Professional Documents
Culture Documents
Article On Biden
Article On Biden
-سميح صعب
180post.com/archives/41831
المقارنة التي تفرض نفسها هنا ،هي نجدة الرئيس األميركي الراحل ريتشارد نيكسون إلسرائيل عقب حرب ،1973والجسر الجوي
الذي أقامته الواليات المتحدة لتعويض الخسائر اإلسرائيلية في األيام األولى من تلك الحرب .لكّن نيكسون بناء على نصيحة وزير
خارجيته ومستشاره لألمن القومي عامذاك هنري كيسنجر (توفي األربعاء الماضي عن مئة عام) ،تعمد تأخير بعض المساعدات ،كي
يدفع إسرائيل إلى التفاوض لفك اإلشتباك على الجبهتين المصرية والسورية.
وفي ما بعد عاتبت رئيسة الوزراء اإلسرائيلية وقتذاك غولدا مائير ،كيسنجر على موقفه هذا “مع أّنه يهودي” .وحرص كيسنجر طيلة
المفاوضات التي تلت الحرب ،وهي التي مّه دت التفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في عهد الرئيس جيمي كارتر ،على عدم
إظهار تحيزه إلسرائيل إنطالقًا من فلسفته في “السياسة الواقعية” وتقديم المصالح على العواطف.
ولم تكن هذه حال بايدن وال وزير خارجيته أنطوني بلينكن ،الذي قال في زيارته األولى لتل أبيب بعد 7تشرين األول/أكتوبر “جئت
إلى إسرائيل كيهودي قبل صفتي كوزير للخارجية” ،في خطاب غير مألوف في تاريخ الدبلوماسية األميركية على مر العقود
والعهود.
أطلق بايدن ومساعدوه يد إسرائيل في الحرب على غزة ،مع تطابق في األهداف واختالف في الوسائل .الجانبان يريدان التخلص من
“حماس” وإنشاء وضع سياسي وعسكري جديد في القطاع ..والشرق األوسط.
تبدو المعادلة واضحة :إسرائيل تسعى إلى كسب معركة بينما “حماس” تحاول كسب الحرب
وبينما يتوسل رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب لتحقيق هذا الهدف ،بصرف النظر عن واقعيته ،يسعى بايدن إلى
البحث عن خيارات أخرى مثل مناقشة امكان تشكيل قوة متعددة الجنسيات من الدول العربية واإلسالمية ،إلدارة قطاع غزة في
مرحلة ما بعد “حماس” أو إثارة مسألة قيام السلطة الفلسطينية “المتجددة” بدور ما في القطاع .وعندما اصطدمت هذه الفكرة
األميركية برفض عربي للمجيء إلى غزة ،ومع تعاظم أعداد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين بعد تشكيك أولي باألرقام ،بات بايدن
مًالاّي إلى إحداث تعديل بسيط في سياسته بحيث ُيرضي المعارضة المتصاعدة في الداخل األميركي للحرب ،وال ُيغضب إسرائيل في
الوقت نفسه ،فكان العمل على اقناع نتنياهو بقبول الهدن الموقتة ،من دون إلزامه بوقف نار دائم.
وبعد نجاح األيام األولى من الهدنة ُمعّز زة بتبادل دفعات من األسرى اقتصرت على النساء والقاصرين ،سعى بايدن إلى استكشاف
إمكانات فتح طريق أمام الديبلوماسية طريقًا للوصول إلى تسوية دائمة قائمة على حل الدولتين .المحادثات بين مسؤولي اإلستخبارات
األميركية واإلسرائيلية في الدوحة ،جعلت البعض يتفاءل في امكان التوصل إلى هدنة دائمة ..والذهاب إلى الديبلوماسية.
لكن نتنياهو سرعان ما سّد كل الطرق أمام هذا االحتمال ،وهو الذي تقوم كل عصبيته في الحكم على رفض حل الدولتين .وأمام
التعنت اإلسرائيلي تراجع البيت األبيض إلى الحديث عن ضوابط إلدارة الحرب في جنوب غزة ،مثل تجنب إيقاع إصابات بين
المدنيين (وهذه استحالة في منطقة يتكدس فيها نحو مليوني نسمة) ،أو إقامة “مناطق آمنة” لهم في جنوب القطاع ووسطه ،فضًال عن
تزويد إسرائيل بقنابل دقيقة ،والتشديد على ضرورة “التزام المعايير الدولية” في الحرب!
