You are on page 1of 59

‫الثقافي‬

‫ّ‬ ‫التراث‬
‫المغمور بالمياه‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫في منطقة الدول‬

‫‪1‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫نظمة أ‬
‫ال�مم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة‪.‬‬ ‫ُنشر في عام ‪ِ 2023‬من ِقبل ُم ّ‬
‫‪place de Fontenoy، 75352 Paris 07 SP، France and ،7‬‬
‫‪ UNESCO‬المكتب ال إ�قليمي للعلوم في الدول العرب ّية – القاهرة‪.‬‬
‫© اليونسكو ‪2023‬‬

‫هذا المنشور متاح للوصول المفتوح بموجب ترخيص‬


‫‪)Attribution-ShareAlike 3.0 IGO (CC-BY-SA 3.0 IGO‬‬
‫(‪ .)/creativecommons.org/licenses/by-sa/3.0/igo‬و باستخدام‬
‫محتوى هذا المنشور‪ ،‬يع ّبر المستخدمون عن التزامهم بشروط‬ ‫َ‬ ‫ملف‬
‫استخدام قاعدة بيانات الوصول المفتوح التابعة لليونسكو (‪www.‬‬
‫‪.)unesco.org/open-access/terms-use-ccbysa-en‬‬
‫ال�صلي‪Underwater cultural heritage in the Arab :‬‬ ‫العنوان أ‬
‫‪.States Region‬‬
‫أ‬
‫صدر في عام ‪ ٢٠٢٣‬عن منظمة ال�مم المتحدة للتربية والعلم والثقافة‬
‫(اليونسكو) واالمكتب ال إ�قليمي للعلوم في الدول العرب ّية – القاهرة‪.‬‬
‫المسميات المستخدمة والمواد المعروضة‬ ‫ّ‬ ‫اليونسكو‪/‬الشريك في النشر إ�ن‬
‫في هذه المطبوعة لا تعني التعبير عن أ� ّي ر أ�ي ِمن جانب اليونسكو بش�نأ‬
‫القانوني أل� ّي بلد‪ ،‬أ�و إ�قليم‪ ،‬أ�و مدينة أ�و منطقة أ�و سلطة‪ ،‬أ�و فيما‬
‫ّ‬ ‫الوضع‬
‫يتع ّلق بترسيم حدودها‪.‬‬
‫وال�راء الواردة في هذه المطبوعة تعود حصريًّا للمؤ ّلفين‪ .‬ولا‬ ‫ال�فكار آ‬‫إ� ّن أ‬
‫حال ِمن‬ ‫ّ‬
‫المنظمة ب أ� ّي ٍ‬ ‫تم ّثل بالضرورة وجهة نظر اليونسكو‪ ،‬و لا تلزم‬
‫أ‬
‫ال�حوال‪.‬‬
‫منسق النشر‪ :‬أ�كاتسوكي تاكاهاشي‬ ‫ّ‬
‫المؤ ّلف‪ :‬عماد خليل‬
‫المح ّرر‪ :‬جيما تولي و أ�مل جاد‬
‫المراجع‪ :‬توفيق حموم‪ ،‬ادوارد بلانش‪ ،‬تشيهيرو نيشيكاوا‪ ،‬اليسون‬
‫فاينوت‪ ،‬اورليكا غويرن‪.‬‬
‫صورة الغلاف‪ :‬غ ّواص يص ّور جرا ًرا بيضاويّة رومان ّية ‪(c)CMAUCH‬‬
‫تصميم جرافيكي وتنفيذ ‪ :‬شريف إ�سماعيل‬
‫ترجمة‪Transhome Translation Services :‬‬
‫‪CLT/FU/CAI/2022/BRO/10‬‬

‫‪2‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫عماد خليل‬
‫مركز اآلثار البحريّة والتراث الثقافي الغارق‬
‫اإلسكندرية‬
‫ّ‬ ‫جامعة‬

‫ال�ثــار والدراسات‬ ‫ال�ثــار البحريّة في قسم آ‬ ‫عماد خليل أ�ستاذ آ‬


‫ال�داب بجامعة ال إ�سكندريّة‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫اليونان ّية الرومان ّية في ك ّل ّية آ‬
‫ال�ثار البحريّة والتراث الثقافي الغارق‬ ‫وهو المدير المؤسّ س لمركز آ‬
‫ال�ستاذ خليل منصب نائب رئيس المجلس‬ ‫(‪ .)CMAUCH‬ويشغل أ‬
‫‪Emad Khalil‬‬
‫اليونسكو ‪،‬‬
‫‪Centre‬‬ ‫‪ّ for Maritime‬‬
‫لمنظمة‬ ‫‪ 2001‬التابع‬ ‫فاق ّية عام‬
‫‪Archaeology‬‬ ‫الاستشاري لا ّت‬
‫‪& Underwater‬‬ ‫ّ‬ ‫العلمي‬
‫‪ّ Heritage‬‬
‫‪Cultural‬‬
‫‪Alexandria University‬‬
‫الثقافي الغارق‬
‫للتراث ‪Emad‬‬
‫الدول ّي‪a‬ة ‪Khalil is‬‬ ‫اللجنة‬
‫‪Professor‬‬ ‫(‪، )ICOMOS‬‬
‫‪of Maritime‬‬ ‫‪Archaeology‬‬‫عضو في‬
‫وهو‪in the‬‬
‫‪Department of‬‬
‫آ‬ ‫‪Archaeology‬‬
‫‪ UNITWIN‬لل�ثار‬ ‫‪and‬‬ ‫‪Greco-Roman‬‬ ‫‪Studies‬‬
‫(‪ ، )ICUCH‬وممثل لمصر في شبكة اليونسكو‬ ‫ّ‬
‫‪at‬‬ ‫‪the‬‬
‫‪University, Egypt. He is the Founding Director of the Alexandria Centre‬‬
‫‪Faculty‬‬ ‫‪of Arts, Alexandria‬‬

‫العالمي‬
‫ّ‬ ‫‪ّ Maritime‬ت ‪for‬‬
‫حاد‬ ‫العلم ّية بالا‬ ‫عضو& في اللجنة‬
‫‪Archaeology‬‬ ‫بالمياه‪ ،‬كما أ� ّنه‬
‫‪Underwater‬‬ ‫المغمورة ‪Cultural‬‬
‫‪Heritage (CMAUCH).‬‬
‫‪Professor Khalil is a Vice Present of the UNESCO Scientific and Technical‬‬
‫اليونسكو في‬
‫‪Advisory‬‬ ‫كرسي‬ ‫ستاذ‪Body‬‬ ‫‪ the‬أ�‪for‬‬
‫(‪ ،)CMAS‬و‬
‫‪2001 convention,‬‬ ‫تحت الماء‬ ‫‪the ICOMOS‬لل أ�‪of‬نشطة‬
‫‪a member‬‬
‫‪International Committee on Underwater Cultural Heritage (ICUCH),‬‬
‫سكندريّة‪.‬‬
‫‪Egypt’s representative‬‬ ‫‪the‬إ� ‪in‬‬
‫بجامعة ال‬
‫الغارق‪UNESCO‬‬ ‫‪UNITIN‬‬ ‫الثقافي‬ ‫التراث‬
‫‪Network‬‬ ‫‪for Underwater‬‬
‫‪Archaeology, member of the Scientific Committee is the World‬‬
‫‪Underwater Federation (CMAS), and he is the Chair-Holder for the‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫‪UNESCO Chair in Underwater Cultural Heritage in Alexandria University.‬‬

‫لم يكن هذا الكتيب المعلوماتي ليتحقق لولا الدعم والتشجيع‬


‫والمساعدة من الخبراء والمسؤولين المشاركين في حماية التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه في دول المنطقة العربية‪ .‬نود أ�ن نعرب‬
‫عن تقديرنا العميق للدكتور توفيق حموم لمراجعة هذا الكتيب‪.‬‬
‫نحن ممتنون للسيد إ�دوارد بلانش والسيدة شيهيرو نيشنكاوا والسيدة‬
‫أ�ليسون فاينوت والسيدة الريكي جيرين في قطاع الثقافة في مقر‬
‫اليونسكو لمراجعتها‪ .‬كما نود أ�ن نعرب عن تقديرنا للمساعدة التي‬
‫قدمتها مكاتب اليونسكو الميدانية في منطقة الدول العربية‪ .‬نتوجه‬
‫بشكر خاص إ�لى السيدة جيما تولي والسيدة أ�مل جاد والسيدة‬
‫بسمة دجاني على أ�عمال تحرير النسخ‬
‫تمهيد‬

‫يسعدني أ�ن أ�قدم هذا الكتيب ال إ�علامي حول التراث الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول العربية‪.‬‬
‫يهدف هذا الكتيب إ�لى التعريف باتفاقية اليونسكو لعام ‪ 2001‬بش أ�ن حماية التراث الثقافي المغمور‬
‫بالمياه‪ ،‬وتقديم مواقع التراث الثقافي المغمور بالمياه (‪ )UCH‬الرئيسية في المنطقة و إ�براز مساهمتها في‬
‫ال�مم المتحدة علوم المحيطات من أ�جل التنمية‬ ‫خطة التنمية المستدامة لعام ‪ 2030‬وخطة تنفيذ عقد أ‬
‫المستدامة‪.‬‬
‫تعد المنطقة موطنًا للتراث الغني بجميع أ�بعاده ‪ -‬الملموس وغير المادي‪ ،‬والمنقول وغير المنقول‪ ،‬والقائم‬
‫ال�رض والمغمور‪ .‬مع الساحل الطويل‪ ،‬تمتلك المنطقة ثروة كبيرة من التراث الثقافي المغمور‬ ‫على أ‬
‫بالمياه تغطي بعض مواقع التراث العالمي الساحلية ومحميات المحيط الحيوي‪.‬‬
‫تم التصديق على اتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه من قبل ‪ 70‬دولة‪ ،‬بما في ذلك ‪ 12‬دولة في‬
‫منطقة الدول العربية‪ .‬تهدف اتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه إ�لى تعزيز حماية التراث الثقافي‬
‫ال�حداث التاريخية والتجارة والتبادل وتغير المناخ وكذلك الكوارث‬ ‫المغمور بالمياه‪ ،‬والتي تشهد على أ‬
‫الطبيعية‪ ،‬ل إ�عادة بناء الثقافات الماضية وتعزيز المعرفة المناخية‪.‬‬
‫ميزة أ�خرى مهمة لاتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه هي آ�لية تعاون الدولة‪ .‬تسمح هذه آ‬
‫ال�لية‬
‫للمجتمع الدولي بتطوير حماية شاملة لمركز حماية البيئة البحرية بما في ذلك تلك الموجودة في‬
‫المياه الواقعة خارج نطاق الولاية القضائية الوطنية‪ ،‬أ�و منطقة أ�عالي البحار‪ ،‬مما يساهم في إ�نشاء إ�دارة‬
‫فعالة للمحيطات‪ .‬يقدم الكتيب التعاون الفريد المستمر بش أ�ن التراث الثقافي المغمور بالمياه في بنك‬
‫‪( Skerki‬تونس) وقناة ‪ ( Sicilian‬إ�يطاليا) في هذا الصدد‪.‬‬
‫إ�لى جانب أ�هميتها العلمية والثقافية‪ ،‬تقدم إ�تفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه مساهمة اقتصادية‬
‫من خلال السياحة الساحلية والبحرية‪ .‬إ�نه يجلب تجربة جديدة قائمة على المحيط إ�لى المجتمع‬
‫ال�زرق القائم على المحيط‪.‬‬‫مهما للاقتصاد أ‬‫ساسا ً‬‫والشباب‪ ،‬مما يوفر أ� ً‬
‫أ�ود أ�ن أ�شكر البروفيسور عماد خليل‪ ،‬مدير مركز آ‬
‫ال�ثــار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه‬
‫(‪ )CMAUCH‬في جامعة ال إ�سكندرية‪ ،‬التي تستضيف كرسي اليونسكو في التراث الثقافي المغمور‬
‫بالمياه‪ ،‬لمساهمته القيمة في إ�تاحة هذا الكتيب‪.‬ت أ�مل اليونسكو أ�ن يستمتع المسؤولون الحكوميون وصناع‬
‫السياسات والباحثون والمجتمعات المشاركة في التراث الثقافي المغمور بالمياه والتنمية المستدامة بهذا‬
‫الكتيب للحصول على معرفة أ�فضل بكنوزنا ولتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال‪.‬‬

‫الدكتورة نوريا سانز‪ ،‬المدير بال إ�نابة عن مكتب اليونسكو ال إ�قليمي للعلوم في الدول العربية‬

‫‪4‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫‪Contents‬‬ ‫المحتويات‬
‫‪6‬‬ ‫ّ‬
‫مقدمة‬
‫‪10‬‬ ‫منارة فاروس (مصر)‬
‫‪13‬‬ ‫ميناء ال إ�سكندريّة القديم (مصر)‬
‫‪16‬‬ ‫ميناء مرسى باجوش (مصر)‬
‫السفينة الحرب ّية البريطان ّية ثيسلجورم‬
‫‪18‬‬ ‫(‪( )SS Thistlegorm‬مصر)‬
‫‪21‬‬ ‫حطام سفينة أ�ملج (السعوديّة)‬
‫‪24‬‬ ‫أ�حواض السمك في شرشال (الجزائر)‬
‫‪26‬‬ ‫مرف أ� جبيل ومرسى أ�نفه (لبنان) ‬
‫‪29‬‬ ‫مدينة نيابوليس المغمورة (تونس)‬
‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة سكيركي‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫‪31‬‬ ‫(تونس) والقنال الصقلي ( إ�يطاليا) ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه وما يرتبط به ِمن معارف ‪33‬‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫‪37‬‬ ‫كتشف المواقع أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه؟‬ ‫ُ‬ ‫كيف ُت‬
‫‪40‬‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه؟‬
‫ّ‬ ‫ما المم ّيز في التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ‪42‬‬
‫ّ‬ ‫ال�خطار التي يتع ّرض لها التراث‬ ‫أ‬
‫‪43‬‬ ‫أ‬
‫ال�خطار الطبيع ّية‬
‫‪44‬‬ ‫ال�خطار البشريّة‬‫أ‬
‫‪46‬‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫إ�دارة التراث‬
‫‪47‬‬ ‫حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه‬
‫‪47‬‬ ‫الحماية القانون ّية للتراث الثقافي المغمور بالمياه‬
‫‪49‬‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫الحماية الما ّديّة للتراث‬
‫‪53‬‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫وصول الجمهور إ�لى التراث‬
‫‪55‬‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫المتاحف والتراث‬
‫‪56‬‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه والتنمية المستدامة‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫قدمة‬
‫ُم ّ‬

‫‪6‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ب أ� ّنه جميع آ�ثار‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫التراث‬ ‫ُتع ِّر ُف ُم ُ‬
‫نظمة اليونسكو‬
‫تاريخي أ�و أ� ّ‬
‫ثري‪ ،‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫ثقافي أ�و‬
‫ّ‬ ‫نساني التي تتّسم بطابع‬
‫ّ‬ ‫الوجود ال إ�‬
‫ظ ّلت مغمورة بالمياه جزئ ًّيا �و كل ًّيا‪ ،‬بصور ٍة دوريّة �و متواصلة‪ّ ،‬‬
‫لمدة‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫مائة عام على أ‬
‫ال� ّ‬
‫قل‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ )١‬المواقع والهياكل والمباني والمصنوعات والرفات البشريّة مع‬


‫والطبيعي؛‬
‫ّ‬ ‫ال� ّ‬
‫ثري‬ ‫سياقها أ‬
‫‪ )٢‬السفن والطائرات وغيرها ِمن وسائل النقل أ�و أ� ّي جزء منها أ�و‬
‫والطبيعي؛‬
‫ّ‬ ‫ثري‬ ‫حمولتها أ�و أ� ّي ِمن محتوياتها مع سياقها أ‬
‫ال� ّ‬
‫‪ )٣‬أ‬
‫ال�شياء التي تنتمي إ�لى عص ٍر ما قبل التاريخ‪.1‬‬

‫ال�ثريّة وظروفها البيئ ّية‪،‬‬ ‫ساسا ِب ُعم ِر البقايا أ‬‫يرتبط هذا التعريف أ� ً‬
‫أ�ي يجب أ�ن تكون تلك البقايا مغمورة بالمياه ك ّل ًّيا أ�و ُجزئ ًّيا ّ‬
‫لمدة‬
‫بغض النظر عن نوعها أ�و طبيعتها أ�و الثقافة‬ ‫قل‪ِّ ،‬‬ ‫‪ 100‬عام على أ‬
‫ال� ّ‬
‫ال�ساس ّية‪،‬‬ ‫يتم الت أ� ّكد ِمن هذه العناصر أ‬ ‫التي تنتمي إ�ليها‪ ،‬وعندما ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫بشكل �دق ووفقا لمعيار �و �كثر ِمن‬ ‫أ‬ ‫ٍ‬ ‫يُمكن تعريف المواد أ‬
‫ال�ثريّة‬
‫الزمني‪ :‬الحقبة الزمن ّية التي تعود إ�ليها‬ ‫ّ‬ ‫المعايير آ‬
‫ال�تية‪ :‬التسلسل‬
‫ال�ثرية‪ ،‬المنطقة‪ :‬المنطقة الجغراف ّية التي تنتمي إ�ليها البقايا‬ ‫البقايا أ‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬مثل الفخار‪ ،‬أ�و‬ ‫النوعي للبقايا أ‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬النوع‪ :‬التصنيف‬
‫حجار‪ ،‬إ�لخ‪.‬‬ ‫عظام الحيوانات أ�و أ‬
‫ال� َ‬

‫المهم إ�دراكنا أ� ّنه في حين تبقى المعايير المذكورة أ�علاه ثابتة‪،‬‬


‫ّ‬ ‫و ِمن‬
‫أ‬
‫ف إ� ّن طبيعة البقايا ال�ثريّة ِمن حيث كونها « مغمورة بالمياه» تتع ّرض‬
‫البشري أ�و العوامل البيئي ّة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التدخل‬ ‫للتغيير نتيجة‬
‫ً‬
‫تغمر المياه حال ًيا مواقع كثيرة شهدت نشاطا في عصو ٍر ما قبل‬
‫التاريخ‪ ،‬وكانت تلك المواقع آ�نذاك على اليابسة بالقرب ِمن السواحل‬
‫ال�ن مغمورة بالمياه بسبب ارتفاع منسوب مياه‬ ‫القديمة‪ ،‬وصارت آ‬
‫البحر‪ .‬وعلى نح ٍو مماثل‪ ،‬هناك أ�دوات مثل السيوف‪ ،‬قد ُصنعت‬
‫واستُعملت أ�صل ًا على اليابسة‪ ،‬إ� ّلا أ� ّنها أ�لقيت في قيعان البحيرات‬
‫وطقوس قديمة‪ ،‬وبذلك أ�صبح ينطبق‬ ‫ٍ‬ ‫ال�نهار‪ ،‬في إ�طار ممارسات‬ ‫أ�و أ‬
‫الثقافي المغمور‬
‫ّ‬ ‫ال�ثريّة تعريف «التراث‬ ‫على تلك المواقع والقطع أ‬
‫يضا احتمال حدوث عمل ّية معاكسة؛ فحطام‬ ‫بالمياه»‪ .‬ولكن هناك أ� ً‬
‫خرى‪ ،‬انحسر عنها الماء‪،‬‬ ‫سفينة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أ�و بقايا أ�ثريّة أ� َ‬
‫‪1- UNESCO. 2001. Convention on the Protection of the Underwater Cul-‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪tural Heritage. Paris: Records of the General Conference, 31st session,‬‬
‫‪Article, 1. a.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ثقافي مغمور‬
‫ّ‬ ‫متحف‪ِ ،‬من ش أ�نها أ�ن تفقد صفتها كتراث‬
‫ٍ‬ ‫أ�و ّتم انتشالها ِمن قاع البحر‪ُ ،‬‬
‫ووضعت في‬
‫بالمياه‪.‬‬

‫ً‬
‫جامدا‪.‬‬ ‫صطلحا علم ًّيا‬
‫ً‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه» ليس بالضرور ِة ُم‬‫ّ‬ ‫ُيد ّلنا هذا الاختلاف على أ� ّن «التراث‬
‫تضم أ‬
‫ال�ثر‪ ،‬وليس ب أ� ّي خاص ّية أ�ثريّة أ�و علم ّية مت أ� ّصلة فيه ‪ .‬ولا‬
‫‪2‬‬
‫فهو يتع ّلق بالبيئة المغمورة بالمياه التي ّ‬
‫ال�ثر مغمور‬ ‫مهما‪ ،‬بل‪ ،‬على العكس ِمن ذلك‪ ،‬فكون أ‬ ‫ال�ثر المغمور بالمياه ليس ًّ‬ ‫يعني هذا أ� ّن موقع أ‬
‫بالمياه‪ ،‬يُشير ذلك إ�لى التغ ّيرات التي طر أ�ت عليه عبر الزمن (الشكل‪ .)1‬إ� ّن التغييرات التي يُمكن‬
‫ال�ثر‪ ،‬مثل الت آ�كل أ�و التح ّلل‪ ،‬وكذلك التغ ّيرات الطبيع ّية والاجتماع ّية‬ ‫أ�ن ُتحدثها البيئة المائ ّية في أ‬
‫ال�ثر مغمو ًرا بالمياه‪ ،‬هي مك ّونات أ�ساس ّية ِمن تاريخ‬ ‫وال�يديولوج ّية التي يُمكن أ�ن يعكسها وجود أ‬ ‫أ‬
‫الموقع أ�و القطعة أ‬
‫ال�ثريّة‪.‬‬

‫وال�ساليب العلم ّية التي‬ ‫ال�ثر مغمو ًرا بالمياه‪ ،‬يُعتبر عامل ًا رئيس ًّيا في تحديد التقنيات أ‬
‫كذلك‪ ،‬كون أ‬
‫ال�ثر أل�غراض الاستكشاف‪ ،‬أ�و البحث أ�و التوثيق أ�و التنقيب‬ ‫ينبغي استخدامها عند التعامل مع ذلك أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه» عاد ًة استخدام‬ ‫ّ‬ ‫أ�و الحفظ أ�و العرض العامّ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تتط ّلب دراسة «التراث‬
‫كثيرا‬‫ال�رض ّية‪3‬؛ ولهذا السبب‪ً ،‬‬ ‫ال�ثريّة أ‬
‫وتقنيات تختلف عن تلك المستخدمة في دراسة المواقع أ‬ ‫ٍ‬ ‫أ� ٍ‬
‫دوات‬
‫ثري تحت الماء»‪ ،‬أ�ي‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه» جن ًبا إ�لى جنب مع «العمل أ‬
‫ال� ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما يُشار إ�لى «التراث‬
‫تتم في مواقع مغمورة جزئ ًّيا أ�و ك ّل ًّيا‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬مثل المسح والتنقيب والتوثيق‪ ،‬والدراسة‪ ،‬التي ّ‬ ‫ال�عمال أ‬
‫أ‬
‫ثري‬ ‫ال� ّ‬‫ثري تحت الماء تحكمه نفس المبادئ والمعايير العلم ّية التي تحكم العمل أ‬ ‫بالمياه‪ .‬فالعمل أ‬
‫ال� ّ‬
‫الخاصة بالبيئة المائ ّية‪ .4‬وبالتالي‪ ،‬ف إ� ّن مصطلح‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التحديات‬ ‫صمم للتعامل مع‬ ‫على اليابسة‪ ،‬لكنّه ُم ّ‬
‫ال�ثار‪ .‬بل هو مصطلح ِت َق ّ‬
‫ني‬ ‫تخصص أ�و فرع ِمن فروع علم آ‬ ‫ثري تحت الماء» لا يُعب ّر عن ّ‬ ‫“العمل أ‬
‫ال� ّ‬
‫ال�ثريّة تحت الماء‪،‬‬ ‫ال�عمال أ‬‫والتقنيات المستخدمة في إ�نجاز أ‬
‫ِ‬ ‫دوات‬
‫ال� ِ‬‫محدد ٍة ِمن أ‬
‫يُشير إ�لى مجموع ٍة ّ‬
‫ال�وسع ومبادئ البحوث أ‬
‫ال�ثريّة‪.5‬‬ ‫وضمن ال إ�طار أ‬

