You are on page 1of 10

‫القراءة البيئية والثقافية‬

‫بوراوي الطرابلسي‬
‫تونس‬-‫ منوبة‬،‫كلية اآلداب والفنون واإلنسانيات‬
E-mail : bouraoui.trabelsi@gnet.tn :‫البريد األلكتروني‬

Résumé:

Au lendemain du 14 janvier 2011 et suite à la chute du régime de Ben Ali, la question


du déséquilibre régional refait surface. Désormais, parler d’un littoral riche au dépend
d’intérieur pauvre n’est plus un tabou. On dresse un bilan lourd d’une politique de
développement en faillite et qui a conduit à la marginalisation des régions de l’intérieur.
L’Etat, en en tant qu’instance d’arbitrage régional, est désigné comme le seul coupable,
d’autant qu’il est tenu d’assurer la régulation de l’ensemble territorial et la redistribution
spatiale. cependant, rien ne sort d’utile et de nouveau dans cette polémique virulente puisque
le développement durable devient en Tunisie une expression insignifiante à force d’usages
rhétoriques de la part des politiciens et à force de l’absence de nouvelles approches et de
nouvelles lectures, déjà explorées et mises en pratique dans les espaces fluviaux de l’autre
rive de la méditerranée. Nous avons choisi une région et une ressource naturelle, le nord-
ouest et son âme la Medjerda. Nous n’avons pas considéré la Medjerda comme étant
seulement une ressource écologique mais aussi en tant qu’une riche ressource culturelle.
Deux représentations de la Medjerda, laissés dans l’oubli, alors qu’elles offrent des
opportunités pour l'économie régionale et le développement durable. Dans ce travail nous
proposons une nouvelle lecture et une nouvelle approche celle de la patrimonialisation des
fleuves et des rivières comment l’une des solutions pour un développement durable. Certes, la
Tunisie a déjà lancé le débat autour du développement durable sous de nouvelles formes,
visant la mise en patrimoine de la nature. Néanmoins, et contrairement à d’autres espaces
naturels comme le paysage, la montagne, ou bien le littoral, les cours d’eau en Tunisie n’ont
jamais fait l’objet d’une approche patrimoniale dans les projets du développement durable.
La Medjerda en était le premier fleuve à subir une telle injustice.

Mots clés: la Medjerda, développement, patrimonialisation, écologie.

Abstract:

In the aftermath of January 14th, 2011, and following the fall of Ben Ali’s regime, the issue of
regional imbalance resurfaced. Hereafter to speak of a rich coastline at the expense of a poor
interior is no longer a taboo. We draw a heavy report about a failed policy of development
which led to the marginalization of the interior regions. The State, as a regional arbitration
body, is designated as the only culprit, for it is especially supposed to ensure the spatial
redistribution as well as the regulation of the whole territory. However, nothing new or useful
‫‪comes up in this virulent controversy since sustainable development in Tunisia has become an‬‬
‫‪insignificant expression because of the politicians’ rhetorical use of the term, and the absence‬‬
‫‪of new approaches and readings, which are already explored and implemented in river‬‬
‫‪spaces on the other side of the Mediterranean. I have chosen a region and a natural resource,‬‬
‫‪the northwest and its soul Medjerda. I have not considered Medjerda as only an ecological‬‬
‫‪resource but also as a rich cultural resource. Two representations of Medjerda are left in‬‬
‫‪oblivion, though they offer opportunities for the regional economy and sustainable‬‬
‫‪development. In the present work, I propose a new reading and a new approach, that of the‬‬
‫‪“patrimonialisation”of rivers and streams as an alternative for sustainable development.‬‬
‫‪Certainly, Tunisia has already launched the debate on sustainable development in new forms,‬‬
‫‪aiming at conferring a patrimonial aspect on nature. However, and unlike such other natural‬‬
‫‪spaces as the landscape, the mountain, or the coastline, rivers in Tunisia have never been the‬‬
‫‪subject matter of a patrimonial approach in sustainable development projects. The Medjerda‬‬
‫‪was the first river to suffer such injustice‬‬

