Professional Documents
Culture Documents
المقدمة:
العنف ظاهرة عامة تختلف من حيث حدتها ومظاهرها من مجتمع آلخر ومن فترة
زمنية ألخرى لكنها تمس كل المجتمعات االنسانية وتظهر على االنساق االجتماعية
كافة ،فتظهر نتيجة استجابة للعوامل المتعلقة بالوضعية التي يتم فيها ،فهو نتيجة لما
يسمى العنف االجتماعي أو الثقافي التي تكرسه منظومة القيم والتصورات التي تنتظم
عليها الحياة االجتماعية ويظهر أحيانا كنمط من العالقات التي تنظم حياة األفراد ،
فالحياة االجتماعية كانت وما زالت ممزوجة بالعنف لدرجة أنه على الرغم من الشعور
به إال أن المجتمعات البشرية ما زالت تعمل على تكريسه أكثر.
فالعنف الممارس ضد األبناء في الوسط األسري يرتبط بعوامل أسرية وبالمحيط
االجتماعي الخارجي ،فالعنف وسيلة يستخدمها اإلنسان في السيطرة على غيره من
أفراد البشر في محاولة منه في تسخيرهم لطاعته وتحقيق مصالحه ،فالمعروف عن
العنف أنه يؤثر سلبا على عالقات األفراد االجتماعية مع بعضهم البعض في الحاضر
والمستقبل ،على المستويين الفردي واالجتماعي ،كما يؤثر في عالقات المجتمعات مع
بعضهم عالميا.
أوال – إشكالية البحث:
إن االنتشار الواسع لظاهرة العنف األسري بين األفراد يمكن مالحظته بأشكاله المختلفة
في حياتنا اليومية ،بحيث أصبحت هذه الظاهرة من الظواهر االجتماعية الخطيرة لما
يترتب عليها من آثار سلبية على الصعيد الفردي واالجتماعي وكذلك ما ينتج عليها من
ظواهر مصاحبة مثل الجنوح والتشرد.
فأشكال العنف األسري التي تمارس بين أفراد األسرة الواحدة من جانب الوالدين أو
من يقومون برعاية األبناء والمتمثلة في (الضرب والشتم والسخرية والعقاب المتكرر
وكذلك الحرق واإلهانة والنبذ) كلها لها آثارها على المدى القريب البعيد على األبناء
داخل األسرة الواحدة تلك المؤسسة االجتماعية التي لها دور رئيسي في حياة أفرادها
وكذلك وظيفتها في إشباع حاجاتهم وقيامها بعملية التنشئة االجتماعية التي تمكن أبنائها
من االندماج بكل إيجابية في المجتمع ،فاألسرة هي المؤسسة التي ينمو فيها الطفل
388
ويتشرب منها كل القيم االجتماعية والدينية واألخالقية ،هذه القيم التي تشكل معايير
سلوكه وأفكاره واتجاهاته فهي التي تبنى عليها حياة أبنائها وهي التي تعمل على تشكيل
السلوك االجتماعي فإذا كان هذا البناء األسري سليم خالي من كل أشكال ومظاهر العنف
الجسدي واللفظي والنفسي فإنه ينتج لنا أفراد اجتماعيين قادرين على التوافق مع
متطلبات الحياة االجتماعية في المجتمع ،أما إذا كان العكس فإن األجواء األسرية تتسم
باالضطراب الوظيفي ،وبالتالي فهي تعد مصدرا للكثير من المشكالت السلوكية
األسرية والتي تعمل على تهديد التوازن االجتماعي لألبناء ،وعليه فإن العنف مناقضا
لما يتوقع اجتماعيا من األفراد الذين يقومون برعاية أبنائهم ،فما هي أسباب العنف
األسري الموجه نحو األبناء هل هو ناتج من اإلحباط الذي يعانيه األفراد والذي يزداد
حدته مع تعقد الحياة االقتصادية واالجتماعية ،أو هو نتيجة للتنشئة االجتماعية الخاطئة
التي تجيز استعمال العنف لغرض التربية.
ثانيا -أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في جانبين رئيسيين هما:
أ -األهمية العلمية:
-1المساهمة قدر اإلمكان في إثراء الرصيد المعرفي حول الظاهرة موضوع البحث.
-2التعرف على طبيعة العنف األسري الموجه نحو األبناء وما يترتب عليه من آثار
سلبية تنعكس على األبناء فتساهم في انحرافهم اجتماعيا.
-3محاولة إرشاد األهل إلى خطورة ممارسة العنف مع األبناء داخل األسرة لما له من
آثار تنعكس على سلوكياتهم وأفعالهم.
-4التركيز على عملية التنشئة األسرية السليمة باعتبار أن األسرة هي المظلة
االجتماعية األولى والتي من خاللها يتشرب األبناء كافة أنماط سلوكهم وأفعالهم ،
حتى تتمكن من إعداد جيل خالي من أي انحرافات اجتماعية.
ب -األهمية العملية:
تأتي أهمية البحث من الناحية العملية من خالل ما يتم التوصل إليه من نتائج وتوصيات
تفيد األسرة في كيفية إتباع أساليب سليمة في تربية أبنائها بعيدا عن أشكال العنف
المختلفة والتي ال فائدة من استخدامها في تربية األبناء.
ثالثا -أهداف البحث:
-1التعرف على ماهية العنف األسري الموجه نحو األبناء وأشكاله.
-2التعرف على األسباب المؤدية للعنف األسري الموجه نحو األبناء.
389
-3معرفة اآلثار المترتبة على العنف األسري الموجه نحو األبناء.
-4معرفة االستراتيجيات الكفيلة المتبعة في الحد من العنف األسري الموجه نحو
األبناء.
