب بشكل عام.
/18تذكر كتب التاريخ أن الفضل في انتشار اإلسالم بين السودان وأىالي غانة وجنوب الصحراء يعود إلى
دولتي الخوارج الصفرية واإلباضية عن طريق الصالت التجارية والبعثات الدعوية.
21
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
اليوامش:
1
المرجع السابق ج 1ص 5
الم ْعمِِم بفَ َوائِِد ُم ْسمِم ،عياض بن موسى اليحصبي السبتي (المتوفى544 :ىـ) المحقق:
كما ُل ُ
ِ
الم َس َّمى إ َ
ِِ ِ ِ ِ َ 2شرح ِ
صحيح ُم ْسمم لمقَاضى عَياض ُ
ُْ َ
اعيل [الناشر :دار الوفاء لمطباعة والنشر والتوزيع ،مصر الطبعة :األولى 1419 ،ىـ 1998 -م] ج 3ص612 يحيى إِسم ِ
الدكتور ْ َ ْ َ
3
رواه مسمم ،باب ذكر الخوارج وصفاتيم [طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت] ج 2ص 744
4
الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية ،عبد القاىر البغدادي [دار اآلفاق الجديدة -بيروت
الطبعة :الثانية ]1977 ،ص61
5
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والمموك ،وصمة تاريخ الطبري ،محمد بن جرير أبو جعفر الطبري (المتوفى310 :ىـ) [ دار التراث –
بيروت ،الطبعة :الثانية 1387 -ىـ] ج 5ص568
6
المذاىب اإلسالمية ببالد المغرب من التعدد إلى الوحدة جامعة محمد الخامس سمسمة ندوات ومناظرات رقم 147ط 2008/1ص66
والمقال لصاحبو عبد الحميد الفيري من كمية اآلداب -صفاقس
7
الخوارج في ميزان الفكر اإلسالمي د محمد أبو سعدة ص 68
8
المذاىب اإلسالمية ببالد المغرب ،مرجع سابق ص67
9
الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية ،عبد القاىر البغدادي [دار اآلفاق الجديدة -بيروت
الطبعة :الثانية ]1977 ،ص54
صمَّى المَّوُ َعمَْي ِو َو َسمَّ َم عن قيس ْبن سممة :أََّنوُ وفد َّ ِ ِ
سممة ْبن سعد العنزي وقيل :سممة ْبن َسعيد ْبن صريم العنزي ،الوافد َعمَى َر ُسول المو َ
10
صمَّى المَّوُ َعمَْي ِو َو َسمَّ َم ىو وجماعة من أىل بيتو وولده ،فاستأذنوا عميو ،فدخموا ،فقال " :من ىؤالء؟ " قيل :ىذا وفد عنزة .فقال" : النبِ ّي َ
إِلَى َّ
بخ بخ بخ ،نعم الحي عنزة ،مبغي عمييم منصورون " .أخرجو الثالثة[ .أسد الغابة في معرفة الصحابة ،عز الدين ابن األثير الجزري
تحقيق :عمي محمد معوض -عادل أحمد عبد الموجود [دار الكتب العممية الطبعة :األولى 1994 ،م] ج 2ص]522
11
قال أحمد بن حنبل :كان عكرمة من أعمم الناس ،ولكنو يرى رأي الصفرية ،ولم يدع موضعا إال خرج إليو :خراسان ،والشام ،واليمن،
ومصر ،وافريقية ،كان يأتي األمراء فيطمب جوائزىم .ويقال :إنما أخذ أىل إفريقية رأي الصفرية من عكرمة[ .تاريخ اإلسالم ووفيات
المشاىير واألعالم شمس الذىبي المحقق :عمر عبد السالم التدمري الناشر :دار الكتاب العربي ،بيروت الطبعة :الثانية 1413 ،ىـ -
1993م ج 7ص .]179وقال صاحب " معرفة الثقات" "عكرمة مولى بن عباس مكي تابعي ثقة وىو بريء مما يرميو الناس بو من
الحرورية[ .معرفة الثقات من رجال أىل العمم والحديث ومن الضعفاء وذكر مذاىبيم وأخبارىم ،أبو الحسن العجمى الكوفى المحقق :عبد
العميم عبد العظيم البستوي الناشر :مكتبة الدار -المدينة المنورة – السعودية الطبعة :األولى 1985 – 1405 ،ج 2ص]145
12
الخوارج في بالد المغرب حتى منتصف القرن الرابع ،د .محمود اسماعيل ،نشر وتوزيع ،دار الثقافة الدار البيضاء ،المغرب ط/2