‫‪.Keywords: Medjerda, development, patrimonial, ecology.‬‬

‫ملخص ‪:‬‬

‫بعد انهيار نظام الحكم في البالد التونسية سنة ‪ 2011‬احتد النقاش حول أسباب سقوطه‪ ،‬بعد حكم‬
‫دام ثالث وعشرين سنة‪ .‬ولئن اتفق أغلب الدارسين على أهمية دور السياسات االقتصادية المتعاقبة في‬
‫تأزم األوضاع االجتماعية والسياسية للبالد‪ ،‬إال أن وجهات النظر اختلفت فيما يتعلق بتحديد أسباب الفقر‬
‫والتهميش والبطالة‪ ،‬وتقديم الحلول الممكنة لمعالجتها‪ .‬فطرحت من جديد مسألة التنمية الجهوية‪ ،‬وهي‬
‫مسألة قديمة متجددة تطرح دائما عند التحوالت السياسية الكبرى للبالد‪ ،‬ويعود طرحها للسنوات األولى‬
‫لالستقالل‪ .‬فكانت النتيجة أن طرحت مسألة التنمية الجهوية بنفس إشكاالت ومقاربات وشعارات أوائل‬
‫شة‪ ،‬وسواحل ٌمتَ َمتِّ َعة‬‫السبعينيات من القرن الماضي‪ .‬فكان الحديث عن سواحل مزدهرة ودواخل ُم َه َم َّ‬
‫بالثروة ودواخل محرومة منها‪ ،‬وسواحل سالبة للموارد المحلية ودواخل مسلوبة‪ .‬وينبغي التذكير هنا أن‬
‫هذه النظرية بنيت على مقاربة تقوم على الربط بين الموارد المحلية ومشاكل التنمية الجهوية‪.‬‬
‫هذه الشواغل األكاديمية‪ ،‬إلى جانب الدوافع الذاتية‪ ،‬بحكم انتمائي للشمال الغربي وبحكم ارتباطي‬
‫الكبير بوادي مجردة‪ ،‬والذي ال يفصلني عن مياهه سوى أمتار قليلة حتمت علي الخوض في إشكاالت‬
‫التنموية الجهوية وحتمت علي مراجعة نظرتي لنهر مجردة‪ ،‬أحد أهم الموارد المحلية لفريـﭭْـة والشمال‬
‫الغربي ككل‪.‬‬
‫ْ‬
‫وليس َم َجازا أن نقارن مجردة بالنيل‪ ،‬فإن كانت مصر هبة النيل فإن افريـﭭـة‪ ،‬بالد الحبوب‪ ،‬هبة‬
‫مجردة‪ .‬وعلى هذا األساس قد نطرح إشكالية التنمية بفريـﭭْـة‪ ،‬فنهر مجردة كمورد قد ال يستطيع حل‬
‫المشاكل التنموية للجهة‪ ،‬خاصة وأن أَ ْيقُونَة الفالحة ال تفارقه‪.‬فالفالحة ال يمكن أن تكون الحل الوحيد‬
‫لمشاكل التنمية بالجهة وهي غير قادرة على إيجاد الحلول لمشاكل الفقر والتهميش والبطالة‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار تتنزل مساهمتنا من خالل التعريف بمقاربة تبدو جديدة لكنها اعتمدت منذ عشرات السنين في‬
‫بعض الدول‪ ،‬وتقوم هذه المقاربة على القطع أوال مع تلك الصورة القديمة‪ ،‬وبعث ثانيا صورة جديدة‬
‫أساسها البعد الثقافي والبيئي‪.‬‬

‫الكلمات الرئيسية ‪ :‬مجردة‪ ،‬التنمية‪ ،‬التأريث‪ ،‬االيكولوجيا‪.‬‬


‫المقدمة‬ ‫‪-I‬‬
‫بعد انهيار نظام الحكم في البالد التونسية سنة ‪ 2011‬احتد النقاش حول أسباب سقوطه‪ ،‬بعد حكم‬
‫دام ثالث وعشرين سنة‪ .‬ولئن اتفق أغلب الدارسين على أهمية دور السياسات االقتصادية المتعاقبة في‬
‫تأزم األوضاع االجتماعية والسياسية للبالد‪ ،‬إال أن وجهات النظر اختلفت فيما يتعلق بتحديد أسباب الفقر‬
‫والتهميش والبطالة‪ ،‬وتقديم الحلول الممكنة لمعالجتها‪ .‬فطرحت من جديد مسألة التنمية الجهوية‪ ،‬وهي‬
‫مسألة قديمة متجددة تطرح دائما عند التحوالت السياسية الكبرى للبالد‪ ،‬ويعود طرحها للسنوات األولى‬
‫لالستقالل‪ .‬فكانت النتيجة أن طرحت مسألة التنمية الجهوية بنفس إشكاالت ومقاربات وشعارات أوائل‬
‫شة‪ ،‬وسواحل ٌمتَ َمتِّعَة‬‫السبعينيات من القرن الماضي‪ .‬فكان الحديث عن سواحل مزدهرة ودواخل ُم َه َم َّ‬
‫بالثروة ودواخل محرومة منها‪ ،‬وسواحل سالبة للموارد المحلية ودواخل مسلوبة‪ .‬وينبغي التذكير هنا أن‬
‫هذه النظرية بنيت على مقاربة تقوم على الربط بين الموارد المحلية ومشاكل التنمية الجهوية‪.‬‬
‫هذه الشواغل األكاديمية‪ ،‬إلى جانب الدوافع الذاتية‪ ،‬بحكم انتمائي للشمال الغربي وبحكم ارتباطي‬
‫الكبير بوادي مجردة‪ ،‬والذي ال يفصلني عن مياهه سوى أمتار قليلة حتمت علي الخوض في إشكاالت‬
‫التنموية الجهوية وحتمت علي مراجعة نظرتي لنهر مجردة‪ ،‬أحد أهم الموارد المحلية لفريـﭭْـة والشمال‬
‫الغربي ككل‪.‬‬
‫ْ‬
‫وليس َم َجازا أن نقارن مجردة بالنيل‪ ،‬فإن كانت مصر هبة النيل فإن افريـﭭـة‪ ،‬بالد الحبوب‪ ،‬هبة‬
‫مجردة‪ .‬وعلى هذا األساس قد نطرح إشكالية التنمية بفريـﭭْـة‪ ،‬فنهر مجردة كمورد قد ال يستطيع حل‬
‫المشاكل التنموية للجهة‪ ،‬خاصة وأن أَ ْيقُونَة الفالحة ال تفارقه‪.‬فالفالحة ال يمكن أن تكون الحل الوحيد‬
‫لمشاكل التنمية بالجهة وهي غير قادرة على إيجاد الحلول لمشاكل الفقر والتهميش والبطالة‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار تتنزل مساهمتنا من خالل التعريف بمقاربة تبدو جديدة لكنها اعتمدت منذ عشرات السنين في‬
‫بعض الدول‪ ،‬وتقوم هذه المقاربة على القطع أوال مع تلك الصورة القديمة‪ ،‬وبعث ثانيا صورة جديدة‬
‫أساسها البعد الثقافي والبيئي‪.‬‬
‫ثوابت تملّك وادي مجردة‬ ‫‪-II‬‬
‫‪ -1‬هيدروغرافية مجردة‬
‫سة بالقطر الجزائري‪ ،‬على ارتفاع‬ ‫‪1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ينبع مجردة من مرتفعات رأس العالية‪ ،‬وتحديدا من لخ ِّمي َ‬
‫‪ 1250‬متر‪ .‬ويدخل البالد التونسية من غار دماء‪ ،‬ليشق وديان وسهول في شكل منعطفات عديدة على‬
‫طول ‪ 370‬كم‪ ،‬ليصب بعد ذلك في البحر األبيض المتوسط‪ ،‬جنوب غار الملح‪ ،‬عندها تنتهي رحلة‬
‫الغارين‪ .‬ولنهر مجردة روافد عديدة تزيد من أهميته‪ ،‬وتتوزع روافده على النحو التالي‪ :‬في الضفة‬
‫سة وواد ِّس ْليَانة‪ ،‬وفي الضفة اليُسْرى يَ ُ‬
‫صب فيه واد بُوه َْرط َمة وواد‬ ‫صب فيه واد َم َّالﭫ وواد تَا َ‬
‫اليمنى يَ ُ‬
‫َ‬
‫بَا َجة وواد الزَ ْرﭬاء‪ .‬وقد يكون غيَّر نهر مجردة سريره على األقل في ستة مناسبات منذ الحرب البونية‬
‫األولى‪ .2‬يصرف مجردة وروافده حوضا تبلغ مساحته في البالد التونسية ‪ 15930‬كم‪ . 2‬يرتفع منسوب‬
‫المياه بين شهر نوفمبر وشهر افريل فيكون محمال باألوحال والتي يلهجها السكان المجاورين له‪:‬‬
‫امالً في اللهجة المحلية‪ .‬وهنا قد يكون لفظ الحمل داللة على الزيادة أي‬ ‫الميلُو ِّسي‪ ،‬عندها يكون مجردة َح ِّ‬
‫ِّ‬
‫‪4‬‬
‫االنجاب أو داللة على حمل مجردة لكل شيء يعترض جريانه في سريره األصلي أو سريره الرئيسي‬
‫‪3‬‬

