Professional Documents
Culture Documents
عُنْفُوان أُنْثَى
عُنْفُوان أُنْثَى
نثى
أم الجود
ُعنفوان أُ َ
نثى
ً
حكاية لحيا ٍة أخرى لتِلك األقدا ِر
ولِتلك األحالم واقعاً ُمختلف
أ ُبث بين دفائف ِه الصبر...القوه...والحب
كان بين ما مضى و بين ما أتى تفاصياًل كثير ًة
كتبتها وأنا بعمري الحادي و الثالثون
ً
حكاية ُ
فكنت للقد ِر...
كان...
فكان يا ما ْ ْ
كانون الثاني
ِ بـ التفاصيل
ِ الذِكرى األليمة ...بعضاً من
بألوان قوس ُقزح تكسوها ضحكاتنا و إبتساماتنا ِ لم يكن بذاكرتي سوى المرح ،ممزوجا بطعم َذلِك الفرح
بين الحين و األخر أعيشها دونما أقبع بالتفكير بإنه سيأتي يوم يسلب مني تلك اللحظات الجميلة
عام نعيشه خارج البلده كنوعاً من التغيير الروتيني و هروبا من الضغوطات اليومي ِة مطلع كل ٍ ِ فكان بداية
ولكن كان لهذا العام شأناً آخر...
إعتدت عليه ألكون أُنثى بمزيجاً من الخشون ٍة التي إكتسب ُتها من والدي ُ ألعيش عالماً ليس بالعالم الذي
كان لزاماً أن أترك بعضاً من أنوثتي ألمارس طقوس شخصاً آخر له حدة المِراس مع األقدار الصعبه
ركن منه أضعفنا وأرهق صومعة قوتنا ونترك منزلنا ال ُمعبىء بكامل تفاصيلهم و أرواحهمـ القابعه بكل ٍ
أخذ منا أرواحاً كانت ُتحيطنا باآلمان ،و تزهر تفاصيل أيامنا زهور الفرح…فكان لليتم حكاية!
ض الطين على َ
األ ْر ِ ِ رغماً عنا تركنا الديار فلربما! نستطيع أن نمحو بعضاً من تلك الذكرى العالقة كخزعة
بصالبه
لم تكن لقراراتنا قدر ،فقد كان لذلك القد ِر قراراً برسم طريقاً آخر غير الذي إرتئيناه و نسينا أمرنا ،فقد
كان هنالك أم ٍر أزعج تفاصيل الوحدة ما بين حيٍزّ ال يحتوي على ذلك الزحام العائلي.
المقطوع من شجره! ِ كالغصن
ِ أب فقط؟!أم و ٍ لم نكن نعلم هل من أقرباء ٍحولنا؟ أم َخلقنا القدر هكذا؟! من ٍ
حكاية أخرى تلف غصونها حولنا بشدة؟! ً أم أن ُهنالك
بل كان لهذا األمر حقيقة صادمه خلقت في نفسي غصة ملوعه
لم أكن ألختلس السمع من ثقوب باب غرفة والدي
حين كنت أمشي بخطوات المرح التي ال تتجاوز الخامسة عشر سمعت ذلك الحوار الذي دار بينهم
ماذا عن طفلتينا إن عرفتا لماذا نحن نعيش بعيدا دون وجود أي من أفراد عائلتنا؟
ماذا ستكون ردة فعليهما إن عرفا إن أمهما كانت يوماً طفلة لقيطه مرميه على إحدى الشوارع؟!
بب تلك الثغرة العائلي ِة حين تزوجتني! وأن وجودنا معاً َس ّ
وسمعت أبي حين أسكت ُبكائها كطفل ٍة صغير ٍة ُ سمعت بكاء أُمي
ُ
كانت أمي األقرب إلى قلب أبي
كعشق إبن الملوح لحبيبته ليلى ٍ عاشقا لها
بل كان ُمتيماً بها إلى الح ِد الَّذِي جعله يعيش بعيداً عن أهله و أختار قل ُبها ليكون َمسكنه و َم ِ
وطنه
الحب ال ُمغطى بأطه ِر قواعد العشق الغي ِر ُمتناهيه كم هو جمي ٌل َذلِك ُ
ألجلك يا أمي؛ ال ُبد أن شأنك كان عظيماً في ِ
قلب أبي ِ ُكل هذا
الكالم
ِ بالكثير من
ِ ثقل
بلسان ُم ٍ
ٍ وبدموع حامل ٍة لليتم و
ٍ َ
الصمت ُ
لتزمت ِوحدنا؟ إِ
نحن هنا ل َ ُ
أدركت لماذا ُ حي ُنها
لم أكن ألُجيب أُختي حين تتسائل لماذا ال نذهب إلى بيت جدتنا؟
أحضان جدتي وهي تمسح ِ الغفران أن تسمح لنا يوماً أن نكون ين ِ َ
صفحات بل عشت ذلك لوحدي ،ألتمِس
بيدها الجعداء على شعري و تحكي لي الكثير من قصص ألف ليل ٍة و َ
ليلة
الحب و الحنان تفاصيل ُ
ِ لكن تبقى أمي ،تبقى لي الكثير من
الصفح و الغفران كل ليله ً وأطلب منها
ُ صباح
ٍ ليس لي إال أن أُقبل قدميها عند كل
ليس هذا ما أوجع قلبي ،وإنما شيئا أكبر من ذلك بكثير الذي ال يمكنني إستقطاب مساحات األلم التي
إجتاحت قلبي الصغير.
يوم األثنين د ّون لنا الحظ قدراً و أمراً ُمريعا.
بتاريخ الحادي عشر من كانون الثاني في ِ
بذلك اليوم الذي لم نستطع أن نحمل فيه أجسادنا الضعيفه بصدمة َغيرت مصيرنا و أقدارنا إلى قد ٍر آخر
بالمتحدث يتحدث بنبر ٍة تحم ُل حشرج ٍة
ِ ً
مهلوعة ال أعل ُم لماذا ؟! وإذا يرن هاتف المنزل وأركض نحوه
الحضور في الحال فهناك أم ٌر يتعلق ِب َنا وعلينا التوجه في
ِ قسم الطوارئ وإن عليناغير مؤلوف ٍة من ِ
الحال؟!
نعرف أحداً هنا البته سوى أمي و أبي؟!هل يا ترى ذلك َ بدأت تلك األفكار تعبث بي ،ما الخطب؟! نحن ال
األمر ُمتعلقاً بهما؟! أم أن هنالك أم ٌر آخر؟!
أغلقت السماعة ِبشد ٍة غير مقصوده فـ يداي مذعورتان
سواء أنني عشت مع دوامة بنات أفكاري التي سكنت ُمخيلتي وأرغمتني على ٌ لم أكن ألسئله ما األمر؟!
الصمت!
أخبرت أختي التي تصغرني بـ عامين فقط لتنتعل حذاءها و نتوجه سريعاً إلى المشفى ّ
لتتساءل هي األخرى فال أجد لسؤالها جواباً ؟!
قائلة أوصلنا الى المستشفى هناك على السكه رقم أوقفنا التاكسي على طريقنا ،لم أُحيه سوى أنني أردفت ً
الشارع
ِ ث ٣على اليمين من
َ
لتنزل كنزول المطر و شفتانا كان يرى الذع َر بعينانا الحاذقتان اللتان ال تملُكان سوى تلك الدموع
صقيع الشتاء!
ِ ال ُمرتعشتان من شد ِة الخوف وكأننا في
وصلنا وإذا بي أُسرع وكأن أقدامي تحملني وال أحمل أمرها سوى الخضوع ألمر إستعجالها ،توقفنا عند
صالة اإلستقبال واإلستفسار عن سبب ذلك اإلتصال ِب َنا و إستدعائنا للقدوم؟؟
ال فقط أخبريني عن اسمك من فضلك؟ قالت لي أنتظري قلي ً
أخبرتها ومن ثم طلبت منا الذهاب إلى الغرفة رقم ٥ذهبنا وكان هنالك الطبيب المشرف على حالتهما
ينتظرنا
طرقت الباب بطرقاتٍ خفيف ٍة كالتي ُتشبه تردد وذعر طارقها ،أذن لنا بالدخول سلمنا و إسترحنا على تلك ُ
األريكة و بدأ حديثه مالطفاً سخط األفكار الحائرة التي تحتوينا.
ولكن كانت عيناه تحم ُل شيئاً خالف ذلك الحديث المواسي لنا بعض الشيء!
ٌ
خوف نظر إلينا و أردف بقوله :أرى فيكن أملَ المستقبل و سيدات مجتمع ،سأراكن نجماتاً براقه ؛ فال
عليكن
فقطعتُ حديثه بعدما أطال به؛ ألبحث عن بصيصاً لألمل ليطمئن قلوبنا الحازقه باألمر الذي ما زلنا نجهل
حقيقته ،فقلت له :ما سبب إستدعائنا إلى ُه َنا يا دكتور؟
ال في سن ِ الخامسة لتخلع سنه ما األمر الذي ُتخفيه عنا سراً خلف عباراتك اللطيفة و كأنك ُتداعب طف ً
المتآكل جراء السوس حتى ال يبكي ...
أخذت نفساً عميقاً و بنبر ٍة تحم ُل الكثير من الوجع ،أَ ْعلَ ُم أن الحياه ُتخاطبنا بلغة الصمت و تفاجئنا بأمو ٍر ُ
لم نكن لنعلمها من قبل؟! فما األمر الذي ما زلت ُتدسه خلف عباراتك؟!
أمل جديده و عزيزتي حينما يطرق الفراق نافذتك ال يعني لكما اليأس وال لتعيشا ذلك األلم فلربما هو نافذة ٍ
ً
وأنوثة خطواتٍ أكثر صرامه نحو نجاح متميز لم يسبقكم أحداً من قبل ،أني أرى في أعي ُنكن ُحلماً َك ِبيراً
حازمة
ماذا تعني بكالمك يا دكتور؟!
ماذا عن أُمي و أبي؟! هل هما بخير؟! أخبرني باهلل عليك ما األمر؟
أهدئي يا صغيرتي ،دائماً أقدار اهلل يكمن فيها خيراً لراحلين ع ّنا والقاطنين على أراضيها ال تدركه عقولنا
المحدودة في األمور الغيبيه التي ال تكاد تتسع عقولنا الصغيره سوى أن نؤمن بالقضاء خيره وشره ،لقد
اء
الس َم ِ
اختارهما القدر ليكونا ضيوف ِه في َّ
ض مغشياً عليها لم تكن لتتحمل ذلك الخبر وأنا أصرخ الااااااااـ الاااااـ ُعاء وسقطت على َ
األ ْر ِ شهقت أختي د َ
أمي و أبي ،لن يتركانا وحيدتان في هذا العالم الكبير ،أرجوك يا دكتور أفعل شيئاً لهم ألجلنا؟! ألجل أن
أتخاطب معهم ولو لمر ٍة واحده ،أريد أن أخبرهم بإننا نحبهم وال نملك أحداً ليحتوي طفلتيهمـ سواهم!
أُااااااااامي أاااااابي ال ترحال من دوننا ُخذانا َم َع ُكما ،إلى حيث تكونا ،أخبرني أين يكونان؟!
فاك ذلك النحيب ألجل أختك ،أنا أعلم ستكونان ِب َخ ْير ،اهلل سيتدبر أمركماا ال تقلقلي كفاكِ ُبكاءاً يا صغيرهُ ،ك ِ
ال يخبئه القدر لكما ،هوني َعلَ ْي ِك. أبداً فدائماً هنالك شيئاً جمي ً
وبصوت يرتجف دعاء يا صغيرتي ،أفتحي عينيك تعالي ُبحضني أُخبئك عن ٍ كنت كمن لم يصدق ما سمع
هَّلل
ذلك الرحيل! سنكون بخير مع ا .
األ ْعلَى ،أريد الرحيل معهمـ يا ياسمين أريد أن أكون ُبحضن أمي وعلى فتحت عينيها بتثاقل و ُتحملق إلى َ
صوت همسات أبي! ِ
ُعاء كفي عن ُك ل هذا ،الدعاء سيوصل ذلك الشوق إليهم ،ال تقلقي لقد إختارهم اهلل أن يكونا ضيوفه آه يا د َ
هذه الليله وسنكون معهم ذات يوم.
في بره ٍة من الوقت وأختي الصغيره تتوسد حضني بـ ذلك العالم الذي أسكن فيه لوحدي ُتعيد لي ذاكرة
شريط الصباح الذي مر سريعاً ،لقد ُكنا قبل لحظات معاً نشرب الشاي ونأكل الكعك ونضحك تار ًة و نصمت
قوة ،لقد حضنتهم حول وال ّتار ًة أخرى ألفتح عيناي وتنتهي مراسم الدفن ،بعد أن ودعناهما قسراً دون ٍ
كثيراً لكن هذه المرة لم ُيمدان ألي أيديهما حولي ليشدان العناق حول ُحضني لقد كانوا جثثاً هامدة إثر
حادث أليم ذهبا ضحيته.ٍ
لم يكن هناك أحداً نعرفه سوى بعضاً من الجيران جاءوا ألجل الدفن ،بعدها ذهب الجميع يجرون أقدامهم
نحو مآربهم ،لم يبقى إال تلك العجوز الطيبه بالقرب منا لتأنس ذلك القلب المفجوع و لتهدأ أوتارنا الباكيه
بنحيب
ٍ تار ًة أبكي بصمت حتى يكاد قلبي أن ينفطر من شدة الحمل الذي ال يحتمله وتار ًة أخرى أبكي
وشهقات مترادفة تكاد أن تتهاوى علينا أعمدة البيت من شدة حزني ،لم أكن قوية ألخفف عن ٍ مستمر
األلم ،لم أستطع إحتضانها سوى إحتضان بقايا أمي وأبي. أختي بعضاً من ِ
ال و وجعاً على ذلك الرحيل الخاطف... لم تكن أقل مني عوي ً
ال ،لتذهب تلك العجوز إلى بيتها ونبقى لوحدنا نحارب صورهم العالقة في كل زاويه من زوايا هدأنا قلي ً
البيت و أصواتهم العالقه التي بقت على مسامعنا ،لم يكن هناك ما يخفف ذلك القدر سوى سجادتي
ومصحفي ،لم ننم طوال تلك الليله بقينا نزف أدعيتنا إليهم وشوقنا الذي لم يمضي عليه إال بضع ساعات
من الرحيل فكيف لشوقنا لـأليام القادمة؟!
لم و يقظه و جاثوم يصارع روحي وكأنه يحاول سرقتها وجدت نفسي نائمه على سجادتي ُ
فكنت ما بين ُح ٍ
مني ولكن ُك نت مقاومة لذلك األمر حتى تغلبت عليه وفتحت عيناي ألنهي محاوالته العابثه ،ألرى أختي
ُ
تفقدت أنفاسها ألعلم أنها بخير. الملتويه كالتواء اللحاء على الشج ِر،
لقد كان لذلك الحادث وق ٌع كبير على أنفسنا أخذ منا أرواحاً كانت ُتحيطنا ونحتاط بها بالحنان و الدفء
فقدنا كل هذا فجأة و كأن شيئاً أُنتُِزع م ْنا بإكراه ولكن تبقى رحمة اهلل ُتضلنا و تحتوي أرواحنا و نواصل
الح َياه
مسيرة َ
بواعث األمل ما زالت ترتاد قوربنا المكلول بالدموع
لم نستطع البقاء في منزلنا القديم الذي إحتوى أرواحا كانت بيننا وفي لحض ٍة ذهبوا وبقت أطيافهم
تالحقنا ،لذلك أقدمنا على الهجرة
حي آخر ُيسكت ذلك الصخب والضوضاء التي تملئ ذلك الفراغ بداخلنا. فلربما اإلبتعاد إلى ٍ
عرضنا البيت للبيع ،بعد مده لم تكن بالطويله من عرضه إتصل بنا أحد الراغبين بشرائه
حزمنا حقائبنا و ودَّعناه وداعنا األخير ،ودعنا أرواحهم القاطنه بين أفنيته لم نشأ الرحيل لوال األلم الذي
اجتاح مساحات الصبر
حي آخر فلربما يهدئ سلمنا المفتاح لمشتريه و أدركنا قوافل الراحلين على مِتن الباص و توجهنا الى ٍ
وتيرتنا الهاربه في منتصف الطريق
الشباك الذي يفصلني عن تلك إرتمت دعاء ُبحضني و دموعها تنهمر بصمت وأنا أنظر من خلف ذلك ُ
الشباك قليال ألريح أنفاسي الخانقة بداخلي ،لم أدرك المساحات في الخارج بأقل من سنتيميترات ،فتحت ُ
نفسي حينما كانت أختي الصغيره تبكي بحرقة على ُحضني أللف بذراعي حولها ،لم أكن لـأدرك شيء بل
كنت في عداد الغائبين شاردة الذهن بذلك العالم الَّذِي أخذني بعيدا بعيداً ُكل ال ُبعد عن ذلك ا ْل َو َطن الذي
يتجسد روحي
ال لنعود إلى مقاعدنا المتهالكة التي ُتحدث هي األخرى ال لنريح أجسادنا ونتمدد قلي ًتوقف الباص قلي ً
زمجر ًة بإهتزاز أثقالنا عليها وكأنها تشتكي من أوزان ُركا ِبها وأنها أصبحت عجوزاً لم تعد تحتمل
المزيد ...والبقاء أكثر
ً ُ
كنت أنظر إلى كل شيء وكأن بداخل ِه حياه ليوقظ بداخلي أغنية أيقظت بداخلي قوافل الراحلين لفيروز
مذياع سيارة والدي حينما تقول سكن اللُليّ وفي ثوب السكون تختبئ ِ لطالما أحببت سماعها كثيراً على
صوتك ال يحمل بداخله أي نوعاً ِ األحالم كثيراً ما أرددها حينما أعود إلى ا ْل َب ْي ِت وأختي ُممازحة لي بقولها
المنزل من هذا الغناء وأنا ُكنت أزداد عناداً و أرفع صوتي وأرقص ِ صوت األنوثة تكاد تنهدم أعمدة
ِ من
بخفه ،لم يكن ذلك ُيسخط والدي بل أرى بأعينهم ذلك الفرح لتوقضني أُختي من تلك اللحظات المنسيه
للواقع الجديد ،لتسألني إذا ما زلنا بعيداً عن تلك القريه؟
نفسه وأجيبها ال أعلم يا حبيبتي ولكن حملقت بعينيها و سألتها ماذا قلتي يا دعاء ؟! لتعيد علي السؤال َ ُ
ربما نكون قد قطعنا نصف المسافه ،لتعود مر ًة أخرى و تدفن رأسها ُبحضني حتى ال يتسرب ذلك الضوء
إلى عينيها و يوقظ بداخلها ما مضى.
أغمضت عيناي بعد ما أتعبها ذلك الحنين و ما هي إال لحظات ألصحو على صوت مزمارالباص و أقدام
الخطى بالنزول ،أكتفيت بالنظر لِ َبرهة من الوقت ألنتشل نفسي من َذلِك الزخم وأيقظ أُختي ال ُر ّكاب تجر ُ
بلطف على كتفها األيمن هيا يا حبيبتي َو َصلنا دعينا نحمل حقائبنا و نفتش في أغوا ِر َذلِك الحي عن
ٍ رب ُتت
التعب والحنين التي ما زالت ُتزمجر جثائمها بصخب ِ بيت يؤوينا لتفتح عينيها بتثاقل و بداخلها شيئاً من
ٍ
حول زوبعته الملتويه
بتثاقل نحمل أجسادنا ...هو َذلِك الحنين
ٍ
بعض مننجر ُخطانا بالنزول حتى كدت أن أسقط لوال أن تداركتني دعاء و بأيدٍ صغيره نسحب أمتعتنا و ٌ
الّ ّذكرى بداخلها...
وصلنا إلى مكتبٍ للعقارات للشراء و ا ْل َب ْيع ،و كان على َذلِك ال ُكرسي شيخاً كبيراً علقت عيناي بالنظر إليه
تلك األساطير والقصص التي كانت بواقعهم وتمنيت بأمني ٍة مع نفسي أن يكون لي جد مثله يحكي لنا من ِ
ُ
الشيخ. الواقع من جدي ٍد وهي تهمس بأذني أجيبي على ذلك ِ سرحت بالنظر كثيراً لتعيدني دعاء إلى ُ آنذاك،
منزل صغير وبه حديقه صغيره ٍ ال من عناء الطريق الطويل ،نود شراء معذرة منك يا عمي فأنا ُم ٌ
رهقة قلي ً
َك َذلِك.
بعض من صور المنازل المعروضة حسناً يا صغيرتي ما عليك اال بفتح هذا الكتالوج فهو يحتوي على ٍ
للبيع مع أسعارها
الحرمان حسنا يا عم بنبر ٍة خافته تحمل بداخلها بعض ُ
دعاء تعالي بجانبي لنختاره معاً
لم تستطع الحديث فكان لسانها ُمثقل باألنين والحنين معاً فقط إقتربت و هي مطأطأه رأسها لألعلى ُتحملق
مليئة بالدموع ومخافة تتساقط مع ضوء الشمس ٌ وكأنها ترى النجوم بالسماء فعلمت بداخلي أن عيناها
بقطرات الندى على خدود الزهر ِ حتى ال نرى سيالنها على خديها كانت أشبه
بضحكات بائسه
ٍ مس ّكت يدها بقوة ألشد على جرحها و كسرت تعابير الحزن
بيت جميل متوشحاً بتصاميم من الطرا ِز الشرقي ال َقديم وقع بأعيننا ٌ
صرخنا معاً
هذا المنزل يا عم وأتمنا أن تراعينا في سعره
ألعطيكن المفتاح...
ُ ال عليك فقط أرياني إياه
أتى ألي ذك الفرح للحظه ،هذا يا عمي والبسمة تغمر شفتي
ليسلمني المفتاح وأتذكر الشريط سريعاً وأكتفي بشكراً
فليبارك لكم الرب هذا البيت
ِ
أسحب يدي وكأنه ُكتب ممنوعاً اإلقتراب ُ أعطيت ُه ثمنه وبسرعة
عالم جديد...
بذلك الطريق نواصل خطواتنا نحو ٍ
وشك الذبول فجالت بخاطري أحاديثاً حولها ِ وصلنا إلى بيتنا الجديد ،و حديقت ُه الصفراء على
فأنت لي الحياه و الحياه بجانبك لي خاطره الدمع إن ج ّفت تلك الصنابير عن ُسقياكِ ، ُ سأسقيك
ِ
الشيء ما أن وضعت المفتاح بداخل ِه أصدر أزيزاً كأزيز النحل على األزها ِر، بعض ّ كان َذلِك ُ
الباب متهالكاً ٌ
وكأن أرواحاً بدأت ُتالحقنا و تعبث ِب َنا
ّ وإذا ِب َنا نضع أقدامنا عليه َو َذلِك الشعور يواتي كل واحد ًة م ْنا نشع ُر
شعور يراودنا؟!
ٍ ُ
محض وكأن ُسكان ِه رحلوا منه مثلما رحلنا عن منزلنا! أم أنه
خفية دون أن ُيحدث أحاديث ثرثاره حوله ً بوسط َذلِك السكون تقتطع دعاء َذلِك الشعور الذي داهمنا ِ
متى سنرتب بيتنا و نوظب حقائبنا َيا ياسمين؟!