‫‪2- Bass, G. 1970. Archaeology Underwater. Harmondsworth: Penguin, p. 13.‬‬


‫‪3- Bowens, A. (ed.). 2008. Underwater archaeology: The NAS guide to principles and practice. Oxford:‬‬
‫‪Blackwell Publishing.‬‬
‫‪4- Delgado, J. P. 1997. Underwater Archaeology. In J. P. Delgado (ed.), Encyclopedia of Underwater and‬‬
‫‪Maritime Archaeology. New Haven: Yale University Press, p. 436.‬‬
‫‪5- Bass, G. (ed.). 2005. Beneath the Seven Seas. London: Thames & Hudson.‬‬
‫‪8‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫•الشكل ‪ :1‬التمثال الضخم مللك بطلميّ تمّ العثور‬
‫عليه داخل أنقاض منارة فاروس اإلسكندريّة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫© ‪ / CMAUCH‬عماد خليل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫منارة فاروس (مصر)‬

‫•الشكل ‪ :2‬بقايا منارة فاروس يف اإلسكندريّة‪ ،‬مصر‪.‬‬


‫© ‪ / CMAUCH‬عماد خليل‬
‫إ� ّن المنطقة العرب ّية التي يبلغ طول سواحلها‬
‫ويحدها المحيط‬ ‫ّ‬ ‫أ�كثر ِمن ‪ 34‬أ�لف كيلومتر‪،‬‬
‫ال�بيض المتوسّ ط والبحر‬ ‫طلسي والبحر أ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫ال�‬
‫العربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الهندي والخليج‬ ‫ال�حمر والمحيط‬ ‫أ‬
‫تتمتّع بثرو ٍة هائلة وتن ّو ٍع كبير في مواقع التراث‬
‫البحري والمواقع المغمورة بالمياه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الثقافي‬
‫ّ‬
‫هــم المواقع ِمــن العالم‬ ‫أ‬
‫تضم بعض � ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهــي‬
‫القديم‪.‬‬
‫طوال تاريخها‪ ،‬احت ّلت ال إ�سكندريّة مكانة‬
‫دن العالم‪ .‬فمنذ ت أ�سيسها على يد‬ ‫مم ّيزة بين ُم ِ‬
‫ال�كبر سنة ‪ 331‬قبل الميلاد‪ ،‬ولقرابة‬ ‫ال إ�سكندر أ‬
‫عام تلت‪ ،‬كانت ال إ�سكندريّة عاصمة‬ ‫أ�لف ٍ‬
‫الثقافي‪ .‬وكــان إ�نشاء ميناء‬ ‫ّ‬ ‫مصر ومركزها‬
‫أ‬
‫ال إ�سكندريّة ِمن �وائل مشروعات ال إ�سكندر‬
‫في موقعها‪ .‬وقد شمل هذا المشروع بناء جسر‬
‫طوله ‪ 1.2‬كم‪ ،‬يربط جزيرة فاروس بالساحل‪.‬‬
‫ونتج عن ذلــك تك ّون مينائي ال إ�سكندريّة‬
‫الشرقي‪ ،‬ف ُيعرف‬‫ّ‬ ‫والغربي‪ .‬أ�مّا الميناء‬ ‫ّ‬ ‫الشرقي‬
‫ّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫باسم الميناء الكبير‪ ،‬وقد شكل المركز‬ ‫أ� ً‬
‫يضا‬
‫ِ‬
‫البحري في المدينة آ�نذاك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الرئيسي للنشاط‬ ‫ّ‬
‫وشمل عددً ا ِمن الموانئ الداخل ّية التي كانت‬
‫بمثابة مرافئ تجاريّة وعسكريّة وملك ّية‪.‬‬
‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫هم ّية الميناء الكبير‬ ‫وقــد تج ّلت أ� ّ‬
‫أ�وضــح ِمن خلال وجود منارة فــاروس‪ ،‬وهي‬
‫ِمن العجائب المعماريّة‪ ،‬اكتمل بناؤها تقري ًبا‬
‫عام ‪ 280‬قبل الميلاد‪ ،‬وكانت تربض على‬
‫جمالي‬
‫ّ‬ ‫مدخل الميناء‪ .‬ويُعتقد أ� ّن الارتفاع ال إ�‬
‫للمنارة وصــل نحو ‪ 110‬مــتـ ًـرا‪ .‬ومــع مــرور‬
‫الوقت‪ ،‬تض ّررت المنارة بفعل كوارث طبيع ّية‬
‫زلزال في القرن الرابع عشر‬ ‫عديدة حتّى دم َّر ٌ‬
‫ال�جزاء المتبق ّية منها‪ .6‬والواقع أ� ّن‬ ‫الميلادي أ‬
‫ّ‬
‫مختلف الزلازل التي تع ّرضت لها ال إ�سكندريّة‬

‫‪6- Empereur, J. -Y. 2004. Le Phare d’Alexandrie:‬‬

‫‪11‬‬ ‫­‪La Merveille retrouvée. Paris: Découvertes Gal‬‬


‫‪limard.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ساسات المينا ِء القديم بالماء إ�لى ُع ٍ‬
‫مق يتراوح بين‬ ‫ِ‬ ‫بوط الساحل َوغم ِر أ�‬ ‫في تاريخها‪ ،‬أ�دّت أ� ً‬
‫يضا إ�لى ُه ِ‬
‫‪ 6‬و‪ 8‬أ�متار‪.7‬‬

‫مشروعا كبي ًرا للمسح والتنقيب بح ًثا عن بقايا منارة‬


‫ً‬ ‫ومنذ عام ‪ ،1994‬يُن ّف ُذ مركزُ الدراسات السكندريّة‬
‫ثري وطبيعته‬ ‫فاروس المغمورة بالمياه وتوثيقها‪ .‬ويهدف المشروع إ�لى تحديد حجم ذلك الموقع أ‬
‫ال� ّ‬
‫وتمتد البقايا المغمورة للمنارة على مساح ٍة تزيد على ‪ 25‬أ�لف متر مربّع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتسجيل محتوياته ّ‬
‫بدق ٍة‪.8‬‬
‫هم المواقع ِمن حيث دراسة المنش آ�ت المعماريّة المغمورة بالمياه‪.‬‬ ‫ِم ّما يجعل هذا الموقع أ�حد أ� ّ‬
‫ويحتوي الموقع على أ�كثر ِمن ‪ 3000‬قطعة‪ ،‬بما في ذلك التماثيل الضخمة للملوك والملكات‪ ،‬وتماثيل‬
‫واليوناني‪ ،‬و أ�جزاء ِمن مس ّلات ُوكتل بناء حجريّة ضخمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المصري‬ ‫وال�عمدة ذات الطراز‬ ‫أ�بو الهول‪ ،‬أ‬
‫عامي ‪ 1995‬و‪1996‬‬ ‫عرض حال ًّيا ‪ 36‬قطعة‪ّ ،‬تم التنقيب عنها واستخراجها ِمن الموقع في ّ‬ ‫(الشكل‪ .9)2‬و ُت َ‬
‫الروماني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫متعددة في مدينة ال إ�سكندريّة‪ ،‬بما في ذلك المتحف المفتوح بمنطقة المسرح‬ ‫في أ�ماكن ّ‬
‫و أ�مام مكتبة ال إ�سكندريّة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف إ� ّن غالب ّية العناصر الموجودة في هذا الموقع الفريد لا تزال تحت‬
‫بل الغ ّواصين‪.‬‬
‫الماء‪ ،‬ويُمكن زيارتها ِمن ِق ِ‬

‫ومنذ عام ‪ ،2012‬وَسَّ عَ مركزُ الدراسات‬


‫ـاق بــرنــامــج البحث‬ ‫الــســكــنــدر ّيــة نــطـ َ‬
‫والتسجيل في مَوقع منارة فاروس ليشمل‬
‫ُ‬
‫المشروع‬ ‫مشروعا للرقمنة‪ .‬ويَستخدم‬ ‫ً‬
‫تقنية التصوير الفوتوجرامتري لعمل‬
‫ال�بــعــاد للموقع‬ ‫ـي أ‬ ‫نموذج دقيق ثــلاثـ ّ‬
‫المغمور بالمياه ُومحتوياته‪ .‬وحتّى يناير‬
‫‪ّ ،2022‬تمت رقمنة أ�كثر ِمــن ‪70%‬‬
‫ِمن الموقع‪ ،‬ويجري حال ًّيا إ�عــادة بناء‬
‫افتراض ّية للعناصر المعماريّة‪ .‬وسوف‬
‫ُتستخدم النماذج الرقم ّية للموقع في‬
‫التوعية العامّة‪ ،‬وفي تبادل المعلومات‬
‫حــول تــاريــخ مــنــارة ف ــاروس ومحيطها‬
‫(الشكل‪.)3‬‬

‫•الشكل ‪ :3‬نموذج رقميّ ملوقع منارة فاروس املغمور باملياه‪،‬‬


‫مصر ©(‪Archives CEAlex (Cnrs/Ifao‬‬

‫‪7- La Riche, W. 1996. Alexandria: The sunken city. London: Weidenfeld & Nicolson...‬‬
‫‪8- See: https://www.cealex.org/recherches/operations-en-cours/phare/‬‬
‫‪9 - Hairy, I. 2006. Le Phare d’Alexandrie, concentré de géométrie. La Recherche, 394, pp. 44–50.‬‬ ‫‪12‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫اإلسكندرية القديم (مصر)‬
‫ّ‬ ‫ميناء‬

‫••الشكل ‪ :4‬كان امليناء الشرقيّ لإلسكندريّة قيد االستخدام منذ إنشائه يف القرن الرابع قبل امليالد‪ ،‬وحتّى يومنا هذا‪ .‬كشف املسح‬
‫تحت املائيّ للميناء عن ثروة مِن األدلّة على هيكله وتطوّره خالل فرتات العصرين البطلميّ والرومانيّ ‪AlexMed © .‬‬

‫‪13‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ال�ثار المغمورة‬ ‫هم آ�خر حول آ‬ ‫ٌ‬
‫مشروع ُم ّ‬ ‫َوقع منارة فاروس‪ ،‬يُن َّف ُذ‬
‫بال إ�ضاف ِة إ�لى البحث والتنقيب في م ِ‬
‫وروبي لل آ�ثار الغارقة ‪ .‬فمنذ عام ‪،1992‬‬
‫‪10‬‬ ‫أ‬
‫بالمياه داخل ميناء ال إ�سكندريّة القديم‪ ،‬يقوم به المعهد ال� ّ‬
‫الشرقي (الشكل‪.)4‬‬ ‫ّ‬ ‫مسحا شام ًلا تحت الماء للبقايا المغمورة داخل ميناء ال إ�سكندريّة‬ ‫يُجري المعهد ً‬
‫والروماني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البطلمي‬
‫ّ‬ ‫اكتشاف �رصف ٍة غارق ٍة كانت ُتستخدم خلال العصرين‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫وقد أ�سفر المشروع عن‬
‫الملكي للمدين ِة في العصر‬
‫ّ‬ ‫الحي‬
‫ّ‬ ‫كما ُك ِشف عن وجود عد ٍد ِمن الموانئ الداخل ّية التي ّ‬
‫تطل على‬
‫المختصين ِمن تكوين صور ٍة دقيقة عن مينا ِء ال إ�سكندريّة خلال ذرو ِة‬ ‫ّ‬ ‫البطلمي‪ .‬وقد ّ‬
‫مكن هذا البحث‬ ‫ّ‬
‫آ‬
‫وروبي لل�ثار الغارقة بتوثيق مئات‬ ‫أ‬
‫كم البطالمة ّثم الرومان ‪ .‬وقام المعهد ال� ّ‬
‫‪11‬‬ ‫ِّ‬
‫ازدها ِر المدينة في ظل ُح ِ‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة‪ ،‬بما في ذلك‪ ،‬ال�عمدة والتماثيل والنقوش و�جزاء ِمن مسلات‪ .‬وقد ّتم‬ ‫البقايا والقطع أ‬
‫العديد ِمن المعارض الدول ّية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫انتشال عد ٍد ِمن هذه القطع وترميمها‪ُ ،‬وع ِر َضت في‬

‫ال�وروبي لل آ�ثار الغارقة في‬‫كيلومترا شرق ميناء ال إ�سكندريّة القديم‪ ،‬يعمل المعهد أ‬ ‫ً‬ ‫ُعد حوالي ‪30‬‬ ‫وعلى ب ِ‬
‫أ‬
‫ثري فريد مغمور بالمياه في خليج كانوبوس (�بي قير)‪ .‬ويحتوي هذا الخليج على البقايا المغمورة‬ ‫موقع أ� ّ‬
‫للبلدتين القديمتين كانوبوس‪ ،‬وثونيس‪-‬هيراكليون‪ .‬وقد ازدهرت هاتان المدينتان الساحل ّيتان في نهاية‬
‫الحقبة المصريّة القديمة‪ ،‬وبقيتا مستخدمتين حتّى نهاية الفترة البيزنط ّية‪ ،‬حيث لعبتا دو ًرا حيويًا في‬
‫ال�بيض المتوسّ ط ووادي النيل‪ ،‬والسيطرة على حركة الملاحة البحريّة الداخلة إ�لى‬ ‫الربط بين البحر أ‬
‫وروبي لل آ�ثا ِر الغارقة عمل ّيات مسح جيوفيزيائ ّية‬
‫ال� ّ‬ ‫المعهد أ‬
‫ُ‬ ‫مصر والخارجة منه‪.12‬ومنذ عام ‪ ،1996‬أ� َ‬
‫جرى‬
‫حدد مَواقع البقايا المغمورة للبلدتين القديمتين على ُع ٍ‬
‫مق‬ ‫مفصلة للمنطقة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫وجيولوج ّية و أ�ثريّة ّ‬
‫ُعد يتراوح بين كيلومترين و‪ 6‬كيلومترات ِمن الساحل الحالي‪ .‬واكتشفت‬ ‫يتراوح بين ‪ 4‬و‪ 7‬أ�متار‪ ،‬وعلى ب ٍ‬
‫يضا م ََص َّب الفرع الكانوبي المندثر لنهر النيل‪ ،‬الذي أ�قيمت حوله تلك المدن‪ .‬وقد أ�دَّى‬ ‫ُ‬
‫البعثة أ� ً‬
‫السنوي لنهر النيل‪ ،‬والطمي والرواسب التي كان يحملها‪ ،‬بال إ�ضافة إ�لى الارتفاع التدريجي‬ ‫ّ‬ ‫الفيضان‬
‫مستوى سطح البحر‪ ،‬والزلازل التي صاحبتها أ�مواج التسونامي التي ضربت مصر خلال القرنين‬ ‫َ‬ ‫في‬
‫ُ‬
‫المشروع‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫الرابع والثامن بعد الميلاد‪� ،‬دّت كل تلك الظواهر إ�لى غم ِر هذه المدن القديمة‪ .‬وقد وثق‬
‫ال�ثريّة في تلك المواقع‪ ،‬منها أ�عمدة‬ ‫وروبي لل آ�ثار الغارقة مجموع ًة كبيرة ِمن القطع أ‬
‫ال� ّ‬ ‫ثري للمعهد أ‬ ‫أ‬
‫ال� ّ‬
‫ومس ّلات وتماثيل و أ�رصفة بحريّة‪ ،‬إ�لى جانب العديد ِمن العناصر المعماريّة المرتبطة بالمباني التي‬
‫ال�واني المصنوعة ِمن‬ ‫جرى توثيق مئات أ‬ ‫كانت قائمة في تلك المدن فيما مضى‪ .‬علاوة على ذلك‪َ ،‬‬
‫أ‬
‫هم البقايا ال�ثريّة التي‬ ‫أ‬
‫والحلي والقطع النذريّة‪ .‬و ِمن � ّ‬
‫ّ‬ ‫الخزف و أ�دوات الحياة اليوم ّية ُ‬
‫والعملات المعدن ّية‬
‫شكل‬ ‫قب مختلفة‪ ،‬و ُت ّ‬ ‫ُعثر عليها في خليج كانوبوس ( أ�بي قير)‪ ،‬أ�كثر ِمن ‪ 60‬حطام سفينة قديمة ِمن ِح ٍ‬
‫تاريخ تلك‬‫طام السفن القديمة التي ُسجّ لت في منطق ٍة واحدة‪ .‬ويعود ُ‬ ‫هذه أ�كبر مجموعة معروفة ِمن ِح ِ‬

‫‪10 - Goddio, F., Bernand, A., Bernanad, E., Darwish, I., Kiss, Z., & Yoyotte, J. (eds.). 1998. Alexandria:‬‬
‫‪The Submerged Royal Quarters. London: Periplus.‬‬
‫‪11- Goddio, F. & Bernand, A. 2004. Sunken Egypt: Alexandria. London: Periplus.‬‬
‫‪12- Goddio, F. 2007. Underwater Archaeology in the Canopic Region in Egypt: The Topography‬‬
‫‪and Excavation of Heracleion- Thonis and East Canopus (1996 - 2006). Oxford: Oxford Centre for‬‬
‫‪Maritime Archaeology Monograph 1.‬‬ ‫‪14‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫السفن إ�لى ما بين القرن الحادي عشر والقرن الثاني قبل الميلاد‪ ،‬وترجع أ�غلبية هذه السفن ‪80٪ -‬‬
‫البطلمي‪.13‬‬
‫ّ‬ ‫المصري المت أ� ّخر‪ ،‬والعصر‬
‫ّ‬ ‫تقري ًبا ‪ -‬إ�لى العصر‬

‫‪15‬‬ ‫‪13- Robinson, D. & Goddio, F. (eds.). 2015. Thonis-Heracleion in Context. Oxford Centre for Mari-‬‬
‫‪time Archaeology Monograph 8, pp. 175–227.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ميناء مرسى باجوش (مصر‬

‫•الشكل ‪ :5‬عالم آثار يفحص واحدًا مِن أكثر مِن ‪ 40‬مرسى قديم تمّ تسجيلها يف موقع ميناء مرسى باجوش‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫© ‪ / CMAUCH‬عماد خليل‪.‬‬
‫الثقافي الغارق أ�وّل بحث‬
‫ّ‬ ‫عامي ‪ 2015‬و‪ ،2021‬أ� َ‬
‫جرى مركزُ ال إ�سكندريّة لل آ�ثار البحريّة والتراث‬ ‫ّ‬ ‫بين‬
‫أ‬
‫َوقعي زيجريس‪ ،‬ولادامانتيا القديمين (حال ًّيا منطقة مرسى باجوش)‪ .‬وقد �سفر هذا‬ ‫منهجي في م ّ‬‫ّ‬ ‫أ� ّ‬
‫ثري‬
‫الغربي لمصر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الشمالي‬
‫ّ‬ ‫رئيسي على الساحل‬‫ّ‬ ‫طبيعي‬
‫ّ‬ ‫اكتشاف موقع ميناء‬
‫ِ‬ ‫المشروع الجاري تنفيذه عن‬
‫لفي عام‪ .‬واكتُشفت أ�د ّلة‬
‫مدى أ�كثر ِمن أ� ّ‬ ‫مع وجو ِد أ�د ّل ٍة على أ�نشط ٍة بحريّة في المنطقة ّ‬
‫تمتد على َ‬
‫لعد ِة ُسفن‪ ،‬بال إ�ضافة إ�لى مجموع ٍة كبير ٍة ِمن مرساوات السفن القديمة‪ِ ،‬م ّما جعل‬ ‫على وجود حطام ّ‬
‫الغربي لمصر‪.14‬‬
‫ّ‬ ‫الشمالي‬
‫ّ‬ ‫الساحل‬
‫ِ‬ ‫الاكتشافات أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة بالميا ِه على طولِ‬ ‫ِ‬ ‫حد أ�غنَى‬‫الموقع أ� َ‬

‫مق‬ ‫مساحة تبلغ نحو ‪ 3.3‬كيلومتر مربّع‪ ،‬مع وجو ِد البقايا أ‬


‫ال�ثريّة على ُع ٍ‬ ‫ً‬ ‫مرسى باجوش‬ ‫َوقع َ‬
‫ُغطي م ُ‬‫ي ّ‬
‫ال�ن‪ ،‬نحو ‪ 40‬في المئة ِمن‬ ‫المائي‪ ،‬حتّى آ‬
‫ّ‬ ‫المسح تحت‬
‫ُ‬ ‫يبلغ متوسّ ُطه نحو ‪ 10‬أ�متار‪ .‬وقد ّوث َق‬
‫ّ‬
‫المبكر‪،‬‬ ‫الروماني‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تاريخها إ�لى العص ِر‬ ‫قل‪ ،‬يعودُ‬ ‫تحط ِم ثلاثة ُسفن على أ‬
‫ال� ّ‬ ‫الموقع‪ ،‬واكتُشفت أ�د ّل ٌة على ّ‬
‫تحديد تاريخ البقايا أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة‬ ‫ُ‬ ‫الوسطى‪ .‬وفي هذه الحالات‪ ،‬ي ُ‬
‫َعتمد‬ ‫َ‬ ‫والروماني المت أ� ّخر‪ ،‬والعصور‬
‫ال�واني نقل الفخاريّة أ‬
‫(ال�مفورا) المنتشرة في أ�جزا ٍء مختلف ٍة ِمن الموقع‪،‬‬ ‫كبيرا على ت أ�ريخ أ‬‫بالمياه اعتمادً ا ً‬
‫السطح لدراستها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جانب مجموع ٍة ِمن القطع الفخاريّة المم ّيزة التي ّتم رفعها إ�لى‬ ‫ِ‬ ‫إ�لى‬

‫القرن السادس‬
‫ِ‬ ‫تاريخ أ‬
‫ال�واني الفخاريّة المكتشفة إ�لى الفترة ِمن القرن الثاني قبل الميلاد إ�لى‬ ‫ُ‬ ‫يعودُ‬
‫مبدئي للقطع وتوثيقها وتصويرها قبل إ�عادتها تحت الماء م ّرة أ�خرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعد الميلاد‪ .‬وقد ّتم عمل ترميم‬
‫ال�بعاد لقاع البحر في ّ‬
‫عدة مناطق‬ ‫ثلاثي أ‬
‫ّ‬ ‫رقمي‬
‫لعمل توثيق ّ‬
‫ُخدمَت تقنيات التصوير الفوتوجرامتري ِ‬ ‫واست ِ‬
‫والحقب‬ ‫أ‬
‫ختلف ال�نواع ِ‬ ‫أ‬
‫هم الاكتشافات في مرسى باجوش �كثر ِمن ‪ِ 40‬مرساة ِمن ُم ِ‬ ‫أ‬ ‫ذات أ� ّ‬
‫هم ّي ٍة‪ .‬و ِمن � ّ‬
‫التاريخ ّية‪ .‬وقد شملت‪ :‬المرساوات الحجريّة‪ ،‬والمراساوات المصنوعة ِمن الرصاص‪ ،‬وتلك المصنوعة‬
‫الروماني المت أ� ّخر‪ ،‬ومرساوات القرون الوسطى‪ ،‬بال إ�ضافة إ�لى مرساوات‬
‫ّ‬ ‫ِمن الحديد‪ ،‬ومرساوات العصر‬
‫جميعها إ�لى استخدام هذا الموقع ِمن ِق َبل السفن‬
‫ُ‬ ‫البحريّة البريطان ّية ِمن القرن التاسع عشر‪ ،‬و ُتشير‬
‫ثري لمرسى باجوش‬ ‫المسح أ‬
‫ال� ّ‬ ‫ُ‬ ‫يقرب ِمن ‪ 2000‬سنة (الشكل‪ .)5‬وي ُّ‬
‫ُعد‬ ‫بشكل متّصل على مدى ما ُ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫المصري للبحر المتوسّ ط خارج‬ ‫ثري الوحيد تحت الماء على طول الساحل‬ ‫أ‬
‫حتّى ال�ن المشروع ال� ّ‬‫آ‬
‫ال إ�سكندريّة‪.15‬‬

