You are on page 1of 138

‫الجمهوريـة الجزائـريـة الديمقراطيـة الشعبيـة‬

‫‪République Algérienne Démocratique et Populaire‬‬


‫وزارة التعليــم العالـي والبحـث العلمـي‬
‫‪Ministère de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche Scientifique‬‬

‫جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‬


‫المرجع‪........... :‬‬ ‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬
‫قسم‪ :‬قانون عام‬

‫مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر‬

‫المسؤولية الجراحية عن الخطأ الطبي الجراحي‬

‫ميدان الحقوق و العلوم السياسية‬


‫التخصص‪ :‬قانون طبي‬ ‫الشعبة‪ :‬حقوق‪.‬‬
‫تحت إشراف األستاذ(ة)‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب(ة)‪:‬‬
‫فرقاق معمر‬ ‫بن عطية فايزة‬
‫أعضاء لجنة المناقشة‬
‫رئيسا‬ ‫حيدرة محمد‬ ‫األستاذ(ة)‬
‫مشرفا مقر ار‬ ‫فرقاق معمر‬ ‫األستاذ(ة)‬
‫مناقشا‬ ‫بن عوالي علي‬ ‫األستاذ(ة)‬

‫السنة الجامعية‪2020/2019 :‬‬


‫نقشت يوم ‪2020/09/28 :‬‬
‫ﺷﻜﺮ وﺗﻘﺪﻳﺮ‬

‫**اﻟﺣﻣد اﷲ واﻟﺷﻛر ﻟﻪ أوﻻ ‪،‬اﻟذي ﺷرح ﻟﻧﺎﺻدر ﻧﺎوﯾﺳر أﻣر ﻧﺎ ‪،‬وﺧﻔف ﻋﻧﺎ‬
‫وزر ﻧﺎ ووﻓﻘﻧﻧﺎ ﻓﻲ إﺗﻣﺎم ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗواﺿﻊ ‪،‬ﻣﻠك اﻟﻣﻠوك ﺑﻪ اﺳﺗﻌﻧﺎ وﻋﻠﯾﻪ‬
‫ﺗوﻛﻠﻧﺎ ﻓﻬو ﺧﯾر اﻟﻣﺗوﻛﻠﯾن‪.‬‬
‫**ﻻ ﯾﺳﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻘﺎم إﻻ أن ﻧﺗﻘدم ﺑﺎﻟﺷﻛر اﻟﺟزﯾل واﻟﺗﻘدﯾر ﻟﻛل ﻣن‬
‫أﺳﻬم ﻓﻲ إﺧراج ﻫذﻩ اﻟﻣذﻛرة إﻟﻰ اﻟﻧور ؛وأﺧص ﺑذﻟك أﺳﺗﺎذﻧﺎ اﻟﻣﺣﺗرم‬
‫"ﻓرﻗﺎق ﻣﻌﻣر"‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺿﻠﻪ ﻗﺑول اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣذﻛرة ‪،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻧﺻﺎﺋﺢ واﻟﺗوﺟﯾﻬﺎت‬
‫اﻟﻘﯾﻣﺔ واﻵراء اﻟﺳدﯾدة اﻟﺗﻲ ﯾﻘﯾﻣﻬﺎ ﺑﺎﺳﺗﻣرار‪،‬رﻏم‪ .‬ﻛﺛرة اﻻرﺗﺑﺎطﺎت و‬
‫اﻻﻧﺷﻐﺎﻻت ﻓﺟزاﻩ اﷲ ﻛل ﺧﯾر‬
‫**إﻟﻰ ﻛل ﻣن ﺳﺎﻫم ﺑﻣدي ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻋدة و اﻟﻌون ‪،‬و ﻟو ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟطﯾﺑﺔ ﻣن‬
‫ﻗرﯾب أو ﻣن ﺑﻌﯾد ﻓﻲ ﺳﺑﯾل إﻧﺟﺎز ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗواﺿﻊ‪.‬‬
‫***‬
‫اﻹﻫداء‬

‫ﺑﺳم اﷲ اﻟرﺣﻣن اﻟرﺣﯾم" ﻗل اﻋﻣﻠوا ﻓﺳﯾرى اﷲ ﻋﻣﻠﻛم ورﺳوﻟﻪ واﻟﻣؤﻣﻧون "‬

‫أوﻻ وﻗﺑل ﻛل ﺷﻲء اﺣﻣد اﷲ ﻋز وﺟل ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾﻘﻧﺎ وﻋﻠﻰ ﻣن ﺑﻠﻎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ وأدى اﻷﻣﺎﻧﺔ‬
‫وﻧﺻﺢ اﻷﻣﺔ إﻟﻰ ﺗﺑﻧﻲ اﻟرﺣﻣﺔ وﻧور اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم‪.‬‬
‫اﻫدي ﺛﻣرة ﺟﻬدي إﻟﻰ ﻣن ﻗﺎل ﻓﯾﻬﻣﺎ اﻟرﺣﻣﺎن" واﺧﻔض ﻟﻬﻣﺎ ﺟﻧﺎح اﻟذل ﻣن اﻟرﺣﻣﺔ وﻗل رﺑﻲ‬
‫ارﺣﻣﻬﻣﺎ ﻛﻣﺎ رﺑﯾﺎﻧﻲ ﺻﻐﯾرا"اﻹﺳراء ‪ ،‬اﻵﯾﺔ ‪.24‬‬
‫إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة أﻣﻲ واﻟﻧﻌﻣﺔ أﻣﻲ واﻟﻌﻣر ﻛﻠﻪ أﻣﻲ ﻓﻼﻣﻲ اﻧﺗﻣﻲ وﺑﺄﻣﻲ اﻛﺗﻔﻲ وﺑدون أﻣﻲ اﻧﺗﻬﻲ‬
‫إﻟﯾك أﻫدي ﻫذا اﻟﻌﻣل ﯾﺎ أﻋز اﻟﻧﺎس" أﻣﻲ"‪.‬‬
‫إﻟﻰ ﻣن اﺣﻣل اﺳﻣﻪ إﻟﻰ رﻣز اﻟﺛﻘﺔ واﻟﻔﺧر واﻻﻋﺗزاز إﻟﯾك أﻧت ﯾﺎ أﺑﻲ ﯾﺎ وﺳﺎم اﻟﻌزة واﻟﻛراﻣﺔ‬
‫إﻟﯾك اﻫدي ﻫذا اﻟﻌﻣل ﯾﺎ أﺣب اﻟﻧﺎس" أﺑﻲ"‪.‬‬
‫ﯾﺎ رب أﺣﻔظ ﻟﻲ أﻣﻲ وأﺑﻲ واﺟﻌﻠﻬم ﺗﺎج ﻓوق رأﺳﻲ ‪.‬‬
‫إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺳﺎﺗذة اﻟذﯾن درﺳوﻧﻲ طﯾﻠﺔ ﻣﺷواري اﻟدراﺳﻲ‪.‬‬
‫إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ زﻣﻼﺋﻲ و ﻛل اﻷﺣﺑﺎب و ﻛل ﻣن ﺳﺎﻋدﻧﻲ ﻣن ﻗرﯾب وﺑﻌﯾد ﻋﻠﻰ ﻫذا‬
‫اﻟﺑﺣث اﻟﻣﺗواﺿﻊ ‪.‬‬

‫ﺑن ﻋطﯾﺔ ﻓﺎﯾزة‬


‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫ﻣﻘدﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻣن اﻟﻣﻌروف أن ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻣن أﻫم اﻟﻣﻬن اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ ﻣن‬
‫ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﺣﺗرام ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟظروف واﻷﺣوال وذﻟك ﺑﺧﺿوع اﻟﻣﻣﺎرس اﻟطﺑﻲ‬
‫واﻷﺣوال‪،‬وذﻟك ﺑﺧﺿوع اﻟﻣﻣﺎرس اﻟطﺑﻲ إﻟﻰ واﺟﺑﺎت أﺧﻼﻗﯾﺔ ﻗﺑل أن ﺗﻛون ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﻋدم اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﻠﺻﯾﻘﺔ ﺑﺷﺧﺻﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻓرض ﻗﯾود واﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق ﻛل ﻣﻣﺎرس‬
‫ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ .‬ﻓﻘد ﺣرﻣت ﻣﺧﺗﻠف ﺷراﺋﻊ اﻟدول اﻟﺗﻌرض ﻟﻠﺟﺳم اﻟﺑﺷري واﻻﻋﺗداء ﻋﻠﯾﻪ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻣﻬﻧﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﻣﻬن‬
‫اﻟﺻﻌﺑﺔ واﻟﺧطﯾرة‪ ،‬وذﻟك ﻟﻣﺎ ﻗد ﺗﺳﺑﺑﻪ ﻣن أﺿرار ﻟﻠﻣرﺿﻰ‪ ،‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺧطﺄ طﺑﻲ وﻗد ﺗؤدي‬
‫إﻟﻰ اﻟوﻓﺎة أو اﻟﻌﺟز وﺗﺳﺑب ﻋﺎﻫﺔ ﻣﺳﺗدﯾﻣﺔ ﻟﻠﺷﺧص‪ ،‬ﻓﺈﻋﺗﺑﺎر اﻟطﺑﯾب إﻧﺳﺎﻧﺎ ﻓﻬو ﻟﯾس‬
‫ﻣﻌﺻوﻣﺎ ﻋن اﻟﺧطﺄ أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻘد ﯾﻘﺗرف أﺧطﺎء ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ اﻟطﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻗد ﺣﻘق اﻟطب اﻧﺗﺻﺎرا ﺑﺎﻫرا ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯾرة ﺣﯾث ﺳﺎﻫم ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻋﻼج‬
‫اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﻣراض اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺳﺗﻌﺻﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ظﻬر ذﻟك ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺟراﺣﻲ‪،‬‬
‫وذﻟك ﺑﺗﻣﻛن اﻷطﺑﺎء ﻣن اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻗﻠب ودﻣﺎغ اﻹﻧﺳﺎن وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺣﻘﯾق رﻏﺑﺎت اﻹﻧﺳﺎن ﺣﺗﻰ وا ٕ ن ﻟم ﺗﻛن ﻋﻼﺟﯾﺔ ﻛﺎﻟﺟراﺣﺎت‬
‫اﻟﺗﺟﻣﯾﻠﯾﺔ‪ ،‬وﻣﻧﻪ ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول أن اﻟطب ﻟم ﯾﻘف ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻧﺗﻪ اﻷﺻﻠﯾﺔ ذات اﻟﺑﻌد اﻟﻌﻼﺟﻲ‬
‫واﻟوﻗﺎﺋﻲ ﻓﻘط ﺑل ﺗﺧطﻰ ﻛل اﻟﻌﻘﺑﺎت اﻟﺗﻲ واﺟﻬﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻣر ﻷزﻣﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻛن وﺑﻘدر ﻣﺎ ﻗد ﺗﺣﻘﻘﻪ اﻟﺟراﺣﺔ ﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﺷرﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗد ﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﻌرﯾض اﻟﻣرﯾض‬
‫ﻟﻣﺧﺎطر ﻋدﯾدة‪،‬ﺣﯾث ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﺟراﺣﯾن وﻣﺳﺎﻋدﯾﻬم اﻟﺗﺣﻠﻲ ﺑﺎﻟﯾﻘﺿﺔ‬
‫واﻟﺣذر وﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ درءا ﻷي ﺿرر ﯾﻣس اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﯾﺎم‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪.‬‬

‫أ‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫وﻣﻧﻪ ﺗﻧﻌﻘد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﺗﻛب اﻟﺟراح أو‬
‫طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر أو ﻏﯾرﻫﻣﺎ ﻣن أﻋﺿﺎء اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ‪،‬ﺧطﺄ ﯾﻠﺣق إﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣرﯾض‬
‫أو ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﺗﻠﻪ‪ ،‬ﻓﺧروﺟﻬم وﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬم ﻟﻠﻘواﻋد واﻷﺻول اﻟطﺑﯾﺔ وﻗت ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫اﻟﺟراﺣﻲ‪،‬وﺣﺻول اﻟﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ﺟراء ذﻟك اﻟﻣﺳﻠك‪،‬ﻫو اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾرﺗب ﻧﺷوء‬
‫اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ‪ ،‬ذﻟك أن اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وﻏﯾرﻩ ﻣن ﻓﺋﺗﻬم ﻣﻠزﻣون ﺿﻣن اﻟﻠواﺋﺢ‬
‫واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪،‬ﺑﺈﺗﺑﺎع اﻷﺳﺎﻟﯾب واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﺷﺧﯾﺻﯾﺔ‬
‫واﻟﻌﻼﺟﯾﺔ واﻟﻘواﻋد واﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟطﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻧظرا ﻟﺧطورة اﻟﻌﻣل اﻟﺟراﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﺳﻌﻰ رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ اﻟﺑﺣث‬
‫ﻋن إﯾﺟﺎد ﺗوازن ﻟﻠﻣﻌﺎدﻟﺔ ﺑﯾن طرﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻣﺎ اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب‪ ،‬ﻓﻣن ﺟﻬﺔ‬
‫ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗوﻓﯾر اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣرﺿﺎﻫم‪ ،‬وﺗﺄﻣﯾﻧﻬم ﻣن اﻟﻣﺧﺎوف‬
‫اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟﻣﺳﺎءﻻت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﺿﻣﺎن ﻋدم اﺳﺗﻬﺗﺎر اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ ﺗوﻓﯾر اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﻼﺋﻘﺔ ﻣن ﻗﺑﻠﻬﻣم‪ ،‬وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ ﻣﺎ ﻗد ﯾﺳﺑﺑﻪ ﻟﻠﺟﺳم اﻟﺑﺷري‪،‬‬
‫وﺗوﻓﯾر ﺣﻣﺎﯾﺔ أﻛﺛر ﻟﻠﻣرﺿﻰ ﻣﻣﺎ ﻗد ﯾﺻدر ﻋن اﻷطﺑﺎء ﻣن أﺧطﺎء ذات أﺛر ﺳﻠﺑﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣرﺿﻰ‪.‬‬
‫ﺗﻌود أﻫم اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ دﻓﻌﺗﻧﺎ إﻟﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﻫذا اﻟﻣوﺿوع إﻟﻰ اﻷﺧطﺎء اﻟﺟﺳﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫أﺻﺑﺣت ﺗرﺗﻛب ﻣن ﻗﺑل اﻷطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن‪ ،‬ﻓﻠم ﺗﻌد ﺗﺧﻠو اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻣن ﺗﻘدﯾم اﻟﺷﻛﺎوى‬
‫ورﻓﻊ اﻟدﻋﺎوى ﺿد اﻷطﺑﺎء ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺣﻘوق واﻟﺗﻌوﯾﺿﺎت ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺗﺿررﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫ﻟﻠﺛﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻌﻬﺎ اﻷﻓراد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻣوﺿوع ذو أﻫﻣﯾﺔ ﻗﺻوى ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ وﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻟﯾن اﻟطﺑﻲ واﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺑﻘﻰ ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ ﻣن اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﻣﻬﻣﺔ‬
‫واﻟﺻﻌﺑﺔ واﻟﺷﺎﺋﻛﺔ‪ ،‬ﻧظرا ﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطﺑﯾﺔ وارﺗﺑﺎطﻬﺎ اﻟوﺛﯾق اﻟﺻﻠﺔ ﺑﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن‬
‫وﺳﻼﻣﺗﻪ اﻟﺟﺳدﯾﺔ‪.‬‬

‫ب‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫وﻗد ﺳﻌﻰ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ﻣﻧذ زﻣن طوﯾل إﻟﻰ إﯾﺿﺎح طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻧوﻋﻪ‬
‫ودرﺟﺗﻪ وﻣﻌﯾﺎرﻩ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ‬
‫واﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣدى ﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫أﺣدث ﺟدﻻ ﻓﻘﻬﯾﺎ وﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ﺣول اﻷﺳس اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﯾﻣﻛن إﺛﺎرة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫وا ٕ ذا ﻛﺎن إﺧﻼل اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻗواﻋد وأﺻول ﻣﻬﻧﺗﻪ ﺗﺷﻛل أﺧطﺎء‬
‫طﺑﯾﺔ ﺗﺳﺗوﺟب اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ ﻋﻧﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻫﻲ اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﺣرم ﺑﻪ‬
‫اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﺧﻼل ﻣزاوﻟﺗﻪ ﻟﻧﺷﺎطﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺳؤال اﻟذي ﯾﺛور‪:‬‬
‫ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻣزاوﻟﺔ ﻋﻣﻠﻪ اﻟطﺑﻲ ﺑﻛل ﺛﻘﺔ واطﻣﺋﻧﺎن‪ ،‬دون اﻟﺧوف ﻣن‬
‫اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ؟ وﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة؟‬
‫وﺗﻧﺑﺛق ﻋن ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﻔرﻋﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ ‬ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ؟‬
‫‪ ‬ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس ﯾﻘوم اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ؟‬
‫‪ ‬ﻣﺎ ﻫﻲ أﻫم ﺻور اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح؟‬
‫اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ‪:‬‬
‫وﻣن أﺟل ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻫﺎﺗﻪ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﺗم اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ‬
‫واﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل وﺻف اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺗﺣت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬
‫وﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ذات اﻟﺻﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺧطﺔ اﻟﺑﺣث‪:‬‬
‫وﻗد ارﺗﺄﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺻﯾل ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬اﻟﺗطرق ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول إﻟﻰ اﻹطﺎر‬
‫اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‬
‫اﻟﺟراح ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ واﻧﺗﻘﺎﺋﻬﺎ‪.‬‬

‫ج‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﻣﻲ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫و اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺗﻣﻬﯾد ‪:‬‬
‫إن ﻋﻣل و ﻧﺷﺎط اﻟطﺑﯾب ﻫو اﻹﻧﺳﺎن ﺟﺳﻣﺎ و ﻋﻘﻼ و ﻧﻔﺳﺎ ﻓﻠم ﯾﻌد ﻫﻧﺎك أﻣﺎﻣﻪ ﻣﺎ ﯾﻌرف‬
‫ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺣﯾل ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﺣث ﻣﺳﺗدﯾم ﻣن أﺟل إﯾﺟﺎد ﺣﻠول و وﺳﺎﺋل ﺟدﯾدة ﻟﻠﻌﻼج ﺳواء‬
‫ﺑﺎﻟﺟراﺣﺔ أو اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ أو اﻹﺳﻌﺎف و ﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﯾﺗﺧطﻰ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻣراض ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر‬
‫اﻟﻣﻧطﻘﻲ ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن ﺳﻼﻣﺔ وﺻﺣﺔ اﻷﺷﺧﺎص‪،‬ﻏﯾر أن اﻟطﺑﯾب ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﺑﺷر ﻣﻌرض‬
‫ﻟﻠﺧطﺄ ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋﻣدﯾﺎ أو ﻻ‪.‬‬
‫و ﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣﺛﯾن اﻟﺗﺎﻟﯾﯾن ‪:‬‬
‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ و اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬


‫ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﺣﺗﻰ ﯾﻧﺟز ﻋﻣﻠﻪ ﻓﻲ أﻛﻣل وﺟﻪ و ﻫذا ﺧﻼل‬
‫ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻧﺻراف ﻧﯾﺗﻪ ﻟﻠﻌﻼج إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﻛﺗﺎﺑﺗﻪ ﻟﻠوﺻﻔﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻣﻣﺎ ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻗدر اﻟدﻗﺔ و اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ و اﻟﺗرﻛﯾز و ﺟدﯾر اﻟذﻛر ﺑﺄن ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت‬
‫ﻻ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب و ﺣدﻩ و ﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻟﻔرﯾق اﻟﺟراﺣﻲ أﯾﺿﺎ و ﺗﺧﺗﻠف ﺣﺳب ﻣراﺣل‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗزاﻣﺎت ﻗﺑﻠﯾﺔ و اﻟﺗزاﻣﺎت ﺑﻌدﯾﺔ ﻛون أن اﻟﻌﻧﺻر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻼج ﻫو‬
‫ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ‪.‬‬
‫ﻣﺎ وﻻ ﯾﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت دون اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض أو اﻟﻣﻛﻠف ﻗﺎﻧوﻧﺎ إذا‬
‫ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻪ ﺑﺈﺑداء رأﯾﻪ‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ و أﺳﺳﻪ‬
‫إن اﻟطب ﻣن أﻗدم اﻟﻌﻠوم واﻟﻣﻬن اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻘد ﻧﺷﺄ ﻓﻲ ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ‬
‫ﺣﯾن ﻛﺎن ﻣﻣﺗزﺟﺎ ﺑﺎﻟﺧراﻓﺎت و اﻟﺳﺣر وﻧظرا ﻟﻠﺗطور اﻟﻣذﻫل و اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻟﻠﺛورة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ و‬
‫ﻣﺎ ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﻣن اﻟﺗوﺳﻊ و اﻻﺑﺗﻛﺎر ﺷﺎﻫد اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻛﺑﯾرا ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﺑﯾن‬
‫اﻟﻔﻘﻬﺎء و اﻟﻘﺿﺎء و اﻟﻘواﻧﯾن ‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫أوﻻ ‪ :‬اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻔﻘﻬﻲ‬
‫ﻋرﻓﻪ ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺄﻧﻪ ذﻟك اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ ﺷﺧص ﻣﺗﺧﺻص ﻣن أﺟل ﺷﻔﺎء اﻟﻐﯾر‬
‫طﺎﻟﻣﺎ اﺳﺗﻧد ﻫذا اﻟﻌﻣل إﻟﻰ اﻷﺻول واﻟﻘواﻋد اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟطب وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟطب‬
‫ﻋن أﻋﻣﺎل اﻟﺳﺣر واﻟﺷﻌوذة ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺣددﻩ آﺧرون ﺑﺄﻧﻪ ﻛل ﻧﺷﺎط ﯾﺗﻔق ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ وظروف ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ ﻋﻠم‬
‫اﻟطب و ﯾﺗﺟﻪ وﻓق اﻟﻣﺟرى اﻟﻌﺎدي ﻟﻸﻣور إﻟﻰ ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾض‪ 1‬أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺷرﯾﻌﺔ‬

‫‪1‬رﻣﺿﺎن ﺟﻣﺎل ﻛﺎﻣل‪-‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء و اﻟﺟراﺣﯾن اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪-‬ط‪ -1‬اﻟﻣرﻛز اﻟﻘوﻣﻲ ﻟﻺﺻدارات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ -2005 -‬ص‬
‫‪.02‬‬

‫‪7‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻘد اﻗروا ﺑﺎن ﺗﻌﻠم ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻫﻲ ﻓرض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻻ ﯾﺳﻘط إﻻ ﺑﺗﺻدي ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻪ‬
‫ذﻟك أن اﻟﻌﻼج أو اﻟﺗداوي ﻣن اﻷﻣراض ﻟﯾس ﺑواﺟب ﻋﻧد ﺟﻣﺎﻫﯾر اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺋﻣﺔ اﻟﻣذاﻫب ﺑل‬
‫ﻫو ﻓﻲ داﺋرة اﻟﻣﯾﺎح ﺣﺗﻰ أﻧﻬم ﺗﻧﺎزﻋوا ﻓﻲ أﯾﻬم اﻷﻓﺿل واﻟﺗداوي أو اﻟﺻﺑر ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣدﯾث‬
‫اﺑن ﻋﺑﺎس ﻓﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻋن اﻟﺟﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺻرع و ﺳﺄﻟت اﻟﻧﺑﻲ )ص( أن ﯾدﻋو ﻟﻬﺎ ﻓﻘﺎل‬
‫ﻟﻬﺎ ‪ :‬إن أﺣﺑﺑت أن ﺗﺻﺑري و ﻟك اﻟﺟﻧﺔ وان أﺣﺑﺑت دﻋوت اﷲ أن ﯾﺷﻔﯾك ﻓﻘﺎﻟت‪ :‬ﺑل اﺻﺑر‬
‫وﻟﻛﻧﻧﻲ أﺗﻛﺷف ﻓﺎدع اﷲ أن ﻻ أﺗﻛﺷف‪ :"1‬ﻓدﻋﺎ ﻟﻬﺎ ﺑذﻟك ‪ .‬ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ‬
‫أ‪-‬ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ‪ :‬وﻓﻘﺎ ﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 35‬ﻟﺳﻧﺔ ‪ 1892‬ﻛﺎن ﻧطﺎق اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج ﻓﺣﺳب وﻣﻊ ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ‪ 24‬دﯾﺳﻣﺑر ‪1945‬‬
‫اﻟﻣﻌدل ﻓﻲ ‪ 15‬أﻛﺗوﺑر اﻟﺳﻧﺔ ‪ 1953‬أﺻﺑﺢ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﯾﺷﻣل ﻣرﺣﻠﺗﻲ اﻟﻔﺣص واﻟﺗﺷﺧﯾص إﻟﻰ‬
‫ﺟﺎﻧب ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻣن اﻟﻣﺎدة ‪ 372‬واﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺗﺣت ﻋﻧوان‪" :‬‬
‫اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻟﻠطب " اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪ " :‬ﯾﻌﺗﺑر ﻣرﺗﻛﺑﺎ ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻏﯾر‬
‫اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻟﻠطب ﻛل ﺷﺧص ﯾﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺷﺧﯾص أو اﻟﻌﻼج ﺑﺻﻔﺔ اﻋﺗﯾﺎدﯾﺔ وﻟو ﺑﺣﺿور‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻣﺗﺣﺻﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺧﯾص اﻟﻣطﻠوب ‪ "2‬ﻓﻣن ﺧﻼل ﻧص ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻧرى أن‬
‫اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗد أﻛد أن اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﯾﺷﻣل ﻛذﻟك ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﺣص واﻟﺗﺷﺧﯾص إﻟﻰ ﺟﺎﻧب‬
‫ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﺑدﯾﻬﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪.‬‬
‫ب‪-‬ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺻري ‪ :‬ﻟﻘد ﺣﺿﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺻري ‪ ،‬ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫ﺣدوا اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺣﯾث ﻟم ﯾﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف دﻗﯾق ﻟﻪ ‪ ،‬ﺑل اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻓﻲ‬
‫ﺳﯾﺎق اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺷروط ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪3‬وذﻟك ﺑذﻛر أﻣﺛﻠﺔ ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن ﻗﺑﯾل‬
‫اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬وﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﺑﻬﺎ وﺻف اﻟطﺑﯾب أو اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ‪.‬‬

‫‪1‬ﺗﻘﻲ اﻟدﯾن اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻣﻠك ﻓﻬد ‪ ،‬ﺣدﯾث ﻧﺑوي ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ رواﻩ اﻟﺑﺧﺎري وﻣﺳﻠم‪ ، ،‬ﺑﺳط اﻟﺟزء ‪ 37‬ﺳﻧﺔ‪. 1995‬‬
‫‪2‬‬
‫‪article 372 exercice illégalement la médecine « toute personne qui prend part habituellement ou‬‬
‫‪par direction suivie même en présence d'un médecine ,a l'établissement d'un diagnostic ou au‬‬
‫‪traitement de malades‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣد أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ اﻟﻘﺎﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ط‪ ،2‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ﺑدون ﺳﻧﺔ ص ‪92‬‬

‫‪8‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻫذا وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 415‬ﻟﺳﻧﺔ ‪ 1954‬واﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‬
‫واﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻌدﻩ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪:‬‬
‫ﻻ ﯾﺟوز ﻷﺣد إﺑداء ﻣﺷورة طﺑﯾﺔ أو ﻋﯾﺎدة ﻣرﯾض أو إﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ أو ﻣﺑﺎﺷرة وﻻدة ‪،‬أو‬
‫وﺻف أدوﯾﺔ‪ ،‬أو ﻋﻼج ﻣرﯾض أو اﺧذ ﻋﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﻌﯾﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﺑﻘرار ﻣن وزﯾر اﻟﺻﺣﺔ‬
‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣن ﺟﺳم اﻟﻣرﺿﻰ اﻵدﻣﯾﯾن ﻟﻠﺗﺷﺧﯾص اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﻌﻣﻠﻲ ﺑﺄﯾﺔ طرﯾﻘﺔ ﻛﺎﻧت ‪،‬أو وﺻف‬
‫ﻧظﺎرات طﺑﯾﺔ وﺑوﺟﻪ ﻋﺎم ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﺑﺄﯾﺔ ﺻﻔﺔ ﻛﺎﻧت إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣﺻرﯾﺎ ‪،‬أو ﻛﺎن ﻣن‬
‫ﺑﻠد ﺗﺟﯾز ﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ ﻟﻠﻣﺻرﯾن ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب وﻛﺎن اﺳﻣﻪ ﻣﻘﯾد ﺑﺳﺟل اﻷطﺑﺎء اﻟﺑﺷرﯾﯾن ‪"...‬‬
‫وﻣﻔﺎد ﻫذا اﻟﻧص أن اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﯾﺷﻣل اﻟﺗﺷﺧﯾص واﻟﻌﻼج اﻟﻌﺎدي واﻟﺟراﺣﻲ ووﺻف‬
‫اﻷدوﯾﺔ واﺧذ اﻟﻌﯾﻧﺎت أو أي ﻋﻣل آﺧر ﯾﻌد طﺑﯾﺑﺎ‪. 1‬‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ‪:‬‬
‫ﺟﺎء اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ﻛﺑﺎﻗﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾن اﻟﻔرﻧﺳﻲ و اﻟﻣﺻري ﻟﻠﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻣل‬
‫اﻟطﺑﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﺿﻣﻧﯾﺎ و ﻫو ﺑﺻدد ﺗﻧﺎول أﻫداف اﻟﺻﺣﺔ و اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﻣﻬن اﻟﺻﺣﺔ ﻓﻲ اﻷﻣر اﻟﻣﻠﻐﯽ رﻗم ‪ 79/76‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪،2‬‬
‫ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ أن‪" :‬ﺗﻌﻣل ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺻﺣﺔ ﺑﺷﻛل ﺗﻛون ﻓﻲ ﻣﺗﻧﺎول ﺟﻣﯾﻊ‬
‫اﻟﺳﻛﺎن ووﺿﻊ اﻟﺣد اﻷﻗﺻﻰ ﻣن اﻟﺳﻬوﻟﺔ و اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻼﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻟﺻﺣﯾﺔ و اﻟوﻗﺎﯾﺔ و‬
‫اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ و اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و إﻋﺎدة اﻟﺗﺄﻫﯾل ‪".‬‬
‫وﻛذا اﻟﻣﺎدة ‪ 233‬ﻣن ﻧﻔس اﻷﻣر وﻫﻲ ﺗﺗﻧﺎول طب و ﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن ﺑﻘوﻟﻬﺎ ‪ ":‬ﯾﻛون‬
‫اﻟﺗﻘﺻﻲ ﻋن أﻣراض اﻟﻔم و اﻷﺳﻧﺎن و اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ إﻟزاﻣﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺳن ﻗﺑل اﻟدراﺳﺔ و ﺧﻼﻟﻬﺎ و‬
‫ﯾﺟب ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك ﻓﻲ ﻣراﻛز اﻷﻣوﻣﺔ و اﻟطﻔوﻟﺔ" ‪ ....‬ﻛذﻟك ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬ب ط دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر ‪،‬ﺳﻧﺔ ‪، 2004‬ص‪8‬‬
‫‪2‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1976-12-19‬اﻟﻌدد ‪ 101‬اﻟﺳﻧﺔ ‪13‬‬

‫‪9‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪،‬ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم‪ 05/85 1‬ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻪ ‪ 195‬ﻗد ﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ وﺟراﺣﻲ اﻷﺳﻧﺎن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ‪ ..‬اﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺻﺣﺔ اﻟﺳﻛﺎن ﺑﺗﻘدﯾم‬
‫اﻟﻌﻼج اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﻼﺋم ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 3/196‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧو ن ﻋﻠﻰ اﻧﻪ "‪ ...‬اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ‬
‫أﻋﻣﺎل وﻗﺎﯾﺔ اﻟﺳﻛﺎن وﺗرﺑﯾﺗﻬم اﻟﺻﺣﯾﺔ "‪...‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺎدة ‪ 16‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ‪2276/92‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﻗد‬
‫ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﯾﺧول اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل أﻋﻣﺎل اﻟﺗﺷﺧﯾص واﻟوﻗﺎﯾﺔ واﻟﻌﻼج‬
‫وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن أن ﯾﻘدم ﻋﻼﺟﺎ أو ﯾواﺻﻠﻪ أو ﯾﻘدم وﺻﻔﺎت ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن‬
‫ﺗﺗﺟﺎوز اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻪ أو إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻪ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‬
‫ﯾظﻬر ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻘراء اﻟﻧﺻوص أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫ﺿﻣﻧﯾﺎ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺷروط ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬن اﻟﺻﺣﺔ وﻧظﺎﻣﻬﺎ ‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺷروط اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫إن ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب واﻟﺟراﺣﺔ ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﺗﺣرص اﻟدول ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ واﻻﻫﺗﻣﺎم‬
‫ﺑﺗطوﯾرﻫﺎ وﺗﻘدﻣﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻘررﻩ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ ‪.‬وﻟﻘد ﺗﻧﺎول اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن‬
‫ﺟﺎﻧﺑﻪ ﺗﻧظﯾم ﻫذﻩ اﻟﻣﻬن ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ ﺑواﺳطﺔ ﻗواﻧﯾن ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم وﻫذا ﻣﺎ اﻟﻣﺎدة ‪ 197‬ﻣن ﻗﺎﻧون ‪ 05/85‬ﯾﻘوﻟﻬﺎ ﺗﺗوﻗف ﻣﻣﺎرﺳﺔ‬
‫ﻣﻬﻧﺔ اﻟطﺑﯾب واﻟﺻﯾدﻟﻲ وﺟراح اﻷﺳﻧﺎن ﻋﻠﻰ رﺧﺻﺔ ﯾﺳﻠﻣﻬﺎ اﻟوزﯾر اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺎﻟﺻﺣﺔ ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ -‬أن ﯾﻛون طﺎﻟب ﻫذﻩ اﻟرﺧﺻﺔ ﺣﺎﺋزا ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﺣدى اﻟﺷﻬﺎدات اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ :‬دﻛﺗور ﻓﻲ‬
‫اﻟطب أو ﺟراح أﺳﻧﺎن أو ﺻﯾدﻟﻲ أو ﺷﻬﺎدة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻣﻌﺗرف ﺑﻣﻌﺎدﻟﺗﻬﺎ أﻻ ﯾﻛون ﻣﺻﺎﺑﺎ ﺑﻌﺎﻫﺔ أو‬
‫ﺑﻌﻠﺔ ﻣرﺿﯾﺔ ﻣﻧﺎﻓﯾﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﻬﻧﺔ ‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 85/05‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 16/02/1985‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ و ﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ‪ ،‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم ‪،‬ج‪-‬ر‪ ،‬ج‪-‬ج ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪08‬‬
‫اﻟﺻﺎدرة ب ‪ -1985-02-17‬اﻟﺳﻧﺔ )‪.(22‬‬
‫‪2‬اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ‪276/92‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 06‬ﺟوﯾﻠﯾﺔ ‪ 1992‬و اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ‪ ،‬ج‪-‬ر‪ ،‬اﻟﻌدد ‪.52‬‬

‫‪10‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪-‬أﻻ ﯾﻛون ﻗد ﺗﻌرض ﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻣﺧﻠﺔ ﺑﺎﻟﺷرف‬


‫‪ -‬أن ﯾﻛون ﺟزاﺋري اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ وﯾﻣﻛن اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻫذا اﻟﺷرط ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻌﺎﻫدات واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت‬
‫ﻛﻣﺎ أﺿﺎﻓت اﻟﻣﺎدة ‪ 18‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز ﻷﺣد أن ﯾﻣﺎرس ﻣﻬﻧﺔ اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻲ أو ﺟراح أﺳﻧﺎن اﺧﺗﺻﺎﺻﻲ أو ﺻﯾدﻟﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻲ إذا ﻟم ﯾﻛن ﺣﺎﺋزا ﺷﻬﺎدة ﻓﻲ‬
‫‪1‬‬
‫اﻻﺧﺗﺻﺎص زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 197‬أﻋﻼﻫﺎ‬
‫ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة أﻧﻪ ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣرﺧص ﻟﻪ اﻻﻟﺗزام ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ وﻓق اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫أوﻻ ﺷرط اﻧﺻراف ﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻟﻠﻌﻼج‬
‫ﻻ ﯾﻛون اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻣﺷروﻋﺎ إﻻ إذا ﻗﺻد ﺑﻪ ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض أو ﺗﺧﻔﯾف آﻻﻣﻪ وﺧﻼف ذﻟك‬
‫ﯾؤدي إﻟﻰ زوال أﺳﺎس إﺑﺎﺣﺗﻪ ﺑﺗﺧﻠف ﻋﻠﺗﻪ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب وﯾﺟري ﻋﻠﯾﻪ ﺣﻛم‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ﻛﺎﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﺟري ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺑﺗر ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎء ﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﻘﺻد ﺗﺧﻠﯾﺻﻪ ﻣن‬
‫اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪ 2‬أو ﻟﺟوء اﻟطﺑﯾب إﻟﻰ اﻟﺗدﻟﯾس ﻣن أﺟل إﺟﻬﺎض اﻣرأة ﺣﺎﻣل ﺗﺳﺑب ﻫو ﺷﺧﺻﯾﺎ‬
‫ﺑﺣﻣﻠﻬﺎ‪ 3‬أو وﺻف ﻣﺧدرات ﻟﻠﻐﯾر‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪:‬ﺷرط رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض‬
‫ﻹﺑﺎﺣﺔ ﺗدﺧل اﻟطﺑﯾب ﯾﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗم ذﻟك ﺑرﺿﺎ اﻟﻣرﯾض أو اﻟﻧﺎﺋب ﻋﻧﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ‪،‬ﺷﻔﺎﻫﺔ‬
‫أو ﻛﺗﺎﺑﺔ ‪.‬‬
‫إن اﻟرﺿﺎ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼج أو رﻓﺿﻪ ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﯾﻪ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض ﻓﻬﻲ‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋن اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ذاﺗﻪ وﻋﻠﺔ ذﻟك ﻫﻲ رﻋﺎﯾﺔ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟرﺿﺎ ﺣرا و‬
‫ﻣﺗﺑﺻرا أي ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣن اﻟﻌﻠم اﻟﻣﺳﺗﻧﯾر ﺑطﺑﯾﻌﺔ و ﻧوﻋﯾﺔ اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ و ﻣﺧﺎطرﻩ‬

‫‪1‬اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 05/85‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ و ﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ‪.‬‬


‫‪2‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪،‬ﺑط ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر ‪ 2006،‬ص ‪. 67‬‬
‫‪3‬ﻣﺄﻣون ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺑرﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ و اﻟﺟراﺣﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ‪ ،‬ﺑطﻧدار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‬

‫‪ 2009‬ص ‪.299‬‬

‫‪11‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ و ﻫذا ﻣن أﺟل إﯾﺟﺎد ﻧوع ﻣن اﻟﺗوازن ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب و اﻟﻣرﯾض إذ أن اﻟﺑﻌض‬
‫ﯾﺻف اﻟﻌﻘد اﻟطﺑﻲ ﺑﻌﻘد اﻹذﻋﺎن‪.1‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﺻدر اﻟرﺿﺎ أﯾﺿﺎ ﻋﻣن ﻫو أﻫل ﻟﻪ ‪ ،‬وﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﻟﻐﺎ راﺷدا ﻣﺗﻣﺗﻌﺎ‬
‫ﺑﻛﺎﻣل ﻗواﻩ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻓﺎن رﺿﺎؤﻩ اﻟﻣﺗﺑﺻر ﺑﺎﻟﺗدﺧل اﻟﻌﻼﺟﻲ ﻻ ﯾﺛﯾر ﻣﺷﻛﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ وﺿﻊ ﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻪ ﺑﺈﺑداء ﻣواﻓﻘﺗﻪ‪ ،‬وﻟﻛوﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﯾﺑوﺑﺔ‪ ،‬أو ﻋدﯾم اﻷﻫﻠﯾﺔ‬
‫أو ﻧﺎﻗﺻﻬﺎ ﻓﺻدور اﻟرﺿﺎ ﯾﻛون ﻣﻣن ﯾﻧﺻﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻣﺛﻼ ﻟﻪ‪ .‬ﻓﻼ ﯾﺟوز أن ﯾرﻏم ﺷﺧص ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺳﻼﻣﺔ ﺟﺳدﻩ و ﺗﻛﺎﻣﻠﻪ و ﻟو ﻛﺎن ذﻟك ﻣن أﺟل ﻣﺻﻠﺣﺗﻪ ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 154‬اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 05/85‬ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ و ﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪" :‬ﯾﻘدم اﻟﻌﻼج‬
‫اﻟطﺑﻲ ﺑﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣرﯾض أو ﻣن ﯾﺧوﻟﻬم اﻟﻘﺎﻧون إﻋطﺎء ﻣواﻓﻘﺗﻬم ﻋﻠﻰ ذﻟك‪"...‬‬
‫و أﻛدت اﻟﻣﺎدة ‪ 44‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم ‪ 276/92‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪" :‬ﯾﺧﺿﻊ ﻛل‬
‫ﻋﻣل طﺑﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻪ ﺧطر ﺟدي ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ﻟﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣرﯾض ﻣواﻓﻘﺔ ﺣرة و ﻣﺗﺑﺻرة أو ﻟﻣواﻓﻘﺔ‬
‫اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺧوﻟﯾن ﻣﻧﻪ أو ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ‪"....‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ﺷرط ﻣراﻋﺎة اﻷﺻول واﻟﻘواﻋد اﻟطﺑﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻣﺑﺎﺣﺎ ﯾﺷﺗرط إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺷروط اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ أن ﯾﻛون ﻋﻣل اﻟطﺑﯾب‬
‫ﻣطﺎﺑﻘﺎ ﻟﻸﺻول اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌرﻓﻬﺎ أﻫل اﻟطب ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺗﺳﺎﻣﺣون ﻣﻊ ﻣن ﯾﺳﺗﻬﯾن ﺑﻬﺎ‬
‫ﻣﻣن ﯾﻧﺗﺳب إﻟﯾﻬم‪ .‬وﻟﻘد ﻋرف اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ " ﺗﻠك اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻘواﻋد اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ‬
‫واﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺎ ﺑﯾن طﺎﺋﻔﺔ اﻷطﺑﺎء أو ﻫﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﺑﯾن‬
‫أﻫل اﻟطب وﻟم ﺗﻌد ﻣﺣل ﻧﻘﺎش ﺑﯾﻧﻬم أي اﻷدﻧﻰ اﻟذي ﯾﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ إﻻ اﺳﺗﺛﻧﺎءا‬
‫ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة‪.2‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور ﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪،‬ص‪.72‬‬


‫‪2‬ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﺷوارﺑﻲ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء و اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ و اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ و اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ‪ ،‬ب‪-‬ط ‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر ‪، 1998،‬ص ‪. 199‬‬

‫‪12‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻓﺈذا ﺧﺎﻟف اﻟطﺑﯾب إﺗﺑﺎع ﻫذﻩ اﻷﺻول واﻟﻘواﻋد ﺣﻘت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﺣﺳب ﺗﻌﻣدﻩ‬
‫أو ﺗﻘﺻﯾرﻩ ‪.‬‬
‫وﻣﻌﻧﻰ ﻫذا أن اﻟطﺑﯾب ﻟﯾس ﻣﻠزﻣﺎ ﻋﻧد ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ أن ﯾطﺑق اﻟﻌﻠم ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟدﻗﯾﻘﺔ‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻛذﻟك إذ ﯾوﺟد ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺟﺎل ﻟﻼﺧﺗﻼف أي أﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧت طرﯾﻘﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻣﺎ ﻣﺣل‬
‫ﺧﻼف ﺑﯾن ﻣزﯾد وﻣﻌﺎرض ﻟﻬﺎ واﺧذ ﺑﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﺗﻠك اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫إن اﻟﻌﺑرة ﻫﻲ ﻓﻲ أداء اﻟطﺑﯾب ﻷﻋﻣﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻗدر ﻣن اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ وﺑدل اﻟﺟﻬد اﻟﺻﺎدق اﻟﯾﻘظ‬
‫واﻟذي ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ظروف وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض اﻟﺻﺣﯾﺔ وﻓق أﺻول ﻋﻠﻣﯾﺔ‪. 1‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬ﻣراﺣل اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫ﯾﻣر اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﺑﻌدة ﻣراﺣل وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﻧﺗطرق إﻟﯾﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﺣص‬
‫وﻫﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض‪،‬وﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻛﺷف اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻟﻠﻣرﯾض‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺗﻣﺎع اﻟﺳﯾرﺗﻪ اﻟﻣرﺿﯾﺔ واﻟﻣؤﺛرات اﻟوراﺛﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ وﻓﺣﺻﻪ ﻓﺣﺻﺎ ظﺎﻫرﯾﺎ ‪ ،‬وﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺗﻛون‬
‫ﻟدى اﻟطﺑﯾب ﻓﻛرة ﻋن اﻟﻣرض اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ ﻣرﯾﺿﻪ‪.2‬‬
‫وﯾﺗم ذﻟك ﺑﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻛﻣظﻬر اﻟﻣرﯾض وﺟﺳﻣﻪ وﯾﺳﺗﻌﯾن اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻔﺣص ﺑﺑﻌض‬
‫اﻷﺟﻬزة اﻟﺑﺳﯾطﺔ ﻛﺎﻟﺳﻣﺎﻋﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻋﻠﻰ اﻛﺗﺷﺎف ﺳﺑب اﻷﻟم وﻣﺻدرﻩ وأﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﺳﺗﻌﯾن‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻔﺣص ﺑﯾدﻩ أو أذﻧﻪ أو ﻋﯾﻧﻪ ﻟﻠﺗﺣﻘق ﻣن وﺟود دﻻﺋل أو ظواﻫر ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ‬
‫وﺿﻊ اﻟﺗﺷﺧﯾص‪. 3‬‬

‫‪1‬أﺑو ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺛﯾت ‪،‬ﺟراﺋم اﻹﻫﻣﺎل‪،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﻧﺷر‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪،‬ﻣﺻر‪، 1975،‬ص ‪. 219‬‬
‫ﻣﺣﻣد أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ اﻟﻘﺎﯾد ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﻣوﺳﻰ اﻟﺻراﯾرة ‪ ،‬اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬ط‪، 1‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‬

‫‪ ،2‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪ ، 2012،‬ص‪. 36‬‬

‫‪13‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻫو ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 14‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي ‪ 92/276‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ‪1992/7/6‬‬


‫اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻧون أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﺑﻘوﻟﻬﺎ"‪ ...‬ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻓر ﻟﻠطﺑﯾب‪ ...‬ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﻣﺎرس‬
‫ﻓﯾﻪ ﻣﻬﻧﺗﻪ ﺗﺟﻬﯾزات ﻣﻼﺋﻣﺔ ووﺳﺎﺋل ﺗﻘﻧﯾﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻷداء ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ‪"...‬‬
‫ﻓﺎﻟﻔﺣص اﻟطﺑﻲ ﯾﻣر ﺑﻣرﺣﻠﺗﯾن و ﻫﻣﺎ ‪:‬‬
‫أ‪-‬ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﺣص اﻟﺗﻣﻬﯾدي ‪ :‬و ﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﺑﺈﺟراء اﻟﻔﺣص‬
‫ﻣﺳﺗﺧدﻣﺎ ﯾدﯾﻪ أو أذﻧﯾﻪ أو ﻋﯾﻧﯾﻪ أو ﺑﻌض اﻷﺟﻬزة اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺑﺳﯾطﺔ‪.‬‬
‫ب‪-‬ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﺣوص اﻟﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ ‪ :‬و ﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﺳﺗﺧدام أدوات طﺑﯾﺔ‬
‫أﻛﺛر ﺗطورا ﻛﺎﻟﺗﺣﺎﻟﯾل اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬و اﻷﺷﻌﺔ و اﻟﻣﻧﺎظر اﻟطﺑﯾﺔ و ﻏﯾرﻫﺎ‪.1‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺷﺧﯾص‬
‫وﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﺷﺧﯾص ﺗﺣدﯾد ﻧوع اﻟﻣرض‪ ،‬وﻫﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﯾﺔ ﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻔﺣص اﻟطﺑﻲ ‪ ،‬وﻗد ﻋرﻓﻪ‬
‫اﻟﺑﻌض ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺣث وﺗﺣﻘق ﻣن ﻧوع اﻟﻣرض اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ اﻟﺷﺧص وﯾﻘوم ﺑﺗﺷﺧﯾﺻﻪ اﻟطﺑﯾب‬
‫ﺳواء ﻛﺎن ﻣﻣﺎرﺳﺎ ﻋﺎﻣﺎ أو ﻣﺗﺧﺻﺻﺎ‪.2‬‬
‫وﯾﺗطﻠب اﻟﺗﺷﺧﯾص ﺗواﻓر ﺷرطﯾن ﻓﻲ اﻟطﺑﯾب ﻫﻣﺎ ‪:‬‬
‫‪-1‬اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ :‬ﺣﯾث ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أن ﯾﻛون ﻋﺎﻟﻣﺎ ﺑﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻷوﻟﯾﺔ ﻟﻠطب واﻟﻣﺗﻔق‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣزاوﻟﯾن ﻟﻠﻣﻬﻧﺔ‬
‫‪-2‬اﻟﺑﺣث‪ :‬ﺣﯾث ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أن ﯾﻘوم ﺑﺈﺟراء اﻷﺑﺣﺎث واﻷﻋﻣﺎل اﻟواﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣدﯾد ﻧوع اﻟﻣرض وﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾﻠﺟﺎ إﻟﻰ اﺳﺗﺧدام اﻷﺟﻬزة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﺗﺄﻛد‬
‫ﻣن ﺻﺣﺔ اﻟﺗﺷﺧﯾص‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ أﻻ ﯾﺳﺗﺧدم اﻟوﺳﺎﺋل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﻬﺟورة‪ ،‬وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة‬

‫‪1‬ﻣروك ﻧﺻر اﻟدﯾن‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺣق ﻓﻲ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري و اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ ،‬ط‪ ،1‬اﻟدﯾوان‬
‫اﻟوطﻧﻲ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر ‪، 2003،‬ص‪.283‬‬
‫‪2‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻛل ﻣن اﻷطﺑﺎء اﻟﺟراﺣﯾن أطﺑﺎء اﻷﺳﻧﺎن اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺧﺎﺻﺔ ‪ ،‬اﻟﻣﻣرﺿﯾن و اﻟﻣﻣرﺿﺎت‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ﻣﺻر ‪،1998،‬ص ‪.47‬‬

‫‪14‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪ 15‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" ﻣن ﺣق اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن وﻣن واﺟﺑﻪ أن‬
‫ﯾﻌﺗﻧﻲ ﺑﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﻪ اﻟطﺑﯾﺔ وﯾﺣﺳﻧﻬﺎ" ‪.‬‬
‫ﻓﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻟدﻻﺋل واﻟظواﻫر اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟﻔﺣص اﻟطﺑﻲ واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻧﻬﺎ‬
‫ﯾﺿﻊ اﻟﺗﺷﺧﯾص ﻟﻠﻣرﯾض وطﺑﯾﻌﺗﻪ وﻣرﻛزﻩ وﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﺧﺗﺎر اﻟﻌﻼج اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻓﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺷﺧﯾص‬
‫ﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘرر ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣرض ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌﻼج اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺷﺧﯾص ﻓﯾﻬﺎ ﯾﺻف اﻟطﺑﯾب وﯾﺣدد طرﯾﻘﺔ‬
‫اﻟﻌﻼج اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻣرض وطﺑﯾﻌﺗﻪ‪ ،‬وﯾدرس اﻟطرق واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ واﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻣن اﺟل‬
‫اﻟوﺻول ﺑﺎﻟﻣرﯾض إﻟﻰ اﻟﺷﻔﺎء أو اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن اﻷﻣﻪ ﻣﻧﻰ أﻣﻛن ذﻟك وﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺳﺑﯾل‬
‫ذﻟك ﺑﺣرﯾﺔ واﺳﻌﺔ وﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪.1‬‬
‫ﻋرف اﻹﺳﻼم اﻟﻌﻼج ﻗﺑل أن ﺗﻌرﻓﻪ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺑﻌدة ﻗرون ‪ ،‬ﻓﻘﺎل اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ‬
‫وﺳﻠم‪" :‬ﺗداووا ﻋﺑﺎد اﷲ ﻓﺎن اﷲ ﻟم ﯾﺿﻊ داء إﻻ وﺿﻊ ﻟﻪ ﺷﻔﺎء " وﻫذا ﯾدل دﻻﻟﺔ واﺿﺣﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫أن اﻹﺳﻼم ﻋرف اﻟﻌﻼج ﻛﻌﻧﺻر ﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟدواء ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺣر‬
‫ﯾﻘوم ﺑﻪ طﺑﯾب ﻻﻛﺎﻫن‪.2‬‬
‫ﯾﻠﺗزم اﻟطﺑﯾب ﺑﺑدل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺷﺧﯾص ‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ أﯾﺿﺎ أن ﯾﻠﺗزم ﺑﺑدل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ‬
‫واﻟﺟﻬود اﻟﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ وﺻف اﻟﻌﻼج اﻟﻼزم وﻻ ﯾﺳﺎل اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻼج‬
‫طﺎﻟﻣﺎ ﯾراﻫﺎ ﺣﺳب ﻣﻌرﻓﺗﻪ وﺗﺟﺎرﺑﻪ أﻧﻬﺎ اﻛﺗر ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻟﺟﻬﺎ‪. 3‬‬

‫‪1‬طﻼل ﻋﺟﺎج ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن ‪ 2004،‬ص ‪265‬‬
‫‪2‬ﺑﻬﺎء ﺑﻬﯾﺞ ﺷﻛري ‪ ،‬اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ و اﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬ب‪-‬ط‪ ،‬دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‬
‫‪ 2010,‬ص‪343‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣد أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ اﻟﻘﺎﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ط‪ ،2‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ﺑدون ﺳﻧﺔ ‪ ،‬ص‬
‫‪.67‬‬

‫‪15‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻟم ﯾﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻼج ﻓﻲ أي ﻗﺎﻧون ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻬن‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ ﻣﻧذ ﺳﻧﺔ ‪ 1892‬ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور أول ﻗﺎﻧون اﻟﺗﻧظﯾم ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ وﻟﻘد اﻛﺗﻔﻰ‬
‫اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﺻطﻼح اﻟﻌﻼج ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪. 1372‬‬
‫ﺣدا اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺣذو اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻠم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف ﻟﻠﻌﻼج ﺳواء ﻓﻲ ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟﺻﺣﺔ أو ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب وﻻ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬ﺑل‬
‫ذﻛر ﻫذا اﻻﺻطﻼح ﻓﻲ ﺑﻌض ﻣوادﻩ ﻓﻣﺛﻼ اﻟﻣﺎدة ‪ 162‬ﻣن أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب واﻟﻣﺎدة ‪ 1953‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ أن ﺗﻘدﯾم اﻟوﺻﻔﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺟزء ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج واﻟوﺻﻔﺔ‬
‫ورﻗﺔ ﯾﺣررﻫﺎ اﻟطﺑﯾب‬
‫راﺑﻌﺎ‪ :‬ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺣرﯾر اﻟوﺻﻔﺔ‬
‫ﺗﻌد اﻟوﺻﻔﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟوﺛﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺑت وﺟود اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض‪ ،‬و ﺗﻌرف اﻟوﺻﻔﺔ‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ أو اﻟﺗذﻛرة ﺑﺄﻧﻬﺎ" اﻟﻣﺳﺗﻧد اﻟذي ﯾﺛﺑت ﻓﯾﻪ اﻟطﺑﯾب ﻣﺎ اﻧﺗﻬﻰ إﻟﯾﻪ ﺑﻌد اﻟﻔﺣص واﻟﺗﺷﺧﯾص‪،4‬‬
‫و ﺑﻬذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻓﻬﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷوراق اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺑت ﻓﯾﻬﺎ أﻧواع ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻛﺎﻟﺗﺣﺎﻟﯾل و اﻷﺷﻌﺔ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻌد دﻟﯾل إﺛﺑﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض ‪.‬‬
‫وﻗد ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري واﺿﺣﺎ و دﻗﯾﻘﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ و اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣﺎ‬
‫ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة )‪ (77‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﺑﻘوﻟﻬﺎ "ﻻ ﯾﺻوغ ﻟﻠطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن‬
‫أن ﯾﺛﺑت ﻋﻠﻰ اﻟورق اﻟﻣﺧﺻص اﻟوﺻﻔﺎت أو اﻟﺑطﺎﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ أو اﻟدﻟﯾل اﻟﻣﻬﻧﻲ إﻻ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت‬
‫اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪1‬اﻟﻣﺎدة ‪ 372‬اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﻫﺎﻣش اﻟﺻﻔﺣﺔ‬


‫‪2‬ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 16‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪ :‬ﯾﺧول اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻛل أﻋﻣﺎل اﻟﺗﺷﺧﯾص واﻟوﻗﺎﯾﺔ‬
‫واﻟﻌﻼج وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن أن ﯾﻘدم ﻋﻼﺟﺎ أو ﯾواﺻﻠﻪ أو ﯾﻘدم وﺻﻔﺎت ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن ﺗﺗﺟﺎوز اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻪ أو‬
‫إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻪ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‪.‬‬
‫‪3‬اﻟﻣﺎدة ‪ 195‬ﻣن ﻗﺎﻧون ح‪ -‬ص‪ -‬ت ‪ ،‬ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻷطﺑﺎء و اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ وﺟراﺣﻲ اﻟﺳﻧﺎن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬
‫اﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺻﺣﺔ اﻟﺳﻛﺎن ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻼج اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﻼﺋم‬
‫‪-4‬ﻣﺣﻣد أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ اﻟﻘﺎﯾد ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص ‪. 69‬‬

‫‪16‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪-1‬اﻻﺳم و اﻟﻠﻘب و ﻋﻧوان ورﻗم اﻟﻬﺎﺗف و ﺳﺎﻋﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرة اﻟطﺑﯾﺔ‪.‬‬


