You are on page 1of 97

‫ُعنفوان أُ َ‬

‫نثى‬

‫أم الجود‬
‫ُعنفوان أُ َ‬
‫نثى‬

‫ً‬
‫حكاية لحيا ٍة أخرى‬ ‫لتِلك األقدا ِر‬
‫ولِتلك األحالم واقعاً ُمختلف‬
‫أ ُبث بين دفائف ِه الصبر‪...‬القوه‪...‬والحب‬
‫كان بين ما مضى و بين ما أتى تفاصياًل كثير ًة‬
‫كتبتها وأنا بعمري الحادي و الثالثون‬
‫ً‬
‫حكاية‬ ‫ُ‬
‫فكنت للقد ِر‪...‬‬
‫كان‪...‬‬
‫فكان يا ما ْ‬ ‫ْ‬
‫كانون الثاني‬
‫ِ‬ ‫بـ‬ ‫التفاصيل‬
‫ِ‬ ‫الذِكرى األليمة ‪ ...‬بعضاً من‬

‫بألوان قوس ُقزح تكسوها ضحكاتنا و إبتساماتنا‬ ‫ِ‬ ‫لم يكن بذاكرتي سوى المرح ‪،‬ممزوجا بطعم َذلِك الفرح‬
‫بين الحين و األخر أعيشها دونما أقبع بالتفكير بإنه سيأتي يوم يسلب مني تلك اللحظات الجميلة‬
‫عام نعيشه خارج البلده كنوعاً من التغيير الروتيني و هروبا من الضغوطات اليومي ِة‬ ‫مطلع كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فكان بداية‬
‫ولكن كان لهذا العام شأناً آخر‪...‬‬
‫إعتدت عليه ألكون أُنثى بمزيجاً من الخشون ٍة التي إكتسب ُتها من والدي‬ ‫ُ‬ ‫ألعيش عالماً ليس بالعالم الذي‬
‫كان لزاماً أن أترك بعضاً من أنوثتي ألمارس طقوس شخصاً آخر له حدة المِراس مع األقدار الصعبه‬
‫ركن منه أضعفنا وأرهق صومعة قوتنا‬ ‫ونترك منزلنا ال ُمعبىء بكامل تفاصيلهم و أرواحهمـ القابعه بكل ٍ‬
‫أخذ منا أرواحاً كانت ُتحيطنا باآلمان‪ ،‬و تزهر تفاصيل أيامنا زهور الفرح…فكان لليتم حكاية!‬
‫ض‬ ‫الطين على َ‬
‫األ ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫رغماً عنا تركنا الديار فلربما! نستطيع أن نمحو بعضاً من تلك الذكرى العالقة كخزعة‬
‫بصالبه‬
‫لم تكن لقراراتنا قدر‪ ،‬فقد كان لذلك القد ِر قراراً برسم طريقاً آخر غير الذي إرتئيناه و نسينا أمرنا‪ ،‬فقد‬
‫كان هنالك أم ٍر أزعج تفاصيل الوحدة ما بين حيٍزّ ال يحتوي على ذلك الزحام العائلي‪.‬‬
‫المقطوع من شجره!‬ ‫ِ‬ ‫كالغصن‬
‫ِ‬ ‫أب فقط؟!‬‫أم و ٍ‬ ‫لم نكن نعلم هل من أقرباء ٍحولنا؟ أم َخلقنا القدر هكذا؟! من ٍ‬
‫حكاية أخرى تلف غصونها حولنا بشدة؟!‬ ‫ً‬ ‫أم أن ُهنالك‬
‫بل كان لهذا األمر حقيقة صادمه خلقت في نفسي غصة ملوعه‬
‫لم أكن ألختلس السمع من ثقوب باب غرفة والدي‬
‫حين كنت أمشي بخطوات المرح التي ال تتجاوز الخامسة عشر سمعت ذلك الحوار الذي دار بينهم‬
‫ماذا عن طفلتينا إن عرفتا لماذا نحن نعيش بعيدا دون وجود أي من أفراد عائلتنا؟‬
‫ماذا ستكون ردة فعليهما إن عرفا إن أمهما كانت يوماً طفلة لقيطه مرميه على إحدى الشوارع؟!‬
‫بب تلك الثغرة العائلي ِة حين تزوجتني!‬ ‫وأن وجودنا معاً َس ّ‬
‫وسمعت أبي حين أسكت ُبكائها كطفل ٍة صغير ٍة‬ ‫ُ‬ ‫سمعت بكاء أُمي‬
‫ُ‬
‫كانت أمي األقرب إلى قلب أبي‬
‫كعشق إبن الملوح لحبيبته ليلى‬ ‫ٍ‬ ‫عاشقا لها‬
‫بل كان ُمتيماً بها إلى الح ِد الَّذِي جعله يعيش بعيداً عن أهله و أختار قل ُبها ليكون َمسكنه و َم ِ‬
‫وطنه‬
‫الحب ال ُمغطى بأطه ِر قواعد العشق الغي ِر ُمتناهيه‬ ‫كم هو جمي ٌل َذلِك ُ‬
‫ألجلك يا أمي؛ ال ُبد أن شأنك كان عظيماً في ِ‬
‫قلب أبي‬ ‫ِ‬ ‫ُكل هذا‬
‫الكالم‬
‫ِ‬ ‫بالكثير من‬
‫ِ‬ ‫ثقل‬
‫بلسان ُم ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وبدموع حامل ٍة لليتم و‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫الصمت‬ ‫ُ‬
‫لتزمت‬ ‫ِوحدنا؟ إِ‬
‫نحن هنا ل َ‬ ‫ُ‬
‫أدركت لماذا ُ‬ ‫حي ُنها‬
‫لم أكن ألُجيب أُختي حين تتسائل لماذا ال نذهب إلى بيت جدتنا؟‬
‫أحضان جدتي وهي تمسح‬ ‫ِ‬ ‫الغفران أن تسمح لنا يوماً أن نكون ين‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫صفحات‬ ‫بل عشت ذلك لوحدي‪ ،‬ألتمِس‬
‫بيدها الجعداء على شعري و تحكي لي الكثير من قصص ألف ليل ٍة و َ‬
‫ليلة‬
‫الحب و الحنان‬ ‫تفاصيل ُ‬
‫ِ‬ ‫لكن تبقى أمي‪ ،‬تبقى لي الكثير من‬
‫الصفح و الغفران كل ليله‬ ‫ً‬ ‫وأطلب منها‬
‫ُ‬ ‫صباح‬
‫ٍ‬ ‫ليس لي إال أن أُقبل قدميها عند كل‬
‫ليس هذا ما أوجع قلبي‪ ،‬وإنما شيئا أكبر من ذلك بكثير الذي ال يمكنني إستقطاب مساحات األلم التي‬
‫إجتاحت قلبي الصغير‪.‬‬
‫يوم األثنين د ّون لنا الحظ قدراً و أمراً ُمريعا‪.‬‬
‫بتاريخ الحادي عشر من كانون الثاني في ِ‬
‫بذلك اليوم الذي لم نستطع أن نحمل فيه أجسادنا الضعيفه بصدمة َغيرت مصيرنا و أقدارنا إلى قد ٍر آخر‬
‫بالمتحدث يتحدث بنبر ٍة تحم ُل حشرج ٍة‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫مهلوعة ال أعل ُم لماذا ؟! وإذا‬ ‫يرن هاتف المنزل وأركض نحوه‬
‫الحضور في الحال فهناك أم ٌر يتعلق ِب َنا وعلينا التوجه في‬
‫ِ‬ ‫قسم الطوارئ وإن علينا‬‫غير مؤلوف ٍة من ِ‬
‫الحال؟!‬
‫نعرف أحداً هنا البته سوى أمي و أبي؟!هل يا ترى ذلك‬ ‫َ‬ ‫بدأت تلك األفكار تعبث بي‪ ،‬ما الخطب؟! نحن ال‬
‫األمر ُمتعلقاً بهما؟! أم أن هنالك أم ٌر آخر؟!‬
‫أغلقت السماعة ِبشد ٍة غير مقصوده فـ يداي مذعورتان‬
‫سواء أنني عشت مع دوامة بنات أفكاري التي سكنت ُمخيلتي وأرغمتني على‬ ‫ٌ‬ ‫لم أكن ألسئله ما األمر؟!‬
‫الصمت!‬
‫أخبرت أختي التي تصغرني بـ عامين فقط لتنتعل حذاءها و نتوجه سريعاً إلى المشفى‬ ‫ّ‬
‫لتتساءل هي األخرى فال أجد لسؤالها جواباً ؟!‬
‫قائلة أوصلنا الى المستشفى هناك على السكه رقم‬ ‫أوقفنا التاكسي على طريقنا‪ ،‬لم أُحيه سوى أنني أردفت ً‬
‫الشارع‬
‫ِ‬ ‫ث‪ ٣‬على اليمين من‬
‫َ‬
‫لتنزل كنزول المطر و شفتانا‬ ‫كان يرى الذع َر بعينانا الحاذقتان اللتان ال تملُكان سوى تلك الدموع‬
‫صقيع الشتاء!‬
‫ِ‬ ‫ال ُمرتعشتان من شد ِة الخوف وكأننا في‬
‫وصلنا وإذا بي أُسرع وكأن أقدامي تحملني وال أحمل أمرها سوى الخضوع ألمر إستعجالها‪ ،‬توقفنا عند‬
‫صالة اإلستقبال واإلستفسار عن سبب ذلك اإلتصال ِب َنا و إستدعائنا للقدوم؟؟‬
‫ال فقط أخبريني عن اسمك من فضلك؟‬ ‫قالت لي أنتظري قلي ً‬
‫أخبرتها ومن ثم طلبت منا الذهاب إلى الغرفة رقم ‪ ٥‬ذهبنا وكان هنالك الطبيب المشرف على حالتهما‬
‫ينتظرنا‬
‫طرقت الباب بطرقاتٍ خفيف ٍة كالتي ُتشبه تردد وذعر طارقها‪ ،‬أذن لنا بالدخول سلمنا و إسترحنا على تلك‬ ‫ُ‬
‫األريكة و بدأ حديثه مالطفاً سخط األفكار الحائرة التي تحتوينا‪.‬‬
‫ولكن كانت عيناه تحم ُل شيئاً خالف ذلك الحديث المواسي لنا بعض الشيء!‬
‫ٌ‬
‫خوف‬ ‫نظر إلينا و أردف بقوله ‪ :‬أرى فيكن أملَ المستقبل و سيدات مجتمع‪ ،‬سأراكن نجماتاً براقه ؛ فال‬
‫عليكن‬
‫فقطعتُ حديثه بعدما أطال به؛ ألبحث عن بصيصاً لألمل ليطمئن قلوبنا الحازقه باألمر الذي ما زلنا نجهل‬
‫حقيقته ‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما سبب إستدعائنا إلى ُه َنا يا دكتور؟‬
‫ال في سن ِ الخامسة لتخلع سنه‬ ‫ما األمر الذي ُتخفيه عنا سراً خلف عباراتك اللطيفة و كأنك ُتداعب طف ً‬
‫المتآكل جراء السوس حتى ال يبكي ‪...‬‬
‫أخذت نفساً عميقاً و بنبر ٍة تحم ُل الكثير من الوجع‪ ،‬أَ ْعلَ ُم أن الحياه ُتخاطبنا بلغة الصمت و تفاجئنا بأمو ٍر‬ ‫ُ‬
‫لم نكن لنعلمها من قبل؟! فما األمر الذي ما زلت ُتدسه خلف عباراتك؟!‬
‫أمل جديده و‬ ‫عزيزتي حينما يطرق الفراق نافذتك ال يعني لكما اليأس وال لتعيشا ذلك األلم فلربما هو نافذة ٍ‬
‫ً‬
‫وأنوثة‬ ‫خطواتٍ أكثر صرامه نحو نجاح متميز لم يسبقكم أحداً من قبل‪ ،‬أني أرى في أعي ُنكن ُحلماً َك ِبيراً‬
‫حازمة‬
‫ماذا تعني بكالمك يا دكتور؟!‬
‫ماذا عن أُمي و أبي؟! هل هما بخير؟! أخبرني باهلل عليك ما األمر؟‬
‫أهدئي يا صغيرتي‪ ،‬دائماً أقدار اهلل يكمن فيها خيراً لراحلين ع ّنا والقاطنين على أراضيها ال تدركه عقولنا‬
‫المحدودة في األمور الغيبيه التي ال تكاد تتسع عقولنا الصغيره سوى أن نؤمن بالقضاء خيره وشره‪ ،‬لقد‬
‫اء‬
‫الس َم ِ‬
‫اختارهما القدر ليكونا ضيوف ِه في َّ‬
‫ض مغشياً عليها لم تكن لتتحمل ذلك الخبر وأنا أصرخ الااااااااـ الاااااـ‬ ‫ُعاء وسقطت على َ‬
‫األ ْر ِ‬ ‫شهقت أختي د َ‬
‫أمي و أبي‪ ،‬لن يتركانا وحيدتان في هذا العالم الكبير‪ ،‬أرجوك يا دكتور أفعل شيئاً لهم ألجلنا؟! ألجل أن‬
‫أتخاطب معهم ولو لمر ٍة واحده‪ ،‬أريد أن أخبرهم بإننا نحبهم وال نملك أحداً ليحتوي طفلتيهمـ سواهم!‬
‫أُااااااااامي أاااااابي ال ترحال من دوننا ُخذانا َم َع ُكما‪ ،‬إلى حيث تكونا‪ ،‬أخبرني أين يكونان؟!‬
‫فاك ذلك النحيب ألجل أختك‪ ،‬أنا أعلم ستكونان ِب َخ ْير‪ ،‬اهلل سيتدبر أمركماا ال تقلقلي‬ ‫كفاكِ ُبكاءاً يا صغيره‪ُ ،‬ك ِ‬
‫ال يخبئه القدر لكما‪ ،‬هوني َعلَ ْي ِك‪.‬‬ ‫أبداً فدائماً هنالك شيئاً جمي ً‬
‫وبصوت يرتجف دعاء يا صغيرتي‪ ،‬أفتحي عينيك تعالي ُبحضني أُخبئك عن‬ ‫ٍ‬ ‫كنت كمن لم يصدق ما سمع‬
‫هَّلل‬
‫ذلك الرحيل! سنكون بخير مع ا ‪.‬‬
‫األ ْعلَى‪ ،‬أريد الرحيل معهمـ يا ياسمين أريد أن أكون ُبحضن أمي وعلى‬ ‫فتحت عينيها بتثاقل و ُتحملق إلى َ‬
‫صوت همسات أبي!‬ ‫ِ‬
‫ُعاء كفي عن ُك ل هذا‪ ،‬الدعاء سيوصل ذلك الشوق إليهم‪ ،‬ال تقلقي لقد إختارهم اهلل أن يكونا ضيوفه‬ ‫آه يا د َ‬
‫هذه الليله وسنكون معهم ذات يوم‪.‬‬
‫في بره ٍة من الوقت وأختي الصغيره تتوسد حضني بـ ذلك العالم الذي أسكن فيه لوحدي ُتعيد لي ذاكرة‬
‫شريط الصباح الذي مر سريعاً‪ ،‬لقد ُكنا قبل لحظات معاً نشرب الشاي ونأكل الكعك ونضحك تار ًة و نصمت‬
‫قوة‪ ،‬لقد حضنتهم‬ ‫حول وال ّ‬‫تار ًة أخرى ألفتح عيناي وتنتهي مراسم الدفن‪ ،‬بعد أن ودعناهما قسراً دون ٍ‬
‫كثيراً لكن هذه المرة لم ُيمدان ألي أيديهما حولي ليشدان العناق حول ُحضني لقد كانوا جثثاً هامدة إثر‬
‫حادث أليم ذهبا ضحيته‪.‬‬‫ٍ‬
‫لم يكن هناك أحداً نعرفه سوى بعضاً من الجيران جاءوا ألجل الدفن‪ ،‬بعدها ذهب الجميع يجرون أقدامهم‬
‫نحو مآربهم‪ ،‬لم يبقى إال تلك العجوز الطيبه بالقرب منا لتأنس ذلك القلب المفجوع و لتهدأ أوتارنا الباكيه‬
‫بنحيب‬
‫ٍ‬ ‫تار ًة أبكي بصمت حتى يكاد قلبي أن ينفطر من شدة الحمل الذي ال يحتمله وتار ًة أخرى أبكي‬
‫وشهقات مترادفة تكاد أن تتهاوى علينا أعمدة البيت من شدة حزني‪ ،‬لم أكن قوية ألخفف عن‬ ‫ٍ‬ ‫مستمر‬
‫األلم‪ ،‬لم أستطع إحتضانها سوى إحتضان بقايا أمي وأبي‪.‬‬ ‫أختي بعضاً من ِ‬
‫ال و وجعاً على ذلك الرحيل الخاطف‪...‬‬ ‫لم تكن أقل مني عوي ً‬
‫ال ‪ ،‬لتذهب تلك العجوز إلى بيتها ونبقى لوحدنا نحارب صورهم العالقة في كل زاويه من زوايا‬ ‫هدأنا قلي ً‬
‫البيت و أصواتهم العالقه التي بقت على مسامعنا‪ ،‬لم يكن هناك ما يخفف ذلك القدر سوى سجادتي‬
‫ومصحفي‪ ،‬لم ننم طوال تلك الليله بقينا نزف أدعيتنا إليهم وشوقنا الذي لم يمضي عليه إال بضع ساعات‬
‫من الرحيل فكيف لشوقنا لـأليام القادمة؟!‬
‫لم و يقظه و جاثوم يصارع روحي وكأنه يحاول سرقتها‬ ‫وجدت نفسي نائمه على سجادتي ُ‬
‫فكنت ما بين ُح ٍ‬
‫مني ولكن ُك نت مقاومة لذلك األمر حتى تغلبت عليه وفتحت عيناي ألنهي محاوالته العابثه‪ ،‬ألرى أختي‬
‫ُ‬
‫تفقدت أنفاسها ألعلم أنها بخير‪.‬‬ ‫الملتويه كالتواء اللحاء على الشج ِر‪،‬‬
‫لقد كان لذلك الحادث وق ٌع كبير على أنفسنا أخذ منا أرواحاً كانت ُتحيطنا ونحتاط بها بالحنان و الدفء‬
‫فقدنا كل هذا فجأة و كأن شيئاً أُنتُِزع م ْنا بإكراه ولكن تبقى رحمة اهلل ُتضلنا و تحتوي أرواحنا و نواصل‬
‫الح َياه‬
‫مسيرة َ‬
‫بواعث األمل ما زالت ترتاد قوربنا المكلول بالدموع‬

