You are on page 1of 27

‫‪Université Hassan II- Casablanca‬‬

‫‪Faculté des sciences juridiques, économiques‬‬


‫‪et sociales Aïn Chock‬‬

‫‪Master Carrières Judiciaires et Pénales‬‬


‫ماستر المهن القضائية و الجنائية‬
‫وحدة القانون الجنائي المعمق‬
‫‪Droit pénal approfondi‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫عرض حول ‪:‬‬

‫جرائم المخدرات‬

‫تحت إشراف ‪:‬‬


‫ذ‪ .‬سميرة أقرورو‬
‫ذ‪ .‬العربي تابث‬
‫من إنجاز‪:‬‬
‫عبد العظيم مفتاحي‪ ،‬أمال فالح غنيمي‪،‬‬
‫فاطمة توراب‪ ،‬دنيا الصبار‪،‬‬
‫فاطمة الزهراء عبيوي‪ ،‬فاطمة الزهراءأشوهام‪،‬‬
‫حمزة جدور‪ ،‬عبد الهادي مكسي‪.‬‬

‫_________________السنة الجامعية ‪_________________ 2022-2021 :‬‬


‫سورة المائدة اآلية ‪90‬‬
‫مقدمة‬
‫________________‬ ‫_‬ ‫مقدمة‬

‫تعرف المخدرات عموما بأنها كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن تزيل العقل جزئيا أو‬
‫كليا‪ ،‬و تناولها يؤدي إلى اإلدمان مما ينتج عنه تسمم الجهاز العصبي‪ ،‬فتضر الفرد و المجتمع‪ ،‬و يحظر تداولها أو‬
‫زرعها أو صنعها إال ألغراض يحددها القانون‪.‬‬

‫و قد بدأ تعرف اإلنسان على المخدرات عن طريق التجربة و االستعمال في الطهي كأعشاب منسمة في الطعام و‬
‫الشراب‪ ،‬و بعد تعرف اإلنسان على تأثيرها انتقل إلى مرحلة زراعتها و صناعتها‪ ،‬و قد عرفت بعض الحضارات‬
‫القديمة بعض األنواع من النباتات المخدرة مثل الحضارة الفرعونية التي كانت ضمن الحضارات التي عرفت استعمال‬
‫نبات الخشخاش و القنب و كان يستعمل في مجال الطب لعالج أمراض العيون أو للتخفيف من آالم المرض و كان‬
‫يستعمل عن طريق التناول أو كمراهم موضعية‪ ،‬و كذلك الحضارة الصينية و اليونانية التي عرفت انتشار استعمال نبات‬
‫القنب‪ ،‬و استعمل السومريون األفيون و كانو يطلقون عليه نبات السعادة‪ ،‬و عند الرومان يرجع المؤرخون أن سومرس‬
‫تمثال اإلله عند الرومان كان يزين بثمار الخشخاش الذي يستخرج منه األفيون‪ ،‬كما استعمله الهنود كمخدر و تم‬
‫استعماله في معابد الكهنة لطرد األرواح الشريرة‪ ،‬و في الجاهلية كان العرب يستعملون الخمر وبعد اإلسالم الذي حرم‬
‫تعاطي الخمر و مع الفتوحات و القوافل التجارية تعرفت الحضارة العربية على القنب الهندي و األفيون و كانت تستعمل‬
‫كمخدر و كان لها استعماالت طبية عند العرب‪.‬‬

‫و قد نظم المشرع المغربي التعامل بالمخدرات و المؤثرات العقلية و زجر االدمان عليها‪ ،‬و حدد لها اإلطار القانوني‬
‫الذي تعتبر خارج حدوده جريمة يعاقب عليها المشرع الجنائي‪ ،‬و ذلك من خالل تصنيف المخدرات ضمن المواد السامة‬
‫في ظهير ‪ 2‬دجنبر ‪ ،1922‬الذي جاء يحمل نفس العنوان (تنظيم استعمال المواد السامة وإنتاجها واستجالبها وتصديرها‬
‫واإلتجار فيها ونقلها وحيازتها ‪ ،) ...‬وفي نفس السياق صدر قانون ‪ 24‬أبريل ‪ 1954‬الذي فك من خالله المشرع ذلك‬
‫االرتباط التقليدي بين التبغ والكيف بتقنين األول وإسناد احتكار إنتاجه وتسويقه للدولة‪ ،‬وتحريم الثاني و إضافته إلى‬
‫الالئحة المعتبرة من السموم وفق ظهير ‪ 2‬دجنبر ‪ 1922‬وكذا القرار العام للديوان الملكي رقم‪ 66/177/3‬بتاريخ ‪7‬‬
‫يوليوز ‪ 1967‬الذي نظم اإلتجار في المشروبات الكحولية والممزوجة بالكحول‪ ،‬وآخر هذه التشريعات الظهير الشريف‬
‫بمثابة قانون رقم ‪ 1/73/282‬بتاريخ ‪ 28‬ربيع الثاني ‪ 1394‬الموافق ل‪ 21‬ماي ‪ 1974‬المتعلق بزجر اإلدمان على‬
‫المخدرات ووقاية المدمنين عليها‪ ،‬و بتاريخ ‪ ،1977/10/9‬أصدر الظهير المتعلق بمدونة الجمارك المعدل والمتمم‬
‫بظهير ‪ ،2000/6/5‬حيث عملت مدونة الجمارك على محاربة المخدرات إذ أصبحت جنحا جمركية من الدرجة األولى‬
‫بعدما كانت تعتبرها جنحا جمركية من الدرجة السادسة‪ ،‬و اختتم المشرع المنظومة التشريعية بقانون ‪ 13.21‬المتعلق‬
‫باالستعماالت المشروعة للقنب الهندي حيث تم إخضاع األنشطة المتعلقة بزراعة و إنتاج و تصنيع و نقل و تسويق و‬
‫تصدير و استيراد القنب الهندي للترخيص و سن عقوبات للمخالفين‪.‬‬

‫‪-1-‬‬
‫________________‬ ‫_‬ ‫مقدمة‬

‫ومن خالل ما سبق نطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬


‫‪-‬إلى أي حد توفق المشرع المغربي والعمل القضائي في معالجة جرائم المخدرات؟‬

‫لإلجابة عن هذا السؤال نقترح التصميم التالي‪:‬‬

‫• المطلب األول‪ :‬اإلطار القانوني لجرائم المخدرات‬


‫✓ الفقرة االولى‪ :‬أركان جرائم المخدرات‬
‫✓ الفقرة الثانية‪ :‬عقوبات جرائم المخدرات واستثنائية اإلباحة‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬العمل القضائي في جرائم المخدرات‬
‫✓ الفقرة االولى‪ :‬ضوابط المتابعة الجنائية في جنحة االستعمال غير المشروع للمخدرات‬
‫✓ الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية المصادرة في جرائم المخدرات (الفصل ‪ 11‬من ظهير ‪)1974‬‬

‫‪-2-‬‬
‫المطلب األول‪:‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫المطلب األول‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات‬
‫إن السياسة الجنائية المتبعة في المغرب لمكافحة المخدرات تقوم على أسس خاصة و متميزة‪ ،‬تظهر جليا على‬
‫مستوى الوقاية والعالج والتجريم والعقاب وتنفيذ العقوبة‪ ،‬وقد شكل ظهير ‪ 21‬ماي ‪ 1974‬المتعلق بزجر اإلدمان على‬
‫المخدرات السامة ووقاية المدمنين عليها اللبنة األساسية لهذه السياسة الجنائية‪ ،‬أو باألحرى اإلطار القانوني لجرائم‬
‫المخدرات‪ ،‬والذي من خالله سوف ندرس األركان القانونية المشكلة لهذه الجرائم وذلك في الفقرة األولى‪ ،‬على أن نمر‬
‫بعد ذلك للشق المقابل للتجريم أال وهو العقاب‪ ،‬وكذا االستثناء ات التي ترد عليه أي تلك التي تحول دون تنزيل العقاب‬
‫على المتعامل بالمخدرات‪ ،‬وذلك حينما يتعلق االمر باالستعمال المشروع لها‪ ،‬وكل ذلك في الفقرة الثانية من هذا‬
‫المطلب‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬أركان جرائم المخدرات‬


‫عرف المشرع المغربي الجريمة في الفصل ‪ 110‬من م‪.‬ق‪.‬ج على أنها كل عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي‬
‫ومعاقب عليه بمقتضاه‪ ،‬ولكي تتحقق الجريمة البد من توافر عناصرها وأركانها الكالسيكية المتمثلة في الركن القانوني‬
‫والركن المادي والركن المعنوي‪ ،‬وإلى جانب هذه األركان العامة فإن المشرع اشترط ركنا خاصا في جرائم المخدرات‬
‫وهو ركن المخدر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ركن المخدر والركن المادي‬


‫جعل المشرع المغربي جرائم المخدرات من الجرائم التي ال يكفي لقيامها توافر األركان العامة للجريمة‪ ،‬بل‬
‫اشترط إلى جانب توافر تلك األركان ركنا خاصا يميز هذه الجريمة يتمثل في ركن المخدر‪ ،‬كما أنه حدد بمقتضى ظهير‬
‫‪ 1974‬مجموعة من الصور التي قد تشكل الركن المادي للجريمة‪.‬‬
‫‪-1‬ركن المخدر‪:‬‬
‫يشكل المخدر الركن الخاص في جرائم المخدرات‪ ،‬إذ أنه يشترط وجود مادة مخدرة أو مؤثر عقلي‪ ،‬ولم يعطي‬
‫المشرع تعريفا للمخدر غير أنه يمكن تعريفه من الناحية العلمية والقانونية‪ ،‬فعلميا ثم تعريف المادة المخدرة بأنها "كل‬
‫مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية تسبب النعاس والنوم‪ ،‬أو غياب الوعي المصحوب‬
‫بتسكين األلم" [‪ . ]1‬أما قانونيا فيمكن تعريفه بأنه كل مادة خام أو مستحضرة تسبب اإلدمان‪ ،‬وتسمم الجهاز العصبي‪،‬‬
‫ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إال ألغراض يحددها القانون‪ ،‬وبواسطة من يرخص له بذلك [‪.]2‬‬
‫وكما أسلفنا الذكر وإن كان المشرع لم يعطي تعريفا للمخدر فإنه حدد المواد أو النباتات التي تعتبر مخدرا بالمفهوم‬
‫القانوني‪ ،‬في الجدول (ب) المرفق بظهير ‪ 2‬دجنبر ‪ ،]3[ 1922‬وتلك المحددة في‬
‫_____________________________________‬
‫[‪ ]1‬المعطي الجبوبي‪" :‬مكافحة المخدرات في التشريع المغربي بين النص والتطبيق"‪ ،‬المطبعة السريعة‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬الطبعة األولى‪،2010،‬‬
‫ص‪.19‬‬
‫[‪ ]2‬أنور العمروسي‪" :‬المخدرات آثارها وأنواعها‪ ،‬جرائمها وعقوباتها"‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي الطبعة األولى اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫[‪]3‬‬

‫الكوييد األفيون باستثناء الكودين—وأمالحه‬


‫ومشتقاته‬
‫الكوكايين‪ ،‬أمالحه ومشتقاته‪.‬‬
‫دياصيي لمورفين وأمالحه ومشتقاته‪.‬‬
‫مشتقات األفيون‪.‬‬
‫الحشيش وما يستحضر منه‪.‬‬
‫ا لمورفين وما يستحضر منه‪.‬‬
‫األفيون الخام‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫االتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب كاتفاقية فيينا لمكافحة االتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية‪ ،‬الموقعة في ‪ 20‬ديسمبر ‪. ]4[1988‬‬
‫والعتبار المادة مخدرا فإنه ال يبحث عن اسمها في الجدول وإنما العبرة بمكوناتها‪ ،‬أي أنه في حالة وجود إحدى المواد‬
‫المدرجة في الجدول من ضمن العناصر التركيبية للمادة المحجوزة فإنها تعتبر مخدرا [‪.]5‬‬
‫وعلى مستوى العناصر التكوينية للفعل‪ ،‬فإنه في حالة اعتبار المادة أو النبات مخدرا بطبيعته‪ ،‬فإنه ال يمكن للمتهم الدفع‬
‫بكون المادة المحجوزة ليس لها مفعول تخديري وقت حجزها لسبب من األسباب كالتلف بسبب الرطوبة أو الحرارة [‪.]6‬‬