1985ص24
13المرجع السابق ص 26
يزيد ْاألسود من موالِي ا ْلعرب ورؤوس ا ْل َخو ِارج ،بايعو صفرية مكناسة وأَقَ ِ ِ 14
ثم سخطوا
عشرة سنة َّام أَمي ار َعمَْي ِيم َن ْحو خمس َ
َ َ َ ََ َ يسى بن ِ ع َ
َح َوالو فعمدوا إِلَْي ِو وأوثقوه كتافا ووضعوه عمى قنة جبل إِلَى أَن ىمك سنة خمس َوخمسين َو ِم َائة[ .االستقصا
إمرتو ونقموا َعمَْي ِو بعض أ ْ
ألخبار دول المغرب األقصى ،شياب الدين السالوي المحقق :جعفر الناصري /محمد الناصري الناشر :دار الكتاب -الدار البيضاء ج1
ص]180
15
أبو القاسم بن سمكو بن واسول بن نزول المكناسي ،من قبيمة مكناسة :أول من تولى اإلمارة من أصول (بني مدرار) .كان أبوه
(سمكو) من المتفقيين في الدين ،رحل إلى المدينة ،وأخذ عن بعض التابعين .ونشأ صاحب الترجمة في بيت ثروة ووجاىة في قبيمتو.
وكانت لو ماشية كثيرة ،من غنم وسواه.
22
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
كان مذىب (الصفرية) بدأ ينتشر في قبائل مكناسة ،فاتفق جماعة من معتنقيو ،ومعيم (أبو القاسم) عمى تأمير فقيو منيم اسمو (عيسى بن
فأمروه ،واستقروا في تمك األرض فبدأ عمران (سجمماسة) سنة 140ىـ 757 -م .ثم أنكروا عمى أميرىم أشياء فعزلوه وقتموه (سنة
يزيد َّ
155ىـ 772 /م) ( )1وبايعوا (أبا القاسم) باإلمارة ،فقام بيا إلى أن مات سنة ( 167أو )168فجأة في آخر ركعة من صالة العشاء.
قال ابن خمدون :وكان إباضيا صفريا ،وخطب في عممو لممنصور والميدي من بني العباس [.األعالم
خير الدين الزركمي الناشر :دار العمم لمماليين الطبعة :الخامسة عشر -أيار /مايو 2002م ج 7ص ] 195 ،194
16
سياسة الدعاة أو الزعماء من بني مدرار أو غيرىم وىم في السمطة ليست ىي السياسة ذاتيا وىم خارجيا ،وىو ما يدعم الرأي القائل
بالفرق بين الدعوة والمبادئ نظريا واإلمساك بالسمطة فعميا ،والصفرية لما انتقمت من الدعوة إلى الحكم عادت إلى تطبيق نظام الوراثة
واحتكار الحكم وىو ذات المبدأ الذي انطمقت منو لمحاربة األمويين بالمشرق!!
17
إلياس بن أبي القاسم بن سمكو :بويع بعد أبيو .وكان يدعى أبا الوزير (أو الوزير) واستمر إلى سنة ( 170أو )174وخمع [.األعالم
خير الدين الزركمي الناشر :دار العمم لمماليين الطبعة :الخامسة عشر -أيار /مايو 2002م ج 7ص]195
18
اليسع (األول) بن أبي القاسم :أخو إلياس الّذي قبمو .شارك في االنتقاض عميو ،وولي اإلمارة بعده .وتمقب بالمنتصر .وكنيتو أبو
منصور .قال ابن خمدون :وعمى عيده استفحل ممكيم بسجمماسة ،وىو الّذي أتم بناءىا وتشييدىا واختط بيا المصانع والقصور .وقال ابن
عذاري :كان جبا ار عنيدا ،ظفر بمن عانده من قبائل البربر ،وأذليم ،وأظير الصفرية ،وبنى سو ار حول سجمماسة .واستمر إلى أن مات سنة
[.208األعالم خير الدين الزركمي ج 7ص]196 ،195
19
مدرار بن اليسع بن أبي القاسم :ولي بعد وفاة أبيو .واليو نسبة (بني مدرار) الذين عرفت ىذه اإلمارة (أو الدولة) باسميم .طالت مدتو
في الحكم .ويقال إنو ىو الممقب بالمنتصر .وكان لو ولدان :أحدىما (ميمون) وأمو أروى بنت عبد الرحمن بن رستم صاحب تاىرت،
والثاني يقال لو (األمير) تنازعا ،واستبدا عمى أبييما فتداوال الحكم في أيامو .ودامت الحرب بينيما ثالث سنين.
