You are on page 1of 40

‫الفصل الثالث ‪ :‬القرار اإلداري كوسيلة قانونية لممارسة النشاط اإلداري‬

‫تمارس اإلدارة وظيفتها عن طريق الوسائل القانونية والوسائل المادية‪.‬وتنقسم الوسائل القانونية‬
‫إلى وسيلتين هما ‪،‬القرارات اإلدارية والعقود اإلدارية ‪.‬وتصدر القرارات اإلدارية من طرف اإلدارة‬
‫وحدها ‪،‬سواء كانت قرارات فردية أو تنظيمية‪.‬‬

‫وتعد هذه القرارات من أهم امتيازات اإلدارة وبذلك تستطيع اإلدارة أن تصدر قرارات ملزمة‬
‫لألفراد دون أن يتوقف تنفيذها على قبولهم‪.‬‬

‫يعتبر القرار اإلداري من أهم الوسائل القانونية التي تستخدمها اإلدارة لممارسة نشاطها وتحقيق‬
‫أهدافها ‪..‬ويحظى موضوع القرارات اإلدارية بأهمية خاصة كموضوع من موضوعات القانون اإلداري‬
‫من الناحيتين النظرية والعملية‪..‬‬

‫فأهمية القرارات اإلدارية من الناحية النظرية ‪:‬تتمل في أن القرارات اإلدارية تعتبر محورا تدور‬
‫حوله معظم نظريات القانون اإلداري إال ويثير فكرة القرار اإلداري‪..‬كما أن القرارات اإلدارية تعتبر من‬
‫السلطات واالمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة‪.1‬‬

‫يضاف إلى كل ذلك أنها تمثل الوسيلة واألداة الفعالة التي تستخدمها اإلدارة للحصول على وسائلها‬
‫األخرى ‪:‬كالوسائل البشرية ( مثل تعيين الموظفين الذي يتم بقرارات إدارية)‪،‬والنشاط اإلداري (مثل‬
‫القرارات اإلدارية التي تصدر في مجال الضبط اإلداري والمرافق العامة)والوسيلة المادية ( مثل‬
‫القرارات التي تحصل اإلدارة بواسطتها على األموال العامة كقرارات االستهالك)‪.‬‬

‫أما أهمية القرارات من الناحية العملية ‪:‬تتمثل في أن القرارات اإلدارية تعتبر من أهم الوسائل‬
‫اليومية‪،‬في‬ ‫حياتهم‬ ‫في‬ ‫المجتمع‬ ‫أفراد‬ ‫مع‬ ‫للتعامل‬ ‫اإلدارة‬ ‫تستخدمها‬ ‫التي‬ ‫القانونية‬
‫أعمالهم‪،‬وأموالهم‪،‬ومصالحهم‪،‬وحرياتهم في بعض األحيان‪..‬وأنها تعتبر مجاال رئيسيا لممارسة الرقابة‬
‫القضائية على أعمال اإلدارة ‪،‬إذ تدور معظم المنازعات القضائية المطروحة أمام القضاء اإلداري حول‬
‫الطعن فيه باإللغاء ‪،‬مما أتاح الفرصة أمام القضاء اإلداري البتداع الكثير من المبادئ والقواعد المتعلقة‬
‫بالقرارات اإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪GEORGES DUPUIS MARIE _ JOSÉ GUÉDON PATRICE CHRÉTIENT‬‬ ‫‪Droit administratif 8e édition‬‬
‫‪DALLOZ Paris ,2002 p 543‬‬
‫لقد خول المشرع لإلدارة ‪،‬من خالل القرارات اإلدارية واالنفرادية ‪،‬سلطات وامتيازات تمكنها من‬
‫أدائها لوظائفها ‪،‬وتعرف هذه السلطات بامتيازات السلطة العامة‪،‬وذلك لكونها قائمة على المصلحة العامة ‪.‬‬

‫وصف القاضي اإلداري هذه السلطة بأنها تشكل القاعدة األساسية للقانون العام وأنها من مبادئه‬
‫ومقوماته‪ ،‬وال يجوز إنكارها أو التشكيك فيها بحال من ألحوال ‪.‬هذه االمتيازات وتلك السلطات المتمثلة‬
‫في حق إصدار قرارات إدارية ملزمة بإرادتها المنفردة ودون حاجة إلى رضا وموافقة المخاطبين بها‪،‬بل‬
‫دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء لالعتراف لها مسبقا بهذا الحق ‪،‬حتى إن القاضي اإلداري قد قرر في‬
‫أحكام له ‪،‬عدم قبول دعوى اإلدارة أمامه إذا ما اقتصرت في طلباتها على السماح لها باتخاذ قرار معين‬
‫هو األصل من اختصاصها المقرر قانونا لها‪.‬‬

‫ومن هنا فإن موضوع القرارات اإلدارية موضوع متعدد الجوانب ‪،‬وتتطلب دراسته اإلحاطة بهذه‬
‫الجوانب المتعددة ‪،‬والتي تشمل ‪:‬معرفة الشروط التي يجب توافرها حتى يمكن أن نصف تصرفا معينا بأنه‬
‫قرار إداري ‪،‬وأركان القرار اإلداري‪،‬وأنواع القرارات اإلدارية ‪،‬وكيف يتم نفاذ وتنفيذ القرارات اإلدارية‪.2‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية القرار اإلداري وخصائصه‬

‫تقتضي دراسة القرار اإلداري من الناحية القانونية التعريف بالقرار اإلداري وتمييزه عن األعمال‬
‫القانونية أو اإلدارية األخرى‪.‬‬

‫المطلب األول ‪:‬تعريف القرار اإلداري وخصائصه‬

‫الفرع األول‪:‬تعريف القرار اإلداري‬

‫لم يضع المشرع اإلداري تعريفا معينا للقرار اإلداري‪،‬ولهذا كان المجال رحبا الجتهادات الفقه‬
‫والقضاء اإلداريين في محاولة لوضع تعريف جامع للقرار اإلداري‪..‬‬

‫بحيث عرفه القضاء والفقه ‪،‬بأنه إفصاح جهة اإلدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها‬
‫الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح‪،‬بقصد إحداث أثر قانوني معين‪.‬و قد تم تعريفه‬
‫‪2‬‬
‫‪JACQUELINE MORAND_DEVILLER‬‬ ‫‪COURS DE DROIT ADMINISTRATIF IMPRIMERIE FRANCE‬‬
‫‪QUERCY 1999 P 263‬‬
‫على ‪:‬أنه عمل قانوني نهائي صادر باإلرادة المنفردة و الملزمة لجهة اإلدارة العامة الوطنية‪،‬بما لها من‬
‫سلطة بمقتضى القوانين واألنظمة وفي الشكل الذي يتطلبه القانون ‪،‬بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء حق أو‬
‫التزام قانوني معين متى كان ذلك ممكنا أو جائزا قانونا أو ابتغاء المصلحة العامة‪..‬‬

‫فالقرار اإلداري وسيلة اإلدارة المفضلة في القيام بوظيفتها لما يحققه من سرعة وفاعلية العمل‬
‫اإلداري ‪.‬‬

‫فالقرار اإلداري يتيح لإلدارة إمكانية البث من جانب واحد في أي أمر من األمور ‪،‬دون حاجة إلى‬
‫الحصول على رضى األفراد أو حتى بالرغم من معارضتهم‪.‬‬

‫والقرار اإلداري كذلك هو عمل قانوني ‪،‬يصدر عن اإلدارة المنفردة لإلدارة‪،‬وال يتوقف نفاذه على‬
‫موافقة من ينطبق عليهم‪.‬‬

‫وتعتبر القرارات اإلدارية من أهم وسائل اإلدارة في مباشرة وظيفتها ومظهرا من أخطر مظاهر‬
‫السلطات واالمتيازات القانونية التي تتمتع بها والتي ترجع كفتها علة كفة األفراد مبررة ذلك بأنها تستهدف‬
‫تحقيق الصالح العام ‪،‬ومن ثم تعتبر القرارات اإلدارية من أهم وموضوعات القانون اإلداري‪ 3‬ومع ذلك لم‬
‫يكلف المشرع نفسه عناء تعريف القرار اإلداري ولهذا فقد تصدى القضاء والفقه لهذا التعريف‪.‬‬

‫وقد عرف القضاء القرار في أحكامه األولى بأنه " إفصاح من جانب اإلدارة العامة يصدر‬
‫صراحة أو ضمنا ‪.‬أثناء قيامها بأداء وظائفها المقررة لها قانونا ‪،‬وفي حدود المجال اإلداري ‪،‬ويقصد منه‬
‫إحداث أثر قانوني ويتخذ صفة تنفيذية"‪.‬‬

‫كما عرفه القضاء كذلك بأنه إفصاح جهة اإلدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها‬
‫الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح ‪،‬بقصد إحداث أثر قانوني معين ‪،‬متى كان ممكنا‬
‫وجائزا وكان الباعث عليه مصلحة عامة ‪.‬كما عرف القرار اإلداري القابل للطعن باإللغاء هو كل قرار‬
‫صادر عن سلطة إدارية وطنية ‪،‬نهائية تنفيذية ومؤثرة في المركز القانوني للطاعن‪.‬‬

‫وحيث أن المقصود بالقرار اإلداري العمل القانوني الصادر من جانب اإلدارة وحدها‪،‬لذلك فإن‬
‫العمل المادي الذي ال تتولد عنه آثار قانونية ال يعتبر قرارا إداريا وال يمكن الطعن فيه بإلغاء أيا كانت‬
‫اآلثار الضارة التي تمخض عنها ‪.‬مثل األعمال التمهيدية ‪،‬واألعمال التي تستهدف إثبات الحالة‬
‫‪،‬والمنشورات واألوامر المصلحية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫د محمود حلمي ‪ ،‬القرار اإلداري –الطبعة األولى‪ ،‬دار االتحاد العربي ‪ ،1970‬ص ‪. 15‬‬
‫وقد ذهبت أحكام القضاء اإلداري إلى أن األوامر التي تصدرها الجهات اإلدارية ال تعتبر من قبيل‬
‫القرارات اإلدارية ‪،‬وإنما هي مجرد إجراء تنفيذي أو عمل مادي ال يسمو إلى مرتبة القرار اإلداري هو‬
‫إفصاح جهة اإلدارة عن إرادتها الذاتية فإن كل تصرف يعبر عن إرادة أخرى وال ينشئ بذاته مركزا‬
‫قانونيا ال يعتبر قرارا إداريا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص القرار اإلداري‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القرار اإلداري عمل قانوني‬

‫قبل الدخول في تفصيل وشرح القرار اإلداري عمل قانوني تجدر اإلشارة إلى التطرق إلى تحديد‬
‫ماهية العمل القانوني‪.‬فالفقيه دوجي يقسم األعمال والتصرفات القانونية من حيث ما ترتبه من آثار إلى‬
‫ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ – 1‬العمل المشرع( او المنظم أو العمل الذي يتضمن وضع قاعدة عامة )‬

‫وهو الذي يترتب عليه إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني عام أو موضوعي ‪،‬فهو يقع على‬
‫قاعدة جديدة أو يلغي قاعدة ق ائمة ‪،‬مثال ذلك في القانون العام القوانين المشرعة واللوائح أي القرارات‬
‫اإلدارية التنظيمية ‪،‬وفي القانون الخاص نظم الجمعيات والشركات وأحكام االتفاق الجماعي للعمل‪.‬‬

‫‪ – 2‬العمل الشخصي أو الذاتي‬

‫وهو الذي يترتب عليه إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني‪ ،‬شخصي‪.‬وخير مثال له هو العقد ‪،‬إذ‬
‫يرتب حقوقا والتزامات بالنسبة لطرفيه‪،‬يختلف مداها عن مدى الحقوق وااللتزامات التي ينشئها عقد آخر‬
‫سواء بالنسبة لهما أو بالنسبة ألشخاص آخرين‪.‬‬

‫‪ – 3‬العمل الشرطي‬

‫وهو عمل صادر بصدد فرد معين ‪،‬يترتب عليه إلحاقه بمركز قانوني عام أو موضوعي ‪،‬أو كم‬
‫يق ول األستاذ السنهوري إن األثر الذي يرتبه هذا العمل أو التصرف هو نقل شخص إلى حالة قانونية ‪،‬لم‬
‫تكن تنطبق عليه من قبل ‪.‬فالتصرف إذن هو الشرط الذي ال بد من توافره حتى ينتقل الشخص إلى هذه‬
‫الحالة القانونية الجديدة ‪،‬ومن ثم سمي بالتصرف الشرطي‪.‬‬
‫ومثال ذلك في القانون الخاص عقد الزواج ‪،‬وفي القانون العام قرار تعيين شخص في إحدى‬
‫الوظائف العامة‪.‬‬

‫وبالنسبة للقرار اإلداري كعمل قانوني يعني أن القرار اإلداري يقوم على تعبير اإلدارة عن‬
‫إرادتها بقصد ترتيب أثر قانوني ‪،‬وهذا األثر القانوني قد يكون‪:‬حالة قانونية جديدة أو تعديل مركز قانوني‬
‫قديم أو إلغائه ‪..‬‬

‫وبهذا يختلف العمل القانوني الصادر من جانب اإلدارة عن العمل المادي في أن محل العمل‬
‫المادي يكون دائما واقعة ما دية أو إجراء مثبتا لها دون أن يقصد به تحقيق آثار قانونية معينة‪.‬ويتمثل في‬
‫إنشاء حالة قانونية معينة أو تعديلها أو إلغائها وبهذا يتميز محل العمل القانوني عن محل العمل المادي‬
‫الصادر عن اإلدارة يكون في الغالب واقعة مادية دون أن يتجه قصده إلى إحداث أثر قانوني‪ -‬أي إنشاء‬
‫حقوق والتزامات جديدة – وبالتالي ال تعتبر مثل هذه األعمال قرارات إدارية‪.‬‬

‫ويعبر عن القرار اإلداري المحدث آلثار قانونية بهذا المعنى باصطالح القرار النهائي ‪.‬‬

‫و يترتب األثر القانوني فور صدور القرار و ينسب إليه مباشرة حتى ولو كان صدر تطبيقا لنص‬
‫عام‪.‬‬

‫كما أن العمل المادي قد يكون تنفيذا لعمل قانوني ‪:‬كأن يصدر أمر إداري بالقبض على شخص‬
‫معين عبرت فيه اإلدارة عن قصدها وغرضها ونفذته باعتبارها ذات وظيفة ‪،‬حيث يعتبر مثل هذا األمر‬
‫تصرف أو عمل قانوني ‪..‬أما عملية إلقاء القبض على هذا الشخص (كواقعة مادية في حد ذاتها)تعتبر من‬
‫األفعال المادية‪،‬وهي ليست عمال قانونيا‪..‬‬

‫كما أن العمل المادي الصادر عن اإلدارة نتيجة خطأ أو إهمال دون أن تقصد ترتيب أي أثر‬
‫ق انوني عليه‪،‬ال يعتبر قرارا إداريا ‪،‬كالحوادث التي تقع للقطارات أو السيارات ‪،‬أو هدم المباني التي قد‬
‫ينتج هنا أضرار تصيب بعض األفراد في أنفسهم وأموالهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القرار اإلداري من جانب واحد‬

‫يعتبر القرار اإلداري هنا هو الوسيلة القانونية األساسية التي يمكن بواسطتها أن تفرض‬
‫االلتزامات أو تمنح الحقوق بمحض إرادتها ‪،‬دون أن يتوقف ذلك على رضى أو موافقة المعنيين‬
‫باألمر‪.‬وذلك خالفا لما هو عليه األمر في مجال عالقات األفراد فيما بينهم‪،‬حيث يسود مبدأ العقد شريعة‬
‫المتعاقدين‪.‬‬

