You are on page 1of 223

‫سدرة املنتهى‬

‫المملكة األردنية الهاشمية‬


‫رقم اإليداع لدى دائرة المكتبة الوطنية‬
‫(‪)2022/11/5794‬‬
‫سدرة المنتهى‪/‬سدره سامر محيميد‪ -.‬عمان‪ :‬دار أروقة الفكر للنشر‬
‫والتوزيع‪2022‬‬

‫(ردمك) ‪ISBN 978-9923-50-096-5‬‬

‫دار أروقة الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‬


‫‪fikrdar3@gmail.com‬‬

‫األردن ‪ -‬ع ّمان ‪ -‬وسط البلد ‪ -‬شارع سينما الحسين‬


‫هاتف‪0785360684- 0788413775 - :‬‬

‫يتحمل المؤلف كامل المسؤولية القانونية عن محتوى مصنفه واليعبّر‬


‫هذا المصنف عن رأي دار المكتبة أو أي جهة حكومية أخرى‪.‬‬

‫مجيع احلقوق حمفوظة للمؤلف‬

‫الطبعة العربية األوىل‬

‫‪2022‬‬
‫سدرة املنتهى‬

‫تأليف‪ :‬سدرة سامر محيميد‬


‫املدقق اللغوي للكتاب‪:‬‬
‫سعيد نواف البشتاوي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫‪-‬لن أتحدث عن مقدمة كتابي ألن جمال البدايات لن‬


‫ُ‬
‫يواس ي أبدا قبح النهايات‪ ،‬إلى كل شخص قال لي ذات يوم إنك‬
‫لن تستطيعي الكتابة إلى الذين نساهم قلمي ولم َ‬
‫ينسهم قلبي‪.‬‬

‫هذا الكتاب لكم‪.‬‬

‫‪ | 5‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ | 6‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*قصة حياتي*‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫الكافية لكي ّ‬
‫أروي لكم قصة‬ ‫ال أمل ُك البالغة والفصاحة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سأتوجه بالخطاب مباشرة مع‬ ‫حياتي لن أخاط َب عقولكم‬
‫ُ‬
‫قلوبكم‪ ،‬قصة حياتي يا سادة عظيمة جدا على طفلة لم‬
‫ُ‬
‫تعيش في‬ ‫السن القانوني بعد‪ّ ،‬‬
‫قرر أبي الزواج من فتاة‬ ‫تتجاوز ّ‬
‫ميسور الحال فقد َ‬
‫كان ًّ‬
‫جديا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ولكنه لم يكن‬ ‫قرية جميلة للغاية‬
‫ُ‬
‫ولكنه‬ ‫يحمل في ُجعبته سوى الكرامة كان شخصا نبيل‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫ذلك إلى وفاته‪َ ،‬‬
‫وبعد رحيل‬ ‫صحية مما أدى َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫تعرض لوعكة‬
‫َ‬
‫أصبح اإلخوة‬ ‫حال الجميع‪ ،‬فقد‬ ‫جدي من هذا املنزل ّ‬
‫تبد َل ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫جدي َ‬
‫وبعد فترة ُ‬ ‫ُيطالبو َن ببيع ُكل ُممتلكات ّ‬
‫كل فرد أخذ‬

‫‪ | 7‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الطيب َ‬
‫بين‬ ‫يبق لجدي سوى ذ ُ‬
‫كره ّ‬ ‫ُ‬
‫نصيبه م َن امليراث ولم َ‬

‫الناس‪.‬‬
‫تزوج أبي من أمي َ‬
‫وكان مسكنهم‬ ‫وبعد مرور سنة ونصف َ‬‫َ‬
‫الوحيد هو بيت جدتي نظرا ألوضاع أبي ّ‬
‫السيئة‪ ،‬وفي اليوم‬ ‫ّ‬
‫َ ُ‬
‫الخلود في غرفتها‬ ‫الثاني من زواجهم طلبت جدتي من والدي‬
‫ُ‬
‫عروسته‬ ‫يتر َك‬
‫لكي يؤنس وحشتها ولكن هل م َن املعقول أن ُ‬
‫ُ‬
‫تنام وحدها؟‬
‫ُ‬
‫دموع أمي على وجنتيها مثلما‬ ‫في ت َ‬
‫لك الليلة تساقطت‬
‫تتساقط قطرات الندى حدثت أمي نفسها هل والدة زوجي‬
‫ُ‬
‫تشعر بالغيرة مني؟!‬

‫كان والدي الطفل األخير لجدتي أصغر فرد من أفراد‬‫فقد َ‬


‫َ‬ ‫كان ّ‬ ‫العائلة التي َ‬
‫َ‬
‫إنجاب‬ ‫عد ُدها اثني عشر كيف استطاعوا‬
‫والقحط ّالذي َ‬
‫كان ُيصيبهم وكأنهم م َ‬
‫ثل‬
‫ّ‬
‫هذا العدد َرغم الفقر‬
‫ُ‬ ‫وتركهم للحياة يحملو َن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املشقة منذ‬ ‫إنجاب األطفال‬ ‫آلة عملها‬

‫‪ | 8‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫طفولتهم‪ ،‬كانت طفولتهم مليئة بالعمل ُ‬


‫والجهد والعراك مع‬
‫َ‬
‫مصاعب الحياة طفولة ال طفولة فيها‪.‬‬

‫جميع َمن في املنزل يعملون بسبب الفقر وسوء الحال‪..‬‬


‫ُ‬
‫ناه بالدمع ُ‬
‫ألنه لم‬ ‫عي ُ‬‫أسأل أبي عن طفولته تمتلئ ّ‬
‫ُ‬ ‫عندما‬
‫يعمل ُوينفق على أمه‬
‫َ‬ ‫خرج م َن املدرسة لكي‬ ‫ُ‬
‫تعليمه؛ َ‬ ‫ُيكمل‬
‫العجوز التي ال حول لها وال قوة َ‬
‫بعد وفاة زوجها‬
‫ُ‬
‫فسألت أبي‪ ،‬حدثني عن طفولت َك!‬
‫وقساوة الطفولة‪ ،‬الفقر َ‬
‫كان‬ ‫ُ‬
‫قميصه الدمع من شدة ّ‬ ‫غمر‬
‫حلق في السماء‬ ‫السبب الرئيس في ُكل ما حدث‪ُ ،‬‬
‫روح جدي ُت ُ‬ ‫ُ‬
‫السابعة‪.‬‬
‫أنا على يقين تام َ‬
‫بأنك يا جدي في جنات النعيم مع النبيين‬
‫ُ‬
‫وتفعل‬ ‫َ‬
‫فروضك الخمسة‬ ‫والصالحين ألنك رجل صالح تؤدي‬
‫الخيرات‪.‬‬
‫َ ُ‬
‫روحك املطهرة‪.‬‬ ‫ألف ألف سالم ل‬

‫‪ | 9‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عالمات الحمل وع َ‬
‫ند‬ ‫ُ‬ ‫وبعد خمسة أشهر ظهرت على أمي‬‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الفرحة ّ‬ ‫األرض ال ُ‬
‫ُ‬
‫يشعر بها‬ ‫التي‬ ‫تتسع‬ ‫تلقي والدي الخبر كانت‬
‫سيصبح أبا للمرة األولى؛ ُ‬
‫إنه حقا شعور‬ ‫ُ‬ ‫بعد تسعة أشهر‬‫ألنه َ‬
‫ُ‬
‫فريد من نوعه‪ُ ،‬ت ُ‬
‫هاجم أمي نوبات م َن الهلع‪ ،‬مئة فكرة ُ‬
‫تدور في‬
‫يكاد أن‬ ‫تدور الكواكب ُ‬
‫وكأنه ثقب أسود في عقلها ُ‬ ‫عقلها مثلما ُ‬
‫َ‬
‫يبتل َعها‪.‬‬
‫حان ُ‬
‫وقت والدة أمي‪ ،‬فقد كانت‬ ‫مرت األيام والشهور إلى أن َ‬‫ّ‬
‫كان يوم‬‫ُممتدة على األريكة ُمستلقية من وهن الحمل‪ ،‬فقد َ‬
‫ُ‬
‫وخذات‬ ‫الجمعة ليلة الخميس في الساعة الخامسة فجرا دبت‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫تصرخ بأعلى صوتها م َن األلم الذي كاد أن ُيمز َق‬
‫ُ‬ ‫الحمل بأمي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وينتزع حبالها الصوتية من كثرة‬ ‫ويكسر عظامها‬ ‫أشالءها‬
‫َ‬ ‫الصياح‪ ،‬وأخيرا تنز ُ‬
‫لت من رحم أمي ألرى الحياة ولكي يأتي يوم‬
‫ُ‬
‫أروي لكم قصتي هذه والدتي كانت في غرفة النوم بمساعدة‬
‫ُ‬ ‫القابلة (الداية) خرجت القابلة لكي ُت َ‬
‫بشر والدي بخبر قدومي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فسألته‬ ‫وسجد سجدة شكر هلل‪،‬‬ ‫بصحة تامة‪ ،‬بكى فرحا‬
‫جدتي هل َ‬
‫أتاك فتى‪.‬‬

‫‪ | 10‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫‪ -‬ردا على َ‬
‫ذلك يقول‪ :‬كال لقد رزقني ُ‬
‫للا بفتاة وكأنها قطعة‬
‫أصبح ُ‬
‫وجه جدتي شاحبا‬ ‫َ‬ ‫لك اللحظة‬ ‫سقطت م َن القمر‪ ،‬وفي ت َ‬

‫قد َر‬ ‫تعتقد ّ‬


‫بأنني فتى ولكن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ممتلئا بالغضب وخيبة األمل كانت‬
‫وبعد مرور أسبوع من والدتي صعدت عمتي‬ ‫شاء فعل َ‬
‫للا وما َ‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫إلى غرفة جدتي ل ُتقنعها بأن تراني فرفضت رفضا تام‪.‬‬

‫عجز والدي وعمتي في إقناع جدتي‪ ،‬فتحايل عليها بحيلة‬


‫وقاال لها الطفلة الصغيرة نسخة ُمصغرة مثلك لديها جمال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأصبح ُ‬ ‫أثار الفضو ُل َ‬ ‫ُخرافي‪َ .‬‬
‫قلبها يتلهف للقائي‪،‬‬ ‫عقل جدتي‬
‫ذهب أبي لكي يأتي بي لتراني جدتي للمرة األولى َ‬
‫بعد سبعة أيام‬ ‫َ‬
‫من والدتي فلما حدقت بعيني وجدت جماال لم َتر ُه من قبل‪.‬‬
‫لمع كالبلور‪ ،‬فقررت َ‬
‫بعد‬ ‫طفلة ببياض ناصع وعيون رمادية َت ُ‬
‫ذلك وقالت غدا في الصباح سيكون مولد لذكر الرسول صلى‬
‫للا عليه وسلم لكي يبارك للا هذه الطفلة الجميلة ذات‬
‫الجمال كثيرا‪َ ،‬‬
‫وبعد مرور‬ ‫َ‬ ‫املالمح املالئكية‪ ،‬كانت جدتي تحب‬
‫ّ‬
‫السنين تشبثت جدتي بي كثيرا أهدتني ُحبا لم َأر ُه قط‪،‬‬
‫أصبحت هي عائلتي ُوكل ش يء‪ ،‬فقد َ‬
‫كان كل الدالل لي‪ ،‬وفي يوم‬

‫‪ | 11‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬
‫إلي نظرة ُحب ث َم قالت‪ :‬يا عزيزة جدتك‬ ‫م َن األيام نظرت جدتي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أشعر بأن‬ ‫وأميرة العائلة عندما أرى وجهك الطفولي املالئكي‬
‫ُ‬ ‫جباال م َن ُ‬
‫الحزن انتشلت مني نظرة عينيك راحة ونقاء‪.‬‬
‫وألن جدتي وأمي َ‬
‫تحت سقف واحد فم َن الطبيعي حدوث‬ ‫َ‬
‫تصل إلى مرحلة االختيار‪َ ،‬‬
‫كان‬ ‫ُ‬ ‫صراعات ومشاكل كبيرة قد‬
‫والدي َ‬
‫بين نارين‪.‬‬
‫َ‬
‫يتقدم خطوة واحدة‬ ‫ُ‬
‫يستطيع أن‬ ‫في ُمنتصف الطريق ال‬
‫ُ‬
‫سيقع في الهاوية‪ ،‬من أصعب املواجهات الصعبة في‬ ‫وإال‬
‫حياته‪ ،‬هل يختار ُ‬
‫أمه التي أفنت جسدها من أجله حتى ُيصبح‬
‫ُ‬
‫زوجته الصالحة املظلومة التي ال َ‬
‫ذنب‬ ‫في هذا ُ‬
‫العمر أم يختار‬
‫لها بش يء‪.‬‬
‫ذلك الوقت َ‬
‫وبعد جداالت كثيرة وعقيمة‪ ،‬ذهبت أمي‬ ‫وفي َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إلى عائلتها َ‬
‫اجتاحه الغضب‬ ‫وبعد أن قالت كل ما لديها لجدي‬
‫الحل الجذر ّي‬ ‫ُ‬
‫الطالق هو ُ‬ ‫عودة لك َ‬‫َ‬
‫بعد اليوم؛‬ ‫فقال لها‪ :‬ال‬
‫اح األنسب لهذه املُشكلة‪ ،‬ولكن قد طر َق الحب َ‬
‫قلب‬ ‫واالقتر ُ‬

‫‪ | 12‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أبي وأمي فقررا سوية بأن يتحديا الصعاب‪ ،‬وفي ليلة شديدة‬
‫البرودة هربت أمي م َن املنزل َ‬
‫بعد منع جدي لها بالعودة إلى‬
‫زوجها وطفلتها‪.‬‬
‫ُ‬
‫يجتاز‬ ‫ُ‬
‫يكسر العادات‪،‬‬ ‫يتغلب على الخوف‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحب‬
‫الجاهلية‪ ،‬ال ش يء ُيضاهي‬
‫ّ‬ ‫الصعاب‪ُ ،‬ي ُ‬
‫حطم التقاليد واألفكار‬
‫الحب‪ُ ،‬عدنا إلى املنزل وعفا جدي عن أمي َ‬
‫وقال لها في ّ‬
‫أي‬ ‫قوة ُ‬
‫وقت وزمان سأكو ُن ُهنا من أجلك ال ُ‬
‫أريد شيئا َ‬
‫غير أن أراك‬
‫األمور مع العائلة على ما يرام‪ ،‬يوم َ‬
‫بعد‬ ‫ُ‬ ‫بأفضل حال‪ ،‬وعادت‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الحب َ‬
‫يكبر ُ‬
‫يوم ُ‬
‫وجود‬ ‫بين أمي وأبي‪ ،‬وفي نهاية الشهر اكتشفنا‬
‫َ‬
‫وأطلق‬ ‫به ّ‬
‫والدي‬ ‫كان ذلك الطفل أخي‪ّ ،‬لق ُ‬ ‫طفل جديد وقد َ‬
‫الحياة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫عتمة ّ‬ ‫عليه اسم نور الدين‪ ،‬نور على نور‪ُ ،‬‬
‫إنه َ‬
‫إنه‬ ‫أنار‬
‫هجة القلب َ‬ ‫ُ َ‬ ‫النور في املنزل‪ ،‬يا َ‬
‫وروح الفؤاد‪ ،‬ألول‬ ‫نور حياتي يا م‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أشعر َ‬
‫ُ‬
‫بأن لدي سندا يقف خلف ظهري يحتويني ويحميني‬ ‫مرة‬
‫غاب أحدهم‬‫من شراهة الحياة‪ .‬اإلخوة أجنحة يا سادة إن َ‬
‫يتمز ُق ُ‬
‫أحد األجنحة‪ ..‬اإلخوة ُهم الض ُلع الثابت‪.‬‬

‫‪ | 13‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الست سنوات؛ فقد‬ ‫ذهبت إلى املدرسة وقد ُ‬


‫كنت في ُعمر ّ‬ ‫ُ‬
‫كان يومي األول مليئا بالخوف ُ‬
‫والبكاء والدهشة‪ .‬جميع‬
‫األطفال يجهشو َن بالبكاء ملفارقتهم أمهاتهم إال أنا فقد َ‬
‫كان‬
‫يجتاحني ّ‬
‫وكأنني فتاة عاقلة راشدة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شعور القوة‬
‫َ‬
‫نذهب معا إلى‬ ‫ُ‬
‫الدوام في املدرسة وجاءت أمي لكي‬ ‫انتهى‬
‫أفتح ُله َ‬
‫باب‬ ‫ُ‬
‫ركضت لكي َ‬ ‫املنزل‪ ،‬وفي املساء أتى أبي م َن العمل‬
‫َ ّ ُ‬
‫قبلني قبلة مليئة بالحنان‪.‬‬ ‫املنزل ومن ثم‬

‫وبعد أن انتهينا من وجبة العشاء‪ ،‬استلقى والدي على‬ ‫َ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫األريكة وقال لي اقتربي يا أميرة أبيك أخبريني يا فتاة الصغيرة‬
‫أنه َ‬ ‫أخبرته ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كيف َ‬
‫كان يوما‬ ‫كان أو َل يوم لك في املدرسة‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬ ‫جميال للغاية ولم أبك أبدا م َ‬
‫ثل األطفال الصغار ألنني فتاة‬
‫واعية ال أبكي على أشياء تافهة‪ ،‬على العكس تماما‪ُ ،‬‬
‫كنت أدعي‬
‫ُ‬
‫منذ الصغر ولكن في داخلي ُ‬
‫روح الطفولة والبراءة ال‬ ‫العقالنية‬
‫تسكن بداخلي َ‬
‫وبعد‬ ‫ُ‬ ‫أعلم ملاذا ُ‬
‫كنت أخفي ُ‬
‫روح الطفولة التي‬
‫ترفعت إلى الصف السادس ُ‬
‫وهنا بدأت مشاكلي‬ ‫ُ‬ ‫مرور سنوات‬
‫منذ الصغر ُ‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫كنت‬ ‫الفهمية‬ ‫املواد‬ ‫بمادة الرياضيات؛ ال أحبذ‬

‫‪ | 14‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬


‫النسيان أنس ى الفكرة‬ ‫الحفظية‪ ،‬وألنني شديدة‬ ‫املواد‬ ‫أحبذ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العقلية لم تجد نفعا‬ ‫من أول ثانية‪ ،‬الفيتامينات واملنشطات‬
‫ُ‬
‫معي‪ ،‬فبدأت ُمشكلتي مع عائلتي والتنمر‪ ،‬حيث كانت أمي‬
‫تطلق علي اسم الغبية الفاشلة في الد اسة‪ ،‬فقد َ‬
‫كان ذلك‬ ‫ُ‬
‫ر‬
‫ُ‬
‫أبصم الفقرة بصما‪ ،‬ال‬ ‫املوضوع خارجا عن إرادت عقلي‪،‬‬
‫ّ‬
‫الرياضيات حقيقة؛ لقد تشكلت لدي‬ ‫ُ‬
‫أستطيع أن أفهم مادة‬
‫بذار الفشل‬ ‫نفسية ُ‬
‫أكره الدراسة‪ ،‬ولقد زرعوا بداخلي َ‬ ‫ّ‬ ‫عقدة‬
‫والغباء‪.‬‬
‫فأما عن شخصيتي َ‬
‫أمام عائلتي فقد كانت ّ‬
‫ملغية تماما‬
‫أدرك أفعالي وال ّ‬
‫حتى‬ ‫نتج عن هذا الش يء أفعال غريبة ال ُ‬
‫فقد َ‬
‫ّ‬ ‫وجود لشخصية َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بعد اآلن‪ ،‬وكأنني‬ ‫أنتبه إلى طريقة كالمي‪ ،‬ال‬
‫ُ‬
‫نكرة على هذا الكوكب‪ ،‬في بعض األحيان قد تكون العائلة هي‬
‫حياتك وم َن املُمكن أن ُت َ‬
‫حطم مزاجك‬ ‫َ‬ ‫السبب الرئيس في دمار‬
‫دمار اإلنسان م َن البيت أوال ومن‬
‫وأحالمك ونفسيتك‪ ،‬يبدأ ُ‬
‫َثم م َن الخارج ُكل ش يء في الحياة ُ‬
‫يدفع بك لالنتحار‪ ..‬حياة‬
‫َ‬
‫ساقطة ال حياة فيها‪.‬‬

‫‪ | 15‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫دخلت بمرحلة البلوغ في ُعمر ُمبكر‬ ‫ّ‬
‫االبتدائي‬ ‫وفي مرحلة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اتخذ أبي قر ُ‬
‫الحجاب في اليوم التالي وفي‬ ‫اره بأن يجعلني أرتدي‬
‫لك الليلة انهارت دموعي وقد جفت من ُكثرة ُ‬
‫البكاء هل ُيعقل‬ ‫ت َ‬

‫غير‬ ‫أن أرتدي الحجاب وأنا طفلة صغيرة في ذلك الوقت ُ‬


‫كنت َ‬
‫أريد أن أدخل بمرحلة البلوغ‬ ‫ُمتقبلة فكرة ارتداء الحجاب ال ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫روحي وعقلي وجسدي ُمتشبث َين في مرحلة الطفولة‪ ،‬ملاذا كل‬
‫َ‬ ‫هذا االستعجال؛ لنبقى في مرحلة الطفولة ّ‬
‫التي ال ُحزن فيها وال‬
‫ُ‬
‫نمتلك عقال فارغا ال ُي ُ‬ ‫َ‬
‫فكر إال‬ ‫قلق ال نحم ُل شيئا فوق طاقتنا‪،‬‬
‫َ‬ ‫باللعب واألكل واملرح وأحالم الطفولة البريئة ّ‬‫ّ‬
‫حدود‬ ‫التي ال‬
‫لها‪ ،‬وإلى اآلن لم أتقبل فكرة ارتداء للحجاب ّ‬
‫ألنني لم أرتده عن‬
‫كنت ُمجبرة على ذلك لكيال يغضب أبي مني‪ ،‬ومن‬ ‫قناعة تامة‪ُ ،‬‬
‫املجتمع‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أجل العادات والتقاليد التي ُت َ‬
‫أعلم أنه‬ ‫فرض علينا في‬
‫ُ‬ ‫وألنني ُمسلمة ُ‬
‫يجب ّ‬ ‫ّ‬
‫ارتداء الحجاب ولكن‬ ‫علي‬ ‫فرض علينا‬
‫أحترم ُحرمة الحجاب‪ ،‬أقو ُل هذا الكالم‬
‫َ‬ ‫عندما ُ‬
‫أقتنع به لكي‬
‫فقدت إحساس ي برونق‬ ‫ُ‬ ‫رهن بالحجاب ولكن ّ‬
‫ألنني‬ ‫س ُك ّ‬
‫ّلي َ‬
‫وجمال ولذة الطفولة في ُعمر ُمبكر‪َ ،‬‬
‫وبعد مرور شهر على‬

‫‪ | 16‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫عالمات البلوغ تظهر على جسدي‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫بلوغي‪ ،‬أصبحت‬


‫ّ‬
‫الطفولية البريئة إلى مالمح أنثوية بحت‪ ،‬لم‬ ‫تحولت مالمحي‬
‫ألنني ُ‬
‫أرغب بالبقاء في مرحلة الطفولة‪.‬‬ ‫التغير ّ‬
‫أكن سعيدة بهذا ّ‬

‫انتهت رحلتي الدر ّ‬


‫اسية في مرحلة االبتدائي‪.‬‬
‫ّ‬
‫اإلعدادية على مدرسة جديدة‬ ‫ُ‬
‫إنتقلت إلى مرحلة‬ ‫ُ‬
‫وهنا‬
‫كنت ُمتحمسة‬ ‫الشهيد عدنان الطباع‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إسمها على إسم‬
‫ُ‬
‫أنظر حولي وأرى الفتيات لك ّل‬
‫للغاية‪ ،‬مدرسة مليئة باإلناث‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫معشوق) ُ‬ ‫ّ‬
‫وهنا وألول مرة أكتشف فيها‬ ‫واحدة منهم حبيب (‬
‫ذلك اإلحساس‪ ،‬هل‬ ‫أجرب َ‬
‫َ‬ ‫معنى ُ‬
‫الحب‪ ،‬أثارني الفضو ُل لكي‬
‫ُ‬
‫الحب ّ‬
‫جميل؟‬

‫‪ -‬ماذا تعتقدون يا سادة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لقد كانت مرحلة املراهقة وكأنها رحلة اكتشاف بالنسبة‬
‫َ‬
‫جعل مني فريسة‬ ‫إلي‪ ،‬فقد كانت شخصيتي ضعيفة مما‬ ‫ّ‬
‫لوحوش الطرقات‪ ،‬بكلمة حنونة وبعض األقاويل والتراهات‬

‫‪ | 17‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األخرى ُيسيطر على عقلي‪ ،‬وفي أحد األيام قالت لي صديقتي ما‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫نظرت إليها نظرة تعجب!‬ ‫ّ‬
‫املدرسة‪،‬‬ ‫نهرب م َن‬
‫ر ُأيك غدا أن َ‬
‫ُ‬
‫وقلت لها‪ :‬ما الفائدة من فعل هذا‪ ،‬أجابتني لكي نرفه عن‬
‫ُ‬
‫اعتقدت سنكون وحدنا ولكن عندما‬ ‫أنفسنا ونمرح معا‪،‬‬ ‫ُ‬

‫حبيب صديقتي وأصدقاؤه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ذهبت معها إلى الحديقة فقد َ‬


‫كان‬ ‫ُ‬

‫قال ّلي شاب م َن املوجودين‬‫وبعد حديث طويل َ‬‫جلست معهم َ‬


‫ُ‬
‫افية ساحرة‪َ ،‬‬
‫وبعد ذلك‬ ‫تمتلكين عيونا ُخر ّ‬
‫َ‬ ‫أنت جميلة جدا‬
‫قال لي لنذهب معا نتجو ُل في أرجاء الحديقة‪ ،‬وفي أثناء التجول‬
‫َ‬
‫وأفصح عن املشاعر التي َي ُكنها ّ‬
‫إلي‪ ،‬وطبعا ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ألنني فتاة في‬ ‫اعترف‬
‫كان ُ‬
‫اسم‬ ‫استطاع بأن ُيسيطر على عقلي‪ ،‬فقد َ‬ ‫َ‬ ‫ّسن املراهقة‬
‫الشاب أحمد‪ ،‬من أحد أحالمه أن ُيصبح ُممثال فأما عن ُ‬
‫حلمه‬
‫كلية الحقوق ُويصبح محاميا موهوبا‪،‬‬
‫الثاني فأن يدخل في ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فقد َ‬
‫كان هذا الشاب ُيحبذ بأن يكون شخصا مشهورا‪ ،‬كان‬
‫طفوليا أو ُحب مرحلة املراهقة‪َ ،‬‬
‫وبعد أسبوعين إنتهت‬ ‫ًّ‬ ‫ُح ًّبا‬
‫ذلك الوقت َ‬
‫كان‬ ‫تلك العالقة‪َ ،‬‬
‫بعد معرفة عائلتي باألمر‪ ،‬في َ‬

‫ظن عائلتي بي ولم‬ ‫ُ‬


‫خيبت ّ‬ ‫يقضم ضميري وقلبي‪ّ ،‬‬
‫ألنني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الندم‬

‫‪ | 18‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ُ‬ ‫والحرية التي ُ‬
‫أحافظ على الثقة ُ‬
‫كنت أمتلكها‪ ،‬لم أكن ُمدركة‬
‫ُ‬
‫فظاعة األمر أو الخطأ الذي اقترفته‪ ،‬مراهقة معصوبة‬
‫العيون بعقل ُمكبل‪ُ ،‬‬
‫أقلد أصدقائي تقليدا أعمى من غير‬
‫لك الحادثة درسا لي‪ ،‬لكي أحافظ‬ ‫ُحسبان‪ ،‬فقد كانت ت َ‬

‫قزز‬‫شعور الندم ُم ّ‬
‫ُ‬ ‫وأتشبث بثقة العائلة ّ‬
‫التي منحوني إياها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫للغاية‪ ،‬مرض خبيث‪َ ،‬‬
‫التقيت بهذا الشاب يا إلهي‬ ‫وبعد فترة‬
‫ُ‬
‫حلمه‬ ‫وأصبح أجمل بكثير‪ ،‬وقد َ‬
‫حقق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مالمح وجهه‬ ‫تبدلت‬
‫َ‬
‫وتخرج في الثانوية العامة وسجل‬ ‫َ‬
‫ودخل املعهد العالي للتمثيل‬
‫ُ‬
‫نظرته كانت مليئة‬ ‫ينظر ّ‬
‫إلي بطرف العيون‪،‬‬ ‫كلية الحقوق‪ُ ،‬‬ ‫في ّ‬
‫وبعد ذلك َ‬‫بالشوق والحنين َ‬ ‫ّ‬
‫أكمل كل واحد منا طريقه‪.‬‬
‫التاسع رغم د استي والجهد ّالذي ُ‬
‫بذلته‬ ‫الصف ّ‬ ‫ُ‬
‫ترفعت إلى ّ‬
‫ر‬
‫صحية ُتهاجمني نوبات‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تعرضت لوعكة‬ ‫لك املرحلة‬ ‫ُ‬
‫فشلت في ت َ‬
‫ّ‬
‫عصبي تدمرت‬ ‫م َن الغضب والبكاء ُ‬
‫كنت ُمصابة بانهيار‬
‫َ‬
‫تحت عيوني لم َأر‬ ‫ُ‬
‫السواد ُيقيم‬ ‫معنوياتي ماتت أحالمي‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالسخرية مني ال أحد‬ ‫الدعم من عائلتي‪ ،‬كانت نظراتهم مليئة‬
‫يؤمن بقد اتي يعتقدو َن دائما ّ‬
‫بأنني فتاة بال هدف وبال قيمة‪..‬‬ ‫ر‬

‫‪ | 19‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫حدثت نفس ي‬ ‫وعدمه واحد‪َ ،‬‬
‫وبعد ذلك‬ ‫ُ‬ ‫فتاة فاشلة وجودها‬
‫ُ‬
‫قدمت أوراقي من‬ ‫ّ‬
‫العقلية بالنجاح وفعال‬ ‫ُ‬
‫وتحديت قدراتي‬
‫وتخطي ُت ّ‬
‫السنة بنجاح‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وبدأت بالدراسة واالجتهاد‬ ‫جديد‬
‫ُ‬
‫وتحته مباشرة كلمة ناجح‪ ..‬أصبحت عيناي‬ ‫عندما ُ‬
‫أيت اسمي‬ ‫ر‬
‫ثل شالل تنهمران بالبكاء ما أجمل بكاء الفرح وخاصة َ‬
‫بعد‬ ‫م َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بعض‬ ‫أساس الفشل‪،‬‬ ‫الفشل‪ ،‬برأيي الشخص ي‪ ،‬النجاح هو‬
‫العلماء واملخترعون فشلوا آالف املرات استمروا باملحاولة‬
‫ُ‬ ‫ل ّسنين وفي ّ‬
‫النهاية حصلوا على النتيجة التي ينتظرونها منذ‬
‫ُ‬
‫البداية‪ ،‬الفشل هو طريق للنجاح‪ ،‬اإلنسان املستسلم هو‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان الفاشل‪ ،‬أما اإلنسان الذي يحاول مئة مرة ويفشل‬
‫أهدافه‪َ ،‬‬
‫وبعد انتقالي‬ ‫ُ‬ ‫ُثم يحاول ُثم يفشل وهكذا إلى ّأن ُي َ‬
‫حقق‬
‫ُ‬
‫األرض‬ ‫ّ‬
‫اإلعدادية إلى مرحلة الثانوية فقد كانت‬ ‫من مرحلة‬
‫ُ‬
‫سأدخل‬ ‫أصبحت فتاة كبيرة َ‬
‫وبعد مدة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فرحتي اآلن‬ ‫التتس ُع‬
‫ّ‬
‫إنه حقا شعور بغاية الروعة‪ ،‬وخالل الفصل‬ ‫الجامعة؛ ُ‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫بغاية اللطافة اخترنا‬ ‫تعرفت على أصدقاء جدد كانوا‬ ‫الدراس ي‬
‫األدبي‪ُ ،‬كنا سويا م َ‬
‫ثل اإلخوة ال نفار ُق‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الفرع‬ ‫معا بأن ندخل‬

‫‪ | 20‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ونفرح معا‪ ،‬كنا ثالثة أصدقاء شهد هذه‬ ‫بعضنا أبدا‪ ،‬نبكي معا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تمتلك بشرة سمراء‬ ‫الفتاة صديقتي األجمل واملقربة إلى قلبي‬
‫ثل شهد ّ‬
‫العسل‪ ،‬فأما عن‬ ‫ّ‬
‫ولكنها بغاية الجاذبية فقد كانت م َ‬
‫ُ‬
‫تمتلك اسما ُمميزا وفريدا من نوعه‬ ‫صديقتي ّ‬
‫الثانية فقد كانت‬
‫أي امللكة فقد َ‬ ‫ّ‬
‫اللغة التركية ّ‬
‫كان‬ ‫(توركان) معنى االسم في‬
‫ح ُلمنا واحدا بأن ندخل ُك ّلية الحقوق‪ ،‬واآلن أتى ُ‬
‫دور صديقتي‬
‫أعلم ماذا أقو ُل عنها ُ‬
‫اسمها سارة لقد سرقت حبيبي‬ ‫الثالثة ال ُ‬
‫َ‬
‫مني كيف تتجرأ على فعل هذا الش يء لهذه الدرجة الخيانة‬
‫سهلة أو الغدر بسيط‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومنذ أن فعلت هذا بي لم يعد قلبي يتلهف إليها‪ ،‬تعاهدنا‬
‫وبعد ذلك َ‬
‫الالنهاية َ‬ ‫ّ‬
‫حان‬ ‫سويا بأن نبقى أصدقاء وإخوة إلى‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫النجاح ّ‬
‫يعم‬ ‫وقت ظهور نتائج االختبار الذي خضعنا ُله‪،‬‬
‫َ‬
‫العالم مرض‬ ‫َ‬
‫احتل‬ ‫الجميع‪َ ،‬‬
‫وبعد سنة ببداية فصل الشتاء‬
‫َ‬
‫أصدر ُ‬
‫وزير التربية قرارا‬ ‫اسم كورونا‪ ،‬فقد‬ ‫جديد ُ‬
‫أطلق عليه ُ‬
‫بمنع الذهاب إلى املدرسة من أجل سالمتنا‪ ،‬إضراب عام على‬
‫خلفه ّ‬
‫املوت‪ ،‬فقدنا‬ ‫ُك ّل بلدان العالم‪َ ،‬‬
‫جاء ذلك املرض ساحبا ُ‬

‫‪ | 21‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الكثير م َن الكبار والصغار والعلماء واألساتذة وأصحاب‬


‫ّ‬
‫الدين‪ ،‬وأيضا صدر قرار جديد بمنع التجوال في الشوارع‪،‬‬
‫واملنع بدخول ّ‬
‫أي مكان عام أو خاص من دون ارتداء الكمامة‬
‫َ‬
‫عاطلين عن‬ ‫جميع ّ‬
‫الناس‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أصبح‬ ‫حفاظا على أرواح الجميع‪،‬‬
‫َ‬ ‫العمل‪ ،‬أتساءل عن حال ُ‬
‫الفقراء الذين ال يمتلكون شيئا م َن‬
‫الوباء لم يرحم أحدا‪ ،‬لم يترأف بحال ُ‬
‫الفقراء‬ ‫ُ‬ ‫الطعام واملال‪.‬‬
‫ّ‬
‫واألجنبية بحالة‬ ‫واألطفال والعاجزين‪ُ ..‬‬
‫وضع البالد العربية‬
‫ُيرثى لها‪.... .‬‬
‫ّ‬
‫صحية؛ قد‬ ‫ُ‬
‫تعرضت لوعكة‬ ‫ّ‬
‫الحادي عشر‬ ‫وفي الصف‬
‫أجريت ّ‬
‫تغيرا شاسعا في حياتي‪ ،‬في ذلك الوقت لم أستطع أن‬
‫َ‬
‫صوت املؤذن ُيكبر م َن‬ ‫ُ‬
‫أسمع‬ ‫صوت القرآن‪ ،‬وعندما‬‫َ‬ ‫َ‬
‫أسمع‬
‫وأجهش بالبكاء‪ ،‬ال أعلم ما تلك‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أصرخ بأعلى صوتي‬ ‫املنابر‬
‫وأتقنه ّ‬
‫بأنني في حالة ُيرثى لها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعرفه‬ ‫الحالة‪ّ ،‬‬
‫ولكن ُجل ما‬
‫كان َ‬
‫ذلك املرض‬ ‫احتار الط ُب ومشايخ الدين في حالتي‪ ،‬لقد َ‬
‫َ‬
‫أشبه بمرض ّ‬
‫سقيم‪ ،‬ولقد وصفوني بالفتاة املعتوهة التي‬
‫ُ‬
‫يشعر بي‪ ،‬هالوس وأفكار‬ ‫تتق ُن فن التمثيل‪ ،‬ما من أحد‬

‫‪ | 22‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫نحو الهاوية‪ُ ،‬‬


‫وتدفع بي َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رباه ترأف بحالتي‪ ،‬هل‬ ‫ُمخيفة تراودني‬
‫أنا فتاة ُمنفصمة أم فتاة لديها تصرفات وردات فعل غريبة‬
‫تسكن روحها روحا أخرى‪ُ ،‬‬
‫أريد‬ ‫ُ‬ ‫وغير مفهومة أم فتاة حقا‬
‫َ‬
‫قضم عقلي‪،‬‬ ‫تفسيرا واحدا ليطمئن قلبي‪ ،‬التفكير قد‬
‫ينعتونني بأسوء األقوال‪ ،‬ربي إني فتاة ال حوال لها وال قوة يا‬
‫الدنيا‪َ ،‬‬
‫والع‬ ‫زهدت من هذه ُ‬‫ُ‬ ‫قاض ي الحاجة اقض عليي فقد‬
‫كبدي‪.‬‬

‫‪ | 23‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫النصوص األدبية‬

‫‪ | 24‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*حوار بنيَ إيالف وسِدرة*‬


‫ُ‬
‫‪ -‬إيالف‪ :‬إن السماء واألرض بكل ما فيها من أصدقاء ووطن‬
‫لي‪.‬‬

‫لك الشجرة؟‬ ‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬وماذا عن ت َ‬


‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫لك التي احتضنتني بظلها‬ ‫‪ -‬إيالف‪ :‬حسنا دعيني أجيبك؛ ت‬
‫لكي أختبئ بها‪.‬‬

‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬حدثيني عن القمر‪.‬‬


‫ُ‬
‫ويبدله إلى أنوار‪.‬‬ ‫‪ -‬إيالف‪ :‬هو من ينتشل مني ظالمي‬
‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬وماذا عن ت َ‬
‫لك النجمة؟!‬
‫ّ‬
‫‪ -‬إيالف‪ :‬شقيقتي التي في السماء‪.‬‬