‫لم نستطع البقاء في منزلنا القديم الذي إحتوى أرواحا كانت بيننا وفي لحض ٍة ذهبوا وبقت أطيافهم‬
‫تالحقنا‪ ،‬لذلك أقدمنا على الهجرة‬
‫حي آخر ُيسكت ذلك الصخب والضوضاء التي تملئ ذلك الفراغ بداخلنا‪.‬‬ ‫فلربما اإلبتعاد إلى ٍ‬
‫عرضنا البيت للبيع‪ ،‬بعد مده لم تكن بالطويله من عرضه إتصل بنا أحد الراغبين بشرائه‬
‫حزمنا حقائبنا و ودَّعناه وداعنا األخير‪ ،‬ودعنا أرواحهم القاطنه بين أفنيته لم نشأ الرحيل لوال األلم الذي‬
‫اجتاح مساحات الصبر‬
‫حي آخر فلربما يهدئ‬ ‫سلمنا المفتاح لمشتريه و أدركنا قوافل الراحلين على مِتن الباص و توجهنا الى ٍ‬
‫وتيرتنا الهاربه في منتصف الطريق‬
‫الشباك الذي يفصلني عن تلك‬ ‫إرتمت دعاء ُبحضني و دموعها تنهمر بصمت وأنا أنظر من خلف ذلك ُ‬
‫الشباك قليال ألريح أنفاسي الخانقة بداخلي‪ ،‬لم أدرك‬ ‫المساحات في الخارج بأقل من سنتيميترات‪ ،‬فتحت ُ‬
‫نفسي حينما كانت أختي الصغيره تبكي بحرقة على ُحضني أللف بذراعي حولها‪ ،‬لم أكن لـأدرك شيء بل‬
‫كنت في عداد الغائبين شاردة الذهن بذلك العالم الَّذِي أخذني بعيدا بعيداً ُكل ال ُبعد عن ذلك ا ْل َو َطن الذي‬
‫يتجسد روحي‬
‫ال لنعود إلى مقاعدنا المتهالكة التي ُتحدث هي األخرى‬ ‫ال لنريح أجسادنا ونتمدد قلي ً‬‫توقف الباص قلي ً‬
‫زمجر ًة بإهتزاز أثقالنا عليها وكأنها تشتكي من أوزان ُركا ِبها وأنها أصبحت عجوزاً لم تعد تحتمل‬
‫المزيد‪ ...‬والبقاء أكثر‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫كنت أنظر إلى كل شيء وكأن بداخل ِه حياه ليوقظ بداخلي أغنية أيقظت بداخلي قوافل الراحلين لفيروز‬
‫مذياع سيارة والدي حينما تقول سكن اللُليّ وفي ثوب السكون تختبئ‬ ‫ِ‬ ‫لطالما أحببت سماعها كثيراً على‬
‫صوتك ال يحمل بداخله أي نوعاً‬ ‫ِ‬ ‫األحالم كثيراً ما أرددها حينما أعود إلى ا ْل َب ْي ِت وأختي ُممازحة لي بقولها‬
‫المنزل من هذا الغناء وأنا ُكنت أزداد عناداً و أرفع صوتي وأرقص‬ ‫ِ‬ ‫صوت األنوثة تكاد تنهدم أعمدة‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫بخفه‪ ،‬لم يكن ذلك ُيسخط والدي بل أرى بأعينهم ذلك الفرح لتوقضني أُختي من تلك اللحظات المنسيه‬
‫للواقع الجديد‪ ،‬لتسألني إذا ما زلنا بعيداً عن تلك القريه؟‬
‫نفسه وأجيبها ال أعلم يا حبيبتي ولكن‬ ‫حملقت بعينيها و سألتها ماذا قلتي يا دعاء ؟! لتعيد علي السؤال َ‬ ‫ُ‬
‫ربما نكون قد قطعنا نصف المسافه‪ ،‬لتعود مر ًة أخرى و تدفن رأسها ُبحضني حتى ال يتسرب ذلك الضوء‬
‫إلى عينيها و يوقظ بداخلها ما مضى‪.‬‬
‫أغمضت عيناي بعد ما أتعبها ذلك الحنين و ما هي إال لحظات ألصحو على صوت مزمارالباص و أقدام‬
‫الخطى بالنزول‪ ،‬أكتفيت بالنظر لِ َبرهة من الوقت ألنتشل نفسي من َذلِك الزخم وأيقظ أُختي‬ ‫ال ُر ّكاب تجر ُ‬
‫بلطف على كتفها األيمن هيا يا حبيبتي َو َصلنا دعينا نحمل حقائبنا و نفتش في أغوا ِر َذلِك الحي عن‬
‫ٍ‬ ‫رب ُتت‬
‫التعب والحنين التي ما زالت ُتزمجر جثائمها بصخب‬ ‫ِ‬ ‫بيت يؤوينا لتفتح عينيها بتثاقل و بداخلها شيئاً من‬
‫ٍ‬
‫حول زوبعته الملتويه‬
‫بتثاقل نحمل أجسادنا‪ ...‬هو َذلِك الحنين‬
‫ٍ‬

‫بعض من‬‫نجر ُخطانا بالنزول حتى كدت أن أسقط لوال أن تداركتني دعاء و بأيدٍ صغيره نسحب أمتعتنا و ٌ‬
‫الّ ّذكرى بداخلها‪...‬‬
‫وصلنا إلى مكتبٍ للعقارات للشراء و ا ْل َب ْيع‪ ،‬و كان على َذلِك ال ُكرسي شيخاً كبيراً علقت عيناي بالنظر إليه‬
‫تلك األساطير والقصص التي كانت بواقعهم‬ ‫وتمنيت بأمني ٍة مع نفسي أن يكون لي جد مثله يحكي لنا من ِ‬
‫ُ‬
‫الشيخ‪.‬‬ ‫الواقع من جدي ٍد وهي تهمس بأذني أجيبي على ذلك‬ ‫ِ‬ ‫سرحت بالنظر كثيراً لتعيدني دعاء إلى‬ ‫ُ‬ ‫آنذاك‪،‬‬
‫منزل صغير وبه حديقه صغيره‬ ‫ٍ‬ ‫ال من عناء الطريق الطويل‪ ،‬نود شراء‬ ‫معذرة منك يا عمي فأنا ُم ٌ‬
‫رهقة قلي ً‬
‫َك َذلِك‪.‬‬
‫بعض من صور المنازل المعروضة‬ ‫حسناً يا صغيرتي ما عليك اال بفتح هذا الكتالوج فهو يحتوي على ٍ‬
‫للبيع مع أسعارها‬
‫الحرمان حسنا يا عم‬ ‫بنبر ٍة خافته تحمل بداخلها بعض ُ‬
‫دعاء تعالي بجانبي لنختاره معاً‬
‫لم تستطع الحديث فكان لسانها ُمثقل باألنين والحنين معاً فقط إقتربت و هي مطأطأه رأسها لألعلى ُتحملق‬
‫مليئة بالدموع ومخافة تتساقط مع ضوء الشمس‬ ‫ٌ‬ ‫وكأنها ترى النجوم بالسماء فعلمت بداخلي أن عيناها‬
‫بقطرات الندى على خدود الزهر‬ ‫ِ‬ ‫حتى ال نرى سيالنها على خديها كانت أشبه‬
‫بضحكات بائسه‬
‫ٍ‬ ‫مس ّكت يدها بقوة ألشد على جرحها و كسرت تعابير الحزن‬
‫بيت جميل متوشحاً بتصاميم من الطرا ِز الشرقي ال َقديم‬ ‫وقع بأعيننا ٌ‬
‫صرخنا معاً‬
‫هذا المنزل يا عم وأتمنا أن تراعينا في سعره‬
‫ألعطيكن المفتاح‪...‬‬
‫ُ‬ ‫ال عليك فقط أرياني إياه‬
‫أتى ألي ذك الفرح للحظه‪ ،‬هذا يا عمي والبسمة تغمر شفتي‬
‫ليسلمني المفتاح وأتذكر الشريط سريعاً وأكتفي بشكراً‬
‫فليبارك لكم الرب هذا البيت‬
‫ِ‬
‫أسحب يدي وكأنه ُكتب ممنوعاً اإلقتراب‬ ‫ُ‬ ‫أعطيت ُه ثمنه وبسرعة‬
‫عالم جديد‪...‬‬
‫بذلك الطريق نواصل خطواتنا نحو ٍ‬
‫وشك الذبول فجالت بخاطري أحاديثاً حولها‬ ‫ِ‬ ‫وصلنا إلى بيتنا الجديد‪ ،‬و حديقت ُه الصفراء على‬
‫فأنت لي الحياه و الحياه بجانبك لي خاطره‬ ‫الدمع إن ج ّفت تلك الصنابير عن ُسقياك‪ِ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫سأسقيك‬
‫ِ‬
‫الشيء ما أن وضعت المفتاح بداخل ِه أصدر أزيزاً كأزيز النحل على األزها ِر‪،‬‬ ‫بعض ّ‬ ‫كان َذلِك ُ‬
‫الباب متهالكاً ٌ‬
‫وكأن أرواحاً بدأت ُتالحقنا و تعبث ِب َنا‬
‫ّ‬ ‫وإذا ِب َنا نضع أقدامنا عليه َو َذلِك الشعور يواتي كل واحد ًة م ْنا نشع ُر‬
‫شعور يراودنا؟!‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫محض‬ ‫وكأن ُسكان ِه رحلوا منه مثلما رحلنا عن منزلنا! أم أنه‬
‫خفية دون أن ُيحدث أحاديث ثرثاره حوله‬ ‫ً‬ ‫بوسط َذلِك السكون تقتطع دعاء َذلِك الشعور الذي داهمنا‬ ‫ِ‬
‫متى سنرتب بيتنا و نوظب حقائبنا َيا ياسمين؟!‬
‫اآلن‪ ،‬إن أردتي؟‬
‫أجل يا عزيزتي فال يمكننا أن نجلس على أرائك ِه قبل أن ُنعيد ترتيبه و تنظيفه‬
‫ُعاء‪ ،‬هيا لنبدأ‬‫أنت ُمحقه يا صغيرتي د َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫النصف األول‬ ‫ما أن بدأنا وإنتهينا من تنظيف ِه قضينا النصف الثاني إلتمام ما بدأنا به بعد ما أخذ الطريق‬
‫من طاقتنا‬
‫الماء يساعدنا‬
‫ِ‬ ‫ال من‬‫رغيف من الخبز اليابس و قلي ً‬ ‫ٍ‬ ‫الجوع فأسكتناها بـ‬
‫ِ‬ ‫أصدرت أمعا ُئنا أصواتاً من أثر‬
‫على إبتالع ِه‬
‫وصوت الديك بدأ بصقاع ِه لينتشل روحي الغارقه في‬ ‫ُ‬ ‫التعب‬
‫ِ‬ ‫لم أشعر إال والنوم قد أطبق على عيناي من‬
‫فتحات النافذة و توجهت إلى عيناي‬‫ِ‬ ‫غيبوبة النوم و كأنه يساعد الشمس على إيقاضنا بعدما تسربت من‬
‫التي ما زالت ناعسه‬
‫ِّفء‪...‬‬ ‫َ‬
‫تمنيت لو بإستطاعتي أن أحتضن ذلِك الد ْ‬ ‫ُ‬ ‫لكن لم ت ُكن بحارقة كانت دافئة جداً‬
‫ً‬
‫حكاية جميلة‬ ‫الصباح‬
‫وللعصافير َمع ّ‬

‫ليخبت أصوات أمعائنا عند شعورها بـ‬ ‫َ‬ ‫كان ك ٌل ما لدينا َذلِك الشاي و بعضاً من البسكويت أحضرته َمعِي‬
‫السوق وشراء بعضاً من المستلزمات‬ ‫ِ‬ ‫الجوع‪ ،‬بدأنا بخطتنا لهذا آليوم بالذهاب إلى‬
‫السوق‬
‫ِ‬ ‫يوم و نمشي دون الحاج ِة إليق ْاف سيار ُة أُجره إليصالنا فقد كان‬ ‫بعد ما إستعددنا للخروج ألوِلّ ٍ‬
‫قريباً منا‬
‫اءوا ليزاحموهم ّ‬
‫الطريق‬ ‫وإذا بأولئك الناس تنظر ألينا كغرباء َج ُ‬
‫بعض من‬ ‫مدينة عن مدين ٍة أخرى هو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِك ك ّنا‪...‬لكن َذلِك الوطن كان يحتوينا جميعاً‪ ...‬كان ما يم ّيز‬ ‫نحن َك َذل َ‬
‫ُ‬
‫الكلمات وهو ما كان يخبر ع ّنا‬ ‫ِ‬ ‫بعض من‬ ‫الزي و لهجتنا القرويه التي تحمل في قولبها التكسير كثيراً في ٌ‬ ‫ِّ‬
‫من أين؟ قبل أن ُنخبر سؤلهم‪...‬‬
‫الجميع يبادر في المساعد ِه تبضعنا ك ٌل ما يلزمنا‬‫ُ‬ ‫أولئك الناس لطيفون جداً‪،‬‬
‫ِ‬ ‫كان‬
‫ال لم نشعر ِبحماو ِة شمسه سوى أنها تزيد من ذلك الجو شعوراً بالدفء‬ ‫كان الجو جمي ً‬
‫الشتاء وكان المثل ال ُمتعارف إذا جاء البرد بيروح الورد كان لذلك المثل‬ ‫إنه شهر كانون الثاني حيث يبدأ ّ‬
‫الشعبي حقيقه حيث أن الورود أصبحت شبه ميته‬
‫تمنينا لو يطول ِب َنا الطريق لنتجول عبر شوارع ِه ال ُترابيه لكن أوشكنا على العودة إلى البيت ما أن وصلنا‬
‫ال فما كدت أُغلق عيناي لنسمع صوت األذان‬ ‫بدأنا بترتيب األغراض على تلك الرفوف ومن ثم إرتحنا قلي ً‬
‫إنه أجمل األصوات إلى قلبي يبث إليه الراحه و تنبت على صدري الطمأنينة‬
‫ُكنت كمن يتخاطب َم َعه مثلما يواسي تلك المواجع بداخلي بلطف ُيجبر َذلِك القلب الكسير‬
‫قلبك‪ُ ،‬كن َمع اهَّلل ليجبرك‬
‫حي َنما يدنو مِنك َذلِك األلم ويتسرب إلى ِ‬
‫تمنيت أن أبقى على‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تمنيت أال أنتهي‬ ‫تمنيت لو أبقى راكعة ساجده‪،‬‬‫ُ‬ ‫قمت للصاله و توجهت إلى القِبلة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫سجادتي أحتضنها بسجده‬
‫زففت إلى تلك األرواح البعيدة‬ ‫ُ‬ ‫ال حتى أن َيدِاي بدأت بالتمايل من شدّة اإلطالة‪،‬‬ ‫السماء طوي ً‬
‫ِ‬ ‫مددت يدي إلى‬ ‫ُ‬
‫دعواتي وشوقي أليهم‪...‬أمي و أبي‬
‫يا رب و يا َجا ِبر كسر ال ُقلُوب أزف أليك دُعائي و إشتياقي ألرواح سكنت سمائك‬
‫ُعاء إلى‬ ‫السماء لم أشأ أن أقتتطع ُب َكاء د َ‬
‫ِ‬ ‫وشك أن ُتمسك و ُترفع إلى‬ ‫ِ‬ ‫أسمع شهيقاً وكأن روحاً على‬ ‫ُ‬ ‫وإذا بي‬
‫ربها فعند اهلل ُتجبر المواجع وذلك الشوق الكائن في دمعه‬
‫قرأت من القرآن إلى أن هدأ َذلِك الحنين والشوق إليهم‬
‫السجادة والمصحف‪ ...‬تجبر تلك ال ُقلُوب المتوجعه‪ ،‬تداوي تلك الجروح دون أن يكون َذلِك الدواء ُمراً‬
‫تحدث‬ ‫بعدها توجهت إلعداد وجبة تسد رمقَ َذلِك الجوع الذي ال نكاد نستشعره ِسوى أن معدتنا الفارغه ُ‬
‫َذلِك الصخب و طقطقة أمعائنا ُتخب ُرنا َمدَى إمتالئها بالهواء‬
‫وإذا بأختي تحتضنني َمن الخلف ودموعها الحاره أشعر بجريانها خلفي و بصوتها المرجوف‪ :‬أُختي‬
‫أشتقت أليهم كيف لي أن أعود ألحضنهم من جديدِ‪ ،‬أخبريني؟ دُليني إلى ُسكناهم؟‬
‫أتركك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫تركت ك ٌل شيء من َي دِي و عيناي غارقتان بالدموع‪ ،‬بأحضاني ستهدأي أنا بجانبك يا حبيبتي‪ ،‬لن‬ ‫ُ‬
‫ناديني بـ أمي و أبي و أُختي ناديني بما تشائين‪.‬‬
‫جففت دُموعها المسكوبه‬ ‫ُ‬ ‫ال بعدما إحتضنت حضنها ال ُمشتاق إلى دفء تلك األرواح الراحله‪،‬‬ ‫هدَأت قلي ً‬
‫بيداي حتى ال تحرق ُنعومة بشرتها‬
‫وبكلماتي الخفيفه أُهدهد أوتار قل ِبها الحزينه أهدأي يا صغيرتي‪ ،‬ال ُبكاء لن ُيعيدهم ألينا وال يمكننا الوصول‬
‫يوم‪.‬‬ ‫َ‬
‫إليهم إال بالدعاء يا حبيبتي‪ ،‬سنكون معهمـ ذات ٍ‬
‫ش أبدي في ِت ْلك الجنه التي َو ْعد اهلل بها عباده‬ ‫أتمنى أن َي ُكون لنا لقاءاً قريب حيث ال فراق َب ْعدِه‪َ ،‬ع ْي ٌ‬
‫ُعاء و كذلك قريبة من أرواحهم النقيه‬ ‫هو كذلك يا عزيزتي ِبقربنا َمن اهلل ورضاه سنكون بخير يا حبيبتي د َ‬
‫يداك ستزيد الطعام مذاقاً أجمل‬ ‫الجوع فال شك لمست ِ‬ ‫الطعام معاً فمعدتي تشتكي من‬ ‫واآلن هيا لنحضر ّ‬
‫ِ‬
‫ُعاء َف َقد أعطيتها من قوتي الَتِي أتصنعها أمامها حتى ال ُتضعف أكثر مما ِهي َعلَ ْيه‬ ‫هدأت صغيرتي د َ‬
‫يوم َن ُعد فيه الطعام ببيتنا الجديد مع عصير ال ُبرتقال لنجلس علَى تلك‬ ‫أول ٍ‬‫أعددنا سمكاً مقلياً مع األرز في ِ‬
‫الطاول ِة ال ُمطله على النافذ ِة ال ُمجاوره لحديقة الجيران الذين لم نتعرف عليهم َب ْعد‬
‫الصغير بشراسه‪،‬‬ ‫َب ْعدما انتهينا تابعنا دراما تهدف للتعريف َعن ِت ْلك اآلفة اإلجتماعية التي غزت ُمجتمعنا َّ‬
‫المدارس التي لم تقتصر على الذكور َف َقط و إنما اإلناث َك َذلِك‬ ‫ِ‬ ‫قض ّية إنتشار التدخين في‬
‫والالتي أصبحنا ينافسنهم في جميع ال ُمتغيرات ال ُمتفاقمة بصورة سريعة ومفاجئة و كأنها ُولدت في يومِها‬
‫الصغير‬ ‫قدم وساقٍ‪ ،‬هذا ما جذبني من ِت ْلك ال َمشاهد وهي تحكي واقعاً مل ُموساً ُيباغت َّ‬ ‫األول وهي تقف على ٍ‬
‫قبل الكبير‬
‫أسمع شي ًئا بعدها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أصبحنا بزمن ُتقطف فيه الثمار قبل آونِها‪ ،‬بعدها غلبني ال ُنعاس و أغلقتُ عيناي لم‬
‫ُعاء التلفاز و رمت على جسدي اللُحاف ليشعرني بالدفء دون أن يوقظني َذلِك البرد و يسرق‬ ‫أغلقت د َ‬
‫مني رغبتي في ال ّنوم‬
‫وفِي عالم ال ّنوم كان ُهنالك عالماً آخر يأخذنا لنعيش بداخلهِ‪ ،‬عال ٌم ليس به أبواب و مفاتيح‪ُ ،‬يتيح للجميع‬
‫رأيت أمي وأبي وكأنني أراهم اآلن كانت أمي تنظر ألي‬ ‫الدُخول فيه‪ ،‬عال ٌم يأخذنا إلى ما يشاء‪ِ ،‬بذلك العالم ُ‬
‫وبعينيها الكثر من الدّموع وأبي ُممسكاً بيدي ولكنني لم أستطع الحديث أليهم و كأنني بكماء ‪،‬هم َك َذلِك؛ ُكنا‬
‫جمِي ُعنا ُبكماء لكنه أنتهى سريعاً و أتت من بعدها أحالماً لم أستطع تذ ّكرها كانت مثلما ُيحاول محو ما ُ‬
‫رأيت‬
‫ُعاء كعادتها تنام‬ ‫أستطيع إدراكه َأل ْذ َهب وأطمئن على صغيرتي د َ‬ ‫ُ‬ ‫ألفتح عيناي بعدها مذعوره َمن َش ْيء ال‬
‫ً‬
‫مسرعة ألخبر‬ ‫المنظر و ذهبت‬ ‫ِّ‬ ‫ونصف العينين مفتوحتان ‪ُ ،‬تذكرني بأول مره رأي ُتها فيه وهي بهذا‬
‫والدتي األمر‬
‫كنت قلقه جداً فأخبرتني أمي أنه أم ٌر عادي ال داعي للقلق لك ّنني أصررت على أمي أن تتفقدها لنطمئن‬
‫أعتدت علَى َذلِك الموقف لم ُيعد ُيدهش عيناي برؤيته‬ ‫ُ‬ ‫بعدها‬
‫ٌ‬
‫متيقنة‬ ‫أحالم مشابهه له‪ ،‬لكنني‬ ‫أعود ِب َحدِيثي عن َذلِك ا ْل ُح ْلم الَّذِي أشغل تفكيري كثيراً‪ ،‬قرأت الكثير عن‬
‫ٍ‬
‫أصبحت المسؤوله من َب ْعد‬ ‫ُ‬ ‫تماماً ليس مثل ما قرأت فقد كان رساله من والدي ْكي أهتم بأختي بعدما‬
‫رحيلهم‬
‫أنا َك َذلِك سأكون َيا ريحانة قلبي الراحله‪...‬سأكون لها األب واألم و األخت‪ ،‬لن أدع شي ًئا ينقصها سوى‬
‫رحيلكم الَّذِي ال يعوض‬
‫فتبعث بداخلي السعاد َة‬
‫ُ‬ ‫لم أكن ألتهاون عن اداء صلواتي َف َكا َنت لي بمثاب ِة الصديقه أشتكي لها و إليها‬
‫والسرور‬