‫فالقرار اإلداري أيا كان نوعه هو عمل قانوني يصدر بإرادة اإلدارة المنفردة‪..‬وهذا العنصر هو‬
‫أساس التفرقة بين القرار اإلداري والعقد اإلداري‪،‬ذلك أن العمل القانوني في العقد ال يظهر أثره إال تالقت‬
‫إرادة اإلدارة وإرادة الفرد أو الجهة المتعاقدة معها‪..‬في حين أن العمل القانوني في القرار اإلداري يظهر‬
‫أثره دون تدخل من جانب األفراد وبإرادة اإلدارة وحدها رضي سواء األفراد أو لم يرضوا‪.‬‬

‫وعنصر" اإلرادة " يفترض أوال أن هناك نية ما اتجهت بها اإلدارة إلى ترتيب أثر قانوني‬
‫معين‪،‬وذلك بكون يشترط أن يكون تعبير اإلدارة عن إرادتها الذاتية وليس تنفيذا إلرادة إدارة أو سلطة‬
‫أخرى‪.‬وتطبيقا لذلك قضت محكمة العدل العليا في حكم لها في هذا المجال بقولها(( ‪..‬ال يعتبر قرارا إداريا‬

‫رفع دائرة األراضي والمساحة رفع إشارة الحجز على األرض بناء على قرار صادر عن‬
‫المحكمة الكنسية ‪،‬ألن مثل هذا الرفض يعتبر تصرفا يعبر عن إرادة سلطة أخرى‪،‬وال يحدث بذاته أثرا‬
‫قانونيا ‪،‬وإنما يعتبر إجراء تنفيذيا لقرار صدر عن جهة أخرى‪))..‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬صدور القرار اإلداري عن سلطة عامة‪:‬‬

‫استقر اجتهاد الفقه والقضاء اإلداريين على أن القرار ال يعتبر قرارا إداريا ما لم يكن صادرا عن‬
‫سلطة إدارية عامة‪،‬بحيث أن حق إصدار القرارات اإلدارية هو امتياز لصالح اإلدارة ‪،‬فهو ال يتمتع به‬
‫األفراد والخواص كما أنه كقاعدة ال يصدر عن السلطتين التشريعية والقضائية‪.‬ولكن هذا القاعدة ليست‬
‫مطلقة ‪،‬حيث أنه بعد أن أصبح الخواص يساهمون إلى جانب اإلدارة في تحقيق المصلحة العامة منح لهم‬
‫المشرع إمكانية إصدار قرارات ملزمة ‪،‬مثال المجلس الوطني لهيئة األطباء أو الهيآت األخرى يمكن أن‬
‫تصدر قرارات ألعضائها ‪،‬هذا ما يتم في بعض الدول كفرنسا حيث أن طرد أحد األطباء من القطاع‬
‫الخاص يتم بقرار تصدره هيئة األطباء التي هي شخص معنوي خاص‪.‬وهكذا فمجلس الدولة الفرنسي‬
‫يضفي الصفة اإلدارية على القرارات الصادرة من هيآت خاصة مستندا في ذلك إلى موضوع القرار ذاته‬
‫‪،‬وهو تنفيذ مرفق عام ‪،‬وطابع السلطة العامة الذي يتسم به باعتباره مظهرا من مظاهر امتيازات القانون‬
‫العام الممنوحة لتك الهيآت الخاصة ‪.‬‬
‫ونجده في أول األمر يجمع بين هذين العنصرين في حكمه الصادر في قضية ماجنيي في ‪ 3‬يناير‬
‫‪، 1961‬ثم يكتفي بالعنصر األخير في رأي بعض الفقهاء ‪،‬هو عنصر السلطة العامة الذي يطبع القرار ‪،‬في‬
‫حكمه الصادر في ‪ 2‬أكتوبر سنة ‪ 1961‬في قضية االتحاد الوطني لشراء المنتوجات الزيتية‪. 4‬‬

‫فمجلس الدولة يصرح بأن القرارات المذكورة صادرة عن هيئات خاصة ومع ذلك فهي قرارات‬
‫إدارية ألنها تصدر تنفيذ لمرفق عام‪،‬وتنطوي على عنصر السلطة‬

‫العامة‪،‬وبذلك يعتبر هذا الحكم‪ 5‬نقطة تحول هامة من المعيار الشكلي إلى المعيار الموضوعي ‪،‬فلم‬
‫يعد من الضروري أن يكون القرار صادرا من إحدى السلطات اإلدارية ‪،‬أي أحد أشخاص القانون العام‬
‫‪،‬وإنما يلزم ويكفي أن يكون موضوعه تنفيذ مرفق عام ‪،‬ويكون متسما بطابع السلطة العامة‪.‬‬

‫ويرى األستاذ فالين أن المجلس يرجح عنصر السلطة العامة في هذه القضية ‪،‬وأن ذلك يستفاد بال‬
‫أدنى شك من حيثيات الحكم ال تي ‪،‬بعد أن قررت أن المشرع قد عهد بمهمة تنفيذ مرفق عام إلى هيئات‬
‫خاصة ‪.‬ذكرت أنه في حاالت التي تصدر فيها تلك الهيآت‪.‬‬

‫قرارات فردية من جانب واحد وملزمة لمالك األراضي الزراعية ‪،‬فإن القرارات تكون قرارات‬
‫إدارية مما يدخل في اختصاص القضاء اإلداري‪.‬‬

‫ففي نظر هذا الفقيه أن شرط تنفيذ مرفق عام وإن كان ضروريا إال أنه لم يعد كافيا العتبار القرار‬
‫إداريا ‪،‬بل يجب أن نكون بصدد مباشرة امتياز من امتيازات القانون العام‪.‬كما أنه ال يوجد ما يقطع بتغليب‬
‫أحد الشرطين عن اآلخر ‪،‬وإنما نعتقد أن الحكم لم يخرج من هذه الناحية عن اتجاه األحكام التالية له‪،‬التي‬
‫تثير تنفيذ مرفق عام كأساس العتبار القرارات الصادرة من الهيئات المكلفة بهذا التنفيذ لقرارات إدارية‬
‫‪،‬ولكن الحكم المذكور يتميز عن األحكام السابقة‪،‬ويمتاز عليها في انه بدال من أن يتهرب من التصدي‬
‫لتحديد طبيعة الهيئات الصادرة منها القرارات محل الطعن ‪،‬نجده قد واجه هذه المشكلة وتولى حلها بكل‬

‫‪ -2‬ونالحظ أن المجلس قد أخذ في هذا الحكم أيضا بالمعيار الشخصي الذي تواترت علي أحكامه منذ حكمه في قضية غوسي سنة ‪ 1923‬فيقرر أنه‬
‫‪ 4‬يتضح من نصوص القانون أن المشرع قد قصد اعتبار المهمة المعهود بها إلى النقابات المذكورة مرفقا عاما‪.‬‬
‫‪ -3‬وتتلخص وقائع الحكم المتعل ق بقضية ماكنيي في أن المشرع الفرنسي نص في األمر الصادر في ‪ 2‬نوفمبر سنة ‪ 1945‬على إنشاء هيئات في‬
‫شكل نقابات خاصة في األمر الصادر في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1945‬على إنشاء هيئات في شكل نقابات خاصة ‪،‬تتولى مهمة القضاء على الطفيليات‬
‫والحشرات الضارة بالمزروعات ‪،‬ويتضح من نصوص ا لتشريع المذكور أن المشرع قد قصد اعتبار تلك المهمة مرفقا عاما‪،‬فهي تهدف إلى حماية‬
‫االقتصاد الوطني ‪،‬وفي سبيل أدائها اعترف للنقابات المذكورة ببعض امتيازات وسلطات القانون العام كاحتكار تلك المهمة ‪،‬وسلطة جباية فرائض‬
‫مالية من مالك األراضي الزراعية ‪،‬وسلطة التنفيذ المباشر لعمليات تطهير النباتات ‪،‬وسلطة إصدار القرارات الفردية الملزمة لمالك األراضي‬
‫‪.‬وكانت المشكلة التي تصدى لها المجلس الدولة في هذه القضية هي معرفة طبيعة القرارات التي تصدرها النقابات المذكورة ‪،‬وقد أجاب عليها‬
‫المجلس باعتبار تلك القرارات إدارية ‪،‬واستند في هذا التكييف إلى سببين ‪:‬أولهما أن هذه القرارات وإن كانت صادرة من هيئات خاصة هي النقابات‬
‫إال أنها صادرة منها لتنفيذ مرفق عام الذي أنشأه المشرع ‪،‬وعهد بالقيام به إلى تلك الهيآت ‪،‬وثانيها أن تلك القرارات تنطوي على عنصر السلطة‬
‫العامة وتعتبر مظهرا من مظاهر امتيازات القانون العام منحها المشرع للنقابات المذكورة‬
‫صراحة ‪،‬مقررا أن القرارات اإلدارية تعتبر كذلك ألنها صادرة تنفيذا لمرفق عام ‪،‬وإن كانت تلك الهيئات‬
‫خاصة أي من أشخاص القانون الخاص‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪:‬صدور القرار اإلداري بإرادة اإلدارة الملزمة‬

‫يعني صدو ر القرار اإلداري ابتداء بتعبير اإلدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة‪.‬وبذلك فإن القرار‬
‫اإلداري ال يتكون إال بإرادة السلطة اإلدارية وحدها‪،‬وسواء اتخذ هذا التعبير أو اإلفصاح عن اإلرادة موقفا‬
‫إيجابيا ‪،‬فيكون القرار في هذه الحالة قرارا سلبيا أو ضمنيا ‪..‬وأيا كانت صيغة التعبير عن إرادة اإلدارة –‬
‫إيجابا أو سلبا – فإن القرارات الصريحة أو الضمنية (أو السلبية)يمكن الطعن بعدم مشروعيتها على حد‬
‫سواء ‪،‬‬

‫وبخصوص االنفراد في تحديد هذه اإلرادة‪،‬فال يشترط لتوافره أن يصدر القرار عن فرد واحد فقط‬
‫‪،‬فإن العبرة في ذلك ليست بعدد أعضاء السلطة اإلدارية الذين يصدرون القرار‪،‬كذلك فإن طبيعة القرار‬
‫اإلداري كقرار صادر باإلرادة المنفردة‪.‬‬

‫ويشترط أن تكون السلطة الملزمة التي عبرت اإلدارة عنها بإرادتها المنفردة مستندة إلى القوانين‬
‫واألنظمة التي منحتها هذه السلطة ‪..‬وقد أكدت محكمة العدل العليا على هذا الشرط ‪،‬فاعتبرت العمل أو‬
‫التصرف القانوني الصادر عن اإلدارة قرارا إداريا إذا كانت سلطة اإلدارة التي أصدرت القرار مستمدة‬
‫من قانون أو نظام كالقرارات الصادرة بحجب الخدمة الهاتفية عن المشتركين استنادا ألحكام نظام‬
‫الهاتف‪ ..‬في حين لم تعتبر التصرف الصادر عن وزير المالية بتجديد العقد المبرم بين الوزارة وأحد‬
‫األفراد لمدة ستة أشهر أخرى بعد انتهاء مدته ‪،‬استنادا إلى النص الوارد في العقد قرارا إداريا ألن والية‬
‫وزير المالية في إصدار القرار غير مستمدة من سلطته العامة المنوطة به بمقتضى القوانين واألنظمة‬
‫‪،‬وإنما هي مستمدة من شروط العقد‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬أن يكون القرار اإلداري نهائيا‬

‫تعتبر( نهائية القرار ) من الخصائص المميزة للقرار اإلداري ‪،‬فالعمل أو التصرف الذي يصدر‬
‫من اإلدارة مستوفيا الشروط السابقة ‪،‬يتعين أن يكون متخذا صفة تنفيذية دون حاجة إلى تصديق سلطة‬
‫عليا‪..‬‬

‫وقد كان هذا الشرط (نهائية القرار اإلداري)محل خالف في الفقه اإلداري ‪،‬إذ اعترض البعض‬
‫على استخدامها واقترح استعمال كلمة تنفيذي بدال منها‪..‬‬
‫وأيا كان الخالف حول استعمال هذا االصطالح فإن هناك حدا أدنى من االتفاق على معنى نهائية‬
‫القرار اإلداري يتمثل في صدور القرار من جهة خولها القانون أو النظام سلطة البث في أمر ما بغير‬
‫حاجة إلى تصديق سلطة أعلى‪.‬وهذا ما أخذت به المحكمة اإلدارية للرباط في أحد أحكامها‪،‬والذي تعلق في‬
‫الطعن في الحساب اإلداري الغير المصادق عليه من طرف وزارة الداخلية وأن اآلجال القانونية للمصادقة‬
‫لم ينصرم بعد‪،‬بحيث اعتبر ت المحكمة اإلدارية للرباط بأن هذا القرار اإلداري غير نهائي وذلك استنادا‬
‫إلى المادة ‪ 69‬من القانون ‪ 78 00‬الذي وقع تعديله وتتميمه بالقانون ‪ 17‬حيث تعتبر هذه المادة أن مقررات‬
‫المجلس الجماعي الخاصة بالمسائل اآلتية ال تكون نهاية وقابلة للتنفيذ إال إذا صادقت عليها سلطة‬
‫الوصاية طبق الشروط المحددة في المادة ‪ 73‬من بين هذه المقررات ‪:‬‬

‫‪ ‬الميزانية والحسابات اإلدارة والحسابات الخصوصية‪.‬‬

‫وال تعتبر قرارات إدارية – وفقا لشروط نهائية القرار‪ -‬األعمال التحضيرية أو التمهيدية التي‬
‫تسبق صدور القرار واألعمال الالحقة لصدوره ‪،‬والتي ال تحدث بذاتها قرارا قانونيا ‪..‬كالتوصيات‬
‫‪،‬االقتراحات‪،‬االستيضاحات‪،‬اآلراء التي تبديها الجهات االستشارية ‪،‬التحقيقات ‪،‬المنشورات والتعليمات‬
‫التي يصدرها الوزراء على إثر صدور القرارات يشرحون بها للموظفين األحكام الجديدة التي تضمنها‬
‫‪،‬وكيفية تنفيذها ‪،‬شريطة أال تتضمن قواعد جديدة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تمييز القرار اإلداري عن غيره من األعمال‬

‫يقتضي تحديد ماهية القرار اإلداري – باإلضافة إلى تعريفه‪ -‬تمييزه عن األعمال القانونية‬
‫المختلفة ‪،‬التي تخضع ألنظمة قانونية خاصة بها‪،‬إذ أن مثل هذه األعمال ال تخضع لرقابة القضاء اإلداري‬
‫لصدورها من غير السلطة اإلدارية ‪..‬‬

‫وكما هو معروف عند غالبية الفقه اإلداري فإن األعمال االنفرادية الصادرة عن السلطات اإلدارية‬
‫ال تتوفر كلها على نفس القوة الحقوقية ‪.‬ومن ثم التمييز ما بين القرارات اإلدارية وغيره من األعمال ‪،‬فمن‬
‫جهة هناك األعمال االنفرادية التي تأخذ صفة القرار اإلداري ألنها تترجم إرادة السلطات اإلدارية في‬
‫التأثير على األوضاع القانونية القائمة ‪،‬سواء بالنسبة لألفراد أو بالنسبة للجماعات ‪،‬ومن جهة أخرى ‪،‬هناك‬
‫األعمال االنفرادية التي تشكل مجرد إجراءات داخلية ‪،‬وهي األعمال التي وإن كانت تصدر عن اإلدارة‬
‫بشكل انفرادي ‪،‬إال أنها تشكل نشاطات ال ترمي من ورائها ترتيب حقوق أوفرض التزامات‪.‬مما يجعلها‬
‫تختلف عن القرارات اإلدارية بما في الكلمة من معنى‪،‬حيث إنها تظل مفتقرة لبعض الخصائص األساسية‬
‫التي تميز هذه األخيرة‪.6‬ومن هنا سنعرض للتمييز ما بين القرار اإلداري من جهة وكل من ‪:‬العمل‬
‫التشريعي ‪،‬والعمل القضائي‪،‬وأعمال السيادة من جهة أخرى‪،‬وذلك وفقا للمعيارين الشكلي والموضوعي‬
‫اللذين تفاوت األخذ بهما في الفقه والقضاء المقارن‪.7‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القرار اإلداري والعمل التشريعي‬