‫أو سريره العرضي‪.‬‬

‫‪ -2‬تنوع المشاهد الطبيعية‬


‫ْ‬
‫خمير ومـُﭭـِّعد و مرتفعات التل العالي فتتنوع نتيجة لذلك‬ ‫يفصل نهر مجردة بين مرتفعات ِّ‬
‫المشاهد الطبيعية مكونتا أهم منظومة أي ُكولً ِّ‬
‫وجيَّة في البالد‪ .‬ويتجلى هذا التنوع أوال في المشهد النباتي‬

‫‪Thubursicum Numidarum 1‬‬


‫‪A. PELLEGRIN (juillet 1955). La Medjerda aperçu historique. Bulletin économique et social de la 2‬‬
‫‪Tunisie, n° 102, pp. 34-48, p.35‬‬
‫‪Lit mineur 3‬‬
‫‪Lit majeur 4‬‬
‫‪7‬‬
‫وإلبرواﭪ‬ ‫وإزعْتر‪ْ 6‬‬ ‫َّ‬ ‫‪5‬‬
‫المحليُون على النحو التالي‪ْ :‬إل َل َّوا َية‬ ‫ِّ‬ ‫حيث تعدد نباتات حافة نهر مجردة فيلهجها‬
‫‪14‬‬
‫صاف‬ ‫ص ْف َ‬
‫وإ َّ‬ ‫‪13‬‬
‫وإلـﭬَ ْندُول‬ ‫ْ‬ ‫‪12‬‬
‫نصل‬ ‫ْ‬
‫وإلعَ ِّ‬ ‫‪11‬‬
‫و ِّل ْك ِّليل‬ ‫‪10‬‬ ‫عون‪ْ 8‬‬
‫وإلفلَيُّو‪ 9‬و إلـﭬَحْ َوانَة‬ ‫والبُوﭬَ ْر ُ‬
‫َّ َ ‪15‬‬
‫وإط ْرفا‬
‫ويتنوع بدوره المشهد الحيواني فتتعدد األسماء باللهجة المحلية‪ .‬ففيما يخص الطيور نجد‬
‫ضير و ِّل َمام ولَحْ َمام و ْإلبَ َّكاشَة‪ 16‬والتي تعرف كذلك بخَادِّم لَحْ َجل‪ ،‬البِّ ِّالَّ ْرج أو الحاج ﭬَـاسم‬ ‫ْإلبُو ُخ ِّ‬
‫ْ ‪18‬‬ ‫ْ ‪17‬‬
‫و ُجر َمان إل َما ‪ .‬أما األسماك والحيوانات المائية فيمكن أن نذكر كلب إل َما وسمك يعرف عند المحليين‬
‫صنار و اجْ ران‪ .‬كما يعج مجردة بالحيوانات البرية في المجاالت المحاذية‬ ‫َش ْإل َما ويعرف بال ُ‬
‫بالبَ ْلبِّيز وحن ْ‬
‫ير َدة ‪ ،‬وكذلك الزواحف مثل ْإللَ ْفعَة ولَحْ نَش‬ ‫‪19‬‬
‫وإز ْ‬
‫له أو الحافات ويمكن أن نذكر الخنزير والثعلب والذيب ِّ‬
‫ْ‬
‫وإلبَ ْريُول‪.‬‬