رابعا -تساؤالت البحث:
ما ماهية العنف األسري الموجه نحو األبناء وما هي أشكاله؟ -1
ما هي األسباب المؤدية للعنف األسري الموجه نحو األبناء؟ -2
ماهي اآلثار المترتبة على العنف األسري الموجه نحو األبناء؟ -3
ما هي االستراتيجيات الكفيلة المتبعة في الحد من العنف األسري الموجه نحو -4
األبناء؟
خامسا -المنهج المستخدم في البحث:
إلكمال هذه الدراسة ،تم استخدام المنهج الوصفي لمعرفة العنف األسري الموجه نحو
األبناء.
سادسا -مفاهيم البحث:
-1العنف األسري :يعد العنف األسري من أكثر أنواع العنف تأثيرا على األفراد
والمجتمع ،فهو يهدد استقرار األسرة اجتماعيا ،وهو سلوك عدواني انتقالي من الفرد
إلى المجتمع(.)1
ويعني أيضا بأنه :كل سلوكيات العنف التي تحدث في إطار األسرة من قبل أحد
أفرادها لما له من سلطة أو عالقة بالطرف المعنف ،ويتضمن العنف األسري سوء في
المعاملة داخل األسرة الواحدة وله عدة صور منها العنف بين الزوجين ،وعنف اآلباء
اتجاه األبناء ،والعنف بين األبناء واآلباء(.)2
-2العنف األسري نحو األبناء :يعني به إلحاق األذى الجسدي والنفسي واللفظي من قبل
والديه أو من قبل من يقومون برعايته ،وذلك من خالل الضرب المبرح والسخرية
واإلهانة المستمرة لألبناء ،وكذلك استغالل األبناء في أعمال تفوق طاقاتهم أو عن
طريق اإلهمال وإساءة المعاملة(.)3
-3األسرة :يعرفها علماء االجتماع بأنها :الوحدة االجتماعية األولى التي تهدف إلى
المحافظة على النوع اإلنساني ،وتقوم على المقتضيات التي يرتضيها العقل الجمعي(.)4
وعرفها هربرت سبنسر بأنها :وحدة بيولوجية واجتماعية ،ويعرفها "ميردوك" بأنها:
جماعة اجتماعية يجمعها مكان إقامة مشترك ولها عدة وظائف اقتصادية واجتماعية
390
وبيولوجية ،وتتكون من ذكر وأنثى تجمعهم رابطة الزواج ،وتتكون من طفل من نسلها
أو عن طريق التبني(.)5
كما عرفت أيضا :بأنها جماعة اجتماعية تتكون من األب واألم واألبناء يتبادلون بينهم
المحبة والتعاون ويتقاسمون المسؤولية ،وتقوم األسرة بتربية األبناء حتى تمكنهم من
القيام بوظائفهم ،وهي أيضا تقوم بتوجيههم ليصبحوا أشخاصا اجتماعيين داخل
المجتمع(.)6
-4األبناء :يقصد باألبناء كال من الذكور واإلناث الذين تقل أعمارهم عن تسعة عشرة
عاما والمقيمين في نفس المنزل مع الفرد القائم برعايتهم وقد تكون عالقة القرابة عالقة
أخوة أو أبناء.
سابعا -الدراسات السابقة التي تناولت موضوع البحث:
-1دراسة عامر المصري ،بعنوان :اإلساءة اللفظية من قبل الوالدين في محافظة
()7
الكرك وعالقتها ببعض المتغيرات الديموغرافية 0222 ،م
هدفت الدراسة إلى مسح األلفاظ التي تستعمل من قبل الوالدين نحو األطفال ،ووجدت
الدراسة أن األلفاظ التي تستعمل من قبل الوالدين لها عالقة بالتوبيخ والتقليل من القدرات
العقلية وتشبيه الطفل بالجماد والدعوة بالمرض عليه ،كما بينت الدراسة أن زيادة عدد
أفراد األسرة يزيد من استخدام اإلساءة اللفظية ،باإلضافة إلى أن الوالدين ذوي الدخل
المتدني أكثر استخداما لإلساءة اللفظية.
-0دراسة يحي أبو نواس ،بعنوان :العالقة بين إساءة األطفال والقدرة على التفكير،
0222م(.)8
هدفت الدراسة إلى الكشف عن العالقة بين إساءة األطفال والقدرة على التفكير،
وتوصلت إلى أن أكثر أشكال اإلساءة شيوعا هي اإلساءة الجسدية والتي لها تأثير سلبي
والمتمثل في العدوانية ونقص المهارات االجتماعية واالعتماد والعزلة ،والتي لها صورة
سيئة على ذواتهم أكثر من األطفال الذين لم يتعرضوا لإلساءة.
()9
-2دراسة مطاع بركات بعنوان :العنف الموجه نحو األطفال 0222،م .
هدفت الدراسة إلى معرفة أكثر أساليب العنف الموجه نحو األطفال استخدما في
سورية ،وتنبع من هذا الهدف أهداف فرعية أخرى متصلة بكل متغير من متغيرات
البحث ،وأسفرت الدراسة عن النتائج التالية( :أن أكثر أنواع العنف شيوعا هي العنف
اللفظي ،أن اإلناث أكثر تعرضا للعنف من الذكور ،وأن أبناء الريف أكثر تعرضا
للعنف من أبناء المدينة) .
391
-4دراسة منيرة آل سعود ،بعنوان :إيذاء األطفال ،أنواعه وأسبابه وخصائص
المتعرضين له0222 ،م(.)11
هدفت الدراسة إلى التعرف على معدل حدوث حاالت اإليذاء لألطفال وأنواعه في
المستشفيات بمدينة الرياض ،وكذلك التعرف على أسبابه وخصائصه ،وتوصلت
الدراسة إلى نتيجة مفادها :أن أكثر الحاالت كانت تتعرض لإليذاء الجسدي ،وأن األم
هي العنصر األول في أسباب اإليذاء.
