You are on page 1of 17

‫األول‬

‫الــــفـــصل ّ‬
‫األصــــول الـــنــصـــ ّيـــة‬

‫يذهب ونسنك )‪ 1(Wensinck‬إلى أنّ النصّ القرآنيّ يح ّدد ثالثة أنواع‬


‫من الذنوب‪ .‬النوع األوّ ل هو ما تمّثله " الصغائر "‪ ،‬وهي التي يوكل أمرها إلى‬
‫ِين َيجْ َتنِبو َن َك َبائ َِر اإلِ ْث ِم‬
‫رحمة هللا وعفوه‪ ،‬ويستند في ذلك إلى اآلية‪ ﴿ :‬الذ َ‬
‫ِش إِالَّ اللَّ َم َم إِنَّ َر َّب َ‬
‫ك َواسِ ع ال َم ْغف َِر ِة ﴾‪ .2‬أمّا النوع الثاني‪ ،‬فقد ح ّدده بالكبائر‬ ‫َوال َف َواح ِ‬
‫التي يغفرها هللا لمن يشاء بعد م ّدة من العذاب أو يبقي مرتكبها خالدا في النار‬
‫وذلك وفقا لآليتين‪َ ﴿ :‬وإِنْ تبْدوا ما فِي أَ ْنفسك ْم أَ ْو ت ْخفوه ي َحاسِ بْك ْم ِب ِه هللا َف َي ْغفِر لِ َمنْ‬
‫ض َي ْغفِر‬ ‫ت َو َما فِي األَرْ ِ‬ ‫الس َم َاوا ِ‬
‫هلل َما فِي َ‬ ‫َي َشاء َوهللا َعلَى ك ِّل َشيْ ٍء َقدِير ﴾‪ .3‬و﴿ و ِ‬
‫عذب َمنْ َي َشاء َوهللا َغفور َرحِيم ﴾‪ .4‬أمّا النوع الثالث من الذنوب‪،‬‬ ‫لِ َمنْ َي َشاء َوي ِّ‬
‫فيح ّدده القرآن‪ ،‬حسب ونسنك دائما‪ ،‬على أ ّنه الكفر والشرك‪ ،‬وهو ال يــمّحي إال ّ‬
‫بالــتوبة وإالّ كــان عقابه الخلود في النار‪ ،‬وذلك اســتنادا إلـى اآلية‪َ ﴿ :‬والذ َ‬
‫ِين‬
‫َك َفروا إلى َج َه َّن َم يحْ َشر َ‬
‫ون ﴾‪.5‬‬

‫المالحظ في تقسيم ونسنك للذنب إلى هذه األنواع الثالثة‪ ،‬أ ّنه تقسيم قائم‬
‫باألساس على الجزاء األخرويّ للذنب‪ ،‬ولع ّل ذلك أدخل في المباحث الكالميّة‪،‬‬

‫‪ )1‬انظر ‪Wensinck ; Art : "KHATĪ'A", in EI2; Tome IV; pp 1138- :‬‬


‫‪1141.‬‬
‫‪ )2‬النجم ‪.52/35‬‬
‫‪ )5‬البقرة ‪282. /2‬‬
‫‪ )2‬آل عمران ‪.121/5‬‬
‫‪ )3‬األنفال ‪.53/8‬‬

‫‪5‬‬
‫التي سنتعرّض لها في قسم الحق من البحث‪ ،‬لذلك رأينا الوقوف‪ ،‬في هذا‬
‫المستوى‪ ،‬على اآليات الناصّة على الكبائر بصريح اللفظ دون الحديث عن‬
‫المسائل المتعلّقة بها سواء من ناحية الجزاء أو غير ذلك‪.‬‬

‫لقد نصّت عديد اآليات بوضوح على نوعين من الذنوب‪ ,‬وميّزتهما عن‬
‫بعضهما البعض‪ ،‬وهما الكبائر والصغائر‪ .‬وهذه اآليات‪ ﴿ :‬إِنْ َتجْ َتنِبوا َك َبائ َِر َما‬
‫ُت ْن َه ْونَ َع ْن ُه ن َك ّفرْ َع ْنك ْم َس ّي َئاتِك ْم َون ْدخ ِْلك ْم َم ْد َخالً َك ِريمًا ﴾‪ .6‬وكذلك‪َ ﴿:‬ووضِ َع‬
‫ب الَ‬ ‫ال َه َذا ال ِك َتا ِ‬‫ون َيا َو ْيلَ َت َنا َم ِ‬ ‫ِين م ْش ِفق َ‬
‫ِين ِممَّا فِيه َو َيقول َ‬ ‫ال ِك َتاب َف َت َرى المجْ ِرم َ‬
‫ون َك َبائ َِر اإلِ ْث ِم‬
‫ِين َيجْ َتنِب َ‬ ‫ير ًة إِالَّ أَحْ َ‬
‫صا َها ﴾‪ .7‬وأيضا‪َ ﴿ :‬والذ َ‬ ‫ِير ًة َوالَ َك ِب َ‬
‫صغ َ‬ ‫ي َغادِر َ‬
‫ون َك َبائ َِر‬ ‫ِين َيجْ َتنِب َ‬
‫ون ﴾‪ .8‬وأيضا اآلية‪ ﴿ :‬الذ َ‬ ‫ِش َوإِ َذا َما َغضِ بوا ه ْم َي ْغفِر َ‬ ‫َوال َف َواح ِ‬
‫اإل ْث ِم َوال َف َواح ِ‬
‫ِش إالَّ ال ّل َم َم ﴾‪.9‬‬

‫لع ّل األمر الذي يهمّنا هنا‪ ،‬والّذي نخرج به من عرضنا لهذه النصوص‬
‫القرآنيّة‪ ،‬ذلك التمييز الصريح بين صغائر الذنوب وكبائرها‪ .‬والمالحظ أ ّننا ال‬
‫نقف في هذه اآليات على أيّ تخصيص أليّ ذنب بأ ّنه من الكبائر‪ ،‬فقد « بقي لفظ‬
‫" الكبيرة " لفظا عامّا ال يح ّدد أيّ ذنب بعينه‪ .‬إ ّنه لم يصبح بعد لفظا تقنيّا‬
‫[اصطالحيّا] »‪ .11‬إنّ اآليات التي عرضناها‪ ،‬ال تق ّدم لنا أيّ تحديد‪ ،‬وال تنصّ‬

‫‪ )3‬النساء ‪51./2‬‬
‫‪ )7‬الكهف ‪21./18‬‬
‫‪ )8‬الشورى ‪57./22‬‬
‫‪ )1‬النجم ‪52./35‬‬
‫‪Ralph Stehly ; « Un Problème de théologie islamique : la )11‬‬
‫‪notion des fautes‬‬
‫‪graves (KABĀ’IR) ». in REI (1977) , 45, pp 165-181‬‬