‫حديقتنا الصغيره‬

‫مع كوب الشاي في وسط حديقتنا أعيش معها عالَمِي الخاص ال أدرك أحداً حي َنما أستوطن بعثرة ُحروفي‬
‫الصامته بداخلي‬
‫ُ‬
‫حيث أنني ال أ جيد الكالم‪ ،‬فهنالك الكثير من البشر يعيشون نفس دودمتي في هذا الح ّيز‬ ‫ً‬
‫سارحة ُ‬ ‫أبقى‬
‫ال ُمغلق الذي ال يحوي سوى دوامة أفكار ال حصر لها‬
‫لم أسمع أحداً يناديني إلى أن ربتت أُختي على كتفي لتنشلني من َذلِك السرحان وبصوتها الحا ِد قلي ً‬
‫ال ألم‬
‫مناداتك‬
‫ِ‬ ‫تسمعيني يا ياسمين حي َنما كنت أُناديك‪ُ ،‬بح صوتي من‬
‫أسمع أحد سوى َذلِك الصوت الَّذِي بداخلي‬
‫ُ‬ ‫ال يا عزيزتي تعلمين جيداً حينما أغيب في عالَمِي ال‬
‫تعالي بجانبي‬
‫ولملمت بعضاً من شتاتها الهارب مع الراحلين وأستشعر بداخلها َذلِك النبض المتلهف لرؤية من‬ ‫ُ‬ ‫حضنتها‬
‫ال نتستطيع رؤيتهم سوى أن تراني أنا بتلك المالمح الممزوجه ِم ْنهُم‪...‬‬
‫عمل ألوفر متطلّبات الحياه ومتطلبات مدرستها‬ ‫أستطردت حديثي معها للبحث عن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َب ْعد َذلِك‬
‫تعليمك الجامعي‬‫ِ‬ ‫لتصرخ في وجهي الاااا‪ ،‬ال يا ياسمين ال ُبد من مواصلة‬
‫يا حبيبتي ال أستطيع المواصله فكيف لنا أن نوفر ك ٌل ما نحتاجه فما نتقاضاه ال ْ‬
‫يس َتطيع أن ُيغطي كامل‬
‫إحتياجاتنا‪ ،‬ال تقلقي يا عزيزتي سنكون ِب َخ ْير‬
‫لوحدك؟‬
‫ِ‬ ‫أنت لتحملي َذلِك الشقاء‬
‫ارتمت ُبحضني ودموعها التي ال تستطيع إيقاف جريانِها وما ذنبك ِ‬
‫أنت أجم ُل ما أملكه‪ ،‬أنت صغيرتي و حبيبتي ال يمكن أن تكوني لي‬ ‫شقاء تتحدثين يا صغيرتي‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫عن أي‬
‫الشقاء‬
‫السماء من يتولّى أمرنا‪ ،‬فالحياه دروس و مواقف منها نتعلّم ونصبح فيها أقوى‬ ‫ِ‬ ‫ال داعي لل ُبكاء فهناك في‬
‫َمن قبل‪.‬‬
‫ُ‬
‫تمر ِب َنا قارعة الطُقيرّ إلى ٍ‬
‫عالم َّما ُزلنا نجهل تفاصيل ُه إال أننا بدأنا في التعايش مع مجريات الحياه‪.‬‬

‫ألول مره‪...‬‬

‫مسرعة ألفتح الباب وأرحب بأول ضيف يتخطى‬ ‫ً‬ ‫ُ‬


‫ذهبت‬ ‫فرح‬
‫بكل ٍ‬ ‫باب بيتنا الجديد‪ِ ،‬‬ ‫ِيها ُ‬
‫ألوِلّ مره ُيطرق ف َ‬
‫سرحت بها كثيراً‬
‫ُ‬ ‫الوقوف‪ ،‬حي َنما رأيتها‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫عتبت ُه وإذا بعجوز يداها ترج ُفان ممسكة بعكازتها تساعدها علَى‬
‫الحب إتجاهها ال أَ ْعلَ ُم لماذا؟!‬
‫وتملكني شعور ُ‬
‫َولَكِن َذلِك الشعور الَّذِي غزى قلبي بسرعه‪ ،‬خجلت منها كثيراً حينما رأيتها وهي بهذه الحال و جاءت‬
‫لزيارتنا‬
‫قبلت جبينها وكفيها ولمم ُتها الى ُحضني‪ ،‬كم كان َذلِك الحضن دافئ لم أرغب أن أنتشل جسدي منه‬ ‫ُ‬
‫لكن رفقاً بحالها العجوز‪ ،‬أجلس ُتها علَى ال ُكرسي وشكرتها علَى زيارتها لنا وهي بهذه الحال‪ ،‬فما كان منها‬
‫إال أن ُتتمتم لنا بذلك الدُعاء الَّذِي يحمل بداخله صدق كلماتها و روع ِة قل ِبها حتى كادت دموعي أن تسقط‬
‫لسماعه فأنا بحاجه لسماع شيئاً ُير ّيح قلبي و يخفف َع ْنه بعضاً َمن عناءه‬
‫وحي ال ُمغتربه دون وطن فـ وطني هو أمي و أبي‬ ‫تمنيت لو أعود لُحضنها َمن جدي ِد و أدفء ُر ِ‬ ‫ُ‬
‫فأنا َمن بعدهم غريبه ال أُدرك شيئاً ِسوى َذلِك ا ْل ُح ْزن الَّذِي أخبئ ُه في الخفاء‬
‫غطت في ُسباتٍها‬ ‫بعدها تركتها إلعداد القهوه وتقديم بعضاً من الحلوى و أيقظت أُختي لتسلم عليها َّ‬
‫بعدما ّ‬
‫العميق الَّذِي ال َي َك اد يشعرها بأي صوت من حولها أجزم أنها لم تنم الليل أقحمت نفسها عنائه مختبئه‬
‫تحت غطاءها حتى ال أسمع صوت نشيجها‪.‬‬
‫قدمت القهوة للسيده العجوز و أُختي ما زالَت نائمه‪ ،‬فتسائلت تلك العجوز إن كنت أعيش لوحدي؟‬
‫فأخبرتها تفاصيل قصتنا ما أن سمعتها تساقطت دُموعها إستعطافاً ألمرنا وبعضاً من كالمها جاء مداعباً‬
‫لقلبي الصغير يستلطف منه أن ال يبكي أو يحزن مع علمها ال يمكن ألي َحدِيث أن يسكت وجعه‪.‬‬
‫ال منا مطأطأه برأسها نحو قدميها وكأننا نحدث أن ُفسنا بأحاديث َصامته ال أعلم ما الذي‬ ‫صمتنا لبرهة ُك ً‬
‫نت أخاطب الموتى؟‬ ‫كنت أستقطبه أم أنني ُك ِ‬
‫الميت إلى الحياه ألخاطبه ما أن أعود إلى العالم الحقيقي يعود‬ ‫ُ‬ ‫أخلق بداخلي مواقف و أحاديث أُعيد فيها‬
‫كل شيء معه تستوقف أُختي ذلك الصمت‬
‫كانت شبه نائمه بنصف عينين مفتوحتين و حبالها الصوتيه ما زالَت مسترخيه‪ ،‬صوتها أشب ُه بصوت أبي‬
‫زمن طويل‪ ،‬كان حضنها دافء جداً من يضع ر ْاس ُه‬ ‫في غلظته‪ ،‬سلمت عليها ببشاشه وكأ ّنها تعرفها ُمنذ ٍ‬
‫َعلَ ْيه ال يرغب في إبعاده‪ُ ،‬يس ّكن الوجع و تهدأ تلك النفوس المتألمه‪ ،‬كان كالمسكن تماماً ال ُيشعر أحداً‬
‫بقيمته إال من أفتقد تلك األحضان الدافئه حوله‪.‬‬
‫فرحة مسروره‬ ‫ً‬ ‫بعد َذلِك سألتها إن ك ّنا نستطيع بمناداتها جدتنا‪ ،‬رح ّبت بذلك لم ت ُكن ُممانعه كانت‬
‫خالجني أنا وأختي‪َ ،‬ذلِك النقص الَّذِي يس ُكننا بغير ٍ‬
‫حول وال قوه‬ ‫تملك ذاك الشعور الَّذِي ُي ُ‬
‫ربما ُ‬
‫السنن بقت متماسكه لكن‬ ‫بإبتسامه أنيقه بإبتسامه ستينيه ال تحمل أسنانها كامله فقط بعضاً من بقايا ُ‬
‫بالرغم من َذلِك كان إلبتسامتها نقاءا و ج ّمال ال َي َكاد يستل ُمسه إال من تخاطب معها و جلس بالقرب ِم ْن َها‪.‬‬
‫الس ّكر‪ ،‬كنت أظن إنه فقط ُيصيب أصحاب األبدان السمينه‬ ‫البيت من أجل أخذ حبوب ُ‬‫ِ‬ ‫كان عليها العوده إلى‬
‫لطالما حافظت على رشاقة جسمي لم أكن ألسمح لكيلو واحد بالزياده‬
‫ضحكت مع نفسي لظرافة تلك الحقيقهـ التي لم تكن حقيقه علميه وإنما هي أحد العوامل التي يمكن أن‬
‫السكري و إنه يمكن أن ُيصيب أصحاب األجسام النحيفه بدأت المخاوف بداخلي تزداد و‬ ‫تكون سبباً لداء ُ‬
‫كأنه عد ٌو لدود أعيش ذلك ال ُرهاب مع األمراض المنتشرة و غياب الوعي من أهم األسباب‬
‫(لغة العينين) ال ُبد من إعطائكن بعضاً َمن الحنان الذي‬ ‫لم تشأ أن تتركنا بسرعه وكأ ّنها تقول بلغ ٍة َصامته ُ‬
‫فقدتماه والصالبه‪.‬‬
‫تقربنا أنا ودُعاء ِم ْن َها جلسنا على يمينها وشمالها‪ ،‬أحببناها كثيراً وكأنها جزءاً م ْنا وهي َك َذل َ‬
‫ِك طلبنا ِم ْن َها‬
‫البقاء أكثر حتى أن تكون فرداً يصنع لنا شجرة العائله الَّذِي ينقصها الكثير من األفراد إلى أن تضائلت و‬
‫مكونة من شخصين‪ ،‬بدأت ُتساورني بعض المخ ّيالت كأن أجمع أوراقاً ألصنع شجرتنا لكنها ما‬ ‫ً‬ ‫أصبحت‬
‫زالت بألوانها الباهته‬
‫أعزف بداخلي شجناً ال يدركه أح ٌد سوى قلبي‪...‬‬