‫‪-2‬الركن المادي‪:‬‬
‫جرائم المخدرات من جرائم السلوك أو الجرائم الشكلية التي ال يتوقف فيها األمر على حدوث نتيجة إجرامية بل إن‬
‫ركنها المادي يتكون من مجرد سلوك معين بغض النظر عن حصول النتيجة اإلجرامية أو عدم حصولها‪.‬‬
‫وقد استعرض المشرع المغربي في قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة ظهير‪ 1974/5/21‬في‬
‫فصوله‪8/3/2/1‬األفعال التي تكون الركن المادي للجريمة وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االستيراد والتصدير للمخدرات‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬مسك المخدرات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إنتاج المخدرات وصنعها وزراعتها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التعامل في المخدرات‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تسهيل تعاطي المخدرات وما يتصل به من أفعال‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التصرف في المخدر لغير الغرض الشرعي المرخص من أجله‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬استعمال المخدرات واإلدمان عليها‬
‫يتبين مما سبق أن المشرع المغربي قد وسع دائرة األفعال والتصرفات المعاقب عليها في جرائم المخدرات وأن‬
‫كل صورة منها تختلف عن األخرى تبعا لقصد الجاني من الفعل المادي‪ ،‬وغايته من كل ذلك هو قطع كل اتصال بين‬
‫األشخاص والمخدرات ما عدا في بعض الحاالت االستثنائية التي أجاز فيها مثل هذا االتصال لضرورات اجتماعية‬
‫وحماية للمصلحة العامة‪.‬‬
‫وسنحاول من خالل هاته الفقرة دراسة كل صورة من الصور المذكورة على حدى‪:‬‬

‫❖ أوال‪ :‬االستيراد والتصدير للمخدرات‬


‫عاقب المشرع في المادة ‪ 2‬من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة على أفعال االستيراد والتصدير للمواد‬
‫والنباتات المعتبرة مخدرات‪ .‬وإذ جرم المشرع هاته األفعال وعاقب عليها‪ ،‬فإنه قد نظم كذلك إجراءات تصديرها‬
‫واستيرادها ألغراض مشروعة‪.‬‬
‫_____________________________________‬
‫[‪]4‬‬

‫الجدول الثاني‬ ‫الجدول األول‬


‫انهيدريد الخل‬ ‫االبفيدرين‬
‫األسيتون‬ ‫االيرغوميرين‬
‫حمض األنترانيل‬ ‫االيرغوتامين‬
‫أثير األكيل‬ ‫حمض اللي سرجيك‬
‫حمض فينيل الخل‬ ‫ينيل‪-‬بروبانوند‬
‫البيريدين‬ ‫شبيه االفيدرين‬

‫[‪ ]5‬قرار عدد ‪ 4/940‬بتاريخ ‪ 1995/04/26‬قضاء المجلس األعلى العدد ‪ 50/49‬ص‪.215‬‬


‫[‪ ]6‬المعطي الجبوبي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.20‬‬
‫‪-4-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬
‫يمكن تعريف االستيراد على أنه "جلب المخدر وإدخاله الى المغرب بأية وسيلة من الوسائل قصد طرحه في التداول"[‪.]7‬‬
‫أو كما عرفته مدونة الجمارك في مادتها األولى بأنه "دخول بضائع اتية من الخارج أو من المناطق الحرة الى التراب‬
‫الخاضع للقوانين واألنظمة الجمركية"[‪ ]8‬يستشف من هذا التعريف أن المشرع تعامل في هذه المدونة مع المخدرات‬
‫على أساس أنها بضاعة تخضع لمبدأ احترام إجبارية التصريح‪ ،‬وبالتالي فإنها أصبحت قابلة للتداول باالستيراد‬
‫والتصدير ممن له الصفة في ذلك وبالشروط العامة والخاصة التي تتعلق بهذا النوع من البضائع‪.‬‬
‫إن جريمة االستيراد تتحقق بمجرد ادخال المخدرات الى األراضي المغربية سواء كان الفاعل موجودا وقت االستيراد‬
‫داخل المغرب أو خارجه‪ ،‬وكذلك حتى ولو لم يكن يهدف وراء استيراده لتوزيع تلك المخدرات أو استهالكها داخل‬
‫المغرب بل بمجرد نقلها عبر ترابه من دولة أخرى ال أقل وال أكثر‪ ،‬وسواء كان هذا النقل بواسطة الجاني بنفسه أو‬
‫بواسطة الغير‪ ،‬وسواء كان قد جلبها لحسابه الشخصي أو لحساب الغير فالجريمة محققة ال محالة‪ .‬وبالتالي فحتى لو لم‬
‫يكن الجاني يحوز المخدرات بصورة فعلية فالجريمة قائمة‪ ،‬باعتبار أن المشرع المغربي اعتبر أن جلب المخدرات أو‬
‫تصديرها جريمة مستقلة بذاتها عن جريمة المسك وإن كان قد عاقبها بنفس العقوبة‪.‬‬
‫غير أن هاته الجريمة ال تتحقق إال إذا تم ادخال المخدرات إلى األراضي المغربية بصورة فعلية وبالتالي ففي الحالة التي‬
‫يتم ضبطها خارج الحدود المغربية فإن الفعل اإلجرامي هنا ال يخضع ألحكام التشريع المغربي لتخلف عنصر عبور‬
‫[‪]9‬‬
‫المخدرات الحدود الجمركية المغربية‪ ،‬لكنه يعاقب لمحاولته ارتكاب جريمة االستيراد بنفس عقوبة الفعل التام‪.‬‬
‫وبالتالي فإن جريمة االستيراد تتحقق بمجرد إدخالها الى األراضي المغربية بدون ترخيص وبأي وسيلة كانت ومهما كان‬
‫الباعث إلى ارتكابها وبغض النظر عن مقدار الكمية المستوردة‪ .‬وهذا ما أكده المجلس األعلى سابقا في قراره عدد‬
‫‪ 4953‬بتاريخ ‪ 1984 /5/28‬في الملف الجنائي عدد ‪ 8377/84‬الذي ذهب الى" أن الفصل الثاني من ظهير ‪ 21‬ماي‬
‫[‪]10‬‬
‫‪ 1974‬يعاقب على االستيراد لذاته دون اعتبار لدوافعه وبواعثه وكذا لمقدار كمية المخدر المستورد" ‪.‬‬

‫أما جريمة تصدير المخدرات فهي إخراجها من المجال اإلقليمي للدولة المغربية‪ ،‬وهي تتحقق بمجرد تحقق فعل إخراج‬
‫المخدر بصورة فعلية بغض النظر عما إذا كانت الغاية من إخراجها هو من أجل إدخالها إلى دولة أخرى أو مجرد‬
‫التخلص منها‪ .‬وبصرف النظر عن مقدار كمية المخدرات وسواء وقعت بعلم الجاني وبمعرفته حتى ولو لم يضبط‬
‫المخدر بحوزته أو كانت قد تمت لمصلحته ولفائدته الشخصية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن جريمتي االستيراد والتصدير تختلف عن جريمة المسك في كونهما يتمان في مكان معين وهو خط‬
‫الحدود الجمركية‪.‬‬

‫❖ ثانيا‪ :‬مسك المخدرات‬


‫عاقب المشرع المغربي كل من يمسك مواد أو نباتات مخدرة بصفة غير مشروعة‪ ،‬يمكن تعريف المسك بأنه "االستيالء‬
‫المادي على المخدرات ألي غرض من األغراض كحفظه على ذمة صاحبه أو نقله لجهة معينة أو تسليمه للغير أو‬
‫إخفائه عن أعين الرقباء أو السعي في إتالفه حتى ال يضبط أو االنتفاع به إلى غير ذلك من األغراض التي ال يمكن‬
‫حصرها‪".‬‬
‫[‪]11‬‬
‫‪ ،‬وال أهمية لمدة المسك‬ ‫وبالتالي فإن مفهوم المسك يتحقق بمجرد االستيالء المادي ووضع اليد عليها دون نية التملك‬
‫سواء طالت هذه المدة أو قصرت‪ .‬وال يعتد بالباعث الدافع الى مسك المخدرات في تحقق الجريمة فسواء كان الباعث‬
‫عليه هو معاينته من أجل التعرف عليه أو شرائه فأن الجريمة تتحقق‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]7‬محمد أوغريس‪ ،‬جرائم المخدرات في التشريع المغربي‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،2011 ،‬الصفحة‪.38:‬‬
‫[‪ ]8‬المعطي الجبوجي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.27 :‬‬
‫[‪ ]9‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫[‪ ]10‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق ص‪40 :‬‬
‫[‪ ]11‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق ص‪44 :‬‬

‫‪-5-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫والجريمة تتحقق كذلك ولو لم يضبط المخدر بحوزة الجاني شريطة إقامة الحجة على أنه كان معه وذلك بأي وسيلة من‬
‫وسائل اإلثبات‪ ،‬كإقرار أو اعتراف المتهم بوضع يده على المخدر وحيازته له بنية التملك [‪.]12‬‬
‫خالفا ألغلب التشريعات العربية التي تفرق بين اإلمساك والحيازة وتجعل لكل منهما عقوبة خاصة‪ ،‬فإن المشرع‬
‫المغربي لم ينص عليها وأشار للمخدرات الى "المسك" التي تعتبر عبارة عامة بدون أي تحديد‪.‬‬
‫الشيء الذي يجعلنا نتساءل هل حيازة المخدرات ال تعتبر جريمة لعدم ذكرها من قبل المشرع‪ ،‬وبالتالي فهل هذا الفعل‬
‫غير معاقب عليه؟‬
‫ويقصد بالحيازة "االستئثار بالمخدر على سبيل الملك واالختصاص دون الحاجة الى االستيالء أو السيطرة المادية‬
‫عليه"[‪. ]13‬‬
‫وحسب الفصل ‪ 3‬من القانون الجنائي الذي ينص على مبدأ الشرعية الجنائية فإن فعل الحيازة غير مجرم طالما أن نص‬
‫[‪]14‬‬
‫التجريم ينص فقط على فعل اإلمساك دون الحيازة‪.‬‬
‫غير أن القضاء المغربي لم يفرق في أحكامه بين المسك والحيازة‪ ،‬فهو يحملهما على أساس معنى واحد‪ ،‬كما توسع في‬
‫معنى المسك الذي أصبح يشمل الحيازة‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه المجلس األعلى سابقا في أغلب قراراته‪ ،‬فقد اعتبر جريمة‬
‫مسك المخدر متوافرة بدون ضبط المخدر وبمجرد اعتراف المتهم فقط [‪.]15‬‬

‫❖ ثالثا‪ :‬إنتاج المخدرات وصنعها وزراعتها‬


‫نص المشرع المغربي في المادة ‪ 2‬من ظهير ‪ 1974‬على معاقبة كل من أنتج أو صنع بصفة غير مشروعة المواد أو‬
‫النباتات المعتبرة مخدرات‪.‬‬
‫يدخل في مفهوم زراعة المخدرات عملية الحرث‪ ،‬وكل أعمال التعهد والصيانة الالزمة لرعاية النبتة من تسميد وتقنية‬
‫[‪]16‬‬
‫من النباتات الطفيلية الى حين نضج النباتات وقلعه من األرض‪.‬‬
‫أما اإلنتاج والصنع فهما عمليتين الحقتين على الزراعة‪ .‬فالمقصود باإلنتاج هو فصل المادة المخدرة عن أصلها النباتي‬
‫كاستخراج الحشيش من أوراق الكيف‪ .‬أما الصنع فيقصد به العملية التي يتم الحصول بواسطتها على أي مادة مخدرة‬
‫بغير طريقة اإلنتاج عن طريق مزج مواد معينة للحصول على المادة المخدرة‪.‬‬
‫وبالتالي فجريمة الزرع تتحقق بمجرد وضع غرس شتالت النبات في األرض سواء نبت أو لم ينبت ألي سبب من‬
‫األسباب وبأي وسيلة كانت سواء يدوية أو الية‪ ،‬في حين أن فعل اإلنتاج والصنع ال يتحققان إال بوجود المادة المخدرة‬
‫"سواء كانت المواد األولية المستعملة للحصول على المواد أو النباتات هي مواد مخدرة أم ال ما دامت النتيجة المتوخاة‬
‫هي إظهار مادة مخدرة الى الوجود"‪ ،‬وإال كنا أمام محاولة إنتاج أو محاولة صنع مادة مخدرة‪.‬‬