اآلن ،إن أردتي؟
أجل يا عزيزتي فال يمكننا أن نجلس على أرائك ِه قبل أن ُنعيد ترتيبه و تنظيفه
ُعاء ،هيا لنبدأأنت ُمحقه يا صغيرتي د َ ِ
ُ
النصف األول ما أن بدأنا وإنتهينا من تنظيف ِه قضينا النصف الثاني إلتمام ما بدأنا به بعد ما أخذ الطريق
من طاقتنا
الماء يساعدنا
ِ ال منرغيف من الخبز اليابس و قلي ً ٍ الجوع فأسكتناها بـ
ِ أصدرت أمعا ُئنا أصواتاً من أثر
على إبتالع ِه
وصوت الديك بدأ بصقاع ِه لينتشل روحي الغارقه في ُ التعب
ِ لم أشعر إال والنوم قد أطبق على عيناي من
فتحات النافذة و توجهت إلى عينايِ غيبوبة النوم و كأنه يساعد الشمس على إيقاضنا بعدما تسربت من
التي ما زالت ناعسه
ِّفء... َ
تمنيت لو بإستطاعتي أن أحتضن ذلِك الد ْ ُ لكن لم ت ُكن بحارقة كانت دافئة جداً
ً
حكاية جميلة الصباح
وللعصافير َمع ّ
ليخبت أصوات أمعائنا عند شعورها بـ َ كان ك ٌل ما لدينا َذلِك الشاي و بعضاً من البسكويت أحضرته َمعِي
السوق وشراء بعضاً من المستلزمات ِ الجوع ،بدأنا بخطتنا لهذا آليوم بالذهاب إلى
السوق
ِ يوم و نمشي دون الحاج ِة إليق ْاف سيار ُة أُجره إليصالنا فقد كان بعد ما إستعددنا للخروج ألوِلّ ٍ
قريباً منا
اءوا ليزاحموهم ّ
الطريق وإذا بأولئك الناس تنظر ألينا كغرباء َج ُ
بعض من مدينة عن مدين ٍة أخرى هو ٌ ٌ ِك ك ّنا...لكن َذلِك الوطن كان يحتوينا جميعاً ...كان ما يم ّيز نحن َك َذل َ
ُ
الكلمات وهو ما كان يخبر ع ّنا ِ بعض من الزي و لهجتنا القرويه التي تحمل في قولبها التكسير كثيراً في ٌ ِّ
من أين؟ قبل أن ُنخبر سؤلهم...
الجميع يبادر في المساعد ِه تبضعنا ك ٌل ما يلزمناُ أولئك الناس لطيفون جداً،
ِ كان
ال لم نشعر ِبحماو ِة شمسه سوى أنها تزيد من ذلك الجو شعوراً بالدفء كان الجو جمي ً
الشتاء وكان المثل ال ُمتعارف إذا جاء البرد بيروح الورد كان لذلك المثل إنه شهر كانون الثاني حيث يبدأ ّ
الشعبي حقيقه حيث أن الورود أصبحت شبه ميته
تمنينا لو يطول ِب َنا الطريق لنتجول عبر شوارع ِه ال ُترابيه لكن أوشكنا على العودة إلى البيت ما أن وصلنا
ال فما كدت أُغلق عيناي لنسمع صوت األذان بدأنا بترتيب األغراض على تلك الرفوف ومن ثم إرتحنا قلي ً
إنه أجمل األصوات إلى قلبي يبث إليه الراحه و تنبت على صدري الطمأنينة
ُكنت كمن يتخاطب َم َعه مثلما يواسي تلك المواجع بداخلي بلطف ُيجبر َذلِك القلب الكسير
قلبكُ ،كن َمع اهَّلل ليجبرك
حي َنما يدنو مِنك َذلِك األلم ويتسرب إلى ِ
تمنيت أن أبقى على ُ ُ
تمنيت أال أنتهي تمنيت لو أبقى راكعة ساجده،ُ قمت للصاله و توجهت إلى القِبلة، ُ
سجادتي أحتضنها بسجده
زففت إلى تلك األرواح البعيدة ُ ال حتى أن َيدِاي بدأت بالتمايل من شدّة اإلطالة، السماء طوي ً
ِ مددت يدي إلى ُ
دعواتي وشوقي أليهم...أمي و أبي
يا رب و يا َجا ِبر كسر ال ُقلُوب أزف أليك دُعائي و إشتياقي ألرواح سكنت سمائك
ُعاء إلى السماء لم أشأ أن أقتتطع ُب َكاء د َ
ِ وشك أن ُتمسك و ُترفع إلى ِ أسمع شهيقاً وكأن روحاً على ُ وإذا بي
ربها فعند اهلل ُتجبر المواجع وذلك الشوق الكائن في دمعه
قرأت من القرآن إلى أن هدأ َذلِك الحنين والشوق إليهم
السجادة والمصحف ...تجبر تلك ال ُقلُوب المتوجعه ،تداوي تلك الجروح دون أن يكون َذلِك الدواء ُمراً
تحدث بعدها توجهت إلعداد وجبة تسد رمقَ َذلِك الجوع الذي ال نكاد نستشعره ِسوى أن معدتنا الفارغه ُ
َذلِك الصخب و طقطقة أمعائنا ُتخب ُرنا َمدَى إمتالئها بالهواء
وإذا بأختي تحتضنني َمن الخلف ودموعها الحاره أشعر بجريانها خلفي و بصوتها المرجوف :أُختي
أشتقت أليهم كيف لي أن أعود ألحضنهم من جديدِ ،أخبريني؟ دُليني إلى ُسكناهم؟
أتركك،
ِ تركت ك ٌل شيء من َي دِي و عيناي غارقتان بالدموع ،بأحضاني ستهدأي أنا بجانبك يا حبيبتي ،لن ُ
ناديني بـ أمي و أبي و أُختي ناديني بما تشائين.
جففت دُموعها المسكوبه ُ ال بعدما إحتضنت حضنها ال ُمشتاق إلى دفء تلك األرواح الراحله، هدَأت قلي ً
بيداي حتى ال تحرق ُنعومة بشرتها
وبكلماتي الخفيفه أُهدهد أوتار قل ِبها الحزينه أهدأي يا صغيرتي ،ال ُبكاء لن ُيعيدهم ألينا وال يمكننا الوصول
يوم. َ
إليهم إال بالدعاء يا حبيبتي ،سنكون معهمـ ذات ٍ
ش أبدي في ِت ْلك الجنه التي َو ْعد اهلل بها عباده أتمنى أن َي ُكون لنا لقاءاً قريب حيث ال فراق َب ْعدِهَ ،ع ْي ٌ
ُعاء و كذلك قريبة من أرواحهم النقيه هو كذلك يا عزيزتي ِبقربنا َمن اهلل ورضاه سنكون بخير يا حبيبتي د َ
يداك ستزيد الطعام مذاقاً أجمل الجوع فال شك لمست ِ الطعام معاً فمعدتي تشتكي من واآلن هيا لنحضر ّ
ِ
ُعاء َف َقد أعطيتها من قوتي الَتِي أتصنعها أمامها حتى ال ُتضعف أكثر مما ِهي َعلَ ْيه هدأت صغيرتي د َ
يوم َن ُعد فيه الطعام ببيتنا الجديد مع عصير ال ُبرتقال لنجلس علَى تلك أول ٍأعددنا سمكاً مقلياً مع األرز في ِ
الطاول ِة ال ُمطله على النافذ ِة ال ُمجاوره لحديقة الجيران الذين لم نتعرف عليهم َب ْعد
الصغير بشراسه، َب ْعدما انتهينا تابعنا دراما تهدف للتعريف َعن ِت ْلك اآلفة اإلجتماعية التي غزت ُمجتمعنا َّ
المدارس التي لم تقتصر على الذكور َف َقط و إنما اإلناث َك َذلِك ِ قض ّية إنتشار التدخين في
والالتي أصبحنا ينافسنهم في جميع ال ُمتغيرات ال ُمتفاقمة بصورة سريعة ومفاجئة و كأنها ُولدت في يومِها
الصغير قدم وساقٍ ،هذا ما جذبني من ِت ْلك ال َمشاهد وهي تحكي واقعاً مل ُموساً ُيباغت َّ األول وهي تقف على ٍ
قبل الكبير
أسمع شي ًئا بعدها، ُ أصبحنا بزمن ُتقطف فيه الثمار قبل آونِها ،بعدها غلبني ال ُنعاس و أغلقتُ عيناي لم
ُعاء التلفاز و رمت على جسدي اللُحاف ليشعرني بالدفء دون أن يوقظني َذلِك البرد و يسرق أغلقت د َ
مني رغبتي في ال ّنوم
وفِي عالم ال ّنوم كان ُهنالك عالماً آخر يأخذنا لنعيش بداخلهِ ،عال ٌم ليس به أبواب و مفاتيحُ ،يتيح للجميع
رأيت أمي وأبي وكأنني أراهم اآلن كانت أمي تنظر ألي الدُخول فيه ،عال ٌم يأخذنا إلى ما يشاءِ ،بذلك العالم ُ
وبعينيها الكثر من الدّموع وأبي ُممسكاً بيدي ولكنني لم أستطع الحديث أليهم و كأنني بكماء ،هم َك َذلِك؛ ُكنا
جمِي ُعنا ُبكماء لكنه أنتهى سريعاً و أتت من بعدها أحالماً لم أستطع تذ ّكرها كانت مثلما ُيحاول محو ما ُ
رأيت
ُعاء كعادتها تنام أستطيع إدراكه َأل ْذ َهب وأطمئن على صغيرتي د َ ُ ألفتح عيناي بعدها مذعوره َمن َش ْيء ال
ً
مسرعة ألخبر المنظر و ذهبت ِّ ونصف العينين مفتوحتان ُ ،تذكرني بأول مره رأي ُتها فيه وهي بهذا
والدتي األمر
كنت قلقه جداً فأخبرتني أمي أنه أم ٌر عادي ال داعي للقلق لك ّنني أصررت على أمي أن تتفقدها لنطمئن
أعتدت علَى َذلِك الموقف لم ُيعد ُيدهش عيناي برؤيته ُ بعدها
ٌ
متيقنة أحالم مشابهه له ،لكنني أعود ِب َحدِيثي عن َذلِك ا ْل ُح ْلم الَّذِي أشغل تفكيري كثيراً ،قرأت الكثير عن
ٍ
أصبحت المسؤوله من َب ْعد ُ تماماً ليس مثل ما قرأت فقد كان رساله من والدي ْكي أهتم بأختي بعدما
رحيلهم
أنا َك َذلِك سأكون َيا ريحانة قلبي الراحله...سأكون لها األب واألم و األخت ،لن أدع شي ًئا ينقصها سوى
رحيلكم الَّذِي ال يعوض
فتبعث بداخلي السعاد َة
ُ لم أكن ألتهاون عن اداء صلواتي َف َكا َنت لي بمثاب ِة الصديقه أشتكي لها و إليها
والسرور
حديقتنا الصغيره
مع كوب الشاي في وسط حديقتنا أعيش معها عالَمِي الخاص ال أدرك أحداً حي َنما أستوطن بعثرة ُحروفي
الصامته بداخلي
ُ
حيث أنني ال أ جيد الكالم ،فهنالك الكثير من البشر يعيشون نفس دودمتي في هذا الح ّيز ً
سارحة ُ أبقى
ال ُمغلق الذي ال يحوي سوى دوامة أفكار ال حصر لها
لم أسمع أحداً يناديني إلى أن ربتت أُختي على كتفي لتنشلني من َذلِك السرحان وبصوتها الحا ِد قلي ً
ال ألم
مناداتك
ِ تسمعيني يا ياسمين حي َنما كنت أُناديكُ ،بح صوتي من
أسمع أحد سوى َذلِك الصوت الَّذِي بداخلي
ُ ال يا عزيزتي تعلمين جيداً حينما أغيب في عالَمِي ال
تعالي بجانبي
ولملمت بعضاً من شتاتها الهارب مع الراحلين وأستشعر بداخلها َذلِك النبض المتلهف لرؤية من ُ حضنتها
ال نتستطيع رؤيتهم سوى أن تراني أنا بتلك المالمح الممزوجه ِم ْنهُم...
عمل ألوفر متطلّبات الحياه ومتطلبات مدرستها أستطردت حديثي معها للبحث عن ٍ ُ َب ْعد َذلِك
تعليمك الجامعيِ لتصرخ في وجهي الاااا ،ال يا ياسمين ال ُبد من مواصلة
يا حبيبتي ال أستطيع المواصله فكيف لنا أن نوفر ك ٌل ما نحتاجه فما نتقاضاه ال ْ
يس َتطيع أن ُيغطي كامل
إحتياجاتنا ،ال تقلقي يا عزيزتي سنكون ِب َخ ْير
لوحدك؟
ِ أنت لتحملي َذلِك الشقاء
ارتمت ُبحضني ودموعها التي ال تستطيع إيقاف جريانِها وما ذنبك ِ
أنت أجم ُل ما أملكه ،أنت صغيرتي و حبيبتي ال يمكن أن تكوني لي شقاء تتحدثين يا صغيرتيِ ،
ٍ عن أي
الشقاء
السماء من يتولّى أمرنا ،فالحياه دروس و مواقف منها نتعلّم ونصبح فيها أقوى ِ ال داعي لل ُبكاء فهناك في
َمن قبل.
ُ
تمر ِب َنا قارعة الطُقيرّ إلى ٍ
عالم َّما ُزلنا نجهل تفاصيل ُه إال أننا بدأنا في التعايش مع مجريات الحياه.
ألول مره...
أعيش ُه بصمت يحدث بداخلي أنين و كأن طفال يبكي بداخلي بشده ال يمكنني إسكاته ال يمكنني البوح به إال
هلل فهو يراني وال أراه ويجبر كسري بلطف آياته
غادرت ِت ْلك العجوز الطيبه بعد ما قامت بواجبها كـ جاره لتترك بداخلنا شوقاً للراحلين أَ ْك َثر مما كان عليه،
ربما أل ّننا إعتدنا العيش لوحدنا بعد رحليهم
كم أن روحي ألفتها و ُقلوبنا أصبحت وجله من شدة الشوق كما لو كانت جدتناَ ،ه َك َذا الطيبون يصنعون
داخل قلوبنا مساحات شاسعه لهم ُختمت بأسمائهم...
بدأنا ُنخطط من ال َش ْيء ،كيف؟ َو َما؟ وأين؟ وإلى أين؟!
الصباح َعن المجيء تتوقف عقارب الساعه لك ّنها كانت تسير ببطىء َشدِيد كانت كمن يريد أن يوقف ّ لم ّ
نت حقاً تائهه في متاه ِة الحياه الصعبه التي لم أعتد عليها قبل إنتهاء ك ٌل َش ْيء ،لك ّنني ُك ِ
ال ريثما نتعرف على الحي جيداً و نتم ّكن من إيجاد فرصاً أفضل من البحث في ما ال هل علينا اإلنتظار! قلي ً
ندركه؟!َ ..ولَكِن كانت ال ُنقود تتضاءل سريعاً لمقتضيات ال َع ْيش.
الطرق و كأنني ُولدت من َر ِحم األرض و لفظتني في الشارع وحيدة؟ كم أنا حائر ٌة حقاً؟! تضيق بي ُ
إنهمرت عيناي بالدموع وأنا أنظر لألسفل ح ّتى ال ترى أُختي تلك الدّموع فينكسر صبرها.
اهلل أكبر اهلل أكبر
اء ت كمن يواسيني ،لننتشل جلستنا و نستقبل قبلتنا و نسكب لألحباء دعواتنا و نسائم صالة الظهر َج َ
أُمنياتنا باللقاء بهم
الطرقات طوي ً
ال لم ت ُكن أي بعدها خرجنا لننفس عن صدورنا الضائقه بعضاً من العناء ,مشينا على ِت ْلك ُ
اح َد ًة م ْنا ُتدرك األخرى ،ك ّنا َك َما لو ك ّنا لوحدنا
َو ِ
بداخلنا أحاديث ال نستطيع إستقطابها فيما بيننا ،ربما هي بدأت تتناسى وجع األمس أوأنني ُ
بدأت التناسي
اح َد ًة م ْن ا أن تنتشل خيوط الراحلين و تسترجع صور الماضي من جدي ِد لم يوقف خطواتنا إال لم تشأ أي َو ِ
الط يور حيث أن أقدامنا تمشي إلى المجهول لم يوقف مسيرها ِسوى نداء اهلل لنا آلذان المغرب سرب من ّ
ِيها َذلِك االرتواء الروحي يمدُنا بعناقيد األمل
لنعود َمن َح ْيث أتينا و نجمع َذلِك الشتات في سجده نجد ف َ
السماء.
ِ ال ُم ُ
علقة في
وصلنا إلى بيتنا فدائما ما يالحقنا الشعور بوحشه حين اإلقتراب منه لكن ال بد من إجتيازها
سقيت زهور حديقتي لتكبر و ُتزهر ألوانها لتزهر معها َذلِك األمل بداخلي لتصنع بداخلي ّ
القوة والثبات
الحب وألحاديثها المواسيه واإلصرار والمتابعه في دودمة الحياه ،كانت إنسانيه في إعطاءها لي ذلك ُ
الحزن فتسكن عناء قلبي. لصمامات قلبي المنقبضه على أوتار ُ
ُعاء بكوب شاي ألدفء جسمي البارد الَّذِي لم أشعر به إال حي َنما وضعت أُختي يدها الدافئه أتت لي د َ
فأحسست بذلك الفرق.ُ
أجمل الذكريات ،لم نكن نعرف للحياة هماً ُ تهامسنا بخفه حاذقه وأثرنا بداخلنا أيام الطفوله التي كانت من
سباق معها لنكبر وٍ سوى أن نلعب معا وعلى تلك الدمى ننام سهواً ،األ ّيام كانت تهرول سريعاً وكأننا في
يشق ذلك الهم طريقه إلينا
الشمس يفيض من ُقلوبنا المرهفه التي لم ُتعد ت ّتسع الظالم و معه الحنين حينما تغرب ّ َي ْأتِي إلينا بوجه ّ
بمقدار خيط إبره.
لكن ال بد لنا من المواجهه و الصبر على ما هو قادم
لم يلمس النعاس عيناي إلى أن سمعت صوت صياح الديكه الَتِي أصدرت ُمنبهاً أيقظني من غفوتي الَتِي لم
بضع دقائق ،حينما أرغمني اللُليّ في السهر َم َعه و كأنني صديقت ُه الحميمه و حينما تركها َجاء تلبث إال ُ ُ
الصباح ل ُيكمل ما َبدَأَه اللّيل َمعِي وكأنهما ُحلفاء ضدي. ّ
لكن...
زلت مقاومه لكل َه َذا لن يكسر َذلِك الضعف الطيف الذي بداخلي َش ْيء ...طيف رجولة أبي و حنان ما ُ
أمي.
أمسكت بـ مصحفي ألرمم ما تهالك بداخلي ُ صليت ال َف ْجر و
ُ
الح َياة صعبه ال يمكن لنا التغلب عليها، (وإِ َذا الصبح تنفس) تـُيقظ بداخلي معاني الحياه مهما ظننا إن َ َ
فتبعث بداخلي بواعث األمل من جديد و تهبني الحياه الَتِي أوشكت علَى اإلنتحار َو ِهي ما زالَت تتنفس ُ
وطن ُولدت به ولكن ...أنتزع جواز هو ّيته بذهاب أرواحهمـ و تركانا غصة الحنين و الغربة في ٍ تتنفس َّ
الح َياة
لوحدنا نعيش َ
الذهاب باكراً ،لم يكن بشغفي علي ّ
ا ْل َي ْو َم كان معي موعد مقابله للعمل في مصنع لخياطة النسيج و ينبغي ّ
اح َد ًة َمنمن تصنع النسيج ليس لترفعي أن أكون إحداهن ولكن ما ُيحزنني أنني سأكون مثل ِت ْلك أنا أكون َو ِ
تصنع الجديد سوى أنها تصنع ُ اآلالت ال أختلف عنهن سوى أنني إنسان يقتاد في حركات ِه وفقاً لـأدائها ال
ال بأن أكون يوماً مصور ًة فوتوغرافية تلتقط في الخيوط ...أغرقني ُحلمي في برثمان التمني واإلنتظار طوي ً
ً
ممسكة بزر اإللتقاط ...لكن يبقى ال َقدْر قدري الَّذِي ال كل َي ْو ٍم صوراً مختلفة َبل في ّ
كل لحظة َت ُكون أصبعي ّ
مهرب منه.
بأرجل متثاقله و كأنني مغلوباً على أمرها الَّذِي ال ُبد لي من اإلستسالم لَه و ٍ الطريق إلى المصنع مضيت ّ ُ
الخوض في غمارهِ. ُ
قسم ُمدير الشركه ألتناقش َم َعه حول الوظيفه عدوت من عتب ِة الباب الرئيسي الَّذِي سيوصلني ُمباشرة إلى ِ ُ
ال ُمتاحه
سرحت بعيداً على ما كنت عليه كم تمنيت أن َي ْأتِي إلي َذلِك الطيف مثلما أشاهد ُه في ال ُمسلسالت و يأخذني
إلى عالمي بعيداً عن َذلِك العالم الَّذِي سيضعني ما بين ُكل تلك اآلالت و لكن حتى أن ذلك الخيال الَّذِي ُكنت
به و أنا مفتوحة العينين لم يكتمل مع صوت نبرت ِه إلحاده التي أيقظتني َمن ِت ْلك الغيبوبه و إذا أمامي ورقة
العمل إن كنت راغبه َ طلب مني قراءتها و التوقيع على بنود بدأ
أغمضت عيني بشدة حتى ال يتسرب إلى ُحلمي القديم شيئاً
ُ بتثاقل شديد وحين وصلت إلى الموافقة ٍ قرأتها
أو َي َم ُّسه بشيء هو ما زال بداخلي سأصل له اليوم ،غداً أو بعد غد حتى أن َذلِك األمر أدهشه و بضحكة
ُتثير العجب فيما يراه أمامه وسؤا ًال يبحث َعن اإلجابة هل هناك أمراً ُيقلق موافقتك للعمل؟!
و أجيبه بسؤا ًال آخر و هل للمرء أن يعمل دون حلم ُمسبق التخطيط؟!
وبإجاب ٍة منه أثارت النبض من جديد إلى عالمي المرسوم بداخلي
وهل األحالم الصعبه سهلة المنال؟!
انا اليوم هنا بعدما كافحت إلى الوصول إليه وأنتي كذلك ال شيء سيمنعك من الوصول إلى الحلم سوى
نفسك الكائنه في قوة إرادتك
طفق قلبي فرحاً بأن هنالك ُسرباً من الحمام يحمل ُحلمي أمامي و ينتظرني أن أكون ِت ْلك الحمامة التي
ستحمله بين جناحيها إلى َح ْيث تحلم و تطمع أن َت ُكون.
فتحت عيناي وبإبتسامة مرسومة على شفتي هل ُيمكنني أن أضع توقيعاً آخر بالقرب منه؟!