‫‪-2‬أﺳﻣﺎء اﻟزﻣﻼء اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن إذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن ﯾﻣﺎرس وظﯾﻔﺗﻪ ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ‪.‬‬
‫‪-3‬ﺷﻬﺎدات ووظﺎﺋف و ﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أﺿﺎﻓت اﻟﻣﺎدﺗﺎن )‪ (13‬و )‪ (47‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣدوﻧﺔ‪ 1‬ﻟﺿرورة ﺣﻣل اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻠﻣﻬﺎ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻟﻣرﯾﺿﻪ و ﯾﺟب أن ﯾﺻﯾﻎ اﻟطﺑﯾب وﺻﻔﺎﺗﻪ ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﻬل ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ﻓﻬم‬
‫اﻟوﺻﻔﺔ و ﻣﺿﻣوﻧﻬﺎ ‪.‬‬
‫‪-‬أن ﯾﻘوم ﺑﻌﯾﺎدة اﻟﻣرﯾض ﻋدة ﻣرات ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﺳﺗدﻋﯾﻪ اﻟظروف و اﻟﺿرورة و طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣرض و‬
‫ﺗطورﻩ‪.‬‬
‫‪-‬أن ﯾﺗرك ﻟﻠﻣرﯾض وﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن اﻻﺗﺻﺎل ﺑﻪ و اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ‪.‬‬
‫ﻫذا‪ ،‬و ﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة )‪ (141‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﺟزاﺋري ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗداﺑﯾر‬
‫اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺧﻼل اﻻﺳﺗﺷﻔﺎء ‪،‬ﺗﺣت ﺑﺎب ))اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ(( ﻋﻠﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻛﺈﺣدى أﻫم‬
‫ﻣراﺣل اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫وﻫو ﻣﺎ ﯾﺑﯾن ﺑﺟﻼء ﺣرص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ ﺟﻌل اﻟرﻗﺎﺑﺔ أﺛﻧﺎء ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج و ﺑﻌدﻫﺎ‬
‫ﻋﻣﻼ ﻣﻬﻣﺎ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ‪.‬‬
‫ﺳﺎدﺳﺎ‪:‬اﻟوﻗﺎﯾﺔ‬
‫ﻟﻘد أﺻﺑﺣت اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻷﻣراض‪،‬ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ﻣن أﻫم ﻣراﺣل و ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬
‫اﻟذي ﻟم ﯾﻌد ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾض ﻓﺣﺳب‪ ،‬ﺑل اﺗﺳﻊ ﻫدﻓﻪ ﻟﯾﺷﻣل اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻷﻣراض‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫ﻛﺎن اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﯾﺎدﯾن اﻟطب اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ أﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻣراض‪ ،‬ﺑل‬
‫و ﻣﺣﺎﺻرﺗﻪ و ﻣﻧﻌﻪ و اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏرار ﺗطﻌﯾم اﻷﻓراد ﺿد اﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ ﻗﺑل ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ‬
‫ﻣن ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫‪1‬ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 47‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ "ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن أن ﯾﺣرر وﺻﻔﺗﻪ ﺑﻛل‬
‫وﺿوح و أن ﯾﺣرص ﻋﻠﻰ ﺗﻣﻛن اﻟﻣرﯾض أو ﻣﺣﯾطﻪ ﻣن ﻓﻬم وﺻﻔﺎﺗﻪ ﻓﻬﻣﺎ ﺟﯾدا ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺟﺗﻬد ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ‬
‫أﺣﺳن ﺗﻧﻔﯾذ ﻟﻠﻌﻼج"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬


‫إن ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻣن أﻫم اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ ﺗطرﻗﻧﺎ إﻟﯾﻬﺎ ﻟذﻟك ﺗﺗطﻠب‬
‫ﺗوﺿﯾﺢ ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﺗﻌرﯾﻔﻬﺎ )اﻟﻔرع اﻷول(‪ ،‬وﺑﯾﺎن أﺳﺎس اﻟذي ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻪ )اﻟﻔرع‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ(‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻫﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻧد ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺷﺧص ﻟﻘﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ آﻣرة أو ﻧﺎﻫﯾﺔ‪ ،‬ﯾرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻘوﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﻔﻌل ﯾﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﻫﻲ أﺻﻼ ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻗﺎﻧون ﺗﻌرﯾﻔﺎ وﻋﻘوﺑﺔ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ‪،‬‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻌﺎﻣل اﻟطﺑﯾب ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺛل ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬وﻗد‬
‫ﺗﻛون ﺻﻔﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﯾﻬﺎ ﻋﺎﻣﻼ ﻣﺳﻬﻼ ﻓﻲ ارﺗﻛﺎﺑﻬﺎ‪ ،‬وﻗد ﺟرت ﻋﺎدة اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺷدد اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ إذا ﻛﺎن ﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ ﻋﻧﺻرا طﺑﯾﺎ ﻛﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﻣﺛﻼ أو إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ‪.1‬‬
‫وﻋرﻓت أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺛﺑوت ﻧﺳﺑﺔ اﻟوﺿﻊ اﻹﺟراﻣﻲ ﻟﻠواﻗﻌﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﻣﻬﺎ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون إﻟﻰ ﺷﺧص ﻣﻌﯾن ﻣﺗﻬم ﺑﻬﺎ ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﺿﺎف ﻫذا اﻟوﺿﻊ إﻟﻰ ﺣﺳﺎﺑﻪ ﻓﯾﺗﺣﻣل ﺗﺑﻌﺗﻪ‬
‫وﯾﺻﺑﺢ ﻣﺳﺗﺣﻘﺎ ﻟﻠﻣؤاﺧذة ﻋﻧﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب‪.‬‬
‫واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻹﺗﯾﺎن اﻟﻣﺎدي ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ ﻻ ﯾؤدي ﺑﺎﻟﺿرورة إﻟﻰ إﻧز ال اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﻟم‬
‫ﺗﺛﺑت ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘﺿﺎء ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣو ﻓﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﯾراد ﺑﻬﺎ‬
‫اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺗﺣﻣل ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻓﻌﻠﻪ اﻹﺟراﻣﻲ‪.2‬‬

‫‪1‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ط اﻷوﻟﯽ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف ﻟﻠﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟرﯾﺎض‬
‫‪،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ ،2004 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪2‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر ﺑﺳﻛرة ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪-2015 ،‬‬
‫‪،2014‬ص ‪.06‬‬

‫‪18‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫أوﻻ ‪ -‬ﻣﺑﺎﺷرة اﻟطﺑﯾب ﻟﻔﻌل إﺟراﻣﻲ‬


‫اﻷﺻل واﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم اﻟوارد ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري أﻧﻪ ﻻ ﺟرﯾﻣﺔ وﻻ‬
‫ﻋﻘوﺑﺔ أو ﺗدﺑﯾر اﻣن ﺑﻐﯾر ﻧص‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌرف ﻋﻧﻪ اﻧﻪ ﻣﺑدأ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ‪ ،‬ﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺗﺟرﯾم‪ ،‬أي أن‬
‫ﻣن اﻷﻓﻌﺎل واﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت ﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑرﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺧروﺟﺎ ﻋن اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪،‬‬
‫وأﻧﻬﺎ ﻟﻌﻠﺔ إﻟﺣﺎﻗﻬﺎ اﻟﺿرر ﺑﺎﻷﻓراد ﺧﺻوﺻﺎ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻋﻣوﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻘد ﺣﺻر اﻟﻣﺷرع ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل‬
‫ﺑﻌﯾﻧﻬﺎ أو ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻧﺻوص ﺗﺿﻣﻧﻬﺎ ﺗﻘﻧﯾن اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬وأردف إﻟﻰ أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ‬
‫ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ﻣن ﯾﺄﺗﯾﻬﺎ إﻣﺎ ﻣﺑﺎﺷرة أو ﺑﺎﻻﻣﺗﻧﺎع‪ ،‬إﻣﺎ ﺑﻧﻔﺳﻪ أو ﺑﺎﻻﺷﺗراك ﻣﻊ ﻏﯾرﻩ‪ ،‬ﻓﺎﻋﻼ ﻣﺎدﯾﺎ أو‬
‫ﻣﺣرﺿﺎ‪.1‬‬
‫وﻣﺎ ﻗﯾل ﻋن ﺳرﯾﺎن اﻟﻧص اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻣن ﺣﯾث اﻟزﻣﺎن ﯾﻘﺎل ﻋن ﺳرﯾﺎﻧﻪ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﻛﺎن ﺑﺣﯾث‬
‫ﺗطﺑق ﻗﺎﻋدة إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻟﻧص اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﺳﻠوك ﻧﺷﺎط ﻣوﺻوف ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﺑﺄﻧﻪ إﺟراﻣﻲ‪،‬‬
‫ﻣﻘﯾد ﺑﻧطﺎق ﻫذا اﻟﺳﻠوك إﻗﻠﯾﻣﯾﺎ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﺳرﯾﺎن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺟرﯾم ﻓﻲ اﻟﻧطﺎق اﻟﻣر ﺗﮑب‪،‬ﻋﻠﻰ أن‬
‫ﺗراﻋﻰ داﺋﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ واﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺑدأ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات اﻟواردة ﻋﻠﻪ ﺑﻣوﺟب‬
‫اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ وﻗواﻋد ﺗﻧﺎزع اﻟﻘواﻧﯾن‪.2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻧﺳﺑﺔ اﻟﻔﻌل اﻹﺟراﻣﻲ إﻟﻰ ﺷﺧص اﻟطﺑﻲ‬
‫إن اﻟﻔﻌل اﻹﺟراﻣﻲ ﯾﺄﺗﻲ ﻣن ﺷﺧص ﻣﻌﯾن‪ ،‬ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﻧﺳب اﻟﻔﻌل اﻹﺟراﻣﻲ إﻟﻰ ﻣرﺗﻛﺑﻪ‬
‫)اﻟطﺑﯾب(‪ ،‬أي أن ﻣرﺗﻛب اﻟﻧﺷﺎط اﻹﺟراﻣﻲ ﻛﺎن ﯾﻔﺗرض أن ﯾﻛون ﻋﺎﻟﻣﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﻪ‪ ،‬وﻣن ﺛﻣﺔ‬
‫ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣﺳﺎﻋﻠﺔ ﺷﺧص ﻟم ﯾﺄﺗﻲ ﺟرﯾﻣﺔ أو ﻟم ﯾﺛﺑت ارﺗﻛﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻧﺗﻔﺎء راﺑطﺔ‬
‫اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن ﺳﻠوك اﻟﻧﺷﺎط اﻹﺟراﻣﻲ اﻟﻣﺗﺳﺑب ﻓﻲ اﻟﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ﻣن ﺟﻬﺔ‪ ،‬وﻣن ﯾﺷﺗﺑﻪ ﻓﯾﻪ‬

‫‪1‬ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة )‪ (41‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﺎﻋﻼ ﻛل ﻣن ﺳﺎﻫم ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟرﯾﻣﺔ أو اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ‬
‫ارﺗﻛﺎب اﻟﻔﻌل ﺑﺎﻟﻬﺑﺔ أو اﻟوﻋد أو اﻟﺗﻬدﯾد أو إﺳﺎءة اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ أو اﻟوﻻﯾﺔ أو اﻟﺗﺣﺎﯾل أو اﻟﺗدﻟﯾس اﻹﺟراﻣﻲ‬
‫ﻣﻼﻟﺣﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2015-2016‬ص ‪.18‬‬

‫‪19‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺳﻠوك اﻟﻧﺷﺎط اﻹﺟراﻣﻲ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻻ ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ إﻻ‬
‫ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ دون اﻻﻣﺗداد ﻟﻠﻐﯾر‪. 1‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻘرر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻔﺎﻋل ﻋن اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣﻌﻧﺎﻩ أﻧﻬﺎ اﺳﺗﻧدت إﻟﻰ أﺳﺎس ﺧﺎص ﯾﺑرر‬
‫ﻣﺷروﻋﯾﺔ ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﺟزاء ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ‪.‬‬
‫إن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺎﺋل ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻣوﺳﻊ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ واﻟذي ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﯾدﻣﺞ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣﻊ‬
‫ﻣﻔﻬوم اﻹﺛم أو ﻣﻊ ﻣﻔﻬوم اﻹﺳﻧﺎد ﻣﺑررا ﺑﺄن ﻣﺟرد اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺗواﻓر اﻹﺛم ﯾﻔﺗرض إن ﺟﻣﻠﺔ‬
‫اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻗد ﺗﺣﻘﻘت وﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص ﺗواﻓر اﻟﺻﻔﺔ ﻏﯾر‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل واﻟواﻗﻌﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ وﺷروط اﻹﺳﻧﺎد‬
‫ﻓﺎﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺟزاء ﻫو ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ واﻷﺻل ﻓﻲ ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻫو ﺣرﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎر‪،‬‬
‫ﻓﻣن ﻗﺎم ﺑﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺎ ﻫل ﻫو ﻣﺧﯾر ﻓﻲ ذﻟك أو ﻣﺟﺑر ﻋﻠﯾﻬﺎ ؟ ﻟﻘد ﺗﺑﻧت ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻣذﻫب‬
‫ﺣرﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎر واﻹرادة ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺻت‬
‫اﻟﻣﺎدة )‪ (47‬ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ )ﻻ ﻋﻘوﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣن ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﻧون وﻗت ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﯾﻣﺔ(‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة )‪ (48‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ )ﻻ ﻋﻘوﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣن اﺿطرﺗﻪ إﻟﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻗوة ﻻ ﻗﺑل ﻟﻪ‬
‫ﺑدﻓﻌﻬﺎ( ‪.‬‬
‫وﻋﻧد اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ‬
‫ﻧﺟدﻩ ﻣﺑﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﺣﯾث ﻧطﺑق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻧﻔس ﻗواﻋد وﻣﺑﺎدئ‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب ﻣﺣل ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ "ﻻ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺟزاﺋﯾﺔ‬

‫‪1‬ﺻﻔوان ﻣﺣﻣد ﺷدﯾﻔﺎت‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن اﻷﻓﻌﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ‪،‬ﺑط ‪ ،‬دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن ‪،2011 ،‬‬
‫ص ‪.51‬‬
‫أﺣﻣد ﻣﺟﺣودة‪ ،‬أزﻣﺔ اﻟوﺿوح ﻓﻲ اﻹﺛم اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن‪ ،‬ط‪ ،2‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬دار اﻟﻬوﻣﺔ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ﺑدون ﺳﻧﺔ‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪20‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺑدون ﺧطﺎ"‪ ،‬وﻛذا إﻻ ﻋﻘوﺑﺔ ﺑدون ﺧطﺄ"‪ ،‬وﻣن ﺛﻣﺔ ﻓﺎن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟذي ﯾرﺗﻛﺑﻪ اﻟطﺑﯾب أﺛﻧﺎء‬
‫ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺗﻬﺎ ﻫو اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣﺎ ﺗﻘدم‪ ،‬ﻓﺎن ﻓﻌل اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻورﺗﻪ اﻟﻌﻣدﯾﺔ أو ﻏﯾر اﻟﻌﻣدﯾﺔ ﯾؤﺳس ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ‬
‫اﻟﻣرﺗﻛب‪ ،‬واﻟطﺑﯾب ﻗد ﯾﺟﻣﻊ ﻓﻲ ﻧﺷﺎطﻪ اﻟﻣﺎدي أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ ﺑﯾن ﺧطورة أﻓﻌﺎﻟﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻣدﯾﺔ وﺑﯾن إﺧﻼﻟﻪ ﺑو اﺟﺑﺎﺗﻪ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻣن دون ﻗﺻد إﺣداث ﺧطورة ﻣﺎدﯾﺔ إﺟراﻣﯾﺔ أو ﻏﯾر‬
‫إﺟراﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ‪. 1‬‬
‫وﻟﻛن ﻣﺎ ﻧوع اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟذي ﺗﺗرﺗب ﻋﻧﻪ ﻣﺳﺎءﻟﺔ ﻣرﺗﻛﺑﻪ ﺟزاﺋﯾﺎ ؟ إن اﻟطﺑﯾب وأﺛﻧﺎء‬
‫ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻧﺷﺎطﻪ اﻟطﺑﻲ ﻗد ﯾﺣدث ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﺧطﺎء ﺗﺧﺗﻠف اﻟواﺣدة ﻋن اﻷﺧرى ﺑﺎﺧﺗﻼف ﻧوﻋﻬﺎ‬
‫وﺗﻛﯾﯾﻔﻬﺎ واﻟﺟزاء اﻟذي ﺗرﺗﺑﻪ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ اﻟﺗﺄدﯾﺑﻲ ﻋﻧد إﺧﻼل اﻟطﺑﯾب ﺑواﺟﺑﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺗطﻠﺑﻬﺎ ﻗواﻋد اﻟﻣﻬﻧﺔ ‪ ،‬واﻟﺧطﺄ اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺗﻘﺻﯾر اﻟطﺑﯾب أو أﻋواﻧﻪ ﻓﻲ أداء اﻻﻟﺗزاﻣﺎت‬
‫اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺣدث ﺿررا ﻟﻠﻐﯾر وﺟب اﻟﺗﻌوﯾض ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺧطﺔ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻓﻬو ﺧرق اﻟطﺑﯾب ﻟﻘﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ آﻣرة أو ﻧﺎﻫﯾﺔ اﻗﺗرﻧت ﺑﻌﻘوﺑﺔ ﺟزاﺋﯾﺔ ﻣن‬
‫ﺟراء اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﺟرﻣﺔ واﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑوظﯾﻔﺗﻪ ‪.‬‬

‫ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﺑن ﻓﺎﺗﺢ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪-2014 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2015‬ص‪06‬‬

‫‪21‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‬


‫ﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻋن ﻛل ﻣن ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻧﺗﻬﺎك اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺈرﺗﻛﺎﺑﻪ اﻟواﻗﻌﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ‬
‫وﯾﺗﺣﻣل ﺗﺑﻌﺔ ﻋﻣﻠﻪ وﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺟزاء اﻟذي ﯾﻘررﻩ اﻟﻘﺎﻧون وﺗوﻗﻌﻪ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ‪.1‬‬
‫ﺑﺣﯾث ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ أرﻛﺎن أﺳﺎﺳﯾﺔ أوﻟﻬﺎ أن ﯾرﺗﻛب اﻟطﺑﯾب ﺧطﺄ طﺑﯾﺎ ﯾﻌرف ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻘﺻﯾر أو إﻫﻣﺎل‬
‫أو ﺧروج ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ ﻋن اﻟﻘواﻋد واﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻠم دون أن‬
‫ﺗﻧﺻرف إرادﺗﻪ إﻟﻰ ﺣدوث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻊ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗوﻗﻌﻬﺎ ‪.‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪ :‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ‬
‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻣﻌﯾﺎر ﺗﻘدﯾرﻩ‬
‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪.‬‬
‫ﯾﺷﻛل ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ أﺣد اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻷﻣر اﻟذي وﻟد‬
‫اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻛﺑﯾرا ﻟدى اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﻓﻔﻛرة اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻓﻛرة ﻣرﻧﺔ واﺳﻌﺔ وﻣﺗﻌددة اﻷﺷﻛﺎل‬
‫ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﻧﺎول ﺟﻣﯾﻊ ﺟواﻧب اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫واﻟواﻗﻊ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري وﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص‪،‬‬
‫ﻟم ﯾورد ﺗﻌرﯾف ﻟﻠﺧطﺔ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺻود‪ ،2‬اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌل ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻣن ﻧﺻﯾب اﻟﻘﺿﺎء‬
‫واﻟﻔﻘﻪ‪ ،‬وﻟﻌل أﺷﻬر ﺗﻌرﯾف أوردﻩ اﻟﻔﻘﻪ ﻟﻠﺧطﺄ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم "ﺑﺄﻧﻪ اﻧﺣراف ﻋن اﻟﺳﻠوك اﻟواﺟب اﺗﺧﺎذﻩ‬
‫ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﻘﺻودة ‪.‬‬

‫‪1‬ﺑﺎﺑﻛر اﻟﺷﯾﺦ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار اﻟﺣﺎﻣد ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻷردن‪ ،2002 ،‬ص‪. 24‬‬
‫‪2‬ﻛﻣﺎ ﻫو ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺻﺎدر ﺳﻧﺔ ‪ ،1810‬وﺗﻠك ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﺻري اﻟﺻﺎدر ﺳﻧﺔ ‪ 1937‬واﻟﻠذان اﺳﺗﺧدﻣﺎ‬
‫أﻟﻔﺎظﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺄ واﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺻورة اﻟﺳﻠوك اﻟﺧﺎطﺊ ﻛﺎﻹﻫﻣﺎل وﻋدم اﻻﺣﺗراز ‪ ،‬وﻋدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻠواﺋﺢ‬
‫واﻟﻘواﻧﯾن وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة )‪ (238-1‬ﻣن ق‪ ،‬ع‪ ،‬م اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻏﯾر اﻟﻌﺎدي واﻟﻣﺎدة )‪ (244‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون أﻧظر‬
‫ﺻﻔوان ﻣﺣﻣد ﺷدﯾﻔﺎت‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪ ،197‬ﻛﻣﺎ ﻋرف اﻟﺑﻌض اﻟﺧطﺄ ﻋﺑر اﻟﻌﻣدي ﺑﺄﻧﻪ ﺧﻼل اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻋﻧد ﺗﺻرﻓﻪ ﺑواﺟﺑﺎت‬
‫اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﯾﻪ وﻟم ﺣﯾﻠوﻟﺗﻪ ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك دون أن ﯾﻘﺿﻲ ﺗﺻرﻓﻪ إﻟﻰ إﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺟرﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن‬
‫ﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗﻪ وﻛﺎن واﺣﯾﺎ ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻪ اﻟﺑﻌض ﺑﺄﻧﻪ ﻋدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺳﻠوك اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ‬
‫ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﺗﺟﻧب وﻗوع ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ اﻟﺿﺎرة ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ وﺣﻘوق اﻵﺧرﯾن اﻟﻣﺣﻣﯾﺔ ﺟﻧﺎﺋﯾﺎ‪ ،‬أو ﺗﺟﻧب اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﻐﻠطﺔ ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻓﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻓﻘد ﻗﺎﻣت ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺑوﺿﻊ ﺗﻌرﯾف ﻋﺎم ﻟﻠﺧطﺄ ﺑﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻏﻔل اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ‬
‫ﺗﺎرﻛﺎ اﻷﻣر ﻟﻠﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء‪.1‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪2‬ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ﻓﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﻋدم ﺗﻘﯾد اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻬﻧﺗﻪ‪ ،‬وﻫو ﻛل ﻧﺷﺎط إرادي أو ﺳﻠﺑﻲ ﻻ ﯾﺗﻔق واﻟﻘواﻋد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ‬
‫ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب"‪ ،‬وﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف أن دور اﻹرادة ﻣزدوج ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺻود‬
‫ﻓﻬو إﯾﺟﺎﺑﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺳﻠوك و ﺳﻠﺑﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻧﺗﯾﺟﺔ وﻧﻌرض ﻫﻧﺎ ﺑﻌض اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت‪ :‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‬
‫ﺑﺄﻧﻪ " ﻛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ أو ﺧروج ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد واﻷﺻول اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻬﺎ‬
‫اﻟﻌﻠم أو اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺎ وﻋﻣﻠﯾﺎ وﻗت ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬أو إﺧﻼﻟﻪ ﺑواﺟﺑﺎت اﻟﺣﯾطﺔ‬
‫واﻟﯾﻘظﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻣﺗﻰ ﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺟﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗدرﺗﻪ‬
‫وواﺟﺑﺎ ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺗﺧذ ﻓﻲ ﺗﺻرﻓﻪ اﻟﯾﻘظﺔ واﻟﺗﺑﺻر ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﻣرﯾض‪."3‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻪ آﺧرون ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ﻣﺳﻠك اﻟطﺑﯾب ﻻ ﯾﻘﻊ ﻣن طﺑﯾب ﯾﻘظ وﺟد ﻓﻲ ﻧﻔس‬
‫اﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول‪ ، 4‬وﻣﻧﻬم ﻣن ﻗﺎل ﺗﻘﺻﯾر أو إﻫﻣﺎل أو ﺧروج ﻣن اﻟطﺑﯾب‬
‫ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد واﻷﺻول اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻠم أو اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺎ وﻋﻠﻣﯾﺎ‬
‫وﻗت ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬دون أن ﺗﻧﺻرف إرادﺗﻪ إﻟﻰ ﺣدوث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻊ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗوﻗﻊ ﺣدوﺛﻬﺎ‪.5‬‬
‫وﻋرﻓﻪ آﺧرون ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻬﻧﺗﻪ وﻣﻧﻬم ﻣن ﻋرف ﺧطﺄ‬

‫‪1‬‬
‫ﯾﺣﯾﻰ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ واﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬ﻋﻧد ﺧﺎص‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.48‬‬
‫‪2‬ﻋرف اﻟﻣﻌﻬد اﻟطﺑﻲ اﻷﻣرﯾﻛﻲ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ اﻟﻔﺿل ﻓﻲ إﺗﻣﺎم ﻋﻣل ﻣﻘﺻود ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﻣﻘﺻود‪ ،‬واﺳﺗﻌﻣﺎل ﻋﻣﻼ ﺧﺎطﺊ‬
‫ﻟﺗﺣﻘق ﻫدف ﻣﺎ ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﺻﻔوان ﻣﺣﻣد ﺷدﯾﻔﺎت ‪197 ،‬‬
‫‪3‬وﻓﺎء ﺣﻠﻣﻲ أﺑو ﺟﻣﯾل‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ وﻓﻘﻬﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،1991 ،‬ص ‪41‬‬
‫‪4‬‬
‫ﯾوﺳف ﺟﻣﻌﺔ ﯾوﺳف اﻟﺣداد‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء اﻷطﺑﺎء وﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2003 ،‬ص‪73‬‬
‫‪5‬ﻣﺣﻣد ﺑﺷﯾر ﺷرﯾم‪ ،‬اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻻﻟﺗزام واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬اﻟﻣطﺎﺑﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،2000 ،‬ص ‪.159‬‬

‫‪23‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟطﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ "اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻣن ﺷﺧص ﺑﺻﻔﺗﻪ طﺑﯾﺑﺎ ﺧﻼل أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ اﻷﻋﻣﺎل‬
‫‪1‬‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ"‪.‬‬
‫وﻣن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻋطت ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺗﺟد اﻟﻣﺷرع اﻟﻠﯾﺑﻲ اﻟذي ﺟﺎء ﻣن‬
‫ﺑﻣﻧظوﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺣدد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻌرف اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 23‬ﺗﺗرﺗب اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻋن ﻛل ﺧطﺄ ﻣﻬﻧﻲ ﻧﺎﺷﺊ ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻧﺷﺎط طﺑﻲ ﺳﺑب ﺿررا‬
‫ﻟﻠﻐﯾر‪ .‬وﯾﻌﺗﺑر ﺧطﺄ ﻣﻬﻧﯾﺎ ﻛل اﺧﺗﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﺗﻔرﺿﻪ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻧﺎﻓذة أو اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻟﻠﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬ﻛل ذﻟك ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ واﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ‪ ،‬وﯾﻌد ﻧﺷوء اﻟﺿرر‬
‫ﻗرﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺧطﺄ أو اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزام‪.2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺗﻘدﯾرﻩ‬
‫ﺑﻣﺟرد ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ أو ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬ﯾﺟب اﻟﺑﺣث ﻋن‬
‫اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟواﺟب إﺗﺑﺎﻋﻪ ﺑﻬدف ﺗﻘدﯾر ﺧطﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ‪ ،‬ﻣﻊ ﺿرورة اﻟﻧظر إﻟﻰ ﻣﯾزات‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إﺗﺑﺎع اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻲ اﻟطب‪ ،‬وﻟﻬذا اﻷﺳﺎس ﺳﻌﻲ‬
‫اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ اﻋﺗﻣﺎد ﻋدة ﻣﻌﺎﯾﯾر‪ ،‬ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ و أﺧﯾرا‬
‫اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﺧﺗﻠط‪.‬‬
‫أ‪-‬اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﻲ ‪:‬‬
‫ذﻫب أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر إﻟﻰ وﺟوب اﻟﻧظر إﻟﻰ ﺷﺧص اﻟطﺑﯾب وظروﻓﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ أي اﻟﻧظر‬
‫إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑوﺳﻊ اﻟطﺑﯾب أن ﯾﻔﻌﻠﻪ وﺑﺎﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺣﺎطت ﺑﻪ وﻗت ﺣدوث اﻟﻔﻌل أي‬
‫أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘدر اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺳﻠوك اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺻدر ﻣﻧﻪ اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿوء اﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻪ‬

‫‪1‬ﯾوﺳف ﺟﻣﻌﺔ ﯾوﺳف اﻟﺣداد‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪2‬اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 17‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 24/11/1986‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ج‪ ،‬رﻗم ‪ ،28‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ واﻟﻌﺷرﯾن‪ ،‬اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ‬
‫‪ ،31/12/1986‬ص ‪.03‬‬

‫‪24‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر ﯾﻘﺎرن ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻣن اﻟﺷﺧص ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث إﻣﻛﺎن ﻫذا اﻟﺷﺧص‬
‫ﺗﺟﻧب اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر‪ ،‬ﻓﺎن ﻟم ﯾﻔﻌل ﺑﻌد ﻣﻘﺻرا ‪.‬‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب ﯾﻘظﺎ ﺟدا‪ ،‬ﻓﺎﻧﻪ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﻲ ﺳﯾﺣﺎﺳب ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﺻدر‬
‫ﻣﻧﻪ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن ﺗﺎﻓﻬﺎ أو ﯾﺳﯾرا‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب دون اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎدي‪ ،‬ﻓﺎﻧﻪ إذا ﺻدر ﻣﻧﻪ‬
‫ﺧطﺎ ﺗﺎﻓﻪ أو ﯾﺳﯾر ﻻ ﯾﺣﺎﺳب ﻋﻠﯾﻪ‪.1‬‬
‫ب‪ -‬اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ‬
‫أﺳﺎس ﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻫو اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ إزاء ﻣرﯾﺿﻪ‪،‬و ﯾﻘﺻد ﺑﻪ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﺎم‬
‫اﻟذي ﯾﻘﺎس اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺳﻠوك ﻣﻌﯾن‪ ،‬وﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧرى‪ ،‬ﻗواﻣﻪ اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻌﺗﺎد‬
‫اﻟذي ﯾﻠﺗزم ﻓﻲ ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﺟﺎﻧب اﻟﺣﯾطﺔ‪ ،‬و اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ واﻟﺣذر ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣرﯾض‪ ،2‬ﻻ ﯾﺧرج ﻋن‬
‫أﺻول اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ وﻗواﻋدﻫﺎ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ارﺗﻛﺎب اﻟطﺑﯾب اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﻋﻼج ﻣرﯾﺿﻪ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﯾﺎس ﺳﻠوﻛﻪ ﻣﻊ ﺳﻠوك طﺑﯾب آﺧر ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﺳﺗوى‪ ،‬ﺳواء ﻛﺎن طﺑﯾﺑﺎ ﻋﺎﻣﺎ أم طﺑﯾﺑﺎ‬
‫أﺧﺻﺎﺋﯾﺎ‪.3‬‬
‫ج‪-‬اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﺧﺗﻠط‬
‫ﻫو ﻣﻌﯾﺎر ﺗوﻓﯾﻘﻲ أﺧذ ﻣن اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾن ﻣﻌﺎ‪ ،‬اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﻣوﺿوﻋﻲ‪ ،‬وﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻷﺧذ‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟظروف اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﻣﻼﺑﺳﺎت اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟطﺑﯾب‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر‬
‫ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ‪ ،‬اﻟذي ﯾﻘﺎس ﻣﻊ ﺳﻠوك طﺑﯾب ﯾﻘظ وﺟد ﻓﻲ ذات اﻟظروف‪ ،‬ﻟﻛﻲ ﯾﺳﺎﯾر اﻟﺗطورات‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺗﻘدم اﻟﻌﻠﻣﻲ‪.4‬‬

‫‪1‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ط‪ 1‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف ﻟﻠﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ‪،‬اﻟرﯾﺎض‪،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﺳﻌودﯾﺔ ‪ ،2004،‬ص ‪. 52‬‬
‫‪2‬ﺷرﻗﻲ أﺳﻣﺎء‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء داﺧل اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﺗﺧرج‪ ،‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬
‫‪ ،2010-2009‬ص ‪.4‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2006 ،‬ص ‪.18-14‬‬
‫‪4‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻣﺣﺳن‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و اﻟﺻﯾدﻟﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ب ب ن و اﻟﻧﺎﺷر ‪ ،2000‬ص ‪114‬‬

‫‪25‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫و ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘدر ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب وﻓﻘﺎ ﻟﻛﻔﺎءﺗﻪ‪ ،‬واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﻣن اﻟواﺟب أن ﺗﻛون‬
‫ﺗﺣت ﯾدﻩ وﻗت ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺗطﻠب ﻣن طﺑﯾب ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻪ اﻟﻣﺣدودة ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب ﻣن طﺑﯾب‬
‫ﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺧﺎص‪ ،‬أو ﺟﺎﻣﻌﻲ ﻟﻪ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻛﺑﯾرة‪ ،‬ﻛﻌﻣﻠﯾﺔ ﻧﻘل اﻟﻛﻠﻰ أو اﻟﻘﻠب اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻻﻫﺎ‬
‫طﺑﯾب ﺟراح آﺧر ﻻ ﯾﺟري إﻻ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺻﻐﯾرة اﻟﺑﺳﯾطﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟزاﺋدة اﻟدودﯾﺔ أو اﻟﻠوزﺗﯾن‪.1‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺻور اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ‬


‫ذﻫب ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد ﺻور اﻟﺧطﺄ‪ ،‬وﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺧﺗﻠف ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺣول ﻫذا اﻟﺗﺣدﯾد‪،‬‬
‫وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن اﻟﺗﻌداد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺻور‬
‫اﻟﺧطﺄ و اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑذﻛر ﺻورة واﺣدة‪ ،‬ﻣﺛل اﻟﺗﻘﺻﯾر اﻟذي ﯾﺷﻣل أﻧواع اﻟﺧطﺄ ﻛﺎﻓﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن‬
‫اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻛﻠﻣﺔ اﻹﻫﻣﺎل ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ذﻟك أن اﻟﺻور اﻷﺧرى ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣرادﻓﺎت ﻟﻪ‪،‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾرى اﻟﺑﻌض أن ﻣﺻطﻠﺢ ﻋدم اﻻﺣﺗﯾﺎط ﯾﻐﻧﻲ ﻋن ﺗﻌداد اﻟﺻور ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ اﻟواردة ﻗﺎﻧوﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻲ‬
‫ﺣﯾن ﯾرى آﺧرون أﻧﻪ ﻣن اﻷﻓﺿل إﻏﻔﺎل اﻟﻧص ﻋن ذﻛر أﯾﺔ ﺻورة ﻣن ﺻور اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن‬
‫ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻧﺻﺎ ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ وﯾﺣدد ﻣﻌﯾﺎرﻩ وﯾﺗرك أﻣر إﺛﺑﺎﺗﻪ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺗﻌرﯾف‬
‫و طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﺣددﻩ اﻟﻘﺎﻧون‪.2‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻹﻫﻣﺎل ‪:‬‬
‫ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻹﻫﻣﺎل أن ﯾﻘف اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻣوﻗﻔﺎ ﺳﻠﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺗﺧذ واﺟﺑﺎت اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻣن‬
‫ﺷﺎن اﺗﺧﺎذﻫﺎ اﻟﺣﯾﻠوﻟﺔ دون وﻗوع اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬وﻫو ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗرك أﻣر واﺟب أو اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﻓﻌل‬

‫‪1‬ﻣﺳﻌودي ﺣورﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺧﺎص‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾزة‪،‬‬
‫ﺑﺟﺎﯾﺔ‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.18 24‬‬

‫‪2‬ﺛﺎﺋر ﺟﻣﻌﺔ ﺷﻬﺎب اﻟﻌﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2011 ،‬ص‬
‫‪. 175-174‬‬

‫‪26‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﯾﺟب أن ﯾﺗم‪ 1.‬واﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻹﻫﻣﺎل ﻗواﻣﻪ ﺗﺻرف إرادي ﺧطﺄ ﯾؤدي ﻋﻠﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺿﺎرة ﺗوﻗﻌﻬﺎ‬
‫اﻟﻔﺎﻋل أو ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ ﺗوﻗﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾﻘﺻد إﺣداﺛﻬﺎ وﻟم ﯾﻘﺑل وﻗوﻋﻬﺎ‪.2‬‬
‫و ﯾﻘﺻد ﺑﻪ أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﺳﻠوك ﺳﻠﺑﻲ ﻣﺣض ﺻﺎدر ﻣن اﻟﺟﺎﻧﻲ إذا ﻛﺎن ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ أن ﯾﺗﺧذ‬
‫ﻣن اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت ﻣﺎ ﯾﺣول دون أن ﯾﻛون اﻟﻔﻌل ﺧطر ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺿﺎرة ﻗد ﺗﻠﺣق‬
‫ﺑﺎﻟﻐﯾر أﻧﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺻﻼﺣﻪ‪ ،‬إذ ﻣن ﺷﺄن اﺗﺧﺎذ اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻟﻬذا اﻹﺟراء أو اﻻﺣﺗﯾﺎط أن ﯾﺣول دون‬
‫ﺣدوث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ‪. 3‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻋوﻧﺔ‬
‫وﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﺳوء اﻟﺗﻘدﯾر وﻧﻘص اﻟﻣﻬﺎرة واﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﺟﻬل ﺑﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﯾن اﻟﻌﻠم ﻟﻠﻘﯾﺎم‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻣل ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻪ ﻣﺎدﯾﺎ أو أدﺑﯾﺎ‪ ،‬وﺣﺎﻻت اﻟرﻋوﻧﺔ ﺗﻘﻊ ﻋﺎدة ﻓﻲ اﻟﺟراﺣﺔ‬
‫واﻟﺗوﻟﯾد وﻫﻲ ﺗﻌﻧﻲ ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب أو اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎل ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﺧﺷوﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺟﺳم اﻟﻣرﯾض أو‬
‫اﻟﻣرﯾﺿﺔ ﻓﻬﻧﺎك إﻋﺎﻗﺎت ﺗﻠﺣق اﻟﻣوﻟود ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻣرأة ﻋرﺿت ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻗﺻد ﺗوﻟﯾدﻫﺎ ﻗﺑل‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد‪ ،‬ﻓﺗﺑﯾن أن وﺿﻌﯾﺔ اﻟﺟﻧﯾن ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ وﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻟوﻻدة ﻟم ﯾﺄﻣر ﺑﺗﺣوﯾﻠﻬﺎ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺑل ﻗﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﻧﻔﺳﻪ ﺑﺗوﻟﯾدﻫﺎ وطﻠب ﻣن أﻣﻬﺎ ﺑﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻓﻲ ﺟذب اﻟوﻟﯾد ﻣن رﺟﻠﯾﻪ‬
‫ﻟﻛن رأﺳﻪ اﻧﻔﺻل ﻋن ﺟﺳدﻩ‪ ،‬وﯾﻘﻲ ﺑﺎﻟداﺧل وﺑﻌد أن ﺗم ﻧﻘل اﻷم إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺗوﻓﯾت ﻗﺑل‬
‫وﺻوﻟﻬﺎ وﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟوﻗﺎﺋﻊ أداﻧت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟطﺑﯾب ﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺔ أن اﻟطﺑﯾب ﻗد ارﺗﻛب ﺟﻣﺔ‬
‫أﺧطﺎء ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻵﺗﻲ‪: 4‬‬
‫‪ ‬ﻋدم اﺗﺧﺎذ اﻟﺣﯾطﺔ ﻟﻣﻧﻊ اﻟﺧطر ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣر ﺑﺧﺻوص ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺗوﻓﺎة ﺑﻌد أﯾﺎم‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺟرادة‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ أﻓﺎق ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪،‬ﻏزة‪ ،‬ﻓﻠﺳطﯾن‪،‬ﺳﻧﺔ ‪2010،‬ص ‪. 264‬‬
‫‪2‬ﺻﻔوان ﻣﺣﻣد ﺷدﯾﻔﺎت‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة ‪،‬‬
‫ﻣﺻر‪ ،‬ﺳﻧﺔ ‪ ، 2011‬ص ‪204‬‬
‫‪3‬أﻣﯾر ﻓرج ﯾوﺳف‪ ،‬ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻟﻌﻣدي و اﻟﻐﯾر اﻟﻌﻣدي‪،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ ‪ ،‬ﺳﻧﺔ ‪ ،2010‬ص‪.67‬‬

‫‪4‬‬
‫ﻋﯾﺳﺎﺋﻲ رﻓﯾﻘﺔ ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻣراﻓق اﻻﺳﺗﺷﻔﺎﺋﯾﺔ‪،‬أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘﺔق‬
‫ة اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن‪،2016،‬ص ‪113‬‬

‫‪27‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪ ‬ﻋﻧدﻣﺎ ﺑﺎﺷر اﻟوﻻدة ﻓﻌﻼ وﺟد أن اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺻﻌﺑﺔ وﻟم ﯾطﻠب ﻣﺳﺎﻋدة طﺑﯾب آﺧر ﻓﻲ اﻟوﻗت‬
‫اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻗﺑل أن ﯾﺳﺗﺣل اﻷﻣر إﻟﻰ أن ﺣﺻل ﻧزﯾف ﺷدﯾد وأﻏﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻷم‬
‫‪ ‬أن ﺟذب اﻟﺟﻧﯾن ﻣدة ﻣن اﻟزﻣن واﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌﻧف ﻓﻲ اﻟﺟذب رﻏم أن ذﻟك ﻟم ﯾﻛن ﻟﻪ‬
‫ﺟدوى ﺑﺎﻟﻧظر ﺣﺟم رأس اﻟوﻟﯾد وﻛل دﻗﯾﻘﺔ ﺗﻣر ﺗﺷﻛل ﺧطر ﻋﻠﻰ اﻷم وﻋﻠﻰ وﻟﯾدﻫﺎ ﻣﻌﺎ ‪.‬‬
‫وﻣن اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﻗﺗل ﻣوﻟود إذ ﻣﺎ ﺗﺳﺑب طﺑﯾب أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎﻣﻪ‬
‫ﺑﺗوﻟﯾد ﺳﯾدة ﻓﻲ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻣوﻟود ﺑﻛﺳر ﻓﻲ رأﺳﻪ ﺑﺳﺑب اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﺟﻔن اﻟوﻻدة ﺑطرﯾﻘﺔ ﺧطﺎ وﺛﺑت‬
‫ﻣن اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟطﺑﯾﺔ أن اﻟﻣوﻟود ظل ﯾﻧﺑض ﻗﻠﺑﻪ وﺗﻧﻔﺳﻪ ﺟﯾدا ﺑﻌد اﻟوﻻدة وﻟﻛن اﻟﻧزﯾف اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻣن‬
‫اﻟﺟرح ﻗﺿﻲ ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟطﺑﯾب ﯾﻛون ﻣرﺗﻛﺑﺎ ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻘﺗل اﻟﺧطﺄ ﺑﺳﺑب ﻋدم اﺣﺗﯾﺎطﻪ ورﻋوﻧﺗﻪ‪.1‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪:‬ﻋدم اﻻﺣﺗﯾﺎط أو ﻗﻠﺔ اﻻﺣﺗراز‬
‫ﺗﺗﻣﺛل ﻗﻠﺔ اﻻﺣﺗراز ﻓﻲ ﺧطﺄ ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﻪ ﻧﺷﺎط إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻣن اﻟﻔﺎﻋل وﯾدل ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﺗﺑﺻر‬
‫ﺑﺎﻟﻌواﻗب‪ ،2‬رﻏم أﻧﻪ أي اﻟﻔﺎﻋل ﯾدرك طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻣﻠﻪ وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺿرر أو ﺧطر‬
‫ﻟﻠﻐﯾر وﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾﺑﺎﻟﻲ وﻻ ﯾﺗﺧذ أﯾﺔ اﺣﺗﯾﺎطﺎت ﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق أي ﺿرر‪.3‬‬
‫وﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘدم ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻌل وﻫو ﯾﻌﻠم ﺧطورﺗﻪ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﻗد ﯾؤدي إﻟﯾﻬﺎ وﻣﻊ ذﻟك ﻻ ﯾﺗﺧذ اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣول دون ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺿﺎرة أو‬
‫ﻟﺗﻔﺎدي وﻗوع اﻟﺟرﯾﻣﺔ وأﺳﺎﺳﻪ ﻋدم اﻟﺗﺑﺻر ﺑﺎﻟﻌواﻗب واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟوﺧﯾﻣﺔ وﻓﯾﻪ ﯾدرك اﻟﻔﺎﻋل طﺑﯾﻌﺔ‬
‫ﻋﻣﻠﻪ وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺿرر أو ﺧطر ﻟﻠﻐﯾر‪.4‬‬

‫‪1‬ﻣﺎﺟد ﻣﺣﻣد ﻻﻓﻲ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ‪ ،‬دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر ة اﻟﺗوزﯾﻊ ‪،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‬

‫‪.‬‬ ‫‪،2009،‬ص ‪88‬‬


‫‪2‬ﺳﯾدﻫم ﻣﺧﺗﺎر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪،‬ﻋدد ﺧﺎص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون و اﻻﺟﺗﻬﺎد‪ ،2011 ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪3‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪4‬رﻣﺿﺎن ﺟﻣﺎل ﻛﺎﻣل‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ ،‬طﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬اﻟﻣرﻛز اﻟﻘوﻣﻲ ﻟﻺﺻدارات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2005 ،‬ص ‪61‬‬

‫‪28‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫راﺑﻌﺎ‪:‬ﻋدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻧﯾن و اﻟﻘرارات‬


‫ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻋدم ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺳﻠوك اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻟﻠﻘواﻋد اﻵﻣرة اﻟﺗﻲ ﺗﻘررﻫﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ‪ ،‬وﯾﻛﻔﻲ‬
‫ﻣﺟرد ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ إﺣدى ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺣﻘق اﻟﺧطﺄ‪ ،‬دون ﺗطﻠب اﺗﺧﺎذﻩ إﺣدى اﻟﺻور اﻷﺧرى‪،‬‬
‫ﻛﺎﻹﻫﻣﺎل‪ ،‬أو ﻋدم اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ‪ ،‬أو اﻟرﻋوﻧﺔ‪ ،‬أو ﻋدم اﻻﺣﺗﯾﺎط‪.‬‬
‫ﻓﻬذﻩ اﻟﺻورة ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺻور اﻷﺧرى‪ ،‬وﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺧطﺄ اﻟﺧﺎص‪ ،‬ﺗﻣﯾﯾزا ﻟﻬﺎ ﻋن اﻟﺧطﺄ‬
‫اﻟﻌﺎم اﻟذي ﯾﺗﺳﻊ ﻟﺳﺎﺋر اﻟﺻور اﻷﺧرى‪ ،‬وﺗﺷﻣل ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﺗوﺿﻊ‬
‫اﻹﻗرار اﻷﻣن واﻟﻧظﺎم ﻟﻛﻔﺎﻟﺔ اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻗواﻧﯾن أو ﻟواﺋﺢ‪ ،‬وﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣوﺟودة‬
‫ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت أو ﻓﻲ ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋن اﻹدارة ﻣن ﻗرارات ﻣﻠزﻣﺔ‬
‫ﺗﻌدﻫﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪. 1‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺿرر و اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬
‫إن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻻ ﺗﻛﺗﻣل وﻻ ﺗﻘوم ﻟﻬﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ إﻻ إذا ﺗواﻓر إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺧطﺄ‬
‫اﻟﺟزاﺋﻲ ﻟﻠطﺑﯾب رﻛﻧﺎ اﻟﺿرر وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻣﺎ اﻟرﻛﻧﺎن اﻟﻠذان ﺳﻧﺗطرق إﻟﯾﻬﻣﺎ ﺗﺑﺎﻋﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻔرﻋﯾن اﻵﺗﯾﯾن‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول اﻟﺿرر‬
‫أوﻻ‪ -‬ﻣﻔﻬوم اﻟﺿرر‪:‬‬
‫اﻟﺿرر ﻫو اﻟرﻛن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻷرﻛﺎن اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺗﺻور ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟطﺑﯾب دون أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻣﻧﻪ ﺿرر ﯾﺻﯾب اﻟﻣﺟﻧﻲ‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪2‬وا ٕ ذا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻟﺿرر ﮐرﻛن ﻣن أرﻛﺎن‬
‫اﻟﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬إذ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﻛون اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ دون أن ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺟرﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﻫﻲ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻣﻛن أن ﻻ ﺗﺣﺻل ﻧﺗﯾﺟﺔ إﺟراﻣﯾﺔ أﺻﻼ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺟراﺋم اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ‬

‫‪1‬ﺛﺎﺋر ﺟﻣﻌﺔ ﺷﻬﺎب اﻟﻌﺎﺋﻲ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2011 ،‬ص ‪. 188‬‬
‫‪2‬أﻣﯾن ﻓرج ﯾوﺳف ‪،‬ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ‪،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‪،‬ﻣﺻر‪،2007،‬ص‪.39‬‬

‫‪29‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾرﺗﻛب اﻟطﺑﯾب ﺧطﺄ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣرﯾض‬
‫اﻟذي ﯾﻌﺎﻟﺟﻪ‪ ،‬ﺑل ﻻ ﺑد أن ﯾﻛون ذﻟك اﻟﺧطﺄ ﻗد أﻟﺣق ﺿررا ﺑﺎﻟﻣرﯾض‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺿرر ﻋدم ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾض ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﻼج اﻟذي أﺟراﻩ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬ﺑل اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻪ‬
‫ﻫو أﺛر اﻟﺧطﺄ اﻟذي وﻗﻊ ﻓﯾﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋدم اﺗﺧﺎذ اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر اﻟﺿرورﯾﯾن ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت‪،‬‬
‫وﺗﻌد اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ ﻣن أﺑرز اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗوﺟﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪.1‬‬
‫و اﻟﺿرر ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻪ ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ‪ :‬ﻣﺎ ﯾؤذي اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﻧواﺣﻲ ﻣﺎدﯾﺔ وﻣﻌﻧوﯾﺔ‪ 2‬أن‬
‫اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻟدى ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻫو أن ‪ :‬اﻟﺿرر ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺗﺟت ﻋن ﻓﻌل طﺑﻲ ﻣﺳت‬
‫ﺑﺎﻷذى اﻟﻣرﯾض‪ ،‬وﻗد ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ ذﻟك ﻧﻘص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض أو ﻓﻲ ﻣﻌﻧوﯾﺎﺗﻪ أو ﻋواطﻔﻪ‪.3‬‬
‫ﻓﺎﻟﺿرر اﻟطﺑﻲ ﻫو ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻧﺗﺞ ﻋن ﻓﻌل طﺑﻲ ﯾﻠﺣق اﻷذى ﺑﺎﻟﻣرﯾض وﯾﺳﺗﺗﺑﻊ ذﻟك ﻧﻘﺻﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎل اﻟﻣرﯾض‪ ،‬أو ﻓﻲ ﻣﻌﻧوﯾﺎﺗﻪ أو ﻋواطﻔﻪ‪ .‬وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻼﺑد ﻣن إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻣرﯾض ﺑﺿرر اﻟذي ﯾﺗﻣﺛل‬
‫ﻓﻲ إﺣداث إﺻﺎﺑﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻠﺔ أم ﻏﯾر ﻗﺎﺗﻠﺔ‪.‬وا ٕ ذا ﻟم ﺗﻘﻊ إﺻﺎﺑﺔ ﻟﻠﺷﺧص اﻟﻣرﯾض ﻓﻼ ﻣﺣل‬
‫ﻟﻠﻌﻘﺎب ﻣﻬﻣﺎ ﯾﻛن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬أﻧواع اﻟﺿرر ‪:‬‬
‫ﺳﻧﺗﻧﺎول ﻛل ﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻌرف اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي ﺑﺄﻧﻪ اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﻣس اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺟﺳﻣﻪ أو ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﯾﺗﻣﺛل‬
‫ﻓﻲ اﻟﺧﺳﺎرة اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋن اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣق أو ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺣق ﻣﺎﻟﻲ أو ﻏﯾر‬
‫ﻣﺎﻟﯽ‪ .‬إن اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي ﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﺿرر ﺟﺳدي ﯾﻣس ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺈزﻫﺎق روﺣﻪ أو ﯾﺻﯾب‬
‫ﺟﺳﻣﻪ أو ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺑدﻧﯾﺔ ﻛﺈﺣداث ﻋﺎﻫﺔ ﻟﻪ ﺳواء ﻛﺎﻧت داﺋﻣﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ وﯾﺳﻣﻰ ﺿررا‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﺻدﻗﻲ ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء اﻟطب ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺳﻛري ﺑدون ذﻛر دار اﻟﻧﺷر‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،1989،‬‬
‫ص‪. 58-53‬‬
‫‪2‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ط‪ 1‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف ﻟﻠﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ‪،‬اﻟرﯾﺎض‪،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪،‬‬
‫‪،2004‬ص‪54‬‬
‫‪3‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪،‬ص‪.55‬‬

‫‪30‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﺟﺳﻣﺎﻧﯾﺎ‪ ،‬وا ٕ ﻟﻰ ﺿرر ﻣﺎﻟﻲ ﯾﺻﯾب ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺗﺿرر ذات ﻗﯾﻣﺔ ﻣﺎدﯾﺔ أو اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﺈﺻﺎﺑﺔ‬
‫اﻟﺟﺳم ﺑﻌﺎﻫﺔ ﺗﻌطل ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺳب أو ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻌﻼج‪.1‬‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي ﻗد ﯾﻛون ﺿررا ﺟﺳدﯾﺎ ﯾﻣس ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن‬
‫وﺳﻼﻣﺗﻪ أو ﺿررا ﻣﺎﻟﯾﺎ ﯾﻧﻘص ﻣن اﻟذﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﻣﺿرور‪.‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺿرر اﻟﺟﺳدي‬
‫وﯾﻘﺻد ﺑﻪ اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن وﻫذا اﻷذى ﻗد ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺣق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة‬
‫ﻓﯾزﻫق روﺣﻪ أو ﻗد ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺑدن اﻹﻧﺳﺎن ﻓﯾﻌطل ﺑﻌض وظﺎﺋﻔﻪ ﺑﺈﺣداث ﻋﺎﻫﺔ داﺋﻣﺔ أو ﻣؤﻗﺗﺔ‬
‫وذﻟك ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اﻟﺿرر اﻟﺟﺳدي اﻟﻣؤدي إﻟﻰ اﻟوﻓﺎة‬
‫وﻫو اﻟﺿرر اﻟذي ﺗﺗرﺗب ﻋﻧﻪ وﻓﺎة اﻟﻣرﯾض وﯾﻌﺗﺑر أﺷد اﻟﺿرر ﻷﻧﻪ ﯾﺻﯾب اﻟروح ﻓﻘد ﯾﺗرﺗب‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب وﻓﺎة اﻟﻣرﯾض وذﻟك ﻛﺗﺄﺧر طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر اﻟﻣﺷرف ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض وﻫو‬
‫ﺗﺣت اﻟﺗﺧذﯾر أﺛﻧﺎء اﻟﺗدﺧل اﻟﺟراﺣﻲ ﺑﻌدم اﻹﺳراع واﻟﺳﻌﻲ ﻹﻓﺎﻗﺗﻪ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺟﻣود ﺧﻼﯾﺎ‬
‫اﻟﻣﺦ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣوت اﻟدﻣﺎغ‪ ،2‬ﻓﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗؤدي اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ إﻟﻰ وﻓﺎة‬
‫اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻫﻣﺎل وﻋدم اﻟﯾﻘظﺔ أو ﻋدم ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ وﻓق اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘرة واﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻲ اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬أو ﻋدم إﺗﺑﺎع اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اﻟﺿرر اﻟﻣؤدي ﻟﻠﻌﺟز‬
‫ﯾﻌرف ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻠك اﻹﺻﺎﺑﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ ﻣن ﻋﺟز ﺟﺳﻣﺎﻧﻲ ﺑﺈﺗﻼف‬
‫ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎء اﻟﺟﺳم أو اﻹﻧﻘﺎص ﻣﻧﻪ أو إﺣداث ﺟرح أو اﻟﺗﺳﺑب ﺑﺎﻟﻌﺟز اﻟداﺋم أو اﻟﺗﻌطﯾل‬
‫ﻋن اﻟﻌﻣل‪ ،3‬ﻓﻘد ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻌطﯾل ﻛﻠﻲ أو ﺟزﺋﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض وظﺎﺋف اﻟﺟﺳم وﺑذﻟك ﻫو اﻟﺿرر‬

‫‪1‬ﺑوﺧرس ﺑﻠﻌﯾد‪ ،‬ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب أﺛﻧﺎء اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪،‬ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬
‫و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري‪،‬ﺗﯾزي وزو‪ 2011،‬ص ‪. 104‬‬
‫‪2‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪59‬‬
‫‪3‬ﻋﻠﻰ ﻋﺻﺎم ﻏﺻن‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات زﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2010،‬ص‪.180‬‬