‫‪ -3‬مجردة مجال التمازج العرقي‬


‫صارين موطن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُورات ولن َ‬
‫كانت مرتفعات مجردة السفلي‪ ،‬خاصة قراها الجبلية توكابر وشواش وعين الد َ‬
‫األفارﭫ‪ ،‬توافدت عليها عديد األعراق والشعوب والحضارات فكان مجردة مستقرا لها‪ .‬فمن الشمال‬
‫الو ْن َدال والمورسكيُون والمغَاربة‬
‫زحف الرومان و الفرنسيون واإليطاليون والمالطيون‪ ،‬ومن الغرب َ‬
‫الروم واألتراك والكنعانيون والعرب‪ ،‬ومن الجنوب الطرابلسية ‪ .‬هذا‬
‫‪20‬‬
‫والجزائريون‪ ،‬ومن الشرق ُّ‬
‫التمازج العرقي والحضاري جعل من مجردة أهم فسيفساء حضارية وعرقية في البالد التونسية‪.‬‬

‫جذور الت َ َملُّك‬ ‫‪-III‬‬


‫يمي‬‫الهيدرونِ ِ‬
‫‪ -1‬أصل كلمة مجردة ومعناها والمبحث ِ‬
‫لقد تعددت الدراسات المهتمة بأصل كلمة مجردة وتباينت األطروحات لعدم العثور‪-‬وإلى يومنا هذا‪ -‬على‬
‫نقائش ُذ ِّكر فيها اسم مجردة‪ .‬هذا ما حتم على الباحثين االعتماد كليا على ما توفره المصادر األدبية من‬
‫معلومات‪ .‬بيد أن التسميات تعددت في المصادر اليونانية و المصادر الالتينية‪ ،‬فتارة كان ِّذ ْكر اسم‬
‫َاراس‪ ، 22‬فلجأ الباحثون إلى مقاربات المباحث الهيدرونيمية لبناء‬ ‫بَـﭭْ َ‬
‫ـر َدا‪/‬س ‪ ،‬وتارة أخرى ِّذ ْكر َماك َ‬
‫‪21‬‬

‫فرضياتهم‪ ،‬لعل أبرزها تلك التي بحثت في الجذور الفينيقية فكان االهتمام بكلمة َمقُ ْر الفينيقية‪ ،‬أو تلك‬
‫بركَ ‪ ،‬والتي تعني إما الماء الجاري أو‬ ‫الفرضية التي اختارت الجذور الكنعانية فكان التنقيب عن كلمة َ‬

‫‪Calystegia pulchra 5‬‬


‫‪Thymus vulgaris. L. 6‬‬
‫‪Asphodelus genre 7‬‬
‫‪Papaver rhoeas L. 8‬‬
‫‪Mentha pulegium L. 9‬‬
‫‪Bellis perennis 10‬‬
‫‪Rosmarinus officinalis 11‬‬
‫‪Scilla folia 12‬‬
‫‪scorpius Genista 13‬‬
‫‪Populus alba L 14‬‬
‫‪Tamarix L 15‬‬
‫‪La bécasse 16‬‬
‫‪Colvert 17‬‬
‫‪La Loutre de rivière Lontra canadensis 18‬‬
‫‪genette d’Afrique du Nord )Genetta genetta afra.( 19‬‬
‫‪ 20‬الماجري (عبد الكريم)‪ ،‬هجرة الجزائريين والطرابلسية والمغاربة الجواونة إلى تونس (‪ ،)1937-1831‬تونس‪،2010 ،‬‬
‫‪ 661‬صفحة‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Bagrada /s‬‬
‫‪Μακκάρας‬‬ ‫‪22‬‬
‫اللي َب ِّوية فكان البحث في جذر الكلمة غ‬
‫ِّب ْركَة ماء ‪ ،‬في حين انحاز شق من الباحثين إلى فرضية الجذور ِّ‬
‫ر والتي تعني ” أكبر‪ ،‬األكبر“ ‪ .‬وقد يكون من المفيد التذكير أن البعض كان قد ربط بين كلمة َبـﭭْ َ‬
‫ـر َدة‬ ‫‪23‬‬

‫ومعنى وادي البقر‪ ،‬هذا الربط قد يحتاج إلى جهد فلولوجي كبير‪ ،‬لكن قد أشير في هذا الموضع لوجود‬
‫مجاز يحمل اسم مجاز إلـبـﭭْـرة شرق برج َ‬
‫بر ِّيك بجهة ال ِّه ِّري‪.‬‬
‫لكن ما هو مؤكد أن التسمية تحولت بمرور الزمن وتعاقب الحضارات من َبـﭭْ َ‬
‫ـر َدا إلى َمجْ َر َدة في‬
‫ـﭭـر َدام‪ .‬وفي الفترة الوسيطة كان االنتقال من‬ ‫فبـﭭـر َداس وبَ َ‬
‫َ‬ ‫الفترة القديمة‪ ،‬من بَـﭭْ َ‬
‫ـر َدا مرورا بماكاراس‬
‫اسم بَجْ َردة و أبو َج ْر َدة إلى َمجْ َر َدة‪،‬وهي التسمية الحالية للنهر‪.‬‬