ًا
1/3
الثابت أن بايدن لن يضغط أكثر على نتنياهو ،حتى ال يرتد ذلك سلبًا على الرئيس األميركي في الداخل
التراجع األميركي ،شّج ع نتنياهو في لقاءاته مع المسؤولين األميركيين في األيام األخيرة على إعادة إحياء “خيار بيروت ،″1982أي
انسحاب مقاتلي “حماس” من غزة على غرار خروج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في صيف العام .1982وهو
يرى أن الضغط العسكري ال بد أن يقنع “حماس” باالستسالم لألمر الواقع والقبول بالخروج من غزة؟ لكن إلى أين؟
بلينكن تحدث في ختام زيارته األخيرة لتل أبيب عن اقتراح مشابه من أجل تجنب توسع الحرب إلى الجنوب ،يقضي بأن ُيلقي مقاتلو
“حماس” السالح ،وبأن ُيسّلم المسؤولون عن عملية “طوفان األقصى” أنفسهم .أي أن بلينكن يستبدل النفي بالذهاب إلى المعتقالت
اإلسرائيلية.
كان توم كونوت يرد بذلك على تغريدة لجو بايدن أثارت
لغطًا وإرباكًا في البيت االبيض الذي سارع إلى سحبها
الحقًا ،وجاء فيها “أن حماس شّنت هجومًا إرهابيًا ألنها ال
تخشى شيئًا ،أكثر من أن يعيش اإلسرائيليون
والفلسطينيون جنبًا إلى جنب بسالم .إن المضي في مسار
اإلرهاب والعنف والقتل والحرب هو بمثابة منح حماس
ما تسعى إليه .ال يمكننا أن نفعل ذلك”.
الثابت أن بايدن لن يضغط أكثر على نتنياهو ،حتى ال يرتد ذلك سلبًا على الرئيس األميركي في الداخل ،علمًا أن رئيس الوزراء
اإلسرائيلي بعد 7تشرين األول/أكتوبر وصل إلى مرحلة من االنهيار أسوأ بكثير مما كانت عليه غولدا مائير بعد 6تشرين األول/
أكتوبر .1973توافرت لبايدن فرصة مثالية ليفتح الطريق إلى حلول سياسية ،لكنه رفض استغاللها برغم أنه ُيقّدم نفسه أنه األكثر
خبرة في الواليات المتحدة في مجال السياسة الخارجية ،كونه أمضى عقودًا رئيسًا للجنة العالقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
ًال
2/3
إطالة أمد الحرب ليس دليًال على نجاحها ،بل يزيد فقط من احتماالت توسع نيرانها إلى حد تجد أميركا نفسها في تورط
مباشر بنزاع شرق أوسطي جديد
اليومُ ،يحارب نتنياهو من أجل بقائه السياسي بقدر ما يصر على مواصلة حربه في غزة ،حتى الخروج بصورة نصر تقيه الذهاب
إلى المنزل أو إلى السجن في اليوم التالي لوقف إطالق النار.
هنا تطرح عالمات استفهام كثيرة حول مآالت هذه الحرب بعد انتقالها إلى جنوب غزة ،في وقت تبدو المعادلة واضحة :إسرائيل
تسعى إلى كسب معركة بينما “حماس” تحاول كسب الحرب.
وأمام ديبلوماسية أميركية عاجزة عن توفير مخرج من أخطر هزة تتعرض لها إدارة بايدن منذ وصولها إلى البيت األبيض قبل نحو
ثالثة أعوام ،فإن إطالة أمد الحرب ليس دليًال على نجاحها ،بل يزيد فقط من احتماالت توسع نيرانها إلى حد تجد أميركا نفسها في
تورط مباشر بنزاع شرق أوسطي جديد.
في روايته “وداعًا أيها السالح” ،يقول الكاتب والروائي األميركي أرنست همنغواي “ال يوجد أكبر من الهزيمة إال النصر الذي يمكن
أن يكون أسوأ في بعض الحاالت”!
الرئيسية
لبنان
فلسطين
العراق
سوريا
ثقافه وفنون
تحقيق
تحليل
ترجمة
تقرير
دراسة
رأي
كتاب
مقابلة
من الذاكرة
كورونا
3/3