‫تردد ا لفقه والقضاء اإلداريين بين معيارين للتمييز بين القرار اإلداري والعمل التشريعي هما‬
‫‪:‬المعيار الشكلي ‪،‬والمعيار الموضوعي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المعيار الشكلي‬

‫وهو معيار يمتاز بالسهولة والوضوح‪ ،‬وبمقتضاه يجب أن ننظر إلى الجهة التي صدر عنها القرار‬
‫فإن كانت السلطة التنفيذية فيقال بأنه قرار إداري وإن كان البرلمان فيكون قانونا‪،‬وإن كان القضاء فهو‬
‫حكم‪.‬‬

‫وهذا المعيار هو الذي يستعمله القضاء وهو الذي ينص عليه القانون‪.‬‬

‫وبالرغم من بساطة هذا المعيار وسهولة تطبيقه في الواقع العملي إال أن هذا المعيار تعرض‬
‫لبعض المآخذ التي تمثلت في أنه يعتمد أساسا على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقضي بتحديد وظيفة‬
‫لكل سلطة من السلطات الثالث ‪ :‬التشريعية‪،‬والتنفيذية ‪،‬والقضائية‪،‬وأن األخذ بهذا المعيار يتطلب الفصل‬
‫التام والمطلق بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ‪،‬بحيث يتمثل التمييز ما بين القرارات الصادرة عن‬
‫مختلف السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬خضوع القرارات اإلدارية لنظام قانوني مغاير للنظام الذي تخضع له األعمال التشريعية‬
‫‪،‬فاألفعال اإلدارية تخضع لرقابة القضاء اإلداري إلغاء وتعويضا ‪،‬وعلى ذلك ال يجوز الطعن باإللغاء ضد‬
‫العمل التشريعي ألن المنازعة هنا التعتبر منازعة إدارية‪.‬‬

‫‪ 6‬عبد الغني بسيوني عبد هللا ‪،‬القانون اإلداري ‪،‬مطبعة األطلس ‪،‬القاهرة‪ ،1990 ،‬ص ‪. 455‬‬
‫‪ 7‬د‪ .‬نواف كنعان ‪،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني ‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،2007 ،‬ص ‪. 243‬‬
‫‪ -2‬إن القانون يخضع لرقابة قضائية من نوع خاص وهي ما تسمى بالرقابة الدستورية ويباشرها‬
‫القضاء الدستوري‪.‬‬

‫ويضاف إلى النقد السابق للمعيار الشكلي أن أعمال السلطة التشريعية ال تقتصر فقط على إصدار‬
‫القوانين باعتبارها قواعد عامة ومجردة‪،‬وإنما يوجد إلى جانب القوانين ما يسمى باألعمال البرلمانية‬
‫‪،‬كاألعمال المتعلقة بالتنظيم الداخلي للبرلمان ‪،‬كالقرارات الخاصة بتعيين موظفي البرلمان وترقيتهم‬
‫وعالواتهم‪..‬والقرارات المت صلة برقابة البرلمان للسلطة التنفيذية سواء كانت ذات صبغة إدارية أو كانت‬
‫ذات صبغة مالية أو صبغة وصائية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية المعيار الموضوعي‬

‫اتجه رواد المدرسة الواقعية وفي مقدمتهم الفقيه ( دوجي) إلى األخذ بالمعيار للتمييز بين سائر‬
‫أعمال الدولة‪.‬‬

‫واعتبروا أن ال معيار الشكلي ‪،‬ال يغوص في العمق ويقف عند الشكليات ‪،‬وذلك بتحديده نوع العمل‬
‫تبعا للهيئة التي أصدرته ‪،‬والشكل واإلجراءات التي روعيت في إصداره بدون فحص مضمون العمل ذاته‬
‫وطبيعته الداخلية‪.‬‬

‫حيث يعتبر رواد المدرسة الواقعية ‪،‬أن هذا الفحص هو المميز الحقيقي والوحيد بين األعمال‬
‫المختلفة‪.8‬‬

‫ويعتبر الفقيه دوجي ومن حذا حذوه ‪،‬أن البناء القانوني للدولة ‪،‬يتكون من مجموعة من المراكز القانونية‬
‫العامة والخاصة‪،‬واألعمال القانونية‪،‬التي تصدرها السلطات المختلفة في الدولة تعتبر األساس الذي يرتكز‬
‫عليه البناء القانوني‪،‬إذ أنها المحرك الذي ولد المراكز القانونية ‪،‬حيث أنها تنشئ أو تلغي أو تعدل هذه‬
‫المراكز سواء كانت عامة أو خاصة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المراكز القانونية‬

‫يعرف المركز القانوني بأنه الحالة التي يوجد فيها الفرد حيال القانون‪.‬‬

‫‪ 8‬للمزيد من التفصيل انظر‬


‫‪Léon Duguit, traite de droit constitutionnel , 3e Edition paris 1928 p 419- 420‬‬
‫ويتكون الهيكل أو البناء القانوني للدولة من مجموعة من المراكز القانونية وتنقسم هذه المراكز‬
‫إلى طائفتين‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المراكز القانونية الموضوعية‬

‫وهي التي تحدد مضمونها وترسم حدودها كقواعد عامة ومجردة‪،‬بحيث يكون المضمون والحدود‬
‫والمعالم واحدة بالنسبة لجميع األفراد الذين يشغلون هذه المراكز‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬المراكز القانونية الخاصة أو الشخصية‬

‫وهي التي يتحدد مضمونها بصدد كل فرد إلى آخر ‪،‬وأفضل مثال على هذه المراكز موضوع‬
‫العقود‪،‬وما تنشئه من حقوق وما ترتبه من التزامات تختلف باختالف الحاالت‪.‬وتتحدد تبعا لظروف كل‬
‫حالة على حدة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األعمال القانونية‬

‫يقسم الفقيه دوجي األعمال والتصرفات القانونية حسب ما ترتبه من آثار إلى ثالثة أنواع وذلك‬
‫على التفصيل التالي‪:‬‬

‫أوال‪ -‬العمل المشرع أو المنظم‪ :‬الذي يتضمن قاعدة عامة ‪،‬حيث يترتب على هذا العمل ‪،‬إنشاء أو‬
‫إلغاء ‪،‬أو تعديل مركز قانوني عام وموضوعي ‪،‬فهذا العمل يضع قاعدة جديدة ‪،‬أو يلغي قاعدة قائمة‪،‬ومثال‬
‫ذلك القوانين المشرعة واللوائح أي القرارات اإلدارية التنظيمية في القانون العام‪.‬ومثال ذلك في القانون‬
‫الخاص ‪،‬نظام الجمعيات والشركات وإحكام االتفاقيات الجماعية للعمل‪.9‬‬

‫‪ 9‬ولمزيد من التفصيل انظر‪:‬‬


‫الدكتور عبد الرزاق السنهوري ‪ :‬التصرف القانوني والواقعة القانونية ‪،‬محاضرات لقسم الدكتوراه في القانون المدني مع التعمق‪ ،‬جامعة القاهرة‬
‫‪، 1954 – 1953‬ص ‪. 47‬‬
‫ثانيا‪-‬العمل الشخصي أو الذاتي‪:‬وهو العمل الذي يترتب عليه إنشاء أو تعديل إلغاء مركز قانوني‬
‫شخصي ‪.‬والعقد أفضل مثال له‪،‬حيث يرتب حقوقا والتزامات بالنسبة لطرفي العقد‪،‬والتي يختلف مداها عن‬
‫مدى الحقوق وااللتزامات التي ينشئها عقد آخر سواء بالنسبة لهما أو بالنسبة ألشخاص آخرين‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬العمل الشرطي‪:‬وهو عمل يختص بفرد معين ‪،‬ويترتب عليه إلحاقه بمركز قانوني عام‪ -،‬أو‬
‫حسب رأي – الدكتور السنهوري –حيث يعتبر أن األثر الذي يرتبه هذا العمل‬

‫أو التصرف هو نقل شخص إلى حالة قانونية لم تكن تنطبق عليها من قبل‪.‬‬

‫فالتصرف إذن هو الشرط الذي ال بد من توافره حتى ينتقل الشخص إلى هذه الحالة القانونية‬
‫الجديدة ومن أمثلته ‪:‬عقد الزواج في القانون الخاص‪،‬وقرار تعيين شخص في إحدى الوظائف العامة في‬
‫القانون العام‪،‬ويستنتج من هذا كله أن الفقيه ((دوجي))يعرف العمل التشريعي وفقا للمعيار الموضوعي‬
‫بأنه العمل الذي يتضمن قاعدة عامة موضوعية بصرف النظر عن صفة السلطة التي تصدره ‪.‬وكذلك‬
‫الشكل واإلجراءات التي تتبع في إصدار هذا العمل ‪.‬وينطبق هذا على القوانين المشتركة واللوائح‪.‬‬

‫أما العمل اإلداري في نظر ((دوجي))فهو المتسم بطابع الخصوصية أو الفردية ‪،‬وخير ماله‬
‫‪،‬األعمال الشخصية (الذاتية)واألعمال الشرطية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التمييز بين القرار اإلداري والعمل القضائي‬

‫إذا كان التمييز بين القرار اإلداري والعمل التشريعي أمرا تشوبه الدقة والتعقيد فإن التمييز بين‬
‫القرار اإلداري والعمل القضائي أكثر دقة وتعقيدا وذلك للشبه الكبير الموجد بينهما‪.‬‬

‫فكما هو معروف إن هدف اإلدارة والقضاء هو تنفيذ القانون وتطبيقه على الحاالت الفردية التي‬
‫تبرز في الحياة العملية‪.‬‬

‫فاإلدارة عندما تمارس وظيفتها كتسييرها للمرافق العمومية‪،‬والمحافظة على أمن الدولة وسالمتها‬
‫لتحقيق التقدم والرفاهية لألفراد‪.‬فأن القضاء يتصدى لألفراد عندما يباشر وظيفته بفض المنازعات‬
‫ومحاكمة مرتكبي الجرائم‪.‬‬
‫إن التشابه الكبير بينهما ليس كما يعتقد ألول وهلة والوظيفتين اإلدارية والقضائية متشابهتان بل‬
‫إنهما مختلفتان ‪،‬ولكنهما تلتقيان في هدفهما أال وهو تحقيق الصالح العام‪.‬‬

‫لكننا نجد هناك شبه كبير قائم بين القرار اإلداري الذي تستخدمه اإلدارة في مباشرتها لوظيفتها‬
‫وبين الحكم القضائي الذي هو وسيلة القضاء في أداء وظيفته‪.‬‬

‫فاإلدارة والقضاء ينقالن حكم القانون من حالة العمومية والتجريد إلى حالة الخصوصية والتجسيد‬
‫وذلك بالتطبيق على الحاالت الفردية التي يواجهها كل من القضاء واإلدارة ‪.‬‬

‫وإذا ما رجعنا إلى الفقه والقضاء المصري ‪،‬فإننا نجد اختالف الفقه وتردد القضاء اإلداري في‬
‫وضع معيار للتمييز بين القرار اإلداري والحكم القضائي‪،‬وظهر في هذا المجال معياران ‪،‬معيار شكلي‬
‫ومعيار موضوعي‪.‬‬

‫فوفقا للمعيار الشكلي‪:‬يكون العمل أو التصرف إداريا إذا صدر عن وجهة إدارية ‪،‬بينما يكون‬
‫العمل قضائيا متى كان صادرا عن السلطة القضائية‪،‬بصرف النظر عن مضمون هذا العمل ومحتواه‪.‬‬
‫فالمعيار الشكلي يقوم على أن الحكم القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها القانون والية القضاء‪.‬‬

‫ووفقا للمعيار الموضوعي‪:‬يكون العمل والتصرف إداريا أو قضائيا بحسب محتوى العمل وفحواه‬
‫وليس بحسب الجهة التي يصدر عنها العمل ‪..‬فالمعيار الموضوعي يقوم على أن الحكم القضائي هو الذي‬
‫يصدر في خصومة لبيان حكم القانون فيها‪..‬‬

‫وبخصوص القانون المغربي ‪،‬فإن المشرع يجعل من اإلدارة أحيانا الحكم فيما ينشأ بينهم من‬
‫خالفات وصراعات ‪،‬ونص على تشكيل هيئات إدارية مكلفا إياها باختصاص قضاء مثل مجالس التأديب‬
‫والهيئات اإلدارية ذات االختصاص القضائي‪.‬منهم من ذلك أن الفصل في خصومة ليس وفقا على رجال‬
‫السلطة القضائية ويمكن أن يقوم رجال اإلدارة أو هيئات تتبع عضويا جهة اإلدارة‪.‬‬

‫والعكس صحيح فيما يتعلق بالسلطة القضائية ‪،‬فهي و إن كانت مكلفة أصال من قبل المشرع‬
‫بحماية النظام القانوني للدولة وحسم ما قد ينشأ بين أفردها و هيئاتها من منازعات بأحكام تحوز حجية‬
‫الشيء المقضي به ‪،‬إال أنها تتولى أحيانا إصدار الكثير من األعمال التي قلما تختلف في ماهيتها والغرض‬
‫منها عن سائر األعمال التي تكون اإلدارة على رأسها‪.‬فمثال مهمة القاضي أصال إصدار ((أحكام‬
‫قضائية)) فيما رجع إليه دعاوى بشأن نزعات معينة ‪،‬إال أن المشرع أضاف إلى هذه المهمة مهاما أخرى‬
‫إدارية كإصدار األوامر من قاضي األمور الوقتية ‪،‬وإصدار قرارات إدارية تتعلق بالحياة الوظيفية لرجال‬
‫القضاء والنيابة‪،‬فهي قرارات صادرة في شأن موظفين عموميين‪.‬‬

‫ولهذا فإننا نجد مهمة التمييز بين القرار اإلداري ‪،‬والعمل القضائي مهمة صعبة ومعقدة ‪،‬وقد‬
‫اختلف الفقهاء في هذا المجال ‪،‬وانطالقا من هذا سنحاول التطرق آلراء الفقهاء انطالقا من بعض‬
‫النظريات ‪.‬‬

‫فأصحاب نظرية السلطة التقديرية يعتبرون أن القرار اإلداري يصدر عن السلطة التقديرية‬
‫‪،‬يعكس الحكم القضائي الذي يصدر بناء على سلطة مقيدة‪.‬‬

‫و قد ووجهت هذه النظرية بمجموعة من االنتقادات نذكرمنها‪:‬‬

‫ما يتعلق بكون اإلدارة ال تتمتع وفي جميع األحول بسلطة تقديرية في ممارستها الختصاصاتها بل‬
‫تكون هذه السلطة أحيانا مقيدة أو تقديرية‪.‬‬

‫ففي الحاالت التي تكون فيها سلطة اإلدارة مقيدة ‪،‬ال يختلف القرار الصادر من اإلدارة عن الحكم‬
‫القضائي‪.‬هذا إذا سلمنا أن سلطة القاضي مقيدة ‪،‬حيث على القاضي أن ينطق بحكم القانون ‪.‬وينزل الحكم‬
‫عل ما يعرض عليه من وقائع‪.‬‬

‫كما أن سلطة القاضي فيما يصدره من أحكام ‪،‬ليست مقيدة في جميع الحاالت بل منحه المشرع‬
‫سلطة تقديرية كالتي تتمتع بها اإلدارة‪ ،‬حيث نجد أن القاضي الجنائي يتدرج بالعقوبة من حدها األدنى إلى‬
‫حدها األقصى حيث يحكم بالقدر المناسب نتيجة لقناعته وظروف الجريمة المعروضة ومن هنا نرى أن‬
‫هذه النظرية غير صالحة كمعيار للتمييز بين القرار اإلداري والحكم القضائي‪.10‬‬