‫‪ | 25‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬فما ُ‬


‫حال قطتك األليفة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬إيالف‪ّ :‬أنها تأخذ عقلي بشقاوتها‪.‬‬

‫‪-‬سدرةُ ُاملنتهى‪ :‬تكلمي عن الشتاء هل هو جميل كما‬


‫تصفين‪.‬‬

‫إنه من أجمل فصول السنة على‬ ‫‪ -‬إيالف‪ :‬أجل يا عزيزتي ُ‬


‫ُ ُ‬
‫األطالق‪ ،‬فأنا فتاة تحبذ الشتاء‪ ،‬رائحة املطر املمزوجة برائحة‬
‫ُ‬
‫وأسمع‬ ‫ياسمين دمشق‪ ،‬أتجو ُل في شوارع دمشق القديمة‬
‫فصل الخير والدفء‬‫ُ‬ ‫قهقهات ُك َل عاشق وعاشقة‪ُ ،‬‬
‫إنه‬
‫والطمأنينة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬هل تفضلين الورود‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الورود عندما تنثر فوق مرقد‬ ‫‪ -‬إيالف‪ :‬نعم وكثيرا‪ ،‬إن‬
‫َ‬ ‫الشهيد ُتحييي ُ‬
‫روحه من جديد‪ ،‬فكيف ال أح ُبها‪.‬‬
‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬وهل َ‬
‫تهوين البحر‪.‬‬

‫‪ | 26‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬ ‫نه كثيرا أظن ُ‬


‫بأنه ُ‬ ‫ُ‬
‫أخاف م ُ‬
‫ويسحب‬ ‫يكاد يبتلعني‬ ‫‪ -‬إيالف‪:‬‬
‫بي إلى القاع‪.‬‬
‫َ‬
‫تعشقين األطفال الصغار‪.‬‬ ‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ُ :‬‬
‫أعلم أنك‬

‫‪ -‬إيالف‪ :‬األطفال بالنسبة لي هم مالئكة للا على األرض‪،‬‬


‫َ‬ ‫وجوههم ُ‬
‫تنثر السعادة في جوفي‪.‬‬

‫‪ -‬سدرة املنتهى‪ :‬برأيك هل يوجد عدل في هذه البالد‪.‬‬


‫ُ‬
‫نفوذه‬ ‫َ‬
‫أصبح العدو طاغيا‬ ‫‪ -‬إيالف‪ :‬كال وألف كالاا فقد‬
‫ُ‬
‫على البالد‪ ،‬وأيضا األم تلقي برضيعها على أرصفة الشوارع؛‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لحمه الكالب‪ ،‬والزوج يخون العهد مع زوجته‪ ،‬نساء‬ ‫لتنهش‬
‫َ‬
‫تجردن م َن الحياء‪ ،‬ماذا أقول عن ُمجتمع ُيقيم‬ ‫عاهرات‬
‫األبيض ُسلطانا‪ ،‬أم أتحدث عن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والرجل‬ ‫َ‬
‫الرجل األسود عبدا‬
‫َ ُ‬
‫َ‬
‫أموال بعضهم البعض‪ ،‬أم عن األصدقاء‬ ‫الذين يأكلو َن‬ ‫اإلخوة‬
‫املليئة قلوبهم بالغل والحقد والحسد‪ ،‬أخبرك عن عدل بالدي‬
‫يضع في ُجعبته ماال ُ‬
‫فتقلب‬ ‫قبل القضية ُ‬‫عندما القاض ي َ‬
‫ُ‬
‫املوازين ُويصبح املجرم بريئا‪ ،‬والبريء مجرما‪ ،‬أم أتحدث عن‬

‫‪ | 27‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬
‫عدل في بالدي‬ ‫الحقوق املنهوبة واألراض ي املسلوبة‪ ،‬ال‬
‫ياعزيزتي‪.‬‬
‫حال ُ‬
‫الفقراء‪.‬‬ ‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬وما ُ‬
‫ُ‬
‫وينخز في أمعاء‬ ‫َ‬
‫أحشاء األطفال‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يقضم‬ ‫ُ‬
‫الجوع‬ ‫‪ -‬إيالف‪:‬‬
‫َ‬
‫العجزة‪ ،‬الفقر وسوء الحال َيعم الكون بأسره‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬سدرةُ ُاملنته ُى‪ :‬وهل يوجد في هذا الجيل من يقرأ الكتب‬
‫ويحبذ الثقافة‬
‫ُ‬ ‫ف‪ :‬عندما يكون س ُ‬
‫عر الكتاب أغلى من ربطة خبز‬ ‫‪ُ -‬إيال ُ‬
‫فالجميع سيتوجه بشراء الطعام‪ ،‬الثقافة أصبحت إلكترونية‬
‫جيل املُستقبل يقض ي ُ‬
‫وقته الثمين على‬ ‫وال ُمتعة في هذا‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلنترنت من دون فائدة ال يعلمون قيمة الوقت وأهمية‬
‫الثقافة والقراءة جيل يؤسف عليه‪..‬‬

‫‪ | 28‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫‪ -‬سدرةُ املنتهى‪ :‬إذا حدثيني عن طفولة األطفال‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪ -‬إيالف‪ :‬هههههه طفولة َ‬
‫أين الطفولة‪ ،‬أطفال يتسولون في‬
‫الشوارع َ‬
‫تحت املطر بثياب ُممزقة حافيي القدمين‪ ،‬أضلعهم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ترتجف م َن البرد‪ ،‬طفولة ال طفولة فيها‪.‬‬

‫‪ | 29‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*إشعار افرتاضي*‬
‫َ‬
‫أعجبت بمنشور لي‬ ‫أتاني إشعار على الفيس بوك َ‬
‫بأنك‬
‫وبعد ثانية اختفى َ‬
‫ذلك اإلشعار؛‬
‫ُ‬
‫في كل مرة تتجو ُل فيها بصفحتي الشخصية تقرأ آخر ما‬
‫ُ‬
‫الشبان ذوي‬ ‫ُ‬
‫وتوجه النظر إلى ُ‬ ‫ُ‬
‫تفاعالت أصدقائي‬ ‫كتبته‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ووجهك يثور‬ ‫اللحية الجميلة والعضالت الفاتنة املفتونة‬
‫ُ‬
‫تتأمل كتاباتي حرفا حرفا‪ ،‬حذرا بأن يسهى إبهامك‬ ‫بالغضب‪،‬‬
‫وبعد ذلك سيدفعك‬ ‫َ‬ ‫ُويعلن وجودك على هذه الصفحة‬
‫ُ‬
‫الفضول والغيرة بمعرفة من هم أصدقائي وتبحث جيدا لكي‬
‫ُتمسك دليال علي‪ ،‬وال تجد ولن تجد يا عزيزي‬

‫‪ | 30‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومن ثم تدخل على الخاص وتقف عاجزا م َن التقدم بكلمة‬
‫وأنت ُمتردد وتأخد نفسا عميقا‬ ‫وتتربع على عتبة الحروف َ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫سأختل ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫يتخلل صدرك بأي وجه ُ‬
‫ُ‬
‫قه‬ ‫العذر الذي‬ ‫أتكلم معها‪ ،‬وما‬
‫ّ‬
‫لكي أرى حروفها التي خطتها األنامل الرقيقة‪ ،‬لكنك ياعزيزي‬
‫تتوب عن اقتراف الذنوب‬ ‫َ‬ ‫لن تتجرأ على مواجتهي ألنك لن‬
‫سوف يمنعك ُوي ُ‬‫َ‬
‫كبل‬ ‫بحقي وكبرياؤك كرجل من نسل آدم‬
‫َ ُ‬
‫يديك خوفا مني لكيال تكون ردة فعلي قاسية وحروفي جارحة‬
‫ّ‬ ‫وأيضا لكيال أطغى َ‬
‫عليك بالتمرد الذي هو جزء من شخصيتي‪.‬‬

‫ينهش عقلك‬ ‫ُ‬


‫يقضم جوفك والتفكير ُ‬ ‫ُ‬
‫الندم‬ ‫ستبقى هكذا‪،‬‬
‫ُ‬
‫تعاني م َن التردد وتبقى ُمتابعا أخباري عن ُبعد‬
‫تلك الكلمات لو َ‬
‫وليت والكثير م َن األفكار‬ ‫َتحر ُق نفسك ب َ‬
‫ّالتي ستقودك َ‬
‫ذات يوم إلى الهالك‪.‬‬

‫‪ | 31‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*حترش الطفولة*‬
‫في أحد األيام في تاريخ ‪ُ 2013‬‬
‫أتيت إلى أمي ُمهرولة م َن‬
‫وتندثر قطرة من عيني ُمبلورة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الخوف ذارفة دموعي مني‬
‫يكسو وجهي قطرات َ‬
‫التعرق‪ ،‬فأما عن حالة ثوبي الجديد‬
‫حاكته جدتي بيديها‪ ،‬فقد َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كان ُممزقا إربا‪ ،‬يا إلهي‬ ‫الذي قد‬
‫ُ‬
‫أتذكر هذه الحادثة الشنيعة‪ ،‬وإلى‬ ‫صيبني قشعريرة عندما‬ ‫ُت ُ‬
‫َ‬
‫وعشرين ربيعا وهذا املشهد يعتلي‬ ‫العمر واحدا‬ ‫اآلن أبلغ م َن ُ‬
‫مسرح ُمخيلتي‪ ،‬كابوس ُيهاجمني في ُكل ليلة‪ ،‬عندما ُع ُ‬
‫دت إلى‬ ‫َ‬

‫لك الصفعة من أمي!‬‫منزلي أذكر صوت ت َ‬

‫ُ‬
‫أجهش بالبكاء‪ ،‬بدال من أن‬ ‫فقد أفاقتني من كابوس ي‪،‬‬
‫ُ‬
‫تصرخ بأعلى صوتها‪َ ،‬‬
‫أين كنت؟!‬ ‫َ‬
‫تحتضنني‪،‬‬

‫‪ | 32‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ومع من؟‬
‫َ‬
‫أصبح ثغري عقيما‪ ،‬عيناي‬ ‫لك اللحظة َ‬
‫جمد لساني‪،‬‬ ‫في ت َ‬
‫ملعة ُ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحزن التي في عيوني‬ ‫تشهد بما حل بي‪،‬‬ ‫وحالة ثيابي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تجسد املشهد اللعين‪ ،‬تكرر أمي سؤالها!‬
‫َ‬
‫أين كنت؟!‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أشتعل شريط النار الذي في قلبي‪ ،‬وأطلق سراح‬ ‫وهنا‬
‫ُ‬
‫تتعرض‬ ‫وتحرر ثغري‪ ،‬فتاة في ُعمر العشر سنوات‬
‫َ‬ ‫لساني‪،‬‬
‫للتحرش‪ ،‬هل ُيعقل يا سادة!!‬
‫حرك شفتيه ّ‬
‫وكأن ُه‬ ‫أسود كاسوداد الليل‪ُ ،‬ي ُ‬
‫َ‬ ‫كان ُ‬
‫وجه الفتى‬ ‫َ‬
‫يلتهمني‪ ،‬يضرب رأس ي في الحائط‪ ،‬ويضع ُ‬
‫يديه‬ ‫وحش ُي ُ‬
‫ريد أن َ‬
‫حاولت املُقاومة ّ‬
‫ولكنني‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫النجسة فوق فمي؛ ملنعي من الصراخ‪،‬‬
‫وقفت مدهوشة من قذارة ووحشية وشناعة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫استسلمت‪،‬‬
‫ُ‬
‫تنع ُتني أمي بالكاذبة املهلوسة التي تتخيل أشياء غير‬
‫املوقف‪َ ،‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫حقيقية‪ ،‬وأصواتهم وكالمهم الجارح املحطم‪ ،‬يخترق أذني‬

‫‪ | 33‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كالبركان الهائج‪ ،‬ل َم تلقو َن‬


‫يظهر صوتي ُ‬
‫ويؤذي سمعي‪ ،‬وفجأة ُ‬
‫ّ‬
‫الل َ‬
‫وم علي‪.‬‬

‫‪ -‬ردا على ذلك تقول جدتي أنت فتاة وهو شاب‪.‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫وهذه ُ‬
‫الجملة تعصف بداخلي‪ ،‬مقولة الحقتني طيلة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أفعله‬ ‫حياتي في ك ّل أمر‬
‫ُ‬ ‫وصفي ل َ‬
‫ذاك املشهد واالختصار لك ّل هذه األقاويل‬
‫ُ‬
‫مررت بأهوال‬ ‫يتلخص في جملة واحدة في ت َ‬
‫لك الحادثة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الجحيم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خبر وفاة َ‬
‫ذلك الفتى الذي حاو َل التعرض‬ ‫انتشر ُ‬
‫َ‬ ‫وبعد فترة‬
‫أصبح أسه القذر النجس َ‬
‫تحت دوالب لباص كبير‪،‬‬ ‫َر‬ ‫لي وأذيتي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ودماؤه قد ن َثر على أرجاء املكان كله‪،‬‬ ‫بذرة دماغه قد ظهرت‪،‬‬
‫َ‬
‫استجبت مطالبي ُومنايي‪ ،‬مهما تكبر‬ ‫ما أعظمك يا إلهي لقد‬
‫االنسان ومهما فعل وتمرد وسرق وأذى من حوله‪ ،‬سيأتي يوم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عقارب الساعة ليكون هو الضحية في املرات القادمة‪،‬‬ ‫وتدور‬
‫َ‬
‫فتقدم‬ ‫ُ‬
‫دخلت في مرحلة البلوغ‪،‬‬ ‫ومضت السنين هكذا إلى أن‬

‫‪ | 34‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫لي شاب للزواج‪ ،‬بداية ُكنت سعيدة جدا‪ّ ،‬‬


‫ولكنني تر ُ‬
‫اجعت عن‬
‫ُ‬
‫األمر تماما‪ ،‬في يوم عقد قرأني لإلقبال على حياة جديدة‬
‫َ‬
‫وأصبح وجهي شاحب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫نظرت إلى مرآتي‬ ‫وفريدة من نوعها‪،‬‬
‫لك الحادثة إنها محفورة‬‫زور ُمخيلتي‪ ،‬واتذكر ت َ‬
‫وقطار املاض ي َي ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مسحت دموعي وبك ّل قوة‬ ‫في أعماق الذاكرة‪ ،‬ذكرة عاهرة‪،‬‬
‫ُ‬
‫استطيع الزواج إال من شاب‬ ‫وصمود ُ‬
‫قررت قر َار االعتزال‪ ،‬ال‬
‫ُ‬
‫يعشقه قلبي‪ ،‬لكي ُي َ‬
‫المس قلبي وينثر عليه األمان‪ ،‬لن اتقبل‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫أعرفه من فترة‪ُ ،‬‬
‫الحب ُيطهر‬ ‫فكرة ّأنني أتزوج شاب بالكاد‬
‫ُ‬
‫ويمسح على القلب برفق وحنان‪،‬‬ ‫العقل م َن الذكريات املؤملة‪،‬‬
‫ُ‬
‫الحب هو الطمأنينة والراحة واألمان‪ ،‬الحب هو كل ش يء‪،‬‬
‫الحب اقوى م َن الصعاب‪ ،‬الحب ّسر إلهي‪ ،‬وثغرة غامضة‪،‬‬
‫ُ‬
‫يعشق شخصيتي‬ ‫أتمنى شيئا صغير وهو أن ألقتي بشخص‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫صادفتهم‬ ‫جميع من‬ ‫امتلكها‪،‬‬ ‫وحواري وصوتي والكاريزما التي‬
‫في حياتي كانت غايتهم واحدة ومشتركة‪ ،‬لم أرى ُ‬
‫الحب في‬
‫َ‬
‫والصور‬ ‫عيونهم على العكس اطالقا ُ‬
‫كنت أرى الوحشية‬
‫ُ‬
‫وأتعمق في عقلهم وأرى رسمة‬ ‫القذرة التي يتصوروني بها‪،‬‬

‫‪ | 35‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫وأغوص في أفئدتهم ولم‬ ‫ُمبكية وبحالة ُمذرية فتاة ُمتعريه‪،‬‬
‫َ‬ ‫أرى لي أثر‪ ،‬عيناهم َ‬
‫تلتهمني كالقمة سائغة‪ ،‬يتصرفون معي‬
‫بشراهة عجيبة‪َ ،‬‬
‫أين ُ‬
‫الحب أجيبوني ؟!‬

‫ال أراه!!‬
‫عالقة مبينة على الشهوة وارضاء الغاية ُمجردة من ُ‬
‫الحب‪،‬‬
‫ال ُح َب يكم ُن فيكم ُأيها األوغاد‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫أشد قبحا م َن الوحوش‪.‬‬ ‫تبا لكم إنكم‬

‫‪ | 36‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*عِناقٌ يف األحالم*‬
‫وأخيرا َ‬
‫وليس أخرا‬

‫‪2022ُ/10/1‬‬
‫نار الهوى في‬ ‫أضلعي ُوأوقدت ُ‬ ‫َ ُ‬
‫عناق في األحالم قد كسر‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫وعيناك‬ ‫فرياح النشوة في داخلي تعصف منذ لقياك‪،‬‬ ‫جوفي‪،‬‬
‫قبلني‬ ‫أزقة قلبي األسود الحزين‪ّ ،‬‬ ‫َق ّ‬ ‫كالورد َفرشت ّ‬
‫وتربعت فو‬
‫َ‬ ‫ّ ُ َ‬
‫بلة الشوق‪ّ ،‬‬ ‫ُ َ‬
‫خدوش‬ ‫قبلني لتداوي‬ ‫قبلة األعتذار‪ ،‬قبلني ق‬
‫َ‬ ‫القلب‪ ،‬حاصر قلبي من جميع اإلتجاهات‪ّ ،‬‬
‫قبلني ألكون أسيرة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أحضانك‬ ‫ونمت وأنا في‬ ‫في ُح ّبك‪ ،‬واعذرني إن غافلتني عيناي‬
‫ُ‬ ‫صوتك العذب عندما ُيدندن َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لحن أغنيتي املفضلة‪،‬‬ ‫أستمع ل‬
‫أصابك عشق أم ُ َ‬
‫ميت بأسهمي؟!‬ ‫َ‬
‫ر‬

‫‪ | 37‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫أحببت هذه األغنية‬ ‫لطاملا‬
‫َ‬
‫وأحببتك‬
‫َ ّ‬
‫اللحن ّ‬ ‫ُّ‬
‫والسيمفونية الفريدة من نوعها‬ ‫وأحبذ سماع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫صوتك‬ ‫سماع‬ ‫وأحبذ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ودائما ما ُيداهمني الخوف وأنا في اللحظة األخيرة م َن‬
‫َ‬
‫صباح قلبي‬ ‫َ‬
‫أمام عينيك‪ ،‬احتويني وأشعل م‬ ‫االستسالم‬
‫كنت تعبث في مشاعري‬ ‫منذ رحيلك‪ ،‬هل تذكر عندما َ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املنطفئ‬
‫ُ‬
‫وتستلذ برؤية وجهي وهو يثور بالعبء والغضب من إهمالك‬
‫ش َ‬ ‫ّ‬
‫أفت ُ‬ ‫وتجاهلك لي وعدم االكتراث بما ُ‬
‫عنك في زوايا‬ ‫يقلقني؟‬
‫املنزل وال أرى أثرا لك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ش عن مالكي املفقود‬‫أفت ُ‬ ‫سنوات ُعمري هباء وأنا‬ ‫ذهبت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وجهك في قلبي ُمختبئا ُمتخفيا عن‬ ‫ُ‬
‫يظهر طيف‬ ‫وفي النهاية‬
‫األنظار‪ ،‬اكثر ما يزيد إعجابي بك عندما كنت ُت ُ‬
‫خبرني َ‬
‫أنك‬
‫ُ‬
‫تثمل على جمال وجهي وأنوثتي الطاغية‬

‫‪ | 38‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ُ‬
‫اقتربت وهمس َت في أذني بصوت خافت‬
‫هل تذكر عندما َ‬
‫ألخبئ‬ ‫لدي ُ‬
‫القدرة الكافية ّ‬ ‫وددت لو ّأن ّ‬
‫ُ‬ ‫ش القلب ّ‬
‫أحبك؟‬ ‫ُيرع ُ‬
‫َ‬
‫طفلتك الصغيرة خائفة‪،‬‬ ‫هذه الكلمة في صندوق ذهبي‪،‬‬
‫ّ‬
‫ُومهشمة م َن األمل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أتعبت قلبي جعلتني أخاف م َن‬ ‫يا حبيبي الخيالي‪ :‬لقد‬
‫لدي عقدة دائمة عقدة الخوف م َن الفقد‬
‫أصبح ّ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفراق‬
‫حتى عندما أضحك ُ‬
‫ينتابني‬ ‫والسعادة‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫والح ّب واملوت واألمل ّ‬
‫سيحصل بعد هذه ّ‬
‫السعادة العارمة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شعور الخوف ّ‬
‫عما‬
‫ش عن مهرب‪ ،‬أو مخرج من هذا ُ‬ ‫ّ‬
‫أفت ُ‬
‫الحب‪ ،‬ولم أجد مهربا‬
‫ُ‬
‫استنشق الهواء بصدر عبء؟ ّ‬ ‫ّ‬
‫وأتنهد تنهيدة‬ ‫منك إال إليك‪،‬‬
‫وبعد هذا‪َ ،‬‬
‫قلت لي ّ‬ ‫الشوق‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الجملة‬ ‫مصحوبة باأللم ونيران‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اعتدت على سماعها‪" :‬ال تخافي أنا سندك تدللي وتغنجي‬ ‫التي‬
‫ُ‬
‫مادمت حبيبك"‬

‫فأجبتك بنبرة ناعمة وصوت خافت‪ :‬حسنا يا مالكي‪ ،‬لن‬


‫عني ّ‬
‫مرة‬ ‫انقطاع طيفك ّ‬
‫ُ‬ ‫أخاف ولكن اآلن خوفي الوحيد َ‬
‫هو‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أخرى فقد ّ‬
‫وجهك فيها‪ ،‬ال‬ ‫مرت أربعة أحالم ولم أرى طيف‬

‫‪ | 39‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬
‫مصباح قلبي ليعود كما كان‪،‬‬ ‫قبل أن ترحل أن تطفئ‬ ‫تنس ى َ‬
‫ُ‬
‫فقد كان قلبي يشرق بك ّل زيارة منك‪ُ ،‬ويبهج مبسمي‪.‬‬
‫وأعلنت الشوق‪ ،‬وفي ُك ّل ّ‬
‫مرة بعد‬ ‫ُ‬ ‫قت نياط الفؤاد‬ ‫مز ُ‬
‫ّ‬

‫رحيلك أتحسس قلبي وأر ُاه خاويا منطفئا‪ ،‬تبعثرت روحي‬


‫تحت الوسادة‪.‬‬ ‫وأحالمي‪ ،‬أذهب ّللنوم وأرى ما َ‬
‫ّ‬
‫آه يا إلهي‪ّ ،‬إنها أحالمي ورسائل املراهقة التي ُنقشت بحبر‬
‫خبأتها سابقا َ‬
‫تحت الوسادة‪،‬‬ ‫وجدت أشياء عديدة قد ّ‬ ‫ُ‬ ‫يديك‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ارتعش القلب ولم‬ ‫ولكنني لم أجد ذكرى اللقاء األول عندما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫تلك ّ‬ ‫أجد أثرا لك‪ ،‬يا ل َ‬
‫تعرضت لها كل هذه‬ ‫الصدمة التي‬
‫وعدت أنا استوطن‬‫ُ‬ ‫الحلم‬‫األحداث كانت ُمجرد ُحلم‪ ،‬انتهى ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ستائر‬ ‫صباح قلبي‪ ،‬وأسدلت‬ ‫أطفأت م‬ ‫بوكر مخاوفي الكبرى‪،‬‬
‫الحلم من جديد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وخلدت إلى ُ‬ ‫عيوني‪،‬‬

‫‪ | 40‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*أسرارُ سعادتي*‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬كانت الحياة كغيمة سوداء‪،‬‬‫ثل َ‬ ‫َ‬
‫قبل سنة‪ ،‬م ُ‬
‫ّ‬
‫وكأنها حاجز يعترض مسيرتي‪ ،‬وبعد ُمعاناة طويلة‬

‫ولكنني لم‬‫وجدت الكثير ّ‬‫ُ‬ ‫للسعادة‪،‬‬ ‫بحثت عن أسرار ّ‬ ‫ُ‬


‫نظرت حولي فر ُ‬
‫ُ‬ ‫أتذوق شيئا منها‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أيت‬ ‫ورغم هذا لم استسلم‪،‬‬
‫بالتمام والكمال‪ ،‬نظرت‬ ‫السعادة‪ّ ،‬أولهم ّأنني ُخ ُ‬
‫لقت ّ‬ ‫سببات ّ‬ ‫ُم ّ‬
‫ُ‬
‫ابتسمت‬ ‫فوجدت عائلتي ّالتي ُ‬
‫اتكئ عليها عندما أميل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حولي‬
‫الطفولة‪ُ ،‬‬‫ُ ّ‬
‫الح ّب البريئ‬ ‫ابتسامة لطيفة حينما تذكرت حبيب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ضحكت بهباء على شقاوتي واألفعال التي‬ ‫الخالي م َن الشهوة‪،‬‬
‫كنت ُ‬
‫السعادة عندما ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أبلغ م َن‬ ‫وجدت ّ‬ ‫ُ‬
‫اقترفتها في الطفولة‪،‬‬
‫أتمايل بخطواتي وشعري شالل ينز ُ‬
‫ُ‬ ‫ثالثة َ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫لق‬ ‫عشر عاما‬ ‫العمر‬

‫‪ | 41‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫فوق ظهري‪ .‬لقد كانوا ينعتوني باألميرة نسبة ملالمحي املختلفة‬
‫ُ‬
‫يتطاير مع‬ ‫عن مالمح العائلة‪ ،‬وشعري الطويل ّالذي َ‬
‫كان‬
‫النسمات‪ ،‬وبعد ُك ّل هذه األحداث ّالتي ر ُ‬
‫أيتها‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫الهواء وتداعبه‬
‫أخلق سعادة جديدة‬ ‫َ‬ ‫رت أن‬ ‫قر ُ‬
‫أمام عيني ّ‬‫وكأنها سيناريو َ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صيبني ّ‬ ‫أتذك ُرها فيما بعد َف ُت ُ‬ ‫ّ‬
‫ذهبت‬ ‫السعادة مرة أخرى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫استنشقت رائحة‬ ‫لتحضير قهوتي الخاصة (بالرغوة املثيرة)‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فشعرت باإلنتعاش‪،‬‬ ‫قهوتي وتخللت الرائحة إلى دماغي وجوفي‬
‫وتأم ُ‬‫الطفولة ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫وبعد َ‬ ‫َ‬
‫لت مالمحي وأيضا‬ ‫شاهدت صور‬ ‫ذلك‬
‫صيبني سعادة ورعشة في القلب‬ ‫شعرت بسعادة ُمختلفة‪ُ ،‬وت ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعشق اسمي فأنا قد‬ ‫أسمع اسمي من ثغر من أح ّب‪،‬‬ ‫عندما‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أخذت نصيبي من اسمي وأحم ُل صفات ُه (سدرة املنتهى)‪:‬‬
‫"شجرة في الجنة لتحقيق األمنيات" كما يقولون!‬

‫ّأما اآلن ياعزيزي فأنا أشعر بسعادة عارمة بسبب قدوم‬


‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫أحبذ هذا الفصل كثيرا مليء بالدفء والطمأنينة‬ ‫الشتاء‪ّ ،‬إنني‬
‫َ‬ ‫والراحة‪ُ ،‬يمكنك أن ترى ّ‬
‫ّ‬
‫السعادة‪ ،‬وإن لم تجد اصنع‬
‫سعادتك بيدك‪.‬‬

‫‪ | 42‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*أنثى شقيّة*‬
‫كنت أشاهد في عيونها البراءة وعندما تبتسم أرى في‬ ‫لقد ُ‬
‫ُ‬ ‫دهشة األطفال‪ ،‬أنثى ّ‬ ‫َ‬
‫تحسبها أنثى بالغة‬ ‫شقية‪ .‬تارة‬ ‫وجهها‬
‫ّ‬ ‫راشدة‪ ،‬وتارة تكو ُن طفلة ّ‬
‫شقية ُمشاكسة تتدل ُل‪ .‬ولكن في‬
‫ّ ّ َ‬ ‫حقيقة األمر‪َ ،‬يح ُق لها‪ .‬هي كاتبة روائية‪ّ ،‬ات ُ‬
‫أفرط‬ ‫خذت قرار أال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بها‪ ،‬وهل يوجد فوق هذا الكوكب إنسان عاقل يفرط بكاتبة؟‬
‫الرواية‪ ،‬لقد قالت لي مرة‪:‬‬ ‫في ُكل رواية تكتبها أكو ُن فيها ُ‬
‫بطل ّ‬
‫ُ‬ ‫بأنها عندما ترى وجهي ُي ُ‬ ‫ّ‬
‫صيبها إلهام خرافي‪ ،‬وقد أخبرتني أيضا‬
‫هديتها املؤجلة‪ ،‬كلمات‬ ‫تتصورني بأبهى صورة‪ّ ،‬‬
‫وكأنني ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بأنها‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تلتمس روحي وتشفي فؤادي‪ ،‬في أحد‬‫ُ‬ ‫صغيرة تعان ُقني بها‬
‫الروايات ّالتي قد كتبتها قالت‪ّ :‬‬
‫بأنها في ُكل حرف قد ُن َ‬
‫قش على‬

‫‪ | 43‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بين السطور‪ُ ،‬ح ّب مخفي في‬ ‫تحتض ُنني من بعيد َ‬ ‫الورقة َ‬


‫النصوص‪ ،‬ولكن يا أميرتي بداخلي آنا ُمتمردة تطغى ّ‬
‫علي‪،‬‬ ‫ّ‬

‫كنت أمق ُت‬


‫تصرفاتي‪ُ .‬‬ ‫تجعل م ّني شخصا ُمتكبرا‪ ،‬ساخطة على ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫أعتقد ّأنها‬ ‫ألنني ُأطيع اآلنا الداخلية‪ ،‬في البداية ُ‬
‫كنت‬ ‫نفس ي ّ‬

‫أتمن ُاه اآلن التخلص من‬‫قويا‪ُ ،‬جل ما ّ‬‫تجعل مني شخصا ّ‬‫ُ‬ ‫صفة‬
‫أصبحت أتعالى على‬ ‫ُ‬ ‫هذه اآلنا‪ ،‬لقد سرقت مني ضميري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الناس‪ ،‬لم يعد أحدا ُي ّ‬
‫قد ُرني‪ ،‬كل هذا بسبب اآلنا التي تطغى‬
‫ُ‬ ‫علي‪ ،‬وبسبب غروري ّ‬
‫بطل حبيبتي الكاتبة في ك ّل رواية لها‪.‬‬
‫ألنني ُ‬ ‫ّ‬

‫‪ | 44‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*بنيَ ثنايا الذاكرة*‬


‫ّ‬
‫في ثنايا الذاكرة اشتهي رؤية أيدينا وهي ُمتشابكة‬
‫تسمع قهقهاتنا ُ‬
‫ونحن نلهو معا في األرجوحة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والسماء‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وكل من م ّنا يطير‪ ،‬لم تغفى الجفون ولن تبدأ األحالم‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أغلقت الصفحات وافترقنا‪ .‬كلينا نمض ي في اتجاهات ُمختلفة‬
‫ماليس لك لن ُ‬
‫تحصل‬ ‫َ‬ ‫دو َن أن نلتفت‪ّ ،‬‬
‫ولكننا مؤمنين بمقولة "‬
‫َ‬
‫قابضين‬ ‫الحب م ّنا نمض ي‬ ‫عليه فو َق إرادة القدر"‪ .‬بعدما َ‬
‫نال ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫على قلوبنا خشية الوقوع في مكر الحنين واإللتفات واللهفة‪،‬‬
‫التراهات واألكاذيب ُ‬ ‫ّ‬ ‫نواس ي ّ‬
‫بأنه لم يكن ُح ّب‬ ‫النفس ببعض‬
‫ّ‬
‫حقيقي بل كأن عالقة عابرة‪ ،‬نمض ي ونمض ي نحو عالم ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫معلوم‪ ،‬ودواخلنا ُمحطمة ونتشائم بما قد يأتي‪ ،‬ث َم نمض ي‬

‫‪ | 45‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ّ‬
‫بصيص أمل ُيجدد‬
‫َ‬ ‫ونمض ي نحو الالمعلوم‪ ،‬على أمل أن نرى‬
‫أملنا املفقود‪ ،‬أخش ى أن أقول لكم أن األمل في بالدي ُحلم‬
‫ُ‬ ‫درك حتما نهايته‪ّ ،‬‬ ‫نركض في ما اثون ُن ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ولكننا نركض‬ ‫ر‬ ‫عبثي‪،‬‬
‫أقذفوا َ‬ ‫َ‬
‫األمل في جوفي‪ ،‬هل أستطيع أن أغوي القدر‬ ‫ونمض ي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫السعادة ّ‬‫وأستميل لحظات ّ‬
‫والتصافح مع ك ّل ماهو جميل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ويدعي للتفائل؟ ُأيها األمل‪ :‬لتسقط في ُحجري كما تتساقط‬
‫ّ‬
‫تنش ُ‬ ‫ُ‬
‫ريح األمل املفقودة‪ ،‬م َن‬
‫قت َ‬ ‫ثمرة من غصن شجرة‪.‬‬
‫النفق‪ ،‬يجب أن نقف‬ ‫مخرج من هذا ّ‬
‫َ‬ ‫الواضح بأن ال‬
‫يدهس الق ُ‬
‫طار أحالمنا‪ .‬لطاملا كان‬ ‫َ‬ ‫ُمستسلمين ُمنتظرين أن‬
‫مصيرنا ُمتشابك في‬
‫ُ‬ ‫األمل عبء على كاهل َمن يحمله؛ ألن‬
‫مصيره املجهول‪...‬‬

‫‪ | 46‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫* كلماتي فقدت عُذريتُها*‬


‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أصبحت رسوال لحروفي‪ ،‬في ك ّل ليلة أرت ُل مئات‬ ‫لقد‬
‫ُ‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يدي للا‪ .‬لقد أجهضت كلماتي‪ ،‬نعم‪ ،‬لقد‬ ‫الدعوات وأنا بين‬
‫ُ‬ ‫اجهضتها ُك ّلها‪ ،‬كلماتي ُ‬
‫العذرية أجهضت بسبب حماقت َك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫أواس ي قلبي بكؤوس نبيذ لعلها تنسيه‪ ،‬والكون؟ الكون عندما‬
‫ُ‬
‫تتناثر حولنا‪،‬‬ ‫يرقص إحتفاال بنا‪ ،‬والفراشات‬ ‫ُ‬ ‫سوية َ‬
‫كاد‬ ‫كنا ّ‬ ‫ّ‬
‫والشمس ُتض ُيء ُقلوبنا‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫يور ُت ّ‬ ‫ّ‬
‫فأما عني؟ أنا‬ ‫غر ُد فوقنا‪،‬‬ ‫والط ُ‬
‫ُ‬
‫أسرح بعاملي‬ ‫ُ‬
‫أعجز عن اإلدراك‪،‬‬ ‫َ‬
‫حضورك‬ ‫ياعزيزي في حضرة‬
‫مت َ‬
‫أمام عينيك عبادة‬ ‫فالص ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوردية‪،‬‬ ‫الخيالي‪ ،‬وأحالمي‬
‫ُ‬
‫بال صوت َك جرس لكنيسة قلبي املهجورة‪ .‬لقد‬ ‫وحياة‪ ،‬وح ُ‬
‫قد ُ‬
‫ست َك في الفؤاد كما ترى‪ ،‬لن أسمح لش يء أن ُيعكر صفونا‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪ | 47‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القدر عليي‪ُ ،‬‬


‫أريد أن أبصق على‬ ‫ُ‬ ‫إن ُح َ‬
‫بك فريضة قد فرضها‬
‫تعويذة الغياب ّالتي قد قطعت َ‬
‫حبل الوداد‪ ،‬أريد إخبارك‬
‫ّ‬
‫بأن َك سعادتي األبدية‪ ،‬عندما ال ألتقي بعينك في ّ‬
‫الصباح‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أصبح فقيدة لألمل والحياة‪ ،‬لقد ُهدمت مشارق قلبي منذ‬
‫شمس ُ‬
‫الدنيا‪ ،‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫معك‬ ‫ُغروبك عن ّأيامي‪َ ،‬‬
‫غربت أنت وغربت َ‬
‫وج ّفت ُ‬
‫أنهار دموعي‪ُ ،‬عد وأشرق روحي‬ ‫أهداب عيني‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُحرقت‬
‫بعد َشمس َك تشر ُق‬ ‫َ‬
‫أطلت الغروب فال شمس َ‬ ‫من جديد لقد‬
‫على قلبي‪.‬‬

‫‪ | 48‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*قلبٌ بِال جسد*‬


‫جسد بال رأس‪ ،‬وبال قلب‪ ،‬فاقد لروح الحياة‪ ،‬ساكن َ‬
‫أمام‬
‫تجف‬‫مشهد املوت‪ ،‬أرجل ثقيلة وعينان ذابلتان‪ ،‬انتظر أن ُ‬
‫الشاحبة‪ ،‬من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬
‫حقنا على أنفسنا‬ ‫عيني فوق بشرتي‬ ‫دموع‬
‫النوم ب ُقبلة أمل‪ ،‬ال يتوازن في الكون‬
‫قبل ّ‬ ‫ّ‬
‫التعازي واملواساة َ‬
‫واملوت على ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كفة واحدة‪.‬‬ ‫الحياة‬
‫ُ ُ‬ ‫_ ّ‬
‫أتحس ُ‬
‫انتظر قبلة‬ ‫س همساتك ودقات القلب املتتالية‪،‬‬
‫َ‬
‫ليشتد إغراء‪ ،‬فتنز ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لق‬ ‫خصرك‬ ‫توقظني برقة بثوانية؟ يتمايل‬
‫عين العاشق بسواسية‪ ،‬أنت مالك بصفات متلهبة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ويجتاز صفة الذكاء‪.‬‬ ‫ّأما عن عقلها؟ فإن ُه ُمحتال‬

‫‪ | 49‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تستطيع إنقاذ املوقف برقة صوتها‪ ،‬وإخماد نيران جسدي‬
‫ُ‬
‫وتحقن مهدئا في‬ ‫ند الغضب بنظرة من عيناها الداهيتين‪،‬‬ ‫ع َ‬
‫طعم املُهدئ هذا‪َ ،‬‬
‫ياويح ُه‬ ‫ألذ من َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شفتي بثغرها فوللا لم أذق‬
‫صدفة قد جمعت‬ ‫املهدئ ُ‬
‫بالقبلة‪ ،‬أي ُ‬ ‫يستبدل ّ‬
‫ُ‬ ‫من ُمخدر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بيني َ‬
‫داخل قلبي املنطفئ‬ ‫وبين يرقة صغيرة ناعمة‪ ،‬لتشرنق‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تلعثمت بلفظي للمشاعر‪ ،‬فلتأخذي‬ ‫ف ُتعيد إلي حياتي‪ ،‬لقد‬
‫تلعثمي وارتباكي على محمل ُ‬
‫الح ّب والخجل‪.‬‬