-2دراسة نسرين الكركي ،بعنوان :العالقة بين الصراعات الزوجية والعنف ضد
األطفال 0222 ،م(.)11
هدفت الدراسة إلى التعرف على العالقة بين الصراعات الزوجية والعنف ضد
األطفال وبيان أشكال العالقة التي تعرض لها الطفل ،وتوصلت الدراسة إلى أن أفراد
العينة تعرضوا للعنف في الصغر وشاهدوه في أسرهم ،وأن األب هو الشخص األكثر
ممارسة للعنف وأكثر أشكال العنف انتشارا هو العنف الجسدي ،كما أن هناك عالقة
موجبة بين مشاهدة العنف في األسرة والتعرض للعنف ضد األطفال.
-6دراسة لونة دنان ،بعنوان :العنف اللفظي واإلساءة اللفظية تجاه األطفال من قبل
الوالد وعالقته ببعض المتعلقة باألسرة 0226 ،م(.)12
هدفت الدراسة إلى الكشف عن عالقة بعض المتغيرات التي يعتقد بأنها ترتبط باإلساءة
اللفظية لألطفال ،وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها :أن هناك فروق ذات داللة
إحصائية بين الذكور واإلناث من حيث التأثر باإلساءة اللفظية من قبل الوالد لصالح
اإلناث.
(.)12
-7دراسة أمينة الهيل بعنوان :مظاهر العنف األسري و عوامله 0227،م
هدفت الدراسة إلى التعرف على المظاهر العنف األسري و عوامله و أجريت الدراسة
على الحاالت الطالبية المحولة من المدارس إلى إدارة التربية االجتماعية و قسم الرعاية
الفردية و متابعة اإلرشاد النفسي ولديهم تصدع أسري و تفكك في العالقات االجتماعية
،وتوصلت نتائجها إلى اختالف في أشكال العنف باختالف السن و الثقافة و الوضع
الطبقي ،وكذلك وجود عالقة بين بعض أساليب المعاملة الوالدية مثل القسوة و التسلط
و اإلهمال و عنف األبناء إضافة إلى التفكك وسوء العالقات األسرية داخل األسرة
الواحدة و الطالق .
392
-8دراسة عبد الناصر السويطي بعنوان :العنف األسري الموجه نحو األبناء و عالقته
بالشعور باألمن 0210 ،م (.)12
هدفت الدراسة إلى التعرف على العنف األسرى الموجه نحو األبناء و عالقته بالشعور
باألمن لدى عينة من طلبة الصف التاسع في مدينة الخليل و الذي يشمل العنف الجسدي
و العنف النفسي و اإلهمال ،كما هدفت الدراسة إلى التعرف على درجة االختالف في
أشكال العنف األسري الموجه نحو األبناء تبعا للنوع االجتماعي و مستوى تعليم األب و
األم .وتوصلت الدراسة إلى نتيجة هي أن الطلبة يتعرضون ألشكال العنف األسرى (
الجسدي و النفسي و اإلهمال ) بدرجات مختلفة ،حيث احتل العنف النفسي المرتبة األولى
من بين أشكال العنف و أن الطلبة الذكور أكثر عرضة للعنف األسري من اإلناث .
-9دراسة أنس عباس الغزالي بعنوان :العنف األسري ضد األطفال و انعكاسه على
الشخصية 0212 ،م (.)12
هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على مدى تعرض األطفال للعنف األسري وماهي
صور هذا العنف وانعكاساته على شخصية األطفال ،وما مدى عالقته ببعض المتغيرات
االجتماعية و االقتصادية ،و توصلت الدراسة إلى ارتفاع نسبة األطفال الذين يتعرضون
للعنف األسري و العنف الجسدي و اللفظي ،اإلهمال ،وأن هناك عالقة معنوية بين
التحصيل الدراسي و المستوى االقتصادي لألسرة و تعرض الطفل للمشاكل العنف
األسري .
-12دراسة ابتسام خليفة بعنوان :مظاهر العنف األسري ضد األطفال وأثره على
المجتمع 0218،م (.)16
هدفت الدراسة إلى التعرف على مظاهر العنف األسري ضد األطفال و أثره على
المجتمع و استراتيجيات الحد من هذه الظاهرة و توصلت الدراسة إلى عدة نتائج نجملها
في أن هناك العديد من العوامل التي تؤدى إلى ظاهرة العنف األسري ضد الطفل أهمها
التنشئة االجتماعية ألنها هي التي تكسب الفرد الخصائص الرئيسية للمجتمع الذي يعيش
فيه الطفل باإلضافة إلى أن أكثر أنواع أشكال العنف التي يتعرض لها األطفال هي
العنف اللفظي و المعنوي ،كما أن العنف األسري الموجه ضد األطفال يؤثر على إعاقة
عملية التنمية االجتماعية الشاملة و يهدد استقرار المجتمع .
تعقيب عام :يتضح مما سبق عرضه أن الدراسات السابقة جميعها لها عالقة مباشرة
بموضوع البحث ( العنف األسري ) فجميعها تهدف إلى معرفة األسباب و العوامل و
اآلثار العنف األسري على الفرد و المجتمع ،كما تم االستفادة منها في تحديد االطار
393
المفاهيمي للبحث الحالي المتمثل في أسباب العنف و أشكاله و آثاره في محاولة لرصد
أهم االستراتيجيات التي يمكن أن تحد من انتشار وتنامي ظاهرة العنف األسري .
ولتحقيق األهداف السالفة الذكر قسمت الورقة البحثية للمحاور الرئيسة
التالية:
أوال -ماهية العنف األسري وأشكاله:
أ -ماهية العنف األسري:
العنف لغة هو الخرق باألمر و قلة الرفق به و هو عنيف إذا لم يكن رفيقا في أمره و
هو ضد الرفق و أعنف الشيء أخده (.)17
ويعرف العنف بأنه استخدام الضغط أو القوة استخداما غير مشروع أو غير مطابق
للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما .
أيضا العنف هو كل شيء يخرج عن المألوف أو المقبول اجتماعيا في التعامل مع
األ شخاص و الممتلكات بطريقة مؤدية كالقتل و الخنق و الضرب و غيرها من مظاهر
استخدام القوة .
أما منظمة الصحة العالمية ( )O:M:Sفإنها تعرف العنف بأنه هو االستعمال
المتعمد للقوة المادية سواء بالتهديد أو االستعمال الفعلي لها من قبل شخص ضد شخص
أخر بحيث يؤدي إلى احتمال حدوث إصابة نفسية أو موت (.)18
أما (النر )LANERيعرف العنف بأنه :ممارسة القوة البدنية إللحاق األذى
باألشخاص أو الممتلكات أو إساءة المعاملة ألحداث أثر جسمانيا أو تدخل في الحرية
الشخصية .
أما ( مصطفى عمر التير ) فيعرف العنف بأنه :كل فعل أو تهديد يتضمن استخدام
القوة و الحاق األذى بالنفس أو باآلخرين و ممتلكاتهم ،و العنف كالظاهرة اجتماعية
تتكون من عدد من األفعال لمجموعة من الفاعلين يحدث في محيط معين و تكون لها
درجة من االستمرارية تمثل فترة زمنية معينة .أما ( ولسن )WILSONفإنه يعرف
العنف بأنه :هو ممارسة القوة البدنية النزال األذى باألشخاص و الممتلكات ،كما يعرف
العنف حسب رأي عالمي االجتماع ( جاراهام و جبر ) بأنه سلوك يميل إلى إيقاع أذى
جسدي باألفراد و أموالهم سواء كان هذا الفعل فردي أو جماعي (.)11
ونالحظ في الكثير من الدراسات الحديثة مفهومين مرادفين للعنف هما :
العدوان و اإلساءة ،حيث أن معناها هو كل سلوك يصدر عن الفرد أو الجماعة نحو
فرد أخر أو جماعة أخرى لفظي أو مادي ،إيجابي أو سلبي ،مباشر أو غير مباشر
394
ويكون سببه مواقف مختلفة مثل الغضب و اإلحباط و الرغبة في االنتقام و ينتج عليه
إلحاق األذى البدني و المادي و النفسي بالطرف اآلخر(.)21
ب -أشكال العنف :
-1العنف الجسدي :العنف الجسدي هو أي فعل ينتج عنه إلحاق األذى بشكل متعمد
ألحد أفراد األسرة من فرد أخر ،و هذا الفعل يكون مقصودا و تكون اإلصابة من قبل
فرد أخر ،و هذا الفعل يكون مقصودا و تكون اإلصابة موجودة بالفعل مثل الضرب و
العض و شد الشعر و القذف بأي أداة أو جسم صلب وكذلك الحبس في مكان مظلم و
غير مالئم فهو فعل يلحق األذى بأفراد األسرة بطريقة تفوق المتوقع عملية التربية
األسرية و تهذيب السلوك لألبناء .كذلك يعرف العنف الجسدي بأنه :اعتداء ،من شأنه
أن يلحق إصابة بجسم األبناء سواء كان ذلك باستخدام األيدي أو وسيلة أخرى و يكون
األذى الواقع متمثل في كسور أو جروح أو حروق ،وأحيانا يصل العنف الموجه ضد
األبناء إلى الخنق أو القتل (.)21
ينتشر العنف الجسدي الموجه ضد األبناء بشكل كبير في حياتنا االجتماعية فأحيانا
كثيرة يعد أداة أو وسيلة تربوية وفق اعتقادات تقليدية خاطئة من شأنها أن تسبب في
عاهات مستديمة عند األبناء في األسرة وأحيانا تؤدي إلى الموت ،وفي هذا أوضح (
الياسين 1181،م) أن األمهات يعاملن أبنائهن بالعدوان اللفظي و يستخدمن العنف
الجسدي في تعاملهم مع أبنائهم حين يرتكبون أخطاء ومن أشكال العنف المتبعة الضرب
باليد أو بخرطوم الماء و بالعصا أو الضرب و الرفس و كذلك الحرق بالنار ،كل هذه
(.)22
أساليب و أشكال عنف جسدي توجه نحو األبناء
-2العنف النفسي و اللفظي :العنف النفسي هو فعل يؤدي بنفسية الطفل مثل التوبيخ و
اللوم و الترويع و كذلك االحتقار و السخرية و الحبس المنزلي و النعت بألفاظ غير
مقبولة ،هذا النوع من العنف له أثاره المؤثرة و العميقة في نفسية األبن وخاصة في
مرحلة مهمة من مراحله العمرية في حياته فهو في هذه الحالة سوف يفقد الثقة بنفسه و
بوالديه ودائما متردد في اتخاذ قرارته و مشككا فيها و في قدراته وهذا الوضع يؤثر
على تعلمه و يعيق نموه و بالتالي نجد األبن يدخل في دوامة االكتئاب و االنطواء على
نفسه و منعزل على ذاته و اآلخرين ( .)23وهذا ما أثبتته دراسة (عبدالناصر السويطي ،
2112م) بأن العنف النفسي من أكثر أشكال العنف الموجه ضد األبناء.
-2العنف الجنسي :يعرف بأنه اعتداء يلحق اإلصابة بالطفل و هو استدراج بالقوة أو
التهديد أو استخدام األوالد إلشباع رغبات جنسية لشخص أخر وهو أحد أشكال العنف
395
الخطيرة جدا و الذي يتم التستر عليها وكتمانها نتيجة الخوف من االنتقام ومن جهة
أخرى عدم وقوف المجتمع بجانب الضحية و مقابلة لها باللوم و اإلساءة (.)24
وفي هذا تؤكد دراسة كل من ( :يحي أبو نواس العالقة بين إساءة الطفل و القدرة على
التفكير2113 ،م ) ،دراسة (الكركي 2115،م ) الصراعات الزوجية و العنف لدى
األطفال.