‫❖ رابعا‪ :‬التعامل في المخدرات‬


‫المشرع المغربي لم يورد عبارة "التعامل" وإنما عدد صور التعامل في المخدرات وذلك في المادة األولى من ظهير‬
‫‪ 1954/4/24‬المتعلق بمنع قنب الكيف وكذا في المادتين األولى والثانية من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة‬
‫ووقاية المدمنين عليها‪.‬‬
‫وقد جرم جميع أنواع التعامل في المخدرات سواء نقل وبيع وشراء واتجار وتسليم وتنازل‪ ،‬باستثناء ما أجازه في‬
‫ظهير‪ ،1922/12/2‬وجعلها ممنوعة سواء كانت بمقابل أو بدونه وسواء دفع الثمن أو لم يدفع‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]12‬المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة الجنحية‪ ،‬القرار عدد ‪ 4991‬بتاريخ ‪ 29‬ماي ‪ 1984‬في الملف الجنحي عدد ‪ 4909‬أورده محمد أوغريس‬
‫مرجع سابق ص‪.45 :‬‬
‫[‪ ]13‬محمد غزاف‪ ،‬جرائم المخدرات وإجراءاتها العملية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2010‬الصفحة‪.40 :‬‬
‫[‪ ]14‬محمد غزاف‪ ،‬مرجع سابق‪ :‬ص‪.42 :‬‬
‫[‪ ]15‬قرار عدد ‪ 4937‬بتاريخ ‪ 29‬ماي‪ 1984‬ملف جنحي عدد ‪ 4353‬أورده محمد غزاف مرجع سابق‪ ،‬ص‪43 :‬‬
‫[‪ ]16‬المعطي الجبوجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29 :‬‬
‫‪-6-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫• االتجار في المخدرات‪:‬‬
‫[‪]17‬‬
‫والمقصود به هو "اتخاد الشخص من شراء المخدرات أو بيعها حرفة معتادة له " اال أن الفعل ال يعتبر جريمة‬
‫معاقب عليها اال عند القيام به بشكل غير مشروع "بدون ترخيص من السلطات المعنية"‪.‬‬
‫وعليه فجريمة اإلتجار في المخدرات تتحقق كلما كان قصد الفاعل من حيازتها هو تقديمها للغير بمقابل‪ ،‬سواء حصل‬
‫عليه بصورة فعلية أو ال‪ ،‬وكيفما كان هذا المقابل سواء كان نقدا أو القيام بعمل‪،‬‬
‫ويستوي في تحقق الفعل الجرمي أن يكون االتجار في المخدرات هو الحرفة الرئيسية أو الثانوية للجاني‪.‬‬

‫• البيع والشراء في المخدرات‪:‬‬


‫من أهم صور التعامل في المخدرات‪ ،‬فهما الوجهان لعقد واحد‪ ،‬والجريمة تتحقق بمجرد إبرام العقد حتى ولو لم يقع‬
‫تسليم المخدر أو دفع ثمنه‪.‬‬

‫• نقل المخدرات‪:‬‬
‫هو من أحد األفعال المجرمة في المادة ‪ 2‬من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة‪ .‬فهو العمل المادي الذي يقوم به‬
‫الناقل لحساب غيره دون أن يكون بقصد اإلتجار[‪. ]18‬‬
‫وال يشترط لتحقق هذه الجريمة أن يتم نقل المخدرات بوسيلة معينة‪ ،‬بل يكفي حملها من مكان آلخر شريطة أن يتم هذا‬
‫النقل لحساب شخص اخر‪.‬‬

‫• المبادلة والتنازل في المخدرات‪:‬‬


‫ان المبادلة هي تنازل عن المخدر بمقابل الذي قد يكون نقدا أو عينا‪ ،...‬أما التنازل عن المخدرات هو كل تصرف‬
‫بمقتضاه يتخلى المالك عن ملكية المادة المخدرة أو النبات المخدر لفائدة شخص اخر بدون مقابل[‪. ]19‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا أن المشرع لم يشر الى هاته األفعال ولم ينص على تجريمها وعقابها‪ ،‬غير أن غالبية الفقه استقر‬
‫على أنها تدخل في مفهوم المسك وبالتالي فهي تقع تحت طائلة العقاب‪.‬‬

‫• الوساطة في المخدرات‪:‬‬
‫هي قيام الوسيط بربط الصلة بين أطراف المعاملة والتقريب بين وجهات النظر سواء فيما يتعلق بالسعر أو بشروط‬
‫الصفقة بصفة عامة وذلك من أجل تسهيل تداول المخدرات [‪. ]20‬‬
‫وال يشترط في الوسيط أن يكون متصال بالمواد المخدرة أو النباتات المخدرة‪ ،‬وهاته الجريمة تتحقق بغض النظر عن‬
‫مقدار الكمية التي وقع التوسط من أجلها‪.‬‬
‫ان مسألة قيام الوساطة من عدمها من المسائل الموضوعية التي يعود تقديرها لقاضي الموضوع‪.‬‬

‫❖ خامسا‪ :‬تسهيل تعاطي المخدرات واستعمالها وما يتصل به من أفعال‪:‬‬


‫عاقب المشرع المغربي في المادة ‪ 3‬من ظهير ‪ 1974‬كل من يسهل للغير استعمال المواد المخدرة أو النباتات المعتبرة‬
‫مخدرات سواء كان ذلك بعوض أو بدون وذلك إما بتوفير محل لهذا الغرض أو باستعمال احدى الوسائل المشار اليها في‬
‫المادة أعاله‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]17‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪56 :‬‬
‫[‪ ]18‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪59 :‬‬
‫[‪ ]19‬محمد غزاف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪46 :‬‬
‫[‪ ]20‬محمد أغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪61 :‬‬

‫‪-7-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫• جريمة تسهيل تعاطي المخدرات واستعمالها‪:‬‬


‫ويقصد بها تمكين الغير من االتصال بالمواد المخدرة أو النباتات المخدرة أو استعمالها بدون حق سواء بعوض أو‬
‫بدون[‪.]21‬‬
‫وهذا التسهيل إما أن يتم بنشاط إيجابي يقوم به الجاني‪ ،‬وإما بنشاط سلبي‪ .‬وجدير بالذكر أن المشرع قد تشدد في جريمة‬
‫التسهيل برفع الحد األدنى الى خمس سنوات إذا كان استعمال المواد قد سهل على القاصرين‪.‬‬
‫وال تتحقق هذه الجريمة إال بتعاطيها بصورة فعلية وقيام العالقة السببية بين فعل الجاني وتعاطي المخدرات‪.‬‬

‫• توفير محل لتعاطي المخدرات‪:‬‬


‫ويقصد بذلك تزويده بكل ما يحتاج إليه من أدوات خاصة بالتعاطي حتى يكون مهيئا لهذه الغاية‪ ،‬سواء كان معدا للعموم‬
‫أو خاصا بطائفة معينة وسواء كان مخصصا للتعاطي وحده أو معدا ألغراض أخرى[‪. ]22‬‬
‫وال أهمية لشكل المحل وال موقعه‪ ،‬فاألساس في تحقيق الجريمة هو انصراف نية الجاني الى استخدام المحل لمدة من‬
‫الزمن لتعاطي المخدرات ال أن يكون ذلك بصفة عابرة‪.‬‬

‫❖ سادسا‪ :‬التصرف في المخدر لغير الغرض الشرعي المرخص له‬


‫ان المشرع المغربي أجاز في بعض الحاالت لبعض األشخاص كاألطباء والصيادلة مثال االتصال بالمواد المخدرة من‬
‫أجل استعمالها واستخدامها ألغراض مشروعة‪ ،‬وهذا الترخيص ينفي عن التصرف صفة عدم المشروعية ويمنع من‬
‫المساءلة الجنائية‪ .‬وأي تجاوز لحدود هذه اإلجازة يؤدي الى معاقبة صاحبه‪.‬‬

‫• تصرفات األطباء‪:‬‬
‫ان الطبيب المرخص له في حيازة المواد المخدرة واستعمالها ضمن حدود معينة يكون عمله مشروعا وال يعاقب عليه‪،‬‬
‫إذا تصرف ضمن حدود الترخيص الممنوح له‪ ،‬أما ان خرج عن هاته الحدود فإنه يسأل جنائيا ويعاقب‪.‬‬
‫ان المشرع فرق بين نوعين من التصرفات الغير مشروعة عن األطباء‪:‬‬

‫✓ ‪.1‬تحرير وصفات طبية صورية‪:‬‬


‫أجاز القانون لألطباء وصف المخدرات للمرضى بمقتضى وصفات طبية قصد مساعدتهم على العالج‪ .‬أما اذ لم يكن‬
‫قصده من تحرير تلك الوصفة المساعدة على العالج وإنما يقصد تسهيل تعاطيه للمخدرات فإنه يعاقب طبقا ألحكام المادة‬
‫‪ 3‬من ظهير ‪.1974‬‬
‫[‪]23‬‬
‫والوصفة الطبية التي يسمح بموجبها الحصول على المواد المخدرة يجب أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط ‪:‬‬
‫‪ .‬يجب أن تكون الوصفة طبية صحيحة ال تشطيب فيها أو تزوير‪.‬‬
‫‪ .‬يجب أن يكون الطبيب محرر الوصفة حسن النية‪.‬‬
‫‪ .‬يجب اال يكون الحصول على الوصفة الطبية نتيجة ضغط أو اكراه أو تدليس‪.‬‬
‫‪ .‬يجب أال يتعدى الترخيص كمية ونوع المخدر المشار إليه في الوصفة الطبية‪.‬‬
‫✓ ‪.2‬حيازة الطبيب للمواد المخدرة بصفة غير مشروعة‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]21‬محمد أغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪64 :‬‬
‫[‪ ]22‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪67 :‬‬
‫[‪ ]23‬محمد أغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪72 ،71‬‬

‫‪-8-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫• تصرفات الصيادلة‪:‬‬
‫يمنع على الصيدلي منعا باتا صرف األدوية المركبة من المواد المخدرة إال بمقتضى وصفة طبية موقعة ومؤرخة‬
‫وحاملة السم الطبيب وكذا لكمية المادة المخدرة‪.‬‬
‫فالصيدلي الذي تثبت لديه صورية الوصفة الطبية المقدمة إليه يمنع عليه تسليم األدوية‪ ،‬أو يعرض نفسه للعقوبة‬
‫المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة‪.‬‬
‫ولم يغفل المشرع المغربي معاقبة كل شخص يعمد على تزوير وصفة طبية قصد الحصول على مواد مخدرة من‬
‫الصيدلية فيضبط‪ .‬ومنعا لكل تحايل أو تدليس فقد ألزم المشرع على الصيادلة باالحتفاظ بالوصفات الطبية وعدم ردها‬
‫الى المرضى بعد تسليمهم األدوية وذلك حتى ال تستعمل مرة ثانية‪ .‬ويجب المحافظة بها لمدة ثالثة سنوات على األقل‬
‫طبقا للمادة ‪ 32‬من ظهير ‪. ]24[1922‬‬
‫وطبقا لنفس الظهير أعاله فيمنع على األطباء صرف مواد مخدرة لمدة تفوق سبعة أيام‪ .‬أو داخل نفس المدة صرف مواد‬
‫من نفس النوع ما الم يتم التنصيص عليها في الوصفة الطبية الجديدة‪.‬‬

‫❖ سابعا‪ :‬استعمال المخدرات واإلدمان عليها‬


‫عاقب المشرع المغربي في المادة ‪ 8‬من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة على تعاطي و استعمال المخدرات‬
‫بصفة غير مشروعة‪.‬‬
‫إن لفظ االستعمال المشار إليه في المادة المذكورة يفيد التكرار واالعتياد‪ ،‬وبالتالي فالمقصود به هنا الشخص الذي يتناول‬
‫المخدرات بصفة اعتيادية ومستمرة ال من يستعملها بصفة عارضة أو عن طريق الصدفة‪.‬‬
‫وبالتالي فإن ذلك االستعمال يدل على حاجة الشخص الملحة في تناوله بصفة مستمرة وأي خروج عن هذا المنحى من‬
‫شأنه أن يحدث له اضطرابا نفسيا وخلال عصبيا‪.‬‬

‫وحماية لهؤالء المدمنين الذين يعتبرون ضحايا هذه المواد الخطيرة وينبغي معالجتهم من أجل إعادة إدماجهم من جديد‬
‫في حظيرة المجتمع‪ ،‬استحدث المشرع المغربي الفقرة الثانية من المادة ‪ 8‬التي ذهبت الى عدم فتح المتابعة الجنائية إذا‬
‫وافق مرتكب الفعل الجرمي الخضوع للفحص الطبي وللعالج خالل المدة الالزمة لشفائه في مؤسسة عالجية للقضاء‬
‫على حالة التسمم[‪.]25‬‬
‫وحسب الفصل المذكور أعاله فان عدم تحريك الدعوى العمومية رهين بأمر السيد وكيل الملك‪ ،‬بإجراء الفحص الطبي‬
‫على الشخص المدمن بعد مرافقته وخضوعه خالل المدة الالزمة لشفائه للعالجات الضرورية قصد القضاء على حالة‬
‫التسمم ‪.‬‬
‫وحالة اإلدمان يجب أن تحدد بواسطة فحص طبي يجري على الشخص المعني باألمر وذلك للتأكد بصورة فعلية فيما إذا‬
‫كان مدمنا أو غير مدمن على استعمال المخدرات‪.‬‬