‫‪ | 50‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*دِمشقيّةُ اجلّمال*‬
‫ات قلب ُمضطربه سماء ُمزدحمة بأحالمي ّ‬ ‫دق ُ‬‫ّ‬
‫الصاعدة‪،‬‬
‫نديل أمنياتي فيه‪ُ ،‬‬
‫رمال الشاطئ‬ ‫ألنني قد ُ‬
‫رميت ق َ‬ ‫والبحر هائج ّ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫تعزف َ‬‫ُ‬ ‫ّ‬
‫دقات‬ ‫لحن الخيبة‪،‬‬ ‫ُمبللة بدموعي ولزجة‪ ،‬واألمواج‬
‫تتخبط في جوفي‪ ،‬كان ُ‬
‫ينعتني بالفتاة ذات االبتسامة‬ ‫قلبي ّ‬
‫الغاوية‪ ،‬وعندما ينظر إلى عيوني يقول لي‪ :‬أنت فتاة ُم ّ‬
‫تمردة‬
‫الروح ُويحيي القلب‪.‬‬ ‫خبرني بكالم جميل ُي ُ‬
‫رعش ّ‬ ‫بدال‪ .‬من أن ُي ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قررت االستسالم‪ ،‬والذهاب بعيدا عنه‪ ،‬بعيدا عن عيناه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تأمل َ‬ ‫بعيدا عن ّ‬
‫وجهه‪ ،‬بعيدا عن سماع دقات قلبه عندما‬
‫ُ‬
‫يغمرني بيديه‪.‬‬

‫‪ | 51‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ّ‬
‫النرجسية‬ ‫أيتها‬ ‫ُ‬
‫سمعته يقول‪ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫خطوت خطوة واحدة‬ ‫ّ‬
‫فلما‬
‫وسلطة‬ ‫الجميلة عودي إلى قلبي‪ُ ،‬رغما عن أنف القدر‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫أيتها املحتالة التي تجيد‬ ‫القبائل‪ ،‬ستكونين زوجتي يا امرأة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ترويض نيران قلبي املتلهب‪ ،‬وتمض ي أمامي ُمتعريه فيثور‬‫َ‬
‫داخلي نشوة وارتعاشا‪ ،‬عيناك أحالت مخالبي‪ ،‬وشراستي‪ .‬لقد‬
‫ُ‬
‫فأصبحت كطفل رضيع ال يقوى على ش يء‬ ‫أحلت لغتي ُونضجي‬
‫أمام عينيك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شفاه معسولة د ّ‬
‫مشقية الياسمين‪ ،‬واسعة العينين‪،‬‬
‫َ‬
‫وتطلبين مني الثبات‪،‬‬ ‫َ‬
‫تتمايلين أمامي وتغوينني‬ ‫سم ُ‬
‫زئبق‪،‬‬ ‫والج ُ‬
‫هام أحدكم يوما بعشق فتاة دمشقية‬ ‫يا سادة يا قوم هل َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫شامية الجمال‪ ،‬يهفو ُحبك خلسة في ذاكرتي‪ .‬اللعنة عليها ّإنها‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وتمتلك عيونا ساحرة‪ ،‬ولديها إبتسامة‬ ‫تحم ُل جماال خرافيا‪،‬‬
‫غاوية‪.‬‬
‫يا امرأة‪ :‬لقد اغويت قلبي‪ ،‬فال ترحلي‪ ،‬فال ترحلي ّ‬
‫عني‬
‫وتبتعدي‪.‬‬

‫‪ | 52‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*أكرهك مِن صمي ِم فؤادي*‬


‫َ ُ‬
‫َ‬
‫أكرهك؟‬ ‫هل تظن ّأنني‬
‫ّ‬
‫أنا لم أكرهك‪ ،‬ولن أكرهك قط‪ ،‬ولم أفكر إطالقا‪ ،‬ولن‬
‫ُ‬
‫يجتاح جوفي الك َره يوما ما‪.‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫الخاصة بك إلى اآلن وإلى األبد‪ ،‬قلبي مليء بك‬ ‫هذه أنا د ّرت َك‬
‫َ ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫الح ّب الذي‬ ‫منذ رؤية الحروف األولى‪ ،‬لو بإمكاني إحصاء ذلك‬
‫بت يتيمة من دون عطفك‪ ،‬نعم‬‫وأثقل كاهلي‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اتعب فؤادي‬
‫ينقصني الحنان ُ‬
‫والحب جائعة لرؤية وجهك ُمتعطشة‬ ‫يتيمة ُ‬
‫ينقصني الكثير والكثير ُ‬
‫تنق ُ‬
‫صني أنت‪.‬‬ ‫ملياه شفاهك ُ‬

‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كنت ّ‬‫ُ‬


‫اتأمل عيناك اللتان تأخذ بي إلى عالم آخر‪ ،‬لقد‬
‫ورسخت مالم َح الوجه في القلب‪ُ ،‬أ ّ‬
‫حبك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عددت ّ‬
‫الرموش‬

‫‪ | 53‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫ألتفت‬ ‫ُ‬
‫خطوت خطوة واحدة‬ ‫بقلوب العالم أجمعين‪ ،‬وإذا‬
‫اود ُع أحالمي ُ‬
‫وحبي‬ ‫ُ‬
‫تركته خلفي‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫التفت ّ‬
‫مودعة ما‬ ‫إليك‪،‬‬
‫أود ُع َ‬
‫غير‬ ‫وأود ُع من أحببته ّ‬
‫ولكنني في الحقيقة ال ّ‬ ‫وهيامي ّ‬

‫نفس ي‪.‬‬
‫تبعثر قلبي إلى أشالء هل َ‬
‫لك أن تجمع ما قد َ‬
‫أندثر مني؟!‬

‫ضمة وب ُقبلة منك‪ ،‬أفلم ترى عيناي‬ ‫أجمعهم واجمعني ب ّ‬


‫ُ‬ ‫وترعد‪ ،‬في ُك ّل ّ‬
‫تبرق ُ‬ ‫عندما أراك؟ ّإنها ُ‬
‫مرة نلتقي فيها ترتبط‬
‫أرواحنا بال انفكاك‪ ،‬هل م َن املعقول ّأنك لم تشعر بروحي َ‬
‫وهي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أتصب ُب على صوت َك‬
‫ّ‬ ‫تحوم حولك وكأنها ظل َك الظليل؟‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وأتغاض ى عن عيوب َك التي أراها في عيني جماال يفوق الجمال‪،‬‬
‫أقف عاجزة عن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬
‫النطق ولو بكلمة‬ ‫ند حضرة ُحضورك‬
‫لكنك‬ ‫الجمل‪ ،‬وصياغة األحداث‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫وأعجز عن ترتيب ُ‬ ‫واحدة‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ونسفت َ‬ ‫َ‬
‫الحب الذي تر ُاه‬
‫ذاك ُ‬ ‫رجمت قلبي ُمسبقا‪،‬‬ ‫قد‬
‫بمنظورك ُ‬
‫بأنه ال جدوى منه‪ ،‬فأما اآلن يا عزيزي‪ :‬أنا في‬
‫وتنطبق الغيوم على صدري ّ‬
‫وتتكون‬ ‫ُ‬ ‫حضورك ُ‬
‫تتيه بي األرض‪،‬‬
‫روحي من جديد‪.‬‬

‫‪ | 54‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*مغرور القلب*‬
‫صلب الجبال‪،‬‬ ‫وكأن ُه قد ُخ َ‬
‫لق من ُ‬ ‫مغرور غرو ا مرموق ّ‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫كنت في نظري شخصا عظيم ال َ‬
‫مثيل له‪.‬‬ ‫السيما ّأنك َ‬

‫ُ‬
‫كنت أنعتك بشخص َي املفضل (أفالطون في العقل)‬
‫للح ّب متجاهل‬ ‫عكس ذلك‪ ،‬أثبت ّأنك ُأ ّ‬
‫مي جاهل ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ولكنك أثبت‬
‫ّ‬ ‫ملن أحبتك‪ّ ،‬‬
‫وقدمت قلبها على صفيح ساخن‪ ،‬وكأنني كتاب‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أختار قارئه‪ ،‬وانا اخترت َك أنت‪ ،‬دون انتباه قد ّورثتني قسوة‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وودفت بالكبرياء الذي ال داعي ُله داخل الجينات‪ ،‬لكي‬ ‫القلب‬
‫ّ‬ ‫أذرفه دفعة واحدة في وجه من أحبني‪ ،‬م َ‬
‫ُ‬
‫ثلك أنت ألنني أحم ُل‬
‫ُ ّ‬
‫جنات َك الوراثية‪ ،‬تحطم قلبي وتعود ألصالحه وتؤذيني وتنس ى‬
‫ّ ّ‬
‫ما قد فعلت كال كال‪ ،‬بل تتناس ى! واآلن كفى لم يعد‬

‫‪ | 55‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ّ‬
‫سأتحدث عن‬ ‫ُ‬
‫سئمت من هذا‪،‬‬ ‫باستطاعتي الحديث عنك لقد‬
‫ألنه بداية لفصل‬‫شهري املُفضل‪ ،‬أحب الشهور إلى قلبي‪ّ ،‬‬

‫والح ّب شهر أكتوبر‪ ،‬حسنا‬ ‫الشتاء‪ ،‬شهر الخير والدفء ُ‬


‫حبك ّ‬
‫ولكنه ُحبا عتيقا‬ ‫لتحدث عنك يا عزيزي ّإنني ُأ ّ‬
‫سأعود ل ّ‬

‫كنت تتأمل وجنتاي‬‫كغير ُحب عصرنا هذا‪ ،‬هل تذكر كم َ‬ ‫ّ‬


‫َ‬
‫كنت‬ ‫عندما أخجل خجال ممزوجا باإلحمرار‪ ،‬وعندما‬
‫ُ‬
‫تستنشق رائحة عطري كلما هبة نسمة رياح من شهر أكتوبر؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالل عليك هل تذكر ذلك الصندوق العتيق الذي اهديتني‬
‫إياه؟‬
‫ّ‬ ‫كم ّ‬
‫إلى اآلن أحتفظ به هو ُ‬
‫جمع لرسائل املراهقة التي‬
‫ُ‬
‫خبئت به ت َ‬ ‫ُ‬
‫لك‬ ‫نقشت باليد وبحبر القلب والشوق‪ ،‬وأيضا قد‬
‫رغم ّأنني‬
‫البنفسجية‪ ،‬لقد ُذبلت أريد وردة آخرى‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الوردة‬
‫خبئتها في قلبي وفي صندوقي‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحتفظت بها لسنوات وقد‬
‫الذهبي‪ ،‬نعم يا عزيزي أن ُحبي لك ُحب عتيق ال ُيمكن انتشاله‬
‫من جذور القلب بسهولة ألن الجذور امتدت‪ ،‬امتدت هكذا‬
‫أليس ُ‬
‫للحب‬ ‫َ‬ ‫إلى أن أصبحت متفرعة في القلب والروح‪.‬‬

‫‪ | 56‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫ساعات‬ ‫ُ‬
‫تتعاقب‬ ‫ُ‬
‫فيلتفت؟‬ ‫كاإلنسان ذاكرة؟ أال ُير ُ‬
‫اوده الحنين‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫سلكناه معا‬ ‫الطريق الذي قد‬ ‫زمني ساعة تلوى األخرى‪ ،‬خالي‬
‫ُ‬
‫ال قبلة فيه وال وجهة‪،‬‬

‫بال عزيزي في بحر همومه غارقا من ذا الذي يقوى على‬ ‫ما ُ‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫الحياة لعالم ُ‬
‫اكاد أن اجهله‪ ،‬وكم أمش ي‬ ‫غرق َك؟! ف ُتجدف ب َك‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وأعود استوطن‬ ‫َ‬
‫الشؤوم‪،‬‬ ‫الغراب ُ‬
‫وينثر عليي‬ ‫إليك فيسب ُقني‬
‫املغرور ّالذي قد َ‬
‫فتن قلبي بما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأتذكر ذلك‬ ‫بوكر شوقي وحيرتي‬
‫قد َ‬
‫رمق‪.‬‬

‫‪ | 57‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*قطرةُ ماءِ*‬
‫مع ُك ّل قطرة مطر ُ‬
‫تقطر عيناي فرحا بقدومه‬
‫ّ‬ ‫الساعة ّ‬‫في تمام ّ‬
‫السابعة إال هواك وعينيك‬
‫َ‬ ‫اقص في ُم ّ‬
‫تتر ُ‬
‫خيلتي الذكريات لتوقظ الحنين النائم في‬
‫جوفي!‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واستنشق رائحة املطر‪ ،‬وأتذك ُر معها رائحتك‬ ‫أفتح نافذتي‬
‫نعش القلب‪ ،‬لقد َ‬
‫كان ُح َ‬
‫بك‬ ‫ّالتي تتسلل إلى أعماق الذاكرة ُوت ُ‬
‫كالسواقي لزهور قلبي الحزين‪َ ،‬‬
‫فأنت زهرتي البيضاء من بين‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫واألحب إلى قلبي‬ ‫أنت املختلف النادر‬ ‫زهور قلبي املتلونة‪،‬‬
‫ينهل قلبي شوقا لرؤية عينيك‪ ،‬وتعبق ائ ُ‬
‫حت َك في‬ ‫وروحي‪ُ ،‬‬
‫ر‬
‫داخلي وتوقظني م َن الهذيان‪.‬‬

‫‪ | 58‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬ ‫ملحت في صفاتك ق َلة التدبر‪ ،‬و ُ‬


‫ملست في طباعك حيرة‬ ‫فقد ُ‬
‫َ‬
‫استوطن الخوف في عقلي وبت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أجهل‬ ‫التردد‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت‬
‫َ‬
‫حقيقة األمر؟‬
‫َ‬
‫انتشلت ُ‬
‫الحزن‬ ‫فمنذ أن ُق َ‬
‫مت بزيارة ُمدن قلبي الحزين‬
‫ُ‬
‫بين يديك ُجثة باردة َ‬
‫بعد أن كان ُ‬
‫الحزن ُيثير داخلي‬ ‫ُليصبح َ‬
‫ُ‬
‫ويوقد نير َان قلبي خوفا م َن الفقد والخذالن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫غضبا‬
‫َ‬ ‫روحك حولي ع َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ند املنام‪ ،‬فيبتسم قلبي عندما أراك‪،‬‬ ‫تطوف‬
‫رعة ُمسكن آلالمي‪ ،‬تحتضن روحك روحي َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫قبل‬ ‫فإنك ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطواف‪ ،‬وكما ُك َ‬
‫سي َد قلبي بأن اللقاء حتما سيأتي‪.‬‬
‫نت تقول يا ّ‬
‫غز َ‬
‫لك يا عشقي ُي ُ‬
‫ريق قلبي حياء‬
‫َ‬
‫ولك في ذاكرتي أثرا ّ‬
‫طيبا نبيال‬
‫ّ‬
‫تعال واسرقني في حلكة الليل حتى طلوع الفجر وإشراق‬
‫الشمس‪.‬‬

‫‪ | 59‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لم أكن ُمدركة بأنك ستراف ُقني طيلة حياتي ظلي الظليل‬
‫ومالكي الحارس‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ألتهم مالم َح وجه َك‬
‫ساعة الشوق في قلبي وأنا ُ‬ ‫منذ أن دقت‬
‫من خلف الشاشة ُحبا من بعد طوال الشوق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫تقطر الغيث فوق قلبي‪ ،‬فعد‬ ‫فقد كانت عيناك يا ُحبي‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل َ‬
‫ذاك الوطن الذي قد َح َم َل خيبات َك وحزنك وألقى بهم في‬
‫النهر‬
‫ُ‬
‫كتبت َ‬
‫لك‬ ‫فإذا َ‬
‫أردت العودة إلي من جديد سترى الفتة‬
‫عليها‪ :‬يا مرحبا ب َك في قلبي‬

‫يا مرحبا يامرحبا ب َك في قلبي‪.‬‬

‫‪ | 60‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*أضحوكةَ الصباح*‬
‫ُ‬ ‫سأخبرك بش يء‪ :‬عندما ُنصبح َ‬
‫تحت سقف واحد‪ ،‬في ك ّل‬
‫ُ‬
‫صباح سأطبع قبلة فو َق وجنتيك‪ ،‬وفي الصباح أيضا سترى‬
‫الصباح لن‬ ‫ُ‬
‫اعددتها بنفس ي‪ ،‬في ّ‬ ‫قهوتك تنتظرك‪ ،‬سأكون قد‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أجعلك تستيقظ على صوت املنبه!‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سوف تستيقظ على زقزقة صوتي (هيا يا مالكي قم هياااا)‬
‫لنتناول فطورنا في ّ‬
‫الصباح معا‪ ،‬وأحتس ي قهوتي الخاصة‬
‫ّ‬
‫صنعوا من ُبن القهوة‪ ،‬أتعلم‬
‫اللتان قد ُ‬ ‫من عينيك ُ‬
‫البنيتين‬
‫يامالكي؟ أتعلم‪ ،‬لقد تعلمت فن الطهي من أجلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫في ك ّل مساء أطهي الطعام بجانب الشموع الحمراء‬
‫ُ‬
‫والورود املجففة وأضع موسيقا الكمنجات الشاعرية‪ ،‬وأرتدي‬

‫‪ | 61‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫أفعله‬ ‫مرصع ُ‬
‫بالح ّب‪ ،‬من أجلك أفعل ما لم‬ ‫أحمر اللون ّ‬
‫َ‬ ‫ثوبا‬
‫من قبل‪.‬‬

‫أريد‬ ‫يلفت ّ‬
‫النظر‪ ،‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫اختيار اللون األحمر ُ‬
‫ألنه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أتقصد‬
‫أريد أن يلتفت َ‬
‫قلبك لي‪ ،‬فليلتفت قلبك َ‬
‫قبل‬ ‫َ‬
‫لفت نظر َك بل ُ‬
‫ّ‬ ‫عينيك‪َ ،‬‬
‫وبعد أن نتر ُ‬
‫اقص سويا على لحن أغنية شاعرية‪،‬‬
‫َ‬
‫ستائر عيوني وأغفى على كتفك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وتنسدل‬ ‫ُ‬
‫تغدر بي جفوني‬
‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫وأذوب عشقا‪ ،‬ونمش ي خطوات ُمتثاقلة‬
‫ُ‬ ‫شعر اللحية‬ ‫أتحس ُ‬
‫س‬
‫نحو غرفتنا البنفسجية وسريرنا الدافء َ‬
‫وقبل النوم‬ ‫ُمتمايلة َ‬
‫وتضع َ‬
‫يديك‬ ‫ُ‬ ‫وجه األخر‪،‬‬ ‫املشهد األخير ُك ّل من منا ّ‬
‫يتأمل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كان‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضفائر شعري املنسدل فوق ظهري‪ ،‬أغفو‬ ‫َ‬ ‫برفق ل ُتداعب‬
‫ُ‬
‫أنهض من‬ ‫بعد مناوبة القمر‪،‬‬‫الشمس علينا َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وتطلع‬ ‫وتغفو‪،‬‬
‫املكون من يدك الحنونة ّالتي َت ُ‬
‫ضخ بالطمأنينة‪،‬‬ ‫فراش ي الدافئ ّ‬
‫ُ‬
‫وأهرول مسرعتا نحوك‬ ‫ألقوم وأعد كوبا م َن ُ‬
‫الح ّب والقهوة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لكي ّ‬
‫وأهمس في أذنك بصوت خافت‪ :‬هيا‬ ‫أقبلك قبلة الصباح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شمس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحب فوق قلبنا‪ ،‬قم لنطهو‬ ‫قم يامالكي لقد اشرقت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صباح الخير يا أضحوكة الصباح‪.‬‬ ‫الصباح معا‪،‬‬ ‫هذا‬

‫‪ | 62‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*طائرٌ يف قفصٍ ذهيب*‬


‫وبعد طول الغياب ومرور األيام والسنين على ُ‬
‫تباعد‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫نجلس بها في‬ ‫قلبينا‪ ،‬التقينا معا في أحد الكافيهات التي كنا‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يجتمع بها األحبة‬ ‫املاض ي‪ ،‬كافيهات دمشق القديمة التي‬
‫ماحال أميرتي أرى الذبو َل في‬
‫ُ‬ ‫حدق بعيني وقال‪:‬‬‫َ‬ ‫ويفترقون‪،‬‬
‫ألنه يتحدث عني وعن‬ ‫سؤاله االستفز َاز في جوفي ّ‬
‫ُ‬ ‫عينيها؟ َ‬
‫أثار‬
‫ماقد أصابني وكأنه غير مسؤول عن فعل ذلك‪َ ،‬‬
‫وبعد أن َ‬
‫قام‬
‫ُ‬ ‫بفتح َ‬
‫باب قلبي املؤصد وكالمي املكبوت في جوفي منذ لحظة‬
‫الوداع‪ ،‬رأى طير م َن الطيور الحبيسة ُي ُ‬
‫طالب بالتحرر منه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والتحرر م َن املاض ي والذكريات ُ‬
‫التحرر من كل ش يء‬ ‫والحزن‪،‬‬
‫يخصه‬

‫‪ | 63‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ّ‬
‫التحرر من عشقي له‬

‫التحرر من ُحب عيناه‬


‫ّ‬

‫التحرر من ّ‬
‫تأمل لتفاصيل وجهه‬ ‫ّ‬
‫ال ُ‬
‫أريد ش يء َ‬
‫غير التحرر منه‬
‫أصلح ما ُقمت بتدميره ُ‬
‫جئت‬ ‫َ‬ ‫بعد ذلك ُ‬
‫أتيت لكي‬ ‫فقال لي َ‬
‫ّ‬ ‫لكي نبدأ من جديد‪ ،‬فهل لك أن ُتبعدي َ‬
‫ذاك الحاجز الذي‬
‫ش‬ ‫يفصل ما َ‬
‫بين قلبي وقلبك؟ هل لك يا أميرتي أن تطردي ع َ‬
‫ّ‬
‫النحل الذي ُيحاصر ُمخيلتك ويحشوها بالخوف‬
‫والوساوس؟!‬

‫ردا على ذلك أقول‪ :‬كال‪ ،‬لن أستطيع التخلص من مخاوفي‬


‫االرتطام بالحائط مرة أخرى‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الكبرى‪ ،‬ال ُ‬
‫أريد االنهيار‬ ‫أريد‬
‫َ‬
‫من منحدر الوادي‪ ،‬وأيضا ال أريد الغرق مرة ثانية ألنني قد‬
‫ُ‬
‫أعشق‬ ‫ُ‬
‫نسيت فن العوم في بحر العاشقين‪ ،‬أنس ى وأتناس ى‪،‬‬
‫وأكره‪ُ ،‬‬
‫أموت وأحيا‪.‬‬

‫‪ | 64‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫فقرر أن يكو َن‬ ‫ُ‬


‫وتجاهلها‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫تهميش مخاوفي‬ ‫_ لم يستطيع‬
‫ُ‬
‫اثره في حياتي خفيف جدا كأثر الفراشة ال ُينس ى‬

‫أثر خفيف جدا‬

‫خفيف كالغياب‪...‬‬

‫‪ | 65‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*لُغة العيون*‬
‫ُ‬
‫تواصل العيون‪ ،‬ملاذا تعتقدون يا سادة بأن التواصل‬
‫ُ‬
‫ُمقتصر باللسان والصوت وحركات الوجه والشفاه املثيرة؟!‬
‫َ‬
‫حدث ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫ته عيوني عن‬ ‫تتحدث أيضا‪ ،‬وكم من مرة‬ ‫فإن األعين‬
‫ُ ّ‬
‫ونظرته التي لها حدة‬ ‫هيامي بطول قامته وخشونة صوته‪،‬‬
‫الحز َن‬
‫الفرسان‪ ،‬وكم من مرة تبادلنا فيها ُ‬ ‫كسيف أشهر ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسعادة‪ّ ،‬‬
‫الت َ‬ ‫ّ‬
‫والراحة‪ ،‬اإلهتمام والالمباالة‪ ،‬لقد‬ ‫عب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قايضت َك بقلبي ّ‬
‫السليم الذي َيض ُج بالحياة والشغف‪ُ ،‬مقابل‬
‫قلبك األسود املُلطخ باإلنتقام ُ‬
‫والحزن والخطايا‪ ،‬تبادلنا‬ ‫َ‬
‫ذاك ُ‬
‫الح ّب‬ ‫ولكنك لم ُتباد ُلني َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الكثير والكثير‪،‬‬
‫ُ َ‬
‫أفلم تفهم لغة عيوني؟!‬

‫‪ | 66‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ُ‬ ‫وهل َ‬
‫أنت جاهل للغة العيون؟!!!‬
‫هل تذكر ردة فعلي الباردة عندما َ‬
‫قررت التخلي عني‪َ ،‬‬
‫بعد‬
‫ُ‬
‫الوعود والعهود املزيفة‪ ،‬كانت شفتاي تقول حسنا ال بأس‬
‫ولكن عيوني‪ ،‬عيوني اه على عيوني ّالتي ّ‬
‫أعيتها الحسرة‪ ،‬في أحد‬
‫َ‬
‫والدتك املريضة فجمعتنا‬ ‫ُ‬
‫ذهبت مع عائلتي لزيارة‬ ‫األيام‬
‫الصدفة من جديد َ‬
‫أنت كالعادة لم تنظر لعيوني ولكن في ذلك‬ ‫ُ‬
‫شعرت ولو بإمكان عيناي احتضانك وإخبارك‬ ‫ُ‬ ‫الوقت‪،‬‬
‫بالصمود أمامهم ورؤية حالهم وسماع ُلغتهم ّالتي ال ُ‬
‫يفهم بها‬
‫سوى العاشقين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫" وكانت ّ‬
‫عيني املرسال من يوم لكنا صغار‬

‫وكبرت كبرت هل أشواق وخبيتها بعينيي‬

‫ت يقرب يوم اللقاء ونرتل سوى هل غنية‬


‫وتمرء علينا األيام ُ‬
‫وحبك مخبى بعيني‪".‬‬

‫‪ | 67‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*ما حتتَ الوسادة*‬


‫أخبئ َ‬
‫تحت الوسادة‬ ‫النوم ّ‬ ‫ثل ُك ّل ليلة َ‬
‫قبل الخلود إلى ّ‬ ‫م َ‬
‫أحداث النهار وتعب الصباح ُوكل ما ُ‬
‫يخصني‪َ ،‬‬
‫وبعد ذلك ّ‬
‫أمد ُد‬
‫َ‬
‫جسدي فو َق السرير وفي بداية الغفوة وفي منتصف ُ‬
‫الحلم‪،‬‬
‫ُ ُ‬ ‫يتكور جسدي ّ‬
‫وكأن ُه كرة ترتطم في األسفل واألعلى‪ ،‬تقذف‬ ‫ّ‬
‫بين املاض ي والحاضر‪ ،‬وما َ‬
‫بين الحقيقة‬ ‫تتأرجح َ‬
‫يمينا ويسارا‪َ ،‬‬

‫والخيال‪ ،‬أتعلم؟!‬
‫سي َد القلب‪ّ ،‬‬
‫بأنني سارقة؟!‬ ‫اتعلم يا ّ‬
‫ُ‬
‫تتعجب هكذا؟! في ك ّل ليلة استجل ُب َك كحلم‬
‫ُ‬ ‫نعم ملاذا‬
‫ضن اليتيم‪ ،‬عناقا ممتلئا‬‫رئيس ّي في أحالمي‪ ،‬أحتضنك ُح َ‬
‫يفيض بالشوق ُ‬
‫والح ّب‬ ‫ُ‬ ‫ُممتأل بالطمأنينة‪،‬‬

‫‪ | 68‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ودو َن أن تشعر أسر ُق ُقبلة منك‪ّ ،‬‬


‫أقب ُل وجنتيك‪،‬‬
‫شعر اللحية املُثير‪ ،‬وبرفق ُ‬
‫أثقل رأس ي على كتفك‬ ‫س َ‬ ‫ّ‬
‫وأتحس ُ‬
‫أنت من جعلها هكذا‪َ ،‬‬ ‫وأتحدث معك كمريضة نفسية‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫وأنت‬
‫ُ‬
‫وأسحب كلماتك‬ ‫ُ‬
‫الفعال القوي‪ ،‬أقرأ أفكارك‬ ‫ُ‬
‫الوحيد‬ ‫املهدئ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫خبئة في داخلك التي لم تخبرني عنها قط‪.‬‬
‫الحلم والواقع‪ ،‬وما َ‬
‫بين براري‬ ‫في ُكل ليلة تتجو ُل بها ما َ‬
‫بين ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الط ُ‬ ‫ُ‬
‫بق الرئيس ي في ُحلمي الذي‬ ‫الجسد املثير املنحني‪ ،‬إنك‬
‫َ‬ ‫شبع ثغرتي الفارغة‪ ،‬ال ُ‬ ‫ُي ُ‬
‫أريد أن تكون ُحلما منسيا بل ُجل ما‬
‫ذاك ُ‬ ‫َ‬
‫يتشبث َ‬ ‫ُ‬
‫الحلم في أعماق ُمخيلتي‪ ،‬لكي أستيقظ‬ ‫أتمناه أن‬
‫وأستشعر بوجودك بجانبي ُمسبقا‪ُ ،‬‬
‫وأرفع وسادتي‬ ‫ُ‬ ‫في الصباح‬
‫من جديد أل َ‬
‫حمل أحالمي املنسية وأجرها خلفي‪.‬‬

‫‪ | 69‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*أشحذُ احلُبَّ*‬
‫سنة ونصف يا عزيزي‪ ،‬مرت سنة ونصف على َ‬
‫ذلك اليوم‬
‫ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫تخطيت كل هذا الوقت لوحدي‬ ‫اللعين‪ّ ،‬إن ُه إنجاز عظيم لقد‬
‫َ‬ ‫لت أتنفس َ‬
‫تحت املاء‪ ،‬وما ُ‬ ‫ما ُ‬
‫لت أمش ي فوق اليابسة بسالم‪،‬‬ ‫ز‬ ‫ز‬
‫بعد التفكير في إنهاء حياتي‬‫تجاوزت يوما آخر َ‬
‫ُ‬ ‫وها أنا اآلن‬
‫عقدة الخوف الدائمة‪ّ ،‬‬
‫لكنني‬
‫ُ‬ ‫بسبب معاناتي ّالتي ّ‬
‫سببت لي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أفرغت قوقعة دماغي املمتلئة بالسوداوية!‬ ‫اآلن أقوى بكثير‬

‫_ ُهناك صورة لك قد أثارت إعجابي!‬


‫ُ‬
‫أظن ألنها قد ملست ش يء بداخلي‪ ،‬ال أعرف كيف ولكن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫رموش عيناك‬ ‫عددت‬ ‫وكأنها تحاكي قلبي‪ ،‬لقد‬ ‫بطريقة ما أشعر‬
‫رمشا فرمشا‬

‫‪ | 70‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫تعانق ت َ‬
‫لك الصورة بالرغم من جمودها!‬ ‫ُ‬ ‫كانت عيناي‬
‫ُ‬
‫وأحدث نفس ي هل تمر على َ‬ ‫ُ‬
‫قلبك الليالي‬ ‫ويشرد ذهني قليال‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وكأنها صخرة ثقيلة؟! مثلما تمر فوق قلبي !!؟‬
‫_ في شهر أكتوبر وأنا عائدة من عملي املُرهق‪ّ ،‬‬
‫لكنني‬
‫ُ‬
‫اخترت البقاء ومواصلة العمل لكي أمأل اوقات فراغي وال أفكر‬
‫بك ولكي ال أضعف َ‬
‫أمام نسمة حنين‪.‬‬
‫الساعة العاشرة َ‬
‫بعد عودتي م َن العمل وأبكي‪،‬‬ ‫أمش ي في ّ‬
‫للمارة وأبكي ّ‬
‫اتأم ُل النجوم وأبكي أكثر فأكثر‪ ،‬جسمي‬ ‫أنظر ّ‬
‫ُ‬
‫ُمتثاقل خطواتي ُتأرجح جسدي يمينا ويسا ا ّ‬
‫وكأنني ثملة‪.‬‬ ‫ر‬
‫ُح َ‬
‫بك قد َ‬
‫أثمل قلبي‬
‫ُح َ‬
‫بك قد أدمى ّ‬
‫عيني‬
‫َ‬ ‫ُح َ‬
‫بك قد مزق روحي‬
‫ُ‬
‫أجهله‬ ‫ُح َ‬
‫بك جعل مني شخصا آخر‬
‫ُح َ‬
‫بك ّ‬
‫غير مجرى حياتي‬

‫‪ | 71‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بك َ‬
‫قاد بي نحو الهاوية‬ ‫ُح َ‬

‫َ‬
‫أهداب جفوني‬ ‫بك أحر َق‬
‫ُح َ‬
‫ُ‬
‫الكبرى ُ‬
‫وحبي ّ‬ ‫ُح َ‬
‫السرمدي‬ ‫بك خسارتي‬
‫َ‬
‫اتجاه‬ ‫ُ‬
‫نعكس‬ ‫اتخذت ُح َ‬
‫ضنك مالذي اآلمن‪ ،‬دعنا‬ ‫ُ‬ ‫لقد‬
‫ُ‬
‫ونودع املاض ي‪ ،‬اسمح‬ ‫ُ‬
‫صافح الحاضر‬ ‫عقارب الساعة‪ ،‬دعنا ُن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لي بأن أمزق ت َ‬
‫لك الورقة السوداوية لكي تسجل اسمائنا في‬
‫كتاب العاشقين‬

‫ُيقال بأن غالف الكتاب أحمر اللون‬


‫ُ‬
‫ولون الصفحات أبيض كبياض الثلج‬
‫َ‬
‫سطور فيها تبدأ بنقطة وتنتهي بنقتطين‪.‬‬ ‫صفحات ال‬
‫ُ‬
‫أشحذ ُ‬ ‫ُ‬
‫أقف ع َ‬
‫ند َ‬
‫الحب‬ ‫باب قلبك‬
‫زمام ُ‬ ‫ُ‬
‫أمتلك َ‬ ‫ّ‬
‫الحب‪ ،‬بدأت بنسج خيوط قلبي‬ ‫وأنا التي‬
‫ّ‬
‫خيوط هشة كخيوط العنكبوت‪ ،‬لم أجد الطريق إلى قلب َك إال‬

‫‪ | 72‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫وجدت‬ ‫ُ‬
‫نظرت إلى عيناه‬ ‫عندما ُ‬
‫أيت َك وتالقت األرواح وعندما‬
‫ر‬
‫ضالتي‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهديته نحو درب‬ ‫ُ‬
‫أمسكت بقلبه‬ ‫َ‬
‫وبعد هذا ياسادة‬
‫العاشقين‬
‫َ‬ ‫فاهتدى واقتدى بهم َ‬
‫وتبع سراط العاشقين‪.‬‬

‫‪ | 73‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*عجز جدتي*‬
‫بعد ُهجرانها؟ اتساءل عن حال الياسمين‬ ‫حال الدار َ‬‫وما ُ‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫الذي َ‬
‫ُ‬
‫تدخل‬ ‫والر ُيح التي‬ ‫كان في بيتنا؟! ها قد ذ ُب َل الياسمين‪،‬‬
‫َ‬
‫حلقت‬ ‫ثل هذا اليوم‬ ‫لحن لحن الرثاء‪ ،‬م َ‬ ‫من نافذة منزلك ُت ُ‬

‫الم عليك‬ ‫واألرض احتضنت جسدك‪ّ ،‬‬


‫الس ُ‬ ‫ُ‬ ‫روحك في السماء‪،‬‬
‫جدتي‪.‬‬
‫َ‬
‫قلة حيلتها وعجزها عن الحركة م َ‬ ‫ُ‬
‫ثل‬ ‫كانت جدتي تعاني من‬
‫تكسوهما التجاعيد َ‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أيام ّ‬
‫ورغم‬ ‫الصبا‪ ،‬تنظر إلى يديها اللتان‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تمسد برفق على شعرها فترى كومة شعر‬ ‫هذا يرتجفان ايضا‪،‬‬
‫َ‬
‫ورغم ُ‬
‫تعرضها ملرض النسيان كما‬ ‫ُ‬
‫تتشابك مع يديها‪،‬‬
‫يسمى‪(:‬مرض الزهايمر)‪.‬‬

‫‪ | 74‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ّ‬
‫لم تشعر بالعجز إال عندما أتى يوم وعجزت عن تذكر‬
‫َ‬ ‫أسماء أبنائها وأحفادها‪ ،‬قالت لي َ‬
‫ذات يوم‪ :‬هل تعلمي يا أميرة‬
‫جدتك ماهو عجزي األكبر؟!‬
‫َ‬
‫تفقدين قوتك وصوتك‬ ‫العجز الحقيقي َ‬
‫ليس عندما‬
‫القوي ورونق بشرتك‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يجتاحني‬ ‫وقوامك الفاتن الرشيق‪ ،‬العجز الحقيقي الذي‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫في اآلونة األخيرة وفي هذه اللحظة هو ّأنني عاجزة عن تذكري‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأشماء أبنائي وتاريخ زواجي وذكرياتي سواء‬ ‫أحداث الطفولة‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫بطفلي‬ ‫أكانت جميلة أم قبيحة! عاجزة عن تذكر فرحتي األول‬
‫جدك‪،‬‬ ‫األكبر‪ ،‬عاجزة عن تذكر إحساس أو َل ُقبلة من ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيكته‬ ‫وضعت ثوبي األبيض الذي قد‬ ‫وعاجزة عن تذكر أين‬
‫الدنيا‪ ،‬نسيان‬ ‫قبل موعد رحيلي من هذه ُ‬‫بنفس ي لكي أرتديه َ‬
‫ُ‬
‫يعقبه عجز آخر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫نسيت من أنا‪..‬‬ ‫واألصعب من هذا كله‬ ‫نسيت كل ش يء‬ ‫لقد‬

‫فمن أنا؟!‬

‫‪ | 75‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*جنمةٌ سرمدية الضياء*‬


‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ورجال‬ ‫بخطوات رتيبة أمش ي في الشوارع واثقة من نفس ي‬
‫ّ‬
‫الط ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فولية بدهشة‪،‬‬ ‫ينظرون إلى جمال وجهي ومالمحي‬ ‫الحي‬
‫أبحث عن عزيز قلبي ُ‬ ‫ُ‬ ‫فأما عن نفس ي فقد ُ‬ ‫ّ‬
‫أنظر إلى‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫األرض؛ ّ‬
‫ألنني ُمعتادة بأن أرى ظل ُه يتبعني في ك ّل خطوة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬
‫صوت صريره املعتادة عليه ومن ثم‬ ‫أسمع‬ ‫أتشوق؛ لكي‬
‫يختبئ فيه عندما ُت ُ‬
‫غلق‬ ‫ُ‬ ‫السري إذ َ‬
‫كان‬ ‫توج ُ‬
‫هت إلى مخبئه ّ‬ ‫ّ‬
‫ماء َ‬
‫أبوابها في وجهه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الس ُ‬
‫أمامه مهزومة من فرط الجمال وقد َ‬
‫كان أيضا‬ ‫ُ‬ ‫أجثو‬
‫ُ‬
‫يمتلك الوسامة (الوسامة العقلية)‪.‬‬