أن األبناء الذين يتعرضون للعنف األسري بجميع أشكاله ( الجسدي و اللفظي و
الجنسي و اإلهمال ) لديهم مشاكل نفسية سلوكية و اجتماعية مثل عدم القدرة على
إقامة عالقات و تفاعالت اجتماعية مع اآلخرين ،أي أنهم غير اجتماعيين و
عدوانيين و لديهم احترام ذات و أكثر انطوائية من األطفال الذين لم يتعرضوا للعنف
األسري .
-2اإلهمال العائلي :يعد اإلهمال بالنسبة لألبناء أكبر مهدد اجتماعي له فاإلهمال بشكل
عام يعني ضعف األسرة في تأمين كل احتياجات أفرادها االجتماعية و النفسية و
االقتصادية ،فهناك الكثير من اآلباء اللذين يتخلون عن واجباتهم في رعاية أبنائهم في
األسرة و تركهم يواجهون مصيرهم المجهول و يتحملون أعباء الحياة لوحدهم ،حيث
أن من اآلباء من يهجر أبنائه و ال يسأل عنهم نهائيا و بالتالي حرمانهم من تلبية الحاجات
الضرورية للحياة مثل الحنان العاطفي فسلطة األبوين تعد األساس األول في تشكيل و
تعديل السلوك االجتماعي ،وعند غيابها نجد األبناء ينجرون تلقائيا إلى االنحراف نظرا
لعدم وجود الرادع لتصرفاتهم السلبية و الغير السوية .أيضا اإلهمال العائلي يوجد
حتى بوجود اآلباء داخل األسرة فعدم قيام األب و األم بتوفير احتياجاتهم و تركهم في
الشارع لوقت طويل من دون رقابة كل هذه تجعل األبناء أشخاص غير متوازنين
اجتماعيا ( . )25وهذا ما أكدته دراسة (أمينة الهيل 2115،م) والتي ترى أن هناك عالقة
بين أساليب المعاملة الوالدية المتمثلة في القسوة والتسلط واإلهمال والعنف عند األبناء
في األسرة الواحدة.
مما سبق نستنتج أن األسرة هي المسئولة األولى على انحراف أبنائها وارتكابهم سلوكا
و أفعال مشينة مثل الجريمة و االنحراف نظرا لعدم قيامها بواجباتها تجاههم وكذلك
غياب السلطة األبوية باعتبارها الرادع األول لسلوكيات األبناء وأفعالهم .
ثانيا -أسباب العنف األسري الموجه نحو األبناء :
إن اإلساءة لألبناء و طرق المعاملة السلبية معهم واستعمال أنواع مختلفة من العنف
معهم ال يمكن إرجاعها إلى سبب واحد كما أكد عليها ( اليوسف و آخرون 2115 ،م )
فأسباب العنف ضد األبناء والمعاملة السيئة تعود إلى أسباب عديدة متداخلة و مترابطة
396
خاصة بالوالدين و الطفل معا و كذلك حجم الضغوط التي يوجهها الوالدين وطبيعة نظام
األسرة .
وسوف يتم عرض أهم األسباب المؤدية الرتكاب العنف ضد األبناء :
-1العالقات االجتماعية األسرية :هناك العديد من األسباب التي تجعل أفراد األسرة
(الوالدين) يمارسون العنف ضد األبناء منها التدخل في األغراض الشخصية و استعمالها
و عدم احترام مبدأ التعايش في األسرة ،تدخل الوالدين في األبناء بمعنى إخبار الوالدين
بكل ما يفعله األبن (كل كبيرة و صغيرة ) داخل و خارج المنزل ،عدم االحترام و عدم
التفاهم و االختالف في اآلراء كذلك الشجار المستمر بين الزوجين ( األب و األم ) كل
هذا يقابل برد فعل هذا العنف المتلقي وذلك بعدم احترام النظام داخل األسرة ،وهذا
بدوره سوف يدفع بأحد أفراد األسرة إلى ممارسة العنف على أبنائها لغرض السيطرة و
إعادة النظام داخل األسرة في محاولة منه لتسوية الوضع و استخدام العنف ضدهم كحجة
على أنه وسيلة لتقويم السلوك المنحرف (.)26
-2حالة األبن في حد ذاته :فالطفل القليل النمو أو الذى يعانى من إعاقة ذهنية أو مرض
مزمن أو عاهة جسدية يكون عرضة لممارسة العنف عليه باستمرار.
-3العبء االقتصادي :تنعكس الضغوط الخارجية على األسرة فاألحوال االقتصادية
الصعبة و التي يوجهها رب األسرة لتلبية متطلبات الحياة األسرية تساهم بشكل كبير في
ارتكاب أشكال العنف األسري ضد األبناء ،فمشاكل العمل وعدم االستقرار داخل العمل
من شأنه أن يعمل على تزايد الغضب و الشعور باإلحباط و التعاسة و هذا بدوره ينعكس
على األبناء في ممارسة العنف عليهم و ذلك بقيام األب بالعقاب المتكرر ألبنائه من دون
سبب مقنع و ألتفه األسباب .
وهذا ما تؤكده دراسة ( المصري 2114،م) و التي هدفت إلى مسح األلفاظ التي
تستعمل من قبل الوالدين ضد األطفال حيث وجدت أن الوالدين ذوي الدخل المتدني أكثر
استخداما لإلساءة اللفظية على األبناء ( العنف اللفظي ).