‫‪ -2‬دوافع التَ َملُّك‬


‫كانت الدوافع األولى للتملك العبور والتنقل‪ .‬وأول هذه الوسائل البدائية المجاز‪ ، 24‬والمجاز هو‬
‫مكان اجتياز النهر على القدمين أو ظهر الدواب أو سيارة رباعية الدفع دون عناء األوحال أو خطر‬
‫منسوب المياه‪ .‬وقد يكون علم الحيوان اإلنسان سبل اجتياز النهر قبل أن يستنبط هذا األخير القنطرة‪.‬‬
‫صابون‪ ،‬ومجاز‬ ‫وتتعدد السميات على طول نهر مجردة ومن بين هذه األسماء يمكن أن نذكر‪ :‬مجاز ا َّ‬
‫صا‪ ،‬ومجاز إل َب ْل ِّديَّة‪ ،‬ومجاز إلك َْر َمة‪ ،‬ومجاز إ ْش ُرف‪ ،‬ومجاز اس َْواحْ ِّليَّة‪ ،‬ومجاز ع ِّبي َدة‪ ،‬ومجاز لَحْ َجر‪.‬‬ ‫لَ ْع َ‬
‫وينبغي التذكير بوجود أسماء محلية خاصة بكل مدينة من مدن مجردة وهذه التسميات لها دالالت إما‬
‫ساء‪،‬‬‫جغرافية أو تاريخية أو وظيفية‪ .‬فلو أخذنا على سبيل المثال مجال مدينة تستور‪ ،‬فهناك مجاز إ ْن َ‬
‫الرحي َبة‪ ،‬ومجاز سيدي‬ ‫ِّ‬ ‫ص ْندل‪ ،‬ومجاز‬ ‫ومجاز لَب َْراج‪ ،‬ومجاز لَ ْه َمامة‪ ،‬ومجاز لَ ْوالَج أو ِّل ْو ِّلج‪ ،‬ومجاز ال َّ‬
‫سالم‪ ،‬ومجاز ْإلبَ ْرﭬِّين‪ .‬في حين أن تسمية مجاز الباب والتي تعود جذورها إلى أواخر الفترة الوسيطة‪،‬‬
‫برسَّة‪ ، 25‬فاسم مجاز الباب يتركب من كلمة المجاز ومن كلمة‬ ‫عوضت االسم القديم للمدينة أي اسم ِّم ْم َ‬
‫الباب‪ ،‬والباب هنا هو ذلك القوس المفتوح على القنطرة والذي ذكره عديد الرحالة في الفترة الحديثة ‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫برسَّة‬
‫بم ْم َ‬
‫لقد تعددت القناطر منذ القترة القديمة ويمكن أن نذكر في هذا المجال القنطرة الرومانية ِّ‬
‫في الفترة الرومانية‪ ،‬و قنطرة شمتو‪ ،‬وقنطرة باجة تيبريوس‪-‬تريانوس‪ .‬أما في الفترة التركية‪-‬األندلسية‬

‫‪ 23‬نفس المرجع‪A. PELLEGRIN (juillet 1955 p. ،‬‬


‫‪Gué 24‬‬
‫‪Membressa 25‬‬
‫‪ 26‬عد إلى ما أورده الرحالة‪:‬‬
‫‪"Un village qu'on appelle el Bebo et plus savamment Bassi el Bab, situé au bord du fleuve…c'est un‬‬
‫‪village reconstruit par les Andalous…il compte 300 maisons construites avec toit à la manière‬‬
‫‪espagnole…Après, avec les ruines de celle-ci, ils ont construit un autre pont plus petit pour traverser le‬‬
‫‪fleuve". M. Epalza , op.cit., p.81.‬‬
‫‪Médecin naturaliste qui avait choisi de sillonner le Maghreb entre 1724 et 1725. J.A. Peyssonnel, 26‬‬
‫‪Voyage dans les Régences de Tunis et d'Alger, Paris, 1987, p.8.‬‬
‫‪" …puis suivant le Bagradas, nous passâmes cette rivière sur un beau pont près de Bebo. Bebo ou‬‬
‫‪Basil-el Bab est un village rebâti sur une ancienne ville située près de la rivière de Bagradas. On y‬‬
‫‪voit encore une ancienne porte faite en arc de triomphe où il reste deux figures mutilées dont une tient‬‬
‫‪une tête à la main et l'autre les a jointes ensemble". J.A. Peyssonnel, op.cit, p.107.‬‬
‫‪" Me-zezil-bab, ou Bazil-bab, et un vieux Arc de triomphe, érigé à l'Est de la Me-jerdah, à dix lieux au‬‬
‫‪Sud-Ouest de Tunis. Ce bâtiment n'est remarquable, ni par la beauté, ni par son architecture: il était‬‬
‫‪autrefois orné d'un grand nombre de niches et de feintons, mais qui n'y paraissent plus parfaitement.‬‬
‫‪Au reste, il avait été fait dans le temps de la décadence de l'Empire". M.D. Shaw, Voyage de M. Shaw.‬‬
‫فيمكن أن نذكر قنطرة بنزرت وتعود لسنة ‪ ،1610‬والقنطرة‪-‬السد البطان وتعود إلى ‪1622،-1616‬‬
‫وقنطرة مجاز الباب المرادية وتعود إلى سنة ‪ 271677،‬وقنطرة اجْ َد ْي َدة ‪1699‬وتعود إلى ‪.1700‬‬

‫وقد يكون استخدم مجردة في النقل استنادا إلى فرضيات مؤرخي الفترة القديمة‪ ،‬ومن غير‬
‫المستبعد أن يكون النهر استعمل في نقل الرخام من شمتو إلى أوتيكا‪ .‬لذلك قد يكون من المفيد التذكير أن‬
‫هذا المجال عرف نمو شبكة طرقات ومسالك ربطت مجردة من العالية إلى السافلة بشبكة حضرية‬
‫متشعبة‪ ،‬وقد نذكر من بين هذه التجمعات الحضرية‪ :‬شمتو‪ 28‬وبُالَّ ِّريحْ يا‪ 29‬وباجة‪ 30‬وتستور‪ 31‬و‬
‫‪36‬‬ ‫برسَّة‪ 32‬وطبربة‪ 33‬و ً‬
‫طنـﭬار‪ 34‬وﭬريش الواد‪ 35‬أوتيكا‬ ‫ِّم ْم َ‬
‫‪ -3‬مجردة و مشاريع اإلحياء‬