‫أعيش ُه بصمت يحدث بداخلي أنين و كأن طفال يبكي بداخلي بشده ال يمكنني إسكاته ال يمكنني البوح به إال‬
‫هلل فهو يراني وال أراه ويجبر كسري بلطف آياته‬
‫غادرت ِت ْلك العجوز الطيبه بعد ما قامت بواجبها كـ جاره لتترك بداخلنا شوقاً للراحلين أَ ْك َثر مما كان عليه‪،‬‬
‫ربما أل ّننا إعتدنا العيش لوحدنا بعد رحليهم‬
‫كم أن روحي ألفتها و ُقلوبنا أصبحت وجله من شدة الشوق كما لو كانت جدتنا‪َ ،‬ه َك َذا الطيبون يصنعون‬
‫داخل قلوبنا مساحات شاسعه لهم ُختمت بأسمائهم‪...‬‬
‫بدأنا ُنخطط من ال َش ْيء ‪ ،‬كيف؟ َو َما؟ وأين؟ وإلى أين؟!‬
‫الصباح َعن المجيء‬ ‫تتوقف عقارب الساعه لك ّنها كانت تسير ببطىء َشدِيد كانت كمن يريد أن يوقف ّ‬ ‫لم ّ‬
‫نت حقاً تائهه في متاه ِة الحياه الصعبه التي لم أعتد عليها‬ ‫قبل إنتهاء ك ٌل َش ْيء‪ ،‬لك ّنني ُك ِ‬
‫ال ريثما نتعرف على الحي جيداً و نتم ّكن من إيجاد فرصاً أفضل من البحث في ما ال‬ ‫هل علينا اإلنتظار! قلي ً‬
‫ندركه؟!‪َ ..‬ولَكِن كانت ال ُنقود تتضاءل سريعاً لمقتضيات ال َع ْيش‪.‬‬
‫الطرق و كأنني ُولدت من َر ِحم األرض و لفظتني في الشارع وحيدة؟‬ ‫كم أنا حائر ٌة حقاً؟! تضيق بي ُ‬
‫إنهمرت عيناي بالدموع وأنا أنظر لألسفل ح ّتى ال ترى أُختي تلك الدّموع فينكسر صبرها‪.‬‬
‫اهلل أكبر‬ ‫اهلل أكبر‬
‫اء ت كمن يواسيني‪ ،‬لننتشل جلستنا و نستقبل قبلتنا و نسكب لألحباء دعواتنا و‬ ‫نسائم صالة الظهر َج َ‬
‫أُمنياتنا باللقاء بهم‬
‫الطرقات طوي ً‬
‫ال لم ت ُكن أي‬ ‫بعدها خرجنا لننفس عن صدورنا الضائقه بعضاً من العناء‪ ,‬مشينا على ِت ْلك ُ‬
‫اح َد ًة م ْنا ُتدرك األخرى‪ ،‬ك ّنا َك َما لو ك ّنا لوحدنا‬
‫َو ِ‬
‫بداخلنا أحاديث ال نستطيع إستقطابها فيما بيننا‪ ،‬ربما هي بدأت تتناسى وجع األمس أوأنني ُ‬
‫بدأت التناسي‬
‫اح َد ًة م ْن ا أن تنتشل خيوط الراحلين و تسترجع صور الماضي من جدي ِد لم يوقف خطواتنا إال‬ ‫لم تشأ أي َو ِ‬
‫الط يور حيث أن أقدامنا تمشي إلى المجهول لم يوقف مسيرها ِسوى نداء اهلل لنا آلذان المغرب‬ ‫سرب من ّ‬
‫ِيها َذلِك االرتواء الروحي يمدُنا بعناقيد األمل‬
‫لنعود َمن َح ْيث أتينا و نجمع َذلِك الشتات في سجده نجد ف َ‬
‫السماء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ال ُم ُ‬
‫علقة في‬
‫وصلنا إلى بيتنا فدائما ما يالحقنا الشعور بوحشه حين اإلقتراب منه لكن ال بد من إجتيازها‬
‫سقيت زهور حديقتي لتكبر و ُتزهر ألوانها لتزهر معها َذلِك األمل بداخلي لتصنع بداخلي ّ‬
‫القوة والثبات‬
‫الحب وألحاديثها المواسيه‬ ‫واإلصرار والمتابعه في دودمة الحياه‪ ،‬كانت إنسانيه في إعطاءها لي ذلك ُ‬
‫الحزن فتسكن عناء قلبي‪.‬‬ ‫لصمامات قلبي المنقبضه على أوتار ُ‬
‫ُعاء بكوب شاي ألدفء جسمي البارد الَّذِي لم أشعر به إال حي َنما وضعت أُختي يدها الدافئه‬ ‫أتت لي د َ‬
‫فأحسست بذلك الفرق‪.‬‬‫ُ‬
‫أجمل الذكريات‪ ،‬لم نكن نعرف للحياة هماً‬ ‫ُ‬ ‫تهامسنا بخفه حاذقه وأثرنا بداخلنا أيام الطفوله التي كانت من‬
‫سباق معها لنكبر و‬‫ٍ‬ ‫سوى أن نلعب معا وعلى تلك الدمى ننام سهواً‪ ،‬األ ّيام كانت تهرول سريعاً وكأننا في‬
‫يشق ذلك الهم طريقه إلينا‬
‫الشمس يفيض من ُقلوبنا المرهفه التي لم ُتعد ت ّتسع‬ ‫الظالم و معه الحنين حينما تغرب ّ‬ ‫َي ْأتِي إلينا بوجه ّ‬
‫بمقدار خيط إبره‪.‬‬
‫لكن ال بد لنا من المواجهه و الصبر على ما هو قادم‬
‫لم يلمس النعاس عيناي إلى أن سمعت صوت صياح الديكه الَتِي أصدرت ُمنبهاً أيقظني من غفوتي الَتِي لم‬
‫بضع دقائق‪ ،‬حينما أرغمني اللُليّ في السهر َم َعه و كأنني صديقت ُه الحميمه و حينما تركها َجاء‬ ‫تلبث إال ُ‬ ‫ُ‬
‫الصباح ل ُيكمل ما َبدَأَه اللّيل َمعِي وكأنهما ُحلفاء ضدي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫لكن‪...‬‬
‫زلت مقاومه لكل َه َذا لن يكسر َذلِك الضعف الطيف الذي بداخلي َش ْيء‪ ...‬طيف رجولة أبي و حنان‬ ‫ما ُ‬
‫أمي‪.‬‬
‫أمسكت بـ مصحفي ألرمم ما تهالك بداخلي‬ ‫ُ‬ ‫صليت ال َف ْجر و‬
‫ُ‬
‫الح َياة صعبه ال يمكن لنا التغلب عليها‪،‬‬ ‫(وإِ َذا الصبح تنفس) تـُيقظ بداخلي معاني الحياه مهما ظننا إن َ‬ ‫َ‬
‫فتبعث بداخلي بواعث األمل من جديد و تهبني الحياه الَتِي أوشكت علَى اإلنتحار َو ِهي ما زالَت تتنفس‬ ‫ُ‬
‫وطن ُولدت به ولكن‪ ...‬أنتزع جواز هو ّيته بذهاب أرواحهمـ و تركانا‬ ‫غصة الحنين و الغربة في ٍ‬ ‫تتنفس َّ‬
‫الح َياة‬
‫لوحدنا نعيش َ‬
‫الذهاب باكراً ‪ ،‬لم يكن بشغفي‬ ‫علي ّ‬
‫ا ْل َي ْو َم كان معي موعد مقابله للعمل في مصنع لخياطة النسيج و ينبغي ّ‬
‫اح َد ًة َمنمن تصنع النسيج ليس لترفعي أن أكون إحداهن ولكن ما ُيحزنني أنني سأكون مثل ِت ْلك‬ ‫أنا أكون َو ِ‬
‫تصنع الجديد سوى أنها تصنع‬ ‫ُ‬ ‫اآلالت ال أختلف عنهن سوى أنني إنسان يقتاد في حركات ِه وفقاً لـأدائها ال‬
‫ال بأن أكون يوماً مصور ًة فوتوغرافية تلتقط في‬ ‫الخيوط‪ ...‬أغرقني ُحلمي في برثمان التمني واإلنتظار طوي ً‬
‫ً‬
‫ممسكة بزر اإللتقاط‪ ...‬لكن يبقى ال َقدْر قدري الَّذِي ال‬ ‫كل َي ْو ٍم صوراً مختلفة َبل في ّ‬
‫كل لحظة َت ُكون أصبعي‬ ‫ّ‬
‫مهرب منه‪.‬‬
‫بأرجل متثاقله و كأنني مغلوباً على أمرها الَّذِي ال ُبد لي من اإلستسالم لَه و‬ ‫ٍ‬ ‫الطريق إلى المصنع‬ ‫مضيت ّ‬ ‫ُ‬
‫الخوض في غمارهِ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قسم ُمدير الشركه ألتناقش َم َعه حول الوظيفه‬ ‫عدوت من عتب ِة الباب الرئيسي الَّذِي سيوصلني ُمباشرة إلى ِ‬ ‫ُ‬
‫ال ُمتاحه‬
‫سرحت بعيداً على ما كنت عليه كم تمنيت أن َي ْأتِي إلي َذلِك الطيف مثلما أشاهد ُه في ال ُمسلسالت و يأخذني‬
‫إلى عالمي بعيداً عن َذلِك العالم الَّذِي سيضعني ما بين ُكل تلك اآلالت و لكن حتى أن ذلك الخيال الَّذِي ُكنت‬
‫به و أنا مفتوحة العينين لم يكتمل مع صوت نبرت ِه إلحاده التي أيقظتني َمن ِت ْلك الغيبوبه و إذا أمامي ورقة‬
‫العمل إن كنت راغبه‬ ‫َ‬ ‫طلب مني قراءتها و التوقيع على بنود بدأ‬
‫أغمضت عيني بشدة حتى ال يتسرب إلى ُحلمي القديم شيئاً‬
‫ُ‬ ‫بتثاقل شديد وحين وصلت إلى الموافقة‬ ‫ٍ‬ ‫قرأتها‬
‫أو َي َم ُّسه بشيء هو ما زال بداخلي سأصل له اليوم‪ ،‬غداً أو بعد غد حتى أن َذلِك األمر أدهشه و بضحكة‬
‫ُتثير العجب فيما يراه أمامه وسؤا ًال يبحث َعن اإلجابة هل هناك أمراً ُيقلق موافقتك للعمل؟!‬
‫و أجيبه بسؤا ًال آخر و هل للمرء أن يعمل دون حلم ُمسبق التخطيط؟!‬
‫وبإجاب ٍة منه أثارت النبض من جديد إلى عالمي المرسوم بداخلي‬
‫وهل األحالم الصعبه سهلة المنال؟!‬
‫انا اليوم هنا بعدما كافحت إلى الوصول إليه وأنتي كذلك ال شيء سيمنعك من الوصول إلى الحلم سوى‬
‫نفسك الكائنه في قوة إرادتك‬
‫طفق قلبي فرحاً بأن هنالك ُسرباً من الحمام يحمل ُحلمي أمامي و ينتظرني أن أكون ِت ْلك الحمامة التي‬
‫ستحمله بين جناحيها إلى َح ْيث تحلم و تطمع أن َت ُكون‪.‬‬
‫فتحت عيناي وبإبتسامة مرسومة على شفتي هل ُيمكنني أن أضع توقيعاً آخر بالقرب منه؟!‬
‫لم يكن ُممانعاً لما يرا ُه بداخلي َمن حلم‬
‫إذن يمكنك العمل من الغد في تمام الساعه السابعه صباحاً‬
‫حسناً يا أستاذ سأكون في تمام الساعه السابعه دونما تأخير‬

‫القوة‬
‫يا زهور ال ُيتم أغرسي بداخلي ّ‬

‫فتحت شبابيك الغرفة ألستمع إلى أغاني‬ ‫ُ‬ ‫المنزل و بداخلي أم ٌل جديد أنبت ُه لي القدر َمن جديد‬
‫ِ‬ ‫ُعدت إلى‬
‫العصافير و موسيقى هبوب الرياح مع أوراق الشجر و موسيقى الفرح بداخلي تصنع لذلك ا ْل ُح ْلم أم ً‬
‫ال جديد‬
‫ليعود إلى طوارقي و يرسم لعيناي جما ًال بجمال ما أراه من حولي‪.‬‬
‫ذلك األمل الَّذِي أبى أن يتزعزع من أركاني المغروسة بصدمات األمس بات ُمرافقاً لي كظلي تماماً لم أعد‬
‫أخشى على نفسي من مطبات الطريق‪.‬‬
‫الصوت الذي تسرب مخابئ الضعف ألبدد‬ ‫ُ‬
‫همست لذلك ّ‬ ‫أصبح ُت كرجل بقلب إمرأة و قوة رجل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بقيت قويه‬
‫مساكن ِه و أنتصر عليه في الخوض إلى طريق ا ْل ُح ْلم المنحوت بداخلي‪.‬‬
‫قاومة لذلك السلطان فقد كنت ُمرهقة‬ ‫ً‬ ‫ما كان من النوم إال وأن أغلق عيناي و أغلق نوافذ أحالمي لم أكن ُم‬
‫و متخبطة في برثمان التفكير الَّذِي غزاني ليلة البارحة وسلب من عيناي المقاومة‬
‫نمت بعمق َح ْيث أنني لم أستطع تذكر ما رأيت ُه وراء َذلِك الظالم سوى أن جفناي أطبقت على عيناي‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ال ألي َي َد ْيه‪ ،‬لم أستطع الحراك غير أنني‬ ‫يقترب مني كثيراً حام ً‬
‫ُ‬ ‫بدا لي حينما استيقظت شيئاً غريبا لمحته‬
‫وج َهه لكن لم يكن لي واضحاً‪ ،‬كانت قدماي متصلبتين و يداي َك َذلِك‬ ‫أتمعن في مالمح ْ‬ ‫ُ‬ ‫مفتوحة العينين‬
‫أشعر بيديه تخنقني و أنا أحاول ُم قاومته لم يكن هناك من ينقذني من قبضت ِه وعيناي غائرتان إلى الخارج‬
‫وفمي مفتوح بأكمله كأن روحي تنتزع و فجأه سمعت صوت أختي ُتناديني و تهزني ألفيق من َذلِك‬
‫الجاثوم الَّذِي ظننت ُه حقيقة‬
‫أسرعت دعاء بإحضار كوب الماء َب ْعدما جفت حنجرتي لنداءات في سرب الوهن الغير مسموعه‬
‫حمدت اهلل على عودتي إلى الحيا ِة مجدداً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شربت الماء‬ ‫ألهث وكأن شيئاً ُمخيفاً كان ي ْلحق بي‬ ‫أفقت و أنا ُ‬
‫غرست رأسي بحضن أختي و لحضن أمي أنا مشتاقه‬ ‫ُ‬
‫الشوق بلغة صامته‪ ،‬بادرت عليها بالسؤال عن‬ ‫ِ‬ ‫مسحت على جبينها هي األخرى و عيناها تتحدّث َعن‬ ‫ُ‬
‫أخبارها ليومها الجامعي األول قبل أن تتهاوى إلى الماضي‪.‬‬
‫أجابت ببرود كل شيء على ما ُيرام‬
‫أخبرني صوتها عن نبر ِة الحزن المنقبضة على قلبها‬
‫ال و تسترجع ُقواها من جديد‬ ‫إحتضنتها بشده حتى كاد قفصها الصدري يكون بصدري ألطفئ حنينها قلي ً‬
‫دنوت َمن قلبها أُفتش عن ما بداخل ِه و أحتضن أجزائه ال ُمتناثره و أُعيد أليها القوه‬ ‫ُ‬
‫غابت في غيبوب ِة ال ّنوم بسرعه على صدري‬
‫الشوق‬
‫ِ‬ ‫هذا ما يحدثه بعضاً من‬
‫أسدلت جسدها على سريرها لترتاح قلي ً‬
‫ال‬
‫خرجت إلى حديقتي الصغيره فقد كان لزهوري قلباً كبيراً يحتضن أنيني و قد زادت نسمات الهواء قلبي‬
‫قوة وصبراً على ما هو آتي فقد كان لطلع األقحوان مزيجا من اللون األصفر المائل إلى الذهبي إنه سفير‬ ‫ً‬
‫األمل إلى قلبي و روحي المصابة بالضمور و التي ال تحلم بشيء سوى النوم‬
‫الشوق إلى ذلك العزي ٍز الذي لم يعد و تلك األصوات كانت باألمس منا قريبة لتنسيني‬ ‫ِ‬ ‫تحاذقت بي بالسم‬
‫تلك الحالة التي عشتها في لحظات أضافت على قلبي السعاده‬
‫حتى في األحالم صعب علي رؤيتهم سوى أن أعيش الخيال بنفسي و أصنع السعادة كأنني بينهم اآلن‪...‬‬
‫أمي‪ ...‬أبي‪...‬‬
‫رغبة أن أكون معكمـ اآلن‬‫ٌ‬ ‫لي‬
‫ولكن‪...‬‬
‫ٌ‬
‫رغبة أخرى‪...‬‬ ‫للقدر‬
‫علي من تفاصيل األمس‬ ‫مضى ِب َنا الوقت سريعاً لم أشعر بما مر ّ‬
‫تهمس بداخلنا أم ٌل جديد ييقظ‬
‫ُ‬ ‫لتصدح الديكه بصوتها الجميل في كل صباح لتفتتح علينا نسماته الهادئه و‬ ‫ُ‬
‫فتور األمس‬
‫أيقظت أختي للصالة و لتستعد لجامعتها‪ ،‬لم تصدر منها إستجابة وال حراك على غرار األيام السابقة كانت‬
‫ُتسابقني النهوض‬
‫لم أكن ألصدق ما يحدث هل أختي لحقت بهم؟!‬
‫ال يمكنني تصور ذلك‬
‫أقتربت منها أكثر ألسمع نبضاتها‬
‫عند سماع نبضاتها أعادت لي الحياه أعادت لي األمل أنها ما زالت بجانبي‬
‫نوم ثقيل أثقل على عينيها وغمر عليها‬ ‫حمدت اهلل كثيراً أنها على قيد الحياه لم تكن إال في غيبوبة َمن ٍ‬ ‫ُ‬
‫قمت و هززت جسدها بقوه لتستيقظ‬ ‫العتمه ُ‬
‫عينيها ما زالت ناعستان لكنها أفاقت من ِت ْلك الغيبوبة‬
‫الحمدهلل ‪ ...‬الحمدهلل فوق كل شيء‬
‫الخيال أو إختباراً لمدى صالبتي و تصبري علَى القادم‬ ‫ِ‬ ‫أجل أفاقت‪ ...‬ربما كان وهناً من‬
‫أيقظت نبضات قلبها نبضات قلبي لتيقظ بداخلي الحياه‬
‫همست في أذنها اليسرى أن ال تحاول المغيب شبكت بكفي على كفيها وضممته إلى صدري‬ ‫ُ‬
‫كنت مثل العالق في بئر و ُمتمسكاً ٍ‬
‫بحبل ُمهترئ‬ ‫ُ‬
‫بكيت بصمت حتى ال أثير بنفسها البكاء‬ ‫ُ‬
‫تعانقنا كعناق الغائب عن وطنه و تخاطبنا بلغتنا ال ُمعتاده لتتغلب على س ّيد الموقف و نجوب في تفاصيل‬
‫حياتنا اليومية‪.‬‬
‫إستعد ك ٌل منا على مزاولة شاكلته‪...‬‬
‫خطوت خطوات الثبات في بدء اليوم األول من عملي بين مكائن الخياطة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تجمهرت طريقي و‬
‫و َمن ُيدرك أن خلف ِت ْلك المكائن ُحلماً آخر؟!‬
‫يا ألهي َّما الَّذِي يمنع قدماي ال ُمتابعة ُكلما حاولت اإلقتراب من عدوة الباب شيئاً ما ُيحاول منعي هل هو‬
‫شغف طموح بداخلي؟!‬
‫ال ال‪ ...‬ربما همزات الشياطين ُتحاول المساس بقوتي و قدرتي على ال ُمتابعة‪ ...‬أجل‬
‫ُكنت كالمجنون ِة حقاً تسير و في ذاكرتها كماً هائالً من األحاديث تتصارع مع مستجدات الحياه‬
‫لم أشعر إال وأنا بين صفوف العاملين أقف على جانب بائس ٍة ممسكه بكل قوتها على رأس المكينة ما أن‬
‫تضغط الدواس تتحرك و تحرك قطعة ال ُقماش كيفما ُطلب منها لتظهر تلك النقوشات بين نتوءاتها و‬
‫الخيوط ذات األلوان الزهرية‬
‫ما َزال بداخلها بعضاً من الحياه فبعض األلوان تبعث البهجة ما أن نظرت أليها‪ ...‬لم أكن متطفلة لـأسئلها‬
‫ُ‬
‫تصورت في ِبداية األمر أن هذا العالم ال يمكن أن‬ ‫َعن سر بؤسها وهي تصنع شيئاً ينبض بالحياه ليس َك َما‬
‫يكون به الحياه‬
‫لم أسئلها شيئاً خارج نطاق العمل‪ ...‬فما زلنا ُغرباء لنتبادل أحاديث المجهر‬
‫فقط كنت أتعلم كيف لي أن أُمسك بآلة الخياطة و أتحكمـ في حركاتها عبر قطعة ال ُقماش‪...‬‬
‫كان من الالزم أن أبقى تحت قيد التدريب لمدة ال تتعدى الـثالثة أشهر بعدها أخضع إلختبار يقيس مدى‬
‫مهاراتي و كيفية التعامل مع َذلِك الجماد الَّذِي ما أن أتقنت ُه د ّبت بداخله الحياه‪.‬‬