-4المفاهيم الثقافية السائدة في المجتمع :هناك العديد من األساليب التربوية السلبية
التي تستعمل بحجة التربية و التقويم داخل األسرة وخارجها بحيث يالقي هذا العنف
قبوال من أفراد المجتمع مما يجعله ينعكس في معتقدات خاصة حول أساليب التنشئة
االجتماعية األسرية و التي تؤكد على أن التنشئة السليمة هي تقتضى استخدام قدر من
العقاب سواء كان هذا العقاب جسدي أو نفسي أو لفظي وهذا ما تؤكده "نظرية التفاعل
الرمزي" التي ترى أن العنف سلوك يتم تعلمه من خالل التفاعل االجتماعي وأن تعلم
السلوك العنيف يتم من خالل عملية التنشئة االجتماعية وإتباع أو تقليد الشخصية القدوة
397
" األب" مثال ،باإلضافة إلى انتشار ثقافة العنف داخل المجتمع فتكون لدى األفراد قيم
ومعايير تحبذ السلوك العنيف وتؤيده ( ، )27هذا بدوره يكون قد ساهم و لو بقدر معين
في تنامي وانتشار ظاهرة العنف األسري ضد األبناء.
-2وسائل اإلعالم و البرامج التي تشجع العنف :يلعب اإلعالم دور فاعل في حياة
األفراد وذلك مع كثرة القنوات في كافة البرامج السياسية و الثقافية و األفالم ،و التي
تجعل المتابع لها مع اختالف جنسيته و عمره ينشد لها و لساعات طويلة ،و نشاهد
بعض البرامج الذى يبثها ذات مشاهدات عنيفة و تجعل من بعض األطفال يستهينون
بحجم العنف الذى يشاهدوه و حيث أنه يبعث في نفس المتفرج بعض من العدائية تجاه
األخر وذلك نتيجة مشاهدة تلفزيونية عنيفة ( .)28وهذا ما أكدت عليه نظرية التعلم
االجتماعي بأن لوسائل اإلعالم دور بارز وغاية في األهمية حيث يتم اكتساب العنف
من خالل مشاهدة برامج العنف التي تعمل على تأصيل العنف في شخصية الطفل من
خالل نماذج السلوك العدواني التي يقوم الطفل بتقليدها فيما بعد(.)21
-6التصورات الحضارية :يرى الدكتور – ناصر محمد المهيزع – أستاذ علم االجتماع
،أن ظاهرة العنف األسري جاءت نتيجة للحياة العصرية إذ أن من ضرائب التنمية و
التحضر ظهور المشاكل االجتماعية التي لم تكن موجودة في المجتمعات التقليدية ،كما
أن زحام المدينة و المنافسة على سوق العمل وازدياد االستهالك مع ضعف الموارد
وانخفاض الدخول و تراكم الديون على األفراد وعجزهم على تلبية احتياجات الحياة
األساسية وضعف الروابط األسرية كل هذه الضغوط االقتصادية واألسرية قد ساهمت
في ازدياد العنف األسري ،كما يرجع المهيزع العنف األسري إلى أنه سلوك مكتسب
يتعلمه الفرد من خالل التنشئة االجتماعية (.)31
و هذا ما تؤكده نظرية التفاعل الرمزي التي ترى أن العنف سلوك يتم تعمله من
خالل عملية التفاعل االجتماعي فاألفراد يتعلمون سلوك العنف بنفس الطريقة التي
يتعلمون بها أي نمط أخر من أنماط السلوك االجتماعي ،السوي والغير سوي وتتم
عملية تعلم السلوك العنيف عن طريق عملية التنشئة االجتماعية و تقليد الشخصية القدوة
كتقليد األبن ألبوه.
ثالثا -آثار العنف األسري على األبناء :
للعنف األسري آثار وخيمة على المدى القريب البعيد تنعكس بدورها على األبناء من
بين اآلثار السلبية العميقة توجد العدائية واالنطواء ،و فقدان الثقة باآلخرين ،وضعف
التحصيل العلمي ،والهروب من المنزل ،أيضا التدخين وتعاطي المخدرات ،واالنحراف
و الجريمة واالنتحار نتيجة للوصول إلى مرحلة االكتئاب بفعل العنف المتكرر الذي
398
يتعرض له األبناء من الوالدين أو أحد األفراد القائمين على رعايتهم و المتمثل في العنف
النفسي و اللفظي .كل هذه آثار على الصعيد الفردي و االجتماعي وتعد عامل مهدد
الستقرار األسرة و المجتمع و تعيق عملية التقديم ،فالعنف الموجه نحو األبناء يؤدي
إلى عدم القدرة على التعامل اإليجابي مع المجتمع و االستثمار األمثل للطاقات الذاتية
للحصول على إنتاج جديد فعدم استقرار الحياة األسرية و العالقات االجتماعية يحد من
(.)31
فعالية و نشاط الفرد في تحقيق ذاته و مساهمته في تنمية مجتمعة
و في هذا أثبتت بعض الدراسات العربية دراسة (لونة عبد هللا دنان 2114 ،م) أن
هناك فروق إحصائية بين الذكور واإلناث من حيث األثر واإلساءة اللفظية من قبل الوالد
لصالح اإلناث ،ودراسة ( منيرة بنت عبد الرحمن أل سعود 2115،م )272 :التي
توصلت أن أكثر اإليذاء المنتشر في المستشفيات هو اإليذاء البدني و يأخذ المرتبة
األولى وأنه العنصر األول في إلحاق األذى باألبناء .
رابعا -استراتيجيات الحد من ظاهرة العنف األسري الموجه ضد األبناء :
من خالل ما تم عرضه يمكن لنا أن نبين بعض االستراتيجيات أو األليات التي يتم من
خاللها مواجهه هذه الظاهرة الخطيرة و التي لها تأثير كبير على الصعيد الفردي و
االجتماعي و ذلك من خالل تبني استراتيجية متكاملة تهدف إلى حماية األبناء داخل
األسرة و العمل على توفير بيئة سليمة لنمو الطفل .