‫أما بخصوص نظرية التصرف التلقائي‪،‬فيعتبر أصحاب هذه النظرية أن القرار اإلداري يصدر‬
‫بطريقة تقليدية – بعكس الحكم القضائي‪،‬الذي ال يصدر إال بناء على طلب األفراد في شكل دعوى أو‬
‫دفع‪،‬فن ظرية التصرف التلقائي ‪،‬تصيب في شق واحد‪،‬وهو أن الحكم القضائي ال يصدر إال بناء على إجراء‬
‫يتخذه األفراد في شكل دعوى أو دفع‪.‬‬

‫لكن الشق الثاني للنظرية معيب ‪،‬ألن القرارات اإلدارية ال تصدر كلها بطريقة تلقائية‪.‬‬
‫‪ 10‬للمزيد من التفصيل انظر الدكتور محمود حافظ القرار اإلداري ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪ ،1985 ،‬ص ‪. 72‬‬
‫أما بالنسبة لطبيعة العمل أو موضوعه فإنها تستند إلى كبيعة العمل أو موضوعه كمعيار للتمييز‬
‫بين القرار اإلداري والعمل القضائي فطبقا لهذه النظرية ‪،‬يكون العمل قضائيا إذا كان موضوعه الفصل‬
‫في خصومة أو نزاع على حق شخصي بمعنى أن عنصر الخصومة هو المميز للحكم القضائي عن القرار‬
‫اإلداري‪.‬ويؤخذ على هذه النظرية أنها غير مطابقة للواقع‪.‬‬

‫أما بخصوص نظرية الغرض ‪،‬فإن هذه النظرية تهدف في مباشرتها لوظيفتها – بما تصدره من‬
‫قرارات إدارية إلى إشباع الحاجات العامة أما القضاء فهو يهدف إلى حماية النظام القانوني للدولة وذلك‬
‫بالفصل في المنازعات وتوقيع العقوبات على مرتكبي الجرائم‪.‬‬

‫فالقرارات اإلدارية ال تتمتع بما تتمتع به أحكام القضاء من حجية ‪،‬أي أن الحكم القضائي يعتبر‬
‫عنوانا للحقيقة القانونية المطلقة بم تضمنه ونص عليه ‪.‬‬

‫وقد وجهت لهذه النظريات التي أشرنا إليها ‪،‬انتقادات عديدة ألنها ال تتعرض لصميم المشكلة‬
‫وصلبها ‪،‬وإنما حامت حولها فقط‪.‬‬

‫فهذه النظريات لم تعطينا عنصر التمييز الحقيقي بين العملين اإلداري والقضائي ‪،‬وإنما ذكرت‬
‫بعض أوجه االختالف التي يمكن أن تساعد على التمييز‪.‬‬

‫وعلى ضوء ما سبق يمكن القول ‪،‬إن القرار يكون إداريا وفقا للمعيار الموضوعي ‪،‬إذ لم يتضمن‬
‫فصال في خصومة ‪،‬أو منازعة ‪،‬وكان صدوره بقصد إحداث أثر قانوني معين ‪،‬وذلك بإنشاء وإلغاء أو‬
‫تعديل أحد المراكز القانونية إنشاء أو إلغاء أو تعديل أحد المراكز القانونية الخاصة أو العامة‪.‬‬

‫ويكون القرار قضائيا وفقا للمعيار المذكور(المعيار الموضوعي )‪،‬إذا كان يحسم على أساس قاعدة‬
‫قانونية خصومة أو منازعة حول مركز قانوني خاص أو عام ‪،‬ولم يكن المقصود منه إحداث أثر في‬
‫المراكز القانونية إنشاء وإلغاء وتعديال‪،‬وإنما مجرد تقدير المركز القانوني المتنازع عليه والكشف عنه‪.‬‬

‫وبعد دراستنا للمعيار الموضوعي فإننا نجد أن مزايا المعيار الموضوعي أكثر من المعيار الشكلي‬
‫اتفاقا مع طبيعة األشياء ‪،‬وأكثر مساعدة في تفهم حقيقة األعمال الدولة ‪.‬حيث ينظر إلى طبيعة العمل‬
‫الداخلية‪،‬وينصب عل مضمونه ومحتواه ‪،‬ويهتم بجوهره دون مظهره الخارجي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتمييز بين القرارات اإلدارية واألعمال القضائية ‪،‬فلجأ القضاء المغربي للمعيار‬
‫الموضوعي ‪،‬ومن األمثلة على ذلك األحكام الصادرة عن بعض المحاكم ‪،‬إما جاللة الملك ‪،‬أو من أحد‬
‫كبار رجال اإلدارة العسكريين أو المدنيين‪.‬‬

‫ورغم أن قرار التصديق يعتبر قرارا إداريا طبقا للمعيار الشكلي لصدوره من أحد رجال السلطة‬
‫التنفيذية ‪،‬فقد استقر القضاء على اعتباره عمال قضائيا ‪،‬ومن هنا نجد أن المحكمة تأخذا بالمعيار‬
‫الموضوعي‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪:‬أركان القرار اإلداري‬

‫إن تعريف القرار اإلداري وتمييزه عن غيره من األعمال كاألعمال التشريعية والقضائية وأعمال‬
‫السيادة ‪،‬ال يغني عن بيان أركان القرار التي تحدد مشروعية القرار أو عدم مشروعيته ‪..‬أما معرفة ما إذا‬
‫كان القرار اإلداري مشروعا أم غير مشروع فيتصل ببيان أركان القرار اإلداري التي تتمثل في ستة‬
‫أركان أساسية هي‪:‬االختصاص‪،‬الشكل واإلجراءات‪،‬المحل‪،‬الغاية‪،‬السبب‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االختصاص والشكل واإلجراءات‬

‫الفرع األول‪ :‬االختصاص‬

‫يحكم االختصاص مصلحتان أساسيتان ‪،‬ترتبط األولى باإلدارة‪،‬ومفادها أن السلطات اإلدارية ال‬
‫يمكنها أن تتدخل في أي وقت وفي أي مجال التخاذ التدابير بشكل عشوائي وغير منظم ‪،‬ومن تم ضرورة‬
‫توزيع الوظائف عبر مجموعة من المصالح اإلدارية‪،‬تناط بكل واحدة منها مهمة التدخل في مجال‬
‫محدد‪.‬أما المصلحة الثانية‪،‬فهي ترتبط بالمواطنين ‪،‬حيث عن تحديد االختصاصات في المجال اإلداري‬
‫بشكل واضح ‪،‬يمكنهم من معرفة الجهة التي عليهم التوجه إليها القضاء حاجياتهم اإلدارية والمرفقية‪.‬‬

‫وانطالقا من هذا يعرف االختصاص بأنه القدرة القانونية على مباشرة عمل إداري معين ‪،‬وشبه‬
‫البعض االختصاص في القانون العام باألهلية في القانون الخاص وكامل فالشخص المختص وكامل‬
‫األهلية كالهما قادر على القيام بعمل قانوني ‪.‬إال أن هذا التشابه ال يحجب االختالف الجوهري بين‬
‫الفكرتين ‪،‬حيث أن قواعد االختصاص تصبو إلى حماية المصلحة العامة ‪،‬بينما ترمي قواعد األهلية إلى‬
‫حماية الشخص ذاته‪.‬‬

‫وليست قاعدة التخصص في حقيقتها إال تطبيقا لمبدأ تقسيم العمل‪ ،‬فمادام العمل الحكومي هو عمل‬
‫جماعي ‪،‬فإن المصلحة تقتضي بأن يقتصر عمل كل موظف على نوع واحد يتفرع له ويجيده‪.‬‬

‫ومن معلوم أن هاته المصلحة تجد أساسها في أحد المبادئ األساسية التي تشكل دعامة رئيسية‬
‫للنظام اإلداري القائم‪.‬ويتعلق األمر بمبدأ النظام العام‪،‬الذي تعتبر فكرة االختصاص إحدى تجلياته‪.11‬‬

‫ويثير ركن االختصاص في القرار اإلداري عدة مسائل أهمها‪:‬بيان مصادر ركن االختصاص‬
‫‪،‬وصور ركن االختصاص‪.‬‬

‫يتحدد االختصاص في مجال القرارات اإلدارية في الغالب بصورة مباشرة من قبل المشرع الذي‬
‫يحدد اختصاص الموظف أو الجهة اإلدارية صراحة‪..‬كما يتحدد االختصاص أيضا بصورة غير مباشرة‬
‫بمقتضى أحد المبادئ القانونية العامة‬

‫يستخلصها القاضي اإلداري ‪،‬ومثالها ممارسة الموظف سلطة إصدار القرار اإلداري عن طريق‬
‫التفويض ‪،‬والحلول ‪،‬وقاعدة توازي االختصاص‬

‫واالختصاص يتحدد (يتحدد موضوعيا كما رأينا في المثال السابق)ولكنه يتحدد أيضا على نطاق‬
‫جغرافي محدود فال يمكن لها أن تتخذ قرارات تتعلق بمنطقة خارج حدود اإلقليم الذي تشرف عليه مثال‬
‫العامل له سلطة داخل حدود اإلقليم أو العمالة‪،‬والباشا والقائد كذلك ‪.‬وزمنيا معناه أن السلطة يجب أن‬
‫تتدخل في الوقت الذي حدده القانون‪،‬فالعامل مثال كان يجوز له أن يراقب األسعار قبل تغيير قانون ‪1971‬‬
‫المنظم لألسعار في الفترات التي يتم تحديدها من طرف وليس خارجها كذلك الموظف الذي يوجد في حالة‬
‫توقيف أو إعفاء ولم مختصا لممارسة المهام التي كان يمارسها قبل التوقيف أو اإلعفاء ‪.‬‬

‫وعدم االختصاص قد يكون جسيما عندما تتعدى السلطة اإلدارية على مهام إحدى السلطتين‬
‫األخريين أي القضائية أو التشريعية وفي هذه الحالة ال يعتبر القرار غير مشروع بل يعتبر كأنه غير‬
‫موجود أي منعدما‪.12‬‬

‫‪ 11‬تنص المادة ‪ 12‬من القانون ‪ 90- 14‬المحدث للمحاكم اإلدارية‪:‬تعتبر القواعد المتعلقة باالختصاص النوعي من قبل النظام العام ‪=،‬‬
‫=ولألطراف أن يدفعوا ب عدم االختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوى‪،‬وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيره‬
‫تلقائيا‪.‬‬
‫وانطالقا من هذا التوضيح يمكن أن نتناول مسألة االختصاص ‪،‬عبر نقطتين ‪:‬النقطة األولى‬
‫سنعالج فيها الموضوع من جانبه المادي ‪،‬أما الثانية فنخصصها للجانب الظرفي‪.‬‬

‫‪ ) 1‬االختصاص المادي‬

‫إنه االختصاص الذي يرتبط بالموضوع الذي يسمح القانون لإلدارة أن تتدخل في شأنه بمعنى أن‬
‫هناك مجاالت معينة ‪،‬يكون على السلطات اإلدارية أن تلزم بالتدخل فيها ‪،‬دون أن تتعداها إلى مجاالت‬
‫أخرى تعد من اختصاص سلطات إدارية أخرى‪.‬‬

‫ومن تم فإن تحديد مجاالت االختصاص ‪،‬يمكن أن يكون على مستويين ‪:‬على مستوى العالقات‬
‫التي هي قائمة بين مختلف أنواع السلطات اإلدارية‪،‬ثم على مستوى التعامل داخل نوع معين من السلطات‪.‬‬

‫أ‪ -‬االختصاص الخارجي‬

‫إنه نوع من االختصاص الذي يهم أساسا التوزيع التقليدي لوظائف الدولة‪.‬ويتعلق األمر بالوظيفة‬
‫التشريعية والوظيفة التنفيذية والوظيفة القضائية‪.‬فبمقتضى الدستور ‪،‬نجد أن هذه الوظائف قد تم تحديدها‬
‫بشكل يمنع على أي سلطة أن تتدخل في إحدى المواد التي يخصصها الدستور لمجال القانون ‪،‬كما ال‬
‫يجوز لها أن تصدر أحكاما فتحل محل السلطة القضائية لممارسة مهمة المنازعات ‪.‬ففي حالة حصول‬
‫عمل من هذا القبيل ‪،‬فإن التصرف الصادر عن السلطات اإلدارية يعتبر تجاوزا لالختصاص مشوبا بعدم‬
‫المشروعية ‪،‬بل إن هناك الفقهاء من يعده اغتصابا للسلطة‪.‬‬

‫وذلك مثل الفيريير الذي يرى أن اغتصاب السلطة يترتب عليه ضرورة اعتبار القرار اإلداري‬
‫‪13‬‬
‫المتخذ في هذا اإلطار ‪،‬بأنه منعدم‬

‫ب – االختصاص الداخلي‬

‫‪ 12‬د عبد الرحمان البكريوي ‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري المغربي ‪ -‬نشاط اإلدارة وامتيازاتها‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1990 ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Chapus .R: Le service public et la puissance publique ,R.D.P,Mars _Avril 1968 p :255‬‬
‫يعني هذا االختصاص أن السلطات اإلدارية ال يمكنها أن تقرر إال في المجاالت التي تكون‬
‫مختصة فيها‪.‬ومعنى ذلك أنه ال يحق لها أن تتدخل في المجاالت التي تكون مخصصة لسلطات إدارية‬
‫أخرى‪،‬على أساس كل سلطة إدارية تتصرف في ميدان معين‪.‬‬

‫فمسألة االختصاص الداخلي للسلطات اإلدارية التي تكون في نفس الدرجة الترابية اإلدارية‪،‬وذلك‬
‫كأن يقرر وزير في مكان وزير آخر‪،‬وأن تتدخل مؤسسة عمومية إلنجاز أشغال يعود االختصاص فيها‬
‫إلى مؤسسة عمومية أخرى ‪،‬ومن جهة أخرى ‪،‬على مستوى المصالح المتعلقة بنفس الجهة اإلدارية‪،‬وذلك‬
‫كأن يتدخل مرؤوس في اختصاص رئيسه أو العكس‪.‬وأخيرا على مستوى السلطات اإلدارية من نفس‬
‫الطبيعة‪.‬‬

‫ومع ذلك تنبغي اإلشارة إلى أن مبدأ اختصاص السلطات اإلدارية ليس دائما مبدأ جامدا ‪،‬بل هو‬
‫مبدأ يعرف بعض المرونة ‪،‬نتيجة ما يخضع لها من استثناءات يحددها القانون وينظمها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬الشكل‬

‫يعني شكل القرار اإلداري الصورة التي يوضع فيها القرار سواء اتخذت هذه الصورة التي يوضع‬
‫فيها القرار سواء اتخذت هذه الصورة الكتابة أو اتخذت صورة أخرى غير الكتابة‪،‬كأن يصدر القرار‬
‫شفاهة أو بطريق اإلشارة أو اإليماءة أو السكوت الذي يعني الرفض أو القبول‪..‬‬

‫واألصل أنه ال يشترط في القرارات اإلدارية شكل خاص لصدورها ما لم ينص المشرع أو يجري‬
‫العرف على خالف ذلك ‪..‬فقد يتطلب المشرع ضرورة صدور القرار اإلداري في شكل معين ‪،‬كأن يكون‬
‫مكتوبا أو أن يكون مسببا أوشفويا كما يمكن أن يكون صرحا أوضمنيا‪،‬بل حتى في شكل إشارة ‪،‬ونظرا لما‬
‫تعرفه هذه األشكال من تداخل فإنه يستحسن جمعها في شكلين رئيسيين تتضمن جميع األشكال األخرى‬
‫الممكنة وذلك عبر نقطتين ‪،‬نخصص األولى منهما للشكل الصريح للقرار‪،‬أما الثانية فنعالج فيها الشكل‬
‫الضمني للقرار‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬الشكل الصريح‬