‫ويشترط لعدم تحريك الدعوى العمومية في حق مستعملي المخدرات بصفة غير مشروعة‪:‬‬
‫✓ يجب أن تكون الجريمة التي ارتكبها الجاني هي جريمة استعمال المخدرات بصفة غير مشروعة‬
‫✓ يجب إثبات حالة اإلدمان على تعاطي المخدرات‬
‫✓ يجب أن يوافق الجاني تلقائيا وبإرادته واختياره على الخضوع للعالج الطبي‬
‫✓ يجب أن تكون الجهة التي يقدم لها الشخص المدمن للعالج إما مؤسسة عالجية طبقا ألحكام المادة ‪ 80‬من‬
‫القانون الجنائي وإما مصحة خاصة مقبولة من طرف وزارة الصحة العمومية‬
‫_____________________________________‬
‫[‪ ]24‬محمد أغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪75 :‬‬
‫[‪ ]25‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪79 :‬‬
‫‪-9-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫✓ يجب فحص المعني باألمر كل خمسة عشر يوما من طرف خبير معين من طرف وكيل الملك‪ ،‬ألنه وحده‬
‫المكلف للبث في شفائه‬
‫✓ يجب أال يكون الشخص قد سبق إخضاعه للعالج وايداعه في احدى المؤسسات المشار إليها أعاله وعاد خالل‬
‫الثالث السنوات الموالية لشفائه الى ارتكاب جنحة استعمال المخدرات أو ترويجها‬

‫وبالتالي فمتى توافرت هذه الشروط فإنه يمنع تحريك الدعوى العمومية سواء تم قبول الشخص المدمن بالمؤسسة‬
‫العالجية أم ال‪.‬‬
‫غير أن المشرع المغربي خول لوزير العدل وبعد استشارة وزير الصحة الحق في اصدار قرار يحدد الشروط الالزمة‬
‫التي تمكن في بعض الحاالت االستثنائية الخاصة بالقاصرين من معالجتهم في وسط عائلي بدل إحالتهم على مؤسسات‬
‫العالج‪.‬‬
‫وفي حالة أن الشخص المدمن لم يعبر على رغبته في العالج إال بعد تحريك الدعوى‪ ،‬فعلى القاضي أن يأمر بعرض‬
‫المعني باألمر على طبيب خبير للتأكد من استمرار حالة التسمم‪ ،‬حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪ .8‬وعلى ضوء رأي‬
‫الطبيب يقرر القاضي إما إيداع المتهم في مؤسسة العالج حسب الفصل ‪ 80‬من القانون الجنائي أو الحكم عليه بالعقوبة‬
‫المقررة في الفقرة األولى من المادة ‪.8‬‬
‫في حالة تملص المدمن من تنفيذ اجراء العالج‪ ،‬فإنه يعاقب طبقا للمادة ‪ 320‬من القانون الجنائي وهي "الحبس من ‪3‬‬
‫أشهر الى سنة وغرامة من ‪ 120‬الى ‪ 500‬درهم"‪ .‬أما في حالة رجوعه الى ارتكاب جنحة استعمال أو ترويج‬
‫المخدرات خالل ‪ 3‬سنوات الموالية فإن الدعوى العمومية تحرك في حقه سواء بالنسبة للجريمة السابقة أو الجريمة‬
‫الالحقة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المعنوي‬


‫كما هو معلوم فإنه ال يكفي لمساءلة الجاني إثيانه ماديا لنشاط يعتبر جريمة من الناحية القانونية‪ ،‬بل البد من توافر‬
‫أحد األركان الكالسيكية المهمة للجريمة‪ ،‬وهو الركن المعنوي الذي يسند الجريمة معنويا للجاني‪.‬‬

‫وبما أن جرائم المخدرات تعتبر من الجرائم العمدية فإنه لقيامها يجب توافر القصد الجنائي العام لدى الجاني‪.‬‬

‫هذا القصد الذي يقوم على اإلرادة والعلم‪ ،‬أي أنه يتحقق بمجرد قيام الجاني بتوجيه إرادته إلى تحقيق الواقعة‬
‫اإلجرامية[‪ ، ]26‬والعلم بكون المادة المتعامل بها هي من المواد المحظورة قانونا‪ ،‬هذا العلم ال يفترض بل يجب إثباته من‬
‫طرف النيابة العامة‪ ،‬على اعتبار أن القصد الجنائي من أركان الجريمة الذي يجب إثباته بصورة فعلية وال يجوز‬
‫افتراضه [‪ .]27‬مثال ذلك الشخص الذي يتناول قطعة حلوى قدمها له صديقه ظانا أنها حلوى عادية فيتبين بعد ذلك أنه قدم‬
‫له حلوى ممزوجة بالمخدرات‪ ،‬ففي هذه الحالة ال يمكن مساءلته عن جريمة استهالك المخدرات لعدم تحقق الركن‬
‫المعنوي لديه‪.‬‬

‫غير أنه ال يمكن للجاني التمسك بكونه يجهل أن المادة المخدرة التي ضبطت بحوزته هي من المواد المدرجة‬
‫بالجدول(ب) [‪ ،]28‬إذ أن انتفاء العلم نتيجة جهل في القانون ال ينتفي معه القصد الجنائي‪ ،‬إذ ال يسوغ ألحد أن يعتذر‬
‫بجهله‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]26‬عبد الواحد العلمي‪" :‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة‪ ،2009‬الدارالبيضاء‪،‬‬
‫ص‪.206‬‬
‫[‪ ]27‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪74:‬‬
‫[‪ ]28‬نهاد أفقير‪" :‬السياسة الجنائية وتوجهاتها نحو مكافحة جرائم المخدرات بالمغرب"‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪،2021‬‬
‫الرباط‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪-10-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫ولقيام الجريمة يجب توافر عنصري القصد معا إذ ال يكفي العلم بأن المادة تعتبر مخدر بل يجب أن يكون الجاني قد‬
‫ارتكب أحد األفعال المجرمة في جرائم المخدرات بإرادته الحرة واختياره‪ ،‬فالجريمة ال تتحقق إذا أكره الجاني على‬
‫ارتكابها [‪ ،]29‬كأن يختطف أحد أبنائه أو يتعرض الجاني للتهديد بالسالح من أجل نقل مواد مخدرة من مكان إلى آخر‪.‬‬
‫وال عبرة بالباعث الدافع إلى ارتكاب جريمة من جرائم لتحقق المسؤولية الجنائية ‪ ،‬إذ يكفي إثبات توافر عنصري العلم‬
‫واإلرادة لدى الجاني لتحقق مسؤوليته الجنائية [‪]30‬ومعاقبته طبقا للقانون‪.‬‬
‫وعليه فإنه لتحقق إحدى الجنح المشار إليها في ظهير ‪ 21/05/1974‬يكفي توافر القصد العام وال عبرة بالباعث الدافع‬
‫الرتكابها [‪ .]31‬كما ال يشترط توافر القصد الخاص أي أنها تتحقق مهما كانت الوسيلة أو السبب الدافع الرتكابها [‪. ]32‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عقوبات جرائم المخدرات واستثنائية اإلباحة‬


‫من القواعدالجنائية المسلم بها‪ ،‬أن ارتكاب الجريمة مقترن بالعقاب‪ ،‬وال يجوز التجاوز عن مرتكب الجريمة بعدم‬
‫إنزال العقوبة المقررة قانونا في حقه‪ ،‬لذا إذا ما تحققت األركان المشكلة لجريمة من جرائم المخدرات‪ ،‬فال مفر للفاعل‬
‫من توقيع العقاب عليه وذلك حسب مقتضيات ظهير ‪( 1974‬أوال)‪ ،‬لكن هذه القاعدة ترد عليها استثناء ات تسوغ إباحة‬
‫الجريمة وعدم مساءلة مرتكبها وذلك حينما يتعلق األمر باالستعمال المشروع لهذه المخدرات (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عقوبات جرائم المخدرات‬


‫علم االجرام والعقاب يتكون من تالتة عناصر وهم‪ :‬الجريمة‪ ،‬المجرم والعقوبة ويعتبر العنصر االخير دو اهمية كبيرة‬
‫حيث ال يمكن تجريم فعل دون وضع نص قانوني يحدده ويحدد العقوبة المتناسبة له‪ ،‬وفي هدا الصدد سوف نتطرق‬
‫للعقوبات المتعلقة بجرائم المخدرات‪.‬‬
‫حيث متى توافرت االركان القانونية لجرائم المخدرات وقامت االدلة الكافية على تبوثها في حق مرتكبيها وجب تطبيق‬
‫العقوبة المنصوص عليها قانونا‪.‬‬
‫والعقوبات التي قررها المشرع في جرائم المخدرات منها ما هو أصلي ومنها ما هو تبعي وتكميلي‪.‬‬

‫فبالنسبة للعقوبات األصلية‪ :‬لقد عاقب المشرع في المادة األولى من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة بعقوبة‬
‫حبسية تتراوح ما بين سنتين وخمس سنوات وغرامة مالية يتراوح مبلغها ما بين ‪ 5.000‬و‪ 50.000‬درهم كل من خلف‬
‫مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 2‬ديسمبر ‪ 1922‬المتعلق باستيراد المواد السامة واالتجار فيها ومسكها‬
‫واستعمالها حسبما وقع تغييره وتتميمه أو خالف مقتضيات النصوص التنظيمية الصادرة بتطبيق الظهير المذكور‬
‫والمتعلقة بالمواد المعتبرة مخدرات والمدرجة في الجدول "ب"‪.‬‬
‫كما عاقب المشرع المغربي في المادة الثانية من نفس القانون‪" :‬كل من استورد أو أنتج أو وضع أو نقل أو صدر أو‬
‫مسك بصفة غير مشروعة المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات بالحبس من خمس سنوات الي عشر سنوات وبغرامة‬
‫يتراوح قدرها ما بين ‪ 5.000‬و‪ 50.000‬درهم‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]29‬محمد أوغريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪77:‬‬
‫[‪ ]30‬المعطي الجبوبي‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.47‬‬
‫[‪ ]31‬قرار صادر عن المجلس األعلى سنة ‪ 1984‬تحت عدد ‪ 4959‬في الملف الجنحي رقم ‪ " 84/4977‬إن ما أثاره العارض بعدم ثبوت‬
‫جريمة االستيراد في حقه لعدم توفرها بموجب الفصل ‪ 2‬من ظهير ‪ 1974‬من االستيراد من أجل اإلتجار فإنه ادعاء بعيد عن الصواب‬
‫وتحميل للنص ما ليس فيه‪ ،‬إذ أن الفصل ‪ 2‬يعاقب على االستيراد لذاتية االستيراد دون اعتبار لدوافعه وبواعثه وكذلك لمقدار كمية‬
‫المحدر المستورد"‪.‬‬
‫[‪ ]32‬قرار عدد ‪ 5 000‬الصادر عن الغرفة الجنائية بتاريخ ‪ 1984/05/29‬في الملف عدد ‪ " 84/9418‬أنه خالفا لما جاء في الوسيلة‬
‫فإن العارض تمت متابعته والحكم عليه فقط بمقتضيات ظهير ‪ 1974‬الدي ينص على جريمة المسك المدان بها العارض في فصله الثاني‬
‫وأنه ال يشترط توفر القصد الخاص في ثبوتها وإنما تتم بمجرد وضع اليد على المخدر بنية التملك والحيازة والحق في التصرف فيه‬
‫تصرفا مطلقا"‪.‬‬
‫‪-11-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫وقد عاقب المشرع كذلك في المادة الثالثة من نفس القانون بعقوبة الحبس من سنتين الي عشر سنوات وبغرامة يتراوح‬
‫قدرها بين ‪ 5.000‬و‪ 500.000‬درهم في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ – 1‬كل من سهل على الغير استعمال المواد أو النباتات المذكورة بعوض أو بغير عوض إما بتوفير محل لهذا الغرض‬
‫وإما باستعمال أية وسيلة من الوسائل‪.‬‬
‫‪ – 2‬كل دكتور في الطب سلم وصفة صورية تساعد الغير على استعمال المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات‪.‬‬
‫‪ – 3‬كل من عمل على تسلم المواد أو النباتات المذكورة بواسطة وصفات طبية صورية أو حاول العمل على تسلمها‪.‬‬
‫‪ – 4‬كل من كان على علم بالصبغة الصورية التي تكتسيها هذه الوصفات وسلم بناء على تقديمها إليه المواد أو النباتات‬
‫المذكورة‪.‬‬

‫ويرفع الحد األدنى للعقوبة إلى خمس سنوات إذا كان استعمال المواد أو النباتات المذكورة قد سهل على قاصر أو عدة‬
‫قاصرين يبلغون من العمر ‪ 21‬سنة أو أقل أو إذا كانت هذه المواد أو النباتات قد سلمت طبق الشروط المنصوص عليها‬
‫في المقطعين ‪ 1‬و‪ 4‬أعاله‪.‬‬
‫وعاقب المشرع كذلك في المادة ‪ 8‬من نفس القانون بعقوبة الحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها ما بين‬
‫‪ 500‬و‪ 5.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة‬
‫مخدرات‪.‬‬
‫والعقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 8‬المذكورة التطبق في حق الجاني أي مرتكب جريمة استعمال المخدرات إال في‬
‫حالة عدم موافقته الخضوع للعالج الطبيعي والمكوث بإحدى مؤسسات العالج طبقاألحكام المادة ‪ 80‬من القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫• المشاركة في جرائم المخدرات‪:‬‬