لم يكن ُممانعاً لما يرا ُه بداخلي َمن حلم
إذن يمكنك العمل من الغد في تمام الساعه السابعه صباحاً
حسناً يا أستاذ سأكون في تمام الساعه السابعه دونما تأخير
القوة
يا زهور ال ُيتم أغرسي بداخلي ّ
فتحت شبابيك الغرفة ألستمع إلى أغاني ُ المنزل و بداخلي أم ٌل جديد أنبت ُه لي القدر َمن جديد
ِ ُعدت إلى
العصافير و موسيقى هبوب الرياح مع أوراق الشجر و موسيقى الفرح بداخلي تصنع لذلك ا ْل ُح ْلم أم ً
ال جديد
ليعود إلى طوارقي و يرسم لعيناي جما ًال بجمال ما أراه من حولي.
ذلك األمل الَّذِي أبى أن يتزعزع من أركاني المغروسة بصدمات األمس بات ُمرافقاً لي كظلي تماماً لم أعد
أخشى على نفسي من مطبات الطريق.
الصوت الذي تسرب مخابئ الضعف ألبدد ُ
همست لذلك ّ أصبح ُت كرجل بقلب إمرأة و قوة رجل، َ بقيت قويه
مساكن ِه و أنتصر عليه في الخوض إلى طريق ا ْل ُح ْلم المنحوت بداخلي.
قاومة لذلك السلطان فقد كنت ُمرهقة ً ما كان من النوم إال وأن أغلق عيناي و أغلق نوافذ أحالمي لم أكن ُم
و متخبطة في برثمان التفكير الَّذِي غزاني ليلة البارحة وسلب من عيناي المقاومة
نمت بعمق َح ْيث أنني لم أستطع تذكر ما رأيت ُه وراء َذلِك الظالم سوى أن جفناي أطبقت على عيناي. ُ
ال ألي َي َد ْيه ،لم أستطع الحراك غير أنني يقترب مني كثيراً حام ً
ُ بدا لي حينما استيقظت شيئاً غريبا لمحته
وج َهه لكن لم يكن لي واضحاً ،كانت قدماي متصلبتين و يداي َك َذلِك أتمعن في مالمح ْ ُ مفتوحة العينين
أشعر بيديه تخنقني و أنا أحاول ُم قاومته لم يكن هناك من ينقذني من قبضت ِه وعيناي غائرتان إلى الخارج
وفمي مفتوح بأكمله كأن روحي تنتزع و فجأه سمعت صوت أختي ُتناديني و تهزني ألفيق من َذلِك
الجاثوم الَّذِي ظننت ُه حقيقة
أسرعت دعاء بإحضار كوب الماء َب ْعدما جفت حنجرتي لنداءات في سرب الوهن الغير مسموعه
حمدت اهلل على عودتي إلى الحيا ِة مجدداً ُ ُ
شربت الماء ألهث وكأن شيئاً ُمخيفاً كان ي ْلحق بي أفقت و أنا ُ
غرست رأسي بحضن أختي و لحضن أمي أنا مشتاقه ُ
الشوق بلغة صامته ،بادرت عليها بالسؤال عن ِ مسحت على جبينها هي األخرى و عيناها تتحدّث َعن ُ
أخبارها ليومها الجامعي األول قبل أن تتهاوى إلى الماضي.
أجابت ببرود كل شيء على ما ُيرام
أخبرني صوتها عن نبر ِة الحزن المنقبضة على قلبها
ال و تسترجع ُقواها من جديد إحتضنتها بشده حتى كاد قفصها الصدري يكون بصدري ألطفئ حنينها قلي ً
دنوت َمن قلبها أُفتش عن ما بداخل ِه و أحتضن أجزائه ال ُمتناثره و أُعيد أليها القوه ُ
غابت في غيبوب ِة ال ّنوم بسرعه على صدري
الشوق
ِ هذا ما يحدثه بعضاً من
أسدلت جسدها على سريرها لترتاح قلي ً
ال
خرجت إلى حديقتي الصغيره فقد كان لزهوري قلباً كبيراً يحتضن أنيني و قد زادت نسمات الهواء قلبي
قوة وصبراً على ما هو آتي فقد كان لطلع األقحوان مزيجا من اللون األصفر المائل إلى الذهبي إنه سفير ً
األمل إلى قلبي و روحي المصابة بالضمور و التي ال تحلم بشيء سوى النوم
الشوق إلى ذلك العزي ٍز الذي لم يعد و تلك األصوات كانت باألمس منا قريبة لتنسيني ِ تحاذقت بي بالسم
تلك الحالة التي عشتها في لحظات أضافت على قلبي السعاده
حتى في األحالم صعب علي رؤيتهم سوى أن أعيش الخيال بنفسي و أصنع السعادة كأنني بينهم اآلن...
أمي ...أبي...
رغبة أن أكون معكمـ اآلنٌ لي
ولكن...
ٌ
رغبة أخرى... للقدر
علي من تفاصيل األمس مضى ِب َنا الوقت سريعاً لم أشعر بما مر ّ
تهمس بداخلنا أم ٌل جديد ييقظ
ُ لتصدح الديكه بصوتها الجميل في كل صباح لتفتتح علينا نسماته الهادئه و ُ
فتور األمس
أيقظت أختي للصالة و لتستعد لجامعتها ،لم تصدر منها إستجابة وال حراك على غرار األيام السابقة كانت
ُتسابقني النهوض
لم أكن ألصدق ما يحدث هل أختي لحقت بهم؟!
ال يمكنني تصور ذلك
أقتربت منها أكثر ألسمع نبضاتها
عند سماع نبضاتها أعادت لي الحياه أعادت لي األمل أنها ما زالت بجانبي
نوم ثقيل أثقل على عينيها وغمر عليها حمدت اهلل كثيراً أنها على قيد الحياه لم تكن إال في غيبوبة َمن ٍ ُ
قمت و هززت جسدها بقوه لتستيقظ العتمه ُ
عينيها ما زالت ناعستان لكنها أفاقت من ِت ْلك الغيبوبة
الحمدهلل ...الحمدهلل فوق كل شيء
الخيال أو إختباراً لمدى صالبتي و تصبري علَى القادم ِ أجل أفاقت ...ربما كان وهناً من
أيقظت نبضات قلبها نبضات قلبي لتيقظ بداخلي الحياه
همست في أذنها اليسرى أن ال تحاول المغيب شبكت بكفي على كفيها وضممته إلى صدري ُ
كنت مثل العالق في بئر و ُمتمسكاً ٍ
بحبل ُمهترئ ُ
بكيت بصمت حتى ال أثير بنفسها البكاء ُ
تعانقنا كعناق الغائب عن وطنه و تخاطبنا بلغتنا ال ُمعتاده لتتغلب على س ّيد الموقف و نجوب في تفاصيل
حياتنا اليومية.
إستعد ك ٌل منا على مزاولة شاكلته...
خطوت خطوات الثبات في بدء اليوم األول من عملي بين مكائن الخياطة ُ ُ
تجمهرت طريقي و
و َمن ُيدرك أن خلف ِت ْلك المكائن ُحلماً آخر؟!
يا ألهي َّما الَّذِي يمنع قدماي ال ُمتابعة ُكلما حاولت اإلقتراب من عدوة الباب شيئاً ما ُيحاول منعي هل هو
شغف طموح بداخلي؟!
ال ال ...ربما همزات الشياطين ُتحاول المساس بقوتي و قدرتي على ال ُمتابعة ...أجل
ُكنت كالمجنون ِة حقاً تسير و في ذاكرتها كماً هائالً من األحاديث تتصارع مع مستجدات الحياه
لم أشعر إال وأنا بين صفوف العاملين أقف على جانب بائس ٍة ممسكه بكل قوتها على رأس المكينة ما أن
تضغط الدواس تتحرك و تحرك قطعة ال ُقماش كيفما ُطلب منها لتظهر تلك النقوشات بين نتوءاتها و
الخيوط ذات األلوان الزهرية
ما َزال بداخلها بعضاً من الحياه فبعض األلوان تبعث البهجة ما أن نظرت أليها ...لم أكن متطفلة لـأسئلها
ُ
تصورت في ِبداية األمر أن هذا العالم ال يمكن أن َعن سر بؤسها وهي تصنع شيئاً ينبض بالحياه ليس َك َما
يكون به الحياه
لم أسئلها شيئاً خارج نطاق العمل ...فما زلنا ُغرباء لنتبادل أحاديث المجهر
فقط كنت أتعلم كيف لي أن أُمسك بآلة الخياطة و أتحكمـ في حركاتها عبر قطعة ال ُقماش...
كان من الالزم أن أبقى تحت قيد التدريب لمدة ال تتعدى الـثالثة أشهر بعدها أخضع إلختبار يقيس مدى
مهاراتي و كيفية التعامل مع َذلِك الجماد الَّذِي ما أن أتقنت ُه د ّبت بداخله الحياه.
زلت قادرة علَى تغلّب المشاق ُتداعب خدي المساء بإبتسام ٍة صامتة ُتهمس في أذن ال َقدْر أنا ما ُ
حبيب ُمنتظر
ٍ تقدمت أليه كـ لُقياء
ُ علي األمر صرامةنعم مثلما عهدني القدر قويهُ ،كلَّ َما إشتد ّ
وكـ زهور الربيع أغدو حين أكون في كوم ٍة َمن األُمنيات
أصبحت الخياطة كـ الفارس في صهوت ِه َ ُ
الثالثة أشهر من التدريب، واصلت طريقي المعتاد ح ّتى إنقضتُ
يقتادها بمهارة دون أن تأذيه
أجل...
ِب
الحرمان إعتاد على زيارتي بين الحين واألخر يحاول التغل ُ لم أشئ أن أتذ ُمر يوماً إال أنني يواتيني شعور ُ
الشوق و الّ ّذكرى.
ِ بقوة مِراسه على ذاكرتي ال ُمتزاحمة بالكثير َمن أحاديث
و بنبر ٍة حادة صوت المشرف على الخياطة
تودين النوم؟!
َ كنت
أستيقظي أيتها الكسوله ،ماذا تفعلين هنا إن ِ
لم أكن ألسمع ما يقول!
ً
الزمة ألختي ليلة البارحه كـنت في غفوة طمست على عيناي و سمعي ُسهاد تعب األمس حين ُكنت ُم
تحمسة ألمسك القلم و الدفتر و أُنشط ذاكرتي ً البارحه في مساعدتها على حل َب ْعض األنشطة ُكنت ُم
أصبحت كـ العجوز.
َ ال ُمتكاسلة الَتِي
غائبة في معمعة ال ّنوم لم أشعر بكل َه َذا إال حي َنما ربت على كتفي ٌ حولي و أنا ما زلت و القهقهات من ّ
َ
بعصاه و استيقظت كـ المذعورة يا ألهي من َهذا الَّذِي أقحم علَى كتفي العصى! أم أنني أحلُ ُم في قيعان
عاصب جبين ُه بشد ٍة حازمة و عينا ُه يتطاير منها ٌ ُبحوري الغير ُمتناهية و إذا بي أفتح عيناي و أرى وجهه
الشرر
أوجست هلعاً من
ُ أخذت أُلملم ِعراكي َب ْعد ما
ُ قمت علَى الفور َمن ال ُكرسي كدت أن أسقط من علَى قامتي و ُ
نشاط و قوةٍ علي النوم باكراً ألذهب لعملي بكل الموقف الذي لم أحسبه في الحسبان أن ّ
بكالم جارح جعل من ذلك الثقب الذي بداخلي أكثر إتساعاً لم أستطع الكالم ُ
بقيت صامته و ٍ أخذ يتلفظ
رأسي ُمنكساً و كان حولي الكثير من األصوات الساخره إال تلك الجموع القليله والمرأة التي كانت بجانبي
طلب مني الذهاب إلى مكتبه
لم أكن قادرة على ال ُمضي خلفه ؟
قدماي ال ُمثقلتان بالمزيد َمن الخوف َمع تعب األمس
مضيت خلفه و كـ أني أج ُر سالس ً
ال َمن حديد ُ
و رأسي ُمنحني لألسفل كـ الوردة الذابله تماماً
أكتفيت بهز رأسي كـ رداً بالموافقة ُ بعضها البعض و التأنيب...ضممت يدي مع ُ
ُ أخذ يوبخني بالمزيد َمن
على كال َمه ولن أُعيد ما حدث آليوم
ولكن!
رفعت نظري قلي ً
ال ُ هذه المره
ال أعلم لماذا؟ َولَكِن لر ّبما إزاء أمراً كان ّ
علي إدراكه
وهذا ما حدث بالفعل...
ُ
السبابة مشيراً لي بالخروج أومئ بأصبعه
ُ
تمنيت أن أكون ذاك و تمنيت أن أكون نسياً منسيا ...أن أكون كـ الجما ِد الذي ال يشعر بـ َش ْيء ...كم ُ كم
ذاك
َولَكِن!
اح ِة المعركة أصارع ِت ْلك الفجوات الَتِي تختلسني أنا من َبقيت في َس َ
كم أنتي ٌ
قوية يا أنا؟
حسبتك تقدرين علَى ك ٌل َه َذا الصراع و أنتي وحيده؟ ما ِ
خرجت من مكتب ِه خائرة القوى ُ كـ الخاسر
ال أَ ِجد َمن يحتضن األلم معي ِسوى ِت ْلك النظرات الَتِي تختالني كـ المسكينه
تمنيت أن أكون َم َكانِه
ُ لم أَ ِجد أمامي ِسوى َذلِك الجماد الَّذِي
َولَكِن...
كنت كذلك ولن أكون بأقل ال ُبد للناجحين بالمزيد من العثرات حتى يصبحون أشد ضراوه علَى المواجهه ُ
منه
كم َمن اآلهات الَتِي عبرت أنفاسي ما بين شهيق و زفير ماذا لو تنفسها أحداً ألوقفت قلبه؟
ال علَى قلبي المسكين الَّذِي ال يملك سوى دموعي الحامله لـ أللم الحمل قلي ً
خففت ِ ُ
تنهدت ...إرتحت لـ ريثما ُيبدأ ألماً جديداً ُيجدد معاناتي و تزداد قوتي قوة ُ بعدها
َ
إنتهى ذلِك آليوم بصعوبه
أكاليل األمنيات
ولنا في ا ْل َغ ْي ِب أُمنيات و رغبات ُتست ِب ُق ُخطانا إلى َذلِك ...ا ْل ُح ْلم الَّذِي إرتئيناه عبر كواليس ذاكرتنا
دُونت بـ مذكرتي ك ٌل ما يحدث ح ّت ى أقرأها و أنا شخصا آخر لم يعد يعيش معاناته ...نعم سأقراها من جديد
ليس لكي أعيش األلم مرة أخرى َولَكِن ألقرأ ِت ْلك الصراعات الَتِي جاهد ُتها ألكون الفائزه في نهاي ِة
المضمار ،ألقرأ عن صبري و يقيني أن اهلل سينسيني معاناة تلك السنين الخاليات العجاف
بفصل ّ
الشتاء... ِ سأقرها َم ع كوب الشاي الدافئ و أنا أرتدي معطفي الصوفي ذا اللون األحمر
الشتاء بمثاب ِة مذكره أحب أن أقرأها بين دُفتيه قد كان لي ّ
أملك من الخيال ما ال ُيوجد بالخيال ح ّتى
َس ِم ْعت طرقات الباب فنهضت فوراً
مر وقت طويل من زيارة العجوز لنا وكانت آخر زياره قالت لنا فيها أنها ستغادر البلده لتعيش بالقرب من
إبنتها الوحيده فمن يكون الطارق يا ترى؟
لم أتوقع إال أن َت ُكون أختي الصغير ِة خلفه لكن إستشعرت من ِت ْلك الطرقات إنها لشخص آخر
ال ال َمن سيكون إن لم تكن أختي
فتحت ُه ولَم أَ ِجد أحداً وجدت صندوقاً مع باقةِ ِ
ورد
يا ألهي ما أجمل ِت ْلك المفاجئه ولكن لمن؟ ولماذا؟!
أجم ُل َّما ُكتب على ذلك الظرف الذي إحتواه الصندوق
كـوني قوية دائماً
يا ألهي َمن َه َذا؟
أو ّد أن أعرفه
و ُكتب بنهاية الرسالة ...رسول األمل
نعم ِت ْلك الكلمات سقت ُربوعي القاحلة أمال جديد
اء
الس َم ِ
نظرت إلى َّ
بأمل جديد شكراً لك يا اهلل حي َنما أوشكت على الذبول مددتني ٍ
جاءت أختي كانت تتسائل عن ذلك الصندوق
أجبتها ال أملك جواباً أنا ُمثلك أتساءل عن غرابة هذا الشخص وما الَّذِي يريد الوصول أليه؟
أم أنها هدايا القدر لنا
حتى ال نضعف
يبدو لي كذلك
حاولت تناسي األمر إال إنه بات معلقا بذاكرتي يأتي إلي كهيئة خيال لرجل وسيم أنيق و أجمل ما فيه هو
قلبه الطيب
بعدها!
نال الليل مني فغفوت حتى بدأ صباح يوم جديد
ُمتالزمة األمل
سرب الوهن
ٌ َو ِت ْلك الغايات الَتِي لن ُي َبدِّدها
صحوت باكراً و َذلِك النشاط يعتلي هامتي ُ
سابق السحاب و أخطو خطواتي كـ راقص ِة الباليه ُ
توشحت حذائي و كأني أ ُ ُ
ظل رعايتك ٌـ
محظوظة ألكون تحت ّ يا ألهي كم أنا
الناس تشكو َمن الوعكات الصحية ِ كثي ٌر َمن
وأنا ُمصابة بـ وعكه إستثنائية يتمناها الكثير أن ُتالزم حياته دون أن يشكو ألمها ٌ
فـ متالزم ِة األمل ال يم ّكن أن ُتسبب أياً من األآلم
سوى إنها ُتثير اإلنزيمات الَتِي بـ جسمك ْكي تبقى نشطا ال ُيصيبك الهبوط
وصلت علَى عجل َمن رأني باألمس سيعتقد أنني سأقدِّم إستقالتي...
َولَكِن َر ْغم َذلِك َبقيت...
إن لم نحضى بالدروس الصعبة فلن نقوى علَى التحدّي سننكسر بـ سهولة كـ الغصن الغض
فتحت باب المشغل ...ظالم ُ
ال أحد هناك َولَكِن ال مانع في أن ابتدئ َع َملِي
بدأت ِب ْسم اهلل
تباريج
ِ ِيها مسرح ّيتي الضاحكة ال ُمفعمه بالكثير َمن ألبدأ حكايتي َمع الخيط و اإلبره وقطعة ال ُقماش ألمثل ف َ
األمل
السالم عليكم وبإبتسام ٍة بشوشه
ِت ْلك السيُةدّ الطيبة
وبحفاو ًة ال أَ ْعلَ ُم سرها إالّ أن قلبي ُم ٌ
رتاح لها
جمي ٌل أن نلتقي َمن جديد
صافح ُتها بعفوي ٍـة بلهاء وكأنني علَى معرٍةفّ قديمه بها
واألجم ُل أن ألتقيك وألتقي إبتسامتك َمن جديد
َخللك البارحه و أعتبر نفسي السبب وراء َذلِك حي َنما تركتك تنامين وفِي غفل ٍة م ّنا د َ تأسفت لِما حدّث ِ
كنت أعلم إنه يفاجئنا ِبـ زيارات ِه العشوائيهـ المشرف علينا ُ
طيبة ودوده َك َما لو كنتي أختي ال تتمنين لي أن أتأذى لك في َذلِك و أَ ْعلَ ُم أنك ٌ
ال ال أبداً ال عليك...ال سبب ِ
إرتمت بـ حضني ...تبادلنا األحضان ك ٌل م ّنا لَه حكاية َمع الزمن
بنصيب َمن المواجع إالّ أننا نقاوم ٍ ك ٌل م ّنا حظي
ربما ليس ألجلنا
ولكن
ألمان ٍة ُتركت أن نعتني ِب َها
شكر ُتها ألحتوائها لي
عض َنا البعض ...زاولنا عملنا تركنا أحضان َب ُ
وفِي ذاكرتنا دودم ٍة صاخبه تلتمس الرحمة
نبث بعضاً منها خا ِرج ُمتنفسنا دون عوده أن ُ
لكن !
لم نبح لها الخروج
ال ُبد لها البقاء ح ّتى نتنفسها زفيراً واحداً و نرتاح
السالم
إنتهى العمل ...تبادلنا ّ
ما زلناُ ...غرباء
لم نتبادل األحاديث َب ْعد
أراك علَى َخ ْير يا عزيزتي ِ
أنتبهي لـنفسك يا صغيرة
أجل ...ال تقلقي
سأكون كذلك
تفقدت صوت العصافير و الزهور الناميه علَى حافته... ُ تجولت الشارع قلي ً
ال ُ لم أشعر بالتعب َب ْعدما
أصابها العطش
ال أحد كان ُمهتماً ألمرها
الطريق إليها خطرت لي فكره أن أحضر َمعِي ال َماء وأنا أعب ُر ّ
قريبة َمن باب المنزل يبدو لي أنه مفتوح ً ُ
كنت
وإذا بي أسمع أنين!