‫‪14-See:https://honorfrostfoundation.org/grants-awarded/small-grants/egypt/cmauch/mar-‬‬
‫‪sa-bagoush/‬‬
‫‪15- Khalil, E. 2020. Marsa Bagoush Research Project, Egypt. The Honor Frost Foundation Short‬‬

‫‪17‬‬ ‫_‪Report Series. See: https://honorfrostfoundation.org/wp-content/uploads/2020/03/HFF_UTM‬‬


‫‪SR_Emad-Khalil_figures.pdf‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫البريطانية ثيسلجورم (مصر)‬
‫ّ‬ ‫الحربية‬
‫ّ‬ ‫السفينة‬

‫•الشكل ‪ :6‬عالم آثار يفحص دفّة السفينة الحربيّة الربيطانيّة ثيسلجورم ( ‪ ،)SS Thistlegorm‬مصر‪.‬‬
‫‪.© CMAUCH / Alicia Johnson‬‬
‫الجنوبي ِمن ِشب ِه‬
‫ّ‬ ‫محمد في الطرف‬ ‫ال�حمر ُقرب ر أ�س ّ‬ ‫يقع حطامُ السفينة «ثيسلجورم» في البحر أ‬
‫الغوص في العالم‪ ،‬وتجتذب السفينة‬ ‫ِ‬ ‫حد أ�شهر مَواقع‬ ‫جزير ِة سيناء‪ .‬ويُعتبر حطام السفينة «ثيسلجورم» أ� َ‬
‫سفينة بخاري ًّة تجاريّة بريطان ّية بُنيت في سندرلاند‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كل عام‪.‬كانت «ثيسلجورم»‬ ‫لاف ِمن الغ ّواصين ّ‬ ‫ال� َ‬
‫آ‬
‫جمالي ُحمولتها‬
‫ّ‬ ‫مترا‪ ،‬وعرضها ‪ 18‬مت ًرا‪ ،‬و إ�‬ ‫طول السفينة ‪ً 128‬‬ ‫بالمملكة المتّحدة عام سنة ‪ .1940‬وبلغ ُ‬
‫وال�رجنتين‬‫ال�مريك ّية أ‬ ‫‪ 4898‬طنًّا‪ .‬وقامت «ثيسلجورم» بثلاث رحلات ناجحة إ�لى الولايات المتّحدة أ‬
‫وال�خيرة في عام ‪ .1941‬وقد احتوت «ثيسلجورم» التي كانت‬ ‫وجزر الهند الغرب ّية قبل رحلتها الرابعة أ‬
‫ُ‬
‫الحربي للحلفاء في مصر‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬ ‫لدعم المجهود‬
‫ِ‬ ‫متّجهة ِمن غلاسكو إ�لى ال إ�سكندريّة‪ ،‬على إ�مدادات‬
‫كانت تحمل أ�طنا ًنا ِمن العتاد والمؤن‪ ،‬بما فيها الذخيرة والشاحنات والد ّراجات الناريّة والقطارات‬
‫َ‬
‫السفينة في ‪6‬‬ ‫ال�لمان ّية‬ ‫غر َقت الق ّو ُ‬
‫ات الج ّويّة أ‬ ‫و ِقطع ِغيا ِر الطائرات‪ .‬وقبل وصولها إ�لى ال إ�سكندريّة‪ ،‬أ� َ‬
‫ال�حمر‪.‬‬‫أ�كتوبر ‪ ،1941‬قبالة ساحل مصر على البح ِر أ‬

‫واسع كواحد ِمن أ�فضل‬ ‫معروف على نطاقٍ‬‫ٌ‬ ‫مترا‪ ،‬وبالرغم ِمن أ� ّنه‬
‫ال�ن على ُعمق ‪ً 32‬‬ ‫ويقع الحطامُ آ‬
‫ٍ‬
‫مواقع الغوص في العالم‪ ،‬إ� ّلا أ� ّن السفينة وتاريخها غير معروفين أل�غلب للجمهو ِر العا ّم ِمن غير‬
‫يوم خلال فصل الصيف‪ ،‬يزور موقع السفينة‬ ‫كل ٍ‬‫مكان آ�خر‪ .16‬ففي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الغ ّواصين‪ ،‬سواء في مصر أ�و في أ� ّي‬
‫اصا‪ ،‬وترسو تلك القوارب فوق الحطام‪.‬‬ ‫كل منها نحو ‪ 20‬غ ّو ً‬ ‫ما يُقارب ِمن ‪َ 10-8‬قوارب غوص‪ ،‬يحمل ٌّ‬
‫مما يعني أ� ّن ما بين ‪ 300‬و‪ 600‬عمل ّية‬ ‫بالغوص م ّرتين إ�لى ثلاث م ّرات حول الحطام‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويقوم ُّ‬
‫كل غ ّواص‬
‫عدة آ�ثار سلب ّية على‬
‫حيط سفينة «ثيسلجورم»‪ .‬وقد كان لهذا ال إ�قبال الكبير ّ‬ ‫يوم في ُم ِ‬
‫كل ٍ‬ ‫وص تجري ّ‬ ‫َغ ٍ‬
‫وكثيرا ما قام غ ّواصون‬
‫ً‬ ‫الموقع على م ِّر السنين‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ُ ،‬نهبت أ�شيا ٌء كثيرة ِمن الحطام‪،‬‬
‫التحكم في حركتهم تحت الماء‪ ،‬بالاصطدام أ‬
‫بال�جزاء‬ ‫ّ‬ ‫ضعف‬
‫ِ‬ ‫عديمو الخبرة‪ ،‬والذين يُعانون ِمن‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫الهشة للسفينة‪ ،‬متس ّببين في إ�حداث �ضرار بها‪ .‬كذلك‪ ،‬ترسو قوارب الغوص مباشرة على‬ ‫المعدن ّية ّ‬
‫مما يؤدّي‬ ‫الحبال والكابلات المعدن ّية في أ�جزاء ِمن جسم السفينة‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫نفسه‪ ،‬حيث تقوم بربط‬ ‫الحطام ِ‬
‫حدوث أ�ضرار بالغة بها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إ�لى‬

‫محمي بموجب ا ّتفاق ّية‬


‫ّ‬ ‫قل ِمن ‪ 100‬سنة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ف إ� ّن الموقع غير‬ ‫مر السفينة «ثيسلجورم» أ� ّ‬
‫ويبلغ ُع ُ‬
‫سياحي فريد يحتاج إ�لى الحماية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مهم‪ ،‬ومَو ِرد‬
‫وتراثي ّ‬
‫ّ‬ ‫تاريخي‬
‫ّ‬ ‫اليونسكو لعام ‪ .2001‬ومع ذلك‪ ،‬فهو موقع‬
‫دولي لتوثيق السفينة «ثيسلجورم» كجزء ِمن ُمبادر ٍة أ�وسع نطاقاً‬ ‫ولذلك‪ ،‬وفي عام ‪ ،2017‬بد أ� مشروع ّ‬
‫ال�حمر‪ .‬والمشروع هو ثمرة‬ ‫الغوص الرئيس ّية لحطام السفن في البحر أ‬ ‫تهدف إ�لى توثيق بعض مَواقع َ‬
‫وجامعتي ال إ�سكندريّة وعين شمس في مصر‪ .17‬وكانت‬ ‫ّ‬ ‫تعاون بين جامعة نوتنغهام في المملكة المتّحدة‬
‫أ‬
‫فصل وكامل لحطام السفينة لتسجيل ال�ضرار التي لحقت بها ِمن‬ ‫الخطوة أ‬
‫ال�ولى هي القيام بتوثيق ُم ّ‬
‫ال�بعاد للحطام كجزء ِمن عمل ّية‬ ‫ج ّراء قوارب الغوص‪ .‬بال إ�ضافة إ�لى ذلك‪ّ ،‬تم عمل نماذج رقم ّية ثلاث ّية أ‬
‫الدقة لداخل السفينة وخارجها‪ ،‬ولموقع الحطام‬ ‫التوثيق‪ ،‬حيث ال ُت ِق َطت أ�كثر ِمن ‪ 24,000‬صورة عالية ّ‬
‫الذي تبلغ مساحته ‪ 7‬أ�فدنة‪ .‬كذلك ّتم تصوير السفينة باستخدام تقنية الفيديو ‪ 360‬درجة‪ ،‬حيث يُمكن‬

‫‪16- See: https://thethistlegormproject.com/ and https://www.bbc.com/news/uk-england-not-‬‬


‫‪tinghamshire-41511171?tblang=english-ca‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪17- Brown, S., Henderson, J., Mustard, A. & Postons, M. 2020. Diving the Thistlegorm: The Ulti-‬‬
‫‪mate Guide to a World War II Shipwreck. Oxford: Dived Up Publications.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ً‬
‫انطباعا عن الغوص في‬ ‫مما يُعطي لغير الغ ّواصين‬
‫الافتراضي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تطبيقات مختلفة للواقع‬
‫ٍ‬ ‫استخدامه مع‬
‫مما يجعل‬
‫الافتراضي على شبكة ال إ�نترنت‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الموقع‪ّ .‬‬
‫وتتوفر النماذج الثلاث ّية ال�بعاد وتطبيقات الواقع‬
‫متاحا للجميع أل�وّل م ّرة (الشكل‪.18)7‬‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ً‬
‫ّ‬ ‫الاستثنائي للتراث‬
‫ّ‬ ‫هذا الموقع‬

‫•الشكل ‪ :7‬نموذج رقميّ للسفينة ثيسلجورم‪ ،‬مصر‬


‫‪©Simon Brown_ thethistlegormproject.com.‬‬

‫‪18- See: https://thethistlegormproject.com‬‬ ‫‪20‬‬


‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫السعودية)‬
‫ّ‬ ‫العربية‬
‫ّ‬ ‫حطام سفينة ُأملج (المملكة‬

‫•الشكل ‪: 8‬كومة مِن ِجرار املياه يف موقع حطام سفينة أُملج‪ ،‬اململكة‬
‫‪21‬‬ ‫العربيّة السعوديّة ©‪.Chiara Zazzaro‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ال�حمر‪ ،‬ويُعزَى ذلك‬ ‫حطام السفن القديمة ودراستها في البحر أ‬ ‫ِ‬ ‫قليل ًّ‬
‫جدا ِمن‬ ‫ّتم التع ّرف على عد ٍد ٍ‬
‫حفظ البقايا العضويّة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫جزئ ًّيا إ�لى الظروف البيئ ّية‪ ،‬حيث يؤثر دفء المياه في كثي ٍر ِمن ال�حيان على‬
‫معظم‬
‫ُ‬ ‫الحطام ِمن الصعوبة بمكان‪ .‬وتقع‬
‫ِ‬ ‫للشعاب المرجان ّية يجعل التع ّرف على‬ ‫ِ‬ ‫كما أ� ّن النمو المستم ّر‬
‫الغربي‪ ،‬وتشمل‬
‫ّ‬ ‫ال�ن على طولِ الساحل‬ ‫ال�حمر حتّى آ‬ ‫ال�ثريّة المسجّ لة في البحر أ‬ ‫أ�ماكن حطام السفن أ‬
‫المبكرة في منطقة فيوري شولز (مصر)‪ ،‬وحطام السفينة‬ ‫ّ‬ ‫حدى السفن الرومان ّية‬ ‫ال�ثار موقع حطام إ� َ‬‫هذه آ‬
‫البيزنط ّية في منطقة أ�ساركا ( إ�ريتريا)‪ ،‬وحطام السفن التي ترجع إ�لى القرن الثامن عشر التي ّتم التنقيب‬
‫بالقرب ِمن شرم الشيخ وجزيرة سعدانة (مصر) (الشكل‪ .)8‬ويُعتبر موقع حطام السفينة التي ُعثر‬ ‫ِ‬ ‫عنها‬
‫ال�حمر ‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫الشرقي للبحر أ‬
‫ّ‬ ‫هم الاكتشافات على طولِ الساحل‬ ‫عليها بالقرب ِمن أ�ملج (السعوديّة) ِمن أ� ّ‬

‫الغربي للمملكة العرب ّية السعوديّة‪ ،‬واكتُشف‬


‫ّ‬ ‫ُس ّمي حطام سفينة أ�ملج باسم بلد ٍة قريبة على الساحل‬
‫بل غ ّواصين ُهواة‪ .‬ويقع الحطام على ُعمق‬ ‫هذا الموقع ُصدفة‪ ،‬قبل أ�كثر ِمن ٍ‬
‫عقد ِمن الزمان‪ِ ،‬من ِق ِ‬
‫جدة‪ .‬وفي وقت إ�عادة اكتشاف الموقع ودراسته‪ ،‬كان‬ ‫كيلومترا شمال مدينة ّ‬
‫ً‬ ‫مترا‪ ،‬وعلى بُعد ‪425‬‬
‫‪ً 22‬‬
‫الوطني‬
‫ّ‬ ‫الحطام قد تع ّرض للنهب ُجزئ ًّيا‪ .‬ولكن في عام ‪ ،2015‬وضعت الهيئة العامّة للسياحة والتراث‬
‫(هيئة التراث حال ًّيا) هذا الموقع تحت الحماية بموجب ا ّتفاق ّية اليونسكو لحماية التراث المغمور‬
‫بالمياه‪ ،‬والتي صادَ قت عليها المملكة العرب ّية السعوديّة في العام نفسه‪.‬‬

‫بحثي مشترك ِمن الهيئة‬


‫ّ‬ ‫بداية مشروع مسح وتنقيب في الموقع ِمن ِقبل فريق‬ ‫َ‬ ‫كما شهد عام ‪2015‬‬
‫مفصل‬
‫الوطني وجامعة نابولي لورينتالي ال إ�يطال ّية‪ .‬وقام الفريق بعمل توثيق ّ‬
‫ّ‬ ‫العامّة للسياحة والتراث‬
‫أ‬ ‫ُ‬
‫البحث � ّن موقع الحطام في‬ ‫تضمن بقايا هيكل السفينة والحمولة التي كانت عليها‪ .‬وكشف‬ ‫للموقع ّ‬
‫مترا‬
‫تمتد على مساحة ‪ً 36‬‬ ‫مترا‪ ،‬مع وجود بقايا فعل ّية للهيكل ّ‬ ‫مترا ‪ً X 16‬‬
‫يمتد على مساحة ‪ً 40‬‬ ‫أ�ملج ّ‬
‫ال�رجح ِمن خشب‬ ‫تحليل ع ّينات الخشب ِمن الحطام أ� ّن هيكل السفينة ُص ِنع على أ‬ ‫ُ‬ ‫‪ X 9‬أ�متار‪ .‬وكشف‬
‫التخزين الكبيرة‬
‫ٍ‬ ‫وتضمنت حمولة السفينة حوالي ‪ 1000‬ج ّرة فخاريّة وعددً ا ِمن أ�وعية‬ ‫ّ‬ ‫الصنوبر والب ّلوط‪.‬‬
‫ِمن الفخار‪ ،‬التي ِمن المرجّ ح أ� ّنها استخدمت لنقل المياه العذبة والمواد الغذائ ّية‪ .‬وحملت السفينة‬
‫ال�وعية الخزف ّية الزرقاء والبيضاء صين ّية الصنع‪ .‬وقد سمحت ُحمولة الخزف هذه بت أ�ريخ‬ ‫يضا المئات ِمن أ‬ ‫أ� ً‬
‫ُ‬
‫النصف الثاني تقري ًبا ِمن القرن الثامن عشر بعد الميلاد‪ .‬وشملت أ�صناف البضائع‬ ‫ِ‬ ‫حطام السفينة إ�لى‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ال�خرى أ�واني معدن ّية وقوارير زجاج ّية وثمار جوز الهند‪ ،‬فضلا عن متعلقات شخص ّية مثل؛ غلايين التبغ‬ ‫أ‬
‫العثماني المصنوعة ِمن الفخار‪.20‬‬
‫ّ‬ ‫ذات الطراز‬

‫الهندي لا ُتشير بالضرورة‬


‫ّ‬ ‫نتجات المحيط‬
‫ِ‬ ‫الصيني وغيره ِمن ُم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وحقيقة احتواء هذه السفينة على الخزف‬
‫ال�حمر‪ .‬ويُعتقد‪ ،‬في الواقع‪ ،‬أ� ّن تلك السفينة كانت تعمل‬‫إ�لى الملاحة المباشرة ِمن الشرق إ�لى البحر أ‬

‫‪19- Chiara Zazzaro, C., Loreto, R. & Visconti, C. 2017. An eighteenth-century merchantman off‬‬
‫‪the Red Sea coast of Saudi Arabia. Proceedings of the Seminar for Arabian Studies, 47. Oxford:‬‬
‫‪Archaeopress, pp. 253–268.‬‬
‫‪20- Visconti, C. 2018. A Cargo of Chinese Porcelain from a Shipwreck in the Red Sea. Orientations,‬‬
‫‪49.3, pp. 102–107.‬‬ ‫‪22‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ً‬
‫وهبوطا ِمن مدينة ّ‬
‫جدة إ�لى مدينة السويس‪ .‬و ِمن‬ ‫فقط داخل البحر أ‬
‫ال�حمر‪ ،‬حيث كانت تتنقل صعودً ا‬
‫ليتم شحنه إ�لى السويس‪ ،‬قبل‬ ‫الصيني في مدينة ّ‬
‫جدة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المحتمل أ�ن تكون السفينة قد ُحملت بالخزف‬
‫ال�وسط والشرق أ‬
‫ال�دنى‪.21‬‬ ‫أ�ن ينتقل إ�لى مناطق أ�خرى في الشرق أ‬

‫وحمولتها الحطامين اللذين ّتم اكتشافهما ساب ًقا قبالة جزيرة سعدانة وفي شرم‬ ‫ُ‬
‫السفينة في هيكلها ُ‬ ‫ُتشبهُ‬
‫الشيخ في مصر (الشكل‪ .22)9‬و ِمن المرجّ ح أ� ّن هذه السفن كانت تعمل خلال فتر ٍة ّتم فيها تقييد وصول‬
‫تحكموا في حركة سفن النقل الشراع ّية‬ ‫بل العثمانيين الذين ّ‬ ‫ال�حمر ِمن ِق ِ‬‫ال�وروبيين إ�لى موانئ البحر أ‬ ‫أ‬
‫زءا ِمن آ�خر أ‬
‫ال�د ّلة على‬ ‫مهمة؛ أل�نها ُتم ّثل ُج ً‬
‫الكبيرة‪ .‬أ�مّا دراسة ُحمولة تلك السفن فله قيمة تاريخ ّية ّ‬
‫ال�حمر‪.‬‬ ‫وروبي في البحر أ‬
‫ال� ّ‬ ‫الطرق التجاريّة المصريّة ‪ -‬العرب ّية قبل التوسّ ع أ‬

‫•الشكل ‪ :9‬تمّ اكتشاف كمّيّات كبرية مِن أباريق املاء َ‬


‫وغاليني التبغ يف موقع حطام سفينة جزيرة السعدانة‪ ،‬مصر‬
‫© ‪.Institute of Nautical Archaeology/Netia Piercy‬‬

‫‪21- Zazzaro, C., Loreto, R. & Cocca, E. 2016. 3D surveying of an eighteenth-century merchantman‬‬
‫‪off the Red Sea coast of Saudi Arabia. Skyllis, 16.1, pp. 68–73.‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪22- Ward, C. 2001. The Sadana Island Shipwreck: An Eighteenth-Century AD Merchantman off the‬‬
‫‪Red Sea Coast of Egypt. World Archaeology. 32.3:368–382.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫أحواض السمك في شرشال (الجزائر)‬

‫•الشكل ‪ :10‬بقايا أحواض السمك املنحوتة يف الصخر يف‬


‫شرشال‪ ،‬الجزائر‪ © .‬رفيق خالف‪.‬‬
‫يتم‬
‫ثري‪ ،23‬ومع ذلك‪ ،‬لم ّ‬ ‫غني بالتراث أ‬
‫ال� ّ‬ ‫مع تسجيل أ�كثر ِمن ‪ 370‬موقعً ا أ�ثريًّا‪ ،‬ف إ� ّن ساحل الجزائر ّ‬
‫ال�ثار المغمورة بالمياه في الجزائر حتّى عام ‪ .2005‬وفي عام ‪ ،2018‬أ�دَّى ٌ‬
‫مسح‬ ‫إ�جراء بحوث حول آ‬
‫تحت الماء قام به علماء آ�ثار جزائريّون إ�لى ٍ‬
‫فهم أ�عمق لموقعين متم ّيزين بولاية تيبازة ومدينة شرشال‪.‬‬

‫قديما‪ ،‬عاصمة الولاية الرومان ّية في شمال إ�فريقيا‪ ،‬وهي ُتم ّثل منطقة‬
‫كانت شرشال‪ ،‬موريتانية القيصريّة ً‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ساحل ّية ذات إ�مكان ّية كبيرة لل أ�بحاث ال�ثريّة المغمورة بالمياه‪ .‬وقد اكتُشفت ّ‬
‫عدة مَواقع مختلفة ال�نواع‬
‫ال�سماك تعود‬ ‫هم تلك المواقع بقايا أ�حواض لتربية أ‬ ‫والحقب التاريخ ّية تحت الماء في شرشال‪ ،‬و ِمن أ� ّ‬
‫الروماني‪ ،‬وهي منحوتة في الصخور‪ .‬وقد اكتُشفت ثلاثة أ�حواض مستطيلة أل�وّل م ّرة في‬ ‫ّ‬ ‫إ�لى العصر‬
‫ال�حواض بها فتحات تؤدّي إ�لى البحر‪ ،‬والتي‬ ‫يقل عن متر واحد‪ ،‬وكانت جدران أ‬ ‫مق ّ‬ ‫عام ‪ 1967‬على ُع ٍ‬
‫ال�حواض لتخزين‬ ‫المد‪ .‬وقد استُخدمت هذه أ‬ ‫ال�حواض بمياه البحر أ�ثناء ّ‬ ‫ال�رجح تزوّد أ‬‫كانت على أ‬
‫ال�سماك الح ّية قبل استهلاكها أ�و تجهيزها أ�و إ�عادة تصديرها‪ .‬و ُتشير دراس ٌة أ�جريت ّ‬
‫مؤخ ًرا في الموقع‬ ‫أ‬
‫ال�صل‪ ،‬ما يصل إ�لى سبعة أ�حواض لل أ�سماك في شرشال بال إ�ضافة إ�لى‬ ‫إ�لى أ� ّنه‪ ،‬ربّما كان هناك في أ‬
‫ال�سماك ‪.‬‬
‫‪24‬‬ ‫أ�ربعة أ�حواض مربّعة محفورة على الشاطئ المقابل‪ ،‬والتي ربّما كانت ُتستخدم في تمليح أ‬

‫‪23- Khellaf, R. Underwater Archaeology in Algeria, The Nautical Archaeology Digital Library. See:‬‬
‫‪https://shiplib.org/index.php/landscapes/africa/underwater-archaeology-in-algeria/‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪24- Kellaf, R. & Bensaidani, Y. 2020. Study of underwater archaeological sites in the western re-‬‬
‫‪gions of Cherchell. Journal of Archaeological Studies, 18.1, pp. 6–20.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫مرفأ جبيل ومرسى أنفه (لبنان)‬