‫يعتبر القرار اإلداري صريحا عندما يصدر في شكل تستفاد منه الغاية التي ترمي اإلدارة تحقيقها‬
‫‪،‬وذلك دون غموض ‪.‬ومن أهم الطرق التي تفيد الشكل الصريح للقرار اإلداري ‪،‬هناك الكتابة واألسلوب‬
‫‪14‬‬
‫الشفوي‪،‬ثم اإلشارة‪.‬‬

‫فالكتابة هي الشكل الصريح المعتمد عادة من ظرف اإلدارة في اتخاذ قراراتها‪.‬وتستنتج أهمية‬
‫الكتابة بالنسبة للقرار اإلداري من خالل الفصل ‪ 355‬من قانون المسطرة المدنية ‪،‬الذي ينص في فقرته ‪3‬‬
‫على أن يكون مقال الدعوى ‪،‬تحت طائلة عدم القبول ‪،‬مرفقا "‪...‬بنسخة من المقرر اإلداري المطعون‬
‫فيه‪"...‬مما يترتب عليه أن القاعدة في القرار اإلداري هي أن يصدر في شكل كتابي‪.‬ويتخذ القرار اإلداري‬
‫إذا ما صدر بص ورة مكتوبة مجموعة من البيانات والمعلومات التي تشكل في مجملها صور ألشكال‬
‫القرارات اإلدارية هي‪:‬مكان وتاريخ صدور القرار ‪،‬وذكر األسانيد التي يقوم عليها القرار ‪،‬تسبيب القرار‬
‫‪،‬التوقيع عليه من الجهة المختصة بإصداره ‪...‬أما إذا صدر القرار بصورة غير مكتوبة فإنه يتخذ أشكاال‬
‫أخرى هي‪:‬الشكل الشفوي للقرار أو اإلشارة‪.‬‬

‫فاإلدارة بإمكانها أن تتخذ قراراتها بشكل شفوي ‪،‬خصوصا عندما ال تفرض عليها النصوص‬
‫التشريعية أو التنظيمية اتباع شكل معين في القيام بأعمالها ‪.‬وهو الموقف الذي اتخذه مدير باإلدارة‬
‫المركزية والرامي إلى توقيف أحد الموظفين عن مزاولة مهامه‪.‬ونفس الموقف تبناه االجتهاد القضائي‬
‫المغربي ‪،‬حيث نجد أن المحكمة اإلدارية بمكناس قد صرحت في أحد أحكامها ‪،‬أن القرار الشفوي الذي‬
‫يحدث أثرا في المركز القانوني للطاعن يعتبر قرارا إداريا قابال للطعن باإللغاء‪.15‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬الشكل الضمني للقرار اإلداري‬

‫من أهم القواعد الذي يقوم عليها القانون اإلداري ‪،‬القاعدة التي تقتضي بأن سكوت اإلدارة يعتبر‬
‫رفضا‪.‬بمعنى أن التزام اإلدارة للصمت عن الطلبات الموجهة إليها قصد الحصول على حق أو إذن أو‬
‫ترخيص ‪،‬يشكل قرارا إداريا يكون قابال للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة‪.‬‬

‫إن األمر يتعلق هنا بقاعدة قانونية ‪،‬قد شكلت دائما أساسا لنظام القانون اإلداري ‪.‬ومن ثم فإن‬
‫تكريسها يبدو واضحا من خالل المواد المتعلقة بآجال الطعون المقدمة ضد القرارات اإلدارية ‪،‬وفي هذا‬

‫‪ -13‬المحكمة اإلدارية بمكناس ‪،‬النشاط عبد هللا ضد رئيس المجلس البلدي لجماعة حمرية ‪،‬حكم عدد ‪ 3. 96. 11‬غ بتاريخ ‪ 1996. 4. 25‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪،‬عدد ‪، 16‬يوليوز – شتنبر ‪ 1996‬ص ‪. 146‬‬
‫اإلطار تنص الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 23‬من القانون رقم‪ 90/41‬المحدث للمحاكم اإلدارية والتي جاءت فيها‬
‫على أنه ‪.....((:‬إذا التزمت اإلدارة الصمت طوال ستين يوما في شأن طلب قدم إليها اعتبر سكوتها‬
‫عنه‪،‬مالم ينص قانون على خالف ذلك‪،‬بمثابة رفض ‪،‬وللمعني باألمر حينئد أن يطعن في ذلك أمام المحكمة‬
‫اإلدارية داخل أجل ستين يوما يبتدئ من انقضاء مدة الستين يوما المشار إليها أعاله))‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 48‬من القانون ‪ 90- 12‬المتعلق بالتعمير تنص علي ما يلي‪:‬‬

‫"في حالة سكوت رئيس مجلس الجماعة تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ‬
‫إيداع طلب الحصول عليها "فبمقتضى هذه المادة ‪،‬فإن سكوت رئيس المجلس الجماعي بعدم رده على‬
‫طلبات ترخيص البناء خالل اجل شهرين ‪،‬يعتبر في نظر المشرع قبوال للطلب وليس رفضا ‪،‬حيث يكون‬
‫على المعنيين باألمر اعتبار أنفسهم كما لو أنهم تسلموا رخص البناء‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعليل القرار اإلداري‬

‫يراد بتعليل القرار اإلداري أو تسبيبه اإلفصاح عن األسباب الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذه‬
‫‪.‬وبالتالي يكون القرار معلال إذا أفصح في صلبه عن األسباب التي استند إليها مصدر القرار‪.16‬‬

‫‪17‬‬
‫ومن ثم فهو ينتمي إلى المشروعية الخارجية‬ ‫فالتعليل و التعبير الشكلي عن أسباب القرار‬
‫للقرار‪.‬‬

‫وهذا التعريف السائد في الفقه قد تضمنه القانون الصادر في فرنسا في ‪ 11‬يوليوز ‪ 1979‬بشأن‬
‫تعليل القرارات اإلدارية وتحسين العالقة بين اإلدارة والمواطن‪.‬إذ‬

‫تنص المادة الثالثة من القانون ‪ 01. 03‬على((‪....‬يجب أن يكون التعليل الذي يفرضه هذا القانون‬
‫مكتوبا وأن يتضمن بيان االعتبارات القانونية والواقعية التي تشكل أساس القرار ))‪.‬‬

‫والتعليل على هذا النحو يتميز عن القرار اإلداري‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪Pacteau (B):le juje de l`exés de pouvoir et les motifs de l´acte administratif ,LGDJ ,1977,P 47‬‬
‫‪ 17‬عبد الفتاح حسن ‪،‬التسبيب كشرط شكلي في القرار اإلداري‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،1966 ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪172‬‬
‫فالسبب في القرار اإلداري هو مجموعة العناصر القانونية والواقعية التي تشكل أساس هذا القرار‬
‫وتقود اإلدارة إلى التصرف ‪.‬فالسبب بهذا المعنى عنصر خارجي سابق على صدور القرار‪.‬وطبقا للقانون‬
‫اإلداري فإن القرار اإلداري ال يكون صحيحا وسليما إال إذا كان يقره هذا القانون‪.‬هذا وإن كان وجود‬
‫السبب يشكل الدافع األساسي لتمكين اإلدارة من إصدار قرارها فهذا ال يعني أنها ملزمة بتبيانه ‪.‬فاإلدارة‬
‫غير مطالبة وجوبا بإظهار سبب القرار اإلداري إال في حالتين‪:‬‬

‫إذا نص القانون على ذلك‪،‬‬

‫إذا طلب القاضي منها ذلك أثناء الطعن من طرف المخاطب به‪.‬‬

‫وإذا كان التعليل يعني اإلفصاح عن األسباب التي يستند إليها القرار مما يعني وجود عالقة وثيقة‬
‫بينهما ‪.‬وتحدد هذه العالقة فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إذا كانت اإلدارة غير ملزمة بتعليل قراراتها كمبدأ عام ‪،‬فإن كل قرار إداري يجب أن يقوم على‬
‫أسباب موجودة وصحيحة‪.‬‬

‫ب – إن التعليل هو أحد العناصر الجانب الشكلي للقرار‪،‬أم السبب فهو أحد العناصر الموضوعية‬
‫للقرار‪.18‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ركن اإلفصاح عن اإلرادة و السبب‬

‫وسنحاول من خالل هذا المطلب معالجة عنصرين أساسيين وهما ركن اإلفصاح عن اإلرادة‬
‫والسبب‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬ركن اإلفصاح عن اإلرادة‬

‫إذا كنا قد عرفنا القرار اإلداري بأنه تعبير عن اإلرادة المنفردة للسلطة اإلدارية المختصة أو‬
‫المفوض لها القيام بذلك‪ ،‬بهدف إحداث أثر قانوني معين ‪.‬‬

‫وقبل اإلقدام على اتخاذ القرار اإلداري ‪،‬يراعي رجل اإلدارة بعض اإلجراءات والشكليات التي‬
‫ينص عليها القانون والمبادئ العامة واالجتهاد القضائي ‪،‬وإغفالها يظهر ال محالة إحدى الضمانات‬
‫المعترف بها للمواطنين ويوصم القرار بعيبي الشكل واإلجراءات‪..‬‬

‫‪18‬ذ سعيد نكاوي ‪،‬تعليل القرارات اإلدارية – دراسة مقارنة‪ ،‬دار النشر والمعرفة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2003 ،‬ص ‪18‬‬
‫وهذه الشكليات منها ما يكون سابقا على إنجاز القرار اإلداري كاألعمال اإلدارية غير التنفيذية‬
‫وكل الشكليات الخاصة بحقوق الدفاع من تمكين المواطن من حق اإلطالع على ملفه اإلدالء بتصريحاته‬
‫‪19‬‬
‫ودفاعه بل منحه فرصة االمتثال أمام الهيآت االستشارية‬

‫وقد تهم اإلجراءات تلك المتبعة في إصدار القرار اإلداري ‪،‬قد يتبع شكلية معينة في إصداره ‪،‬قد‬
‫تكون كتابة أو شفاهة وقد تكون صريحة أو ضمنية تنتج عن سكوت اإلدارة خالل أجل معين‪.‬‬

‫زمنها الرافضة ‪،‬تلتزم بمقتضاها اإلدارة الصمت لمدة معينة ‪،‬حالة المغرب مثل سكوت اإلدارة‬
‫أكثر من ستين يوما على الملتمس االستعطافي أو اإلداري‪.‬‬

‫ومنها التي تتخذ شكل القبول كالتصديق عل مقرر إداري من قبل سلطة الوصاية لعمل يدخل في‬
‫اختصاص السلطة الالمركزية ‪،‬أو يهم الموافقة على الرخص الضمنية لممارسة نشاطا معينا ينتج من‬
‫سكوت اإلدارة خالل أجل معين ‪.‬‬

‫ومنها الرافضة‪،‬تلتزم بمقتضاها اإلدارة الصمت لمدة معينة‪،‬حالة سكوت اإلدارة أكثر من ستين‬
‫يوما على الملتمس االستعطافي أو اإلداري‪.‬ومنها التي تتخذ شكل القبول كالتصديق على مقرر إداري من‬
‫قبل سلطة الوصاية لعمل يدخل في اختصاص السلطة الالمركزية ‪،‬أو يهم الموافقة على الرخص الضمنية‬
‫لممارسة نشاطا معينا ينتج اإلدارة لفترة معينة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬ركن السبب‬

‫و عندما تعتزم اإلدارة إصدار قرار إداري تنفيذي تضع نصب عينيها الحالة الواقعية للمشكل‬
‫المطروح والقاعدة القانونية المتمشية معه‪.‬‬

‫وتظهر عدم مشروعية السبب بالتبني الخاطئ للعناصر الواقعية أو القانونية ‪،‬فالسبب من وجهة‬
‫نظر األستاذ ديلوبادير ‪،‬هو الواقعة الموضوعية السابقة على القرار والخارجة عنه‪،‬وجودها هو الذي دفع‬
‫مصدر القرار إلى إصداره‪.‬‬

‫وعرفه األستاذ الطماوي أيضا بأنه حالة واقعية أو قانونية بعيدة عن رجل اإلدارة ومستقلة عن‬
‫إرادته فتوحي له بأنه يستطيع أن يتدخل وأن يتخذ قرارا ما‪....20‬‬

‫‪ -17‬يراجع في هذا اإلطار مقال الدكتور موالي إدريس حالبي التطور القضائي لمبدأ حقوق الدفاع‪ ،‬م‪.‬م‪.‬د‪.‬م‪.‬ت سلسلة مواضيع ‪ ،‬عدد ‪ 14‬أربعون‬
‫سنة من القضاء اإلداري بالمغرب ‪ ،1918‬ص ‪. 33- 11‬‬
‫أي أن السبب يقع في غياب إرادة رجل اإلرادة لكنه يفرض تدخلها وامتناعها يعتبر مخالفة للقانون‬
‫‪،‬فطلب االستقالة من وظيفة إدارية يعتبر الدافع القانوني إلصدار قرار قبول االستقالة‪،‬وحدوث إعمال‬
‫شغب واضطرابات تهدد األمن في مكان عمومي أو حدوث زلزال أو حريق قد يشكل الباعث الواقعي‬
‫وراء إصدار القرار‪..‬‬

‫ولهذا ن عترف أن لكل قرار إداري تنفيذي سبب واقعي أو قانوني إلصدار قرار قبول االستقالة‬
‫‪،‬وحدوث أعمال شغب واضطرابات تهدد األمن في مكان عمومي أو حدوث زلزال أو حريق قد يشكل‬
‫الباعث الواقعي وراء إصدار القرار‪.‬‬

‫ولهذا نعترف أن لكل قرار إداري تنفيذي سبب واقعي أو قانوني يبرر صدور و هنا نطرح‬
‫التساؤل حول استقاللية أو عدم استقاللية السبب عن باقي األركان األخرى ‪،‬نؤكد أن هذا الركن قائم بذاته‬
‫ومستقل بنفسه سواء في نطاق شكلي أو مادي أو في نطاق السلطة التقديرية أو المقيدة لرجل اإلدارة‪.‬‬

‫وفي نطاق السلطة التقديرية يترك المشرع لرجل اإلدارة حرية اختيار السبب بين القيام بعمل أو‬
‫االمتناع عن القيام بالعمل‪.‬‬

‫وهذا االختيار قد ينصب على الوقائع من الناحية المادية – كحدوث كوارث طبيعية من جراء‬
‫الفيضانات أو اضطرابات تهدد األمن العام‪.‬‬

‫وقد تتصرف اإلدارة بكل حرية من دون أن يملي عليها مسبقا اتباع قاعدة معينة كارتكاب موظف‬
‫خطأ تأديبيا يمنح لإلدارة حرية تقدير العقوبة‪..‬‬

‫وفي كلتا الحالتين ‪،‬التقديرية والمقيدة ينبغي أن يكون القرار اإلداري مشروعا‪،‬وقائما على سبب‬
‫يبرره حقا في الواقع والقانون وقت صدوره ألن الغدارة تخضع للرقابة القضائية سواء في مخالفتها‬
‫للقانون أو في انحرافها في استعمال السلطة‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬ركن المحل والغاية‬

‫وسنحاول هنا معالجة ركنين آخرين ويتعلق األمر بالمحل والغاية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المحل‬

‫‪ 20‬يراجع سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪،‬الطبعة الثالثة ‪ ،1986‬دار الفكر العربي‪ ،‬ص ‪194‬‬
‫إذا كان المقصود بمحل القرار اإلداري األثر القانوني الذي يحدثه مضمونه أو منطوقه فورا‬
‫ومباشرة وسعيا وراء تحقيق الصالح العام الذي هو غاية القرار اإلداري ‪،‬فإن اإلدارة تلتزم أن ال يكون‬
‫المحل أو األثر القانوني الذي يحدثه مخالفا للقواعد القانونية العليا‪.21‬‬

‫فإذا كان محل القرار اإلداري ومحتواه يؤثر مباشرة في المراكز القانونية ‪،‬فإنه يتعين على‬
‫صاحبه أن يتخذ الحيطة الكاملة لكون مطابقا مع القانونية المدونة منها وغير المدونة منها وغير المدونة‬
‫تبعا لمبدأ احترام تدرجها‪.‬‬