‫‪31‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟﻣرﯾض ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﻣرﺗﻛب ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺑﯾب ﺑﺳﺑب ﺳوء اﻟﻌﻼج واﻟﻌﻧﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻠﻘﺎﻫﺎ اﻟﻣرﯾض ﺑﻌﺎﻫﺔ ﻣﺳﺗدﯾﻣﺔ‪ ،‬وﻣﺛﺎل ذﻟك إﺗﻼف اﻟﻌﯾن ﺧطﺄ طﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻼج وﻓﻘدان‬
‫اﻟﺑﺻر ﻧﺗﯾﺟﺔ ذﻟك ﻫﻲ ﺻورة ﻣن ﺻور اﻟﻌﺟز اﻟﺟﺳﻣﺎﻧﻲ ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺿرر اﻟﻣﺎﻟﻲ أو اﻻﻗﺗﺻﺎدي‬
‫ﻫو اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟذﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﻣرﯾض‪ ،‬إذ ﯾؤدي إﻟﻰ إﻧﻘﺎص اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣوﺟﺑﺔ ﻓﯾﻬﺎ‪،‬‬
‫وﻗد ﻋﺑر ﻟذﻟك ﺗﻌﺑﯾرا دﻗﯾﻘﺎ اﻟﻔﻘﯾﻬﺎن "ﻣﺎزو و ﺗﺎﻧك" ﺑﻘوﻟﻬﻣﺎ‪" :‬ﻫو ﻛل ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ إﻧﻘﺎص اﻟذﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﻣﺿرور‪ ،1‬وﯾﺷﻣل ﻫذا اﻟﺿرر ﻣﺎ ﻟﺣق اﻟﻣرﯾض ﻣن ﺧﺳﺎرة ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻛﻣﺻﺎرﯾف اﻟﻌﻼج‬
‫واﻷدوﯾﺔ أو إﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻟو أدى اﻟﺗدﺧل اﻟﺟراﺣﻲ إﻟﻰ إﺻﺎﺑﺔ ﺳﺎق اﻟﻣرﯾض ﺑﺗﻌﻔن‬
‫ﻓﯾﻧﻔق ﻣﺑﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﺟل إﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ ‪،‬ﻛذﻟك دﻓﻊ ﻣﺑﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﯾﺔ أﺧرى ﻣﻘﺎﺑل إﻗﺎﻣﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﮐﺳب ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻌطﻠﻪ ﻋن اﻟﻌﻣل ﺧﻼل ﺧﺿوﻋﻪ ﻟﻠﻌﻼج‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻠﺣق اﻟﺿرر اﻟﻣﺎﻟﻲ ذوي اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﻌﺎﺋل ﻟﻬم أو ﻟﻣن‬
‫ﯾﺛﺑت أن اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﻛﺎن ﯾﻌوﻟﻪ وﻗت وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬إذ ﯾﺻﺎب أوﻻد اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﺑﺿرر ﻣﺎﻟﻲ ﺑﺳﺑب‬
‫ﺣرﻣﺎﻧﻬم ﻣن ﺣﻘﻬم ﻓﻲ ﻧﻔﻘﺔ واﻟدﻫم وﻧﻔس اﻟﺿرر ﻗد ﯾﺻﯾب أﻗﺎرب اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﻣﺗﻰ أﺛﺑﺗوا‬
‫ﺑﺄن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻛﺎن ﯾﻌوﻟﻬم ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو داﺋم وﻣﺳﺗﻣر وأن ﻓرﺻﺔ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ ذﻟك ﻛﺎﻧت‬
‫ﻣﺣﻘﺔ‪. 2‬‬
‫وﯾﺟﺗﻣﻊ اﻟﺿرر اﻟﻣﺎﻟﻲ واﻟﺟﺳدي ﻣﻌﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو أﺻﯾب ﺷﺧص ﺑﻌﺎﻫﺔ ﻣﺳﺗدﯾﻣﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺧطﺄ‬
‫‪3‬‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻓﯾﺷﻛو اﻟﻣرﯾض ﺿررا ﺟﺳدﯾﺎ ﻣﺗﻣﺛﻼ ﻓﻲ اﻟﻛﺳور وﺿررا ﻣﺎﻟﯾﺎ ﻣﺗﻣﺛﻼ ﻓﻲ ﻣﺑﺎﻟﻎ اﻟﻌﻼج‬

‫‪1‬ﺑن دﺷﺎش ﻧﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻧﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﺗﺧﺻص ﻋﻘود‬

‫وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻗﺳم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﻠﻲ ﻣﺣﻣد أوﻟﺣﺎج‪ ،‬اﻟﺑوﯾرة ‪ ، 2013‬ص ‪. 65‬‬
‫‪2‬ﻋﯾﺳﺎﺋﻲ رﻓﯾﻘﺔ ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻣراﻓق اﻻﺳﺗﺷﻔﺎﺋﯾﺔ‪،‬أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬
‫واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن‪ ،2016،‬ص ‪.268‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣد ﺻﺑري اﻟﺳﻌدي‪،‬اﻟواﺿﺢ ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟدﯾد اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻟﺗزاﻣﺎت واﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ‪ ،‬اﻟﺟزء‬
‫اﻷول ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ‪ ،‬دار اﻟﻬدی‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،2007،‬ص ‪83،28‬‬

‫‪32‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻧﻔﻘﺎت اﻷدوﯾﺔ وﺗﻌطﻠﻪ ﻋن اﻟﻌﻣل ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ اﻧﻘطﺎع دﺧﻠﻪ اﻟﺷﻬري ﻛﻣﺎ ﻟو ﺳﻘط ﺷﺧص ﻣن‬
‫ﻓوق طﺎوﻟﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت وﻫو ﺗﺣت اﻟﺗﺧذﯾر ﻓﺄﺻﯾب ﺑﻛﺳور ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺳﺎﻗﯾﻪ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي )اﻟﺿرر اﻷدﺑﻲ(‬
‫ﯾﻌرف اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﺑﺄﻧﻪ اﻷذى اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺷرﻓﻪ أو ﺳﻣﻌﺗﻪ أو ﺣرﯾﺗﻪ أو‬
‫ﻛراﻣﺗﻪ أو ﻋﺎطﻔﺗﻪ‪ ،‬أو ﻣﻛﺎﻧﺗﻪ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪،1‬وﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠذﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻘد ﯾﻛون ﻣﻘﺗرن ﺑﺄﺿرار ﻣﺎدﯾﺔ ﻓﯾﻠﺣق ﺑﺎﻟﻌﺎطﻔﺔ أو اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻵﻻم واﻷﺣزان اﻟﺗﻲ ﯾﺣدﺛﻬﺎ ﻫذا اﻟﻧوع‬
‫ﻣن اﻟﺿرر ﻓﻲ اﻟﻧﻔس‪.2‬‬
‫ﻓﻌﻠﯾﻪ ﯾﺗﻣﺛل اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﻲ اﻷذى اﻟذي ﯾﻠﺣق ﺑﺎﻟﻣﺿرور ﻓﯾﻣس ﻣﺷﺎﻋرﻩ وﺑﺈﺣﺳﺎﺳﻪ‬
‫وﻋﺎطﻔﺗﻪ‪ ،‬وﻫو اﻷﻟم اﻟﻧﻔﺳﻲ أو اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻧﺗﻘﺎص ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻵﻻم اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟﺗﺷوﯾﻪ اﻟذي ﺗﺗرﻛﻪ‬
‫اﻹﺻﺎﺑﺔ وﻗد ﯾﻛون أدﺑﯾﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻼﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻣﻌﺔ واﻟﺷرف ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻛون ﺿررا أدﺑﯾﺎ ﯾﺻﯾب‬
‫اﻟﻌﺎطﻔﺔ واﻟﺣﻧﺎن‪. 3‬‬
‫واﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ ﻫو ﻣﺳﺎس اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﺑﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣرﯾض‬
‫واﻟﺗﺳﺑب ﺑﺧطﺄ طﺑﻲ ﯾﻠﺣق ﺑﻪ اﻷذى وﯾﺑدو ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻵﻻم اﻟﺟﺳﻣﯾﺔ واﻟﻧﻔﺳﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋن‬
‫ذﻟك ﻣن ﺗﺷوﻫﺎت أو ﻋﺟز ﻓﻲ وظﺎﺋف اﻟﺟﺳم‪ ،‬وﯾﺧﺗﻠف ﺗﻘدﯾر ﻫذا اﻟﺿرر ﻣن ﺷﺧص إﻟﻰ آﺧر‪،‬‬
‫وﻣن ذﻛر إﻟﻰ أﻧﺛﻰ ﻓﺎﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟﻔﺗﺎة ﻏﯾر اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟﺷﺎب أو ﻋﺟوز أو‬
‫اﻟطﻔل‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣر ﯾﺗم ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﻛﻬﺎ اﻹﺻﺎﺑﺔ أو اﻟﻌﺟز ﻋﻧد اﻟﻣرﯾض ﻣﻊ اﻷﺧذ‬
‫ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻋﻣﻠﻪ وﺳﻧﻪ وظروﻓﻪ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﯾﺗﺧذ اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﺻورة أﺧرى ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺣرﻣﺎن ﻣن ﻣﻧﻊ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺷروﻋﺔ اﻟﻣﺗرﺗب ﻋن‬
‫ﻋدم ﻗدرة اﻟﻣﺗﺿرر اﻟﺟﺳدﯾﺔ أو اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ أو اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﯾش ﺣﯾﺎة ﻋﺎدﯾﺔ ﻣﺛﻠﻪ ﻣﺛل ﺑﺎﻗﻲ‬

‫‪1‬ﻣﻧذر اﻟﻔﺿل‪ ،‬اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻺﺗزاﻣﺎت ‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻹﻟﺗزام ‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪1994 ،‬‬
‫ص ‪302‬‬
‫‪2‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟدﯾد‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠد اﻷول‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻹﻟﺗزام اﻟطﺑﻌﺔ‬

‫اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻧﻬﺿﺔ ﻣﺻر ‪، 2011،‬ص ‪. 864‬‬


‫‪3‬ﻣﺣﻣد ﺻﺑري اﻟﺳﻌدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص‪83-82‬‬

‫‪33‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﺑﺷر ﺳواء ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﻘدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ أداء ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻣن أﻛل وﺷرب أو ﺣرﻣﺎن ﻣن اﻹﻧﺟﺎب‬
‫ﺑﺳﺑب ﻣﺎ أﺻﺎﺑﻪ ﻣن ﻋطل أﻋﺟزﻩ ﺟﺳدﯾﺎ‪.1‬‬
‫وﻣن ﺗطﺑﯾﻘﺎت ذﻟك اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﺿت ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎرﯾس ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 01‬ﻣﺎرس ‪1949‬‬
‫ﺗﺗﻠﺧص وﻗﺎﺋﻌﻬﺎ‪ ،‬أن طﺑﯾب وﺿﻊ اﻟﺟﺑس ﻋﻠﻰ ﻗدم ﻣرﯾض ﻓﺄﺧذ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺻرخ ﻣن ﺷدة اﻷﻟم‬
‫طوال اﻷﯾﺎم اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻏﯾر ﻋﺎدي وﻟم ﯾﻌر اﻟطﺑﯾب أي اﻫﺗﻣﺎم ﻟﻬذﻩ اﻵﻻم ﻣﻣﺎ أدى ﺑﻌد ﻣرور‬
‫أﯾﺎم إﻟﻰ ﺷﻠل ﺣرﻛﺔ أﻋﺻﺎب اﻟﻘدم واﻷوﻋﯾﺔ اﻟدﻣوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻐذﯾﻬﺎ ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺣدوث ﻛﻧﻐرﯾﻧﺎ‬
‫‪ "Gangrine‬ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻬﺎ إﻻ ﺑﺑﺗر اﻟﺳﺎق وﻛﺎن ﺳﺑب ﻫذا اﻟﺑﺗر ﻫﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟﻣﺗﻌددة ﻣن‬
‫ﻗﺑل اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ‪.2‬‬
‫وﻗد ﯾﺣدث اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن اﻟﺿرر اﻟﺟﺳدي اﻟذي ﻟﺣق ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻣﺛل ﻋدم اﺣﺗرام‬
‫ﻛراﻣﺔ اﻟﻣرﯾض وﻋرﺿﻪ وﺷرﻓﻪ أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻓﺷﺎء اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻷﺳرار اﻟﻣرﯾض ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﺻﯾب اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﺳﻣﻌﺗﻪ واﻋﺗﺑﺎرﻩ‪.3‬‬
‫ﻟﻘد ﺛﺎر ﺧﻼف ﺑﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣدى اﻷﺧذ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﻘد‬
‫ﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1382‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ وﺟوب اﻟﺗﻌوﯾض‬
‫ﻋن ﻛل ﻓﻌل ﯾﺳﺑب ﺿررا وﯾﻼﺣظ ﻣن ﻫذا اﻟﻧص أﻧﻪ ﺟﺎء ﻣطﻠﻘﺎ وﻟم ﯾﺣدد ﻧوع اﻟﺿرر ﻣﻣﺎ ﺟﻌل‬
‫اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻩ وﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن‪:4‬‬
‫اﻟﻔرﯾق اﻷول‪ :‬ذﻫب إﻟﻰ أن اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻏﯾر ﻣﻣﻛن ﻷﻧﻪ ﻏﯾر ﻣﺎدي ﻓﯾﺳﺗﺣﯾل‬
‫ﺗﻘوﯾﻣﻪ ﻧﻘدا‪ ،‬وأﻧﻪ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻣﻧﺣﻧﺎ اﻟﻣﺿرور ﺿررا ﻣﻌﻧوﯾﺎ ﻣﺑﻠﻐﺎ ﻧﻘدﯾﺎ ﻛﺗﻌوﯾض ﻋن اﻷﻟم واﻟﺣزن‬
‫ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﻋن اﻷﻟم واﻟﺣزن‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2006،‬ص ‪.166،165‬‬


‫‪2‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎء ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﺿﺎء واﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪3‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪. 766‬‬
‫‪4‬ﻣﻘدم اﻟﺳﻌﯾد ‪،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،1992 ،‬ص‪.52‬‬

‫‪34‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻔرﯾق اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ذﻫب اﻟﻔرﯾق اﻟﺛﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي اﻟذي ﯾﺟوز ﺗﻌوﯾﺿﻪ‬
‫واﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي اﻟذي ﻻ ﯾﺟوز ﻓﯾﻪ ذﻟك واﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣد ﻟﻬذا اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﻘﺻر‬
‫اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ ﺿرر ﻣﺎدي وﻻ ﯾﻌوض إﻻ ﻫذا اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي‬
‫وﺣدﻩ‪ .‬وﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﺣﺻر اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟﺷرف واﻹﻋﺗﺑﺎر ﻷﻧﻪ‬
‫ﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾﺟر إﻟﻰ ﺿرر ﻣﺎدي وﻻ ﯾﺟﯾزﻩ ﻓﻲ اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟﻌﺎطﻔﺔ ﻷﻧﻪ ﺿرر‬
‫ﻣﻌﻧوي ﻻ ﯾؤدي أي ﺿر ر ﻣﺎدي‪.1‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻘد ﺟﺎﻋت اﻟﻣﺎدة ‪ 124‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري اﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 1382‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﺎﻣﺔ وﻣطﻠﻘﺔ ﻻ ﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي‬
‫واﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي‪.‬‬
‫ﻓذﻫب رأي اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ أن ﻋدم وﺟود ﻧص ﻋن اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‬
‫اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري ﻻ ﯾﺳﻌﻪ أن ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣﻧﻪ اﻧﺗﻘﺎء اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر ﻷن اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺗﻔﺳﯾر‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬ﺑﺎﻻ ﻧﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺿرر اﻟﻣﺎدي واﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﻧون أﻣﺎ ﺑﻌد ﺗﻌدﯾل اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ﺗدارك اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أي ﺿرورة ﺑﺳﺑب اﻟﻔراغ‪ 2‬اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺣﯾث اﺳﺗﺣدث‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 182‬ﻣﻛرر اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪ :‬ﯾﺷﻣل اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي ﻛل ﻣﺳﺎس‬
‫ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ أو اﻟﺷرف أو اﻟﺳﻣﻌﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي‪.3‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﺗﻔوﯾت اﻟﻔرﺻﺔ‬
‫إن اﻟﻔرﺻﺔ ﺗﻌد أﻣرا ﻣﺣﺗﻣﻼ إﻻ أن ﺗﻔوﯾﺗﻬﺎ ﯾﻌد أﻣرا ﻣﺣﻘﻘﺎ ﯾﺟب اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻪ وﺗﻔوﯾت‬
‫اﻟﻔرﺻﺔ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﺣﺗﻣل‪ ،‬ﻓﺎﻟﺿرر اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻏﯾر ﻣؤﻛد اﻟوﻗوع ﻓﻘد ﯾﻘﻊ وﻗد ﻻ ﯾﻘﻊ‪،‬‬

‫‪1‬ﻓرﯾﺣﺔ ﻛﻣﺎل‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص‪ ،‬ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ‬
‫اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣدرﺳﺔ اﻟدﻛﺗورة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو‪2012،‬‬
‫ص ‪. 288‬‬
‫‪2‬ﯾن دﺷﺎش ﻧﺳﯾﻣﺔ اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪67‬‬
‫‪3‬ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 10-05‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 20/07/2005‬ﯾﻌدل وﯾﺗﻣم اﻷﻣر رﻗم ‪ ،75/58‬اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺟر‪،‬ج ‪،‬ج اﻟﻌدد ‪44‬‬
‫‪. 2006‬‬

‫‪35‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻟذﻟك ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻪ أﻣﺎ ﺗﻔوﯾت اﻟﻔرﺻﺔ ﻓﻬو ﺿرر ﻣﺣﻘق ﯾﺻﯾب اﻟﻣرﯾض ﻣﺎدام ﻗد‬
‫ﺗرﺗب ﻋن ﺧطﺄ أو إﻫﻣﺎل ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻓﺗﻘﺎر إﻟﻰ ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻣﺳﺑﻘﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻋن‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻟﻠﻣرﯾض اﻷﻣل ﻓﻲ ﻧﯾل اﻟﺷﻔﺎء‪.1‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﺣرﻣﺎن اﻟﺷﺧص ﻣن ﻓرﺻﺔ ﻛﺎن ﯾﺣﺗﻣل أن ﺗﻌود ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻛﺳب ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻔﻌل‬
‫اﻟﺿﺎر اﻟذي ﻗﺿﻰ ﻋن اﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔرﺻﺔ‪. 2‬‬
‫وﻗد اﺳﺗﻘر اﻟﻔﻘﻪ و اﻻﺟﺗﻬﺎد ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا ﺻدر ﻋن اﻟطﺑﯾب ﺧطﺎ ﻓوت ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ﻓرﺻﺔ‬
‫اﻟﺷﻔﺎء أو اﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة أو ﺗﺟﻧب اﻟوﻻدة ﻏﯾر اﻟﻣﻌﺎﻗﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻠزم ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﺟزﺋﯾﺎ ﻋن‬
‫اﻟﺿرر اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ اﻟذي ﺣل ﺑﺎﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﻟذا ﯾرﻋﻰ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻠﻰ ﻓوات اﻟﻔرﺻﺔ ﻣدى‬
‫اﺣﺗﻣﺎل اﻟﻛﺳب اﻟذي ﺿﺎع ﻋن اﻟﻣﺗﺿرر ﻣن ﺟراء ﺗﻔوﯾت اﻟﻔرﺻﺔ ﻋﻠﯾﻪ ‪.3‬‬
‫ﻓﻔوات اﻟﻔرﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض واﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن اﺣﺗﻣﺎل ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة أو ﺗﺟﻧب ﺑﻌض اﻷﺿرار‬
‫اﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘت ﺑﻪ ﺗﺟﻌل ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘدر درﺟﺔ اﺣﺗﻣﺎل اﻟﺷﻔﺎء أو اﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة‬
‫ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﺣﺻل وﻣن ﺛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻧﺎﺳب وﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك أن ﯾﺳﺗﻌﯾن‬
‫ﺑرأي أﻫل اﻟﺧﺑرة ﻣن اﻷطﺑﺎء ‪.4‬‬
‫وﻗد طﺑق اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺑدأ ﻓوات اﻟﻔرﺻﺔ ﻓﻲ ﻋدة ﻣﻧﺎﺳﺑﺎت‪ ،‬ﺣﯾث أﻗرت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﺳﺗﺋﻧﺎف‬
‫ﺑﺎرﯾس ﻓﻲ ﻏرﻓﺗﻬﺎ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1992/01/23‬أن ﻣوت اﻟﻣرﯾﺿﺔ اﻟﻣﺻﺎﺑﺔ ﺑﺣﺳﺎﺳﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﻧﺗﺞ أﯾﺿﺎ ﻣن اﺳﺗﻌﻣﺎل أي ﻧوع آﺧر ﻣن اﻟدواء وﻟﻛن اﻟﻠﺟوء اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺧذر‬
‫إﻟﻰ اﻟﺗﺧذﯾر ﻋن طرﯾق ﻣﺎدة "اﻷﻟﻔﺎﺋزون ‪ ' Alfatisine‬اﻟﺗﻲ ﺗﻌد وﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟﺗﺧذﯾر‬
‫ﻣﻌروﻓﺔ اﻟﻣﺧﺎطر‪ ،‬ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت زاد ﺑذﻟك ﻣﺧﺎطر واﺣﺗﻣﺎﻻت ﺣدوث ﻫذا اﻟﺣﺎدث وﺑذﻟك‬

‫‪1‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون‬
‫ﺟﻧﺎﺋﻲ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ،2015،‬ص ‪.55‬‬
‫‪2‬أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﻣوﺳﻰ اﻟﺻراﯾرة‪ ،‬اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪،‬دار ﻟﻠﻧﺷر و‬
‫اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻷردن‪، 2005،‬ص‪.141‬‬
‫‪3‬ﻓرﯾﺣﺔ ﻛﻣﺎل ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪،‬ص ‪275‬‬
‫‪4‬ﻏﺿﺑﺎن ﻧﺑﯾﻠﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪،‬ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و‬
‫اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻬﻣري‪ ،‬ﺗﯾزي وزو‪ ، 2009 ،‬ص ‪. 164‬‬

‫‪36‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻓﺈن اﻟﻣرﯾﺿﺔ ﻗد ﻓﺎﺗت ﻓرﺻﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﯾﻌد اﻟﺿرر ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻊ ﺗﺳرع طﺑﯾب‬
‫اﻟﺗﺧدﯾر‪.1‬‬
‫ﻟﻘد أﺷﺎر اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 182‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر إﻟﻰ ﺗﻔوﯾت اﻟﻔرﺻﺔ‬
‫)ﻓرﺻﺔ اﻟﻛﺳب( ﻣﻊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت اﻟﻔرﺻﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ وﺟدﯾﺔ ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬ﺷروط اﻟﺿرر‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺎﻋل اﻟطﺑﯾب ﺟزاﺋﯾﺎ وﯾﺣﻛم ﻟﻠﻣرﯾض ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﯾﺟب أن ﺗﺗواﻓر ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻵﺗﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ /1‬اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﺔ‬
‫ﻻ ﯾﻛﻔﻲ وﻗوع اﻟﺿرر ﺣﺗﻰ ﯾطﺎﻟب اﻟﻣﺿرور اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻪ‪ ،‬إﻧﻣﺎ ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻣس ﺣﻘﺎ ﻣﻛﺗﺳﺑﺎ‬
‫أو ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﺔ ﻟﻪ ﻏﯾر ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم واﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬إذ ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻌدة ﺣﻘوق‬
‫ﯾﺣﻣﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻛﺎﻟﺣق ﻓﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﯾﺎﺗﻪ‪ ،‬وﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﻪ‪ ،‬وأن ﯾﻛون ﻫذا اﻻﻋﺗداء ﻗد اﻧﺻب ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﯽ ﺟدﯾر ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ‪ ،2‬ﻓﺎﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟذي ﯾﺻﯾب ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻌد‬
‫إﺧﻼﻻ ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﺣق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺗﻛﺎﻣل ﺟﺳﻣﻪ اﻟذي ﯾﺣﻣﯾﻪ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬و اﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎن‬
‫ﻫذا اﻟﺿرر ﯾﺳﺑب إﺧﻼﻻ ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ وﺷرط اﻹﺧﻼل ﻣﺗواﻓر ﻓﻲ اﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﺿرر‬
‫اﻟطﺑﻲ‪.3‬‬
‫‪ /2‬أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻣﺣﻘﻘﺎ‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺿرر ﻣﺣﻘﻘﺎ إذا ﻛﺎن‪ ،‬ﺣﺎﻻ أي وﻗﻊ ﻓﻌﻼ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻛون اﻓﺗراﺿﺎ أو اﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺎ وﻟﻛﻲ ﯾﻛون‬
‫ﺑﻌد اﻟﺿرر ﻣﺣﻘﻘﺎ وﺟب إﺛﺑﺎت أن اﻟﻣرﯾض ﻛﺎن ﻟدﯾﻪ اﻷﻣل ﻓﻲ اﻟﺷﻔﺎء‪ ،‬وأن ﻫذا اﻟﺿرر اﻟذي‬
‫وﻗﻊ ﻛﺎن أﺛﻧﺎء اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻌدم وﻓﺎء اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬وﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺿرر اﻟذي‬

‫‪1‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪. 61‬‬


‫‪2‬ﻋﯾﺳﻲ ﻟﻌﻼوي ‪ ،‬اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻺدارة ‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗر ﻓﻲ اﻹدارة واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻌﻬد اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم‬

‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻹدارة ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ‪، 1979،‬ص ‪.31‬‬


‫‪3‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص ‪55‬‬

‫‪37‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﻓﻘدان اﻟﻣرﯾض ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎء ﺟﺳﻣﻪ‪،‬أو أن ﯾﻛون ﻣؤﻛد اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل وﻣﺛﺎﻟﻪ‬
‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻣرﯾض ﺑﻌﺎﻫﺔ اﻟﻌﻣﯽ‪.‬‬
‫وﺗﺛﺑت اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟطﺑﯾﺔ أﻧﻪ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ أو ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺟراﺣﯾﺔ ﻟﻣﻧﻊ وﻗوع ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت‪ .‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺿرر اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ واﻟﺿرر اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻓﺎﻟﺿرر‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ ﻫو ﺿرر وﻗﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل‪ ،‬ﻟﻛن آﺛﺎرﻩ ﺳﺗظﻬر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪ ،‬ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺿرر اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻫو‬
‫ﺿرر ﻏﯾر ﻣﺣﻘق ﻗد ﯾﻘﻊ أو ﻻ ﯾﻘﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب إﻻ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘﻊ‪.1‬‬
‫‪ /3‬أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻣﺑﺎﺷرا‬
‫وﻫو أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻧﺎﺗﺟﺎ ﻋن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬اﻟذي ﻻ ﯾﺳﺎل إﻻ ﻋن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺗدﺧﻠﻪ اﻟطﺑﻲ‪،‬‬
‫ﻓﺎﺷﺗراط أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻣﺑﺎﺷرا ﻟﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻟﯾس ﺷرطﺎ ﺧﺎﺻﺎ‪ ،‬ﺑل ﻫو‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ ﻟرﻛن اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻓﺎﻟﺿرر اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻫو ﻛﺄﺣد اﻟﺷروط اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺿرر اﻟﻘﺎﺑل ﻟﻠﺗﻌوﯾض‬
‫وﻛذا ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻫو ذﻟك اﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻻﻟﺗزام اﻟﻌﺎم‬
‫اﻟﻣﻔروض ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب وﻫو اﻟﺗزام اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر‪ ،‬وﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻻﻟﺗزام اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺑدل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﻼزﻣﺔ‪.2‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬
‫أوﻻ ‪ :‬ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ‬
‫ﻫﻲ ﻫﻣزة اﻟوﺻل ﺑﯾن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ واﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻛﯾﺎﻧﺎ‬
‫ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ واﺣدا ودوﻧﻬﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺳﻧﺎد اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﺳﻠوك اﻟﺟﺎﻧﻲ اﻟﺳﻠﺑﻲ أو اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ‬
‫واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻫﻲ ﻋﻧﺻر ﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻠﺟراﺋم اﻟﻌﻣدﯾﺔ وﻏﯾر اﻟﻌﻣدﯾﺔ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﻲ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﯾﺛﺎر اﻟﺑﺣث ﺑﺧﺻوﺻﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺟراﺋم ذات اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ واﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﺗﻐﯾﯾرا ﻓﻲ اﻟﻌﻠم اﻟﺧﺎرﺟﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻟﯾﺳت‬

‫‪1‬ﻋﯾﺎﺷﻲ ﻛرﯾﻣﺔ ‪ ،‬اﻟﺿرر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ ‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري‪ ،‬ﺗﯾزي وزو‪،‬اﻟﺟزاﺋر ‪-2010،‬‬
‫‪،2011‬ص ‪32‬‬
‫‪2‬ﻏﺿﺑﺎن ﻧﺑﯾﻠﺔ ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 107‬‬

‫‪38‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻋﻧﺻرا داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟراﺋم‪ ،‬وﻻ ﯾﺛﺎر ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ اﻟﺟدل إﻻ ﻓﻲ اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺟرﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ‪.‬‬
‫ﻏﯾر أن إﺳﻧﺎد اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ وﺣدﻩ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻻ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟوﺿوح‪ ،‬ﻷن ﻫﻧﺎك ﻋواﻣل‬
‫أﺧرى ﺗﺗداﺧل إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ ﻓﺎﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ أﺛﺑت ﺑﺄن اﻟﺿرر اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﯾﻧﺗﺞ ﻋن‬
‫ﻋدة ﻋواﻣل‪ ،‬وﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻧطﻘﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ إﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬ﻓﻣن‬
‫ﻏﯾر اﻟواﻗﻌﻲ أن ﺗﻧﻔرد ﺣﺎدﺛﺔ أو واﻗﻌﺔ واﺣدة ﺑﺈﺣداث ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻧظرا ﻟﺗﻌدد اﻟوﻗﺎﺋﻊ وﺗﺷﺎﺑﻛﻬﺎ‬
‫وﺗﻌﺎﻗﺑﻬﺎ ﻓﻲ أﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟواﺣدة‪ ،‬وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾظﻬر اﻟدور اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‬
‫اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﺣﯾث أﻧﻬﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣد ﻣن ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﺑﻌﺎدﻫﺎ ﻛل ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻ ﺗرﺗﺑط‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻌل ارﺗﺑﺎطﺎ ﺳﺑﺑﯾﺎ وﻟو ﻛﺎن اﻟﻔﻌل ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﻏﯾر ﻣﺷروع‪ ،‬وﺗواﻓر ﻟدى ﻣرﺗﻛﺑﻪ اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫اﻟﻣﺗطﻠب ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ 1‬وﻻ ﺗﻘوم ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ إﻻ ﺑﺎﺟﺗﻣﺎع اﻟظروف اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:2‬‬
‫‪ ‬أن ﻧﻛون ﺑﺻدد ﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺎدﯾﺔ أي ذات ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻛﺎﻟﻘﺗل ﺳواء ﻛﺎن ﻋﻣدا أو ﺧطﺎ‪ .‬أن ﯾوﺟد ﺑﯾن‬
‫اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻣﺎدي اﻹرادي ﻟﻠﻔﺎﻋل‪ ،‬وﺑﯾن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﺎﺻل زﻣﻧﻲ طﺎل أو ﻗﺻر‪.‬‬
‫‪ ‬أن ﯾﺗدﺧل ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﻫذا اﻟﻔﺎﺻل ﻋﺎﻣل أو أﻛﺛر ﻣﺳﺗﻘل ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻣﺎدي اﻹرادي‬
‫ﻟﻠﻔﺎﻋل ﯾﺳﺎﻫم ﻣﻌﻪ ﻓﻲ أﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺗﻔﺗرض ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺿرار اﻟﻣﺑﺎﺷرة واﻟﻔورﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﻧﺷﺎط‬
‫اﻹﺟراﻣﻲ ﺑﻔﻌل اﺗﺻﺎل اﻟﺿرر اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻟﻣﺎدي اﻟﻣﻛون ﻟﻠﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،3‬ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟو ﺣﻘن اﻟﺟﺎﻧﻲ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻔﯾروس وﺗوﻓﻲ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻟﺿﻌف اﻟﺟﻬﺎز اﻟﻣﻧﺎﻋﻲ‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﻗد ﻻ ﺗﺗرﺗب اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﺗﺗدﺧل ﻋواﻣل‬
‫أﺧرى ﻟﺗﺻﺑﺢ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻋﻧﺻرا ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ﻗﺎﺋﻣﺎ ﺑذاﺗﻪ‪ ،‬وﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺎدي اﻟﻼزم ﻟﻠرﺑط ﺑﯾن‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود ﻧﺟﯾب ﺣﺳﻧﻲ‪،‬ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ‪،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬ﻣطﺑﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة و اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪،‬ﻣﺻر‪1998،‬‬
‫ص ‪194‬‬
‫‪2‬ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود اﻟﺳﻌودي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬دار اﻟرﺿوان‪ ،‬اﻷردن‪ 2015 ،‬م‪31 ،‬‬
‫‪3‬ﻓوزﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﺳﺗﺎر‪ ،‬اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺧطﺄ ﻏﯾر اﻟﻌﻣدي‪،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،1977،‬ص ‪224‬‬

‫‪39‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫اﻟﻔﻌل واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻓﻬذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﺎﻋد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺳﻠوك اﻟزﻣﻧﻲ ﻋن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ واﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺟﻌل ﻣن اﻹﺳﻧﺎد اﻟﻣﺎدي ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺷرط أوﻟﻪ و وﺟود واﻗﻌﺔ إﺟراﻣﯾﺔ ﻣﺻدرﻫﺎ اﻟﻧﺷﺎط اﻹرادي‬
‫ﻟﻣﺗﻬم ﻣﻌﯾن أﻣر ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺻﻌوﺑﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو ﻧﻘل ﻟﻠﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻋﺿو ﻣﻠوث ﺛم اﻛﺗﺷف ذﻟك ﺑﻌد‬
‫ﻋدة ﺳﻧوات‪ ،‬ﻓﻛﯾف ﯾﺛﺑت أن ﻣﺻدر اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧﻘل اﻟﻌﺿو ﺧﺎﺻﺔ وان اﻟطب ﻟم‬
‫ﯾﺗوﺻل إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺄﺛر رﺟﻌﻲ‪ ،‬وا ٕ ن ﺗم ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺛﺑت أن ﻫذا‬
‫اﻟﻔﻌل دون ﻏﯾرﻩ ﻫو اﻟذي أﺣدث اﻹﺻﺎﺑﺔ‪.1‬‬
‫وﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﺗﺑدأ ﺑﻔﻌل اﻟﻣﺳﺑب‪ ،‬وﺗرﺗﺑط ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ﺑﻣﺎ‬
‫ﯾﺟب أن ﯾﺗوﻗﻌﻪ ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻟﻔﻌﻠﻪ‪ ،‬وﺑذﻟك ﺗﺗﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻣن ﻋﻧﺻرﯾن‪:‬‬
‫‪ -‬اﻟﻌﻧﺻر اﻷول‪ :‬اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻل ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻔﻌل واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬أي أن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت‬
‫ﻟﺗﺣدث ﻟوﻻ أن اﻟﻔﻌل ﻟم ﯾرﺗﻛب‪ ،‬وﻫذا اﻟﻌﻧﺻر ﺗظﻬر أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ‪ 2‬ﺗﻌﺎدل اﻷﺳﺑﺎب‪.‬‬
‫‪-‬اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻫو ﺗواﻓر ﻋﻼﻗﺔ ذﻫﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﺎﻧﻲ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﯾﻛون ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ إﺿﻔﺎء وﺻف‬
‫اﻟﺧطﺄ ﻋن طرﯾق ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ واﻟﺧروج ﻣن داﺋرة اﻟﺗﺑﺻر‪ ،‬وا ٕ ﻟﺣﺎق اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻐﯾر ﯾﻌﻧﻲ أﺧﻼل‬
‫اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑواﺟﺑﺎت اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ وﻫذا اﻟﻌﻧﺻر ﻻ ﯾﺗواﻓق إﻻ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬
‫ﻟﻠﻌواﻗب اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ ﻓﺎﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣﻌﻧوي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﯾن ﻫﻣﺎ إﺧﻼل ﺑواﺟﺑﺎت‬
‫اﻟﺗﺑﺻر ﺑﺎﻟﻌواﻗب واﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت ﻣﻧﻬﺎ وﻛذﻟك اﻧﺻراف ذﻟك إﻟﻰ اﻟﻌواﻗب اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻟﺳﻠوﻛﻪ دون ﻏﯾرﻫﺎ‬
‫ﻣن اﻟﻌواﻗب اﻷﺧرى ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ‪.3‬‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﺻدﻗﻲ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ واﻟراﺑط اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﺟراﺋم اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس واﻷﺑدان‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻟﺗﺣدﯾد‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺎﻧون واﻻﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻋد‪ ،2001 ،71‬ص ‪299‬‬
‫‪2‬ﻣن أﻫم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻗﯾﻠت ﻓﻲ ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﯾﻧﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻘرر اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ أﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺗﻘوم ﺑﯾن ﻓﻌل اﻟﺟﺎﻧﻲ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ إذا ﺗﺛﺑت أن ﻋﺎﻣل ﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﺣداﺛﻬﺎ وﻟو ﻛﺎن ﻧﺻﯾﺑﻪ ﻣن اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ‬
‫ﻣﺣدودا وﺳﺎﻫﻣت ﻣﻌﻪ ﻋواﻣل ﺗﻘر ﻗﻪ ﻓﻲ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﺳﺎﻣون ﺳﻼﻣﺔ ﺷرح ﻗﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣرج اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪. 280‬‬
‫‪3‬أﺣﻣد ﺷوﻗﻲ‪ ،‬أﺑو ﺧطوة‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪142‬‬

‫‪40‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻫذا ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ‪ 1‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﻧﻘطﻊ ﺑﺳﺑب ﺗدﺧل‬
‫ﻋواﻣل أﺧرى ﻓﻲ إﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ داﻣت ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﻣﺄﻟوﻓﺔ وﻣﺗوﻗﻌﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺟرى اﻟﻌﺎدي‬
‫ﻟﻸﻣور‪ ،‬واﻟﻌﻛس إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻌواﻣل ﻏﯾر ﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺷﺎط واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻛون‬
‫ﻣﻧﺗﻔﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﺗﺣدﯾد راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ ﯾﻌد ﻣن اﻷﻣور اﻟﻌﺳﯾرة واﻟﺻﻌﺑﺔ‪ ،‬وﻫذا‬
‫راﺟﻊ إﻟﻰ ﺗﻌﻘد اﻟﺟﺳم اﻟﺑﺷري وﺗﻐﯾﯾر ﺣﺎﻻﺗﻪ وﺧﺻﺎﺋﺻﻪ‪ ،‬وﻣن اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ﻣﺎ ﻗﺿﯽ ﺑﻪ ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء اﻟروﯾﺑﺔ ﺑﺈداﻧﺔ طﺑﯾب أطﻔﺎل‬
‫واﻟﺻﯾدﻟﻲ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻣدة ‪ 08‬أﺷﻬر ﻧﺎﻓذة ﻹﻫﻣﺎﻟﻪ وﻋدم ﺣﯾطﺗﻪ ﻋﻧد ﺗﺣرﯾر وﺻﻔﺔ طﺑﯾﺔ دون‬
‫إﯾﺿﺎح طرﯾﻘﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟدواء اﻟﻣﺣرر ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺣﯾث وﺻف ﻟﻪ دواﻋﯾن ﻣﺗﺿﺎدﯾن أﺣدﻫﻣﺎ ﻣﻧﺷط‬
‫ﻟﻸﻋﺻﺎب واﻵﺧر ﻣﻬدي ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻋﻧد اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﻣن طرف أم اﻟطﻔل ﺗوﻓﻲ اﻟوﻟد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﺷﻧﺞ‬
‫ﻋﺿﻠﻲ وﻧوﺑﺎت ﻋﺻﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺟزم واﻟﯾﻘﯾن وﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻟﺷك ﻓﺈذا وﺟد ﺷك ﺑﻧﺳﺑﺔ‬
‫ﻗﻠﯾﻠﺔ ﺑﺄن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻟﯾس ﻫو اﻟذي أدى اﻟﺣدوث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺿﺎرة ﻓﺈن ﻻ ﺑد ﻣن إﻋﻔﺎﺋﻪ‬
‫ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أن اﻟﺷك ﯾﻔﺳر ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗﻬم‪ ،‬ﻫذا ﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ‬
‫اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄن راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗب اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻫﻲ ﺗﺛﺑت ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﯾﻘﯾن‬
‫وﻟﯾس ﻣﺟرد اﻟﺷك واﻻﺣﺗﻣﺎل‪.2‬‬
‫ﻓﯾﺟب اﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﻛن اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻛﺷرط ﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬أي ﺑﺗواﻓر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر‬
‫ﻷن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح ﺗﺗﺣﻘق ﻟو وﻗﻊ إﻫﻣﺎل ﺣﯾث أن اﻟﻣرﯾض ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ إﺟراء‬
‫ﻓﺣص ﺑﺎﻷﺷﻌﺔ ﻹظﻬﺎر ﺳﺑب اﻵﻻم اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﻪ‪ ،‬وﻣن ﺛم ﯾﻛون إﻟﺣﺎق اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﺳﺑﺑﻪ ﻫذا‬
‫اﻹﻫﻣﺎل‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻘﻊ إﺛﺑﺎت ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟذي وﻗﻊ ﻣن اﻟطﺑﯾب واﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣق‬
‫ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق ﻫذا اﻷﺧﯾر‪ ،‬وﻟﻪ أن ﯾﻠﺟﺎ ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟوﺳﺎﺋل‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن أﻫل اﻟﺧﺑرة‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد زﻛﻲ أﺑو ﻋﺎﻣر ‪ ،‬ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬اﻟﻧﺷر اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،1996 ،‬ص‪.116‬‬
‫‪2‬أﺣﻣد ﻋوض ﺑﻼل‪ ،‬ﻣﻬﺎدی ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،2006 ،‬ص‪61‬‬

‫‪41‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫واﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻬم دورا ﻣﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل‪ ،‬ﺣﯾث ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﻋن طرﯾﻘﻬم ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎ إن ﻛﺎن‬
‫ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر‪.1‬‬
‫ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟدﻻﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺑت ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑل وﻋﻠﻰ أﻫل اﻟﺧﺑرة ﻣن‬
‫اﻷطﺑﺎء ﺑﺳﺑب اﻷﺿر ار اﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻓﻣﺎذا ﯾﻔﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ إذن ﻟﺗﺣدﯾد راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻐﯾر واﺿﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن؟‬
‫أﺻﺎب اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﺟﻣود واﻟﺣﯾرة أﻣﺎم اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﻼج ﻓﻣﺎﻟت إﻟﻰ‬
‫اﻟﺗﺷدد ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻣﻘررة اﺳﺗﺑﻌﺎدﻫﺎ طﺎﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻗﺎطﻌﺔ أن ﺧطﺄ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻗد ﺗﺳﺑب ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر‪ ،‬ﻓﻘد ﻗﯾل أن اﻟطب ﻟم ﯾﺻل ﺑﻌد إﻟﻰ ﺣد اﻟﻛﻣﺎل ﻓﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣرض ﺗﺎﻓﻬﺎ واﻟﻌﻼج واﺿﺣﺎ وﻣﻌروﻓﺎ ﻓﻠﯾس ﻫﻧﺎك طﺑﯾب ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺿﻣن اﻟﺷﻔﺎء ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﯾؤدي إﻟﻰ إﻓﻼت ﺟﻣﯾﻊ اﻷطﺑﺎء ﻣن ﻛل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﺣﺻر ﻗﯾﺎم ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ إذا ﻛﺎن‬
‫ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﻔوت ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ﻓرﺻﺔ اﻟﺷﻔﺎء اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‪.2‬‬
‫ﯾرﺟﻊ ﺗﻘدﯾر ﻫذﻩ اﻟﻔرﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺳﯾر اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻸﻣور ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻣرﯾض ودرﺟﺔ ﺗﻘدم اﻟﻣرض ﻓﻲ ﺟﺳﻣﻪ وﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدﻗﺔ واﻟﻣﻼﺣظﺔ إﻻ أﻧﻪ‬
‫ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻔرق ﺑﯾن ﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ أﺧطﺎء اﻟﺑﺷر وﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻗﺿﺎء اﷲ وﻗدرﻩ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺗﺗﺑﻊ أﺛﺎر اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺛﺑت أن اﻟﻣرض ﻓﻲ ﺳﯾرﻩ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻛﺎن ﻣؤدﯾﺎ ﺣﺗﻣﺎ ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﺳواء أﺟرﯾت‬
‫ﻟﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ أو ﻻ إﻟﻰ اﻟوﻓﺎة‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﺳﺄل اﻟﺟراح ﻋن ﻣوت اﻟﻣرﯾض أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﻣرﯾض ﺗﺑﻌث ﻋﻠﻰ اﻻطﻣﺋﻧﺎن إﻟﻰ ﺷﻔﺎﺋﻪ ﻓﺈن أي ﺧطﺄ ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﯾﻛون ﻗد ﻓوت ﻓرﺻﺔ‬
‫اﻟﺷﻔﺎء وﻫﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺿرر ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑراﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ وﺗﻛون ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺗﺣﻣﯾﻠﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪.3‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود ﻧﺟﯾب ﺣﺳﻧﻲ‪،‬ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻘﺳم اﻟﺧﺎص ‪،،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪،‬ﻣﺻر‪ ،1988،‬ص ‪. 118‬‬
‫‪2‬ﺛروت ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد‪ ،‬ﺗﻌوﯾض ﻟﻠﺣوادث اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2007 ،‬ص‪.142‬‬
‫‪3‬أﺣﻣد ﻋوض ﺑﻼل‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪58 82‬‬

‫‪42‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻗد ﺗﺗداﺧل ﻋواﻣل أﺧرى ﻣﻊ ﻧﺷﺎط اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ أﺣداث اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻓﯾؤﺛر ﻓﻲ ﻣﻌﯾﺎر‬
‫ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻧﺷﺎط اﻟطﺑﯾب‪ ،‬وﻟﻛن ﻫﻧﺎك ﺗﺄﺛﯾر ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗوﻗﻊ اﻟطﺑﯾب ﻟﻬذﻩ‬
‫اﻟﻌواﻣل أﯾﺿﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل دﻓﻌت إﻟﻰ ﺣدوث اﻟﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض‪ ،‬وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل‬
‫ﻣﺗوﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬ﻓﺈن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ وﻫذا اﻟﺿرر ﻻ ﺗﻧﺗﻔﻲ ﺑل ﺗﻘوم ﻟﺗﺄﻛد‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب طﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗﻪ ﺗوﻗﻌﻬﺎ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻌﺔ‬
‫ﻟﻠطﺑﯾب اﻧﺗﻔت ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ وﺿرر اﻟﻣرﯾض ﺑﺷرط ﻋدم اﻹﺧﻼل ﺑﻣﻌﯾﺎر اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺈذا أﺳﻧد اﻟﺿرر ﻛﻠﻪ إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل اﻟﻐﯾر ﻣﺗوﻗﻌﺔ اﻧﺗﻔت ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ أﻣﺎ إذا ﺳﺎﻫم اﻟطﺑﯾب‬
‫ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﻓﺈن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘوم ﺑﻧﺳﺑﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟذي ارﺗﻛﺑﻪ وﻗد ﺗﻛون اﻟﻌواﻣل ﺳﺎﺑﻘﺔ أو ﻻﺣﻘﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺷﺎط اﻟطﺑﻲ‪ ،‬وﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك إﻫﻣﺎل اﻟﻣرﯾض ﻟﻠﻌﻼج أو اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،1‬ﻓﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺗﻘوم‬
‫ﻣن اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ ﺧطﺄﻩ ﻫو اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺷﺊ ﻟﻠﺿرر وﻟﯾس ﻣن اﻟﺿروري أن ﯾﻛون ﺧطﺄ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻫو اﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺿرر‪ ،‬ﻓﺎﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﺧطﺋﻪ ﺣﺗﻰ وﻟو ﺗﻌددت اﻷﺳﺑﺎب‬
‫اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﻟﻠﺿرر وﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋن ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺿرار ﻣﻊ ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟرﺟوع‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا ﻣﺳﺎﻫﻣﯾن ﻛل ﻋﻠﻰ ﺣدا وﺑﻧﺳب ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﻓﻲ أﺣداث ﻫذﻩ‬
‫اﻷﺿرار‪ ، 2‬وﺳوف ﻧوﺿﺢ ذﻟك ﻓﯾﻣﺎ ﺳﯾﺄﺗﻲ ﻻﺣﻘﺎ‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،1989 ،‬ص ‪122‬‬
‫‪2‬ﺛروت ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫‪43‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻛﻣﺎ أوﺿﺣﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﺈن ﻫﻧﺎك ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﻌﺗرض اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺳﺗﺧﻼص ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫داﺋرة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا ﺗﻌددت اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ أدت إﻟﻰ ﺣدوث اﻟﺿرر وﻟم ﯾﻛن ﺧطﺄ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻫو اﻟوﺣﯾد ﻓﻲ ﺣدوث ذﻟك‪ ،‬ﻓﻬل ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺳؤوﻻ ﻫو ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻓﻘد ﯾﻛون‬
‫ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض ﻫو اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺧطﺄ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺿرر وﻫو اﻟﻌﺎﻣل اﻷول ﻓﻬﻧﺎ ﺗرﻓﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟطﺑﯾب‪ 1،‬وﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض وا ٕ ن‬
‫ﻛﺎن ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﻔﻲ راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟﺿرر‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﻔﻲ ﻛذﻟك‬
‫اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ وﻧوع آﺧر ﻣن اﻟﺿرر أﻻ وﻫو ﻓوات اﻟﻔرﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﻔﺎء أو اﻟﺣﯾﺎة‪ ،‬وﻛذﻟك ﻗد‬
‫ﺗﻧﺗﻔﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر واﻟﻐرض ﻫﻧﺎ ﻫو أن اﻟﺿرر ﻗد وﻗﻊ ﺑﻔﻌل اﻟﻐﯾر وﺣدﻩ أي‬
‫اﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر ﻓﻘد اﺳﺗﻘر اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ أن ﺧطﺎ اﻟﻐﯾر ﯾﻘطﻊ راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬
‫وﻛﺎن ﻛﺎﻓﯾﺎ ﺑذاﺗﻪ ﻹﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ وﻛذﻟك ﻓﺈن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ﻻ ﯾرﻓﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل‬
‫اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ إﻻ إذا اﻋﺗﺑر ﻫذا اﻟﻔﻌل ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ وأﺣدث وﺣدﻩ اﻟﺿرر‪.2‬‬
‫ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻗد ﯾﻛون ﺳﺑب اﻟﺿرر اﻟﺧطﺄ اﻟﺻﺎدر ﻣن طﺑﯾب آﺧر أو ﻣن أﺣد اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻓﻲ إﻋطﺎء اﻟدواء أو ﻣن طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر أو ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ ﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح‪ ،‬ﻓﻬؤﻻء‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠون ﯾﺗﺑﻌون ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺑدأ اﻹدارة اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻣل ﺑﻬﺎ اﻟﺟراح‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺳﺄل ﻋﻧﻬم وﻛذﻟك اﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺷﺊ ﻋن ﻋطل ﻣن آﻟﺔ ﻛﻬرﺑﺎﺋﯾﺔ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ اﻟطﺑﯾب دون إﻫﻣﺎل أو‬
‫ﺧطﺄ ﻣﻧﻪ ﻓﺗﺳﺄل اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋن ذﻟك اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﺳﺑب اﻟﺿرر‪.3‬‬

‫‪1‬ﻣدﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪125‬‬


‫‪2‬اﺣﻣد ﻋوض ﺑﻼل‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪95‬‬
‫‪3‬‬
‫أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ﻗﺎﯾد ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ، 2003،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ﻣس ص‪.245.244 ،‬‬

‫‪44‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﺗﺑدأ ﺑﻔﻌل اﻟﻣﺗﺳﺑب وﺗرﺗﺑط ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ﺑﻣﺎ‬
‫ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻗﻌﻪ ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻟﻔﻌﻠﻪ‪ ،‬وﺑذﻟك ﺗﺗﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻣن ﻋﻧﺻرﯾن‪ :‬اﻟﻌﻧﺻر‬
‫اﻟﻣﺎدي اﻟذي ﯾﺑدأ ﺑﻔﻌل اﻟﻣﺗﺳﺑب واﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣﻌﻧوي اﻟذي ﯾﻛﻣن ﻓﻲ وﺟود ﻋﻼﻗﺔ ذﻫﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﺎﻧﻲ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺣدﺛت ﺑﺧطﺋﻪ وﻫذا ﺑﺈﺧﻼﻟﻪ ﺑﻣوﺟﺑﺎت اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر اﻟﻣﻔروض ﻋﻠﯾﻪ واﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺟب اﻻﻟﺗزام‬
‫ﺑﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻣﻌﯾﺎر اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻫو ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﻗﻊ ﻓﯾﻌد ﻧﺷﺎط اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺳﺑﺑﺎ ﻟﻠﻧﺗﯾﺟﺔ إذا ﻛﺎن ﻣن‬
‫اﻟﻣﺣﺗﻣل أن ﯾؤدي إﻟﯾﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺄﻟوف ﻣن ﺗﺳﻠﺳل اﻷﺣداث ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺎداﻣت ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل‬
‫ﻣﺗوﻗﻌﺔ وﻣﺄﻟوﻓﺔ‪.1‬‬
‫وﻗد ﻗﯾﻠت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻧظرﯾﺎت ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ وﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ أﻫﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻵﺗﻲ‪:‬‬
‫‪-1‬ﻧظرﯾﺔ ﺗﻌﺎدل اﻷﺳﺑﺎب‬
‫ﻟﻘد ﻗﺎل ﺑﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ "ﻓون ﺑﯾري ‪" Von Buri‬وﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻛل ﺳﺑب ﻟﻪ دﺧل ﻓﻲ‬
‫إﺣداث اﻟﺿرر‪ ،‬ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﯾدا ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ أﺣدﺛت اﻟﺿرر و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻛون ﺻﺎﺣب‬
‫ﻛل ﺳﺑب ﻣﺳؤوﻻ ﻛﺎﻵﺧرﯾن‪ ،‬ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب ﻣﺄﻟوﻓﺔ أو ﻧﺎدرة اﻟﺣﺻول راﺟﻌﺔ ﻟﻔﻌل‬
‫اﻟطﺑﯾب أو اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ أو ﺷﺧص آﺧر‪.2‬‬
‫وﺑذﻟك ﺗﻌﺗﺑر اﻷﺳﺑﺎب ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ وﻗوع اﻟﺿرر ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ أدت اﺷﺗراﻛﻬﺎ إﻟﻰ‬
‫ﺣﺻول اﻟﺿرر‪ ،‬وﺗﻌﺗﺑر ﻛﻠﻬﺎ أﺳﺑﺎب ﻣﺗﻌﺎدﻟﺔ ﻣن ﺣﯾث ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻷن ﻛل ﺳﺑب ﺳﺎﻫم ﻓﻲ‬
‫إﺣداث اﻟﺿرر ﺑﺣﯾث أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﯾﺣﺻل ﺑﻐﯾر ﺗﻠك اﻷﺳﺑﺎب ﻓﺗﻌﺗﺑر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن ﻛل اﻷﺳﺑﺎب وﺑﯾن اﻟﺿرر وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ أن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌوﯾض ﺗﺷﻣل‬
‫ﻛل اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﺳﺎﻫم ﺧطﺄ ﻛل واﺣد ﻣﻧﻬم ﻓﻲ إﻟﺣﺎق اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻣرﯾض ‪.‬‬

‫‪1‬اﺣﻣد إﺑراﻫﯾم ﻣﺻطﻔﻰ‪ ،‬اﻹرﻫﺎب واﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬دون دار اﻟﻧﺷر ‪ ،2007‬ص‪. 28‬‬
‫‪2‬ﻏﺿﺑﺎن ﻧﺑﯾﻠﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪110‬‬

‫‪45‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫‪ -1‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺗﺞ )اﻟﻔﻌﺎل(‬


‫ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻫو اﺳﺗﻌراض ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ دﺧل ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر وﺗﻣﯾز‬
‫ﻣﻧﻬﺎ ﺑﯾن اﻟﺳﺑب اﻟﻌرض واﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺗﺞ واﻋﺗﻣﺎد اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺗﺞ ﺳﺑﺑﺎ ﻟﻠﺿرر ﻓﻬو اﻟﺳﺑب اﻟﻣﺄﻟوف‬
‫‪1‬‬
‫ﻹﺣداث اﻟﺿرر ﺣﺳب اﻟﻣﺟرى اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻸﺣداث‬
‫ﻟﻘد ﻗﺎل ﺑﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ "ﻓون ﮐرﯾس ‪ " Von Kries‬وﻗد ذﻫب ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ أن ﺳﺑب‬
‫اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫو اﻟﻌﺎﻣل اﻷﻗوى ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ وﻣن ﺛﻣﺔ اﻷﻛﺛر إﺳﻬﺎﻣﺎ ﻓﻲ إﺣداﺛﻬﺎ وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أﻧﻪ ﻻ ﺗﻌد‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻣﺗواﻓرة ﺑﯾن ﻓﻌل اﻟﺟﺎﻧﻲ وﺿرر اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ‪.‬‬
‫إﻻ إذا أﺛﺑت أن ﻫذا اﻟﻔﻌل أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻣن ﺳﺎﺋر اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ووﻓﻘﺎ ﻟﻬذﻩ‬
‫اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗﻌد ﺑﺎﻗﯽ اﻷﺳﺑﺎب ﻣﺟرد ظروف أو ﺷروط ﺳﺎﻋدت اﻟﺳﺑب اﻷﻗوى وﻫﯾﺄت ﻟﻪ اﻟظروف‬
‫ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗﻣﺎد إﻻ ﺑﺎﻟﺳﺑب اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي ﻗﺎم ﺑدور ﺟوﻫري وﻣﺑﺎﺷر ﻓﯾﻪ إﺣداث ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫وﻻ ﺗﻌد اﻷﺳﺑﺎب اﻷﺧرى ﺳوی ظروف ﺳﺎﻋدت اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ إﺣداﺛﻬﺎ‪ ،‬وﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر أي‬
‫ﺳﺑب أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻼ ﺑد أن ﯾﻛون ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﺣدث ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺟرى اﻟﻌﺎدي واﻟطﺑﯾﻌﻲ‬
‫ﻟﻸﺣداث‪.2‬‬

‫‪1‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬


‫‪2‬ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﺷوارﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪239‬‬

‫‪46‬‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬

‫ﻧﻼﺣظ أن اﻷﺧذ ﺑﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻫو اﻷﺟدر ﺑﺎﻟﺗطﺑﯾق ﻛﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﯾﺑن اﻟﺧطﺄ‬
‫واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ إذ أﻧﻬﺎ ﺗرى اﻟﻌﺑرة ﺑﺎﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ وﺣدﻫﺎ دون اﻟﻌرﺿﯾﺔ وﻫذا ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺟزاﺋري‪ ،1‬وﻓﻲ ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ أﺧذت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺗﺞ‬
‫وﻗﺿت ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ أﻧﻪ‪" :‬ﯾﺟب اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻷﺣد اﻟﻌواﻣل ﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ ﺣدوث اﻟﺿرر أن ﯾﻛون ﺳﺑﺑﺎ‬
‫ﻓﻌﺎﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ وﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻟﻬذا اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﺎ ﻗد ﯾﻛون ﻣن ﻣﺟرد ﺗدﺧل ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر‬
‫وأﻧﻪ ﯾﺟب إﺛﺑﺎت اﻟﺳﺑب اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺿرر ﻻﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺧطﺄ اﻟﺛﺎﺑت وﻗوﻋﻪ ﮐﺳﺑب‬
‫اﻟﺿرر‪.2‬‬

‫‪1‬ﻛﺷﯾدة اﻟطﺎﻫر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﻲ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪)،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن(‪ ،2011‬ص ‪82‬‬
‫‪2‬ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 17‬ﻧوﻓﻣﺑر ‪ ،1964‬أﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻟﺗزام ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪،‬‬
‫اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ ،‬اﻟواﻗﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ‪ ،‬ص ‪ ، 178‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻛوﺳﺔ ﺣﺳﯾن ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪. 170‬‬