‫‪6‬‬
‫بوضوح على أيّ نوع من العقاب‪ .‬ومن هذه المنطلقات نرى سمة الغموض‬
‫الشديدة التي تحيط بمفهوم الكبيرة إذا ما أردنا االنطالق في معالجته من النصّ‬
‫القرآني ذاته‪ ،‬نظرا إلى اإلجمال الذي حفّ بذلك المفهوم ولهذا الغرض نحاول‬
‫البحث في الكبائر انطالقا من الحديث النبوي‪ ,‬لعلّه يفصّل ما جاء مج َمالً‪.‬‬

‫على عكس ما رأيناه في القرآن من إجمال فيما يتعلّق باآليات المصرّ حة‬
‫بالكبيرة‪ ،‬فإ ّننا نظفر بالعديد من األحاديث النبويّة التي تح ّدد عددا من الذنوب‬
‫الموصوفة بأ ّنها من الكبائر‪ .‬ونشير إلى أنّ الكبائر لم يفرد لها كتاب خاصّ في‬
‫مجاميع الحديث‪ ،‬بل كانت ّ‬
‫موزعة على مختلف األبواب حسب ما تقتضيه مناسبة‬
‫إيراد الحديث‪.‬‬

‫لو حاولنا حصر الذنوب التي تصرّ ح المرويّات عن الرسول بأ ّنها من‬
‫الكبائر لعددناها إحدى عشرة كبيرة هي‪ :‬الشرك‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وقتل النفس‪،‬‬
‫وشهادة الزور‪ ،‬واليمين الغموس‪ ،‬والزنا‪ ،‬والسحر‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬والتولّي‬
‫يوم الزحف‪ ،‬وقذف المحصنات‪ ،‬وأكل الربا‪ .‬وإذا ما حاولنا تصنيف هذه الكبائر‬
‫ّ‬
‫تتوزع على مجموعتين كبيرتين‪ ،‬وذلك حسب‬ ‫بصفة مبدئيّة‪ ،‬فإ ّننا نرى أ ّنها‬
‫طبيعتها‪ ،‬األولى ّ‬
‫يمثلها الشرك وهو ذنب عقائديّ صرف يمسّ في الواقع باطن‬
‫اإلنسان‪ ،‬فهو يتعلّق بالفرد بقطع النظر عن ِتبعات هذا الذنب في الهيئة‬
‫االجتماعيّة‪ .‬أمّا المجموعة الثانية فتشمل بقيّة الذنوب‪ ،‬وتخصّ العالقات‬
‫اإلنسانيّة‪ ،‬أي إ ّنها تح ّدد نوعا من النظام االجتماعي يق ّنن المعامالت ويش ّكل في‬
‫جوهره نمطا أخالقيّا‪.11‬‬

‫‪ )11‬أنظر مثل هذا الرأي في‪Toshihiko Izutsu , "The concept of belief :‬‬
‫‪in islamc theology", p36‬‬

‫‪7‬‬
‫إنّ هذه المحرّ مات لم تكن مجموعة في حديث واحد‪ ,‬وإ ّنما جاءت متفرّ قة‬
‫بين ع ّدة أحاديث‪ ،‬منها ما تكرّ ر ومنها ما ال نجده إالّ في حديث واحد‪ .‬وما‬
‫نالحظه في هذا السياق أنّ األحاديث الناصّة على الكبائر عديدة ولكن الكبائر‬
‫ور َن بتع ّدد األحاديث‪.12‬‬
‫عددها محدود إذا ما ق ِ‬

‫إذا نظرنا بعد ذلك في هذه األحاديث نالحظ أنّ فيها عرضا للكبائر في‬
‫شكل " قوائم " تختلف فيما بينها في عدد الذنوب المصرّ ح بها‪ .‬وعلى ذلك يمكن‬
‫أن نقسّم تلك القوائم إلى صنفين‪ :‬قوائـم قصيرة تع ّد ثالث كبائر أو أربعا‪،‬‬
‫وقائمتين طويلتين‪ ،‬األولى سباعيّة ونقصد بها " حديث الموبقات " الذي رواه أبو‬
‫هريرة‪ ،‬وهو حديث سنعود إليه الحقا بتفصيل أوفى‪ ،‬أمّا الثانية فتض ّم تسع كبائر‪.‬‬

‫بعد هذا العرض الوصفي لألحاديث المصرّ حة بالكبائر في مجاميع‬


‫الحديث‪ ،‬نالحظ أ ّنها لم تنصّ مطلقا على تحديد مفهوميّ للكبيرة‪ ،‬أي إ ّننا ال نلمس‬
‫محاولة تنظيريّة‪ ،‬ولع ّل ذلك راجع إلى اشتغال المسلمين في بداية اإلسالم باألمور‬
‫العمليّة دون النظريّة‪ « ،‬فالسلف‪ ،‬والجيل األوّ ل على وجه التخصيص في عهد "‬
‫سذاجة الدين " حسب العبارة الخلدونيّة‪ ،‬كان مشغوال بالحلول العمليّة قبل ك ّل‬
‫شيء »‪ .13‬ويزداد هذا األمر أهميّة‪ ،‬بالنسبة إلينا‪ ،‬إذا الحظنا أنّ معظم األحاديث‬
‫الناصّة على الكبائر مرويّة في شكل "محاورة" بين الرسول ومجتمع الدعوة‪،‬‬
‫حيث نجد في تلك المرويّات تساؤالت من نوع‪ " :‬سئل النبيّ عن الكبائر فقال‪"...‬‬
‫أو " يا رسول هللا ما الكبائر؟ " أو " أيّ الذنب أعظم عند هللا؟ "‪ .‬وكذلك نجد‬
‫أحاديث يكون فيها السؤال موجَّ ها من الرسول إلى مجالسيه ومن ذلك قوله‪ " :‬أال‬

‫‪ )12‬هذا ما الحظه كذلك ستاهلي )‪ (Stehly‬في مقاله المذكور سابقا‪.‬‬


‫‪ )15‬عبد المجيد الشرفي‪ ،‬اإلسالم بين الرسالة والتاريخ‪ ،‬ص‪155.‬‬

‫‪8‬‬
‫أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ "‪ .‬إنّ هذه األسئلة لم يكن المراد منها معرفة ماهية الكبيرة‪،‬‬
‫ولم تكن طلبا لتحديد مفهوميّ ‪ ،‬وإ ّنما كانت سؤاال الغاية منه تحديد الذنوب التي‬
‫تعتبر من الكبائر‪ ،‬ولعلّه استفسار جاء بعدما صرّ ح النصّ القرآنيّ بلفظ الكبيرة‬
‫دون أن يصف به أيّ ذنب معيّن‪.‬‬