‫ماذا أقو ُل لكم عن اسمه؟‬

‫‪ | 76‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّإن ُه ّ‬
‫شعر اللحية الفاتن‬ ‫التمست‬ ‫مكون من ثالثة حروف‪،‬‬
‫في وجد واشتياق‪ُ ،‬ث َم م ُ‬
‫لت عليه‪ ،‬ها أنا اآلن ُ‬
‫أسمع دقات قلبه‪،‬‬
‫ّ ُ َ‬
‫بلة الجبين وهو ينظر ّ‬ ‫سيمفونية‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كأن ّ‬
‫إلي‬ ‫وبعد ذلك‪ :‬قبلني ق‬ ‫هن‬
‫ُ‬
‫أشعر بذنب رهيب!‬ ‫ويقول‪ :‬أنا سماء وأنت مالك بال أجنحة‬
‫َ‬
‫مسكن‬ ‫شرد ال‬ ‫وح ّبي ّ‬
‫محرم وعشقي لك ُم ّ‬ ‫ذنبي ّإنني ُم ّ‬
‫حب ُ‬
‫مكون من خليط شيطان على‬ ‫ُله‪ّ ،‬إنني أحتر ُق في ذنبي‪ ،‬فأنا ّ‬
‫شخصية ُمعقدة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولدي‬ ‫تلبس ق َ‬
‫ناع الحقيقة‬ ‫هيئة مالك‪ُ ،‬م ّ‬
‫وانفعاالت ّ‬
‫غير مفهومة‪.‬‬
‫ُ‬
‫فسألته هل انتهيت؟!‬
‫ُ‬ ‫‪ّ -‬ردا على ذلك يقول‪ :‬نعم‪ ،‬هذا ُك ّل ما ّ‬
‫لدي‪ ،‬أنت ال تدركين‬
‫لدي ُ‬
‫القدرة‬ ‫وددت لو ّ‬‫ُ‬ ‫مدى ُحزني‪ ،‬وما أدراك بما أعانيه؟‬
‫الكافية على وصف فظاعة األلم ّالذي ُي ُ‬
‫هاجم قلبي‪.‬‬
‫– ّأما أنا فأقو ُل قولي هذا وأنا على يقين تام ّ‬
‫بأن َك َ‬
‫تستحق‬
‫الذنوب م َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫التضحية‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ثلك‬ ‫مشاركتك في ك ّل ش يء‪ ،‬أقترف‬ ‫أريد‬
‫ياسي َد قلبي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫اطمئن ّ‬ ‫ومعك؛ ُح ّبي لك أعظم وأعمق مما ّ‬
‫تظن‪..‬‬

‫‪ | 77‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عالج ُله‪،‬‬
‫أي حال‪ُ ،‬ح ّبي لك مرض دائم ال َ‬ ‫سأكو ُن بجانبك على ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أتجاوز‬ ‫ُ‬ ‫مرض ّ‬
‫جميع حواجز‬ ‫استطعت معك بأن‬ ‫سقيم‪،‬‬
‫السيئة؛ فقد َ‬ ‫يت الكثير من ّ‬
‫األيام ّ‬ ‫ّ‬
‫وتخط ُ‬
‫كان ذكرى‬ ‫الحياة‬
‫ُ‬ ‫األول َ‬
‫مولد األماني‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫اللقاء ّ‬
‫أضاء ّأيامي املظلمة‪،‬‬
‫إنك سراج قد َ‬
‫الس ّ‬
‫رمدية‬ ‫َ‬
‫نجمت َك ّ‬ ‫ّ‬
‫تتأمل‬ ‫ُ‬
‫ستعود يوما ما‬ ‫عني‬ ‫َ‬
‫ابتعدت ّ‬ ‫مهما‬
‫َ‬
‫عليك‬ ‫ُ‬
‫سأنثر‬ ‫إغريقية ُمثيرة وفريدة من نوعها‪..‬‬
‫ّ‬ ‫وكأنها لوحة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أصبح قلبي مفتونا بك‪ ،‬أتلهف‬ ‫األبدي؛ فقد‬ ‫لعنة عشقي‬
‫ملداعبة وجنتيك‪.‬‬
‫لوالك َ‬
‫أنت ملا ُ‬
‫كنت أنا‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُ ّ‬ ‫بعد ُك ّل هذه ّ‬
‫فأما بعد يا سادة‪َ :‬‬
‫والح ّب الذي‬ ‫التضحيات‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وصل إلى مرحلة التقديس ّ‬ ‫َ‬
‫وأعاده‬ ‫والهيام سرق قلبي م ّني‬ ‫قد‬
‫لطخا ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫بالسواد واالنتقام‪.‬‬ ‫إلي م‬
‫ّ‬
‫أتقيأ ُح ّبك القذر الذي قادني إلى الهاوية‪ ،‬أصبحت‬ ‫ّ‬
‫ًّ‬
‫تعريه‪ ،‬وجهي‬ ‫معتال وروحا ُم ّ‬ ‫خطواتي بطيئة‪ ،‬أمل ُك قلبا‬
‫ُ‬
‫أسارع للوصول إلى ُحضن‬ ‫يترد ُد قلبي كترنيمة وداع‪،‬‬
‫شاحب‪ّ ،‬‬

‫‪ | 78‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ّ َن َ ّ‬
‫الشعور‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أشعر بالخيبة‪ ،‬وألن اآلباء يمتصو ذلك‬ ‫والدي؛ ألنني‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويملؤون الفراغ املوحش‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يتخل ُل صدري‪ ،‬ومن َثم ُ‬ ‫ّ‬
‫أتنف ُ‬
‫طيفه‬ ‫أملح‬ ‫س نفسا عميقا‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكأن ُه شبح ّ‬
‫ائحته إلى أعماق الذاكرة رائحة‬ ‫هزيل‪ ،‬تتسل ُل ر‬
‫العطر املمزوجة برائحة ّ‬
‫التبغ‪ ،‬كم مر من الوقت؟‬
‫استعدت وعيي َ‬
‫بعد أن‬ ‫ُ‬ ‫غيبة‪ ،‬ها أنا اآلن‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وكأنني ُ‬
‫كنت ُم ّ‬
‫ّ‬
‫كانت عيني معصوبة عن رؤية ماهية ذلك الفتى الذي جعلني‬
‫ُ‬
‫فطرحت‬ ‫قر ُ‬
‫رت مقابلته‪،‬‬ ‫وبعد صحوتي‪ّ :‬‬ ‫أمش ي فو َق الركام‪َ ،‬‬

‫الحزن والخوف والخيبة والغضب‪.‬‬ ‫عليه سؤاال بمزيج م َن ُ‬

‫من أنت؟‬
‫َ‬
‫وخيبت أملي ب ُمقبل‬ ‫َ‬
‫ومزقت قلبي؟‬ ‫َ‬
‫قتلت روحي؟‬ ‫ملاذا‬
‫ُ‬ ‫سجنت روحي َ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫سجان‬ ‫أنت‬ ‫ضحية الخطيئة‪ ،‬لقد‬ ‫األيام‪ ،‬فأنا‬
‫ُ‬
‫أستطيع‬ ‫أشعر بألم ينهش في صدري‪ ،‬ال‬ ‫ُ‬ ‫القلوب وجدارها‪،‬‬
‫ثل ّ‬
‫الصخرة‪.‬‬ ‫املرئي َيطب ُق على قلبي م َ‬
‫غير ّ‬ ‫ذلك (الجاثوم) ّ‬ ‫ّ‬
‫النوم َ‬

‫‪ | 79‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أصبح لساني عقيما من ّ‬


‫شدة‬ ‫َ‬ ‫يا إلهي! ما هذا ّ‬
‫بحق ّ‬
‫السماء؟‬
‫الخوف م َن (الجاثوم)‬
‫التالي‪َ ،‬‬
‫بعد غروب الشمس وفي ليلة ُمظلمة‬ ‫وفي اليوم ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ذهبت لكي‬ ‫وشديدة البرودة‪ :‬كان قلبي َيعصف م َن الخوف‪،‬‬
‫كنت ُمعتادة‪ ،‬احتضنني ّ‬
‫وبقوة‪،‬‬ ‫أنزوي في ُحضن أبي كما ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫يخشين شيئا‪ ،‬ال‬ ‫وبعدها قال لي‪ :‬ال تخافي يا أميرة؛ فاألميرات ال‬
‫َ‬
‫أجمل‬ ‫ُ‬
‫ينبض في هذه الحياة لم أجد‬ ‫تهابي شيئا ما َ‬
‫دام قلبي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كلمات أبي تسعف قلبي كجرعة‬ ‫وأعظم من هذا القول‪ ،‬كانت‬
‫ّ‬
‫م َن الحنان واألمان والثقة‪ ،‬يراودني سخط كبير وحسرة‬
‫ص لم أدرك ّأن ُه‬
‫يدي ل ّ‬
‫بين ّ‬‫وضعت قلبي سابقا َ‬
‫ُ‬ ‫عظيمة؛ ّ‬
‫ألنني‬
‫إغالق باب قلبي ّالذي ّ‬
‫تمني ُت أن‬ ‫ُ‬ ‫يعز ّ‬
‫علي‬ ‫بالنجاسة‪ّ ،‬‬ ‫ُملطخ ّ‬

‫ليتك‬‫تعرضت للخيبة والخذالن‪ ،‬أيا َ‬


‫ُ‬ ‫يظل مفتوحا‪ّ ،‬‬
‫لكنني‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الطريق؛ ل َ‬ ‫َ‬
‫الكالب بدال من‬ ‫تنهش قلبي‬ ‫رميت بي على قارعة‬
‫اليأس‪ّ ،‬‬
‫أتقيأ دموعي وندمي‬ ‫َ‬ ‫ابتلعت ُحزني‪ُ ،‬‬
‫ألعق‬ ‫ُ‬ ‫فعلت َك هذه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على املاض ي ُ‬
‫والح ّب اللعين‪ ،‬اآلن وفي هذه اللحظة‪ :‬أصاف ُح‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫انغمس‬ ‫بقية حياتي بسالم وهناء وأمان‪،‬‬ ‫الحاضر لكي أقض ي‬

‫‪ | 80‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬ ‫خلع َ‬ ‫الطين ومن ثم َ‬‫قلبي في ّ‬


‫ثياب املاض ي القذر املهلهلة‬
‫انخرطت فجأة في البكاء‬ ‫ُ‬ ‫ثوب الحاضر‪ ،‬وهنا‬ ‫املُ ّتسخة وارتدى َ‬
‫اللذيذ‪ُ ،‬‬‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫أريد أن أحيا من‬ ‫بعد كبت دموع وابتالعي مللح دموعي‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫تتناثر‬ ‫وأخلع قالدة املوت امللتفة حول ُعنقي‪ّ ،‬إنها‬ ‫َ‬ ‫جديد‬
‫اللؤلؤ‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتندثر على األرض م َ‬
‫ُ‬
‫أنت‬ ‫ثل قطرات الندى أو حبات‬
‫بالنسبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫التمثيل‪َ ،‬‬‫يتقن فن ّ‬
‫شخص ُ‬
‫إلي‪ ،‬وكم‬ ‫أنت اآلن نكرة‬
‫عني أبدا؟ َ‬ ‫ّ‬
‫تتخلى ّ‬ ‫من مرة أخبرَتني َ‬
‫وقلت ّلي ّترهات أخرى‬ ‫أنك لن‬
‫أذكرها‪ّ ،‬إن َك وغد وحقير‪ ،‬ال تعد إلي ُمعتذ ا؛ ّ‬ ‫ُ‬
‫ألنني لن‬ ‫ر‬ ‫لم أعد‬
‫ئس‬ ‫التافه مثلك‪ ،‬اذهب إلى جهنم وب َ‬ ‫أقبل هذا االعتذار ّ‬
‫ّ‬
‫املصير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حينها ّ‬
‫وتخفف‬ ‫السماء أمطرت بدموعها لعلها تؤنسني‬
‫عر به‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكأنني طفلة يتيمة فقدت عائ َلتها‬ ‫أش ُ‬ ‫وطأة األلم الذي‬
‫موجات شوق حزين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نت حربي! تنتابني‬ ‫وأنت ُك َ‬
‫في الحرب َ‬

‫وتغوص في‬‫ُ‬ ‫حدود لها‪ ،‬ألمان ُتعانق ّ‬


‫املجرات‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أحارب ألحالم ال‬
‫ثل ُح ّب األم لولدها‪،‬‬ ‫خ ّ‬
‫ضم البحار‪ ،‬هكذا هي أحالمي‪ ،‬كبيرة م َ‬

‫‪ | 81‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫جافيت َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تتب ُ‬
‫ّ‬
‫األمل‬ ‫ومشيت في ظلمة الليل‪،‬‬ ‫عت سراط القمر‬
‫ّ‬
‫والحياة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والسعادة‬
‫الحياة َس ُ‬
‫يقع في الهاوية‪ ،‬قلبي‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان على ّ‬ ‫مهما ّ‬
‫تكبر‬
‫َ‬ ‫القضبان‪ ،‬هل من قاض ل َ‬ ‫ن َ‬
‫خلف ُ‬
‫وبينك؟‬ ‫يحكم بيني‬ ‫مسجو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لم َي ُعد ّ‬
‫تناسيت صوتي‬ ‫التلميح يصف الكالم‪ ،‬هل‬
‫ُ‬
‫األرض لفرحتها بقدوم‬ ‫كجدة ال ُ‬
‫تتسع‬ ‫ُ‬
‫أحببت َك ّ‬ ‫وصورتي؟ لقد‬
‫ّ‬
‫وحط َ‬ ‫َ‬ ‫حفيدها ّ‬
‫مت قلبي‪ ،‬وكأنك‬ ‫كسرت أجنحتي‬ ‫األول‪ ،‬لقد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يلوذ بالفرار؛ ّ‬
‫فعلت‬ ‫ألن َك من أكثر األشخاص ُجبنا‪ ،‬مهما‬ ‫لص‬
‫توهج‬ ‫َ‬
‫إخماد ّ‬ ‫حتى‬ ‫النور ّالذي في ّ‬
‫عيني وال ّ‬ ‫إطفاء ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تستطيع‬ ‫لن‬
‫سرمدي ُة ّ‬
‫الضياء تذكر هذا جيدا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قلبي؛ فأنا نجمة‬

‫‪ | 82‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*التأرجح بنيَ ثنايا الطفولة*‬


‫من خلف سطور املاض ي أقص عليكم قصتي‪.‬‬
‫ُ‬
‫أتمعن في السؤال حدثيني عن طفولتك؛ ُ‬
‫الجدران وزوايا‬
‫بالحزن واألس ى‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تشهد بقهقهات ضحكتي املمزوجة ُ‬ ‫املنزل‬
‫ُ‬
‫سأختصر‬ ‫حسنا عزيزتي‪ :‬ترغبين بمعرفة ماهية طفولتي‪،‬‬
‫َ‬
‫طفولتي بهذه املقولة‪ :‬طفولة ال طفولة فيها‪ ،‬طفولتي كانت‬
‫ُ‬ ‫الصاخبة‪ُ ،‬‬
‫الكثير م َن األحداث ّ‬
‫َ‬ ‫تتناو ُل‬
‫كنت الفتاة املحبذة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لدى جدتي‪ ،‬وينعتونني بأميرة العائلة الصغيرة‪ ،‬كوني الفتاة‬
‫ُ‬
‫تنقسم طفولتي إلى عدة أقسام؛ منها‬ ‫بين الشبان‪،‬‬ ‫الوحيدة َ‬
‫ّ‬
‫تغمرني السعادة وأحل ُق م َن الفرح‪ ،‬لم أكن‬‫عندما كانت ُ‬
‫ُ‬ ‫ارة العيش على العكس إطالقا؛ ُجل ما ُ‬ ‫َ‬
‫أتذوقه‬ ‫كنت‬ ‫ُمتذوقة مر‬

‫‪ | 83‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وأستشعر به املحبة‪ُ ،‬‬


‫كنت طفلة تارة تكون شقية ومشاكسة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والهدوء في جوفها‪.‬‬ ‫ترقص السكينة‬ ‫وتارة‬
‫ُ‬
‫عانيت‬ ‫وأيضا‪ :‬طفولة مليئة بالعراك مع مصاعب الحياة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م َن الفقد والخيبة ُ‬
‫ورغم اهتمام‬ ‫والحزن منذ وقت ُمبكر‪،‬‬
‫الجميع بي ولكن ال بد ل‬
‫من قطار ُ‬
‫الحزن املرور من محطة قلبي‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذلك الوقت ُ‬
‫ثل َ‬ ‫َ‬
‫قبل سنة تقريبا‪ ،‬م ُ‬
‫كنت فتاة ال قيمة لها‪،‬‬
‫ُ‬
‫نكرة في املجتمع من دون أهداف وال طموح وال شغف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حملتها على عاتقي كل هذه‬ ‫ولألسف هذه الصفات التي‬
‫السنين‪ ،‬شكلت لي عوائق عدة وعرقالت في حياتي‪َ ،‬‬
‫وبعد‬
‫ُ ُ‬
‫تغيرت كليا تبدلت حالي وأحوالي‪،‬‬ ‫الدخول في مرحلة البلوغ‬
‫فأما عن مالمح وجهي فقد َ‬
‫كان يكسوها الجمال‪ ،‬واألنوثة‬
‫طغت على مالمحي البريئة الطفولية‪ ،‬وأصبحت فتاة ُمختلفة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تعرضت له‪ ،‬شكرا لكل خيبة حطمت‬ ‫وك ّل ذلك بفضل ما‬
‫قلبي‪.‬‬

‫‪ | 84‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ُ‬
‫شكرا لكل شخص خذلني‪.‬‬

‫شكرا لذاتي الضعيفة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أصبحت فتاة شغوفة‬ ‫تعرضت ُله‪،‬‬ ‫اآلن‪ ،‬وبفضل كل ش يء‬
‫ناجحة ُمستقلة قوية ُومتمردة‪.‬‬

‫املاض ي يصنع الحاضر‬


‫ُكل ش يء ينتج ُ‬
‫عنه شيئا آخر‪..‬‬

‫‪ | 85‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*حُيب األزلي*‬
‫ُكل كلمة قد ُقلتها لي ُ‬
‫كنت أحيكها في قلبي‬
‫ومع ُكل خيبة منك ندبة ال تلتئم‪ ،‬يا عزيزي أنا ن ُ‬
‫صف َك‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫اآلخر الذي قد حفظ طباعك عن ظهر غيب‪ ،‬وأو ُل اسم‬
‫اقتحم قلبك‪ ،‬وأو ُل أغنية تصافحت مع مزاجك‪ ،‬وأنا البحر‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الفائض الذي ال ُيريد أن ينتهي منك‪ ،‬أتمنى أن أكون البداية‬
‫سيد قلبي هويتك وعنوانك‬ ‫سك الختام‪ ،‬وأنا أيضا يا َ‬ ‫وم ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ومكتبك الهادئ املنزوي‬ ‫وموطنك وظلك ومالكك الحارس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫من ضجيج املدن وهموم الحياة‪ ،‬وأنا لعبتك املنسية منذ‬
‫ّ‬
‫يشهد بصوت قهقهت َك عاليا‬
‫ُ‬ ‫الطفولة‪ ،‬وأنا الجدار الذي‬
‫تغم َ‬
‫رك السعادة‪ ،‬وهل تعلم أيضا من أنا؟! أنا جدتك‬ ‫عندما ُ‬

‫‪ | 86‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫التي تخب ُرها بكل أسرارك وبعدما تخطو خطوة واحدة تنس ى ما‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫قلته لها‪ ،‬يا مالكي أنا عرابتك التي تحقق أمنياتك وتسعى‬
‫لتلبية ُمبتغاك‪ ،‬عندما رأيتك في املرة األخيرة بنهاية الشهر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بأن ُ‬‫شعرت َ‬‫ُ‬
‫تنغمس في‬ ‫تتثاقل شيئا فشيئا‪ ،‬وكأنها‬ ‫أرجلي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبحثت في كتابي املنس ي‬ ‫الطين أو عالقة في ُحفرة‪ ،‬رتبة أفكاري‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فركبته حرفا‬ ‫وترجمت إحساس ي في ُمعجمي‬ ‫في مكتبة املغبرة‪،‬‬
‫العشاق باحثة عنك‪ ،‬فقد َ‬ ‫َ‬
‫اط ُ‬ ‫ُ‬
‫كان صدى‬ ‫تتبعت سر‬ ‫فحرفا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أبحرت ألكمل البحث عنك‬ ‫ثل ناي عتيق‪ ،‬ث َم‬ ‫صوتك م َ‬
‫فوجدت عيناك رباه هل أنا تائهة في وسط البحر أم غارقة في‬ ‫ُ‬

‫عيونه؟!‬
‫ُ‬
‫جدفت وصوال لشاطئ البر واألمان‬ ‫َ‬
‫وبعد ذلك‬

‫وبعد أن تشابكت األيادي‬ ‫شاطئ قلبك ّالذي فيه أرسو‪َ ،‬‬


‫ُ‬
‫واقتربت م َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫نك أكثر‬ ‫وقبلته‪،‬‬ ‫تحسست كف راحة يديك‬ ‫معا‬
‫ُ‬
‫وتخللت صدري رائحة التبغ املختلطة برذاذ عطرك‪ ،‬وأقترب‬
‫ُ‬
‫الياسمين الدمشقي‪ ،‬لقد‬ ‫وأستنشق رائحتك ّ‬
‫وكأنها‬ ‫ُ‬ ‫أكثر فأكثر‬

‫‪ | 87‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫صلبت روحي فو َق عتبة فؤادك‪ّ ،‬أنك بطلي األزلي‪ ،‬وما َ‬


‫بين‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫طيف وجهك وتتصادم العيون‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫الحلم والخيال ُ‬
‫وتتشابك‬ ‫أملح‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األيدي‪ ،‬قد ُ‬
‫جميع مراحل‬ ‫ألفت قافية جديدة سأعزف عليها‬
‫ُ‬
‫وطرق ُ‬
‫الحب‪.‬‬ ‫األدمان‬

‫كنت أقو ُل لك ّإنني أكرهك‪ ،‬باهلل عليك‬


‫هل تذكر عندما ُ‬

‫صدقت هذا؟! ولكن كبريائي كأنثى من نسل حواء لم‬ ‫َ‬ ‫هل‬
‫ّ‬ ‫يسمح لي بترجمة ت َ‬
‫لك الكلمة التي تحتوي الكثير م َن املعاني‪،‬‬
‫كلمة (أكرهك) هي‪ :‬مثل ما قالت فيروز‪ :‬كبر البحر ُوبعد السما‬
‫بحبك ياحبيبي بحبك‬
‫ُ‬
‫أكرهك‪ " :‬أحبك " في كل ثانية ودقيقة ويوم وأشهر وسنة‬
‫وليلة وعلى مر األيام واألزمان والعصور‬
‫مزقت روحي إلى أشالء ُمبعثرة‪ ،‬عالقة َ‬
‫بين عظام‬ ‫َ‬ ‫قد‬
‫ُ‬
‫الترقوة‪َ ،‬‬
‫وبين ريشة الصدر‪ ،‬وفي الوريد واألوردة‪ُ ،‬متخفية‬
‫ُ‬
‫كالخفاش َ‬
‫بين السطور واملحادثات القديمة‬

‫‪ | 88‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫رباه ّ‬
‫أعني على أقتالعه من أعماق الذاكرة‪ ،‬وانتشاله م َن‬
‫األوردة‪ ،‬وانتزاعه م َن الروح‪ ،‬إلى اآلن لم أستطع تخطي ذكراك‬
‫ُ‬
‫وتناس ي صورتك‪ ،‬وكل ذكرة جميلة ومؤملة منك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كل ش يء ُيذكرني بك الحدائق العامة والطرقات والعائلة‬
‫ّ‬
‫وجدر َان املنزل التي قد ُنقشت عليها‬‫واألصدقاء والهدايا ُ‬
‫خيباتي‪ُ ،‬‬
‫أنظر إلى مرآتي وأرى نصفي اآلخر أنت‪.‬‬

‫تظهر في وجوه العابرين‪ ،‬ل َم يتوجب عليي أن أحم َل هذا‬


‫ُ‬
‫ُ‬
‫الحب لوحدي أليام وسنين !!؟‬
‫ّ َ‬ ‫ذلك التاريخ ّالذي قد َ‬
‫أكرهك وأكره َ‬
‫جمع بيني وبينك وألف‬
‫َ‬
‫بين قلبي وقلبك‬
‫تتوجه ب َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تلك الرسالة إليك‪.‬‬ ‫أميرة حياتك وسيدة قلبك‪،‬‬

‫أكرهك بطريقة الخاصة وتعبيري األنسب‪.‬‬


‫ُ‬
‫كن بخير من أجلي ‪..‬‬

‫‪ | 89‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*من أنتِ*‬
‫ُ‬
‫يسأل بتعجب!!‬

‫الكثير م َن الوقت إلعطاء إجابة‬ ‫َ‬ ‫من أنت؟ استغرق ُت‬


‫شخصية وكأنها كهف‬ ‫ّ‬ ‫واضحة‪ ،‬أنا بئر م َن األسرار‪ ،‬أمتل ُك‬
‫ضحي ُة ُ‬
‫الح ّب‬ ‫شردة‪ّ ،‬‬ ‫فلة الحرب املُ ّ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عجيب‪ ،‬أنا فتاة املاض ي‪ ،‬ط‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫الرثاء‪ ،‬أمتل ُك وجها‬ ‫أنشودة ّ‬ ‫الساقط‪ ،‬صاحبة املزاج املتقلب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫إلي بالبراءة‪ ،‬أنا يا عزيزي‬ ‫َ‬
‫للناظرين ّ‬ ‫مالئكيا‪ ،‬وجه طفولي ُيوحي‬
‫ّ‬
‫والروح املُ ّ‬
‫بة القلب املعتل ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫مزقة‪ ،‬عاشقة‬ ‫سيدة الخيال‪ ،‬صاح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الشتاء‪ ،‬فتاة طموحة ّ‬ ‫ّ‬
‫حدود لها تعان ُق‬ ‫جدا‪ ،‬أحالمي ال‬
‫ُ‬ ‫الغيوم‪ ،‬أمتل ُك جرعة م َن ّ‬
‫َ‬
‫التفاؤل واألمل أحملها على عاتقي‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫بين َ‬‫ُ َ‬
‫طفولية‬ ‫لتؤنس وحشة ّأيامي البائسة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫احتي ّ‬
‫يدي‬ ‫وأضعها ر‬

‫‪ | 90‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أي قرار‪ ،‬أمش ي ُ‬


‫وأجر خيباتي ورائي‪،‬‬ ‫تسرعة في ّاتخاذ ّ‬ ‫ّ‬
‫التفكير ُم ّ‬
‫ُ‬
‫إغريقية‪ ،‬أنا ت َ‬
‫لك‬ ‫ّ‬ ‫الخيبة قد ُنقشت على وجهي وكأنها لوحة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تارة أكون ُمفعمة ب ُح ّب‬
‫الغامضة في بعض األحيان‪ّ ،‬‬ ‫الفتاة‬
‫َ ُ‬
‫وبعد ك ّل هذه‬ ‫ُ‬
‫واملوت في جوفي‪،‬‬ ‫الحز ُن‬
‫يرقص ُ‬
‫ُ‬ ‫الحياة‪ّ ،‬‬
‫وتارة‬
‫املُعاناة‪َ ،‬‬
‫أختص ُر كالمي بهذه املقولة؛‬
‫ضي ُ‬
‫عت نفس ي فوجد ُتها في الكتابة"‬ ‫" ّ‬

‫ُ‬
‫وأهرول للكتابة‬ ‫أهرب من َعتمة الكون وضجيج الحياة‬
‫ُ‬
‫ووصف شناعة الحياة وقسوتها معي‪ ،‬فأنا فتاة ُم ّميزة ّ‬
‫قوية‬
‫صاخبة جريئة طموحة ُومتمردة‪.‬‬
‫أتساءل بتعجب عن حالي ما َ‬
‫بين املاض ي والحاضر‬ ‫ُ‬ ‫وأيضا‬
‫عدت في الزمن قليال أنا ابنة املاض ي‪ ،‬فقد ُ‬
‫كنت‬ ‫لوهلة ما ُ‬

‫طفلة خجولة جدا ال رأي لها في العائلة‪ ،‬فتاة حساسة جدا‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫البكاء ُ‬ ‫ُ‬
‫كثيرة ُ‬
‫أصوات‬ ‫والحزن‪ ،‬مالئكية املالمح‪ ،‬وعندما تشتد‬
‫أهرول لالختباء في ُحضن أبي كما‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سرعان ما‬ ‫الرعد رهبة وقوة‬
‫ّ‬
‫كنت معتادة‪َ ،‬إن اآلباء معاطف دافئة‪ ،‬طفلة ُمدللة وحيدة‬
‫ُ‬

‫‪ | 91‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بين إخوتها الشبان‪ ،‬أحالمي بسيطة جدا سهلة املنال‪ ،‬لم أكن‬
‫غير لذة الفرح‪ ،‬طفلة ُمتفائلة ذات الخيال الواسع‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أمتلك َ‬
‫ّ‬
‫والوجه الذي كالبلور‪..‬‬

‫فأما عن نفس ي اآلن‪ :‬تارة أكو ُن بكامل قواي وتارة أكو ُن‬
‫أمتلك شخصية جريئة صاخبة‬ ‫ُ‬ ‫بكامل ضعفي وانهياري‪،‬‬
‫ُ‬
‫ُمتمردة ُمميزة‪ ،‬شخصية تختلف تماما عن شخصيتي‬
‫الحز َن‬
‫القديمة‪ ،‬تحو َل وجهي الطفولي للوحة منقوشا عليها ُ‬
‫وخيبة األمل‪ ،‬فأما عن أحالمي يا سادة فقد أصبحت ُت ُ‬
‫عانق‬
‫الس َ‬
‫الم‬ ‫ُ‬
‫يكسوه ّ‬ ‫حدود لها‪ ،‬قلبي ّالذي َ‬
‫كان‬ ‫َ‬ ‫الكون‪ ،‬أحالم ال‬
‫أصبح ُملطخا باالنتقام‪ ،‬تبدلت مالمحي من طفلة بريئة إلى‬ ‫َ‬

‫مالمح أنثوية جذابة‪ ،‬أحم ُل على عاتقي ُحزني‬ ‫فتاة بالغة ب َ‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأج ُره ورائي في املاض ي ُ‬
‫كنت ال أعرف سوى لذة الفرح‪ ،‬كلما‬
‫أحالمنا وأحز ُاننا وهمومنا‪ ،‬أصبحنا‬
‫تكبر معنا ُ‬‫العمر ُ‬‫نتقدم في ُ‬
‫ُ‬
‫أي ش يء‪ُ ،‬‬‫رهيب والقتل وال َيحق لنا بتغيير ّ‬ ‫ى ّ َ ّ‬
‫والت َ‬
‫أيتها‬ ‫نر الظلم‬
‫ّ‬
‫الحياة أعيدي بنا للزمن الجميل الخالي م َن الخطايا والهموم‬
‫والحزن‪ ،‬مهما ُ‬
‫بلغت تبقى روحي ُمتشبثة في جوفي الطفولة‪ ،‬ها‬ ‫ُ‬

‫‪ | 92‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أنا اآلن أمامكم بشخصية ُمختلفة وسأبقى على هذه الحال‬


‫ُ‬
‫تقدمت في ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العمر ولن أتخلى‬ ‫أعمل على تطوير شخصية كلما‬
‫ُ‬
‫وتغوص في قاع‬ ‫عن أحالمي ستبقى أحالمي ُت ُ‬
‫عانق الغيوم‬
‫لست أنا مما ُ‬
‫كنت عليه‪...‬‬ ‫البحار‪ ،‬أنا ُ‬

‫‪ | 93‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*مالكي الصغري*‬
‫لك الكلمات لكي يأتي يوم و ُأنصها عليك وكأنها‬ ‫أكتب ت َ‬
‫ُ‬
‫حكاية واقعية مليئة بالشفافية واملشاعر والحنان‪ ،‬أنا اآلن‬
‫ُ‬
‫فتاة عزباء لم َيمسسني بشر‪ ،‬إحساس األمومة املبكرة‬
‫لك حنانا قد ُ‬ ‫نذ أعوام‪ ،‬آه يا طفلي كم أخبئ َ‬ ‫ُ‬
‫يكاد أن‬ ‫ُيالحقني م‬
‫معك طفولتي من جديد‬ ‫أعيش َ‬ ‫َ‬ ‫حتضن الكو َن ُك ُله‪ُ ،‬‬
‫أريد أن‬ ‫َ‬ ‫َي‬
‫َ‬
‫صيبك أي‬ ‫خطوة بخطوة‪ ،‬أع ُد َك يا مالكي الصغير عندما ُي‬
‫نقص من‬ ‫أفديك بروحي‪ ،‬وعندما َي ُ‬ ‫َ‬ ‫أذى ال تقلق يا صغيري‬
‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُع َ‬
‫التي تحبك ُحبا سرمديا َسوف َته ُب روحها إلي‪،‬‬ ‫مرك‪ ،‬أمك‬
‫ألنك تستحق‬ ‫نقص من ُعمرها فداء لك‪َ ،‬‬ ‫مرك ُوت ُ‬ ‫زيد من ُع َ‬ ‫َت ُ‬
‫تركض َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحياة َ‬ ‫َ‬
‫ركض الوحوش في‬ ‫أكثر منها‪ ،‬تمهل يا صغيري ال‬
‫أطلب م َن للا أن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تستحق املحاربة‪،‬‬ ‫الدنيا ألنها فانية‪ ،‬ال‬ ‫هذه ُ‬
‫اك تكبر َ‬ ‫قبل أن أصبح أما وأ َ‬‫يأخذ روحي َ‬ ‫ُ‬
‫أمام عيوني حتى‬ ‫ر‬ ‫ال‬

‫‪ | 94‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬
‫أصبح رب املنزل يا‬ ‫الطفل الصغير قد‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‬‫يأتي يوم وأ اك أبا َ‬
‫ر‬
‫ويمر املاض ي بلمحة البرق؟!‬ ‫تركض األيام ُ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أتساءل!!! هل‬ ‫إلهي‬
‫ثل املسك‬ ‫ُ‬
‫ائحته كانت م َ‬ ‫لم أشبع من رائحة طفلي الصغير ر‬
‫للا‬‫إنه مالك قد وهبني ُ‬ ‫والعنبر ومثل ائحة زهرة النرجس‪ُ ،‬‬
‫ر‬
‫لدك الرقيق الناعم‬ ‫عك الصغيرة وج َ‬ ‫شكل أصاب َ‬ ‫أتخيل َ‬ ‫ُ‬ ‫إياه‪،‬‬
‫ثل سيمفونية مميزة‪ ،‬وصوتك‬ ‫الحرير‪ ،‬أظن بكاءك َسيكون م َ‬
‫ُ‬
‫أعشقه‬ ‫الزواج من شخص‬ ‫َ‬ ‫ثل عذوبة املاء املُقدس‪ُ ،‬‬
‫أريد‬ ‫م َ‬
‫الحب والجمال َستكو َن‬ ‫أنت يا صغيري ُمكونا م َن ُ‬ ‫لتكو َن َ‬
‫ُمعجزة بالنسبة لي‪ ،‬قطعة صغيرة ُمكونة من قلبين‪ ،‬ل ُتصبح‬
‫ُ‬
‫تعيش على هذا الكوكب‪ ،‬أحبك يا مالكي مثل‬ ‫ُ‬ ‫ُنطفة وروحا‬
‫َ‬
‫ُحب سيدنا يعقوب ل ُيوسف‪ ،‬وللا وباهلل وتاهلل بأني َسوف‬
‫لكنني‬ ‫أعشق َك كعشق ليخة ل ُيوسف‪ ،‬إلى طفلي الذي لم َ ه ّ‬ ‫ُ‬
‫أر‬ ‫ز‬
‫ينتظر وصو َل أبيه ال تتأخر يا زوجي‬ ‫ُ‬ ‫أشعر به في أحشائي‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫أنتظر مجيء‬ ‫طيل الوصول فإنني‬ ‫أرجوك ّأال ُت َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫املستقبلي لطفا‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫أتمناه منذ عدة أعوام‪ ،‬أتمنى أن أكون ًّأما‬ ‫طفلي الصغير الذي‬
‫صالحة‪.‬‬

‫‪ | 95‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*احلُب الساقط*‬
‫ُ‬
‫تتساءل ماذا‬
‫َ‬
‫لص قد سرق أغلى ما أملك‪،‬‬ ‫نت ُ‬
‫أشبه ب ّ‬ ‫لقد ُك َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سرقت مني‪ ،‬حسنا سأخب ُر َك بكل ش يء‪.‬‬
‫َ‬
‫سرقت إيماني‪ ،‬وشغفي‪ ،‬وقلبي‪ ،‬وأملي‪ ،‬وثقة‪.‬‬ ‫لقد‬

‫ملاذا؟‬
‫ملاذا؟ تخدعوننا في البدايات‪َ ،‬‬
‫أنت مثل القاتل اللعين ُ‬
‫تقتل‬
‫الضحية وتبكي عليها‪ ،‬مثلما َ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ُ َ ُ َ‬
‫الحب غ َير البداية)‬ ‫محمود درويش (ال أريد من‬
‫ُ‬
‫يقصد في كالمه و َيصف البدايات بأنها ُمخادعة‪.‬‬ ‫َ‬
‫كان‬

‫‪ | 96‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫ظننت َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أنك‬ ‫وتشبثت بك ألنني‬ ‫أدخلت َك إلى حياتي‬ ‫لقد‬
‫معك‬ ‫الحب لقد ُ‬
‫أيت َ‬ ‫عما مض ى‪ ،‬يا خسارة ُ‬‫الجميل ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العوض‬
‫ر‬
‫علقت قلبي بهواك ومن َ‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫نت َ‬
‫أنت م َ‬
‫ثل مسمار‬ ‫الحياة‪ ،‬لقد ُك َ‬