‫‪47‬‬
‫اﻟﻣﺳـــــــؤوﻟﯾــﺔ اﻟﺟزاﺋﯾــــــﺔ ﺑﯾن‬
‫إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺗﻣﻬﯾد‪:‬‬
‫إن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﺟراﺣﯾﺔ ﺗﺗطﻠب اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳم اﻟﺑﺷري وﺗﻛﺎﻣﻠﻪ‬
‫ﻓﻔﻲ ﻛﺎﻣل اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﯾﺟرم ﻫﺎﺗﻪ اﻷﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺻورة اﻟﺿرب أو‬
‫اﻟﺟرح أو إﻋطﺎء ﻣواد ﺿﺎرة‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﺑﺣﻛم ﻣﻬﻧﺗﻪ اﻟطﺑﯾﺔ ﻗد ﯾرﺗﻛب أﺧطﺎء ﺗوﺻف ﺑﺎﻟﺟراﺋم‪ ،‬ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم إﻣﺎ‬
‫ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾن اﻟﻌﻘوﺑﺎت وﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﻣﺛﻼ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض أو ﻣﻧﺻوص‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾن اﻟﺻﺣﺔ وأﻫﻣﻬﺎ ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪ ،‬ﻓﻬذا اﻟطﺑﯾب‬
‫ﯾﺳﺄل ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻧﻔﺳﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﯾﺛﺑت أﻧﻬﺎ ارﺗﻛﺑت‬
‫ﻣن اﻟﻐﯾر‪ ،‬وﻟﻛن ﻣﺟرد ﻫذﻩ اﻷﺧطﺎء ﻻ ﯾدل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣرﯾض ﻗد ﯾﻧﺎل ﻣﺑﺗﻐﺎﻩ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ‬
‫أﺛﺑت أن اﻟﺿرر اﻟذي أﺣق ﺑﻪ ﻛﺎن ﺟراء ﺧطﺄ ﻣن اﻟطﺑﯾب‪ ،‬وﻟﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إذا ﻟم ﯾﻘﺗﻧﻊ‬
‫ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﻬﺎ اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺗﺿرر ﻋن اﻟطﺑﻲ أو ﻋﻼﻗﺔ ذﻟك ﺑﺎﻟﺿرر اﻟﺣﺎﺻل ﻓﺎن‬
‫اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺣﻛم ﺑﺄن ﻻ وﺟﻪ اﻟدﻋوى وﺗﺳﻘط ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ﻋن اﻟطﺑﯾب‪.‬‬
‫وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗطرق إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ‪:‬‬
‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪ :‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري‬
‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت واﻧﺗﻔﺎء اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬

‫‪49‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪:‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري‬


‫إن اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻋدﯾدة وﻣﺗﻧوﻋﺔ‪ ،‬وﻗد ﺗوزﻋت أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺑﯾن ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت وﻗﺎﻧون‪ 1‬اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ 11/18‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 02‬ﺟوﯾﻠﯾﺔ ‪ 2018‬ﻛون اﻟطﺑﯾب ﺑﺣﻛم‬
‫ﻣﻬﻧﺗﻪ اﻟطﺑﯾﺔ ﻗد ﯾرﺗﻛب أﺧطﺎء ﻣﻣﺎ ﻗد ﯾﻛون ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎﺋﻠﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻣﺗﻰ دﺧل ﻓﻌﻠﻪ داﺋرة‬
‫اﻟﺗﺟرﯾم‪..‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪:‬اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‬
‫ﻟﻘد ﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﺟراﺋم ﯾﺣدث أن ﺗﺻدر ﻋن اﻟطﺑﯾب أﺛﻧﺎء‬
‫ﻣزاوﻟﺗﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﻧﺟد اﻟطﺑﯾب ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﺑﺷر ﻣﺧطﺋﺎ‪ ،‬ﻣﻬﻣﻼ ﻣﻘﺻرا وأﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى‬
‫ﻣﺗﻌﻣدا ﻣﻣﺎ ﯾﻌود ﺑﺎﻟﺿرر ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض‪ ،‬واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻋدة ﺻور ﻣن اﻷﻓﻌﺎل ﻛﺗﻠك اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺳم ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻛﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض إذ‬
‫ﻗد ﯾﻘوم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻹﺟﻬﺎض ﺑﻧﻔﺳﻪ أو ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﯾﻪ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟراﺋم‪ ،‬وﻗد ﺷدد ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري إذا ﻛﺎن ﻣرﺗﻛب ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ طﺑﯾب ﻛون أن ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ واﻟﻣﻬﻧﺔ‬
‫اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬وﺟرﯾﻣﺔ إﻧﺗزاع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ‪ ،‬وﻟﻛن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺟرﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﺎ إذ‬
‫أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺎرض أدﻧﻲ ﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﻪ اﻟطب ﻣن أﻫداف وﻫﻲ ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺟراﺋم اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ أو‬
‫ﺑﺎﻟﺟراﺋم اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻛﺟراﺋم اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب واﻧﺗﺣﺎل‬
‫اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ وﺟرﯾﻣﺗﻲ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ و إﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص‬
‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 11/18‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 2018/07/02 :‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺻﺣﺔ‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ ﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ‬


‫اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﺧرج ﻋن ﻛوﻧﻬﺎ ﻣﺣررات‪ ،‬ﻓﻘد ﺗﻛون رﺳﻣﯾﺔ إذا ﺻدرت ﻣن طﺑﯾب‬
‫ﻣوظف‪ ،‬و ﻗد ﺗﻛون ﻋﺎدﯾﺔ إذا ﺻدرت ﻣن طﺑﯾب ﻏﯾر ﻣوظف ﻟدى ﻫﯾﺋﺔ ﻋﻣوﻣﯾﺔ‪ 1‬ﻓﺎﻟطﺑﯾب‬
‫ﯾﻘوم ﺑﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻣﺎ ﯾرى و ﻟﯾس ﻣﺎ ﯾﺑﻠﻐﻪ ﺑﻪ طﺎﻟﺑﺎ اﻟﺷﻬﺎدة إذ أن اﻟطﺑﯾب ﻋﻧد ﺗﺣرﯾر اﻟﺷﻬﺎدة ﻻ‬
‫ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﺣظر اﻟواﻗﻌﺔ أو ﺷﺎﻫدﻫﺎ‪ ،‬و ﺗﺣرﯾر اﻟﺷﻬﺎدة إﺟراء ﺧطﯾر ﻛوﻧﻬﺎ ﺳﺗﺳﺗﻌﻣل ﻣن‬
‫طرف ﺣﺎﺋزﻫﺎ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق أو ﻣزاﯾﺎ أو ﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﻐﯾر‪ ،‬ﻟذا رﺗب اﻟﻘﺎﻧون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺣر رﻫﺎ ﺳواء ﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ أو ﺟزاﺋﯾﺔ و اﻷﺻل أن ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدات اﻟﻣزﯾﻔﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻸﺣﻛﺎم‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺗزوﯾر‪ ،‬إذ أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌﺗﺑر ﺗﻐﯾﯾر ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ و ﻛذب ﻣﻛﺗوب ﯾﺗﺿﻣن إﺛﺑﺎت أو ﻧﻔﻲ‬
‫اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ﺣﻘﯾﻘﺗﻬﺎ ﻣن طرف اﻟطﺑﯾب‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﺷﻬﺎدة اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻗﺑل اﻟﺗطرق ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺷﻬﺎدة اﻟطﺑﯾﺔ ﯾﺟب أوﻻ ﺗﺑﯾﺎن ﻣﻔﻬوم اﻟﺗزوﯾر‪ ،‬ﺣﯾث ﺗطرق‬
‫ﻟﺗﻌرﯾﻔﻪ اﻷﺳﺗﺎذ ﺟرﺳون ﺣﯾث ﻗﺎل أن اﻟﺗﻌرﯾف اﻟدﻗﯾق ﻟﻠﺗزوﯾر اﻟﻣﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺟب أن ﯾﺣﯾط‬
‫ﺑﻌﻧﺎﺻرﻩ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﻣﺳﺔ و ﻫﻲ‪ :‬أن ﯾﻘﻊ ﺗﻐﯾﯾر ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬و أن ﯾﺣﺻل اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ‪ ،‬و‬
‫ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣن اﻟطرق اﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬و أن ﯾﻛون ﻣن ﺷﺄن ذﻟك أن ﯾﺳﺑب ﺿررا و‬
‫أﺧﯾرا أن ﯾﻛون ﻟدى اﻟﻔﺎﻋل ﻗﺻد اﻟﻐش‪.‬‬
‫اﻟﺷﻬﺎدة اﻟطﺑﯾﺔ ﻫﻲ إﺷﻬﺎد ﻣﻛﺗوب ﯾﺗﺿﻣن ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ واﻗﻌﺔ ﻻﺣظﻬﺎ اﻟطﺑﯾب و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺣرﯾرﻫﺎ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﺟزاﺋﯾﺔ و ﺗﺣرﯾرﻫﺎ ﯾﺳﺗوﺟب ﺗوﻓر ﺛﻼﺛﺔ ﺷروط‬
‫ﻣﺳﺑﻘﺔ و ﻫﻲ ﺣﺿور اﻟﻣراد ﻓﺣﺻﻪ‪ ،‬اﻟﻔﺣص اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﻼﺋم‪ ،‬و ﺗﺣرﯾر وﺛﯾﻘﺔ ﻣﻛﺗوﺑﺔ‪.‬‬
‫ﯾﻧﺟز اﻟﺷﻬﺎدة اﻟطﺑﯾﺔ أي طﺑﯾب ﺣﺿر أو ﻋرﺿت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻲ اﻹﺻﺎﺑﺎت اﻟﺑﺳﯾطﺔ‬
‫ﻣﺛل ﺷﻬﺎدة اﻟﺿرب و اﻟﺟروح اﻟﻌﻣدﯾﺔ‪ ،‬و ﺷﻬﺎدة ﻓض اﻟﺑﻛﺎرة و ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻌرﺿﯾﺔ ﻣﺛل‬
‫ﺷﻬﺎدة ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟوﻓﺎة‪ ،‬و ﻟﻘد وﺿﻌت اﻟﻣواد ‪ 57 ،56‬و ‪ 58‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟطب اﻟﺗزاﻣﺎ‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪،2004‬ص ‪44‬‬

‫‪51‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺳﻬﯾﻠﻪ ﻟﻣرﺿﺎﻩ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻻﻣﺗﯾﺎزات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﺗطﻠﺑﻬﺎ ﺣﺎﻟﺗﻬم اﻟﺻﺣﯾﺔ‪ ،‬ذﻟك ﺑﺗﺣرﯾر اﻟﺷﻬﺎدات و اﻟﻛﺷوف و اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻼزﻣﺔ و ﻣن ﺟﻣﻠﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺛﺑﺗﺔ ﻟﺣﺎﻟﺗﻬم اﻟﺻﺣﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن أن ﺗﺣرر اﻟﺷﻬﺎدة ﻣن طرف طﺑﯾب‬
‫ﺣﺎﺋز ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة دﻛﺗور ﻓﻲ اﻟطب‪ ،‬ﻣرﺧص ﻟﻪ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟطب ﺑﻣوﺟب رﺧﺻﺔ ﻣﺳﻠﻣﺔ ﻣن‬
‫طرف اﻟوزﯾر اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺎﻟﺻﺣﺔ )اﻟﻣﺎدة ‪ 198 ،197‬ﻣن ﻗﺎﻧون ‪ (85/05‬وﯾﻛون ﻣﺳﺟﻼ ﻓﻲ‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻟدى ﻣﺟﻠس أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب )اﻟﻣﺎدة ‪ 204‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ‬
‫اﻟذﻛر(‪ ،‬ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻘﯾﺎم ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدة اﻟطﺑﯾﺔ ﯾﺟب ﺗوﻓر اﻟرﻛن اﻟﺷرﻋﻲ‬
‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟرﻛﻧﯾن اﻟﻣﺎدي و اﻟﻣﻌﻧوي و ﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺣﺎول ﺗوﺿﯾﺢ ﺗواﻟﯾﺎ‪:1‬‬
‫‪-1‬اﻟرﻛن اﻟﺷرﻋﻲ‬
‫ﯾﺗﻣﺛل اﻟرﻛن اﻟﺷرﻋﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 226‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺻت‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ ":‬ﻛل طﺑﯾب أو ﺟراح أو طﺑﯾب أﺳﻧﺎن أو ﻣﻼﺣظ ﺻﺣﻲ أو ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻗرر ﻛذﺑﺎ ﺑوﺟود‬
‫أو ﺑﺈﺧﻔﺎء وﺟود ﻣرض أو ﻋﺎﻫﺔ ﺣﻣل أو أﻋطﻰ ﺑﯾﺎﻧﺎت ﻛﺎذ ﻋن ﻣﺻدر ﻣرض أو ﻋﺎﻫﺔ أو‬
‫ﻋن ﺳﺑب اﻟوﻓﺎة و ذﻟك أﺛﻧﺎء ﺗﺄدﯾﺔ أﻋﻣﺎل وظﯾﻔﺗﻪ و ﺑﻐرض ﻣﺣﺎﺑﺎة أﺣد اﻷﺷﺧﺎص ﯾﻌﺎﻗب‬
‫ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻣدة ﻣن ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛون اﻟﻔﻌل إﺣدى اﻟﺟراﺋم اﻷﺷد اﻟﻣﻧﺻوص‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣواد ‪ 126‬إﻟﻰ ‪، 134‬و ﯾﺟوز ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك أن ﯾﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣرﻣﺎن ﻣن‬
‫ﺣق أو أﻛﺛر ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 14‬ﻣن ﺳﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل إﻟﻰ ﺧﻣس ﺳﻧوات ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﻛﺛر‪" .‬‬
‫‪ -2‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‬
‫ﻗﺑل اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‪ ،‬ﺗﺗطﻠب ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ رﻛﻧﺎ ﻣﻔﺗرﺿﺎ و اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺻﻔﺔ‬
‫اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺣﯾث اﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 226‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت أن ﺗﺗوﻓر‬
‫ﺻﻔﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧﻲ و ذﻟك ﺑﺄن ﯾﻛون طﺑﯾﺑﺎ أو ﺟراﺣﺎ أو طﺑﯾب أﺳﻧﺎن أو ﻣﻼﺣظ ﺻﺣﻲ‬
‫أو ﻗﺎﺑﻠﺔ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أﻣﯾر ﻓرج‪،‬أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺣدﯾث‪،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،2006،‬ص‪. 46‬‬

‫‪52‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫و ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺟرﯾﻣﺔ ﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﻘوم ﻣن ﺷﺧص ﻋﺎدي‪ ،1‬و ﻻ ﺗﻛﻔﻲ‬
‫ﻟﺣﻣل ﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺔ ﻣﺟرد اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﻫل اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻣطﻠوب ﻟذﻟك‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻛذﻟك‬
‫اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺧﯾص ﺑﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪ ،‬و ﯾﺳﺗوي ﻓﻲ ذﻟك أن ﯾﻛون اﻟﻣﺗﻬم ﻣوظﻔﺎ أو‬
‫ﻏﯾر ﻣوظف ﻛطﺑﯾب ﺣﻛوﻣﻲ أو طﺑﯾب ﺣر أو طﺑﯾب ﻣﻧدوب‪.2‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﺛﺑﺎت أو ﻧﻔﻲ واﻗﻌﺔ ﻣرض أو ﻋﺎﻫﺔ أو ﺣﻣل أو‬
‫ﻋن ﺳﺑب اﻟوﻓﺎة ﻛذﺑﺎ أو ﯾﻌطﻲ ﺑﯾﺎﻧﺎت ﻛﺎذﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل‪ ،‬ﻛذﻟك ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻣواﺿﯾﻊ‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺗطﻠب ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﺗﺣرﯾر اﻟﺷﺎﻫدات و اﻟﻣﺗوﻗﻊ ﻓﯾﻬﺎ أن ﯾﺣدث ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗزوﯾر ‪ :‬ﺗزوﯾر‬
‫ﺷﻬﺎدات اﻟﻣﯾﻼد و ﺗﺳﺟﯾل اﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ و ﺗﻘﯾﯾم اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ‪ ،3‬و ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن‬
‫اﻟﺷﻬﺎدات اﻟﺗﻲ ﯾطﻠب ﻣن اﻟطﺑﯾب ﺗﺣرﯾرﻫﺎ ‪.‬‬
‫ﺣﯾث ذﻛر اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 266‬ﺑﻌض اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻌل اﻟﺗزوﯾر ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل وﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر‪ ،‬إذ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ أي واﻗﻌﺔ‬
‫ﯾطﻠب ﻣن اﻟطﺑﯾب ﺗﺣرﯾر ﺷﻬﺎدة ﻋﻠﯾﻬﺎ و وﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻌل اﻟﺗزوﯾر ‪ ،‬و ذﻟك ﺑﺎﻹﺛﺑﺎت أو‬
‫اﻟﻧﻘﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻌد ﻫذا اﻟﺗزو ﯾر ﻣن ﻗﺑل اﻟﺗزوﯾر اﻟﻣﻌﻧوي‪ ،‬و ذﻟك ﺑﺟﻌل واﻗﻌﺔ ﻣزورة ﻓﻲ ﺻورة‬
‫واﻗﻌﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 58‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ " :‬ﯾﻣﻧﻊ ﺗﺳﻠﯾم أي‬
‫ﺗﻘرﯾر ﻣﻐرض أو أﯾﺔ ﺷﻬﺎدة ﻣﺟﺎﻣﻠﺔ "‪ ،‬إذ ﺗﻌد ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدات ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺷﻬﺎدات اﻹدارﯾﺔ‬
‫واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻷوراق اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻟذﻟك ﻓﺑﻣﺟرد اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺛﻘﺔ اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠورﻗﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﯾﺗرﺗب‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺿرر‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻓرج ﻋﻠواﻧﻲ ﻫﻠﯾل‪ ،‬ﺟراﺋم اﻟﺗزﯾﯾف واﻟﺗزوﯾر‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،1993 ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪2‬‬
‫أﻣﯾر ﻓرج‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.286 ،285‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪53‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ -3‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫اﻟﺗزوﯾر ﺟرﯾﻣﺔ ﻻ ﺗﻘوم إﻻ ﻋﻣدا أي ﺑﺗواﻓر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‪ ،‬إذ ﯾﺟب أن ﺗﻧﺻرف إرادة‬
‫اﻟطﺑﯾب إﻟﻰ اﻟﻔﻌل اﻟﻣﻛون ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ و ﻫو ﺗﻐﯾﯾر اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﻊ ﻋﻠﻣﻪ ﺑذﻟك وﻻ ﯾﺳﺗﻠزم ﻟﻘﯾﺎم ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟطﺑﯾب ﻷﻏراض اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻣن اﻟﺷﺧص اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ إﻟﯾﻪ ﻣﻧﻪ‪ ،‬اﻟﻣﻬم إدراﻛﻪ ﺑﺄﻧﻪ‬
‫ﺳﻠم ﺑﯾﺎن ﻣزور وﻓق إرادﺗﻪ اﻟﺣرة ﺑﻐرض اﻟﻣﺣﺎﺑﺎة ﻓﺎﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻣﺗوﻓر ﻣﻧذ ﻟﺣظﺔ‬
‫ﺗﺣرﯾر اﻟﺑﯾﺎن و ﺗﺳﻠﯾﻣﻪ إﻟﻰ ﻣﺳﺗﻌﻣﻠﻪ ﺳواء أﻟﺣﻘت ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدة ﺿررا أو ﻻ ﺑﻔرد آﺧر أو‬
‫ﺑﺎﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم‪ ،‬أي أن اﻟطﺑﯾب ﯾﻛون ﻋﺎﻟﻣﺎ ﺑﻛذب اﻷﻣر اﻟذي ﺗﺿﻣﻧﺗﻪ اﻟﺷﻬﺎدة ﻓﻲ ﺷﺄن ﺣﻣل‬
‫أو ﻋﺎﻫﺔ أو ﻣرض أو وﻓﺎة ﻓﻼ ﯾﻬم اﻟﻐرض اﻟذي أﻋطﯾت ﻣن أﺟﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻘد ﯾﻛون ﻣن أﺟل‬
‫اﻹﻋﻔﺎء ﺧدﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ 1‬ﻛﺎﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻣﺛﻼ أو ﻟﺗرﺗﯾب ﺣﻘوق ﺑدون وﺟﻪ ﺣق‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﺣدد اﻟﻣﺷرع ﻋﻘوﺑﺔ ﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 226‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‬
‫اﻟﺟزاﺋري‪ ":‬ﻛل طﺑﯾب أو ﺟراح أو طﺑﯾب أﺳﻧﺎن أو ﻣﻼﺣظ ﺻﺣﻲ أو ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻗرر ﻛذﺑﺎ ﺑوﺟود‬
‫أو ﺑﺈﺧﻔﺎء وﺟود ﻣرض أو ﻋﺎﻫﺔ أو ﺣﻣل أو أﻋطﻲ ﺑﯾﺎﻧﺎت ﻛﺎذﺑﺔ ﻋن ﻣﺻدر ﻣرض أو‬
‫ﻋﺎﻫﺔ أو ﻋن ﺳﺑب اﻟوﻓﺎة و ذﻟك أﺛﻧﺎء ﺗﺄدﯾﺔ أﻋﻣﺎل وظﯾﻔﺗﻪ و ﺑﻐرض ﻣﺣﺎﺑﺎة أﺣد اﻷﺷﺧﺎص‬
‫ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻣدة ﻣن ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛون اﻟﻔﻌل إﺣدى اﻟﺟراﺋم اﻷﺷد‬
‫اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد ‪ 126‬إﻟﻰ ‪.134‬‬
‫وﯾﺟوز ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك أن ﯾﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣرﻣﺎن ﻣن ﺣق أو أﻛﺛر ﻣن اﻟﺣﻘوق‬
‫اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 14‬ﻣن ﺳﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل إﻟﻰ ﺧﻣس ﺳﻧوات ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر "‪ ،‬و اﻟﻣﻼﺣظ أن‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 126‬ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗزوﯾر ﻣﻘﺎﺑل رﺷوة ﻏﯾر أﻧﻬﺎ أﻟﻐﯾت ﺑﻣوﺟب اﻟﻘﺎﻧون ‪ 01/06‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‬

‫‪1‬ﺷرﯾف اﻟطﺑﺎخ‪ ،‬ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ‪ ،‬اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،2003،‬‬
‫ص ‪.150‬‬

‫‪54‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ 2006/02/20‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﺳﺎد ﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻪ‪ ،1‬و ﺗم اﺳﺗﺑداﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة ‪ 25‬ﻣن ذات‬


‫اﻟﻘﺎﻧون و اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗزو ﯾر ﻟﻠﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ ﻣﻘﺎﺑل اﻟرﺷوة ﺑل ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟرﺷوة ﻟﻠﻣوظﻔﯾن‬
‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن‪.‬‬
‫ﺑدورﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد ﺣﺳب أرﯾﻧﺎ ﻓﻲ ذﻟك أن اﻟﻣﺷرع ﺗدارك اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ و أﯾﻘن أن اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع‬
‫اﻟﺧﺎص ﯾﺗﻘﺎﺿون أﺗﻌﺎﺑﻬم ﻣن اﻟﻣرﺿﻰ و ﻟﯾس ﻣن اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣﻘﺎﺑل ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺷﻬﺎدات‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ ﺳواء اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ أو اﻟﻣزورة و ﻟﻬذا ﺧﻔف ﻟﻬم اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﺑﺈﻟﻐﺎء ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 126‬إذ أن اﻷﺗﻌﺎب ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻘﺎﺑل أو ﻋطﯾﺔ و ﻫذا ﻣن اﻟﻐﯾر اﻟﻣﻧطﻘﻲ أن ﻧﻌﺗﺑرﻫﺎ ظرف‬
‫ﻣﺷدد ﻟﻬذا أﻟﻐﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع و اﺳﺗﺑداﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة ‪ 25‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 06/01‬اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر‬
‫اﻟﻣﺷددة ﻟﻠﻌﻘوﺑﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺎطب اﻟﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن ﻻ اﻟﻣرﺗﺷﯾن و اﻟﻣزورﯾن ﻣﻘﺎﺑل رﺷوة‬
‫وﯾدﺧل ﺗﺣت ﻫذا اﻷطﺑﺎء و ﺟراﺣﻲ اﻷﺳﻧﺎن و ﻣن ﻫم ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬم ﻟدى اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬
‫اﻟذﯾن ﯾﺗﻘﺎﺿون أﺟورﻫم ﻣن اﻟﺧزﯾﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‪.‬‬
‫ﺣﯾث ﺗﻧص ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪ ":‬ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺳﻧﺗﯾن )‪ (2‬إﻟﻰ ﻋﺷر )‪(10‬‬
‫ﺳﻧوات و ﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 200.000‬دج إﻟﻰ ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬ﻛل ﻣن وﻋد ﻣوظﻔﺎ ﻋﻣوﻣﯾﺎ ‪...‬‬
‫‪ -‬ﻛل ﻣوظف ﻋﻣوﻣﻲ طﻠب أو ﻗﺑل‪ ،‬ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر‪ ،‬ﻣزﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣﻘﺔ‪...،‬‬
‫ﻷداء ﻋﻣل أو اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن أداء ﻋﻣل ﻣن واﺟﺑﺎﺗﻪ" ‪.‬‬
‫ﺿف إﻟﻰ ﻫذا أن اﻟﻣﺎدة ‪223‬اف‪ 3‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ 2‬ﺗﺟرم ﺑﻌض أﻓﻌﺎل اﻟﻣوظﻔﯾن‬
‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن ﻣﻘﺎﺑل رﺷوة ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ ... ":‬و اﻟﻣوظف اﻟذي ﯾﺳﻠم أو ﯾﺄﻣر ﺑﺗﺳﻠﯾم أﺣدى اﻟوﺛﺎﺋق‬
‫اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 222‬إﻟﻰ ﺷﺧص ﯾﻌﻠم أن ﻻ ﺣق ﻟﻪ ﻓﯾﻬﺎ ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺳﻧﺔ إﻟﻰ‬

‫‪1‬اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 01/06‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 2006/02/20‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﺳﺎد وﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻪ اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر ‪156 /66‬اﻟﻣﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﻘﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬ج ر‪ ،‬ﻋﻧد‪ ،14‬اﻟﻣؤرﺧﺔ ﻓﻲ ‪2006/03/08‬‬
‫‪2‬‬
‫أﻣر رﻗم ‪ ، 156/66‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺧﻣس ﺳﻧوات وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 1.500‬إﻟﻰ ‪ ... 15.000‬و ﯾﺟوز ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك أن ﯾﺣﻛم‬
‫ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺣرﻣﺎن ﻣن ﺣق أو أﻛﺛر ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟو اردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪....14‬‬
‫أﻣﺎم ﻫذا اﻟﺧﻠط اﻟذي وﻗﻊ ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ﻻ ﯾﺳﻌﻧﺎ إﻻ أن ﻧوﺟﻪ ﻧداء إﻟﻰ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﺟﻌل‬
‫اﻟﻧﺻوص واﺿﺣﺔ ﻻ ﯾﻛﺗﻧﻔﻬﺎ اﻟﻐﻣوض ﻣن أﺟل ﻋدم اﻟﺗﺄوﯾل و اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ وﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‬
‫ﺳﻧﺑﯾن أرﻛﺎن ﻗﯾﺎم ﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ واﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻬﺎ ﺛم ﻧﺗﻧﺎول ﺣﺎﻻت إﺑﺎﺣﺔ‬
‫إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‪:‬‬
‫اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻫو ﻣن ﺑﯾن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ أﻋوان اﻟدوﻟﺔ ﺑل أﻧﻪ ﻣن أﻫم‬
‫اﻟﺳﻠوﻛﺎت اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﻬم اﻟﺗﺣﻠﻲ ﺑﻬﺎ ﻷن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻫو ﺣق ﺟوﻫري‬
‫ﻟﻺﻧﺳﺎن‪ ،‬وﻣﻛرس دﺳﺗورﯾﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت وﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري ﺳﻧﺔ ‪ 1996‬ﺣﯾث‬
‫‪1‬‬
‫ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻪ و‪ 3‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ :‬ﻻ ﯾﺟوز اﻧﺗﻬﺎك ﺣرﻣﺔ ﺣﯾﺎة اﻟﻣواطن اﻟﺧﺎﺻﺔ وﺣرﻣﺔ ﺷرﻓﻪ‪...‬‬
‫أوﻻ ‪ /‬اﻷﺳﺎس اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‪:‬‬
‫ﻣﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻋﻣوﻣﺎ أن اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ اﻧطﻠق ﻣن ﻓﻛرة ﻛوﻧﻪ واﺟب أﺧﻼﻗﻲ ﯾﺳﺗﻣد ﻣﺿﻣوﻧﻪ ﻣن‬
‫ﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟﻣﻬﻧﺔ وﻫو ﻣﻘرون ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﺑواﺟب ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺗﻠﺗزم ﺑﻪ ﻓﺋﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس ﺗﻘﺗﺿﻲ‬
‫أﺻول ﻣﻬﻧﺗﻬم أن ﯾطﻠﻌوا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ طﻲ اﻟﻛﺗﻣﺎن وﻛﺷﻔﻬﺎ ﯾﻌد ﺗﻌدي‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺔ اﻟﺗﻲ رﺑطت ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻛﻣﺎ ﯾﻌد ﺧرﻗﺎ ﻟﻘواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺳﺗوﺟب ﻗﯾﺎم‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻠو أﺑﯾﺢ ﻟﻠطﺑﯾب إﻓﺷﺎء اﻷﺳرار اﻷﺣﺟم اﻟﻣرﺿﻰ ﻋن ﻋﯾﺎدة اﻷطﺑﺎء‬
‫ﺧﺷﯾﺔ اﻓﺗﺿﺎح أﺳرارﻫم‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ ،1996/11/28 :‬اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ رﻗم‪ 438/96 :‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1996/12/07‬اﻟﺟرﯾدة‬
‫اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻌدد ‪ 76‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪1996/12/08‬‬

‫‪56‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺗﻧﺎزﻋت ﻧظرﯾﺗﺎن ﻓﻘﯾﻬﯾﺗﺎن ﺣول ﺗﺣدﯾد وﺿﺑط ﻣﻔﻬوم اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ وﻫﻣﺎ‬
‫ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد وﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻻﻟﺗزام‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﻣس ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﺣﯾن ﯾرى أﺻﺣﺎب اﻟﻧظرﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺄن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ إﻻ ﺗﻔﺷﯽ‬
‫أﺳرارﻩ وﻻ أن ﺗﺧرق ﺧﺻوﺻﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻛﺗم ﺑﺳﺑب اﻟﻌﻘد اﻟﺿﻣﻧﻲ اﻟذي ﯾرﺑط اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﻣرﯾض‬
‫وﻣﺎ ﯾرﺗﺑﻪ ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣن ﺿﻣﻧﻬﺎ أن ﯾدﻟﻲ اﻟﻣرﯾض إﻟﻰ اﻟطﺑﯾب ﺑﺑﻌض أﺳرارﻩ‬
‫اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ورﺑﻣﺎ اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ واﻷﺳرﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﺎن اﻟطﺑﯾب ﯾﻌﻠم وﻫو ﯾﺗﻠﻘﻰ ذﻟك‪ ،‬أﻧﻪ ﻟﯾس ﻟﻪ‬
‫اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف ﺧﻼف ﻟﻣﺎ ﯾرﯾدﻩ اﻟﻣرﯾض وأﻧﻪ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺑوح ﺑﻣﺎ أﺳر ﺑﻪ إﻟﯾﻪ‪.1‬‬
‫ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾرى أﺻﺣﺎب اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أن اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﯾﻌد ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ‬
‫ﻗﺎﻋدة ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺑرر واﺟب اﻟﻛﺗﻣﺎن اﻟﻣﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب واﺣﺗرام ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻔرد ﻣرﻫون ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻣﺣل ﺣﻣﺎﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺻوص اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ /‬ﺗﻌرﯾف اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‪:‬‬
‫ﯾﻌرف اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺻل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻟطﺑﯾب ﻣن ﻣﻌﻠوﻣﺎت أﯾﺎ ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ‬
‫ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض وﻋﻼﺟﻪ ﺳواء ﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻣن اﻟﻣرﯾض ﻧﻔﺳﻪ أو ﻋﻠم ﺑﻬﺎ أﺛﻧﺎء‬
‫أو ﺑﺳﺑب ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ‪ 3‬وﻋرﻓﻪ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ‪4‬ﺑﺄﻧﻪ ﻛل ﻣﺎ ﯾﻌﻬد ﺑﻪ إﻟﻰ ذي ﻣﻬﻧﺔ وﯾﺿر‬
‫إﻓﺷﺎءﻩ ﺑﺎﻟﺳﻣﻌﺔ واﻟﻛراﻣﺔ ‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟظﺎﻫر ﺣﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل طب وﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،2004 ،‬ص ‪121‬‬
‫‪2‬‬
‫‪khadir Mohamed hannouz Mourad . la responsabilité de contrôle et d'expertise office des‬‬
‫‪publications universitaires d'Alger . 2003.p 640.‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪. 58‬‬
‫‪4‬أﺳﺎﻣﺔ ﻗﺎﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن إﻓﺷﺎء ﺳر اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ ‪ ،1989‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪،‬ص ‪4‬‬

‫‪57‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻛل اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟﺑﯾﺎﻧﺎت واﻷﺧﺑﺎر اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻣﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺔ ﯾﻌد ﺳرا‪ ،‬ﯾﻠﺗزم ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﻪ وﻋدم إﻓﺷﺎءﻩ‪ ،‬أﯾﺎ ﻛﺎن اﻟطرﯾق اﻟذي ﺗوﺻل ﺑﻪ إﻟﻰ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟﺑﯾﺎﻧﺎت‪ .‬إذ ﯾﺳﺗوي أن ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب ﻗد ﻋﻠم ﺑﻬﺎ ﺑﻧﻔﺳﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺔ‬
‫اﻟﻛﺷف ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض‪،‬أم أن ﻫذا اﻷﺧﯾر أودع ﻟدﯾﻪ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ 1.‬ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر أﻧﻪ ﯾﻌد ﻓﻲ‬
‫ﺣﻛم اﻟﺳر‪ ،‬ﻛل أﻣر ﯾﻛون ﺑطﺑﯾﻌﺗﻪ وﻟﻣﻼﺑﺳﺎﺗﻪ ﻣن اﻟظروف وﺧﻼﻓﻪ ﻣن اﻋﺗﺑﺎرات أﺧرى ﺳرا‪،‬‬
‫وﻟو ﻟم ﯾطﻠب ﺻﺎﺣﺑﻪ ذﻟك‪ ،‬ﺑل وﻟو ﻟم ﯾدل ﺑﻪ إﻻ إدﻻء ‪.‬‬
‫ﻓﻛل أﻣر ﺗراﻣﻲ إﻟﻰ ﻋﻠم اﻟطﺑﯾب ﻋن طرﯾق اﻟﺧﺑرة اﻟﻔﻧﯾﺔ أو اﻟﺣدس أو ﺣﺗﻰ اﻟﻣﺑﺎﻏﺗﺔ‬
‫وﻟو ﻟم ﯾذﻛر ﻟﻪ اﻟﻣرﯾض ﺷﯾﺋﺎ ﻋﻧﻪ‪ ،‬ﻓﯾﻌد ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺳر‪ .2‬ﻓﺈذا أﺧل اﻟطﺑﯾب ﺑﻬذا اﻻﻟﺗزام‬
‫ﻗﺎﻣت ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ وﻋﻠﻰ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﻟﻺﻟﻣﺎم ﺑﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة واﻹﺣﺎطﺔ ﺑﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ وﺟب ﺗﻐوص‬
‫أوﻻ ﺑﺣﺛﺎ ﻋم ﯾﻌد ﺳرا وﻛﯾﻔﯾﺔ إﻧﺷﺎءﻩ واﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻪ ﺛم إﻟﻰ اﻷﺣوال اﻟﺗﻲ ﯾﺑﺎح ﻓﯾﻬﺎ ﻫذا‬
‫اﻹﻓﺗﺎء ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﻠزم ﻟﻘﯾﺎم ﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﺗواﻓر أرﻛﺎﻧﻬﺎ‪ ،‬ﺗﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣن رﻛﻧﯾن ﻣﺎدي و ﻣﻌﻧوي ‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ‪:‬‬
‫وﯾﺗﻛون ﻫذا اﻟرﻛن ﻣن ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻧﺎﺻر‪ :‬ﻓﻌل اﻹﻧﺷﺎء ووﺳﺎﺋﻠﻪ وأن ﯾﻛون ﻣوﺿوع اﻹﻓﺷﺎء ﺳرا‬
‫ووﻗوﻋﻪ ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ‪.‬‬
‫‪ -1‬ﻓﻌل اﻹﻓﺷﺎء ‪:‬‬
‫ﻫو اطﻼع اﻟﻐﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺳر واﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻪ‪ .3‬وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻹﻓﺷﺎء ﻫو ﻧوع ﻣن‬
‫اﻹﺧﺑﺎر وﺟوﻫرﻩ ﻧﻘل اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺷﺧص ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺗﻛﺗﻣﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ وأودﻋﻬﺎ ﻟدى اﻟطﺑﯾب‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟظﺎﻫر ﺣﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل طب وﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،‬‬
‫‪ 2004‬ص ‪. 121-120‬‬
‫‪2‬ﺳﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﺳﻣﯾﻊ اﻷذون‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر وﻣﺳﺎﻋدﯾﻬم‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪،‬‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2004 ،‬ص ‪316‬‬
‫‪3‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء و اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ص ‪.160‬‬

‫‪58‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫أو اﻛﺗﺷﻔﻬﺎ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋن طرﯾق اﻟﻔﺣص‪ .‬وﻣﺟرد اﻟﻛﺷف ﻋن واﻗﻌﺔ اﻟﺳر ﻻ ﯾﻌد إﻓﺷﺎء‬
‫إﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﺗﺣدﯾد اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﺗﺻل ﺑﻪ ﻓﺑﯾﺎن ﻫذا اﻟﺷﺧص ﺷرط أﺳﺎﺳﻲ ﻟﺗﺻور اﻟﻣﺟﻧﻲ‬
‫ﻋﻠﯾﻪ وﻣﻌرﻓﺗﻪ وﻟﻘﯾﺎم ﻋﻠﺔ اﻟﺗﺟرﯾم اﻟﻣﺗﺟﺳدة ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻫذا اﻟﺷﺧص‪.1‬‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذا ﯾﺟوز ﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾﻣﺛل ﺑﺎﻟوﻗﺎﺋﻊ ﺷرﯾطﺔ إﻻ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أﺳﻣﺎء أو ﺻﻔﺎت أو‬
‫وﻗﺎﺋﻊ ﻗد ﺗﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣﻧﻬﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﻣﻠزم ﺑﻛﺗﻣﺎن ﻣﺎ ﯾﺧﺑرﻩ ﻣرﯾﺿﻪ ﻣن‬
‫ﻣﻌﻠوﻣﺎت وﻫو اﻟﺗزام ﻗﺿت ﺑﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 206‬ﻣن ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪:2‬‬
‫" ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻷطﺑﺎء وﺟراﺣﻲ اﻷﺳﻧﺎن واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ أن ﯾﻠﺗزﻣوا ﺑﺎﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ إﻻ إذا ﺣررﺗم ﻣن‬
‫ذﻟك ﺻراﺣﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ "‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗوﺟب‬ ‫وزاد ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﺗدﻋﯾﻣﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 36‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻣﺎرﺳﯾن اﻟطﺑﯾﯾن اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ إﻻ إذا أﻋﻔﺎﻫم اﻟﻘﺎﻧون ﻣن ذﻟك وﻻ ﯾﺷﺗرط‬
‫ﻓﻲ اﻹﻓﺷﺎء أن ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣل ﺟزﺋﯾﺎت اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ ﺑل ﯾﻛﻔﻲ إﯾداع ﺟزء ﻣﻧﻪ ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺗطﻠب‬
‫ﻟﻘﯾﺎم ﻫذا اﻟﻔﻌل اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ ﺑل ﯾﻛﻔﻲ اﻟﺑوح ﺑﺳر ﻟﺷﺧص واﺣد وﻟو ﻛﺎن طﺑﯾﺑﺎ ﺑدورﻩ ذﻟك أن‬
‫اﻟﻣرﯾض ﯾﺧﺗﺎر طﺑﯾﺑﺎ ﺑﻌﯾﻧﻪ ﻟذا ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻣﺳك ﻋن اﻹﻓﺿﺎء ﺑﺎﻟﺳر وطﺎﻟﻣﺎ أن‬
‫اﻟﻛﺗﻣﺎن ﻣﻔروض ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻣﺎ اﻣﺗدت ﺑﻪ ﺣﯾﺎة اﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻠﺣق ﻟﻪ ذﻛر اﻟﺳر ﺑﻌد‬
‫وﻓﺎﺗﻪ وﻫو ﻣﺎ ﻓرﺿﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 41‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر إﻻ ﻹﺣﻘﺎق ﺣﻘوق‪.‬‬
‫ﻗد ﺗﺗﻌدد وﺳﺎﺋل إﻓﺷﺎء اﻟﺳر ﻓﻘد ﺗﻛون ﺷﻔﺎﻫﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ وﻗد ﺗﻛون اﻟﻧﺷر ﻓﻲ اﻟﺻﺣف‬
‫واﻟدورﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ أو ﻋن طرﯾق اﻟﻣﻠﻔﺎت اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﺷﻬﺎدات ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻓﯾﻬﺎ‬
‫ﻧﺷرات طﺑﯾﺔ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ إﺻﺎﺑﺔ أو ﻣرض رؤﺳﺎء اﻟدول واﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﺑﺎرزة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ‬
‫وﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟﺗﻲ ﻧﺷرت ﺑﺧﺻوص ظروف وﻓﺎة اﻟرﺋﯾس اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ ﯾﺎﺳر ﻋرﻓﺎت‬

‫‪1‬‬
‫ﻣرﺳوم ﺗﻧﻔﯾذي رﻗم‪ ،92/276 :‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬

‫‪2‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص ‪.161‬‬


‫‪3‬ﻗﺎﻧون ‪ 85/05‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1985/02/16 :‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻧد ‪،08‬‬
‫ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪1985/02/17 :‬‬

‫‪59‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺣﯾث ﺗﺿﻣﻧت ﺑﯾﺎﻧﺎت وﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺣول ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺗﺣﺎﻟﯾل اﻟﺗﻲ أﺟرﯾت ﻟﻠرﺋﯾس اﻟراﺣل ﺑﻬدف‬
‫اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠوﻓﺎة وﻫذا ﻣن أﺟل إﻋﻼم اﻟرأي اﻟﻌﺎم ﺑﻬﺎ ﻷن ﺣﺎﻟﺔ اﻟرؤﺳﺎء‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺔ ﺗﻬم اﻟﺟﻣﯾﻊ وﻣن ﺣق اﻟﺷﻌب اﻻطﻼع ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺗﺻرﯾﺢ ﻣن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ وﻣن‬
‫‪1‬‬
‫أﺳرة اﻟرﺋﯾس وﻫذا ﻟﺗﻔﺎدي ﻣﺷﺎﻛل ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻗد ﺗﺣدث ﻣن ﺟراء اﻹﺧﻔﺎء‪.‬‬
‫‪ /2‬أن ﯾﻛون ﻣوﺿوع اﻹﻓﺷﺎء ﺳرا‪:‬‬
‫ﻣن اﻟﺻﻌب أن ﻧﺟد ﻣﻌﯾﺎرا ﺻﺎدﻗﺎ ﯾﺣدد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺳر ﻓﺎﻟﺑﻌض ﯾرى أن اﻟﺳر ﻫو ﻛل ﻣﺎ‬
‫ﯾﺿر إﻓﺷﺎؤﻩ ﺑﺎﻟﺳﻣﻌﺔ أو ﺑﺎﻟﻛراﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﯾﺟد أن ﻛل ﻧﺑﺎ ﯾﺟوز أن ﯾﻌد ﺳرا وﻟو ﻏﯾر‬
‫ﻣﺷﯾن ﺑﻣن ﯾرﯾد ﻛﺗﻣﺎﻧﻪ‪ ،‬اﻟﻣﻬم أﻧﻪ ﻗد ﯾﻠﺣق ﺿررا ﺑﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧﺑﺄ أو إﻟﻰ‬
‫ظروف اﻟﺣﺎل‪ .‬ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾذﻛر ﺷﯾﺋﺎ ﻋن ﻧوع اﻟﻣرض ذﻟك أﻧﻪ‬
‫ﻻ ﯾﺻﺢ أن ﯾﺗرك ﻟﻠطﺑﯾب ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾر ﻣﺎ ﯾﺟوز إﻓﺷﺎؤﻩ وﻣﺎ ﯾﺟب ﻛﺗﻣﺎﻧﻪ طﺎﻟﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ‬
‫ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﻣﺎ ﺳﯾرﺗﺑﻪ اﻹﻓﺷﺎء ﻣن آﺛﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض وﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺻل اﻟﺳر إﻟﻰ اﻟطﺑﯾب‬
‫ﺑﺣﻛم ﻣﻬﻧﺗﻪ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻟم ﯾطﻠب ﻣﻧﻪ اﻟﻛﺗﻣﺎن وﺣﺗﻰ وﻟو ﻟم ﯾدل ﺑﻪ اﻟﻣرﯾض ﺑل اﻛﺗﺷﻔﻪ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻣﺻﺎدﻓﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﻔﺣص اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻣﻬﺎراﺗﻪ ﻓﺎﻧﻪ ﻣﻠزم ﺑﻌدم إﻓﺷﺎء ﻣﺎ ﺗوﺻل إﻟﯾﻪ‬
‫وﻗد ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة ‪ 37‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻛل ﻣﺎ ﯾﺻل إﻟﻰ اﻟطﺑﯾب ﺑﺣﻛم‬
‫ﻋﻣﻠﻪ‪ ،‬ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ " :‬ﯾﺷﻣل اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾراﻩ اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن وﯾﺳﻣﻌﻪ وﯾﻔﻬﻣﻪ أو‬
‫ﻛل ﻣﺎ ﯾؤﻣن ﻋﻠﯾﻪ ﺧﻼل أداﺋﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺳرا ﻛل ﻣﺎ ﻫو ﻣﻌﻠوم وظﺎﻫر إﻟﻰ ﺣد ﻻ ﺟدوى ﻣن إﺧﻔﺎﺋﻪ ‪ ،‬وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻻ‬
‫ﯾﻔﺷﻲ طﺑﯾب اﻟﻌﯾون ﺳرا إذا ﻗﺎل أن ﺷﺧص ﻟﻪ ﻋﯾن زﺟﺎﺟﯾﺔ إذ ﻫذا اﻷﻣر ظﺎﻫر ﻟﻠﻌﯾﺎن‪ ،‬ﻛﻣﺎ‬
‫ﻻ ﺗﻌد اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ إﻓﺷﺎء ﻟﻠﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ إذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب ﻣﻣﺛﻼ ﻟﺷر ﻛﺔ ﻣﺎ وﺗﺧﺗﺎر‬
‫ﻣوظﻔﯾﻬﺎ ﻟﺗوﻟﻲ ﻣﻧﺎﺻب ﺣﺳﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرﻛﺔ ﺑﻌرﺿﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺣص اﻟطﺑﻲ ﻣن أﺟل أﺧذ رأﯾﻪ‬

‫‪1‬ﺷرﯾف اﻟطﺑﺎخ‪ ،‬ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ‪ ،‬اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،2003،‬‬
‫ص ‪.106‬‬

‫‪60‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻓﻲ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻣوظف ﻣﺎ ﻟﺗوﻟﻲ ﻣﻧﺻب ﻣﺎ‪ .‬ﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﻣﻼﺋﻣﺔ اﻟﺷﺧص ﻟﺷﻐل ذﻟك‬
‫اﻟﻣﻧﺻب ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾﺳﺑب رأﯾﻪ ﺑذﻛر ﻧوع اﻟﻣرض اﻟﻣﺎﻧﻊ ﻟﻠﻣﻼﺋﻣﺔ وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد‬
‫ﻗﺿت إﺣدى اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋﻧدﻣﺎ ذﻛر ﻓﻲ ﺗﻘرﯾرﻩ ﺗﺷﺧﯾص اﻟﻣرض‬
‫اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ ﺷﺧص ﺗﻘدم ﺑطﻠﺑﻪ ﻟﻠﻌﻣل ﻓﻲ إﺣدى ﺷرﻛﺎت اﻟطﯾران‪.1‬‬
‫‪/3‬وﻗوع اﻹﻓﺷﺎء ﻣن اﻟطﺑﯾب‪:‬‬
‫ﻟم ﯾﺣﺻر اﻟﻘﺎﻧون أﻟﻘﺎب اﻟﻣﻠﺗزﻣﯾن ﺑﻛﺗﻣﺎن اﻟﺳر‪ ،‬ﺑل أوردﻫم ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل اﻷطﺑﺎء‬
‫واﻟﺟراﺣون واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ واﻟﻘﺎﺑﻼت وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ /301‬ف‪ 1‬ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‬
‫ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ " :‬ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺷﻬر إﻟﻰ ﺳﺗﺔ أﺷﻬر وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 500‬إﻟﻰ ‪ 5000‬دج اﻷطﺑﺎء‬
‫واﻟﺟراﺣون واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ و اﻟﻘﺎﺑﻼت وﺟﻣﯾﻊ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣؤﺗﻣﻧﯾن ﺑﺣﻛم اﻟواﻗﻊ أو اﻟﻣﻬﻧﺔ أو‬
‫اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟداﺋﻣﺔ أو اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻋﻠﻰ أﺳرار أدﻟﻰ ﺑﻬﺎ إﻟﯾﻬم وأﻓﺷوﻫﺎ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻻت‪ ."...‬واﻟﻘﺎﻧون‬
‫ﺑﻬذا اﻟﺗﺟرﯾم أراد أن ﯾﺣﻣﻲ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣن ﺗﻠﺟﺄﻫم اﻟﺿرورة وﯾﺿطر إﻟﻰ اﻟﺑوح ﺑﺄﺳرارﻫم إﻟﻰ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻷطﺑﺎء ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫم أﻛﺛر اﻻطﻼع ﻋن أﺳرار اﻟﺣﯾﺎة‬
‫اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻣﻠﻬم وﻫو ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 206‬اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻣن ﻗﺎﻧون ‪85/05‬‬
‫ﻣﺧﺎطﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﯾن ﻣﻧﻬم واﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي )اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ(‪:‬‬
‫ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﻓﺷﺎء ﻋﻣﻠﯾﻪ ﯾﺟب اﻟﻘﯾﺎﻣﻬﺎ ﺗواﻓر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻓﻼ ﺗﻘوم ﺑﺎﻹﻫﻣﺎل أو ﻋدم اﻻﺣﺗﯾﺎط‬
‫ﺣﯾث ﻻ ﯾرﺗﻛب ﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻬﻣل إﺧﻔﺎء ورﻗﺔ ﻣﺗﺿﻣﻧﺔ أﺳرار ﻣرﯾﺿﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧظﺎر اﻟﻣرﺿﻰ اﻵﺧرﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗرﻛﻬﺎ ﻓوق اﻟﻣﻛﺗب ﻣﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﺷﺧص ﻣﺎ اﻻطﻼع‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.2‬‬

‫‪1‬ﺣﺳن ﻋﻠﻰ اﻟذﻧون‪،‬اﻟﻣﺳوط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ )اﻟﺧطﺄ(‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻷردن‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪531‬‬

‫‪2‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص ‪.166‬‬

‫‪61‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫واﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗطﻠب ﻟﻘﯾﺎم ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻫو اﻟﻘﺻد اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻌﻠم اﻷﻣﯾن ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺳر ﺑﻛﺎﻓﺔ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬أي أن ﯾﻔﺷﻲ واﻗﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ ﯾﻠزﻣﻪ اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ﺑﻛﺗﻣﺎﻧﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺟﻪ إرادﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﺣﻘق ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ وﻫو ﻓﻌل اﻹﻧﺷﺎء وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫ﺣﺗﻰ وﻟو ﻟم ﯾﻛن ﻟدى اﻷﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺳر ﻧﯾﺔ اﻹﺿرار ﺑﺻﺎﺣب اﻟﺳر إذ ﻻ ﯾﺳﺗﻠزم ﻫذا اﻟﺟرم‬
‫ﻗﺻدا ﺧﺎﺻﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻋﻘوﺑﺔ ﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‪:‬‬
‫ﺑﺗواﻓر ﻛل اﻟﺷروط واﻷرﻛﺎن اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻓﻲ ﺣق ﻛل ﻣﻣﺎرس طﺑﻲ أو ﻣن ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ‬
‫ﻛﺗﺎﺑﻌﯾﻪ ﺗﻘوم ﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ وﺣﻘت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 235‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون ‪ 85/05‬ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ 1‬ﺑﻧﺻﻬﺎ‪ " :‬ﺗطﺑق اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 301‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣن ﻻ ﯾراﻋﻲ إﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ‪ 206‬و ‪ 226‬ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون " ﻓﻧﺟد أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﺟﺎﻋت ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻣﻣﺎرﺳﯾن‬
‫اﻟطﺑﯾﯾن وﺷﺑﻪ اﻟطﺑﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾﻌﻣﻠون ﻛﻣﺳﺎﻋدﯾن وﺗﺳﻣﺢ ﻟﻬم ظروف ﻋﻣﻠﻬم ﺑﺎﻹطﻼع ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳرار اﻟﻣرﺿﻰ ﻛﻣﺎ أﻧﻪ أﺣﺎﻟت اﻟﻌﻘوﺑﺔ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 301‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ 2‬ﺗﻧص‬
‫ﻋﻠﻰ‪ :‬ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺷﻬر إﻟﻰ ﺳﺗﺔ أﺷﻬر وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 20000‬إﻟﻰ اﻷطﺑﺎء واﻟﺟراﺣون‬
‫وﺟﻣﯾﻊ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣؤﺗﻣﻧﯾن ﺑﺣﻛم اﻟواﻗﻊ أو اﻟﻣﻬﻧﺔ أو ‪ 100000‬دج ‪.‬‬
‫اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟداﺋﻣﺔ أو اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻋﻠﻰ أﺳرار أدﻟﻰ ﺑﻬﺎ إﻟﯾﻬم وأﻓﺷوﻫﺎ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾوﺟب‬
‫ﻋﻠﯾﻬم ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون إﻧﺷﺎؤﻫﺎ وﯾﺻرح ﻟﻬم ﺑذﻟك‪....‬‬

‫‪1‬ﻗﺎﻧون ‪ 85/05‬ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬


‫‪2‬ﻗﺎﻧون ‪،23/06‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر ‪ ،66/156‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪164‬‬

‫‪62‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺑﻧد اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﺣﺎﻻت إﺑﺎﺣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‪:‬‬


‫ﻋرﻓﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق أن أﺳﺎس ﻛﺗﻣﺎن اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﺗﺗﻧﺎزﻋﻪ ﻧظرﯾﺗﺎن ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ أﺳرار اﻟﻣرﺿﻰ وﻋدم إﻓﺷﺎﺋﻬﺎ ﺑﺳﺑب ارﺗﺑﺎط اﻟطرﻓﯾن )اﻟطﺑﯾب‬
‫واﻟﻣرﯾض( ﻓﻲ أﻛﺛر اﻷﺣوال ﺑﻌﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ‪ 1‬وﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ وأﻓرادﻩ ﻓﻲ ﻋدم‬
‫إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟذي ﯾﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﺗﺄﻣﯾن اﻟﻌﻼج ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻛل ﺷﺧص‪ .2‬وﻟﻛن ﺑﺎﻟﻣﺗﺄﻣل ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺗﯾن ﻧﺟد أﻧﻪ ﻻ ﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ ذﻟك ﻷن‬
‫ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻣﻛﻣل ﻟﻶﺧر ذﻟك أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻫو ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﻓراد وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻛﻼﻫﻣﺎ أﺟدر ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻫذا ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 37‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم‪ 276/92‬اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر ﺣﯾث‬
‫أدﻣﺞ اﻟﻧظرﯾﺗﯾن ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻌطﻲ ﻟﻸطﺑﺎء ﻓرﺻﺔ اﺳﺗﻐﻼل اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻘﺎﻋدﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب ﻹﻓﺷﺎء أﺳرارﻩ واﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ اﻹﺿرار ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﺄن ﯾﻔﻘد اﻷﻓراد‬
‫اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻛون ﺗﻔﺷﻲ ﻟﻸﻣراض واﻷوﺑﺋﺔ وﺗﺣطﯾم ﻛﯾﺎن اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ﻗﺎﻋدة اﻟﻌﻘﺎب ﻋﻠﻰ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻫﻧﺎك ﺣﺎﻻت ﯾﺟوز ﻓﯾﻬﺎ اﻹﻓﺷﺎء‬
‫دون ﺗﺣﻘق اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑزوال اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻹﻧﺷﺎء وﻫذا ﺗرﺟﯾﺣﺎ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻹﻧﺷﺎء‬
‫ﻋن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻛﺗﻣﺎن أﻛﺎن ذﻟك ﺑرﺿﺎ اﻟﻣرﯾض أو ﻷﺳﺑﺎب أﺧرى‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻧدﯾن‬
‫ﺣﯾث ﻧﺗﻧﺎول ﻓﻲ اﻟﺑﻧد اﻷول أﺳﺑﺎب إﺑﺎﺣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺑﻧد ﺛﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫أوﻻ‪ /‬إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﮐﺗﻣﺎن اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ أﻟزم اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻹﻧﺷﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﺣددة وﻣﻌﯾﻧﺔ ذﻛرﻫﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻧﺻوص ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻣن أﺟل اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟوﻻدات واﻟوﻓﯾﺎت أي اﻟﺧﺎﺻﺔ‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟرزاق اﻟﺳﻧﻬوري‪ :‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ ،‬اﻟﺟزء اﻟﺳﺎﺑﻊ اﻟﻣﺟﻠد ‪ ،01‬اﻟطﺑﻌﺔ‬
‫اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ 1998 ،‬ص ‪930‬‬
‫‪2‬‬
‫‪M. Benezech. B Horeini. le secret médical.confidentialité et discrétion en médecine .Paris ،1996p18‬‬