‫إنّ سمة المحاورة هذه التي صبغت األحاديث المصرّ حة بالكبائر‪ ،‬قد‬
‫تضعنا أمام إشكال البحث في ظروف قول الحديث‪ ،‬وهو إشكال يصعب تناوله‬
‫أل ّننا في الواقع ال نملك ما يدلّنا على ظرفيّة ورود األحاديث‪ .‬فالكتب القليلة التي‬
‫ّ‬
‫ونمثل على تلك‬ ‫حاولت التعرّض لمثل هذا الموضوع ال تم ّدنا بالشيء الكثير‪،‬‬
‫المؤلّفات بكتاب " أسباب ورود الحديث " للسيوطي‪ ،‬حيث يحتوي هذا الكتاب‬
‫على ثمان وتسعين مناسبة فقط‪ ،‬وهو عدد ضعيف إذا ما قورن بعدد المرويّات‬
‫عن الرسول التي تع ّد باآلالف‪ .‬كما أنّ البحث في مناسبات قول األحاديث كان‬
‫في شرح‬ ‫‪14‬‬
‫متأخرا تاريخيّا كما يقرّ بذلك السيوطي بقوله‪ « :‬وقال ابن المل ّقن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتأخرين من أهل الحديث شرع في تصنيف أسباب‬ ‫العمدة‪ :‬واعلم أنّ بعض‬
‫في‬ ‫‪15‬‬ ‫ّ‬
‫العطار‬ ‫ّ‬
‫المتأخرين وعزاه ابن‬ ‫الحديث‪ ،‬كذا عزاه الشيخ ّ‬
‫عز الدين لبعض‬
‫‪17‬‬
‫شرحه إلى ابن الجوزي‪ ،16‬وسمعت من يذكر أنّ عبد الغنيّ بن سعيد الحافظ‬
‫ص ّنف فيه تصنيفا قدر العمدة »‪ .18‬ورغم تلك المحاوالت‪ ،‬ومحاولة السيوطي‬
‫معها‪ ،‬فإ ّننا « قد افتقدنا‪ ،‬مثلما افتقدت ك ّل األجيال اإلسالميّة منذ زمن التابعين‪،‬‬
‫معرفة خصائص هذا الخطاب [ الخطاب النبوي] ‪ :‬الظروف الدقيقة الحا ّفة به‪،‬‬
‫والشخص أو األشخاص المعنيّين والغايات المراد بلوغها أو المشار إليها[‪،]...‬‬

‫‪ )12‬عمر بن عل ّي بن أحمد ( ت ‪ 812‬هـ)‪.‬‬


‫‪ )13‬علي بن إبراهيم بن داود ( ت ‪ 722‬هـ)‪.‬‬
‫‪ )13‬عبد الرحمان بن علي بن مح ّمد ( ت ‪ 317‬هـ)‪.‬‬
‫‪ )17‬عبد الغني بن سعيد بن علي ( ت ‪ 211‬هـ)‪.‬‬
‫‪ )18‬السيوطي‪ ،‬أسباب ورود الحديث‪ ،‬ص ص ‪112. -111‬‬

‫‪9‬‬
‫وافتقدنا كذلك النبرة التي استعملت فيه والدالّة على الرضا أو الغضب‪ ،‬على‬
‫النصح أو التنبيه أو التقريع‪ ...‬إلخ‪ ،‬ممّا ال تد ّل عليه األلفاظ وحدها »‪.19‬‬

‫إنّ صعوبة تحديد ظرفيّة قول األحاديث توازيها صعوبة أخرى ّ‬


‫تتمثل في‬
‫محاولة التأريخ للمرويّات عن الرسول‪ .‬وفيما يتعلّق باألحاديث التي تهمّنا في هذا‬
‫المقام‪ ،‬فإ ّننا نجد بعض المحاوالت لتقديم بعض األحاديث المصرّ حة بالكبائر على‬
‫‪21‬‬
‫أحاديث أخرى في نفس الغرض تقديما زمنيّا‪ .‬ومن ذلك ما ذهب إليه ونسنك‬
‫حيث رأى أنّ القول في الكبيرة في صدر اإلسالم ينقسم إلى مرحلتين كبيرتين‬
‫وي عن النبيّ ‪ ،‬فيرى أنّ المرحلة األولى هي التي ّ‬
‫مثلها‬ ‫ويبني ذلك على ما ر َ‬
‫الحديث الّذي رواه مسلم‪ « :‬ح ّدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم‪ ،‬قال‬
‫إسحاق‪ :‬أخبرنا جرير‪ ،‬وقال عثمان ح ّدثنا جرير‪ ،‬عن منصور عن أبي وائل عن‬
‫‪21‬‬
‫قال‪ :‬سألت رسول هللا(ص) أيّ الذنب أعظم‬ ‫عمرو بن شرحبيل عن عبد هللا‬
‫عند هللا ؟ قال‪ " :‬أن تجعل هلل ن ّدا وهو خلقك " قال‪ :‬قلت له‪ :‬إنّ ذلك لعظيم‪ .‬قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ث ّم أيّ ؟ قال‪ " :‬ث ّم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك "‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬ث ّم أيّ ؟‬
‫قال‪ " :‬ث ّم أن تزاني حليلة جارك " »‪ .22‬أمّا المرحلة الثانية‪ ،‬فيح ّددها ونسنك‬
‫استنادا إلى الحديث الّذي ينصّ على سبع كبائر ورواه مسلم كذلك‪ « :‬ح ّدثني‬
‫هارون بن سعيد األيليّ ‪ ،‬ح ّدثنا ابن وهب‪ ,‬أخبرني سليمان بن بالل‪ ،‬عن ثور بن‬
‫زيد‪ ،‬عن أبي الغيث‪ ،‬عن أبي هريرة أنّ رسول هللا(ص) قال‪ " :‬اجتنبوا السبع‬

‫‪ )11‬عبد المجيد الشرفي‪ ،‬اإلسالم بين الرسالة والتاريخ‪ ،‬ص ص ‪28.-27‬‬


‫‪The muslim creed , p 39. )21‬‬
‫ّ‬
‫‪ )21‬المقصود بعبد هللا عندما يأتي مطلقا هكذا‪ ،‬في اصطالح المحدثين هو عبد هللا بن‬
‫مسعود‪.‬‬
‫‪ )22‬مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده‪.‬‬
‫وأخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن‪ ،‬باب قوله تعالى‪ " :‬فال تجعلوا هلل أندادا‬
‫وأنتم تعلمون " دون ذكر لحرف العطف " ث ّم "‪ ،‬بإسناد واحد‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الموبقات " قيل يا رسول هللا وما هنّ ؟ قال‪ " :‬الشرك باهلل‪ ،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس‬
‫بالحق‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬والتولّي يوم الزحف‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التي حرّ م هللا إالّ‬
‫وقذف المحصنات الغافالت المؤمنات " »‪. 23‬‬