ٌ
مجفولة ما بها تأن؟! سرعت بخطوات
بسرعة خاطفة حتى كدت أن أتعثر ،لم أوشك علَى خلع حذائي
بك تبكين؟ حبيبتي الصغيرة ما ِ
يؤلمك يا صغيرتي؟ ِ ما الَّذِي
أنا بقربك اآلن
أخبريني؟
ال داعي لـلقلق يا ياسمين
أنا بخير
ألم ُعضال أنا بخير ال أشكو َمن ٍ
ال فشكوت إلى ر ّبي بعضاً َمن الحنين وكنت أبث إليه دعواتي و إشتياقي توحدت قلي ً
ُ
ُعاء ،زفي إليهم دعواتك متى شئتي فـ اهلل َق ِر ٌ
يب ُيجيب دعوة الدّاعي إذا دعان آه يا حبيبتي د َ
الشوق إليهم
ِ تعالي إلى حضني و ليهدأ قل َبك الصغير و تهدأ أوتار
يومك الدراسي؟ ِ اذا عنَم َ
كنت مرهقه لم أنم جيداً ليلة البارحة
كان جيد لك ّنني ُ
ال عليك يا عزيزتي ستنقضي هذه السنين بسرعة دون علمك
َس ِم ْعت قهقهاتها َذات غص ٍة مكتومه
أسمع لضحكاتك صدى بين أُذني ُ جمي ٌل أن
واألجمل إحتوائك لي يا ياسمين
فرحك ليسعدني
ِ أنتي اآلن طفلتي المدللـة أكتفي بـ
ٌ
محظوظة بقربك وسعادتك تهمني يا ياسمين كم أنا ِ
أبقانا اهلل علَى المحب ِة والوصل
آمين
أحبك يا أختي
وأنا كذلك ،أ ْت ُر ُك ِك لـ ترتاحين قلي ً
ال
يوم طويل عجل غفوت قلي ً
ال ريثما تتمهد لعيناي النهوض َب ْعد ٍ مضينا و الدقائق تمضي علَى ٍ
وإن تسرب إلى قلبي بعضاً َمن الظالم
فـ بداخلي
الكثير َمن النِروّ لـيطفئه
ونسيت أمر زهوري
صباح جديد
تختال ِت ْلك الفتحات الصغير ِة من علَى ُ جمال نسماته الهادئه ورائحة زهور الريحان ِ الصباح بـ وجه ّ أشرق ّ
النافذة
أن ُيداهمني وقت الدوام ُعاء تداركتني قبل ّ ال علَى سجادتي والجميل من د َ غفوت قلي ً
ُ صليت وُ
َ
بسرعه خاطفة كـ سرع ِة البرق إرتديت ِحذائِي
عدت بها زهوري الصغيره الطريق تذركت قارورة ال َماء الَتِي ُو ُ وبمنتصف ّ
المساء
ِ ال بأس ،سه ٌل أمرها سأعود إليها في
بعض من الدعاب ِة ال بصحب ِة ِت ْلك المرأه الَتِي جاورتني الجلوس تبادلنا ٌ َق َض ْيت يوماً جمي ً
وكأن ك ٌل واحد ًة م ّنا ُتحاول أن تنزع ما في جونق األخرى من غصه
العناء
ِ التعب لكنه ال يتالشى بأكملهِ ،ينتظر شيئاً آخر ُينسيه ِ بعض من نعم الضحك ُينسينا ٌ
وال أعلم إن كان ُهنالك يوماً إلنتزاع شقاء قلبي ،لكن ثقتي بـ ربي تفوق ِت ْلك المقاييس العقلية الَتِي ال
تستطيع أن تعب ُر ثقب إبر ٍة صغيرة
ال أكبر من ذِي قبل زلت أفك ُر بأمر الهديه الَتِي باغتت حزني و أعطتني أم ً ما ُ
يا ألهي ألهمني القدرة علَى معرف ِة صاحبها ألشكره من َب ْعد عطاياك يا اهلل
بكل ُنضجبالقرب من جونحي رساالت كاأللغاز ُتخاطبني ِ ِ تعب ُر
ّ
ُتمهد لي الطريق بـ عزم أكبر
وهم ٍة تعتلي هامتي
وبسمة ترس ُم مبسمي ٌ
يوضح لي بعضاً من أألمور الصعبة التي أستعصى أقف وحيدة ألخاطب وحدتي أُخاطبها كما لو كان أبي ّ ُ
ثغرها ُمغلف ٌه بـ ُ
الح ِب و علي فهمها و بعضاً من نصائح أمي الَتِي ال تقسوا علينا أبداً بل كانت كل َكلِ َمة من ِ ّ
الحنان
أألمور الَتِي فاقت إستطاعتها ورغباتها ِ قاوم الكثير منأنا اليوم أقف ألخاطب ِت ْلك الوحيدة ألنها ما زالَت ُت َ
الح َياة
في َ
القرب مِن ُكم
ِ أصطحب أختي الصغير ُة َمعِي ْكي نكون بـ
ُ أحياناً أتمنى الرحيل و
أهفوا إلى َذلِك اللقاء
أهفوا إليه كثيراً
فعل َذلِك
لكنني عاجز ٌة عن ِ
أترقب األيام َف َقط
ُ
يوم جديد ألجدد فيه بواعث األمل ُ
أعيش دقائقها إلى أن تنتهي ساعاتها ويبدأ ٍ
مذكرتي
ُ
كتبت فيها الكثير
الصغي ُر بعمري كتبت ما ال قد يفهم ُه َُّ
وال يدرك ُه الكبير
ربما لتلك المسافات الَتِي تستوقفنا بعيداً عن مسرب الحقيقة
نقترب منهم أَ ْك َثر وأَ ْك َثر فندرك من نكون
ُ أو أن هنالك بش ٌر يدفعوننا بعيداً بعيداً ح ّتى ال
لش َجرة التي رسمتها زميلتي ً
مختلفة عن اَ َّ رسمت َش َج َرة العائلة كانت
ُ
فتسائلت لماذا؟
فأجابتني بـ لُ َغة األطفال البريئة
هي َف َقط كذلك
إذن َن ْح ُن متساويتان في عدم اإلدراك
لكنني
كنت في حير ٍة من َذلِك األمر ُ
الصف بـ نفس ال ُعمرِ جميعنا في
لكن لماذا ال نملك نفس َّ
الش َج َرة؟
أين هي باقي األوراق المـُتساقطة منها دون أن نعلم سر إختفاءها؟
يرة لعائلتي حتى أنني ال أعلم من هؤالء الذين رسمتهم بالقرب رسمت َش َج َرة َك ِب َ
ُ كنت ألعب بألواني حي َنما ُ
م ّنا
لم أكن ألصل إلى ذاك التفكير بعد
لم يكن يه ّمني أكثر من إمتالك َش َج َرة عائلة كبيرة
هدوء ...وفجأة
يتمن ْون أحداً رؤيتها يثنون علَى ِت ْلك
سكون يزعج الساهرين يزعج وتيرة دموعهم الَتِي ال َّ ٍ خاطبني اللّيل بـ
األنات بالكتمان ح ّتى ال ينتشر خبر حدوثها؟ ولماذا؟
يبقى َذلِك النشيج عالقاً في صومعت ِه
َف َقط...
ُيحدث أزيزاً بالكاد تسمع لتلك األنات صوتاً
َولَكِن؟
اذا عن ِت ْلك العيون ال ُمتورمة والعروق الحمراء البارزه في الصِحابّ و َذلِك المزاج السيء من طول السهر َم َ
والتفكير الذي يثير صخب النفس المملؤه بـ الكثير
الكامل
ِ فدائماً أقصد قهوة العم صالح عندما يصاحبني األرق ويقضي علَى مزاجي بـ
ن ْعم يمكن لتلك القهوة أن تجعل مزاجك جيداً علَى األغلب فقهوته مشهور ٌة في َه َذا الحي ،الجميع يستقطب
ُكرسيا و يحتسيها
الهيل البلدي هو ما أكسب القهوة رواجاً قهوة ِ
مع أغاني فيروز الصباحية
َ َ
تجعل منك شيئاً ُتراثياً للمارة الَّذِي يقصدون الطريق ف َقط َمن أجل رؤية ذلِك المشهد
و فجأه...
يحدث في الحي وأصواتاً ممتزجة بـ صوت اإلسعاف الَتِي تسير علَى عجل ُ شي ًئا ما
آه ...كاد قلبي أن ُيصاب بالشلل
ماذا يحدث في َذلِك الحي القريب م ّنا؟
ذهبت ألرى َمن الش ّباك الكثي ُر من الناس تخرج و تهرول مهزوزين القوامـ ألم ٍر أرهب قلوبهم
ماذا يحدث؟ ما كل هذا الضجيج؟
ُخان يتصاعد كالكومه من فوق المنازل وإذا بالد ِ
إنه حريق
يا ألهي كم أتم ّنى أن يكون الجميع بخير
َبقيت علَى النافذه أتفقد المارة و األصوات المذعورة
بدأ يهدأ ك ٌل شيء
وأختي ال تكاد تشعر بـ شيء وشخيرها يتسرب إلى طبلة أذني
خارت قواي بعدما ضعفت ك ٌل حواسي على المقاومة وإستملكني النوم حتى الصباح
أسمع أحداً ُينادي بـ أسمي
ُ
ال أستطيع رفع جفناي الثقيالن المليئتين بـ ال ُن ِ
عاس
هذه المره الصُتوّ يقترب مني أَ ْك َثر
قفزت َمن سريري ُمرتاعه إنه الصباح ...الوقت متأخر
بك يا ياسمين ؟ ما كل هذه الفوضى؟ ُعاء بي ماذا ِ ُ
تصرخ د َ
القصة عند عودتي للمنزل سأخبرك ّ
ِ
أراك علَى خير ِ
صداع شديدٍ حتى أكاد أضل الطريق الطريق أشع ُر بـ وفِي منتصف ّ
ٍ
ال يمك ُنني التراجع وال وقت لي لـ أخذ فنجاناً من القهوة
كاد الصداع يأكل رأسي َمن شدت ِه
َبقيت بـ قوتي الَتِي كادت أن تهلك قواي و تهوي بي من على الطِقيرّ
تمكنت من مقاومة األلم بـ النسيان و تظاهرت بـ القوة ُ
علي عراك
ألم كان أشد ّ أجلَ ...ك َما تمكنت َمن الخالص َمن ٍ
العمل
ِ ُ
وصلت لمكان أخيراً
السالم عليكم
أخذت مكانيُ ُ
سلمت و كنت ك َمن اَل يأبه َأل َحدُ
ح ّتى نسيت أمر ِت ْلك المرأه التي بـ جانبي كان ُكرسيها خالياً
لم أكن ألنسى وجودها بـ جنبي لوال َذلِك األلم أنساني ح ّتى نفسي
الشارع نحو المنزل
ِ كنت أول مرتادين ما إن أنتهى العمل حتى ُ
لم أجنح ألمر أحد في َذلِك آليوم وال ألمر زهوري اليتيمه
كنت أمشي و قدماي تسحب ُقواي لألسفل وكأنني أسير عكس الجاذبية ُ
سقطت علَى األرض هامد ًة من شدِةّ التعب و اإلرهاق الَّذِي أصابني ُ فتحت باب منزلنا ُ ما أن
ً
تسرق النبض مني خلسة لترسم لي حلماً كان ُ نوم طويل و إذا بتلك األحالم تزور خفائي و كأنها ُ
خلدت في ٍ
لي الرغبة في إقتناءه
كنت أركب حصاناً أبيض َوال أعلم أين كان يذهب بي غير أنني ُكنت سعيد ًة بذلك و أختي كانت تقف بجانب ُ
حزينة وقفت بجانبها ولَم ُتعرني إهتماماً و فجأه ذهبت وتركتني ً نهر ويداها على خد ّيها كانت
نائمة أَ ْك َثر أزعجني َذلِك ا ْل ُح ْلم الَّذِي اَل أَ ِجد له تفسير سوى أن ّ
علي نسيانه ً لم أستطع أن أبقى
أضغاث أحالم ُ فبعض األحالم ليست إالّ
نهضت مرعوبة لكن ما زال ال ُنعاس يحاول أغالق عيناي بشدة
تفقدت الساعة ُ ذهبت إلى سريري ُ
ُعاء
الوقت حتى عودة د َ ِ ما زال هنالك الكثير من
تمنيت أن أنام َوال أرى ِت ْلك األحالم التي تعبث بعقلي و ُت ِصيبني بالوساوس ُ
نفسه يتكرر بالحلم َ
ِ غفوت مر ًة أخرى و إذا
يا آلهي ماذا َي َكاد أن يحدث؟
ال ال ،ال شيء ليست إال اضغاث أحالم
أحياناً ال أرغب في تفسير بعضاً َمن األحالم حتى ال تثير بـ نفسي التفكير و العبث
أبقى هادئه حتى يتالشى من ذاكرتي
ال يجب النوم أكثر سأستلقي و عيناي ُمستيقظتان
الطريق إلى دعاء و خافقي يلتمس ّ
ِرن ِرن ِرن ...جرس المنزل
ولكن!
غائبة عن الوعي رغم صحوتي و ِت ْلك العينان الالتي أجبرتهما علَى مقاومة هيمنة النوم ً ُ
كنت
طق طق طق ...طرقات الباب
يا ألهي أح ٌد علَى ِ
الباب
نعم قادمة قادمة
بشخص ال أعرفه
ٍ الباب َوإِ َذا
وبيدين متلبكتين أفتح ِ
السالم عليكم
كنت نائمة َمن َت ُكون؟ وعليكم السالم عذراً ُ
ُعاء بـ الجامعة أنا زمي ُل د َ
ُعاء بخير أخبرني ما خط ُبها؟ هل د َ
ُعاء بخير َولَكِن آليوم أصابتها حالة إغماء و ت ّم نقلها إلى المستشفى وهي بخير أتيت ألطمئنك ال تقلقي د َ
عليها
يا آلهي كان َذلِك ا ْل ُح ْلم علَى َحق
ال لك ،سأذهب إليها حا ًال شكراً جزي ً
ذهبت إلى المستشفى أهرو ُل و قلبي ُيهرول مع ُخطواتي ال ُمتسارعه ّ
كدت أن أتعثر بتلك الصخور في ُك ِّل َم َكان
المشفى كان قريباً م ّنا
لكن خوفي عليها َج َعل من َذلِك الطريق طويل
ال َي َكاد ينتهي إال بإنتهاء َن ْف ِسي
باب المشفى أمامي
أنا علَى عجل ال أحد ُيزاحمني ال ُممرات إليها
رقم الغرفة ُبسرعه أسأل السكرتيره عن ْ
أجل ،شكراً
فتحت الباب ُبهدوء حتى ال أُثير في نفسها الضجيج ُ
ُ
السقاية ُتمد عروقها الصغير ِة بال ُمغذي كانت ُمستلقية مسترخية القوامـ ومغمضة العينين َو ِت ْلك
أكتفيت بوضع َيدِي على قل ُبها ألطمئن عليها ُ
الحمدهلل بخير ،عافاك اهلل يا صغيرتي
ُعاء تفتح عيناها الفاتنه حبيبتي د َ
ال ال توشك أن تغلقهما وتسترق َّ
النظر ألي إلي و تغمضها قلي ً تنظر ّ
تصبب عرقاً
ُ قبلت جبينها ال ُم ُ
ُعاء معك عزيزتي د َ أنا ِ
طرقات خفيفة خلف الباب ٍ َوإِ َذا بـ
الدكتور قادم لألطمئنان عليها و تفقد صحتها
السالم عليكم
وعليكم السالم يا دكتور
ُعاء؟حالك يا د َ كيف ِ
ُعاء ما زالت عاجزة عن الكالم و دَ
يبدو إنها بخير
هي َك َذلِك حمداً على سالمتها
يبدو أنك أختها؟
نعم أُختها ال ُكبرى
ُس ُ
ررت بـ لقائك
وأنا َك َذلِك شكراً
مشيت خلف الدّكتور ألطمئن عليها ُ
معذر ًة َمن فضلك يا دكتور أو ّد سؤالك عن حالة أختي؟
نعم تفضلي
ُعاء؟ ما سبب اإلغماء َم َ
اذا بها د َ
ُعاء ال تلتزم بـ غذاء صحي سليم أظهر الفحص ُنقص الهيموجلوبين ،لكن هي بخير ال داعي يبدو أن د َ
للقلق َف َقط عليها اإللتزام بنظام غذائي صحي متوازن
ال دكتور شكراً جزي ً
وبنفس عميق الحمدهلل ٍ
بالقرب ِمن َها و لساني بآيات الشفاء يدعو لهاْ ِ ُ
جلست
بصوت ُمتعب
ٍ غفوت على حاف ِة السرير وإذا بها ُتناديني ُ
ياسمين ياسمين ياسمين
اذا ُتريدي؟بقربك اآلن َم َ
ِ نعم يا صغيرتي الحلوه أنا
أو ّد الخروج َمن المشفى ال أحب المكوث أكثر
وجودي ُه َنا ُيثير بداخلي التعب و الحزن
ُعاء ال تجعلي َمن قل َب ِك أوتاراً للحزن َن ْح ُن ال نملك أن نوقف ِت ْلك األقدار ال تكملي يا د َ
بإنك تحسنتي وسنعود إلى بيتنا سأذهب إلى الطبيب وأخبره ِ
حسناً يا أختي
ألحضان باتت بالمستحيل لها العود ِة َمن
ٍ تم ُتثير بنفسها الحنين أعلم ما بداخل قل ُبها الصغير إنها غصون ال ُي ِ
جديد َولَكِن َك ْيف لنا أن نمنع أقدار الغيب
َف َقط كلما إشتد علينا األلم والحزن نادينا اهلل به مستغيثين أن ُيمددنا بـ القو ِة كلما ضعفنا
الشوق واألنين لم أكن أعي قدماي أين تسح ُبني كيف لها أن تعرف الطريق و قلبي كان ِ أثارت بـ خاطري
مشغو ًال بما قالته د َ
ُعاء
ألتقيت الدكتور المشرف على حالتها أمامي لوال أن أوقفني لم أكن ألعلم ألمري سبيل ُ وبالصدفه
نعم دكتور
كيف حال أختك اآلن هل فتحت عيناها؟
أجل و هي تطلب الرخصة
سأطمئن عليها أو ًال و سنرى أن كان بمقدورها المغادرة
حسناً دكتور
تحسنت أختي وأعطانا رخصة
الصلب كما لم أكن أراها وغادرنا المشفى و على طريقي أرى ِت ْلك المرأه الطيبة تمشي ٍ
بثقل أجهد قوامها َّ
فيه منذ قبل
ماذا أصابها ليتهالك غصن قوامها إلى هذا الحد؟
ال عن حالهاذهبت إليها أهفو ُسئ ً ّ
كان أسمها بهجة ومن يرى وجهها يرى ع َكس ذلك ُ
ناديتها كثيراً
لكن يبدو لي أنها ال تسمعني
أشك في َن ْف ِسي أنني أخطأت ربما ليست بهجة الَتِي أعرفها بدأت ُ
ال ُبد لي أن أتقد ُم أكثر نحوها
نعم تقدمت
وإذا بها هي التي كانت تجلس بقربي
ماذا حصل ؟
أقف أمامها وأنادي بأسمها وإذا ِب َها تحتضنني َك َما لو ُ
كنت أبنتها وأنا ُ
حالك؟
كيف ِ
سالمتك
ِ حمداً على
ما الَّذِي أنتهز قوامك؟
يبدو لي أنها ال تسمع ما أقوله
نعم كانت ال تسمع ما أقوله
أصرخ في أذنها حتى تعي ما أقولهُ لكنني بدأت
كانت كالكهل أدركت ُه سنين العمر فالتهمت منه حواسه
الحمى و نخرت جسدها نخراً أصابها بالضعف لكن كان هناك أم ٌل أن يعود لها ْ
السمع أصابتها ُ
كانت تقتاد نفسها لم يكن أحداً معها لم توشك لنا عقارب الساعة أن نستكشف خبايا صدورنا
ودعتها وتركتها تمضي و واصلنا أنا ودعاء طريقنا إلى ا ْل َب ْي ِت
أمشي و عقلي به الكثير َمن الضجيج الصاخب
دُميتي
األنا
كيف لها أن تتلون بألوان الفرح و قد خلقت بداخلي الخوف و الهلع؟ كيف لها أن تبدو و قد جعلت مني
مرتعا لأللم؟
و كيف لتلك الصور بالرحيل بعدما نقشت بداخلنا نقوشاً كال ُفالذ ال يمكن لها التالشي إال بـ هالك أرواحنا
الضائعه
لم أكن ألنسى منظر ِت ْلك السيدة الطيبة التي تجلس ِبمحاذاتي
منظر معمل الخياطة بات لي كئيب ولَم تكن لي القوة علَى اإلندماج مع اآلخرين وكأن بيننا جسوراً ال
ُيمكنني عبورها
كنت أخشاه بات وشيكاً بالقدوم ال أعلم ما خطب ُه سوى أن زمجرته أصبحت أسمعها تقترب مني أكثر ما ُ
بين لحظ ٍة وأخرى
عذراً ِم ْنك يا أخي َهل يمكنني اإلستفسار عن ِت ْلك المرأة التي كانت بجانبي
هل تقصدين بهجة يا آنسه؟
أجل بهجة
بكل تأكيد تفضلي بالسؤال
أشكرك ،لك إمتناني
ال شكر علَى واجب
أو ّد معرفة منزلها
قريب جداً َمن المعمل
ٌ سأخبرك عن موقعه إنه
ِ بكل سرورٍ ِعند إنتهاء العمل
لك جزيل الشكر أخي
لم يكن لعقلي أن يتمهل و يصمد دونما تفكير
فكثي ٌر َمن األفكار المبعثرة حوله
تشتد َعلَ ْيه سرائر ال يعلمها وال ُيدرك َمن هو خصمه؟
كاإلعصار عشت ضجيج األفكار ،أعمل دون أن أستحضر قواي العقلية
علي أن أعمل دون توقف إلى أن ينصف الوقت بيننا ِسوى أن ّ
نعم أنتهى الوقت
انتهى على مضض وأنا بتلك األمنيات أدعو اهلل لها في الخفاء أن تكون بخير
أجل ،إنتهى السباق َمع ال ّزمن وجاء التحدّي ليحدو بي إلى سرج أمر غيابها
كان منزلها صغي ٌر جداً كـ الشرنق ِة في مآربها الملتوية بين أجزاءها الغضة
ً
مسافة أطول لكن حرارة الشمس تصيب الجسم باإلضمخالل وتجعل من ذلك الطريق القصير
وكأن بيتها تسكنه الدجاجات مع فراخها
ّ وصلت إلى عتب ِة البيت ال ُمتهالكه ،لم أسمع صوتاً للبشر
ُ
طرقت الطرقة األولى لم يستجيب أحد ؛ فالثانية حتى الثالثة ولَم يكن هنالك أحد
زلت مصممة على اإللتقاء بها في بيتها أنتظرت و تسلّلت إلى نفسي أفكار وقفزت َمن مكاني لك ّني ما ُ
مرعوبة
لكن منظرها ما زال بداخلي ال يمكنني ال ُمغادرة قبل اإلطمئنان عليها
ُ
فتحت الباب فـ رويداً رويداً
المكان مظلم ال يوجد به أحد عجباً أين ذهبت؟!