‫قد يكون االستثمار الزراعي من بين أهم دوافع إعادة تَ َملُّك مجردة في القترة القديمة‪ ،‬وقد يكون‬
‫ذلك منذ الحقبة القرطاجية الرومانية‪ .‬ولعل أبرز ما يؤيد ذلك مشاريع التوطين التي عمدت إليها روما‬
‫ومنها عملية توطين قدماء المحاربين في السهول الكبرى الستغالل األراضي في الزراعات الحقلية‪.37‬‬
‫وينبغي التذكير في هذا الموضع من البحث أن االستثمار الزراعي بفريـﭭْـة في الفترة الرومانية ارتبط‬
‫بإنتاج الحبوب وخاصة إنتاج القمح‪ .‬لكن هذا االستثمار اقترن بنهج روما سياسية جبائية كانت على‬
‫ي‪ .38‬لذلك كانت الجباية أهم محرك لمشاريع‬ ‫حساب المزارعين‪ ،‬فبرزت للوجود أيقونية المطمورأو ال ُهر ُ‬
‫اإلحياء بفريـﭭْـة والتي أفضت إلى وجود بنية تحتية مهيكلة مرتبطة بمنظومة مالية واجتماعية قوامها‬
‫القناطر وشبكة من الطرقات والمسالك والمراكز الفالحية‪ .‬فيكفي أن نستند إلى ما ورد في خمسة نقائش‬
‫صال‪.‬‬ ‫ومتِّيش‪ ،‬و ِّعين َو َّ‬ ‫نقيشة سوﭫ لَ ْخ ِّميس‪ ،‬و ِّه ْن ِّشير زَ اﭬـا وﭬـ َ‬
‫صر ِّم ْز َوار‪ِّ ،‬‬
‫وتواصلت المنظومة المالية واالجتماعية في الفترة البيزنطية لتتواصل معها صورة‬
‫ي‪ ،‬لكن المعطى الجديد هن أن البيزنطيين ركزوا على حماية البنية التحتية الرومانية عبر‬ ‫المطمور‪/‬ال ُهر ُ‬
‫تشييد ا ألبراج والقالع لمنع انتشار البداوة وسقوط المطمور في يد القبائل المنتجعة وانتشرت هذه القالع‬
‫سـﭫ و ِّعين ت ُ ْنـﭭَـة‪.‬‬
‫في باجة و تب ُْر ُ‬

‫‪A. SAADAOUI (2000). Les Andalous. Ifriqiya treize siècles d'art et d'architecture en 27‬‬
‫‪Tunisie, circuit III. Tunis: Édit. Sud, pp. 113-135, p. 131.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪Simithu‬‬
‫‪29‬‬
‫‪Bulla Regia‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Vaga‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Chidibbia‬‬
‫‪32‬‬
‫‪Membressa‬‬
‫‪33‬‬
‫‪Thuburbo Minus‬‬
‫‪34‬‬
‫‪Cincaris‬‬
‫‪35‬‬
‫‪Thisidus‬‬
‫‪. Utica‬‬ ‫‪36‬‬

‫الطرابلسي (بوراوي)‪ ،‬تاريخ تونس المنسي‪ ،‬تونس‪ ،2015 ،‬ص‬ ‫‪37‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‬ ‫‪38‬‬


‫أما في الفترة التركية فقد ارتبط االستثمار الزراعي في الحوض السفلي لمجردة بالزراعات‬
‫السقوية وتقنياتها األندلسية‪ :‬اس ََّواني‪ .39‬وقد يكون االستثناء الوحيد في االستثمار في غير الفالحة هو‬
‫مشروع بناء القنطرة‪-‬السد البطان المرتبط بصناعة الشاشية‪.‬‬

‫هذه المشاريع اإلحيائية وخاصة تواصلت في الفترة الفرنسية وزمن االستقالل‪ .‬لكنها فشلت كلها‬
‫في التنمية المحلية وخير دليل على ذلك أنها مشاريع إحياء مجردة لم ينتج عنها سوى تحوالت مشهدية‬
‫محدودة حيث اقتصرت على استبدال النبات الطبيعي بالزراعات‪ ،‬فكانت التحوالت المحدودة على‬
‫مستوى المنظومة االقتصادية واالجتماعية‪ .‬هذا الفشل تزامن مع مشاكل اقتصادية واجتماعية خانقة‬
‫تَ َجلت في ارتفاع نسب البطالة وتدهور القدرة الشرائية في مراكز إحياء وادي مجردة الكبرى مثل‬
‫سوﭫ ِّل ْخ ِّميس وواد إز ْرﭬَا ومجاز الباب وطبربة وسيدي ثابت‪.‬‬
‫سوﭫ ِّل ْرب َعا و ُ‬
‫َار ِّد َما و ُ‬
‫غ ْ‬
‫أما عن أسباب فشل مشاريع اإلحياء فقد تكون الرؤية األحادية واعتمدا قراءة واحدة ‪ ،‬أي القراءة‬
‫االقتصادية للتنمية‪ ،‬وراء كل أزمات افريـﭭْـة خاصة والشمال الغربي عموما‪ .‬فكانت النتائج عكس‬
‫األهداف التي بعثت ألجلها مشاريع اإلحياء الكبرى‪ .‬فهي قراءة تحمل بذور إشكاالتها ألنها ال تستطيع‬
‫قبول الفصل بين مجردة المتعدد المجاالت ومياه مجردة المسخرة للفالحة‪ .‬لذلك اعتمدت القراءة األحادية‬
‫فاعتبرت الفالحة المورد الوحيد للتنمية الجهوية والمحلية في افريـﭭْـة والشمال الغربي‪ .‬في حين أن من‬
‫بديهيات التنمية االقتصاد القول بأن القطاع الفالحي ال يمكن أن يوفر لوحده مواطن الشغل في جهة ازداد‬
‫فيها النمو الديمغرافي‪.‬‬