‫ونظرا إلى المشغل الكالميّ الذي يبحث فيه ونسنك‪ ،‬فإ ّنه لم يتو ّقف عند‬
‫هذين الحديثين اللّذيْن بنى عليهما المرحلتين‪ ،‬فك ّل ما أراده هو بيان أنّ الحديث‬
‫النبويّ قد ميّز بين الكبائر والصغائر‪ .24‬لذلك ال يق ّدم لنا حججه في اعتبار أنّ‬
‫الحديث األوّ ل أسبق تاريخيّا من الثاني‪ ،‬أو أ ّنه أسبق من غيره من األحاديث‬
‫المصرّ حة بالكبائر‪ .‬وال نحسب أنّ الحجج تاريخيّة وقطعيّة‪ ،‬ونذهب إلى أ ّنها‬
‫منطقيّة‪ ،‬باعتبار أنّ الحديث األوّ ل يشمل ثالث كبائر فحسب أمّا الثاني فيض ّم‬
‫سبعا‪ ،‬وبذلك يكون التبرير بالتدرّ ج في محاورة مجتمع الدعوة‪ .‬كما يمكن أن‬
‫ننطلق في التأريخ للحديثين من نظرنا في الرواة‪ ،‬فالحديث األوّ ل رواه عبد هللا‬
‫ابن مسعود وهو من السابقين في اإلسالم‪ ،‬أمّا "حديث الموبقات"‪ ،‬مع فرض‬
‫صحّ ته المطلقة في نسبته إلى الرسول والثقة التامّة في سلسلة سنده‪ ،‬فإ ّنه ال يمكن‬
‫أن يكون قد قِيل قبل السنة السابعة للهجرة‪ ،‬باعتبار أنّ راويه‪ ،‬وهو أبو هريرة‪،‬‬
‫قد أسلم بعيْد غزوة خـيبر وأدرك الرسول عندها‪ .‬ولكـن من ناحية ثانـية فـإنّ‬
‫حديث ابن مسعود قد نصّ على تراتبيّة بين الكبائر‪ ،‬ممّا قد يعني‪ ،‬بالنسبة إلينا‪،‬‬
‫أ ّنه الحق باعتبار أ ّنه جاء أخصّ من الحديث الثاني من هذه الزاوية‪ .‬ولك ّننا‬
‫نالحظ‪ ،‬إلى جانب ذلك‪ ،‬أنّ ما نهي عنه فيه كان مرتبطا ببعض ما تورده األخبار‬
‫عن المجتمع الجاهليّ ‪ ،‬فاألصنام المعبودة هي في الواقع وسائط بين اإلنسان‬

‫‪ )25‬مسلم‪ ,‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب بيان الكبائر وأكبرها‪ .‬وأخرجه البخاري في كتاب‬
‫الوصايا ‪ ،‬باب قوله تعالى [ النساء ‪ ]11 /2‬ولكن مع تقديم أكل الربا على أكل مال‬
‫اليتيم ‪ ،‬والروايتان بإسناد واحد‪.‬‬
‫‪The muslim creed, pp 39-40. )22‬‬

‫‪11‬‬
‫والربّ ‪ ،‬فكانت بمثابة الن ّد هلل‪ .‬كما أنّ من بين ما نعرفه عن ذلك المجتمع مسألة‬
‫وأد البنات تطيّرا وخوفا من اإلمالق والفقر‪ .‬هذا باإلضافة إلى ما ترويه لنا‬
‫األخبار من تسيّب جنسيّ إلى غير ذلك‪ .‬وربّما كان ك ّل ذلك عونا لنا على تحديد‬
‫أنّ زمن قول هذا الحديث كان قريبا من العصر الجاهليّ ‪ ،‬فكان نموذجا لما جاء‬
‫به الدين التوحيديّ من قلب قيميّ وأخالقيّ ‪ ،‬ونقول ذلك بالرغم من أنّ العديد من‬
‫القيم والعادات الجاهليّة قد دعا إليها اإلسالم وكرّ سها بأشكال مختلفة‪ .‬ولع ّل ك ّل‬
‫ذلك يد ّل على كثير من الصواب فيما ذهب إليه ونسنك‪ ،‬ولكن هذا األمر‪ ،‬كما‬
‫رأينا‪ ،‬يبقى أمرا غير قطعيّ ‪ ،‬فمحاولة تحديد زمن قول الحديث يبقى موكوال إلى‬
‫االحتمال والظنّ ‪ ،‬أمّا ظروف قوله وطريقته فيندرج تحت باب المستحيل‪،‬‬
‫باإلضافة إلى صعوبة تحديد األشخاص الذين وجّ ه إليهم الخطاب‪.‬‬

‫أ ّما فيما يتعلّق بتراتبيّة الكبائر‪ ،‬فهو من المواضيع المشكلة كذلك‪،‬‬


‫فباإلضافة إلى حديث ابن مسعود الّذي رأيناه‪ ،‬نقف على أحاديث أخرى تنصّ‬
‫على تراتبيّة معيّنة بين الذنوب وذلك عن طريق استعمال صيغة‪ " :‬أكبر الكبائر"‬
‫ومن ذلك ما رواه البخاري‪ « :‬ح ّدثني محمّد بن الوليد‪ :‬ح ّدثنا محمّد بن جعفر‪:‬‬
‫ح ّدثنا شعبة‪ ,‬قال‪ :‬ح ّدثني عبيد هللا بن أبي بكر‪ ,‬قال سمعت أنس بن مالك رضي‬
‫هللا عنه قال‪ :‬ذكر رسول هللا(ص) الكبائر‪ ،‬أو سئل عن الكبائر فقال‪ " :‬الشرك‬
‫باهلل‪ ،‬وقتل النفس‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ".‬فقال‪ " :‬أال أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ " قال‪" :‬‬
‫قول الزور " أو قال‪ " :‬شهادة الزور "‪ .‬قال شعبة‪ :‬وأكثر ظ ّني أ ّنه قال " شهادة‬
‫الزور" »‪ .25‬ووجه اإلشكال في هذه الصيغة أ ّنها اقترنت بغير الشرك‪ ،‬فمن غير‬
‫المعقول أن يكون هناك ذنب أكبر من الشرك في اإلسالم‪ ،‬أو في غيره من‬
‫ْ‬
‫وعوا بذلك وحاولوا تبريره عند‬ ‫الديانات التوحيديّة‪ .‬وال نخفي أنّ القدماء قد‬