‫إن أعمال المشاركة في إحدى جرائم المخدرات تطبق عليها األحكام المنصوص عليها في المادة ‪ 129‬من القانون‬
‫الجنائي‪ .‬وقد نصت الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 5‬من قانون زجر اإلدمان على المخدرات السامة على معاقبة كل من شارك في‬
‫جمعية أو اتفاق قصد ارتكاب إحدى جرائم المخدرات المشار إليها بالعقوبات المقررة في مواده والتي سبق الحديث‬
‫عنها‪.‬‬
‫بصرف النظر عن أفعال المشاركة الناتجة عن تطبيق أحكام المادة ‪ 129‬من القانون الجنائي‪ ،‬فقد عاقب المشرع في‬
‫المادة ‪ 4‬من نفس القانون كل من حرض بأية وسيلة من الوسائل على ارتكاب إحدى جرائم المخدرات المنصوص عليها‬
‫فيه سواء ترتب عن التحريض أثر أم ال‪ .‬والمقررة هي الحبس الذي يتراوح من سنة إلى خمس سنوات وغرامة يتراوح‬
‫قدرها بين ‪ 500‬و‪ 50.000‬درهم‪ .‬كما عاقب المشرع بنفس العقوبة كل من حرض على استعمال إحدى المواد أو‬
‫النباتات المخدرة المدرجة بالجدول "ب"‪.‬‬

‫وصوال إلى حاالت العود المشار إليها في المادة ‪ 12‬من نفس القانون المذكور أعاله حيث نصت على ضرورة تطبيق‬
‫قواعد العود المنصوص عليها في القانون الجنائي على جميع جرائم المخدرات المعاقب عليها بمقتضاه‪ .‬وقد نص‬
‫المشرع على أحكام العود وشروطه في المواد ‪ 154‬إلى ‪ 160‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى أحكام المادة ‪ 154‬من القانون الجنائي يتبين أن الشخص يعتبر في حالة عود إذا كان قد سبق الحكم عليه‬
‫بحكم حائز لقوة الشيء المقضي به من أجل جريمة سابقة والعقوبة تتحدد في الحكم عليه بعقوبة حبسية لمدة ال تتجاوز‬
‫ضعف الحد األقصى لجريمة المخدرات الثانية بشرط أن يكون العود إلى الجريمة قد حصل قبل مرور خمس سنوات‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعقوبة التبعية‪ :‬فهي جزاء يضاف إلى العقوبة األصلية المحكوم بها على المتهم نتيجة الحكم عليه بهذه‬
‫األخيرة ‪.‬‬
‫وهكذا فإننا نجد المادة السابعة من ظهير ‪ 21/5/1974‬تنص على ما يلي‪:‬‬
‫"يجوزللمحاكم المعروضة عليها القضية في جميع الحاالت المقررة في الفصول السابقة أن تحكم على مرتكبي الجرائم‬
‫بالتجريد من حق أو عدد من الحقوق المشار إليها في الفصل ‪ 40‬من القانون الجنائي اوالتدبيرالوقائي الرامي إلى المنع‬
‫من اإلقامة لمدة تتراوح بين ‪ 5‬سنوات و ‪20‬سنة"‬

‫‪-12-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫وصوال إلى العقوبات التكميلية‪ :‬وهي تلك التي التطبق في حق المحكوم عليه إالإذا نص عليها الحكم بصورة صريحة‪.‬‬
‫والعقوبات التكميلية التي نص عليها الظهيرهي المصادرة واإلغالق‪.‬‬
‫‪ -1‬المصادرة‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 11‬من الظهيرالشريف المذكورعلى أنه‪:‬‬
‫يتعين على المحاكم في جميع الحاالت المنصوص عليها في الفصول السابقة أن تصادر المواد أو النباتات المحجوزة‬
‫طبقا للفصل ‪ 89‬من القانون الجنائي وكدا جميع المبالغ المالية المحصل عليها من إرتكاب الجريمة وتأمر كذلك بحجز‬
‫أدوات ومنشأت تحويل المواد أو النباتات لصنعها أو األدوات المستعملة لنقلها‪.‬‬
‫‪-2‬اإلغالق‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 11‬من الظهيرالشريف المشار إليه في الفقرة ‪ 4‬على تدبير اإلغالق بقولها‪" :‬أما التدبير الوقائي الحقيقي‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 90‬من القانون الجنائي والمأذون بموجبه في إغالق المؤسسات المرتكبة فيها الجنح‬
‫فيجوزاألمربإتخاده إما بصفة مؤقتة من طرف قاضي التحقيق المرفوع إليه وإما من طرف هيئة الحكم طبقا لشروط‬
‫المنصوص عليها في الفصل المذكور"‪.‬‬
‫إن تدبيراإلغالق الذي نص عليه المشرع في جرائم المخدرات تدبيرجوازي‪.‬‬
‫واإلغالق المنصوص عليه في جرائم المخدرات هواإلغالق المؤقت ال اإلغالق النهائي طبقا لما هو وارد في المادة ‪90‬‬
‫من القانون الجنائي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حاالت التعامل المشروع في المخدرات‬


‫قصة المملكة المغربية مع شرعية المواد المخدرة مرت بعدة محطات يمكن تقسيمها إلى مرحلتين أساسيتين‪ ،‬ما قبل وما‬
‫بعد االستقالل‪.‬‬
‫مرحلة ما قبل االستقالل ‪ :‬ظهرت أولى شرارات شرعية المواد المخدرة بالمغرب مع ظهير ‪ 4‬ماي ‪]33[ 1915‬حيث‬
‫انصب على احتكار جلب الدخان و الكيف في منطقة الحماية الفرنسية و قد خول لشركة حصر الدخان وحدها إمكانية‬
‫بيعهما؛ استيرادهما و تصنيعهما‪ ،‬ثم تاله ظهير ‪ 6‬فبراير ‪ ]34[1917‬الذي نظم زراعة الكيف هو اآلخر بالمنطقة الخليفية‬
‫سمح‬‫رقم ‪ 5‬التابعة لالحتالل اإلسباني‪ ،‬ليأتي فيما بعد ظهير ‪ 1919‬الشهير بظهير "ضبط الكيف" الذي بموجبه ُ‬
‫للفالحين و ألول مرة بزراعة الكيف‪ ،‬لكن شرط تقديمهم طلب إلدارة "سكا تبغ" بُغية رخصة الزراعة بحرية مطلقة‪ ،‬و‬
‫ال يمكننا نسيان ظهير ‪ 2‬دجنبر من ‪ 1922‬الذي أوال صنف المواد الغير المشروعة إلى ثالث حسب جدول‪ ،‬من مواد‬
‫سامة؛ مخدرة؛ ثم خطرة‪ ،‬ثانيا ضيق نطاق المعاملة بهذه المواد من ناحية البيع؛ االستعمال الطبي و الصيدالني و‬
‫االستحواذ في رخص إدارية و وصفات طبية خاصة‪ ،‬ناهيك عن إمالء مسطرة محددة للتعامل (مثل تدوين المعلومات‬
‫الشخصية للمشتري) ‪ ،‬و أخيرا ظهير ‪ 22‬غشت ‪ 1935‬الذي حصر النطاق الترابي الذي يسمح فيه بزراعة الكيف‪،‬‬
‫لتكون آخر محطة اعتبرت فيها زراعة الكيف و التجارة فيه مقننة مئة بالمئة‪ ،‬فبتاريخ ‪ 24‬أبريل من سنة ‪ 1954‬تم‬
‫القضاء نهائيا على زراعة الكيف بالمنطقة االستعمارية الفرنسية بإلغاء التراخيص الممنوحة سابقا إضافة إلى مراقبة‬
‫صارمة لشبكات اإلنتاج‪ ،‬خاصة أن الفالحين أساؤوا استغالل تلك الزراعة‪ ،‬عوض المقاربة االقتصادية و االجتماعية‬
‫الهدف من تلك الرخصة‪ ،‬مع إبقاء األمر على حاله في المنطقة االستعمارية اإلسبانية أي منطقة الشمال حيث أن الظهير‬
‫األخير شمل أراضي االحتالل الفرنسي فقط و لم تكن له سلطة على باقي المناطق ‪.‬‬
‫مرحلة ما بعد االستقالل [‪ُ :]35‬منعت فيها زراعة نبتة الكيف بشكل نهائي بما يشمل منطقة الشمال‪ ،‬عن طريق ظهير‬
‫رقم ‪ 1.60.138‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪ ،1960‬ليليه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.73.282‬لسنة ‪ 1974‬الذي‬
‫جاء بزجر اإلدمان على المخدرات‪ ،‬غير أن اإلشكال المطروح هنا هو الظرفية الحرجة التي جاء فيها هذا المنع حيث‬
‫أن العديد من األسر المغربية اعتمدت على محصول زراعة الكيف الستخراج لقمة العيش كمصدر رئيسي‪ ،‬ناهيك عن‬
‫توارثها ألجيال وتكوين رصيد ثقافي هام عنها‪،‬‬
‫_____________________________________‬
‫[‪ ]33‬مقال علمي لألستاذ الباحث عبد السالم بوهالل بتاريخ ‪ 22‬فبراير ‪ 2018‬عن التشريع المغربي في مجال مكافحة زراعة الكيف‬
‫وإشكالية التنمية‬
‫[‪ ]34‬العربي محمد مياد‪:‬كتاب محاربة المخدرات في المغرب بين الواقع و القانون (ضبط زراعة الكيف) ‪ ،‬باب مقترحات القوانين‪،‬‬
‫ص‪289.‬‬
‫[‪ ]35‬عبد السالم بوهالل‪ ،‬التشريع المغربي في مجال مكافحة زراعة الكيف و إشكالية التنمية‪ ،‬مقال علمي‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬فبراير ‪2018‬‬

‫‪-13-‬‬
‫اإلطار القانوني لجرائم المخدرات __________________‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫و منه اعتُبر أن القانون فشل فشال ذريعا في انتزاع نبتة الكيف من أعالي الريف و لم يتوفق في ذلك‪.‬‬
‫أما في يومنا الحالي فهناك مشروع قانون كانت قد أعلنت عنه الحكومة "ينظم استعمال القنب الهندي" أو الكيف وفق‬
‫معايير طبية و صناعية‪ ،‬حتى أنه حصل على‪ ،‬مصادقة البرلمان من أجل تقنين هذا الميدان‪ ،‬و هو القانون رقم ‪13-21‬‬
‫المتعلق باالستعماالت المشروعة للقنب الهندي من حيث الزراعة(تعريف القنب الهندي و تحديد ماهيتهم شروط‬
‫زراعته و إنشاء مشاتله)؛ االستيراد و التصدير و التسويق(و ربطهما بأغراض طبية و صيدلية و صناعية فقط‬
‫لشركات التي هي األخرى يجب أن تحترم شروطا معينة مثل التوفر على مخازن مؤمنة و محروسة) ثم الرخصة التي‬
‫يجب الحصول عليها في هذا الصدد(شروط إعطاءها و ظروف سحبها)‪.‬‬

‫‪-14-‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات‬
‫لقد أثارت جرائم المخدرات مجموعة من االشكاالت العملية‪ ،‬والتي سوف نحاول معالجتها بما توفر لدينا من‬
‫أحكام وقرارات‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من إشكاليتي الفصل ‪ 8‬و ‪ 11‬من ظهير ‪ 21‬ماي ‪.1974‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضوابط المتابعة الجنائية في جنحة االستعمال غير المشروع للمخدرات‬
‫تعتبر معضلة تعاطي المخدرات و اإلدمان عليها من أخطر الظواهر االجتماعية التي تهدد حياة المجتمعات اإلنسانية و‬
‫تلحق بها عدة أضرار اجتماعية و اقتصادية و صحية‪.‬‬
‫و لذلك سعى المغرب إلى مكافحة هذه الظاهرة بمختلف الوسائل للحيلولة دون انتشارها و العمل على القضاء عليها‪،‬‬
‫فلم يقتصر في تعاطيه معها على العقوبات الزجرية و إنما اعتمد بعض التدابير الوقائية التي لها أثرها الفعال في القضاء‬
‫على آفة تعاطي المخدرات و اإلدمان عليها و لعل أهمها الوضع في مصحات عالجية من أجل معالجة الشخص المدمن‬
‫و إعادة ادماجه في المجتمع‪.‬‬