‫•الشكل ‪ :11‬منظر جوّي للشاطئ القريب ملنطقة جبيل‬


‫تظهر ‪©Byblos & the Sea/Martine Francis-Allouche‬‬
‫يُذكر أ� ّن جبيل القديمة (التي تقع على بُعد ‪ 40‬كلم شمال بيروت في لبنان) هي إ�حـ َـدى أ�قدم‬
‫العالمي‪ .‬ففي أ‬
‫ال�لف ّية‬ ‫ّ‬ ‫المستوطنات في العالم‪ ،‬وقد صنّفتها ّ‬
‫منظمة اليونسكو عام ‪ 1983‬مَوقعً ا للتراث‬
‫الحجري الحديث‪ ،‬استق ّر الص ّيادون في ر أ�س مدينة جبيل‪ ،‬مسجّ لين‬
‫ّ‬ ‫الخامسة قبل الميلاد‪ ،‬خلال العصر‬
‫ّ‬
‫البشري المتواصل‪ ،‬والذي لا يزال‬ ‫مدى ‪ 8000‬عام ِمن التواجد‬‫امتد على َ‬
‫استثنائي ّ‬
‫ّ‬ ‫تاريخ‬
‫ٍ‬ ‫بذلك َ‬
‫بداية‬
‫مستم ًّرا حتّى يومنا هذا‪.‬‬

‫متعددة‪ ،‬بد أ�ت الاستكشافات البحريّة في جبيل ِمن ِقبل عالمة آ‬


‫ال�ثار‬ ‫وبناء على أ�د ّل ٍة تاريخ ّية و أ�ثريّة ّ‬
‫ً‬
‫البريطان ّية «اونر فروست» في ستين ّيات القرن العشرين‪ ،‬واستؤنفت في أ�واخر التسعين ّيات‪ .‬ومنذ عام‬
‫ّ‬
‫متعدد‬ ‫‪ ،2011‬يعمل مشروع «بيبلوس والبحر « (بيبلوس هو الاسم القديم للجبيل)‪ ،‬وهو مشروع‬
‫لبناني ِمن كوليج دو فرانس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فرنسي‬
‫ّ‬ ‫التخصصات مم ّول ِمن مؤسّ سة «اونر فروست»‪ ،‬ويقوده ٌ‬
‫فريق‬ ‫ّ‬
‫وبالتعاون مع المديريّة العامّة لل آ�ثار في لبنان‪ ،‬يعمل على التوسّ ع في الدراسات التي قامت بها‬
‫ال�ن‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫فروست‪ .25‬وقد ُن ِّف َذت عشرة مواسم عمل ميدان ّية في إ�طار المشروع الحالي حتّى آ‬
‫الساحلي في جبيل بكامله‪ ،‬وزيادة المعلومات المتع ّلقة بالمم ّرات البحريّة إ�لى جبيل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط‬ ‫دراسة‬
‫ّ‬
‫البرونزي‪.‬‬ ‫المهم في العصر‬
‫ّ‬ ‫وتحديد موقع مينائها‬

‫الجنوبي للمدينة القديمة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ُعد في ُجز ٍء ِمن النطاق‬
‫مسح بتقنية الاستشعار عن ب ٍ‬ ‫في عام ‪ ،2013‬أ�جري ٌ‬
‫خط الساحل القديم‬ ‫خليج كبير قديم مدفون‪ ،‬وكشف عن ّ‬ ‫َ‬
‫محيط‬ ‫ونتج عنه صور ٌة ثنائ ّية أ‬
‫ال�بعاد ُتب ّين‬
‫ٍ‬
‫الساحلي الحالي‪ .‬و أ� ّكدت تحليلات الرسوب ّيات التي أ�جريت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط‬ ‫امتد نحو ‪ 100‬متر إ�لى داخل‬ ‫الذي ّ‬
‫امتد حوض الميناء ِمن ‪10,000‬‬ ‫ّ‬
‫في المنطقة نفسها وجود ميناء كبير مغطى بالرواسب (الشكل‪ّ .)11‬‬
‫خط الساحل‬ ‫إ�لى ‪ 12,000‬متر مربّع‪ ،‬وبلغ متوسّ ط ُعمقه ‪ 1،5‬متر في المياه الضحلة و‪ 4‬أ�متار تحت ّ‬
‫ال�عماق التي أ�جريت على قاع البحر الضحل قبالة خليج‬ ‫الحالي‪ .‬وعلاوة على ذلك‪ ،‬ف إ� ّن مسوحات أ‬
‫جورة عثمان‪ ،‬وقبالة حوض ميناء جبيل المدفون‪ ،‬أ�ظهرت وجود طبقة أ�عمق ِمن قاع البحر تعلوها طبق ٌة‬
‫تغطي قاع البحر القديم‪ .26‬ويُشير هذا إ�لى أ� ّن‬ ‫سميكة ِمن الرواسب السائبة (تصل إ�لى نحو ‪ 5‬أ�متار) ّ‬
‫صلي لخليج جورة عثمان يُماثل ُعمق قاع حوض الميناء المدفون‪ ،‬ويُشير كذلك إ�لى أ� ّن‬ ‫ال� ّ‬‫العمق أ‬
‫البحري‪ ،‬كانت ‪ -‬ذات‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المغطى بالرواسب والخليج‬ ‫الداخلي‬
‫ّ‬ ‫المنطقة ب أ�كملها‪ ،‬بما في ذلك الحوض‬
‫يوم ‪ -‬أ�كبر و أ�عمق ِمن الخليج‪ ،‬حيث كانت عميقة بما يكفي للسماح ب إ�رساء السفن‪ .‬وهكذا سمحت‬
‫ّ‬
‫البرونزي‪ ،‬كان موجودً ا في هذه‬ ‫ال�ثار باستنتاج أ� ّن ميناء جبيل الذي يعود إ�لى العصر‬ ‫دراسات علماء آ‬
‫ّ‬
‫الصخري الذي بُنيت عليه المدينة القديمة‪.27‬‬ ‫الجنوبي للر أ�س‬
‫ّ‬ ‫المنطقة عند الطرف‬

‫‪25- See: https://honorfrostfoundation.org/2020/06/25/byblos-lebanon/‬‬


‫‪26- Francis-Allouche, M. & Grimal, N. 2016. The Maritime Approaches to Ancient Byblos (Leba-‬‬
‫‪non). Journal of Eastern Mediterranean Archaeology and Heritage Studies, 4.2–3, pp. 242–277.‬‬
‫‪27- Francis-Allouche, M. & Grimal, N. 2019. Honoring the Lady of Byblos. In: L. Blue (ed.), In the‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪Footsteps of Honor Frost: The life and legacy of a pioneer in maritime archaeology. Leiden: Side-‬‬
‫‪stone Press, pp. 109–137.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الطبيعي في منطقة أ�نفه‪ .28‬وتقع قرية أ�نفه‬
‫ّ‬ ‫مهم آ�خر في لبنان‪ ،‬هو دراسة المرسى‬ ‫وثمة مشروع ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫كيلومترا شمالي بيروت‪ ،‬وتتّخذ شكل نتوء بطول‬ ‫ً‬ ‫الساحل ّية على بُعد ‪ 15‬كيلومت ًرا جنوبي طرابلس‪ ،‬و‪70‬‬
‫ّ‬
‫الصخري الذي يرتفع‬ ‫أ‬
‫غربي‪ .‬ويُطلق على الر�س‬ ‫ّ‬ ‫شرقي‬
‫ّ‬ ‫مترا‪ ،‬وبا ّتجاه‬ ‫‪ 400‬متر وعرضه أ‬
‫ال�قصى ‪ً 120‬‬
‫ّ‬
‫الصخري‬ ‫الساحلي الواقع شمال الر أ�س‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط‬ ‫مترا فوق سطح البحر‪ ،‬ر أ�س القلعة‪ .‬ويتع ّرض‬ ‫نحو ‪ً 14‬‬
‫ّ‬
‫الخط‬ ‫بالقرب ِمن ِشبه الجزيرة‪ ،‬ي ّ‬
‫ُشكل‬ ‫ِ‬ ‫يوفر أ� ّي حماية للسفن في البحر‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫للرياح‪ ،‬ولا ّ‬
‫ويوفران مراسي طبيع ّية‪ .‬و إ�لى الجنوب ِمن‬ ‫بشكل ج ّيد‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫الساحلي خليجين كبيرين ضحلين محميين‬ ‫ّ‬
‫الصخري منخفض‪ ،‬ويتك ّون ِمن مدخل صغير مع خليج مفتوح‪ ،‬في ِحمى‬ ‫ّ‬ ‫ر أ�س القلعة‪ ،‬ف إ� ّن الشاطئ‬
‫الصخري‪ ،‬ومناسب لرسو السفن خلال فترات الرياح الشمال ّية العاتية (الشكل‪.)12‬‬ ‫ّ‬ ‫الر أ�س‬

‫ٌ‬
‫فريق ِمن‬ ‫عامي ‪ 2013‬و‪ ،2018‬أ�جـ َـرى‬ ‫ّ‬ ‫وبين‬
‫جامعة البلمند في لبنان‪ ،‬وجامعة ساوثهامبتون‬
‫مسحا شام ًلا تحت‬ ‫ً‬ ‫في المملكة المتّحدة‪،‬‬
‫بتمويل ِمن مؤسّ سة «اونر‬‫ٍ‬ ‫الماء لمرسى أ�نفه‪،‬‬
‫ال�ثــار المغمورة‬‫فروست»‪ .‬وقد أ�سفر مشروع آ‬
‫بالمياه في أ�نفه عن اكتشاف عدد كبير ِمن‬
‫مما‬ ‫ال�حجام أ‬
‫وال�نــواع‪ّ .‬‬ ‫المرساوات بمختلف أ‬
‫يشير إ�لــى أ� ّن الخليج‪ ،‬المحمي ِمــن الرياح‬
‫معروفا للرسو في العصور‬ ‫ً‬ ‫الشمال ّية‪ ،‬كان موقعً ا‬
‫أ‬
‫القديمة‪ .‬وبال إ�ضافة إ�لى ذلك‪ ،‬كشفت � ً‬
‫يضا‬
‫نطاقا ‪ -‬تشمل تصوير‬ ‫ً‬ ‫دراســ ٌة ساحل ّية أ�وســع‬
‫ال�بعاد لقاع البحر‪ ،‬ودراسة‬ ‫ثلاثي أ‬‫ّ‬ ‫فوتوجرامتري‬
‫تغ ّير مستوى سطح البحر‪ ،‬والاستشعار عن بُعد‬
‫– كشفت عن عـ ّـدة مراسي بحريّة محتملة‪،‬‬
‫وغيرها ِمن ِسمات الساحل في تلك المنطقة‪.29‬‬

‫•الشكل ‪ :12‬عاملة آثــار تفحص أحــد مقاطع البناء‬


‫الحجريّة بني الطحالب التي ّ‬
‫تغطي قاع البحر يف أنفه‪،‬‬
‫لبنان ©‪.Lucy Semaan‬‬

‫‪28- Semaan, L. 2019. Report on the three-year postdoctoral fellowship of Lucy Semaan. Honor‬‬
‫­‪Frost Foundation. See: https://honorfrostfoundation.org/grants-awarded/research-grants/leba‬‬
‫‪non/hff-lebanon-team/projects/‬‬
‫‪29 -Semaan L. & Salama, M.S. 2019. Underwater Photogrammetric Recording at the Site of Anfeh,‬‬
‫‪Lebanon. In: J. McCarthy, J. Benjamin, T. Winton & W. van Duivenvoorde (eds.). 3D Recording‬‬
‫‪and Interpretation for Maritime Archaeology. Coastal Research Library, vol 31. Springer, pp.‬‬
‫‪67–87. See: https://doi.org/10.1007/978-3-030-03635-5_5‬‬ ‫‪28‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫مدينة نيابوليس المغمورة (تونس)‬

‫•الشكل ‪ :13‬علماء اآلثار يفحصون أطالل نيابوليس املغمورة‬


‫باملياه‪ ،‬تونس ©‪National Heritage Institute Tunisia‬‬

‫‪29‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫التونسي للتراث وجامعة ساساري في إ�يطاليا‬
‫ّ‬ ‫الوطني‬
‫ّ‬ ‫منذ عام ‪ ،2010‬يقوم علماء آ�ثا ٍر ِمن المعهد‬
‫الحمامات بح ًثا عن مدينة نيابوليس الرومان ّية القديمة‪ .‬وقد ُغمرت تلك البلدة‪ ،‬التي‬‫باستكشاف خليج ّ‬
‫مدى تاريخها‪ُ ،‬جزئ ًّيا‪ ،‬جراء أ�مواج التسونامي التي أ�عقبت زلزالاً‬
‫زلزالي كبير على َ‬ ‫ّ‬ ‫نشاط‬
‫ٍ‬ ‫عانت ِمن‬
‫ال�بيض المتوسّ ط في عام ‪ 365‬م‪ّ ،‬ثم غمرتها المياه بالكامل‬ ‫عدة ُمدن ساحل ّية في البحر أ‬ ‫هائل ًا أ�صاب ّ‬
‫فيما بعد (الشكل‪.)13‬‬

‫امتدت على‬ ‫ال�ثار البحريّة بقايا المدينة الرومان ّية المفقودة‪ ،‬التي ّ‬‫علماء آ‬
‫ُ‬ ‫وفي عام ‪ ،2017‬اكتشف‬
‫مساح ٍة تزيد على ‪ 50‬هكتا ًرا قبالة ساحل مدينة نابل التونس ّية ‪ .‬وكانت نيابوليس مركزً ا صناع ًّيا وتجاريًّا‬
‫‪30‬‬

‫مشهو ًرا ب إ�نتاج صلصة السمك (الغاروم)‪ .‬إ�ذ كان الغاروم طعامًا شه ًّيا يُستعمل على نطاقٍ واسع في‬
‫ال�بيض المتوسّ ط‪ .‬و ِمن بين البقايا التي‬ ‫الحقبتين اليونان ّية والرومان ّية‪ ،‬ويُشحن ِمن نيابوليس عبر البحر أ‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬وحوالي ‪ 100‬حوض محفور في الصخر‬ ‫ال�ثار‪ ،‬دليل ًا على الشوارع والمعالم أ‬‫لماء آ‬
‫َع َث َر عليها ُع ُ‬
‫ُ‬
‫ُتستخدم لصنع الغاروم ‪ .‬و أ�ظهر هذا الاكتشاف أ� ّن نيابوليس كانت واحدة ِمن أ�كبر المراكز في العالم‬
‫‪31‬‬

‫ال�وسع‬ ‫همة لفهمنا للشبك ِة التجاريّة أ‬‫بيانات ُم ّ‬


‫ٍ‬ ‫ضاف البحث‬ ‫الروماني ل إ�نتاج الغاروم والسمك المم ّلح‪ ،‬و أ� َ‬
‫ّ‬
‫لل�إمبراطوريّة الرومان ّية ككل‪ّ.‬‬

‫‪30- See: https://www.smithsonianmag.com/smart-news/ruins-roman-city-found-underwa-‬‬


‫‪ter-180964738/‬‬
‫‪31- See: https://interestingengineering.com/archaeologists-discover-an-entire-city-swept-‬‬
‫‪away-by-tsunami-1700-years-ago‬‬ ‫‪30‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫التراث الثقافيّ المغمور بالمياه في منطقة سكيركي‬
‫الصقلي (إيطاليا)‬
‫ّ‬ ‫(تونس) والقنال‬

‫•• الشكل ‪ :14‬فريق بعثة املسح األثري املغمور باملياه لحماية الرتاث الثقايف الغارق‬
‫على ضفة سكريكي وقناة صقلية © ‪Angel Fitor / UNESCO‬‬

‫‪31‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫كيلومترا تقري ًبا شمال‬
‫ً‬ ‫سلسلة ِمن الصخور تقع في المياه الدول ّية‪ ،‬وعلى بُعد ‪60‬‬ ‫ً‬ ‫ُتم ّثل منطقة سكيركي‬
‫فريق ّ‬
‫متعددُ‬ ‫عامي ‪ 1989‬و‪ ،1997‬استخدم ٌ‬ ‫ّ‬ ‫كيلومترا غرب صق ّلية‪ .‬وفي الفترة ما بين‬ ‫ً‬ ‫تونس و‪80‬‬
‫ُعد‪ ،‬وباستخدام مركبات مسح‬ ‫آ‬
‫التخصصات ِمن علماء ال�ثار والمهندسين تقنيات الاستشعار عن ب ٍ‬ ‫ّ‬
‫أ‬
‫ُعد‪ ،‬ل إ�جراء استكشافات �ثريّة تحت الماء في المنطقة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يتم التحكم فيها عن ب ٍ‬ ‫وتصوير تحت الماء ّ‬
‫أ‬ ‫آ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويُعتبر هذا المشروع نقطة بارزة في تاريخ دراسة ال�ثار في المياه العميقة في البحر ال�بيض المتوسّ ط‪،‬‬
‫عمق يبلغ ‪ 800‬متر‪.32‬‬ ‫ال�ثريّة‪ِ ،‬من بينها العديد ِمن حطام السفن‪ ،‬على ٍ‬ ‫إ�ذ اكت ُِش َف العديد ِمن البقايا أ‬
‫ال�مفورا‪ ،‬حيث ُتشير إ�لى‬ ‫بناء على ما حملته ِمن جرا ٍر فخاريّة ِمن نوع أ‬ ‫وقد ّتم ت أ�ريخ حطام السفن ً‬
‫خمس منها على‬‫ٌ‬ ‫سفن ِمن القرن الثاني قبل الميلاد إ�لى أ�واخر القرن التاسع عشر بعد الميلاد‪ ،‬وترجع‬ ‫ٍ‬
‫مهمة في‬ ‫ّ‬
‫الروماني ‪ .‬تقع منطقة سكيركي عند تقاطع عدة طرقِ تجارة بحريّة كانت ّ‬ ‫‪33‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫ال�قل إ�لى العصر‬ ‫أ‬
‫العصور القديمة‪ .‬وقد أ�سفر البحث في المنطقة عن أ�د ّل ٍة بارزة على التجارة والنقل في منطقة البحر‬
‫ال�بيض المتوسّ ط‪ .‬ويُظهر تن ّوع وكثافة حطام السفن أ� ّن المنطقة كانت طري ًقا ملاح ًّيا متك ّر ًرا بين قرطاج‬ ‫أ‬
‫وروما‪ ،‬وبين شرق وغرب البحر أ‬
‫ال�بيض المتوسّ ط‪.‬‬
‫السلطات ال إ�يطال ّية اليونسكو باكتشاف المزيد ِمن حطام السفن أ‬
‫ال�ثريّة ذات‬ ‫ُ‬ ‫وفي عام ‪ ،2018‬أ�بلغت‬
‫تن ّوع كبير ِمن حيث التاريخ والطراز‪ ،‬غارقة في منطقة سكيركي ومحيطها‪ .‬وفي إ�طار ا ّتفاق ّية اليونسكو‬
‫لعام ‪ ،2001‬أ�طلقت مبادر ٌة دول ّية جديدة لدراسة منطقة سكيركي وحمايتها‪ .‬وتقع البقايا أ‬
‫ال�ثريّة‬
‫التونسي؛ ولذلك‪ ،‬تتو ّلى تونس قيادة المبادرة الجديدة بالتعاون‬
‫ّ‬ ‫المغمورة في جز ٍء ِمن الجرف القاري‬
‫أ‬
‫مع إ�سبانيا و إ�يطاليا والجزائر وكرواتيا ومصر والمغرب وال�مانة العامّة لليونسكو‪.‬‬

‫توصيات عديدة‪ ،‬منها؛‬‫ٍ‬ ‫عدة اجتماعات ومناقشات دول ّية بش أ�ن حماية الموقع‪ ،‬أ�سفرت عن‬ ‫ُوعقدت ّ‬
‫ثري‬‫مسح أ� ّ‬
‫ٍ‬ ‫جراء‬ ‫ُ‬
‫التوصيات إ� َ‬ ‫دراسة الحالة العلم ّية والتقن ّية والتشريع ّية المتع ّلقة بالموقع‪ .‬وشملت‬
‫وجيوفيزيائي مشترك لموقع سكيركي المغمور بالمياه‪ ،‬إ�لى جانب حملة إ�علام ّية لزيادة الوعي العا ّم‬ ‫ّ‬
‫أ‬
‫بالقيمة الثقاف ّية والعلم ّية للمنطقة‪ .‬في عام ‪ ،2022‬تعاون باحثون من �صحاب المصلحة الثمانية في‬
‫المشروع لقيادة مهمة أ�ثرية ناجحة تحت الماء‪ .‬جرى على مدى ‪ 14‬يومًا ‪ ،‬على متن السفينة العلمية‬
‫الفرنسية ‪ ،‬أ�لفريد ميرلين ‪ ،‬في المياه الدولية ‪ ،‬على الجرف القاري ال إ�يطالي ‪ ،‬بتنسيق من إ�يطاليا ‪ ،‬ثم‬
‫على الجرف القاري التونسي بتنسيق من تونس ‪ ،‬وف ًقا للمادة ‪ .10‬من الاتفاقية‪ .‬أل�ول مرة ‪ ،‬وضع علماء‬
‫وحسنوا رسم خرائط المنطقة من أ�جل حماية التراث الثقافي المغمور‬ ‫دوليون نماذج لحطام السفن ّ‬
‫ّ‬
‫بالمياه على المدى الطويل‪ .‬وتستند المبادرة التعاون ّية الدول ّية في منطقة سكيركي إ�لى خط ٍة ل إ�دارة‬
‫جل حماي ِة التراث المغمور بالمياه خارج نطاق ولاية المياه‬ ‫وفريدا للتعاون ِمن أ� ِ‬
‫ً‬ ‫الموقع‪ ،‬و ُتعتبر ً‬
‫مثالا بار ًزا‬
‫ال إ�قليم ّية‪ ،‬وبموجب مبادئ ا ّتفاق ّية اليونسكو لعام ‪. 2001‬‬
‫‪34‬‬

‫‪32- Ballard, R.D., McCann, A.M., Yoerger, D., Whitcomb, L., Mindell, D., Oleson, J., Singh, H., Foley,‬‬
‫­‪B., Adams J., & Picheota, D. 2000. The Discovery of Ancient History in the Deep Sea Using Ad‬‬
‫‪vanced Deep Submergence Technology. Deep- Sea Research Part I, 47.9, pp. 1591–1620.‬‬
‫‪33- McCann, A. M. 2000. Amphoras from the Deep Sea: Ancient Shipwrecks Between Car­thage‬‬
‫‪and Rome. Rei Cretariae Romane Favtorvm Acta, 36, pp. 443–448.‬‬
‫‪34- See:http://www.unesco.org/new/en/culture/themes/dynamic-content-single-view/‬‬
‫‪32‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه وما يرتبط به ِمن معارف‬
‫ّ‬ ‫التراث‬

‫•الشكل ‪ :15‬مسبحة مِن مقتنيات السفينة ماري روز‪Peter Crossman of the Mary Rose Trust © .‬‬

‫‪33‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الشكل ‪ :16‬قطعة وزن رنانة على سياق يوناني وجدت يف املوقع املغمور ملرسى باجوش عماد خليل ‪©CMAUCH /‬‬

‫‪34‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه دَ و ًرا محوريًّا في فهمنا لتط ّور المجتمعات‪ .‬ويُمكن للتراث‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫دراسة التراث‬ ‫لعبت‬
‫آ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬ولاس ّيما حطام السفن‪ ،‬والمنش�ت المغمورة بالمياه‪ ،‬والمناطق الساحل ّية التي‬ ‫ّ‬
‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫كانت م�هولة سابقا‪� ،‬ن تلقي الضوء على التغ ّيرات الطبيع ّية والبيئ ّية‪ ،‬وكذلك على المعارف وال�نشطة‬ ‫أ‬
‫التكنولوجي والتط ّورات الاجتماع ّية والثقاف ّية والسياس ّية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتقدم‬ ‫السابقة المرتبطة بالتجارة والاقتصاد‬
‫والطقوس والمعتقدات في العصور المختلفة ‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬هناك تن ّوع كبير في تصميم وبناء‬
‫‪35‬‬