‫‪ )23‬البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب عقوق الوالدين من الكبائر‪ .‬وأخرجه مسلم في كتاب‬
‫اإليمان‪ ،‬باب بيان الكبائر وأكبرها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫شرحهم لألحاديث النبويّة‪ ،‬ومن ذلك ما ذهب إليه النووي حين يقول‪ ]...[ « :‬وإن‬
‫" أكبر الكبائر " كان المراد مــن‬ ‫جاء في موضع أ ّنها [ ذنوب َ‬
‫غير الشرك]‬
‫أكبر الكبائر »‪ .26‬يبدو هذا التبرير مقنعا إلى ح ّد ما إذا ما نظرنا في أحاديث‬
‫أخرى فيها نفس الصيغة‪ ،‬ومن ذلك ما رواه البخاري‪ « :‬ح ّدثنا إسحاق بن‬
‫منصور‪ ،‬ح ّدثنا عبد الصمد‪ :‬ح ّدثنا شعبة‪ ،‬ح ّدثنا عبيد هللا بن أبي بكر‪ :‬سمع أنسا‪،‬‬
‫رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبيّ (ص) قال‪" :‬الكبائر" وح ّدثنا عمرو‪ ،‬ح ّدثنا شعبة‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي بكر‪ ،‬عن أنس بن مالك‪ ،‬عن النبيّ (ص) قال‪ " :‬أكبر الكبائر‪ :‬اإلشراك‬
‫باهلل‪ ،‬وقتل النفس‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وقول الزور" أو قال‪ " :‬وشهادة‬
‫الزور" »‪ .27‬فجعل شهادة الزور من بين أكبر الكبائر‪ ،‬ولكن من جهة ثانية‪ ،‬فإنّ‬
‫الحديث األوّ ل نلمس فيه تأكيدا على قول الزور‪ ،‬وهو تأكيد باللفظ وبطريقة القول‬
‫كذلك كما ي ّتضح في أحاديث أخرى‪ ،‬ومن ذلك ما رواه البخاري أيضا‪ « :‬ح ّدثني‬
‫إسحاق‪ :‬ح ّدثنا خالد الواسطيّ ‪ ،‬عن الجريريّ ‪ ،‬عن عبد الرحمان بن أبي بكرة‪،‬‬
‫عن أبيه رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا(ص)‪ " :‬أال أنبّئكم بأكبر الكبائر ؟ "‬
‫قلنا‪ :‬بلى‪ ،‬يا رسول هللا‪ .‬قال‪" :‬اإلشراك باهلل‪ ،‬وعقوق الوالدين " وكان م ّتكئا‬
‫فجلس فقال‪ " :‬أال وقول الزور وشهادة الزور‪ ،‬أال وقول الزور وشهادة الزور‬
‫" فما زال يقولها ح ّتى قلت‪ :‬ال يسكت »‪ .28‬ويذكر ابن حجر العسقالني بمناسبة‬
‫شرحه لباب " ما قيل في شهادة الزور " من كـتاب " الشهادات " فـي صـحيح‬
‫» قوله‪ " :‬وجلس وكان م ّتكئا " يشعر بأ ّنه اهت ّم بذلك ح ّتى جلس‬ ‫البـخاري أنّ‬
‫بعد أن كان م ّتكئا‪ .‬ويفيد ذلك تأكيد تحريمه وعظم قبحه‪ .‬وسبب االهتمام بذلك‬
‫كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس والتهاون بها أكثر‪ .‬فإنّ‬
‫اإلشراك ينبو عنه قلب المسلم‪ ,‬والعقوق يصرف عنه الطبع‪ .‬وأمّا الزور‬

‫‪ )23‬النووي‪ ،‬المنهاج‪ ،‬على هامش صحيح مسلم‪ .‬ج ‪ 2‬م ‪ 1‬ص ‪238.‬‬
‫‪ )27‬البخاري‪ ،‬كتاب الديّات‪ ،‬باب قوله تعالى‪ " :‬ومن أحياها " ( المائدة ‪.)52/5‬‬
‫‪ )28‬البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب عقوق الوالدين من الكبائر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة والحسد وغيرهما‪ ،‬فاحتيج إلى االهتمام بتعظيمه‪.‬‬
‫وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من اإلشراك قطعا بل لكون مفسدة‬
‫الزور متع ّدية إلى غير الشاهد بخالف الشرك فإنّ مفسدته قاصرة غالبا«‪.29‬‬

‫إذا كان هذا هو رأي القدامى فإنّ ذلك التأكيد يجعلنا نذهب إلى أنّ مثل‬
‫هذا الحديث قد قيل في ظرف معيّن‪ ،‬أو أ ّنه خاصّ بحادثة بعينها أو أ ّنه إجابة عن‬
‫تساؤل مح ّدد‪ .‬وعلى ك ّل فإنّ ذلك يبقى دائما في إطار االحتماالت ال غير‪.‬‬
‫صة بالحادثة التي قيل فيها‬
‫وانطالقا من ذلك تكون صيغة " أكبر الكبائر " خا ّ‬
‫الحديث‪ ،‬وقد ترتبط بذنوب مختلفة في ظروف مغايرة‪.‬‬

‫إلى جانب ك ّل ما الحظناه إلى ح ّد اآلن نرى ضرورة التأكيد على أنّ ك ّل‬
‫األحاديث التي صرّ حت بالكبائر لم تح ّدد أيّ نوع من العقاب الذي يسلّط على‬
‫صاحب الكبيرة‪ ،‬سواء كان عقابا دنيويّا أو أخرويّا‪ ،‬كما ال تنصّ األحاديث على‬
‫صفة صاحب الكبيرة‪ ،‬فلم ينسب في الحديث النبوي ال إلى اإليمان وال إلى‬
‫الكفر وال إلى غيرهما من الصفات‪ .‬ولكن‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬نقف على أحاديث‬
‫تؤ ّكد على كِبر الذنب من خالل عدم غفرانه في الدنيا‪ ،‬ومن ذلك ما رواه مسلم‪:‬‬
‫« ح ّدثنا أبو الطاهر وهارون بن سعيد األيليّ ‪ ،‬قاال‪ :‬ح ّدثنا ابن وهب عن أبي‬
‫صخر‪ ،‬أنّ عمر بن إسحاق مولى زائدة ح ّدثه عن أبيه‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬أنّ‬
‫رسول هللا(ص) كان يقول‪ " :‬الصلوات الخمس‪ ،‬والجمعة إلى الجمعة‪ ،‬ورمضان‬
‫إلى رمضان‪ ،‬مك ّفرات ما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر" »‪ .31‬إنّ ما نالحظه من‬
‫خالل هذا الحديث هو تمييزه بين الكبائر والصغائر ال من حيث طبيعتها‪ ،‬بل من‬

‫‪ )21‬ابن حجر العسقالني‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪113.‬‬


‫‪ )51‬مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب الصلوات الخمس‪ ،‬والجمعة إلى الجمعة‪ ،‬ورمضان‬
‫ّ‬
‫بينهن إذا اجتنبت الكبائر‪.‬‬ ‫إلى رمضان مكفّرات ما‬