‫األلم حين ُتصاب ببعضاً من الخيبات…‬

‫زلت قادرة علَى تغلّب المشاق‬ ‫ُتداعب خدي المساء بإبتسام ٍة صامتة ُتهمس في أذن ال َقدْر أنا ما ُ‬
‫حبيب ُمنتظر‬
‫ٍ‬ ‫تقدمت أليه كـ لُقياء‬
‫ُ‬ ‫علي األمر صرامة‬‫نعم مثلما عهدني القدر قويه‪ُ ،‬كلَّ َما إشتد ّ‬
‫وكـ زهور الربيع أغدو حين أكون في كوم ٍة َمن األُمنيات‬
‫أصبحت الخياطة كـ الفارس في صهوت ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الثالثة أشهر من التدريب‪،‬‬ ‫واصلت طريقي المعتاد ح ّتى إنقضت‬‫ُ‬
‫يقتادها بمهارة دون أن تأذيه‬
‫أجل‪...‬‬
‫ِب‬
‫الحرمان إعتاد على زيارتي بين الحين واألخر يحاول التغل ُ‬ ‫لم أشئ أن أتذ ُمر يوماً إال أنني يواتيني شعور ُ‬
‫الشوق و الّ ّذكرى‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بقوة مِراسه على ذاكرتي ال ُمتزاحمة بالكثير َمن أحاديث‬
‫و بنبر ٍة حادة صوت المشرف على الخياطة‬
‫تودين النوم؟!‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫أستيقظي أيتها الكسوله‪ ،‬ماذا تفعلين هنا إن ِ‬
‫لم أكن ألسمع ما يقول!‬
‫ً‬
‫الزمة ألختي ليلة البارحه‬ ‫كـنت في غفوة طمست على عيناي و سمعي ُسهاد تعب األمس حين ُكنت ُم‬
‫تحمسة ألمسك القلم و الدفتر و أُنشط ذاكرتي‬ ‫ً‬ ‫البارحه في مساعدتها على حل َب ْعض األنشطة ُكنت ُم‬
‫أصبحت كـ العجوز‪.‬‬
‫َ‬ ‫ال ُمتكاسلة الَتِي‬
‫غائبة في معمعة ال ّنوم لم أشعر بكل َه َذا إال حي َنما ربت على كتفي‬ ‫ٌ‬ ‫حولي و أنا ما زلت‬ ‫و القهقهات من ّ‬
‫َ‬
‫بعصاه و استيقظت كـ المذعورة يا ألهي من َهذا الَّذِي أقحم علَى كتفي العصى! أم أنني أحلُ ُم في قيعان‬
‫عاصب جبين ُه بشد ٍة حازمة و عينا ُه يتطاير منها‬ ‫ٌ‬ ‫ُبحوري الغير ُمتناهية و إذا بي أفتح عيناي و أرى وجهه‬
‫الشرر‬
‫أوجست هلعاً من‬
‫ُ‬ ‫أخذت أُلملم ِعراكي َب ْعد ما‬
‫ُ‬ ‫قمت علَى الفور َمن ال ُكرسي كدت أن أسقط من علَى قامتي و‬ ‫ُ‬
‫نشاط و قوة‬‫ٍ‬ ‫علي النوم باكراً ألذهب لعملي بكل‬ ‫الموقف الذي لم أحسبه في الحسبان أن ّ‬
‫بكالم جارح جعل من ذلك الثقب الذي بداخلي أكثر إتساعاً لم أستطع الكالم ُ‬
‫بقيت صامته و‬ ‫ٍ‬ ‫أخذ يتلفظ‬
‫رأسي ُمنكساً و كان حولي الكثير من األصوات الساخره إال تلك الجموع القليله والمرأة التي كانت بجانبي‬
‫طلب مني الذهاب إلى مكتبه‬
‫لم أكن قادرة على ال ُمضي خلفه ؟‬
‫قدماي ال ُمثقلتان بالمزيد َمن الخوف َمع تعب األمس‬
‫مضيت خلفه و كـ أني أج ُر سالس ً‬
‫ال َمن حديد‬ ‫ُ‬
‫و رأسي ُمنحني لألسفل كـ الوردة الذابله تماماً‬
‫أكتفيت بهز رأسي كـ رداً بالموافقة‬ ‫ُ‬ ‫بعضها البعض و‬ ‫التأنيب‪...‬ضممت يدي مع ُ‬
‫ُ‬ ‫أخذ يوبخني بالمزيد َمن‬
‫على كال َمه ولن أُعيد ما حدث آليوم‬
‫ولكن!‬
‫رفعت نظري قلي ً‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫هذه المره‬
‫ال أعلم لماذا؟ َولَكِن لر ّبما إزاء أمراً كان ّ‬
‫علي إدراكه‬
‫وهذا ما حدث بالفعل‪...‬‬
‫ُ‬
‫السبابة مشيراً لي بالخروج‬ ‫أومئ بأصبعه‬
‫ُ‬
‫تمنيت أن أكون ذاك و‬ ‫تمنيت أن أكون نسياً منسيا‪ ...‬أن أكون كـ الجما ِد الذي ال يشعر بـ َش ْيء‪ ...‬كم‬ ‫ُ‬ ‫كم‬
‫ذاك‬
‫َولَكِن!‬
‫اح ِة المعركة أصارع ِت ْلك الفجوات الَتِي تختلسني‬ ‫أنا من َبقيت في َس َ‬
‫كم أنتي ٌ‬
‫قوية يا أنا؟‬
‫حسبتك تقدرين علَى ك ٌل َه َذا الصراع و أنتي وحيده؟‬ ‫ما ِ‬
‫خرجت من مكتب ِه خائرة القوى‬ ‫ُ‬ ‫كـ الخاسر‬
‫ال أَ ِجد َمن يحتضن األلم معي ِسوى ِت ْلك النظرات الَتِي تختالني كـ المسكينه‬
‫تمنيت أن أكون َم َكانِه‬
‫ُ‬ ‫لم أَ ِجد أمامي ِسوى َذلِك الجماد الَّذِي‬
‫َولَكِن‪...‬‬
‫كنت كذلك ولن أكون بأقل‬ ‫ال ُبد للناجحين بالمزيد من العثرات حتى يصبحون أشد ضراوه علَى المواجهه ُ‬
‫منه‬
‫كم َمن اآلهات الَتِي عبرت أنفاسي ما بين شهيق و زفير ماذا لو تنفسها أحداً ألوقفت قلبه؟‬
‫ال علَى قلبي المسكين الَّذِي ال يملك سوى دموعي الحامله لـ أللم‬ ‫الحمل قلي ً‬
‫خففت ِ‬ ‫ُ‬
‫تنهدت‪ ...‬إرتحت لـ ريثما ُيبدأ ألماً جديداً ُيجدد معاناتي و تزداد قوتي قوة‬ ‫ُ‬ ‫بعدها‬
‫َ‬
‫إنتهى ذلِك آليوم بصعوبه‬
‫أكاليل األمنيات‬

‫ولنا في ا ْل َغ ْي ِب أُمنيات و رغبات ُتست ِب ُق ُخطانا إلى َذلِك‪ ...‬ا ْل ُح ْلم الَّذِي إرتئيناه عبر كواليس ذاكرتنا‬
‫دُونت بـ مذكرتي ك ٌل ما يحدث ح ّت ى أقرأها و أنا شخصا آخر لم يعد يعيش معاناته‪ ...‬نعم سأقراها من جديد‬
‫ليس لكي أعيش األلم مرة أخرى َولَكِن ألقرأ ِت ْلك الصراعات الَتِي جاهد ُتها ألكون الفائزه في نهاي ِة‬
‫المضمار‪ ،‬ألقرأ عن صبري و يقيني أن اهلل سينسيني معاناة تلك السنين الخاليات العجاف‬
‫بفصل ّ‬
‫الشتاء‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫سأقرها َم ع كوب الشاي الدافئ و أنا أرتدي معطفي الصوفي ذا اللون األحمر‬
‫الشتاء بمثاب ِة مذكره أحب أن أقرأها بين دُفتيه‬ ‫قد كان لي ّ‬
‫أملك من الخيال ما ال ُيوجد بالخيال ح ّتى‬
‫َس ِم ْعت طرقات الباب فنهضت فوراً‬
‫مر وقت طويل من زيارة العجوز لنا وكانت آخر زياره قالت لنا فيها أنها ستغادر البلده لتعيش بالقرب من‬
‫إبنتها الوحيده فمن يكون الطارق يا ترى؟‬
‫لم أتوقع إال أن َت ُكون أختي الصغير ِة خلفه لكن إستشعرت من ِت ْلك الطرقات إنها لشخص آخر‬
‫ال ال َمن سيكون إن لم تكن أختي‬
‫فتحت ُه ولَم أَ ِجد أحداً وجدت صندوقاً مع باقةِ ِ‬
‫ورد‬
‫يا ألهي ما أجمل ِت ْلك المفاجئه ولكن لمن؟ ولماذا؟!‬
‫أجم ُل َّما ُكتب على ذلك الظرف الذي إحتواه الصندوق‬
‫كـوني قوية دائماً‬
‫يا ألهي َمن َه َذا؟‬
‫أو ّد أن أعرفه‬
‫و ُكتب بنهاية الرسالة‪ ...‬رسول األمل‬
‫نعم ِت ْلك الكلمات سقت ُربوعي القاحلة أمال جديد‬
‫اء‬
‫الس َم ِ‬
‫نظرت إلى َّ‬
‫بأمل جديد‬ ‫شكراً لك يا اهلل حي َنما أوشكت على الذبول مددتني ٍ‬
‫جاءت أختي كانت تتسائل عن ذلك الصندوق‬
‫أجبتها ال أملك جواباً أنا ُمثلك أتساءل عن غرابة هذا الشخص وما الَّذِي يريد الوصول أليه؟‬
‫أم أنها هدايا القدر لنا‬
‫حتى ال نضعف‬
‫يبدو لي كذلك‬
‫حاولت تناسي األمر إال إنه بات معلقا بذاكرتي يأتي إلي كهيئة خيال لرجل وسيم أنيق و أجمل ما فيه هو‬
‫قلبه الطيب‬
‫بعدها!‬
‫نال الليل مني فغفوت حتى بدأ صباح يوم جديد‬
‫ُمتالزمة األمل‬

‫سرب الوهن‬
‫ٌ‬ ‫َو ِت ْلك الغايات الَتِي لن ُي َبدِّدها‬
‫صحوت باكراً و َذلِك النشاط يعتلي هامتي‬ ‫ُ‬
‫سابق السحاب و أخطو خطواتي كـ راقص ِة الباليه‬ ‫ُ‬
‫توشحت حذائي و كأني أ ُ‬ ‫ُ‬
‫ظل رعايتك‬ ‫ٌـ‬
‫محظوظة ألكون تحت ّ‬ ‫يا ألهي كم أنا‬
‫الناس تشكو َمن الوعكات الصحية‬ ‫ِ‬ ‫كثي ٌر َمن‬
‫وأنا ُمصابة بـ وعكه إستثنائية يتمناها الكثير أن ُتالزم حياته دون أن يشكو ألمها‬ ‫ٌ‬
‫فـ متالزم ِة األمل ال يم ّكن أن ُتسبب أياً من األآلم‬
‫سوى إنها ُتثير اإلنزيمات الَتِي بـ جسمك ْكي تبقى نشطا ال ُيصيبك الهبوط‬
‫وصلت علَى عجل َمن رأني باألمس سيعتقد أنني سأقدِّم إستقالتي‪...‬‬
‫َولَكِن َر ْغم َذلِك َبقيت‪...‬‬
‫إن لم نحضى بالدروس الصعبة فلن نقوى علَى التحدّي سننكسر بـ سهولة كـ الغصن الغض‬
‫فتحت باب المشغل‪ ...‬ظالم‬ ‫ُ‬
‫ال أحد هناك َولَكِن ال مانع في أن ابتدئ َع َملِي‬
‫بدأت ِب ْسم اهلل‬
‫تباريج‬
‫ِ‬ ‫ِيها مسرح ّيتي الضاحكة ال ُمفعمه بالكثير َمن‬ ‫ألبدأ حكايتي َمع الخيط و اإلبره وقطعة ال ُقماش ألمثل ف َ‬
‫األمل‬
‫السالم عليكم وبإبتسام ٍة بشوشه‬
‫ِت ْلك السيُةدّ الطيبة‬
‫وبحفاو ًة ال أَ ْعلَ ُم سرها إالّ أن قلبي ُم ٌ‬
‫رتاح لها‬
‫جمي ٌل أن نلتقي َمن جديد‬
‫صافح ُتها بعفوي ٍـة بلهاء وكأنني علَى معرٍةفّ قديمه بها‬
‫واألجم ُل أن ألتقيك وألتقي إبتسامتك َمن جديد‬
‫َخل‬‫لك البارحه و أعتبر نفسي السبب وراء َذلِك حي َنما تركتك تنامين وفِي غفل ٍة م ّنا د َ‬ ‫تأسفت لِما حدّث ِ‬
‫كنت أعلم إنه يفاجئنا ِبـ زيارات ِه العشوائيهـ‬ ‫المشرف علينا ُ‬
‫طيبة ودوده َك َما لو كنتي أختي ال تتمنين لي أن أتأذى‬ ‫لك في َذلِك و أَ ْعلَ ُم أنك ٌ‬
‫ال ال أبداً ال عليك‪...‬ال سبب ِ‬
‫إرتمت بـ حضني ‪ ...‬تبادلنا األحضان ك ٌل م ّنا لَه حكاية َمع الزمن‬
‫بنصيب َمن المواجع إالّ أننا نقاوم‬ ‫ٍ‬ ‫ك ٌل م ّنا حظي‬
‫ربما ليس ألجلنا‬
‫ولكن‬
‫ألمان ٍة ُتركت أن نعتني ِب َها‬
‫شكر ُتها ألحتوائها لي‬
‫عض َنا البعض‪ ...‬زاولنا عملنا‬ ‫تركنا أحضان َب ُ‬
‫وفِي ذاكرتنا دودم ٍة صاخبه تلتمس الرحمة‬
‫نبث بعضاً منها خا ِرج ُمتنفسنا دون عوده‬ ‫أن ُ‬
‫لكن !‬
‫لم نبح لها الخروج‬
‫ال ُبد لها البقاء ح ّتى نتنفسها زفيراً واحداً و نرتاح‬
‫السالم‬
‫إنتهى العمل‪ ...‬تبادلنا ّ‬
‫ما زلنا‪ُ ...‬غرباء‬
‫لم نتبادل األحاديث َب ْعد‬
‫أراك علَى َخ ْير يا عزيزتي‬ ‫ِ‬
‫أنتبهي لـنفسك يا صغيرة‬
‫أجل‪ ...‬ال تقلقي‬
‫سأكون كذلك‬
‫تفقدت صوت العصافير و الزهور الناميه علَى حافته‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫تجولت الشارع قلي ً‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫لم أشعر بالتعب َب ْعدما‬
‫أصابها العطش‬
‫ال أحد كان ُمهتماً ألمرها‬
‫الطريق إليها‬ ‫خطرت لي فكره أن أحضر َمعِي ال َماء وأنا أعب ُر ّ‬
‫قريبة َمن باب المنزل يبدو لي أنه مفتوح‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫كنت‬
‫وإذا بي أسمع أنين!‬
‫ٌ‬
‫مجفولة ما بها تأن؟!‬ ‫سرعت بخطوات‬
‫بسرعة خاطفة حتى كدت أن أتعثر‪ ،‬لم أوشك علَى خلع حذائي‬
‫بك تبكين؟‬ ‫حبيبتي الصغيرة ما ِ‬
‫يؤلمك يا صغيرتي؟‬ ‫ِ‬ ‫ما الَّذِي‬
‫أنا بقربك اآلن‬
‫أخبريني؟‬
‫ال داعي لـلقلق يا ياسمين‬
‫أنا بخير‬
‫ألم ُعضال‬ ‫أنا بخير ال أشكو َمن ٍ‬
‫ال فشكوت إلى ر ّبي بعضاً َمن الحنين وكنت أبث إليه دعواتي و إشتياقي‬ ‫توحدت قلي ً‬
‫ُ‬
‫ُعاء‪ ،‬زفي إليهم دعواتك متى شئتي فـ اهلل َق ِر ٌ‬
‫يب ُيجيب دعوة الدّاعي إذا دعان‬ ‫آه يا حبيبتي د َ‬
‫الشوق إليهم‬
‫ِ‬ ‫تعالي إلى حضني و ليهدأ قل َبك الصغير و تهدأ أوتار‬
‫يومك الدراسي؟‬ ‫ِ‬ ‫اذا عن‬‫َم َ‬
‫كنت مرهقه لم أنم جيداً ليلة البارحة‬
‫كان جيد لك ّنني ُ‬
‫ال عليك يا عزيزتي ستنقضي هذه السنين بسرعة دون علمك‬
‫َس ِم ْعت قهقهاتها َذات غص ٍة مكتومه‬
‫أسمع لضحكاتك صدى بين أُذني‬ ‫ُ‬ ‫جمي ٌل أن‬
‫واألجمل إحتوائك لي يا ياسمين‬
‫فرحك ليسعدني‬
‫ِ‬ ‫أنتي اآلن طفلتي المدللـة أكتفي بـ‬
‫ٌ‬
‫محظوظة بقربك‬ ‫وسعادتك تهمني يا ياسمين كم أنا‬ ‫ِ‬
‫أبقانا اهلل علَى المحب ِة والوصل‬
‫آمين‬
‫أحبك يا أختي‬
‫وأنا كذلك‪ ،‬أ ْت ُر ُك ِك لـ ترتاحين قلي ً‬
‫ال‬
‫يوم طويل‬ ‫عجل غفوت قلي ً‬
‫ال ريثما تتمهد لعيناي النهوض َب ْعد ٍ‬ ‫مضينا و الدقائق تمضي علَى ٍ‬
‫وإن تسرب إلى قلبي بعضاً َمن الظالم‬
‫فـ بداخلي‬
‫الكثير َمن النِروّ لـيطفئه‬
‫ونسيت أمر زهوري‬
‫صباح جديد‬

‫تختال ِت ْلك الفتحات الصغير ِة من علَى‬ ‫ُ‬ ‫جمال نسماته الهادئه ورائحة زهور الريحان‬ ‫ِ‬ ‫الصباح بـ‬ ‫وجه ّ‬ ‫أشرق ّ‬
‫النافذة‬
‫أن ُيداهمني وقت الدوام‬ ‫ُعاء تداركتني قبل ّ‬ ‫ال علَى سجادتي والجميل من د َ‬ ‫غفوت قلي ً‬
‫ُ‬ ‫صليت و‬‫ُ‬
‫َ‬
‫بسرعه خاطفة كـ سرع ِة البرق إرتديت ِحذائِي‬
‫عدت بها زهوري الصغيره‬ ‫الطريق تذركت قارورة ال َماء الَتِي ُو ُ‬ ‫وبمنتصف ّ‬
‫المساء‬
‫ِ‬ ‫ال بأس ‪ ،‬سه ٌل أمرها سأعود إليها في‬
‫بعض من الدعاب ِة‬ ‫ال بصحب ِة ِت ْلك المرأه الَتِي جاورتني الجلوس تبادلنا ٌ‬ ‫َق َض ْيت يوماً جمي ً‬
‫وكأن ك ٌل واحد ًة م ّنا ُتحاول أن تنزع ما في جونق األخرى من غصه‬
‫العناء‬
‫ِ‬ ‫التعب لكنه ال يتالشى بأكملهِ‪ ،‬ينتظر شيئاً آخر ُينسيه‬ ‫ِ‬ ‫بعض من‬ ‫نعم الضحك ُينسينا ٌ‬
‫وال أعلم إن كان ُهنالك يوماً إلنتزاع شقاء قلبي‪ ،‬لكن ثقتي بـ ربي تفوق ِت ْلك المقاييس العقلية الَتِي ال‬
‫تستطيع أن تعب ُر ثقب إبر ٍة صغيرة‬
‫ال أكبر من ذِي قبل‬ ‫زلت أفك ُر بأمر الهديه الَتِي باغتت حزني و أعطتني أم ً‬ ‫ما ُ‬
‫يا ألهي ألهمني القدرة علَى معرف ِة صاحبها ألشكره من َب ْعد عطاياك يا اهلل‬
‫بكل ُنضج‬‫بالقرب من جونحي رساالت كاأللغاز ُتخاطبني ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعب ُر‬
‫ّ‬
‫ُتمهد لي الطريق بـ عزم أكبر‬
‫وهم ٍة تعتلي هامتي‬
‫وبسمة ترس ُم مبسمي‬ ‫ٌ‬
‫يوضح لي بعضاً من أألمور الصعبة التي أستعصى‬ ‫أقف وحيدة ألخاطب وحدتي أُخاطبها كما لو كان أبي ّ‬ ‫ُ‬
‫ثغرها ُمغلف ٌه بـ ُ‬
‫الح ِب و‬ ‫علي فهمها و بعضاً من نصائح أمي الَتِي ال تقسوا علينا أبداً بل كانت كل َكلِ َمة من ِ‬ ‫ّ‬
‫الحنان‬
‫أألمور الَتِي فاقت إستطاعتها ورغباتها‬ ‫ِ‬ ‫قاوم الكثير من‬‫أنا اليوم أقف ألخاطب ِت ْلك الوحيدة ألنها ما زالَت ُت َ‬
‫الح َياة‬
‫في َ‬
‫القرب مِن ُكم‬
‫ِ‬ ‫أصطحب أختي الصغير ُة َمعِي ْكي نكون بـ‬
‫ُ‬ ‫أحياناً أتمنى الرحيل و‬
‫أهفوا إلى َذلِك اللقاء‬
‫أهفوا إليه كثيراً‬
‫فعل َذلِك‬
‫لكنني عاجز ٌة عن ِ‬
‫أترقب األيام َف َقط‬
‫ُ‬
‫يوم جديد ألجدد فيه بواعث األمل‬ ‫ُ‬
‫أعيش دقائقها إلى أن تنتهي ساعاتها ويبدأ ٍ‬
‫مذكرتي‬