‫ومحل القرار اإلداري – أسوة بالتصرفات القانونية قاطبة‪ -‬يجب أن يكون ممكنا وجائزا قانونا‪.‬‬

‫فإذا كان محل القرار غير ممكن أو كان مستحيال كان القرار منعدما ‪،‬كأن يصدر قرار تعيين‬
‫موظف في درجة ليس لها منصب مالي أو لم ترد في الميزانية‪.‬‬

‫كذلك يتعين أن يكون محل القرار مشروعا ‪،‬فال يخالف النظام العام أو حكم القانون‪،‬فالقرار الذي‬
‫يقضي بأمر مخالف النظام العام يكون باطال ‪،‬الن محله غير جائز فالقرار اإلداري الذي يخرج على‬
‫األحكام الموضوعية للقانون ‪،‬يغدو معيب‪،‬من حيث محله بعيب مخالفة القانون‪.‬‬

‫وحتى يكون القرار اإلداري سليما في محله يشترط أن يكون هذا المحل جائزا قانونا وممكنا عمال‪.‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يكون محل القرار جائزا قانونا (مشروعا)‪:‬هذا الشرط يعني أن يكون‬

‫األثر القانوني الذي يترتب على إصدار القرار اإلداري متفقا مع القواعد القانونية‪..‬فإذا كان هذا‬
‫األثر مخالفا للقواعد القانونية كان القرار معيبا في محله‪.‬‬

‫ومن أمثلة القرارات اإلدارية المعيبة لعدم مشروعية محلها‪،‬نذكر القرارات اإلدارية التنظيمية التي‬
‫تقيد حريات األفراد في مجال يحرم القانون المساس به‪،‬أو التي تتعارض مع المبادئ القانونية العامة كمبدأ‬
‫المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ‪..‬والقرارات الفردية التي تتعارض مع القواعد‬
‫النظامية‪،‬كالقرار الصادر بحرمان الموظف من إجازته العادية كعقوبة تأديبية على مخالفة ارتكبها ‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون محل القرار اإلداري ممكنا من الناحية العملية ‪،‬وهذا الشرط يعني أال‬
‫يكون األثر القانوني الذي يترتب على القرار اإلداري غير ممكن تحقيقه من الناحية العملية حتى ال‬
‫يستحيل تنفيذ القرار ‪.‬ومن أمثلة القرارات التي يستحيل تنفيذ محلها ‪،‬نذكر القرار الصادر بهدم منزل آيل‬
‫‪ 21‬د موالي ادريس الحالبي الكتاني‪،‬مسطرة التقاضي أمام المحاكم اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪99‬‬
‫للسقوط إذا اتضح أن هذا المنزل قد انهار فعال قبل إصدار القرار ‪،‬فمحل هذا القرار وهو هدم المنزل‬
‫مستحيل تحقيقه من الناحية العملية ‪،‬ويترتب على ذلك أن يصبح القرار اإلداري نفسه منعدما ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الغاية‬

‫إذا كان الهدف المتوخى لكل قرار إداري تنفيذي هو تحقيق المصلحة العامة ‪،‬فاإلدارة قد تتعسف‬
‫وقد تنحرف عن إجراء تصرفاتها عن الغايات المحدد إنجازها قانونا‪.‬ولهذا فإن تحقيق المصلحة العامة‬
‫يتنافى مع ترك حرية التقرير لإلدارة ‪،‬مع حرية اختيار رجل اإلدارة لغرض غير الغرض المحدد قانونا‬
‫‪،‬فكل آخر يسعى تحقيقه يجرده من صفته كعون عمومي ويضفي على تصرفاته ضد العمل اإلداري‬
‫الصرف‪.‬‬

‫ولهذا فإن االنحراف ال يعني سوى اعوجاج رجل اإلدارة أو السلطة المفوض لها القيام بمهمة‬
‫معينة عن تحقيق الهدف المحدد من قبل المشرع‪.‬‬

‫ومراقبة القاضي تنصب لتراقب ذاتيته صاحب القرار اإلداري الذي هدف تحقيق هدف آخر غير‬
‫الهدف المعهد له القيام به‪،‬ومن المعلوم أن هدف كل عمل إداري هو تحقيق المصلحة العامة ‪..‬ومن‬
‫الطبيعي أن يراقب القاضي ما إذا كان رجل اإلدارة قد جانب تحقيق الهدف عن قصد أو عن غير قصد‬
‫حيث تبرز المصلحة الشخصية الناجمة عن األهواء‪.‬‬

‫واألصل أيضا أن تلتزم اإلدارة المختصة بإصدار القرار ‪،‬بما قد يحدده لها المشرع من أهداف‬
‫خاصة عند اتخاذ قراراتها ‪،‬فتكون هذه األهداف المحددة هي المصلحة العامة المحددة التي نص عليها‬
‫المشرع ‪،‬بحيث تصبح هذه القرارات معيبة بعيب إساءة استعمال السلطة إذا خالفت اإلدارة هذا الهدف‬
‫الم حدد حتى وإن تذرعت باستهداف المصلحة العامة ‪،‬وهذه الحالة هي التي يطلق عليها الفقه والقضاء‬
‫اإلداريين قاعدة تخصيص األهداف ‪.‬‬

‫ويالحظ هنا عدم الخلط بين كل من أركان القرار اإلداري الثالثة وهي‪:‬الغاية‪،‬والسبب‪،‬والمحل‪..‬إذ‬
‫أن لكل ركن من األركان الثالثة مدلوله الخاص به‪..‬فركن (الغاية أو الهدف) للقرار اإلداري ‪ :‬هو النتيجة‬
‫النهائية التي يهدف مصدر القرار إلى تحقيقها مباشرة من وراء القرار‪..‬أما ركن (السبب)‪:‬فهو الحالة‬
‫القانونية أو الواقعية التي أثارت في ذهن التي أثارت في ذهن رجل اإلدارة فكرة إصدار القرار‪،‬والسبب‬
‫يسبق عادة وجود القرار ‪،‬أما الغاية فتلحق به والمفروض أن تظهر بعد إصداره‪..‬وأما ركن المحل فهو‬
‫األثر القانوني المترتب على صدور القرار وتنفيذه ‪،‬وهو ما قد ال يكون مقصودا لذاته رغم العلم الواضح‬
‫والمسبق بترتيبه‪،‬وإنما يعد وسيلة وطريقا لتحقيق النتيجة النهائية التي استهدفها مصدر القرار‪.‬‬

‫وعلى ضوء المفهوم السابق لركن الغاية في القرار اإلداري يمكن أن نحدد حالتين لركن الغاية‬
‫هما‪:‬أن يستهدف القرار المصلحة العامة‪،‬وأن تحترم مصدرة القرار قاعدة تخصيص األهداف‪.22‬‬

‫المبحث الثالث ‪:‬أنواع القرارات اإلدارية ونفاذها‬

‫وسنحاول من خال ل هذا المبحث دراسة أنواع القرارات اإلدارية ‪،‬خصوصا وأن هناك العديد من‬
‫المعايير لتقسيم القرارات اإلدارية‪،‬وكذلك مسألة نفاذ القرار اإلداري حينما يستوفي كل أركانه ‪،‬ويصبح‬
‫نافذا في حق اإلدارة بمجرد صدوره‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع القرارات اإلدارية‬

‫لقد ذهب فقهاء القانون العام في تقسيم القرارات اإلدارية مذاهب شتى حسب الوجهة التي ينظرون‬
‫منها إلى القرار وبالنظر إلى العمومية والتجريد حيث تكون إما قرارات فردية أو الئحية ومن حيث‬
‫الرقابة القضائية هناك قرارات اإلدارة وأعمال السيادة ‪،‬غير أن التقسيمات الهامة ذات األثر المحسوس في‬
‫التطبيق العملي ‪.‬حيث تنقسم القرارات اإلدارية من حيث التكوين إلى قرارات بسيطة –وقرارات تدخل في‬
‫تكوين عمل إداري مركب والقرارات البسيطة هي التي تصدر بصفة مستقلة وتكون قائمة بذاتها وغير‬
‫مرتبطة بعمل قانوني آخر أو داخلة في تكوينه ‪،‬أما القرارات التي تدخل في تكوين عمل إداري مركب‬
‫فهي ال تصدر مستقلة بل تصاحب أعماال إدارية أخرى‪.‬‬

‫وقد تكون سابقة أو معاصرة أو الحقة على عمل إداري آخر مع وجود صلة االرتباط بينها‬
‫جميعا‪.‬وتنقسم القرارات اإلدارية من حيث رقابة القضاء إلى قرارات تخضع لرقابة القضاء وقرارات ال‬
‫تخضع لهذه الرقابة‪،‬واألصل هو خضوع القرارات اإلدارية لرقابة القضاء إلغاء وتعويضا ألن هذه هي‬
‫النتيجة الطبيعية لألخذ بمبدأ الشرعية‪.23‬إال أن هذا األصل وردت عليه استثناءات منها‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫أوال‪:‬وجوب استهداف القرار اإلداري المصلحة العامة‪،‬حيث يستهدف نشاط األفراد تحقيق المصلحة العامة‪،‬وذلك بعكس الحال في‬
‫القانون الخاص حيث يستهدف نشاط األفراد تحقيق المصلحة الخاصة‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬وجوب استهداف القرار اإلداري تحقيق( الغاية أو الهدف) الذي حدده القانون‪،‬وفي هذه الحالة يجب أال يستهدف القرار اإلداري المصلحة العامة‬
‫فحسب‪،‬بل أيضا الهدف الخاص الذي عينه القانون لهذا القرار عمال بقاعدة تخصيص األهداف التي تقيد القرار اإلداري بالغاية المخصصة التي‬
‫رسمت له ‪،‬فإذا خرج القرار على هذه الغاية – ولو كان هدفه تحقيق المصلحة العامة ذاتها – كان القرار مشوبا بعيب االنحراف ووقع باطال‪.‬‬
‫‪ 23‬د سليمان الطماوي ‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري – دراسة مقارنة ‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،1973 ،‬ص ‪431‬‬
‫أعمال السيادة أو الحكومة وهي تلك الطائفة من أعمال السلطة التنفيذية التي تتمتع بحصانة من‬
‫رقابة القضاء إلغاء وتعويضا أو رقابة فحص الشرعية ‪.‬‬

‫القرارات التي ال تخضع لرقابة القضاء بناء على نص تشريعي‪ ،‬غير أن هذه القرارات لم يعد لها‬
‫أثر‪.‬كما أن القرارات تنقسم من حيث آثارها ‪،‬على قرارات فردية وقرارات تنظيمية‪،‬ونظرا ألن جميع‬
‫القرارات اإلدارية الداخلة في التقسيمات المتقدمة تعتبر واحدة ‪،‬مهما تعددت ‪،‬وبالتالي سنعتمد هنا‬
‫الموضوعي ‪،‬حيث تنقسم بالنظر إلى مداها وعموميتها إلى قرارات فردية وأخرى تنظيمية‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬القرارات الفردية‬

‫تصدر القرارات الفردية لمعالجة حاالت فردية‪،‬أي تصدر بصدد فرد معين بالذات أو أفراد معينين‬
‫بذواتهم أو حاالت معينة ‪،‬وتستنفذ موضوعها أو مضمونها بمجرد تطبيقها على الحالة أو الحاالت‬
‫المذكورة ‪،‬أو على الفرد أو األفراد المذكورين ‪..‬ومن أمثلة القرارات الفردية ‪:‬القرار الصادر بتعيين‬
‫موظف او بنقله أو بترقيته ‪،‬أو ب توقيع عقوبات تأديبية عليه‪،‬أو القرار الصادر بإبعاد أجنبي عن البالد‪.‬وال‬
‫يغير من صفة القرار الفردي تعلقه بعدد كبير من األفراد كما لو صدر قرار يخاطب في وقت واحد أكثر‬
‫من فرد حتى أعداد كثيرة من األفراد طالما خاطبهم بذواتهم‪،‬فالعبرة في تمييز القرار اإلداري ليست في قلة‬
‫أو كثرة عدد األفراد الذي ينطبق عليهم القرار وإنما في تحديد هؤالء األفراد بذواتهم ‪،‬كالقرار الصادر‬
‫بترقية عدد الموظفين ‪،‬أو بإغالق عدد من المحالت المرخصة‪.‬‬

‫ويترتب عن التفرقة بين القرار الفردي والقرار التنظيمي أهمية خاصة تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬أن القرار التنظيمي يسمو على القرار الفردي ‪..‬وترتيبا على ذلك فإن قرار فردي يجب أن يحترم‬
‫القرار التنظيمي مهما كانت سلطة إصداره‪،‬ذلك ألن للقاعدة التنظيمية قداستها واحترامها ‪،‬إذ أن في‬
‫تطبيقها ضمان ألمن واستقرار معامالت األفراد والمساواة بينهم ‪.‬وقد استقر القضاء اإلداري على أن‬
‫مخالفة القرار الفردي لقرار التنظيمي يترتب عليه اتسامه بعدم المشروعية‪.‬‬
‫‪ -‬إن بدأ سريان القرار في حق األفراد يختلف عنه في القرار التنظيمي عنه في القرار‬
‫الفردي‪..‬حيث يسري القرار التنظيمي من تاريخ نشره ‪،‬بينما ينفذ القرار الفردي في حق الفرد من تاريخ‬
‫إعالنه به‪.‬‬

‫إن ال قرار التنظيمي يجوز لإلدارة في أي وقت تعديله أو إلغاؤه أو حتى استبداله بغيره ‪،‬دون أن‬
‫يكون ألي شخص أن يتمسك باإلبقاء عليه أو االحتجاج بحقوق مكتسبة‪.‬أما القرار الفردي فمتى صدر‬
‫سليما وترتبت عليه حقوق للغير فال يجوز المساس به إال في الحاالت ووفقا لإلجراءات القانونية المقررة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬القرارات التنظيمية‬

‫نقصد بالقرار التنظيمي ‪،‬القرار الذي يحتوي على قواعد قانونية عامة ومجردة تنطبق على عدد‬
‫غير محدد من األفراد والحاالت بصرف النظر عن عدد هذه الحاالت أو هؤالء األفراد‪.‬والقرارات‬
‫التنظيمية هي عبارة عن القواعد العامة المجردة التي تختص السلطة التنفيذية بإصدارها طبقا ألحكام‬
‫الدستور وتنطبق على عدد غير محدود من األفراد الذين تتوافر فيهم الصفات المحددة فيها‪ .24‬وتلتزم جهة‬
‫اإلدارة بمراعاتها في التطبيق على الحاالت الفردية‪،‬وأي تعديل لهذه القاعدة يتعين أن يكون بنفس‬
‫األداة‪،‬أي بقرار تنظيمي عام مماثل‪.‬كما أن المراكز القانونية التي تنشئها القرارات التنظيمية‬

‫هي مراكز عامة ‪،‬بمعنى أن القواعد التنظيمية تنطبق على أشخاص معينين بأوصافهم وليس‬
‫بذواتهم‪.‬‬

‫كما أن القرارات التنظيمية التستنفذ غرضها بتطبيقها على حالة واحدة بل تظل باقية لكي تطبق‬
‫على ما يستجد من الحاالت ‪،‬فهي تتسم بالثبات ‪.‬كما أن القرار التنظيمي ال يتأثر بالمستوى الوظيفي للجهة‬
‫مصدرة القرار من حيث وصفه ‪،‬فكل قرار يتسم بالعمومية يعتبر قرارا تنظيميا‪.‬‬

‫وقد تصدر اإلدارة هذه القرارات في الظروف العادية ‪،‬وقد تصدرها في األحوال الغير العادية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المر اسيم التي تصدر في الظروف العادية‬