‫‪14‬‬
‫حيث تعلّقها بمسألة الغفران‪ ،‬وهي مسألة جزائيّة باألساس ولك ّنها جاءت دون‬
‫أدنى تفصيل أو توضيح‪ .‬كما تنصّ أحاديث أخرى على عذاب القبر الذي يرتبط‪،‬‬
‫فيما يهمّنا هنا‪ ،‬بالكبائر‪ ،‬ومن ذلك ما رواه البخاري‪ « :‬ح ّدثنا عثمان قال‪ :‬ح ّدثنا‬
‫جرير‪ ،‬عن منصور‪ ،‬عن مجاهد‪ ،‬عن ابن عبّاس قال‪ :‬مرّ النبيّ (ص) بحائط من‬
‫ّ‬
‫يعذبان في قبورهما فقال‬ ‫حيطان المدينة أو م ّكة‪ ،‬فسمع صوت إنسانين‬
‫عذبان‪ ,‬وما ّ‬
‫يعذبان في كبير " ث ّم قال‪ " :‬بلى‪ ،‬كان أحدهما ال‬ ‫النبيّ (ص)‪ " :‬ي ّ‬

‫يستتر من بوله‪ ،‬وكان اآلخر يمشي بالنميمة " ث ّم دعا بجريدة فكسرها كسرتين‬
‫فوضع على ك ّل قبر منهما كسرة‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا رسول هللا لم فعلت هذا؟ قال‪ " :‬لعلّه‬
‫يخ ّفف عنهما ما لم ييبسا " أو " إلى أن ييبسا"«‪. 31‬‬

‫يد ّل هذا الحديث المشكوك في مكان قوله‪ ،‬أكان في م ّكة أم في المدينة‪،‬‬


‫على أنّ عدم التس ّتر من البول والنميمة من الكبائر‪ ،‬ويرتبط الذنبان بعذاب القبر‪.‬‬
‫وليست غايتنا الوقوف على ذلك فحسب‪ ،‬وإ ّنما أوردناه لبيان أ ّنه يوجد حديث‬
‫يناقضه تماما‪ ،‬فقد روى البخاري كذلك حديثا عن ابن عبّاس‪ ،,‬كما هو الشأن في‬
‫الحديث السابق‪ ،‬وكذلك مسلم بنفس الرواية يوضّح أنّ الذنبين األخيرين ليسا من‬
‫الكبائر‪ « :‬مرّ رسول هللا(ص) على قبرين‪ ،‬فقال‪ " :‬إ ّنهما ّ‬
‫ليعذبان‪ ،‬وما ّ‬
‫يعذبان‬
‫في كبير‪ ،‬أمّا هذا فكان ال يستتر من بوله‪ ،‬وأمّا هذا فـكان يمـشي بالـنميمة "‪ .‬ث ّم‬
‫دعا بعسيب رطب فش ّقه باثنين‪ ،‬فغرس على هذا واحـدا‪ ،‬وعـلى هـذا واحـدا ثـ ّم‬
‫قال‪ " :‬لعلّه يخفـّف عنهما مـا لم يـيـبسا " »‪ .32‬وأمام هذا التضارب يذهب‬
‫النووي إلى أ ّنه‪ « :‬يجب تأويل قوله" وما ّ‬
‫يعذبان في كبير "‪ .‬وقد ذكر العلماء فيه‬
‫تأويلين‪ :‬أحدهما أ ّنه ليس بكبير في زعمهما‪ ،‬والثاني أ ّنه ليس بكبير تركه عليهما‪.‬‬
‫وحكى القاضي عياض‪ ،‬رحمه هللا تعالى‪ ،‬تأويال ثالثا‪ :‬أي ليس بأكبر الكبائر‪ .‬قلت‬

‫‪ )51‬البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب من الكبائر أن ال يستتر من بوله‪.‬‬


‫‪ )52‬البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب الغيبة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫فعلى هذا يكون المراد بهذا‪ ،‬الزجر والتحذير لغيرهما‪ ،‬أي ال يتوهّم أحد أنّ‬
‫التعذيب ال يكون إال ّ في أكبر الكبائر الموبقات‪ ،‬فإ ّنه يكون في غيرهما وهللا‬
‫أعلم‪.33» .‬‬

‫أمام هذه األحاديث وتأويل الفقهاء لها ال يمكننا الخروج بأيّة نتيجة‬
‫قطعيّة‪ ،‬فتبقى النصوص مجلبة تأويل وحمّالة أوجه لدى المسلمين وعلماء الدين‬
‫بالخصوص‪ .‬وما نو ّد التأكيد عليه هنا‪ ،‬أ ّننا تعاملنا إلى ح ّد اآلن مع المنسوبات‬
‫إلى الرسول مع افتراض صحّ تها التامّة في متونها كما في سالسل إسنادها‪ ،‬ولكنّ‬
‫وقوفنا على التضارب في الحديثين األخيرين وهما لنفس الراوي‪ ,‬ونقصد ابن‬
‫عبّاس‪ ،‬باإلضافة إلى حديث ثالث بروايته كذلك ويختلف عن سابقيْه‪ ،‬فيه تر ّدد‬
‫بين اعتبار عدم التس ّتر من البول والنميمة من الكبائر أم ال‪ .34‬قد يجعلنا ك ّل ذلك‪،‬‬
‫نرى ضرورة العودة إلى األحاديث المصرّ حة بالكبائر‪ ،‬والتي ذكرنا بعضها‬
‫سابقا في هذا الفصل‪ ،‬وذلك بغية الوقوف عليها من جديد لتفحّص كيفيّات‬
‫رواياتها بالخصوص‪.‬‬

‫لقد اقتصرنا‪ ،‬في ك ّل ما سبق على النصوص المصرّ حة لفظا بالكبائر‪،‬‬


‫ولكن تلفت انتباهنا أحاديث أخرى نصّت على جملة من األعمال المنهيّ عنها‬
‫والتي نجد من بينها أحد الذنوب المنصوص عليها في األحاديث السابقة‪ .‬وإذا ما‬
‫رمنا القيام بعمليّة قياس‪ ،‬فإ ّنه يمكن اعتبار تلك األعمال كذلك من الكبائر‪ ،‬أو‬
‫هكذا ت ّم لدى المسلمين‪ .‬ومن ذلك ما يرويه البخاري‪ » :‬ح ّدثنا حجّ اج بن منهال‪:‬‬
‫ح ّدثنا شعبة قال‪ :‬أخبرني عون بن أبي ج َحيْفة قال‪ :‬رأيت أبي اشترى حجّ اما فأمر‬
‫بمحاجمه فكسِ رت‪ ،‬فسألته عن ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إنّ رسول هللا(ص) نهى عن ثمن الدم‬