‫‪63‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻹﻧﺷﺎء ﻣن أﺟل اﻟﺻﺣﺔ واﻷﻣن اﻟﻌﺎﻣﯾن ﻛﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟﺟراﺋم‬
‫واﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ و ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻧﺷﺎء ﻟﻬدف ﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ‬
‫‪/1‬أﺳﺑﺎب إﺑﺎﺣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ :‬أﺷﺎر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﺻوص ﻣﺗﻌددة ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟﻣواﻟﯾد ﺳواء ﻣن اﻷﺷﺧﺎص أو‬
‫اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت وﻛذا ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠوﻓﯾﺎت‪.‬‬
‫أ‪ -‬اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟﻣواﻟﯾد‪ :‬ﻋﺎﻟﺞ اﻟﻣﺷرع ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟوﻻدات ﺑﻧﺻﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 61‬ﻣن‬
‫اﻷﻣر اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ ":‬ﯾﺻرح ﺑﺎﻟﻣواﻟﯾد ﺧﻼل ﺧﻣﺳﺔ أﯾﺎم ﻣن اﻟوﻻدة إﻟﻰ ﺿﺎﺑط‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪.1"...‬‬
‫ﻓﻘد ﺣدد اﻟﻣﺷرع ﻣدة اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﺑﺧﻣﺳﺔ أﯾﺎم ‪ ،‬وﻫﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺗﺷرﯾﻊ ﻵﺧر‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﺷﻲء‬
‫اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻫو أن اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟوﻻدة أﻣر إﺟﺑﺎري ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺑﯾب أو اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ أو ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟوﻻدة‪ ،‬ﺳواء داﺧل أو ﺧﺎرج اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت أو اﻟﻣراﻛز‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟذﻟك‪ ،‬أو ﻓﻲ ﻣﺳﻛن ﺧﺎص ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 62‬ﻣن ﻧﻔس‬
‫اﻷﻣر اﻟﺳﺎﺑق اﻟذﻛر ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪" :‬ﯾﺻرح ﺑوﻻدة اﻟطﻔل اﻷب أو اﻷم وا ٕ ﻻ ﻓﺎﻷطﺑﺎء واﻟﻘﺎﺑﻼت وأي‬
‫ﺷﺧص آﺧر ﺣﺿر اﻟوﻻدة‪ ،‬وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻷم وﻟدت ﺧﺎرج ﻣﺳﻛﻧﻬﺎ ﻓﺎﻟﺷﺧص اﻟذي وﻟدت‬
‫اﻷم ﻋﻧدﻩ ‪.‬‬
‫وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺗﺻرﯾﺢ ﻋن اﻟوﻻدة ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو اﻟﻘﺎﺑﻼت ﻋﻠﻰ ﻏرار‬
‫ذوي اﻟﺷﺄن أو أي ﺷﺧص ﺣﺻﻠت ﻋﻧدﻩ واﻗﻌﺔ اﻟوﻻدة ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗدل ﻣﻧﻪ أن اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟوﻻدة‬
‫ﻟﻠﺟﻬﺎت اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﻻ ﯾﻌﺗﺑر إﻓﺷﺎء ﻟﻠﺳر اﻟطﺑﻲ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎﻧت اﻟوﻻدة ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﺣﻣل ﻏﯾر‬
‫ﺷرﻋﯽ ‪2‬وﻓﻲ ﻫذا ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻟوﻻدة أو اﻟﻣوﻟود اﻟذي ﻻ ذﻧب ﻟﻪ ﻓﻲ ذﻟك‪.‬‬

‫‪1‬أﻣر رﻗم ‪ 20/70‬ﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 19/02/1970‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،12‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪.1970/02/27‬‬
‫‪2‬ﻣوﻓق ﻋﻠﻰ ﻋﯾد‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ﻋن إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬‬
‫اﻷردن‪،1998 ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪64‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟوﻓﯾﺎت ‪ :‬ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 78‬ﻣن اﻷﻣر ‪ 70/20‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪" :‬ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗم اﻟدﻓن دون ﺗرﺧﯾص ﻣن ﺿﺎﺑط اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻣﻛﺗوب ﻋﻠﻰ ورﻗﺔ‬
‫ﻋﺎدﯾﺔ ودون ﻧﻔﻘﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﻠم اﻟﺗرﺧﯾص إﻻ ﺑﻌد ﺗﻘدﯾم ﺷﻬﺎدة ﻣﻌدة ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺑﯾب أو‬
‫ﻣن ﻗﺑل ﺿﺎﺑط اﻟﺷرطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ....‬ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﻫذا أن اﻟطﺑﯾب وﺣدﻩ اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺈﻋداد ﺷﻬﺎدة‬
‫ﺗﺛﺑت وﻓﺎة اﻟﺷﺧص وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﻌد ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدة إﻓﺷﺎء ﻟﻠﺳر اﻟطﺑﻲ ﺑل ﻫﻲ ﺿﻣن‬
‫اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟطﺑﯾب اﻟﺗﻲ ﻛﻠﻔﻪ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﺣﯾث ﯾدون اﻟطﺑﯾب ﻓﯾﻬﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟوﻓﺎة وﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ‪،‬‬
‫وذﻟك ﻹﺣﻘﺎق ﺣﻘوق اﻟو رﺛﺔ ﻫذا إذا ﻛﺎﻧت اﻟوﻓﺎة طﺑﯾﻌﯾﺔ أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻏﯾر طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻌﻠﻰ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﺟﻬﺎت اﻟرﺳﻣﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑذﻟك ﻟﻔﺗﺢ ﺗﺣﻘﯾق ﻣن أﺟل ﻣﻌرﻓﺔ أﺳﺑﺎﺑﻬﺎ ﻗﺑل زوال‬
‫اﻟﻣﻌﺎﻟم اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣن اﻟﺟﺛﺔ أو اﻟﻣﻧﻊ اﻧﺗﻘﺎل اﻟﻌدوى‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﻠزم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن وﻓﺎة اﻟطﻔل ﺳواء أﺛﻧﺎء اﻟوﻻدة أو ﺑﻌدﻫﺎ ﺑﻘﻠﯾل‪،‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﻗﺿﯾﺔ ‪1‬ﺗﺗﺧﻠص وﻗﺎﺋﻌﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺄن ﻓﺗﺎة ﺣﻣﻠت ﻣن ﺳﻔﺎح ووﺿﻌت ﺑﻣﺳﺎﻋدة طﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﻧزل‬
‫واﻟدﻫﺎ إﻻ أن اﻟطﻔل ﺗوﻓﻲ ﺑﻌد ﻟﺣظﺎت ﻣن اﻟوﻻدة‪ ،‬ﻓﺎﻋﺗﻘد اﻟطﺑﯾب أﻧﻪ ﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﺗﺑﻠﯾﻎ وﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﺧص ﻓﺎن ذﻟك ﻓﯾﻪ ﺳﺗر ﻟﻠﻔﺿﯾﺣﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻣﺎ اﻧﺗﺷر اﻟﺧﺑر ﻗدم اﻟطﺑﯾب ﻟﻠﻣﺣﺎﻛﻣﺔ وﻗﺿﻲ ﻋﻠﯾﻪ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب ﻟﻌدم ﺗﺑﻠﯾﻐﻪ ﻋن اﻟوﻻدة‪.‬‬
‫‪ /2‬أﺳﺑﺎب إﺑﺎﺣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻣن أﺟل اﻟﺻﺣﺔ واﻷﻣن اﻟﻌﺎﻣﯾن‪ :‬ﻧﺗﻧﺎول ﻓﻲ ﻫذا‬
‫اﻟﺷﺄن ﻣﺳﺄﻟﺗﯾن ﺟد ﻫﺎﻣﺗﯾن‪ ،‬ﻫﻲ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻣن أﺟل اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻧﻘﺻد ﺑﻬﺎ‬
‫اﻟﺿرورة اﻟﻣﻠﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬ﻓﻲ أن ﯾﺑﻠﻎ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻋن اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣرﺿﯾﺔ اﻟﺧطﯾرة‬
‫واﻟﻣﻬددة ﻟﻠﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣن أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ اﻷﺷﺧﺎص ﻣن اﻷوﺑﺋﺔ‪ ،‬واﻧﺗﺷﺎر‬
‫اﻟﻌدوى ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬واﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻣن أﺟل اﻷﻣن اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺟراﺋم‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺻل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻟطﺑﯾب‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣود ﻣﺻطﻔﯽ‪ ،‬ﻣدى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب إذا أﻓﺷﻰ ﺳرا ﻣن أﺳرار ﻣﻬﻧﺗﻪ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.680‬‬

‫‪65‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻓﻛﻠﺗﺎ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ﺗﺷﺗرﻛﺎن ﻓﻲ ﻛون اﻟﻬدف ﻣن اﻹﻓﺷﺎء ﻫو ﺗو ﺧﻲ اﻟﺣذروا ٕ ﻋﻼم اﻟﺳﻠطﺎت‬


‫ﺑﺎﻟﺧطر اﻟﻣﻬدد ﻷﻣن واﺳﺗﻘرار اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﯾرﺟﺢ ﻛﻔﺔ اﻹﻧﺷﺎء ﺑﺎﻟﺳر ﻋن اﻻﻟﺗزام‬
‫ﺑﺎﻟﻛﺗﻣﺎن ﻣن أﺟل إﻧﻘﺎذ ووﻗﺎﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن اﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ أو ﻣن اﻟﺟراﺋم‪.‬‬
‫أ‪ -‬إﻓﺷﺎء اﻟﺳر ﻣن أﺟل اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬إن ﻛون اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ‬
‫اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻻ ﺷك ﻓﻲ أن اﻟطﺑﯾب ﻣﻠزم ﺑﺎﻹﺑﻼغ ‪ 1‬ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻋن اﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ ﺳواء أوﺑﺋﺔ أو‬
‫أﻣراض ﺗﻧﺎﺳﻠﯾﺔ أو ﻣﻬﻧﯾﺔ أو ﻋﻘﻠﯾﺔ ﻣن أﺟل اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ واﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻣن طرف‬
‫اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 54‬ﻣن ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ‬
‫وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ " :‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ أي طﺑﯾب أن ﯾﻌﻠم ﻓورا اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺄي ﻣرض‬
‫ﻣﻌد ﺷﺧﺻﯾﺎ وا ٕ ﻻ ﺳﻠطت ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻘوﺑﺎت إدارﯾﺔ وﺟزاﺋﯾﺔ "‪.‬‬
‫وﻻ ﯾﻌد اﻹﺑﻼغ ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻓﺷﺎء ﻟﻠﺳر اﻟطﺑﻲ ﺑل ﻫو واﺟﺑﺎ ﺗﻧﻔﯾذا ﻷﻣر اﻟﻘﺎﻧون ﺣﺳب ﻣﺎ‬
‫ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 39‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ ":‬ﻻ ﺟرﯾﻣﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻔﻌل ﻗد أﻣر أو أذن‬
‫ﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون‪ ....‬وﻣن أﺟل ﻋدم إطﻼق اﻟﻌﻧﺎن ﻟﻸطﺑﺎء ﻓﻲ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﺣﺎول اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﺻدي ﻟﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 55‬ﻣن ﻗﺎﻧون‬
‫‪ 05/85‬ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ ":‬ﯾﺧﺿﻊ اﻟﺳﻛﺎن ﻟﻠﺗطﻌﯾم اﻹﺟﺑﺎري اﻟﻣﺟﺎﻧﻲ ﻗﺻد اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻷﻣراض اﻟﻌﻔﻧﺔ‬
‫اﻟﻣﻌدﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺣدد ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻧظﯾم ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻷﻣراض اﻟﻌﻔﻧﺔ اﻟﻣﻌدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗوﺟب اﻟﺗطﻌﯾم‬
‫اﻹﺟﺑﺎري"‪.‬‬
‫إﻻ أن ﻫﻧﺎك أﻣراض ﻗد ظﻬرت ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻟو‬
‫ﻓﻲ ﻟواﺋﺢ وﻗرارات ﺿف إﻟﻰ ذﻟك أن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﻣﻌدل أوﺟب إﺟراء اﻟﻔﺣوص اﻟطﺑﯾﺔ ﻗﺑل‬
‫اﻟزواج وا ٕ ﻋﻼم اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﻘﺑﻠﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻛل ﻣرض ﻣﻛﺗﺳب أو وراﺋﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ أﺣدﻫﻣﺎ‪ 2‬وﻓﻲ‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟظﺎﻫر ﺣﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل طب وﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،2004 ،‬ص ‪127‬‬
‫‪2‬ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 07‬ﻣﻘرر ﻣن اﻷﻣر رﻗم‪ 02/05:‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 2005/02/ 27 :‬ﯾﻌدل وﯾﺗﻣم اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 84/11‬واﻟﻣﺗﺿﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ 15‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ ،27/02/2005 :‬ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ طﺎﻟﺑﻲ اﻟزواج أن ﯾﻘدﻣﺎ وﺛﯾﻘﺔ طﺑﯾﺔ‬
‫ﻻ ﯾزﯾد ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ ﻋن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﺗﺛﺑت ﺧﻠوﻫﻣﺎ ﻣن أي ﻣرض ‪"...‬‬

‫‪66‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻫذا ﺗﻐﻠﯾب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺳر اﻟطﺑﻲ وﻫذا ﺑﻣﻧﺢ ﻛل واﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺷﻬﺎدة‬
‫طﺑﯾﺔ ﺗﺛﺑت ﺻﺣﺗﻬﻣﺎ أو ﻣرض أﺣدﻫﻣﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻷﻣراض اﻟﻣﻌدﯾﺔ واﻟﺗﻧﺎﺳﻠﯾﺔ‬
‫ﯾﻘﻊ واﺟب ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب أن ﻻ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﻣوﺟب ﺷﻬﺎدة طﺑﯾﺔ ﺑﺣﺟﺔ اﻟﺳر‬
‫اﻟطﺑﻲ ﻋن اﻟﻣرﺿﻰ ﻋﻘﻠﯾﺎ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن ﻫؤﻻء ﯾﺷﻛﻠون ﺧطر وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣواد‬
‫‪ 109‬و‪ 111‬و‪ 125‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 85/05‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﺣﯾث ﺟﺎء‬
‫ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻪ ‪ 111‬ﺑﻧﺻﻬﺎ ‪ ...":‬ﯾﺟب أن ﯾرﻓق طﻠب اﻟﻔﺣص اﻹﺟﺑﺎري ﻓﻲ اﻷﻣراض اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ‬
‫ﺑﺷﻬﺎدة طﺑﯾﺔ ﯾﺣررﻫﺎ أي طﺑﯾب ﯾﺑﯾن ﻓﯾﻬﺎ اﻻﺿطراﺑﺎت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣرﯾض‬
‫واﻟﺧطر اﻟذي ﯾﻣﺛﻠﻪ ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ أن اﻟطﺑﯾب ﯾﺗﺣرر ﻣن اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻛﺗﺷﺎﻓﻪ ﻟﻣرض ﻣﻬﻧﻲ‪ 1‬اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻛﺗﻠك‬
‫اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﺗﻔﺎﻋﻼت أو ﺗرﺳﺑﺎت ﻟﻣواد ﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺳم ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن ﻫﺎﺗﻪ‬
‫اﻷﻣراض اﻟﻣﻔﺗﺷﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻣن أﺟل ﻋدم اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻌدوى ﻣن ﺟﻬﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻻﻟﺗﻬﺎب‬
‫اﻟﻛﺑدي وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻣن أﺟل ﺻﯾﺎﻧﺔ ﺣق اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﺻﻧدوق اﻟﺿﻣﺎن‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻣراﻗﺑﺔ ﺗوﻓر ﺷروط اﻟﻌﻣل وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 63‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﺣوادث اﻟﻌﻣل واﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪.2‬‬
‫ب‪ /-‬إﻓﺷﺎء اﻟﺳر ﻣن أﺟل اﻷﻣن اﻟﻌﺎم‪ :‬ﻧﻘﺻد ﺑﺈﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻣن أﺟل اﻷﻣن اﻟﻌﺎم‪،‬‬
‫ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻣﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻋﻧد ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ أو ﺑﺳﺑﺑﻬﺎ ﺣﯾث أن اﻟطﺑﯾب‬
‫ﯾدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻻﻟﺗزام اﻟﻌﺎم ﻛﺄي ﻣواطن ﺑﺎﻹﺑﻼغ ﻋن ﺗﻠك اﻟﺟراﺋم ﺗﻐﻠﯾﺑﺎ ﻟﻠﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﺣﺗﻰ‬
‫وﻟو ﺗرﺗب ذﻟك إﻓﺷﺎؤﻩ ﻟﺳر اﻟﻣرﯾض إذ ﻻ ﯾﻌﻘل أن ﯾﻛون اﻟﺳر ﻫو اﻟﺗﺳﺗر ﻋﻠﻰ اﻹﺟرام‬
‫وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﺟرﻣﯾن‪.3‬‬

‫‪1‬أﺣﻣﯾﺔ ﺳﻠﯾﻣﺎن ‪،‬اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻣل‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ 2002 ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪2‬اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 16/83‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 02 :‬ﯾوﻧﯾو ‪ 1983‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣوادث اﻟﻌﻣل واﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪28‬‬
‫اﻟﺳﻧﺔ ‪، 20‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 05‬ﯾوﻟﯾو ‪.1983‬‬
‫‪3‬ﻋﻠﻲ ﺣﺳﯾن ﻧﺟﯾدة‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،1992 ،‬ص ‪223‬‬

‫‪67‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻓﺎﻹﺑﻼغ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﻛون ﺳواء ﺑﻌد وﻗوع اﻟﺟرﯾﻣﺔ أو ﻗﺑل وﻗوﻋﻬﺎ وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب‬
‫ﻓرد ﻣن ﻫذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﺎن اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ واﺟب ﻋﺎم ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق ﻛل ﺷﺧص ﺗﺻل اﻟﻰ ﻋﻠﻣﻪ‬
‫ﻣﻌﻠوﻣﺎت‪،‬ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻷﻣن اﻟﻌﺎم وطﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 102/301‬ﻣن ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪..." :‬وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻼ ﯾﻌﺎﻗب اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺑﯾﻧون أﻋﻼﻩ رﻏم ﻋدم‬
‫اﻟﺗزاﻣﻬم ﺑﺎﻹﺑﻼغ ﻋن ﺣﺎﻻت اﻹﺟﻬﺎض اﻟﺗﻲ ﺗﺻل إﻟﻰ ﻋﻠﻣﻬم ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺗﻬم ‪،‬‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ إذا ﻫم أﺑﻠﻐوا ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا دﻋوا ﻟﻠﻣﺛول أﻣﺎم‬
‫اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ إﺟﻬﺎض ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬم اﻹدﻻء ﺑﺷﻬﺎدﺗﻬم دون اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ"‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺷرع أوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب‪ ،‬اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻠم ﺑﻬﺎ‪،‬وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺟرﯾﻣﺔ‬
‫اﻹﺟﻬﺎض‪ ،‬ﻓﺈذا اﺳﺗدﻋﻲ ﻟﻠﻣﺛول أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﻓﻬو ﻏﯾر ﻣﻘﯾد ﺑواﺟب اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ‬
‫اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑوﻗوع ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون أﻋطﻰ ﻟﻪ وﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻌﺑﺎرة رﺧﺻﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻹﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 03/206‬ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 05/85‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ " :‬ﯾﺟب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷطﺑﺎء أن ﯾﺑﻠﻐوا ﻋن ﺳوء ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷطﻔﺎل اﻟﻘﺻر واﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺣروﻣﯾن ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﻻﺣظوﻫﺎ ﺧﻼل ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬم ﻣﻬﻧﺗﻬم"‪.‬‬
‫ﻛذا ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 12‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟطب ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪" :‬ﻻ ﯾﻣﻛن‬
‫ﻟﻠطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن اﻟﻣدﻋو اﻟﻔﺣص ﺷﺧص ﺳﻠﯾب اﻟﺣرﯾﺔ أن ﯾﺳﺎﻋد أو ﯾﻐض اﻟطرف‬
‫ﻋن ﺿرر ﯾﻠﺣق ﺑﺳﻼﻣﺔ ﺟﺳم ﻫذا اﻟﺷﺧص‪...‬ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ إﺧﺑﺎر اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑذﻟك‪."..‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 54‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪ :‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن‬
‫اﻟﻣدﻋو ﻟﻼﻋﺗﻧﺎء ﺑﻘﺎﺻر أو ﺑﺷﺧص ﻣﻌوق إذا ﻻﺣظ أﻧﻬﻣﺎ ﺿﺣﯾﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻗﺎﺻﯾﺔ‪...‬أن ﯾﺑﻠﻎ‬
‫ﺑذﻟك اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ"‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﻘﺎﻧون رﻗم‪ 06/23 :‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 2006/12/20 :‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر رﻗم‪ 156/ 66 :‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪،‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫إن ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص ﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻋن وﻗوع ﺟرﯾﻣﺔ أو‬
‫اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋن اﻟﺳر ﻟﻣﻧﻊ وﻗوع اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫ج‪ /‬إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ‪ :‬إن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت واﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔرﻗﺔ‬
‫ﺟﺎءت ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻣﻠزﻣﺔ ﺗوﺟب اﻟطﺑﯾب ﺑﺈﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﺗﺳﻬﯾل ﻋﻣل اﻟﻘﺿﺎة ﻓﻲ اﻟوﺻول‬
‫إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻛن ﻫذا اﻹﻓﺷﺎء ﻟﯾس ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻪ‪ ،‬ﺑل ﻫﻧﺎك ﺿواﺑط وﺷروط ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓرﻫﺎ ﺣﺗﻰ‬
‫ﯾﻛون اﻹﻓﺷﺎء ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻣن طرف اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ أو اﻟﺧﺑﯾر‪.‬‬
‫‪ -‬ﺷﻬﺎدة اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء‪:‬‬
‫إن اﻟرﺧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﻣن اﻟﻣﻬن‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻬم‬
‫ﺑﺎﻹﻓﺿﺎء ﻋن أﺳرار ﻣرﺿﺎﻫم ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ رﺧص ﻗررت ﻟﺻﺎﻟﺢ ﺧدﻣﺔ ﻣرﻓق اﻟﻘﺿﺎء‬
‫وﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ وﻫذا ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪.‬‬
‫إن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت واﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻘرﻓﻪ ﺟﺎﻋت ﭘﺎﺣﮑﺎم ﻣﻠزﻣﺔ ﺗوﺟب اﻟطﺑﯾب ﺑﺈﻓﺷﺎء اﻟﺳر‬
‫اﻟطﺑﻲ ﻟﺗﺳﻬﯾل ﻋﻣل اﻟﻘﺿﺎة ﻓﻲ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻛن ﻫذا اﻹﻓﺷﺎء ﻟﯾس ﻣطﻠﻘﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻪ‪ ،‬ﺑل ﻫﻧﺎك ﺿواﺑط وﺷروط ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓرﻫﺎ ﺣﺗﻰ‬
‫ﯾﻛون اﻹﻧﺷﺎء ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻣن طرف اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ أو اﻟﺧﺑﯾر‪.‬‬
‫أﻣﺎم ﻫذا اﻟﺗﻌﺎرض ﺑﯾن اﻟواﺟﺑﯾن‪ ،‬وﻫﻣﺎ ﺣﻔظ اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ‪ ،‬وواﺟب أداء اﻟﺷﻬﺎدة أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء‬
‫ﯾﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﺿروري ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣوازﻧﺔ ﺑﯾن ﻫذﯾن اﻟواﺟﺑﯾن‪1‬ﺣﯾث أﻧﻪ ﺑﺳﻛوﺗﻪ وﻋدم‬
‫ﺷﻬﺎدﺗﻪ ﺳﯾﻌرض ﺑرﯾﺋﺎ ﻟﻠﻌﻘﺎب ظﻠﻣﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﺳﯾﺣﺎﻛم ﻋن ﻋدم اﻹدﻻء ﺑﺎﻟﺷﻬﺎدة أﻣﺎم‬
‫اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬ﻷن ذﻟك ﯾدﺧل ﺿﻣن ﻋرﻗﻠﺔ ﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ وﺗﻣﺗﺎز اﻟﺷﻬﺎدة ﺑطﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﻣﻌﻧوي إذا‬
‫ﺗﻧﺻب ﻓﻲ ﺷﻛل أﻗوال وﺗﺻرﯾﺣﺎت ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣطﻠق ﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ 2‬ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﺗﺣﻔظ‬
‫ﺻرﯾﺢ ورد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 01/97‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ " :‬ﻛل ﺷﺧص اﺳﺗدﻋﯽ‬

‫‪1‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،1989 ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪171‬‬
‫‪2‬ﻣﺳﻌودة زﺑدة‪ :‬اﻟﻘراﺋن اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ،‬ﻣوﻓم ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2001 ،‬ص ‪.195‬‬

‫‪69‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺳﻣﺎع ﺷﻬﺎدﺗﻪ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﺣﺿور وﺣﻠف اﻟﯾﻣﯾن وأداء اﻟﺷﻬﺎدة ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﭘﺳر اﻟﻣﻬﻧﺔ‪. 1‬‬
‫وﺑﻛل وﺿوح ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﻗررت ﻓﻲ اﻟﺷطر اﻷول اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﺄداء‬
‫اﻟﺷﻬﺎدة‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺷطر اﻷﺧﯾر ﻣﻧﻬﺎ ﺗﺿﻣﻧت ﻫذا اﻟﺗﺣﻔظ وﻟﻘد ﺗﺄﻛد ﻫذا اﻟﺗﺣﻔظ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 05/206‬ﻣن ﻗﺎﻧون ‪ 17/90‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ 2‬ﻋﻠﻰ أن اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻹدﻻء ﺑﺷﻬﺎدﺗﻪ إﻻ ﺑرﺿﻲ اﻟﻣرﯾض ﻧﻔﺳﻪ وﻓﻲ ﺣدود اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﻣطروﺣﺔ‬
‫ﻋﻠﯾﻪ وأن ﻻ ﯾﺗﻌدى إﻟﻰ أﻣور ﻟم ﯾطﻠب ﻣﻧﻪ اﻹدﻻء ﺑﻬﺎ ﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 04/206‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون‪.‬‬
‫ﻏﯾر أﻧﻪ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ﻫذا اﻟﺣﻛم ﺣرر اﻟﻣﺷرع ﺻراﺣﺔ اﻟطﺑﯾب ﻣن اﻟﺳر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹدﻻء‬
‫ﺑﺎﻟﺷﻬﺎدة أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﻧظرا ﻟﺧطورﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﻟو اﻋﺗرض اﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدة وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 02/301‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪..." :‬ﻓﺈذا دﻋوا‬
‫ﻟﻠﻣﺛول أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ إﺟﻬﺎض ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬم اﻹدﻻء ﺑﺷﻬﺎدﺗﻬم دون اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺳر‬
‫اﻟﻣﻬﻧﻲ "‪.‬‬
‫ﺧﻼﺻﺔ ﻟﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺟد أﻧﻪ إذا داﻋﻲ اﻟطﺑﯾب ﻟﻠﺷﻬﺎدة أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺳر‬
‫اﻟﻣﻬﻧﻲ إﻻ إذا ﺻدر ﻟﻪ رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﺑذﻟك واﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ذﻟك ﯾﻣﻛن ﻟﻪ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﺑدون رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﺑل ﺣﺗﻰ وﻟو اﻋﺗرض ﻋﻠﻰ ذﻟك‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ أﺣﯾﺎﻧﺎ‬ ‫‪ -‬ﺷﻬﺎدة اﻟﺧﺑﯾر أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء‪ :‬ﻟﺳﺑب اﻓﺗﻘﺎر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ‬
‫اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄﻫل اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ واﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻣﺛل اﻟﻘﺎﺿﻲ‬

‫‪1‬أﻣر رﻗم ‪ 66/155‬ﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1966/06/28‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻋدد ‪ ،48‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ‬
‫‪ 1966/06/10‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم‪.‬‬
‫‪3‬ﻗﺎﻧون ‪ 90/17‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1990/07/31‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻠﻘﺎﻧون ‪ 05/85‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‬
‫ﻋدد ‪ 35‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪15/08/1990‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Marion schnitzler. la communication du dossier médical dans le cadre d'une expertise ،judiciaire ، Gestions‬‬
‫‪hospitalieres Paris 155 p2005‬‬

‫‪70‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣدﻧﻲ ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ وﻟﻪ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺟدر اﻟﺗﻧوﯾﻪ ﺑﺄن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺎدة اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن رد اﻟﺧﺑﯾر ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎ ﻫو ﺟﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪. 1‬‬
‫ﻓﺎﻟﺧﺑﯾر ﻫو اﻟﺷﺧص اﻟﻣؤﻫل ﻓﻧﯾﺎ وﻋﻠﻣﯾﺎ ﻟﺗﺑﯾﺎن اﻟﺣﻘﺎﺋق واﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع‬
‫اﻟﻣطﻠوب ﻣﻧﻪ دراﺳﺗﻪ وا ٕ ﺑداء اﻟرأي ﻓﯾﻪ وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﺑﺎح ﻟﻪ اﻹدﻻء ﺑﻛل ﻣﺎ ﻋﻠم ﺑﻪ ﻣن‬
‫اﻟﻣرﯾض ﯾﺟﺳد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أو اﻟﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺗدﺑﺗﻪ وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺻف اﻷﻣر ﺑﺈﻓﺷﺎء اﻟﺳر ﻏﯾر‬
‫أﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺑﯾر أن ﯾﻌﻠم اﻟﻣرﯾض ﺑﺻﻔﺗﻪ وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪2 2/207‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ " :‬ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن أو اﻟﺻﯾدﻟﻲ‬
‫اﻟﻣﻛﻠف ﺑﻣﻬﻣﺔ اﻟﺧﺑرة أو اﻟﻣراﻗﺑﺔ أن ﯾطﻠﻊ اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﺳﯾﻘوم ﺑﻔﺣﺻﻬم ﻣﺧول ﺑﻬذﻩ‬
‫اﻟﺻﻔﺔ‪....‬‬
‫ﻓﻼ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺗﻐل اﻟﺧﺑﯾر ﺛﻘﺔ اﻟﻣرﯾض ﻟﻺﯾﻘﺎع ﺑﻪ ﺣﯾث ﯾﺗﺑﺎدر إﻟﻰ ذﻫن اﻟﻣرﯾض أن‬
‫ﻫذا اﻷﻣر ﯾدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻌﻼج ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ وﻟﻘد أﺷﺎرت اﻟﻣﺎدة ‪ 97‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت‬
‫اﻟطب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز أن ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب ﻣﻌﺎﻟﺟﺎ وﻓﻲ ذات اﻟوﻗت ﺧﺑﯾرا‪.‬وا ٕ ذا ﺣدث ذﻟك‬
‫ﯾﻣﻛن ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر أن ﯾرﻓض ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺧﺑرة‪3‬ﻷن اﻟﺧﺑﯾر ﯾﻣﺛل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أو اﻟﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺗدﺑﺗﻪ‬
‫وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈﻓﺷﺎء اﻟﺳر إذ أن ﻋﻣﻠﻪ ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻣن ﻋﻣﻠﻬﺎ ﺑﺷرط أن ﯾﻔﺿﻲ ﺑﻪ ﻟﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻓﻘط‬
‫‪4‬‬
‫وﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ طﻠب ﻣﻧﻪ وﻫذا ﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ‪04/206‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪/‬إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ :‬ﻗد ﯾﺟد اﻟطﺑﯾب ﻧﻔﺳﻪ ﻣﺿطرا إﻟﻰ إﻓﺷﺎء ﺳر‬
‫ﻣرﯾﺿﻪ ﻟﺿرورات ﺗﺣﺗﻣﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﺣﺎﻻت ﻛﺄن ﯾﻛون ذﻟك ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﻪ ﻣن‬
‫ﺟرﯾﻣﺔ ﻫو ﻣﺗﻬم ﺑﻬﺎ أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﺧص ﻟﻪ اﻟﻣرﯾض ﺑذﻟك ﺑرﺿﺎﻩ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻧوﯾري‪ :‬اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺷرطﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،1994 ،50‬ص ‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗﺎﻧون ‪ 90/17‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻧوﯾري‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪4‬ﻗﺎﻧون ‪ 90/17‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‬

‫‪71‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ /1‬اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺧول ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﻪ‪ :‬اﺳﺗﻘر اﻟرأي ﻋﻠﻰ‬
‫أن اﻟطﺑﯾب اﻟﺣق ﻓﻲ ﻛﺷف اﻟﺳر دﻓﻌﺎ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون‬
‫ﻣﺣل اﺗﻬﺎم ﻻرﺗﻛﺎب ﺟرﯾﻣﺔ ﺗﻣس ﺑﺳﻣﻌﺗﻪ ﻛﺎﻟﺟراﺋم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ‪ .‬ﻓﻬﻧﺎ ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ ﻣﺿطرا‬
‫ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻷﺳرار اﻟﻣﺗواﺟدة ﻓﻲ اﻟﻣﻠﻔﺎت اﻟطﺑﯾﺔ أو ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن أﺟل‬
‫ﻛﺷف اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وا ٕ ظﻬﺎر ﺑراءﺗﻪ‪ .‬ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻣن اﻟﺛﺎﺑت ﻗﺎﻧوﻧﺎ أن اﻟطﺑﯾب ﯾﺗﺣرر ﻣن اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺳر‬
‫اﻟطﺑﻲ ﻋﻧد اﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﺧطﺄ طﺑﻲ ﺳواء أﻣﺎم اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ أو اﻟﺗﺣﻘﯾق أو ﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم اﻟﺗﻲ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬﺎ‬
‫‪1‬‬
‫ﯾﺿﺎف إﻟﻰ‬ ‫ﻋﻘد اﻟﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ اﻟﻧﺷر ﻓﻲ اﻟﺻﺣف اﻷﺳرار ﻣرﺿﺎﻩ‬
‫ذﻟك ﺣﯾﺎة إذا وﻗﻊ ﺧﻼف ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن اﻟﻣرﯾض ﺣول اﻷﺗﻌﺎب ﺑﺣﺳب اﻟﺟﻬد اﻟذي ﺑذﻟﻪ أو ﻧوﻋﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻼج ‪.‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﻛل اﻟﺣﺎﻻت ﺗرﺟﺢ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺑﺎح ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ‬
‫إﻓﺷﺎء ﺳر اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﻟﻘدر اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻣن اﻷﺳرار اﻟﺗﻲ ﺗوﺟب اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ﺗﺑرﺋﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻣن‬
‫اﻟﺗﻬم اﻟﻣﻧﺳوﺑﺔ إﻟﯾﻪ‪.‬‬
‫‪ /2‬ﺗﺻرﯾﺢ اﻟﻣرﯾض ﻟﻠطﺑﯾب ﺑﺈﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‪ :‬إن رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﯾﻌد ﺳﺑﺑﺎ ﻟﻺﺑﺎﺣﺔ‬
‫ﺑﺈﻓﺷﺎء اﻟطﺑﯾب ﻟﻠﺳر‪ ،‬ﻓﺻﺎﺣب اﻟﺣق اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻓﻲ اﻟﺳر ﻟﻪ أن ﯾﻔﺷﯾﺔ‪ ،‬وﻣن ﺛم ﯾﺟوز ﻟﻪ أن‬
‫ﯾطﻠب ﻣﻣن اﺋﺗﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺳر أن ﯾﻔﺿﻲ ﺑﻪ ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋﻧﻪ ﻟﻠﻐﯾر‪.2‬‬
‫ﻓﺈذا طﻠب ﻣﺛﻼ ﻣرﯾﺿﺎ ﻣﺎ ﺑواﺳطﺔ زوﺟﺗﻪ ﺷﻬﺎدة ﺑﻣرﺿﻪ ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ‪ ،‬ﻓﻠﯾس ﻓﻲ‬
‫إﻋطﺎء ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدة إﻓﺷﺎء ﻟﻠﺳر‪ 3‬ﻓﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗوﺟب اﻟﻛﺗﻣﺎن واﻟﺗﺳﺗر ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳرار اﻟﻣرﺿﻰ إﻻ أن أﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﻔﻘﻪ ﺳﺎرت ﺑﺎء اﻟﺳر ﺑطﻠب ورﺿﺎ ﺻﺎﺣﺑﻪ وﻟﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﺷوارﺑﻲ‪ :‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،1998 ،‬‬
‫ص ‪304‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺷرﯾف اﻟطﺑﺎخ‪ ،‬ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪،110‬‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﺷوارﺑﯽ‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪298‬‬

‫‪72‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪105/205‬ﻣن ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪" :‬ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠطﺑﯾب‪ ...‬أن ﯾﻔﺷﻲ‬
‫اﻷﺣداث اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ إﻻ إذا إﻋﻔﺎء ﻣر ﯾﺿﻪ أﻧﻪ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن ﻣن ذﻟك"‪.‬‬
‫ﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﺗﻘرﯾر اﻟذي ﻧﺷر ﺣول اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻟﻠرﺋﯾس ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑوﺗﻔﻠﯾﻘﺔ" ﻋﻧد‬
‫دﺧوﻟﻪ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ "ﻓﺎل دوﻏراس ‪ "Val de Grace‬اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2005-11-26‬ﺣﯾث‬
‫ظﻬر اﻟرﺋﯾس ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺗﻠﻔزة وﺻرح ﺑﺄن اﻟﺗﻘرﯾر اﻟذي ﻧﺷر ﺣول ﺻﺣﺗﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻟﺧﺎص ﺑﻪ‪ ،‬ﻛﺎن ﺑﺗرﺧﯾص ﻣﻧﻪ ﺷﺧﺻﯾﺎ‪ ،‬ﻏﯾر أن إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ ﻟﻠﻣرﯾض إذا ﻛﺎن‬
‫ﺳﯾزﯾدﻩ أﻟﻣﺎ أو ﯾؤزم وﺿﻌﯾﺗﻪ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻓﻣن ﺑﺎب أوﻟﻰ أن ﯾﻛﺗم ﻋﻧﻪ اﻟﺳر ﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﺻت‬
‫ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 51‬ﻣن أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟﻣﻬﻧﺔ‪.‬‬
‫ﯾﺛور اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول إذا ﻣﺎ ﺗوﻓﻲ اﻟﻣرﯾض ﻓﻬل ﯾﻌد رﺿﺎ ورﺋﺗﻪ ﺑﺎﻹﻓﺷﺎء ﺳﺑﺑﺎ ﻹﺑﺎﺣﺗﻪ ﻣن‬
‫ﻓﻣن اﻟﻔﻘﻪ‪2‬ﻣن أﻗر ﺑﺣق ﻫؤﻻء ﻓﻲ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﻠف ﻣورﺛﻬم وطﻠب ﺷﻬﺎدة طﺑﯾﺔ ﺗﺑﯾن ﺣﺎﻟﺗﻪ‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻗﺑل اﻟوﻓﺎة وﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر رﻓض ﻓرﯾق ﻋﻠﻰ اﻹﻓﺷﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺣﻔظ ﻛراﻣﺔ اﻟﻣﯾت‬
‫ﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 41‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب‪ 3‬اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪:‬‬
‫"ﻻ ﯾﻠﻐﻲ اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ ﺑوﻓﺎة اﻟﻣرﯾض إﻻ ﻹﺣﻘﺎق ﺣﻘوق" ‪.‬‬
‫و ﻣن ﻫذا اﻟﻧص ﻧﺳﺗﺧﻠص أن اﻟﻣﺷرع ﻣﻧﻊ ﻛﻣﺑدأ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو اﻟورﺛﺔ إﻓﺷﺎء ﺳر‬
‫ﻣرض اﻟﻣﺗوﻓﻲ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟك أﻗر اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر إذا ﻛﺎن ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﺔ‬
‫وﻣﺛﺎل ذﻟك ﺣق ورﺛﺔ اﻟﺑﺎﺋﻊ اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة ﺗﺛﺑت إﺻﺎﺑﺔ ﻣورﺛﻬم ﺑﻌﺎﻫﺔ‬
‫ﻋﻘﻠﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت ﻋﯾب اﻟﺗﺻرف ﻣن ﻣورﺛﻬم ﻓﻲ ﻣرض اﻟﻣوت وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول‬
‫أﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﺻدر اﻟرﺿﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﺳر إﻟﻰ ﻣن اﺳﺗودﻋﻪ ﻋﻠﯾﻪ ﺣﺳب اﻟﺷروط‬

‫‪1‬ﻗﺎﻧون ‪ 90/17‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬


‫‪2‬ﺳﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﺳﻣﯾﻊ اﻷردن‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر وﻣﺳﺎﻋدﯾﻬم ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ‪،‬‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ 2004 ،‬ص ‪.322‬‬
‫‪3‬ﻣرﺳوم ﺗﻧﻔﯾذي ‪ 276/92‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطﺑﻲ‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ودون ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﺎﻧﻌﺔ ﻟﻺﻓﺷﺎء أﻣﻛن ﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾﻔﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﻟدﯾﻪ ﻣن أﺳرار دون أن‬
‫ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أي ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪.1‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﻣن اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺣﯾﺎة اﻟﻣرﯾض و ﺳﻼﻣﺔ ﺟﺳدﻩ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر‬
‫أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أﻗر ﻟﻬﺎ ﻋﻘوﺑﺎت ردﻋﯾﺔ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﺳﻧﺗطرق ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣطﻠب اﻟﺗﻌرﯾف ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺟرﯾﻣﺔ و أرﻛﺎﻧﻬﺎ و ﻣن ﺛم اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻹﺟﻬﺎض‬
‫ﯾﻌرف اﻹﺟﻬﺎض ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻔظ ﻣﺣﺗوﯾﺎت اﻟرﺣم ﻟﻠﺣﺎﻣل ﻗﺑل إﺗﻣﺎم ﻓﺗرة اﻟﺣﻣل‪ ،‬وﯾﺗﺳﺎوى ﻓﻲ‬
‫ذﻟك إذا ﺗم إﻓراغ ﻣﺣﺗوﯾﺎت اﻟرﺣم ﺣﺗﻰ اﻟﺷﻬر اﻟرﺣﻣﻲ)أي ﻗﺑل ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﺟﻧﯾن ﻟﻠﺣﯾﺎة(‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ‬
‫ﯾﻌﺑر ﻋﻧﻪ ﺑﺎﻹﺟﻬﺎض ﻋﺎدة‪ ،‬أو إذا ﺗم إﻓراغ ﻣﺣﺗواﻩ ﺑﻌد ذﻟك وﻗﺑل إﺗﻣﺎم أﺷﻬر اﻟﺣﻣل‪ ،‬وﯾﻌﺑر‬
‫ﻋﻧﻪ ﺑﺎﻟوﻻدة اﻟﻣﺑﻛرة‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻹﺟﻬﺎض ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﯾﺷﻣل ﻟﻔظ اﻟرﺣم ﻟﺟﻧﯾن‬
‫ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺣﯾﺎة‪ ،‬أو وﻻدة ﻣﺑﻛرة ﻟﺟﻧﯾن ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺣﯾﺎة‪.2‬‬
‫وﯾﻌرف ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻹﺟﻬﺎض اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﺑﺄﻧﻪ‪ ":‬اﺳﺗﻌﻣﺎل وﺳﯾﻠﺔ ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ طرد‬
‫اﻟﺟﻧﯾن ﻗﺑل ﻣوﻋد اﻟو ﻻدة إذا ﺗم ﺑﻘﺻد إﺣداث ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ"‪ ،‬وﯾﻌرﻓﻪ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﻧﻛﻠﯾزي ﺑﺄﻧﻪ‪":‬‬
‫ﺗدﻣﯾر ﻣﺗﻌﻣد ﻟﻠﺟﻧﯾن ﻓﻲ اﻟرﺣم‪ ،‬أو أي وﻻدة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻷواﻧﻬﺎ ﺑﻘﺻد إﻣﺎﺗﺔ اﻟﺟﻧﯾن"‪ ،‬واﻹﺟﻬﺎض‬
‫اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻫو‪ :‬اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻓﻌﺎل ﺗؤدي إﻟﻰ إﻧﻬﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﻣل ﻟدى اﻟﻣرأة اﻟﺣﺎﻣل‬
‫ﻗﺑل اﻟوﺿﻊ اﻟطﺑﯾﻌﻲ‪ ،‬إذا ﺗﻣت ﺗﻠك اﻷﻓﻌﺎل ﺑﻘﺻد إﺣداث ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ"‪ ،‬أﻣﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﺎﻹﺟﻬﺎض اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﺗﻌﺑﯾر ﺣﻘوﻗﻲ ﻟﺟرم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻣﺛل ﻓﻌﻼ ﻏﯾر ﺷرﻋﻲ‪ ،‬وﺗﻌﺎﻗب‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﺷوارﺑﻲ‪ :‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص ‪.305‬‬


‫‪2‬‬
‫ﻣﺎﻟﻛﯽ ﻧﺟﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر‪،‬ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر ‪،‬ﺑﺳﻛرة‪،2014/2013 ،‬‬
‫ص ‪.36‬‬

‫‪74‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣرﺗﻛب ﻫذا اﻟﻔﻌل‪ ،‬وﺗﺷدد ﺑﻌض اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ إذا ﻛﺎن‬
‫ﻣرﺗﻛب و اﻟﻔﻌل طﺑﯾﺑﺎ‪.1‬‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻘد ﺗﻌرض ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﻓﻧص ﻓﻲ اﻟﻣواد ﻣن ‪ 304‬إﻟﻰ‬
‫‪ 313‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺎب ﻛل ﻣن أﺟﻬض اﻣرأة ﺣﺎﻣﻼ أو ﻣﻔﺗرض‬
‫ﺣﻣﻠﻬﺎ ﺑﺄﯾﺔ وﺳﯾﻠﺔ أو ﺣرض ﻋﻠﻰ ذﻟك‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻫﻧﺎ ﻟم ﯾﺷﺗرط وﺟود ﺣﻣل‪ ،‬ﺑل وﺣرﺻﺎ ﻣﻧﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﺟﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﯾﻌﺎﻗب اﻟﺟﺎﻧﻲ اﻟذي ﻗﺻد إﻧﻬﺎء اﻟﺣﻣل ﻟدي اﻣرأة‪ ،‬ﺣﺗﻰ وﻟو ﺛﺑت‬
‫ﺑﻌد ذﻟك ﻋدم وﺟود ﺣﻣل‪ ،‬وأن اﻟﺟﺎﻧﻲ اﻋﺗﻘد ﺧطﺄ ﺑوﺟودﻩ‪ ،‬وﯾظﻬر ﺑوﺿوح اﻋﺗﻧﺎق اﻟﻣﺷرع‬
‫ﻟﻠﻣذﻫب اﻟذي ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻧص أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ اﻟﺣﺎﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم‬
‫ﺑﺈﺟﻬﺎض ﻧﻔﺳﻬﺎ‪.2‬‬
‫وﻗد ﺑﺳط اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺣﻣﺎﯾﺗﻪ ﻟﺣق اﻟﺟﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﺳﻼﻣﺔ اﻟﺑدﻧﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ‬
‫اﻟوﺟود‪ ،‬وﻧص ﻋﻠﻰ ﺻﯾﺎﻧﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﻬذا اﻟﺣق‪ ،‬و ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﺣﻣﯽ‬
‫ﺣق اﻟﺟﻧﯾن اﻟﻣﺳﺗﻛن ﻓﻲ رﺣم أﻣﻪ ﻣن إﺧراﺟﻪ ﻗﺑل ﯾوم وﻻدﺗﻪ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‪ ،‬و ﯾﻌﺎﻗب اﻟﺟﺎﻧﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻓﻌل اﻹﺟﻬﺎض ﺳواء ﻋﺎش اﻟﺟﻧﯾن أو ﻣﺎت‪ .‬وﯾﻛﺎد ﯾﻛون اﻹﺟﻣﺎع اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟطﺑﻲ‬
‫ﻣﻧﻌﻘدا ﻋﻠﻰ إﻋﻔﺎء اﻟطﺑﯾب ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺟﻬﺎض اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻫذا اﻷﺧﯾر اﻟذي‬
‫ﯾﺟرﯾﻪ اﻟطﺑﯾب ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﺣﯾﺎة اﻷم اﻟﺣﺎﻣل ﻣﻌرﺿﺔ ﻟﻠﺧطر أو اﻟﻣوت‪ ،‬وﻻ ﺳﺑﯾل ﻹﻧﻘﺎذﻫﺎ‬
‫إﻻ ﺑﺈﺟراﺋﻪ ﺿﻣن ﺷروط أﻗرﺗﻬﺎ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت‪ ،‬واﻟﻠواﺋﺢ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺷروط اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻋﺗﺑﺎر ذﻟك‬
‫اﻹﺟﻬﺎض إﺟﻬﺎﺿﺎ ﻋﻼﺟﯾﺎ‪.3‬‬
‫وﻗد ﻧص ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ ﻋﻘوﺑﺔ ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ واﻟﺷروع ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ‪304‬‬
‫إﻟﻰ ‪ 306‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬وﯾﻌﺎﻗب اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣد اﻷﻗﺻﻰ ﻟﻠﺳﺟن اﻟﻣؤﻗت إذا ﻛﺎن ﻣن‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم‪،‬‬
‫اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ .2004 ،‬ص ‪93‬‬
‫‪2‬أﻣﯾرة ﻋﻠﻰ أﻣﯾر ﻋﯾﺳﻰ ﺧﺎﻟد‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟﻧﯾن ﻓﻲ ظل اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،2007 ،‬‬
‫ص ‪118‬‬
‫‪3‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪. 96‬‬

‫‪75‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻋﺎدﺗﻪ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة ‪ 304‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ .‬ذﻟك أن ﻟﻠﺟﻧﯾن‬
‫ﺣق طﺑﯾﻌﻲ أﺳﺎﺳﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺳﺗﻣرار اﻟﺣﻣل‪ ،‬وﻧﻣوﻩ وﺗطورﻩ ﺣﺗﻰ ﻣﯾﻼدﻩ ﻓﻲ أواﻧﻪ اﻟطﺑﯾﻌﻲ‪،‬‬
‫ﻓﻬو )أي اﻟﺟﻧﯾن اﻟﻣورد اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟذي ﯾﺗﻐذى ﻣﻧﻪ اﻟوﺟود اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬وﻷﺟل ﻫذا ﺗﺣﻣﻲ‬
‫ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺷراﺋﻊ ﻫذا اﻟﺣق و ﺗﺿﻊ ﻋﻘﺑﺎت ﺗﺗﻔﺎوت ﻓﻲ ﻗﺳوﺗﻬﺎ ﻣن ﺗﺷرﯾﻊ ﻵﺧر ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣن‬
‫ﯾﻌﺗدي ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟﺟﻧﯾن ﻓﻲ اﺳﺗﻣرار ﻧﻣوﻩ داﺧل رﺣم أﻣﻪ‪. 1‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض‪:‬‬
‫ﻟدراﺳﺔ أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﯾﺗﻌﯾن اﻟﺗﻌرض إﻟﻰ ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻔﺗرض‬
‫ﻻ ﺗﻘوم ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض إﻻ ﻣن طرف أﺷﺧﺎص ﻣﻌﯾﻧﯾن ﺣددﺗﻬم اﻟﻣﺎدة ‪ 239‬ﻣن ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟﺻﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ ":‬ﻛل طﺑﯾب أو ﺟراح أﺳﻧﺎن أو ﺻﯾدﻟﻲ أو ﻣﺳﺎﻋد طﺑﻲ"‪ ،‬إﻟﻰ ﺟﺎﻧب‬
‫ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 306‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ‪ :‬اﻷطﺑﺎء أو اﻟﻘﺎﺑﻼت أو ﺟراﺣو‬
‫اﻷﺳﻧﺎن أو اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ و ﻛذﻟك طﻠﺑﺔ اﻟطب وطب اﻷﺳﻧﺎن وطﻠﺑﺔ اﻟﺻﯾدﻟﺔ وﻣﺳﺗﺧدﻣو‬
‫اﻟﺻﯾدﻟﯾﺎت وﻣﺣﺿرو اﻟﻌﻘﺎﻗﯾر وﺻﺎﻧﻌو اﻷرﺑطﺔ اﻟطﺑﯾﺔ وﺗﺟﺎر اﻷدوات اﻟﺟراﺣﯾﺔ واﻟﻣﻣرﺿون‬
‫واﻟﻣﻣرﺿﺎت واﻟﻣدﻟﻛون واﻟﻣدﻟﻛﺎت‪"....‬‬
‫واﻟﻌﻠﺔ ﻣن ﺗﺷدﯾد اﻟﻌﻘﺎب أن أﺻﺣﺎب اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﺗواﻓر ﻟدﯾﻬم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻔﻧﯾﺔ‬
‫واﻟﺧﺑرة اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‪ ،‬واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾﻧﻬم ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﺳﻬوﻟﺔ وﯾﺳر‪ ،‬ﻣﻊ إﺧﻔﺎء‬
‫أﻣرﻫﺎ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺷﺟﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﯾﻬم‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺟﺎﻧﻲ ذا اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﻋﺎدة ﻣﺎ‬
‫ﯾﻛون ﻣﺣﺗرﻓﺎ ﻹﺟراء ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﺑﻬدف ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺛراء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع‪ ،‬وﻫذﻩ أﻣور ﺗﺷﻛل‬
‫اﺳﺗﻐﻼﻻ ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﯾن ﯾدﯾﻪ ﻓﻲ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟراﺋم‪ ،‬وﺻﯾﺎﻧﺔ ﻣﻧﻪ ﻟﺷرف ﻣﻬﻧﺗﻪ‬
‫وﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣرم ﻋﻠﯾﻪ إﺗﯾﺎن ﻣﺛل ﻫذا اﻟﻔﻌل‪.2‬‬

‫‪1‬أﻣﯾرة ﻋﻠﻰ أﻣﯾر ﻋﯾﺳﻰ ﺧﺎﻟد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪115‬‬


‫‪2‬ﻋﺑد اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود أﺑو اﻟﻌﯾﻧﯾن‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟﻧﯾن‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪252-253‬‬

‫‪76‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫واﻹﺟﻬﺎض ﯾﻔﺗرض أول اﻷﻣر وﺟود اﻣرأة ﺣﺎﻣل أو ﻣﻔﺗرض ﺣﻣﻠﻬﺎ‪ ،‬ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻌل ﻣن‬
‫اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ إﺧراج اﻟﺟﻧﯾن ﻣن رﺣم أﻣﻪ ﻗﺑل ﻣوﻋد وﻻدﺗﻪ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻣﻊ ﺗﻌﻣدﻩ ذﻟك‪.1‬‬
‫وﺗﺗطﻠب ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟرﻛﻧﯾن اﻟﻣﺎدي و اﻟﻣﻌﻧوي رﻛﻧﺎ ﻣﻔﺗرﺿﺎ ﻫو وﺟود‬
‫اﻟﺣﻣل‪ ،‬وﻫو رﻛن اﺧﺗﻠﻔت ﻓﯾﻪ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري‪.2‬‬
‫و ﻻ ﺗﺛﯾر ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣﻣل ﻣﺎ ﺗﺛﯾرﻩ ﺑداﯾﺗﻪ ﻣن إﺷﻛﺎل‪ ،‬ﻓﯾوﻻدة اﻟﺟﻧﯾن ﺣﯾﺎ واﻧﻔﺻﺎﻟﻪ ﻋن ﺟﺳم اﻷم‬
‫ﺗﺑدأ ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة‪ ،‬ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﻬﺎ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﯾﻪ اﻋﺗداءا ﻋﻠﻰ إﻧﺳﺎن‪ ،‬ﺑﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﺳﺑق ﺗﻠك‬
‫اﻟﻣرﺣﻠﺔ‪ ،‬ﻏﯾر أن اﻟﺑﻌض ﯾرى أن اﻷﺧذ ﺑﻬذﻩ اﻟﻔﻛرة‪ ،‬ﯾﺟﻌل اﻻﻋﺗداء ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺻود ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﯾﺎة اﻟﺟﻧﯾن أﺛﻧﺎء اﻟوﻻدة وﻓﻲ طرﯾﻘﻪ ﻟﻠﺧروج ﻻ ﯾﻧدرج ﺗﺣت أي ﻧص ﻣن ﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧون‪،‬‬
‫ﺳواء ﺗﻠك اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﺟﻬﺎض أو اﻟﻘﺗل‪.3‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‬
‫ﯾﻘوم اﻹﺟﻬﺎض ﻋﻠﻰ ﺻور اﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 304‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪" :‬ﻛل ﻣن أﺟﻬض اﻣرأة ﺣﺎﻣﻼ أو ﻣﻔﺗرض ﺣﻣﻠﻬﺎ ﺑﺈﻋطﺎﺋﻬﺎ ﻣﺄﻛوﻻت أو‬
‫ﻣﺷروﺑﺎت أو أدوﯾﺔ أو ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل طرق أو أﻋﻣﺎل ﻋﻧف‪ ،‬أو ﺑﺄﯾﺔ وﺳﯾﻠﺔ أﺧرى ﺳواء واﻓﻘت‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك أو ﻟم ﺗواﻓق أو ﺷرع ﻓﻲ ذﻟك ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ‪ 01‬ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ‪ 05‬ﺧﻣس ﺳﻧوات و‬
‫ﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 500‬إﻟﻰ ‪ 10.000‬دﯾﻧﺎر‪ ،‬و إذا أﻓﺿﻰ اﻹﺟﻬﺎض إﻟﻰ اﻟﻣوت ﻓﺗﻛون اﻟﻌﻘوﺑﺔ‬
‫اﻟﺳﺟن اﻟﻣؤﻗت ﻣن ‪ 10‬ﻋﺷر ﺳﻧوات إﻟﻰ ‪ 20‬ﻋﺷرﯾن ﺳﻧﺔ "‪.‬‬
‫و ﯾﺗﻣﺛل اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻓﻲ إﺗﯾﺎن ﺳﻠوك إﺟراﻣﻲ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ اﻟﻔﻌل اﻵﺛم‪ ،‬وﻫو إﺧراج اﻟﺟﻧﯾن‬
‫ﻣن رﺣم أﻣﻪ‪ ،‬و ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺎدي ﺳواء ﺑﺎﻟﺿرب‪ ،‬أو إﻋطﺎء ﻣواد‪ ،‬أو أدوﯾﺔ‪ ،‬أو‬
‫ﻣﺄﻛوﻻت‪ ،‬أو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺣرﻛﺎت رﯾﺎﺿﯾﺔ ﻋﻧﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺳﻘوط اﻟﺣﻣل وﻫﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذا‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪2‬ﻗﺎدري ﯾﻣﯾﻧﺔ‪ ،‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،2012/2013‬ص‬
‫‪51 27‬‬
‫‪3‬ﻗﺎدري ﯾﻣﯾﻧﺔ‪ ،‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪77‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ‪ ،‬ﻓﯾﺳﻘط اﻟﺟﻧﯾن إﻣﺎ ﺣﯾﺎ أو ﻣﯾﺗﺎ‪ ،‬وﺗﻛون ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﻠوك‬
‫اﻹﺟراﻣﻲ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬ﺑﺄن ﯾﺛﺑت أن ﻓﻌل اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻫو اﻟذي أﺧرج اﻟﺟﻧﯾن ﻣن رﺣم أﻣﻪ ﻗﺑل ﻣﯾﻌﺎد‬
‫وﻻدﺗﻪ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻟم ﺗوﺟد ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ اﻧﺗﻔت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫ﻻ ﯾﻌﺎﻗب اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض إﻻ إذا ﺗواﻓر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻛﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﻋﻣدﯾﺔ‪،‬‬
‫أي أن ﺗﺗﺟﻪ إرادة اﻟﺟﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗواﻓر اﻟﻌﻠم ﺑﺄرﻛﺎﻧﻬﺎ وﻫﻲ إﻧزال اﻟﺟﻧﯾن ﻗﺑل‬
‫اﻟﻣﯾﻌﺎد ﻣن اﻣرأة ﺣﺎﻣل‪ ،‬ﻓﻼ ﯾرﺗﻛب ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﻣن ﯾﺗﺳﺑب ﺑﺧطﺋﻪ ﻓﻲ إﺟﻬﺎض اﻣرأة‬
‫ﺣﺑﻠﻰ‪ ،‬ﻟﻛن ﯾﺳﺄل ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺧطﺄ‪ ،‬وﻗد ﯾرﺗﻛب ﻗﺗﻼ إذا ﺗوﻓﯾت اﻟﻣرأة ﻣن ﻓﻌﻠﻪ‪.1‬‬
‫و ﯾﺗﻛون اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬
‫‪-1‬اﻟﻌﻠم‬
‫ﯾﺟب أن ﯾﻌﻠم اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﯾرﺗﻛب ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻣرأة ﺣﺎﻣل‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﯾﺳﺄل ﻋن إﺟﻬﺎض‬
‫اﻟﺗﺧﻠف اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻟدﯾﻪ‪ ،‬ﻣن ﯾﻌﺗدي ﻋﻣدا ﺑﺎﻟﺿرب ﻋﻠﻰ اﻣرأة ﺣﺎﻣل ﻓﯾﺗﺳﺑب ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻫذا‬
‫ﻓﻲ ﻫﻼك اﻟﺟﻧﯾن‪ ،‬ﻣﺗﻰ ﺛﺑت أﻧﻪ ﻛﺎن ﯾﺟﻬل وﻗت اﻋﺗداﺋﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺣﺎﻣل‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن‬
‫ﯾﻌﻠم اﻟﺟﺎﻧﻲ أن ﻣن ﺷﺄن ﻓﻌﻠﻪ إﻧﻬﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﻣل ﻗﺑل اﻷوان‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﺧﻠف ﻟدﯾﻪ اﻟﻌﻠم ﺑذﻟك ﻛﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﯾﻌطﻲ اﻟﺣﺎﻣل دواء ﯾﻌﺗﻘد أﻧﻪ ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺣﻣﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻻ ﯾﺳﺄل ﻋن إﺟﻬﺎض وﻟو‬
‫أدى ﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻟﻬذا اﻟدواء إﻟﻰ إﺟﻬﺎﺿﻬﺎ‪.2‬‬
‫و ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ أن ﯾﺗوﻗﻊ ‪ -‬وﻗت اﻗﺗراﻓﻪ ﻟﻔﻌﻠﻪ ‪ -‬ﺣدوث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ ﻛﺄﺛر‬
‫ﻟﻬذا اﻟﻔﻌل‪ ،‬وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟذﻟك ﻻ ﯾﺗواﻓر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻟدي ﻣن أﻋطﻰ ﺣﺎﻣﻼ ﻣﺎدة ﻟﺗﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ‬
‫ﻛدﻫﺎن ﺟﻠدي‪ ،‬وﻟم ﯾﻛن ﯾﺗوﻗﻊ أﻧﻬﺎ ﺳوف ﺗﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻋن طرﯾق اﻟﻔم‪ ،‬ﻓﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك‬
‫إﺟﻬﺎﺿﻬﺎ‪.3‬‬