-1األسرة :لألسرة مكانة اجتماعية هامة في مواجهه ظاهرة العنف ضد األبناء ،لكونها
هي المتسبب الرئيسي في وجوده لذلك يمكن مع األسرة وعن طريق اإلرشاد والتوجيه
االجتماعي و النفسي العائلي تجنب سلوكيات العنف لألطفال ،نظرا آلثار السلبية الناجمة
عنه وذلك بهدف التقليل من هذه الظاهرة.
-2المساجد :تعتبر المساجد من أهم المؤسسات االجتماعية المهمة التي ترتبط بالحياة
االجتماعية بكل خصائصها و تداعياتها و تتطلع إلى االهتمام باألطفال و توفير الحياة
الكريمة لهم من منطلق مبادئ الدين اإلسالمي الذي من أهم مقاصده الحفاظ على اإلنسان
باعتباره أساس الحياة االجتماعية ،وللمسجد دور توجيهي لألفراد خاصة إذا تعلق األمر
بالعنف ضد األبناء كطريقة تربوية مستمدة من الفهم الخاطئ لبعض اآلباء لبعض
االحاديث الدينية باإلضافة إلى ضرورة تنمية الوازع الديني لدى اآلباء لتفادي ممارسة
العنف على أبنائهم .
-3مؤسسات التعليم :ضرورة التأكيد على وجود اإلرشاد و التوجيه النفسي في كل
مراحل التعليم بهدف تعليم الناشئة خطورة ممارسة هذه الظاهرة فاألطفال اليوم هم جيل
الغد وهم مستقبل المجتمع .
399
-4وسائل اإلعالم :من المعروف أن وسائل اإلعالم هي أهم وسيط نصل من خالله إلى
عقول األفراد ،فمن الضروري استعمال وسائل اإلعالم المسموعة و المرئية و المكتوبة
في نقل مبادئ التعامل اإليجابي مع أبنائنا باإلضافة إلى توضيح طرق وأساليب التريبة
الحديثة لألطفال و كذلك التنشئة االجتماعية السليمة لألبناء فال بد من توعية اآلباء وحثهم
على اتباع تعاليم الدين اإلسالمي في تربية أبنائهم و االبتعاد عن العنف في تربية أبنائهم
،و على وسائل اإلعالم أيضا تكريس برامجها للحد من هذه الظاهرة فالبد من عرض
نماذج محببة في التعامل مع األطفال في األسرة حتى يتم اكتسابها و تجسيدها في اآلباء.
-2مؤسسات المجتمع المدني :إن معالجة ظاهرة العنف األسري هي مسئولية اجتماعية
و أخالقية ولم تعد السلطات وحدها هي المسئولة على الحد من خطورتها فالبد لألحزاب
السياسية و الجمعيات المحلية و الوطنية أن تعمل لردع كل من يقوم بتصنيف أبنائه
داخل أسرته تحت أي شكل من األشكال ،كما أنه البد لهذه المؤسسات أن تنظم ملتقيات
توجيهيه للتقليل من سلوكيات العنف الموجه ضد األبناء.
ملخص النتائج :
-1يقصد بالعنف األسري إلحاق األذى بأحد أفراد األسرة باستخدام القوة المادية أو
المعنوية بطريقة غير مشروعة وهو أشد أنواع العنف خطورة على الفرد من الناحيتين
النفسية واالجتماعية وتكمن خطورته في أن آثاره ال تقتصر فقط على نتائجه مباشرة بل
تتعدى ذلك إلى النتائج غير المباشرة المتمثلة في عالقات القوة غير المتكافئة داخل األسرة
والتي غالبا ما تحدث خلال في نسق القيم واهتزازا في نمط الشخصية خاصة عند األطفال
والمراهقين يتبعه إعادة إنتاج العنف سواء داخل األسرة أو خارجها ،ومن أشكاله يعتبر
العنف اللفظي و الجسدي من أكثر أشكال العنف التي يتعرض لها األبناء داخل أسرهم .
-2هناك العديد من األسباب متداخلة و مترابطة و التي تؤدى إلى نشوء ظاهرة العنف
األسري ضد األبناء أهمها األساليب التربوية السلبية و التي تؤكد على أن التنشئة السليمة
هي التي تتطلب استخدام قدر من العقاب سواء كان جسديا أو نفسيا أو لفظيا .
-3من آثار العنف األسري الموجه نحو األبناء أنه يؤثر على المجتمع في كونه عامل
مهدد الستقرار األسرة و كذلك المجتمع ألنه يعيق عملية التنمية االجتماعية و االستثمار
األمثل للطاقات الذاتية و البيئية للحصول على إنتاج جديد .
-4من أهم االستراتيجيات الكفيلة من الحد من هذه الظاهرة العمل على تفعيل دور األسرة
و االبتعاد عن أساليب العنف التقليدية في محاولة العمل على تعزيز الثقة بأنفسهم و
تحمل المسئولية.
400
التوصيات:
-1على األسرة أن تتبع الطريقة الديموقراطية في معاملة أبنائها وإتباع أسلوب الحوار
اإليجابي و المناقشة الهادفة بطريقة حضارية و ترك الحرية لهم للتعبير عن أنفسهم
بصورة صحيحة بعيدا عن أساليب المتسلطة و المعنقة.
-2دعوة المؤسسات الحكومية و الغير الحكومية لتعزيز الثقافة االجتماعية النابذة للعنف
ضد األبناء .
-3تطوير البرامج والخطط لمواجهه المخاطر المحتمل حدوثها و دعم المتضررين و
مساندتهم و نشر ثقافة الوعي بالمشكلة .
-4تكثيف دور اإلعالم في نشر الوعي حول موضوع العنف األسري و أثاره السلبية و
أضراره و كيفية الوقاية منه و التصدي له .