‫السفن والقوارب‪ ،‬تبعً ا لعصرها والغرض منها (مثل الصيد‪ ،‬والحرب‪ ،‬والتجارة‪ ،‬وغير ذلك)‪ ،‬والبيئة‬
‫وال�ساليب المستخدمة في بنائها‪ .‬و ِمن ّثم‪ ،‬ف إ� ّن دراسة حطام السفن‬ ‫(الموقع والمناخ) التي بُنيت فيها‪ ،‬أ‬
‫احتياجات و أ�نشط ِة المجتمعات التي بنت تلك السفن واستخدمتها على م ِّر العصور‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُتخبرنا بالكثير عن‬

‫ال�ن‪ ،‬يرجع‬ ‫ال�بيض المتوسّ ط حتّى آ‬ ‫فمن بين أ�كثر ِمن أ�لف حطام سفين ٍة قديمة ُسجّ لت في البحر أ‬ ‫ِ‬
‫يقرب ِمن ‪ 60٪‬منها إ�لى الفترة ما بين القرن الثاني قبل الميلاد إ�لى القرن الثاني بعد الميلاد‪.‬‬ ‫تاريخ ما ُ‬
‫ُ‬ ‫أ‬
‫كما تنتمي بعض �كبر السفن التجاريّة التي عثر عليها تحت الماء إ�لى الفترة نفسها ‪ .‬ويُشير ذلك إ�لى‬
‫‪36‬‬

‫الروماني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أ� ّن التجارة والنقل البحريين في العصور القديمة في البحر المتوسّ ط بلغا ذروتهما خلال العصر‬
‫انتشار السفن الحرب ّية ِمن‬
‫ُ‬ ‫رؤية واضحة عن الاقتصاد القديم‪ِ .‬من ناحية أ�خرى‪ ،‬يُم ّثل‬ ‫ويمنحنا هذا ً‬
‫الحقب‪ .‬فض ًلا عن ذلك‪ ،‬وبما أ� ّن السفن‬ ‫مهما على الظروف السياس ّية في تلك ِ‬ ‫عصو ٍر مختلفة ّ‬
‫مؤش ًرا ًّ‬
‫الكثير عن التغ ّيرات التي طر أ�ت على‬
‫َ‬ ‫الحرب ّية غال ًبا ما تكون مجهّ زة ب أ�حدث التقنيات‪ -‬ف إ� ّنها تحكي لنا‬
‫التكتيكات البحريّة والتط ّورات التي شهدتها العلوم والهندسة في حقب زمن ّية مختلفة‪.‬‬

‫معلومات يحملها ُر ّكاب و أ�طقم القوارب والسفن ‪ -‬البحّ ارة والتجّ ار والجنود‬
‫ٍ‬ ‫ولدينا أ� ً‬
‫يضا ثروة ِمن‬
‫والمسافرون ‪ -‬الذين تفاعلوا مع بعضهم البعض خلال الرحلات‪ ،‬وجلبوا معهم ثقافات مجتمعاتهم‬
‫ال�صل ّية وتقاليدها‪ .‬ويختلف حجم هذا المجتمع الصغير وف ًقا لحجم السفينة ونوعها‪ .‬ففي حين يُمكن‪،‬‬ ‫أ‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬لسفين ٍة تجاريّة يونان ّية قديمة حمل عدد محدود ِمن البحّ ارة ‪ -‬لا يزيد عن أ�ربعة أ�و‬
‫التخصصات‬‫ّ‬ ‫ال�شخاص ِمن ذوي‬ ‫خمسة ‪ -‬حملت سفينة حرب ّية عسكريّة ِمن العصور الوسطى مئات أ‬
‫كل حالة‪ ،‬تعايش هؤلاء أ‬
‫ال�فراد وتفاعلوا‬ ‫والعمال‪ .37‬وفي ّ‬
‫المختلفة‪ِ ،‬ب َمن فيهم البحّ ارة والجنود والض ّباط ّ‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫في ح ّي ِز السفينة المحدود لفتر ٍة ِمن الزمن‪ ،‬ربّما امتدت ِمن بضع ِة �يّام إ�لى عدة �شهر‪ .‬و ِمن ّثم‪،‬‬
‫ال�ثريّة التي يُعثر عليها في حطام السفن ‪ -‬متع ّلقات شخص ّية‪ ،‬و أ�دوات وبضائع وغيرها‬ ‫تحمل القطع أ‬
‫‪ -‬معلومات مفيدة عن تلك المجتمعات الصغيرة‪ ،‬وعن الممارسات اليوم ّية‪ ،‬والسلوك ّيات‪ ،‬والعلاقات‪،‬‬
‫وال�نشطة التي حدثت على متن تلك السفن‪ .38‬فض ًلا عن المعارف والمهارات البحريّة والملاح ّية‬ ‫أ‬
‫السائدة في ذلك الوقت (الشكل ‪.)16‬‬

‫‪35- Adams, J. 2001. Ships and boats as archaeological source material. World Archaeology,‬‬
‫‪32.2, pp. 292–310. and https://www.youtube.com/watch?v=PCCHMLFYtwQnews/first_cul-‬‬
‫‪tural_heritage_site_to_be_protected_in_international‬‬
‫‪36- Parker, A. J. 1992. Ancient Shipwrecks of the Mediterranean and the Roman Provinces.‬‬
‫‪British Archaeological Reports International Series 580. Oxford: Tempus Reparatum.‬‬
‫‪37- Gardiner, J. 2005. Before the Mast: Life and Death Aboard the Mary Rose (Archaeology‬‬
‫‪of the Mary Rose 4). Oxford: Oxbow Books.‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪38- Murphy, L. 1983. Shipwrecks as database for human behavioral studies. In R. A. Gould‬‬
‫‪(ed.), Shipwreck Anthropology. Albuquerque: University of New Mexico, pp. 65–89.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫تم العثور على وزن سبر في السياق الهلنستي في موقع تحت الماء مرسى باجوش (مصر)‪ .‬كانت‬
‫أ�وزان السبر أ�دوات ملاحية أ�ساسية للبحارة في العصور القديمة‪ .‬تم استخدامها لتقدير أ�عماق المياه ‪،‬‬
‫ومن ثم التحذير البحارة الذين يهبطون إ�لى اليابسة في الظلام أ�و في ضعف الرؤية‪ .‬علاوة على ذلك‪،‬‬
‫ال�وزان السبر يمكن‪ ،‬بمساعدة مادة لزجة (دهون حيوانية) يتم إ�دخالها في كوب في قاعدتها‪ ،‬إ�حضار‬ ‫أ‬
‫عينة من الرواسب التي تستخدم لدراسة طبيعة قاع البحر)‪ 39‬كذلك يُمكن لدراسة القوارب والسفن‬
‫أ�ن تخبرنا بالكثير عن طقوس المجتمعات ومعتقداتها‪.‬ففي العديد ِمن الحضارات‪ ،‬اكتسبت السفن‬
‫قيما رمزيّة و إ�يديولوج ّية‪ .‬فلدى حضارات كثيرة أ�ساطير ومشاهد ملحم ّية تدور حول السفن والبحر‪ ،‬وما‬ ‫ً‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫طقوس الدفن داخل القوارب �و تقديم النذور في شكل نماذج مصغرة ِمن القوارب والمرساوات ‪ -‬التي‬
‫يعثر عليها غال ًبا تحت الماء في مواقع الموانئ‪ - 40‬إ� ّلا دليل على دور السفن في الممارسات الدين ّية‪.41‬‬

‫‪39- Galili, E., Rosen, B., Zviely, D. 2009. Ancient Sounding-Weights and Navigation along‬‬
‫‪the Mediterranean Coast of Israel. The International Journal of Nautical Archaeology. 38.2:‬‬
‫‪343–368‬‬
‫‪Ford, B., Halling, J. & Catsambis, A. 2020. Our Blue Planet: An Introduction to Maritime and‬‬
‫‪Underwater Archaeology. Oxford: Oxford University Press, pp.257–265.‬‬
‫‪40-See:https://www.franckgoddio.org/fileadmin/pics/3_5_finds/documents/Franck_ God-‬‬
‫‪dio_Votive_Boats.pdf‬‬
‫‪41-Crumlin-Pedersen, O. & Thye, B. M. (eds.). 1995. The Ship as Symbol in Prehistoric and‬‬
‫‪Medieval Scandinavia. Copenhagen: Danish National Museum.‬‬
‫­‪Ward, C. 2000. Sacred and secular: Ancient Egyptian ships and boats. Archaeological In‬‬
‫‪stitute of America Monographs, No. 5. Philadelphia: University of Pennsylvania Museum.‬‬ ‫‪36‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫األثرية‬
‫ّ‬ ‫كيف تُكتشفُ المواقع‬
‫المغمورة بالمياه؟‬

‫•الشكل ‪ :17‬غوّاص يصوّر جرارًا فخاريّة بيضاويّة (أمفورا)‬


‫‪37‬‬ ‫رومانيّة‪/ CMAUCH © .‬عماد خليل‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ً‬
‫ملحوظا ِمن حيث النوع‪ ،‬والطبيعة‪ ،‬والموقع‬ ‫ً‬
‫اختلافا‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه‬
‫ّ‬ ‫تختلف مواقع التراث‬
‫ّ‬
‫ونظرا للطبيعة المركبة لظروف غرق تلك المواقع‪ ،‬ولكونها غير مرئ ّية في الغالب‪،‬‬ ‫والحالة‪ .‬ومع ذلك‪ً ،‬‬
‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫ف إ� ّنها تشترك في خاص ّي ٍة تم ّيزها عن معظم المواقع ال�رض ّية‪ ،‬فهي ُتكتشف بالصدف ِة في �غلب ال�حيان ‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫أ‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه في جميع أ�نحاء العالم يكتشفها بالصدف ِة أ�ولئك الذين‬‫ّ‬ ‫فعظم مواقع التراث‬
‫ارتباطا وثي ًقا بالبحر‪ ،‬مثل الغ ّواصين‪ ،‬والعاملين في أ‬
‫ال�نشطة البحريّة المختلفة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ترتبط أ�نشطتهم الحيات ّية‬

‫ال�سماك‪ ،‬وخفر السواحل‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫والعاملين في مجال النفط والغاز‪ ،‬والعاملين في صناعة صيد أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬توصي تعليمات اليونسكو الموجّ هة‬
‫ّ‬ ‫وفي حالة اكتشاف أ� ّي ِمن مواقع التراث‬
‫بدق ٍة‪ ،‬ورصد حالة الحطام أ�و أ‬
‫ال�طلال المغمورة‪ ،‬باستخدام الصور أ�و الرسومات‬ ‫للغ ّواصين بتوثيق الموقع ّ‬
‫أ�و تدوين ملاحظات‪ ،‬و إ�عداد تقرير عن الاكتشاف لتقديمه إ�لى السلطات المعن ّية (الشكل‪ .)17‬وفي‬
‫قطع ِمن مَواقع مغمورة بالمياه إ�لى السطح لحمايتها ِمن أ�خطار السرقة أ�و الضياع‪،‬‬
‫حال ضرورة نقل ٍ‬
‫‪43‬‬
‫المختصة في أ�قرب ٍ‬
‫وقت ُممكن ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فيجب إ�بلاغ السلطات الوطن ّية‬

‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫ال�حيان‪ ،‬اكتشاف مواقع التراث‬ ‫يتم‪ ،‬في بعض أ‬ ‫ً‬
‫صادفة‪ّ ،‬‬ ‫تتم ُم‬
‫وبال إ�ضاف ِة إ�لى الاكتشافات التي ّ‬
‫أ‬
‫محددة تسترشد بالمصادر التاريخ ّية وال�ثريّة‪.‬‬ ‫ً‬
‫المتخصصين نتيجة لبحوث ّ‬ ‫ّ‬ ‫بل‬
‫المغمورة بالمياه ِمن ِق ِ‬
‫مسوح‬
‫ٍ‬ ‫فمنارة فاروس في مصر وبلدة نيابوليس في تونس هما مثالان على مواقع ّتم اكتشافها ِمن خلال‬
‫معلومات ِمن مصادر تاريخ ّية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أ�ثريّة دقيقة تحت الماء‪ -‬استندت إ�لى‬

‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه‪ ،‬ولا س ّيما خلال العقدين‬ ‫كما ساهمت التكنولوجيا الحديثة في مجال البحوث أ‬
‫الثقافي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يُمكن لعمل ّيات‬ ‫ّ‬ ‫الماضيين‪ ،‬في اكتشاف وتوثيق العشرات ِمن مواقع التراث‬
‫ُعد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫عن‬ ‫الاستشعار‬ ‫تقنيات‬ ‫تستخدم‬ ‫ن‬‫�‬‫أ‬ ‫الماء‬ ‫ثري المنتظمة والواسعة النطاق تحت سطح‬ ‫المسح أ‬
‫ال� ّ‬
‫تغطي مساحات كبيرة ِمن قاع البحر في فترة زمن ّية قصيرة نسب ًّيا وبمستوى عالي ّ‬
‫الدقة‬ ‫التي يُمكن أ�ن ّ‬
‫ال�دلةّ‬‫ال�ثريّة ِمن هذا النوع في المناطق التي ُتشير فيها أ‬ ‫(الشكل‪ .44)18‬وعاد ًة ما ُتجرى المسوح أ‬
‫وال�ثريّة إ�لى احتمال وجود مواقع مغمورة بالمياه‪ ،‬كما في حالة الموانئ والمراسي القديمة‪،‬‬ ‫التاريخ ّية أ‬
‫أ�و على طول طرق التجارة القديمة‪ ،‬أ�و في المناطق المعروفة بالمخاطر الملاح ّية‪ .‬و ُت ُّ‬
‫عد إ�سبانيا و إ�يطاليا‬
‫العديد ِمن مواقع‬‫َ‬ ‫وبلغاريا وتركيا ومالطة والنرويج واليونان مج ّرد أ�مثلة قليلة على الدول التي اكت ََش َفت‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه باستخدام هذه الطريقة‪ .‬غير أ� ّن بلدانا كثيرة تستخدم حال ًيا ك ًّلا ِمن‬‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ُعد والمسح ال�ثري التقليدي تحت الماء وعلى طول السواحل‪ ،‬لتوثيق التراث‬‫أ‬ ‫الاستشعار عن ب ٍ‬
‫ال�ثريّة ِمن البيئة المغمورة‬ ‫المغمور بالمياه‪ ،‬والحفاظ عليه في الموقع‪ ،‬أ�ي دون تنقيب أ�و انتشال البقايا أ‬
‫بالمياه‪.‬‬

‫‪42-This is, however, beginning to change in some countries, such as the UK, where sites are‬‬
‫‪being much more frequently discovered as part of the development control process within‬‬
‫‪marine planning.‬‬
‫­‪43- See: https://en.unesco.org/news/unesco-presents-collection-underwater-heri‬‬ ‫‪t age-‬‬
‫‪diving-cards-raise-awareness-protection‬‬
‫‪44- Ford, B., Halling, J. & Catsambis, A. 2020. Our Blue Planet: An Introduction to Maritime‬‬
‫‪and Underwater Archaeology. Oxford: Oxford University Press, pp.100–106‬‬ ‫‪38‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫•الشكل ‪ :18‬املكتشف العميق (مركبة تدار عن بعدٍ) ‪Deep Discoverer‬‬
‫قبل ‪.NOAAS Okeanos Explorer. © NOAA‬‬ ‫‪ ،ROV‬املُدار من ِ‬

‫‪39‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه؟‬
‫ّ‬ ‫المميز في التراث‬
‫ّ‬ ‫ما‬

‫•الشكل ‪ :19‬عالم آثار يقوم بحفر هيكل سفينة يف حطام جزيرة‬


‫سعدانة يف مصر‪ © .‬عماد خليل‪.‬‬
‫بغض النظر عن نوعها أ�و مادّتها أ�و تاريخها‪ ،‬تكمن‬ ‫إ� ّن القيمة الحقيق ّية أل� ّي موقع أ� ّ‬
‫ثري أ�و قطعة أ�ثريّة‪ّ ،‬‬
‫خرى‪ ،‬وعن‬‫فيما يُمكننا أ�ن نتع ّلمه ِمن دراسته‪/‬دراستها عن حقبة زمن ّية‪ ،‬أ�و عن حضار ٍة أ�و ثقاف ٍة أ�و تقني ٍة أ� َ‬
‫ال�ثريّة‪ .‬وتتمتّع مواقع التراث‬ ‫ال�ماكن أ�و البقايا أ‬
‫ال�شخاص الذين صنعوا أ�و استخدموا أ�و تعاملوا مع تلك أ‬ ‫أ‬
‫خاصة‪ ،‬بخصائص مع ّينة تم ّيزها عن غيرها‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه بصف ٍة عامّة‪ ،‬وحطام السفن بصف ٍة ّ‬ ‫ّ‬
‫ِمن المصادر ال�ثريّة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تتم ّيز البيئة المائ ّية بقدرتها الفريدة على الحفاظ على بعض‬‫أ‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬كالموا ّد العضويّة؛ مثل الخشب والجلود والعظام‪ ،‬والمنسوجات وغير ذلك‪.‬‬ ‫المواد أ‬

‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫مما يحفظ المواد العضويّة‬ ‫ال�كسدة‪ّ ،‬‬ ‫معدل أ‬
‫ال�كسجين تحت الماء إ�لى انخفاض ّ‬ ‫يؤدّي نقص أ‬
‫جدا‪ ،‬العثور على حطام ُس ُفن خشب ّية ومحتوياتها في المواقع المغمورة‬ ‫ج ّيد‪ .‬ولذلك‪ِ ،‬من الشائع ًّ‬
‫بالمياه‪ ،‬قد يبلغ عمرها مئات أ�و آ�لاف السنين‪ ،‬ومع ذلك تبقى في حال ٍة ج ّيد ٍة ِمن الحفظ‪ .45‬والسمة‬
‫وبشكل غير‬
‫ٍ‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه هي أ� ّن معظمها ينش أ� عن غير قصد‬
‫ّ‬ ‫الثانية المم ّيزة لمواقع التراث‬
‫خرى‪ ،‬نجد أ� ّن‬ ‫متوقع (مثل غرق سفينة أ�و كارثة طبيع ّية تتس ّبب في غرق بلدة ساحل ّية)‪ِ .‬من ناحي ٍة أ� َ‬ ‫ّ‬
‫فترات طويل ٍة ِمن الزمن‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫ال�رض ّية عادة ما تعكس التواجد والاستخدام على مدى‬ ‫ال�ثريّة أ‬
‫المواقع أ‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ ،‬ولا س ّيما حطام السفن‪ ،‬عادة ما تعكس حالة وحياة‬ ‫ّ‬ ‫حين أ� ّن مواقع التراث‬
‫بـ»الح ّيز المغلق»‪ ،‬وتعني أ� ّن‬
‫َ‬ ‫محددة‪ .‬وتم ّثل هذه العمل ّية ما يُعرف‬
‫ال�فراد المجتمعات في لحظ ٍة زمن ّي ٍة ّ‬ ‫أ‬
‫وقت إ�عادة الاكتشاف (باستثناء التغ ّيرات الناجمة‬ ‫السفينة ومحتوياتها لم تتغ ّير منذ لحظة غرقها إ�لى ِ‬
‫عن العوامل البيئ ّية والبشريّة‪ ،‬كما هو مب ّين أ�دنــاه)‪ .46‬ولهذا السبب‪ ،‬غال ًبا ما يوصف حطام السفن‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬فعند اكتشاف حطام سفينة ودراسته‪ ،‬تساعدنا القطع أ‬
‫ال�ثريّة‬ ‫بالكبسولات الزمن ّية‪ً .47‬‬
‫ال�خيرة‪ ،‬وعن حياة‬ ‫وبقايا السفينة نفسها (الهيكل نفسه) على إ�عادة رسم صور ٍة للسفينة خلال رحلتها أ‬
‫تراثا ثقاف ًّيا تحت سطح‬ ‫تضم ً‬ ‫وثمة هناك مواقع أ�خرى ّ‬ ‫و أ�نشطة مَن كانوا على متنها آ�نذاك (الشكل‪ّ .)19‬‬
‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫الماء تتك ّون نتيجة كوارث طبيع ّية‪ ،‬مثل الزلازل التي تؤدّي إ�لى َغم ِر الموانئ والمناطق الساحل ّية‬
‫انعكاسا لمرحل ٍة زمن ّية‬
‫ً‬ ‫ظل هذه الظروف‪ّ ،‬‬
‫تقدم لنا المواقع المغمورة بالمياه‬ ‫خرى‪ ،‬في ّ‬ ‫مفاجئ‪ .‬وم ّرة أ� َ‬
‫معلومات عن المجتمعات التي عاشت فيها واستخدمتها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محددة‪ ،‬وتحمل تلك المواقع‬ ‫ّ‬

‫‪45- Bowens, A. (ed.). 2008. Underwater archaeology: The NAS guide to principles and prac-‬‬
‫‪tice. Oxford: Blackwell Publishing, pp. 15–17.‬‬
‫‪46- Marsden, P. 2015. Sealed by Time: The Loss and Recovery of the Mary Rose (Archaeolo-‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪gy of the Mary Rose 1). Oxford: Oxbow Books.‬‬


‫‪47- Muckelroy, K. 1978. Maritime Archaeology. Cambridge: Cambridge University, pp. 56–58.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫األخطار التي يتعرّض لها التراث‬
‫المغمور بالمياه‬

‫•الشكل ‪ :20‬أخشاب السفن التي تضرّرت بسبب ديدان السفن‪.‬‬


‫© ‪ Michael C. Rygel‬عرب ويكيميديا كومنز‪.‬‬
‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫األخطار‬
‫عدة عوامل بيئ ّية يُمكن أ�ن ّ‬
‫تؤثر ت أ� ً‬
‫ثيرا سلب ًّيا على مواقع التراث‬ ‫إ�نّ البيئة البحريّة مع ّقدة ونشطة‪ ،‬وهناك ّ‬
‫ال�مواج والت ّيارات البحريّة‪ .‬ويُمكن أ�ن يكون لهذه‬ ‫هم هذه العوامل أ‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ .‬و ِمن بين أ� ّ‬
‫ّ‬
‫أ‬ ‫ٌ‬ ‫آ‬
‫القوى الطبيع ّية �ثا ٌر مدمِّرة على المواقع المغمور ِة بالمياه‪ ،‬ولاس ّيما على حطام السفن القديمة‪ ،‬ل� ّن‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫حركة المياه يُمكن �ن تس ّبب تناثر القطع ال�ثريّة على قاع البحر‪ ،‬وقد يؤدّي في حالة بعض القطع‬
‫خاص ًة المصنوعة ِمن المواد العضويّة‪ ،‬إ�لى إ�تلافها تمامًا بمرور الوقت‪ .‬كما يمكن‬ ‫ال�ثريّة ّ‬
‫الهشة‪ّ ،‬‬ ‫أ‬
‫ثري المغمور بالمياه عن طريق تحريك الرمال والرواسب‪،‬‬ ‫لل أ�مواج والت ّيارات تغيير معالم الموقع أ‬
‫ال� ّ‬
‫لتغطية أ�و كشف مساحات ِمن الموقع‪.‬‬