‫‪ )55‬النووي‪ ،‬المنهاج على هامش مسلم‪ ,‬ج ‪ 5‬م ‪ .2‬ص ‪112.‬‬


‫‪ )52‬البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب النميمة من الكبائر‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وثمن الكلب وكسب األمة‪ ،‬ولعن الواشمة والمستوشمة‪ ،‬وآكل الربا وموكِله‪ ،‬ولعن‬
‫المصوِّ َر«‪ .35‬إذا ما غضضنا الطرف عن القسم األوّ ل من الخبر الّذي فيه نهي‬
‫عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب األمة‪ ،‬واقتصرنا على القسم الثاني الّذي اقترن‬
‫‪36‬‬
‫بالوشم والربا والتصوير‪ ،‬نالحظ أنّ هذه المحرّ مات تساوت في‬ ‫فيه اللعن‬
‫درجة تحريمها‪ ،‬ولمّا كان الربا من الكبائر المصرّ ح بها‪ ،‬كما رأينا في األحاديث‬
‫التي أوردناها سابقا‪ ،‬يكون الوشم والتصوير‪،‬بالقياس‪ ،‬من الكبائر كذلك‪ .‬قد يبدو‬
‫لنا ذلك منطقيّا ولكن حديثا آخر يخ ّل بذلك المنطق‪ ،‬وهو حديث للراوي عينه‬
‫يكرّ ر نفس الخبر بصيغة مخـتلفة‪ » :‬ح ّدثنا أبو الوليد‪ :‬ح ّدثنا شعبة‪ ,‬عن عون بن‬
‫أبي جحيفة قال‪ :‬رأيت أبي اشترى عبدا حجّ اما فأمر بمحاجمه فكسرت‪ ،‬فسألته‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نهى النبيّ (ص) عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة‪،‬‬
‫وآكل الربا وموكله ولعن المصوّ ر«‪ .37‬في هذا الحديث‪ ،‬كما نالحظ‪ ،‬اقترن اللعن‬
‫بالمصوّ ر فقط‪ ،‬في حين كان أكل الربا ضمن المنهيّ عنه فحسب‪ ،‬وكذلك الوشم‪.‬‬
‫فإذا سلّمنا بأنّ الربا من الكبائر‪ ،‬فهل يمكن أن نعتبر النهي واللعن على درجة‬
‫واحدة؟ الواضح أنّ ذلك ال يجوز باعتبار أنّ في اللعن معنى سخط هللا وغضبه‬
‫وإخراج الملعون من رحمته‪ ،‬أمّا النهي فال يحتمل معناه ذلك‪ .‬وأمام هذا التر ّدد‬
‫بين اللعن والنهي تبرز لنا ثالثة احتماالت‪ :‬األوّ ل هو إخراج جميع ما ورد ذكره‬
‫في الخبرين عن إطار الكبائر‪ ،‬وهو احتمال مستبعد باعتبار ورود ذكر الربا وهو‬
‫مندرج ضمن األحاديث التي صرّ حت بقائمة من الكبائر‪ .‬أمّا االحتمال الثاني فهو‬
‫إدراج ك ّل ما ذكر ضمن الكبائر‪ .‬وهذا أيضا مستبعد نظرا إلى أنّ النهي عن أمر‬
‫ما ال يقوم دليال كافيا على كبر الذنب‪ .‬أمّا االحتمال الثالث الّذي نرجّ حه فيتعلّق‬
‫برواية الخبر نفسها التي نلمس فيها اضطرابا يتأ ّكد إذا ما نظرنا في صيغ أخرى‬

‫‪ )53‬البخاري‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب ثمن الكلب‪.‬‬


‫‪ )53‬سنعود إلى هذا المفهوم في قسم الحق من البحث‪.‬‬
‫‪ )57‬البخاري‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب موكل الربا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مختلفة لنفس الخبرين المذكورين‪ ،‬ومن ذلك ما يرويه البخاري‪ » :‬ح ّدثنا سليمان‬
‫بن حرب‪ :‬ح ّدثنا شعبة‪ ،‬عن عون ابن أبي جحيفة قال‪ :‬رأيت أبي فقال‪ :‬إنّ‬
‫النبيّ (ص) نهى عن ثمن الدم‪ ،‬وثمن الكلب‪ ،‬وآكل الربا وموكله‪ ،‬والواشمة‬
‫والمستوشمة«‪ .38‬في هذا الخبر ال نجد نصّا باللعن كما ال نجد نهيا عن التصوير‬
‫وال لعنا للمصوّ رين‪.‬‬

‫من الواضح أنّ اإلشكال يكمن في رواية الخبر‪ ،‬كما نالحظ أنّ هذه‬
‫األخبار التي سقناها ليست مرفوعة إلى النبيّ باللفظ وإ ّنما هي مرويّات بالمعنى‪،‬‬
‫صة في مثل هذه الحاالت التي ذكرنا‪ ،‬فالفرق مثال بين‬
‫وهو أمر مه ّم للغاية خا ّ‬
‫النهي واللعن كبير ج ّدا قد يغيّر الحكم الشرعي خاصّة إذا ما نظرنا إلى تبعات‬
‫ذلك الحكم في الهيئة االجتماعيّة أو كذلك فيما يتعلّق بالجزاء األخروي‪ .‬ولع ّل‬
‫األمر يزداد خطورة حين يتعلّق األمر بمسألة اإليمان‪ ،‬فقد نجد بعض األعمال‬
‫مقترنة بإحدى الكبائر المصرّ ح بها‪ ،‬وتلتقي معها في صفة نفي اإليمان عن‬
‫مرتكبها‪ ،‬ومن ذلك ما رواه مسلم‪ » :‬ح ّدثنا حرملة بن يحيى بن عبد هللا بن‬
‫ج ِيبي‪ ،‬أنبأنا ابن وهب‪ ،‬أخبرني يونس‪ ،‬عن ابن شهاب‪ ،‬قال سمعت أبا‬
‫عمران الت ِ‬
‫سلمة بن عبد الرحمان وسعيد بن المسيَّب يقوالن‪ :‬قال أبو هريرة‪ :‬إنّ رسول‬
‫هللا(ص) قال‪ " :‬ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‪ ،‬وال يسرق السارق حين‬
‫يسرق وهو مؤمن‪ ،‬وال يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " قال ابن شهاب‪:‬‬
‫فأخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمان أنّ أبا بكر كان يح ّدثهم هؤالء‬
‫عن أبي هريرة‪ ،‬ث ّم يقول‪ :‬وكان أبو هريرة يلحق معهنّ ‪ " :‬وال ينتهب ن ْه َب ًة ذات‬
‫شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن "«‪ .39‬وقبل أن‬