‫و في هذا االطار صدر حكم متميز عن المحكمة االبتدائية عدد ( غير مذكور ) بالقنيطرة بتاريخ ‪ 2021-07-05‬في‬
‫الملف الجنحي عدد ‪،21-2103-673‬تناول موضوع المتابعة من أجل جنحة حيازة المخدرات و االتجار فيها و‬
‫استهالكها‪ ،‬و تتلخص وقائع النازلة في ضبط الشرطة القضائية للمتهم األول و هو متحوز على قطعة من مخدر الشيرا‬
‫اقتناها من المتهم الثاني من أجل استهالكها‪ ،‬و التمس دفاع المتهم األول اإلذن له بتقديم دفع شكلي يرمي إلى التصريح‬
‫بعدم قبول المتابعة في الشق المتعلق باستهالك المخدرات بالنظر إلى مخالفتها لمقتضيات الفصل ‪ 8‬من ظهير‬
‫‪ 1974/05/21‬حيث لم تعرض النيابة العامة في شخص وكيل الملك على المتهم إخضاعه للعالج‪ ،‬و عقبت النيابة‬
‫العامة على الدفع المذكور و التمست رده و عدم قبوله ألن المتهم متابع بجنحة أخرى غير استهالك المخدرات و هي‬
‫جنحة حيازة المخدرات و ذلك ما يجعل النيابة العامة لها مكنة تسطير المتابعة دون أن تعرض على المتهم مكنة‬
‫إخضاعه للعالج‪.‬‬

‫و قد كرست ابتدائية القنيطرة في الحكم االبتدائي مبدأ فريدا معتبرة ‪:‬‬


‫‪ -‬أنه و طبقا للفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 1974‬المتعلق بزجر اإلدمان على المخدرات‪ ،‬فإن رفع الدعوى العمومية في حالة‬
‫المتابعة من أجل استهالك أو استعمال مادة معتبرة مخدرة‪ ،‬يتوقف على ضرورة استفسار وكيل الملك للمتهم‪ ،‬بعد‬
‫فحص طبي يتم بناء على طلبه‪ ،‬و تضمين موقفه سواء كان إيجابيا أو سلبيا‪ ،‬و أن الفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 1974‬أعاله جاء‬
‫عاما‪ ،‬فال يمكن تقييده بكون المتهم متابع بجنح أخرى غير استهالك المخدرات بناء على القاعدة التي تقضي بأنه ( ال‬
‫تقييد لمطلق إال بنص )‪ ،‬و الدعوى العمومية في شقها المتعلق باستهالك المخدرات إذ لم تحترم هذا االجراء فإنها تكون‬
‫معيبة شكال و يتعين القول بعدم قبولها‪.‬‬
‫لكن بالرجوع إلى الفصل ‪ 8‬من الظهير أعاله نجده يقرر أن االستفادة من توقيع التدبير تتعلق بالمتابع من أجل‬
‫االستعمال الغير مشروع‪ ،‬و لم يورد الفصل المذكور أي نشاط آخر حتى يتعين توسيع مجال االستفادة لتشمل المتهم من‬
‫أجل االستعمال غير المشروع الذي يرفق بصورة أخرى من صور الركن المادي لجريمة المخدرات‪ ،‬كما أن الفصل ‪8‬‬
‫من الظهير أعاله ينص على أن النيابة العامة تطلب من المتهم بعد إجراء فحص طبي قبل تسطير المتابعة في حقه و‬
‫المالحظ أن النص جاء خاليا من أي عبارة واضحة تفيد أن النيابة العامة ملزمة بذلك‪.‬‬

‫‪-15-‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫و بخصوص النقطة األولى يتابع فيها المتهم من أجل جريمتي الحيازة و التعاطي و هو ما يقلص ‪-‬ظاهريا ‪ -‬من حظوظ‬
‫المتهم في االستفادة من التدبير المنصوص عليه في الفصل الثامن على اعتبار أن هذا األخير لم يتطرق لحالة تعدد‬
‫الجنح أو المخالفات باإلضافة إلى جنحة استهالك المخدرات‪ ،‬ألن قصد المشرع هو حصر امتياز عدم العقاب على‬
‫المتعاطين بقصد االستعمال الشخصي و ذلك العتبارات منها ‪ :‬مراعاة بساطة الجريمة فيما يتعلق باالستهالك و‬
‫االستعمال الشخصي‪ ،‬و اعتبار المتعاطي أقل خطورة من الذي يتاجر‪ ،‬و كذلك جعل العقوبة بمثابة وسيلة للضغط على‬
‫المتعاطين و المدمنين من أجل دفعهم للعالج‪ ،‬و باعتبار أن المتهم المدان بجنحتين االستهالك و االتجار في المخدرات‬
‫فإنه يخرج عن إطار الفصل ‪ 8‬أعاله ألن هذا الفصل يقتضي عدم توقيع العقوبة على الجاني و عدم تحريك الدعوى‬
‫العمومية في حقه‪ ،‬بينما يقتضي االتجار أن تسطر في شأنه المتابعة و أن يعاقب‪ ،‬لذلك ما دام أنه جاء مع االستعمال‬
‫بأنشطة أخرى ال يشملها الفصل ‪ 8‬فإن ذلك يقتضي متابعته و عدم استفادته من التدبير‪ ،‬كذلك يمكن أن يستعمل هذا‬
‫المنطق كوسيلة للتهرب من العقوبة‪ ،‬ألن أغلب المدانين من أجل االتجار يكونون مدمنين على هذه المخدرات و‬
‫يتعاطونها‪ ،‬ولكن رغم ذلك نقول أن المتهم المتابع بمجموعة من الجرائم فان كل جريمة تكون منفصلة عن األخرى ‪ ،‬و‬
‫بالتالي ال يمكن قبول الشق المتعلق بالمتابعة من أجل استهالك المخدرات مادامت المسطرة لم تحترم‪ ،‬كما أنه حتى و لو‬
‫توبع المتهم من أجل جريمتين فإن ذلك ال يكفي لحرمانه من حق خوله له القانون‪ ،‬سيما أن هذه الجريمة تتوفر على‬
‫خصوصية مهمة هي التعامل مع المدمن على أنه جاني و مجني عليه في ذات الوقت من جهة و من جهة أخرى فإن أي‬
‫تفسير للنص الجنائي يجب أن يفسر لصالح المتهم ال ضده‪ ،‬كما أن هذه المكنة التي أتاحها المشرع ال تعفي المتهم من‬
‫المتابعة في جرائم أخرى حيث سيتم وقف تنفيذ العقوبة حتى إنتهاء مدة العالج كما نص على ذلك الفصل ‪ 81‬ق‪.‬ج‪.‬‬
‫كما أن ذلك يتماشى مع رغبة المشرع في توسيع دائرة المستفيدين من التدبير‪ ،‬حيث أنه عامل فئة المستهلكين معاملة‬
‫خاصة تختلف عن باقي الفئات األخرى إذ اعتبرهم مرضى يحتاجون إلى العالج أكثر منه إلى العقاب وهكذا فقد نص‬
‫هذا الفصل على عقوبة اختيارية بين الحبس والغرامة ولترغيبهم في اإلقالع عن المخدرات ذهب إلى حد عدم فتح‬
‫المتابعة الجنائية في حقهم إذا وافق المتعاطي على الخضوع للعالج خالل المدة الالزمة في إحدى المؤسسات العالجية‬
‫للقضاء على حالة التسمم‪.‬‬

‫و من شروط تطبيق هذه المقتضيات أن تكون الجريمة المرتكبة هي استعمال المخدرات بصفة غير مشروعة‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإنه اليستفيد من هذه المقتضيات من كان متهما في غيرها من جرائم المخدرات والجرائم األخرى وفي هذه الحالة يعفى‬
‫وكيل الملك من سلوك المسطرة الواردة في الفصل ‪ 8‬أعاله حيث تحال القضية وجوبا على المحكمة‪.‬‬
‫كما أن استعمال المشرع الصطالح (االستعمال الغير مشروع ) وهو تعاطى المواد المخدرة [‪ ،]36‬يشمل جميع درجات‬
‫التعاطي حتى الوصول إلى مرحلة اإلدمان و هو معاودة االستعمال حتى يصل الجسم إلى حالة من التعود و هو مرحلة‬
‫متقدمة من االستهالك‪ ،‬و قد أحسن المشرع المغربي في إختياره لهذا التعبير حيث وسع دائرة من يشمله التدبير‪،‬و رغم‬
‫وضوح نص الفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 1974‬بخصوص االستعمال الغير مشروع فإن بعض االتجاهات القضائية فسرت هذا‬
‫الفصل تفسيرا ضيقا ففي قرار لمحكمة اإلستثتاف بالدار البيضاء قضت ببراءة المتهم من جريمة استهالك المخدرات‬
‫النعدام الفحص الطبي الذي يثبت حالة االدمان معللة قرارها بما يلي‪ « :‬وحيث أن حالة اإلدمان غير ثابتة في حق‬
‫الضنينين ال من خالل الواقع ألنهما لم يضبطا في حالة تخدير وال سجلت عليهما حالة التعود أو اإلدمان على‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫_____________________________________‬
‫[‪ ]36‬إذا كان الحكم قد دلل على ثبوت قصد التعاطى لدى المنهم فى قوله « وترى المحكمة أن مقدار المخدر المضبوط ليس بكبير لشخص‬
‫مدمن التعاطى وترجح أن المتهم كان يحرزه الستعماله الشخصى إذ إنه فضال عن أن سوابقه تدل على ذلك فإنه لو كان يتّجر ألعد لفافات‬
‫صغيرة لتوزيع المخدر ولضبطت معه بعض هذه اللفافات أو آلة التقطيع كمطواة وميزان األمر المنتفىفى الدعوى » فإن ما قاله الحكم من‬
‫ذلك يكفى للتدليل على احرازالمخدر بقصد التعاطى ومن شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه‪.‬‬
‫(نقض ‪ 23‬أبريل سنة ‪ 1957‬مجموعة أحكام محكمة النقض المصرية س ‪ 7‬رقم ‪ 178‬ص ‪.) 633‬‬
‫إذا كان الحكم قد تعرض للقصد من االحراز فقال أن المتهم قد اعترف فى محضر ضبط الواقعة باحرازه لقطعة األفيون التى ضبطت معه‬
‫وأنه محرزها بقصد التعاطي وإنالكمية المضبوطة من المخدرات ضئيلة ولم يشاهد المتهم وهو يوزع أي مخدر على أحد من رواد محله‬
‫الذي كان به وحده فإن هذا االستدالل معقول وكاف لحمل النتيجة التى انتهى إليها الحكم من أن المتهم كان يحرز المخدر لتعاطيه‪.‬‬
‫(نقض ‪ 2‬أبريل سنة ‪1957‬مجموعة أحكام محكمة النقض المصرية س ‪ 7‬رقم ‪135‬ص ‪) 462‬‬
‫‪-16-‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫كما أنه لم يجر كشف طبي عليهما إلثبات حالة اإلدمان‪ .‬وحيث أنه استنادا إلى ما ذكر فإن مقتضيات الفصل المذكور‬
‫غير واردة وال ثابتة مما يتعين معه الحكم ببراءتهما من جريمة استهالك المخدرات طبقا للفصل المذكور‪.]37[ ».‬‬
‫فذهبت الى اعتبار أن ثبوت جريمة االستهالك يكون بثبوت االدمان و التعود على المخدرات و يجب إثبات ذلك بفحص‬
‫طبي و أن عدم إثبات اإلدمان يقتضي عدم قيام جنحة االستهالك في حق الضنينين‪ ،‬و هو اتجاه معيب ينافي ظاهر ما‬
‫ينص عليه الفصل ‪ 8‬أعاله‪ ،‬كما أن هذا الرأي يساوي بين اإلدمان و اإلستهالك‪ ،‬في حين أن األول يقتضي االعتياد‬
‫على االستهالك بينما يكفي لقيام جنحة االستهالك االستعمال لمرة واحدة‪.‬‬

‫و عكس ما ذهب إليه المشرع المغربي فإن المشرع المصري نص في المادة ‪ 37‬من قانون المخدرات على أنه يجب‬
‫على المحكمة أن تتثبت من ( ادمان المتعاطي ) وتقدير توافر االدمان مسألة موضوعية متروكة لقاضى الموضوع‬
‫لتقرير استفادة المتهم من تدبير االيداع في مؤسسة للعالج‪.‬‬

‫ويالحظ على هذا النص أنه قد خلق مفارقة ال منطق لها وهى معاملة المتعاطين بدرجتين متفاوتتين من المعاملة‪ ،‬فبينما‬
‫تعامل الطائفة االقل خطورة وهم المتعاملون دون حد االدمان بمعاملة قاسية حيث توقع عليهم العقوبة المنصوص عليها‬
‫فى المادة ‪ 37‬من قانون المخدرات دون االستفادة من توقيع التدبير فإن الطائفة األكثر خطورة وهم المدمنون يمتعون‬
‫بميزة توقيع التدبير بدال من العقوبة ‪ -‬إن رأت المحكمة ذلك ‪ -‬لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثالث سنوات‪ ،‬وال شك ان‬
‫هذه المفارقة تشكل إهدارا لمقتضيات العدالة‪.‬‬