ونزل مدرار عن اإلمارة لميمون ،فمم يرض عنو أولو الرأي في سجمماسة وخمعوه ،فرحل إلى (درعة) وولوا أخاه (األمير) .ومات مدرار
سنة [ .253األعالم خير الدين الزركمي ج 7ص ]196
20
عبد اهلل بن إباض المقاعسي المري التميمي ،من بني مرة بن عبيد بن مقاعس :رأس اإلباضية ،واليو نسبتيم .اضطرب المؤرخون في
سيرتو وتاريخ وفاتو .قال القمياتي ( )4وىو من مؤرخي اإلباضية " :نشأ في زمان معاوية بن أبي سفيان ،وعاش إلى زمان عبد الممك بن
مروان ،وكتب إليو بالسيرة المشيورة " .وأراد بالسيرة " رسالة " بعث بيا عبد اهلل بن إباض إلى عبد الممك بن مروان ،يقول فييا بعد البسممة
والمقدمة :جاءني كتابك مع سنان بن عاصم إلخ ( )5ويذكر فييا أنو أدرك معاوية ورأى عممو وسيرتو .وفي الكامل لممبرد :قول ابن
السنة .انتشر مذىبو قديما في بربر المغرب .قال ابن الخطيب ( " : )1رغب اإلباضيون من البربر في موادعة
إباض ،أقرب األقاويل إلى ّ
روح بن حاتم إلى أن توفي " وكانت وفاة روح سنة 174ىـ وعرف مذىب ابن إباض ،باسمو ،قبل ىذا التاريخ .أكثر مترجميو يضبطون "
إباض " بكسر اليمزة ،ويقال :إن نسبة اإلباضية إلى أباض -بضم اليمزة -وىي قرية بالعرض من اليمامة نزل بيا نجدة ابن عامر ".
وأخبار اإلباضيين كثيرة في التاريخ القديم والحديث .وال يزال مذىبيم منتشرا ،قال باحث من المعاصرين ":ال تزال بقية ىؤالء في بالد
الجزائر ،وىم يعيشون عمى وتيرة منظمة وتقاليد عريقة ،وال تحكم بينيم محاكم الدولة ،واذا ماطل مدين دائنو دخل المسجد وأعمن ذلك،
وحينئذ يقاطع الناس المدين فال يسممون عميو وال يعاممونو حتى يوفي ما عميو " قمت :وىم في المشرق ،اليوم ،أكثر أىل " المممكة العمانية
" وليم فييا اإلمامة والسيادة .أما في الجزائر فبالد " وادي ميزاب " معظم سكانيا إباضية ،وليم في كل بمد منيا " مجمس " يسمى " مجمس
العزابة " بفتح العين وتشديد الزاي ،وىو جمع " عازب " ويعنون بو من انقطع لمعمم والدين ،عزوبا عن الدنيا ،ويتألف من نحو عشرة
أشخاص يجتمعون في مسجد البمد ،ويفصمون بين المتقاضين ،ابتعادا عن الرجوع الى المحاكم غير اإلسالمية ،وقد كانت فرنسية ،ومن
يرد الحق ويتوب [.األعالم ،الزركمي ص]64..61
أبى حكميم أعمنوا البراءة منو فيقاطع حتى ّ
21بدر الدين ىالل حمود اليحمدي اإلباضي في كتابو :األدلة المرضية في دحض ما نسب إلى اإلباضية
22
جابر بن زيد األزدي البصري 93 - 21(،ىـ = 712 - 642م) أبو الشعثاء :تابعي فقيو ،من األئمة .من أىل البصرة .أصمو من
ُعمان .صحب ابن عباس .وكان من بحور العمم ،وصفو الشماخي (وىو من عمماء اإلباضية) بأنو أصل المذىب وأسو الّذي قامت عميو
23
كرونولوجيا الفكر الخوارجي في المغرب اإلسالمي(النشاط و اإلعالم و النتائج) مجلة الباحث
آطامو .نفاه الحجاج إلى عمان .وفي كتاب الزىد لإلمام أحمد :لما مات جابر ابن زيد قال قتادة :اليوم مات أعمم أىل العراق[ .األعالم،
الزركمي ،ج 2ص]104
23
مسمم بن أبي كريمة التميمي بالوالء ،البصري ،أبو عبيدة توفي نحو 145ه فقيو ،من عمماء اإلباضية .أخذ المذىب عن جابر بن زيد،