‫أ‪ -‬المراسيم التنفيذية‬

‫وتصدر هذه المراسيم بغية تنفيذ أحكام القانون ‪،‬وتسمى أحيانا بالمراسيم التكميلية ‪،‬فهي توضع‬
‫لتنفيذ القوانين الصادرة من المجلس التشريعي ‪،‬وذلك بإيراد الجزئيات والتفصيالت الالزمة لوضعها‬
‫‪24‬د مصطفى قلوش ‪:‬اإلطار القانوني والفقهي للقوانين التنظيمية‪،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م ث‪ ،‬عدد ‪، 2002 ، 47‬ص ‪11‬‬
‫موضع ا لتطبيق ‪،‬سواء تسيير تطبيقها وتفسير غموضها أو تفصيل مجملها‪.‬أو تحديد اإلجراءات الالزمة‬
‫إلعمال قواعدها العامة‪.‬فالمراسيم التنفيذية تهدف إلى تسهيل تطبيق القانون في األمور الجزئية والمسائل‬
‫التفصيلية التي ال يتسع وقت البرلمان إلى التعرض لها‪.‬‬

‫ب‪ -‬المراسيم المستقلة‬

‫ت عد بمثابة التشريع الثانوي الذي تباشره اإلدارة في مجال العملية التشريعية حتى أطلق عليها‬
‫المراسيم المستقلة‪،‬فهي بمثابة قواعد عامة ال ترتبط بتنفيذ قانون معين ‪،‬ويكون الهدف منها حماية النظام‬
‫العام الشامل و األمن العام والسكينة العامة والصحة العامة ‪،‬حيث تتضمن بعض القيود على ممارسة‬
‫األفراد لحقوقهم وحرياتهم الفردية ‪،‬كالمراسيم الخاصة بالطرق العامة ‪،‬أو المحالت الخطرة أو المقلقة‪.‬‬

‫وتنقسم المراسيم المستقلة إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ 1‬القرارات التظيمية الضبطية‪:‬وتصدر هذه القرارات بمعرفة اإلدارة دون أن تكون مستندة إلى‬
‫قانون سابق ‪،‬بغية الحفاظ على النظام العام الشامل لألمن العام والصحة العامة والسكينة العامة ‪.‬وهي‬
‫خاصة بالشرطة اإلدارية والضبط اإلداري‪.‬‬

‫‪ – 2‬القرارت التنظيمية للمرافق العامة‬

‫تصدر اإلدارة هذه القرارات لكي تنظم بها المرافق العامة ‪،‬وحالة الموظفين وشؤوؤن وظائفهم‬
‫‪،‬دون أن تكون مستند ة إلى نص تشريعي ‪،‬أسوة بقرارات الضبط ‪.‬لذلك فغنا تعتبر من المراسيم المستقلة أو‬
‫القائمة بذاتها ‪،‬فهي بمثابة تشريع ثانوي تتواله السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬المراسيم التي تصدر في الظروف االستثنائية‬

‫قد تنتاب الدولة ظروفا حرجة تتطلب عمال سريعا وحازما لمواجهتها قبل أن يستفحل الخطر‬
‫ويفلت الزمام من يد الدولة ‪،‬لذلك منحت اإلدارة سلطات استثنائية للتصدي لتلك الظروف ‪،‬تتمثل في‬
‫نوعين من المراسيم هما ‪:‬مراسيم الضرورة والمراسيم التفويضية‪.‬‬

‫مراسيم الضرورة‪:‬‬

‫تجد هذه المراسيم سندها في نظرية الضرورة التي تبرز خروج الدولة على القانون في أحوال‬
‫الضرورة حيث أن الدولة هي التي وضعت القانون وهي التي تلتزم بأحكامه في سبيل تحقيق صالحها‬
‫‪،‬لكن يمكن خضوعها إذا كان تحيق صالحها يتطلب الخضوع‪،‬فالقانون وسيلة لتحقيق الغاية ‪،‬وهي حفظ‬
‫الجماعة‪،‬فإذا لم يؤد القانون إلى تلك الغاية ‪،‬فال خضوع له‪،‬وعلى الحكومة أن تطرحه جانبا إذا تعارض‬
‫مع مصلحة الجماعة‪.‬‬

‫المراسيم التفويضية‪:‬‬

‫وهي عبارة عن مراسيم تصدرها السلطة التنفيذية ببناء على تفويض من السلطة التشريعية ‪،‬في‬
‫موضوعات يشترط الدستور فيها صدور قانون‪.‬‬

‫ورغم أن الدستور الحالي قد حدد نطاق القانون على نحو معين ال يستطيع أن يتعداه‪ ،‬إال أنه قرر‬
‫إمكان تفويض البرلمان للحكومة في هذا النطاق المحدد على الوجه الذي صرحت ب المادة ‪. 45‬‬

‫وال تستطيع الحكومة أن تصدر مراسيم تفويضية ‪،‬إال إذا طلبت من البرلمان السماح لها بإصدارها‬
‫لتستعين بها في تنفيذ برامجها‪.‬‬

‫فالفصل ‪ 45‬من الدستور يحدد طبيعتها ‪،‬والشروط التي يجب أن تتم فيها المراسيم التفويضية يجب‬
‫أن تصبح فيها قوانين عادية‪((:‬يصدر القانون عن البرلمان بالتصويت ‪،‬وللقانون أن ياذن للحكومة أن تتخذ‬
‫في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة بمقتضى مراسيم ‪،‬تدبير يختص القانون عادة باتخاذها ‪،‬ويجري‬
‫العمل بهذه المراس يم بمجرد نشرها ‪،‬غير أنه يجب عرضها على البرلمان قصد المصادقة عند انتهاء‬
‫االجل الذي حدده قانون اإلذن بإصدارها‪)).....‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬القرارات السلبية والمنعدمة والمستمرة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القرار السلبي‬

‫األصل أن يصدر القرار اإلداري بشكل إيجابي صريح سواء كان ذلك بالمنح أو بالمنع‪،‬‬
‫واالستثناء أن يصدر القرار بشكل سلبي عندما تعبر اإلدارة عن موقف سلبي ‪،‬فهي ال تعلن عن إرادتها‬
‫للسير في اتجاه أو آخر بالنسبة لموضوع األمر الواجب عليها اتخاذ موقف بشأنه ‪،‬وإن كانت في ذات‬
‫الوقت تعلن عن إرادتها الصريحة في ((االمتناع))عن إصدار قرار كان يتعين عليها إصداره‪.‬‬

‫ويشترط لسالمة وصحة القرار السلبي توفر شرطين أساسيين هما‪:‬أن تكون اإلدارة ملزمة أصال‬
‫بإصدار القرار‪،‬وأن تمتنع الغدارة عن إصداره مخالفة بذلك القوانين واألنظمة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬القرار المنعدم‬

‫يعني القرار المنعدم المشوب بمخالفة جسيمة تفقده صفته اإلدارية فيصبح منعدما‪..‬حكمه في ذلك‬
‫حكم األحكام المعدومة ليس من شأنه أن يرتب أثرا قانونيا من قبل األفراد أو يؤثر في مراكزهم القانونية‬
‫‪،‬ويعد مجرد واقعة مادية ال يلزم الطعن فيه أمام الجهة المختصة قانونا للحكم بتقرير انعدامه‪،‬وإنما يكفي‬
‫إنكاره عند التمسك به وعدم االعتداد به‪.‬‬

‫ومن صور هذه القرارات نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬القرار المعيب بعيب عدم االختصاص الجسيم الذي يتمثل في إغفال مصدر القرار للشروط‬
‫الجوهرية التي ال يتم القرار اإلداري إال إذا توافرت ‪،‬ويترتب على إغفالها أن يلحق بالقرار عيب جسيم‬
‫ينحدر بالقرار إلى درجة العدم‪.‬‬

‫‪ -‬القرار الذي يشوب اإلدارة التي تصدره عيب جسيم يؤثر فيها تأثيرا جوهريا ‪،‬كحصول أحد‬
‫األفراد على قرار نتيجة اإليهام بوجود أمر ال حقيقة له ‪.‬‬

‫ويترتب على القرارات المنعدمة عدة آثار في التطبيق العملي أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن القرار المنعدم يخول اإلدارة حق سحبه في أي وقت دون التقيد بالميعاد كما هو منصوص‬
‫عليه‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن القرار المنعدم يعتبر مجرد واقعة ما دية ال يلزم الطعن فيه أمام الجهة المختصة قانونا‬
‫للحكم بتقرير انعدامه ‪،‬وإنما يكفي إنكاره وعدم ترتيب أي اثر عليه‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن القرار المنعدم ليس بحاجة إلى قرار إداري يبطله ‪،‬وال تلحقه حصانة‪،‬وال يزيل عيبه فوات‬
‫ميعاد الطعن فيه‪،‬كما أنه ال يكون قابال للتنفيذ المباشر ‪،‬وذلك تطبيقا للقاعدة العامة في عيوب اإلرادة من أن‬
‫القرار المنعدم ال يقوم ‪،‬وهو ساقط والساقط ال يعود‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬القرار المستمر‬


‫ويعني القرار المستمر القرار الذي ينتج عن امتناع اإلدارة عن اتخاذ موقف معين أو إصدار قرار‬
‫محدد إذا لم يحدد لها المشرع مدة معينة يتعين عليها اتخاذه خاللها ‪،‬إذ في مثل هذه الحالة يعتبر امتناع‬
‫اإلدارة بمثابة قرار إداري مستمر ال يتقيد بميعاد ‪،‬حيث ينفتح ميعاد جديد بمناسبة كل طلب جديد يتقدم به‬
‫صاحب الشأن‪.‬وهكذا قوم القرار المستمر على فكرة القرارات باعتبار آثارها مستمرة وعدم انتهائها‬
‫‪،‬واعتبار ككل قرار إداري يصدر برفض الطلب بمثابة قرار إداري جديد يحق لصاحب الشأن الطعن فيه‬
‫باإللغاء‪.‬‬

‫ومن صور القرارات المستمرة‪:‬القرار الصادر بوضع شخص في قوائم الممنوعين من السفر‪،‬أو‬
‫ال قرار الصادر من اإلدارة باالمتناع عن رفع اسم شخص من قوائم الممنوعين من السفر‪..‬فهذا القرار له‬
‫أثر مستمر ‪،‬مما يجعل لصاحب الشأن فيه الحق في أن يطلب رفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر في‬
‫كل مناسبة تدعو إلى السفر إلى الخارج‪،‬وكل قرار يصدر برفض طلبه يعتبر قرارا جديدا يحق له الطع فيه‬
‫باإللغاء ‪.‬وكذلك القرار الصادر بامتناع الجهة اإلدارية المختصة عن إصدار ترخيص لممارسة نشاط‬
‫معين ويتجدد هذا القرار عند تقديم كل طلب ترخيص ‪،‬وبالتالي يبقى ميعاد طلب إلغائه مفتوحا‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نفاذ القرارات اإلدارية ونهايتها‬

‫سنعالج في هذا المطلب نفاذ القرارات اإلدارية‪،‬وذلك عندما يصبح القرار اإلداري جاهزا ‪،‬فإن‬
‫اإلدارة تعمل على تنفيذه لكي ينتج آثاره القانونية ‪.‬مع اإلشارة إلى ان عملية التنفيذ هذه ينبغي طرحها في‬
‫مدلولها الواسع ‪،‬ثم انتهاء القرارات اإلدارية‪ 25‬بحيث أن هذه األخيرة قد تختفي بشكل يضع حدا آلثارها‬
‫‪.‬بمعنى أنها قد تنتهي وتصبح غير قابلة لخلق أو ضاعا جديدة أو تغيير أوضاعا كانت قائمة في السابق‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬نفاذ القرار اإلداري وتنفيذه‬

‫الفقرة األولى‪:‬نفاذ القرار اإلداري‬

‫إن نفاذ القرار اإلداري يبدأ من تاريخ صدوره ‪،‬أي عندما يصبح نهائيا وقابال لالحتجاج به‪.‬إذ‬
‫يكون بإمكان كل من ينتج هذا القرار آثارا قانونية لصالحه أن يتشبث به ‪،‬كما يكون بإمكان كل من ينتج‬
‫آثارا سلبية بالنسبة إليه أن يطعن فيه أمام القضاء اإلداري‪.‬غير أن صفة النفاذ التي يتوفر عليها القرار‬
‫اإلداري ال يمكن أن توتي مفعولها إال إذا كانت صحيحة ‪.‬والقاعدة العامة في هذا الشأن هي القرارات‬
‫‪25‬‬
‫‪Delbaz :LA Révocation des actes administratifs ,R .D.P,P :463‬‬
‫اإلدارية في حق الجهة اإلدارية فور صدورها دون أن يتوقف ذلك على علم األفراد بها‪،‬واإلصدار بحسب‬
‫األصل يتم بمجرد التوقيع عليها ‪،‬ومن هذا التاريخ ينفذ القرار وال يقتصر النفاذ على القرارات السليمة‬
‫وإنما يشمل القرارات اإلدارية المعيبة والتي ال ترقى لدرجة االنعدام‪،‬والقاعدة السابقة تطبق على القرارات‬
‫الفردية شأنها في ذلك شأن القرارت التنظيمية حيث أن نفاذها غير رهين بقبول من تسري في حقه ‪.‬هذا‬
‫بالنسبة لنفاذ القرارات اإلدارية والتنظيمية كأصل عام ‪،‬أما بالنسبة لسريان تلك القرارات في حق من‬
‫صدرت بشأنهم فإنها بحسب األصل ال تسري إال من تاريخ النشر أو العلم أو اإلعالن‪.‬أم بالنسبة للقرارات‬
‫الضمنية أو السلبية التي ال يتصور النشر واإلعالن بشأنها فإن ميعاد الطعن عليها يظل مفتوحا حتى تدخل‬
‫تلك القرارات مدارج التنفيذ الفعلي فيبدأ الميعاد من هذا التاريخ‪.‬‬

‫ويقصد بتنفيذ القرار اإلداري إظهار آثاره إلى حيز التطبيق ‪،‬ويأتي في مرحلة الحقة على النفاذ‬
‫‪.‬ذلك أن القرار اإلداري عندما يعتبر نافذا قانونا‪،‬فإنه يكون قابال إلحداث آثاره من تاريخ نفاذه‪.‬‬

‫ولقد حدد المشرع ميعادا قصيرا ‪،‬ترفع خالله دعوى اإللغاء حتى تكون مقبولة ‪،‬هو شهران في‬
‫القانون المغربي‪.‬وتقول المادة الرابعة "ميعاد رفع الدعوى أمام المحاكم فيما يتعلق بطلبات اإللغاء ستون‬
‫يوما من تاريخ نشر القرار اإلداري المطعون فيه‪.‬‬

‫والحكمة في جعل الميعاد قصيرا هي توفير عنصر الثبات واالستقرار للمراكز القانونية التي‬
‫نشأت لألفراد بناء على أعمال اإلدارة‪.‬‬

‫ويسري ميعاد رفع دعوى اإللغاء ابتداء من تاريخ نشر القرار اإلداري محل الطعن أو إعالنه‬
‫للمعني به‪.‬وذلك ألن نشر النشر واإلعالن هما الوسيلتان اللتان بهما قانونا علم األفراد بالقرارات اإلدارية‬
‫‪،‬إضافة إلى وسيلة العلم اليقيني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬تنفيذ القرارات اإلدارية‬

‫واألصل في تنفيذ القرارات اإلدارية أن تتم طواعية واختيارا ‪،‬سواء كانت قرارات تنظيمية أم‬
‫فردية‪،‬إيجابية أم سلبية‪،‬إذ أن اإلدارة ال تجد صعوبة في الغالب في تنفيذها ‪،‬وخاصة إذا تطابق النفاذ‬
‫القانوني مع التنفيذ المادي‪.‬‬