‫و نرى أن حكم ابتدائية القنيطرة كان صائبا فيما ذهب إليه بخصوص تمتيع المتهم من أجل جنحة االستهالك و االتجار‬
‫من االستفادة من تدبير االيداع في مؤسسة للعالج من التسمم قبل المتابعة‪ ،‬و هو ما يوافق روح الفصل ‪ 8‬من ظهير‬
‫‪ 1974‬و يكرس حق المتهم في العالج [‪.]38‬‬

‫وبخصوص النقطة الثانية فبقراءة الفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 1974‬ال نجد أية إشارة واضحة إلى إلزام النيابة العامة بسلوك‬
‫هذا اإلجراء‪ ،‬و لذلك يمكن أن يحمل على محمل الجواز و ليس اإللزام‪ ،‬و لعل هذا ما يجعله في طي النسيان و يؤدي‬
‫إلى عدم االنتباه إليه من طرف المتهم بجنحة تعاطي المخدرات ‪ ،‬لكن دفاع المتهم في هذه النازلة عمد إلى إثارة هذا‬
‫الدفع الشكلي المترتب عن اإلخالل بإجراء مسطري حاسم في تحريك المتابعة ‪ ،‬و نحن نعضد هذا الطرح استنادا على‬
‫العبارة الواردة في الفصل ‪ 8‬و المتمثلة في عبارة( ال تجري المتابعات ) فإن النيابة العامة ملزمة ‪ -‬و لو ضمنا ‪ -‬قبل‬
‫تحريك المتابعة إعطاء المتهم فرصة العالج‪ ،‬و كذلك نظرا الرتباط الفصل ‪ 8‬بمصالح أساسية للمتهم تؤدي إلى عدم‬
‫المتابعة الجنائية في حقه‪،‬و تعلقه بحق أساسي خوله له القانون و هو الحق في العالج ‪ ،‬و كذلك فالنص الجنائي ال يمكن‬
‫أن يفسر إال لصالح المتهم‪ .‬و باعتبار أن األصل في النصوص الجنائية أنها نصوص آمرة ال يجوز التنازل عنها أو‬
‫االتفاق على ما يخالفها‪ ،‬و أن عدم تطبيق نص الفصل ‪ 8‬أعاله فيه تعطيل لحكم القانون و كسر لرغبة المشرع في‬
‫معالجة مشاكل اإلدمان و إهدار لحقوق المتهم‪.‬‬
‫_____________________________________‬
‫[‪ ]37‬حكم أورده محمد اقبلي و عابد العمراني الميلودي‪ ،‬القانون الجنائي الخاص المعمق في شروح‪ ،‬طبعة ‪ ،2020‬ص‪.263‬‬
‫[‪ ( ]38‬إذا تهرب الشخص المأمور بعالجه من تنفيذ هذا التدبير طبقت عليه العقوبات المقررة في الفصل ‪ 320‬من ق‪.‬ج والذي يقضي على‬
‫أن ‪ « :‬من صدر ضده حكم أو أمر باإليداع القضائي في مؤسسة لعالج األمراض العقلية طبقا للفصلين ‪78‬و‪ 79‬والفصل ‪ 136‬بناء على‬
‫قرار بثبوتمسؤوليته الناقصة؛ ثم تهرب من تنفيذ هذا التدبير‪ ،‬يعاقب بالحبس من ‪ 3‬أشهر إلى سنة وغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 500‬درهم‪».‬‬
‫وتجدر اإلشارة أنه في حالة رجوع المتهم خالل ‪ 3‬سنوات الموالية لشفائه إلى إرتكاب جنحة استعمال المخدرات أو ترويجها فإن الدعوى‬
‫العمومية تحرك في حقه بالنسبةللجريمتين السابقة والجديدة‪.).‬‬
‫‪ -‬محمد اقبلي و عابد العمراني الميلودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.264‬‬
‫وال نجد فى هذا النص أي منطق يتفق مع السياسة الجنائية فإذا كان المشرع قد تبنى الجمع بين سياسة العقاب والتديير الوقائي‪ ،‬فكيف‬
‫يجوز للمشرع أن يمنع معالجة المدمن مما اصابة بدعوى معاودة ارتكابه جريمة التعاطي برغم أن ذلك المسلك من المدمن متوقع طالما‬
‫أنّه لم يعالج من حالة االدمان التى سبق وأن اودع بسببها فىالمصحة ‪.‬‬
‫‪-17-‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫و بالتالي فانه إذا تعلق األمر بجريمة استعمال المخدرات بصفة غير مشروعة دون أن تكون مقترنة بجرائم أخرى‬
‫عمدية وغير عمدية‪ .‬فإن وكيل الملك ملزم قبل تسطير المتابعة إلى تضمين في محضر االستنطاق نية المدمن في‬
‫الخضوع للعالج من عدمه‪.‬‬
‫فإذا أفصح المتهم عن نيته في العالج في إحدى المؤسسات العالجية أو المصحات الخاصة التي تحددها وزارة الصحة‬
‫العمومية تتوقف المتابعة في حقه‪ ،‬وفي هذا اإلطار قضت المحكمة االبتدائية بتطوان بعدم قبول متابعة النيابة العامة‬
‫معللة حكمها بما يلي ‪ ( :‬وحيث أن المشرع في ظهير ‪ 1974‬أخرج مستعملي المخدرات من نطاق الفصلين األول‬
‫والثاني من الظهير وعامل هذه الفئة معاملة خاصة تختلف عن معاملة المحترفين من التجار والوسطاء والناقلين‬
‫والمصدرين والمستوردين بأن اعتبرهم مرضى وضحايا هذه المواد الخطيرة وبالتالي هدف إلى معالجتهم وإعادة‬
‫إدماجهم في المجتمع ونص على عقوبة اختيارية في حقهم بين الحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ .‬وعلق‬
‫تحريك المتابعة في حق المدمنين منهم على مبادرة من طرف النيابة العامة مضمنها إمكانية إخضاعهم للعالج مقابل‬
‫موافقتهم على ذلك ودون تحريك المتابعة في حقهم عند الموافقة‪.‬‬
‫وهذا اإلجراء كان المشرع يبغي من وراءه تمكين المستهلك من فرصة العالج وهي فرصة أضحت بمثابة حق للمتهم‬
‫على النيابة العامة قبل تحريك المتابعة في حقه‪.‬‬
‫وحيث أن المحكمة من خالل وقائع القضية انتهت إلى كون المتهم يوجد في حالة إدمان وبالتالي فإن إقدام النيابة العامة‬
‫على متابعته باستهالك المخدرات وإحالته في حالة اعتقال على هذه المحكمة دون احترام مقتضيات الفقرة ‪ 2‬من الفصل‬
‫الثامن و دون تضمين موقف المتهم بمحضر استنطاقه يجعل صيغة متابعتها غير مقبولة‪. ]39[ ) .‬‬

‫و بناء على ذلك نرى أن المحكمة قد أصابت لما قبلت الدفع المثار معلنة بذلك على طي صفحة الماضي بخصوص‬
‫استبعاد الفصل الثامن من التطبيق مع ما يترتب معه من اهدار لحق المتهم في العالج من التسمم‪.‬‬
‫و هو نفس االتجاه الذي ذهبت محكمة اليه التمييز في لبنان في قرارها في ‪ 2013/03/ 10‬حيث قررت قبول الدفع‬
‫الشكلي المثار من قبل المستأنفة و المتمثل في "وجوب فسخ القرار المستأنف لعدم استجابته لطلبها القاضي بوقف‬
‫المالحقة بشأنها و إحالتها إلى لجنة مكافحة اإلدمان ليصار إلى معالجتها " [‪.]40‬‬
‫و قد عللت قرارها هذا تعليال سليما موفقا مفاده أن" النص القانوني وجد إلعماله و ليس إلهماله "‪.‬‬

‫و في النهاية نرى أن حكم ابتدائية القنيطرة كان صائبا فيما نحى إليه من تطبيق للفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ ،1974‬و حيث أقر‬
‫عدم إمكانية متابعة المتهم الذي ثبت أنه لم تعرض عليه مكنة العالج من طرف النيابة العامة‪ ،‬و كرس حق المتهم الذي‬
‫ثبت استعماله للمخدرات في العالج من التسمم و تقرير عدم المتابعة الجنائية في حقه‪.‬‬
‫إال أنه مع صواب ما ذهب إليه حكم ابتدائية القنيطرة نرى أن المشرع صاغ الفصل ‪ 8‬من الظهير أعاله صياغة ناقصة‬
‫و معيبة و ذلك لالعتبارات التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬المشرع المغربي في الفصل ‪ 8‬أعاله لم ينص صراحة على إلزام النيابة العامة بعرض إمكانية العالج على المتهم‬
‫باالستعمال الغير مشروع للمخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬أن الفصل ‪ 8‬أعاله جعل المستفيد من إمكانية توقيع تدبير االيداع في مؤسسة للعالج هو المستعمل للمخدر استعماال‬
‫غير مشروع و لم يورد حاالت أخرى إذا اجتمعت أو تعددت صور النشاط المادي لجرائم المخدرات يمكن أن تستفيد‬
‫من التطبيق مع ما لذلك من تأثير على العدالة الجنائية‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]39‬حكم أورده محمد اقبلي و عابد العمراني الميلودي‪ ،‬القانون الجنائي الخاص المعمق في شروح‪ ،‬طبعة ‪ ،2020‬ص‪.263‬‬
‫[‪ ]40‬قرار أساس ‪، 76/2013‬صادر عن الغرفة االستئنافية العاشرة في بيروت ‪ ،‬منشور في مجلة المفكرة القانونية ( مجلة إلكترونية )‪.‬‬

‫‪-18-‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬أن الفصل ‪ 8‬أعاله جاء من حيث التطبيق ليطبق على األشخاص الذين ثبت في حقهم االستعمال الغير مشروع للمواد‬
‫المخدرة‪ ،‬و لم يميز بين المستعملين و الذين وصلو إلى درجة اإلدمان في الحرمان من فرصة ثانية للعالج‪ ،‬فساوى بين‬
‫المدمن و غير المدمن في الحرمان من التدبير عند معاودة الجريمة مع ما يترتب مع ذلك من إهدار للعدالة‪ ،‬و إذ لم يميز‬
‫كذلك بين المتعاطي الذي حصل شفاءه و عاود ارتكاب الجريمة و بين الذي لم تكن مدة توقيع التدبير كافية لشفاءه‪.‬‬
‫‪ -‬أن الفصل ‪ 8‬أعاله بعد اإلحالة على الفصل ‪ 81‬من ق‪.‬ج حصر مدة تدبير االيداع في مؤسسة للعالج في سنتين كحد‬
‫أقصى‪ ،‬بينما الشفاء من التسمم و تحقق الغاية من التدبير ال يتعلق بالمدة الزمنية الالزمة لذلك و إنما بقابلية الشخص‬
‫لالستجابة للعالج‪ ،‬فحصر تدبير االيداع بحد أقصى يفرغ التدبير من جدواه‪.‬‬
‫‪ -‬أن الفصل ‪ 8‬أعاله جعل من بين الجهات التي تطلب تدبير االيداع في مؤسسة للعالج من التسمم النيابة العامة و‬
‫قاضي التحقيق و كذلك محكمة الموضوع بعد تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬و لم ينص على إمكانية الطلب بالنسبة للمتهم و‬
‫ال بالنسبة لذوية أو عائلته‪ ،‬حيث ضيق من دائرة طلب االستفادة من التدبير و ذلك يمس بالغاية من التدبير و هي‬
‫محاربة ظاهرة االدمان و تعاطي المخدرات‪.‬‬