يحرض عمى (الخروج) وذكر شخصا ،فقال( :إن أراد الدين
ثم صار مرجعا فيو تشد إليو الرحال .وكان أعور .ويقال لو (القفاف) .وكان ّ
كما يزعم فميمحق بصاحبنا بحضرموت عبد اهلل بن يحيى فميقاتل بين يديو حتى يموت) وقيل لو :ما يمنعك من الخروج ولو خرجت ما
تخمف عنك أحد؟ فقال :ما أحب ذلك ،ولو أني فعمت ما أحببت أن أقيم ما بين الظير والعصر مخافة األحكام [األعالم ،الزركمي مرجع
سابق ج 7ص]223 ،222
الم َع ِافري (ت 144ىـ) عبد األعمى بن السمح المعافري الحميري اليمني ،أبو الخطاب :زعيم اإلباضية في إفريقية .كان 24أَبو َ َّ
الخطاب َ ُ
شجاعا بطال .استولى أول أمره ،عمى طرابمس الغرب سنة 140ىـ وحكم إفريقية كميا في بدء سنة 141ىـ ووجو إليو المنصور العباسي
محمد بن األشعث ،فكاد يؤوب بالخيبة ،لوال أمور وقعت بين أصحاب أبي الخطاب فارقو بعضيم من
خمسين ألفا ،بقيادة أمير مصر َّ
أجميا .وفاجأه ابن األشعث في (سرت) عمى حين غرة ،فقتمو ومن بقي معو من أصحابو ،وكانوا نحو اثني عشر ألفا .وأرسل رأسو إلى
بغداد [.األعالم ،الزركمي ج 3ص ]269 ،268
ُ 25يجيز فقو اإلباضية وجود إمامين في نفس الوقت إذا كان بينيما عدو يخشى بأسو أو بعدت المسافة بينيما ،وىذا ما يفسر إمامة ابن
رستم إباضية المغرب األوسط في الوقت الذي كان فيو أبو حاتم الممزوزي إماما إلباضية المغرب األدنى الذين لم يتوانوا في إعالن الوالء
والبيعة البن رستم بعد وفاة الممزوزي ونزح الكثير منيم إلى المغرب األوسط لمعيش في كنف اإلمامة الجديدة والدولة الجديدة
26
عبد الرحمن بن رستم بن بيرام (ت 171ىـ) :مؤسس مدينة تاىرت (بالجزائر) وأول من ممك من (الرستميين) وكان من فقياء
اإلباضية بإفريقية ،معروفا بالزىد والتواضع ،ولو كتاب في (التفسير) ولما تغمب أبو الخطاب (انظر ترجمتو) عمى إفريقية استخمفو عمى
ففر عبد الرحمن بأىمو وما خف من مالو ،إلى الغرب، القيروان .وزحف ابن األشعث ودخل القيروان وقتل أبا الخطاب (سنة 144ىـ ّ
ولحقت بو جماعات من اإلباضية ،فنزل بموضع (تاىرت) وكان غيضة بين ثالثة أنيار ،وفييا آثار عمران قديم ،فبنى أصحابو فييا
مسجدا من أربع بالطات واختطوا مساكنيم (سنة 161ىـ وبايعوه باإلمامة ،فأقام إلى أن توفي .وىو فارسي األصل ،كان جده بيرام من
موالي عثمان ابن عفان [.األعالم ،الزركمي ج 3ص]306
27
تؤرخ بعض كتب التاريخ لقيام الدولة الرستمية بيذا العام 144ه
28
المشيور أن أصول البربر اثنان :األصل األول :البرانس ،بفتح الباء الموحدة والراء الميممة وألف ثم نون مكسورة وسين ميممة في
اآلخر .وىم :بنو ُبرنس بن بربر .والمشيور منيم بالديار المصرية ويممك بالد المغرب ثالثة قبائلَ :ى ّوارة ومصمودة وصيناجة األصل
الثاني :من البربر :البتر ،بضم الباء الموحدة وسكون التاء المثناة من فوق وراء في اآلخر .وىم :بنو مادغش األبتر .والمشيور منيم:
وزَناتة [قالئد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ،أبو العباس أحمد بن عمي القمقشندي ،المحقق :إبراىيم اإلبياري [دار الكتاب
لَ َّواتوَ ،
المصري ،دار الكتاب المبناني الطبعة :الثانية1402 ،ىـ 1982 -م] ص ]177 ،167
24