‫أما إذا صدر القرار مستكمال أركانه القانونية وخاطب أفرادا طالبا منهم القيام بعمل معين أو‬
‫االمتناع عن القيام بعمل معين ولم يمتثلوا للقرار‪،‬فتثور عندئذ مشكلة تنفيذ القرار ‪،‬ذلك أن القرار ‪،‬ذلك أن‬
‫األفراد الذين يخاطبهم القرار الملزمون من ناحيتهم باحترام مقتضى القرار ‪،‬واإلدارة من ناحيتها مسؤولة‬
‫عن كفالة هذا االحترام‪.‬زمن هنا وجدت الوسائل التي تستطيع اإلدارة من خاللها الوصول إلى تنفيذ‬
‫قراراتها ‪،‬وأهمها وسيلتين‪:‬إحداهما عن طريق اإلدارة واألخرى عن طريق القضاء‪.‬‬

‫فإذ ما اتضح أن القرار اإلداري قد شابه عيب يبطله ‪،‬فيكون له الحق في التظلم منه إلى اإلدارة‬
‫نفسها عن طريق التظلم اإلداري ‪،‬أو أن يلجأ إلى القضاء اإلداري للطعن فيه باإللغاء ‪.‬أما إذا لجأ األفراد‬
‫إلى القوة في مقاومة القرارات اإلدارية وامتنعوا عن تنفيذها ‪،‬فإنهم يتعرضون للجزاءات الجنائية ‪،‬فوق ما‬
‫تملكه اإلدارة ذاتها من توقيع عقوبات إدارية ‪.‬ألن القرارات اإلدارية تحوز قوة الشيء المقرر‪،‬قياسيا على‬
‫قوة الشيء المقضي به بالنسبة لألحكام القضائية‪.‬‬

‫وال يترتب كقاعدة عامة على رفع دعوى اإللغاء وقف تنفيذ القرار اإلداري المطعون فيه‪،‬وهذا ما‬
‫يقرره القاضي اإلداري حينما قضى‪:‬‬

‫((حيث إن إيقاف تنفيذ قرار إداري يكون بصورة استثنائية وفقا لما هو منصوص عليه في الفصل‬
‫‪ 24‬من القانون رقم ‪ 90. 41‬بشأن أحداث المحاكم اإلدارية وأن ذلك يقتضي‪:‬‬

‫‪ -‬كون الوسائل المعتمد عليها في الموضوع تكتسي درجة معينة من الجدية‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون الضرر الناجم عن تنفيذ القرار من الضرر الذي يؤثر في المركز القانوني لطالب‬
‫إيقاف التنفيذ‪،26‬فقرارات اإلدارة تكون واجبة النفاذ دون حاجة إلى إذن القاضي بتنفيذها ‪،‬فهي ذات اثر‬
‫تنفيذي مباشر أسوة باألحكام القضائية النهائية التي يوقف تنفيذها الطعن فيها ‪.‬وبذلك تستطيع اإلدارة أن‬
‫تلزم األفراد بإرادتها المنفردة فيما تتخذه من قرارات إدارية رغم الطعن فيها أمام القضاء اإلداري‪.‬‬

‫فلو كان الطعن في قراراتها أمام القضاء يوقف تنفيذها ‪،‬لترتب على ذلك إتاحة الفرصة أمام‬
‫األفراد لإلسراف في رفع دعوى اإللغاء لسبب ولغير سبب‪،‬وألدى ذلك إلى تعطيل مصالح الدولة وهيئاتها‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬انتهاء القرارات اإلدارية‬

‫يقصد بانتهاء القرارات اإلدارية زوالها‪،‬وقد يترتب عن هذا الزوال انتهاء اآلثار القانونية ‪.‬ويخضع‬
‫انتهاء القرارات اإلدارية لطريقتين‪:‬الطريقة العادية والطريقة الغير العادية‪.‬وتختلف الطرق العادية عن‬
‫‪ -26‬قبل حكم المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء رقم ‪ 267‬صادر بتاريخ ‪ 1996. 7. 31‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد‪، 1‬ص ‪89.‬‬
‫الطرق الغير العادية النتهاء القرار بسبب ما تثيره من صعوبات ومشاكل في الواقع العملي تتعلق بحقوق‬
‫وأوضاع أطراف القرار اإلداري كثيرا ما يكسب األفراد حقوقا اعتمدوا عليها ورتبوا أمورهم على أساسها‬
‫‪،‬ومن العدالة أن تتمتع بنوع من الثبات‪.‬‬

‫وهذا يقتضي من اإلدارة عندما تنتهي قرارها – بالطرق غير العادية‪ -‬مراعاة التوفيق بين‬
‫مصلحتين كل منهما جدير بالرعاية‪:‬المصلحة العامة التي تقتضي إنهاء القرار غير المشروع أو غير‬
‫المالئم‪،‬والمصلحة الخاصة التي انبثقت عن القرار والتي يجب حمايتها حرصا على استقرار األوضاع‬
‫القانونية‪ ،‬ومن هنا تبدو الصعوبة في إنهاء القرارات اإلدارية ومنها اإللغاء‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬انتهاء القرار اإلداري عن طريق اإللغاء والسحب‬

‫ينتهي القرار اإلداري بالنسبة للمستقبل فحسب ‪،‬وهو ما يسمى باإللغاء‪ ،‬كما أن القرار اإلداري‬
‫تمحى آثاره بالنسبة للماضي والمستقبل ويعتبر كأن لم يكن وهو ما يطلق عليه بسحب القرار‪.‬‬

‫أوال‪:‬اإللغاء‬

‫يقصد باإللغاء إنهاء اآلثار القانونية للقرار اإلداري بالنسبة للمستقبل وذلك اعتبارا من تاريخ إقدام‬
‫اإلدارة على هذا اإلجراء وبهذا تظل اآلثار القانونية للقرار سارية المفعول بالنسبة للفترة السابقة‪.‬فاألعمال‬
‫االنفرادية الصادرة عن اإلدارة يتم اتخاذها في إطار النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها‬
‫العمل‪.‬وقد يحدث أن يتم إلغاء القانون الذي قامت اإلدارة فإصدار قراراتها في إطاره ‪،‬مما يترتب عليه‬
‫ضرورة اختفاء هذه القرارات الصادرة تنفيذا لهذا القانون وذلك بحكم التبعية القائمة بين القانون الملغى‬
‫والقرارات المتخذة استنادا عليه‪.27‬‬

‫ومن هنا يمكن التمييز ما بين إلغاء القرار التنظيمي والقرار الفردي‪.‬‬

‫أ‪ -‬إلغاء القرار التنظيمي‪:‬‬

‫يجوز لإلدارة أن تلغي القرار التنظيمي المشروع دون التقيد بأية مدة‪،‬وذلك ألن القرارات‬
‫التنظيمية تضع قواعد تنظيمية ال يتصور أن تكون مؤبدة ‪،‬بل تقبل بطبيعتها التعديل والتغيير طبقا‬
‫لمقتضيات المصلحة العامة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪De laubadère A: Traité de droit administratif , TL,3eme éd 1984,p .373‬‬
‫وال حرج على اإلدارة في ذلك ما دام إلغاء هذه القرارات ال يرتب أثره إال بالنسبة إلى المستقبل‬
‫‪،‬وما دام ال يمس الحقوق التي نشأت في ظل تطبيق قواعده‪،‬أي في الفترة ما بين إصدارها وإلغائها‪.‬‬

‫ب‪ -‬إلغاء القرار الفردي‪:‬‬

‫األصل عدم جواز إلغاء القرارات الفردية المشروعة‪،‬وذلك ألن هذا النوع من القرارات يترتب‬
‫عليها حقوقا فردية مكتسبة ال يجوز المساس بها ‪،‬ضمانا الستقرار المعامالت اإلدارية‪.‬‬

‫واستثناء من هذا األصل وفي الحاالت التي ال تتوافر فيها مثل هذه الحكمة يجوز لإلدارة إلغاء‬
‫القرار اإلداري الفردي المشروع إذا وجدت المبررات القانونية أو في الحاالت التي ال يرتب فيها القرار‬
‫حقوقا مكتسبة‪.‬‬

‫فالقرار اإلداري الفردي إذا كان معيبا وقابال للطعن فيه باإللغاء فإنه يجوز لإلدارة أن تلغيه خالل‬
‫المدة المحددة للطعن فيه باإللغاء ‪،‬دون التمسك بفكرة الحقوق المكتسبة ‪،‬ألن هذه الحقوق ال تتولد عن‬
‫قرارات غير مشروعة ‪،‬انتهت مدة الطعن في القرار دون إلغائه قضائيا أو إداريا ‪،‬فإنه يتحصن ويغدو‬
‫سليما وال يستطيع األفراد الطعن فيه باإللغاء ‪،‬وتنفيذ سلطة اإلدارة في إلغائه بضرورة احترام الحقوق‬
‫المكتسبة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السحب‬

‫يقصد بسحب القرار اإلداري زوال كافة آثاره سواء في الماضي أو المستقبل ‪،‬وبذلك يعتبر القرار‬
‫المسحوب كأنه لم يكن من تاريخ إصداره ‪.‬وهو كذلك إعدام القرار اإلداري من طرف مصدره أو من‬
‫ظرف السلطة التي تعلوه‪،‬وذلك بمحو آثاره بالنسبة للماضي والمستقبل‪،‬فيصبح كأن لم يكن ويزول بأثر‬
‫رجعي كليا أو جزئيا‪،‬في إطار الشروط المنظمة لعملية السحب والمتمثلة في عدم شرعية القرار واحترام‬
‫أجل ستسن يوما من صدوره‪ .28‬فكما يحدث بالنسبة لإلبطال الذي يمارسه القضاء اإلداري ‪،‬فإن سحب‬
‫القرارات اإلدارية من طرف اإلدارة تترتب عليه نفس النتائج‪.‬ذلك أن هذه القرارات تصبح بمجرد سحبها‬
‫منعدمة وكأنها لم تكن‪،‬سواء بالنسبة للماضي ‪،‬أو بالنسبة للمستقبل‪.‬ومع ذلك يمكن القول ‪،‬بأنه خالفا لما هو‬
‫عليه األمر بالنسبة لإللغاء ‪،‬فإن سحب القرارات اإلدارية من طرف اإلدارة من طرف اإلدارة يخضع‬
‫لشروط صارمة حتى يمكن لها ممارسته ‪.‬وذلك نتيجة ما تنطوي عليه هذه الوسيلة من مخاطر على حقوق‬
‫األفراد‬

‫‪ 28‬المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪،‬حكم رقم ‪ 300‬بتاريخ ‪، 2006- 12- 11‬أحمد عراقي ضد وزير التعليم العالي ‪.‬م‪.‬م‪.‬إ م‪.‬ت‪،‬‬
‫ص‪215:‬‬
‫وأوضاعهم‪،‬بحكم طابعها الرجعي‪.‬وتظهر أمية هذه الشروط خصوصا عندما يتعلق األمر‬
‫بالقرارات اإلدارية المانحة للحقوق‪،‬والتي خلفت أوضاعا قانونية يكون من الصعب على اإلدارة هدرها‬
‫بسحبها للقرارات اإلدارية المتعلقة بها‪.‬‬

‫وهكذا فبالنسبة للقرارات اإلدارية التي لم تمنح حقوقا لألفراد ‪،‬فإن اإلدارة بإمكانها أن تبادر إلى‬
‫سحبها في أي وقت وألي سبب‪.‬أما إذا كانت هذه القرارات قد منحت حقوقا لألفراد ‪،‬فإن االجتهاد القضائي‬
‫قد أحاط ممارسة السحب بخصوصها بمجموعة من الشروط نذكرها كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬يجب أن يكون القرار اإلداري موضوع السحب مشوبا بعيب من عيوب عدم المشروعية‪.‬وهو‬
‫شرط أساسي ‪،‬إذ يشكل السبب الذي يدفع اإلدارة سحب ما قامت به من أعمال‪.‬‬

‫‪ -‬أن ال يتم السحب بخصوص القرار اإلداري المانح للحقوق‪،‬والتي اتخذته اإلدارة في نطاق‬
‫القوانين الجاري بها العمل‪،‬حيث خول المستفيد وضعية حقوقية معينة إال في الحاالت الخاصة حسب‬
‫الظروف والمالبسات‪.‬‬

‫‪ -‬أن يتم سحب القرار اإلداري داخل آجال الطعن القانونية ‪،‬أو أثناء مرحلة البث في دعوى اإللغاء‬
‫المرفوعة ضده‪.‬غير أنه ال ينبغي أن نميزها بين العمل اإلداري الباطل فقط والعمل المنعدم‪.‬فمجرد العمل‬
‫الباطل ال يمكن سحبه إال داخل أجل الطعن ‪،‬انطالقا من االجتهاد القضائي يعتبر أن االستقرار القانوني هو‬
‫أهم من المشروعية نفسها‪، 29‬في حين أن العمل المنعدم يكون من الممكن سحبه في أي وقت وحين‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون المعني باألمر قد استعمل مناورات تدليسية للحصول على القرار اإلداري موضوع‬
‫السحب‪.‬وفي هذه الحالة فإن مسألة احترام ألجل الطعن ال تطرح ‪،‬إذ من حق اإلدارة أن تمارس هذا‬
‫السحب في أي مرحلة‪.‬‬

‫أما القرارات المنعدمة التي ال تتولد عنها مراكز قانونية يجوز لإلدارة أن تسحبها في أي وقت‬
‫مهما طال عليها األمد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬القرار المضاد‬

‫‪29‬‬
‫‪C.E Dame Cachet ,3 novembre 1922 , les grands Arrèts de la jurisprudence administrative p: 221‬‬
‫متى صدر القرار اإلداري صحيحا ممن يملك سلطة إصداره فإنه يكون للتنفيذ بإخراجه إلى حيز‬
‫العمل وإظهار حقيقة في الحياة العملية‪.‬حيث أنه يفترض في القرارات اإلدارية الصحة والسالمة بمجرد‬
‫صدورها إلى أن يثبت العكس‪.‬‬

‫غير أن هذه ليست مطلقة ‪،‬ألن هذا يجافي سنة التطور وحسن سير اإلدارة وبذلك يكون المقصود‬
‫بحصانة القرارات اإلدارية الفردية السليمة عدم المساس بها إال عن طريق قرار مضاد يصدر باإلجراءات‬
‫ال تي يحددها القانون في الحاالت التي يقتضيها ‪،‬فهذا القرار هو بمثابة قرار إداري يلغي ضمنا قرار إداريا‬
‫فرديا مشروعا‪.‬على أن ينصب اإللغاء على المستقبل – مع اسمرار أثاره التي تولدت في الماضي في ظل‬
‫القرار األول والذي يعتبر سليما‪.‬‬

‫فإذا أصدرت اإلدارة قرارا إداريا سليما بتعيين أحد الموظفين فإنها ال تستطيع إلغاء هذا القرار‬
‫متى أرادت‪،‬وال يجوز لإلدارة أن تلغي قرارا إداريا مشروعا رجعي تطبيقا لعدم رجعية القرارات‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫فالقرار المضاد هو عبارة عن قرار إداري فردي سليم فيحدث فيه تعديال لبعض بنوده أو تغييرا له‬
‫بأكمله ‪،‬ويقتصر أثره بالنسبة للمستقبل‪.‬وبذلك يحل القرار المضاد محل القرار اإلداري السليم لمصلحة فرد‬
‫من األفراد ال يمكن التطاول عليها أو النيل منها إال بقرار مضاد تصدره سواء السلطة التي أصدرت‬
‫القرار األول أو غيرها‪،‬وفقا للشروط واإلجراءات التي تنص عليها األنظمة‪.‬‬

‫وقد تقتصر مهمة القرار المضاد على مجرد إعدام القرار اإلداري الفردي السليم مستقبال‪.‬سواء‬
‫كليا أو جزئيا دون أن تحل آخر بدال منه كالقرار الصادر بإلغاء ترخيص ممنوح ألحد األفراد ‪،‬وقد يكون‬
‫اإللغاء مجرد استبدال القرار األول بقرار آخر بحيث يلغيه كليا او جزئيا ‪،‬فقرار إلغاء الوظيفة للصالح‬
‫العام يحوي في طياته قرار تعيين الموظف في تلك الوظيفة‪.‬‬

You might also like