‫و لمعالجة هاته اإلشكاالت القانونية نقترح التوصيات التالية ‪:‬‬


‫‪ -‬النص صراحة على إلزام النيابة العامة بعرض طلب على المتهم من أجل االستفادة من إمكانية العالج‪ ،‬و عدم ترك‬
‫ذلك لفهم الفقه و القضاء ضمانا لحقوق المتهم و للحفاظ على األمن القانوني و القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬النص صراحة على حالة تعدد الجنح المرتبطة بالمخدرات إضافة إلى جنحة التعاطي و تمتيع المتعاطي من مكنة‬
‫العالج حتى لو تعددت أنشطة تعامله بالمخدرات‪ ،‬و إلزام النيابة العامة بعرض إمكانية العالج عليه في الشق المتعلق‬
‫بالتعاطي‪ ،‬و ذلك لتوسيع دائرة المستفيدين من العالج و تحقيقا لرغبة المشرع في محاربة ظاهرة اإلدمان على‬
‫المخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬النص صراحة على التمييز في الحرمان من تدبير االيداع بين المستعمل استعماال غير مشروع للمخدرات و الذي لم‬
‫يصل حد اإلدمان‪ ،‬و بين المدمن فيتعين تقرير فرصة االستفادة لمرة ثانية من التدبير نظرا كون المدمن قد يصل إلى‬
‫درجة قد تشل إرادته عن الرجوع عن تعاطي المواد المخدرة‪ ،‬و مع ذلك فتوقيع العقاب في حقه و حرمانه من فرصة‬
‫ثانية للعالج لن يحقق غاية الردع في حقه‪ ،‬كما أن المتعاطي أو المدمن الذي تماثل للشفاء ثم عاد إلى اقتراف الجريمة‬
‫لمرة ثانية ليس مثل الذي لم يتماثل للشفاء و عاد إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬فيتعين النص على التمييز بين الحاالت السابقة و‬
‫مراعاة خطورة الجاني و درجة إدمانه و قابليته للعالج‪ ،‬و مراعاة تناسب الجزاء مع حالة الجاني بين من يستحق توقيع‬
‫العقوبة و بين من يحتاج فرصة للعالج و لو لمرة ثانية‪ ،‬و ال يجب أن يكون القانون سبيال لتوسيع هوة اإلدمان بحرمان‬
‫من يحتاج العالج من هذا الحق‪.‬‬
‫‪ -‬النص صراحة على تعليق نهاية تطبيق التدبير بتحقق الشفاء من التسمم‪ ،‬و عدم حصره بين حدين أقصى و أدنى و أن‬
‫يجري ذلك تحت رقابة الطبيب و الجهات المختصة‪.‬‬
‫‪ -‬النص صراحة على توسيع دائرة من يحق لهم طلب إيداع الشخص للعالج من التسمم لتشمل الشخص نفسه و عائلته‬
‫(زوجه و أصوله و فروعه و من يتولى أمره )‪ ،‬و هو ماقرره المشرع المصري في المادتين ‪ 37‬مكرر‪-‬أ و ‪ 37‬مكرر‪-‬‬
‫ب من قانون المخدرات المصري من أن الدعوى الجنائية ال تقام إذا تقدم الشخص من تلقاء نفسه إلحدى المصحات‬
‫لطلب العالج بالنسبة للمتعاطي‪ ،‬و ال تقام الدعوى العمومية بالنسبة لمن ثبت إدمانه أو تعاطيه المواد المخدرة إذا تقدم‬
‫زوجه أو أحد أصوله أو فروعه بطلب عالجه‪ ،‬و هو ما يوسع دائرة المستفيدين من العالج و يتناسب مع السياسة‬
‫الجنائية لمحاربة اإلدمان و تعاطي المواد المخدرة‪.‬‬

‫‪-19-‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية المصادرة في جرائم المخدرات (الفصل ‪ 11‬من ظهير ‪)1974‬‬
‫لقد أثارت المصادرة في جرائم المخدرات جدال واسعا في أوساط الفقه والقضاء‪ ،‬خاصة على مستوى األموال‬
‫المتعين مصادرتها‪ ،‬وكما هو معلوم فالمصادرة عرفها الفصل ‪ 42‬من القانون الجنائي على أنها عقوبة تكميلية يقصد بها‬
‫تمليك الدولة جزءا من أمالك المحكوم عليه أو بعض أمالك له معينة‪ ،‬وبما أن جرائم المخدرات لها وصف الجنحة‪،‬‬
‫وتبعا للفصل ‪ 44‬من ق‪.‬ج الذي ينص على أنه في حالة الحكم بالمؤاخذة عن أفعال تعد جنح أو مخالفات ال يجوز الحكم‬
‫بالمصادرة إال في األحوال التي يوجد فيها نص قانوني‪ ،‬فإنه من أجل ذلك تم التنصيص على هذه العقوبة في الفصل ‪11‬‬
‫من ظهير ‪ ،1974‬الذي أوجب على المحكمة في جميع األحوال مصادرة المواد والنباتات المخدرة وكذا جميع المبالغ‬
‫المالية المحصل عليها من ارتكاب الجريمة… ‪ ،‬إال أن هذا الفصل جاء غامضا بخصوص عبارة "المبالغ المالية"‬
‫فهل تشمل المنقوالت والعقارات معا؟ أم أنها تسري فقط على المنقوالت وال تشمل العقارات؟‬
‫ولإلجابة عن هذا التساؤل يتعين اللجوء إلى التفسير الذي يجب أن يكون ضيقا ألنه يتعلق بنص جنائي‪ ،‬ومهمة التفسير‬
‫هاته تتوزع بين المشرع والقضاء والفقه‪.‬‬

‫وفي هذا السياق جاء القرار عدد‪ 2945‬الصادر عن محكمة النقض بمجموع غرفه بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ ،2010‬الذي‬
‫خلص إلى قاعدة مفادها أنه إذا ثبت للمحكمة أن المبالغ المالية متحصلة من ارتكاب إحدى جرائم المخدرات فإنها تحكم‬
‫بمصادرتها طبقا للفصل ‪ 11‬من ظهير ‪ ،1974‬وتقتفي أثر تلك المبالغ إلى ما قد تكون آلت إليه عندما يتم دمجها في‬
‫أموال اخرى أو تحويلها إليها أيا كان نوعها ولو كانت عقارات‪ ،‬وتمدد إليها المصادرة كعائدات مالية وفي حدود مبالغها‬
‫[‪ ،]41‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن محكمة النقض قبل ذلك كانت قضت بخالف هذه القاعدة‪ ،‬حيث أنه سبق لها أن أصدرت‬
‫قرارا في نفس النازلة تحت عدد ‪ 3000/8‬بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪ ،2002‬اعتبرت فيه أن عبارة المبالغ المالية الواردة في‬
‫الفصل ‪ 11‬إنما يقصد بها النقود أو القيم المالية المنقولة وليس العقارات [‪.]42‬‬
‫الشيء الذي يدعو إلى التساؤل عن أي اتجاه ينسجم مع المنطق القانوني السليم ؟‬

‫أوال بالنسبة للقرار عدد ‪ 8/3000‬الذي أقر بعدم مشروعية مصادرة العقارات‪ ،‬فقد انطلق من ظاهر الفصل ‪11‬‬
‫من ظهير‪ ،1974‬ولم يتوسع في تفسير عبارة "المبالغ المالية" بل أنه اقتصر فقط على الظاهر منها أي أن المقصود منها‬
‫هو المبالغ النقدية‪ ،‬كما أن الفصل المذكور ال يتضمن اإلشارة للعقارات‪ ،‬بالتالي وجب على القاضي إعمال النص في‬
‫حدود عبارته تلك‪ ،‬من دون زيادة وال نقصان‪ ،‬وهذا ما أكده قرارآخر[‪ ]43‬لمحكمة النقض عدد ‪ 9/201‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 22‬يناير ‪ 2003‬الذي أقر كذلك على أنه ال يجوز للقاضي تحميل النصوص ما ال تتضمنه أو إضافة ما ال تقصده‪ ،‬وأن‬
‫قيامه بذلك يجعله يتقمص دور المشرع‪ ،‬وهو ما يمنع عليه القيام به احتراما لمبدأ فصل السلط‪ ،‬كما يتعين عليه أن ال‬
‫يتوسع في تفسيره إعماال لمبدأ التفسير الموضوعي‪ ،‬فضال عن أنه ال يجوز توقيع عقوبة على مرتكب الجريمة تخالف‬
‫تلك المقررة قانونا لها عمال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات كما هو منصوص عليه في الفصل الثالث من القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬ضمانا أيضا لعدم توقيع عقوبة عليه (أي مرتكب الجريمة) غير تلك المنصوص عليها صراحة‪ ،‬وأن المشرع‬
‫لما استعمل كلمة "مبالغ" التي بطبيعة الحال ال تتناسب مع كلمة العقار‪ ،‬فلو كان يقصد تطبيق المصادرة على العقار‬
‫أيضا ما استعمل تلك الكلمة‪ ،‬وإنما كان سيستعمل كلمة" أموال" التي تطلق على المنقول و العقار والنقود‪ ،‬أو لنص‬
‫صراحة على مصادرة العقارات‪ ،‬كما فعل مثال في الفصل ‪165‬من قانون القضاء العسكري [‪]44‬عندما نص على‬
‫مصادرة جميع األموال عقارات كانت أو منقولة بالنسبة للعسكري الذي يفر إلى صفوف العدو‪ ،‬بالتالي فكل ذلك أدى‬
‫بمحكمة النقض للقول بعدم مشروعية مصادرة العقارات فقضت بنقض القرار وإحالة القضية على محكمة‬
‫االستئناف‪_____________________________________.‬‬
‫[‪ ]41‬محكمة النقض‪ ،‬قرار عدد ‪ ،2945‬صادر بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ ،2010‬الملف الجنحي عدد ‪ ،5091/6/7/2006‬قرار منشور‪ ،‬قضاء‬
‫محكمة النقض عدد‪.74 :‬‬
‫[‪ ]42‬محكمة النقض‪ ،‬قرار عدد ‪ ،3000/8‬صادر بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪ ،2002‬ملف جنحي‪.‬‬
‫[‪ ]43‬محكمة النقض‪ ،‬قرار عدد ‪ ،201/9‬صادر بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ ،2003‬ملف جنحي عدد ‪.23593/1996‬‬
‫[‪ ]44‬ظهير شريف رقم ‪ ،1.14.187‬صادر في ‪ 17‬من صفر ‪ 10( 1436‬ديسمبر ‪ ،)2014‬بتنفيد القانون رقم ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء‬
‫العسكري‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6322‬الصادرة بتاريخ ‪ 9‬ربيع األول ‪( 1436‬فاتح يناير ‪.)2015‬‬
‫‪-20-‬‬
‫العمل القضائي في جرائم المخدرات ________________‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫لكن ما يعيب عن هذا القرار هو إغفاله إلمكانية تحويل المبالغ النقدية المتحصل عليها إلى عقارات بغية التملص‬
‫من عقوبة المصادرة‪ ،‬وهذا هو تعليل االتجاه القائل بمشروعية مصادرة العقارات‪ ،‬وهو ما أكدته محكمة النقض في‬
‫قرارها عدد ‪ 2945‬الذي حسمت فيه هذا النقاش بمجموع غرفها‪ ،‬فأقرت من أجل ذلك السبب بمشروعية مصادرة‬
‫العقارات‪ ،‬لكن ليس كل العقارات بل فقط تلك المتحصل عليها من جرائم المخدرات‪ ،‬وهذا ما أشار إليه المشرع في‬
‫الفصل ‪ 11‬من ظهير ‪ 1974‬ولو لم يذكر عبارة عقارات لكنه ذكر عبارة "متحصل عليها"‪ ،‬فمنطقيا إذا ما قام شخص‬
‫بتحويل النقود المتحصل عليها من جريمة االتجار في المخدرات إلى عقارات فهذه األخيرة لوال تلك الجريمة لما‬
‫تحصل عليها‪ ،‬كما ال يعقل أيضا أن يكون في منأى عن المصادرة من تسلم في مقابل ترويجه للمخدرات عقارا على‬
‫سبيل المقايضة‪ ،‬فالراجح إذن أن المشرع لم يحصر المبالغ المالية في النقود فقط‪ ،‬وهذا ما عبرت عليه محكمة النقض‬
‫في هذا القرار بأن "المحكمة تقتفي أثر تلك المبالغ إلى ما قد تكون آلت إليها أيا كان نوعها ولو كانت عقارات وتمدد‬
‫إليها المصادرة كعائدات مالية وفي حدود مبالغها" بالتالي نستشف من هذا القرار على أن موضوع المصادرة في‬
‫جرائم المخدرات ينصب على القيمة المالية المحصل عليها من الجريمة بصرف النظر عن الشكل الذي تجسدت فيه هذه‬
‫القيمة‪ ،‬كما أن هذا القرار جاء منسجما مع مقتضيات المادة الخامسة من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجار غير‬
‫المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية [‪ ]45‬التي نصت على مصادرة المتحصالت المستمدة من جرائم المخدرات‬
‫أو األموال التي تعادل قيمتها قيمة هذه المتحصالت [‪ ،]46‬الشيء الذي يمكن معه القول بأن هذا االتجاه الذي كرسته‬
‫محكمة النقض بمقتضى قرارها الصادر بمجموع غرفها هو القرار المطابق للصواب وبالتالي الجدير بالتطبيق‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫[‪ ]45‬التي صادق عليها المغرب بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 1.92.283‬بتاريخ ‪ 15‬من ذي القعدة ‪.)29/01/2002( 1422‬‬
‫[‪ ]46‬أوضحت المادة األولى من االتفاقية بأنه يقصد بتعير" المتحصالت " األموال المستمدة أو المحصل عليها بطريق غير مباشر أو غير‬
‫مباشر من ارتكاب جريمة من جرائم المخدرات المنصوص عليها في الفقرة األولى من المادة الثالثة من االتفاقية‪.‬‬

‫‪-21-‬‬ ‫‪.‬‬

You might also like