‫ُ‬
‫كتبت فيها الكثير‬
‫الصغي ُر بعمري‬ ‫كتبت ما ال قد يفهم ُه َّ‬‫ُ‬
‫وال يدرك ُه الكبير‬
‫ربما لتلك المسافات الَتِي تستوقفنا بعيداً عن مسرب الحقيقة‬
‫نقترب منهم أَ ْك َثر وأَ ْك َثر فندرك من نكون‬
‫ُ‬ ‫أو أن هنالك بش ٌر يدفعوننا بعيداً بعيداً ح ّتى ال‬
‫لش َجرة التي رسمتها زميلتي‬ ‫ً‬
‫مختلفة عن اَ َّ‬ ‫رسمت َش َج َرة العائلة كانت‬
‫ُ‬
‫فتسائلت لماذا؟‬
‫فأجابتني بـ لُ َغة األطفال البريئة‬
‫هي َف َقط كذلك‬
‫إذن َن ْح ُن متساويتان في عدم اإلدراك‬
‫لكنني‬
‫كنت في حير ٍة من َذلِك األمر‬ ‫ُ‬
‫الصف بـ نفس ال ُعمر‬‫ِ‬ ‫جميعنا في‬
‫لكن لماذا ال نملك نفس َّ‬
‫الش َج َرة؟‬
‫أين هي باقي األوراق المـُتساقطة منها دون أن نعلم سر إختفاءها؟‬
‫يرة لعائلتي حتى أنني ال أعلم من هؤالء الذين رسمتهم بالقرب‬ ‫رسمت َش َج َرة َك ِب َ‬
‫ُ‬ ‫كنت ألعب بألواني‬ ‫حي َنما ُ‬
‫م ّنا‬
‫لم أكن ألصل إلى ذاك التفكير بعد‬
‫لم يكن يه ّمني أكثر من إمتالك َش َج َرة عائلة كبيرة‬

‫واُخرى ُمذكراتي كانت‬


‫رسمه لـ ُحلمي الصغير‬
‫الكاميرا‬
‫أكبس الزر و ألتقط من َذلِك المشه ُد حكاية‬‫تمنيت أن َ‬‫ُ‬ ‫الَتِي‬
‫كانت أُمنياتِ أكب ُر من عمري الَّذِي دونتها آنذاك‬
‫سراب ال نستطيع تعدي حيثياته إال أن ُنغمض‬ ‫ٍ‬ ‫السهل أن تعيش ا ْل ُح ْلم بالخيال‪َ ،‬ف َما هو إال ٌ‬
‫وهن من‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫الشمس عن الليل ‪ ،‬وا ْل َق َمر عن النهار‬ ‫أعيننا ولكن ما أن نرى الضوء يزول كـ زوال ّ‬
‫ونبدأ يوماً آخر‬
‫كانت مذكرتي كـ الشريط ‪ ..‬مر سريعاً ليجعلني سيدة الموقف ؛ أقف وحيده وأواجهه‬
‫ملف العائلة لحل ِت ْلك الشفرات الَتِي بدت لي ال حل لها‬ ‫البحث في ِ‬ ‫ُ‬ ‫ولكن لم أبدأ‬
‫سأبحث عن أوراقي ال ُمتساقطه عن شجرة عائلتي الصغيره و سأسعى إلى ذلك الحلم الذي ُيراودني بكثره‬
‫المساء‬
‫ِ‬ ‫همس‬
‫ُ‬

‫الشمس ببرود و تستقبل القمر ليكون منافسها الوحيد‬ ‫ً‬


‫رسمة باكية تودع ّ‬ ‫المساء‬
‫ِ‬ ‫رسم الغروب على‬
‫ويضيء ُعتمة الليل القاتم‬
‫يساورني الشعور بالنسيان لماضي كان حاضراً أعيشه َولَكِن ذلك الشعور ال يموت ال يم ّكنه التخلي عن‬
‫ُ‬
‫العالقة بي‬ ‫ِت ْلك األرواح‬
‫إلي َب ْعد ما كانت تعبُرّ ك ٌل مسارب ال ّنور لتتحرر من قبض ِة العفريت‬
‫المساء الكثير من األمنيات تعود ّ‬‫ِ‬ ‫في‬
‫الَّذِي يبث بـ داخلي التشاؤم‬
‫و يبددها إلى أن تغيب‬
‫لكن كيف لَه النصر ّ‬
‫علي؟‬
‫و أنا أحتاطها بـ عناقيد األمل‬
‫كيف لها أن تموت؟‬
‫الطلع عن الزهر‪ ،‬الفرق‬
‫ُ‬ ‫إن كنت قويه فحتماً سأنتصر و إن وجدني هشة ستتطاير أمنياتي مثل ما يتطاير‬
‫بينهما الحياه‬
‫فاألمنيات ال ُمتطايرة ال توجد بها الحياه لتثمر أم ً‬
‫ال جديدا‬
‫كم مرٍةّ تعثرت َولَكِن أقف من جديد أتابع الطريق‬
‫وأمضي دون أن ألتفت إلى الوراء‬
‫أرى ذلك ال ّنور أمامي و أنا أتتبع ضياءه‬
‫ال يمكنني الضياع بـ منتصف الطريق وأنا أملك القدره على المواصل ِة ح ّتى نهاية النفق‬
‫حيث هناك أم ٌر جمي ٌل ينتظر ثباتي و صبري على المحن‬ ‫ُ‬
‫لن أقل إنه لم يصبني اليأس مر ًة أو مرتين بـ سهامه‬
‫لكنني بعزيمتي أنتزعه و أشعر باأللم عند لحظة خروجها‬
‫درس مفيد يقوي القدرة على ال ُمتابعه‬ ‫فسهام البعض مؤلمه و قاسية لكن هي ٌ‬
‫معصم‬
‫ِ‬ ‫العثرات و يقويك أن تكون صلباً كـ‬
‫ِ‬ ‫إن لم يؤلمك َش ْيء في الحياه فلن تتعلم ولن تستطع أن تتعلم َمن‬
‫الباب‬
‫مرك َف َقط ال لـ َش ْيء‬
‫و إن لم يكن لك حل ٌم فلن َت ُكون لك غايه فأنت تعيش سنين ُع َ‬
‫مليئة بـ ألوان الفرح و السعادة‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫لوحة‬ ‫َّما أَ ْج َمل الحياه حينما نرسم علَى صفحتها‬
‫محطات ُم ٌ‬
‫متلئة بـ زحام العابسين‬ ‫ٍ‬ ‫اَل ينبغي الوقوف في‬
‫علينا أن نزهر بساتينهم القاحلة علّها تنبض بـ الحيا ِة َمن جديد‬
‫ونعتلي َذلِك الصرح الَّذِي مهدنا إليه الطريق‬

‫هدوء‪ ...‬وفجأة‬
‫يتمن ْون أحداً رؤيتها يثنون علَى ِت ْلك‬
‫سكون يزعج الساهرين يزعج وتيرة دموعهم الَتِي ال َّ‬ ‫ٍ‬ ‫خاطبني اللّيل بـ‬
‫األنات بالكتمان ح ّتى ال ينتشر خبر حدوثها؟ ولماذا؟‬
‫يبقى َذلِك النشيج عالقاً في صومعت ِه‬
‫َف َقط‪...‬‬
‫ُيحدث أزيزاً بالكاد تسمع لتلك األنات صوتاً‬
‫َولَكِن؟‬
‫اذا عن ِت ْلك العيون ال ُمتورمة والعروق الحمراء البارزه في الصِحابّ و َذلِك المزاج السيء من طول السهر‬ ‫َم َ‬
‫والتفكير الذي يثير صخب النفس المملؤه بـ الكثير‬
‫الكامل‬
‫ِ‬ ‫فدائماً أقصد قهوة العم صالح عندما يصاحبني األرق ويقضي علَى مزاجي بـ‬
‫ن ْعم يمكن لتلك القهوة أن تجعل مزاجك جيداً علَى األغلب فقهوته مشهور ٌة في َه َذا الحي‪ ،‬الجميع يستقطب‬
‫ُكرسيا و يحتسيها‬
‫الهيل البلدي هو ما أكسب القهوة رواجاً‬ ‫قهوة ِ‬
‫مع أغاني فيروز الصباحية‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تجعل منك شيئاً ُتراثياً للمارة الَّذِي يقصدون الطريق ف َقط َمن أجل رؤية ذلِك المشهد‬
‫و فجأه‪...‬‬
‫يحدث في الحي وأصواتاً ممتزجة بـ صوت اإلسعاف الَتِي تسير علَى عجل‬ ‫ُ‬ ‫شي ًئا ما‬
‫آه‪ ...‬كاد قلبي أن ُيصاب بالشلل‬
‫ماذا يحدث في َذلِك الحي القريب م ّنا؟‬
‫ذهبت ألرى َمن الش ّباك الكثي ُر من الناس تخرج و تهرول مهزوزين القوامـ ألم ٍر أرهب قلوبهم‬
‫ماذا يحدث؟ ما كل هذا الضجيج؟‬
‫ُخان يتصاعد كالكومه من فوق المنازل‬ ‫وإذا بالد ِ‬
‫إنه حريق‬
‫يا ألهي كم أتم ّنى أن يكون الجميع بخير‬
‫َبقيت علَى النافذه أتفقد المارة و األصوات المذعورة‬
‫بدأ يهدأ ك ٌل شيء‬
‫وأختي ال تكاد تشعر بـ شيء وشخيرها يتسرب إلى طبلة أذني‬
‫خارت قواي بعدما ضعفت ك ٌل حواسي على المقاومة وإستملكني النوم حتى الصباح‬
‫أسمع أحداً ُينادي بـ أسمي‬
‫ُ‬
‫ال أستطيع رفع جفناي الثقيالن المليئتين بـ ال ُن ِ‬
‫عاس‬
‫هذه المره الصُتوّ يقترب مني أَ ْك َثر‬
‫قفزت َمن سريري ُمرتاعه إنه الصباح‪ ...‬الوقت متأخر‬
‫بك يا ياسمين ؟ ما كل هذه الفوضى؟‬ ‫ُعاء بي ماذا ِ‬ ‫ُ‬
‫تصرخ د َ‬
‫القصة عند عودتي للمنزل‬ ‫سأخبرك ّ‬
‫ِ‬
‫أراك علَى خير‬ ‫ِ‬
‫صداع شديدٍ حتى أكاد أضل الطريق‬ ‫الطريق أشع ُر بـ‬ ‫وفِي منتصف ّ‬
‫ٍ‬
‫ال يمك ُنني التراجع وال وقت لي لـ أخذ فنجاناً من القهوة‬
‫كاد الصداع يأكل رأسي َمن شدت ِه‬
‫َبقيت بـ قوتي الَتِي كادت أن تهلك قواي و تهوي بي من على الطِقيرّ‬
‫تمكنت من مقاومة األلم بـ النسيان و تظاهرت بـ القوة‬ ‫ُ‬
‫علي عراك‬
‫ألم كان أشد ّ‬ ‫أجل‪َ ...‬ك َما تمكنت َمن الخالص َمن ٍ‬
‫العمل‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وصلت لمكان‬ ‫أخيراً‬
‫السالم عليكم‬
‫أخذت مكاني‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سلمت و‬ ‫كنت ك َمن اَل يأبه َأل َحد‬‫ُ‬
‫ح ّتى نسيت أمر ِت ْلك المرأه التي بـ جانبي كان ُكرسيها خالياً‬
‫لم أكن ألنسى وجودها بـ جنبي لوال َذلِك األلم أنساني ح ّتى نفسي‬
‫الشارع نحو المنزل‬
‫ِ‬ ‫كنت أول مرتادين‬ ‫ما إن أنتهى العمل حتى ُ‬
‫لم أجنح ألمر أحد في َذلِك آليوم وال ألمر زهوري اليتيمه‬
‫كنت أمشي و قدماي تسحب ُقواي لألسفل وكأنني أسير عكس الجاذبية‬ ‫ُ‬
‫سقطت علَى األرض هامد ًة من شدِةّ التعب و اإلرهاق الَّذِي أصابني‬ ‫ُ‬ ‫فتحت باب منزلنا‬ ‫ُ‬ ‫ما أن‬
‫ً‬
‫تسرق النبض مني خلسة لترسم لي حلماً كان‬ ‫ُ‬ ‫نوم طويل و إذا بتلك األحالم تزور خفائي و كأنها‬ ‫ُ‬
‫خلدت في ٍ‬
‫لي الرغبة في إقتناءه‬
‫كنت أركب حصاناً أبيض َوال أعلم أين كان يذهب بي غير أنني ُكنت سعيد ًة بذلك و أختي كانت تقف بجانب‬ ‫ُ‬
‫حزينة وقفت بجانبها ولَم ُتعرني إهتماماً و فجأه ذهبت وتركتني‬ ‫ً‬ ‫نهر ويداها على خد ّيها كانت‬
‫نائمة أَ ْك َثر أزعجني َذلِك ا ْل ُح ْلم الَّذِي اَل أَ ِجد له تفسير سوى أن ّ‬
‫علي نسيانه‬ ‫ً‬ ‫لم أستطع أن أبقى‬
‫أضغاث أحالم‬ ‫ُ‬ ‫فبعض األحالم ليست إالّ‬
‫نهضت مرعوبة لكن ما زال ال ُنعاس يحاول أغالق عيناي بشدة‬
‫تفقدت الساعة‬ ‫ُ‬ ‫ذهبت إلى سريري‬ ‫ُ‬
‫ُعاء‬
‫الوقت حتى عودة د َ‬ ‫ِ‬ ‫ما زال هنالك الكثير من‬
‫تمنيت أن أنام َوال أرى ِت ْلك األحالم التي تعبث بعقلي و ُت ِصيبني بالوساوس‬ ‫ُ‬
‫نفسه يتكرر‬ ‫بالحلم َ‬
‫ِ‬ ‫غفوت مر ًة أخرى و إذا‬
‫يا آلهي ماذا َي َكاد أن يحدث؟‬
‫ال ال‪ ،‬ال شيء ليست إال اضغاث أحالم‬
‫أحياناً ال أرغب في تفسير بعضاً َمن األحالم حتى ال تثير بـ نفسي التفكير و العبث‬
‫أبقى هادئه حتى يتالشى من ذاكرتي‬
‫ال يجب النوم أكثر سأستلقي و عيناي ُمستيقظتان‬
‫الطريق إلى دعاء‬ ‫و خافقي يلتمس ّ‬
‫ِرن ِرن ِرن‪ ...‬جرس المنزل‬
‫ولكن!‬
‫غائبة عن الوعي رغم صحوتي و ِت ْلك العينان الالتي أجبرتهما علَى مقاومة هيمنة النوم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫كنت‬
‫طق طق طق‪ ...‬طرقات الباب‬
‫يا ألهي أح ٌد علَى ِ‬
‫الباب‬
‫نعم قادمة قادمة‬
‫بشخص ال أعرفه‬
‫ٍ‬ ‫الباب َوإِ َذا‬
‫وبيدين متلبكتين أفتح ِ‬
‫السالم عليكم‬
‫كنت نائمة َمن َت ُكون؟‬ ‫وعليكم السالم عذراً ُ‬
‫ُعاء بـ الجامعة‬ ‫أنا زمي ُل د َ‬
‫ُعاء بخير أخبرني ما خط ُبها؟‬ ‫هل د َ‬
‫ُعاء بخير َولَكِن آليوم أصابتها حالة إغماء و ت ّم نقلها إلى المستشفى وهي بخير أتيت ألطمئنك‬ ‫ال تقلقي د َ‬
‫عليها‬
‫يا آلهي كان َذلِك ا ْل ُح ْلم علَى َحق‬
‫ال لك‪ ،‬سأذهب إليها حا ًال‬ ‫شكراً جزي ً‬
‫ذهبت إلى المستشفى أهرو ُل و قلبي ُيهرول مع ُخطواتي ال ُمتسارعه‬ ‫ّ‬
‫كدت أن أتعثر بتلك الصخور في ُك ِّل َم َكان‬
‫المشفى كان قريباً م ّنا‬
‫لكن خوفي عليها َج َعل من َذلِك الطريق طويل‬
‫ال َي َكاد ينتهي إال بإنتهاء َن ْف ِسي‬
‫باب المشفى أمامي‬
‫أنا علَى عجل ال أحد ُيزاحمني ال ُممرات إليها‬
‫رقم الغرفة‬ ‫ُبسرعه أسأل السكرتيره عن ْ‬
‫أجل‪ ،‬شكراً‬
‫فتحت الباب ُبهدوء حتى ال أُثير في نفسها الضجيج‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫السقاية ُتمد عروقها الصغير ِة بال ُمغذي‬ ‫كانت ُمستلقية مسترخية القوامـ ومغمضة العينين َو ِت ْلك‬
‫أكتفيت بوضع َيدِي على قل ُبها ألطمئن عليها‬ ‫ُ‬
‫الحمدهلل بخير‪ ،‬عافاك اهلل يا صغيرتي‬
‫ُعاء تفتح عيناها الفاتنه‬ ‫حبيبتي د َ‬
‫ال ال توشك أن تغلقهما وتسترق َّ‬
‫النظر ألي‬ ‫إلي و تغمضها قلي ً‬ ‫تنظر ّ‬
‫تصبب عرقاً‬
‫ُ‬ ‫قبلت جبينها ال ُم‬ ‫ُ‬
‫ُعاء‬ ‫معك عزيزتي د َ‬ ‫أنا ِ‬
‫طرقات خفيفة خلف الباب‬ ‫ٍ‬ ‫َوإِ َذا بـ‬
‫الدكتور قادم لألطمئنان عليها و تفقد صحتها‬
‫السالم عليكم‬
‫وعليكم السالم يا دكتور‬
‫ُعاء؟‬‫حالك يا د َ‬ ‫كيف ِ‬
‫ُعاء ما زالت عاجزة عن الكالم‬ ‫و دَ‬
‫يبدو إنها بخير‬
‫هي َك َذلِك حمداً على سالمتها‬
‫يبدو أنك أختها؟‬
‫نعم أُختها ال ُكبرى‬
‫ُس ُ‬
‫ررت بـ لقائك‬
‫وأنا َك َذلِك شكراً‬
‫مشيت خلف الدّكتور ألطمئن عليها‬ ‫ُ‬
‫معذر ًة َمن فضلك يا دكتور أو ّد سؤالك عن حالة أختي؟‬
‫نعم تفضلي‬
‫ُعاء؟ ما سبب اإلغماء‬ ‫َم َ‬
‫اذا بها د َ‬
‫ُعاء ال تلتزم بـ غذاء صحي سليم أظهر الفحص ُنقص الهيموجلوبين‪ ،‬لكن هي بخير ال داعي‬ ‫يبدو أن د َ‬
‫للقلق َف َقط عليها اإللتزام بنظام غذائي صحي متوازن‬
‫ال دكتور‬ ‫شكراً جزي ً‬
‫وبنفس عميق الحمدهلل‬ ‫ٍ‬
‫بالقرب ِمن َها و لساني بآيات الشفاء يدعو لها‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫جلست‬
‫بصوت ُمتعب‬
‫ٍ‬ ‫غفوت على حاف ِة السرير وإذا بها ُتناديني‬ ‫ُ‬
‫ياسمين ياسمين ياسمين‬
‫اذا ُتريدي؟‬‫بقربك اآلن َم َ‬
‫ِ‬ ‫نعم يا صغيرتي الحلوه أنا‬
‫أو ّد الخروج َمن المشفى ال أحب المكوث أكثر‬
‫وجودي ُه َنا ُيثير بداخلي التعب و الحزن‬
‫ُعاء ال تجعلي َمن قل َب ِك أوتاراً للحزن َن ْح ُن ال نملك أن نوقف ِت ْلك األقدار‬ ‫ال تكملي يا د َ‬
‫بإنك تحسنتي وسنعود إلى بيتنا‬ ‫سأذهب إلى الطبيب وأخبره ِ‬
‫حسناً يا أختي‬
‫ألحضان باتت بالمستحيل لها العود ِة َمن‬
‫ٍ‬ ‫تم ُتثير بنفسها الحنين‬ ‫أعلم ما بداخل قل ُبها الصغير إنها غصون ال ُي ِ‬
‫جديد َولَكِن َك ْيف لنا أن نمنع أقدار الغيب‬
‫َف َقط كلما إشتد علينا األلم والحزن نادينا اهلل به مستغيثين أن ُيمددنا بـ القو ِة كلما ضعفنا‬
‫الشوق واألنين لم أكن أعي قدماي أين تسح ُبني كيف لها أن تعرف الطريق و قلبي كان‬ ‫ِ‬ ‫أثارت بـ خاطري‬
‫مشغو ًال بما قالته د َ‬
‫ُعاء‬
‫ألتقيت الدكتور المشرف على حالتها أمامي لوال أن أوقفني لم أكن ألعلم ألمري سبيل‬ ‫ُ‬ ‫وبالصدفه‬
‫نعم دكتور‬
‫كيف حال أختك اآلن هل فتحت عيناها؟‬
‫أجل و هي تطلب الرخصة‬
‫سأطمئن عليها أو ًال و سنرى أن كان بمقدورها المغادرة‬
‫حسناً دكتور‬
‫تحسنت أختي وأعطانا رخصة‬
‫الصلب كما لم أكن أراها‬ ‫وغادرنا المشفى و على طريقي أرى ِت ْلك المرأه الطيبة تمشي ٍ‬
‫بثقل أجهد قوامها َّ‬
‫فيه منذ قبل‬
‫ماذا أصابها ليتهالك غصن قوامها إلى هذا الحد؟‬
‫ال عن حالها‬‫ذهبت إليها أهفو ُسئ ً‬ ‫ّ‬
‫كان أسمها بهجة ومن يرى وجهها يرى ع َكس ذلك‬ ‫ُ‬
‫ناديتها كثيراً‬
‫لكن يبدو لي أنها ال تسمعني‬
‫أشك في َن ْف ِسي أنني أخطأت ربما ليست بهجة الَتِي أعرفها‬ ‫بدأت ُ‬
‫ال ُبد لي أن أتقد ُم أكثر نحوها‬
‫نعم تقدمت‬
‫وإذا بها هي التي كانت تجلس بقربي‬
‫ماذا حصل ؟‬
‫أقف أمامها وأنادي بأسمها وإذا ِب َها تحتضنني َك َما لو ُ‬
‫كنت أبنتها‬ ‫وأنا ُ‬
‫حالك؟‬
‫كيف ِ‬
‫سالمتك‬
‫ِ‬ ‫حمداً على‬
‫ما الَّذِي أنتهز قوامك؟‬
‫يبدو لي أنها ال تسمع ما أقوله‬
‫نعم كانت ال تسمع ما أقوله‬
‫أصرخ في أذنها حتى تعي ما أقوله‬‫ُ‬ ‫لكنني بدأت‬
‫كانت كالكهل أدركت ُه سنين العمر فالتهمت منه حواسه‬
‫الحمى و نخرت جسدها نخراً أصابها بالضعف لكن كان هناك أم ٌل أن يعود لها ْ‬
‫السمع‬ ‫أصابتها ُ‬
‫كانت تقتاد نفسها لم يكن أحداً معها لم توشك لنا عقارب الساعة أن نستكشف خبايا صدورنا‬
‫ودعتها وتركتها تمضي و واصلنا أنا ودعاء طريقنا إلى ا ْل َب ْي ِت‬
‫أمشي و عقلي به الكثير َمن الضجيج الصاخب‬
‫دُميتي‬