ٌ
قادمة َمن خلفي وإذا بي أسمع خطوات
تصور ليس هناك أحد ال ال إنه محض ّ
تقترب مني أكثر
ُ الخطوات
ِ وإذا بـ
ال ُبد أن أرى من خلفي ،لكنني خائفه ال أملك الق ّوة أن أرى األشباح التي لم أصدق وجودها وظننتها
بمحض خيال
كان شيئاً لم أتوقعه
إنه الشخص الَّذِي أخبرني عن منزل بهجة
كثي ٌر َمن األفكار ح ّولي أصابتني بالدوار والغثيان
ألهي ال أملك القوة كن معي ياهلل
اجه األمر دونك ال تتركني أُ َو ِ
بـ صوت يرجف ويدين تهتز كالرعاش
اذا تريد؟! نعم َم َ
لم يتكلم ونظراته وإبتسامته ُت ْخفِي أمراً ُعجاف
نظرت للخلف وعن يساري و ُيمناي هل هنالك مفراً ُينجي سذاجتي؟
أسمع صوت قهقهته ال يوجد مخرج سوى هذا الَّذِي أمامك أهربي إن إستطعتي؟ ُ وإذا بي
بدأت أبكي و أتوسله أن ال يؤذيني َف َمن مثلي ال يمكن ُه أن َي ْشرب الحزن مرتين و أموت و أبقى جسداً دون
روح
الخبث الَّذِي في َق ْل َبه أعمى إنسانيته
ُ لم يكن ليستجيب لندائي ندائي و توسلي سوى ذلك
بصوت عالٍ هل هناك أحد لـينقذني؟ ٍ بدأت أصرخ ُ
وإذا بكف يده يسقطني أرضاً دون وعي
أفقدني الوعي لم أشعر بأي شيء َب ْعد ذلك حاولت كثيراً أن أتذكر ما حدّث
ولكن لم أستطع
لم أتذكر كيف أنقذت َن ْف ِسي من شرنقت ِه وهل كان لي ال ُقدرة على أن أتخلص من قبضت ِه بعدما أفقدني
الوعي
رأيت ظال ألحداً من البشر اَل أعلم لمن كان ذلك الطيف؟ بينما كانت عيناي مفتوحتين ُ
لم أستطع أن أجزم بالكاد من هو؟
كانت الصورة مهتز ٌة بعض الشيء واألصوات من حولي اَل يمك ُنني فهمها
كنت ك َمن يعيش حياة ِب َغ ْير ُروح ،كـ جسد األموات ُممدد و الروح تراهم من بعيد ُ
وهناك من يمسح على جبهتي ويحتضنني وهم يقلبون جسدي يميناً و يساراً ُ
لم أكن ألتحرك ِسوى أن عيناي ُتحاوالن أن ترى لكن الصور أمامي باهته
أما أُذناي تسمع أصواتاً لكن ال أفهم لغتهم
مكان ليس ِبموطنيكنت أشعر به في ِت ْلك اللحظات أنني ِب ٍ ما ُ
َكا ُنوا ك َمن يبكي على حداد فقد أحدهم ،اَل مهرب لي ِسوى محاولة النهوض
وقت طويل كأنها سنين ُعجاف بدأت أستشعر وأستفيق َب ْعد ٍ
بدأت أشعر بي ٍد صغيرة تمسك يداي بشده وتضمها بكل حنان نحو صدرها ُ
أدركت دون أن أراها ُ
ُعاء
يد أختي الصغيره د َ
إغالق عيناي بشدّه ح ّتى أدنو إلىُ ُعاء تأخذني بعيداً وأستحكمـ هذه المرة ما أَ ْج َمل دفء يديك يا د َ
إستعراض أشيائي الجميلة َمع عائلتي الصغيرة
صحوت من ِت ْلك الغيبوبه الَتِي ربما دامت لساع ٍة كامله وربما أَ ْك َثر من ذلك
كنت أقاوم اإلغماءلك ّنني ال أريد أن أصحو بعدما ُ
أسكن األموات حديثاً
ُ دعوني اآلن َولَو لبرهه أن
يأخذاني معهمادعوني أتمسك بهم لر ّبما يعودان َمعِي أو ُ
الدرج و أنا مسرعه ألجل أن أرى والدي وهو ممسكاً بـ جريدته عند ك ٌل صباح مع كوب هبطت من فوق َ
الهيل
الشاي بـ رائحة ِ
لصوت أُمي وهي تردّد االغاني مع ص ّوت فيروز ِ وبكل إنصات أسمع
وكلمات الغزل من والدي ألمي إنك تنافسين فيروز بصوتك الجميل يا أم طفلتي الصغيرتين
الح ِب ِت ْلك
قصة ُ كانا عاشقان لبعضهما البعض َولَكِن لم نسألهما يوماً عن ّ
ظننت َن ْف ِسي صغيرة ال يتوجب علينا المعرفة
ِشق الَتِي تتوج عائلتناالح ِب وعن سماع قصة الع ْ و ما هو ُ
بصوت يملئه الحنان هناك من ُينادي بـ أسمي ياسمين...ياسمين...ياسمين ٍ
زلت في غيبوبه؟! َهل كان ُي َخ َّيل لي أم أنني ما ُ
صوت أبي ُيداعب مسمعي ُمنذ َز َم ٍن طويل وأنا لم أسمع ُه كـ ّ
سأحاول ُفتح عيناي بعدما أحكمت إغالقهما
سفر طويل أبعدنا كثيراً عنهما لـأرى وجه أبي و أرتمي بحضنه َب ْعد ٍ
أرى الوجوه من ح ّولي تبتسم و تباشير الفرح ُتبارك نجاتي
دت إلى إغالقهما مجدداً لم أستطع فتح عيناي بالكامل ُع ُ
تذكرت أن هناك من أستحوذ على سذاجتي ُ تذكرت ما حدّث أخيراً ُ
كنت مقاومة َولَكِن فشلت في محاولتي بـ الهرب تذكرت كم ُ
حين سكنت ال ّنوم بالقوِةّ دون وعي بـ كف يده الَتِي بطشت بي
كم أنا خائفة من كل شيء!
آلهي خذ بيدي إليك
أهدني ُسبل النجاة
ال تكسر لي قلبي
وأنا أعلم أن القلوب المكسوره ال يجبرها سواك
دائماً َّما يوقف ذلك الحزن بداخلي آية اهلل حين ُتخاطبني اَل تحزن إن اهلل معنا
سأفتح عيناي اآلن و أتحدى حقيقة األمر
وأنا ُمد َركة تماماً بـ لطف اهلل لي
ا ْل ُكل هذه المرة يتمتم لي بـ تباريك الفرح
منصة التخرج وأنا أحمل شهادة التفوق في قسم التصوير والصحافه أحسست وأنا على ّ ُ
تمنيت أن أعيش ِت ْلك اللحظات ال في الخيال ُ كم
تمنيت أن أتوسط قمم الناجحين ُ كم
تمنيت الكثي ُر ُ
لكن لم أدركه َب ْعد
لم يحن الوقت ألسكن عالمي الصغير
ِك أَ ْمراً اَل َت ْد ِري لَ َع َّل اهَّللَ ُي ْحد ُ
ِث َب ْع َد َذل َ
دائماً أواسي قلبي بآيات القرآن ح ّتى أبقى ُمتماسكة
أفقت َب ْعد ذلك الخطب صحوت ودنت أختي لتحتضن بقاياي
شعرت بالخجل حين حملقت عيناي بأشخاص ُغرباء توسطوا بالقرب مني
أعتقد ُهم من أنقذوا شاكلتي من الهاوية بعدما تتطمن الجميع أستداروا لـرحيل
شكرت وجودهم حولي ُ
القوة َب ْعد أن أعرف من أنقذني لكن لم ت ُكن لي ّ
شاب ليس بالغريب كأنني رأيت ُه من قبل لكن الح ّمى كل ما أتذكره كان هناك بـ زاوية الغرفة على اليمين ٌ
الَتِي أصابتني بالوهن ما زالت تضعف قواي
وأختي الَتِي تهتم بي ما زالَت مكافحة لتكبح قوى الح ّمى و تسيطر عليها دون أن تسيطر على ضعفي
تخفضها قبل أن تخفض ُمقاومتي
بدأت الحرارة تنخفض وبدأ ال ُنعاس يأخذني إليه دون مقاومة
كنت ُمثقلة ولَم أعد قادرة على البقاء أكثر كم ُ
البقاء أكثر
ِ تمنيت الرحيل آلالف الم ّرات َولَكِن الحياه ُتجبرني على ُ
ربما تحلو الحياة لي م ّرة و ترسم لي عناقيد الفرح وأتذوق طعمها الحلو
غطت لِحافها و القمر أراه منيراً من نافذتي الصغيرة إستيقظت والشمس قد ّ
ٌ
صديق له َو َما أَ ْج َمل القمر حين يصاحبك السهر وفتورك ُيحاكيك كـ
اَل ُيبالي عن أي حديثاً ُتحدثه نفسك الحائرة
في مطبات الحياه
ُ
الحادثة ال ُمره عادت لي الذاكرة َب ْعد صحو ٍة من ال ّزمن َعاد إلى ذاكرتي
إلي شتات أمري َعاد ّ
وماذا بعد؟
النسيان ح ّتى اَل أضيع في مسالك الحياه ِب َس َبب سذاجتي! اَل ُبد لي من ْ
اَل ُبد لي من نسيان المرأة الطيبه َبل تناسيها إن لم يكن في األمر مأمناً للعبور
قلبي ال ُمطفح بالكثير من المشاعر المحرومة بات ينبض كثيراً هذه المره
ينبض و كأنه يرى حبيبه أمامه
ينبض بشدة اَل يمكنني تهدأته
ُعاء ُكوب الشاي لـ يخدر ما بقي من هواليس متوجسة بل متوجعة أحضرت لي د َ
وبدأت بـ الكثير من األسئلة و هي تجيب
ُعاء من قبضة ذلك الغاشم؟ من أنقذني يا د َ
إبن جارنا حـُسام الَّذِي يعمل ب َنفس المعمل الَّذِي تعملين فيه
والعدالة؟
والعدالة ستأخذ مجراها مع ذلك ال ُمتهاوي أخالقياً ال تخافي يا أختي
ُعاء؟ هل حدّث لي شيء طمئنيني؟ زلت ِب َخ ْيريا د َ
َهل أنا ما ُ
لم يمسسك ِب َش ْي ٍء يا ياسمين أطمئني
ض ساجده وخررت إلى َ
األ ْر ِ ُ
حمداً لك يا اهلل أن أبقيتني ِب َخ ْير
حمداً لك يا اهلل أنقذتني قبل أن َي ْج َعل مني فريسة تتهاوى عليها الذئاب بين الحين واآلخر
حمداً لك يا اهلل
وبدأت في نفسي قواسم األمل من جديد و العصافير ح ّولي تنشد لحناً ُيمددني بالقوة أكثر
أرغب في تناول شيء غير ال َماء في معدتي الفارغه فك ٌل ما حدث في هذا آليوم كان كافياً أصابني ُ لم
بالشبع إلى حد التخمه
لم أكتفي بهذا وعقلي القاطن في دوامة األفكار الحائرة بين فكر ٍة وأخرى َبقيت مفتوحة العينين إلى أن
الشمس أصبحت عيناي متورمتين حتى أن حبالي الصوتيه ُم ٌ
صابة باإلعياء و كأنها حان وقت طلوع ّ
أغدقت نفسها بالكثير من الكالم
مكان آخر للعمل ولكن أين أجده؟ كنت ما بين ال ُمتردد في الذهاب أو البحث عن ٍ ُ
ال جدوى من ك ٌل هذا
َبل ال بد للكفاح أن يتخطى ُحدُود اليأس و يحدو بي َن ْحو أَ ْج َمل ما َبقِي َمعِي من أحالم
مقتبس و طريق
ٍ في ك ٌلغفلة وهو قاطن بي ّ َو َك ْيف لـ الصبر أن يختلسني في ً
قاومت ذلك التشاؤم و أومت بنفسي عتبة الباب
خطوت وفِي ك ٌل خطوه أُسمي بنفسي آيات اهلل أن يحميني بين ك ٌل هذه األقدار ُ
وصلت المعمل كان ا ْل ُكل بإستقبالي لم أشعر بأنني ِت ْلك الفتا ُة البسيطه ِت ْلك الَتِي تدعى ياسمين
ُ حين
زلت ِت ْلك الفتاه الَتِي لم تتعدّى عتبة باب أحالمهاكان بـ مثابة إستقبال إحدى الشخصيات المهمه أما أنا ما ُ
إلى اآلن!
ولكن كان لدموع الفرح والسعادة التي أغرقت عيناي ،لم يعد هنالك صبرا أكثر في حبسها بين محاجر
عيناي كان لها أن ُتمطر
ُتمطر خداي وبغزارة
كادت أن تمطرني ُكلي فهي لَ ْي َست حبيسة األمس هي حبيسة الكثير من ال ّزمن الَّذِي تم ّرد ّ
علي
قامت زميالتي بـ إحتضاني والتباريك بعودتي سالمة ،الجميع من حولي يبارك لي عودتي من جيد ،يهنئني
على قوتي و صالبتي
حولي بدا لي اليوم شيئاً ُمختلفاًما كان يبدو لي سابقاً عن من ّ
أزل طويلهنالك رابطة قو ّية وكأ ّنها كانت تربطنا ُمنذ ٍ
حولي لَه ٌ
شأن َك ِبير ال أشكركم جميعاً وأنا أعلم أن هذه الكلمة ال يمكنها أن تفي بحقكم فوجودكم آليوم ّ
ُيمكنني نسيانه أبداً ح ّتى لو أصيبت ذاكرتي بالزهايمر على المدى البعيد ستبقون بداخلي هنا بقلبي الَّذِي
سيدعو لكم بالخير
وجودكم حولي وإحتضان بقاياي أعا َد لي القوة من جديد
شكراً لكم أعدتم لي السعادة واألمل بقلبي
كان يوماً عامراً بتباريك الفرح وعناوين السعاده وخيوط البهجه تخطاط إلى قلبي ّ
الطريق
بكل جماح الهمم وأكثر المعمل ِ
ِ ُعدت إلى
كان َه َذا ما ينبغي...وكان
لم نعمل ك ّنا نحتفل ...نحتفل بيوم مولدي الجديد
كان يوماً مختلفاً جمعنا وكأننا عائلة ُوجدت َب ْعد مخاض
وحي دون جسدي َب ْعد المخاض الَّذِي كاد ُيميت ُر ِ
إلي تقاسيم العطاء أنبتني ال َقدْر من جديد بـ ميال ٍد جديد الثامن عشر من شباط أعا َد ّ
أنتهى ذلك اليوم مختوماً بالسعاده
الجدر يختبئ المعمل لمحت شخصاً بين ُ ِ ِعند خروجي من
أجث خطواتي على عجل ال يمكنني أن ألتفت وأنا ُ
سأعبر دونما أرى ِسوى طريقي لن ألتفت هذه المره إال لنفسي سأصبح أنانيه ح ّتى ُيجبر كسر قلبي
وأطفىء ما حوله من ُسحب األنين
ناس وجودهم بـ الحيا ِة ِن َع َمة َولَكِن حي َنما ُتعلمك َ
الح َياة درساً ال بد لك أن تبتعد و ال تقترب أعلم أن هنالك أُ ٌ
ح ّتى وإن كان من حولك ال ُيقدر بـ ث ّمن
أصابني ذلك الموقف بحالة نفسية تخاف من البشر
الصغير وإذا بـ ُحسام كان خلفي َوإِ َذا بي ُ
أغلق باب بيتنا َّ
لم أستطع النظر إليه بل كان لزاماً أن أشكره على موقفه النبيل
اء شكراً لك على إنقاذي شكراً لـ كونك أخ لم تلده أمي شكراً شكراً لك ح ّتى تصل قمم َّ
الس َم ِ
علي ذلك يا ياسمين ال َت َخافِي َب ْعد آليوم سأكون ِعند حسن ِ
ظنك بي بك َبل كان ّ أعتذر للحاقي ِ
ال وإن كانت غير ُموافية لقدرك وطيب ِخصالك أنا حقاً لك ُممتنة شكراً جزي ً
بعدها َذ َهب ك ٌل م ّنا دون سابق أذن لم أكن ألسمح لَه بـ الكثير من الكالم
الحديث بل كنت غائبة في سردابٍِ لم أتخاطب َمع أختي في َذلِك آليوم َبقيت صامتة اَل أَ ِجد َّما يحفزني علَى
ُمغلق أحتكرني دون أن أُمانع بالمكوث فيه
الحديث هو صوت الرياح
ِ بقيت َمع زهوري نتخاطب بـ لغة الصمت ما كان يساعد ِت ْلك الزهور علَى ُ
وكوب الشاي الَّذِي ُيحسن َمن مزاجي ال ُملتاع
ُخذيني أيتها الريح
معك كـ نسمة هواءٍ لطيفة خذيني ِ
رمل تسكن األرض وداً دون وجع كنت ك حب ِة ٍ خذيني كيفما تشاءين وح ّتى إن ُ
أهرول في ممر ضيق و طويل ُ أتنفس الصعداء وكأنني ُ
كنت ُ ُ
كنت
حبل ُممتد بين عمودين أغلقت عيناي علّها ترى َمن ا ْل ُح ْلم ما ُيهدأ أعصابها المشدودة كـ ٍ
مسترخية ومتماسكة ال يمكن لي أن أتبعثر َب ْعد ما تخطيت ك ٌل هذه ً فنسمات الهواء الباردة جعلت مني
العقبات
عدستي
ذلك الرجل القاطن بداخلي ،ذلك الرجل النمام الذي يحدث كالما ثرثارا حول نفسي ال يتركني حين يجدني
وحيده يختلس بي ال يذهب حتى يبكيني
فبعضاً من األحاديث الَتِي ال نستطيع البوح بها و لكنها تظهر عبر مالمحنا الحزينة
رغماً عنا دون أن نقاوم ِت ْلك المشاعر الَتِي تقتات أجسادنا كنخر السوس غير أن بعضاً َمن المشاعر ما
بعض من التكهنات ساورت عقولنا ورست بداخلنا فظننا أنها حقيقة هي إال ٌ
َوإِ َذا ِب َنا ننظر خلف سوار َذلِك اإلنسان الَّذِي يسكن بداخلي
يسكنني دون أن أستطع طرده ،يسكنني دون أن أسكنه
برثمان ال َقدْر وعلي ال ُمتابعة وأنظر َمن نوافذ األمل كـ المغترب عن دياره ينتظر العودة إلى ِ أتهاوى في
وطن ِه
بالهالك
ِ ومال خفايا الروح تكابد أنفسنا للحنين إلى الماضي حين نشعر
َح ْيث ال عودة
الباب عدوتها وبيدي أحمل قارورة ال َماء وعدوة ِ
أتذكرون زهوري اليتيمه
أتذكرون حين قرُترّ أن أتبناها
َو َك ْيف لذاكرتي أن تنسى حتى النسيان
الجنون َمن فرط ذاكر ٍة ال يسكنها ِسوى
ِ ليس علينا أن ننسى بل علينا أن نتغافل أنفسنا ح ّتى ال ُتصاب بـ
الماضي
وأنا أنظر إلى الطِقيرّ بـ إحتراس و إلى زهوري ح ّتى ال تجرف بي ذاكرتي بعيداً عنها
وأقدس وجودها
ُ األشياء الَتِي أُحبها
ِ النسيان َعن
هنا يتملكني ْ
النسيان ُينسينا ذكرياتنا الجميلة و ِت ْلك األحداث الشريرة ال يمكنها أن تتزعزع َعن صومعة ذاكرتنا دائ ًما ْ
يتيمة مثلي وعطشى كـ عطش قلبي ال ُملتاع ٌ والح ِب والحنان أعلم أنها
رويتها الماء ُ
المشغل أصادف حسام ِ َو ِعند وصولي إلى
إنها الصدفة...
السالم عليكم
السالم
وعليكم ّ
دائماً أحرص أن ال أرفع ناظري إليه ح ّتى ال أجعل َمن ِت ْلك النظرة وهراً يلجأ إليه ك ٌل طامع
شخص بريء ال يمكن أن َي ُكون مثل غيره من البشر ٌ وفي َن ْف ِسي الصامدة أعلم أنه
تابعت طريقي وكأنني عمياء ال ترى أمامها ِسوى َذلِك الهدف ُ
َو ِت ْلك األماني الَتِي تحيط بي َمن ك ٌل جانب أرى بها حلم الغد
الح ِب الَتِي بقت ُترفرف ح ّولي ح ّتى ال يسكن قلبي ِسوى َذلِك ُ
الح ِب هو أبي و أمي وعصافير ُ
قلب َغلَ َبت عليه تعاسته
كم َمن مر ٍة يحاول إبليس العبث بي لكن ال جدوى َمن ٍ
تحطم في لحظة هش إن ّ قلب مثلي ٌ ال جدوى منه حين كابد الكثير َمن األلم َولَكِن ٌ
قادر ٌة ِت ْلك اللحظه أن تهزم قلبي الهرم
ولك ّنني ما ُ
زلت أتظاهر بـ القوة
ألجل ِت ْلك األمانة الَتِي أودعها أبواي لي ح ّتى تصبح قوية ال يمكن لـقلبها أن ُيسلب
أنثر علَى ذاكرة التاريخ ورداً
في صباح يوم الجمعه كانت ذاكرة الرحيل والدينا ذاكرة األلم
حملة بالكثر َمن الحنين ذهبنا أنا وأختي لنقرأ الفاتحه على روحيهما ونسقي أرض قبورهما دموعاً ُم ً
للقياهم
كما تمنينا لتلك اللحظه أن ُتعيدهما َولَو للحظه
َّما كان لنا المكوث كثيراً ح ّتى ال نزعج ُسباتهما
مستلقية على قبريهما كـ إستلقاء الميت َح ْيث ال حول وال ق ّوة لَه إال باهلل ٌ ُعاء
كانت أختي د َ
ُعاء دعينا نذهب ال ينبغي لنا إزعاج أرواحهم دَ
الحديث وكأن صوتها َقد ُبح
ِ إلي لم تستطع
إكتفت بالنظر ّ
أمسكت يدها بق ّوة و سحبتها نحوي و لفف ُتها إلى حضني
عانق ُتها و أكثرت عناقها ضممتها بشدّه و أنين حنينها يتسرب إلى قلبي بشدة
صوت مثقل بالحنين و الغربه و الغصه الَتِي أدمت صوتها المتعب ٌ كان ألناتها
وفِي خطواتنا إلى ا ْل َب ْيت صادفنا حسام َولَكِن كان ال ينظر إلينا مطئطئ الرأس منزويا إلى زاوي ٍة َن ْحو
بتثاقل شديد يجرهما َن ْحو وجهتنا الَتِي اقتصدناها ٍ األرض و قدماه تسيران
ال ب ّد أنه َف َقد حبيب و قلبه يجتث األلم مثلنا تماما
سال ٌم على أرواح موتانا سال ٌم عليكم يامن إجتثت األرض أجسادكمـ
كان لمزاجنا السيء أن تستوقفه قهوة العم َصالِح وأغاني فيروز
نظر إلينا العم َصالِح بتعجب!
نود شرب القهوة يا عم
وعبارته الَتِي ُيرددها دون أن يكترث لما يعتريه في يوم ِه
َمن هالعين قبل هالعين بتنوروا قهوتي
بإبتسامه شبه ميته تذهب إستغرابه
السفلى
الصبر يبدو أن القهوه قد إبتلعت أنصاف أسنانه ُ ليبادلنا بإبتسامه وسامها َّ
لم يعد امر أسنانه يهمه كثيراً ،لم يكن مهتما بمظهره مثلي تماما
ربما رأى َمن الصب ِر ألواناً أزاحت عن نفسه التباهي بشكل ِه
الشمس لم يعد َذلِك األمر ُمستطاباً حتى أن لحيته بدت رثه وعيناه يفتحهما بصعوبه ِعند ضوء ّ
َّما َبقِي لديه إبتسامته الجميله رغم بساطتها و زهد منظرها الَتِي يزرعها في أرواحنا العابس ِة في كل
صباح
كان لي تمثال الصبر حتى وإن لم أدركه َبل يمكنني إستدراكه دون َحدِيث
فالصمت لغة ال يفهمها إال َمن أُصيب بالوجع في جانبه األيسر في َق ْل َب ِه تماماً ِ
ُ
هو من َيحتاج إلى هذه اللغه حتى وإن كانت صعبة ال َف ْهم ِعند البعض
لم يكن األمر ُمعتاداً أن يرآنا ماكثتين طوي ً
ال على شاكل ِة قهوته
بأعينن محبوسة المحاجر َ عض َنا البعض
ُكنا نجيب َب ُ
وإذا بـ حسام آراه عائداً لك ّنه لم يلتفت إلى يمينه أو يساره َك َما رأيته وهو ذاهباً آراه عائداً
وكأ ّنه موصو ٍد عليه برصاصه أذهبت روحه جعلت منه جسداً خوار
أختي هل َه َذا حسام؟
ُعاءِن ْعم يا د َ
اذا يجر خلّفه؟إنه مطأطأ الرأس َم َ
ربما نتقاسم نفس األلم
ُعاء
الذهاب يا د َأنتي على َحق ،هيا َعلينا ّ
ال أريد ال أريد العودة إلى ا ْل َب ْيت يا ياسمين قهوة العم صالح أفضل بكثير َمن أن نكون بين الجدران
وماذا عن إختبارات نصف الفصل يا حبيبتي؟
أراك بين ُزمرة المتفوقين
ألم تعديني بالمثابرة واإلجتهاد حتى ِ
لك
زلت أفي بوعدي ِ أجل يا أختي و أنا ما ُ
أراك فيه طبيبه الذهاب يا عزيزتيَ ،ك َما أنني بإنتظار َذلِك آليوم الَّذِي ِ
إذن َعلينا ّ
تشابكت أيدينا وعبرنا الطِقيرّ بصمت
بدأ المطر الصِحابّ
بدأت غيوم السماء بسكب المطر على رياحين تالل األرض لتتقاسم قطراته عبر جريان أوديته وشعابه
بدأت رائحة التراب تالمس ثغرات تجاويف قلوبنا قبل تجاويفنا األنفيه
توقف فبه رائحة التراب العالقه بقبر أمي وأبي كنت آخذ شهيقاً وزفيراً دون ّ ُ
كنت أستنشق رائحة المطر مثلما ُيستنشق الزهر حين نعجب برائحته ُ
احتضنت زهوري ك عناق المغترب عن وطنه ودموعي تتساقط كحبات المطر لكنها كانت حارقه تجر
أتعاب الصبر
هدأت الرياح بدأت تتضاءل قطرات المطر إلى أن إختفت
بدأ قلبي بالخفقان بشده
ال أعلم لماذا؟
لكن!