‫البصر‪ ،‬يا‬ ‫ثل َملح َ‬ ‫رت من حياتي واختفيت م َ‬ ‫َ ّ‬


‫بخ َ‬ ‫رحلت‪ ،‬ت‬
‫أنت ُمخادع ومكار مثل الثعلب‪ ،‬قط بمخالب‬ ‫للخسارة كم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أعطيت َك ذرة م َن ُ‬ ‫ُ‬
‫غدرت بي‪ ،‬لم تكترث لوجودي‪،‬‬ ‫الحب‬ ‫كلما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ولقد َ‬
‫عرضت لوعكة‬ ‫نكرت وقفتي االرتجالية بجانبك عندما ت‬
‫َ‬
‫قيمة الش يء الثمين الذي ُ‬ ‫ُ‬
‫وهبت َك إياه‪،‬‬ ‫صحية‪ ،‬ولن تقدر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وحطمت قلبي‪ ،‬لم تبد أي اهتمام‬ ‫وخيبت أملي‬ ‫مزقت روحي‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫واجهت الجميع‬ ‫التي خضتها من أجلك مع عائلتي‪،‬‬ ‫للمعارك‬
‫نت مسحورة بصدق‬‫وتحديت العالم بأكمله من أجلك ألنني ُك ُ‬
‫ُ‬
‫ُ ّ‬
‫أشعر وكأني ُدمية‬ ‫كالمك ومفتونة بجمال عضالتك‪ ،‬جعلتني‬
‫َ‬
‫مألت قلبي‬
‫ُ‬ ‫بين يديك تارة َت ُ‬
‫مسك بها وتارة تحطمها‪ ،‬لقد‬ ‫َ‬

‫شفق عليها املارة‬ ‫َ‬


‫وجعلت مني فتاة َي ُ‬ ‫ومز َ‬
‫قت أشالئي‬ ‫بالندوب ّ‬
‫ع َ‬
‫ند رؤيتها في حالة مزرية م َن اليأس وخيبة األمل‪ ،‬أتمنى‬
‫االستمرارية في خداع لهفة ُ‬
‫وحب البدايات‪ ،‬لكي نبقى ُ‬
‫نحلم‬

‫‪ | 97‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أحالما وردية بغاية الجمال والدهشة‪ ،‬ونظل نعتقد َ‬


‫بأن ُ‬
‫الح َب‬
‫التركية‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫أكره النهايات‪ ،‬وتحديدا نهايات‬ ‫جميل مثل األفالم‬
‫ُ‬
‫الكثير والكثير م َن األمل‬
‫َ‬ ‫الحب ألنها تنهي معها‬ ‫قصص ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫واألحالم وقد ُتنهي الرغبة في ُ‬
‫الحب من جديد وتول ُد الخوف‬
‫َ‬
‫معاشر الرجال‪.‬‬ ‫م َن ُ‬
‫الحب رفقا بالقلوب يا‬

‫‪ | 98‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*الذكرى املنسية*‬
‫ُ‬
‫تصعق ذاكرتي‪،‬‬ ‫من خلف ُجدران املاض ي أتذكر ذكرى‬
‫حتى وإن ُ‬
‫كنت ُمدنفة وفي آخر أنفاس ي لن أنس ى ت َ‬
‫لك الذكرة‬
‫والتاريخ والصدمة التي قد مزقت قلبي إلى أشالء ُمبعثرة‪ ،‬لقد‬
‫وخيبت ظني فيك وثقتي العمياء ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بأن َك‬ ‫بترت يدي منذ البداية‪،‬‬
‫ُ‬
‫عكس ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يحمل على عاتقيه الشهامة والوفاء ولكنك‬ ‫رجل‬
‫نعم ال تحمل هذه الصفات بل ّإن َك تدعي بها ُمتلبس ق َ‬
‫ناع‬
‫ُ‬
‫تلقيت‬ ‫الحقيقة‪ ،‬في تاريخ ‪ 22/3/2022‬تاريخ لعين حينها‬
‫ُ‬
‫الصدمة الكبرى بخبر إنهاء العالقة‪ ،‬باهلل عليك ما شعورك‬
‫ّ‬
‫عندما تخذل تلك الفتاة التي قد فعلت الكثير من أجلك‪،‬‬
‫ُ‬
‫وتنازلت عن أحالمها‪ ،‬ووقفت بوجه العائلة واملجتمع وراهنت‬

‫‪ | 99‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الجميع على أنك شخص ُمختلف وال ُت ُ‬


‫تقن فن التمثيل‪ ،‬بأي‬
‫وجه َس ُتقابل املجتمع؟!‬
‫وفي تمام الساعة العاشرة في ليلة ربيعية‪ُ ،‬ي ُ‬
‫دندن في أذني‬
‫ُ‬
‫صوت فيروز وهي تغني‬

‫بتذكر آخر مرة شفتك سنتا‪ ،‬بتذكر وقتها آخر كلمة قلتها‬
‫ّ‬
‫كان ذكرى اللقاء األول مولد األماني‪ ،‬أذكر ّأن َك نظرت‬
‫لقد َ‬

‫وبعد ذلك أهديتني شعرا‪،‬‬ ‫وكأنك ُتقبلني‪َ ،‬‬‫إلي نظرة حميمية ّ‬


‫ُ‬
‫يخطف القلب ُويذيب الروح‪.‬‬
‫أستودع األشواق في دفء الوداد‪ ،‬وأجتبي َف َ‬
‫رح األزاهير‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫إن توارت أضلعي بين َيديك‪ ،‬وأفر من ليل الخطيئة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الربوع الحانية‪.‬‬ ‫صاعدا حيث‪،‬‬

‫أزدهي بظل َنهديك‪،‬‬


‫نان السماء من الجوى‪ ،‬كي َ‬‫أشدو َح َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫النقاء‪ ،‬من هذا الطهور املزدهي فيك‪ ،‬لتنعمي بما في‬ ‫وأعان َق‬
‫قلبي إليك‬

‫‪ | 100‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬
‫َوتتدللي ‪ ..‬وتتغنجي‬

‫في َزهو الربيع‬

‫قبل َعينيك‪.‬‬ ‫ليبتسم ُ‬


‫قلبك َ‬
‫َ‬
‫ليت الذكريات الجميلة تعود يوما‪..‬‬

‫‪ | 101‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*بصارةُ الفُنجان*‬
‫َ‬
‫وكانت ُهناك ّ‬ ‫ُ‬
‫بصارة تقرأ في‬ ‫كنت جالسة في بيت عمتي‬
‫الفنجان‪ ،‬نظرت ّ‬
‫إلي باستغراب ودهشة وقالت لي اقتربي‪ ،‬لكي‬
‫وقلت لنجرب من باب‬ ‫تكلمت بيني َ‬
‫وبين نفس ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫أرى فنجانك‪،‬‬
‫التسلية والفضول‪ ،‬ولكن في داخلي يقين تام ال أحد ُ‬
‫يعلم‬
‫ُ‬
‫سبحانه وتعالى)‪.‬‬ ‫َ‬
‫الغيب إال (للا‬
‫عقل ت َ‬
‫لك البصارة قليال َ‬
‫ثم تكلمت بكالم عجيب‪.‬‬ ‫شر َد ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُي ُ‬
‫ثير الدهشة‪ ،‬قالت‪ :‬أنت فتاة جميلة وألف عين تصيبك‪،‬‬
‫قبل أن َيضع ر ُ‬
‫أسه‬ ‫يفكر كثيرا َ‬
‫ناك رجال ُ‬‫بأن ُه َ‬
‫وقد قالت أيضا َ‬
‫على الوسادة وعاشقا يكويه الهوى‪َ ،‬‬
‫ثم سكتت قليال وقالت‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫صبحين عروسا‪.‬‬ ‫قريبا سوف ت‬

‫‪ | 102‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫فعلت ذلك‬ ‫َ‬
‫وبعد ذلك قالت ابصمي بإصبع اإلبهام‪،‬‬
‫َ‬ ‫وبصمت‪َ ،‬‬
‫وبعد أن نظرت للفنجان ّ‬
‫مرة ثانية تفوهت بكالم‬
‫عن الغيب‪ ،‬فقد قالت‪ :‬سيأتي يوم ُويصبح أبوك ثريا‪ ،‬وفي‬
‫َ‬ ‫النهاية لم أصدق كلمة تفوهت بها‪َ ( ،‬‬
‫كذب املنجمون ولو‬
‫صدقوا)‪.‬‬
‫ُ‬
‫اإليمان الحقيقي في القلب ال داعي لثرثرة املنجمين وقارئي‬
‫َ‬
‫الكف والفنجان والعيون‪ ،‬يقولون دوما أشياء عامة تحدث‬
‫َ‬ ‫مع الجميع‪َ ،‬‬
‫فمن املمكن أن يحدث شيئا من بعض األشياء‬
‫التي تحدثت بها البصارة‪ ،‬فقد تكون ضربت حظ موفقة‬
‫ُ ُ‬
‫جميعها خرافات‪ ،‬يقو ُل‪:‬‬ ‫بالنسبة لها‪ ،‬لتأكيد صحة كالمها‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫النبي ُمحمد صلى ُ‬
‫نت أعل ُم الغي َب‬‫للا عليه وسلم‪( :‬ولو ك‬
‫َ َ َ ُ َ َ‬
‫الخير)‪.‬‬ ‫الستكثرت من‬

‫‪ | 103‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*نشوةُ احلب*‬
‫َ‬
‫أحييت روحي برؤياك‪،‬‬ ‫عاد ُ‬
‫نبض قلبي لقد‬ ‫َ‬
‫حين التقينا َ‬
‫تسكن أعماقي ُتسكر عقلي ُت ُ‬
‫ذيب قلبي‪ ،‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫رائحة عطرك‬
‫ُ‬
‫أدركت معنى‬ ‫ذلك اليوم‬‫شعرت بنشوة ُخرافية‪ ،‬في َ‬ ‫ُ‬ ‫التقينا‬
‫أصبح قلبي وروحي ُيحلقان عندما أراك‪ ،‬بينما‬ ‫َ‬ ‫جمال الحياة‪،‬‬
‫جسدي َيكو ُن في مكانه‪ ،‬وعندما ُ‬
‫عدت إلى املنزل كانت ال تز ُ‬
‫ال‬
‫ثل الوشم املنقوش على‬ ‫لدك على يدي م َ‬ ‫ائحة عطر ج َ‬
‫ر‬
‫أشعر بأنك تتلبسني َكشيطان‪ ،‬ثغري ال َي ُ‬
‫نطق إال‬ ‫ُ‬ ‫الجسد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫باسمك‪َ ،‬دعنا نلتقي ُمجددا‪ ،‬الشو ُق ّ‬
‫هد كياني‪ ،‬منذ فراقك ال‬
‫َ‬
‫حوال لي وال قوة‪ ،‬عاشقة كيف؟‬

‫‪ | 104‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أبوح بعشق ولوعة قلبي ُعد لي فإنني من َ‬


‫دونك م َ‬ ‫َ‬
‫كيف ُ‬
‫ثل‬
‫اب ُله ومثل خبر ال‬‫ُجملة ناقصة املعنى‪ ،‬ومثل حرف ال إعر َ‬
‫َ‬ ‫حقيقته‪ ،‬حياتي من َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫دونك ال حياة فيها ‪..‬‬ ‫نعرف‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أريد أن تكون سراجا ُيض يء طريقي املظلم‪ ،‬أريدك أنت وال‬
‫معك ُت ُ‬
‫صبح‬ ‫ألن الفلسفة َ‬ ‫إليك ُخذني َ‬
‫أرغب بشخص غيرك‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ألن السير َ‬ ‫أبسط‪ُ ،‬خذني إليك َ‬
‫يؤنس أكثر‪ ،‬منذ أن‬ ‫معك‬
‫أتنفس بنقاء ُمطلق‪ ،‬ولكن عندما أفلتت‬
‫ُ‬ ‫اعتنقت ُ‬
‫الح َب وأنا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أتنفس َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أسند رأس ي‬ ‫رماد قلبي املشتعل‪،‬‬ ‫أصبحت‬ ‫يداك يدي‬
‫للفراغ من بعد رحيلك‪ ،‬قلبي مليء بكدمات زرقاء صافية‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أستمع إلى أغنية أم كلثوم‪:‬‬ ‫أجلس وحدي في ظلمة ليل‬ ‫كالبلور‪،‬‬
‫قبل‬ ‫ُ‬
‫وتنهدت تنهيدة حارة ‪.‬آه علينا افترقنا َ‬ ‫(حيرت قلبي معاك)‬
‫أمللم دموعي‪ ،‬وأحاو ُل أيضا أن أخبئ‬
‫أن نلتقي‪ ،‬أحاو ُل أن َ‬
‫ذلك السواد الذي ُيحيط َ‬
‫عيني‬ ‫ندوب جسدي‪ ،‬أسارع بإخفاء َ‬
‫َ‬
‫أخفيه ببعض مساحيق التجميل‪ ،‬ولكن هل سأنجح في إخفاء‬
‫ُحزني؟!‬

‫‪ | 105‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ينظر إلي من دون‬ ‫وكأنك تمثال‬ ‫أنظر للحائط وأتخيل َك‬
‫ُ‬
‫َ َ ُ‬
‫ذكرني َ‬
‫بعد الرحيل‪.‬‬ ‫حركة أو صوت أو تعبير‪ ،‬هل لك أن ت‬
‫بين يديك‪ ،‬وعبرت َ‬
‫معك األبواب املؤصدة‪ ،‬هل‬ ‫وردة َكبرت َ‬
‫َ َ ُ‬
‫لك أن تذكرني إلى األبد‪...‬‬

‫‪ | 106‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*لقاؤنا األول*‬
‫يوم الخميس في الشهر الخامس ‪ ،19/5‬عندما‬ ‫كان ُ‬‫َ‬

‫أذكر حينها تبادلنا نظرات حميمية؛‬‫ُ‬ ‫ُ‬


‫جمعتنا املصادفة‪،‬‬
‫ُ‬
‫حدقت‬ ‫العيو ُن تتكلم بصمت عارم‪َ ،‬ت ُ‬
‫لمع م َ‬
‫ثل البريق‪ ،‬عندما‬
‫ُ‬
‫الحظت ّ‬
‫بتغير شاسع‬ ‫غمرني‪ ،‬ألول مرة‬ ‫يك َت ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫عين َ‬ ‫بك شعرت بأن‬
‫تلتصق ببعضها َي ُ‬
‫خفق قلبي بسرعة لم‬ ‫ُ‬ ‫في خطواتي َ‬
‫وكأن ُ‬
‫أرجلي‬
‫أصبح ُ‬
‫لونهما م َ‬
‫ثل‬ ‫َ‬ ‫لوجن َتي فقد‬
‫أشعر بها من قبل‪ ،‬أما بالنسبة َ‬
‫ُ‬
‫دم الغزال من شدة الخجل واالرتباك‪ ،‬الساعة الخامسة في‬
‫كان في مكان عمل أبيك‪ ،‬ومن ت َ‬
‫لك‬ ‫الصيف اللقاء األول َ‬
‫َ‬
‫روحك‪ُ ،‬حب من أول لقاء‪ ،‬ماذا أقول !!؟‬ ‫اللحظة عانقت روحي‬
‫الصدف أم يا خيبة األمل‪ ،‬يقول محمود درويش‬ ‫يا محاسن ُ‬

‫‪ | 107‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ذبتنا الصادقة‪ُ .‬‬ ‫ُ‬
‫ظننت َك الوطن الذي سوف يحميني‬ ‫والحب ك‬
‫ُ‬
‫خذلت الوطن‬ ‫من شراهة األيام وقسوة الحياة‪ ،‬ال أعلم هل أنا‬
‫أم الوطن خذلني‪ ..‬سحقا لم نلحق أن َ‬
‫نفرح معا أو نبني‬
‫َ‬
‫حيال‬ ‫ذكريات جميلة كانت ذكريات ُمحملة ُ‬
‫بالحزن والتردد‬
‫عليك اسما ُ‬
‫يليق بك‬ ‫َ‬
‫خيبت أملي سأطلق َ‬ ‫موضوع زواجنا قد‬
‫نك ُ‬
‫تهطل دموعي‪،‬‬ ‫أتقرب م َ‬
‫ُ‬ ‫(بصلة حياتي) مثل البصل عندما‬
‫ثم ارحل‪ُ ،‬‬
‫كنت َ‬
‫قبل أن‬ ‫ُعد بي إلى الوراء َ‬
‫قبل أن ألتقي بك ومن َ‬
‫ألتقي بك فتاة شغوفة مليئة باألمل ُ‬
‫وحب الحياة أما اآلن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تخاف م َن ُ‬ ‫ُ‬
‫الحب فقدت روعة وإحساس كلمة‬ ‫أصبحت فتاة‬
‫َ‬
‫وخيبت ظني‬ ‫َ‬
‫ومزقت روحي‬ ‫َ‬
‫أحرقت قلبي‬ ‫(أحبك)‪ ،‬تبا لك قد‬
‫ب ُمقبل األيام‪.‬‬

‫‪ | 108‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫املوت‬

‫‪ | 109‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*املوت املُفجع*‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأصبح ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫املوت يحيط بي من ك ّل جهة‪،‬‬ ‫أغلقت نافذة الحياة‬
‫ّ ُ ّ‬
‫اللون األسود فو َق رأس ي‪ّ ،‬‬
‫فأما عن مصير روحي فكان‬ ‫يحلق‬
‫الدنيا‪ ،‬مرض سقيم ّ‬
‫احتل جوفي‪ ،‬فلم‬ ‫مصيرها‪ُ :‬مهاجرتها هذه ّ‬
‫ُ‬
‫الد َ‬
‫رب‬ ‫يعد عقلي يرسم واقعا جميال وال ّ‬
‫حتى أمال لكي نكمل ّ‬
‫أصبح ُ‬
‫الحزن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ألحان املوت والعزاء تعزف في جوفي‪،‬‬ ‫املخيف‪،‬‬
‫الس َ‬
‫واد ُيقيم ّ‬
‫ويخيم‬ ‫فن ّية‪ّ ،‬‬ ‫منقوشا على مالمحي ّ‬
‫وكأن ُه لوحة ّ‬
‫عيني‪ ،‬وجهي شاحب وبليد‪ ،‬أصفر باهت داخ َل ّ‬
‫عيني‬ ‫حو َل ّ‬
‫َ‬
‫مسرح‬ ‫شفتي‪ ،‬مشهد ُمخيف ُومذري ومبك يعتلي‬ ‫ّ‬ ‫وعلى‬
‫فيا‬ ‫ُ‬
‫نوبات هلع م َن املوت‪ّ ،‬‬ ‫مخيلتي‪ ،‬أفكاري ُمبعثرة‪ُ ،‬تهاجمني‬
‫أموت من قسوة املشهد‪ ،‬املوت من‬ ‫ُ‬ ‫حياة اشهدي! وأنا ّ‬
‫حية‬

‫‪ | 110‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ثل مغادرة هذه البالد‪ ،‬أغادر‬ ‫رهبة املوت‪ ،‬أغادر الحياة م َ‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحياة كما تهاجر الطيور في أثناء الشتاء هرعا م َن الثلج ملوطن‬
‫َ‬ ‫والزهور ّ‬
‫السالم ّ‬ ‫ّ‬
‫والدفء‪ ،‬هذا العالم ساقط ال حياة فيه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫النور الذي في وجهي لم يكن كافيا لتغطية الظالم في هذا‬
‫والقتل واالحتالل وال ّ‬
‫َ‬ ‫ّ َ ّ‬ ‫الكون‪ّ ،‬‬
‫يحق‬ ‫لم والترهيب‬ ‫وألنني أرى الظ‬
‫ُ‬ ‫أي ش يء‪ّ ،‬‬ ‫لي تغيير ّ‬
‫ظل املاض ي يتبعني‪ ،‬ونافذة الحياة تنفتح في‬
‫بجنة بعيدة املدى‪ ،‬صعبة املنال‪،‬‬ ‫أحلم ّ‬
‫ُ‬ ‫مرة أخرى‪،‬‬ ‫وجهي ّ‬
‫ّ‬
‫الزمن وتحل ُق في عالم البرزخ‪ّ ،‬إنني مؤمنة‬ ‫عبر ّ‬‫روحي تسافر َ‬
‫قبل املوت ّ‬
‫أشد وطأة م َن‬ ‫قبل األجل‪ ،‬فإن عذاب ما َ‬ ‫باملوت َ‬
‫النهار‪ ،‬أرهقني‬ ‫تعبت من محاوالتي الفاشلة في ّ‬ ‫ُ‬ ‫املوت ذاته‪،‬‬
‫الذكريات ُ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تنهش عقلي‪ ،‬سأمش ي حاملة كفني في راحة‬ ‫السهر‪،‬‬
‫ّ‬
‫واألحبة‬ ‫يدي ّ‬
‫ملوحة للحياة واألقرباء والعائلة واألصدقاء‬ ‫ّ‬
‫بالوداع‬

‫‪ | 111‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األبدي تعويذة املوت ّ‬


‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬
‫التي‬ ‫علي لعنة الخلود‬ ‫ها قد ألقيت‬
‫ُ‬ ‫هروب منها ّ‬
‫َ‬
‫حتى وإن كنت في بروج ُمشيدة‪.‬‬ ‫ال‬
‫ُ ّ‬
‫أود ُع‬
‫تشبثا في قاع األرض ّ‬ ‫تخونني روحي ويبقى جسدي م‬
‫الحياة وأنا مبتسمة وزاهدة من هذه ّ‬
‫الدنيا‪ ،‬وداعا لحياة ال‬
‫َ‬
‫حياة فيها ‪...‬‬

‫‪ | 112‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*جوى الروح*‬
‫َ‬
‫نعيش في مستنقع مليء بالوحشية والقذارة ال رحمة فيه‪،‬‬
‫فقد أصبحت األطفال فريسة للوحوش كاللقمة سائغة لذوي‬
‫النفوس املريضة‪ ،‬ماذا علينا ّأن نفعل هل نضعهم داخل‬
‫قفص ذهبي للحفاظ عليهم‪ ،‬البلد في حالة ُيرثى لها‪ ،‬في وسط‬
‫ُ‬
‫يشهد التاريخ أيضا بموت‬ ‫الحروب والغالء والبالء ُ‬
‫والركام‬
‫الطفلة جوى‪.‬‬
‫ّ َ ُ ّ‬
‫بأي ذنب قتلت)‬ ‫أنت جوى الفؤاد ُومهجة القلب‪( ،‬‬

‫ثل سمفونية فريدة من نوعها ُجدران‬ ‫ُ‬


‫صوتها يرن في املنزل م َ‬
‫ُ‬
‫املنزل قد نقشت عليها مالم ُح وجهك الطفولي‪.‬‬

‫‪ | 113‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تنتظر األم جنينها في وجد واشتياق ل ُيصبح فيما بعد‬


‫ضحية وقضية رأي عام‪ ،‬أخبري للا يا مالكي عن حال األطفال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الذين تتمزق أحشاؤهم من شدة الجوع والفقر‬
‫وأخبريه عن غرق األطفال في قاع البحار‪ ،‬حياة مزرية ُ‬
‫تدفع‬
‫ُ‬
‫الضمير ّ‬
‫الحي يا سادة‪ ،‬ثغري عقيم عن‬ ‫بنا إلى الهاوية‪َ ،‬‬
‫مات‬
‫وصف بشاعة وشناعة األمر‪ ،‬لساني ُمتلعثم‬
‫خبر رحيلك عن هذه الحياة َ‬
‫كان‬ ‫ُ‬
‫يزداد قلمي ثقال على ثقل‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫فاجعة كبرى‪ ،‬ثغري ُمنصرف عن التعبير‪ ،‬ها قد جف ح ُبر‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫توقف عن الكتابة كمدا ُ‬
‫الحزن الدفين‬ ‫وحزنا‪ ،‬أيقظت‬ ‫قلمي‬
‫بداخلي‪ ،‬ال تحزني يا مالكي فقد أصبحت القلوب ُمجردة م َن‬
‫َ‬
‫الضمير والشفقة والرحمة‪ ،‬طفولة ال طفولة فيها‪.‬‬

‫‪ | 114‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*فقيدتي جدتي*‬
‫أين أنت يا قمري ها قد أصبحت نجمة في السماء ُت ُ‬
‫حلق‬ ‫َ‬
‫ُ ُ‬
‫روحك عاليا ترفرف كالطير الطليق‪ ،‬أنا على يقين تام بأن للا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تمتلكين روحا‬ ‫وضعك في املكان الذي تستحقينه‪ ،‬ألنك كنت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الخلد‪ ،‬ما َ‬ ‫َ‬ ‫طاهرة‪ُ ،‬‬
‫عاد طيف‬ ‫تتمتعين بنعيم جنة‬ ‫أظن بأنك‬
‫لست أنا‪َ ،‬‬‫منذ أن رحلت يا جدتي وأنا ُ‬‫ُ‬
‫كان خبر‬ ‫روحك َيزورنا‪،‬‬
‫ُ‬
‫وفاتك قاسيا جدا علي‪ ،‬أكبر صدمة أتلقيها في حياتي كلها‪ ،‬لي‬
‫ُ‬
‫عداوة وثأر مع املوت‪ ،‬الذي َيخطف مني جميع من أحببتهم‪،‬‬
‫فهو كالسارق‬ ‫سلب مني سعادتي عندما َار ُ‬
‫عائلتنا َ‬ ‫املوت الذي َ‬
‫ز‬
‫ورد ُتك قد َذ ُبلت وانهارت َ‬
‫بعد‬ ‫سلب مني أغلى إنسانة في حياتي‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫غيابك عنها‪ ،‬سامحيني يا جدتي لم أستطع أن أفي بوعودي‬

‫‪ | 115‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫أصبحت‬ ‫لك‪ ،‬وعدتك أن أبقى قوية ولكن الحياة كسرتني‬
‫نهش‬‫الحز ُن قد َ‬
‫ضعيفة جدا قد أصبحت مشاعري هشة‪ُ ،‬‬
‫ورد ُتك في ّ‬ ‫ُ‬
‫أضلعي‪َ ،‬‬
‫أمس الحاجة لك‪ ،‬يا‬ ‫روحي‪ ،‬الحنين قد كوى‬
‫جدتي يا نجمتي البعيدة‪.‬‬

‫‪ | 116‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫*حطمتَ قليب يا مُثنى بالرحيل*‬


‫َ‬
‫وفاة الشهيد الذي قد َ‬ ‫العبد ُ‬
‫عم ُ‬ ‫(ن َ‬
‫كسر‬ ‫إنه أواب) أرثي لكم‬
‫صدم الجميع بخبر رحيله من هذه‬ ‫َ‬ ‫ظهر والديه‪ ،‬الذي قد‬‫َ‬
‫وهو‬ ‫عمره السادس عشر‪َ ،‬‬
‫مات َ‬ ‫الحياة دو َن وداع‪ ،‬لم يتجاوز ُ‬
‫زهد ُ‬
‫الدنيا وما‬ ‫مبتسم ألنه قد أى الجنة في عيونه‪ ،‬ألنه قد َ‬
‫ر‬
‫اآلخرة خير وأبقى‪ ،‬قد ُ‬
‫تركت روحي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫معه‪ ،‬لو أننا‬ ‫فيها‪ ،‬فالحياة‬
‫ُ‬ ‫نعلم مكان جثمانك كانت ُ‬
‫النار التي بداخلنا من أثر فقدانك‬
‫ُ‬
‫حياته‬ ‫قد خمدت‪ ،‬أنت كالطير الطليق الشاب الذي لم ُيكمل‬
‫املوت منا بوقت قصير‪ ،‬ال ُ‬
‫تظن أننا قد‬ ‫َ‬
‫أخذك ُ‬ ‫ُ‬
‫أحالمه قد‬‫و‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نسيناك كال في كل يوم تبكي أمك على فقدانك بحرقة وبصوت‬
‫ُ‬
‫داخلي كي ال تظهر ضعفها أمام أبنائها‪ ،‬فأما عن إخوتك‬

‫‪ | 117‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫روحك في املنزل وكأنك تشاركهم أفراحهم‬ ‫يتخايلون طيف‬
‫َ ُ‬
‫وكأنك تراقبهم وتتأمل وجوههم بصمت‬ ‫وأحزانهم‪ ،‬يشعرون‬
‫عارم‪ ،‬تبتسم من غير أن ُتصدر صوتا‪ ،‬إلى اآلن وأنا أنكر َ‬
‫خبر‬
‫َ‬
‫ومفارقتك هذه‬ ‫وفاتك‪ ،‬ألن عقلي ال يستوعب فكرة غيابك‬
‫كر في القرآن‬‫الحياة في ُعمر ُمبكر‪ ،‬وألنني أؤمن بالذي ُذ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫الذين قتلوا في سبيل للا أمواتا بل أحياء‬ ‫تحسبن‬ ‫الكريم‪( ،‬وال‬
‫َ‬
‫عند ربهم ُيرزقون)‪.‬‬
‫َ‬
‫لوعت قلبي‬ ‫ولنا لقاء في الجنة ُأيها الطير ُ‬
‫الحر (مثنى) قد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رحلت عن هذه الحياة والنار ُمشتعلة‬ ‫بنار فقدانك‪ ،‬منذ أن‬
‫في قلب أمك لن ُيخمدها ش يء إال عندما ترى وجهك العالق في‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫غصة ُ‬ ‫ُ‬
‫العمر يا ُمثنى وحرقة القلب وقرة‬ ‫أعماق الذاكرة‪ ،‬إنك‬
‫الطير الطليق ألف ألف سالم لروحك‬ ‫ُ‬ ‫العين ُ‬
‫روح الفؤاد ُأيها‬
‫ُ‬
‫املعطرة بدماء الشهادة‪.‬‬

‫‪ | 118‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫األب‬

‫‪ | 119‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*أبي*‬
‫حصن َيقيني من تخبطات الزمان‪ ،‬حضن يحمي نفس ي‬
‫الضائعة وقت املحن‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫هجة القلب ُ‬
‫وروح الفؤاد حبيبي‬ ‫أبي يا جوهرة الحياة ويا م‬
‫األول واألخير‬

‫األب‪ :‬هو حبل النجاة عند وقوعنا ببئر مشكالت الحياة‪.‬‬

‫األب‪ :‬هو السند والقوة واليد الخفية التي تحرسنا من‬


‫املصائب‪.‬‬
‫ُ‬
‫أكتب لك هذا الكالم عن طريق قلبي‪.‬‬

‫‪ | 120‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫َ‬ ‫علقم ُ‬
‫َ‬
‫العمر ومهجة الفؤاد يا جوهرة روحي‬ ‫نعم قلبي ! يا‬
‫ُ‬
‫تقمصتها منك‪.‬‬ ‫أعشق شخصيتي ّ‬
‫ألنني‬ ‫ُ‬ ‫األبدية‬

‫األب كاملئذنة الوحيدة وسط حي من املسلمين‪ ،‬إن‬


‫سقطت تاهوا‬

‫األب هو‪ :‬النافذة املشرقة في البيت‪ ،‬أمان الروح‪ ،‬وبلسم‬


‫الحياة‪ ،‬عمود االرتكاز‪.‬‬

‫األب‪ .‬هو بحر الحنين ذلك الذي على شاطئه أجمع ما تبقى‬
‫من روحي‪.‬‬

‫أبي‬
‫هو قوتي التي ُأؤمن بأن ال َ‬
‫كسر بعدها وذلك الكتف املتين‬
‫ُ‬
‫الذي أستند إليه حين ضعفي فأعود أكثر قوة عن التي كنت‬
‫عليها‬
‫ُ‬
‫تذكرت ُ‬ ‫ّ‬
‫أنه‬ ‫هو الذي كلما ضعفت همتي وقلت حيلتي‬
‫بجانبي فأستعيد توازني وكأنني لم ُأ َ‬
‫هزم‬

‫‪ | 121‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هو ذاك اللون الذي ُي َ‬


‫وضع على الصورة‪ ،‬هو ضلع ال‬
‫يميل‪.‬‬

‫أبي‬

‫أنت عيني‪ ،‬عضيدي‪ ،‬عافيتي‪ ،‬عمري‪ ،‬عطري‪ ،‬عبيري‪،‬‬


‫عطائي‪ ،‬عطفي‪ ،‬عزي‪ ،‬عندليبي‪ ،‬عمادي‪ ،‬عمود حياتي‪...‬‬

‫أبي‬
‫ُ َ َ‬
‫ستنشق عندما تحتبس أنفاس ي في غازات‬ ‫هو أوكسجين ي‬
‫الهموم السامة‪ ،‬هو عمود َيسند كتفي املهزوم‪ ،‬وراحة لقلبي‬
‫من األوجاع‪ ،‬أبي هو إحدى نوافذ الحياة؛ التي من خاللها أرى‬
‫أحالمي وعاملي الحقيقي‪ ،‬قدوتي وسر بقائي حية حتى اآلن‪ ،‬من‬
‫دون أبي أنا خردة ال أصلح لش يء‪ ،‬أو مدينة عامرة بالخراب‪.‬‬

‫‪ | 122‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫اخلواطر‬

‫‪ | 123‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ّ‬
‫دلة خصلة من شعرها في ُحجري ألستنشق رائحة ُعنقها‪،‬‬
‫االتزان ُت ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫صالت شعرها‪َ ،‬‬ ‫ُ ُ‬
‫بدل صرامة‬ ‫بعد سنين من‬ ‫وأداعب خ‬
‫ُ‬
‫الفاتنة تتر ُ‬ ‫بشقاوة كالهبالن‪ ،‬ت َ‬
‫اقص أمامي فيجثوا قلبي‬ ‫لك‬
‫ُ‬
‫ُمنهزما من فرط الجمال‪ ،‬وتحيط بقلبي بالورود‪ ،‬فابدور أنا‬
‫أنقش ُأ ّ‬
‫حبك على الجسد‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫بالقبالت ُ‬
‫أحبك وبغناة روحك رتلي‬ ‫والحضن فلترتلي‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أستقيم على صراط العشاق وأمض ي خطوة نحوك‪.‬‬ ‫لعلي‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 124‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ألنني لن أستطع البوح َ‬ ‫ّ‬


‫أمام‬ ‫دائما ما أهديه كتاباتي وحروفي‬
‫ّ‬
‫عينيه بهذه الطريقة فقط ُيمكنني أن ألتمس قلبه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أكتب نصا وأصف به‬ ‫ُ‬ ‫يا ترى‪ ،‬هل ُيعذبه ضميره عندما‬
‫قلبه عندما يرى صورة لي‬ ‫تفاهة ما فر َق بيننا؟ أو هل يرتعش ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مع أحد الشبان ُزمالء العمل بدال من أن يكون هو بجانبي؟‬
‫اليملك حيلة في اليد‪ ،‬وال ُيجيد التعبير‬ ‫ُ‬ ‫جيدا ّ‬
‫بأن ُه‬ ‫أعلم ّ‬
‫ُ‬
‫عزي‬ ‫أي ُمبادرة صغيرة منه قد ُت ّ‬ ‫واإلفصاح عن مشاعره‪ ،‬ولكن ّ‬
‫غم عشقي لفصل الشتاء‪ ،‬لم أتشوق‬ ‫قلبي ُوتطفئ ثورتي‪ُ ،‬ر َ‬
‫ألنك َ‬ ‫ّ‬
‫الشتاء هذا العام؛ ّ‬ ‫َ ّ‬
‫لست معي‬ ‫ثل الشتاء املاض ي لقدوم‬ ‫م‬
‫وألن أيدينا ُمتباعدة‪ ،‬األصابع غير ُمتشابكة‪ .‬لقد كانت يداك‬
‫التلميح‬ ‫سئمت م َن ّ‬ ‫ُ‬ ‫بمثابة حز ُام األمان لقلبي‪ّ ،‬‬
‫لكن َك رحلت‪،‬‬
‫َ‬
‫سطح‬ ‫َ‬
‫نلتمس‬ ‫أمام عينيك‪ُ ،‬‬
‫أرغب أن‬ ‫بالكتابة‪ ،‬أود أن أرتجل َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اعتبرها‬ ‫القمر معا والسفر بالفضاء وأنا بين أحضانك التي‬
‫َ ُ‬ ‫سج م َن األمان ُ‬ ‫كاوشاح في الشتاء‪ُ ،‬ن َ‬
‫كان فراقنا‬ ‫والحب‪ ،‬لقد‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كالزنزانة‪ ،‬ولكن ُ‬
‫أمل العودة هو النافذة الوحيدة التي امتلكها‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وحبل النجاة الوحيد الذي ينقذني من غرقي بك‪.‬‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 125‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قال لي‪ :‬ال تبتلعي َ‬


‫األمل‬ ‫الجن بخيبتي‪َ ،‬‬ ‫يشمت عفريتا م َن ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ملست وردة‬ ‫والثقة دفعة واحدة ألنك ستتقيئها ندما‪ ،‬كلما‬
‫ّ‬ ‫خطوت بطريق ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫السعادة اتعثر وأجثو على‬ ‫تذبل‪ ،‬وكلما‬ ‫بيدي‬
‫الصالبة من أشواك‬ ‫ركبتي منهزمة من فرط خيبة‪ ،‬أستمد ّ‬ ‫ّ‬
‫الصبار‪ ،‬ها قد صفعتني الحياة مرة آخرى‪ ،‬عالقة في سرداب‬
‫الشمس ومن ُث َم تنفيني َ‬
‫نحو الظالم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اندهش بأشراق‬ ‫ُ‬
‫الحزن‪،‬‬
‫هشا‪ ،‬ويحترق‬ ‫ّ‬ ‫تلتف حو َل ُعنقي‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أملك قلبا‬ ‫مخروطة صغيرة‬
‫َ‬ ‫جوفي ُويصبح ُغبارا ُ‬
‫يتناثر فوق الغيوم‪ ،‬يتجول بجانب القلوب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأعود إلى سرداب‬ ‫الحزينة ليواسيها‪ ،‬أمللم أشالء قلبي املبعثرة‬
‫الجدران‪ ،‬وفي قاع‬ ‫الحزن‪ ،‬وسأدفن س ُر سعادتي في شقوق ُ‬ ‫ُ‬
‫األرض‪ ،‬وأعمق ُحفرة ُمظلمة‪ ،‬وكأن قلبي يتيما فارغا م َن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش يء والالش يء‪.‬‬
‫لكنك ُت َ‬
‫نكرين‬ ‫يقو ُل لي عفريتي‪" :‬عاشقة أنت عاشقة ّ‬
‫َ‬
‫حقيقة األمر حتى على نفسك" م َن املؤسف أن يكذب اإلنسان‬
‫ّ‬
‫على ذاته ُوي ّهمش مشاعره‪ ،‬ويعتبر دقة قلبه الفريدة م َن نوعها‬
‫على ّأنها ُحب عابر‪.‬‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 126‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الخفية‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫خاطر قلبها اليأس‪ ،‬منذ نبوغ‬ ‫يثقل‬ ‫حوريتي‬
‫أيقنت ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫بأنك النعيم‬ ‫أي منذ أن تالقت األرواح)‬ ‫األظافر (‬
‫ّ‬ ‫نه ّإال إليه‪ّ ،‬ات ُ‬ ‫والقدر ّالذي ال مفر م ُ‬
‫خذت قلبك فردوس ي التي‬
‫رقت م َن أملاس قرطين‬ ‫أنعم بها وأعيش‪ ،‬وكأن عيناك قد ُس َ‬ ‫ُ‬
‫ملعانه أمامهم‪.‬‬‫حره و ُ‬ ‫المعين‪ ،‬ففقد األملاس س ُ‬
‫فله خاصية فريدة من نوعها‪ّ ،‬‬
‫فأما‬ ‫فأما عن مذاق عشقك ُ‬ ‫ّ‬
‫الشفاه ّرباه يا ّرباه! أن َ‬ ‫ّ‬
‫مياه شفتيك تروي الظمأن من بعد‬ ‫عن‬
‫طوال القحط‪.‬‬
‫افية ّ‬
‫يتغز ُل بها‬ ‫فهو منحوتة ُخر ّ‬ ‫ياحوريتي َ‬ ‫ّ‬ ‫فأما عن جسدك‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫شاع ُر الغزل ُ‬
‫وجدائل شعرك املنسدل فوق ظهرك‬ ‫العذري‪،‬‬
‫تهي َج‬ ‫َ‬
‫وأوقد ُ‬ ‫أستباح فكري‬ ‫َ‬ ‫خصرك‬ ‫ُ‬ ‫ند نهاية‬ ‫ّالذي َيص ّب ع َ‬
‫أضحوكة الشمس‪ ،‬يا َ‬ ‫َ‬
‫ذات اإلبتسامة املكتنزة م َن‬ ‫قلبي‪ ،‬يا‬
‫حوريتي تمتلكُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اللؤلؤ‪ ،‬فال شعر وال غزل َيصف ذاك الهيام‪ّ ،‬‬
‫األبعاد املوسيقية‬‫ُ‬ ‫قلبا متبلور ودمعة كريستالية‪ ،‬تتر ُ‬
‫اقص‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الش َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫على الحبال ّ‬
‫فيزداد‬ ‫مس فوق وجهك‬ ‫الصوتية‪ ،‬وتغف‬
‫َ‬
‫إشراقا فوق إشراق‪.‬‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 127‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أجالس قمري‪ ،‬عيناك ياقمري ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬


‫يفتكان‬ ‫ُ‬ ‫بعد ُمنتصف الليل‬
‫قلبي ُ‬
‫ويأسرا ُرشدي‪ ،‬وبت أبحث عنك في عيني فلم أجد سوى‬
‫نور القمر‪.‬‬
‫الجسد‪ّ ،‬‬
‫وكأنك‬ ‫بين شامات ّ‬‫داخل عيناك‪ ،‬ضائع َ‬ ‫َ‬ ‫ُمغترب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أشعر باإلنتماء إليه‪ ،‬وأفديه بدمي وروحي‪ ،‬بداخلي‬ ‫وطني الذي‬
‫الح َ‬
‫لم‬ ‫كومة م َن األحالم ّالتي أسعى أن ُأ َ‬
‫حقق شيئا منها‪ ،‬أنت ُ‬

‫واألحالم‪ ،‬ال أعلم متى وأين سينتهي َبي املطاف ولكن ُجل ما‬
‫أتمناه أن تكون تأشيرة مسيرتي األخيرة في هذه الحياة وأنا َ‬
‫بين‬
‫التوتي‪ ،‬وقد َ‬
‫بات قلبي بزرة‬ ‫كالجذع ّ‬ ‫أحضانك‪ُ ،‬م ّ‬
‫تشبثة في قلبي ّ‬
‫َ‬
‫بين أصاب ُعك‪.‬‬
‫وخلف الشاشات ُأقبل وجهك املُتدفق ّ‬
‫بالجاذبية‬
‫َ‬
‫عن ُبعد‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫استنشق‬ ‫املفرطة التي تغويني‪ ،‬ارتجف من شفاهك‪ ،‬وعن ُبعد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رائحة شعرك املنسدل فوق األكتاف‪.‬‬

‫‪ | 128‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫خلف الشاشة ّالتي تفصل ما بيني وبينك ّ‬


‫اتأمل تكاثف‬
‫َ‬
‫الرموش‪ ،‬وعندما التقينا بدأت العيون تتكلم بصيغة ُ‬
‫الحب‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫وكال القلبين ُ‬
‫يخفقان معا وترابطت األرواح دون انفكاك‪،‬‬
‫ترابطا ّ‬
‫أبدي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 129‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملاذا نسأل البحر على أي شاطئ سيرسو بنا؟‬


‫أي أرض ُن ُ‬
‫لملم ذكرياتنا؟‬ ‫ومن ّ‬

‫وحسبكم ّأننا غارقون‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫فحسبي‬
‫ّ ُ َ ّ‬
‫نحو الالمعلوم‪.‬‬ ‫ونتجه‬
‫الشعراء وهم يرثو َن من ّ‬
‫أحبوا‪،‬‬
‫ُ‬
‫ش في دواوين‬
‫ّ‬
‫نفت ُ‬ ‫ملاذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملو َ‬ ‫َ‬
‫هاجرون من أوطانهم ّ‬
‫حين لألحبة والذكريات التي قد‬ ‫ُوي‬
‫ُ َ َ ّ ّ‬
‫مقر الترحال‪.‬‬ ‫دفنت عند‬

‫ملاذا؟‬
‫ُ‬
‫ملاذا كل هذا؟!!‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 130‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫نقشت على ُجدران‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫لكنت‬ ‫لو ّأنني أمتلك ُ‬
‫الجرأة الكافية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نت في تاريخ بالدي عن ّ‬ ‫ودو ُ‬
‫مدينتي ّ‬
‫ماهية الحياة التي تغوينا‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫فوق أرضها بالنساء العاهرات واملال واملجوهرات‪.‬‬
‫ُ‬
‫تخمد ثورة العقول بكؤوس نبيذ‪ ،‬اقتلعوا لساني كي ال‬
‫يطمح بالعيش فو َق‬ ‫ُ‬ ‫أشتم وأطالب بحقوقي كوني إنسان ُح ّر‬
‫أرض ُحرة‪ ،‬قطعوا أصابعي كي ال أكتب؛ فالكتابة فعل شنيع‬
‫ّ‬
‫بحسب منظورهم الخاطئ‪ ،‬رمو بي على قارعة الطريق لتنهش‬
‫الكالب من لحمي‪ ،‬ولكن ياسادة ‪-‬كما تعلمون‪ -‬بأن أثر‬
‫الفراشة ال يزول فما بالكم بأثر طير ُحر؟‬
‫ونحن من يستحق‬ ‫ُ‬ ‫نشيع موتانا‬‫ترفدها حروب‪ّ ،‬‬ ‫حرب ُ‬
‫َ‬ ‫التشيع‪ّ ،‬‬
‫ميتة وأجسادنا ُجثة تمش ي فوق األرض‪،‬‬ ‫فإن أرواحنا ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫انتهكوا صوتي بسبب كثرة صياحي عليهم‪ ،‬وألنني أنعتهم بهذه‬
‫َ َ‬
‫املقولة‪ :‬وحوش على هيئة بشر‪ ،‬دواب يمشون فوق األرض‪،‬‬
‫قدست َ‬
‫أنين روحي‬ ‫السماء ّ‬ ‫إن األرض قد لعنت صوتي ولكن ّ‬
‫مزقت ثوبي األسود وأسارع‬ ‫ُ‬ ‫واستشعرت بنيران قلبي‪ ،‬ها قد‬
‫الحرية واالستقالل‪.‬‬ ‫رصع بتيجان ُ‬ ‫ثوبي األبيض‪ ،‬املُ ّ‬
‫ألرتداء ّ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 131‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬


‫وإني أميل ك ّل امليل لطبع َك الغريب‪ ،‬ومزاج َك املتقلب‪،‬‬
‫ّ‬
‫الخفية‬ ‫أميل البتسامتك‬ ‫ّ‬
‫العشوائية‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫وأميل ألزرار القميص‬
‫بعد الغضب‪ ،‬وأميل أيضا لفوض ى منزلك وخزانتك‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وعشوائيتك في كل ش يء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫الشقي‬ ‫أميل كل امليل ملحبوب قلبي‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫والحزن أدمى‬ ‫خلعت قلبي‪،‬‬ ‫وبسبب ُحكم القدر علينا لقد‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أستند عليه‪ ،‬كتفا‬ ‫عيني‪ ،‬هل ُيعقل أن أميل دون وجود كتفا‬
‫غم عدم بوحي بما أشعر‪ ،‬أبكي بصمت عارم‪،‬‬ ‫يمتص ُحزني ُر َ‬
‫ّ‬
‫صر َ‬
‫اخ األنين في حلكة الليل‬ ‫ُ‬
‫فتصرخ روحي ُ‬

‫ُأيعقل؟!!!‬
‫ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫أميل كل امليل لك ولعيناك وتفاصيلك وصوتك‬ ‫فإنني‬
‫وإبتسامتك ّالتي تغوي قلبي‪ ،‬إني ُ‬
‫أميل عليك ياكتفي الثابت‬
‫َ ّ‬
‫فأرجوك أال تميل‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 132‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬
‫يذهب فيض ي‬ ‫كؤوس وقت َك الفارغ‪ُ ،‬أيعقل أن‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫كالنبع امأل‬
‫سدى؟!‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫خذ قر َار الرحيل‪َ ،‬‬
‫بعد مراقبتي لسرب الطيور املهاجرة‬ ‫أت‬
‫َ‬
‫هاجرين ملوطن‬ ‫َ‬
‫متخذين موطنا آخر ُم‬ ‫خوفا من قسوة الشتاء‬
‫الدفء والزهور‪ُ ،‬ممتلئة بالخيبة والرحيل‬
‫َ‬
‫الهروب من أفكاري‬ ‫أحاو ُل‬
‫ُ‬
‫وأتهرب‬ ‫أهرب م َن الذكريات‪،‬‬
‫النور‪ُ ،‬‬ ‫أهرب م َن الظالم إلى ّ‬
‫ُ‬
‫الهروب م َن الوقوع في بئر‬
‫َ‬ ‫م َن النظر في عينيك‪ ،‬أحاو ُل‬
‫تمر عاصفة‬‫تحت ظ ّل الشجرة ريثما ّ‬ ‫َ‬ ‫العاشقين‪ ،‬أختبئ‬
‫الحنين‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 133‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تسألوني أعاشق َ‬
‫أنت؟‬
‫عاشق أنا؟! أعتقد ّ‬
‫بأن ُه تساؤل ّ‬
‫غبي‪...‬‬
‫تخبطات مشاعري‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أشك في هذا‪ ،‬ال أعلم ماهي حقيقة‬
‫ُ‬
‫عتنقت الغز َل ُ‬
‫العذري لكي‬ ‫لست بعاشق‪ ،‬بل ّإنني شاعر ا‬ ‫ُ‬
‫أغاز َل العينان اللوزيتان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫_ ُ‬
‫لست بعاشق بل مستكشف غربي يستكشف ثغراتك‬
‫بالح ّب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويفيضها ُ‬ ‫الفارغة ويملؤها‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫_ كال كال ُ‬
‫أتصور لذة‬ ‫أصبحت رساما‬ ‫لست بعاشق بل‬
‫ُ‬
‫وأرسمه‬ ‫وأتخيل تعرجات الجسد املُنحي األنثوي‬
‫ُ‬ ‫شفاهك‪،‬‬
‫ُ‬
‫مايدور في عقلي تجاهك‬ ‫ولست بعاشق‪ُ ،‬‬
‫أكتب‬ ‫ُ‬ ‫_فأنا كاتب‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫دقات قلبي املضطربة التي تعزف حروف ُ‬ ‫وأترجم َ‬
‫ُ‬
‫إسمك‪.‬‬
‫بحار‪ُ ،‬‬
‫أبحر في بحر عيناك ولم أجد مكانا‬ ‫بحار أنا نعم أنا ّ‬
‫_ ّ‬
‫ُ‬
‫ثل ُعنقك املثير عليه أرسو ‪.‬‬
‫م َ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبعد كل هذا مازلت تسألينني‬ ‫_ياعزيزتي املتمردة املحتالة‬
‫أعاشق َ‬
‫أنت؟؟‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 134‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫لم تعد حروفي ُتجيد االصطفاف‪ُ ،‬كبلت ّ‬


‫مخيلتي‪ ،‬في األونة‬
‫ّ‬
‫الداخلي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫شعرت بالفراغ‬ ‫االخيرة لم أعد ُمتفرغة للكتابة‪،‬‬
‫مزاج ُمتعكر وجه ُ‬
‫يثور بالعبء‬

‫فرد‬ ‫ُ‬
‫نظرت إلى مرآتي ّ‬ ‫حاجبان منعقدان‪ ،‬رجفة في اليدين‪،‬‬
‫داخلي على خارجي‪ :‬أنك تفتقدين نفسك!‬
‫َ‬
‫تفتقدين نفسك ألنك قد ذكرتي سابقا هذه املقولة‪:‬‬ ‫نعم‬
‫ُ‬
‫فوجدتها في الكتابة"‬ ‫ُ‬
‫ضيعت نفس ي‬ ‫"‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫العثور على ذاتك اتجهي ونثري األحداث املكبوتة‬ ‫إذا أردت‬
‫في داخلك‪،‬‬
‫ُ‬
‫ومنذ َ‬ ‫سارعي الوصول َ‬
‫ذاك‬ ‫قبل أن يجف ح ُبر قلمك‪،‬‬
‫الوقت وأنا ال ُأ ّ‬
‫فو ُت يوما من دون أن أكتب ولو كلمة واحدة‬

‫إن الكتابة هي ملجأي الوحيد‬


‫الكتابة هي ُ‬
‫بيت اسراري‬
‫ُ‬
‫الكتابة هي ذاتي وعائلتي وكل الرفاق‬

‫‪ | 135‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فأنا من دون الكتابة تائهة في ُمنتصف البحر ال ُ‬


‫أجد بر‬
‫َ‬ ‫األمان‪ُ ،‬جل ما أتمناه ّ‬
‫النجاة واملوت فوق اليابسة بدال من‬
‫ُ‬
‫موتي في قاع البحر لكي ال أصبح نسيا منس ي‬

‫الكتابة هي منفذي الوحيد لإلستمرار في هذه الحياة‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 136‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫تسير روحي على الطرقات حافية‪ ،‬فما عادت َتد ُب ُ‬


‫الروح في‬ ‫ُ‬
‫واألحالم تراودني‪ّ ،‬‬
‫يؤنبني‬ ‫ُ‬ ‫روضة الجسد‪ ،‬يغل ُبني النوم وأسهو‪،‬‬
‫كيف تسهو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ ُ‬
‫عين العاشق بعد‬ ‫فيكاد الشوق يغل ُبني‪،‬‬ ‫فؤادي‪،‬‬
‫َ‬
‫أنشودة ُ‬
‫الفراق‪،‬‬
‫ُ ّ‬ ‫أن ُقطعت ح ُ‬
‫بال الود واألمل‪ ،‬عيناي ترت ُل‬
‫ُ ُ‬
‫والحزن في جوفي يرتمي‬
‫َ‬
‫تائهان‬ ‫والشو ُق اثقلني‪ ،‬لقد ُ‬
‫بت ال أعيي نفس ي وأنا ُ‬
‫والح ّب‬
‫في الغيب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فإني تائهة في صحراء ُح َ‬
‫بصيص أملي‪.‬‬ ‫وانتظر‬ ‫بك‬ ‫عد‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 137‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ّ‬ ‫في صباح مدينتي ّ‬
‫الدافئة دمشق‪ ،‬كانت األحالم معلقة في‬
‫الرهيب! كانت‬‫الساحات على أعواد املشانق‪ ،‬يا لهذا الصباح ّ‬
‫أقف عاجزة عن ّ‬ ‫ُ‬
‫التعبير‪ ،‬قليل م َن الصمت‬ ‫اآلمال ساكنة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أجهش‬ ‫والصدمة‪ ،‬ونظرة وجهي ممزوجة بصرخات الخيبة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بالبكاء وحبالي ّ‬
‫الص ّ‬
‫مياهه‪ ،‬ال أعلم‬ ‫وتية كأنها سد قد قطعت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحالم شباب املستقبل أم أحالمي‬ ‫أحالم من املعلقة؟ هل هي‬
‫أبناء بالدي‪ ،‬بصوت مخنوق وبحة في الحبال‬ ‫ُ‬
‫أحالم ُ‬ ‫أم َ‬
‫هي‬
‫ّ ّ ُ‬
‫وتية تعبر عن حرقة الدموع‪ ،‬فقد كانت األحالم ُممزقة‬ ‫الص‬
‫عتيقة كأسوار دمشق‪ ،‬ها قد انفطرت دموعي‬
‫ُ‬
‫أحالمه معلقة على حبل مشنقة!؟‬ ‫يترك ُ‬
‫املرء‬ ‫ُأهنا ُ‬
‫كنت ُكل يوم في ُكل صباح ُ‬
‫أشيع أحالمي‪،‬‬ ‫نعم نعم‪ ،‬لقد ُ‬
‫ُ‬
‫وكلمة األحالم األخيرة َ‬ ‫ُ‬
‫هي‬ ‫وأبكي بحرقة وأدفنها في جوفي‪،‬‬
‫لنمض ي ونرحل لبالد ُت ُ‬
‫مجد فيها األحالم‬
‫بتر األحالم فو َق‬ ‫ّ‬
‫بالشنق‪ُ ،‬ت ُ‬ ‫ألن في بالدنا ُي ُ‬
‫حكم على أحالمنا‬
‫ُ‬
‫عتبة بالدي وتنس ى‪.‬‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 138‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫يركض يا أبتاه‬ ‫_ ُعمري‬

‫_إلى أين‬
‫_ ُ‬
‫لست أدري‪ ،‬ع َ‬
‫شرين عام انهالوا عليي كبركان ثائر‪ُ ،‬عمري‬
‫يمض ي بسيرورة‬
‫ُ‬
‫أجريت ميثاقا مع عامي الجديد‬ ‫ُومستقبلي مهترء كهزائمي‪،‬‬
‫أعيش عامي لحظة بلحظة‪.‬‬‫َ‬ ‫بأن‬
‫ُ‬
‫غافلت َ‬
‫عامي‬ ‫َ‬
‫وبعد مرور عامي املاض ي والبدء بعام آخر‬
‫ُ‬
‫وهرعت إلى عامي السابق‪.‬‬ ‫الجديد‬
‫لقد باتت أعوامي ُت ُ‬
‫شبه بعضها حرب تليها حرب‪ ،‬خيبة‬
‫ُ‬
‫تعقبها خيبة‪ ،‬ال ش يء جديد في حياتي‬

‫ال ش يء‬
‫سوى ّأنني ّ‬
‫ميت على قيد الحياة‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 139‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وأشاء يوما م َن ّ‬
‫األيام بسمة‪ ،‬قد ُسرقت من كتاب أنجيل‬
‫وأشاء قربا منها ل ُتحييني‪ ،‬كي تسهو عين ّ‬
‫النجوم وتغفى على‬
‫شمس قلبي ضاحكة‪ ،‬فتسوقني إلى لحن‬‫ُ‬ ‫صدري فتصحو‬
‫َ‬
‫النجوم والشمس‪ ،‬يالحن قلبي‬ ‫أغنية ّ‬
‫لحنها ُ‬
‫العشاق‪ ،‬ملحنيها‬
‫َ‬
‫وياسفر الخنجر في قلبي يانجمتي وبسمتي‪.‬‬ ‫يا أضحوكة أيامي‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 140‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وقف فوق شرفة قلبي فسقط بحفرة ُمدمية‪ ،‬نظر لشمال‬
‫َ‬
‫الخدوش بأعلى التلة‪ ،‬خدوش قد رسمها بيديه‪.‬‬ ‫قلبي فرأى‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ضحيته الكبرى مسلوخا في مذبحة‬ ‫أصبح قلبي‬ ‫لقد‬
‫ّ‬ ‫بأنه قد َ‬ ‫ُ‬
‫الكبرى‪ّ ،‬ربما لم ُيدرك ّ‬
‫محشوا‬ ‫صنع قلبا آخر‬ ‫خطيئتة‬
‫بالكراهية والحقد‪ ،‬قلبا يتحين لحظة اإلنتقام قلبا ُي ُ‬
‫شبه‬
‫قلبه‪ُ ،‬خ َ‬
‫لق من لعنة خيبة أبدية‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 141‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أحالمي هي أن ُي ّرتل التاريخ اسمي‪ ،‬وأن تكون بصمتي ُ‬


‫ذات‬
‫ُ‬
‫أثر ال ُيمحى‪ ،‬وأعمل على إنشاء العديد م َن الكتب فيما بعد‬
‫ُ‬ ‫َتحم ُل اسمي وتنتقل به َ‬
‫بين ثنايا كل كاتب ُمبتدأ وأديب‬
‫الحب في الحرب‬ ‫بين ُ‬ ‫ُمخضرم‪ ،‬سيكون محتوى كتابي مزيج َ‬
‫َ‬
‫والخذالن والشوق واملوت والتضحية والصعوبات‪ ،‬فعندما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تقلبون الصفحات ستلمسون في حروفي حسرة الخيبة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتعثرث‪ ،‬ول ّ‬ ‫ُ‬ ‫َوت ُع ّدون كم من ّ‬
‫كنني هكذا هذه أنا‬ ‫حاربت‬ ‫مرة‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫الفتاة التي تكون في ُمقدمة الهجوم دون اإلكتراث من رهبة‬
‫ُ‬ ‫خلدة َ‬‫ُ ّ‬
‫هي "سأكون يوما ما أريد"‬ ‫املوت والفشل‪ ،‬مقولتي امل‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 142‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫وأعبر فوق جسر عتيق‪،‬‬ ‫أمش ي إليك حافية القلب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والخوف يعتريني‪ُ ،‬‬
‫وجل ما تمنيته أن تكون نهاية املطاف إليك‪،‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫فأعبر مهرولة إليك‬ ‫أنظر لنهاية الجسر فأرى طيف وجه َك‬ ‫ُ‬
‫َ ُ ّ‬
‫وقلبي املهشم يسب ُقني بخطوات‬
‫ُيسارع للوصول َ‬
‫إليك بلهفة‪.‬‬

‫العبور إلى قلب َك بسالم‪.‬‬ ‫ال ُ‬


‫أريد ش يء سوى ُ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 143‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬


‫تتأرجح على‬ ‫أتمناك يا قمري في كل ليلة وأنوثتك الطاغية‬
‫َ‬
‫حبال ُمخيلتي فتغويني‪.‬‬
‫كالنور ّالذي اعتدنا على مجيئه ُر َ‬
‫غم احتالل الظالم‪.‬‬ ‫إنك ّ‬

‫ثل يقظة تأتي َ‬


‫بعد نومة كهف مؤبد‪.‬‬ ‫وم َ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 144‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫بالحب‬ ‫الخاصة بك‪ ،‬أخاف البوح‬ ‫أنا لعبة الشطرنج‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إيماءة القبول م َ‬
‫نك ثقيلة‪ ،‬فإني أخاف االقتراب لكي ال‬ ‫فتكون‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أبوح لك بمشاعري وتقط ُفها وترمى‪ ،‬يافتنة‬
‫وأخاف أن َ‬ ‫أنفى‪،‬‬
‫الخيالي‪ ،‬إن ُحبك قد ّ‬
‫تسب َب لي بنوبة تفكير‬ ‫ّ‬ ‫قلبي‪ ،‬ياحبيبي‬
‫قارب قلبي ّالذي يحم ُل ُحبا سرمديا عتيق‪ُ ،‬‬
‫تهزه‬ ‫يترنح ُ‬‫عالية‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫موجات شاطئ ُهنا أم ُهناك‪ ،‬هذا أم ذاك‪ ،‬غارقة أنا‪ ،‬وغريق‬
‫غارقين ببعضنا البعض‪ ،‬والفار ُق‬
‫َ‬ ‫أنت‪ ،‬وفي النتيجة فكالنا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يجدف بنا َ‬ ‫بيننا َ‬
‫وقارب قلبي في‬ ‫نحو الشرق والغرب‪،‬‬ ‫هو املوج‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صوت الغارقين لينقظ أحدا منا‬ ‫سماع‬ ‫املنتصف ينتظر‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫غارقين ببحر ُ‬
‫وسبب الغرق ألننا لم‬ ‫الح ّب‬ ‫فكالنا غارقين‪،‬‬
‫ُن َ‬
‫درك فن العوم في بحر العاشقين‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 145‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬
‫القلب يعشقها لكن‬ ‫إن‬

‫قلبها مؤصد في وجه قلبي‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أطر ُق َ‬
‫القلب يجهلني‪.‬‬ ‫باب قلبها لكن‬
‫عبثت بقلب ُ‬
‫لست بمالكه‬ ‫ُ‬ ‫ياللهول لقد‬

‫القلب ُممتأل بالصدأ‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأصبح‬
‫تستقبل ّ‬
‫الصد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فما من ثغرة فارغة في جوفي‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 146‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫قر ُ‬
‫رت العبور بتجاه الضفة اآلخرى من‬ ‫بخطوات ُمستترة‪ّ ،‬‬
‫قلبه‪ ،‬وأنا بكامل اإلندفاع‪ ،‬لكن صوت ما في عقلي يصرخ ال‬
‫ُ‬
‫تعبري ال تذهبي لم تلتئم ُ‬
‫ندوب قلبك بعد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومشيت به) ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تخطيت العرقالت‬ ‫لكنني‬ ‫(ومش ى الخوف بي‬
‫ّالتي واجهتني َ‬
‫أثناء العبور‪ ،‬بإصرار عجيب مني ُ‬
‫قررت معاودة‬
‫املحاولة للوصول للضفة األخيرة‪ ،‬وبعناد شديد مني لم أصغي‬
‫تقدمي متجهة نحو النجوم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫واصلت ّ‬ ‫ملخاوفي‪ ،‬وبفرحة غزيرة‬
‫ُ‬
‫نهاية املطاف بي ع َ‬
‫ند محطة قلب َك األخيرة‪.‬‬ ‫لكي تكو َن‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 147‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ونجلس فو َق ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قلت ُله َ‬‫ُ‬
‫الحطام‪،‬‬ ‫تعال نتبادل أطراف قلبي‬
‫ّ‬
‫أخبرك َأن لعينيك سحرا أخاذا‬
‫َ‬ ‫لكي‬
‫سحر َ‬
‫دائم التأثير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ها قد تجاذبت أحاديثنا اللطيفة وضاعت الكلمات‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وتناثرت الحروف من شدة جمال يدينا امل َتماسكتين‬
‫وهل لأليدي ت َ‬
‫لك القوة والجمال؟‬
‫ويمض ي الخريف على جلستنا هذه‪ ،‬وأنت لم تفلت ّ‬
‫يدي‬

‫وأنا لم أنته من تأمل عيونك‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 148‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫بعيدة عن أنامل يديك‬

‫بين حدود يديك‪.‬‬ ‫أظن ّأنني ُ‬


‫أمتزج َ‬ ‫قريبة بروحي ّ‬

‫أتمنى أن أكون قالدة حوال ُعنقك‪ ،‬أو قرطا صغيرا‪.‬‬

‫أعتقد ّأنني جديرة بالخيال املكاني‪ ،‬أريد أن أشعر ّأنني قد‬


‫ُ‬

‫لك الرائحة‬ ‫أمألت حيزا م َن الفراغ ّالذي في قلبك‪ُ ،‬‬


‫أشم ت َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تقتحم قلبي وتسكر عقلي‪ ،‬وتخترق ُجدر َان‬ ‫ُ‬ ‫الخرافية‪ ،‬إنها‬
‫ُ‬
‫منزلي‪ ،‬تخترق جسدي‬
‫ُ‬
‫وتخترق روحي‬
‫ُ‬
‫وتخترقني‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 149‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫أشعر بامتزاج‬ ‫يحتويني بكلماته ُويدخل حروفه إلى قلبي‪،‬‬
‫أنفاسك بروحي‬
‫صوتك كشريط من نار يوقظ ّ‬
‫السالم النائم في جسدي‪.‬‬
‫ُ‬
‫ُحبك يفوق ُحبي لنفس ي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 150‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬
‫وكأنك لوحة أغريقية ُمثيرة وفريدة من نوعها‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومساره عيناك‪.‬‬ ‫وجهك ُ‬
‫تيار الكون‪،‬‬
‫ُ ّ َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ور الذي في وجهك‬ ‫النجوم تلتمس الن‬
‫ف َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫مياه شفاهك‬ ‫والعصافير ترتش‬

‫وتستقر ُبحيرتان على أطراف الذقن‬


‫ُ‬
‫ُ‬
‫يسرق العطار بعضا من رائحتك‬
‫يا َ‬
‫سيد قلبي الوحيد يا َ‬
‫حقل بساتين أيامي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 151‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫يلمس قلبي في كلماته‬
‫وحروفه ُت ُ‬
‫داعب حنيني‬
‫ويده يضعها في يدي َوي ُ‬
‫شبكها‪ ،‬إن مس قلبي يتزعزع الفؤاد‬ ‫ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫تسبح في فلك‪..‬‬ ‫عيناك نجوم‬ ‫في جوفي‪،‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 152‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬
‫في رسائلي لك أقول‪ :‬كيف استطاعت عيناك احتوائي‪.‬‬
‫ُ ُ َ‬
‫الحزن عنه‪.‬‬ ‫أال تراني اتأرجح على أوتار القلب وأمسح‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأقبل العيون الناعسات التي إن تفتحت ستحيي قلبي‬
‫وستشرث أيامي‪ ،‬إني أرى م ُنهما ُ‬
‫الدنيا‬
‫ُ‬
‫ويداك بلمسة تغير مالمحي كسراج ُمنير أمش ي على‬
‫خطوطه‪.‬‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫وأستمتع‬ ‫وأتربع ُهناك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأشعل أعمدة اإلنارة في قلبك‬
‫بسماع دقات القلب وكأنهن سيمفونية‪.‬‬
‫ثل حقول ُ‬
‫البن وأرى فيهم‬ ‫أستر ُق النظر للعيون ُ‬
‫البنية م َ‬
‫الجنة‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 153‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ال يليقُ بِقليب سِواك‪.‬‬


‫ُ‬
‫الثياب الراقية‬ ‫ال ُ‬
‫تليق بي‬
‫ُ ُ‬ ‫وال ُ‬
‫الثياب املمزقة‬ ‫تليق بي‬
‫وال ُ‬
‫يليق بي جسد ُم ّ‬
‫تعر‬
‫وال ُتغريني مجوهر ُ‬
‫ات الذهب والفضة‬
‫ُ‬
‫نسيجه من عينيك‬ ‫ُ‬
‫أريد أن أرتدي ثوبا‬
‫ُ‬
‫حاكته األنامل الطاهرة‪،‬‬ ‫قد‬
‫ال ش يء في هذه الحياة ُ‬
‫يليق بي سواك‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 154‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫رسالة من حواء لِآدم‬


‫ّ‬ ‫تنزلت لعنة على َ‬
‫ذاك الرجل الذي من نسل آدم‬
‫ُ‬
‫تخطط لتتركني كطفلة يتيمة ال أهل وال وطن‬

‫رجوتك مئات املرات لكي تبقى معي وال تخذل قلبي املعتوه‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وغيرتك املجنونة‬ ‫الذي احتواك بمزاجيتك وطبعك اللئيم‬
‫ذبك وتصرفاتك غير املفهومة َت ُ‬
‫قص عليي أقاويل وتراهات‬ ‫وك َ‬
‫كنت أرى َ‬ ‫حة لها ُ‬ ‫َ‬
‫فيك الوطن والحياة واألهل واألحبة‬ ‫ال ص‬
‫واآلن ُج ّل ما أتمناه هو مسح أثرك القذر من حياتي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 155‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اخلِذالن‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫األرض من جنوبها إلى‬ ‫مخذولة من كل البشر‪ُ ،‬حزني َيتس ُع‬
‫ثل ذرة رمل حدفتها الرياح‪،‬‬ ‫صبح م َ‬‫ندثر دموعي ُوت ُ‬ ‫أقصاها‪َ ،‬ت ُ‬
‫قبل املوت أكبر وأعظم‪،‬‬ ‫عذاب ما َ‬ ‫ُ‬ ‫أموت موتا بطيئا‪ ،‬ولكن‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫أشد وطأة م َن املوت ُ‬
‫ذاته‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ويح الذكريات لقد قتلتني مئة مرة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وذلك الج ُ‬
‫نظرت إليه‬ ‫أصبح ندبة كلما‬ ‫رح القديم ال يلتئم‬
‫الرعب في خلدي‪ ،‬اقترب م ّني‪ ،‬ومن َ‬
‫ثم‬ ‫َ‬ ‫أتذكر ُحزني‪ ،‬لقد َ‬
‫زرعت‬ ‫ُ‬
‫عني‪ ،‬التناقض يزو ُرني في بعض األوقات‪ ،‬ذاكرتي‬ ‫ابتعد ّ‬
‫الدمع‪ ،‬أبكي‬ ‫َ‬ ‫مغروسة ومتشبثة في املاض ي‪ ،‬عيناي تستجلبان‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ستبيح كل نقاط ضعفي‪،‬‬ ‫وأضح ُك على خيباتي في آن واحد‪ ،‬ت‬ ‫َ‬
‫أريد أن أفصح عما بداخلي‪،‬‬ ‫ثل الشيطان‪ُ ،‬‬ ‫تتلبس عقلي م َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأرغب في شرح أفكاري الغريبة‪ ،‬وصور املاض ي املغبشة‬
‫دف ُعني إلى االنتحار‪ُ ،‬‬ ‫ّ َ َ‬ ‫ُ‬
‫أريد‬ ‫والهالوس املخيفة والوساوس التي ت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تفسيرا لكل هذا‪ ،‬في ثغري كالم ُمتلعثم قد خبأته في جذور قلبي‬
‫وأعماق الذاكرة‪.‬‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 156‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫فاتِين ومفتوني‪.‬‬
‫َ ّ‬
‫يافاتن اللحية ج ُئت َك ُمرهقة ومنهزمة‬
‫ُ‬ ‫من وحي ع َ‬
‫شقك راعني أن أقتال‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لك العيون الواسعات َت ُ‬
‫ت َ‬
‫بتلعني وأنجرف نحوها إلى الهاوية‪.‬‬

‫القتل في شرع اإلله ُمحرم‬


‫ُ‬

‫ال ُمحلال‪.‬‬ ‫وفي شرع ع َ‬


‫شقك ما يز ُ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 157‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقوع القلب‪.‬‬
‫قلبي يقع في عشقك ويغرق ُهناك‬

‫ليس ُهناك أي مخرج؛‬


‫يا إلهي َ‬

‫أحتاج إلى محو الذاكرة والنسيان ولكن قلبي غير موافق‬


‫ُ‬
‫على اإلطالق‪ ،‬وأحتاج إلى الخروج م َن املاض ي والعودة إلى‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الحاضر‪ ،‬ولكن َت ّ‬
‫حت َمت علي املحاربة‪ ،‬في هذه اللحظة أحتاج‬
‫إلى سيكارة وأنت‪ ،‬وأحرقكما معا برماد سيجارتي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 158‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫نداءُ القلب‪.‬‬
‫َ‬
‫أنت لم تسمع نداء قلبي لك!‬
‫فأنا موجودة في عقلك َ‬
‫وأنت ال تعلم!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أو َ‬
‫تستمع إلي سرا وتسترق النظر‪.‬‬ ‫أنك‬

‫ليلي يختلط بنهاري‪.‬‬

‫ابتعد عن طريقي سأكمل خطواتي من دونك‪.‬‬


‫ُ‬ ‫الحلم ولك َ‬
‫تأتي إلي في ُ‬
‫نك ال تكترث لوجودي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 159‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪12:12‬‬
‫ووقت شرود الذهن وسفر‬ ‫ُ‬ ‫إنه ُ‬
‫وقت االنفصام باملزاج‬ ‫ُ‬

‫أشعر بثغرة في روحي مفقودة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫موعد األماني‪،‬‬ ‫العقل بالخيال‪،‬‬
‫ُ‬
‫ذعرت وتهرهرت‬ ‫أفتش في جوفي وأرى قطعة منهوبة‪ ،‬في البداية‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫دموعي على َ‬
‫وجنتي أمش ي ُمهرولة أبحث عن قلبي الذي تحم ُله‬
‫بين السطور وفي مكتبتي‬ ‫أفتش عن قلبي َ‬ ‫اآلن في ُجعبة جوفك‪ُ ،‬‬
‫ينبض ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بالحب‬ ‫ُ‬ ‫سألت املارة هل رأيتم قلبا ُمحطما تارة‬ ‫املغبرة‪،‬‬
‫يثور م َ‬
‫ثل البركان‬ ‫ويفيض بالشغف واألمل‪ ،‬وتارة ُ‬
‫ُ‬

‫ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫نجلس بها‬ ‫أبحث في األماكن والحدائق والكافيهات التي كنا‬
‫ُ‬
‫صوت‬ ‫وجدت فيهما شيئا واحدا هو‬ ‫ُ‬ ‫ونحتس ي القهوة معا‬
‫قهقهاتنا عندما نضحك ولم َأر أثرا لقلبي‪.‬‬
‫وأكم ُل البحث َ‬
‫بين وجوه العابرين‪ .‬أستمر بحثي أليام‬
‫وسنين وإلى اآلن لم أجد أثرا لقلبي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 160‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أخشى اللقاء‬
‫ُمتلهفة للقياك‪ ،‬ولك ّني أخش ى اللقاء‪ ،‬وكأن لقاءنا مثل ّ‬
‫املد‬
‫َ‬
‫معارك ّ‬
‫شتى مع نفس ي‬ ‫والجزر آخره طوفان‪ ،‬لقد ُخ ُ‬
‫ضت‬
‫ُ‬
‫خرجت بأكبر الخسائر‪ ،‬لقد‬ ‫ُ‬
‫أحببتك‪ ،‬وفي نهاية املطاف‬ ‫عندما‬
‫ُ‬
‫أخاف َ‬ ‫وحبي ب َ‬ ‫َخس ُ‬
‫عليك م َن‬ ‫تلك املعركة‪ ،‬أما أنت فال‬ ‫رت قلبي ُ‬