‫‪ -IV‬إعادة تملُّك مجردة القراءة الثقافية والبيئية‬


‫‪ -1‬لماذا االستئناس بالقراءات الجديدة للتنمية ؟‬

‫تقوم القراءة الجديدة على المقاربة الترابية في التصرف في المياه والتي بادرت بها عديد البلدان‬
‫األوروبية مثل بلجيكا وفرنسا وإيطاليا‪ ،‬كما تقوم هذه القراءة على فهم جديد لقيمة مجردة‪ ،‬فهذه القيمة‬
‫ليست اقتصادية واجتماعية فحسب بل لها أبعاد أخرى قد تساعد في تغيير تلك النظرة التقليدية وتلك‬
‫الصورة النمطية لمجردة وللشمال الغربي ككل‪ .‬ومن بين هذه األبعاد يمكن أن نذكر البعد المشهدي و‬
‫البيئي والثقافي‪.‬‬

‫تكمن أهمية هذه القراءة في إقحام المشهد الثقافي في عملية التَ َملُّك االقتصادي واالجتماعي‬
‫وجعله من أهم العناصر األساسية لمشاريع اإلحياء‪ .‬وفي هذا المجال يمكن التذكير بمكانة التأريث‪، 40‬‬
‫وهو من بين المسارات الرئيسية المنتجة لروابط خاصة بين المواطن والماء‪ .‬وهو مسار يفضي‬
‫ضرورة إلى المحافظة على النهر كمنظومة طبيعية‪-‬ثقافية قبل كل شيء ونقل تراثه الطبيعي والثقافي‬
‫لألجيال الالحقة‪ .‬عندها تتغير المفاهيم والمصطلحات‪ ،‬فيكون الحديث عن ماء‪-‬تراث ونهر‪-‬تراث‪ .‬وينبغي‬
‫أن أقدم المالحظة التالية‪ :‬التأريث يعني إعادة التَ َملُّك‪ ،‬لكن ليست إعادة تملك الماء فحسب بل المجال‬
‫النهري‪ ،‬أي مجرى النهر‪ ، 41‬الحافات‪ 42‬والمجاالت التي يشقها‪.43‬‬

‫‪B. TRABELISI 2000- Echec du projet Morisque à Mjāz Al-Bāb : une ville face à la stratégie‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪d'une communauté, Revue d'Histoire maghrébine, N° 132, Tunis, 2008, p.p.47-67.‬‬


‫‪40‬‬
‫‪Patrimonialisation‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Le cours d'eau‬‬
‫‪42‬‬
‫‪Les Berges‬‬
‫‪ -2‬تهيئة البنية التحتية الثقافية واستخدامها‬

‫يكون ذلك أوال بتهيئة حافات النهر‪ ،‬أي تهيئة الحافات تلك التي تشكو من اإلهمال والتلوث الناتج‬
‫عن المصانع والورشات الميكانيكية‪ ،‬بناء المسالك السياحية ومسالك الدراجات ومسالك ركوب الخيل‪،‬‬
‫تهيئة القناطر عبر الصيانة واإلنارة الستغاللها في التظاهرات الثقافية وإنشاء المرافئ النهرية لتيسير‬
‫رحالت نهرية في إطار النشاط السياحي النهري‪.‬‬
‫ُّ‬
‫والتنزه والرحالت النهرية‬ ‫ثانيا عبر تهيئة مجرى النهر للقيام بـأنشطة صيد األسماك والسباحة‬
‫إما لغايات ترفيهية أو بيداغوجية‪ .‬ربط المسالك السياحية بالقرى األمازيغية والمواقع األثرية‪.‬‬

‫وثالثا من خالل تهيئة المجال المحاذي للنهر لتطوير الصيد البري والرحاالت البيداغوجية‬
‫‪44‬‬
‫وتحويل”فِّيرمات“ المعمرين إلى دور ضيافة‬

‫‪ -3‬المقاربة التراثية والبيئية ومسألة الهوية الترابية‬

‫ينبغي إلنجاح المقاربة التراثية والبيئية تجنب ربط عملية تأريث مجردة بظاهرة تأريث كل شي‬
‫أو ظاهرة تخمة جمعيات صيانة التراث‪ .‬فالغاية األساسية هو العمل على بعث صورة جديدة لمجردة‬
‫أساسها الروابط الثقافية بين مجردة ومتساكنيه‪ 45‬وما يميز مجردة ومتساكنيه هي تلك المفارقات الغريبة‪،‬‬
‫مث ل مفارقة السخاء والدمار‪،‬فمجردة يكون ملجأ السكان زمن الجدب من خالل طقس االستسقاء فهو‬
‫عندهم ” َملَ ْك“‪ ، 46‬ومجردة طارد للسكان عند الفيضان‪ .‬هذه المفارقات قد تكون من العوامل المساعدة‬
‫على بناء هوية‪ ،‬ألن صورة الروابط الطبيعية قد تؤسس لهوية لدى الفاعلين في حوض مجردة والشمال‬
‫الغربي ككل‪ ،‬لكن شريطة الشعور باالنتماء لتلك الجهة واالعتزاز بذلك عندها يتحول مجردة إلى دينامية‬
‫ترابية وبيئية وجزء ال يتجزأ من هوية متساكنيه‪.‬‬