ربما رحيل المطر
أعا َد لي شريط الراحلين
بعثرني َمن جديد وشهقات ُب َكائي أصدرت نحيباً تتوجس نبضات قلبي المتعب
ربما أتعبني ال ُبكاء كثيراً لكن ليس أكثر َمن شعوري بـ الراحه الَتِي باغتت إنقباضات قلبي
بدأ قلبي باإلسترخاء
إستلقيت على األرض وذلك التراب المبتل من المطر جعلني إحتضن األرض أكثر
تحت األرض ً
قادمة َمن ِ أسمع أصواتاً
ُ بدأت
أيا ُترى َهل هي أحاديث الموتى؟
أم أنني في هلوس ٍة جعلت َمن عقلي يترنح ما بين ا ْل ُح ْلم والخيال
ياسمين ياسمين ياسمين
بك؟
أال تسمعينني يا ياسمين؟ ما ِ
َهل المطر أصاب طبلتيك بالصمم
كنت في غيبوب ٍة مع نفسي ال أستشعر بوجود أحد ُ
ض قطعة َمن َ
األ ْر ِ ٌ منغمسة في وحل األرض ظنت بأني ٌ يبدو أن أختي لم ترني
أسمع صوتها ُيناديني في الداخل
ُ وإذا بي
ياسمين أين أنتي يا أختي؟
علي َس ِم ْعت آخر عباراتها يبدو أنها خرجت سأجدها أمام زهورها بدا عليها اليأس في محاولة العثور ّ
الصغيره
أعادت وعي حينما َقالَت زهوري الصغيره أحسست بما تشعر به األمهات مع أطفالهن ال ُرضع
ُع اء أنا هنا ما بين الزهور والتراب أسمع أغنية المطر دون أن أسمع البشر نعم يا د َ
بك يا ياسمين؟ هل أنتي بخير؟اذا ِ َم َ
عينيك؟
ِ َّما كل هذه الدّموع في
بك ُممردغة بالتراب؟
ما ِ
سمعك حين ُ
كنت أناديك؟ ِ ما الَّذِي أصاب
كنت أرى في عينيها وهي تتجافى ما أنا فيه لم أستطع الكالم ُ
تجتاح عولمنا دون عالمنا
ُ الصمت الَتِي
ُ كان العناق يخفف الكثي ُر َمن ضجيج وتيرتنا الهائجه في مساحات
أثارت دموعي الحارقه دموع الشغب في عينيها
اح َد ًة م ّنا تشكو ألمها
لم يكن أحداً يواسي اآلخر بل كان كل َو ِ
أستطعنا أن نقف
أن نمشي على قدمينا
ونرى الطريق
إلى باب بيتنا الصغير
وكان تحت دُش الماء عالمنا الَّذِي نغتسل فيه َمن دموعنا اليائسه
ال آخر نجدد به مسيرة الطريق كان للماء أن يمنحنا أم ً
صباح جديد
ٌ
السابق نشاط وقوه أكثر َمن ّ ٍ بكل
إنتشيت صباحي هذه المره ِ
كنت أسابق نسمة الهواء قبل أن تسبقني إلى وجهتي وذرات الهواء تعصف بوجهي َمن فرط السرعه ُ
حيث إنها أثارت بـ وجنتي ُحمرة الخجل
أصبحت شفتاي متورمتان تكاد تتمزقا جراء تدفق الدماء َ حيث
وما زاد َمن نشوتي قهوة العم َصالِح ال ُمعتاده في كل صباح َمن غير عجل
وجه العم َصالِح إبتسامته الجميله كـ ج ّمال َق ْل َبه و ُح ُ
سن نواياه إرتسمت على ّ
إنتهيت من ُش ِرب قهوتي شكرته بإبتسامه ُ
وبدأت أعدو كطفل ٍة ال تحمل هماً ِسوى لُعبتها ُ حملت حقيبتيُ
ربما َمن يراني ظن بأنني مجنونه ُرفع عنها القلم
لكن لم يكن هنالك َّما ُيعيق تصرفاتي ّ
شعرت براح ٍة إجتاحتني
المس قلبي الدفء
والمست روحي ُحب المقاومه
أوقفني حسام
ِن ْعم؟
َهل أنتي بخير؟
َو َهل يهمك أمري؟
ِن ْعم
ال أعتقد ذلك
حسناً مثلما تعتقدين! ولكن تصرفاتك كطفله ُتثير إستغراب َمن ِ
يراك
ال يه ّمني ذلك ،شكراً لك
كنت في حال ٍة لم أفهمها وأثار بداخلي غراب ِة نفسي ِن ْعم ُ
يا ألهي
ال ُبد أن أعتذر لـ حسام
إلي عقليفجأه َعاد ّ
إلي َجمِيع حواسي اإلدراكيه إستقمت في مشيتي وعادت ّ ُ
أيقنت ما كان ينبغي ُ
الخجل َمن نفسي
ِ ُ
شعرت بـ
فيكف باآلخرين؟
تمنيت ُمواصلة الطريق إلى ما ال نهايه ُ
لكن ال يمك ُنني ذلك
وصلت إلى باب المعمل ُ
كان رأسي ُمنحنيا خج ً
ال
السالم عليكم
ُ
أعتذرت َمن حسام وبصوت خافت
ٍ
ال عليك يا ياسمين
كان في ذلك اليوم دوره تدريبه عن كيف ّية تطوي ِر ّ
الذات قبل المهنه
أبدع ذلك ال ُمحاضر في ندوت ِة
زاد بـ داخلي ألقوه
أعطانا حساب ُه على الفيسبوك و تابعت عنه الكثير حاولت أن أطبق ما يقوله عن تنمية الذات و إستعادة
القوه بعد الضعف
ُ
أيقنت اآلن
والدي حي َنما ُ
كنت أسمعها بتذم ٍر شديد ّ أيقنت اآلن حجم خسارتي لـ نصائح ُ
علمت األمر علَى حقيقتهـ وأنا أرى الواقع ُ
لم أعلم فقط بل أدركت ُه تماماً
أدركته وأنا أقف اليوم وحيده علَى عتب ِة الباب
وحرص َشدِيد
ٍ أنظر َمن خلف ثقوبه بإمعان
وحينما أكون في واجه ِة األمر أكون أكثر جالده أنظر إلى ما يحصل أمامي وحواجبي معقوده مرتفعتان
وأنفه شامخه ال أحني رأسي أمام ما أراه متدنيا
أيقنت يا أميُ
علي أن أرتدي لباساً ُمحتشماً ح ّتى وإنه ال ينبغي أن أظهر شعره وحتى إن كانت بغير قصد لِماذا ّ
إلي و إلى شرف أنوثتي! النظر ّ حتى ال أُبيح َّ
علمت يا أبي لماذا ال ينبغي أن أتحدث برقه! ُ
ح ّتى ال أصطدم بخبث السامع
أدركت َجمِيع األمور
ملبس إلى ما يعتريني َمن أمور كثيره ٍ َمن
ينبغي أن ال أظهر مفاتني حتى وإن كانت بائسه مسكينه
قلب وضمير فالبشر ما بين ٍ
ِم ْنهُم َمن يملك قلباً ُعجاف ال يوجد به الضمير أسقط جميع الحروف
وقلي ٌل ِم ْنهُم َمن يتملّك األثنين فكاناً إنسان
ُتباغتني َمن بين الذكريات الجميله الذكريات الَتِي أصابت قلبي بـ الغثيان
أصبحت قويه ج ّراء المِحن الَتِي أعطتني ُعمراً بعمر أَ ْك َبر َمن ُعمري
ُ لم أكن ألكون هنا اآلن إال أنني
لم أكن ألسابق الموضه أو ألرى المشاهير
لم يكن َذلِك من إهتماماتي أو يثير رغباتي ألكون مثل المشاهير
مرنت أحبالي الصوتيه لتكون كذلك ُ أصبحت أتكلم بخشونه ُ
ح ّتى ُبح صوتي
أقتنيت مالبس ذات األلوان الباهته الغير مثيره للنظر ُ
ك ٌل َذلِك حتى اَل ألفت نظر أحد
لم يكن َذلِك كافياً فهنالك َمن البشر َشدِيد الدناسه يلتفت إلى ك ٌل شيء ح ّتى وإن لم يكن َذلِك مغرياً
نثى َفال َي ِجد في َذلِك األمر فرقاً وإنما الفرق بين معادن الرجال إن كانت أُ َ
حتى وإن كان نصفي اآلخر ...رجل
سقط قرطي
على عجل ٍة َمن أمري لم أشع ُر بسقوط قرطي و أنا في طريقي إلى المعمل
َس َقط وأسقط َم َعه أجم ُل الذكريات الَتِي ارتسمت ُمنذ أن حظيت به كهدية ب-عيد ميالدي البسيط بين
شموعي الخامسة عشر َمن عمري
محتفظة به إلى عمري العشرون ً وأنا ما ُ
زلت
وكأنه أسقط ربيع ذكرياتي الجميله
يبثها إلى قلبي حين أنظر إليه كان على أُذني كـ أسطوان ِة ُحب ُ
وكأنني أرى به عيناي والدي
أتلمس ُه برقه فيالمس قلبي
َبل يرويني الحنان
ُ
يضخ إليها الحياه لـ نصف قلبي نبضات القلب الَّذِي
ِ كان لوجود الزوج الَّذِي ما َزال على أُذني اليس َرى كـ
المفقود
كنت متردده ما بين المواصله وما بين العوده إلى المعمل ُ
حين إكتشفت غيابه صدفه وأنا أرفع شعري المتساقط
ال بالنسبة إلى قلبي بالتخلي والمواصله لم يكن األمر سه ً
بل كان للعقل أن يتحكم في تزانط األمر
وكان لَه َذلِك
وضعت َيدِي على قلبي ألتماسك وألتحم بالصبر ُ
وأتناسى أمر قرطي المختفي فجأه الَّذِي باغت قلبي
دون أن أكتم حزن إختفاءه
كان هنالك سقوطاً أَ ْع َظم ،أَ ْع َظم َمن َذلِك أَ ْك َثر
بخطوات ال أشعر فيها بثقل أقدامي ٍ كنت كـ المرتاع أمشي
الحاسب اآللي
ِ ِسوى أنها تخطو كـ
ُمقيده دون أن تستطيع أن تنحرف إلى المهرب
َح ْيث ال قيود ُتحيط بخطواتي
فس َق ْطت دمعتي
ما زالت يداي تتفقدان وجوده وترتجفان هلعاً حين لمست أُذني ال ُيمنى
وكأن أُذني ال ُيمنى قد قطعت ّ
سقط مني...وأسقطـ معه نصف قلبي األول
زلت أتذكر وجود ِت ْلك المرأه الطيبه الَتِي كانت تجلس بجانبي
ما ُ
وفجأه
تختفي!
وألتقيها صدفه ِعند مخرج باب المستشفى
وكانت بمالمح عجوزا وكأن تلك اللحظ ِة التي صادفت إختفاءها المفاجىء َك ُب َرت عمراً فوق عمرها الَّذِي
إنهاء العقد الثالث َمن عمرها ِ أظنه قد قارب على
ما كان بمخليتي آن ذاك شيئاً آخر ال يمكنني الوصول إليه
إلي َمن بعيد َمن خلف ال ّتل َو َما أن أعبر بجانب ِه يختفي ويظهر َمن ناحي ٍة أخرى شيئاً ُينظر ّ
و كأنه يلعب َمعِي لعبة ال ُغميضه
الَتِي كانت عشق طفولتنا
تسلقت الشجره الَتِي كانت المدى الذي ينبغي لنا الوصول إليه فور إنتهاء ُ ما زالَت بحنجرتي ضحكه حينما
الشخص َمن الع ِد الَّذِي ينبغي َعلَ ْيه العثور َعلينا
فتسللت الى المدى بحرص شديد َولَكِن ُ علي
الصعب العثور ِّ أما أنا فكان َمن
أمسكتني صديقتي قِبل أن ألمسه
واعتبره الجميع غش
كانت لُعبة الغميضه أشبه بذلك الشيء الَّذِي ُيحاول اإلمساك بي
عاصفة َمن الذكريات الجميله الَتِي بت أتلمسها بداخلي ٌ م ّرت بي
أتلمس ِت ْلك الضحكات ُ
والتمرد
وكل َش ْي ٍء ُيالمس الطفوله
كم أفتقد رائحة الطفوله
وأناشد قلبي أن يأتيني بها علَى هيئ ِة خيال
أبحث َعن نفسي الضائعه بين أسراب الطفوله ُ كم
أبحث َعن مهرب لِ ُكل َه َذا الضجيج الَّذِي ّ
حطم قواي ُ كم
العمل
ِ وسط في وسط ذلِك الضجيج الصاخب أقتحم ُحسام باب األحاديث الثرثاره في َ َ
وصفت َن ْف ِسي بـالمتشرده
ُ لم أكن ُمبالغه حين
ِن ْعم!؟
كنت كـ المتشردين الَّذِي اَل يجدون المأوى الذي يحتويهم من قواسم الحزن واليأس ُ
كنت ك َمن ُيحاول أن يزخر بشيء و َمن َف ْرط تمسكه أفلت َمن يد ِه وهرب ُ
هربا بعيداً
ُ
يحدث بداخلي هاربة ُمتشرده ال أكاد أصل إلى َذلِك المع َنى الحقيقي لحقيقة ما ً مثلي تماماً
اَل أكاد أستشعر شيء حينما أكون هاربه
ال أَ ِجد في طريقي غايه
ياسمين ياسمين
نعم ُقلتها ِب َغ َضب؛ ربما بسبب ِت ْلك َ
األحا ِد ْيث الغاضبه برمتي ال ُمتهالكه
إزعاجك
ِ كنت سبباً في آسف إن ُ
ال ال يا ُحسام لم يكن مثلما فهمت سقطت مني بعفويه لم أكن بساخطة منك أبداً
أختك ،كيف حالها هي اآلن؟
كنت ألطمئن بسؤالي َعن ِ ال َعلَ ْي ِك يا ياسمين ُ
بصح ِة وعافيه اآلن ُمنذ أن بدأت اإلهتمام بنظامها الغذائي شكراً لسؤالك عنها هي َّ
العمل
ِ الحمدهلل ،أ ْت ُر ُك ِك اآلن لبدأ
حسناً ،شكراً م ّرة أخرى
اَل شكر علَى واجب
لم أكن أعلم أن ُحسام لم يقتحم فقط حديثي
العالق في شرنقتي الصغيره ؟! ُ
بل أقتحم قلبي أيضاً
القلب في السرعه حين ترى َمن تحب! ِ الح ِب تزايد نبضاتعالمات ُ
ِ َح ْيث َقال الكثيرون أن َمن
يا ألهي!
َهل هي كارثة أخرى س َق ْطت علَى قلبي؟
بالحديث فجأه
ِ بالخوف حين باغتني
ِ ال ال إنه ترائ لي فقط ليس هنالك شيئاً ِسوى أن قلبي شعر
آن واحد نفس ُه في ٍ كنت ك َمن يخيف ويطمئن َ ُ
وتركت لـ قلبي الجواب بمرور األ ّيام
تمنيت أن َت ُكون هنالك نسبة في حدوث الخطأ وأكون أنا َمن َحصلَت عليها ُ كم
الح ِب
الوقوع في ُ
ِ الشخص المستثنى في ُ أن أكون َذلِك
كنت كمن ُحكم َعلَ ْيه باإلعدام!
اَل يمكنه رؤية جمال الحياه
ال يمكنه أن يسمع نبضاتها
الح ِب
والعيش في زحام ُ
عاشقة تحم ُل في معصمها ورد ًة حمراء ً وأن َت ُكون يوماً
بمعصم حبيبها ِ ومعصمها اآلخر ممسكة
ً
أنا ياسمين الَتِي لم ت ُكن يوماً لينة َمن َب ْعد رحيل والديها
كأنثى أحتفظ بأسمي
َولَكِن ماذا َعن مظهري وصوتي؟
فأنا ال أجيد تصنع الرقه
ف َمن مثلي اَل يمكن أن َت ُكون يوماً عاشقه!
توقف َعن إتخاذ قراراته؟ َهل عقلي ّ
صور لي نافذ ًة لَ ْي َست َمن الحقيقةـ َش ْيء ِسوى انها محض خيال أم أن عقلي ّ
هل عقلي وقلبي مشتركان معاً في اإلطاحة بي؟
َهل َه َذا تمثيل كـ المسلسالت التلفزيونيه
ٌ
عالقة حقيقيه ال تربط ذاك بتلك
لم أستطع العمل!
عر الهلوسات الَتِي تسحبني بداخل دوامتها وقعت في ُق ِ
وطلبت اإلذن بالخروج ُ ُ
توقفت
وكان لي َذلِك
غطى عليها وأضل عليها الطريق لم أكن أللمح الطِقيرّ كان أمام عيناي مثل الغشاء الذي َقد ّ
أصبحت الرؤيه ضبابيه بعض ّ
الشيء
َهل كل َه َذا بات ُيهدد حياتي؟!
الجنون!
ِ أم أنني أُصبت بـ
طويل علَى غير عادتي ٍ وقتوصلت إلى ا ْل َب ْي ِت َب ْعد ٍ
ُ
تهالكت أنفاسي وأنا أقتطع الطِقيرّ
َمن غير الالئق أن أتصرف بهكذا فعل
مؤلوف لي أن أقع في أحداث صنعها لي الخيال ٌ غير
الَتِي ُتحاول َمعِي أن َت َخلَّق لي جواً َمن السعاده
َو َما هي إال تعاسه!
ُ
أصبحت مشتته ُمنذ َذلِك الرحيل وأنا
تختا ُل بين أجنحة اللّيل الهدوء والسكينه
إلي ِسوى ِت ْلك األوجاع اللئيمه يبدو أنني نسيت أن اللّيل اَل يجلب ّ
الصغير إختلست الوحده أم أن الوحده إختلست قبوي َّ
ْكي ُتثير دموعي
بكيت بشدّه ح ّتى أن صدى ُبكائي أحزن الجماد َمن حولي ُ
كان صوتي يتردّد علَى ك ٌل َش ْي ٍء مجوف بداخل ِه َف َراغ
ُعاء مسرعه بخطوات المهلوع الباب إقتربت د َ
ِ لم أسمع أختي وهي تفتح
بك تبكين؟ ياسمين حبيبتي َم َ
اذا ِ
عينيك َمن عزيمتك وإصرارك! ِ لم أرك تبكين ُمنذ وقت طويل ُ
كنت أمتد ألقوه َمن
اذا أصاب صبرك؟ َم َ
َهل فقدتي عقلك؟ ليتغلب البكاء عليك؟!
بالدموع ِن ْعم
ِ وبصوت مملوء ٍ
فقدت صبري علَى غير ُعهدتي فقدته َب ْعد أن هدمني شيئاً فشيئاً فتالشت عزيمتي و إرادتي علَى المواجهه
الكهل العجوز فاقدة جميع قواي ِ ُ
أصبحت كـ
ُعاء
لم يعد بي طاقه يا د َ
أنقذي قلبي قبل أن يحطم آخر أحالمي
أنقذي آخر ما َبقِي من صبري؟
صبرك؟
ِ أنا بجانبك يا أجم ُل ما َبقِي َمعِي؟ َك ْيف لي أن أكون قويه َب ْعد أن أفقد صبري الَّذِي أخذته َمن
األمام؟ َو َذلِك ال ّنور بدأ يتالشى؟! كيف لي أن أرى الطِقيرّ لوحدي َمن غير أن ِ كيف لي أن أتطلع إلى
تكونين بجانبي؟
زلت قويه وبجانبك اَل يمك ُنني التهالك قبل أن ِ
أراك قويه ُعاء أنا ما ُ َك َفى َك َفى يا د َ
منصة التخرج أراك في ّ بك حين ِ سأفخ ُر ِ
َذلِك آليوم هو يوم تخرجي دون َشك
بك طبيبة سأفخ ُر ِ
أجهشنا َب ْعد َذلِك بالبكاء لم يكن هناك أحد لم يكن هنالك َمن يمسح دموعنا البائسه
حيث أنني اَل أتذكر ما في ذاكرتي ِسوى وجعاً يختلس قلبي دون أن يرحم نبضات ِه الَتِي
تعانقنا كثيراً ُ
أصبحت كـ نبضات العجوز
الح ِب
ُ
وهل يسقي زهور ال ُيتم؟!
الحين واآلخر
ٍ َذلِك اإلحساس الَّذِي ُيباغتني بين
بشخص َمن وسط القريهٍ ِت ْلك الجاذبيه الَتِي تجمعني
الح ِب؟ أم األثنين إجتمعا سوياً!
ال أعلم َهل هو اإلعجاب أم ُ
ً
المجوفة دون عقل بالقرع وأصبح كـ الجمجم ِة
ِ رأس أُصيبعلى ٍ
َبل بقي القلب يقودني إلى سراديب كانت ُمحكمة اإلغالق
بشكل فجائي في وجهي أثار في نفسي الرعب ٍ واليوم تنفتح
والتوتر الَّذِي يالزم إرتعاش يداي وقدماي وكأنني أصبت بالرعاش
أو كـ الَّذِي يصاب بـ الحمى حين حلول الظالم
بالتوتر حين آراه ال يمكنني أن أرفع رأسي ال يم ّكن لعيناي أن تقع في عيناه ُسأصاب حتماً
ِ ها أنا أُصاب
بنوبه
الحب! بنوبات ُ
ِ
للحب نوبات أم أنها مجرد وصف ال يفهم معناه ِسوى أؤلئك ال ُعشاق؟ وهل ُ
ظننت نفسي أنني أمثل دراما غراميه بين عاشقان إبتعدا كثيراً وفجأه ألتقيا صدفه تحت المطر
كنت حقاً مذعوره ك َمن في معركه ولكن َمع َ
نفسه! ُ
الحنين
ُ يبدو لي أن وجوده بدأ يتمركز الجانب األيسر َمن
شيئاً من الحرمان
شيئاً َمن ال َع َذاب
يخفف أثقال الحياه الَتِي بدأت تلتف حول عنقي كاألفعى
الخطى خذني إليك ألهي ...أنا مضطربة ُ
خذني إلى السماء
والدي
ّ إلى المكان الَّذِي سيجمعني بـ
حيث ال حنين لـ أحد
أجمعني بهم
أنا غير قادره على جمع شتاتي ال ُمبعثر من حولي
يبدو لي أن وجوده بدأ يخفف شيئاً َمن النقصان
َك ْيف لي أن أنقذ نفسي َب ْعد َّما تعدت َجمِيع مراحل َّ
الصبر!