‫عبت َك بعضا م َن الذكاء‬ ‫ألنك َ‬


‫تمت ُ‬
‫لك في ُج َ‬ ‫املعارك والحروب َ‬
‫َ‬
‫خدعت قلبي األحمق من جديد‪،‬‬ ‫والدهاء واملكر والخداع‪ ،‬لقد‬
‫َ‬
‫جدفت‬ ‫قضم حياتي‪َ ،‬‬
‫رميت بي في قاع عشق َك‪ ،‬ومن ثم‬ ‫الندم َي ُ‬
‫ُ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫تمتلك ألف قارب م َن النجاة‪ ،‬أما‬ ‫ونجوت أنت بأقل الخسائر‪،‬‬
‫َ‬
‫جعلت قلبي‬ ‫ُ‬
‫مضيت‪،‬‬ ‫وأجر ُه خلفي أينما‬ ‫أنا فال ُ‬
‫أملك إال ُحزني ّ‬
‫كسيرا يمش ي م َ‬
‫ثل إنسان أعرج‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 161‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مرورُ السنني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والشتاء‬ ‫الربيع والخريف‬ ‫لقد مر على لقائنا األخير‬
‫َ‬
‫النظر إلى عينيك‬ ‫ُ‬
‫ألقيت‬ ‫ّ‬
‫والصيف‪ ،‬هااا قد إجتمعنا مرة أخرى‬
‫ريق الذي َ‬
‫الب َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫كان َيشع من عينيك‪،‬‬ ‫افتقدت لذلك َ‬ ‫أشعر بأني‬
‫الت ُ‬
‫مست َ‬ ‫يعتريني‪ ،‬كم َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫لك األعذار‪ ،‬أتغاض ى عن‬ ‫أصبح الشوق‬
‫القذرة التي ُتبادرني بها‪ ،‬آه على روحي كم َ‬
‫استنزفت‬ ‫ردات الفعل َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحنين وسكون الروح والخوف من ُمقبل‬ ‫من طاقة‪ ،‬يجتاحني‬
‫ُ‬
‫أبحث عن األمان عندما أكو ُن َ‬
‫بين أحضانك‪ ،‬أما عن‬ ‫األيام‪،‬‬
‫ُ‬
‫أتخذ م ُ‬
‫نه بيتا ووطنا من َبعد‬ ‫قلب َك فهو شاطئ فيه أرسو‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬
‫أفت ُ‬
‫أختبئ‬ ‫ش في أعماق قلبك عن زاوية‬ ‫طوال الترحال‪ ،‬ومن ثم‬
‫بها من وحشة الكون‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 162‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫مل أعد أرغب بك‪.‬‬


‫ُ‬ ‫غير َي ّ‬ ‫َ‬
‫ملست يدا َ‬ ‫أرغب بك‪َ ،‬‬‫لم أعد ُ‬
‫دي‪ ،‬في ك ّل ليلة‬ ‫ألنك‬
‫َ‬
‫عليك من‬ ‫إخماد نير َان قلبي املُشتعل املُتلهب‪ُ ،‬‬
‫أغار‬ ‫َ‬ ‫أحاو ُل‬
‫أهرب َ‬ ‫قلب َك ُملطخا بعشق فتاة غيري‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫أصبح ُ‬ ‫ّ‬
‫إليك‬ ‫ظلك‪ ،‬لقد‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأكون ُمترنحة ُمفرغة القلب م َن املشاعر‬
‫كيف ُ‬‫َ‬
‫تعود إلي‪.‬‬
‫ّ‬
‫بأي حق تعود؟‬
‫َ‬
‫شوهت قلبي‬ ‫َ‬
‫بعد أن‬
‫يجعلك َت ُ‬
‫َ‬ ‫تشوه م َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لمسه مرة أخرى‪.‬‬ ‫نك أن‬ ‫وكيف لقلب‬
‫الد َ‬
‫رب معا‪،‬‬ ‫هجرت ُكل رجال ّ‬
‫الحي لتكو َن َ‬
‫أنت لي و ُنكم ُل ّ‬ ‫ُ‬
‫تستح ُق ُكل هذا ُ‬
‫الحب‪ ،‬لقد‬ ‫ونسير نحو قصرنا األبدي‪ ،‬ال َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بترت َيد ّي منذ بداية الطريق‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 163‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أمحِلُكَ بنيَ ثنايا الفؤاد‬


‫ال أحم ُل في ُجعبتي السالح‪ ،‬على العكس إطالقا بل أحم ُل‬
‫أتعب عيني‪ ،‬وفي جعبتي ثقل قد َ‬ ‫ُ‬
‫الدمع َ‬ ‫ُ َ‬
‫أهلك‬ ‫الحزن واألس ى‪،‬‬
‫َ‬ ‫كاهلي‪ُ ،‬‬
‫أريد أن أكون طيرا ُحرا طليقا ألستريح‪ ،‬وفي َحنجرتي‬
‫يخن َقني‪ ،‬وفي ُجعبتي رأس فيه كم هائل م َن‬ ‫يكاد أن ُ‬
‫كالم ُ‬
‫أريد أن أكو َن ُمعجما أل َ‬
‫رتب أفكاري‪َ ،‬‬ ‫ناقضات‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫أنت تجسيد‬ ‫الت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫نحوك م َ‬ ‫ُ‬
‫تعود إلى مينائها‪،‬‬ ‫ثل سفينة‬ ‫ُ‬
‫أسير‬ ‫لك ّل أمنياتي‪،‬‬
‫أهديك من حروفي وكتاباتي قالدة لتضعها على ُعنقك‪ُ ،‬‬
‫وأريد‬
‫ماذا ُ‬
‫أريد؟‬
‫َ‬ ‫أريد أن أكو َن َ‬
‫نعم‪ُ ،‬‬
‫لك وتكون لي‬
‫أريد أن َتكو َن َ‬
‫أنت أنا‪ ،‬وأنا أنت‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 164‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫كالمُ العيون‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُيحدق في عينيها ث َم يقو ُل لها‪ :‬في املساء عندما التقينا كنت‬
‫جميلة جدا وكأنك أميرة قد هربت من أحد قصص األفالم‪ ،‬في‬
‫ُ‬
‫تندثر على األرض‬ ‫اليوم التالي عندما كانت أور ُ‬
‫اق األشجار‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نظرت إليك وكأنك زهرة النرجس‪.‬‬
‫ُ‬
‫وجهت نظري للوجه‬ ‫وفي الشهر الثامن ُعدنا من جديد‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الجميل الفاتن الذي أحبذ أن أر ُاه في كل األوقات وكأنك حورية‬
‫ظهرت من بقاع البحر‬

‫ال ال بل أنت لوحة إغريقية فريدة من نوعها‪.‬‬

‫كال؛ ياسادة إنها حورية تنزلت م َن الجنة فقد غيبتني ال‬


‫أعلم هل أنا في العالم االفتراض ي‪.‬‬
‫فقد ُ‬
‫قلت لها تبا لك‬
‫ُ‬
‫فعلت‬ ‫ردا على ذلك ُ‬
‫تنظر إلي بدهشة وتقول ماذا‪ ،‬ماذا‬
‫لك؟!‬

‫‪ | 165‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فأجيبها‪ :‬ألنك قد سرقت مني عقلي بسبب جمالك املفرط‪.‬‬
‫– في هذه اللحظة أصبحت وجنتاها م َ‬
‫ثل دم الغزال من‬
‫شدة الحياء‪.‬‬
‫ُ‬
‫فأما بعد ياسادة فإنها جميلة في كل األوقات‬

‫جميلة في الصباح‬

‫وجميلة في املساء‬
‫ُ‬
‫جميلة في كل حاالتها‬
‫جميلة في املرض ُ‬
‫والحزن والسعادة‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 166‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫مسقطُ الرأس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أدفن‬ ‫مسقط رأس ي ُحضنك في هذا الجوف الصغير‬
‫خيباتي وأحيا َ‬
‫بعد هذا املوت؛ لتخفف وطأة أيامي وتحمل عني‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سواد عتمة أيامي‬ ‫أمسح‬ ‫ثقل الحياة ومرارة العيش لكي‬
‫املوحشة‬

‫نتشلني نحو الطمأنينة‪ ،‬اآلن أحتاجك بجانبي أكثر من أي‬


‫أمقت نفس ي وبشدة تخونني أفكاري‪ ،‬أصبحت‬ ‫ُ‬ ‫وقت مض ى‪،‬‬
‫حياتي باردة‪ ،‬ووجهي بليدا وشاحب‪ ،‬خطواتي ثقيلة‪ ،‬لقد‬
‫فقدت صندلي املُعلق في شجرة ُ‬
‫التفاح‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 167‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بطلُ قِصيت‪.‬‬
‫َشدني ُ‬
‫بطل روايتي من طرف فستاني‪.‬‬
‫َ‬
‫وهمس في أذني بصوت خافت‪:‬‬ ‫َ‬
‫اقترب مني‬
‫لك الرواية محتوم عليها املوت ُ‬
‫أريد‬ ‫أتمنى أال تكون نهاية في ت َ‬
‫ُ‬
‫أن أتحرر خارج قضبان الرواية‪.‬‬
‫ُ‬
‫تعيش برفاهية ونعيم‪.‬‬ ‫أتمنى بأن أجسد شخصية خالدة‬
‫ُ‬ ‫دعينا ُ‬
‫نقلب الرواية وتكون البداية املوت والفراق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ومن َ‬
‫ثم تكون النهاية التالقي والحياة من بعد املوت‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 168‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫التفكري املُهلك‪.‬‬
‫ُ‬
‫نوبات صداع‬ ‫في هذا املساء الكثير م َن التقلبات املز ّ‬
‫اجية‪،‬‬
‫يقضم عقلي التفكير املُهلك؛ أنا بحاجة ّ‬
‫ماسة إلى‬ ‫ُ‬ ‫ُتهاجمني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُفنجان م َن القهوة؛ ُ‬
‫إنه ّ‬
‫الدواء لكل ش يء‪.‬‬

‫خيم ُويقيم فو َق جفوني‪ .‬الندوب ُتمزق‬


‫السواد ُي ّ‬ ‫َ‬
‫أصبح ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أظن ّ‬
‫بأنني ُمصابة بلعنة ّ‬ ‫قلبي‪ّ ،‬‬
‫أبدية‪ ،‬لعنة التفكير املهلك‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 169‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫من يُقايض‪.‬‬
‫ّ‬
‫عل َة فيه ُمقابل َ‬
‫عين ّي‬ ‫‪ -‬من ُيقايض على جسد سليم ال‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العسليتين املتداخل فيها اللون األخضر الفاتح‪.‬‬
‫في ُ‬
‫قايضني ُمقابل‬ ‫كسر فيه وال خيبة ُ‬ ‫ُ‬
‫يمتلك قلبا ال َ‬ ‫‪ -‬من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جمالي األخاذ ووجهي الذي كالبلور‪.‬‬
‫ابنه من ذوي االحتياجات الخاصة‬ ‫يتذمر من وجود ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬ملن‬
‫ُيقايض به‬
‫ُ‬ ‫طعة طفل صغير مهما َ‬ ‫َ‬
‫وضعه‪.‬‬ ‫كان‬ ‫ُهناك عائالت تتمنى ق‬
‫‪ -‬أقو ُل قولي هذا ملن يمتلك راحة البال خاليا م َن الهموم‬
‫ُمطهرا م َن الخطايا‪ ،‬هل من أحد ُي ُ‬
‫قايضني؛‬
‫ُ‬
‫أعياه‬ ‫ُ‬
‫أمتلك قلبا‬ ‫ُ‬
‫يقضم رأس ي‪،‬‬ ‫أرهقني السهر‪ ،‬التفكير‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تتناثر في الال معلوم‪،‬‬ ‫الفراق‪ ،‬وجهي شاحب وبليد‪ ،‬أحالمي‬
‫َ‬
‫مقابل‬ ‫معتل وروح فارغة‪ُ ،‬أيها املوتى من ُي ُ‬
‫قايضني بموته‬ ‫جسد ّ‬
‫حياتي؟!‬
‫‪°°°‬‬

‫‪ | 170‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫يتدفق ح ُبر قلمي بعبق الخيال إبداعا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أنثر حروفي فو َق الورقة ّ‬
‫وكأنني ُ‬ ‫ُ‬
‫الورد فوق مرقد‬ ‫أنثر‬
‫الشهيد‪.‬‬
‫َ‬
‫أصبح قلبي ُمهيما‬ ‫الكتابة هي مخبأي من ضجيج الحياة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وتغوص في قاع البحار‬ ‫أطمح بأحالم ُت ُ‬
‫عانق املجرات‬ ‫في الكتابة ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أحالم سماوية املدى‪ ،‬يتزلز ُل ح ُبر قلمي عندما أخط سطورا‬
‫م َن الجمال واإلبداع‪ ،‬الكتابة هي حرية في الخيال‪ ..‬عالم ُ‬
‫بعيد‬
‫ُ‬ ‫املدى‪ ..‬كوكبي الخاص عاملي االفتراض ي ّ‬
‫السري‪ ،‬تسرق الكتابة‬
‫معه إلى آفاق م َن الخيال‪ .‬فأما عن جسدي‬ ‫وتتدرج ُ‬
‫ُ‬ ‫عقلي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فسيبقى ُمتشبثا في الواقع دون حراك؛ فأنا سيدة الخيال‬
‫ُ‬
‫فوجدتها في الكتابة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ضيعت نفس ي‬ ‫املُميز‪ .‬خيال ُي ُ‬
‫عانق الغيوم‪،‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 171‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫سراجُ أيامي‪.‬‬
‫ويجمل حياتي‪َ .‬‬
‫أنت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يؤنس وحشتي‬ ‫أنت وحدك من كان‬ ‫َ‬
‫أنت ّالذي أتكئ عليه ع َ‬
‫ند‬
‫َ‬
‫عتمة أيامي السيئة‪َ ،‬‬ ‫سراج ُيض يء‬
‫لوالك َ‬
‫أنت ما ُ‬
‫كنت أنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الشدائد‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫يا َ‬
‫حبيبته‪ ،‬ال حياة لي من‬ ‫سيد قلبي الذي لم أكن يوما‬
‫دون َك‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 172‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫استنزافُ القلب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫استنزف قلبي ك ّل شعور‪.‬‬
‫ّ‬
‫وخطت أحالمي على السطور‪.‬‬

‫يق طويل‪.‬‬ ‫الحلم واضح لكن الطر َ‬


‫ُ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫ند ك ّل عبور‪.‬‬ ‫والحياة تصلب قلبي ع‬
‫ُ‬
‫الحب كذبة ألفها شخص مخمور‪.‬‬

‫والنور‪.‬‬ ‫َ‬
‫سمعت يوما باجتماع الظالم ّ‬ ‫فهل‬
‫عنك يا قلبي ّ‬
‫متى الود يجمعنا‪.‬‬ ‫ماذا َ‬

‫َ ُ‬
‫ناديني فصوت َك خمرة للروح‪.‬‬

‫وها أنا اآلن أخط الخطى نحوك‪.‬‬


‫لقد تاهت ُمهجتي على ضفاف َ‬
‫ذلك املعشوق‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 173‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ّ‬
‫شظايا املاض ي اللعين ما زالت ترهقني‪.‬‬
‫ُ‬
‫نسجه من خيوط العنكبوت‬ ‫فما ُ‬
‫الحزن إال كبيت‬
‫ُ‬
‫يحسبه الظمآن ماء وهو في الواقع‬ ‫وما ُ‬
‫الحب إال كوهم‬
‫سراب‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 174‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫َ‬
‫داخل دماغي حلبة مصارعة‪،‬‬ ‫دور حولي‪ ،‬وكأن‬‫الكواكب َت ُ‬
‫ُ‬
‫ذهبت لتحضير‬ ‫ُ‬
‫يقضم رأس ي‪،‬‬ ‫أشعر بثقل شديد‪ّ ،‬‬
‫الصداع‬
‫ُفنجان م َن القهوة ّ‬
‫لكن ُه لم ُيجد نفعا‪ ،‬توجد معارك وحوادث‬
‫َ‬
‫داخل رأس ي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وصوت فيروز َي ُ‬
‫زيدني لوعة‪( :‬يا سنيني اللي رحتي ارجعيلي)‬
‫وأتمعن بكلمات ومعاني األغنية‪ُ ،‬‬
‫ودمع عيني رقراق‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أستمع‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫لك اللحظة‬ ‫ثل قطرات ّ‬
‫الندى‪ ،‬في ت‬ ‫وجنتي م َ‬
‫ّ‬ ‫يتساقط فو َق‬
‫وتربعت على قلبي‪ ،‬انصهرت‬ ‫شعرت َأن صخرة ثقيلة نزلت ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫أصبح‬ ‫الحز ُن‬
‫البكاء‪ُ ،‬‬ ‫وتية من ّ‬
‫شدة ُ‬ ‫الص ّ‬‫حنجرتي وحبالي ّ‬
‫ُ‬
‫هاجسا ُيطار ُدني في ك ّل ليلة‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 175‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الثقب األسود‪.‬‬
‫يبتلع أفكاري‪ُ ،‬تهاجمني نوبات م َن الهلع‬
‫يوجد ثقب في رأس ي ُ‬
‫املوت عدوي‬ ‫َ‬ ‫أفقد شخصا آخر في حياتي‪َ ،‬إن‬ ‫أريد أن َ‬
‫ال ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫متشبثة بالذكريات‬ ‫وأظل‬ ‫ألتفت دوما إلى املاض ي‬ ‫اللدود‪،‬‬
‫ُ‬
‫وأنقش عليها خيباتي‪ ،‬ما زالت رائحة‬ ‫ُ‬ ‫أتوس ُد جدر َان املاض ي‬ ‫ّ‬
‫ألعق األس ى لوحدي‬ ‫ثل القالدة‪ُ ،‬‬ ‫لتفة حول ُعنقي م َ‬ ‫املاض ي ُم ّ‬
‫خر ّ‬ ‫ذيب ّ‬
‫الص َ‬ ‫اليوم بدموع ُت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لشدة‬ ‫وأتقيأ قذارة املاض ي‪،‬‬
‫وأفس ُر‬ ‫ُملوحتها‪ :‬أخط سطورا لكي أشرح ما ُ‬
‫يدور في عقلي‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ور املُغبشة ّ‬
‫التي ُتر ُ‬ ‫الص َ‬ ‫ّ‬
‫اودني باستمرار ُمزعج‪ ،‬معارك تعصف‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫بداخلي‪ ،‬لم أستطع أن أوقف تبد َدها‪ ،‬شريط من نار يوقظ‬
‫َ‬ ‫يرقص ُحزني فو َق ُ‬ ‫الم ّ‬
‫الس َ‬ ‫ّ‬
‫الحطام ومن ث َم‬ ‫ُ‬ ‫النائم في جسدي‪،‬‬
‫أمام املاض ي وروحي ُم ّ‬ ‫وأقف َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عراة‪.‬‬ ‫أتعثر‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 176‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫انسجامي مع النسيان‪.‬‬
‫أشعر بالبرد ّ‬
‫وكأن قلبي عاريا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أو ُل ليلة من بعد االنفصال‪،‬‬
‫أنسجم في ّ‬
‫النسيان‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫الروح‪ ،‬وفجأة‬ ‫ُ‬
‫أمتلك روحا فارغة م َن ّ‬
‫أشهد ّ‬‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ ّ‬
‫بأنني فتاة ُحرة ُمتمردة‬ ‫لك الليلة موحشا‪،‬‬ ‫كان صوت ت‬
‫ود ُ‬
‫عت َك أنت‪ ،‬ولكن في الحقيقة‬ ‫ومترددة‪ ،‬أظن ّ‬
‫بأنني قد َ‬ ‫وقوية ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يامجرتي وكياني‬ ‫نفس ي‪ ،‬ألف أسف على نفس ي‪،‬‬ ‫لم ُ‬
‫أودع إال ّ‬
‫ُ‬
‫وكوني وكلي وسمائي وفضائي وعاملي وأرض ي ووطني ويا جنتي‬
‫وتذهب كالبرق ّ‬
‫والصاعقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫موجات الشوق إليك تأتي‬ ‫وجناني‪،‬‬
‫الشوق‪ ،‬وقد َ‬ ‫َ ّ‬ ‫لعلنا لم نلتق‪َ ،‬‬
‫ضاع يا ُمحمد ُ‬
‫ضاع‬ ‫الحب‪ ،‬ضاع‬
‫رد وال َت ُ‬
‫زول‪ ،‬أجثو َ‬
‫أمام‬ ‫السحر لعنة ال ُت ُ‬ ‫الحنين‪ ،‬وع ُ‬
‫شقنا مثل ّ‬
‫ّ‬ ‫ضاع يا ُمحمد َ‬
‫ضاع ُ‬ ‫ّ‬
‫الشوق وأنا ُمنهزمة تماما‪َ ،‬‬
‫الحب وتشتت‬
‫القلوب‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 177‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لغةُ الروح‪.‬‬
‫َ‬ ‫أذكر ّأنني ُ‬
‫أيت َك في أحد أحالمي حينها روحي عانقت‬
‫روحك‬ ‫ُ ر‬
‫في وجد واشتياق‪ ،‬يا سيد قلبي هذه هي لغة األرواح عندما‬
‫تلتقي‪ ،‬ولروحي وروحك لغة خاصة فريدة من نوعها‪ُ ،‬‬
‫أكتب لك‬
‫هذا الكالم عن طريق قلبي‪ ،‬نعم قلبي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أمتلك قلبا ُمغرم‬ ‫أضناه الشوق‪،‬‬ ‫قلبي امل ّتيم املحب الذي‬
‫نسيانك‪ُ ،‬تهاجمني نوبات م َن‬
‫فشلت في ّ‬‫ُ‬ ‫الفراق‪ ،‬لقد‬ ‫أعي ُاه ُ‬
‫ّ‬
‫لس ُت أنا من وقت ّ‬ ‫ّ‬
‫إلي ُعد إلى حياتي‬
‫رحيلك‪ُ ،‬عد ّ‬ ‫الشوق‪ ،‬أنا ّ‬
‫ل ُتحييها من جديد‪ُ ،‬عد ُعد ّ‬
‫إلي‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 178‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫املطر‬
‫الهدوء َيعم املكان‪،‬‬
‫بعد ُمنتصف الليل‪ُ ،‬‬ ‫الساعة الواحدة َ‬
‫نبح بشكل غريب ُي ُ‬
‫ثير الخوف‪،‬‬ ‫صوت كالب الشوارع َت ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أسمع‬
‫هيا ُ‬
‫حتضر باألمطار‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الغيوم تمأل السماء َ‬
‫ُ‬
‫أيتها‬ ‫وكأن السماء ت‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خالل فترة‬ ‫السماء اسكبي فوق األرض كل املاء الذي خبأته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قلوب الناس م َن الغل‬
‫َ‬ ‫الصيف‪ ،‬املاء املقدس الذي يشفي‬
‫َ َ ُ‬
‫املاء فوق تراب الشهداء لكي ينتعشوا‬ ‫والشر والسواد‪ ،‬اسكبي‬
‫َ‬
‫إحياء الورود فقد ذ ُبلت‪،‬‬
‫َ‬ ‫في قبورهم ويرقدوا بسالم‪ ،‬أعيدي‬
‫اغسلي الطرقات طهريها من وساخة البشر‪ُ ،‬‬
‫أجد في املاء‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحياة‪ ،‬وبك ّل قطرة الخير وك ّل الخير‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 179‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مرهونة بِتفاصيل وجهك‬


‫لقد سلبوا مني َ‬
‫حق النظر إلى عينيك والتأمل فيهما‪ُ ،‬‬
‫أنهار‬
‫عيوني قد جفت من ُكثرة ُ‬
‫البكاء عليك‪ ،‬قلبي ُمكبل‪ ،‬وروحي‬
‫الحب مكبوة بقيود‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يرضخ‪ ،‬رغبتي باإلفصاح عن ُ‬ ‫ُمنعلة‪ ،‬ودم‬
‫ُ‬
‫وأبتلع كلماتي‬ ‫ُ‬
‫وأكبت مشاعري‬ ‫أمسك فيها ُ‬
‫حنجرتي‬ ‫ألول مرة ُ‬
‫ُ‬
‫خوفا م َن اإلفصاح عن ُحبي‪ ،‬بصراحة ال أعرف سر‬
‫نه فن‬‫فه وأتق ُ‬‫التي بداخلي‪ ،‬فإن ُجل ما أعر ُ‬ ‫امليتافيزيقيا ّ‬
‫َ ُ‬
‫كه‪ ،‬ولكن كيف لم تالحظ شيئا‪،‬‬ ‫املكابرة والكبرياء ّالذي أمتل ُ‬
‫حين أ اك قد َ‬
‫ملعة عيوني َ‬ ‫َ‬
‫افتضحتني‪،‬‬ ‫ر‬ ‫غم َأن نظراتي إليك و‬ ‫َر َ‬
‫اك فيها َيفر قلبي ويجثو‪.‬‬ ‫في ُك ّل مرة أ َ‬
‫ر‬
‫حبيب ُ‬
‫ته‬ ‫نت يوما َ‬ ‫الذي ما ُك ُ‬
‫ّ‬
‫يا حبيبي‬
‫َ‬
‫أصبح‬ ‫وغياب َك موت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حضورك حياة‬ ‫َ‬
‫غيابك ُيدميني‬ ‫إن‬
‫يحفر في الجمر ويقيم‪ ،‬فقد أصبح صدى صوت َك‬ ‫ُ‬ ‫قلبي‬
‫موحشا‪.‬‬

‫‪ | 180‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أضرب أس ي في الفراغ الذي َ‬


‫تركت ُه خلفك‪ ،‬وما عادت‬ ‫ُ ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ذبذبات صوتك ُ‬
‫تورد أيامي وتجملها‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأتذكر رائحة‬ ‫جعلتني أدم ُن ُقبالتك‪ ،‬أغمض َ‬
‫عيني‬ ‫َ‬ ‫لقد‬
‫َ‬ ‫كنت ُ‬ ‫املختلطة برذاذ عطرك‪ ،‬لو ُ‬ ‫ُ‬
‫مصير الدرب‬ ‫أدرك‬ ‫التبغ‬
‫ُ‬ ‫احتويت شر َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وأدمنت‬ ‫اهتك‬ ‫مشيت به معك ملا‬ ‫القصير الذي‬
‫يبتلعني بدال من أن‬‫نتج عن غيابك َ‬ ‫ُقبالتك‪َ ،‬‬
‫كان الفراغ الذي َ‬
‫أبت َل ُ‬
‫عه‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 181‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أطفال الزهور‬
‫ينهش روحي والتعب ُيمز ُق‬
‫ُ‬ ‫الوحدة ُ‬
‫تقتلني االكتئاب‬
‫جسدي‪ ،‬أصبحت عيناي محاطتين بالسواد‪َ ،‬‬
‫وكأن الليل‬
‫ُ َ‬
‫يسكن فوق جفوني‪ ،‬ما هذا بحق الجحيم في أي عصر نعيش‬
‫أفعل لهم‬ ‫ُ‬
‫أستطيع أن َ‬ ‫َ‬
‫أطفال الشوارع في أسوأ حال وال‬ ‫أرى‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫يلتفت ُ‬
‫للمشكلة االجتماعية التي نعيشها‪ ،‬كلما‬ ‫ش يء‪ ،‬ال أحد‬
‫مشيت في الطرقات أرى األطفال املشردين عيونهم وكأنها تتكلم‬‫ُ‬
‫َ‬ ‫و ُ‬
‫تصرخ م َن الجوع ثيابهم املمزقة تصف حالتهم البائسة أراهم‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫يرتجفون من شدة البرد القاس ي‪ُ ،‬أيها الشتاء لطفا بأطفال‬
‫ليس لديهم بيت وال حطب ُيدفئ قلوبهم‬
‫مر بجانبهم َ‬ ‫الشوارع ال َت ُ‬
‫ُ‬
‫ترتجف م َن البرد والخوف والجوع والظلم‪ ،‬أتمنى أن َي َ‬
‫زور‬ ‫التي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫جميع األطفال املتشردين لكي ُيزهر أيامهم ويمحي‬ ‫ُ‬
‫الربيع‬
‫الخراب والبرد والحوادث الذي سببها الشتاء فيما مض ى من‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أطفال الزهور يا ضحية الحياة‪.‬‬ ‫قبله‪ ،‬يا‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 182‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ميالدي الواحد والعشرون‬


‫لم يكترث أحد من عائلتي ل ُحزني ألنهم قد تجاهلوا يوم‬
‫ميالدي‪ُ ،‬‬
‫الحزن ينهش قلبي مثلما ُ‬
‫يأكل مرض السرطان العظام‬
‫ُ‬
‫بدأت بعامي الواحد والعشرين‪ ،‬وما‬ ‫ُويفني الجسد‪ ،‬هاا قد‬
‫ُ‬
‫أجهش‬ ‫لت كالطفلة أبكي حينما أالحظ تجاهل َ‬
‫والدي لي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ز‬
‫بالبكاء عندما ال ُيبدي أحد من عائلتي االهتمام‪ ،‬ال أحد يكترث‬
‫لي‪ ،‬هل أكمل عامي الجديد أو أنهي حياتي !!؟‬
‫ُ‬
‫األرض هي أمي التي ستحتضنني‪ .‬وتخبئني بداخلها عندما‬
‫أموت‪ ،‬والسماء ستكون موطني‪ ،‬سأعيش حياة أخرى بعيدة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن ت َ‬
‫لك الحياة التي كنت أعيشها من قبل‪ ،‬منذ هذه اللحظة‬
‫َ‬
‫ال حياة لي في هذه الحياة‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 183‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تناقض قليب وعقلي‪.‬‬


‫َ‬
‫هناك‬ ‫أشعر بأن قلبي وعقلي يتصارعان بداخلي وكأن‬
‫َحلبة ُمصارعة‪ ،‬العقل يمش ي ويتفاخر باالنتصار على القلب‪،‬‬
‫ُ‬
‫كالمه‪ ،‬ما ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ألنه ال ّ‬
‫ال قلبي‬ ‫يحصل على دالئل تثبت صحة‬ ‫سيما‬
‫ُ‬
‫تصرف بحماقة ُ‬
‫يقودني إلى الجحيم بسبب ُ‬
‫الحب الفاشل‪،‬‬ ‫َي‬
‫لكن كفى‪...‬‬
‫َ‬
‫وارتكب الكثير م َن الحماقات‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حدوده‬ ‫لقد تجاوز قلبي‬
‫َ‬
‫أفضل أحدا‬ ‫أريد أن‬ ‫واقفة في املُنتصف َ‬
‫بين عقلي وقلبي‪ ،‬ال ُ‬
‫َ‬
‫أختار االثنين يعمالن معا‪ ،‬هكذا أستطيع‬ ‫على أحد‪ُ ،‬‬
‫أريد أن‬
‫أن أفكر وأعشق‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 184‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫القريب البعيد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫يتصور عقلي‬ ‫أنت ُهنا وأنا ُهناك أميال تباع ُدنا‪ ،‬في كل ليلة‬
‫وجهك الجميل‪ُ ،‬‬
‫أندم ندما شديدا ألنني لم‬ ‫َ‬ ‫مالمحك وتفاصيل‬
‫يأكل ضميري بسبب ُ‬ ‫قيمة الوقت معك‪ ،‬الندم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تجاهلي‬ ‫أقدر‬
‫لحديثك وعدم اإلصغاء إليك من قبل‪ ،‬أتمنى أن َ‬
‫يعود املاض ي‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وفترة الطفولة تحديدا لكي نلعب سوية وال نفترق وال نتخاصم‬
‫يغيب واحد منهم َتشعر َ‬
‫بأنك‬ ‫ونتشاجر‪ ،‬اإلخوة أجنحة ُكلما ُ‬
‫أيتها الحياة هل‬ ‫َ‬
‫فقدت أحد أجنحتك‪ ،‬ل َم كل هذه القسوة ُ‬ ‫قد‬
‫ّ‬ ‫لك ثأر معنا‪ ،‬فرقتي بيني َ‬
‫وبين إخوتي أصبحت العائلة ُمشتتة‪،‬‬
‫والجلوس في املنزل ُممل من دون سماع صوت ضحكاتهم‬
‫َ‬
‫كبرون بعيدا عنا‪ ،‬هل سيأتي يوم ونلتقي؟؟‬‫ومشاجراتهم‪َ ،‬ي‬
‫ُ‬
‫سنجتمع يوما ما سوية على مائدة الطعام في منزلنا‪،‬‬ ‫وهل‬
‫َ‬
‫اجتماع العائلة لكي نبدأ بتناول‬ ‫نتضور جوعا ُمنتظر َ‬
‫ين‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ونحن‬
‫ُ‬
‫صنعته أمي‬ ‫الطعام الذي‬

‫‪ | 185‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫َ‬
‫وجودك في املنزل‬ ‫س‬ ‫ونور حياتي‪ ،‬لن َ‬
‫يغيب ح ُ‬ ‫أخي أسمري ُ‬
‫َ‬ ‫تعيش َ‬
‫وكأن الكون انقلب وأتى ب َك إلينا من جديد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكأنك بيننا‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 186‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ال يمكنني وصف بشاعة الحياة وظالم القلوب ووحشية‬


‫ند الشباب مما َ‬
‫دفع األمر‬ ‫البشر ‪.‬والتهيج الكبير في املشاعر ع َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأصبح أمرا خارج عن الحدود ‪ .‬في كل مرة يزداد إدراكي لفهم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قذارة الحياة املعيشية التي نعيشها في عصرنا الحالي حيث‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الحياء ع َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أصبح املمنوع مرغوبا‪ ،‬واملحرم‬ ‫ند بناتنا‪.‬‬ ‫تجرد‬
‫ًّ‬
‫فانتقل اإلعالم نقلة نوعية ُيسلط الضوء على‬ ‫َ‬ ‫ُمحلال‪،‬‬
‫أصحاب الشهرة بدال من أن يوجه الضوء على موضوع تشرد‬
‫األطفال وتعنيفهم أو عن القضاء على التمييز ُ‬
‫العنصري‬
‫والتفرقة َ‬
‫بين الطوائف واألديان‪ ،‬أو على سبيل املثال ّ‬
‫السعي‬
‫غم ُ‬
‫أنه‬ ‫لتطوير هذه البالد‪ ،‬حقا إننا نعيش في أسوء عصر َر َ‬
‫َ‬
‫عصر مواكبة التطور واملوضة والتقدم ولكن باملقابل خسرنا‬
‫َ‬
‫الكثير والكثير كي نصل إلى هذه املرحلة ‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 187‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عرض ي للكثير من الصدمات العاطفية‪،‬‬‫رغم َت ُ‬


‫آه وبحرقة َ‬
‫رغم قساوة الحياة واملطبات والعقبات التي كانت تعترض‬ ‫و َ‬
‫ُ‬
‫ثل حاجز يقف في املنتصف ُيعيق حياتك‪ ،‬لكن‬ ‫طريقي دائما م َ‬
‫تأقلمت مع الظروف واملصاعب التي ُتصيبني ُ‬
‫بدأت أشعر بأنني‬ ‫ُ‬

‫وكأن مشاعري‬ ‫أفقد اإلحساس تدريجيا أشعر بالالمباالة َ‬

‫تحولت لقطعة جليد باردة‪َ ،‬يذوب قلبي أمامي وال أستطيع أن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جلست أفكر وأرتب أفكاري املشوشة ها أنا اآلن‬ ‫أفعل شيئا‪،‬‬
‫لقد اكتشفت فيما بعد بأن اإلنسان عندما يشعر بالرضا عن‬
‫حياته مهما كانت الحياة جحيم َس ُتصبح جنة‪ .‬واإلنسان الذي‬
‫يملك أمال وتفاؤال بأن القادم أجمل ويزرع صورة خيالية‬
‫نفع الحياة دو َن‬
‫ُمستقبلية ُمبهرة وجميلة َيعيش بهناء وما ُ‬
‫وجود الهناء‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 188‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫بدأت عامي الواحد والعشرين ‪.‬وإلى اآلن لم ألتقي‬ ‫لقد‬
‫بشخص ُيحب روحي حب خالي من الشهوة‪ ،‬لألسف جميعهم‬
‫َ‬
‫يعتقدون بأنهم يعيشون قصة حب رائعة مع فتاة جميلة لكن‬
‫هي أنهم ُمغرمون ب جمال الوجه عاشقون‬ ‫حقيقة األمر َ‬
‫تلك الفتاة ذات الشعر‬‫العيون الواسعة العسلية ُمتيمين ب َ‬

‫الطويل والبشرة البيضاء‪ ،‬ذات املالمح الناعمة التي تمتلك‬


‫َ‬
‫دفعك حتما أن تقع ب غرامها‪ ،‬باإلضافة‬ ‫طفولي بريء َي‬
‫ّ‬ ‫وجها‬
‫ُ‬
‫إلى شخصيتها القوية املتمردة صاحبة الكاريزما‪ ،‬جميعهم على‬
‫ليس ُحب بل إنما ُمجرد إعجاب ‪َ .‬إن الجمال‬ ‫خطأ هذا َ‬
‫الحقيقي هو جمال أرواحنا وصفاء أفئدتنا ‪.‬أتمنى أن ألتقي‬
‫َ‬
‫بشخص ما ُيحبني دون مقابل ُحب مجرد م َن الشهوة ‪.‬ال يوجد‬
‫في ُ‬
‫الحب خداع إما أن يكون ُحبا ُمتكامال تنسجم فيه مع من‬
‫وليس في الصفات أو ال يكون ُحبا من األساس‪.‬‬ ‫َ‬
‫يشبهك في الروح َ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 189‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تائ ٌه بنيَ مصحفٍ وإجنيل‬


‫رباه هل هذه عيناها أم مجرة؟!‬

‫كال كال بل إنهم بحر‬

‫أظن بأنهم سماء‬

‫قتلتني العيون الواسعات الزرقاوتان‬


‫َ‬ ‫ُ‬
‫قولي لي‪ :‬كيف البحر اتخذ مسكنا في عينيك‬
‫َ‬
‫وكيف ّ‬
‫السماء قد أحاطت بهما !‬ ‫أجبينني‪:‬‬
‫َ‬
‫النجوم يوما‬ ‫لم أشاهد‬
‫ُ‬
‫أعرف َ‬
‫نظام األرض‬ ‫وال‬
‫ولم أدرس ع َ‬
‫لم األحياء‬
‫ولكن ُكلها قد ُ‬
‫وجدتها في عينيك‬

‫وهذا الشعر املكون من الورد الدمشقي‬

‫‪ | 190‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫والجسد املرصع باألحجار الكريمة‬
‫ُ‬
‫وتوت الخدين‪ ،‬وصف األملاس على الضاحكين‬
‫تقطره الشفتين ما ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ألذهما‬ ‫والعسل الذي‬
‫تائه أنا َ‬
‫بين ُمصحف وإنجيل‬

‫تائه في بحر العينين‪..‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 191‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قُبالت مسروقة‬
‫ُ‬
‫يرتعش فيها القلب‬ ‫ل ُقبالتنا املسروقة لذة رهيبة‪ ،‬وذكرى‬
‫طر بالعالم م َ‬
‫ثل‬ ‫ُ‬
‫ويفيض الجسد بالنشوة والهيجان‪ ،‬ال ع َ‬
‫عطر رائحة الجسد فو َق الجسد‪ ،‬رائحة ُ‬
‫الح ّب والنشوة‪ ،‬هل‬
‫َ ُ ُ‬
‫كنت تحبذ‬ ‫أحمر شفاهي ّالتي قد ُ‬
‫طبعتها على وجنتيك‪،‬‬ ‫تذكر َ‬
‫لت ُت ُ‬
‫حبذه؟!‬ ‫أحمر شفاهي هل ما َ‬
‫ز‬ ‫َ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 192‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫إىل حبييب السّري‬


‫وأعرف ّأني أعيش بمجرة َ‬
‫وأنت بمجرة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اشتقت َ‬
‫لك كثيرا‬