‫الثقافي المغمور بالمياه نم ّو الكائنات الح ّية‬


‫ّ‬ ‫ال�خرى التي ّ‬
‫تؤثر على التراث‬ ‫و ِمن التهديدات الطبيع ّية أ‬
‫نواعا عديدة‬ ‫خصوصا أ� ّن أ� ً‬
‫ً‬ ‫التي يُمكن أ�ن تلحق أ�ضرا ًرا بالقطع أ‬
‫ال�ثريّة‪ .‬فالمواد العضويّة مع ّرضة للخطر‪،‬‬
‫مما يؤدّي إ�لى تح ّللها‪ .‬وهنالك‬ ‫تتغذى عليها‪ّ ،‬‬‫ِمن البكتيريا والطحالب والفطريّات يُمكن أ�ن تنمو أ�و ّ‬
‫تشكله ديدان السفن‪ ،‬وهي نوع ِمن الرخويّات البحريّة التي تخترق أ�خشاب حطام‬ ‫يضا التهديد الذي ّ‬‫أ� ً‬
‫شكل مستعمرات بها آ�لاف أ‬
‫ال�نفاق‬ ‫ال�خشاب‪ ،‬و ُت ّ‬
‫وتتغذى عليها‪ .‬وتنمو ديدان السفن داخل أ‬ ‫ّ‬ ‫السفن‬
‫مما يؤدّي في نهاية المطاف إ�لى ت آ�كل الخشب وتلفه (الشكل‪.)20‬هذا‪ ،‬وتحتاج معظم‬ ‫الصغيرة‪ّ ،‬‬
‫ال�كسجين للبقاء على قيد الحياة‪ .‬وهذا هو السبب الذي يحمي ‪ -‬إ�لى حدٍّ‬ ‫الكائنات الدقيقة إ�لى أ‬
‫كبير‪ -‬السفن ومحتوياتها‪ ،‬عندما تكون مدفونة تحت رواسب القاع‪ِ ،‬من أ‬
‫ال�ضرار البيولوج ّية‪ .‬و ِمن ناحي ٍة‬
‫أ�خرى‪ ،‬تتع ّرض القطع المعدن ّية المصنوعة ِمن الحديد والنحاس والبرونز للتلف بسبب الصد أ� أ�و الت آ�كل‬
‫وال�كسجين في مياه البحر‪.48‬‬‫الكيميائي بين هذه المواد أ‬
‫ّ‬ ‫نتيجة التفاعل‬

‫‪43‬‬ ‫‪48- Robinson, W. 1998. First Aid for Underwater Finds. London: Archetype Publications,‬‬
‫‪pp.25–80.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫البشرية‬
‫ّ‬ ‫األخطار‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .‬إ�ذ تستهدف‬‫ّ‬ ‫ً‬
‫تهديدا للتراث‬ ‫تشكل أ‬
‫ال�نشطة ال إ�نسان ّية المختلفة‬ ‫مِن الممكن أ�ن ّ‬
‫بشكل مباشر‪ ،‬في حين‬ ‫ٍ‬ ‫ال�نشطة والممارسات‪ ،‬مثل النهب والبحث عن الكنوز‪ ،‬المواقع أ‬
‫ال�ثريّة‬ ‫بعض أ‬
‫ال�سماك (وشباك‬ ‫بال�ثار الجانب ّية لصناعات مثل صيد أ‬‫يضا آ‬ ‫مهدد أ� ً‬
‫أ� ّن التراث الثقافي المغمور بالمياه ّ‬
‫جرى تحت‬ ‫التقدم في البحوث التي ُت َ‬ ‫خاصة)‪ ،‬أ�و التنقيب عن النفط والغاز وغيرها‪.‬وقد أ�دَّى ّ‬‫الج ّر بصف ٍة ّ‬
‫َ‬
‫مضى‬‫وقت َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الماء في العقود ال�خيرة إ�لى جعل المواقع ال�ثريّة المغمورة بالمياه متاحة أ�كثر ِمن أ� ّي ٍ‬
‫حد سواء‪ ،‬بما في ذلك‪ ،‬المواقع الموجودة في المياه‬ ‫أل�ولئك الذين لديهم ن ّيات مشروعة أ�و ضا ّرة على ّ‬
‫العميقة والمناطق النائية‪ .‬وتفتقر العديد ِمن البلدان إ�لى تشريعات أ�و ُنظم البحوث أ�و ال إ�دارة اللازمة‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ِمن التهديدات البشريّة‪ .‬و ِمن المحزن أ� ّن عمل ّيات النهب والتقاط‬
‫ّ‬ ‫لحماية تراثها‬
‫أ‬
‫ال�ثريّة ِمن ِقبل الغ ّواصين الهواة أ�مر شائع‪ ،‬ويؤدّي إ�لى ضياع المعلومات ال�ثريّة‪ ،‬فض ًلا عن‬ ‫القطع أ‬
‫تحظى بالحماية الملائمة‪ .‬وقد صار صيد الكنوز تجارة مربحة‪،‬‬ ‫ال�ثريّة التي لا َ‬‫إ�لحاق الضرر بالقطع أ‬
‫طرقا للتحايل على التشريعات القائمة ِمن أ�جل البحث عن مواقع التراث‬ ‫حيث يجد عدد ِمن الشركات ً‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ ،‬والتنقيب لكشفها وانتشالها بهدف تحقيق مكاسب مال ّية ِمن بيعها‪.49‬‬ ‫ّ‬

‫و ُتشير البيانات الصادرة عن اليونسكو إ�لى أ� ّن صائدي الكنوز قد انتشلوا قطع أ�ثريّة ِمن أ�كثر ِمن حطام‬
‫سفينة قديمة في جميع أ�نحاء العالم‪ ،‬وباعوا القطع الاثرية ِمن هذه المواقع خلال السنوات السابقة‪.50‬‬
‫ال�نشطة غير‬‫وبالتالي‪ ،‬ف إ� ّن القوانين والا ّتفاقات المح ّل ّية والدول ّية الصارمة ضروريّة لمكافحة تلك أ‬
‫المشروعة‪.‬‬

‫تهديدا رئيس ًّيا آ�خر‬


‫ً‬ ‫شيوعا في صيد أ‬
‫ال�سماك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ال�ساليب‬ ‫الج ّر‪ ،‬وهو أ�حد أ�كثر أ‬
‫بشباك َ‬ ‫ويُم ّثل الصيد ٍ‬
‫شبكات صيد‬ ‫ٍ‬ ‫بشباك الج ّر في قاع البحر على استخدام‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .‬وينطوي الصيد ٍ‬‫ّ‬ ‫للتراث‬
‫أ‬
‫ضخمة مث ّبتة بالسلاسل المعدن ّية أ�و ال�لواح أ�و العوارض‪ ،‬ويجري ج ّرها لمسافات طويلة على طول قاع‬
‫باك إ�لى أ�عماق تزيد على ‪ 500‬متر‪.‬‬ ‫الش ُ‬
‫حد‪ .‬ويُمكن أ�ن تصل ِّ‬ ‫قصى ّ‬ ‫البحر لزيادة كم ّية الصيد إ�لى أ� َ‬
‫ال�واني الفخاريّة والتماثيل والقطع الخشب ّية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫وعاد ًة ما تلتقط ِشباك الج ّر في شتّى أ�نحاء العالم أ‬
‫تهديدا فقط ِمن حيث التقاط ونثر القطع أ‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬بل إ� ّنها قد‬ ‫ً‬ ‫شكل ِشباك الصيد التي تجرف القاع‬ ‫ولا ُت ّ‬
‫خرى موجودة‬ ‫يضا في إ�لحاق أ�ضرار بالغة بالمواقع أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه‪ ،‬وب أ� ّي قطع أ�ثريّة أ� َ‬ ‫تتس ّبب أ� ً‬
‫في طريقها ‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫­‪49- Zamora, T.V. 2008. The impact of commercial exploitation on the preservation of un‬‬
‫‪derwater cultural heritage. Museum International, 60.4, pp 18–30.‬‬
‫‪50- UNESCO, 2016. The Impart of Treasure Hunting on Submerged Archaeological Sites.‬‬
‫‪Paris: UNESCO.‬‬
‫‪51- Søreide, F. 2011. Maritime Archaeology and Industry. In: A. Catsambis, B. Ford & D.‬‬
‫‪Hamilton (eds.), The Oxford Handbook of Maritime Archaeology. Oxford: Oxford University‬‬
‫‪Press, pp. 1010–1014.‬‬ ‫‪44‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تهديدا للتراث‬ ‫العمراني على السواحل‬
‫ّ‬ ‫شكل مشروعات البناء والامتداد‬ ‫أ�حيا ًنا ُت ّ‬
‫ّ‬
‫ومحطات توليد‬ ‫بالمياه‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يؤدّي تطوير المراسي والموانئ والمنتجعات السياح ّية‬
‫أ‬
‫الطاقة بالرياح إ�لى تدمير المواقع غير المكتشفة‪ .‬وتنطوي مشروعات استصلاح وردم وبناء ال�راضي‬
‫على مشاكل ُمماثلة‪ ،‬ولاس ّيما في المناطق الساحل ّية‪ ،‬والمناطق المغمورة بالمياه والتي قد ترجع إ�لى‬
‫ثري تحت الماء وا ّتخاذ‬ ‫عصور ما قبل التاريخ‪ ،‬وذلك في حال عدم إ�تمام إ�جراء عمل ّيات المسح أ‬
‫ال� ّ‬
‫التدابير الوقائ ّية المناسبة‪.‬‬

‫لقاع البحر‪،‬‬
‫الاستكشافي ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫نتيجة للتنقيب‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫التراث‬ ‫قد ُت ّ‬
‫هدد صناعة النفط والغاز‬
‫وتتحمل شركات النفط والغاز‬
‫ّ‬ ‫تؤثر على قاع البحر‪.‬‬ ‫وتطوير أ�و توسيع خطوط و أ�نابيب النفط التي ّ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬ل إ�جراء مسح شامل‬
‫ّ‬ ‫المتخصصين في التراث‬
‫ّ‬ ‫مسؤول ّية العمل مع ُعلماء آ‬
‫ال�ثار‬
‫ومدى تطبيق أ�فضل الممارسات فيما يتع ّلق‬ ‫استكشافي‪ .‬ولكن نوع ّية العمل َ‬
‫ّ‬ ‫قبل الشروع في أ� ّي نشاط‬
‫كبيرا ِمن دولة إ�لى أ�خرى و ِمن شركة إ�لى أ�خرى‪.52‬‬ ‫ً‬
‫اختلافا ً‬ ‫الثقافي تحت سطح الماء تختلف‬ ‫ّ‬ ‫بالتراث‬

‫كبيرا للتراث‬ ‫ً‬


‫تهديدا ً‬ ‫َ‬
‫الصيد بشباك الج ّر ‪-‬‬ ‫حد كبير‬ ‫ُ‬
‫تجريف قاع البحر ‪ -‬الذي يُشبه إ�لى ٍّ‬ ‫ُشكل‬‫كذلك ي ّ‬
‫مضخات وخراطيم ضخمة أ�و أ�جهزة شفط‪ ،‬متّصلة‬ ‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه؛ إ�ذ َتستخدم هذه العمل ّية‬
‫ّ‬
‫خاصة لاستخراج أ�نواع مختلفة ِمن الرواسب‪ ،‬مثل‪ :‬الرمال والحصى والطين وغيرها ِمن‬ ‫فن بتصاميم ّ‬ ‫بس ٍ‬‫ُ‬
‫يتم تنفيذ عمل ّيات التجريف لبناء‬‫قاع البحر‪ ،‬وذلك لتكريرها واستخدامها في الصناعة والبناء ‪ .‬كما ّ‬
‫‪53‬‬

‫معدات شفط أ�و كشط قويّة يُمكنها كشف �وأ‬ ‫أ�و تعميق القنوات أ�و الموانئ‪ ،‬وتستخدم هذه العمل ّيات ّ‬
‫مق تحت قاع البحر‪ .‬وهذا هو حال جميع‬ ‫الثقافي‪ ،‬حتّى لو كانت مدفونة على ُع ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تدمير مواقع التراث‬
‫ال�ثريّة قبل بدء العمل في أ� ّي‬ ‫ّ‬
‫ال�نشطة الصناع ّية التي تؤثر على قاع البحر‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف إ� ّن إ�جراء المسوح أ‬ ‫أ‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬ووضع ممارسات مناسبة للحفظ وال إ�دارة‬ ‫ضروري لتحديد وجود البقايا أ‬‫ّ‬ ‫ِمن تلك أ‬
‫ال�نشطة أ�مر‬
‫الثقافي المغمور بالمياه إ�لى أ�دنى ّ‬
‫حد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للتقليل ِمن المخاطر التي يتع ّرض لها التراث‬

‫‪52- Evans, A. & Keith, M. 2011.The consideration of archaeological sites in oil and gas drill-‬‬
‫‪ing operations. UNESCO Scientific Colloquium on Factors Impacting the Underwater Cul-‬‬
‫‪tural Heritage, 10th Anniversary of the Convention on the Protection of the Underwater‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪Cultural Heritage. Brussels: Royal Library of Belgium.‬‬


‫‪53- http://www.marineaggregates.info/‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫إدارة التراث‬

‫•الشكل ‪ :21‬عالم آثار يقوم بمسح ال تداخلي يف موقع حطام سفينة بالقرب‬
‫مِن اإلسكندريّة‪ ،‬مصر‪ © .‬املحفوظات(‪)a) Archives CEAlex (Cnrs/Ifao‬‬
‫والدولي‪ ،‬والتشريعات المتع ّلقة‬
‫ّ‬ ‫والوطني‬
‫ّ‬ ‫وضع مبادئ بش أ�ن أ�فضل الممارسات‪ ،‬والتعاون المح ّل ّي‬ ‫حظي ُ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬باهتمام متزايد على مدى العقدين الماضيين ‪ .‬وتعد إ�دارة التراث‬
‫‪54‬‬
‫ّ‬ ‫ب إ�دارة التراث‬
‫ّ‬
‫تتضمن توصيات تتعلق بالبحث‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫بدءا ِمن التخطيط وحتّى التنفيذ‪ ،‬عمل ّية واسعة النطاق‬ ‫المغمور بالمياه‪ً ،‬‬
‫وتتركز جميع هذه السمات‬ ‫عنه واستكشافه والحفاظ عليه‪ ،‬و ِمن ّثم العرض والتوعية العامّة والتثقيف‪ّ .‬‬
‫الثقافي المغمور بالمياه في إ�طار التنمية المستدامة‪ .‬ولذا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫رئيسي هو‪ :‬الحفاظ على التراث‬ ‫ّ‬ ‫حول هدف‬
‫الثقافي المغمور بالمياه إ�لى تحقيق التوازن بين الحفاظ على ذلك التراث‬ ‫ّ‬ ‫تسعى عمل ّية إ�دارة التراث‬
‫أ‬
‫خرى‪ .‬ولا ينبغي �ن تتعارض هذه العمل ّيات مع بعضها‬ ‫أ‬
‫ِمن ناحي ٍة‪ ،‬والوصول إ�ليه وال إ�فادة منه ِمن ناحي ٍة � َ‬
‫البعض‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يكون الموقع في حال ٍة غير ج ّيدة ِمن الحفظ‪ ،‬و ِمن ّثم يكون مغلقاً‬
‫متاحا للجمهور ِمن خلال الصور‪ ،‬والفيديو‪ ،‬والمواد‬ ‫أ�مام الزوّار‪/‬الغ ّواصين بهدف حمايته‪ ،‬بينما يبقى ً‬
‫ال�ثر في‬‫بقاء على أ‬ ‫ال� ُ‬
‫سلوب ال إ� َ‬ ‫المتاحة على ال إ�نترنت‪ ،‬والعروض المتحف ّية‪ .‬ويمكن ِمن خلال هذا أ‬
‫ال�ثار نحو تعزيز التنمية المستدامة للموقع وما‬ ‫صلي تحت الماء‪ ،‬دون ال إ�خلال بواجب ُعلماء آ‬ ‫ال� ّ‬ ‫مكانه أ‬
‫يحتويه ِمن قطع أ�ثريّة‪ ،‬سواء في مجالات البحث والتعليم والتوعية والترفيه والتنمية الاقتصاديّة أ�و غير‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬بما في ذلك علم‬ ‫ّ‬ ‫عدة في إ�دار ِة التراث‬‫تخصصات ّ‬ ‫ذلك‪ .55‬و ِمن هنا‪ ،‬تتشارك ّ‬
‫ال�ثار‪ ،‬وعلم المتاحف‪ ،‬والسياحة‪ ،‬والترميم‪ ،‬والاقتصاد‪ ،‬والقانون‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫آ‬

‫حماية التراث الثقافيّ المغمور بالمياه‬


‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬والتي ّتمت مناقشتها أ�علاه‪ ،‬بما في ذلك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إ� ّن التهديدات التي ُتواجه التراث‬
‫تؤكد الحاجة لتدابير حماية‬ ‫طبيعته المتم ّثلة في وجوده في مناطق بعيدة أ�حيا ًنا‪ ،‬وصعوبة متابعة حالته‪ّ ،‬‬
‫قويّة لضمان بقائه على المدى الطويل‪ .‬وتنقسم أ�ساليب الحماية عمومًا إ�لى نوعين‪ :‬الحماية القانون ّية‬
‫والحماية الما ّديّة‪.‬‬

‫الثقافي المغمور بالمياه‬


‫ّ‬ ‫الحماية القانونيّة للتراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه على المستويات المح ّل ّية‬
‫ّ‬ ‫هم ّية بمكان‪ ،‬وضع تشريعات لحماية التراث‬ ‫ِمن أ‬
‫ال� ّ‬
‫آ‬
‫بلد ل�خر‪.‬‬ ‫ً‬
‫والوطن ّية والدول ّية‪ .‬غير أ� ّن القوانين و أ�ساليب التنفيذ ودرجة الحماية تختلف اختلافا ً‬
‫كبيرا ِمن ٍ‬
‫خاصة‬ ‫وقد وضعت بعض الدول‪ ،‬التي غال ًبا ما تمتلك ثرو ًة ِمن المواقع المغمورة بالمياه‪ ،‬تشريعات ّ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،56‬في حين أ�درجت دول أ�خرى التراث‬
‫ّ‬ ‫مك ّرسة للتراث‬

‫‪54- Satchell, J. & Palma, P. (eds.). 2007. Managing the Marine Cultural Heritage: Defining,‬‬
‫‪Accessing and Managing the Resource. York: Council of British Archaeology.‬‬
‫‪Manders, M. R. 2012. Management of Underwater Cultural Heritage. In: M. Manders & C. Under-‬‬
‫‪wood (eds.), Training manual for the UNESCO foundation course in the protection and manage-‬‬
‫‪ment of underwater cultural heritage in Asia and the Pacific. Bangkok: UNESCO Publishing,‬‬
‫‪Asia and Pacific Regional Bureau for Education, Unit 3, pp. 1–20. See: http://www.unesco.org/‬‬
‫‪new/fileadmin/MULTIMEDIA/HQ/CLT/pdf/UNIT3.pdf Ford, B., Halling, J. & Catsambis, A. 2020.‬‬
‫‪Our Blue Planet: An Introduction to Maritime and Underwater Archaeology. Oxford: Oxford Uni-‬‬
‫‪versity Press, pp. 355–382.‬‬
‫‪55- Jameson, J. H. & Scott-Ireton, D. A. (eds.). 2010. Out of the Blue: Public Interpretation of‬‬
‫‪Maritime Cultural Resources. New York: Springer.‬‬

‫‪47‬‬ ‫‪56- Roberts, P. & Trow, S. 2002. Taking to the water: English Heritage’s initial policy for the‬‬
‫‪management of maritime archaeology in England. London: English Heritage.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫في إ�طار التشريعات العامّة لل آ�ثار‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ليس لدى أ� ّي ِمن البلدان العرب ّية التي لديها‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬أ�و لوائح ّ‬
‫مخصصة‬ ‫ّ‬ ‫خاصة بالتراث‬
‫بال�ثار والتراث‪ -‬تشريعات ّ‬ ‫خاصة آ‬‫تشريعات ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫نظم العمل ال�ثري تحت الماء‪.‬‬ ‫ُت ّ‬

‫الثقافي المغمور بالمياه ضمن قوانينها‬


‫ّ‬ ‫وفي حين أ� ّن لدى بعض الدول العرب ّية بنودً ا ذات علاقة بالتراث‬
‫ال�عمال أ‬
‫ال�ثريّة‬ ‫مخصصة لحماية المواقع أ�و أ‬ ‫ّ‬ ‫بال�ثار‪ .57‬إ� ّلا أ� ّن عدم وجود تشريعات‬
‫الخاصة آ‬
‫ّ‬ ‫العامّة‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫المغمورة بالمياه يُمكن �ن يؤدّي إ�لى مشاكل عدة‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬ف إ�ن العديد ِمن الدول ال�وروب ّية‪ ،‬إ�لى‬
‫مفصلة بش أ�ن تنظيم ورصد وحماية‬ ‫جانب الولايات المتّحدة‪ ،‬وكندا‪ ،‬و أ�ستراليا‪ ،‬وغيرها‪ ،‬لديها قوانين ّ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه والحفاظ عليه‪ .58‬وفي كثير ِمن الحالات‪ ،‬نجد أ� ّن لدى الدولة الواحدة‬ ‫ّ‬ ‫التراث‬
‫أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ِمن �جل ضمان تغطية النطاق بالكامل وحماية‬ ‫ّ‬ ‫أ�كثر ِمن قانون خاص بالتراث‬
‫ذلك التراث ِمن مختلف المخاطر‪.‬‬

‫وهنا تجدر ال إ�شارة إ�لى أ� ّن القوانين التي وضعتها الدول ذات السيادة‪ ،‬و ُقدرتها على تنفيذها‪ُ ،‬ت ّركز على‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫كثيرا ما تنش أ� مشاكل عند معالجة مس أ�لة حماية التراث‬‫المياه ال إ�قليم ّية لتلك الدول‪ .‬ولذلك‪ً ،‬‬
‫فمن الناحية القانون ّية‪ ،‬يُمكن استغلال المياه الدول ّية العميقة‪ ،‬التي‬ ‫المغمور بالمياه في المياه الدول ّية‪ِ .‬‬
‫لا تخضع لسلطة أ� ّي دولة‪ِ ،‬من ِقبل �ي كيان‪ ،‬مثل شركات البحث عن الكنوز‪ ،‬التي يُمكنها البحث‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫ال�ثريّة التي تقع تحت سطح الماء في تلك المناطق وانتشالها واستغلالها‪.‬‬ ‫عن المواد أ‬

‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫سد هذه الفجوة‪ ،‬وتحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث‬ ‫وتسعى التشريعات الدول ّية إ�لى ّ‬
‫المغمور بالمياه ِمن جهة‪ ،‬وبين النواحي الثقاف ّية‪ ،‬والاقتصاديّة والسياح ّية والعلم ّية‪ ،‬من جهة أ�خرى‪.‬‬

‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫وفي عام ‪ ،1997‬وافقت الجمع ّية العامّة لليونسكو على ضرورة ال إ�شراف على حماية التراث‬
‫مخصصة لذلك‪ِ .‬من َثم‪ ،‬قامت لجنة ِمن‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الدولي ِمن خلال ا ّتفاق ّية‬
‫ّ‬ ‫المغمور بالمياه على المستوى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عامي ‪ 1998‬و‪ ،2001‬بال إ�ضاف ِة إ�لى ُممثلي المنظمات غير‬ ‫ال�ثار والقانون‪ ،‬في الفترة ما بين ّ‬ ‫الخبراء في آ‬
‫الحكوم ّية وغيرهم ِمن أ�صحاب المصلحة المعنيين‪ ،‬بوضع أ�حكام الا ّتفاق ّية‪ .‬و أ�ق ّرت ا ّتفاق ّية عام ‪2001‬‬
‫الثقافي المغمور بالمياه في ‪ 2‬نوفمبر ‪ ،2001‬ودخلت ح ّيز التنفيذ في عام ‪ 2009‬عقب‬ ‫ّ‬ ‫لحماية التراث‬
‫ّ‬ ‫آ‬
‫تضم ال�ن ُممثلين ِمن‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫تصديق ‪ 20‬دولة عليها‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬صدقت دول �خرى على الاتفاق ّية التي ّ‬
‫الثقافي المغمور‬
‫ّ‬ ‫عد ا ّتفاق ّية اليونسكو لعام ‪ 2001‬بش أ�ن حماية التراث‬ ‫‪ 64‬دولة‪ ،‬منها ‪ 12‬دولة عرب ّية‪.‬و ُت ّ‬
‫بالمياه أ�و َّل وثيقة قانون ّية دول ّية في هذا المجال‪ .‬وتهدف إ�لى وضع القواعد التي يجب على الدول‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ .59‬وتنقسم الا ّتفاقية إ�لى قسمين‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الالتزام بها في تعاملاتها مع مواقع التراث‬