الحب الَتِي سيصنعها قلبي علَى غفل ٍة مني قصة ُ َهل ستبدو ّ
قصة ُحب يفوز فيها البطلين و يتزوجا ّ
ُخطاي تسلك طريقاً بغير طريقي
تأخذني إلى حيث األحاديث تغادر بي
تسرقني َمن أن أكون أنا بذاتي
ِت ْلك األحاديث ُتثير بنفسي الدهشه علَى غير ما أتخايل نفسي أن تكون ِبه
ُتخدرني
تخدر أوصالي
وتجمد مجرى الدّم
تسلب مني الحياه
الحروف الهاربه
ال يمكن لي التراجع
الحب
عراك ُ
ِ وال يمكنني الخوض في
اذا يمكنني فعله فأنا تلك الفتا ٍة المنزوعه َمن غصن شجره َم َ
أُجتثت بعفوي ٍة مربكه
َك َم الحت أمام عيناي صوراً بدت لي نعيماً
ربما هو بعضا من الوساوس
أحاط بي ذلك الحب كما لو هو حقيقي؟ فهل سيكون يوما حقيقه؟
كم هو مكلف أن تجد نفسك بين ُمبتعث طريقين
كالهما صعب
كالهما يوصالن إلى نفس المستنقع
الفرق بينهما
أحدهما تعيش سعادة إلى حيث ال تعلم!
واآلخرى تعاسه دائمه!
ال أعلم
لماذا تبدو لي األشياء محبطه؟!
ال أدرك السعاده من حيث تأتي
تأتي على ظنن كالمخاض
قاسيه؟!
الحبال أدرك تفاصيل ُ
سوى األوهام الباهته
من يعلم يمكن للحب أن ينتصر
السالم عليكم
كيف حالك يا ياسمين؟
وأنا ما زلت في عالم آخر
عالم تصادم الحروف مع متاهات األفكار
لم أكن ألسمع أن أحداً كان يخاطبني
لو أن جبال حمل ما حملت لسقط وأصبح ترابا
بصوت عال
ٍ ياسمين
نعم بصوت قوي جاءت من أعماقي ظننت
إنه ال ُبد أن أصرخ
صرخت بوجه
ومن ثم أدركت نفسي
نعم أدركت نفسي أمام الشخص الَّذِي إختال ُمخيلتي
ً
صدفة وتجمهر على قلبي
الحب ً
عاصفة ُ أالح بوجهي
عاصفه نسماتها بارده
مسالمه
بيت ال ُعشاق
تجنح بي إلى ِ ُ
أنا متأسفه على َذلِك يا حسام لم
الواقع
ِ أكن ألصرخ لوال هروبي من
أنا بخير!
وكيف حالك أنت؟
ال داعي لكل هذا يا ياسمين أنا متفه ٌـم لموقفك
أنا بخير
ال ُبد أن ألتقيك اليوم
ماذا؟!
نعم هنالك شيء ال ُبد أَن أخبرك به
حسناً
إذن سنلتقي في قهوة العم صالح مساءاً
حسناً
لم أكن ألجيب بأكثر من َذلِك
وهذا ما زاد عقلي شروداً
كان ما يثير غرابتي هو قهوة العم صالح ،هل أصبحت بمالذ اليتم ،بمالذ العشاق حيث الحب و السالم
اللقاء الثاني
كان اللقاء الثاني ب حسام لقاءا مختلفا تماما عن لقاءنا السابق لم أكن مرتبكه كإرتبكي في صحوة اللقاء
األول
كان هنالك دفء
وتناغم بين مشاعرنا الصامته
بل على األحرى
كان ألعيننا الكثير من الكالم
سلمنا على بعضن البعض بعدها إنتشلنا زحام الكلمات كي نبدأ العمل
كان يبدو لي أن الجميع يعمل كاآلله ال يوجد به مشاعر
لكن تيقنت أخيرا أن خلف تلك األجساد مشاعر مكبوحه
إنتهى عملي لهذا اليوم وكان بين الصدفة واللقاء ربكه إثارت بوجنتي الخجل
كنت أنظر للخلف وإذا به خلفي
قال لي هيا لنذهب سويا
لم أكن ألمانع
أخبريني يا ياسمين كيف كان اليوم؟
ضحكت ولم أكن معتاده أن أضحك بتلك الرقه لكنها كانت سهوا
لم يكن مختلفا عن باقي األيام
أجل وهذا ما أراه دائما في روتيني السابق لكن اليوم بالنسبة لي يوما مختلفا كان يوما جميال على األرجح
فيه من الدفء والحب ما لم أكن ألستشعره من قبل ومن بعد غياب والدي
أكتفيت بإبتسامه
وكانت إبتسامته تشبه إبتسامتي كإبتسامة البسطاء تماما
ياسمين
نعم
هل بإمكاننا أن نلتقي اليوم في قهوة العم صالح
أجل
وكأن قهوة العم صالح مرتعا للقاء العشاق!
كنا قريبين من عتبة باب بيتنا
شكرا لك يا حسام اآلن يمكنك اإلنصراف
هل تتطردينني قبل الدخول إلى بيتكم
قالها لي ممازحا ليضيف على ذلك الصمت شيئا من الدعابه
وكنت أبادله المزاح
أجل حتى ال أعلق بك أمام أختي الصغيره
أذن مع اللقاء يا عزيزتي ياسمين
وداعا يا حسام
كان لكلمة عزيزتي شعورا ال يوصفه اللسان وإنما هنالك شعورا بالسعاده واإلكتفاء بإبتسامه طوال ذلك
اليوم كانت كالمضاد الحيوي ضد الحزن
ال بد أن أخبر أختي عن قصتي
ألتقيت أختي دعاء بمنتصف الطريق
لوحت لها بيدي
حبيبتي دعاء
ياسمين أختي يالها من صدفه جميله أن نلتقي اليوم
أتعلمين يا ياسمين ال أود الدخول إلى البيت فالجو غائم ورائع ،أرجوك أرغب بتناول الغداء في مكان ما
ولما ال يا صغيرتي؟ هيا بنا لكن أخبريني إلى أين يمكننا الذهاب
ال أعلم يا ياسمين لكن أرغب في المشي حيث ال نهايه
يختالني نفس الشعور يا دعاء ما يسكن بداخلك يسكن أعماقي كذلك‘ نتقاسم الوجع معا ،نتقاسم تفاصيل
الحياه وما زلنا نتكأ بعجازاتنا المتهالكه حتى ال نفتح أبواب الجراح بداخلنا محاولة منا النسيان وما هو إال
تجاهل حتى ال نصيب بعضنا البعض بالفتور ومزاولة الوجع وكأننا نسينا أن ولدنا من رحم واحد
ال تثيري بنفسي البكاء يا ياسمين
لماذا ال نكاد نرى السعاده؟ أم أننا خلقنا ألنفسنا التعاسه لماذا ال نكاد نستصيغ الكأس الذي كان يملىء
فوهتنا بالسعاده أم أنها تبددت برحيلهم لكن لماذا أصبحنا نستهوي الحزن؟ أم أن الحزن ظن أنه فردا منا
وأصبح يالزمنا حتى ال تكاد حنجرتي تمتلىء بالفرح
ال يا دعاء نحن من أسكنا الحزن نحن من تركنا السعاده فأستهوى لها البقاء داخلنا
ال بد لنا أن نرتدي فساتين الفرح تصوري معي يا دعاء كيف لها أن تكون
أغلقي عيناك وتخيلي معي الفرح على هيئة فساتين بيضاء تعلوها من األعلى زهور األقحوان
ويلتف حول رأسينا ذلك الطوق المزين بالكثيرمن الزهور والعصافير حولنا تغرد
تحتفل معنا وتشاركنا السعاده
نتراقص بفرح و ضحكاتنا تعلو إبتسامتنا الغائبه منذ وقت طويل
ياه ياله من خيال جميل يا ياسمين ال أريد أن أفتح عيناي ،كم أتمنى أن أفتح عيناي وأنا أعيش تفاصيل
الفرح هذايا ياسمين
هو الفرح معنا يا دعاء فقط إفتحي عينيك وعيشي معي هذه اللحظات
دعاء
نعم يا حبيبتي ياسمين يا أمي الثانيه
أال تشعرين بالجوع فعصافير بطني بدأت تزقزق
نعم يا عزيزتي ،إذن ال بد أن نقف عند أول مطعم نراه
ياله من حظ جميل المطعم أمامنا
جلسنا على الطاوله
اخذنا نقلب المنيو وطلبنا المشاوي مع صحن الحمص المتبل وكوب الشاي األحمر بالنعناع
كان للمشروبات الدافئه مذاقا آخر في ذلك الجو المليء بالغيوم ونسمات هواءه البارده
ونحن بإنتظار وجبة الغداء ،كنت حائره جدا بإخبار أختي عن أمري الذي لم أستطع إخبارها من قبل لم
أشأ إخبارها حتى ال أفسد عليها ذلك الفرح
سأحاول نسيان األمر بدأت باللعب بقدماي حتى أتناسى األمر قليال وأحدق في جمال الجو وأتأمل غيومه
التي تكاد أن تسقط من شده تكاثفها في السماء
أنتهى ذلك اليوم بالسعاده
الحنين
كم يبدو صباح َه َذا اليوم ُمربك ،ال أعلم َهل آليوم مربك أم أنا من أربك صفوة هدوءه؟
ُكنت خاضعة لتقاسيم ّ
الظروف الَتِي أعدو ِب َها وأرى ما ح ّولي من شواهد الَتِي أكاد أن أخضع لها تماماً
دون أن أشعر
وهذا ما يبدو
عيناي اليوم ُتسابق حروفي
ُتخبره أنني أحبه
وقلبي لست بمالكته
ياسمين
ال بك حسامأه ً
بك يا عزيزتي اهاًل ِ
حالك؟
كيف ِ
زلت بخير ،وأنت؟أنا ما ُ
تحسن مستمر
ٍ يبدو أن حالتي في
يبدو لي أنه اليوم األول الَّذِي أفهم فيه عالمات ُ
الحب
أحسست بالخجل و لكنني لم أجعله يستشعر ذلكُ
تبادلت معه الحديث
بدأت في اإلندماج وبدأ الخجل يتالشى قلي ً
ال
وعيناي تحدثه بما يخبئه قلبي
كيف لهذا الحب أن يدمر صالبتي؟ كنت دائما متردده بإن أكون يوما عاشقه
كيف لي أن أقع بعدما أصبحت بنصف رجل وأصبحت أنوثتي تكمن بإسم
كم يبدو لي األمر صعبا فأنا ما بين مفترق طريقين
ال يمكنني التراجع؟
و ال يمكنني الوقوف؟
عشت دوامة صراع ما بين الواقع و التحدي مع نفسي أعيش جمهرة ساخطه
أنتهى هذا اليوم سريعا مع صراع ما بين بنات أفكاري ومكائن الخياطه
ربما وددت البقاء أكثر وذلك لوجوده ما بين تلك المكائن
وهل لهذا الحديث الساكن بداخلي أن يبوح؟
و هل لهذه اللغات أن تخبرهم عن موطنها؟
بداخلي حديث ال يمكنه أن ينتهي لسنوات فهل لهذه السنوات أن تختصر لي الحديث بكلمه وتنهي ذلك
الصراع المربك مع قلبي الصغير الذي أصبح ككومة القش التي تتبعثر مع أول نسمة رياح
كم أود أن اخبرك يا حسام الكثير من الكالم
الكثير من األنين
والكثير الكثير الذي من شأنه أن ال ينتهي حديثه عند بدأه عند أول ساعة من النهار إلى آخر ساعه من
الليل
كالعاده أصبحت لقاءتنا متكرره في قهوة العم صالح
التي أصبحت بمالذ العشاق
التي تجمع ما بين الوحده وما بين اللقاء والفراق
كم اود ان أخبر العالم عن قصة كفاح عشت تفاصيلها الشائكه بنفسي
وأخبرهم أن للسعاده مفتاح
حين يجمعك القدر بشخص عاشق ينسيك ذلك ااأللم بأكمله في لحظه
ليست كباقي اللحظات التي تمر بصعوبه
التي تستشعرك ما هو األلم
بعكس لحظات الحب
كم أود العناق
وأن أبكي على حضن دافىء ويد تمتد إلى خدي لتمسح عنها الدموع
وحضن حاني يجمع ذلك الشتات ويهدأ ذلك القلب المنكسر
كم أن مشتاقه لذلك الشعور
ولكن اليوم أسميته بيوم اإلعترافات
ال بد لي أن أبوح عن مشاعري التي تزاحم يومي
وتخنق حنجرتي وتضيق مجرى التنفس كأنني مصابة بالربو
حيث الحب والمشاعر والحنين وجميع بنات آوى التي تجتمع في قهوة العم صالح
لم أدرك نفسي بل كان نداءا تلقائيا حين ناديت بإسم حسام حين الحت لي مالمحه تظهر لي من بعيد
حساااام
ياسمين
نعم كنا كالعاشقين لم يروا بعضهم البعض منذ زمن و نحن ما زلنا في
الشهر األول على المعرفه
حيث أن ذلك الحب ما زال في محطة اإلعجاب
ولكن يبدو أن حبنا بدأ يكبر بسرعه
خيل لي إنه يقاسمني األلم والمسؤوليه فتالمست قلوبنا أننا نعيش واقعا متشابها
جلسنا على الطاوله التي في كل مره نجلس على كراسيها وكأنها أصبحت من ممتلكاتنا
كيف حالك يا ياسمين؟
أنا بخير كعادتي
هذا ما يبدو لي
وماذا عنك أنت؟
أنا في كل لحظه أراكي فيها تتحسن حالتي
وهل أنا عقار طبي؟
نعم ،لكن ليس بذلك الطعمـ المر إنه عقار عاطفي ينبض قلبي برؤيتك و تجتاح مبسمي إبتسامه أنت لقلبي
السعاده التي فقدتها من زمن بعيد
شكرا يا حسام وكم أود أن ال تكون مجامله؟
وهل تشكين بصحة ما أقوله؟
ال يمكنني تصديقه أو تكذيبه؟ بل علي أن أتماشى مع األمر وكأنني عمياء
ستثبت لك األيام يا ياسمين
كنت أستقصد التشكيك في حبه لي حتى أرى مدى صدقه لي
يراودني سؤال عنك يا ياسمين هل يمكنني أن أسألك؟
يمكنك ذلك يا حسام
هل أكملتي دراستك الثانويه؟لماذا لم تلتحقي بإحدى الجامعات؟
سؤاله أحدث لي غصه حتى أن القهوه علقت بمجرى التنفس و كأنني ابتلعت شيئا صلب
أنا متأسف يا عزيزتي ال بد أن سؤالي جاء في وقت غير مناسبا
أنا متأسف على إزعاجك مرة ثانيه لم أقصد إيذائك ،إشربي الماء يا ياسمين
هيا إشربي الماء
أخذت كوب الماء ويداي أصبحت كالثلج ال يمكنني أن أمسك كوب الماء من شدة البروده
سقط من يدي وتساقطت معه دموعي وعالمات الحزن على وجهه وكأنه إرتكب ذلك الخطأ الفادح
ال داعي لألسف يا حسام ما هي إال قهوه ذهبت إلى قصبتي الهوائيه ربما فقدت طريقها إلى حنجرتي
قلتها بمزاج مرح حتى ال أشعره بالذنب
تناسينا ما كنا نتكلم عنه حتى ال يصل كل منا إلى جرح األخر ،لكنها ما زالت غصه بقلبي الغض الذي
أرهقه تحملها ،أتعبه إنتظار ذلك اليوم الذي يتقيأ مراراتها
لكن!
تجاذبنا أحاديثا أخرى ،أحاديث تثير بأنفسنا ضحكات ثرثاره يكاد علوها يخبر الجميع أننا سعداء ولسنا من
أؤلئك الذين غلبت عليهم شقوتهم
تهامسنا عن أيام الطفوله و مواقفناالعفويه
ويالها من أيام جميله
وأنتهى اللقاء بيننا كان ما بين دمعه وضحكه أغلقت أحاديثنا المغلفه بأغلفة الصمت
وكان أجمل هروب نختبىء خلفه عن بعض مشاعرنا المنكسره كجناح الحمامه المبتل تحت سقف مليء
بالثقوب تساقط عليه المطر
حين وصلت إلى البيت إحتضنتني دعاء بشده هو شوق ،شوقا للراحلين ،العابثين بمساحات قلوبنا الفارغه
بدأت تسائلني عن شرودي و أنا أمامها كالتمثال
ماذا بك يا ياسمين؟ ما كل هذا الشرود؟ لماذا ال تصدقيني الحديث أو لست بأختك؟
تعالي بجانبي؟ أخبريني عن خطبك؟
و ماذا أجد يا دعاء في حديث مخنوق بالصمت وال يجد الجواب؟
أخبريني علني أكون لسؤالك جواب؟
أدرك حبك وخوفك يا دعاء
لكن ماذا لو أخبرتك عن شتاتي؟
ماذا تقولين يا ياسمين؟ و هل ذلك الشتات يعتريك فقط أو ليس ذلك الشتات يجمع قلبينا معا
حبيبتي دعاء دعيني اآلن ،فأنا لست بخير
تزيدينني قلقا عليك يا أختي
ال تخافي ما هو إال بعضا من أحالم الرؤى أعيشها اآلن
حسنا سأدعك ترتاحي ولنا في الغد حديث ،لكن هل ترغبين بكوب من الحليب الدافىء؟
ال أرغب في شيء يا دعاء سوى النوم الطويل
خطاك السوء يا أجمل حكايه بقت إلى جانبي
إحتضنتها وكان لجسدي أنينا آخر من التعب أحسست بأن عظامي ترامت بعيدا عن بعضها البعض وكان
لموطن حضنها الدفء حيث ال يمكنني أن أعيشه بموطن آخر
همست بإذنها سيكون لنا في الغد حديثا طويل يا دعاء ال تخافي فأنا ما زلت بخير ما أشعر به هو لخبطه
لبعضا من المشاعر الحائره التي ال يمكنها أن تعيش ذلك السالم الداخلي والتكافىء العقلي
مراسم حدوث المطر كالغيم ورائحته التي تنبعث من تربة األرض ،كان كل هذا يهدي إلى قلبي السالم
يذيب ذلك الصقيع المتجمد خلف قلب متعطشا للحنين
هو الحنين بذاته يختم ثغري بإبتسامه
إلتقيت ب حسام ك عادتي في كل صباح
كان ينتظر لحظة خروجي من البيت وكأنه وصية أبي لي ودعوة أمي حين قالت ربي ال تريني بإبنتي
حبيبتي سوء وإحفظها من كيد الخبثاء
كيف حالك يا ياسمين؟
أنا بخير
وكنت ممازحة لقلبه الطيب ،وأنا أعلم أخبارك جيدا؟
أخبريني عن أخباري فأنا ال أجيد التعبير عنها
يالك من مراوغ ماكر
أنت بخير كذلك
وهل أنا بخير فقط!
أجل وماذا بعد؟
ليس إال أنا اليوم أدرك جمال الحياه بالقرب من قلبك الجميل
يكفي ذلك يا حسام فأنت تحرجني دائما
حتى وإن كانت حقيقه تخجلين منها؟
ضحكت بخفه وهدوء ودونما شعور ربتت بكفي على كتفه
وأمسك بيدي
لكن سرعان ما سحبت يدي من قبضته ونعته بالمجنون
نعم مجنون بجمال عينيك ونقاء إبتسامتك
شربنا الشاي ومن ثم أسرعنا الخطى نحو المعمل حتى ال نتأخر
كان يجلس في المقاعد األماميه وأنا في الخلف أنظر إليه متى ما أحسست بالحنين إليه
كان لقلبي الفرح بعد صراع طويل أخلد بداخلي الخوف الدائم
لكن...ال بد أن أرتدي الفرح ذلك الفستان األبيض وطوق حول رأسي تزينه زهور الياسمين
أنتهى ذلك اليوم وكان للحب أن يكبر بيننا كطفلـ رضيع في حضن أمه
يحتاج إلى الدفء والحنان حيث يسكنه السالم
سمعت الكثير عن قصص الحب ولم أكن راغبه بمجارات حلم ينتهي عند الصحوه ...كان ذلك الخوف الذي
سكن جوفي منذ أزل طويل
بل تحديت إعاقته لي ،فأدخلت نفسي العراك وأقحمت نفسي متاهات ال أعلم ماهيتها ونهايتها
بل ال بد لقلبي أن يعيش بعضا من الفرح
أن يعيش الحب
يعيش ذلك السالم الداخلي
ما أشعر به إتجاهه هو ذلك السالم أجمع
دائما شعوري إتجاه األشياء يكون في محله ال تخطىء حواسي الكامنه بداخلي
كان بعد إنتهاء اليوم لي لقاء مع دعاء حين وعدتها عن كشف خطبي لها
إنقباضات المشاعر بدأت تتالشى شيئا فشيئا ،شيئا من الراحه بدأ يالمس قلبي أحسست بالسالم العاطفي
الذي تركني منذ زمن
زمن طويل أفقدني حب الحياه
واليوم بدأ إستعداده في خوض سباق جديد
حبا كباقي الحب ولكن ذا طعما آخر
طعما من اإلنسجام الروحي قبل العاطفي يتخلل جميع الحواس حتى يشعرك بمذاق الحب
ال أنكر أنني أقسمت على نفسي أن ال أدخل نفسي متاهات شائكه وأنسى أنني أنثى كباقي اإلناث تحلم
وتصحو بحضن حبيبها
يملىء عقلها وجال
يخبر قلبها أنه هو المستحق أن يعبث بقلبها
يخبرها إنه هو ذلك الرجل الذي طالما تمناه لي والدي أن أكون بعصمته
كنت أراه كما تمناه لي والدي
وأراه بداخلي عالما آخر إمتلكه ،ال لغيري أعيش كل ما بداخله
كان لزاما علي أن أخبر أختي لطالما ترافقنا معا وتقاسمنا تفاصيل الفرح والشقاء معا فنحن كالتوائم الذي
يفرقنا بعدد السنين ال بتفاصيل الحياه
وجدت أختي نائمه فما كان مني إال وأن استلقيت على فراشي أغلقت عيناي وإصطنعت تلك األحالم
الورديه
كم هو جميل لو مثلما تمنينا أن نكون
ولكن نتذكر أن أقدار اهلل لنا خيره وسنجد السعاده في نهاية الطريق مهما بدا المشوار سيئا فمطلعه نور
حيث الراحه واإلستقرار
غفوت ولم أشعر بأنني نمت وقتا طويال
لم أستيقظ إال وأختي تيقظني ويديها كانتا حانيتان لطيفتان كيدي أمي
أمسكت بيدها و وضعتها على قلبي
وسألتها إن كانت تستشعر نبضات قلبي؟
نعم أشعر به يا ياسمين أشعر به وكأنما هو قلبي هو سبيلي إلى الحياه
تعانقنا كثيرا وبكينا
كان ال بد من ذلك؛ لتفريغ جميع الطاقات السلبيه التي تشعرنا بالتعاسه
ياسمين
نعم يا حبيبتي أسمعك
أرى بعينيك كالما طويال شيئا ما محبوسا بداخلك ولم تخبريني إياه بعد
نعم يا دعاء الكثير الكثير ولكنني سأختصره لك بكلمه
أسمعك يا ياسمين وإن كان لتلك الكلمه أحاديثا طويله أسمعك حتى وإن طال بنا السهر و ودع القمر ليله و
أسدلت علينا شمس الصباح
دعاء إن أخبرتك سري أتمنى منك فهمي دون بكاء وإن كان ذلك األمر قد يؤذي قلبك
وهل يحق لي ذلك يا ياسمين أن أغضب أو أي شيء آخر؟ ال يحق لي سوى إحتضانك
حمدا لك يا رب منحتني بأخت تكافىء ذلك النقصان
أخبريني اآلن يا حبيبتي ياسمين
أنا واقعه في حب أحدهم
لم يكن منها إال أن إحتضنتني كما وعدتني عانقتني كعناق المغترب
إحتضنتني بقوه فكان قلبها ينبض بداخلي بالجانب األيمن مني كان لي قلبان متجاوران ،لم أشأ فك ذلك
العناق
تقاسمنا البكاء مسحت عن عيناي الدموع
قبلتني كثيرا وإحتضنتني مرة أخرى وكأنني أسمع ذلك الصوت الذي بداخلها أن ال أتركها وحيده
حبيبتي دعاء أتمنى أن ال أكون قد خذلتك و وعدتك بأن أكون لك األب ذلك الرجل الذي يحميك كوالدي
تماما
أنا لم أتخلى عن ذلك الوعد أنا ما زلت محافظه عليه إلى أن يشاء اهلل
ياسمين بل هو من حقك أن تعيشي و لو الشيء القليل من السعاده يكفي أنك تخليتي عن الكثير من حقوقك
و تركتي بعضا من إنوثتك و غدوتي مثل أبي تماما
فقط شيئا واحدا أتمناه يا ياسمين أن ال يعبث بقلبك ويترككي منكسره
ما أعرفه عنك ليس من السهوله أن يسطو على قلبك أحد
ال تقلقين يا دعاء فأنا ما زلت قويه ولست بالساذجة العمياء
من هو يا ياسمين؟ أخبريني؟
هو ذلك الرجل الذي أنقذني يوما من كيد عابث
هو بذاته يا ياسمين؟
نعم يا صغيرتي هو
كان عاشقا لي منذ فتره طويله كان يراقب لي الطريق حين عودتي وحين خروجي من المنزل لوال رحمة
اهلل علي وتتبعه لي حين حاول ذلك الرجل خداعي لكنت اليوم بجسد دون روح كالميت تماما
أنت يا ياسمين أنثى رائعه مهما أخفيتي تلك األنوثه فهي تظهر عند عفويتك
أتمنى أن يعوضك عن الكثير يا ياسمين لكن ال تتركيني وحيده أنا ما زلت أحتاجك
ومن قال أنني سأتركك يا صغيرتي أنتي قبل كل شيء
ذلك الحوار أراح قلبي كثيرا كنت خائفه أن أفقد أختي بعدما كانت تعتبرني مصدر قوتها و تشبثها بالحياه
هي على مشارف التخرج أنتظرها على وجل بعدما كانت ذلك الحلم الذي تمنيا والدي حدوثه وستكون
كذلك
مثلما عرفتها دائما تسعى أن تكون األولى
إتصال هاتفي ّ؟!