‫‪ )58‬البخاري‪ ،‬كتاب اللباس‪ ،‬باب الواشمة‪.‬‬


‫‪ )51‬مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب نقصان اإليمان بالمعاصي ونفيه عن الملتبس‬
‫بالمعصية على إرادة نفي كماله‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫نورد األسباب الرئيسيّة التي دعتنا إلى النظر في هذا الحديث نشير بسرعة إلى‬
‫أنّ نفي اإليمان فيه ليس جملة بل هو تعبير عن عدم كمال اإليمان كما يبيّن ذلك‬
‫ابن حجر العسقالني بقوله‪ » :‬قيد نفي اإليمان بحالة ارتكابه لها‪ .‬ومقتضاه أ ّنه ال‬
‫يستمرّ بعد فراغه‪ .‬هذا هو الظاهر«‪ .41‬أمّا نظرنا فيه فكان أوّ ال أل ّنه نصّ على‬
‫ثالثة أعمال اقترنت بكبيرة مصرّ ح بها‪ :‬أمّا األعمال فهي السرقة وشرب الخمر‬
‫والنهبة‪ ،‬والكبيرة هي الزنا‪ ،‬وقد تساوت كلّها في درجة حرمتها بنفي تمام اإليمان‬
‫عن مرتكبها‪ .‬ولكن ما يثير االنتباه في الخبر هو ما أضافه ابن شهاب من كون‬
‫أنّ أبا هريرة كان ي ْلحق النهبة‪ ،‬أي إنّ ذلك ليس ممّا يذكره الرسول‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤ ّكده النووي في شرحه لهذا الحديث بقوله‪ » :‬فظاهر هذا الكالم [ أي إضافة‬
‫النبي(ص) بل هو‬
‫ّ‬ ‫ابن شهاب] أنّ قوله‪ :‬وال ينتهب‪ ،‬إلى آخره‪ ،‬ليس من كالم‬
‫من كالم أبي هريرة(ر) موقوف عليه«‪ .41‬ولع ّل مثل هذا األمر يزيد من تعميق‬
‫ك في المرويّات عن الرسول‪ ،‬ال من حيث روايتها بالمعنى دون اللفظ فقط‪،‬‬
‫الش ّ‬
‫فهذا األمر يوشك أن يكون قطعيّا‪ ،‬بل كذلك من حيث صحّ ة نسبتها إلى الرسول‬
‫على اإلطالق‪ ،‬وذلك خاصّة إذا وجدنا أحاديث أخرى بنفس المعنى تقريبا وبإسناد‬
‫مختلف ال تنصّ على مثل ما رواه أبو هريرة ومن ذلك‪ » :‬ح ّدثنا محمّد ابن‬
‫المث ّنى‪ :‬أخبرنا إسحاق بن يوسف‪ :‬أخبرنا الفضيل بن غزوان‪ ،‬عن عكرمة عن‬
‫ابن عبّاس‪ ،‬رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا(ص)‪ " :‬ال يزني العبد حين‬
‫يزني وهو مؤمن‪ ،‬وال يسرق حين يسرق وهو مؤمن‪ ،‬وال يشرب حين يشرب‬
‫وهو مؤمن‪ ،‬وال يقتل حين يقتل وهو مؤمن " قال عكرمة‪ :‬قلت البن عبّاس‪ :‬كيف‬
‫ينزع اإليمان منه؟ قال هكذا‪ ،‬وشبّك بين أصابعه‪ ،‬ث ّم أخرجها‪ ،‬فإن تاب عاد إليه‬

‫‪ )21‬ابن حجر العسقالني‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪ .23‬وانظر أيضا ج ‪ ,5‬ص ‪113‬‬
‫وج ‪ ,11‬ص ‪.522‬‬
‫‪ )21‬النووي‪ ،‬المنهاج‪ ,‬على هامش مسلم‪ ،‬ج ‪ 2‬م ‪ 1‬ص ‪251.‬‬

‫‪19‬‬
‫هكذا‪ ،‬وشبّك بين أصابعه«‪.42‬إنّ اختالف الروايتين كما نالحظ‪ ،‬قد جلب معه‬
‫اختالف الذنوب‪ ،‬ونبقى من موضعنا مفتقرين ألدوات ترجيح إحدى الروايتين‬
‫ّ‬
‫تضخم‬ ‫على األخرى‪ .‬وك ّل ما نستطيع تأكيده هو أنّ هذه الروايات من شأنها أن‬
‫عدد الكبائر في ظ ّل إضفاء سمة تقديسيّة على الحديث النبويّ وخاصّة تلك‬
‫المرويّات الواردة في الصحيحين‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تنزيه الرواة والدفاع عنهم‬
‫وعن ك ّل ما يوردونه من منسوبات إلى الرسول‪.‬‬

‫لقد حمل حديث ابن عبّاس معه محرّ مات ارتبطت من الناحية الفقهيّة‬
‫بشكلين من أشكال الجزاء الدنيوي‪ ،‬فالزنا والخمر والسرقة ارتبطت بالحدود‪ ،‬أمّا‬
‫القتل فقد اقترن بالقصاص‪ .‬وإشكاليّة الحدود تبقى من المسائل الدقيقة التي لن‬
‫نخوض فيها اآلن باعتبار أ ّننا سن ْفرد لها فصال خاصّا في قسم الحق من هذا‬
‫البحث‪.‬‬

‫بعدما عرضنا لك ّل تلك المنسوبات إلى الرسول والتي نقف فيها على‬
‫أحاديث مصرّ حة بالكبائر وأخرى تناولناها‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬بالتأويل‪ ،‬نوجز ما‬
‫أمكننا التوصّل إليه إلى ح ّد اآلن في المالحظات المختزلة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تع ّدد األحاديث المصرّ حة بالكبائر‪.‬‬
‫‪ -‬صيغة األحاديث تد ّل على اقترانها بظروف مخصوصة‪ ،‬ونعني ما رأيناه من‬
‫سمة المحاورة فيها‪.‬‬
‫‪ -‬اختالف عدد الكبائر بين األحاديث‪.‬‬
‫‪ -‬محدوديّة عدد الكبائر‪.‬‬

‫‪ )22‬البخاري‪ ،‬كتاب المحاربين من أهل الكفر والر ّدة‪ ،‬باب إثم الزناة ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬باستثناء الشرك‪ ،‬فإنّ بقيّة الكبائر تمسّ الجانب االجتماعي واألخالقي‬
‫باألساس‪.‬‬
‫‪ -‬وقوفنا على نوع من التراتبيّة فيما بينها‪.‬‬
‫‪ -‬غياب التحديد المفهوميّ للكبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬غياب النصّ على الجزاء األخروي أو الدنيوي لمرتكب الكبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬غياب النصّ على االسم الشرعيّ لصاحب الكبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬روايات هذه األحاديث مختلفة وأحيانا متضاربة‪.‬‬
‫‪ -‬تعلّق بعض الكبائر بمسألة الحدود‪.‬‬

‫لعلّنا نستطيع أن نجمل ك ّل تلك المالحظات في مالحظة جامعة‪ ،‬هي عدم‬


‫الوضوح والتداخل وصعوبة التمييز بين الروايات‪ ،‬ونحسب أنّ ك ّل ذلك يبقى من‬
‫بين األسباب المهمّة التي تركت الباب مفتوحا أمام إمكانيّات التأويل‪ ،‬إضافة إلى ما‬
‫يك ّنه النصّ الدينيّ ‪ ،‬بصفة عامّة‪ ،‬من قابليّته للتوليد‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪21‬‬

You might also like