‫‪1‬ﻣﺎﻟﻛﯽ ﻧﺟﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪52 .40‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻗﺎدري ﯾﻣﯾﻧﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪3‬ﻋﺑد اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود أﺑو اﻟﻌﯾﻧﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪223‬۔‬

‫‪78‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪-2‬اﻹرادة‬
‫ﻫﻲ ﻧﺷﺎط ﻧﻔﺳﻲ ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻫدف ﻣﻌﯾن‪ ،‬أي ﻻ ﺑد أن ﯾﻘﺻد اﻟﺷﺧص اﻟﺳﻠوك‬
‫اﻹﺟراﻣﻲ‪،‬و اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺟراﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺳﻠوك واﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‬
‫ﻻ ﯾﺳﺄل اﻟﺷﺧص ﻋن ﻓﻌﻠﻪ وﻧﺗﯾﺟﺗﻪ‪ ،‬إذا ﻟم ﯾﻛن ﻫذا اﻟﻔﻌل ﺗﻌﺑﯾرا ﻋن إرادﺗﻪ‪.1‬‬
‫وﯾﻌﺗﺑر اﻟطﺑﯾب ﻣرﺗﻛﺑﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬إذا أﻋطﻰ اﻣرأة ﺣﺎﻣﻼ أدوﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻹﺟﻬﺎض‪،‬‬
‫أو أﺟﺑرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻣﺎرﯾن رﯾﺎﺿﯾﺔ ﺷﺎﻗﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب ﻻ ﯾﻌﻠم ﺑﺎﻟﺣﻣل ﺛم ﺗوﻓﯾت اﻟﻣرأة‬
‫ﻓﯾﺳﺄل ﻫﻧﺎ ﻋن ﻗﺗل ﺧطﺄ‪.‬وا ٕ ذا اﺳﺗﻌﻣﻠت اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺟﻬﺿﺔ وﻟم ﺗﺟﻬض اﻟﻣرأة‪ ،‬ﻓﻧﻛون أﻣﺎم‬
‫ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟﻬﺎض ﻣﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدﺗﯾن ‪ 304‬و ‪ 309‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬وﻗد ذﻫب‬
‫اﻟﻣﺷرع إﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﻋﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﻹﺟﻬﺎض اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻣرأة ﻣﻔﺗرض ﺣﻣﻠﻬﺎ وﻫﻲ‬
‫ﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻋﺗﻘﺎد اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺄن اﻟﻣرأة اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﺑﺻدد‬
‫إﺳﻘﺎط ﺣﻣﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻣﻼ‪، 2‬وﻛﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻻ أﺛر ﻟرﺿﺎ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻋدم ﻗﯾﺎم‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬ﻋﻘوﺑﺔ اﻹﺟﻬﺎض‬
‫ﺗﺧﺗﻠف اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﺣﺳب ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻘﺗرف اﻟﻔﻌل اﻟﻣرأة ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬أو‬
‫اﻟﻐﯾر‪ ،‬أو اﻟﻣﺣرض‪ ،‬أو اﻟﺷرﯾك‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﻋﻘوﺑﺔ إﺟﻬﺎض اﻟﻣرأة ﻧﻔﺳﻬﺎ‬
‫وﯾﻛون اﻹﺟﻬﺎض ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺈرادﺗﻬﺎ اﻟﺣرة اﻟﺟﺎزﻣﺔ دون ﺗﺣرﯾض أو اﻗﺗراح ﻣن أﺣد‪،‬‬
‫ﺣﯾث ﺗﻘوم اﻟﺣﺎﻣل ﺑدور إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻣﻧﺗﺞ ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل وﺳﺎﺋل إﺳﻘﺎط اﻟﺣﻣل‪ ،‬أو ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻟطرق‬
‫اﻹﺟﻬﺎض ﺑﺗواﻓر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ واﻟﺷروع ﻓﻲ ذﻟك‪ ،‬وﺗﻌﺎﻗب ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 309‬ﻣن‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود أﺑو اﻟﻌﯾﻧﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.219‬‬


‫‪2‬ﻗﺎدري ﯾﻣﯾﻧﺔ‪ ،‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،2012/2013‬ص‬
‫‪.33‬‬

‫‪79‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﻬر إﻟﻰ ﺳﻧﺗﯾن وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 250‬إﻟﻰ ‪1000‬‬
‫دﯾﻧﺎر‪.‬‬
‫وا ٕ ذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣرأة اﻟﺣﺎﻣل طﺑﯾﺑﺔ أو ﺟراﺣﺔ أو ﺻﯾدﻟﯾﺔ أو ﻗﺎﺑﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟرأي اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ ذﻟك‬
‫ﻫو اﻟذي ﻻ ﯾﺟﯾز ﺗﺷدﯾد اﻟﻌﻘﺎب ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻪ و إن ﺗواﻓرت ﻟدﯾﻬﺎ اﻟﺧﺑرة ﺑوﺳﺎﺋل اﻹﺳﻘﺎط إﻻ‬
‫أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘدم ﻋﻠﯾﻪ ﻣدﻓوﻋﺔ ﺑﺑﺎﻋث اﻹﺛراء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع‪ ،‬و ﻣن ﺛم ﺗﻛون ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﺟﻧﺣﺔ اﻹﺳﻘﺎط‬
‫اﻟﺑﺳﯾط‪ 1،‬وﻻ ﯾﻐﯾر ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ أﺻﻠﯾﺔ ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ أن‬
‫ﯾﻛون اﻟﻐﯾر ﻓﺎﻋﻼ ﻣﻌﻧوﯾﺎ ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻣﺛﺎل ذﻟك أن ﺗدﻟﻲ اﻟﻣرأة اﻟﺣﺎﻣل ﻟدى طﺑﯾب أﻣراض‬
‫اﻟﻧﺳﺎء ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﺣﺎﻣل أو أن دورﺗﻬﺎ اﻟﺷﻬر ﯾﺔ ﻗد اﻧﻘﺿت ﻣﻧذ اﻟﺗﺄﻛد اﻟطﺑﯾب أﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﺣﺎﻣل‪،‬‬
‫ﻓﯾﻘوم اﻟطﺑﯾب ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻛﺎذﺑﺔ ﺑﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻛﺷف ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻵﻻت‬
‫اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﻛﺷف‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾرﺗب ﺣدوث اﻹﺟﻬﺎض‪ ،‬ﻓﻼ ﺷك أن اﻟطﺑﯾب ﻫﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﺎﻋﻼ ﻣﻌﻧوﯾﺎ‬
‫واﻟﻣرأة اﻟﺣﺎﻣل ﺗﻌﺗﺑر ﻓﺎﻋﻠﺔ أﺻﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺔ إﺟﻬﺎض ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬أو أن ﺗطﻠب ﻣن اﻟﻐﯾر ﺣﺳن‬
‫اﻟﻧﯾﺔ أن ﯾﺿﻐط ﻋﻠﻰ ﺑطﻧﻬﺎ ﺑﺷدة ﺑدﻋوى ﺗدﻟﯾﻛﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك إذا ﻟم ﯾﻛن اﻟﺣﻣل ظﺎﻫرا ﻓﯾﺗرﺗب‬
‫ﻋﻠﯾﻪ إﺟﻬﺎﺿﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ أﺻﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﻋﻘوﺑﺔ إﺟﻬﺎض اﻟﻣرأة ﻣن ﻗﺑل اﻟﻐﯾر‬
‫ﺗﻌﺎﻗب اﻟﻣﺎدة ‪ 304‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﻛل ﻣن أﺟﻬض أو ﺣﺎول إﺟﻬﺎض اﻣرأة‬
‫ﺣﺎﻣل‪ ،‬ﺣﯾث ﻟم ﺗﺷﺗرط ﻓﯾﻬم ﺻﻔﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻷطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ واﻟﻘﺎﺑﻼت وطﻠﺑﺔ اﻟطب اﻟذي‬
‫ﯾﺳري ﻋﻠﯾﻬم ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 306‬ﻋﻘوﺑﺎت‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل ﺑدورﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة ‪ 304‬و ‪ 305‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪.‬‬
‫ﻓﻧص اﻟﻣﺎدة ﻻ ﯾﺷﺗرط ﺣﺻول اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣن ﻋدﻣﻪ‪ ،‬وﯾﻌﺎﻗب ﻟﻣﺟرد وﺟود ﻗﺻد وﻧﯾﺔ‬
‫اﻹﺟﻬﺎض ﻣن ‪ 01‬ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ‪ 05‬ﺧﻣس ﺳﻧوات‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺷﺗرط رﺿﺎ اﻟﻣرأة اﻟﺣﺎﻣل‪ ،‬وﻓﻲ‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود أﺑو اﻟﻌﯾﻧﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.245‬‬

‫‪80‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺣﺎﻟﺔ ﻋود اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻫﻲ اﻟﺳﺟن اﻟﻣؤﻗت اﻟﺗﻲ ﺗﺻل إﻟﻰ اﻟﺣد اﻷﻗﺻﻰ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫وﯾﻼﺣظ أن اﻟﻣﺎدة ‪ 2/306‬ﻋﻘوﺑﺎت ﻗد أﻋطت إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻷطﺑﺎء وﻏﯾرﻫم‪،‬‬
‫ﻣﻣن ﻋددﺗﻬم اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﺑﻌﻘوﺑﺔ ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻣﻧﻊ ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬ﻓﻲ‬
‫ﺣﯾن ﺟﻌﻠت اﻟﻣﺎدة ‪ 311‬ﻋﻘوﺑﺎت ﻫذا اﻟﻣﻧﻊ وﺟوﺑﯾﺎ وﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﯾﺷﻣل اﻷطﺑﺎء وﻏﯾر‬
‫اﻷطﺑﺎء وذﻟك ﺣﯾن ﻧﺻت ﺑﺄن ﻛل ﺣﻛم ﻋن إﺣدى اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺳم‬
‫ﯾﺳﺗوﺟب ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧﻊ ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ أي ﻣﻬﻧﺔ أو أداء أي ﻋﻣل ﺑﺄﯾﺔ ﺻﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾﺎدات‬
‫أو دور اﻟوﻻدة أو ﻓﻲ أﯾﺔ ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻣوﻣﯾﺔ أو ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺳﺗﻘﯾل ﻋﺎدة ﻧﺳﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﻣل‬
‫ﺣﻘﯾﻘﻲ أو ظﺎﻫر أو ﻣﻔﺗرض وذﻟك ﺑﺄﺟر أو ﺑﻐﯾر أﺟر‪ ،‬وﻛل ﺣﻛم ﻋن اﻟﺷر وع أو اﻻﺷﺗراك‬
‫ﻓﻲ اﻟﺟراﺋم ذاﺗﻬﺎ ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ ذات اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣﻘررة ﺳﺎﺑﻘﺎ‪.1‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣﺣرض واﻟﺷرﯾك‬
‫‪-1‬ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣﺣرض‪:‬‬
‫ﺗﻌﺎﻗب اﻟﻣﺎدة ‪ 310‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺷﻬرﯾن إﻟﻰ ‪ 03‬ﺛﻼث ﺳﻧوات‬
‫و ﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 500‬إﻟﻰ ‪ 10.000‬دﯾﻧﺎر أو ﺑﺈﺣدى ﻫﺎﺗﯾن اﻟﻌﻘوﺑﺗﯾن ﻛل ﻣن ﺣرض ﻋﻠﻰ‬
‫اﻹﺟﻬﺎض وﻟو ﻟم ﯾؤدي ﺗﺣرﯾﺿﻪ إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ وذﻟك ﺑﺄن‪:‬‬
‫‪ ‬أﻟﻘﻲ ﺧطﺑﺎ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن أو اﺟﺗﻣﺎﻋﺎت ﻋﻣوﻣﯾﺔ‪،‬‬
‫‪ ‬أو ﺑﺎع أو طرح ﻟﻠﺑﯾﻊ أو ﻗدم وﻟو ﻓﻲ ﻏﯾر ﻋﻼﻧﯾﺔ أو ﻋرض أو أﻟﺻق أو وزع ﻓﻲ‬
‫اﻟطرﯾق اﻟﻌﻣوﻣﻲ أو ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أو وزع ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزل ﻛﺗﺑﺎ أو ﻛﺗﺎﺑﺎت أو‬
‫ﻣطﺑوﻋﺎت أو إﻋﻼﻧﺎت أو ﻣﻠﺻﻘﺎت أو رﺳوﻣﺎ أو ﺻورة رﻣزﯾﺔ أو ﺳﻠم ﺷﯾﺋﺎ ﻣن ذﻟك‬
‫ﻣﻐﻠﻔﺎ ﺑﺷراﺋط ﻣوﺿوﻋﺎ ﻓﻲ ظروف ﻣﻐﻠﻘﺔ أو ﻣﻔﺗوﺣﺔ إﻟﻰ اﻟﺑرﯾد أو ﻋﺎﻣل ﺗوزﯾﻊ أو‬
‫ﻧﻘل‪،‬‬

‫‪1‬ﻋﺑد اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود أﺑو اﻟﻌﯾﻧﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪246-245‬‬

‫‪81‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ ‬أو ﻗﺎم ﺑﺎﻟدﻋﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ أو اﻟﻣزﻋوﻣﺔ‪".‬‬


‫وﯾﻘوم اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣﺎدي ﻟﻠﺗﺣرﯾض ﻋﻠﻰ اﻹﺟﻬﺎض ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺿﺣﯾﺔ‬
‫وا ٕ ن ﻟم ﺗطﺑق وﺳﺎﺋل اﻟﺗﺣرﯾض‪ ،‬ﻷن ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض ﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟذاﺗﻬﺎ‪،‬‬
‫وﻟو اﻟم ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣرﺟوة‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﺷروع واﻻﺷﺗراك‪:‬‬
‫ﻫﻧﺎ ﯾﻌﺎﻗب اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ اﻟﺷروع وا ٕ ن ﻛﺎﻧت اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرأة اﻟﻣﻔﺗرض‬
‫ﺣﻣﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﺷﺗر اك اﻷطﺑﺎء ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫم ﻓﺎﻋﻠﯾن أﺻﻠﯾﯾن وﻟﯾس ﺷرﻛﺎء‪ ،‬أﻣﺎ ﻟﻐﯾر‬
‫ذي اﻟﺻﻔﺔ ﻓﻼ ﯾﺷﻛل اﻟﻔﻌل اﺷﺗراﻛﺎ‪ ،‬إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣﺗﺑوﻋﺎ ﺑﺈﺟﻬﺎض ﺗﺎم أو ﺗم اﻟﺷروع ﻓﯾﻪ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺷرﯾك ﻓﻲ اﻹﺟﻬﺎض اﻟﻣرﺗﻛب ﻣن ﻗﺑل اﻟﻐﯾر ﻓﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 304‬ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬و ﻫﻲ اﻟﺣﺑس ﻣن ‪ 01‬ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ‪ 05‬ﺧﻣس ﺳﻧوات‬
‫ﻛﻌﻘوﺑﺔ أﺻﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻣﺎ أن اﻷطﺑﺎء و اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ و ﻣن ﺷﺎﺑﻬﻬم ﯾﻌﺎﻗﺑون ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال ﻛﻔﺎﻋﻠﯾن‬
‫أﺻﻠﯾﯾن و ﻟﯾس ﺷرﻛﺎء )اﻟﻣﺎدة ‪ (،306‬وا ٕ ذا ﻛﺎن اﻟﺷﺧص ﺷرﯾﻛﺎ ﻓﻲ واﺣد ﻟﻠﻣرأة واﻟﻣﺟﻬض‪،‬‬
‫ﻛﺄن ﯾﺗوﺳط ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪ ،‬ﻗﺿﻲ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﺎﻷﺧذ ﺑﺎﻟوﺻف اﻷﺷد‪ ،‬أي ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺷرﯾك‬
‫اﻟﻣﺟﻬض وﻟﯾس ﺷرﯾك اﻟﻣرأة‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻗﺿﻲ ﺑﺄن اﻟﺷﺧص اﻟذي واﻓق ﻋﻠﻰ أن ﺗﺟرى ﻋﻣﻠﯾﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﺟﻬﺎض ﻓﻲ ﺑﯾﺗﻪ ﻫو ﺷرﯾك ﻟﻠﻣﺟﻬض‬
‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬
‫ﻛﺎن اﻟﺳﺑق ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ 1945/01/25 :‬ﻓﻲ ﺗﺟرﯾم ﻓﻌل ﻋدم‬
‫ﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺧطر وذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 63‬ﻣﻧﻪ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ‬
‫ﻫذا اﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 182/2‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ‪ ":‬وﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻧﻔﺳﻬﺎ‬

‫‪1‬ﻗﺎدري ﯾﻣﯾﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪82‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫)أي ( ﻛل ﻣن اﻣﺗﻧﻊ ﻋﻣدا ﻋن ﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدة إﻟﻰ ﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر ﻛﺎن ﻓﻲ إﻣﻛﺎﻧﻪ‬
‫ﻣﺎ ﻟم ﯾﻌﺑر اﻟﺷﺧص ﻗﺑل وﻓﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك‪.1‬‬
‫إن ﻣﻬﻣﺔ اﻟطﺑﯾب إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ وﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺿﻊ ﻫذا ﻧﺻﯾب ﻋﯾﻧﯾﻪ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ‬
‫اﻟظروف واﻷﺣوال و ﻣﺗﺎﻋﻪ دون ﻣﺑرر ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣرﯾض ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺣﺎﻟﺔ ﺧطرة ﻻ‬
‫ﺗﻘﺑل اﻻﻧﺗظﺎر ﺑﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﯾﺣﺎﺳب ﻋﻠﯾﻬﺎ وﯾﺷﺗرط ﻟﻘﯾﺎﻣﻬﺎ أﻻ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ إذا‬
‫ﻛﺎن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾﻌﻣل ﺑﺎﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم ﻓﻬو ﻣﺟﺑر ﺑﺎﻟﺗدﺧل ﻟﻣﺳﺎﻋدة‬
‫اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﻛل وﻗت وﯾﺳﺄل أﯾﺿﺎ ﻋن اﻟﺗﺄﺧر ﻓﻲ اﻟﺣﺿور ﻣﺎ ﻟم ﺗﻛن ﻟﻪ‪.‬‬
‫ﻓﺣق اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ اﻟﻌﻼج ﻫو ﺣق ﻣن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ‪ ،‬إذ أن ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة‬
‫وﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺑدﻧﻪ ﻓﻠﻪ أﯾﺿﺎ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻼج‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺗﺣﺗم ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻛون‬
‫ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻔرد واﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎرت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 06‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت ﻣﻬﻧﺔ‬
‫اﻟطب ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ :‬ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻔرد واﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﯾﻣﺎرﺳﺎن‬
‫ﻣﻬﺎﻣﻬﻣﺎ ﺿﻣن اﺣﺗرام ﺣﯾﺎة اﻟﻔرد وﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺑﺷري"‬
‫إذ ﺗﺗﻣﺛل رﺳﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﺻﺣﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺑدﻧﯾﺔ واﻟﻌﻘﻠﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن‬
‫اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﺿﻣن اﺣﺗرام ﺣﯾﺎة اﻟﻔرد وﻛراﻣﺗﻪ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ دون ﺗﻣﯾﯾز ﻣن ﺣﯾث اﻟﺟﻧس واﻟﺳﻣن‬
‫واﻟﻌرق واﻟدﯾن واﻟﺟﻧﺳﯾﺔ واﻟوﺿﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﻌﻘﯾدة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو أي ﺳﺑب آﺧر ﻓﻲ اﻟﺳﻠم‬
‫واﻟﺣرب‪.2‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس أوﺟب اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﺿرورة ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﻛل ﻣرﯾض‬
‫ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‪ ،‬وأن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻼج اﻟﺿروري ﻟﻪ وﻫو ﻣﺎ أﻛدت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 09‬ﻣن‬
‫ﻧﻔس اﻟﻣدوﻧﺔ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪ :‬ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن أن ﯾﺳﻌف ﻣرﯾﺿﺎ ﯾواﺟﻪ ﺧطرا‬
‫وﺷﯾﻛﺎ وأن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻼج اﻟﺿروري ﻟﻪ‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﻣﺎدة ‪ 25‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ ،11/18‬ص ‪5‬‬


‫‪2‬اﻟﻣﺎدة ‪ 7‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ‪1420،‬‬

‫‪83‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫إن اﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻼج واﻟﻣداواة ﻟﻠﻣرﯾض ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟظروف اﻟﺧﺎﺻﺔ‬
‫واﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﯾﻌد ﺳﻠوﻛﺎ ﻣﻧﺣرﻓﺎ ﯾﻣﺛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون واﻵداب واﻷﺧﻼق اﻟطﺑﯾﺔ‪.1‬‬
‫وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﺳﺗﺗطرق إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر وﺗﺑﯾﺎن أرﻛﺎﻧﻬﺎ واﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول‪ :‬اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬
‫ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﺑﯾن طرﻓﯾن‪ ،‬ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻓﺈن طرﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻏﯾر‬
‫ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺣﯾث أن اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﺣﯾﺎن ﯾﻛون ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ‪ ،‬ﻓﻲ اﻷﺣﯾﺎن اﻷﺧرى وﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﻻ ﯾﺧﺗﺎر اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ‬
‫ﻣرﯾﺿﻪ ﺧﺎﺻﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻣرﻓق اﺳﺗﺷﻔﺎﺋﻲ ﻋﻣوﻣﻲ ﻓﻼ ﯾﺣق ﻟﻪ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن‬
‫ﻋﻼج أي ﻣرﯾض وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺳﺗﻌﺟﻠﺔ واﻟﺣرﺟﺔ وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﻻ ﯾوﺟد ﻓﯾﻬﺎ طﺑﯾب ﻏﯾرﻩ‪.‬‬
‫إن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻧﺎوب اﻟذي ﻻ ﯾوﺟد ﺑﻣﻛﺎن ﻋﻣﻠﻪ ﯾرﺗﻛب ﺟرﯾﻣﺔ ﻋدم ﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدة‬
‫اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‪ ،‬إذا ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻬذا اﻟﺷﺧص ﺿرر ﻣن ﺟراء ﻏﯾﺎب اﻟطﺑﯾب وأﻛﺛر ﻣن‬
‫ﻫذا إذا ﻛﺎن ﺣﺎﺿرا ورﻓض ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﻠﻣرﯾض‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ اﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬
‫ﻛﺑﻘﯾﺔ اﻟﺟراﺋم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣن رﻛﻧﯾن اﻟﻣﺎدي واﻟﻣﻌﻧوي واﻟﻌﻘوﺑﺔ‬
‫اﻟﻣﻘررة ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ اﻷﺗﻲ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﺟرﯾﻣﺔ إﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬
‫إن دراﺳﺔ اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺗﻪ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ ﺣﺎل وﺟود‬
‫ﺷﺧص ﻓﻲ ﺧطر ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻋدة ﻋﻧﺎﺻر وﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﺗﻲ‪:‬‬

‫‪1‬ﻣﻼﻟﺣﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬‬
‫ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺟﻧﺎﺋﻲ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ، 2016،‬ص ‪.108‬‬

‫‪84‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻔﻬوم اﻟﺧطر‬
‫ﻟﻘد ﻋرف اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺧطر اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﻣﺗﺎع ﻋن‬
‫ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﺑﺄﻧﻪ ذﻟك اﻟﺧطر اﻟﺣﺎل واﻟﺣﻘﯾﻘﻲ واﻟﺛﺎﺑت اﻟذي ﯾﺗطﻠب ﺗدﺧﻼ ﻣﺑﺎﺷرا ﻣن‬
‫اﻟطﺑﯾب‪.1‬‬
‫وﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺧطر اﻟﺣﺎل اﻟوﺷﯾك اﻟوﻗوع ﻛﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺧطر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ أﻻ ﯾﻛون ﻣﺣﺗﻣﻼ أو‬
‫ﻣﻔﺗرﺿﺎ أو وﻫﻣﯾﺎ وﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون طﺎرﺋﺎ ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻌﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺷﺗرط اﻟﻣوت‬
‫ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺧطر‪ 2‬ﺑل ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون ﻣﻬددا ﻟﻠﺗﻛﺎﻣل اﻟﺟﺳدي واﻟﻘﺎﻧون ﻟم ﯾﺣدد ﻣﺻدرا ﻟﻠﺧطر‬
‫اﻟﻣوﺟب ﻟﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟﺧطر ﻣرﺿﺎ أو ﺟرﺣﺎ أو ﺣﺎدﺛﺎ‪ ...‬اﻟﺦ ‪ ،‬أو ﻻ ﯾﺳﻣﺢ‬
‫ﻟﺿﺣﯾﺔ ﻓﺎﻗدة اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻹدﻻء ﺑﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ أو اﻟﺟراﺣﻲ وﻫذا ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 44‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪.....":‬وﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن‬
‫أن ﯾﻘدم اﻟﻌﻼج اﻟﺿروري إذا ﻛﺎن اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﺧطر أو ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻹدﻻء ﺑﻣواﻓﻘﺗﻪ‪.‬‬
‫‪-2‬أن ﯾﻛون اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺧطر‬
‫ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧون اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﻲ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن ﻓﺎﻗد اﻟوﻋﻲ وﻻ ﯾرﻓﻊ ﻋن‬
‫اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ إذا إدﻋﻰ ﺑﺟﻬل ﺧطورة اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺿرﻫﺎ أو إﺳﺗدﻋﻲ ﻣن أﺟﻠﻬﺎ طﺎﻟﻣﺎ‬
‫أﻧﻪ ﻟم ﯾﻘم ﺑﺈﺟراء ﻓﺣص وﺗﺷﺧﯾص واﻟﺗﺄﻛد ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧطر‪ ،3‬إذ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ‬
‫ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت اﻹﺳراع وطﻠب اﻟﻣﺳﺎﻋدة وﺗﻘﯾﯾم اﻟوﺿﻊ اﻟذي ﯾوﺟد ﻓﯾﻪ اﻟﻣراد إﺳﻌﺎﻓﻪ ﻛﻣﺎ‬
‫أﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﺣدوث ﺿرر أو ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻣرﯾض ﺑل ﺗﻘوم ﻛﺟرﯾﻣﺔ ﺑﻣﺟرد اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم‬
‫اﻟﻣﺳﺎﻋدة‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ، .2004‬ص‪69‬‬
‫‪2‬ﺣﺑﯾب إﺑراﻫﯾم ﺧﻠﯾل‪،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻣﺗﻧﻊ اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪، 1990 ،‬‬
‫ص ‪ 226‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﺑن ﻓﺗﺎح ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪74 -73‬‬
‫‪3‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪71‬‬

‫‪85‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪-3‬اﻻﻟﺗزام ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﺧطر‬


‫ﻟﻘد اﺳﺗﻘر اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة واﺟب ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟود‬
‫ﺷﺧص ﻓﻲ ﺧطر أﯾﺎ ﻛﺎن ﻧوﻋﻪ‪ ،1‬وﯾﻘﺻد ﺑذﻟك أن ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب ﻣﺗﻣﻛﻧﺎ ﻣن ﺗﻘدﯾم ﯾد اﻟﻌون‬
‫إﻣﺎ ﺑﻧﻔﺳﻪ أو ﺑواﺳطﺔ ﻏﯾرﻩ‪ ،‬وﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﺗﻛون اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣﻣﻛن ﺑذﻟﻬﺎ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑدﻓﻊ اﻟﺧطر‬
‫ﻓﻌﻼ ﻷن اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺗدﺧل ﻟﯾس ﻣوﻗوﻓﺎ ﻋن ﻓﺎﻋﻠﯾﺗﻪ اﻟﻣﻌﺎوﻧﺔ وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ 2‬وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت‬
‫ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 09‬ﻣن اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر‪.‬‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﻻ ﯾﻔﻠت ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ إﻻ ﺑوﺟود اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻫرة ﻋﻧد اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ﻣن‬
‫اﻟﻣرﻓق اﻻﺳﺗﺷﻔﺎﺋﻲ أو ﻣن أﺳرة اﻟﻣراد إﻧﻘﺎذ ﻣرﯾﺿﻬﺎ‪.‬‬
‫وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﻛﺎن ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻋدة ﻣﻧﺎﺳﺑﺎت أﺑرز ﻓﯾﻬﺎ ﺣرﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ‬
‫اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾرﻓض ﺗﻘﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﺳﺑﺎب‪ ،‬وﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﻋرﺿت أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء‬
‫اﻟﺟزاﺋري إذ ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﻘﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑرﻓض ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻓﺗﺎة ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻣرض وﻗد‬
‫ﺗدﻫورت ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻓﻧﻘﻠﻬﺎ واﻟدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻧﺎح اﻟﺳرﻋﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ وﻛﺎن رﻓض‬
‫اﻟطﺑﯾب ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﺑﺣﺟﺔ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﺎﺑﻊ وﺿﻌﯾﺗﻬﺎ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻋﻧد طﺑﯾب أﺧر وﻫذا‬
‫اﻷﺧﯾر ﻛﺎن ﻏﺎﺋﯾﺎ وﻓﻲ ذﻟك اﻟﯾوم وأﻣﺎم ﻫذا اﻟرﻓض زادت ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﺳوءا ﻣﻣﺎ أدى‬
‫ذﻟك إﻟﻰ ﺑﺗر ﯾدﻫﺎ وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﺗﻣت إﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﺑﺗﻬﻣﺔ‬
‫إﻣﺗﺎع ﻋﻣدي ﻋن ﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 182‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪.3‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص ‪71‬‬


‫‪2‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺗﺧﺻص‬
‫ﻗﺎﻧون ﺟﻧﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﯾﺿر‪،‬ﺑﺳﻛرة ‪،2015 ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪3‬ﻋﯾﺳﺎﻧﻲ رﻓﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻣراﻓق اﻻﺳﺗﺷﻔﺎﺋﯾﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪،‬أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‬
‫اﻟﻌﺎم‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن‪ ، 2016-2015 ،‬ص‪.135 -134‬‬

‫‪86‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬
‫إن ﺟرﯾﻣﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر ﻻ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون‬
‫إﻻ إذا ارﺗﻛﺑت ﻋﻣدا أي أن ﯾﻛون اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﺑﺎﻟﺧطر وﯾﻣﺗﻧﻊ إرادﯾﺎ ﻋن ﺗﻘدﯾم‬
‫اﻟﻣﺳﺎﻋدة‪ ،1‬وأن ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻻ ﺗﺷﺗرط أﺻدا ﺧﺎﺻﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻣﺗﻧﻊ‪ ،‬ﺑل ﯾﻛﻔﻲ اﻻﻣﺗﻧﺎع‬
‫ﻟﻠطﺑﯾب اﻹرادي أي ﺗواﻓر ﻗﺻد اﻻﻣﺗﻧﺎع اﻟﻌﺎم ﻟدى ﻣرﺗﻛب اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﻌدﻣت إرادﺗﻪ ﻻ‬
‫ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺳب إﻟﯾﻪ اﻻﻣﺗﻧﺎع‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻧﺗﻘﻲ ﻗﺻد اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة‬
‫ﻟﻠﻣرﯾض إذا ﺛﺑت أﻧﻪ ﺣﺎول وﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣرﺟوة ﻣﻧﻪ‪ ،‬ﻛﺗﺣوﯾﻠﻪ ﺑﺳرﻋﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ووﺿﻌﻪ‬
‫ﺗﺣت اﻟﻣراﻗﺑﺔ أو اﻷﻣر ﺑﺗﺣوﯾﻠﻪ إﻟﻰ ﻣرﻓق اﺳﺗﺷﻔﺎﺋﻲ ﻋﻣوﻣﻲ آﺧر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﻠﺔ اﻷﺟﻬزة‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ أو اﻷطﺑﺎء اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣرﻓق اﻹﺳﺗﺷﻔﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗواﺟد ﺑﻬﺎ اﻟﺷﺧص‬
‫اﻟﻣراد إﺳﻌﺎﻓﻪ‪.‬‬
‫ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر ﻋن‬
‫ﻋﻧﺻرﯾن ﻫﻣﺎ اﻟﻌﻠم واﻹرادة‪.‬‬
‫‪ -1‬اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟﺧطر‬
‫ﯾﺗطﻠب اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠم اﻟﺷﺧص ﺑوﺟود ﺧطر ﺣﺎل وﺣﻘﯾﻘﻲ وﻫذا اﻟﻌﻠم ﻗد ﯾﻛون‬
‫ﻣﺑﺎﺷرا أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر‪ ،‬وﯾﻛﻔﻲ ﺣﺳب رأي ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ‪26‬‬
‫ﻧوﻓﻣﺑر ‪ 1969‬أن ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻣﺗﻬم ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻣن وﺟود ﺧطر ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺿرورة اﻟﺗدﺧل إﻻ أﻧﻪ ﯾﻣﺗﻧﻊ‬
‫ﻋﻧﻪ‪ ،‬ﻓﻘد ﻗﺿت ﺑﺈداﻧﺔ ﺷﺧص إﻣﺗﻧﻊ ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﻟﻘﻠب رﻏم ﺑﻘﺎﻧﻪ ﺳﺎﻋﺎت‬
‫طوﯾﻠﺔ ﯾﺗﺄﻟم ﻣﻊ ﻋﻠﻣﻪ ﺑﻣرﺿﻪ‬
‫وا ٕ ذا ﻛﺎن اﻟﻌﻠم اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺑﺎﻟﺧطر ﻻ ﯾﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻌﻠم ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﻗد‬
‫ﯾطرح ﺑﻌض اﻹﺷﻛﺎﻻت ﻷن اﻟطﺑﯾب ﺑﻌﯾد ﻋن اﻟﻣرﯾض‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻪ ﺗﻘدﯾر ﻣدى ﺧطورة‬
‫ﺣﺎل اﻟﻣرﯾض إﻻ ﻋن طرﯾق اﻟطب اﻟﻣﺗﻧﻘل وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻓﻘد أﻟزم اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري‬

‫‪1‬أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ﻗﺎﯾد ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ، 2003،‬ص ‪.360‬‬

‫‪87‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻬﯾﺎﻛل واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻟﻠﺻﺣﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺻﺣﺔ اﻟﻣوﻛﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺧدﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺑﺿﻣﺎن اﻟﺗﻛﻔل اﻟطﺑﻲ ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ وﺿﻊ ﺻﻌب اﻟﻣذﻛورﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 88‬ﻣن‬
‫ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ 11/18‬ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻫﯾﺎﻛﻠﻬﺎ اﻟﺻﺣﯾﺔ وﺑﺎﻟﻣﻧزل‪ ،1‬ﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 3/88‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪ :‬ﯾﻌﺗﺑر اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ وﺿﻊ ﺻﻌب ﻻ ﺳﯾﻣﺎ‬
‫‪....‬اﻷﺷﺧﺎص ﺿﺣﺎﯾﺎ اﻟﻛوارث أو أي ﺣﺎدث اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ آﺧر اﻟذﯾن ﻫم ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ﻣﺎدﯾﺔ أو‬
‫اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻫﺷﺔ‪ ، ......‬وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب ﻣﺣل اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم‬
‫اﻣﺗﺛﺎﻟﻪ ﻟﺗﺳﺧﯾرة اﻟﻣوﺟﻬﺔ إﻟﯾﻪ ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ 2‬ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟطب اﻟﻣﺗﻧﻘل‪.‬‬
‫‪-2‬ﻋﻧﺻر اﻹرادة‬
‫وﻫو اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم‬
‫اﻟﻣﺳﺎﻋدة‪ ،‬ﻓﻧﺎدرا ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻋدم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻣﻧطوﯾﺎ ﻋن إرادة ﺻرﯾﺣﺔ ﺑل ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ‬
‫ﺗظﻬر ﻫذﻩ اﻹرادة ﻣن ظروف وﻣﻼﺑﺳﺎت ﻛل واﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺗﻘرﯾرﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﯾﺑﺣث ﻋﻣﺎ‬
‫إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺗﻬم ﻗد أﺧل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﻠﻐﯾر اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر وﺗﻘدﯾر ذﻟك ﻛل ﻣرﺟﻌﻪ ظروف اﻟﺣﺎﻟﺔ وﻗت طﻠب اﻟﻣﺳﺎﻋدة أﺧذ ﺑﻣﻌﯾﺎر اﻟرﺟل‬
‫اﻟﻌﺎدي اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ ﻧﻘص ظروف اﻟﻣﺗﻬم ﻓﺈذا ﺛﺑت ﺗﻘﺻﯾر ﻣن اﻟطﺑﯾب أو ﺧروج ﻣﻧﻪ ﻋن‬
‫اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﻌد ﻣرﺗﻛﺑﺎ ﻟﺧطﺄ ﺟﻧﺎﺋﻲ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻪ ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬
‫إن اﻟطﺑﯾب ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﻗد ﯾﻛون ﻣﻌرﺿﺎ ﻟﻠﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻣﺗﻧﺎﻋﻪ ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر ﺑل أن ﻣﻬﻧﺗﻪ ﻛطﺑﯾب ﻗد ﺗﻌﺗﺑر‬
‫ظرﻓﺎ ﻣﺷددا ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﻣﺎدة ‪ 291‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ 11/18‬ص‪.29‬‬


‫‪2‬اﻟﻣﺎدة ‪ 178‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ "18/11‬ﯾﺗﻌﯾن ﻋن ﻣﻬﻧﻲ اﻟﺻﺣﺔ اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﺗﺳﺧﯾرات اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻣو ﻣﯾﺔ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﺗﺷرﯾﻊ‬
‫واﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻬﻣﺎ‪،‬ص َ ‪19‬‬

‫‪88‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻛﻣﺎ أن اﻟطﺑﯾب ﺑﺣﻛم ﻣﻬﻧﺗﻪ وﻧﺑل رﺳﺎﻟﺗﻪ ﻻ ﯾﺗﺻور ﻓﯾﻪ ﺗرك ﻣرﯾض ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر ﻷن‬
‫ﺿﻣﯾرﻩ ﯾﻠزﻣﻪ ﺑﺗﻠﺑﯾﺔ ﻧداء اﻟﻣرﯾض وﻋﻼﺟﻪ ﺳﯾﯾﺎ ﻋن ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻓﺈن اﻟطﺑﯾب ﻣﺗﻰ اﻣﺗﻧﻊ ﺑﻣﺣض‬
‫إرادﺗﻪ ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻌون اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺧطر وﻟم ﯾﻛن ذﻟك ﯾﺷﻛل ﻣﺧﺎطرة ﻟﻪ أو ﻟﻠﻐﯾر وﻛﺎن‬
‫ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻪ اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﺳواء ﺑﻌﻠﻣﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ أو ﯾطﻠب اﻟﻌون وﻗﻊ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺗﺣرﯾم اﻟﻣﻌﺎﻗب‬
‫ﻋن ﻫذا اﻟﺳﻠوك ﻓﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 182‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺟزاﺋري ﺑﺄﻧﻪ ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس‬
‫ﻣن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر إﻟﻰ ﺧﻣس ﺳﻧوات وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 500‬إﻟﻰ ‪15.000‬دج أو ﺑﺈﺣدى ﻫﺎﺗﯾن‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺗﯾن ﻛل ﻣن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑﻔﻌل ﻣﺑﺎﺷر ﻣﻧﻪ وﺑﻐﯾر ﺧطورة ﻋﻠﯾﻪ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر أن ﯾﻣﻧﻊ وﻗوع‬
‫ﻓﻌل ﻣوﺻوف ﺑﺄﻧﻪ ﺟﻧﺎﯾﺔ أو وﻗوع ﺟﻧﺣﺔ ﺿد ﺳﻼﻣﺔ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬واﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﻘﯾﺎم ﺑذﻟك‬
‫ﺑﻐﯾر إﺧﻼل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻘوﺑﺎت أﺷد ﯾﻧص ﻋﻧﻬﺎ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون أو اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ‬
‫‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻛل ﻣن اﻣﺗﻧﻊ ﻋﻣدا ﻋن ﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدة إﻟﻰ ﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫ﺧطر ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻪ ﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ إﻟﯾﻪ ﺑﻌﻣل ﻣﺑﺎﺷر أو ﯾطﻠب اﻹﻏﺎﺛﺔ ﻟﻪ وذﻟك دون أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك‬
‫ﺧطورة ﻋﻠﯾﻪ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر‪.1‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾن اﻟﺻﺣﺔ ‪.‬‬
‫ﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾن اﻟﺻﺣﺔ اﻟﺻﺎدر‬
‫ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1985‬ﻓﻲ اﻟﺑﺎب اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺗﺿﻣﻧﺎ ﻟﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل‬
‫ﺟرﯾﻣﺔ‪،‬ﺑﺣﯾث ﺗﻧﺎول اﻷﻣر رﻗم ‪ 05/85‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 26‬ﺟﻣﺎدى اﻷوﻟﻰ ‪ 1405‬اﻟﻣواﻓق ل ‪16‬‬
‫أﻓرﯾل ‪ 1985‬واﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬واﻟذي ورد ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﻌدﯾﻼت‬
‫ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 15/88‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 16‬رﻣﺿﺎن ﻋﺎم ‪ 1408‬اﻟﻣواﻓق ل ‪ 03‬ﻣﺎي‬
‫ﺳﻧﺔ ‪ 1988‬وﻛذا ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 07-06‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 19‬ﺟﻣﺎدی اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺎم ‪ 1427‬اﻟﻣواﻓق ل‬
‫‪ 15‬ﺟوﯾﻠﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪ ،2006‬وﻛذﻟك اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 13-08‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 17‬رﺟب ﻋﺎم ‪1429‬‬

‫‪1‬اﻟﻣﺎدة ‪ 182‬ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 01-09‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 25‬ﻓﺑراﯾر ‪ ، 2009‬ﯾﻌدل وﯾﺗﻣم اﻷﻣر ‪ 156-66‬اﻟﻣؤرخ ‪ 8‬ﻓﻲ ﯾوﻧﯾو‬
‫‪ ،1966‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻗﺎﻧون ‪ 19-15‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 30‬دﯾﺳﻣﺑر ‪ ، 2015‬ج‪،‬ر‪،‬ج‪،‬ج اﻟﻌدد ‪71‬‬
‫اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ‪ 25‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪،2016‬ص‪.78‬‬

‫‪89‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣواﻓق ﻟـ ‪ 20‬ﺟوﯾﻠﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪ ،2008‬ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت إذا ارﺗﻛﺑﻬﺎ اﻷطﺑﺎء أو اﻟﺟراﺣون‬


‫أو ﻣن ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬم ﺗﻌﺗﺑر ﺟراﺋم ﯾﺳﺄل ﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ وﯾوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻘوﺑﺔ وﻣن ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺄل‬
‫ﻋﻧﻬﺎ ﻫؤﻻء ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل ﻟﻘب طﺑﯾب واﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪207‬وﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ‬
‫اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب واﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ‪ 214‬وﻛذا ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾر أو اﻟﺧطﺄ‬
‫اﻟﻣﻬﻧﻲ واﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 239‬وﺟرﯾﻣﺔ ﻧزع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ دون أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك‬
‫ﺳﺑب ﻗﺎﻧوﻧﻲ واﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 35‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﺳﻧﺣﺎول اﻟﺗطرق إﻟﻰ‬
‫ﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدى وﺑﻧوع ﻋن اﻟﺗﻔﺻﯾل‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻏﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪.‬‬
‫ورد ﻧص ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 214‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪ 13/08‬اﻟﻣﻌدل اﻟﻣﺗم‬
‫ﻟﻠﻘﺎﻧون ‪ 05/85‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪" :1‬ﯾﻌد ﻣﻣﺎرﺳﺎ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‬
‫أو اﻟﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن واﻟﺻﯾدﻟﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻏﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ ‬ﻛل ﺷﺧص ﯾﻣﺎرس اﻟطب أو ﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن أو اﻟﺻﯾدﻟﺔ وﻻ ﺗﺗواﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﺷروط اﻟﻣﺣددة‬
‫ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 197‬ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون أو ﯾﻣﺎرس ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﺧﻼل ﻣدة ﻣﻧﻌﻪ ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ‬
‫اﻟطب ﺑﻘرار ﻗﺿﺎﺋﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﻛل ﺷﺧص ﯾﺷﺎرك ﻋﺎدة ﺑﻣﻘﺎﺑل أو ﺑﻐﯾر ﻣﻘﺎﺑل وﻟو ﺑﺣﺿور اﻟطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن‬
‫ﻓﻲ إﻋداد وﺗﺷﺧﯾص أو ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ أﻣراض أو إﺻﺎﺑﺎت ﺟراﺣﯾﺔ أو إﺻﺎﺑﺎت ﺗﺻﯾب اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﺳواء ﻛﺎﻧت وراﺛﯾﺔ أو ﻣﻛﺗﺳﺑﺔ‪ ،‬ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ أو ﻣزﻋوﻣﺔ‪ ،‬ﺑﺄﻋﻣﺎل ﻓردﯾﺔ أو اﺳﺗﺷﺎرات ﺷﻔوﯾﺔ أو‬
‫ﻣﻛﺗوﺑﺔ‪ ،‬أو ﺑﺄﯾﺔ طرﯾﻘﺔ أﺧرى ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت‪ ،‬دون أن ﯾﺳﺗوﻓﯽ اﻟﺷروط اﻟﻣﺣددة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن‬
‫‪ 198-197‬ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون‪"...‬‬
‫‪ ‬ﻛل ﺷﺧص ﺣﺎﻣل ﻟﻠﺷﻬﺎدة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﯾﻘدم ﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻟﻸﺷﺧﺎص اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬم ﻓﻲ اﻟﻔﻘرﺗﯾن‬
‫اﻟواردﺗﯾن أﻋﻼﻩ‪ ،‬وﯾﺷﺗرك ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻬم وﻹﯾﺿﺎح أﻛﺛر ﺳوف ﻧﺗطرق إﻟﻰ اﻷرﻛﺎن اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﻗﺎﻧون ‪ 05/85‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم‬

‫‪90‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ واﻟﺗﻲ ﻛﻐﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟراﺋم ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ رﮐن ﻣﺎدي وآﺧر ﻣﻌﻧوي‪،‬‬
‫وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗطرق إﻟﯾﻪ ﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺗﻔﺻﯾل ﻣﺧﺻﺻﯾن ﻟﻛل رﻛن ﻓرع ﺧﺎص ﺛم ﻧﺑﯾن‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة واﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول ‪:‬أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‬
‫أوﻻ ‪:‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‬
‫إن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﺟراﺣﯾﺔ ﺑﻌد اﺳﺗﻌﻣﺎﻻ ﻟﺣق ﻣﻘرر ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﻟذﻟك ﻓﺈن‬
‫اﻟﺟﺎﻧﻲ ﯾﻔﺗرض ﻓﯾﻪ اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻣﻧذ ﻧﻔﺎذﻩ‪ ،1‬وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈذا اﻋﺗذر اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺟﻬﻠﻪ‬
‫ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻣﺎرس اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻣن ﺷﺧص ﻏﯾر طﺑﯾب ﻓﺈن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﻌﺎﻗﺑﻪ ﺟزاﺋﯾﺎ‬
‫وﻣدﻧﯾﺎ‪.‬‬
‫وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﯾﺎم اﻟﺷﺧص ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻣن‬
‫ﻏﯾر أن ﺗﺗواﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬
‫ﻬﻧﺔ اﻟطب ﺣﺎﺋز وﺣﺳب اﻟﺣﺎﻟﺔ وا ٕ ﺣدى اﻟﺷﻬﺎدات اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك‬
‫‪ -‬أن ﯾﻛون اﻟذي ﯾﻣﺎرس ﻣ‬
‫أﻣﺎ ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺷﻬﺎدة ﺷﻬﺎدة دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟطب ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ رﺧﺻﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﻪ اﻟطﺑﻲ‬
‫وﻟذﻟك ﯾﻘوم ﻓﯾﻪ اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﺣﺗﻰ وﻟو ﻧﺟﺢ ﻓﻲ ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾض وﻋﻼﺟﻪ‪ ،‬أو أن ﯾﺗﺣﺻل‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﻛون ﻣﻌﺗرﻓﺎ ﺑﻣﻌﺎدﻟﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪-‬أﻻ ﯾﻛون ﻣن ﯾﻣﺎرس ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻧﺔ ﻣﺻﺎﺑﺎ ﺑﻌﺎﻫﺔ أو ﺑﻌﻠﻪ ﻣرﺿﯾﺔ ﻣﻧﺎﻓﯾﺎ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻧﺔ‪،‬‬
‫وﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﺗﻌﺗﺑر ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻏﯾر ﺷرﻋﯾﺔ‪،‬‬
‫إذا ﻛﺎن ﻣن ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻣﺻﺎﺑﺎ ﺑﻌﺎﻫﺔ ﺗﻌﯾق ﻋﻣﻠﻪ أو ﺑﻌﻠﺔ ﻣرﺿﯾﺔ ﻣﻌدﯾﺔ أو ﺑﺄي ﻣرض ﻣﻌدي‬
‫آﺧر ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﻌﯾق ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ أو اﻟﺟراﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﯾﻌﯾق ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ أو‬
‫اﻟﺟراﺣﻲ ﻋﻠﻰ أﻛﻣل وﺟﻪ أو ﯾؤدي ﺑﺄﺿرار ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﺿﻰ‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﯾو ﺳف‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،2003 ،‬ص ‪.183‬‬

‫‪91‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪-‬وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﯾﻛون رﻛﻧﻬﺎ اﻟﻣﺎدي وﯾﻌد ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ‬
‫إذا ﻗﺎم ﻣن ﻫو ﻓﻲ إطﺎر ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﺣﺗﻰ وﻟو اﺳﺗوﻓت ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺷروط اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ‬
‫اﻟطب‪ ،‬وﻗﺎم ﺑﻔﻌل ﻣﺧل ﺑﺎﻟﺣﯾﺎء‪.1‬‬
‫وﻛذﻟك ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﻛﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 197‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ‬
‫وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ أن ﯾﻛون ﻣن ﯾﻣﺎرس ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻟﯾس ﺟزاﺋري اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬وﻧﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣن ﻫذا ﻛل‬
‫اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺗﻲ ﺗﻛون دوﻟﺗﻪ ﻣﺗرﺑطﻬﺎ ﻣﻌﺎﻫدات واﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﺗﺳﻣﺢ ﻷﻋﺿﺎﺋﻬﺎ ﺑﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ‬
‫اﻟطب ﻓﻲ داﺧل اﻟﺗراب اﻟﺟزاﺋري‪.‬‬
‫وﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﻣﻧﻊ وﻟﻔﺗرة ﻣﺣددة طﺎﻟت أو ﻗﺻرت‬
‫ﻣن ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﺑﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬ورﻏم ذﻟك ﺧﻠف اﻟﺣﻛم وﻗﺎم ﺑﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‪.‬‬
‫وأﺧﯾرا ﯾﻌد ﻛل ﺷﺧص ﻣﻣﺎرس ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻛل ﺷﺧص ﯾﻣﺎرس ﻋﺎدة ﺑﻣﻘﺎﺑل‬
‫أو ﺑﻐﯾر ﻣﻘﺎﺑل وﻟو ﻛﺎن ﺑﺣﺿور اﻟطﺑﯾب وذﻟك ﺑﺈﻋداد أو ﺗﺷﺧﯾص أو ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ أﻣراض أو‬
‫إﺻﺎﺑﺎت ﺟراﺣﯾﺔ دون أن ﺗﺳﺗوﻓﻲ ﻓﯾﻪ اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 137‬ﻣن ﻧﻔس‬
‫اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ أﻧﻪ ﺑﻔﻌل اﻟﺗﺷﺧﯾص واﻟﻌﻼج وﺗﻘدﯾم اﻷدوﯾﺔ واﻟﻧﺻﺎﺋﺢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ طﺑﯾب‬
‫أو ﺟراﺣﺎ اﺧﺗﺻﺎﺻﻲﺣﺗﻰ وا ٕ ن درس ﺗﺧﺻﺻﺎ ﻓﻲ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب وﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﻌﯾن وﻟﻛن ﻏﯾر‬
‫ﻣرﺧص ﻟﻪ ﺑذﻟك أو أن ﯾﻛون ﻗد ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻣﻌﺗرف ﺑﻣﻌﺎدﻟﺗﻬﺎ ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ‬
‫ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ ،197‬ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷﺷﺧﺎص‬
‫اﻟﻣﻣﺎرﺳﯾن ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ وﯾﺗواﻓر ﻓﯾﻬم اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‪ ،‬أو أن ﯾﻘوم اﻟﺷﺧص‬
‫اﻟﺣﺎﻣل ﻟﺷﻬﺎدة اﻟطب أو اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺧﺗص ﺑﺗﻘدﯾم ﻣﺳﺎﻋدة ﻟﻸﺷﺧﺎص اﻟﻣذﻛورﯾن أﻋﻼﻩ‬
‫وﯾﺷﺗرك ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻬم‪ ،‬وذﻟك ﺑﺄن ﯾﻘدم طرﯾﻘﺔ ﻣن اﻟطرق ﻟﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ أو ﯾﺳﻬل‬

‫‪1‬‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻋرﻓﺔ‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ و اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب و اﻟﺻﯾدﻟﻲ‪،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ 2006،‬ص‪.62‬‬