‫دُميتي ذكراي الجميلة‬


‫لَ ْي َست ألنها كانت هدية عيد ميالد‬
‫كانت أَ ْج َمل َمن ذلك بكثير‬
‫كانت من ذلك ال ّرجل الَّذِي رسم بعضاً َمن تفاصيله على تفاصيل أُنوثتي‬
‫أسترجع معها ِت ْلك اللحظات األبوية‬
‫ذلك الحضن الَّذِي يدفء أطرافي الباردة‬
‫ويحمي لـ قلبي نبضات ِه الساكنه حتى ال يسكنه َمن يـُميت فيه الحياه‬
‫أين أنت يا أبي؟‬
‫القارص من دونك؟‬
‫ِ‬ ‫أين أنت اآلن وأنا بفصل الشتاء‬
‫أختبئ في كنف أُمي‬
‫ُ‬ ‫ُكنت‬
‫وكنت أنت َمن يدفء الجميع بك ‪ ،‬أنت َف َقط‬
‫كم ُكنا أنانين إتجاهك‬
‫ُك َّنا نعيش ِت ْلك السعاده التي تمتص قواك‬
‫َمن أجلنا‬
‫الشتاء أن يمضي دون طيفك‬ ‫َك ْيف لهذا ّ‬
‫دون دفئك‬
‫و حنانك‬
‫كيف لَه بالمضي؟‬
‫َو ِت ْلك اليدين الحانيتين أين هي؟‬
‫التي تدفئني حين أُصاب بالحمى الباردة‬
‫لم يكن العِالج ينصفني!‬
‫كانت يداها بلسم شفائي‬
‫كيف لي أن أقي َن ْف ِسي ض ّد كل هذه البوادر‬
‫كيف لي أن أُخبرها‬
‫أنني وحيدة‬
‫ليس لي القدرة علَى المواجهة‬
‫أخبروا الشتاء‬
‫أن يمضي‬
‫حمل أضلُعنا برودته الصماء‬‫دون أن ُي ِّ‬

‫األنا‬

‫بعض المشاهد محجوز ٌة بداخلي‬ ‫باتت ُ‬


‫منطمسه علَى آذاني ال َي َكا ُد لـ عقلي تناسيها‬
‫ال يوجد بداخلي َه ُوس بإقتناءها ولكن لم يكن لي القدره علَى إرسالها بعيداً عن ذاكرتي‬
‫الباب‬
‫مساء دون طرق ِ‬ ‫ً‬ ‫كثي ٌر َمن األشخاص سكنت بجميع مخيالته تستقطبه كل‬
‫كنت ك َمن يخج ُل بطردها دون السماح لها أن تستهلك كل أروقتي وك ٌل ما أحمل ُه من طاقة أتكأ عليها في كل‬ ‫ُ‬
‫صباح‬
‫ال تسعفني علَى ال ُمضي دون أن أتمسك بأفنية الشارع‬
‫َولَكِن َر ْغم ذلك‬
‫زلت قوية و أمضي دون أن أتكأ علَى أحد‬ ‫ما ُ‬
‫أكتفيت بـ أنا‬
‫َر ْغم ما قالوا عن األنا‬
‫أنانية‬
‫الكثي ُر ال ُيدرك من َت ُكون؟‬
‫ومن هي؟‬
‫األنا‬
‫القوة علَى نفسها ال علَى غي ُرها‬
‫الروح التي تما َرس ّ‬ ‫هي ِت ْلك ُّ‬
‫لَ ْي َست لتكسب ما ُت ِريد‬
‫َبل لتصنع‬
‫فرحاً‬
‫نضا ًال‬
‫ً‬
‫تضحية لمن ح ّولها‬ ‫وكفاحاً و‬
‫ليس كل األنا أنانية‬
‫األنا ِت ْلك التي ُتضحي بنفسها لغيرها‬
‫فليس كل ما قيل عنها ُيمثلها َبل تجسد مالكها‬