‫والفاعلون هم أساس نجاح مشروع التهيئة الترابية ‪ :‬والمقصود بالفاعلين‪ ،‬أوال الفاعلون في‬
‫المؤسسات مثل مؤسسات الدولة من وزارات وزارة التنمية الجهوية والتخطيط ووزارة الفالحة ووزارة‬
‫البيئة ووزارة الثقافة ووزارة السياحة‪ .‬ويكمن دورهم في إيجاد تمويل المشاريع الكبرى إلحياء وادي‬
‫مجردة قد نذكر هنا المشروع التونسي‪-‬الياباني لحماية مجردة من الفيضانات من خالل الجهر وتوسيع‬
‫بعض المجاري وقد قدرت قيمة هذا المشروع ب ‪ 580‬مليون دينار‪ .‬لكنه بقي حبرا على ورق منذ‬
‫‪ 2009‬لعدم وجود التمويل‪ .‬الفاعلون في المؤسسات الجهوية مثل الوالية‪ ،‬المصالح اإلدارية الجهوية‬
‫والمجالس الجهوية ونواب الشعب و النقابات‪ .‬يكمن دورهم في إيصال القرارات المحلية للدولة ودعمها‪.‬‬
‫والفاعلون في المؤسسات المحلية مثل الجماعات العمومية المحلية والمجالس البلدية والمجالس القروية‬
‫ويكمن دورهم في إدماج السياحة والتراث في الدورة االقتصادية المحلية‪ .‬وثانيا الفاعلون الخواص مثل‬
‫المؤسسات البنكية من رؤوس األموال وباعثو المشاريع‪ .‬والفالحون المنخرطون في مسار تعدد األنشطة‬
‫الفالحية‪.47‬‬

‫‪Les espaces adjacents 43‬‬


‫‪Maison d'hôtes 44‬‬
‫‪Les riverains 45‬‬
‫‪Divin 46‬‬
‫‪ 47‬الرياحي (هادي)‪ :2006 ،‬التهيئة المائية الفالحية و التعدد النشاطي العائلي داخل المنطقة السقوية العمومية بمجاز الباب ‪" .‬‬
‫المجلة التونسية للجغرافيا"‪ .‬عدد ‪ -37‬كلية العلوم اإلنسانية و االجتماعية بتونس –ص‪. 54-9-‬‬
‫الخاتمة‬ ‫‪-V‬‬

‫لقد حاولنا من خالل هذه المساهمة إعادة طرح مسألة العالقة بين التنمية الجهوية والموارد‬
‫المحلية واتخذنا مجردة نموذجا‪ .‬فلم يعد من المقبول طرح المسألة بإشكاالتها ومقاربتها القديمة‪ ،‬فالربط‬
‫بين نمو السواحل على حساب الدواخل ال يمكن تفسيرها بآليات تحليل تجاوزتها األحداث‪ ،‬فنمو السواحل‬
‫ال يمكن أن يفسر آليا بتأخر الدواخل‪ ،‬ألن اإلشكال يتمثل في التصور التنموي للجهة وتفعيل مواردها‪.‬‬
‫فالسواحل كانت من أفقر الجهات وبعد أن كان البحر فقيرا زمن الصيد أصبح غنيا زمن السياحة فارتبط‬
‫االستثمار بتغيير صورة البحر‪ .‬لذلك ال يمكن تحميل اآلخر مشاكل الجهة‪ ،‬فطالما لم يغير سكان حوض‬
‫مجردة تَ َمثُّل مجردة في مخيالهم فإن االستثمار يكون غائبا ومهمشا‪.‬‬

‫القائمة الببلوغرافية‬
‫‪Epalza M. (1983 - Nouveaux documents sur les Andalous en Tunisie au début du‬‬
‫‪XVIII e siècle. Études sur les moriscos andalous en Tunisie, Tunis, 1983, p.51-90.‬‬

‫‪PELLEGRIN A. - (juillet 1955). La Medjerda aperçu historique. Bulletin économique‬‬


‫‪et social de la Tunisie, n° 102, pp. 34-48.‬‬

‫‪PEYSSONNEL J.A. (1838 ) - Relation d'un voyage sur les côtes de Barbarie, fait par‬‬
‫‪ordre du Roi en 1724 et 1725. Tome premier, Pub. Librairie de Gide, 376 p.‬‬

‫‪SAADAOUI A. (2000) - Pont de Mejez el-Bab, en Ifriqiya. In Treize siècles d'Art et‬‬
‫‪d'architecture en Tunisie, Tunis 2000, Edisud, pp. 131 - 132.‬‬

‫‪SHAW M.D. (1743) - Voyages de M. Shaw dans plusieurs provinces de la Barbarie et‬‬
‫‪du Levant, contenant des observations géographiques, physiques, philologiques sur‬‬
‫‪les royaumes d'Alger et de Tunis, sur la Syrie, l'Égypte et l'Arabie Pétrée, avec des‬‬
‫‪cartes et des figures Traduits de l'anglais. Tome premier, Pub. J. Neaulme, La Haye,‬‬
‫‪414 p.‬‬

‫الرياحي (هادي)‪ :2006 ،‬التهيئة المائية الفالحية و التعدد النشاطي العائلي داخل المنطقة السقوية العمومية بمجاز الباب‬
‫‪ " .‬المجلة التونسية للجغرافيا"‪ .‬عدد ‪ -37‬كلية العلوم اإلنسانية و االجتماعية بتونس –ص‪. 54-9-‬‬

‫الماجري (عبد الكريم)‪ ،‬هجرة الجزائريين والطرابلسية والمغاربة الجواونة إلى تونس (‪ ،)1937-1831‬تونس‪،‬‬
‫‪ 661 ،2010‬صفحة‪.‬‬

You might also like