‫‪92‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻬم أﻋﻣﺎﻟﻬم اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻛذﻟك ﯾﻌد اﻟطﺑﯾب ﻣﻣﺎرﺳﺎ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ إذا ﻛﺎن‬
‫ﺷرﯾﻛﺎ ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‪:‬‬
‫ﯾﺗﺧذ اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺻورة اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‪ ،‬وﻫو ﯾﺗﺣﻘق ﺑﻌﻠم اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﺄن‬
‫اﻟﻌﻣل أو اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺗﻌد ﻣن ﻗﺑﯾل اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﺧل ﺿﻣن ﻣﻔﻬوم‬
‫اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺳواء ﻛﺎن اﻟﺟﺎﻧﻲ طﺑﯾﺑﺎ أو ﺟراﺣﺎ أو ﻛﺎن ﺷﺧص ﻋﺎدي‬
‫إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺗﺟﺎﻩ إرادﺗﻪ اﻟﺣرة واﻟﺳﻠﯾﻣﺔ اﻟﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﻋﯾوب اﻟرﺿﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذﻩ اﻷﻓﻌﺎل ﻏﯾر‬
‫اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ﻛذﻟك ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﺄن ﯾﻘوم اﻟطﺑﯾب ﺑﺈرادﺗﻪ‬
‫اﻟﺣرة إﻟﻰ اﻻﺷﺗراك اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﺑﺄن ﯾﻣدﻫم‬
‫ﯾد اﻟﻌون واﻟﻣﺳﺎﻋدة وذﻟك ﺑﺄي طرﯾﻘﺔ ﻛﺎﻧت‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‬
‫ﺑﺎﻛﺗﻣﺎل اﻷرﻛﺎن اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر ﯾﻛﺗﻣل اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻐﯾر ﺷرﻋﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطﺑﯾب وﺗطﺑق ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧص‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 234‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ‪ 05/85‬واﻟﺗﻲ أﺣﺎﻟت ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻧﺻوص‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 243‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻘوﻟﻬﺎ "ﺗطﺑق اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ‪ 243‬ﻣن ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ 1‬ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻏﯾر اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻠطب واﻟﺟراﺣﺔ واﻟﺻﯾدﻟﺔ وﻣﻬن اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟطﺑﯾﺔ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻫﻲ ﻣﺣددة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ‪ 214‬و ‪ 210‬ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون"‪.‬‬
‫وﻋﻠﯾﻪ ﺗﻛون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻛﺎﻵﺗﻲ‪ ،‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر إﻟﻰ ﺳﻧﺗﯾن‬
‫وﺑﻐراﻣﺔ ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن ‪ 100.000‬إﻟﻰ ‪ 200.000‬دج أو ﺑﺈﺣدى اﻟﻌﻘوﺑﺗﯾن‪ ،‬وﺗرﺟﻊ اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻐراﻣﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع واﻟذي ﯾﺳﺗطﻊ ﺗﺣدﯾد ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ وذﻟك ﻣن‬

‫‪1‬ﻗﺎﻧون‪ 23/06 :‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪،2006/12/20:‬اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر ‪،156/66‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺧﻼل وﻗﺎﺋﻊ اﻟدﻋوى ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﻲ إﺣدى اﻟﻌﻘوﺑﺗﯾن ﻓﻘط أي اﻟﺣﺑس أو‬
‫اﻟﻐراﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﻫذا راﺟﻊ ﻛذﻟك إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻟﻘد ﻋﺎﻗب اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﻧﻔس ﻋﻘوﺑﺔ ﻣزاوﻟﺔ اﻟﻣﻬﻧﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﺷرﻋﯾﺔ‬
‫وذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑذاﺗﻬﺎ وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺣﺎول اﻟﺗطرق إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺑﻧود اﻵﺗﯾﺔ‪:‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول‪ :‬اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫إذ ﻗد ﯾﻠﺟﺄ ﺑﻌض اﻷطﺑﺎء إﻟﻰ اﻧﺗﺣﺎلاﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ وﻣواﺻﻔﺎت ﻟم ﯾر ﺧص ﻟﻬم اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ﺑﻬﺎ وذﻟك ﻻﺑﺗﻐﺎء اﻟﺗروﯾﺞ ﻷﻧﻔﺳﻬم ﻣن اﺟل اﻟرﺑﺢ اﻟﻣﺎدي ﻛﻣن ﯾدﻋﻲ ﻟﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ ﻻﻓﺗﺔ أو‬
‫ﺻﻔﺔ طﺑﯾﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﻌﯾن ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب أو ﻣﺛﻼ ﻟﻛوﻧﻪ ﻣﺣﻠف‪ .....‬اﻟﺦ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻣزاوﻟﺔ وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﺗﺣت ﻫوﯾﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻫذا ﻣﺎ أﻛدﻩ‬
‫اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 168‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ 18/11‬ﺑﻘوﻟﻬﺎ‪" :‬ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻬﻧﻲ اﻟﺻﺣﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ ﺗﺣت ﻫوﯾﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ "‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﺗظﺎﻫر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺑﻌض اﻷطﺑﺎء ﺑﺣﺻوﻟﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺧﯾص ﻗﺑل اﻛﺗﻣﺎل‬
‫اﻹﺟراءات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟذﻟك أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾوﻗف ﺣﻘﻬم ﻓﻲ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋﻘوﺑﺔ ﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ أو إدارﯾﺔ‬
‫وﻫذا ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻧﺗﺣﺎل أﻟﻘﺎب أو ﺻﻔﺎت طﺑﯾﺔ ﺑﻐﯾر وﺟﻪ ﺣق‪.1‬‬
‫وﺗﺗطﻠب ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ ﻛﺳﺎﺑﻘﯾﻬﺎ رﻛﻧﯾن اﻟﻣﺎدي واﻟﻣﻌﻧوي واﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﻣﻘررة‬
‫ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1‬ﮐﺷﯾدة اﻟطﺎﻫر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﻲ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪)،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن(‪ ،2011‬ص ‪147‬‬
‫‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬


‫ﺗﺗطﻠب ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ رﻛﻧﯾن‪ ،‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي واﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﯾﺗﻣﺛل اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل أي وﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل‬
‫اﻟدﻋﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل اﻟﺟﻣﻬور ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄﺣﻘﯾﺔ ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺔ أو اﻟﻠﻘب‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﺿﻊ ﻻﻓﺗﺔ ﻋﻧد ﻣدﺧل ﻋﯾﺎدﺗﻪ ﻣﻛﺗوب وﻣﺷﺎد ﺑﻬﺎ ﻟﺻﻔﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾرﺧص ﻟﻪ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻬﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻧﺗﺣﻼ ﻟﻠﻘب أو ﻟﺻﻔﺔ ﻫو ﻟﯾس أﻫﻼ ﻟﻬﺎ وﻟم ﯾرﺧص ﻟﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻬﺎ وﻫذا‬
‫ﻣﺎ أﻛدت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 168‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ ، 18/11‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪13‬‬
‫ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن ﻋن ﻛل‬
‫ﻋﻣل ﻣﻬﻧﻲ ﯾﻘوم ﺑﻪ وﻻ ﯾﺟوز ﻷي ﻣﻧﻬﻣﺎ أن ﯾﻣﺎرس ﻣﻬﻧﺗﻪ إﻻ ﺗﺣت ﻫوﯾﺗﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‪.1‬‬
‫و ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن ﻫذا أن ﻫذا اﻟﻧﺷﺎط ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﯾﺎم اﻟطب ﺑﺎﻧﺗﺣﺎل ﺻﻔﺔ أو ﻟﻘب ﺣدد اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ﺷروطﺎ ﻟﻣﻧﺣﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈدﻋﺎء اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺗروﯾﺞ ﻟﻧﻔﺳﻪ أﻧﻪ ﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺎ ﻣن اﺧﺗﺻﺎص‬
‫اﻟطب ﻣﻊ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ طﺑﯾب ﻋﺎم أو ﻛﺗﺎﺑﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻻﻓﺗﺔ أو وﺻﻔﺔ طﺑﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﺻت‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 77‬ﻣن ﻣدوﻧﺔ أﺧﻼﻗﯾﺎت ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪" :‬ﻻ ﯾﺳوغ ﻟﻠطﺑﯾب أو ﺟراح اﻷﺳﻧﺎن أن‬
‫ﯾﺛﺑت ﻋﻠﻰ اﻟورق اﻟﻣﺧﺻص ﻟﻠوﺻﻔﺎت ‪ .....‬إﻻ اﻟﺷﻬﺎدات واﻟوظﺎﺋف واﻟﻣؤﻫﻼت اﻟﻣﻌﺗرف‬
‫ﺑﻬﺎ" ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل ﻟﻘب طﺑﯾب ﻛﻐﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟراﺋم ﺗﺗطﻠب ﻟﻘﯾﺎﻣﻬﺎ رﻛن ﻣﻌﻧوي وذﻟك ﺑﺗواﻓر‬
‫اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺄن ﯾﺗواﻓر ﻟدى اﻟﺟﺎﻧﻲ اﻟﻌﻠم ﺑﺄن ﻓﻌﻠﻪ ﻫذا ﻣﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ‪.‬‬
‫ﻷن ﻓﯾﻪ اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ أﺣﻘﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺗﺟﺎﻩ إرادﺗﻪ‬
‫اﻟﺣرة واﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذا اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺟرم ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﷲ ﻣﻼ أﺣﻣد‪ ،‬ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﺑﯾن اﻹﺑﺎﺣﺔ و اﻟﺗﺣرﯾم‪،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ 2012،‬ص‪65‬‬

‫‪95‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫إن اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻣﻔﺗرض ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧﻲ ﺑﻣﺟرد ﺗﻘدﯾم ﺷﻬﺎدة طﺑﯾﺔ أو ﺧﺑرة طﺑﯾﺔ أو أي‬
‫ﻓﻌل ﻣن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣرﺧص ﻟﻪ ﺑﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب وﯾﻘوم اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‬
‫ﻟدى اﻟﺟﺎﻧﻲ إذ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻌﺗد ﺑﺎﻟﺑواﻋث اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ ﻻرﺗﻛﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻷن اﻟﻘﺻد ﻓﯾﻬﺎ واﺿﺢ واﻟﻣﺗﻣﺛل‬
‫‪1‬‬
‫ﻓﻲ اﻹﺿرار ﺑﺳﻣﻌﺔ طﺑﯾب ﺟراء ﻓﻌﻠﻪ ﻫذا‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﻟﻘد ﻧظم اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ 11/18‬أﺣﻛﺎم ﺟزاﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣن‬
‫ﯾﺧﺎﻟف أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ‪ 168‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﻪ واﻟﻣذﻛور ﺳﺎﺑﻘﺎ واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺗﺣت اﻟﻬوﯾﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻣﻬن اﻟﺻﺣﺔ وذﻟك ﺑﻣﻌﺎﻗﺑﺗﻪ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ‪ 247‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ‪" :‬ﻛل ﻣن اﻧﺗﺣل ﻟﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﻣﺣرر ﻋﻣوﻣﻲ رﺳﻣﻲ أو ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ إدارﯾﺔ ﻣﻌدة‬
‫ﻟﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﺳم ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺧﻼف اﺳﻣﻪ وذﻟك ﺣق ﯾﻌﺎﻗب ﻣن ‪ 500‬إﻟﻰ ‪5.000‬‬
‫دﯾﻧﺎر ﺟزاﺋري"‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾر أو اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ‬
‫ورد اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 239‬ﻣن ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ وذﻟك‬
‫ﺑﻘوﻟﻬﺎ "ﯾﺗﺎﺑﻊ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدﺗﯾن ‪ 288‬و ‪ 289‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت أي طﺑﯾب أو ﺟراح‬
‫أﺳﻧﺎن أو ﺻﯾدﻟﻲ وﻣﺳﺎﻋد طﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻛل ﺗﻘﺻﯾر أو ﺧطﺄ ﻣﻬﻧﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻪ ﺧﻼل ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ‬
‫ﻣﻬﺎﻣﻪ أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ وﯾﻠﺣق ﺿررا ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺑدﻧﯾﺔ ﻷﺣد اﻷﺷﺧﺎص أو ﺑﺻﺣﺗﻪ أو‬
‫ﯾﺣدث ﻟﻪ ﻋﺟزا ﻣﺳﺗدﯾﻣﺎ أو ﯾﻌرض ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻟﻠﺧطر أو ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ وﻓﺎﺗﻪ‪ ،‬وا ٕ ذ ﻟم ﯾﺗﺳﺑب اﻟﺧطﺎ‬
‫اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻓﻲ أي ﺿرر ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ"‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻣﻌن ﺟﯾدا ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﻧﺟد أﻧﻬﺎ ﺟرﯾﻣﺔ ﻛﻐﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟراﺋم ﺗﻘوم وﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ رﻛﻧﯾن‬
‫أﺳﺎﺳﯾﯾن‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧوﺿﺣﻪ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،2004‬ص ‪. 38‬‬

‫‪96‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‬


‫ﻗﺑل اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﯾﺟب أن ﻧﺷﯾر أوﻻ إﻟﻰ أن ﻫﻧﺎك رﻛﻧﺎ‬
‫ﻣﻔﺗرﺿﺎ ﻻ ﺗﻘوم ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾر أو اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ إﻻ ﺑﻪ واﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ أن ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻻ‬
‫ﺗﺻدر إﻻ ﻣن أﺷﺧﺎص ﻣﻌﻧﯾﯾن واﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬم ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 239‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺣﯾث‬
‫ﻧﺻت ﻛل طﺑﯾب أو ﺟراح أﺳﻧﺎن أو ﺻﯾدﻟﻲ أو ﻣﺳﺎﻋد طﺑﻲ"‪ ،‬وﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ‬
‫اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻋﻣدي أو اﻟﻐﯾر اﻟﻌﻣدي ﯾﻘوم ﺑﺄن ﯾﺻدر ﻣن اﻟطﺑﯾب أو‬
‫اﻟﺟراح ﺗﻘﺻﯾرا ﯾﺗﺳﺑب ﻟﻪ اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﺧطر اﻟﻣﻬﻧﻲ ﺳواء ﻛﺎن ﻣﻘﺻودا او ﻏﯾر ﻣﻘﺻود‬
‫ﻓﺎﻟﻔﻌل ﯾﻛون ﻋﻣدﯾﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺣﺎدث ﻗد ﺗوﻗﻌﻪ اﻟطﺑﯾب أو اﺗﺟﻬت إرادﺗﻪ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ وﺑﺣرﯾﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ودون أي ﺿﻐوط ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺳﻠوك اﻹﺟراﻣﻲ اﯾﺟﺎﺑﯾﺎ أو ﺳﻠﺑﯾﺎ وذﻟك ﻋﻠﻰ ﻧﺣو‬
‫ﺗﺗﺣﻘق ﻓﯾﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺧطﺄ اﻟﻐﯾر ﻋﻣدي ﻓﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﯾژﻩ ﻛل ﺻور اﻹﻫﻣﺎل وﻋدم اﻟﺗﺑﺻر‬
‫واﻟﺟﻬل ﺑﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻣﻠﻪ وﻋدم ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﺎدة وﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺗزام ﻣﺣدد ﻛل ﺻور ﻫذﻩ‬
‫اﻷﺧطﺎء ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻌدم وﺟود ﻗﺻد ﻹﺣداث اﻟﺿرر‪.1‬‬
‫وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻛﺎن ﯾﻘوم طﺑﯾﺎ ﻻ ﺗﺗواﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﻣﻬﺎرة اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺔ ﻷداء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ دون‬
‫أن ﯾﺳﺗﻌﯾن ﻓﻲ ذﻟك ﺑطﺑﯾب ﻣﺗﺧﺻص ﺑﺎﻟﺗﺧدﯾر ﻟﻬذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‪ ،‬أو أن ﯾﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ‬
‫اﻟﺗﺷﺧﯾص وذﻟك ﺑﻌد ﻟﺟوء اﻟطﺑﯾب إﻟﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﺑﺣث واﻟﺗﺣري اﻟﺗﻲ ﺗوﻓرﻫﺎ ﻟﻪ‬
‫اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ ﻷن اﻟطﺑﯾب ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﺳﯾﺗﻌﻠم ﺑﺣﺎﻟﺔ ﻣرﯾﺿﻪ اﻟﺻﺣﯾﺔ‬
‫وﺳواﺑﻘﻪ اﻟﻣرﺿﯾﺔ ‪ ،‬ﻛذﻟك أن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﻣﺟﺎل وﺻف اﻟﻌﻼج ﻛﺄن‬
‫ﯾﺗﺿﺢ أو ﯾﺗﺑﯾن أن وﺻﻔﺔ اﻟﻌﻼج ﻏﯾر ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ وﻛذﻟك اﻫﻣﺎل‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻋطﺎء اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟدﻗﯾﻘﺔ واﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻛذﻟك ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻛﺄن ﯾﻐﻔل اﻟﺟراح أﺛﻧﺎء أداﺋﻪ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ‬
‫ﻣﺎدة داﺧل اﻟﺑطن ﺗﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﺧطﯾرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض وﻗد ﺗﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ وﻓﺎﺗﻪ ﻣرﺗﻛﺑﺎ‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد ﺳﻌد ﺧﻠﯾﻔﺔ‪،‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳد ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪ 2010،‬ص‪82‬‬

‫‪97‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟﺟراح اﻟذي ﺗﻌﺟل ﻓﻲ إﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ وﻟم ﯾﻛن اﻟﻣرﯾض‬
‫ﺑﺣﺎﺟﺔ اﻟﯾﻬﺎ ﻣﻌﺗﻘد أن اﻟﻣرﯾض ﻛﺎن ﯾﺷﻛو ﻣن ﻣرض ﻓﻲ أﺣد أﻋﺿﺎﺋﻪ اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﯾﺳﺗﻠزم‬
‫اﺳﺗﺋﺻﺎﻟﻪ )ﻛز اﺋدة اﻟدودﯾﺔ ﻣﺛﻼ(‪ ،‬واﻻ ﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﺟﺎﻧﺑﯾﺔ ﺧطﯾرة ﺳﺗؤدي ﺑﺣﯾﺎﺗﻪ‬
‫وﻋﻧد ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺎت وﺟد أن اﻟﻣرﯾض ﻟم ﯾﻛن ﻣﺻﺎب ﺑﺗﻠك اﻟﻌﻠﺔ ﻓﻬﻧﺎك ﯾﻛون اﻟﺟراح ﻗد‬
‫ﻋرض ﺣﯾﺎة اﻟﻣرﯾض ﻟﻠﺧطر ﻣن ﺟراء إﺟراء ﺗﻠك اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﻧزﯾف دﻣوي أو‬
‫أي ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت أﺧرى ﺗؤدي إﻟﻰ وﻓﺎة اﻟﻣرﯾض‪.1‬‬
‫ﻛذﻟك ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺑﺎطﺄ ﻓﻲ ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض اﻟذي ﻛﺎن ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﺧطرة وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذا اﻟﺗﺑﺎطء ﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﺑﺗر ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎء اﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﻛذﻟك اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻟذي ﯾرﻓض ﻋﻼج ﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣرﺟﺔ ﻟﺳﺑب ﻋدم ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ دﻓﻊ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ أدت إﻟﻰ وﻓﺎﺗﻪ ﺟراء ﻫذا اﻟرﻓض‪.‬‬
‫وﯾﻌد ﻣرﺗﻛﺑﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟطﺑﯾب أو اﻟﺟراح اﻟذي ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻻدة ﻋﺳﯾرة ﻓﯾﻘﺑل‬
‫ﺑﺈﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧزل وﻫو ﯾدرك ﺑﺄن اﻟظروف ﻟم ﺗﻛن ﻣﻬﯾﺄة ﻟﻠوﻻدة ﻓﺄدى إﻟﻰ وﻓﺎة‬
‫اﻷم ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺧطﺄ ﺟﺳﯾم أو ﻏﯾر ﺟﺳﯾم وﻫذا راﺟﻊ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﻋدم ﺗواﻓر اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت‬
‫واﻟﻣﻌدات اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟذﻟك‪.2‬‬
‫ﻛذﻟك ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻟﻠﻌﻼج ﻋن طرﯾﻘﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗؤدي‬
‫ﺑﺣﯾﺎة اﻟﻣرﯾض ﻛذﻟك ﺗﻘوم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﻗدم وﺻﻔﺔ ﻟﻣرﯾﺿﻪ وﻟم ﯾوﺿﺢ ﻓﯾﻬﺎ ﻛﯾﻔﯾﺔ‬
‫اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟدواء ﺣﯾث وﺻف ﻟﻪ دواء وﻛﺗب ﻟﻪ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺧﻣﺳﺔ وﻋﺷرون ﻧﻘطﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻟم‬
‫ﯾدون ﻛﻠﻣﺔ ‪gouttes‬ﺷﻛل واﺿﺢ ﺣﯾث ﻛﺗب اﻟﺣرف اﻷول ﻓﻘط وﻋﻧد أﺧذﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺻﯾدﻟﻲ‬

‫أﻣﯾر ﻓرج ﯾوﺳف‪ ،‬ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻟﻌﻣدي و اﻟﻐﯾر اﻟﻌﻣدي وأﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﺟزاﺋﯾﺔ و اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﺣدﯾث‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ 2010،‬ص ‪.132‬‬


‫‪2‬إﺑراﻫﯾم ﻋﻠﻲ ﺣﻣﺎدي اﻟﺟﻠﺑوﺳﯽ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ و اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات‬
‫اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ‪،‬ﺑﯾروت ‪ 2007،‬ص ‪.126‬‬

‫‪98‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﺧﺗﻠط ﻋﻠﯾﻪ ﺑﯾن ﻛﻠﻣﺔ ﻏرام ورﻛب اﻟدواء ﻋﻠﻰ اﺳﺎس ﺧﻣﺳﺔ وﻋﺷرون ﻏراﻣﺎ ﺑدﻻ ﻣن ﺧﻣﺳﺔ‬
‫وﻋﺷرون ﻗطرة وﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك وﻓﺎة اﻟﻣرﯾض‪.1‬‬
‫وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘوﻻﻧﻬﺎي ﺳﻠوك أو ﻓﻌل ﯾﺻدر ﻣن اﻟطﺑﯾب أو اﻟﺟراح وﻓﻲ أي ﻣرﺣﻠﺔ‬
‫ﻛﺎﻧت‪ ،‬وﻛﺎن ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض وذﻟك أﺛﻧﺎء أداﺋﻪ ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ‬
‫ذﻟك ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﻫذا ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 329‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون‬
‫‪ 85/05‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪.‬‬
‫أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻟم ﯾﺗﺳﺑب ﺑﺄي ﺿرر ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﻣرﯾض ﻫﻧﺎ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗطﺑﯾق‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾﺔ ﻓﻘط‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫ﯾﺗﺧذ اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺻورة اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ واﻟذي ﺗﺣﻘق ﺑﺗواﻓر ﻋﻠم اﻟﺟﺎﻧﻲ‬
‫أرﻛﺎن اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ واﺗﺟﺎﻩ إرادﺗﻪ إﻟﻰ اﻗﺗرﻓﻬﺎ‪ ،‬وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﯾﻘوم ﺑﻣﺟرد‬
‫اﻟﻌﻠم ﺑﺄن أﻓﻌﺎﻟﻪ ﺗﺷﻛل ﺗﻘﺻﯾرا ﯾﻣﻛن أن ﯾؤدي ﺑﻪ إﻟﻰ ﺧطﺄ طﺑﻲ وﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣل اﻟﻌﻣل‬
‫‪2‬‬
‫اﻟطﺑﻲ ورﻏم ذﻟك ﺗﺗﺟﻪ إرادﺗﻪ إﻟﻰ ارﺗﻛﺎﺑﻬﺎ‬
‫ﻛذﻟك ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻋن ﺳﻠوﻛﻪ اﻟﻐﯾر اﻟﻌﻣدي ﺟراء إﻫﻣﺎﻟﻪ أو ﺗﻬﺎوﻧﻪ ﻓﻲ أداء‬
‫وظﺎﺋﻔﻪ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﺄدى ذﻟك إﻟﻰ اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ ﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺿرر ﻛﻌﺎﻫﺔ أو وﻓﺎة‪ .‬ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺣﻘق‬
‫اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﺑﻣﺟرد ﻋدم إﺗﺑﺎع اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻟﻣﺗطورة وﯾﺄﺧذ اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ أي ﺻورة ﻣن ﺻور اﻟﺧطﺎ ﺳواء ﻛﺎن ﻋﻣدي أو ﻏﯾر ﻋﻣدي‪ ،‬وﯾﺗﺣﻘق اﻟرﻛن‬
‫اﻟﻣﻌﻧوي ﻣن أي ﻓﻌل ﺻدر ﻣن طﺑﯾب ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺣﺳن ﻧﯾﺗﻪ وﺗﺳﺑب ذﻟك ﺑﺿرر ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻣرﯾض ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺿرر ﺑﺳﯾطﺎ أو ﺟﺳﯾﻣﺎ‪.‬‬

‫‪1‬ﺛروت ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد‪،‬ﺗﻌوﯾض اﻟﺣوادث اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،2007 ،‬ص ‪96‬‬
‫‪2‬ﻣﺣﻣد ﺳﻌد ﺧﻠﯾﻔﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ﺻر‪98‬‬

‫‪99‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ ‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ‬


‫ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺗواﻓر اﻷرﻛﺎن اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر اﻛﺗﻣﺎل اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﺗﺳﻠﯾط اﻟﻌﻘﺎب‬
‫ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ‪ 239‬ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ‪ 05/85‬واﻟﺗﻲ أﺣﺎﻟت اﻟﻌﻘوﺑﺎت إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 289 288‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت وذﻟك ﺑﻘوﻟﻬﺎ ﯾﺗﺎﺑﻊ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدﺗﯾن ‪288‬‬
‫و‪ 289‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت أي طﺑﯾب أو ﺟراح أﺳﻧﺎن أو‪ ...‬ﻋﻠﻰ ﻛل ﺗﻘﺻﯾر أو ﺧطﺄ ﻣﻬﻧﻲ‬
‫ﯾرﺗﻛﺑﻪ ‪....‬وﻟذﻟك ﺗﻛون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻛﺎﻵﺗﻲ ‪:‬‬
‫‪-‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﻬر إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻧوات وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 100.000‬إﻟﻰ ‪ 200.000‬دج‬
‫‪-‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﺷﻬرﯾن إﻟﻰ ﺳﻧﺗﯾن وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪100000‬دج إﻟﻰ ‪ 200000‬دج أو ﺑﺈﺣدى‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺗﯾن ‪.‬‬
‫وﺗرﺟﻊ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﺧطﺄ وﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣن أﺿرار ﻟﯾﺣدد‬
‫ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻓﺎﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻘررة ﻟﻸﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﯾﻧﺗﺞ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬم أﺧطﺎء طﺑﯾﺔ ﺗؤدي‬
‫إﻟﻰ وﻓﺎء اﻟﻣرﯾض أﻣﺎ اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻘررة ﻟﻸطﺑﺎء اﻟذﯾن ﯾﻧﺗﺞ ﻋن أﺧطﺎﺋﻬم ﺟروح أو‬
‫ﺣﺟز ﻛﻠﻲ ﻋن اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗزاع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‬
‫وردت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻘد ﺧﺻﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﻔﺻل‬
‫ﻛﺎﻣل‪ 1‬ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ‪ 85/05‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﻬﺎ ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 162‬ﻣن ﻫذا‬
‫اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻘوﻟﻬﺎ ﻻ ﯾﺟوز اﻧﺗزاع اﻷﻧﺳﺟﺔ أو اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣن أﺷﺧﺎص أﺣﯾﺎء‪ ،‬إﻻ إذا ﻟم‬
‫ﺗﻌرض ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺣﯾﺎة اﻟﻣﺗﺑرع ﻟﻠﺧطر وﺗﺷﺗرط اﻟﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺑرع ﺑﺄﺣد أﻋﺿﺎﺋﻪ‬
‫وﺗﺣرر ﻫذﻩ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﺑﺣﺿور ﺷﺎﻫدﯾن اﺛﻧﯾن‪ ،‬وﺗودع ﻟدى ﻣدﯾر اﻟﻣؤﺳﺳﺔ واﻟطﺑﯾب رﺋﯾس‬
‫اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺗﺑرع أن ﯾﻌﺑر ﻋن ﻣواﻓﻘﺗﻪ إﻻ ﺑﻌد أن ﯾﺧﺑرﻩ اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻷﺧطﺎر اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫‪1‬اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث‪ ،‬ﻣن اﻟﺑﺎب اﻟراﺑﻊ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ‪ 85/05‬اﻟﻣواد )‪(.168 ،167 ،166 ،165 ،164 ،163 ،162 ،161‬‬

‫‪100‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺳﺑب ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧﺗزاع وﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺗﺑرع ﻓﻲ أي وﻗت أن ﯾﺗراﺟﻊ ﻣن‬
‫ﻣواﻓﻘﺗﻪ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻫذي اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻛﻐﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟراﺋم ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول ‪ :‬أرﻛﺎن ﺟرﯾﻣﺔ ﻧزع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‬
‫أوﻻ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‬
‫ﯾﻘوم اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻧزع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻋﻧد ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻧﺗزاع أﻧﺳﺟﺔ أو أﻋﺿﺎء‬
‫ﻷﺣد اﻷﺷﺧﺎص أو اﻟﻣرﯾض‪ 1‬دون اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﯾﺔ واﻟﺻرﯾﺣﺔ ﻣن اﻟﻣﺗﺑرع‬
‫ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻊ ﻛوﻧﻪ ﺑﺎﻟﻐﺎ ﻋﺎﻗﻼ ﻣﺧﺗﺎرا‪ ،2‬أو وﻟﯾﻪ أو وﺻﯾﻪ اﻟﺷرﻋﻲ أو إذا ﺗﻣت اﻟﻣواﻓﻘﺔ وﻟﻛن‬
‫دون ﺣﺿور اﻟﺷﺎﻫدﯾن ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﺑﯾن ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 162‬ﻣن ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ ﻛذﻟك‬
‫ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ إذا ﻗﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﻧزع أﺣد أﻋﺿﺎء اﻟﻣرﯾض وﻫو ﯾﻌﻠم أن‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺳﺗﻌود ﺑﺎﻟﺧطر ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻟﻣﺗﺑرع ورﻏم ذﻟك ﻟم ﯾﻧﺑﻪ اﻟﻣﺗﺑرع ﺑﻬﺎ وﻗﺎم ﺑﻧزﻋﻬﺎ‬
‫ﻛذﻟك اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻧزع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ دون أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك‪ ،‬داﻋﻲ ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻼﺟﻲ‬
‫ﻟذﻟك واﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻧزع أﺣد اﻷﻋﺿﺎء ﻷﺣد اﻟﻣرﺿﻰ وﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻣﻧﻪ ﻟﻛن ﻟم‬
‫ﯾﻌﺑر ﻟﻪ ﻋن اﻹﺧطﺎر اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺳﺑب ﺑﻬﺎ ﺟراء ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛذﻟك ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﯾﻛون رﻛﻧﻬﺎ اﻟﻣﺎدي اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻧﺗزع اﻷﻋﺿﺎء أو‬
‫اﻷﻧﺳﺟﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺻﺎﺑﯾن ﺑﺄﻣراض ﻣن طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ أن ﺗﺿر ﺑﺻﺣﺔ اﻟﻣﺗﺑرع أو اﻟطﺑﯾب‬
‫اﻟذي ﯾﻧﺗزع أﻧﺳﺟﺔ أو أﻋﺿﺎء ﻣن أﺷﺧﺎص ﻣﺗوﻓﯾن‪ ،‬ﻗﺻد زرﻋﻬﺎ ﻗﺑل اﻹﺛﺑﺎت اﻟطﺑﻲ‬
‫واﻟﺷرﻋﻲ ﻟﻠوﻓﺎة ﻣن ﻗﺑل اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟطﺑﯾﺔ أو دون اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺑﯾر ﺻرﯾﺢ ﻣن اﻟﻣرﯾض ﻗﺑل‬
‫وﻓﺎﺗﻪ أو ﻣن أﺣد أﻋﺿﺎء أﺳرﺗﻪ ﺣﺳب اﻟﺗرﺗﯾب اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ واﻟﻣﻌﻣول ﺑﻪ أو اﻟطﺑﯾب‬

‫‪1‬ﻫﯾﺛم ﺣﺎﻣد اﻟﻣﺻﺎورة‪ ،‬ﻧﻘل اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطر واﻹﺑﺎﺣﺔ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ(‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،‬‬
‫‪ .2003‬ص ‪45‬‬
‫‪2‬ﻧﺳرﯾن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻧﺑﯾﻪ‪ ،‬ﺗﻘل رﺑﯾﻊ اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟوﻓﺎء اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬طﺑﻌﺔ أوﻟﻲ‪ ،2008 ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪101‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟذي ﯾﻧزع أﻋﺿﺎء ﻣن ﺷﺧص ﻣﺗوﻓﻲ وﻛﺎن ﻟﻬذا اﻻﻧﺗزاع ﺑﺄن ﯾﻌﯾق ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺷرﯾﺢ اﻟطﺑﻲ‬
‫اﻟﺷرﻋﻲ‪.1‬‬
‫ﻛذﻟك اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻧزع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﺑﯾﻌﻬﺎ أو اﻟﻣﺗﺎﺟرة ﺑﻬﺎ أو اﻟطﺑﯾب اﻟذي‬
‫طﻠب ﻣﻧﻪ ﻧزع ﻋﺿو ﻋن اﻷﻋﺿﺎء أو اﻷﻧﺳﺟﺔ وﻫو ﯾﻌﻠم اﻧﻪ ﺳﯾﻘوم ﺑﺑﯾﻊ اﻟﻌﺿو‪ ،2‬أو‬
‫اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺎﻧﺗزاع اﻷﻋﺿﺎء أو اﻷﻧﺳﺟﺔ ﻣن اﻟﻘﺻر واﻟراﺷدﯾن اﻟﻣﺣروﻣﯾن ﻣن اﻟﻘدرة‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي‬
‫إن ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗزاع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻣن اﻟﺟراﺋم اﻟﻌﻣدﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗطﻠب ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أن ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋﻧﺻري اﻟﻌﻠم‬
‫واﻹرادة‪ ،‬وذﻟك ﺑﺄن ﯾﻌﻠم اﻟطﺑﯾب ﺑﺄن ﻋﻣﻠﻪ ﻫذا ﻣﺻﻧف ﺿﻣن ﺟرﯾﻣﺔ ﻧزع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‬
‫دون أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﻣﺑر ر ﻗﺎﻧوﻧﻲ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك اﺗﺟﻬت إرادﺗﻪ اﻟﺣرة واﻟﺳﻠﯾﻣﺔ إﻟﻰ اﻗﺗراﻓﻬﺎ أو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ وﻋرض ﻧﻔﺳﻪ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذﻩ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺟرﻣﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﻌﺗد ﺑﺎﻟﺑواﻋث اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ‪ ،‬واﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻓﯾﻬﺎ واﺿﺢ وﻻ‬
‫ﺣﺎﺟﺔ ﻷن ﺗﺛﺑﺗﻪ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻷﻧﻪ وﺑﻣﺟرد ﺻدور ﻫذا اﻟﻔﻌل ﻣن اﻟطﺑﯾب ﯾﻘو م اﻟﻘﺻد‬
‫اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻟدﯾﻪ‪.‬‬
‫وﻋﻠﯾﻪ إذا ﻧظرﻧﺎ إﻟﻰ ﻋﻣل اﻟﺟراح ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﯾﺎﻣﻪ ﺑﻧزع أو ﻧﻘل اﻟﻌﺿو ﻓﻲ ﺟﺳد اﻟﻣرﯾض‬
‫ﻓﻼ ﺷك أن ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗﻛون ﻣﺑﺎﺣﺔ وﻣﺷروﻋﺔ ﻧظرا ﻷن اﻟﻘﺻد ﻣﻧﻬﺎ ﻫو ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض ﺑل‬
‫وا ٕ ﻧﻘﺎذ ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻣن ﻣوت ﻣﺣﻘق وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺟزاﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟراح ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫إذا ﻧظرﻧﺎ إﻟﻰ ﻋﻣل اﻟﺟراح ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﯾﺎﻣﻪ ﺑﺎﺳﺗﺋﺻﺎل اﻟﻌﺿو اﻟﺳﻠﯾم ﻣن ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﻲ‬
‫اﻟﺳﻠﯾم ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻻ ﯾﺗﺿﻣن أي ﻏرض أو ﻫدف ﻋﻼﺟﻲ ﻟﻬذا اﻟﺷﺧص وﻋﻠﯾﻪ وطﺑﻘﺎ‬

‫‪1‬ﻣﺣﻣد ﯾوﺳف ﭘﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ‪،‬ﺑﯾروت‪،2003،‬ص‪198‬‬


‫‪2‬ﻧﺳرﯾن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻧﺑﯾﻪ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪159‬‬

‫‪102‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻟﻌدم ﺗواﻓر ﺳﺑب اﻹﺑﺎﺣﺔ‬
‫وﻫو ﻗﺻد اﻟﻌﻼج‪.1‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺗﻔﺗرض ﻋﻣﻠﯾﺎت زرع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﻧﻘﻠﻬﺎ وﺟود ﻣرﯾض ﻟم ﺗﻌد وﺳﺎﺋل اﻟﻌﻼج‬
‫اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﺗﺟدي ﻣﻌﻪ وﻟم ﯾﺑق ﻟﻪ أﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة إﻻ ﺑزرع ﻋﺿو ﻟﻪ‪ ،‬ﻋوﺿﺎ ﻋن اﻟﻌﺿو‬
‫اﻟﺗﺎﻟف ﻣن ﺟﺳد ﻫﻲ ﻧﻘل إﻟﯾﻪ ﻣن ﺟﺳم ﺷﺧص ﺳﻠﯾم أو ﻣن ﺟﺛﺔ إﻧﺳﺎن ﻣﺗوﻓﻲ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ‬
‫ﺗﺗﺿﻣن ﺛﻼث ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺟراﺣﯾﺔ ﻣرﺗﺑطﺔ أﺳﺑﺎﺑﻬﺎ وأﻫداﻓﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض وﻫﻲ اﺳﺗﺋﺻﺎل‬
‫اﻟﻌﺿو اﻟﺳﻠﯾم ﻣن اﻟﻣﻧﻘول ﻣﻧﻪ‪ ،‬وﻋﻠﯾﺔ اﺳﺗﺋﺻﺎل اﻟﻌﺿو اﻟﺗﺎﻟف ﻣن اﻟﻣﻧﻘول إﻟﯾﻪ وﻋﻣﻠﯾﺔ زرع‬
‫اﻟﻌﺿو اﻟﺳﻠﯾم ﻣﺣل اﻟﻌﺿو اﻟﺗﺎﻟف وﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﺗﺳﺗﻠزم اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺿﺎء اﻟﻼزﻣﺔ‬
‫ﻣن ﻣﺻدرﻫﺎ وﻫو اﻹﻧﺳﺎن ﺳواء ﻛﺎن ﺣﯾﺎ أو ﻣﯾﺗﺎ‪.2‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ‪:‬‬
‫ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺗواﻓر اﻷرﻛﺎن اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر اﻛﺗﻣﺎل ﺻورة اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﯾﻘﺎع اﻟﻌﻘﺎب‬
‫اﻟوارد ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت واﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد ‪ 303‬ﻣﻛرر ‪ 4‬إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة ‪ 303‬ﻣﻛرر‬
‫‪ 20‬ﻛﺎﻷﺗﻲ ‪:‬‬
‫‪-‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻧوات إﻟﻰ ﻋﺷر ﺳﻧوات وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 300.000‬دج إﻟﻰ ‪1000.000‬‬
‫ﻟﻛل ﻣن ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎﻟﻲ ﻧظﯾرا ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎﺋﻪ‪.‬‬
‫‪-‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﺧﻣس ﺳﻧوات إﻟﻰ ﻋﺷر ﺳﻧوات وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 500000‬دج إﻟﻰ ‪1000000‬‬
‫دج ﻛل ﻣن ﯾﻧﺗزع ﻋﺿو ﻣن ﺷﺧص ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة‪ .‬دون اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﻓﻘﺔ‬

‫‪1‬ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾرى ﺑوﺟود ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﻼﺟﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌطﻲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت زرع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﺻﻠﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن‬
‫اﻟﻣرﯾض ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﺣرص ﺣرﺻﺎ ﺷدﯾدا ﻋﻠﻰ إﻧﻘﺎذ ﺣﯾﺎﺗﻪ‪ ،‬وﻟو ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﺑﺟزء ﻣن ﺟﺳﻣﻪ‪ ،‬ﺗﻌدم ﻗﺑول اﻟﺗﻧﺎزل ﻣن‬
‫ﺟﺎﻧب ﺷﻘﯾق ﻹﻧﻘﺎذ ﺣﯾﺎﺗﻪ ﺷﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣرﯾض ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ أن ﯾﺻﺎب اﻟراﻏب ﻓﻲ اﻟﺗﻧﺎزل ﺑﺻدﻣﺔ ﻋﺻﺑﯾﺔ أو ﻧﻔﺳﯾﺔ ﺗؤﺛر ﻋﻠﯾﻪ‬
‫إذا ﻣﺎت ﺷﻘﯾﻘﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺿﺎء اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﻘﺎذ ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ‪ ،‬وﺟﯾﻪ ﻣﺣﻣد اﻟﺧﯾﺎل‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‬
‫ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪2‬ﻣروك ﻧﺻر اﻟدﯾن‪ ،‬ﻧﻘل وزرع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن واﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ(‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪،‬‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬دار ﻫوﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪، 2003 ،‬ص ‪03‬‬

‫‪103‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪-‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﺳﻧﺔ إﻟﻰ ﺧﻣس ﺳﻧوات وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪100000‬دج إﻟﻰ ‪ 500000‬ﻟﻛل ﻣن ﻋﻠم‬
‫ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرﯾﻣﺔ اﻻﺗﺟﺎر ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص وﻟم ﯾﺑﻠﻎ اﻟﺳﻠطﺎت‬
‫–اﻟﺣﺑس ﻣن ﺧﻣس ﺳﻧوات إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر ﺳﻧﺔ‪.‬وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن ‪ 500000‬دج إﻟﻰ‬
‫‪1500000‬دج إذا ﺗواﻓرت ﻋدة ﺷروط ﻣﻧﻬﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺿﺣﯾﺔ ﻗﺎﺻرا ‪...‬‬
‫‪-‬اﻟﺣﺑس ﻣن ﻋﺷر ﺳﻧوات إﻟﻰ ﻋﺷرون ﺳﻧﺔ وﺑﻐراﻣﺔ ﻣن‪1000000‬دج إﻟﻰ ‪ 2000000‬دج‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻓﺈن اﻟﺷﺧص اﻟﻣدان ﻓﻲ أﺣد اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﺟرﻣﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر‪ ،‬ﻟذﻟك ﻻ‬
‫ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟظروف اﻟﻣﺧﻔﻔﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 53‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن‬
‫اﻟﺷﺧص اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻣﺣﻛوم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎرﺗﻛﺎب أﺣد اﻟﺟراﺋم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗطﺑق ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻘوﺑﺔ أو أﻛﺛر ﻣن‬
‫اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻛﺎﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ‪ 09‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ا ‪.‬ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺟﻬﺔ‬
‫اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺄن ﻧﻘﺿﻲ ﺑﻣﻧﻊ أﺟﻧﺑﻲ ﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺳﺑب أﺣد اﻟﺟراﺋم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن اﻹﻗﺎﻣﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ أﻣﺎ ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ أو ﻟﻣدة ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪303‬‬
‫ﻣﻛرر ‪ 23‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪. 1‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺄن ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻣﻧﻊ أي أﺟﻧﺑﻲ ﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺳﺑب أﺣد‬
‫اﻟﺟراﺋم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ أﻣﺎ ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ أو ﻟﻣدة ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر‬
‫ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 303‬ﻣﻛرر ‪ 23‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪.‬‬

‫‪1‬اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ ﻫﻲ‪:‬‬


‫‪ ‬اﻟﺣﺟر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‬
‫‪ ‬اﻟﺣرﻣﺎن ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ‬
‫‪ ‬إﻏﻼق اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻹﻗﺻﺎء ﻣن اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬
‫‪ ‬اﻹﻗﺻﺎء ﻣن اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬
‫‪ ‬اﻟﺣﺿر ﻣن إﺻدار‪ .‬اﻟﺷﺑﻛﺎت أو اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺑطﺎﻗﺎت اﻟدﻓﻊ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺗﻌﻠﯾق أو ﺳﺣب رﺧﺻﺔ اﻟﺳﯾﺎﻗﺔ أو إﻟﻐﺎﺋﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﻧﻊ ﻣن اﺻدار أﺧرى‪ .‬ﺟدﯾد‬
‫‪ ‬ﺳﺣب ﺟواز اﻟﺳﻔر‬
‫‪ ‬ﻧﺷر أو ﺗﻌﻠﯾق ﺣﻛم أو ﻗرار اﻹداﻧﺔ‬

‫‪104‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﯾﻌﻔﻲ ﻣن اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن ﯾﺑﻠﻎ اﻟﺳﻠطﺎت اﻹدارﯾﺔ أو اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ‬


‫اﻻﺗﺟﺎر ﺑﺎﻷﻋﺿﺎء ﻗﺑل اﻟﺑدء ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ أو اﻟﺷروع ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺧﻔض اﻟﻌﻘوﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻧﺻف‬
‫إذا ﺗم اﻹﺑﻼغ ﺑﻌد ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟرﯾﻣﺔ أو اﻟﺷروع ﻓﯾﻬﺎ وﻗﺑل ﺗﺣرﯾك اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وا ٕ ذا أﻣﻛن‬
‫ﺑﻌد ﺗﺣرﯾك اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣن إﯾﻘﺎف اﻟﻔﺎﻋل اﻷﺻﻠﻲ أو اﻟﺷرﻛﺎء ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 303‬ﻣﻛرر ‪ 28‬ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون‪.‬‬
‫ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أﻧﻪ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﻟﺷروع ﻓﻲ ارﺗﻛﺎب ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﻧﻔس اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ اﻟﻣﻘررة‬
‫ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺑﻧد اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺷروط إﺑﺎﺣﺔ ﻧﻘل اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‬
‫ذﻛرﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق أﻧﻪ ﯾﺷﺗرط ﻹﺑﺎﺣﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ﺗواﻓر ﺷروط أرﺑﻌﺔ وﻫﻲ إذن اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ورﺿﻲ اﻟﻣرﯾض وا ٕ ﺗﺑﺎع اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻗﺻد اﻟﻌﻼج‪ ،‬وﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻧﻘل اﻷﻋﺿﺎء‬
‫اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻫﻧﺎك ﺷروط أﺧرى ﯾﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﺑدﻗﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻌطﻲ وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻣﺗﻌﻠق‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻧﻔﺳﻪ وﻫذﻩ اﻟﺷروط ﻫﻲ‪:‬‬
‫‪ ‬رﺿﻰ اﻟﻣﻌطﻲ‬
‫‪ ‬ﺗواﻓر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة‪.‬‬
‫‪ ‬أن ﯾﻛون اﻟﺗﺻرف ﺗﺑرﻋﺎ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺗواﻓر اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟطﺑﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬ﺣﯾث ﻧﺻت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟطب اﻟﺣري واﻟﺗﻲ أﻋدﻫﺎ ﻣﺟﻠس أوروﺑﺎ ﻓﻲ ‪ 24‬أﻓرﯾل ‪ 1997‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿرورة ﺗواﻓر ﺷروط اﻟرﺿﻰ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم ﺣﯾث ﻗﯾل ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ أن اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺻﺣﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗم إﻻ ﺑﻌد ﺻدور‬
‫رﺿﯽ ﺣر و ﻣﺗﺑﺻر ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﺷﺄن ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ طﺎرق ﻓﺗﺣﻲ ﺳرور ﻧﻘل اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺳﻣﺎء دار اﻟﻧﻬﺿﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺻر اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪2001‬ص ‪.188‬‬

‫‪105‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت واﻧﺗﻔﺎء اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬


‫اﻟﻣطﻠب اﻷول ‪ :‬وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‬
‫إن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﻣطﻠب ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺟراﺋم اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬وﻻ ﺷك أن اﻟﻣدﺧل اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق ذﻟك واﻟوﺻول إﻟﯾﻪ ﯾﺣﺗﺎج ﺑﺎﻟﺿرورة إﻟﻰ‬
‫طرق إﺛﺑﺎت ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺣق واﻟﺑﺎطل‪ ،‬وﻣﻊ أن إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺟراﺋم اﻟطﺑﯾﺔ وا ٕ ﻗﺎﻣﺔ اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎﺑﻬﺎ وﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ﯾﻌد ﻣن أﺻﻌب اﻟﻣﺳﺎﺋل ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻣﺗﺷﺎﺑﻛﺔ‬
‫اﻟﻌﻧﺎﺻر‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ﻓﺈن ﻫﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟطرق واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن‬
‫إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺛل ﺗﻠك اﻟﺟراﺋم واﻟﻘﺿﺎﯾﺎ‪ ،‬ﻛﺎﺳﺗﺧدام اﻷدﻟﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ‪ 1‬ﺛم‬
‫اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻷﻋﺑﺎء اﻟﺗﻲ ﻣن ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻹﺛﺑﺎت ‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬ﺟﻣﻊ اﻷدﻟﺔ و اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫اﻟﺑﻧد اﻷول‪ :‬ﺟﻣﻊ اﻷدﻟﺔ‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟدﻟﯾل اﻟﻣﺎدي ﻣن وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت ﻋﻣوﻣﺎ وﻗد ﺑدا إﺻﻼح اﻟدﻟﯾل اﻟﻣﺎدي ﺑﺎﻟظﻬور ﻓﻲ‬
‫ﻣﺟﺎل اﻟﺑﺣث واﻟﺗﺣﻘﯾق ﺛم ﻓرض ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﺑﺣﻛم ﻣﺎ ﺻﺎﺣب اﺳﺗﺧداﻣﻪ ﻣن ﺗطﺑﯾق‬
‫ﻟﻸﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﯾﻌرف اﻟدﻟﯾل اﻟﻣﺎدي ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑﺄﻧﻪ ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻧﺷﺎ ﻣن‬
‫اﺳﺗﻧﺑﺎط أﻣر ﻣﺟﻬول ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﺣص ﻋﻠﻣﻲ أو ﻓﻧﻲ ﻷﺛر ﻣﺎدي ﺗﺧﻠف ﻋن ﻓﻌل إﺟراﻣﻲ وﻟﻪ ﻣن‬
‫اﻟﺧواص ﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻫوﯾﺗﻪ أو ذاﺗﯾﺗﻪ واﻟدﻟﯾل اﻟﻣﺎدي ﻫو ﻓﻲ اﻷﺻل أﺣد اﻟﺗﻘﺳﯾﻣﺎت‬
‫اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﻠدﻟﯾل اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻧﺳﺑﺔ اﻟدﻟﯾل إﻟﻰ ﻣﺻدرﻩ ‪ ،‬وﯾﻌرف اﻟدﻟﯾل اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﺑﺄﻧﻪ ‪:‬‬
‫اﻟﺑرﻫﺎن اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧطق واﻟﻌﻘل ﻓﻲ أﯾطﺎر ﻣن اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت ﺻﺣﺔ اﻓﺗراض أو‬
‫اﻟرﻓﻊ درﺟﺔ اﻟﯾﻘﯾن اﻻﻗﻧﺎﻋﻲ أو ﺣﻔظﻬﺎ ﻓﻲ واﻗﻌﺔ ﻣﺣل ﺧﻼف‪. 2‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم‪ ،‬اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪121‬‬
‫‪2‬أﺑو اﻟﻘﺎﺳم اﺣﻣد ‪ ،‬اﻟدﻟﯾل اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺎدي ب‪.‬ط ‪ ،‬أﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ ﻧﺎﯾف ﻟﻠﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ ‪ ،‬اﻟرﯾﺎض‪ ،1994 ،‬ص‪. 290‬‬

‫‪106‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻓﺎﻟدﻟﯾل اﻟﻣﺎدي ﻫو اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﻋن ﺿﺑط اﻷﺛر اﻟﻣﺎدي وﻣﺿﺎﻫﺎﺗﻪ‪،‬‬
‫وﺑﻣﺟرد ﺛﺑوت اﻟﺻﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻬم واﻟﺟرﯾﻣﺔ ﯾﺗﺣول اﻷﺛر اﻟﻣﺎدي إﻟﻰ دﻟﯾل ﻣﺎدي‪ .1‬وﺗﺗﻘﺳم‬
‫اﻷدﻟﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﺣﺳب ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎﻩ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ /1‬اﻟدﻟﯾل اﻟﺷرﻋﻲ )اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ(‬
‫ﻓﻬو ﯾﻧﯾر ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﻌرﻓﺔ أﺳﺑﺎب اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﺗﺎرﯾﺦ ﺣدوﺛﻬﺎ وﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‬
‫وﺗﻘدﯾم إﺣﺻﺎﺋﯾﺎت ﻟﻸﻣن ﻣن اﻟﻘﺿﺎء اﻷﻛﺛر اﻧﺗﺷﺎرا ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراءات وﻗﺎﺋﯾﺔ ﺗﺣول‬
‫دون ﺣدوث ﺗﻠك اﻟﺟراﺋم‪ ،‬وﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟدﻟﯾل ﻓﻲ أن اﻟطﺑﯾب اﻟﺷرﻋﻲ ﯾﺧوض ﻓﻲ‬
‫ﻣﯾﺎدﯾن واﺳﻌﺔ وﻣﺗﻌددة‪ ،‬ﻛﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺟراح وأﻧواﻋﻬﺎ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣدوﺛﻬﺎ‪.2‬‬
‫وﯾﻌرف أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ اﻟﻣﺷرع وﻋﯾن ﻗوة ﻛل ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻹﺛﺑﺎت ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن اﻹﺛﺑﺎت ﺑﻐﯾرﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻌطﻲ أي دﻟﯾل ﻣﻧﻬﺎ أﻛﺛر‬
‫ﻣﻣﺎ أﻋطﺎﻩ اﻟﻣﺷرع‪ ، 3‬ﻣﺛﺎل ذﻟك اﺷﺗراط اﻟﻣﺷرع وﺟود أرﺑﻌﺔ ﺷﻬود ﻓﻲ ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ‪.‬‬
‫إذا ﻛﺎن اﻟدﻟﯾل اﻟﺷرﻋﻲ ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﺎت اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ‬
‫واﺿﺣﺎ ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯾرة‪ ،‬ﻧظرا ﻟدﻗﺔ وﻗطﻌﯾﺔ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ ﺑﻔﺿﻠﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل‪،‬‬
‫إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻟم ﺗﺷﻔﻊ ﻟﻪ ﻓﻲ أن ﯾﺣظﻰ ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﻔﺿﯾﻠﯾﺔ ﻣن طرف اﻟﻣﺷرع‪ ،‬ﻓﻠم ﯾﻧﻌﻛس‬
‫ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻗﯾﻣﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛدﻟﯾل إﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟطرق اﻷﺧرى‬
‫ﻟﻺﺛﺑﺎت‪ ،‬ذﻟك أن اﻻﻋﺗراف ﻟﻪ ﺑﻬذﻩ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﯾﺻطدم ﻣﻊ ﻣﺑدأ ﺣرﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻗﺗﻧﺎﻋﻪ‬
‫اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟﻣﻛرس ﺑﻣوﺟب اﻟﻣواد ‪ 307 ،212‬ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬واﻟذي ﻣﻔﺎدﻩ‬

‫‪1‬ﻋﻣورة ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر أدﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة ﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻣﺳﺎن‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ، 2010-2009 ،‬ص ‪22‬‬
‫‪2‬ﺷﻔﻲ ﻟﯾﻠﺔ و ﺣﻣﯾدي إﯾﻣﺎن‪ ،‬اﻟدﻟﯾل اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺎدي ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﻣﯾرة‪ ،‬ﺑﺟﺎﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪،‬‬
‫‪ ، 2018-2017‬ص ‪64‬‬
‫‪3‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪107‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣرﻓﻲ أن ﯾﺑﻧﻲ اﻗﺗﻧﺎﻋﻪ ﻣن أي دﻟﯾل ﯾطﻣﺋن اﻟﯾﻪ ﺣﺳب اﻟﻌﻘﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﻛوﻧت ﻟدﯾﻪ‬
‫ﻣن اﺳﺗﻘراء اﻷدﻟﺔ ﺑﻛﺎﻣل ﺣرﯾﺗﻪ ‪.‬‬
‫‪ /2‬اﻟدﻟﯾل اﻟﻣﺎدي ‪:‬‬
‫ﻫو ﻣﺎ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺧﺗﺻون ﻓﻲ ﻣﺳرح اﻟﺟرﯾﻣﺔ أو ﻋﻠﻰ ﺟﺳم اﻟﻣﺗﻬم أو اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ أو‬
‫اﻷداة اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫أي اﻟدﻟﯾل اﻟذي ﯾﻧﺑﻌث ﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺎدﯾﺔ ﻧﺎطﻘﺔ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ‪ ،‬وﯾﻧﺷﺄ ﻫذا اﻟدﻟﯾل ﻋن ﺿﺑط اﻷﺛر‬
‫أو اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن اﻟﻔﻌل أو اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﻌد اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ أو اﻟﻔﺣص اﻟﻔﻧﻲ ﻟﻬﺎ ﺑواﺳطﺔ‬
‫اﻟﺧﺑﯾر اﻟﻣﺧﺗص‪ ،‬وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷدﻟﺔ ﻫو اﻟذي ﯾوﺟد اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻬم واﻟﺟرﯾﻣﺔ وﻗد ﺗﻛون‬
‫ﻫذﻩ اﻟراﺑطﺔ أو اﻟﺻﻠﺔ اﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻓﺗﯾت اﻟﺻﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻬم واﻟﺟرﯾﻣﺔ ‪ ،‬أو ﻗد ﺗﻛون ﺳﻠﺑﯾﺔ‬
‫ﻓﺗﻧﻔﯾﻬﺎ‪.1‬‬
‫‪/3‬اﻟدﻟﯾل اﻟﻘوﻟﻲ ) اﻟﻣﻌﻧوي(‬
‫اﻷدﻟﺔ اﻟﻘوﻟﺑﺔ أو اﻟﺷﻔوﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺑﻌث ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋن اﻟﻐﯾر ﻣن أﻗوال وﺗﺄﺛر ﻓﻲ اﻗﺗﻧﺎع اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﻛدﻩ ﻣن‬
‫ﺻدق ﻫذﻩ اﻷﻗوال ﮐﺷﻬﺎدة اﻟﺷﻬود واﻋﺗراف اﻟﻣﺗﻬم وأﻗوال اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ وادﻋﺎﺋﻪ ‪.2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﺗﻌرف ﺑﺄﻧﻬﺎ رؤﯾﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﻓﺎﺣﺻﺔ ﻟواﻗﻌﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﻧﯾر ﻟﻠﻣﺣﻘق واﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﯾﺻﻌب‬
‫اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ‪ . 3‬واﻟﺧﺑرة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﯾﻠﺟﺎ إﻟﯾﻬﺎ داﺋﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل إﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ ﻣﺎدﯾﺔ‬
‫وذﻟك ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣواد ذات اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟدﻗﯾﻘﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﺻﻌب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹﻟﻣﺎم ﺑﻬﺎ وﻣﻊ‬