هاتفي يرن وألول مره كغير عادته
أختي هنا
يا ترى من المتصل؟
أجل إنه حسام
ما أسرع ذاكرتي في أن تصاب بزهايمر الحب؟
نسيت أنني كتبته على ورقه حين أصر على أخذه
لم أستطع الرد
كانت يداي خجلتان في ضغط الزر
أعاد اإلتصال مراتا عديده لكن لم أستطع ،تجاهلت األمر كما لو لم يكن
بعثت إليه برساله نصيه أعتذر على عدم الرد
قال لي ال بأس يا عزيزتي غدا سيحلو بيننا السهر
تصبح على خير يا حسام
وأنت الخير كله يا حبيبتي ياسمين
كتب حبيبتي كتبها وإنكتب على قلبي حبه األبدي ،لم أستطع النوم بشكل متواصل فكثيرا ما أصحو وأعود
لفتح رسالته وأتأمل جميع حروفها وأعيش تفاصيل تلك المشاعر الصامته التي بداخلها
صباح الدفء
رغم برودة هذا الصباح إال أن نشاطي أنتزع النوم عن عيناي حاولت أن أغفو قليال بعد صالة الفجر إال
أنني لم أستطع ،بعدها أعددت الفطور وأيقظت دعاء لنتناول الفطور معا
حبيبتي دعاء هيا حان وقت إستعدادك للذهاب إلى الجامعه
حسنا يا ياسمين
جلست على الطاوله بإنتظارها
وغبت في زوبعة أحالمي
نسيت أنه كان في يوم أن لي حلم يداهمني منذ الصغر نسيت أنني من عشاق الكاميرا و مطاردة الحقيقهـ
جميعها ذهب وبقي قلبي يبحث عن مأمن للمشاعر
ألتقيت به وكنت ما أنتظره أن أرى عيناه فبها أحلم بالكثير و الكثير في أعماقها العاشقتان
وصلنا إلى المعمل سوية وكنا محط األنظار للكثير ولكن لم نكترث لذلك
كنا نعيش أوقاتنا دون أن ننزعج من األنظار حولنا
كان الوقت سريعا ولكن كان هنالك شيئا أسرع منه
إنه ذلك الحب
ياسمين
نعم يا عزيزي
سأنتظرك على العشاء اليوم حيث مكان العشاق
حسنا سأكون هناك
ال تذهبين إلى هناك قبل أن أصطحبك
شكرا يا حسام
وصلت إلى البيت و أنا أفكر ماذا سأرتدي؟
ال بأس سأدع دعاء تهتم بأناقاتي لطالما كانت مهتمه بأناقتها دائما
كدت أن اصطدم بها لوال أن صرخت بوجهي
ياسمين ماذا بك؟ ستصطدمين بي يا عزيزتي
ما هذا الذي أذهب بعقلك؟ أين أنتي شارده؟
أنا متأسفه يا دعاء
أعلم فيما أنت شارده؟ في ذلك الرجل الذي يعتلي منصة قلبك
ضحكت وكأن قلبي يعوض عن الكثير من الدموع
ضحكت حتى سالت دموعي من كثرة الضحك ،بعدها بكيت و هويت على قدمي على األرض
دعاء ال اعلم ماذا يجتاح نفسي؟ هل هو الحب؟ أم هو هربا من ظروفي القاسيه؟
ال تتكلمين هكذا يا حبيبتي ياسمين؟ أال يحق لك الحب كباقي اإلناث؟ أم تودين أن تحرمين نفسك من
السعاده ألجلي؟
أتظنين أن سعادتي أن تعيشين الشقاء كله وال أقاسمك تفاصيله أال يكفيك أضعتي حلم طفولتك الجميله
إحتضنتها شوقا وحبا و قربا حتى أتنفس الصعداء
بعدما تناولنا الغداء أخذنا قسطا من الراحه
ولكن لم أستطع النوم كنت غارقه في بعض أفكاري
كيف لي أن أظهر كأنثى ناعمه وحولي الكثير من اإلناث تتباهى بجمالها
وأنا ال أملك احمر الشفاة حتى
بدات في نفسي بعضا من الغيره عليه
أعددت الشاي األخضر كي أريح أوتاري المشدوده وكان لجمال صوت العصافير شيئا آخر من العالج
النفسي مع رائحة الزهور
شاركتني دعاء ذلك الجمال الروحي و أخبرتها أنني على لقاء معه و طلبت منها أن ترافقني
و وافقت دون أي تردد؟ أثارت إعجابي ماذا يخطر ببال أختي ؟ فما أعرفه عنها منذ الطفوله بنت شقيه و
مراوغه
استعددنا و أوشكنا على الخروج
كنت أنظر إلى المرآه عدة مرات كيف أبدو؟ لم يخيل إلي أنني سأصبح فاتنه إلى هذا الحد
ما أن عدونا مخرج الباب إذا ب حسام ينتظرني لكنه لم يتوقع مجيء أختي
السالم عليكم
وعليكم السالم كيف حالك يا دعاء؟
بخير شكرا ،ماذا عنك؟
أنا بخير كذلك
أنا ال أود الذهاب بصحبتكم ما أريده منك
وقفنا مذهولين منها ماذا ستقول؟
نعم يا دعاء تفضلي
إعتني بأختي ،أعتني بقلبها قبل كل شيء هي أجمل ذكريات أبي و أمي فال تسيء لها أبدا
سقطت دموعها وسقطت دموعي من كلماتها أحسست بشلل في جسدي لم أستطع أن أتحرك سوى أنني
صرخت بأعلى صوتي
حبيبتي دعاء تعالي إلى حضني أنا ال أقوى على الحراك تعالي إلي سريعا لملمي شتاتي العابث
كان حسام ينظر إلينا و كأنه يقول لنا خذوني معكم بأحضانكم هو كذلك مسح عن عيناه الدموع
بعدما هدأنا و فككنا العناق
وماذا تظنين أنني فاعل بها؟ عشقت قلبها قبل أن ال أعرفه هي ستكون تلك األنثي التي أكمل نصف ديني
بها ،فقط أحتاج إلى بعض من الوقت بعد موافقتها و موافقتك يا دعاء
لم أستطع أن أضع عيناي بعيناه شعرت بالخجل و بداخلي عصافير الفرح تشدو إنني كما وثقت به عهدته
أنا موافقه يا حسام بعد موافقة دعاء ،ذلك القرار هو قرارها و سعادتها هي سعادتي وال أطمع بشيئا آخر
سوى أن تكون أختي بخبر
وسأكون كذلك يا دعاء
واآلن سأعود أترك لكم الوقت
ال بد أن تشاركينا العشاء يا دعاء
ال شاكره لكم الدعوه
أعتذر عن ما بدر منها
أبدا هذا من حقها فهي تحبك كثيرا وال بد من أن تخاف عليك فهي أختك الوحيده
نعم وأنا أقدر مشاعرها إتجاهي
ولكن سؤاال يعتلي إستغرابي حين قالت الذكريات الوحيده
أجل و توقعت سؤالك هذا ،سأخبرك تفاصيلي
حسنا يا حبيبتي ياسمين
لم تثر كلمة حبيبتي غرابة بل كانت باألمر الطبيعي أن أسمعها وأعيش عذوبتها و جمال طهرها
وكان موقف دعاء أكثر تأثيرا بأن أنام وأصحى عليه ليكون واقعا حيث ال خيال
يده تالمس يدي و تمسك بي و تأخذني إلى مرتع العشاق حيث يجتمع اإلحساس بالدفء
السالم عليكم
رددنا السالم معا وعليكم السالم
هذا العم صالح طالما رآني وحيده و اليوم يرى ترددي مع شخص غريب
عمي أعرفك على حسام
أهال بك يا حسام
أهال وسهال بك يا عم
و جلسنا على طاولتنا ففي كل مره نجلس عليها و كأنها أصبحت ملكا لنا
واآلن!
ضعي عيناك بعيناي يا ياسمين أخبريني تفاصيل حياتك و قبل كل هذا أحمر الشفاه زاد من جمالك
شكرا لك يا عزيزي نعم ال بد أن تعيش تفاصيلي كما ال بد أن أعيش تفاصيلك
وسقطت دموعي سأخبرك يا حسام لكن أسمعني شجنك أوال
حسنا يا عزيزتي وإن شئت ال تخبريني تكفيني أنتي
أنا ولدت دون أن أرى والدي ولو كانوا أموات لقلت لهم رحمة اهلل عليهم ولكن ولدت و رميت عند زبائل
القمامه أبكي كأي طفل يحتاج إلى حضن أمه وأنا لم أدركه بل كنت بين أحضان الشوارع لم تستطع أن
تعطيني الحنان كيف لي أن أغفر لمذنبين نسوا أمري و جعالني أعاني ولكن رحمة اهلل تكفلتني وأبقتني
في أحضان عائله لم يكن لهم طفل وكنت طفلهمـ و لكن أنا اليوم أبقى وحيدا بعدما تركوني هم أيضا في
سنا صغيره لم أبلغ العاشره وحيدا ليست رغبة منهم بالرحيل بل إختيار اهلل لهم بحادث سير فرحمة اهلل
عليهم فأنا مشتاق لهم كثير كما لو كانا أمي و أبي
كانت عيناي تذرف الدموع دون توقف لم أستطع النظر إلى عينيه فقلبه منكسر ومتألم
واآلن! أتركك يا ياسمين حق اإلختيار إن تقبلين بي شريك حياتك أم ننهي كل شيء
كف عن هذا يا حسام تبدو قصة حياتنا متاشبهه ولكنني أعلم من هم والدي تركانا بحادث سير و لكن ال
أعلم من هم أفراد عائلتي الباقين كنا نسكن بعيدا منذ أن ولدنا و نحن ال نعرف أحدا سوى والدي
أنا معك و سنكون معا حتى المشيب أنا ال أعلم من هم عائلتك و لكن يكفيني أن يسكن قلبي رجل مثلك
يكفيني موقفك المشرف لي حين أنقذتني من صتوت غاشم كاد أن يدنسني
كيف ال أعشق رجل مثلك؟ كيف ال أعطيه مفتاح األمان
هل تعاهدينني يا ياسمين أن نبقى معا؟
أعاهدك و بصوت خجل قلت له حبيبي
ال بأس غدا ستمطرينني بعبارات الحب
حتما دون شك يا حسام
دعينا نشرب القهوه حتى ال تبرد
كان يوما حزينا أن نتشارك األحزان ولكن خلق بداخلنا الراحه و بعضا من اإلستقرار
حين وصلت إلى البيت وجدت دعاء بإنتظاري
لماذا أنتي مستيقظه إلى اآلن يا حبيبتي؟
ما زلت بإنتظارك حتى أطمن عليك وأخلد إلى النوم
أطمئني يا عزيزتي أنا بخير فأنا سأكون بعصمة رجل يخاف علي
أتمني ذلك يا ياسمين
هو كذلك يا طفلتي
لم أشعر منذ أن وضعت رأسي على الوساده إال وأنا أصدر شخيرا على غير عادتي كان ليال مليئا باألحالم
الورديه التي لم أشىء أن أستيقض منها إال و أنا أعيش الحلم حقيقه
صباح جديد
صباحا مليئا بالكثير من المتخيالت بالكثير من الذي ال يمكننا أن ندركه سوى في األحالم
كانت صباحاتي أجمل بكثير عن السابق
واألجمل مليئا بالحب ،بالسالم
ما أجمل صباحاتي حين أسمع نبض من أحب
حين أسمع صوته قريبا من أذني
يعدني أن يبقى معي وال يتركني
يبقى معي لألبد يمسك بيدي كطفل صغير
يبقى معي كالهواء الذي أتنفسه
صباح الخير يا حبيبتي
صباحك أجمل يا حبيبي
أخبريني عن أخبارك؟
أخباري بدت لي تزتان فتحت لي السعاده أحضانها مثل إحتضان الجريح
وأخبرني عن أخبارك؟
أخباري أصبحت مليئة بك كل التفاصيل هي أنت يا صغيرتي
قلبي بات يشدو فرحا و في كل ثانيه يدعو أن يحفظ اهلل لنا حبنا
كانت كلحظات السعادة التي كنت أعيشها بين أحضان والدي
مضت األيام والحب بيننا كطفلـ صغير يكبر بين أحضاننا و يزهر قلوبنا زهرا
عرفت عنه الكثير وعرف عني تفاصيلي الصغيره التي لم أنتبه لوجودها
مضت على عالقتنا سنه
وكبر حبنا عاما وكأنه أكبر عن ذلك بأعوام
إحتفلنا بيوم مولده وسجلنا تاريخه ب 21نيسان حيث كان الحب كطفل رضيع نحمله في قلوبنا
تقدم حسام بخطبتي ليتم زواجنا رسميا
وتم الفرح
إرتديت ثوب الفرح وإرتدينا محابسنا طوقنا ذلك الحب تاريخا و عهدا و وعدا ال يغيب
وكذلك أختي تزوجت وأصبحت دكتوره وسكنت خارج البالد حيث مكان عمل زوجها
وهذا ما أشعرني بالفرح بعض من أمنيات والدي تحققت
لم يشعرني حسام بالفقد أبدا كان لي األب ،األم والزوج ولكن بداخلي بعض من أصوات الشجن تثير بكائي
تارات كثيره
بذرة الحب
مضت األيام ،عبرت تفاصيلنا سعاده وجمعت قلوبا جميله كنقاء المياه العذبه و كصفاء السماء الزرقاء
فما كان!
لمراسم الحب أن تنتهي دون أن تنبت بإحشائي طفلة الحب
كانت صباحات هذا اليوم مختلفه عن باقي األيام التي مضت
ركضت نحو دورة المياه كنت أشعر فيها بالغثيان صاحب ذلك حمى على غير عادتي وبالكثير من التعب
الذي لم أعتد عليه من قبل
أوصلني حسام المستشفى
أنتظرنا نتائج التحاليل وكانت خبرا جميال
مبروك يا سيدتي أنتي حامل في شهرك األول
تعانقت أعيوننا فرح و طرقت قلوبنا فيحاء الحب
كان أجمل ما نتوج به حبنا،أحمل بين أحشائي طفل يحمل بعضا من مالمح جذورنا الهاربه
فرح حسام كثيرا ولكنه أصبح يقيدني كثيرا حتى ال أتأذى ويتأذى طفله
حبيبتي ال تحملين أي ثقل
حسنا يا حسام
ياسمين
نعم يا حبيبي ال تسرعين إمشي ببطىء
حسنا
حبيبتي
نعععععععععععععمـ يا حسام و ماذا بعد؟
ال شيء يا حبيبتي فقط أريدك أن تكونين بخير
شكرا يا عزيزي ال تقلق علي سأكون بخير بجانبك
لم أكن منزعجه بالقدر الذي أحسست بالسعاده إتجاه
أحبك يا حسام
وأكثر ما أحبه فيك هو قلبك
وأنا أكثر يا حبيبتي ليتك تدركين حبي الذي ال يمكنني أن أخبرك تفاصيله الصغيره
المخاض
تمضي األيام بشده و األخبار تسوء و ميشليات العدو باتت منا قريبه
و المخاض بدأ عبابات األلم
فمع كل ألم أشعر بأنني سألد اآلن
حساااااام أشعر أنني سألد
تحملي يا حبيبتي قليال حتى يهدأ القصف فلربما يتوقف الدمار عند أول صرخة طفل
آه ال يمكنني اإلنتظار أشعر أنني سألد اآلن
صوت بكاء طفلتي أنهى الشريط الزمني بين القصف واإلنتظار
جارتي العجوز إعتادت على توليد النساء قديما و ما زالت تقدم يد المساعده عند الضروره
خرجت من الغرفه لتخبر زوجي إنه رزق بطفله تشبهني وتشبه عيناه بسوادها
الحمدهلل الحمدهلل الحمدهلل
الحمدهلل على سالمتها
هل يمكنني اإلطمئنان عليها؟
نعم يمكنك هي بإنتظارك
صرخة طفلتي عند أول ضربة مدفع التي سقطت على المستشفى القريب منا
كان حسام يرى موقف الذعر من خلف الشباك فكان ما بين خائف و مذعور ،الجميع يتسابق نحو النجاه
إلى أين المهرب؟
لم يمكن بمقدوري الهروب بعيدا عنه فيمشيليات العدو أصبحت بالقرب منا
كنت عاجزه عن فعل أي شيء حتى عن حمل طفلتي
إنه ألم المخاض األول
وإجتمعت به الكثير من آاللم وأصبحت بألم واحد
أختي الصغيره تسكن في بلد آخر بعيدا عن كل هذه الضوضاء
وكان قرار حسام بالحاق بها والعيش هناك إلى أن تهدأ األوضاع
لم أكن ألمانع وهناك جسد صغير يالمس قربي كان علي الرحيل فورا
ورحلت!
ورحلت بعد أن ودعته على أمل اللقاء قريبا
لم أكن قادره على فعل ذلك لوال طفلتي لما فعلت ولم أخشى على نفسي الهالك
يداي ترتعشان ألما وحرقه لفراق من أحببت
كان لي موطىء السالم
موطىء القوه
ال تقلقي يا عزيزتي سأكون معك قريبا
ال تخشي على طفلتنا اليتم
سأكون بجواركن
أستودعتك اهلل
وأستودعتك اهلل يا حبيبي طمئنيني عليك فور وصولك
وداعك مرا يا حبيبي
حتى أننا لم يتسنى لنا تسميت طفلتنا
وصلت إلى بيت أختي بعد رحله طويله دامت ألكثر من 24ساعه تحت صواريخ القصف
سلمنا األمر لربنا و أغمضنا أعيننا بشده وفجأه أصبحت بأمان حيث ال حرب و ال دماء وال أجساد متراميه
على الشارع
رحلت بجسدي وقلبي ما زال معه و روحي تشاطر روحه لم تشأ أن تستقر بعيدا عنه
لكن كان للقرار أمرا آخر
وكان يا ما كان
أن هناك قلبين عاشقين أنجبوا طفله كجمال القمر
وصلنا يا حبيبي طمئني كيف الوضع هناك؟
أنتظرت الرد لساعات طوال
إختفى!
يا ألهي دعوت اهلل له كثيرا أن يحفظه من كل مكروه ويكون لنا لقاء جديد
كان قلبي عاصفا كيف لي الثبات والبعد قد أدمى قلبي
كيف لي الهدوء؟
وطفلتي التي تحمل عيناه لم يتسنى لها أن تراه حين فتحت عيناها
أسميت طفلتي حنين مثل ما إتفقنا عليه سابقا
حنين هوذلك الحنين الذي جعل قلبي كخزعة باليه مهرمه ال يمكنها الوقوف
و حنين تكبر و والدها ما زال بعيدا ال نعلم ما يحصل إال أننا نرى القصف و الدمار أبلى بالءه على مدينتنا
الصغيره
ما كان لي إال أن أنتظر عودته
حيث أنني تمكنت من إيجاد عمل وتركت طفلتي في الحضانه إلى حين إنتهاء عملي
و تتداول األيام الكثير من أخبار المناضلين ،لكن األخبار عن حسام لم ترد
صحوت و المذياع ال يفارق أذني
صحوت على خبرا مفرحا في أن العدو قد هزم وزحف من حيث أتى
وإزددت أمال أكثر
أنه سيكون يوما خلف الباب يطرقه من أجل العوده
إتصلت كثيرا ولكن ؟
عفوا الرقم الذي إتصلت به خارج التغطيه
وهذا ما زاد وجعي و خشيتي عليه ،لربما أصيب بمكروه
ولكن!
كان قلبي ناطقا بالدعاء يهتف بإسمه عند كل صاله و يتجلى جميع لحظاتي
بات الدعاء يلهج به
كالحلم تماماً
ِ المفاجأه ...كانت