‫‪57- Khalil, E. 2016. Maritime Archaeology and Underwater Cultural Heritage. Alexandria:‬‬
‫‪Dar Almarefa Al Gameia (in Arabic), pp. 223–226.‬‬
‫‪58- See: http://www.environment.gov.au/heritage/historic-shipwrecks http://www.leg-‬‬
‫‪islation.gov.uk/ukpga/1973/33/pdfs/ukpga_19730033_en.pdf‬‬
‫‪http://www.legislation.gov.uk/ukpga/1979/46/pdfs/ukpga_19790046_en.pdf‬‬
‫‪59- 72 Favis, R. 2012. The 2001 Convention on the Protection of the Underwater Cultural‬‬
‫‪Heritage. In: M. Manders & C. Underwood (eds.), Training manual for the UNESCO founda-‬‬
‫‪tion course in the protection and management of underwater cultural heritage in Asia and‬‬
‫‪the Pacific. Bangkok: UNESCO Publishing, Unit 1, pp. 2–10.‬‬
‫‪48‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫حدد مبادئ الحفاظ على التراث‬ ‫الرئيسي للا ّتفاق ّية ‪ِ -‬من ‪ 35‬مادّة ُت ِّ‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ال�وّل ‪ّ -‬‬ ‫يت أ� ّلف القسم أ‬
‫فيتضمن‬
‫ّ‬ ‫جل حماية هذا التراث‪ .‬أ�مّا الجزء الثاني‪،‬‬ ‫الدولي ِمن أ� ِ‬
‫ّ‬ ‫وصيات للتعاون‬
‫ٍ‬ ‫المغمور بالمياه‪ ،‬و ُتقدم َت‬
‫ملح ًقا يت أ� ّلف ِمن ‪ 36‬قاعدة تنفيذيّة يُمكن استخدامها في تخطيط وتنفيذ مشروعات آ‬
‫ال�ثار المغمورة‬
‫ثري تحت الماء‪.‬‬ ‫بالمياه‪ ،‬وهو بمثابة دليل للباحثين في هذا المجال في مختلف مراحل العمل أ‬
‫ال� ّ‬
‫العالمي للمعالم والمواقع لعام ‪،1996‬‬
‫ّ‬ ‫محدثة لميثاق المجلس‬ ‫وملحق الا ّتفاق ّية هو عبارة عن نسخ ٍة ّ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .‬وفي عام ‪ ،2013‬ح َّولت اليونسكو هذا الملحق‬
‫‪60‬‬
‫ّ‬ ‫بش أ�ن حماية و إ�دارة التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫ّ‬ ‫متخصص لل أ�نشطة المتع ّلقة بالتراث‬ ‫ّ‬ ‫إ�لى دليل‬

‫عدة مبادئ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪ ،‬تتمحور حول ّ‬ ‫ّ‬ ‫إ� ّن ا ّتفاق ّية اليونسكو لعام ‪ ،2001‬بش أ�ن حماية التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه في‬ ‫ّ‬ ‫ال�ولويّة للحفاظ على التراث‬ ‫ال�وّل منها على إ�عطاء أ‬ ‫ينص المبد أ� أ‬ ‫أ�ساس ّية‪ّ .‬‬
‫ال�ثر ِمن موقعه‪ ،‬إ�ذا كان مع ّر ًضا للضرر‪ ،‬أ�و إ�ذا م ّثل انتشاله أ� ّ‬
‫هم ّية‬ ‫صلي‪ ،‬لكنّه يسمح بانتشال أ‬ ‫موقعه أ‬
‫ال� ّ‬
‫ال�عضاء على هذا التراث‪،‬‬ ‫يضا على ضرورة محافظة الدول أ‬ ‫علم ّية واضحة ومباشرة ‪ّ .‬‬
‫وتؤكد الا ّتفاق ّية أ� ً‬ ‫‪62‬‬

‫متعددة‬‫وا ّتخاذها التدابير اللازمة بهذا الصدد‪ .‬كما تشجّ ع الدول على إ�برام ا ّتفاق ّيات ثنائ ّية أ�و إ�قليم ّية أ�و ّ‬
‫شدد الا ّتفاق ّية على‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .‬وعلاو ًة على ذلك‪ُ ،‬ت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�طراف بهدف تعزيز حماية التراث‬ ‫أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه‪ ،‬وعلى وجوب التق ّيد‬ ‫ضرور ِة عدم ت أ�ثير البحوث العلم ّية سل ًبا على المواقع أ‬
‫ّ‬
‫التجاري‬ ‫يضا على حظ ِر الاستغلال‬ ‫العلمي وغيرها‪ّ .‬‬
‫وتؤكد الا ّتفاق ّية أ� ً‬ ‫ّ‬ ‫بمبادئ البحث‪ ،‬والتوثيق‪ ،‬والنشر‬
‫أ‬
‫العلني‪�،‬و المقايضة‬‫ّ‬ ‫أ‬
‫سواء عن طريق البيع المباشر‪� ،‬و البيع بالمزاد‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫للتراث‬
‫ِ‬
‫التعاون في مجالات التدريب وبنا ِء‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شكل �خر‪ .‬كذلك‪ ،‬تحث الاتفاق ّية الدول ال�عضاء على‬ ‫آ‬ ‫ٍ‬ ‫أ�و أ� ّي‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .‬وتحرص‬ ‫ّ‬ ‫ال ُقدرات وتبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا في مجال التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه وبقيمته‪.‬‬‫ّ‬ ‫هم ّية التراث‬‫الا ّتفاق ّية على ضرورة الوصول إ�لى الجمهور وتوعيته ب أ� ّ‬

‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫المهم ال إ�شارة إ�لى أ� ّنه في حين يُرسي عد ٌد ِمن مَوا ّد الاتفاق ّية أ� َ‬
‫سس التعامل مع التراث‬ ‫ّ‬ ‫و ِمن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫سواء في المياه ال إ�قليم ّية �و الدول ّية‪ ،‬لا تتمتّع الاتفاق ّية بالسيادة على قوانين الدول‪،‬‬
‫المغمور بالمياه‪ً ،‬‬
‫ولا تس ّوي المنازعات القانون ّية ذات الصلة بين الدول‪.‬‬

‫الثقافي المغمور بالمياه‬


‫ّ‬ ‫الحماية المادّيّة للتراث‬
‫الثقافي المغمورة‬
‫ّ‬ ‫يضا أ�ساليب ما ّديّة وعمل ّية لحماي ِة مواقع التراث‬
‫بال إ�ضاف ِة إ�لى الحماي ِة القانون ّية‪ ،‬هناك أ� ً‬
‫بالمياه في موقعها تحت الماء‪ .‬هذا ويوجد بالفعل عد ٌد ِمن ال إ�جــراءات التي يُمكن ا ّتخاذها عند‬
‫موقع مغمو ٍر بالمياه؛ منها‪:‬‬‫اكتشاف ٍ‬ ‫ِ‬
‫تدخل ما‪.‬‬‫‪ - 1‬ترك الموقع على حاله دون ّ‬
‫ال�صل ّية بشكل مستدام‪.‬‬ ‫‪ - 2‬اتّخاذ تدابير للحفاظ على الموقع على حالته أ‬

‫‪60- See: https://www.icomos.org/charters/underwater_e.pdf‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪61- Maarleveld, T., Guèrin, U., & Egger, B. (eds.). 2013. UNESCO Manual for Activities Direct-‬‬
‫‪ed at Underwater Cultural Heritage. Paris: UNESCO Publishing.‬‬
‫‪62- Aznar, M. J. 2018. In Situ Preservation of Underwater Cultural Heritage as an Interna-‬‬
‫‪tional Legal Principle. Journal of Maritime Archaeology, 3, pp. 67–81.‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫‪ - 3‬القيام ب أ�نشطةٍ محدودة وغير تداخل ّية في الموقع‪ ،‬مثل إ�جراء المسوح أ‬
‫ال�ثريّة و أ�خذ الع ّينات والتوثيق‪،‬‬
‫قبل ا ّتخاذ تدابير للحفاظ على الموقع في مكانه‪.‬‬
‫‪ - 4‬الحفاظ على الموقع ب أ�فضل الوسائل الممكنة إ�لى حين إ�تاحة الفرصة للقيام بعمل ّيات الحفر‬
‫والتنقيب عن آ‬
‫ال�ثار‪.‬‬
‫‪ - 5‬القيام بعمل حفائر أ�ثريّة جزئ ّية أ�و ك ّل ّية للموقع ومحتوياته‪.‬‬

‫كل هذه الاحتمالات‪ ،‬هناك ا ّتجاه عا ّم نحو الخيارين الثاني والثالث‪ ،‬اللذين يبتعدان عن‬ ‫و ِمن بين ّ‬
‫يتم التشجيع عمومًا‬ ‫ال�ثريّة‪ .63‬ولا ّ‬ ‫ال�فكار التقليديّة السائدة المتم ّثلة في التنقيب والحفر وانتشال القطع أ‬ ‫أ‬
‫لعدة أ�سباب‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ال�ثريّة وحفرها ّ‬ ‫على تنقيب المواقع أ‬
‫ال�خيرة بعد‬ ‫خاص ًة في العقو ِد أ‬ ‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه حول العالم‪ّ ،‬‬ ‫‪ - 1‬اكتشاف آ�لاف المواقع أ‬
‫قدر اليونسكو أ� ّن هناك ثلاثة‬ ‫التكنولوجي الذي طر أ� على أ�بحاث آ‬
‫ال�ثار المغمورة بالمياه‪ .‬و ُت ّ‬ ‫ّ‬ ‫التط ّور‬
‫لسفن في بحار ومحيطات العالم‪ ،‬بال إ�ضافة إ�لى أ�عدا ٍد كبيرة ِمن المواقع الساحل ّية‬ ‫ٍ‬ ‫ملايين حطام‬
‫فمن غير الممكن عمل ًّيا التنقيب والحفر وانتشال جميع البقايا‬ ‫والمدن الغارقة وغيرها‪ .‬لذلك‪ِ ،‬‬
‫‪64‬‬

‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه‪.‬‬ ‫أ‬


‫ال�ثريّة ونقلها‬ ‫‪ - 2‬الصعوبات التقنية والمال ّية واللوجست ّية المرتبطة بالتنقيب والحفر وانتشال القطع أ‬
‫ال�لاف ِمن‬ ‫وترميمها وتخزينها وعرضها‪ .‬إ�ذ يُمكن أ�ن يحتوي حطام سفينة واحدة على عشرات آ‬
‫ال�نواع والموادّ‪ ،‬بال إ�ضافة إ�لى هيكل السفينة نفسها‪ِ .‬م ّما يعني أ� ّن عمل ّية‬ ‫ال�ثريّة ِمن ُمختلف أ‬ ‫القطع أ‬
‫التنقيب والحفر الكاملة مكلفة‪ ،‬وتستغرق وقتًا طوي ًلا‪.65‬‬
‫ال�ثريّة المغمورة في حال ٍة‬ ‫‪ - 3‬قدرة البيئة البحريّة‪ ،‬في معظم الحالات‪ ،‬على الحفاظ على الموا ّد أ‬
‫محددة لمنع ال إ�ضرار بالموا ّد أ‬
‫ال�ثريّة‪،‬‬ ‫ال�بحاث العلم ّية‪ .66‬ولا توجد طريق ٌة ّ‬ ‫ج ّيدة‪ ،‬حسب ما أ�ثبتت أ‬
‫النهج‬
‫َ‬ ‫ال�ثار أ�ن يختاروا‬ ‫سواء كانت تحت الماء أ�و بعد نقلها ِمن مكانها‪ .‬ولذلك‪ ،‬يتع ّين على علماء آ‬
‫معدل الضرر والتلف لتلك المواد‪ .‬وفي‬ ‫للحد ِمن ّ‬
‫ال�نسب ِمن بين مجموع ٍة ِمن التقنيات الممكنة؛ ّ‬ ‫أ‬
‫ال�ثريّة مغمورة بالمياه أ�فضل للحفاظ عليها ِمن انتشالها‪.‬‬ ‫كثي ٍر ِمن الحالات‪ ،‬يكون إ�بقاء المواد أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه في مَواقعه لل أ�جيال المقبلة بغرض البحث‬ ‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ِ‬ ‫‪ - 4‬أ�همّيّة الحفاظ على‬
‫ال�ثريّة ذاتها‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في المواد أ‬ ‫ّ‬ ‫والدراسة وتوعية الجمهور‪ .‬إ�ذ لا تكمن قيمة التراث‬
‫ال�وسع وسياقه‪ .‬و ِمن ّثم‪ ،‬ف إ� ّن دراسة المواقع وما يحيط بها‬ ‫ثري أ‬ ‫يضا في الموقع أ‬
‫ال� ّ‬ ‫فحسب‪ ،‬بل أ� ً‬
‫ّ‬
‫حيوي ل إ�براز القيمة‬ ‫والتاريخي‪ ،‬ونشر المعلومات عنها للمجتمع‪ ،‬أ�م ٌر‬ ‫ّ‬ ‫ثري‬ ‫الطبيعي أ‬
‫وال� ّ‬ ‫ّ‬ ‫في سياقها‬

‫‪63- See: http://www.unesco.org/new/en/culture/themes/underwater-cultural-heritage/‬‬


‫‪unesco-manual-for-activities-directed-at- underwater-cultural-heritage/unesco-manual/‬‬
‫‪general-principles/in-situ-preservation-as-first-option/‬‬
‫‪64- See: https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000152883‬‬
‫‪65- Jones, M., 2015. For Future Generations: Conservation of a Tudor Maritime Collection‬‬
‫‪(Archaeology of the Mary Rose 5). Oxford: Oxbow Books.‬‬
‫‪66- Bowens, A. (ed.). 2009. Underwater archaeology: The NAS guide to principles and prac-‬‬
‫‪tice. Oxford: Blackwell Publishing, p. 17.‬‬
‫‪Maarleveld, T., Guèrin, U., & Egger, B. (eds.). 2013. UNESCO Manual for Activities directed at‬‬
‫‪Underwater Cultural Heritage. Paris: UNESCO Publishing, pp. 179–222.‬‬ ‫‪50‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ال�ثريّة‪ ،‬مثل المسح‬ ‫ال�نشطة أ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .‬ولهذا‪ ،‬عادّة ما ُت َف ّضل أ‬
‫ّ‬ ‫الفريدة للتراث‬
‫ّ‬
‫والتوثيق‪ ،‬على التنقيب والحفر‪ .‬وفي هذه الحالات‪ ،‬يتع ّين التحقق ِمن العوامل البيئ ّية والبشريّة‪،‬‬
‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه لتحديد أ�فضل طريقة‬ ‫تهدد المواقع أ‬ ‫بما في ذلك آ‬
‫ال�ثار المناخ ّية‪ ،‬التي قد ّ‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه التي ّ‬
‫يهددها‬ ‫ّ‬ ‫كل مَوقع على حدة‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف إ� ّن مواقع التراث‬ ‫للتعامل مع ّ‬
‫التنقيب والحفر إ�ذا‬
‫ِ‬ ‫البشري‪ ،‬مثل التنمية الساحل ّية أ�و صناعة النفط والغاز‪ ،‬تحتاج غال ًبا إ�لى‬
‫ّ‬ ‫النشاط‬
‫لم يكن بال إ�مكان الحفاظ عليها في مَوقعها‪.‬‬

‫الثقافي المغمور بالمياه في مَوقعه حسب‬


‫ّ‬ ‫ساليب والتقنيات المستخدمة في حفظ التراث‬‫ُ‬ ‫وتختلف أ‬
‫ال�‬
‫ال�ثريّة الواجب الحفاظ عليها‪ ،‬والتهديدات المحتملة للموقع‪ .‬وقد أ�صبحت‬ ‫طبيعة الموقع والمادّة أ‬
‫يتم اكتشافها (تغطية المواقع في قاع البحر بالرمال) واحد ًة ِمن‬
‫إ�عادة دفن المواقع المغمورة بالمياه التي ّ‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫شيوعا للحفاظ عليها‪ .67‬والهدف ِمن هذا ال�سلوب هو الحفاظ على الموقع في بيئ ٍة �منة‬ ‫أ�كثر الوسائل ً‬
‫ومستق ّرة أل�طول فتر ٍة ممكنة‪ّ ،‬‬
‫خاص ًة إ�ذا احتوى الموقع على موا ٍّد عضويّة مثل الخشب‪ ،‬ف ُيمكن ل إ�عاد ِة‬
‫تتغذى على الخشب‪،‬‬ ‫البيولوجي الذي ُتس ّببه ديدان السفن التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الدفن منع الضرر‬

‫واق مِن األعشاب البحريّة االصطناعيّة يوفّر الحماية يف املوقع ‪.UCH © ICR‬‬
‫•الشكل ‪ :22‬غطاء ٍ‬

‫‪67- Manders, M. 2012. In-Situ Preservation. In: M. Manders & C. Underwood (eds.), Training‬‬

‫‪51‬‬ ‫‪manual for the UNESCO foundation course in the protection and management of under-‬‬
‫‪water cultural heritage in Asia and the Pacific. Bangkok: UNESCO Publishing, Unit 1, pp.‬‬
‫‪20–33.‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫حد‪ ،‬وتقليل احتمالات ّ‬
‫تدخل الغ ّواصين‪،‬‬ ‫وال�مواج إ�لى أ�دنى ّ‬‫وتخفيض الضرر الناجم عن حركة الت ّيارات أ‬
‫عدة‬‫ال�ثار المغمورة بالمياه ّ‬ ‫والسماح للباحثين بالعودة و إ�عادة دراسة الموقع مستقبل ًا‪ .‬ول إ�عادة دفن آ‬
‫طبقات واقية فوق الموقع‪ ،‬أ�و استخدام أ�غطية اصطناع ّية‬ ‫ٍ‬ ‫ُطرق‪ ،‬بما في ذلك وضع أ�كياس رمل لت ّ‬
‫ُشكل‬
‫ال�عشاب البحريّة (الشكل‪ .)22‬وبمرو ِر الوقت‪،‬‬ ‫بعض الحالات لتشبه أ‬ ‫صممة في ِ‬ ‫مقاومة للماء‪ُ ،‬وم ّ‬
‫شبيهة بقاع البحر‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تحمي ذاك التراث‬ ‫ً‬ ‫الطبقات الواقية‪ ،‬و ُتصبح‬
‫ِ‬ ‫تتراكم الرمال والرواسب فوق‬
‫ُ‬
‫التقنيات فعّال ّيتها في حماي ِة مَواقع‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫المدفون ِمن مختلف أ�نواع ال�ضرار البشريّة والبيئ ّية‪ .‬وقد �ثبتت هذه‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه في مناطق متف ّرقة حول العالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التراث‬

‫واق ّ‬
‫يُغطي حطامَ سفينة قبالة جزيرة باغ‪ ،‬كرواتيا ©‪Irena Radic Rossi.‬‬ ‫•الشكل ‪ :23‬قفص معدنيّ ٍ‬
‫‪52‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ال�قفاص المعدن ّية لحماية المواقع‪ .68‬و ُتستخدم هذه‬ ‫نهجا بديل ًا‪ ،‬وذلك باستخدام أ‬‫بعض البلدان ً‬‫وتتّبع ُ‬
‫بوحدات‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫تغطية الموقع‬ ‫الطريقة عاد ًة لحماية مَواقع حطام السفن في مساحة محدود ٍة نسب ًّيا‪ ،‬وتشمل‬
‫ُغطي الموقع بكامله‬ ‫معدني كبير ي ّ‬
‫ّ‬ ‫شبكات‪ُ ،‬ت َّرك ُب جن ًبا إ�لى جنب لتشكيل ٍ‬
‫قفص‬ ‫ٍ‬ ‫شكل‬
‫ِ‬ ‫معدن ّية في‬
‫ال�قفاص لدراسة أ�و مراقبة ورصد ظروف‬ ‫المتخصصين بفتح أ‬
‫ّ‬ ‫(الشكل‪ .)23‬ويُمكن أ�ن يُسمح للباحثين‬
‫المعدني في حماية المواقع ِمن السرقة أ�و العبث بها‪ ،‬مع إ�تاحة‬
‫ّ‬ ‫الموقع‪ .‬وتتم ّثل مزايا تقنية القفص‬
‫ال�مر القيام بعمل ّية تنقيب وحفر‬‫الفرصة لغ ّواصين لمشاهدة الموقع المغمور بالمياه‪ .‬وفي حال تط ّلب أ‬
‫ال�قفاص صيان ًة مستم ّرة‪ً ،‬‬
‫نظرا‬ ‫ال�قفاص‪ .‬وقد يكون هذا النهج ُمكل ًفا‪ .‬وتتط ّلب أ‬ ‫للموقع‪ ،‬يُمكن إ�زالة أ‬
‫لاحتمال تكون الطحالب والنباتات المائ ّية عليها؛ لذلك يلزم تنظيفها دوريًّا للحفاظ على الرؤية‪.‬‬

‫الثقافي المغمور بالمياه‬


‫ّ‬ ‫وصول الجمهور إلى التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ‪ -‬بطريق ٍة مسؤولة ‪ -‬أ� َ‬
‫حد المبادئ‬ ‫ّ‬ ‫حق الجمهو ِر في الوصولِ إ�لى التراث‬ ‫يُعتبر ُّ‬
‫الثقافي المغمور‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ِ‬ ‫الجمهور على الوصولِ إ�لى‬
‫ُ‬ ‫الرئيس ّية لا ّتفاق ّية اليونسكو لعام ‪ .2001‬وي َُشجَّ ُع‬
‫بالمياه في مَو ِق ِعه لزياد ِة الوعي بهذا النوع ِمن التراث وتقديره‪ ،‬وبالتالي تعزيز إ�مكان ّيات صونه وحمايته‪.‬‬

‫صلي‪ ،‬حيثما أ�مكن‪ ،‬للمحافظة على السلامة العلم ّية‬ ‫ال� ّ‬‫ثري في مكانه أ‬ ‫ُفضل الوصول للموقع أ‬
‫ال� ّ‬ ‫وي ّ‬
‫للموقع‪ ،‬وتقليل تكاليف الانتشال‪ ،‬والترميم والعرض والتخزين‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد اعتُمدت ‪ -‬بال إ�ضافة إ�لى‬
‫عد ُة أ�ساليب مبتكرة عالم ًّيا لتقديم التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ‪ّ -‬‬
‫ّ‬ ‫عروض المتاحف التقليديّة للتراث‬
‫صلي‪.69‬‬
‫ال� ّ‬‫إ�لى الجمهور في مَو ِق ِعه أ‬

‫حدى الطرق الرئيس ّية لعرض مواقع التراث‬ ‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه ومسارات الغوص إ� َ‬ ‫عد المتنزّهات أ‬‫و ُت ُّ‬
‫رئيسي الغ ّواصين الهواه ‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫ّ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه (الشكل‪ . )24‬وتستهدف هذه أ‬
‫ال�ساليب‬ ‫‪70‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فمع الزيادة عالم ًّيا في شعب ّية رياضة الغوص‪ ،‬ووجود العديد ِمن اتحادات ونوادي الغوص الرياض ّية‪،‬‬
‫تؤهل آ�لاف الغ ّواصين على مختلف المستويات سنويًّا‪ ،‬أ�صبح الغوص في المواقع التراث ّية َ‬
‫عامل‬ ‫التي ّ‬
‫العديد ِمن الدول متنزّهات أ�ثريّة تحت الماء في مواقع‬ ‫ُ‬ ‫عالمي كبير‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أ�نش أ�ت‬
‫ّ‬ ‫جذب‬
‫ٍ‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ ،‬حيث يُمكن للغ ّواصين التمتّع بتجارب ترفيه ّية وتعليم ّية‪ .‬وصارت هذه‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ّ‬
‫المتنزّهات متاحف مفتوحة يتنقل الغ ّواصون فيها ِب ُح ّر ّي ٍة‪ ،‬و إ�ن كان ذلك في إ�طار القواعد والتعليمات‬