‫‪1‬د‪ /‬ﻓﻬد إﺑراﻫﯾم اﻟدوﺳري‪ ،‬ﺿﺑط اﻵﺛﺎر واﻷدﻟﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ب‪.‬ط‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف اﻟﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ‪،‬‬
‫اﻟﻛوﯾت‪ ،‬ص ‪. 11‬‬
‫‪2‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪. 123‬‬
‫‪3‬ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﺳﻌﯾد أﺑو داﺳر‪ ،‬إﺛﺑﺎت اﻟدﻋوى اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺣﻣد ﺑن ﺳﻌود اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟرﯾﺎض‪،‬‬
‫اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ 1443 ،‬ﻫﺟرﯾﺔ‪ ،‬ص ‪. 35‬‬

‫‪108‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﺣﺗﻔﺎظﻪ ﺑﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر أراء اﻟﺧﺑراء وﻓق اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻟﻪ ﺣق اﻟﺗﻘرﯾر اﻷﺧذ ﺑﻬذﻩ اﻟﺧﺑرة‬
‫ﻣن ﻋدﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻧظﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ‪ 310/95‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‬
‫‪ ،1995/10/10‬اﻟذي ﯾﺣدد ﺷروط اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻓﻲ ﻗوام اﻟﺧﺑراء اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﯾن وﻛﯾﻔﯾﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﺣدد‬
‫ﺣﻘوﻗﻬم وواﺟﺑﺎﺗﻬم ﻛﻣﺎ ﻧظم اﻟﺧﺑرة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة‬
‫‪ 125‬وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ‪.1‬‬
‫و ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ أن اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ ﻫﻲ إﺣدى طرق اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺟراﺋم اﻟطﺑﯾﺔ وﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﺗﺣدد ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻘدم إﻻ ﻣن‬
‫اﻟﺧﺑراء ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل وﻫم اﻷطﺑﺎء‪ ،‬ﻓﻬم أرﺑﺎب ﻋﻠم وﻓن اﻟطب‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ ﻫﻧﺎ ﻟﯾس‬
‫ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘﺿﻲ ﻓﻲ أﻣور طﺑﯾﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﻻ ﯾﺳﺗوي ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺗﻬﺎ ﻧوي اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣﻊ ﻏﯾرﻫم‪،‬‬
‫وا ٕ ﻧﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺳﺗﻌﯾن ﺑﺎﻟﺧﺑراء ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻠم وﻫم اﻷطﺑﺎء‪. 2‬‬
‫وﺗﻛون اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﻣوﺟب أﻣر أو ﺣﻛم ﺑﻧدب ﺧﺑﯾر ﻣن أﺟل ﻓﺣص وا ٕ ﺑداء اﻟرأي ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺑﺣﺗﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺷق ﻓﯾﻬﺎ طرﯾق ﺑﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬وﺑﻌد اﻧﺟﺎز‬
‫اﻟﺧﺑرة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﯾﻠﺗزم اﻟطﺑﯾب اﻟﺷرﻋﻲ ﺑﺗوﺿﯾﺢ ﻣﺎ طﻠب ﻣﻧﻪ ﺑدﻗﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘرﯾر ﯾﻌدﻩ ﻓﻲ‬
‫‪3‬‬
‫ﻫذا اﻟﺷﺄن‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت‬
‫اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬أن ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ واﻟذي ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻫو اﻟﻣرﯾض اﻟﺿﺣﯾﺔ أو ذو ﯾﻪ ‪ ،‬ﻷن اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣن ادﻋﻰ ﻟﻛن اﻷﻣر ﻟﯾس‬
‫ﺑﻬذﻩ اﻟﺳﻬوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ وﻫذا اﻟﻌبء اﻟﻣﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣرﯾض ‪ ،‬ﯾﺷﻣل إﺛﺑﺎت‬

‫‪1‬ﻗﯾرع ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﺟﺳﻣﺎﻧﻲ ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر )‪،2015،(1‬ص ‪27‬‬
‫‪2‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪124‬‬
‫‪3‬ﺑﺷﻘﺎوي ﻣﻧﯾرة‪ ،‬اﻟطب اﻟﺷرﻋﻲ ودورﻩ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﻋﻛﻧون‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬
‫‪ ،2015-2014‬ص ‪.64‬‬

‫‪109‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﺟﻣﯾﻊ أرﻛﺎن اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻟﯾس ﻓﻘط إﺛﺑﺎت اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي‪ ،‬وا ٕ ﻧﻣﺎ ﺗﻠﺗزم إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﺑﺈﺛﺑﺎت ﻗﯾﺎم‬
‫اﻟرﻛن اﻟﺷرﻋﻲ ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ‪.1‬‬
‫إن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﯾﻣﯾل إﻟﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﯾدل ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺻت ﺻراﺣﺔ اﻟﻣﺎدة‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻟذي ورد ﺿﻣن ﻗﺎﻧون ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻷردﻧﯾﺔ رﻗم ‪ 13‬ﺳﻧﺔ ‪1972‬‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻻﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﻧﺣو اﻟﻣرﯾض ﻫو ﺑﺛل ﻋﻧﺎﯾﺔ وﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب‬
‫واﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ ﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ وﻋدم اﻹﻫﻣﺎل وﻟﯾس اﻟﺷﻔﺎء ‪.‬‬
‫إن ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﯾﻧدرج ﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟطﺑﯾب ﺳواء ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص واﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‬
‫اﻷﻫم ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻼج ﺛم ﺗﺄﺗﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻌﻼج ﺳواء ﻋﻼج طﺑﻲ دواﺋﻲ أو ﻋﻼج‬
‫ﺟراﺣﻲ ﺑﻌد ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣرض‪ ،‬واﻟﻣﻌﯾﺎر‬
‫ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﻪ اﺣﺗرام اﻟﻣﻌﺎرف اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ و اﻟﺗﻲ وﺻل إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ وﺗﻘدﯾر‬
‫ذﻟك ﯾﻧﺿر ﻓﯾﻪ إﻟﻰ ﻣﺳﺗواﻩ ﻣن ﺟﻬﺔ وﺗﺧﺳﺳﻪ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪ ،‬ﻟﻛن طرﯾﻘﺔ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻌﻼج‬
‫ﯾﺟب أن ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ اﻷدوات اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ ﻛﺷف اﻟﻣرض واﻟﻛﻼم ﻋن اﻵﻻت و‬
‫ﻣﺎ ﺗﺣدﺛﻪ ﻣن أﺿرار ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﻪ إﻟﻰ اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ‪ ،‬ﻫل ﻫو اﻟﺗزام ﺑوﺳﯾﻠﺔ )ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ( أم‬
‫ﻫو اﻟﺗزام ﻣﺳﺗﻘل ﺑذاﺗﻪ ؟‪.‬‬
‫واﻟراﺟﺢ أن اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ ﺑﻧﺗﯾﺟﺔ وﻫذا ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎة واﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ﺑل‬
‫ﻧص اﻟﻣﺎدة ‪ 17‬ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي )‪ (276/92‬ﯾﺟب أن ﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟطﺑﯾب واﻟﺟراح اﻷﺳﻧﺎن‬
‫ﻋن ﺗﻌوﯾض اﻟﻣرﯾض ﯾﻣﻧﻊ اﻟطﺑﯾب وﺟراح اﻷﺳﻧﺎن ﻋن ﺗﻌرﯾض اﻟﻣرﯾض ﻟﺧطر ﻻ ﺑﻣﺑرر ﻟﻪ‬
‫ﺧﻼل ﻓﺣوﺻﻪ اﻟطﺑﯾﺔ أو ﻋﻼﺟﻪ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﯾد أن ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻣرﯾض ﺧﻼل اﻟﻔﺣوﺻﺎت اﻟطﺑﯾﺔ‬
‫ﺳواء اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻣن ﺗﺣﺎﻟﯾل وﻏﯾرﻫﺎ أو ﻋن طرﯾق اﻷﺷﻌﺔ أو ﻓﺣوﺻﺎت ﻋﻼﺟﯾﺔ ﻫو اﻟﺗزام‬
‫ﺑﻧﺗﯾﺟﺔ أي ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻛل ﻣﺳﺎس ﺑﺳﻼﻣﺔ و أﻣن اﻟﻣرﯾض ‪.‬‬

‫‪1‬ﻫدی زوزو‪ ،‬ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟزاﺋﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻧﻛر‪ ،‬ﻋدد ‪ ،06‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬
‫‪ 2011‬ص ‪.161‬‬

‫‪110‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫و ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول أن ﻋﺑﺊ اﻹﺛﺑﺎت ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣرﯾض ﻣﺎدام أن اﻻﻟﺗزام اﻟذي ﯾﻘﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب ﻫو اﻟﺗزام ﺑوﺳﯾﻠﺔ أو ﯾﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض أن ﯾﺛﺑت ﻓﻲ دﻋواﻩ أن‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻗد أﺧطﺄ ﺑﻛﺎﻓﺔ أﻧواع وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت‪.‬‬
‫ﻟﻛن ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ﯾﻧﺗﻘل ﻣن اﻟﻣرﯾض إﻟﻰ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻻﻟﺗزام ﻫو‬
‫اﻻﻟﺗزام ﺑﻧﺗﯾﺟﺔ وﻫو ﯾﺄﺗﻲ ﮐﺎﺳﺗﺛﻧﺎء وﻫﻧﺎ ﯾﺻﺑﺢ اﻟطﺑﯾب ﻫو اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺑﻌبء اﻹﺛﺑﺎت إذا ﯾرﺟﻊ‬
‫إﻟﯾﻪ ﻟﯾﺛﺑت اﻟﺳﺑب اﻷﺟﻧﺑﻲ وان اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣراد ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻟم ﺗﺗﺣﻘق ﺑﺳﯾب ﻻﺑد ﻟﻪ ﻓﯾﻪ‪ ،‬وﺑﺎﻟرﻏم‬
‫ﻣن ﻫذا ﻓﺎن اﻟﻣرﯾض ﯾﺟد ﺻﻌوﺑﺎت ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب‪.1‬‬
‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻧﺗﻔﺎء اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬
‫ﻫﻧﺎك ﻋدة ﻋواﻣل ﺗؤدي إﻟﻰ ﻗطﻊ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ إذا ﻗﺎﻣت أﺣد اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ ذﻟك‬
‫وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﻧﺟد ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة‪ ،‬اﻟﻘوة‬
‫اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض أو ﺧطﺎ اﻟﻐﯾر‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻷول ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة‬
‫وﻫﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾوﺟد ﻓﯾﻬﺎ ﺷﺧص ﻣﺎ داﻓﻌﺎ ﻋن ﻧﻔﺳﻪ أو ﻋن ﻏﯾرﻩ ﺧطرا ﻣﺣدﻗﺎ ﺑﻪ أو‬
‫ﺑﻐﯾرﻩ إﻻ ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرﯾﻣﺔ ﺑﺣق ﻧﻔﺳﻪ أو ﺑﺣق أﺷﺧﺎص آﺧرﯾن ﻣن أﺟل اﻟﺗﺧﻠص أو اﻟوﻗﺎﯾﺔ‬
‫ﻣن ﺧطر ﺟﺳﯾم‪ ،‬ﻓﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة ﻻ ﯾﻣﻛن اﻷﺧذ ﺑﻬﺎ إﻻ ﻋﻧد وﺟود ﺷﺧص أﻣﺎم ﺧطر ﺣﺎل‬
‫وﻫو ﻣﺟﺑر ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب ﺟرﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫‪1‬ﻗﯾرع ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.22. 20‬‬

‫‪111‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﻏﯾر اﻟﻣرﺧص ﻟﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ واﻟذي ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﯾﻪ ﻣﺛﻼ ﺗﻬدد‬
‫اﻟﻣرﯾض ﺑﺧطر اﻟﻣوت ﻛﺣﺎﻟﺔ اﺧﺗﻧﺎق ﻋﻧد اﻟﺣوادث ورﺟوع اﻟﻠﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﺧﻠف ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻛﺳر‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔك اﻟﺳﻔﻠﻲ واﻧﻐﻼق اﻟﻘﺻﺑﺔ اﻟﻬواﺋﯾﺔ ﻟدى اﻟﻣرﯾض‪ ،‬ﺗﺳﺗوﺟب ﻋﻠﯾﻪ إﺟراء ﻓﺗﺣﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﺻﺑﺔ اﻟﻬواﺋﯾﺔ ﻟﺗﻣﻛﯾﻧﻪ ﻣن اﻟﺗﻧﻔس‪.1‬‬
‫وﻟﺗﻘوم ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓر ﺷروط وﻫﻲ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ‪:‬‬
‫أوﻻ وﺟود ﺧطر ﯾﻬدد اﻟﻧﻔس أو اﻟﻐﯾر‬
‫ﻓﻼ ﯾﺳﺎل اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﺿﺣﻲ ﻣﺛﻼ ﺑﺎﻟﺟﻧﯾن ﻹﻧﻘﺎذ ﺣﯾﺎة أﻣﻪ وﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﺧطر ‪:‬‬
‫‪ ‬أن ﯾﻛون اﻟﺧطر ﻣوﺟودا ﺟدﯾﺎ وﺣﺎﻻ ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻌﻠل ﺑﺧطر ﻏﯾر ﻣوﺟود ‪.‬‬
‫‪ ‬أن ﯾﻛون اﻟﺧطر ﺟﺳﯾﻣﺎ ‪ ،‬ﻣﻧذرا ﺑﺿرر ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻺﺻﻼح أو ﻻ ﺗﺗﺣﻣﻠﻪ اﻟﻧﻔس‪.‬‬
‫‪ ‬أن ﻻ ﯾﻛون اﻹرادة اﻟﺟﺎﻧﻲ دﺧل ﻓﻲ ﺣﻠول ﻫذا اﻟﺧطر‪.2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ /‬ﻓﻌل اﻟﺿرورة‬
‫وﻫو اﻟﻔﻌل اﻟذي ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟﺷﺧص ﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳﻪ أو ﻏﯾرﻩ ﻣن ﺧطر ﺟﺳﯾم ﻋﻠﻰ وﺷك اﻟوﻗوع‬
‫وﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﻌل‪:‬‬
‫‪ -‬أن ﯾﻛون ﻣن ﺷﺄﻧﻪ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺧطر ﺑﺎرﺗﻛﺎﺑﻪ ﻟﺟرﯾﻣﺔ وﻟﯾس ﻛطرﯾﻘﺔ ﻟﻼﻧﺗﻘﺎم ﻣن‬
‫ﺷﺧص ﺑﺣﺟﺔ ﺗوﻓر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة أو ﻟطﻣس ﻣﻌﺎﻟم ﺟرﯾﻣﺔ ﻗﺎﻣت ﻣن ﻓﻌﻠﻪ‪.‬‬
‫‪ -‬أن ﯾﻛون ﻫو اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺧطر وﯾﻘدر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرور ة‪ ،‬ﻓﺎن ﻛﺎن‬
‫اﻟﻣﺿطر ﺑوﺳﻌﻪ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑوﺳﯾﻠﺔ أﺧرى ﻟﺗﻔﺎدي اﻟﺧطر ﻓﻼ ﯾﻌﻔﻰ ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل‬
‫إﺗﯾﺎﻧﻪ ﻟﺗﻠك اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﺣﺟﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺄل إذا ﻟﺟﺄ إﻟﻰ ﺟرﯾﻣﺔ أﺷد وﺗرك اﻷﺧف‬
‫ﻣﻧﻬﺎ ﻟﺗﻔﺎدي اﻟﺧطر‪.‬‬

‫‪1‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ‪،‬ﺗﺧﺻص‬
‫ﻗﺎﻧون ﺟﻧﺎﺋﻲ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ة اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﯾﺿر ‪،‬ﺑﺳﻛرة‪، 2015،‬ص ‪59‬‬
‫‪2‬اﻟﺳﯾد ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻋرﻓﻪ ‪ ،‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب و اﻟﺻﯾدﻟﻲ ‪،‬ﻣدار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻣﺻر ‪ 2005، 1‬ص ‪.71‬‬

‫‪112‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫‪ -‬أن ﯾﻛون ﺑﺣﺳن ﻧﯾﺔ ﻹﺑﻌﺎد اﻟﺧطر‪ ،‬ﻓﺈذا اﻧﺣرف ﻋن ﻫذا اﻟﻬدف اﻋﺗﺑر ﺟرﯾﻣﺔ وﯾﻌﺎﻗب‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻛﺎﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﺳﺗﺧدم أﺳﻠوﺑﺎ ﻓﻲ ﻋﻼج ﺣﺎﻟﺔ طﺎرﺋﺔ وﻟﻛن ﺑﻬدف ﺗﺟرﯾب ﻣدى ﻧﺟﺎﻋﺔ‬
‫ﻫذا اﻷﺳﻠوب‪.1‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻫرة‬
‫ﯾﺷﺗرط ﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣﺎدث ﻗوة ﻗﺎﻫرة ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗوﻗﻌﻪ أو اﻟﺗﺣرز ﻣﻧﻪ وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻧﺗﻔﺎء‬
‫اﻟراﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر‪.‬‬
‫أوﻻ ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗوﻗﻊ‬
‫و ﺑﺄن ﺗﻛون ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻌﺔ وﺧﺎرﺟﺔ ﻋن إرادة اﻟﺷﺧص ﻟﯾس اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳﺎءل ﻓﺣﺳب‪ ،‬ﺑل‬
‫ﺣﺗﻰ ﻣن ﺟﺎﻧب أﺷد اﻷطﺑﺎء ﻓطﻧﺔ‪ ،‬و ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ‪.2‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ /‬اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟدﻓﻊ‬
‫وﻫﻲ أن ﺗﻛون اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻫرة ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺟﻌل ﺗﻔﺎدي اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ أﻣرا ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﻠﺣق‬
‫ﺑﻛل ﻣن ﻫو ﻓﻲ ﻣوﻗف ﻫذا اﻟﻣﺳؤول وﺗؤدي إﻟﻰ ﺣدوث ﻧﻔس اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن طﺑﯾﺑﺎ‬
‫ﺑدرﺟﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﺧﺑرة ﺑﺗواﻓر ﻫذﯾن اﻟﺷرطﯾن اﻟﻣﻣﺛﻠﯾن ﻓﻲ ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟدﻓﻊ ﺗﻧﺗﻔﻲ اﻟراﺑطﺔ‬
‫اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻧﺗﻘﺎء ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ، .2008 ،‬ص‪139‬‬
‫‪2‬ﻣﻧﺻوري ﺟواد ‪ ،‬ﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟطﺑﻲ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪2017 ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪113‬‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪:‬‬

‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض أو ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر‬


‫ﻗد ﺗﻧﺗﻘﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻛذﻟك ‪ ،‬ﻋﻧد ﺛﺑوت ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض أو اﻟﻐﯾر ‪.‬‬
‫أوﻻ ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض‬
‫إن ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض ﯾﻧﻔﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻟﻘﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺧطﺄ ﻫو‬
‫اﻟﺳﺑب اﻟوﺣﯾد ﻓﻲ إﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬وﻣﺛﺎل ذﻟك اﻧﻘطﺎع اﻟﻣرﯾض ﻋن اﻟﻌﻼج ﻗﺎﺻدا اﻹﺳﺎءة‬
‫إﻟﻰ اﻟطﺑﯾب ذﻟك أن ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر وﻣﻧﻬم اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻘطﻊ راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﻣﺗﻰ اﺳﺗﻐرق ﺧطﺄ‬
‫اﻟﺟﺎﻧﻲ وﻛﺎن ﻛﺎﻓﯾﺎ ﺑذاﺗﻪ ﻹﺣداث اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ /‬ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر‬
‫وﻫﻧﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻐﯾر اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺧﺎرﺟون ﻋن اﻟطﺎﻗم اﻟطﺑﻲ واﻟﺷﺑﻪ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻬو ﻛل‬
‫ﺷﺧص أﺟﻧﺑﻲ ﻋن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺟﻧدة ﻟﻌﻼج اﻟﻣرﯾض وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ‬
‫اﻟطﺑﯾب ﻋن أﺿرار ﺗﺳﺑب ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻐﯾر وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻷﺿرار ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻟوﻻﻫﺎ ﻟﻣﺎ ﺣﺻﻠت‬
‫اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺿﺎرة‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻟو ﺗﺑﯾن أن ﻋدم اﻟﺗﺋﺎم اﻟﻛﺳر ﻟدى اﻟﻣرﯾض ﻛﺎن ﺑﺳﺑب ﺗدﺧل ﻣﺟﺑر‬
‫اﻟﻌظﺎم اﻟذي ﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻧﺗﻘﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻧﺗﻔﺎء ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫واﻟﻐﯾر ﻣﻣن ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ )اﻟطﺑﯾب( ﻣﺳﺋوﻻ ﻋﻧﻬم ﻻ ﯾﻌﺗﺑرون ﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ اﻧﻘطﺎع‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻧﺎ ﻫﻧﺎ ﻧﻛون ﺑﺻدد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن أﻓﻌﺎل ﺗﺎﺑﻌﯾﻪ‪ ،‬وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ‬
‫اﻟﺗﺣﻠل ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺿرور ﺳواء ﻛﺎن اﻟﻐﯾر ﻣن ﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ أو ﻣﻣن أﺧﺗﺎرﻫم ﻟﻠﻌﻣل‬
‫ﻣﻌﻪ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم‪ ،‬اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪،‬‬

‫‪ .2004‬ص‪.117‬‬

‫‪114‬‬
‫ﺧﺎﺗﻣﺔ‬

‫ﺧﺎﺗﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻟﻘد ﺗوﺳﻌت ﺣدود اﻟﺗدﺧﻼت اﻟطﺑﯾﺔ وﺧرﺟت ﻋن ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟﺿﯾق وظﻬرت طرق‬
‫ﻋﻼﺟﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ وﺗﻘدم اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﺄﺳﺎﻟﯾﺑﻬﺎ اﻟﻔﻧﯾﺔ‬
‫ووﺳﺎﺋﻠﻬﺎ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ واﻟﺗﻲ راﻓﻘﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل زﯾﺎدة اﻟﻣﺧﺎطر واﻷﺿرار ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺳم اﻟﺑﺷري‪ ،‬ﻣﻣﺎ‬
‫أدى إﻟﻰ ظﻬور ﻣﺷﻛل ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﺗزام ﻫذا اﻷﺧﯾر‬
‫ﺑﻌﻣﻠﻪ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ ﻗﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ‪.‬‬
‫وﻗد ﺣﺎوﻟت ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻲ ﻫذا وﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﻲ ﻫذﻩ أن أﺗﻧﺎول اﻟﺟواﻧب اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت‪ ،‬أﻻ وﻫﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‪ ،‬ﺑدءا ﻣن‬
‫ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ وأﺳﺎﺳﻪ وﻣراﺣﻠﻪ ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﻌد ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺑﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن‬
‫أﻧﻪ ﯾﻧطوي ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣوال ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳم‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺧﻠﺻﻧﺎ إﻟﻰ أن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺗﺛور ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻬﺎون أﺑﻧﺎء اﻟﻣﻬﻧﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠﺑﻬﺎ ﻣﻧﻬم ﻣﻬﻧﺗﻬم‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎرﺗﻛﺎﺑﻬم أﺧطﺎء طﺑﯾﺔ ﺑﻘﺻد ﻛﺎﻧت أو ﺑﻐﯾر‬
‫ﻗﺻد ﻣﻣﺎ ﯾرﺗب ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬وﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻗد ﺗرﺗب ﻋﻧﻪ ﺿرر ﺣﯾث ﻻ‬
‫ﯾﻛﻔﻲ ﻣﺟرد وﻗوع اﻟﺿرر وﺛﺑوت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑل ﻻﺑد ﻣن وﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻫذا ﻣﺎ‬
‫ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾﻘﺗرف ﻋدة ﺟراﺋم ﻓﻲ ﻣﻬﻧﺗﻪ ﺣﯾث ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع‬
‫اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬وﻛذا ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ‪ ،‬ﻓﻣﻧﻬﺎ اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ‬
‫اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻛﺎﻹﺟﻬﺎض وﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗزاع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬وﻣﻧﻬﺎ ﺟراﺋم ﻣﻬﻧﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺎﺳﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻛﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ واﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة‪.‬‬
‫ﻓﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ﻣطﻠب ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت واﻟﻘﺿﺎﯾﺎ واﻟﺟراﺋم‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬وﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫ﺧﺎﺗﻣﺔ‬

‫وﻣﻧﻪ ﺗوﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري وﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺷرﻋﯾن ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد‬
‫ﻣن اﻟدول ﻟم ﯾﻬﺗم ﺑوﺿﻊ ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻧظم وﺗﺣﻛم ﻣوﺿوع اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‬
‫ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻛذﻟك اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ‬
‫ﻋﻧﻪ‪ ،‬ﺣﯾث ظﻠت اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺧطﺄ ﻏﯾر اﻟﻌﻣدي اﻟﻣﺣددة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‬
‫ﻫﻲ اﻟواﺟﺑﺔ اﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬وﻫذا رﻏم ﻋﺟزﻫﺎ ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد اﻟﺣﻠول ﻟﻌدﯾد اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾطرﺣﻬﺎ اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﯾزال اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ ﯾﺷﻛل ﻏﻣوض وﯾطرح ﻧﻘﺎﺷﺎ‬
‫ﻓﻘﻬﯾﺎ وﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ﻣن ﺣﯾث ﻣﺎﻫﯾﺗﻪ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺣدﯾدﻩ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﻣن ﺧﺻوﺻﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻛوﻧﻪ‬
‫ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف ﺻور اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻧطﺎﻗﻪ ﻻ ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻼج‬
‫اﻟﺟراﺣﻲ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟدﻗﯾق ﺑل ﯾﺗﻌداﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ واﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ ﻣن أﺑرز اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ و اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ واﺟﻬﺗﻬﺎ ﻓﻲ آن واﺣد‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣﺎ ﺳﺑق طرﺣﻪ ﺗﻘﺗرح ﺑﻌض اﻟﺗوﺻﯾﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪:‬‬
‫‪ ‬ﺿرورة وﺿﻊ ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‪.‬‬
‫‪ ‬ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أن ﯾﺿﻊ ﻗﺎﻧون طﺑﻲ‪ ،‬ﯾﺳن ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﻟﻠﻣرﺿﻰ ﻣن ﺣﻘوق‪.‬‬
‫‪ ‬ﺿرورة ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﺎﻛم ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺿﻣن ﻟﻠﺟﻬﺎز اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ‬
‫اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻗﺿﺎة ﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ واﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر‬
‫واﻟﻣراﺟﻊ‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ‪:‬‬


‫‪ -1‬اﻟﻛﺗب‪:‬‬

‫‪ .1‬إﺑراھﯾم ﻋﻠﻲ ﺣﻣﺎدي اﻟﺟﻠﺑوﺳﯽ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﮭﻧﻲ و اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ‪،‬ﺑﯾروت ‪.2007،‬‬
‫‪ .2‬أﺑو اﻟﻘﺎﺳم اﺣﻣد ‪ ،‬اﻟدﻟﯾل اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺎدي ب‪.‬ط ‪ ،‬أﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ ﻧﺎﯾف ﻟﻠﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ ‪،‬‬
‫اﻟرﯾﺎض‪.1994 ،‬‬
‫‪ .3‬أﺑو ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺛﯾت ‪،‬ﺟراﺋم اﻹﻫﻣﺎل‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪،‬‬
‫ﻣﺻر‪.1975 ،‬‬
‫‪ .4‬اﺣﻣد إﺑراﻫﯾم ﻣﺻطﻔﻰ‪ ،‬اﻹرﻫﺎب واﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬دون دار اﻟﻧﺷر‪.2007 ،‬‬
‫‪ .5‬أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﻣوﺳﻰ اﻟﺻراﯾرة ‪ ،‬اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻷﺧطﺎء‬
‫اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪.2012 ،‬‬
‫‪ .6‬أﺣﻣد ﻋوض ﺑﻼل‪ ،‬ﻣﻬﺎدی ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ .7‬أﺣﻣد ﻣﺟﺣودة‪ ،‬أزﻣﺔ اﻟوﺿوح ﻓﻲ اﻹﺛم اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬دار اﻟﻬوﻣﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ﺑدون ﺳﻧﺔ‪.‬‬
‫‪ .8‬أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ﻗﺎﯾد ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪.2003،‬‬
‫‪ .9‬أﺳﺎﻣﺔ ﻗﺎﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن إﻓﺷﺎء ﺳر اﻟﻣﻬﻧﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ ‪ ،1989‬دار‬
‫اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .10‬أﻣﯾر ﻓرج ﯾوﺳف‪ ،‬ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻟﻌﻣدي و اﻟﻐﯾر اﻟﻌﻣدي‪،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﺣدﯾث‬
‫ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ ‪ ،‬ﺳﻧﺔ ‪.2010‬‬
‫‪ .11‬أﻣﯾر ﻓرج‪ ،‬أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺣدﯾث‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ .12‬أﻣﯾرة ﻋﻠﻰ أﻣﯾر ﻋﯾﺳﻰ ﺧﺎﻟد‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟﻧﯾن ﻓﻲ ظل اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ‪،‬‬
‫دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2007 ،‬‬

‫‪119‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .13‬ﺑﺎﺑﻛر اﻟﺷﯾﺦ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار اﻟﺣﺎﻣد ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻷردن‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ .14‬ﺑﻬﺎء ﺑﻬﯾﺞ ﺷﻛري ‪ ،‬اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ و اﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬ب‪-‬ط‪ ،‬دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪.2010 ,‬‬
‫‪ .15‬ﺗﻘﻲ اﻟدﯾن اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻣﻠك ﻓﻬد ‪ ،‬ﺣدﯾث ﻧﺑوي ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ رواﻩ اﻟﺑﺧﺎري‬
‫وﻣﺳﻠم‪ ، ،‬ﺑﺳط اﻟﺟزء ‪ 37‬ﺳﻧﺔ‪. 1995‬‬
‫‪ .16‬ﺛﺎﺋر ﺟﻣﻌﺔ ﺷﻬﺎب اﻟﻌﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪،‬‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن‪،2011 ،‬‬
‫‪ .17‬ﺛروت ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد‪ ،‬ﺗﻌوﯾض ﻟﻠﺣوادث اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪ .18‬اﻟﺟزء اﻷول دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ 2002 ،‬ص ‪150‬‬
‫‪ .19‬ﺣﺑﯾب إﺑراﻫﯾم ﺧﻠﯾل‪،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻣﺗﻧﻊ اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪،‬دﯾوان‬
‫اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.1990 ،‬‬
‫‪ .20‬ﺣﺳن ﻋﻠﻰ اﻟذﻧون‪،‬اﻟﻣﺳوط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ )اﻟﺧطﺄ(‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار‬
‫واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻷردن‪.2006 ،‬‬
‫‪ .21‬ﻓﻬد إﺑراﻫﯾم اﻟدوﺳري‪ ،‬ﺿﺑط اﻵﺛﺎر واﻷدﻟﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ب‪.‬ط‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف اﻟﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻛوﯾت‪.‬‬
‫‪ .22‬رﻣﺿﺎن ﺟﻣﺎل ﻛﺎﻣل‪-‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء و اﻟﺟراﺣﯾن اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪-‬ط‪ -1‬اﻟﻣرﻛز اﻟﻘوﻣﻲ‬
‫ﻟﻺﺻدارات اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪.2005 -‬‬
‫‪ .23‬ﺳﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﺳﻣﯾﻊ اﻷذون‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر وﻣﺳﺎﻋدﯾﻬم‪،‬‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2004 ،‬‬
‫‪ .24‬اﻟﺳﯾد ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻋرﻓﻪ ‪ ،‬اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب و اﻟﺻﯾدﻟﻲ ‪،‬ﻣدار‬
‫اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻣﺻر ‪2005، 1‬‬

‫‪120‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .25‬ﺷرﯾف اﻟطﺑﺎخ‪ ،‬ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء دار‬
‫اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ‪ ،‬اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2003،‬‬
‫‪ .26‬ﺻﻔوان ﻣﺣﻣد ﺷدﯾﻔﺎت‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر‬
‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ﺳﻧﺔ ‪2011‬‬
‫‪ .27‬طﺎرق ﻓﺗﺣﻲ ﺳرور ﻧﻘل اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺳﻣﺎء دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺻر‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪.2001‬‬
‫‪ .28‬طﻼل ﻋﺟﺎج ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‬
‫ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن ‪.2004،‬‬
‫‪ .29‬ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﺷوارﺑﻲ‪ :‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪،‬‬
‫ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.1998 ،‬‬
‫‪ .30‬ﻋﺑد اﻟرزاق أﺣﻣد اﻟﺳﻧﻬوري‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟدﯾد‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪،‬‬
‫اﻟﻣﺟﻠد اﻷول‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻹﻟﺗزام اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻧﻬﺿﺔ ﻣﺻر ‪.2011،‬‬
‫‪ .31‬ﻋﺑد اﻟرزاق اﻟﺳﻧﻬوري‪ :‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪،‬‬
‫اﻟﺟزء اﻟﺳﺎﺑﻊ اﻟﻣﺟﻠد ‪ ،01‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪.1998 ،‬‬
‫‪ .32‬ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺟرادة‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ أﻓﺎق ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﻏزة‪ ،‬ﻓﻠﺳطﯾن‪،‬ﺳﻧﺔ ‪.2010،‬‬
‫‪ .33‬ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﺳﻌﯾد أﺑو داﺳر‪ ،‬إﺛﺑﺎت اﻟدﻋوى اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم‬
‫ﻣﺣﻣد ﺑن ﺳﻌود اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟرﯾﺎض‪ ،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪ 1443 ،‬ﻫﺟرﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .34‬ﻋﺑد اﻟﻧﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود أﺑو اﻟﻌﯾﻧﯾن‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺟﻧﯾن‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‬
‫ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2006 ،‬‬
‫‪ .35‬ﻋﺑد اﻟوھﺎب ﻋرﻓﺔ‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ و اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب و اﻟﺻﯾدﻟﻲ‪،‬دار‬
‫اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2006 ،‬‬
‫‪ .36‬ﻋﻠﻰ ﻋﺻﺎم ﻏﺻن‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات زﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‬
‫ﻟﺑﻧﺎن‪.2010،‬‬

‫‪121‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .37‬ﻋﻠﻲ ﺣﺳﯾن ﻧﺟﯾدة‪ :‬اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ دار اﻟﻧﻬﺿﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،1992 ،‬ص ‪223‬‬
‫‪ .38‬ﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣود اﻟﺳﻌودي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬دار اﻟرﺿوان‪ ،‬اﻷردن‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ .39‬ﻓرج ﻋﻠواﻧﻲ ﻫﻠﯾل‪ ،‬ﺟراﺋم اﻟﺗزﯾﯾف واﻟﺗزوﯾر‪ ،‬دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،‬‬
‫‪.1993‬‬
‫اﻟﻧﻬﺿﺔ‬ ‫اﻟﻌﻣدي‪،‬دار‬ ‫ﻏﯾر‬ ‫ﻟﻠﺧطﺄ‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﻧظرﯾﺔ‬ ‫اﻟﺳﺗﺎر‪،‬‬ ‫ﻋﺑد‬ ‫‪ .40‬ﻓوزﯾﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪.1977،‬‬
‫‪ .41‬ﻗﺎدري ﯾﻣﯾﻧﺔ‪ ،‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟﻘﺎﻧون‪،‬‬
‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪.2012/2013‬‬
‫‪ .42‬ﻣﺎﺟد ﻣﺣﻣد ﻻﻓﻲ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ‪ ،‬دار‬
‫اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر ة اﻟﺗوزﯾﻊ ‪،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن ‪.2009،‬‬
‫‪ .43‬ﻣﺄﻣون ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺑرﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ و اﻟﺟراﺣﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ‪،‬‬
‫ﺑطﻧدار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪.2009‬‬
‫‪ .44‬ﻣﺣﻣد أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ اﻟﻘﺎﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ط‪ ،2‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‬
‫‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ﺑدون ﺳﻧﺔ‪.‬‬
‫‪ .45‬ﻣﺣﻣود اﻟﻘﺑﻼوي ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬ب ط دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪،‬‬
‫ﻣﺻر ‪،‬ﺳﻧﺔ ‪، 2004‬‬
‫‪ .46‬ﻣﺣﻣد أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ اﻟﻘﺎﯾد ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪ ،‬ط‪ ،2‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‬
‫‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ﺑدون ﺳﻧﺔ‪.‬‬
‫‪ .47‬ﻣﺣﻣد ﺑﺷﯾر ﺷرﯾم‪ ،‬اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻻﻟﺗزام واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬اﻟﻣطﺎﺑﻊ‪،‬‬
‫ﻋﻣﺎن‪.2000 ،‬‬

‫‪122‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .48‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻛل ﻣن اﻷطﺑﺎء‬


‫اﻟﺟراﺣﯾن أطﺑﺎء اﻷﺳﻧﺎن اﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺧﺎﺻﺔ ‪ ،‬اﻟﻣﻣرﺿﯾن و‬
‫اﻟﻣﻣرﺿﺎت‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ﻣﺻر ‪.1998،‬‬
‫‪ .49‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪،‬ﺑط ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺻر ‪.2006 ،‬‬
‫‪ .50‬ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ﻣﻧﺻور‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2006 ،‬‬
‫‪ .51‬ﻣﺣﻣد زﻛﻲ أﺑو ﻋﺎﻣر ‪ ،‬ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬اﻟﻧﺷر‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.1996 ،‬‬
‫‪ .52‬ﻣﺣﻣد ﺳﻌد ﺧﻠﯾﻔﺔ‪ ،‬اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳد ‪ ،‬دار اﻟﻧﮭﺿﺔ ‪،‬اﻟﻘﺎھرة ‪.2010،‬‬
‫‪ .53‬ﻣﺣﻣد ﺻﺑري اﻟﺳﻌدي‪،‬اﻟواﺿﺢ ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟدﯾد اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻟﺗزاﻣﺎت واﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ‪ ،‬دار اﻟﻬدی‪،‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪.2007،‬‬
‫‪ .54‬ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟظﺎﻫر ﺣﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل طب وﺟراﺣﺔ اﻷﺳﻧﺎن‪،‬‬
‫اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﻫرة‪.2004 ،‬‬
‫‪ .55‬ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﷲ ﻣﻼ أﺣﻣد‪ ،‬ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﺑﯾن اﻹﺑﺎﺣﺔ و اﻟﺗﺣرﯾم‪،‬دار‬
‫اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2012،‬‬
‫‪ .56‬ﻣﺣﻣد ﯾوﺳف ﭘﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‬
‫‪،‬ﺑﯾروت‪.2003،‬‬
‫‪ .57‬ﻣﺣﻣود ﻧﺟﯾب ﺣﺳﻧﻲ‪ ،‬ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻘﺳم اﻟﺧﺎص‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺻر‪.1988،‬‬
‫‪ .58‬ﻣروك ﻧﺻر اﻟدﯾن‪ ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺣق ﻓﻲ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري‬
‫واﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ‪ ،‬ط‪ ،1‬اﻟدﯾوان اﻟوطﻧﻲ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .59‬ﻣروك ﻧﺻر اﻟدﯾن‪ ،‬ﻧﻘل وزرع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن واﻟﺷرﯾﻌﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ(‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬دار ﻫوﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر‬
‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪. 2003 ،‬‬
‫‪123‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .60‬ﻣﺳﻌودة زﺑدة‪ :‬اﻟﻘراﺋن اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ،‬ﻣوﻓم ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2001 ،‬ص‬
‫‪.195‬‬
‫ﻣﺻطﻔﻰ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻣﺣﺳن‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و اﻟﺻﯾدﻟﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ب ب‬ ‫‪.61‬‬
‫ن و اﻟﻧﺎﺷر ‪.2000‬‬
‫‪ .62‬ﻣﻘدم اﻟﺳﻌﯾد ‪،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﻧوي‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪،‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪.1992 ،‬‬
‫‪ .63‬ﻣﻧذر اﻟﻔﺿل‪ ،‬اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻺﺗزاﻣﺎت ‪ ،‬ﻣﺻﺎدر اﻹﻟﺗزام ‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ‬
‫دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪.1994 ،‬‬
‫‪ .64‬ﻣﻧﺻور ﻋﻣر اﻟﻣﻌﺎﯾطﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ط اﻷوﻟﯽ‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﯾف ﻟﻠﻌﻠوم اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟرﯾﺎض‪ ،‬اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ‪.2004 ،‬‬
‫‪ .65‬ﻣﻧﺻوري ﺟواد ‪ ،‬ﺗوﺟﻬﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ ﻗﺎﻧون‬
‫اﻟطﺑﻲ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪2017 ،‬‬
‫‪ .66‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪،‬‬
‫إﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.1989 ،‬‬
‫‪ .67‬ﻣﻧﯾر رﯾﺎض ﺣﻧﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ‪،‬‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2008 ،‬‬
‫‪ .68‬ﻣوﻓق ﻋﻠﻰ ﻋﯾد‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ﻋن إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﻬﻧﻲ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ‪،‬‬
‫ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻷردن‪.1998 ،‬‬
‫‪ .69‬ﻧﺳرﯾن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﻧﺑﯾﮫ‪ ،‬ﺗﻘل رﺑﯾﻊ اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟوﻓﺎء اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬طﺑﻌﺔ‬
‫أوﻟﻲ‪.2008 ،‬‬
‫‪ .70‬ﻫﯾﺛم ﺣﺎﻣد اﻟﻣﺻﺎورة‪ ،‬ﻧﻘل اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطر واﻹﺑﺎﺣﺔ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ(‪،‬‬
‫دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪.2003 ،‬‬
‫‪ .71‬وﻓﺎء ﺣﻠﻣﻲ أﺑو ﺟﻣﯾل‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ وﻓﻘﻬﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪.1991 ،‬‬

‫‪124‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .72‬ﯾوﺳف ﺟﻣﻌﺔ ﯾوﺳف اﻟﺣداد‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء اﻷطﺑﺎء وﻣﻧﺷورات‬


‫اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.2003 ،‬‬
‫‪ -2‬اﻟﻣﺟﻼت‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺳﯾدﻫم ﻣﺧﺗﺎر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﻠﯾﺎ‪،‬ﻋدد ﺧﺎص اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون و اﻻﺟﺗﻬﺎد‪.2011 ،‬‬
‫‪ .2‬ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﺻدﻗﻲ ‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء اﻟطب ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎء‬
‫اﻟﻌﺳﻛري ﺑدون ذﻛر دار اﻟﻧﺷر‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،1989،‬‬
‫‪ .3‬ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﺻدﻗﻲ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ واﻟراﺑط اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﺟراﺋم اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس‬
‫واﻷﺑدان‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺎﻧون واﻻﻗﺗﺻﺎد‪،‬‬
‫ﻋد‪.2001 ،71‬‬
‫‪ .4‬ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻧوﯾري‪ :‬اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺷرطﺔ‬
‫اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪.1994 ،50‬‬
‫‪ .5‬ﻫدی زوزو‪ ،‬ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟزاﺋﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻧﻛر‪ ،‬ﻋدد ‪ ،06‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة اﻟﺟزاﺋر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .6‬ﯾﺣﯾﻰ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ واﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‪،‬‬
‫ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬ﻋﻧد ﺧﺎص ‪.2011‬‬
‫‪ -3‬اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺑﺷﻘﺎوي ﻣﻧﯾرة‪ ،‬اﻟطب اﻟﺷرﻋﻲ ودورﻩ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﯾﻣﺔ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﻋﻛﻧون‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪ .2‬ﺑن دﺷﺎش ﻧﺳﯾﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻧﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة‬
‫اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﺗﺧﺻص ﻋﻘود وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻗﺳم‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻛﻠﻲ ﻣﺣﻣد أوﻟﺣﺎج‪ ،‬اﻟﺑوﯾرة ‪2013‬‬

‫‪125‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .3‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة‬
‫اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺟﻧﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﯾﺿر‪،‬ﺑﺳﻛرة ‪.2015 ،‬‬
‫‪ .4‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة‬
‫اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺟﻧﺎﺋﻲ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻗﺳم‬
‫اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪،2015،‬‬
‫‪ .5‬ﺑن ﻓﺎﺗﺢ ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم‪،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة‬
‫اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ‪،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺟﻧﺎﺋﻲ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ة اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻗﺳم‬
‫اﻟﺣﻘوق‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﯾﺿر ‪،‬ﺑﺳﻛرة‪.2015 ،‬‬
‫‪ .6‬ﺑوﺧرس ﺑﻠﻌﯾد‪ ،‬ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب أﺛﻧﺎء اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون‪،‬ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود‬
‫ﻣﻌﻣري‪ ،‬ﺗﯾزي وزو‪.2011،‬‬
‫‪ .7‬ﺷرﻗﻲ أﺳﻣﺎء‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء داﺧل اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة‬
‫اﻟﺗﺧرج‪ ،‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،2010-2009 ،‬‬
‫‪ .8‬ﺷﻔﻲ ﻟﯾﻠﺔ و ﺣﻣﯾدي إﯾﻣﺎن‪ ،‬اﻟدﻟﯾل اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺎدي ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﻣﯾرة‪ ،‬ﺑﺟﺎﯾﺔ ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪2018-2017 ،‬‬
‫‪ .9‬ﻋﻣورة ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر أدﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة‬
‫ﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻣﺳﺎن‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪2010-2009 ،‬‬
‫‪ .10‬ﻋﯾﺎﺷﻲ ﻛرﯾﻣﺔ ‪ ،‬اﻟﺿرر ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ ‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري‪ ،‬ﺗﯾزي وزو‪،‬اﻟﺟزاﺋر ‪،2011-2010 ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ .11‬ﻋﯾﺳﺎﻧﻲ رﻓﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻣراﻓق اﻻﺳﺗﺷﻔﺎﺋﯾﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪،‬أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ‬
‫ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻛر‬
‫ﺑﻠﻘﺎﯾد‪،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن‪. 2016-2015 ،‬‬

‫‪126‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .12‬ﻋﯾﺳﻲ ﻟﻌﻼوي ‪ ،‬اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻺدارة ‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗر ﻓﻲ‬


‫اﻹدارة واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻌﻬد اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻹدارة ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‬
‫‪.1979،‬‬
‫‪ .13‬ﻏﺿﺑﺎن ﻧﺑﯾﻠﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‪،‬‬
‫ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻬﻣري‪ ،‬ﺗﯾزي‬
‫وزو‪.2009 ،‬‬
‫‪ .14‬ﻓرﯾﺣﺔ ﻛﻣﺎل‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‬
‫اﻟﺧﺎص‪ ،‬ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣدرﺳﺔ اﻟدﻛﺗورة‬
‫ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو‪2012،‬‬
‫‪ .15‬ﻗﯾرع ﻣﺣﻣد‪ ،‬اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﺟﺳﻣﺎﻧﻲ ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر )‪.2015،(1‬‬
‫‪ .16‬ﻛﺷﯾدة اﻟطﺎﻫر‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﻲ‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد‪)،‬ﺗﻠﻣﺳﺎن(‪،2011‬‬
‫‪ .17‬ﻣﺎﻟﻛﯽ ﻧﺟﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ‪،‬ﻣذﻛرة ﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﻣﺣﻣد‬
‫ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة‪.2014/2013 ،‬‬
‫‪ .18‬ﻣﺳﻌودي ﺣورﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺧﺎص‪،‬‬
‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾزة‪ ،‬ﺑﺟﺎﯾﺔ‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪ .19‬ﻣﻼﻟﺣﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر‪ ،‬ﺑﺳﻛرة ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر ‪.2015-2016 ،‬‬

‫اﻟﻘواﻧﯾن‪:‬‬

‫‪ .1‬أﻣر رﻗم ‪ 66/155‬ﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1966/06/28‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪،‬‬


‫اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻋدد ‪ ،48‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1966/06/10‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .2‬أﻣر رﻗم ‪ 20/70‬ﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 19/02/1970‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪،‬‬


‫اﻟﻌدد ‪ ،12‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪.1970/02/27‬‬
‫‪ .3‬أﻣر رﻗم‪ 02/05:‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 2005/02/ 27 :‬ﯾﻌدل وﯾﺗﻣم اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ‪84/11‬‬
‫واﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ 15‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪.27/02/2005 :‬‬
‫‪ .4‬ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 16/83‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 02 :‬ﯾوﻧﯾو ‪ 1983‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣوادث اﻟﻌﻣل واﻷﻣراض‬
‫اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ 28‬اﻟﺳﻧﺔ ‪، 20‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 05‬ﯾوﻟﯾو ‪.1983‬‬
‫‪ .5‬ﻗﺎﻧون ‪ 85/05‬ﻣؤرخ ﻓﻲ‪ 1985/02/16 :‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬اﻟﻣﻌدل‬
‫واﻟﻣﺗﻣم‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻧد ‪ ،08‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪1985/02/17 :‬‬
‫‪ .6‬ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 17‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 24/11/1986‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‪ ،‬ج‪ ،‬رﻗم ‪،28‬‬
‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ واﻟﻌﺷرﯾن‪ ،‬اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪.31/12/1986‬‬
‫‪ .7‬ﻗﺎﻧون ‪ 90/17‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 1990/07/31‬اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻠﻘﺎﻧون ‪ 05/85‬اﻟﻣﺗﻌﻠق‬
‫ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺔ وﺗرﻗﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد ‪ 35‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪15/08/1990‬‬
‫‪ .8‬اﻟﺗﻌدﯾل اﻟدﺳﺗوري ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ ،1996/11/28 :‬اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ رﻗم‪438/96 :‬‬
‫ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1996/12/07‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻌدد ‪ 76‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪1996/12/08‬‬
‫‪ .9‬ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 10-05‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 20/07/2005‬ﯾﻌدل وﯾﺗﻣم اﻷﻣر رﻗم ‪،75/58‬‬
‫اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺟر‪،‬ج ‪،‬ج اﻟﻌدد ‪. 2006 44‬‬
‫‪ .10‬ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 01/06‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 2006/02/20‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﺳﺎد وﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻪ‬
‫اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر ‪156 /66‬اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‪ ،‬ج ر‪ ،‬ﻋﻧد‪ ،14‬اﻟﻣؤرﺧﺔ ﻓﻲ‬
‫‪2006/03/08‬‬
‫‪ .11‬ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ رﻗم ‪ "18/11‬ﯾﺗﻌﯾن ﻋن ﻣﻬﻧﻲ اﻟﺻﺣﺔ اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﺗﺳﺧﯾرات اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﻌﻣو ﻣﯾﺔ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻬﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻸﻣر‬ ‫اﻟﻣﺗﻣم‬ ‫و‬ ‫‪،2006/12/20:‬اﻟﻣﻌدل‬ ‫ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻣؤرخ‬ ‫‪23/06‬‬ ‫‪ .12‬ﻗﺎﻧون‪:‬‬
‫‪،156/66‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‬

‫‪128‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ .13‬ﻗﺎﻧون رﻗم ‪ 01-09‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 25‬ﻓﺑراﯾر ‪ ، 2009‬ﯾﻌدل وﯾﺗﻣم اﻷﻣر ‪156-66‬‬


‫اﻟﻣؤرخ ‪ 8‬ﻓﻲ ﯾوﻧﯾو ‪ ،1966‬اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻗﺎﻧون ‪19-15‬‬
‫اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 30‬دﯾﺳﻣﺑر ‪ ، 2015‬ج‪،‬ر‪،‬ج‪،‬ج اﻟﻌدد ‪ 71‬اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ‪ 25‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.2016‬‬
‫‪ .14‬ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 17‬ﻧوﻓﻣﺑر ‪ ،1964‬أﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻟﺗزام ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ ،‬اﻟواﻗﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .15‬ﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ‪276/92‬اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ‪ 06‬ﺟوﯾﻠﯾﺔ ‪ 1992‬و اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻣدوﻧﺔ‬
‫أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟطب ‪ ،‬ج‪-‬ر‪ ،‬اﻟﻌدد ‪.52‬‬
‫اﻟﻣراﺟﻊ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ‪:‬‬

‫‪1. khadir Mohamed hannouz Mourad . la responsabilité de contrôle et‬‬


‫‪d'expertise office des publications universitaires d'Alger . 2003..‬‬
‫‪2. M. Benezech. B Horeini. le secret médical.confidentialité et discrétion en‬‬
‫‪médecine .Paris ،1996‬‬
‫‪3. Marion schnitzler. la communication du dossier médical dans le cadre d'une‬‬
‫‪expertise ،judiciaire ، Gestions‬‬

‫‪129‬‬
‫ﻓﻬرس اﻟﻣﺣﺗوﯾﺎت‬
‫ﻓﮭﺮس اﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت‬

‫ﻓﻬرس اﻟﻣﺣﺗوﯾﺎت‬

‫اﻟﺻﻔﺣﺔ‬ ‫اﻟﻌﻧوان‬

‫إﻫداء‬

‫ﺷﻛر وﺗﻘدﯾر‬

‫أ‬ ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫اﻟﻔﺻل اﻷول‪ :‬اﻻطﺎر اﻟﻤﻔﺎھﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﻄﺒﻲ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﺰاﺋﯿﺔ‬

‫‪06‬‬ ‫ﺗﻣﻬﯾد‬

‫‪07‬‬ ‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪ :‬ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬

‫‪07‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ وأﺳﺳﻪ‬

‫‪07‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬

‫‪10‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺷروط اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬

‫‪13‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻣراﺣل اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ‬

‫‪18‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫‪18‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫‪20‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫‪22‬‬ ‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب‬

‫‪22‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ‬

‫‪22‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻣﻌﯾﺎر ﺗﻘدﯾرﻩ‬

‫‪26‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺻور اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ‬

‫ج‬
‫ﻓﮭﺮس اﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت‬

‫‪29‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺿرر واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬

‫‪29‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬اﻟﺿرر‬

‫‪38‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ‬

‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﯾن إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ وﻧﻔﯾﻬﺎ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح‬

‫‪49‬‬ ‫ﺗﻣﻬﯾد‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ‪ :‬اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ‬


‫‪50‬‬
‫اﻟﺟزاﺋري‬

‫‪50‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت‬

‫‪51‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ ﺗزوﯾر اﻟﺷﻬﺎدات اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫‪56‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟطﺑﻲ‬

‫‪74‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺟﻬﺎض‬

‫‪82‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺧطر‬

‫‪89‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾن اﻟﺻﺣﺔ‬

‫‪90‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻏﯾر ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب‬

‫‪94‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗﺣﺎل اﻷﻟﻘﺎب اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫‪96‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾر أو اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ‬

‫‪100‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﺟرﯾﻣﺔ اﻧﺗزاع اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ‬

‫‪106‬‬ ‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت واﻧﺗﻔﺎء اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬

‫‪106‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻷول‪ :‬وﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‬

‫‪106‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺟﻣﻊ اﻷدﻟﺔ واﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ‬

‫د‬
‫ﻓﮭﺮس اﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت‬

‫‪109‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت‬

‫‪111‬‬ ‫اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻧﺗﻔﺎء اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‬

‫‪111‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة‬

‫‪113‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻫرة‬

‫‪114‬‬ ‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض أو ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر‬

‫‪116‬‬ ‫اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ‬

‫‪119‬‬ ‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ‬

‫‪/‬‬ ‫ﻓﻬرس اﻟﻣﺣﺗوﯾﺎت‬

‫‪/‬‬ ‫اﻟﻣﻠﺧص‬

‫ه‬
‫ﻣــﻠﺧص ﻣذﻛﺮة اﻟﻣﺎﺳﺗﺮ‬

‫ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟطﺑﯾب ﻟﻌﻣﻠﻪ ﻟﻠﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻛﯾﺎن اﻟﺟﺳدي ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺳواء ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ اﻟﻌﻼﺟﻲ أو اﻟﺟراﺣﻲ‪ ،‬اﻟذي ﺗﺑررﻩ اﻟﺿرورة اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻧظرا ﻟﻸﺧطﺎء اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺗدﺧﻼت ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓﯾر اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠﻣرﯾض ﻣن‬
‫اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ وﺿﻣﺎن اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻪ‪ ،‬وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى اﻟﺣرص ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن‬
‫اﻟﺣرﯾﺔ واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ﻻزﻣﺔ ﻟﻸطﺑﺎء‪،‬ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣرﺿﺎﻫم ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﻬم ﺑﻛل ﺛﻘﺔ وارﺗﯾﺎح‪،‬ﻷن‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي وﺻﻠت إﻟﯾﻪ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن أﺧطر أﻧواع‬
‫اﻟﺗداوي اﻟﺗﻲ ﺗﻣس ﺑﺎﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳدﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن‪ ،‬وذﻟك ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻌرﺿﺔ ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﻌﻘﯾدات‬
‫واﻷﺧطﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﺗدﺧل اﻟﺟراﺣﻲ ﻟﯾس ﻋﻠﻣﺎ دﻗﯾﻘﺎ وﻣﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟطﺑﯾب وا ٕ ﻟزاﻣﻪ ﺑﺗﺣﻘﯾق‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ‪ ،‬ﻟﻛﻧﻪ ﻣرﻏم ﺑﺑذل ﺟﻬد ﻓﻲ ﻋﻧﺎﯾﺔ وﻣراﻋﺎة اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺣﺗرم اﻟﺟراح اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﺗرﺗب ﺧطﺄﻩ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻛون ﻣﻌرﺿﺎ‬
‫ﻟﻠﻣﺳﺎءﻟﺔ وﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﻳﺔ‪:‬‬
‫‪/1‬اﻟﻣﺳؤوﻟﻳﺔ اﻟﺟﺰاﺋﻳﺔ ‪/2‬اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ‪/3‬اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ‪/4‬اﻟطﺑﻳب اﻟﺟﺮاح ‪/5‬اﻟﺟﺮاﺋم‬
‫‪ /6‬اﻟﻣﺮﻳض‬

‫‪Abstract of The master thesis‬‬

‫‪The doctor ’s practice of his work requires harm to the physical‬‬


‫‪entity of a person, whether through medical therapeutic or surgical‬‬
‫‪intervention, justified by therapeutic necessity.‬‬
‫‪In view of the errors resulting from these interventions, it is‬‬
‫‪necessary to provide protection for the patient from medical errors and‬‬
‫‪to ensure the necessary medical care for him, and on the other hand, to‬‬
‫‪ensure the freedom and reassurance necessary for doctors, in treating‬‬
‫‪their patients, practice their work with confidence and comfort,‬‬
because the surgical operations and despite the great scientific
development that has reached To him, it remains one of the most
dangerous types of medication that affect the physical integrity of a
person, because it is subject to many complications and errors, so
surgical intervention is not an accurate science and from it it is not
possible to demand the doctor and obligate him to achieve a result, but
he is obliged to make an effort with care and taking into account the
agreed scientific principles.
If the surgeon does not respect the obligations entrusted to him,
his mistake will result and thus he will be subject to accountability and
the establishment of criminal responsibility
keywords:

1/criminal responsibility 2/medical work 3/ medical error 4/surgeon 5/ crimes


6/ patient

You might also like