الهوامش:
-1رجاء مكي ،سامي نجم ،إشكالية العنف المشروع والعنف المدان ،المؤسسة الجامعية للدراسات
،بيروت 2118 ،م ،ص . 71
-2سعد الدين بوطبال ،عبدالحفيظ معوشة ،العنف األسري الموجه ضد الطفل ،الملتقى الوطني الثاني
حول االتصال وجودة حياة األسرة ،المركز الجامعي ،عليوان 2113 ،م ،ص .14
-3نايف بن محمد المرواني ،العنف األسري ،جامعة نايف العربية ،المجلة العربية للدراسات األمنية
،المجلد ( ، )26الرياض 2111 ،م ،ص .51
-4كاظم الشيب ،العنف األسري براءة في الظاهر من أجل مجتمع سليم ،المركز الثقافي العربي ،
المغرب 2117 ،م ،ص .11
-5أحمد عبادلية ،دور األسرة في تحقيق التفوق الدراسي لدى أبنائها ،رسالة ماجستير غير منشورة
،جامعة تبسة 2111 ،م ،ص .34
-6محمد عاطف غيث ،علم االجتماع ،دار المعارف الجامعية ،القاهرة 1181 ،م ،ص .227
-7عامر المصري ،اإلساءة ضد األطفال من قبل الوالدين في محافظة الكرك وعالقته ببعض
المتغيرات الديموغرافية ،رسالة ماجستير غير منشورة ،األردن 2111 ،م.
-8يحي أبو نواس ،مقارنة للخصائص النفسية واالجتماعية بين األطفال الذين تعرضوا لإلساءة
واألطفال الذين لم يتعرضوا لها ،رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة مؤتة ،األردن 2113 ،م.
-1مطاع بركات ،العنف ضد األطفال في سوريا ،دراسة مسحية لواقع أطفال المدارس في القطر
العربي السوري ،وزارة التربية ،سوريا 2114 ،م.
-11منيرة بنت عبدالرحمن آل سعود ،إيذاء األطفال أنواعه وأسبابه وخصائص المتعرضين له ،
رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض 2115 ،م.
-11نسرين الكركي ،العالقة بين أساليب حل الصراعات الزوجية والعنف ضد األطفال في محافظة
الكرك ،رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة مؤتة ،األردن 2115 ،م.
-12لونة دنان ،العنف اللفظي واإلساءة اللفظية تجاه األطفال من قبل الوالد ،رسالة ماجستير غير
منشورة ،الخرطوم 2116 ،م.
401
-13أمينة الهيل ،العالقة بين العنف األسري والتوافق النفسي لدى األبناء في المجتمع القطري ،قطر
2117 ،م.
-14عبدالناصر السويطي ،العنف األسري نحو األبناء وعالقته بالشعور باألمن لدى عينة من طلبة
الصف التاسع في مدينة الخليل ،مجلة جامعة األزهر ،غزة ،المجلد ( ، )14العدد (2112 ، )1م ،
ص .28
-15أنس عباس الغزالي ،العنف األسري ضد األطفال وانعكاسه على الشخصية 2115 ،م.
-16ابتسام سالم خليفة ،مظاهر العنف األسري ضد األطفال وأثرها على المجتمع واستراتيجيات الحد
منه ،كلية التربية العجيالت ،مجلة كلية التربية الزاوية ،العدد (2118 ، )12م ،ص . 66
-17عبداللطيف رشاد وآخرون ،االتجاهات المجتمعية نحو أسر السجناء والمحتجزين بين السلم
والعنف ،معهد الدراسات الحقوقية والدستورية ،مصر 2118 ،م ،ص .36
-18أدم قبي ،رؤية نظرية حول العنف السياسي ،مجلة الباحث ،جامعة ورقلة ،العدد (2112 ، )1م
،ص .42
-11محمد مهيب ،سليمان عزة ،العنف لدى الشباب الجامعي ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،
الرياض 2117 ،م ،ص.18
-21رشيد الدين خان ،العنف والتنمية االجتماعية واالقتصادية ،ترجمة :راشد البدراوي ،المجلة
الدولية للعلوم االجتماعية ،العدد (1171 ، )37م ،ص.21
-21إجالل إسماعيل حلمي ،العنف األسري ،دار قباء للطباعة والنشر ،القاهرة 1111 ،م ،ص.35
-22مربوحة بولحبال ،الممارسة التعليمية وأشكال العنف المدرسي ،مجلة البحوث والدراسات
االنسانية ،جامعة سكيكدة ،العدد (2116 ، )2م ،ص .153
-23سناء محمد سليمان ،مشكلة العنف والعدوان لدى األطفال والشباب ،عالم الكتب ،القاهرة ،
2118م ،ص .28
-24جبرين علي جبرين ،العنف األسري خالل مراحل الحياة ،مكتبة الملك فهد الوطنية ،الرياض ،
2115م ،ص .47
-25سعد الدين بوطبال وعبدالحفيظ معوشة ،العنف األسري الموجه نحو األبناء ،الملتقى الوطني
الثاني حول االتصال وجودة الحياة في األسرة 2113 ،م ،ص.6
-26سعد الدين بوطبال وعبدالحفيظ معوشة ،مرجع سابق ،ص. 7
-27محت أبو النصير ،مفهوم وأشكال العنف ضد األطفال ،مجلة خطوة ،العدد (2118 ، )28م ،
ص.51
-28سعد الدين بوطبال وعبدالحفيظ معوشة ،مرجع سابق ،ص. 8
-21خليفة عبدالقادر ،قصي عطية ،العنف ضد األطفال " أسبابه وآثاره" ،مجلة العلوم االنسانية
واالجتماعية ،العدد ( ، )28الجزائر 2117 ،م ،ص .288
31-Chaud ; violence et poligu e- pause, gullim url, 1987,pzo
-31خالد سعود الحليبي ،العنف األسري أسبابه ومظاهره وآثاره وعالجه ،دار الوطن للنشر ،
الرياض 2111 ،م ،ص.12
402