‫‪68- Bekić, L., Miholjek, I. 2009. exploring underwater heritage in Croatia: a handbook. Za-‬‬
‫‪dar. International Centre for Underwater Archaeology in Zadar‬‬
‫­‪69-https://heritagecalling.com/2013/05/27/diving-into-history-with-the-english-heri‬‬
‫‪tage-dive-trails/‬‬
‫‪70- Alves, F. J. S. 2008. Underwater Archaeological Trails 1. Museum International, 60.4, pp.‬‬
‫‪81–90.‬‬
‫‪71- See: https://floridakeys.noaa.gov/shipwrecktrail/welcome.html,‬‬
‫‪http://www.cismas.org.uk/colossus-dive-trail.php and‬‬

‫‪53‬‬ ‫‪by Francisco J. S. Alves, F. J. S. 2008. Underwater Archaeological Trails. Museum‬‬


‫‪International: Underwater Cultural Heritage. No. 240, 60.4: 81-90‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الخاصة بزيارة هذه‬‫ّ‬ ‫المختصة‪ .‬وتختلف التعليمات‬
‫ّ‬ ‫الس ُلطات‬
‫التي تضعها ُّ‬
‫نفسه وطبيع ِته‪ .‬وفي بعض الحالات‪ ،‬يجب �نأ‬ ‫المواقع ِوف ًقا لنوع الموقع ِ‬
‫ال�خرى‪ ،‬لا يُسمح إ� ّلا‬ ‫سياحي‪ .‬وفي بعض المواقع أ‬
‫ّ‬ ‫يُصاحب الغ ّواصين ٌ‬
‫دليل‬
‫وقت واحد‪ ،‬أ�و يُشترط على الغ ّواصين الزائرين‬‫لعد ٍد محدود ِمن الغ ّواصين في ٍ‬
‫أ�ن يكونوا على مستوى مع ّين ِمن الكفاءة والتدريب‪ ،‬وذلك حسب طبيعة كلّ‬
‫موقع‪.‬‬
‫عدةُ‬‫الثقافي المغمور بالمياه للجمهو ِر‪ُ ،‬تتّخذ عاد ًة ّ‬
‫ّ‬ ‫فتح مواقع التراث‬‫وقبل ِ‬
‫ّ‬
‫مسارات محددة تحت‬ ‫ٍ‬ ‫تدابير ل إ�عــدا ِد المواقع للزوّار‪ ،‬بما في ذلك وضع‬
‫بات‬ ‫ُ‬
‫الماء يتّبعها الغ ّواصون‪ ،‬وتثبيت لافتات وعلامات تحت الماء‪ ،‬وتوفير كت ّي ِ‬
‫معلومات مقاومة للمياه للاستعانة بها أ�ثناء الغوص‪ .‬و ُتعزّز هذه العناصر المتعة‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‬
‫ّ‬ ‫والسلامة‪ ،‬و ُتساعد على زيادة الوعي والتقدير للتراث‬
‫و أ� ّ‬
‫هم ّيته‪.‬‬

‫كبيرا‪ ،‬فيدور ُ‬
‫بعضها‬ ‫ً‬
‫اختلافا ً‬ ‫طبيعة المتنزّهات أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه‬ ‫ُ‬ ‫تختلف‬
‫•الشكل ‪ :24‬غــوّاص يستكشف مدفعًا‬
‫كجزء مِن مسار الغوص يف موقع السفينة حول حطام سفين ٍة واحدة أ�و حطام عد ٍد ِمن السفن في منطق ٍة واحدة‪ ،‬ويقع‬
‫ال�خر في الموانئ والمراسي المغمورة‪ ،‬وغيرها ِمن المنش آ�ت المغمورة‪.‬‬ ‫البعض آ‬
‫ُ‬ ‫‪ ،©CISMAS HMS Colossus‬اململكة املتّحدة‪.‬‬
‫جميع الــحــالات‪ ،‬ينبغي على ال ــزوّار الامتثال لتعليمات اليونسكو‬ ‫ِ‬ ‫وفــي‬
‫َ‬
‫القواعد‬ ‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه ‪ ،‬والتي ُت ّ‬
‫حدد‬ ‫‪72‬‬ ‫أل�خلاق ّيات الغوص في المواقع أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه لل أ�جيال القادمة‪ .‬و ُين َْص ُح الغ ّواصون‬
‫ّ‬ ‫العامّة لزيار ِة المواقع ِمن أ�جل حماي ِة التراث‬
‫ال�ثريّة‪ .‬كذلك‪ ،‬يجب على‬ ‫لمس الحطام أ�و أ� ّي آ�ثار مغمورة‪ ،‬والامتثال للحماية القانون ّية للمواقع أ‬ ‫بعدم ِ‬‫ِ‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫للغوص في � ّي مَواقع �ثريّة‪ ،‬واحترام كاف ِة التدابير المتّخذة لحماي ِة تلك‬ ‫ِ‬ ‫ذن‬
‫ٍ‬ ‫�‬
‫إ‬ ‫على‬ ‫ُ‬
‫الحصول‬ ‫اصين‬ ‫الغ ّو‬
‫المواقع‪.‬‬

‫واحدا ِمن أ�شكال العرض العام لتلك‬ ‫ً‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه شكل ًا‬
‫ّ‬ ‫الغوص في مواقع التراث‬ ‫ُ‬ ‫يُم ّثل‬
‫والمحتوى على ال إ�نترنت (المواقع‬ ‫َ‬ ‫ال�خــرى للعرض؛ أ‬
‫ال�فــلام الوثائق ّية‬ ‫ال�ساليب أ‬ ‫المواقع‪ .‬وتشمل أ‬
‫لعرض المواقع‬ ‫ِ‬ ‫شيوعا وفعّال ّية‬‫ً‬ ‫ال�دوات‬‫عد ِمن أ�كثر أ‬ ‫الاجتماعي)‪ ،‬والتي ُت ّ‬
‫ّ‬ ‫الالكترون ّية ووسائل التواصل‬
‫الافتراضي بوصفها أ�داة فعّالة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تقنيات الواقع‬ ‫وتبادل المعلومات حولها مع الجمهور‪ّ .‬‬
‫ومؤخ ًرا‪ ،‬انتشرت‬
‫النماذج الافتراض ّية ‪ -‬للمواقع‬
‫ُ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه على الجمهور‪ .73‬و ُتتيح‬ ‫ّ‬ ‫وتعريف ّية لعرض التراث‬
‫أ‬
‫روض ثلاث ّية ال�بعاد ‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫َ‬
‫المغمورة بالمياه ‪ -‬للمستخدمين التفاعل مع مَعالم الموقع عبر ُع ٍ‬
‫الثقافي المغمور‬‫ّ‬ ‫الخاصة في مجالِ التراث‬ ‫ّ‬ ‫الافتراضي وتطبيقاته‬
‫ّ‬ ‫ويُستخدم حال ًّيا عد ٌد ِمن ُنظم الواقع‬
‫خاصة بالواقع‬‫نظارات ّ‬ ‫ال�خر ّ‬ ‫بعضها آ‬
‫حاسوب تقليديّة‪ ،‬بينما يتط ّلب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫شاشات‬
‫ِ‬ ‫بالمياه؛ فبعضها يَستخدم‬

‫‪72-See: by Francisco J. S. Alves, F. J. S. 2008. Underwater Archaeological Trails. Museum‬‬


‫‪International: Underwater Cultural Heritage. No. 240, 60.4: 81-90‬‬
‫‪73- See:https://historicengland.org.uk/get-involved/visit/protected-wrecks/virtu­a l-dive-‬‬
‫‪trails/‬‬
‫­‪74- See: https://en.unesco.org/news/virtual-museums-underwater-cultural-heritage-re‬‬
‫‪spond-covid-19-crisis‬‬
‫‪54‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ُ‬
‫العديد ِمن المتاحف والمؤسّ سات التعليم ّية والبحث ّية هذه‬ ‫الافتراضي‪ .‬وتستخدم‬
‫ّ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه وعرضه‪ ،‬ولا‬
‫ّ‬ ‫التكنولوجيا في الوقت الحاضر لتوثيق التراث‬
‫س ّيما في الحالات التي لا يُمكن فيها القيام بزيارة فعل ّية إ�لى موقع ما ‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫الثقافي المغمور بالمياه‬


‫ّ‬ ‫المتاحف والتراث‬
‫الثقافي المغمور‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫المتاحف أ�كثر طريقة ُمج ّربة وتقليديّة لعرض التراث‬ ‫و ُتم ّث ُل‬
‫بالمياه على الجمهور‪ ،‬حيث ُت َك َّرس متاحف عديدة حول العالم لدراس ِة وعرض‬
‫البحري والمغمور بالمياه‪ .‬و أ�صبحت بعض هذه المتاحف ِمن بين‬
‫ّ‬ ‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫ونجاحا في بلدانها ‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫ً‬ ‫أ�كثر المتاحف شعب ّية‬

‫بعرض َجوانب مختلفة‬‫ِ‬ ‫متاحف آ‬


‫ال�ثار البحريّة والمغمورة بالمياه‬ ‫ُ‬ ‫تهتم‬
‫وكثيرا ما ّ‬
‫ً‬
‫ِمن علاق ِة ال إ�نسان بالبحر‪ .‬ويتح ّقق ذلك عاد ًة ِمن خلال عرض المواد أ‬
‫ال�ثريّة‬
‫وحمولاتها‪ ،‬ومرساواتها‪ ،‬و أ�دوات الملاحة‪،‬‬ ‫المختلفة‪ ،‬بما في ذلك‪ ،‬حطام السفن ُ‬
‫• الشكل ‪ :25‬اســتــخــدام ن ـظّــارات‬ ‫أ‬ ‫والممتلكات الشخص ّية‪ُ ،‬وم ّ‬
‫الواقع االفرتاضيّ لتقديم مواقع الرتاث‬
‫عدات الصيد‪ ،‬وال�سلحة‪ ،‬وغيرها الكثير‪ .‬ومعظم هذه‬
‫يف املغمور باملياه ألطفال املدارس‬‫الثقا ّ‬ ‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ .‬وفي حين يوجد عد ٌد‬ ‫ّ‬ ‫المواد مصدرها مواقع التراث‬
‫يف اإلسكندريّة‪ ،‬مصر © ‪CMAUCH-‬‬ ‫ِمن المتاحف البحريّة في الدول العرب ّية‪ ،‬بما في ذلك الجزائر والكويت ُوعمان‬
‫‪.BAHAR‬‬ ‫وال إ�مارات العرب ّية المتّحدة (الشكل‪ ،)26‬إ� ّلا أ� ّن المنطقة لا تزال تفتقر إ�لى متاحف‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مخصصة للتراث‬ ‫ّ‬

‫المصري الكبير‪ ،‬الذي ِمن المق ّرر افتتاحه في أ�واخر عام ‪ً ،2022‬‬
‫قسما‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫المتحف‬ ‫المتوقع أ�ن ّ‬
‫يضم‬ ‫ّ‬ ‫ومن‬
‫العديد ِمن القطع أ‬
‫ال�ثريّة التي ّتم التنقيب عنها‬ ‫ُ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪ُ ،‬تعرض فيه‬
‫ّ‬ ‫مخص ًصا للتراث‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المصري‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫واستخراجها ِمن المواقع ال�ثريّة المغمورة بالمياه في ال إ�سكندريّة‪ .‬كما يعرض متحف الغردقة‬
‫حطام سفينة جزيرة سعدانة‬
‫ِ‬ ‫مجموعة ِمن القطع أ‬
‫ال�ثريّة التي ّتم التنقيب عنها واستخراجها ِمن‬ ‫ً‬ ‫حال ًّيا‬
‫السفن أ�و المواقع أ‬
‫ال�ثريّة المغمورة‬ ‫ِ‬ ‫قص َة‬
‫كل هذه المتاحف أ� ّنها لا تروي فقط ّ‬‫والمهم في ّ‬
‫ّ‬ ‫(الشكل‪.)27‬‬
‫ال�وسع التي انتمت إ�ليها‪.‬‬‫والثقافات أ‬
‫ِ‬ ‫قصص المجتمعات‬ ‫َ‬ ‫بالمياه‪ ،‬بل تم ّثل أ� ً‬
‫يضا‬

‫الثقافي المغمور بالمياه والتنمية المستدامة‬


‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه ب أ�هداف أ‬
‫ال�مم المتّحدة للتنمية‬ ‫ّ‬ ‫يُمكن ُ‬
‫ربط جوانب مختلفة ِمن التراث‬
‫‪75- Bruno, F., Lagudi, A., Barbieri, L., Muzzupappa, M., Mangeruga, M., Cozza, M., Cozza,‬‬
‫‪A., Ritacco, G. & Peluso, R. 2018. Virtual Reality Technologies for the Exploitation of Under-‬‬
‫‪water Cultural Heritage. In: F. Bruno, A. Lagudi & L. Barbieri (eds.) Latest Developments in‬‬
‫‪Reality-Based 3D Surveying and Modelling. Basel: MDPI, pp. 220–236.,‬‬
‫‪76-See: http://www.unesco.org/new/fileadmin/MULTIMEDIA/HQ/CLT/images/1.6c_Un-‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪derwater_Cultural_Heritage_Museums.pdf and http://www.unesco.org/new/en/culture/‬‬


‫‪themes/underwater-cultural-heritage/about-the-heritage/underwater-museums/‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫•الشكل ‪ :26‬متحف الشارقة البحريّ‪ ،‬اإلمارات العربيّة املتّحدة © ‪ / CMAUCH‬عماد خليل‬

‫المستدامة‪ ،‬والتي ا ُّتفق عليها كجزء ِمن الدورة السبعين للجمع ّية العامّة لل أ�مم المتّحدة في‬
‫‪ .201577‬فالهدف الرابع عشر ِمن أ�هداف التنمية المستدامة‪ ،‬الذي يتناول الحفاظ على المحيطات‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ .78‬فال إ�دار َة‬
‫ّ‬ ‫ال�كثر صلة بالتراث‬‫والبحار والموارد البحريّة واستدامتها‪ ،‬هو أ‬
‫غايات‬‫ِ‬ ‫المستدامة للمحيطات ضرور ّي ٌة إ�ذا ما أ�ريد تحقيق غايات هذا الهدف‪ .‬كذلك ‪ِ -‬من بين‬
‫للنظم البيئية البحريّة‬
‫ِ‬ ‫الهدف الرابع عشر ِمن أ� ِ‬
‫هداف التنمية المستدامة ‪ -‬ال إ�دار ُة المستدامة‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫محيطات صحّ ّية ومنتجة‪ .‬وهناك علاقة واضحة بالتراث‬
‫ٍ‬ ‫للوصول إ�لى‬
‫ِ‬ ‫والساحل ّية وحمايتها‬
‫نظما بيئ ّية لكثير ِمن أ�نواع الكائنات‬
‫المغمور بالمياه‪ ،‬فالمواقع ال أ�ثريّة المغمورة حول العالم تخلق ً‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه وصونها في الحفاظ على هذه‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حماية مواقع التراث‬ ‫البحريّة‪ .‬و ِمن ّثم‪ُ ،‬تساهم‬
‫النظم البيئية‪.79‬‬

‫‪77- See: https://en.unesco.org/sustainabledevelopmentgoals‬‬


‫‪78- See: https://sdgs.un.org/goals/goal14‬‬
‫‪79- See: http://www.unesco.org/new/en/culture/themes/underwater-cultural-heri-‬‬
‫‪tage/2001-convention/official-text/sustainable- development-goals/‬‬
‫‪56‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫يضا‬ ‫الهدف الرابع عشر ِمن أ�هداف التنمية المستدامة أ� ً‬ ‫ُ‬ ‫ويسعى‬
‫الاقتصادي ِمن الاستخدام المستدام للموارد‬ ‫ّ‬ ‫إ�لى زيادة العائد‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‪ِ ،‬ب ِصف ِته مَوردً ا غير‬ ‫ّ‬ ‫ولعل التراث‬ ‫البحريّة‪ّ .‬‬
‫وضوحا‬
‫ً‬ ‫رتبطا بالسياحة الثقاف ّية‪ ،‬يُم ّث ُل أ�كثر الروابط‬ ‫تجدد ُوم ً‬
‫ُم ّ‬
‫جولات الغوص‬ ‫ِ‬ ‫بهذا الصدد ‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تزداد شعب ّي ُة‬
‫‪80‬‬

‫الثقافي المغمورة بالمياه‪ ،‬وتهدف إ�لى تحقيق‬ ‫ّ‬ ‫في مَواقع التراث‬
‫أ‬
‫لفترات �طول ِمن �نشطة سياح ّية‬ ‫أ‬ ‫ٍ‬ ‫السياحي‬
‫ّ‬ ‫قدر أ�كبر ِمن ال إ�نفاق‬
‫بثمن للتنمي ِة‬
‫ُقدر ٍ‬ ‫خرى‪ .‬لذلك‪ ،‬ف إ� ّن سياحة الغوص مور ٌد لا ي ّ‬ ‫أ� َ‬
‫الثقافي المغمورة‬ ‫ّ‬ ‫المستدامة‪ ،‬إ�ذ أ� ّنها تزيد الوعي بمواقع التراث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أ ُ‬
‫بالمياه‪ ،‬ويُمكن �ن تعزّز النشاط الاقتصادي المحل ّي‪ .‬وقد •شكل ‪ :27‬مجموعة مِن القطع األثريّة مِن‬
‫ال�نشطة حطام سفينة جزيرة سعدانة معروضة يف متحف‬ ‫الدراسات أ� ًثرا اقتصاديًّا إ�يجاب ًّيا على سلسل ِة أ‬
‫ُ‬ ‫أ�ظهرت‬
‫المرتبطة بالسياحة ب أ�كملها‪ ،‬بما في ذلك‪ ،‬الفنادق والمطاعم الغردقة‪ ،‬مصر ©‪Ziad Morsy‬‬
‫الثقافي المغمورة بالمياه يُمكن أ�ن‬
‫ّ‬ ‫فال�موال الناتجة عن الزيارات إ�لى مواقع التراث‬ ‫والنقل وغيرها‪ ،81‬أ‬
‫ُتسهم بفعّال ّية في حمايتها وصونها ومواصلة دراستها‪.‬‬

‫ال�ثريّة المغمورة بالمياه المفتوحة للغوص‪ ،‬التي أ�نشئت في أ�ستراليا‬ ‫وقد بد أ�ت المتنزّهات في المواقع أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه‬‫ّ‬ ‫ال�مريك ّية وفنلندا‪ ،‬وغيرها‪ ،‬في إ�ثبات أ� ّن التراث‬ ‫و إ�يطاليا والولايات المتّحدة أ‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫الاقتصادي‪ .‬ولذلك‪ ،‬يبدو أ� ّن تطوير جوانب التراث‬ ‫ّ‬ ‫هما للنم ّو‬‫يُمكن بالفعل أ�ن يُصبح ُمح ّر ًكا ُم ًّ‬
‫حتمي‪ .‬وعلاوة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫استدامة السواحل والمحيطات أ�م ٌر‬ ‫المغمور بالمياه في المبادرات المقبلة التي تستهدف‬
‫الهدف الرابع عشر ِمن أ�هداف التنمية المستدامة إ�لى تعميق المعرفة العلم ّية وتنمي ِة‬ ‫ُ‬ ‫على ذلك‪ ،‬يسعى‬
‫كبيرا‬‫التخصصات يمكن أ�ن يلعب دو ًرا ً‬ ‫ّ‬ ‫تعدد‬ ‫علوم المحيطات‪ ،‬و إ�تاحة مجال آ�خر ُم ّ‬ ‫ال ُقدرة البحث ّية في ِ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه (الشكل‪ .82)28‬ولكي تتح ّقق أ�هداف التنمية المستدامة هذه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في إ�طار التراث‬
‫أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه وعلوم المحيطات �ن يتيحوا ويشاركوا بُحوثهم‬ ‫ّ‬ ‫يتع ّين على المعنيين بالتراث‬
‫متعدد المجالات بين‬ ‫الدولي ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫بصور ٍة فعّالة‪ .‬ويستلزم ذلك أ�شكالا مختلفة ِمن المشاركة العامّة‪ ،‬والعمل‬
‫تقدم‬ ‫سياسات مناسبة وتنفيذها‪ .‬ولن يتسنّى إ�حراز ّ‬ ‫ٍ‬ ‫المتخصصين‪ ،‬فض ًلا عن قيام صانعي القرار بوضع‬ ‫ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫حقيقي إ�لا إ�ذا تحقق مبد� «المعرفة ال�ساس ّية بالمحيطات» بين عامّة الناس‪� ،‬ي فهم الحاجة إ�لى‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أ‬
‫والثقافي للمحيطات‪ ،‬والاعتراف بالماضي‪ ،‬ودعم المستقبل‪ .‬ال�مر الذي ِمن‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعي‬
‫ّ‬ ‫حماية التراث‬

‫‪80- UNESCO. 2013. The Benefit of the Protection of Underwater Cultural Heritage for‬‬
‫‪Sustainable Growth, Tourism and Urban Development. See : http://www.unesco.org/new/‬‬
‫‪fileadmin/MULTIMEDIA/HQ/CLT/pdf/UNESCO_UCH_Development_Study.pdf‬‬
‫‪81- Garrod, B. 2008. Market Segments and Tourist Typologies for Diving Tourism. In: B.‬‬
‫‪Garrod & S. Gössling (eds.), New Frontiers in Marine Tourism: Diving Experiences, Sustain-‬‬
‫‪ability, Management. London: Routledge, pp. 31–47.‬‬
‫‪82- Henderson, J. 2019. Oceans without History? Marine Cultural Heritage and the Sus-‬‬

‫‪57‬‬ ‫‪tainable Development Agenda. Sustainability, 11.18, p. 5080. See: https://www.mdpi.‬‬


‫‪com/2071-1050/11/18/5080‬‬

‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي المغمور بالمياه بال إ�سهام في التنمية المستدامة‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬لقد‬ ‫ّ‬ ‫ش أ�نه أ�ن يسمح للتراث‬
‫لعلوم المحيطات ِمن أ�جل التنمية المستدامة لعام ‪-2021‬‬ ‫ِ‬ ‫ال�مم المتّحدة‬‫عقد أ‬ ‫َ‬
‫بداية ِ‬ ‫شهد عامُ ‪2021‬‬
‫يهتم «العقد» بها‪،‬‬ ‫أ‬
‫الثقافي المغمور بالمياه �حد العلوم البحريّة التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .2030‬وباعتبار مجال التراث‬
‫حيوي في هذا ال إ�طار المشترك ‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫ّ‬ ‫فلدراسته دور‬
‫وبدعم ِمن الحكومات‬
‫ٍ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وكجزء ِمن هذه المبادرة الدول ّية‪ ،‬ينبغي لبحوث التراث‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫والمنظمات غير الحكوم ّية‪� ،‬ن تنتقل ِمن ق ّو ٍة إ�لى ق ّوة‪ ،‬و�ن تواصل‬ ‫وال�وساط أ‬
‫ال�كاديم ّية‬ ‫والمنظمات أ‬
‫ّ‬
‫العالمي للعلاقة الحيويّة بين البشر والبيئة البحريّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تعزيز الفهم‬

‫•الشكل ‪ :28‬باحثات يف مجال الرتاث الثقا ّ‬


‫يف املغمور باملياه يشاركن يف مشروع‬
‫املسح األثريّ يف مرسى باجوش – مصر© ‪CMAUCH‬‬

‫‪83- Trakadas, A., Firth, A., Gregory, D., Elkin, D., Guerin, U., Henderson, J., Kimura, J.,‬‬
‫‪Scott-Ireton, D., Shashoua, Y., Underwood, C. & Viduka, A. 2019. The Ocean Decade‬‬
‫‪Heritage Network: Integrating Cultural Heritage Within the UN Decade of Ocean Science‬‬
‫‪2021–2030. Journal of Maritime Archaeology, 14, pp. 153–165.‬‬ ‫‪58‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫التراث‬
‫المغمور بالمياه‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫في منطقة الدول‬

‫‪60‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫الثقافي المغمور بالمياه في منطقة الدول‬
‫ّ‬ ‫التراث‬

You might also like