‫وبيني وبينك‬

‫جبال‪ ،‬وحدود‪ُ ،‬ومدن‪ ،‬وحواجز ‪.‬‬


‫َ‬
‫اجتماع القلوب حلم ُ‬ ‫ُ‬
‫بعيد املدى‪.‬‬ ‫وأعرف أيضا أن‬
‫ُ‬
‫وأعرف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫اشتقت لك‪.‬‬ ‫وأعرف ال أعرف شيئا سوى ّأنني‬

‫ُحب اختطفني نحو الفضاء لكي أعيش بمنفى‬


‫واآلن ياعزيزي َ‬
‫أنت بمنفى وأنا بمنفى آخر‪.‬‬

‫الهراء ‪.‬‬ ‫ُ‬


‫يضحك بهباء على هذا ُ‬ ‫ُ‬
‫والقمر‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫أتأمل‬ ‫سأطلبك إلى ُحلمي هذه الليلة كالبطل الرئيس ي‬
‫مالمحك على مهل وبتمعن‪.‬‬

‫‪ | 193‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫شعر اللحية الفاتن بهدوء كي ال تشعر‬ ‫وألتمس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تستشعر بوجودي وتمسك بيدي بقوة‬ ‫ولكنك‬

‫وتتصافح العيون‬
‫َ‬
‫القلب اآلخر للصفح عنه‬ ‫ُ‬
‫يحضن‬ ‫والقلب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ترتشف َ‬
‫ماء الشفاه األخرى في وجد واشتياق‬ ‫والشفاه‬
‫وهنا ُ‬
‫أعلق ُ‬
‫الحلم باللحظة‬ ‫وأنت ُتقبلني‪ُ ،‬‬
‫وبعد ذلك تبتسم َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األخيرة التي أتمنى إال تنتهي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لك ُ‬ ‫ت َ‬
‫شعر‬ ‫ويكسوهما‬ ‫الحفرتان اللتان على وجنتيك‬
‫ّ‬
‫اللحية يسرقان عقلي ويتدرجوا سوية إلى آفاق م َن الخيال‬
‫العمر يا َ‬
‫سيد قلبي‬ ‫يا حبيب ُ‬
‫ُ ُ‬
‫القبلة تحيي روحي‬ ‫قبلني عل‬
‫علقم ُ‬
‫العمر‬ ‫يا َ‬

‫قبلني لتعتذر ّ‬
‫عما مض ى‬

‫‪ | 194‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ندبات روحي التي قد‬ ‫خدوش قلبي وتلتئم‬ ‫قبلني لتداوي‬
‫ُ‬
‫ُنقشت على جسدي‪ ،‬هل تذكرها؟! لقد نقشتها بيديك‬
‫قبلني لتخرجني من هذا ّ‬
‫اليم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تأثرني ُ‬ ‫قبلني عل ُ‬
‫بالحلم إلى الال نهاية‪.‬‬ ‫القبلة‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 195‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نرجسيةُ القلبّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫نرجسية قلبي أسدلي بشعرك الحرير الالمع‪ ،‬وأصدري‬
‫الحب‬‫شتم ُ‬
‫الحكم عليي وكوني رؤوفة بحالي وأحوالي‪ ،‬فأنا من َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫في هذا الوطن‪ ،‬ألن وطني خالي م َن األمل ُ‬
‫والح ّب ولكن منذ أن‬
‫ّ‬
‫وروح الفؤاد ب ُت ال أعي ما أقول‪،‬‬
‫العمر ُ‬ ‫قم ُ‬‫ياعل َ‬ ‫ُ‬
‫ألتقيت بك‬
‫ُ‬
‫افتحي لي أبواب قلبك على مصراعيها‪ ،‬أحبيني بكل فصولي‬
‫شفاه الفتيات الزرقاء‪ّ ،‬‬
‫ولكنني‬ ‫َ‬ ‫املُتقلبة‪ ،‬وأنا أيضا من َ‬
‫شتم‬
‫ُ‬
‫ماء شفاهك‪ ،‬نعم عزيزتي أنا ُملحد لم‬‫أرتشف َ‬ ‫اآلن أتمنى أن‬
‫بأنني عاشق قد ّلو ُ‬
‫عه الهوى‪،‬‬ ‫أؤمن بالحب‪ ،‬فشهد يا تاريخ ّ‬
‫ُ‬
‫عاشق للعيون الواسعات العسلية التي تسكر عقلي‪ّ ،‬إنني‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أثمل على جمال وجهك وحدقة العين املبلورة‪ ،‬بماذا أبوح؟!‬

‫هل أخبرك عن ادماني بأدق التفاصيل الصغيرة!‬


‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إنني حافظ لشامات جسدك وكأنهم وشم رهيب‪ ،‬في كل‬
‫ُ‬
‫وألتمس شعرك‬ ‫رموش عينيك رمشا رمشا‪،‬‬‫َ‬ ‫ليلة أعد فيها‬
‫ائحته الزكية‪ُ ،‬وأخطو نحوك لكي ُأ َ‬
‫قبل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحرير وأقترب ألشم ر‬

‫‪ | 196‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫الشفاه في وجد واشتياق‪ُ ،‬‬


‫فتبعديني عنك بسماء وجبال‪ ،‬فأما‬
‫ُ‬ ‫عن وجنتيها ياسادة فأنهم م َ‬
‫ثل دم الغزال كلما رأيتهما‬
‫اتأمل ت َ‬
‫لك األميرة النائمة ذات الوجه‬ ‫ُ‬ ‫أكسوهما ُ‬
‫بالقبل‪،‬‬
‫صنف البشر أم‬ ‫أعلم ماهيتها هل هي من ُ‬
‫املالئكي يا إالهي ال ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫أتشبث بها وكأنها كل ما أملك ‪.‬‬ ‫حورية هاربة من الجنة‪،‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 197‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مُهجة قليب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ياحبيبة ُ‬ ‫ُ‬
‫أصبح الشوق منقوشا على‬ ‫العمر‬ ‫منذ رحيلك‬
‫ُ‬
‫وتنهمر‬ ‫ثل عباب‪ّ ،‬‬
‫وكأنها سيول تجري‬ ‫مالمحي ودموعي م َ‬
‫ُ‬
‫أصبحت عاجزا عن كال األصغرين‪ ،‬لساني عقيم ال‬ ‫فقد‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫يستقر ُحبك‬
‫ُ‬ ‫ينطق إال بالهوى والشوق‪ ،‬وقلبي ثائر للقياك‪،‬‬
‫بين ترقوتي ويتخذ من هذا املكان ملجأ وموطنا‪ ،‬حتى وإن ُ‬
‫كنت‬ ‫َ‬

‫ينتظر روحي ل ُتحلق إلى عالم‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واملوت‬ ‫ُمدنفا وفي آخر أنفاس ي‬
‫ّ‬
‫البرزخ‪ ،‬ستكون كلماتي األخيرة هي لفظ لحروف أسمك األخاذ‪،‬‬
‫قد جعلتي مني شخصا منفيا ُوبكل سهولة ُ‬
‫تطرديني من‬
‫َ‬
‫العفو‬ ‫حياتك‪ ،‬رباه أنا ُمنهزم تماما ها انا أجثو أمامها طالبا‬
‫َ‬
‫ياحبيبة ُ‬
‫العمر‬ ‫والرضا فلترأفي بحالي‬
‫ُ َ‬
‫هجة القلب ُ‬
‫وروح الفؤاد ‪.‬‬ ‫ويا م‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 198‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫مُذنبةٌ‬
‫َ‬
‫ضحية الخطيئة املُذنبة في ت َ‬ ‫ُ‬
‫لك القضية‬ ‫كنت‬

‫نعم!‬
‫وضعت قلبي َ‬
‫بين يدي ل ّ‬
‫ص لم أكن أعلم بأن‬ ‫ُ‬ ‫مذنبة ّ‬
‫ألنني قد‬
‫لطختان في النجاسة‪ ،‬ذنبي ّ‬
‫ألنني ُمحبة ُمغفلة قد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يديه ُم‬
‫الشخص الخاطئ ّالذي قد دفعني َ‬
‫نحو الهاوية من‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أحببت‬
‫دون أن يكترث ألمري‪ ،‬فأنا يا سادة ُمذنبة ّ‬
‫ألنني قد تنازلت عن‬
‫ُ‬
‫اهنت‬ ‫َ‬ ‫أحالمي ُم َ‬
‫قابل أن تجتمع القلوب تحت سقف واحد‪ ،‬ر‬
‫وقلت لهم ّإن ُه ُمختلف مالك بريء وال ُي ُ‬
‫واملجتمع ُ‬‫ُ‬
‫تقن‬ ‫العائلة‬
‫ولكنه على العكس إطالقا بل ّإن ُه ُمتلبس ق َ‬
‫ناع‬ ‫ُ‬ ‫فن التمثيل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫سلمت َك قلبي وروحي‪،‬‬ ‫الحقيقة مكار وداهية‪ ،‬مذنبة ألنني قد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألنني ُ‬
‫الجمال في عيوبك‪ُ ،‬مذنبة ألنني‬
‫َ‬ ‫كنت ال أرى إال‬ ‫ُمذنبة‬
‫ّ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫نت تبادرني بها‪،‬‬ ‫كنت أتغاض ى عن ردات الفعل القذرة التي ك‬
‫ُ‬ ‫اسمك َ‬‫َ‬ ‫ومذنبة ّ‬
‫بين الفؤاد واألوردة‪ ،‬في كل مرة‬ ‫ألنني أحم ُل‬
‫يسرح بك‪ ،‬وألن عيني تتصورك بأبهى‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أذنب فيها ألن خيالي‬

‫‪ | 199‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫ينطق إال باسمك‪ ،‬تتلبسني كشيطان ال‬ ‫صورة‪ ،‬وألن ثغري ال‬
‫يوسوس إال باسمك‪ ،‬أظن ّ‬
‫بأنني سأبقى غارقة في ذنبي مدى‬ ‫ُ‬
‫الحياة‪...‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 200‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫حلمٌ طريف‬
‫َ‬
‫أتمنى العودة في عداد الزمن قليال وتحديدا إلى أيام‬
‫الطفولة والزمن الجميل ولهفة قلبي وحنيني ل َ‬
‫تلك املشاعر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وللحب الطفولي املجرد م َن الشهوة؛ حياة ال خوف فيها‬
‫البريئة ُ‬
‫وال قلق وخاصة مع وجود العائلة معنا‪ ،‬فقد َ‬
‫كان أليام‬
‫ُ‬
‫الطفولة مذاق مختلف وشعور فريد من نوعه‪ ،‬أصنف نفس ي‬
‫ُ‬ ‫من أبناء املاض ي فأنا ال ُ‬
‫أجد نفس ي اآلن‪ ،‬لقد كانت مرحلة‬
‫نسيجها مكون م َن الحنان واألمان‬
‫ُ‬ ‫الطفولة ُتهدينا معاطف‬
‫أندم ندما شديدا لعدم احترامي للوقت فقد‬ ‫والشفافية‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫أجهل‬ ‫أحد أحالمي بأن أصبح فتاة بالغة لقد ُ‬
‫كنت‬ ‫كانت ُ‬
‫َ‬
‫طبيعة املُستقبل والحياة القاسية ُكلما تقدمنا في ّ‬
‫السن‬
‫ُ‬
‫اليأس معنا أيضا‪ ،‬فأما عن طفولتي يا سادة فقد كانت‬ ‫ُ‬
‫يتقدم‬
‫ثل ّ‬
‫الجنة‪ ،‬اشتقت إلى مالمح وجهي البريئة ولصوتي الطفولي‬ ‫م َ‬
‫ألن أخي تناو َل الحلوى املُفضلة ّ‬
‫لدي‪.‬‬ ‫وبكائي املُفاجئ َ‬

‫‪ | 201‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬
‫أشعر ببهجة ذلك اليوم‬ ‫ولفرحتي بقدوم العيد أما اآلن فال‬
‫ُ‬
‫أتذكر فرحتي الكبرى بالتخرج م َن الثانوية العامة ودموع‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫عائلتي (دموع الفرح)‪ ،‬انتهت مرحلة الطفولة وانتهى معها‬
‫ُ‬
‫الزمن الجميل‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 202‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أحالمي اجلوهرية‬
‫مكننا الحصول عليه‬ ‫أسميتها هكذا ألن الش يء الثمين ال ُي ّ‬
‫ُ‬
‫َ ُ‬
‫بسهولة وهكذا هي أحالمي‪ ،‬سوف أبحر في الخيال‪ ،‬وصوال‬
‫ُ‬
‫أنجزت منها شيئا‬ ‫ملرتبة أحالمي ُهناك ّ‬
‫عدة مراتب األولى قد‬
‫جميال وهي‪ :‬أن أصبح كاتبة وأفرغ ما بداخلي وأنثر ُحزني فو َق‬
‫ّ‬
‫الورقة لتخفيف وطأة األلم الذي يحتل جوفي‪ ،‬وأيضا‬
‫ّ‬ ‫أصبحت فتاة جامعية َ‬‫ُ‬
‫رغم عدم اقتناعي بالفرع الذي قد‬
‫ولكنني أسعى باملحاولة والنجاح والرضا‬ ‫اختاره القدر لي ّ‬
‫ُ‬
‫بالقضاء والقدر‪ ،‬كانت سنة مليئة باإلنجا ات‪ ،‬فقد ُ‬
‫كنت في‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫تدخل بقدمها ُ‬
‫اليمنى حياة‬ ‫ُ‬ ‫الشهر الثالث ملكة ُمتوجة عروسة‬
‫رجل‪ ،‬ولكن فرحتي لم تكتمل َ‬
‫وكان أفشل إنجاز قد أنجزته في‬
‫حياتي‪ّ ،‬‬
‫ولكنني لم أندم أبدا فقد كان درسا أبديا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أما املرحلة الثانية وهي‪ :‬حلمي ّالذي ُ‬
‫أحلم به في كل ليلة‪،‬‬
‫دخولي ُكلية الحقوق وأن ُأصبح في املُستقبل م َن ُ‬
‫القضاة ال‬
‫وحكم‪ ،‬واآلن‬ ‫ُ‬
‫ينصه الدستور من قانون ُ‬ ‫ُ‬
‫أحكم إال بالعدل وبما‬

‫‪ | 203‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أسعى لتحقيق هذا ُ‬


‫وقررت بأن أعيد املحاولة وأدخ َل‬ ‫الحلم‬
‫ُ‬
‫فرعا آخر‪ ،‬فأنا يا سيدي فتاة قوية عنيدة تتشبث في أحالمها‬
‫ُ‬
‫الرمق األخير‪ ،‬ومؤمنة بمقولة (سنكون يوما ما ُنريد)‪.‬‬
‫حتى ّ‬

‫سأسعى ألكون سيدة أعمال ُحرة ُمستقلة‪ ،‬وأسعى أيضا‬


‫بتحقيق رغبة والدي بحفظ ُ‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬
‫ُ‬
‫عس ى أن تتحقق هذه األحالم‪ ،‬كلي ثقة باهلل‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 204‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫حبييب مُسافراً‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أيتها الغربة باهلل عليك كوني وطنا كوني كونا كوني قلبا‬
‫ُ‬
‫أتمناه منك هو أن تحتضنيه في ُحزنه‬ ‫كاقلب أمه‪ُ ،‬جل ما‬
‫وتعبه وسعادته في جميع حاالته املزاجية والنفسية‪ ،‬داوي‬
‫أعشق ُ‬
‫تأم َل العيون‬ ‫ُ‬ ‫جروح قلبه بدال عني‪ ،‬تأمليه جيدا ّ‬
‫فإنني‬ ‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫الناعسات‪ ،‬امسحي بيديك املقدسة فوق غبار قلبه‪ ،‬وعندما‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ينخز في‬ ‫يتعرض لوعكة صحية خففي وطأة األلم الذي‬
‫شعبها من الجياع‪ ،‬والقاتل ال‬ ‫جسده‪ ،‬فهو ضحية لبالد ُ‬
‫يحصد ما قد زرع‪ ،‬جدفت فيه الرياح ليستقر في بالد ثانية‬
‫ويتخذ منها شاطئا عليه يرسو بأمان وهناء‪ ،‬على أمل العيش‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بسالم‪ ،‬يا قمر الليل ال تنس ى أن تمس ي عليه في كل ليلة‬
‫ّ‬ ‫وضحاها‪ ،‬ويا شمس النهار أوصيك بتدفئة ت َ‬
‫ُ‬
‫لك الثغرة التي في‬
‫َ‬
‫الحنين لألهل والوطن واألحبة ُيصيب الروح‬ ‫جوفه‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬
‫بالبرود ُويصبح الفؤاد خاليا م َن الدفء‪ُ ،‬أيها الغراب كما‬
‫تنس أن تكو َن مرساال َ‬
‫بين قلبي وقلبه‪ ،‬يا نجوم‬ ‫أوصيتك ال َ‬

‫‪ | 205‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ُ‬
‫السماء أوصيكم في كل ليلة بتأمل مالكي النائم‪ ،‬وبحق كرامة‬
‫ومحبة سيدنا ُمحمد صلى للا عليه وسلم يا مالئكة للا‬
‫وحزن‪ ،‬يا للا أحط ُ‬
‫قلبه‬ ‫احرسوه من ُكل داء وأذى وشر ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫هموم ُ‬
‫الدنيا‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫والسالم‪ ،‬خفف ُ‬‫باألمان ّ‬
‫وهون عليه غربته‪،‬‬ ‫عنه‬
‫رباه إني استودعتك ُ‬
‫إياه بأن‬ ‫وطه ُره م َن الذنوب والخطايا‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫يعود إلى وطنه وأهله ساملا غانما‪ ،‬في أمان للا وفي قلبي أنت‪.‬‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 206‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫مِن قاعِ األرض أنا ها هُنا‬


‫أيتها األرض ُشدي بي إلى قعرك‪ ،‬إلى األعماق ّ‬
‫فأنني ال أطيق‬ ‫ُ‬
‫العيش فو َق سطح األرض‪ُ ،‬‬
‫أيتها األرض أخرجيني من هذا اليم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫فإن ُ‬
‫فأصبحت ال طاقة لي وال قوة‪،‬‬ ‫الحزن قد تخلل في صدري‪،‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫أتنفس‬ ‫أخرجيني م َن الهاوية إلى جنان الخلد والنعيم‪ ،‬دعيني‬
‫والحرية فو َق أرضك املُقدسة َ‬
‫وبين أشجار الزيتون‪.‬‬ ‫االنتصار ُ‬
‫َ‬

‫‪°°°‬‬

‫‪ | 207‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلهداء‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫علي ُمذ كنت‬ ‫اإلهداء إلى ُمعيني وناصري وجابري املتفضل‬
‫ُنطفة‪ ...‬خالقي‬

‫إلى من وصفنا باملؤنسات الغاليات وأوصانا بطلب العلم‪..‬‬


‫الهدى ُمحمد‪.‬‬
‫نور ُ‬

‫اإلهداء إلى من كنت ملهمته وكنت كل جماهيره‪.‬‬


‫ُ‬
‫الكلمات الظاهرة وبين‬ ‫‪-‬إلىُأبي‪ :‬قبل البداية‪ ،‬وبعد النهاية‪،‬‬
‫السطور‪ ،‬أود إهداء هذا الكتاب إلى من دعمني وأفتخر بي‪،‬‬
‫ساندني وأمن بي وكان لي خير السند وخير الداعم‪ ،‬إلى والدي‬
‫الحبيب‪ ،‬الذي وثق بي وبقدرتي وموهبتي ولم يدعني وحدي في‬
‫نجاحي‪ ،‬حماك ّللا لي وأبقاك لي طيلة الحياة‪ ،‬إلى ّ‬
‫عزي ّ‬
‫وقوتي‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وأوقد بعرق جبينه‬ ‫وسندي إلى من علمنا الصبر والعزيمة‬
‫َ‬
‫شمعة شبابنا وجعلنا نصل إلى ما نحن عليه‪ ،‬إلى من تحمل‬

‫‪ | 208‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫أصبح ُحطاما ليصنعني يا‬


‫َ‬ ‫مشقات الحياة ُليسعدني‪ ،‬إلى جبل‬
‫منبع اآلمال أنت ُمعلمي ومكنونتي وأماني وملجئي (أبي الغالي)‪.‬‬

‫إهداء ُإلى أمي ُ‬


‫ُ‬
‫إلى من جعلت من َرتابة األيام دهشة‪ .‬تجددني باستمرار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تنزع ّ‬‫ُ‬
‫عني ألم الحياة‪ .‬تأسرني بعاطفتها‪ ...‬تكبلني الحياة‬
‫َ‬
‫الصبر‬ ‫لكنها ُت ُ‬
‫سرع مهرولة لتخليص ي منها‪ ،‬أورثتني‬ ‫بوحشية ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تعلمت منها التقدم دون شكوى ألحد‪ ،‬تبعثرني‬ ‫والقوة‪.‬‬
‫َ‬
‫سرعان ما‬ ‫غير مساري‪ ،‬لكن‬ ‫َ‬
‫لتوجَهي لطريق َ‬ ‫خطواتي تارة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫وأتوه في‬ ‫تشدني نحوها‪ُ .‬وتصحح خطايا‪ ،‬تشتتني أفكاري‬
‫نحو حضنها مأمني‪،‬‬ ‫سرع َ‬ ‫متاهات ُ بما ُمعتمة ومظلمة‪ُ ،‬أ ُ‬
‫ر‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تبعثرت في‬ ‫راحتي‪ ،‬ملجئي‪ّ ،‬إنها حياتي‪ ،‬وأنني أقدمها لها‪ ،‬بعدما‬
‫ُ‬
‫فثابرت في طريقي إلكمال‬ ‫ُ‬
‫فتعلمت حينها‬ ‫بعض األحيان‪،‬‬
‫ُحلمي‪.‬‬

‫‪ | 209‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ذلك الطريق الذي‬‫لتحقيق أهدافي جميعها‪ ،‬واآلن أنا في َ‬


‫فعلت هذا لوحدي ُ‬
‫ظننتها قوتي‬ ‫كنت أظن أنني ُ‬‫رسمته لنفس ي‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫الباطنة والكامنة داخلي‪ ،‬إال أنها لم تكن سوى قوتها هي التي‬
‫أورثتني إياها ّإنها والدتي‪ ،‬سواء َ‬
‫أكان تعبي أم نجاحي أم فرحتي‬
‫ُ‬
‫أم حياتي فأنا أقدمها لك والدتي ُملهمتي‪ ،‬إليك أمي‪ ،‬وإلى‬
‫حنانك وعطفك إلى الهدوء والسكينة التي أشعر بها حين‬
‫تغمريني بحنان‪ ،‬إلى التي أكرمني للا ألجلها وبها‪ ،‬إلى من َحملت‬
‫ليالي طوال لتزرع بذور الخير في ُدروبي‪ ،‬إلى‬
‫وأنجبت وسهرت َ‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫أفاضه الحنان والدواء‬ ‫الشمعة التي احترقت ُلتنير طريقي‪ ،‬نهر‬
‫ُ‬
‫والقوة والصبر إلى قرة عيني "أمي الغالية"‪.‬‬

‫إهداء ُإلى ُأخي‪ :‬إلى سندي ومسندي واتكائي وقوتي إلى‬


‫بطل قصص دامت في الخيال ومثلي األعلى في الرجال‪ ،‬ألخي‬
‫املسافر أهديه خواطري الدامعة وكلماتي الجريحة ليتك‬
‫بجانبي اليوم‪..‬‬

‫ُ‬

‫‪ | 210‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫إهداء ُإلى ُاصدقائي‪ :‬إلى كل شخص من األصدقاء زال من‬


‫وجنتي الدموع حتى لو كانت دمعة واحدة صديقتي السمراء‬
‫شهد فلسطينية األصل‪ ،‬فأما عن صديقتي صاحبة االسم‬
‫ُ‬ ‫الغريب املميز توركان ت َ‬
‫لك التي تدرس في كلية الحقوق‪ ،‬ولدي‬
‫أسمها شهد من دير الزور عزباء كعذوبة نهر‬ ‫أيضا صديقة ُ‬
‫الفرات‪ ،‬وصديقتي صديقة الطفولة نانس ي ُ‬
‫روح قلبي‪ ،‬وعن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أختي وابنة عمي مروة التي تقف بجانبي وتحسن مزاجي‪ ،‬وعن‬
‫ابنة عمتي تسنيم ت َ‬
‫لك الفتاة وكأنها لوحة إغريقية‪ ،‬ولدي ابنة‬
‫عمة ثانية رنيم البقاعي من أصول لبنانية‪ ،‬أهديه إلى عماتي‬
‫َ‬
‫الذين أحبهم كثيرا‪.‬‬ ‫وخاالتي‬

‫‪-‬وإهدائي ُأيضاُ‪ :‬إلى كل من مات لتحيا أرضه‪ ،‬إلى كل من‬


‫عاش على أرض هذا الوطن الشامخ العزيز‪ ،‬إلى من ّ‬
‫ضحى‬
‫بروحه ودمه وماله فداء لكل ذرة من ترابه الطاهرة‪.‬‬
‫‪-‬إهداء ُإلى ُفقيدي ُ ّ‬
‫األواب ُالبقاعي ُ(مثنى) إلى فقيدي‬
‫الذي كان ملهمي األول ومشجعي دائما‪ ،‬إلى شوقي الذي يحترق‬

‫‪ | 211‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إليك‪ ،‬إلى الفرحة التي الحقتها الغصة في موتك رعتك مالئكة‬


‫السماء ّ‬
‫أهنئك بنجاحي‪.‬‬

‫ك ُالغصات التي اتخذت ُعنقي‬


‫‪-‬أهدي ُنجاحي ُإلى ُتل ُ‬
‫مسكنا لها‬

‫ك ُالندوب ُالتي استعمرت مسامات َجسدي‬


‫إلى ُتل ُ‬
‫وشوهتها‬
‫تبيض من كثرة ُ‬
‫البكاء‬ ‫ك ُالعيونُ التي كادت أن ّ‬
‫أهديه ُلتل ُ‬
‫إلى وسادتي التي وحدها كانت تشعر بحرارة تلك الدموع‬
‫املنهمرة من ُمقلتي‬

‫وأخيرا وليس آخرا أهديه ُلذاك ُالذي ُر َاهنتُ ُالجمي ُع ُ‬


‫َ‬
‫على ُحبه ُفخذلني وراهن على فشلي وتحطيم ذاتي ملن أطفأ‬
‫نور الحياة وشغفها في ُعيوني‪.‬‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫جلست عليه أليام خلت‪ ،‬إلى َ‬
‫تلك‬ ‫إلى ُ َ ُ‬
‫ذاك ُالكرس ُّي الذي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أستخرج من‬ ‫أسندت إليها رأس ي مرارا جاهدة أن‬ ‫الطاولة التي‬
‫صلب العقل أفكارا ّ‬
‫تدون‪ ،‬إلى فناجين قهوتي ّ‬
‫املرة التي كانت‬ ‫ُ‬

‫‪ | 212‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ّ‬
‫تحلو بحبر القلم‪ ،‬إلى أكواب الشاي املثقلة باإلبداع‪ ،‬إلى‬
‫أتخبط برحم األبجدية ُأل َ‬
‫نجب‬ ‫مزقتها وأنا ّ‬ ‫األوراق العديدة التي ّ‬
‫الشغاف‪ ،‬إلى الوقت ّالذي َ‬
‫كان يلدغني ليزيد‬
‫ّ‬
‫حروفا تالمس‬
‫ُ‬
‫فاستلهمت منه ولو‬ ‫كل ش يء ُ‬
‫رنوت بنظري إليه‬ ‫حماس ي‪ ،‬إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫الليل الذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شهد انهياراتي‪ ،‬وإلى وسادتي التي‬ ‫حتى كلمة‪ ،‬إلى‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫النهار الذي كان كفيال بأن‬ ‫وثقت أحزاني بدموع بللتها‪ ،‬إلى‬
‫يجعل أحزان الليل تتالش ى لحين شروعه‪.‬‬

‫بأعز لحظات‬‫إلى ُمحراب ُصالتي ّالذي لطاملا تلقفني وأنا ّ‬


‫جبارة‪ ،‬إلى مصحفي ّالذي َ‬
‫كان‬ ‫قوية ّ‬‫الضعف فأعود منه ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ذاك الذي حطم قلبي‬ ‫يغسل سواد فؤادي بنقاء وصفاء‪ ،‬إلى‬
‫ّ ّ‬ ‫إلى ذ ات فله ّ‬
‫النصيب األعظم من إهدائي‪ ،‬إنه الذي دفعني‬ ‫ر‬
‫حبه بين سطوري التي لم أكن أعلم ّأنها‬ ‫أنفض غبار ّ‬
‫َ‬ ‫ألن‬
‫ستجعل ّ‬
‫مني فيما بعد كاتبة وأديبة‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪ | 213‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلهداء إلى جدتي ُ‬

‫فقد كانت الكتف والسند وكلماتها الداعمة التي ما زالت‬


‫تترد على مسامعي رغم رحيلها إلى عالم البرزخ‪ ،‬إلى َمن كانت‬
‫ّ‬ ‫وتوأم روحي‪ ،‬ووجتهي ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ند ُحزني والتي تركت‬ ‫َ‬ ‫أنيسة وحشتي‪،‬‬
‫غصة ُ‬
‫العمر في قلبي بعد رحيلها‬ ‫ّ‬

‫هؤالء الذين قالوا لي باستهزاء إلى أين ستصلين بكلمتين‬


‫أتظنين أنك ستصبحين كاتبة وتؤلفين الكتب كلمات كلكمات‬
‫حفزت عندي روح الكتابة جعلتني أكتب‬ ‫صاحبتها قهقهات ّ‬

‫لهدف ألثبت العكس اليوم وصلت إلى ما أحلم على كل حال‬


‫شكرا لكم فقد أصبحت كما أتمنى ووصلت‪.‬‬

‫وها أنا اليوم أهديكم كتابي األو ُل ُ‪ُ .‬‬

‫سيكون هذا اإلهداء مختلف سأصوغه بلوعة من عتاب‬


‫محفوفة بسعادة اإلنجاز فلوال خذالن البعض لي أو حتى‬
‫كونهم عقبة‪ ،‬أو عونا في حياتي ملا استطعت كتابة ما تحمله‬
‫بين يديك اآلن عزيزي القارئ‪ ،‬مع عدم استطاعتك فهم‬

‫‪ | 214‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫املشاعر التي سطرت بها الصفحات بشكل تام إال أنك قادر‬
‫على ملس دموعي‪ .‬لم يكن األمر سهال تذكر تلك التفاصيل مرة‬
‫أخرى رغم مروري عليها ألف ليلة وكل ليلة على أن أتجاوزها‬
‫إال ّأن ظني يخيب في كل مرة وكرة‪ .‬عند نظري إلى مرآتي أقول‬
‫سأكون اليوم أقوى سأواجه العالم بابتسامتي‪ ،‬ولكن ما‬
‫أخفيه تحت تلك ابتسامتي بئر يفيض بالبكاء املؤجل‪ .‬واآلن‬
‫عزيزي القارئ ال يهم فما كان باألمس أملا أصبح اليوم نجاحا‬
‫أتوجه إليك بهذا اإلهداء عس ى أن ينال إعجابك‪.‬‬

‫مرُبما ُمررت ُبه من األس ى‬


‫ك ُالكتاب ُلكل ُمن ُ ُ‬
‫أهدي ُذل ُ‬
‫والعذاب لكل من ذاق مرارة الحب وعاش قصة مليئة بالشوق‬
‫حيث انتهت بالضياع والفراق‪.‬‬

‫أهديها لدموعي املنهمرة على وجنتي ُ‬

‫لثغريُ الذي أصبح منطفئا ُ‬

‫سرُمراتُومرات لطيبتي التي انقلبت ضدي‬


‫لقلبيُالذيُك ُ‬
‫وخذلتني لتكون نقطة ضعفي الوحيدة أهديها للذي كان سببا‬

‫‪ | 215‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫في كل ذلك لعله يذوق طعم الندم وسهري على بعده طوال‬
‫أيام وأيام ألبقى حرقة وغصة كبيرة في قلبه الذي كان ال‬
‫يحتوي شيئا سواي‪.‬‬

‫إلى ُ َمنُ ُحدثن ُي ُبالخيب ُة ُوغدرني‪ ،‬أتمنى اآلن أن أجعلك‬


‫ُ‬
‫تنهل من الكأس امل ّر كوجودك في حياتي‪ ،‬لن أجرعك مرارة‬
‫ّ‬ ‫بتمهل ّ‬
‫وتأن‪ ،‬أخبرني َمن الذي جعلك‬ ‫االنتقام مرة واحدة بل ّ‬
‫تطعنني ّ‬
‫بالسهام‪ ،‬أفقدت وعيك؟؟!‬

‫بكل حريق‬ ‫َ‬


‫أدميت القلب بخناجر الوجد‪ ،‬سأعاتبك ّ‬ ‫فوللا‬
‫تخمده َبعد غيابك‪ ،‬ذبحت الفؤاد‪ ،‬ومزقت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أشعلته ولم‬
‫الجوارح ولم تأبه بما يضرني‪ ،‬ووضعت على الجرح بحفنة ملح‬
‫َ‬
‫وزدت ُه آملا‪.‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫الحب لكل من يقرأء حروفي اآلن‪.‬‬ ‫كل‬

‫سدرة سامر محيميد‪ُ .‬‬

‫‪ | 216‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫الفهرس‬

‫قصة حياتي ‪7 .............................................................‬‬


‫النصوص األدبية ‪24 ......................................................‬‬
‫بين إيالف وسدرة ‪25 .......................................‬‬ ‫حوار َ‬

‫إشعار افتراض ي ‪30 .................................................‬‬


‫تحرش الطفولة ‪32 .................................................‬‬
‫عناق في األحالم ‪37 .................................................‬‬
‫أسر ُار سعادتي ‪41 ..................................................‬‬
‫أنثى ّ‬
‫شقية ‪43 ........................................................‬‬
‫َ‬
‫بين ثنايا الذاكرة ‪45 ................................................‬‬
‫كلماتي فقدت ُع ُ‬
‫ذريتها ‪47 ........................................‬‬
‫قلب بال جسد ‪49 ...................................................‬‬
‫مشقي ُة ّ‬
‫الجمال ‪51 ................................................‬‬ ‫د ّ‬

‫أكرهك من صميم فؤادي ‪53 ....................................‬‬

‫‪ | 217‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مغرور القلب ‪55 ....................................................‬‬


‫ُ‬
‫قطرة ماء ‪58 ..........................................................‬‬
‫َ‬
‫أضحوكة الصباح ‪61 ..............................................‬‬
‫طائر في قفص ذهبي ‪63 ...........................................‬‬
‫ُ‬
‫لغة العيون ‪66 .......................................................‬‬
‫تحت الوسادة ‪68 ...............................................‬‬‫ما َ‬
‫ُ‬
‫أشحذ ُ‬
‫الحب ‪70 .....................................................‬‬
‫عجز جدتي ‪74 .......................................................‬‬
‫نجمة سرمدية الضياء ‪76 ........................................‬‬
‫التأرجح َ‬
‫بين ثنايا الطفولة ‪83 ...................................‬‬
‫ُحبي األزلي ‪86 .........................................................‬‬
‫من أنت ‪90 ............................................................‬‬
‫مالكي الصغير ‪94 ...................................................‬‬
‫ُ‬
‫الحب الساقط ‪96 ..................................................‬‬
‫الذكرى املنسية ‪99 .................................................‬‬

‫‪ | 218‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫ُ‬
‫بصارة ُ‬
‫الفنجان ‪102 ...............................................‬‬
‫ُ‬
‫نشوة الحب ‪104 ....................................................‬‬
‫لقاؤنا األول ‪107 .....................................................‬‬
‫املوت ‪109 ....................................................................‬‬
‫ُ‬
‫املوت املفجع ‪110 ...................................................‬‬
‫جوى الروح ‪113 .....................................................‬‬
‫فقيدتي جدتي ‪115 .................................................‬‬
‫َ‬
‫حطمت قلبي يا ُمثنى بالرحيل ‪117 .............................‬‬
‫األب ‪119 .....................................................................‬‬
‫أبي ‪120 ................................................................‬‬
‫الخواطر ‪123 ...............................................................‬‬
‫يليق بقلبي سواك‪154 .......................................... .‬‬ ‫ال ُ‬

‫رسالة من حواء آلدم ‪155 ..........................................‬‬


‫الخذالن‪156 ...........................................................‬‬
‫فاتني ومفتوني‪157 .................................................. .‬‬

‫‪ | 219‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقوع القلب‪158 ..................................................... .‬‬


‫ُ‬
‫نداء القلب‪159 ...................................................... .‬‬
‫‪160 .............................................................12:12‬‬
‫أخش ى اللقاء‪161 .....................................................‬‬
‫ُ‬
‫مرور السنين‪162 ................................................... .‬‬
‫لم أعد أرغب بك‪163 .............................................. .‬‬
‫أحم ُل َك َ‬
‫بين ثنايا الفؤاد ‪164 ......................................‬‬
‫ُ‬
‫كالم العيون‪165 .................................................... .‬‬
‫ُ‬
‫مسقط الرأس ‪167 ..................................................‬‬
‫بطل قصتي‪168 .......................................................‬‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫التفكير املهلك‪169 ...................................................‬‬
‫من ُيقايض‪170 ...................................................... .‬‬
‫سر ُ‬
‫اج أيامي‪172 ..................................................... .‬‬
‫ُ‬
‫استنزاف القلب‪173 .................................................‬‬
‫الثقب األسود‪176 .................................................. .‬‬

‫‪ | 220‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫انسجامي مع النسيان‪177 ....................................... .‬‬


‫ُ‬
‫لغة الروح‪178 ........................................................ .‬‬
‫املطر ‪179 ...............................................................‬‬
‫مرهونة بتفاصيل وجهك‪180 .....................................‬‬
‫أطفال الزهور ‪182 ...................................................‬‬
‫ميالدي الواحد والعشرون ‪183 ..................................‬‬
‫تناقض قلبي وعقلي‪184 ........................................... .‬‬
‫القريب البعيد‪185 ................................................. .‬‬
‫بين مصحف وإنجيل‪190 ....................................‬‬ ‫تائه َ‬
‫ُ‬
‫قبالت مسروقة ‪192 .................................................‬‬
‫إلى حبيبي ّ‬
‫السري ‪193 ...............................................‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫القلب ‪196 .................................................‬‬ ‫نرجسية‬
‫ُمهجة قلبي ‪198 .......................................................‬‬
‫ُمذنبة ‪199 ..............................................................‬‬
‫حلم طريف ‪201 ......................................................‬‬

‫‪ | 221‬سدرة سامر حميميد‬


‫سدرة المنتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أحالمي الجوهرية ‪203 ..............................................‬‬


‫حبيبي ُمسافرا‪205 ...................................................‬‬
‫من قاع األرض أنا ها ُهنا ‪207 .....................................‬‬
‫اإلهداء ‪208 .................................................................‬‬
‫الفهرس ‪217 ................................................................‬‬

‫‪ | 222‬سدرة سامر حميميد‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سدرة المنتهى‬

‫‪ | 223‬سدرة سامر حميميد‬

You might also like