‫صور الماضي الباهته التي لم يسبق لها عصر األلوان‬

‫كيف لها أن تتلون بألوان الفرح و قد خلقت بداخلي الخوف و الهلع؟ كيف لها أن تبدو و قد جعلت مني‬
‫مرتعا لأللم؟‬
‫و كيف لتلك الصور بالرحيل بعدما نقشت بداخلنا نقوشاً كال ُفالذ ال يمكن لها التالشي إال بـ هالك أرواحنا‬
‫الضائعه‬
‫لم أكن ألنسى منظر ِت ْلك السيدة الطيبة التي تجلس ِبمحاذاتي‬
‫منظر معمل الخياطة بات لي كئيب ولَم تكن لي القوة علَى اإلندماج مع اآلخرين وكأن بيننا جسوراً ال‬
‫ُيمكنني عبورها‬
‫كنت أخشاه بات وشيكاً بالقدوم ال أعلم ما خطب ُه سوى أن زمجرته أصبحت أسمعها تقترب مني أكثر‬ ‫ما ُ‬
‫بين لحظ ٍة وأخرى‬
‫عذراً ِم ْنك يا أخي َهل يمكنني اإلستفسار عن ِت ْلك المرأة التي كانت بجانبي‬
‫هل تقصدين بهجة يا آنسه؟‬
‫أجل بهجة‬
‫بكل تأكيد تفضلي بالسؤال‬
‫أشكرك ‪ ،‬لك إمتناني‬
‫ال شكر علَى واجب‬
‫أو ّد معرفة منزلها‬
‫قريب جداً َمن المعمل‬
‫ٌ‬ ‫سأخبرك عن موقعه إنه‬
‫ِ‬ ‫بكل سرورٍ ِعند إنتهاء العمل‬
‫لك جزيل الشكر أخي‬
‫لم يكن لعقلي أن يتمهل و يصمد دونما تفكير‬
‫فكثي ٌر َمن األفكار المبعثرة حوله‬
‫تشتد َعلَ ْيه سرائر ال يعلمها وال ُيدرك َمن هو خصمه؟‬
‫كاإلعصار عشت ضجيج األفكار‪ ،‬أعمل دون أن أستحضر قواي العقلية‬
‫علي أن أعمل دون توقف إلى أن ينصف الوقت بيننا‬ ‫ِسوى أن ّ‬
‫نعم أنتهى الوقت‬
‫انتهى على مضض وأنا بتلك األمنيات أدعو اهلل لها في الخفاء أن تكون بخير‬
‫أجل‪ ،‬إنتهى السباق َمع ال ّزمن وجاء التحدّي ليحدو بي إلى سرج أمر غيابها‬
‫كان منزلها صغي ٌر جداً كـ الشرنق ِة في مآربها الملتوية بين أجزاءها الغضة‬
‫ً‬
‫مسافة أطول‬ ‫لكن حرارة الشمس تصيب الجسم باإلضمخالل وتجعل من ذلك الطريق القصير‬
‫وكأن بيتها تسكنه الدجاجات مع فراخها‬
‫ّ‬ ‫وصلت إلى عتب ِة البيت ال ُمتهالكه ‪ ،‬لم أسمع صوتاً للبشر‬
‫ُ‬
‫طرقت الطرقة األولى لم يستجيب أحد ؛ فالثانية حتى الثالثة ولَم يكن هنالك أحد‬
‫زلت مصممة على اإللتقاء بها في بيتها أنتظرت و تسلّلت إلى نفسي أفكار وقفزت َمن مكاني‬ ‫لك ّني ما ُ‬
‫مرعوبة‬
‫لكن منظرها ما زال بداخلي ال يمكنني ال ُمغادرة قبل اإلطمئنان عليها‬
‫ُ‬
‫فتحت الباب‬ ‫فـ رويداً رويداً‬
‫المكان مظلم ال يوجد به أحد عجباً أين ذهبت؟!‬
‫ٌ‬
‫قادمة َمن خلفي‬ ‫وإذا بي أسمع خطوات‬
‫تصور ليس هناك أحد‬ ‫ال ال إنه محض ّ‬
‫تقترب مني أكثر‬
‫ُ‬ ‫الخطوات‬
‫ِ‬ ‫وإذا بـ‬
‫ال ُبد أن أرى من خلفي‪ ،‬لكنني خائفه ال أملك الق ّوة أن أرى األشباح التي لم أصدق وجودها وظننتها‬
‫بمحض خيال‬
‫كان شيئاً لم أتوقعه‬
‫إنه الشخص الَّذِي أخبرني عن منزل بهجة‬
‫كثي ٌر َمن األفكار ح ّولي أصابتني بالدوار والغثيان‬
‫ألهي ال أملك القوة كن معي ياهلل‬
‫اجه األمر دونك‬ ‫ال تتركني أُ َو ِ‬
‫بـ صوت يرجف ويدين تهتز كالرعاش‬
‫اذا تريد؟!‬ ‫نعم َم َ‬
‫لم يتكلم ونظراته وإبتسامته ُت ْخفِي أمراً ُعجاف‬
‫نظرت للخلف وعن يساري و ُيمناي هل هنالك مفراً ُينجي سذاجتي؟‬
‫أسمع صوت قهقهته ال يوجد مخرج سوى هذا الَّذِي أمامك أهربي إن إستطعتي؟‬ ‫ُ‬ ‫وإذا بي‬
‫بدأت أبكي و أتوسله أن ال يؤذيني َف َمن مثلي ال يمكن ُه أن َي ْشرب الحزن مرتين و أموت و أبقى جسداً دون‬
‫روح‬
‫الخبث الَّذِي في َق ْل َبه أعمى إنسانيته‬
‫ُ‬ ‫لم يكن ليستجيب لندائي ندائي و توسلي سوى ذلك‬
‫بصوت عالٍ هل هناك أحد لـينقذني؟‬ ‫ٍ‬ ‫بدأت أصرخ‬ ‫ُ‬
‫وإذا بكف يده يسقطني أرضاً دون وعي‬
‫أفقدني الوعي لم أشعر بأي شيء َب ْعد ذلك حاولت كثيراً أن أتذكر ما حدّث‬
‫ولكن لم أستطع‬
‫لم أتذكر كيف أنقذت َن ْف ِسي من شرنقت ِه وهل كان لي ال ُقدرة على أن أتخلص من قبضت ِه بعدما أفقدني‬
‫الوعي‬
‫رأيت ظال ألحداً من البشر اَل أعلم لمن كان ذلك الطيف؟‬ ‫بينما كانت عيناي مفتوحتين ُ‬
‫لم أستطع أن أجزم بالكاد من هو؟‬
‫كانت الصورة مهتز ٌة بعض الشيء واألصوات من حولي اَل يمك ُنني فهمها‬
‫كنت ك َمن يعيش حياة ِب َغ ْير ُروح‪ ،‬كـ جسد األموات ُممدد و الروح تراهم من بعيد‬ ‫ُ‬
‫وهناك من يمسح على جبهتي ويحتضنني‬ ‫وهم يقلبون جسدي يميناً و يساراً ُ‬
‫لم أكن ألتحرك ِسوى أن عيناي ُتحاوالن أن ترى لكن الصور أمامي باهته‬
‫أما أُذناي تسمع أصواتاً لكن ال أفهم لغتهم‬
‫مكان ليس ِبموطني‬‫كنت أشعر به في ِت ْلك اللحظات أنني ِب ٍ‬ ‫ما ُ‬
‫َكا ُنوا ك َمن يبكي على حداد فقد أحدهم‪ ،‬اَل مهرب لي ِسوى محاولة النهوض‬
‫وقت طويل كأنها سنين ُعجاف‬ ‫بدأت أستشعر وأستفيق َب ْعد ٍ‬
‫بدأت أشعر بي ٍد صغيرة تمسك يداي بشده وتضمها بكل حنان نحو صدرها‬ ‫ُ‬
‫أدركت دون أن أراها‬ ‫ُ‬
‫ُعاء‬
‫يد أختي الصغيره د َ‬
‫إغالق عيناي بشدّه ح ّتى أدنو إلى‬‫ُ‬ ‫ُعاء تأخذني بعيداً وأستحكمـ هذه المرة‬ ‫ما أَ ْج َمل دفء يديك يا د َ‬
‫إستعراض أشيائي الجميلة َمع عائلتي الصغيرة‬
‫صحوت من ِت ْلك الغيبوبه الَتِي ربما دامت لساع ٍة كامله وربما أَ ْك َثر من ذلك‬
‫كنت أقاوم اإلغماء‬‫لك ّنني ال أريد أن أصحو بعدما ُ‬
‫أسكن األموات حديثاً‬
‫ُ‬ ‫دعوني اآلن َولَو لبرهه أن‬
‫يأخذاني معهما‬‫دعوني أتمسك بهم لر ّبما يعودان َمعِي أو ُ‬
‫الدرج و أنا مسرعه ألجل أن أرى والدي وهو ممسكاً بـ جريدته عند ك ٌل صباح مع كوب‬ ‫هبطت من فوق َ‬
‫الهيل‬
‫الشاي بـ رائحة ِ‬
‫لصوت أُمي وهي تردّد االغاني مع ص ّوت فيروز‬ ‫ِ‬ ‫وبكل إنصات أسمع‬
‫وكلمات الغزل من والدي ألمي إنك تنافسين فيروز بصوتك الجميل يا أم طفلتي الصغيرتين‬
‫الح ِب ِت ْلك‬
‫قصة ُ‬ ‫كانا عاشقان لبعضهما البعض َولَكِن لم نسألهما يوماً عن ّ‬
‫ظننت َن ْف ِسي صغيرة ال يتوجب علينا المعرفة‬
‫ِشق الَتِي تتوج عائلتنا‬‫الح ِب وعن سماع قصة الع ْ‬ ‫و ما هو ُ‬
‫بصوت يملئه الحنان هناك من ُينادي بـ أسمي ياسمين‪...‬ياسمين‪...‬ياسمين‬ ‫ٍ‬
‫زلت في غيبوبه؟!‬ ‫َهل كان ُي َخ َّيل لي أم أنني ما ُ‬
‫صوت أبي ُيداعب مسمعي ُمنذ َز َم ٍن طويل وأنا لم أسمع ُه‬ ‫كـ ّ‬
‫سأحاول ُفتح عيناي بعدما أحكمت إغالقهما‬
‫سفر طويل أبعدنا كثيراً عنهما‬ ‫لـأرى وجه أبي و أرتمي بحضنه َب ْعد ٍ‬
‫أرى الوجوه من ح ّولي تبتسم و تباشير الفرح ُتبارك نجاتي‬
‫دت إلى إغالقهما مجدداً‬ ‫لم أستطع فتح عيناي بالكامل ُع ُ‬
‫تذكرت أن هناك من أستحوذ على سذاجتي‬ ‫ُ‬ ‫تذكرت ما حدّث أخيراً‬ ‫ُ‬
‫كنت مقاومة َولَكِن فشلت في محاولتي بـ الهرب‬ ‫تذكرت كم ُ‬
‫حين سكنت ال ّنوم بالقوِةّ دون وعي بـ كف يده الَتِي بطشت بي‬
‫كم أنا خائفة من كل شيء!‬
‫آلهي خذ بيدي إليك‬
‫أهدني ُسبل النجاة‬
‫ال تكسر لي قلبي‬
‫وأنا أعلم أن القلوب المكسوره ال يجبرها سواك‬
‫دائماً َّما يوقف ذلك الحزن بداخلي آية اهلل حين ُتخاطبني اَل تحزن إن اهلل معنا‬
‫سأفتح عيناي اآلن و أتحدى حقيقة األمر‬
‫وأنا ُمد َركة تماماً بـ لطف اهلل لي‬
‫ا ْل ُكل هذه المرة يتمتم لي بـ تباريك الفرح‬
‫منصة التخرج وأنا أحمل شهادة التفوق في قسم التصوير والصحافه‬ ‫أحسست وأنا على ّ‬ ‫ُ‬
‫تمنيت أن أعيش ِت ْلك اللحظات ال في الخيال‬ ‫ُ‬ ‫كم‬
‫تمنيت أن أتوسط قمم الناجحين‬ ‫ُ‬ ‫كم‬
‫تمنيت الكثي ُر‬ ‫ُ‬
‫لكن لم أدركه َب ْعد‬
‫لم يحن الوقت ألسكن عالمي الصغير‬
‫ِك أَ ْمراً‬ ‫اَل َت ْد ِري لَ َع َّل اهَّللَ ُي ْحد ُ‬
‫ِث َب ْع َد َذل َ‬
‫دائماً أواسي قلبي بآيات القرآن ح ّتى أبقى ُمتماسكة‬
‫أفقت َب ْعد ذلك الخطب صحوت ودنت أختي لتحتضن بقاياي‬
‫شعرت بالخجل حين حملقت عيناي بأشخاص ُغرباء توسطوا بالقرب مني‬
‫أعتقد ُهم من أنقذوا شاكلتي من الهاوية بعدما تتطمن الجميع أستداروا لـرحيل‬
‫شكرت وجودهم حولي‬ ‫ُ‬
‫القوة َب ْعد أن أعرف من أنقذني‬ ‫لكن لم ت ُكن لي ّ‬
‫شاب ليس بالغريب كأنني رأيت ُه من قبل لكن الح ّمى‬ ‫كل ما أتذكره كان هناك بـ زاوية الغرفة على اليمين ٌ‬
‫الَتِي أصابتني بالوهن ما زالت تضعف قواي‬
‫وأختي الَتِي تهتم بي ما زالَت مكافحة لتكبح قوى الح ّمى و تسيطر عليها دون أن تسيطر على ضعفي‬
‫تخفضها قبل أن تخفض ُمقاومتي‬
‫بدأت الحرارة تنخفض وبدأ ال ُنعاس يأخذني إليه دون مقاومة‬
‫كنت ُمثقلة ولَم أعد قادرة على البقاء أكثر‬ ‫كم ُ‬
‫البقاء أكثر‬
‫ِ‬ ‫تمنيت الرحيل آلالف الم ّرات َولَكِن الحياه ُتجبرني على‬ ‫ُ‬
‫ربما تحلو الحياة لي م ّرة و ترسم لي عناقيد الفرح وأتذوق طعمها الحلو‬
‫غطت لِحافها و القمر أراه منيراً من نافذتي الصغيرة‬ ‫إستيقظت والشمس قد ّ‬
‫ٌ‬
‫صديق له‬ ‫َو َما أَ ْج َمل القمر حين يصاحبك السهر وفتورك ُيحاكيك كـ‬
‫اَل ُيبالي عن أي حديثاً ُتحدثه نفسك الحائرة‬
‫في مطبات الحياه‬
‫ُ‬
‫الحادثة ال ُمره‬ ‫عادت لي الذاكرة َب ْعد صحو ٍة من ال ّزمن َعاد إلى ذاكرتي‬
‫إلي شتات أمري‬ ‫َعاد ّ‬
‫وماذا بعد؟‬
‫النسيان ح ّتى اَل أضيع في مسالك الحياه ِب َس َبب سذاجتي!‬ ‫اَل ُبد لي من ْ‬
‫اَل ُبد لي من نسيان المرأة الطيبه َبل تناسيها إن لم يكن في األمر مأمناً للعبور‬
‫قلبي ال ُمطفح بالكثير من المشاعر المحرومة بات ينبض كثيراً هذه المره‬
‫ينبض و كأنه يرى حبيبه أمامه‬
‫ينبض بشدة اَل يمكنني تهدأته‬
‫ُعاء ُكوب الشاي لـ يخدر ما بقي من هواليس متوجسة بل متوجعة‬ ‫أحضرت لي د َ‬
‫وبدأت بـ الكثير من األسئلة و هي تجيب‬
‫ُعاء من قبضة ذلك الغاشم؟‬ ‫من أنقذني يا د َ‬
‫إبن جارنا حـُسام الَّذِي يعمل ب َنفس المعمل الَّذِي تعملين فيه‬
‫والعدالة؟‬
‫والعدالة ستأخذ مجراها مع ذلك ال ُمتهاوي أخالقياً ال تخافي يا أختي‬
‫ُعاء؟ هل حدّث لي شيء طمئنيني؟‬ ‫زلت ِب َخ ْيريا د َ‬
‫َهل أنا ما ُ‬
‫لم يمسسك ِب َش ْي ٍء يا ياسمين أطمئني‬
‫ض ساجده‬ ‫وخررت إلى َ‬
‫األ ْر ِ‬ ‫ُ‬
‫حمداً لك يا اهلل أن أبقيتني ِب َخ ْير‬
‫حمداً لك يا اهلل أنقذتني قبل أن َي ْج َعل مني فريسة تتهاوى عليها الذئاب بين الحين واآلخر‬
‫حمداً لك يا اهلل‬
‫وبدأت في نفسي قواسم األمل من جديد و العصافير ح ّولي تنشد لحناً ُيمددني بالقوة أكثر‬
‫أرغب في تناول شيء غير ال َماء في معدتي الفارغه فك ٌل ما حدث في هذا آليوم كان كافياً أصابني‬ ‫ُ‬ ‫لم‬
‫بالشبع إلى حد التخمه‬
‫لم أكتفي بهذا وعقلي القاطن في دوامة األفكار الحائرة بين فكر ٍة وأخرى َبقيت مفتوحة العينين إلى أن‬
‫الشمس أصبحت عيناي متورمتين حتى أن حبالي الصوتيه ُم ٌ‬
‫صابة باإلعياء و كأنها‬ ‫حان وقت طلوع ّ‬
‫أغدقت نفسها بالكثير من الكالم‬
‫مكان آخر للعمل ولكن أين أجده؟‬ ‫كنت ما بين ال ُمتردد في الذهاب أو البحث عن ٍ‬ ‫ُ‬
‫ال جدوى من ك ٌل هذا‬
‫َبل ال بد للكفاح أن يتخطى ُحدُود اليأس و يحدو بي َن ْحو أَ ْج َمل ما َبقِي َمعِي من أحالم‬
‫مقتبس و طريق‬
‫ٍ‬ ‫في ك ٌل‬‫غفلة وهو قاطن بي ّ‬ ‫َو َك ْيف لـ الصبر أن يختلسني في ً‬
‫قاومت ذلك التشاؤم و أومت بنفسي عتبة الباب‬
‫خطوت وفِي ك ٌل خطوه أُسمي بنفسي آيات اهلل أن يحميني بين ك ٌل هذه األقدار‬ ‫ُ‬
‫وصلت المعمل كان ا ْل ُكل بإستقبالي لم أشعر بأنني ِت ْلك الفتا ُة البسيطه ِت ْلك الَتِي تدعى ياسمين‬
‫ُ‬ ‫حين‬
‫زلت ِت ْلك الفتاه الَتِي لم تتعدّى عتبة باب أحالمها‬‫كان بـ مثابة إستقبال إحدى الشخصيات المهمه أما أنا ما ُ‬
‫إلى اآلن!‬
‫ولكن كان لدموع الفرح والسعادة التي أغرقت عيناي‪ ،‬لم يعد هنالك صبرا أكثر في حبسها بين محاجر‬
‫عيناي كان لها أن ُتمطر‬
‫ُتمطر خداي وبغزارة‬
‫كادت أن تمطرني ُكلي فهي لَ ْي َست حبيسة األمس هي حبيسة الكثير من ال ّزمن الَّذِي تم ّرد ّ‬
‫علي‬
‫قامت زميالتي بـ إحتضاني والتباريك بعودتي سالمة‪ ،‬الجميع من حولي يبارك لي عودتي من جيد‪ ،‬يهنئني‬
‫على قوتي و صالبتي‬
‫حولي بدا لي اليوم شيئاً ُمختلفاً‬‫ما كان يبدو لي سابقاً عن من ّ‬
‫أزل طويل‬‫هنالك رابطة قو ّية وكأ ّنها كانت تربطنا ُمنذ ٍ‬
‫حولي لَه ٌ‬
‫شأن َك ِبير ال‬ ‫أشكركم جميعاً وأنا أعلم أن هذه الكلمة ال يمكنها أن تفي بحقكم فوجودكم آليوم ّ‬
‫ُيمكنني نسيانه أبداً ح ّتى لو أصيبت ذاكرتي بالزهايمر على المدى البعيد ستبقون بداخلي هنا بقلبي الَّذِي‬
‫سيدعو لكم بالخير‬
‫وجودكم حولي وإحتضان بقاياي أعا َد لي القوة من جديد‬
‫شكراً لكم أعدتم لي السعادة واألمل بقلبي‬
‫كان يوماً عامراً بتباريك الفرح وعناوين السعاده وخيوط البهجه تخطاط إلى قلبي ّ‬
‫الطريق‬
‫بكل جماح الهمم وأكثر‬ ‫المعمل ِ‬
‫ِ‬ ‫ُعدت إلى‬
‫كان َه َذا ما ينبغي‪...‬وكان‬
‫لم نعمل ك ّنا نحتفل‪ ...‬نحتفل بيوم مولدي الجديد‬
‫كان يوماً مختلفاً جمعنا وكأننا عائلة ُوجدت َب ْعد مخاض‬
‫وحي دون جسدي‬ ‫َب ْعد المخاض الَّذِي كاد ُيميت ُر ِ‬
‫إلي تقاسيم العطاء‬ ‫أنبتني ال َقدْر من جديد بـ ميال ٍد جديد الثامن عشر من شباط أعا َد ّ‬
‫أنتهى ذلك اليوم مختوماً بالسعاده‬
‫الجدر يختبئ‬ ‫المعمل لمحت شخصاً بين ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِعند خروجي من‬
‫أجث خطواتي على عجل ال يمكنني أن ألتفت‬ ‫وأنا ُ‬
‫سأعبر دونما أرى ِسوى طريقي لن ألتفت هذه المره إال لنفسي سأصبح أنانيه ح ّتى ُيجبر كسر قلبي‬
‫وأطفىء ما حوله من ُسحب األنين‬
‫ناس وجودهم بـ الحيا ِة ِن َع َمة َولَكِن حي َنما ُتعلمك َ‬
‫الح َياة درساً ال بد لك أن تبتعد و ال تقترب‬ ‫أعلم أن هنالك أُ ٌ‬
‫ح ّتى وإن كان من حولك ال ُيقدر بـ ث ّمن‬
‫أصابني ذلك الموقف بحالة نفسية تخاف من البشر‬
‫الصغير وإذا بـ ُحسام كان خلفي‬ ‫َوإِ َذا بي ُ‬
‫أغلق باب بيتنا َّ‬
‫لم أستطع النظر إليه بل كان لزاماً أن أشكره على موقفه النبيل‬
‫اء شكراً لك على إنقاذي شكراً لـ كونك أخ لم تلده أمي شكراً‬ ‫شكراً لك ح ّتى تصل قمم َّ‬
‫الس َم ِ‬
‫علي ذلك يا ياسمين ال َت َخافِي َب ْعد آليوم سأكون ِعند حسن ِ‬
‫ظنك بي‬ ‫بك َبل كان ّ‬ ‫أعتذر للحاقي ِ‬
‫ال وإن كانت غير ُموافية لقدرك وطيب ِخصالك أنا حقاً لك ُممتنة‬ ‫شكراً جزي ً‬
‫بعدها َذ َهب ك ٌل م ّنا دون سابق أذن لم أكن ألسمح لَه بـ الكثير من الكالم‬
‫الحديث بل كنت غائبة في سردابٍ‬‫ِ‬ ‫لم أتخاطب َمع أختي في َذلِك آليوم َبقيت صامتة اَل أَ ِجد َّما يحفزني علَى‬
‫ُمغلق أحتكرني دون أن أُمانع بالمكوث فيه‬
‫الحديث هو صوت الرياح‬
‫ِ‬ ‫بقيت َمع زهوري نتخاطب بـ لغة الصمت ما كان يساعد ِت ْلك الزهور علَى‬ ‫ُ‬
‫وكوب الشاي الَّذِي ُيحسن َمن مزاجي ال ُملتاع‬
‫ُخذيني أيتها الريح‬
‫معك كـ نسمة هواءٍ لطيفة‬ ‫خذيني ِ‬
‫رمل تسكن األرض وداً دون وجع‬ ‫كنت ك حب ِة ٍ‬ ‫خذيني كيفما تشاءين وح ّتى إن ُ‬
‫أهرول في ممر ضيق و طويل‬ ‫ُ‬ ‫أتنفس الصعداء وكأنني ُ‬
‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كنت‬
‫حبل ُممتد بين عمودين‬ ‫أغلقت عيناي علّها ترى َمن ا ْل ُح ْلم ما ُيهدأ أعصابها المشدودة كـ ٍ‬
‫مسترخية ومتماسكة ال يمكن لي أن أتبعثر َب ْعد ما تخطيت ك ٌل هذه‬ ‫ً‬ ‫فنسمات الهواء الباردة جعلت مني‬
‫العقبات‬
‫عدستي‬

‫أرى وتيرة األ ّيام تتقلب‬


‫وقلبي بالكاد ُممزق لكن ما َزال مقاوم‬
‫لم تهدأ العاصفة بعد‬
‫فربما تجلب مع صوت زئيرها روحاً تتنفس‬
‫اَل يصعب علَى من مثلي أن يخسر بـ سهوله‬
‫ُ‬
‫تمنيت إقتناءها‬ ‫و عدسة الكامرا الَتِي‬
‫ما زالت بـ ذاكرتي‬
‫ألتقط بها صوراً َمن الخيال‬
‫علّها يوماً تكون حقيقة‬
‫أقف بـ جانبها و أُع ّرف َعن َن ْف ِسي وعنها‬ ‫ُ‬
‫وقت طويل‬‫ِن ْعم َن ْحن ك ّنا هنا ُمنذ ٍ‬
‫لكننا ظهرنا اليوم بينكم‬
‫وأمام شواهدكم‬
‫لنخبركم َمن نكون‬
‫نوثق األحداث وننقل للعالم صورة لم ت ُكن مرئية‬
‫اَل ُيوجد أمامي تحدياً آخر‬
‫فأنا للتحديات تحدي‬
‫اَل ُيوجد أمامي ِسوى الوقت‬
‫وسنكون يوماً‬
‫ما تمني ّنا‬
‫غرابيل‬

‫ذلك الرجل القاطن بداخلي‪ ،‬ذلك الرجل النمام الذي يحدث كالما ثرثارا حول نفسي ال يتركني حين يجدني‬
‫وحيده يختلس بي ال يذهب حتى يبكيني‬
‫فبعضاً من األحاديث الَتِي ال نستطيع البوح بها و لكنها تظهر عبر مالمحنا الحزينة‬
‫رغماً عنا دون أن نقاوم ِت ْلك المشاعر الَتِي تقتات أجسادنا كنخر السوس غير أن بعضاً َمن المشاعر ما‬
‫بعض من التكهنات ساورت عقولنا ورست بداخلنا فظننا أنها حقيقة‬ ‫هي إال ٌ‬
‫َوإِ َذا ِب َنا ننظر خلف سوار َذلِك اإلنسان الَّذِي يسكن بداخلي‬
‫يسكنني دون أن أستطع طرده‪ ،‬يسكنني دون أن أسكنه‬
‫برثمان ال َقدْر وعلي ال ُمتابعة وأنظر َمن نوافذ األمل كـ المغترب عن دياره ينتظر العودة إلى‬ ‫ِ‬ ‫أتهاوى في‬
‫وطن ِه‬
‫بالهالك‬
‫ِ‬ ‫ومال خفايا الروح تكابد أنفسنا للحنين إلى الماضي حين نشعر‬
‫َح ْيث ال عودة‬
‫الباب عدوتها وبيدي أحمل قارورة ال َماء‬ ‫وعدوة ِ‬
‫أتذكرون زهوري اليتيمه‬
‫أتذكرون حين قرُترّ أن أتبناها‬
‫َو َك ْيف لذاكرتي أن تنسى حتى النسيان‬
‫الجنون َمن فرط ذاكر ٍة ال يسكنها ِسوى‬
‫ِ‬ ‫ليس علينا أن ننسى بل علينا أن نتغافل أنفسنا ح ّتى ال ُتصاب بـ‬
‫الماضي‬
‫وأنا أنظر إلى الطِقيرّ بـ إحتراس و إلى زهوري ح ّتى ال تجرف بي ذاكرتي بعيداً عنها‬
‫وأقدس وجودها‬
‫ُ‬ ‫األشياء الَتِي أُحبها‬
‫ِ‬ ‫النسيان َعن‬
‫هنا يتملكني ْ‬
‫النسيان ُينسينا ذكرياتنا الجميلة و ِت ْلك األحداث الشريرة ال يمكنها أن تتزعزع َعن صومعة ذاكرتنا‬ ‫دائ ًما ْ‬
‫يتيمة مثلي وعطشى كـ عطش قلبي ال ُملتاع‬ ‫ٌ‬ ‫والح ِب والحنان أعلم أنها‬
‫رويتها الماء ُ‬
‫المشغل أصادف حسام‬ ‫ِ‬ ‫َو ِعند وصولي إلى‬
‫إنها الصدفة‪...‬‬
‫السالم عليكم‬
‫السالم‬
‫وعليكم ّ‬
‫دائماً أحرص أن ال أرفع ناظري إليه ح ّتى ال أجعل َمن ِت ْلك النظرة وهراً يلجأ إليه ك ٌل طامع‬
‫شخص بريء ال يمكن أن َي ُكون مثل غيره من البشر‬ ‫ٌ‬ ‫وفي َن ْف ِسي الصامدة أعلم أنه‬
‫تابعت طريقي وكأنني عمياء ال ترى أمامها ِسوى َذلِك الهدف‬ ‫ُ‬
‫َو ِت ْلك األماني الَتِي تحيط بي َمن ك ٌل جانب أرى بها حلم الغد‬
‫الح ِب الَتِي بقت ُترفرف ح ّولي ح ّتى ال يسكن قلبي ِسوى َذلِك ُ‬
‫الح ِب هو أبي و أمي‬ ‫وعصافير ُ‬
‫قلب َغلَ َبت عليه تعاسته‬
‫كم َمن مر ٍة يحاول إبليس العبث بي لكن ال جدوى َمن ٍ‬
‫تحطم في لحظة‬ ‫هش إن ّ‬ ‫قلب مثلي ٌ‬ ‫ال جدوى منه حين كابد الكثير َمن األلم َولَكِن ٌ‬
‫قادر ٌة ِت ْلك اللحظه أن تهزم قلبي الهرم‬
‫ولك ّنني ما ُ‬
‫زلت أتظاهر بـ القوة‬
‫ألجل ِت ْلك األمانة الَتِي أودعها أبواي لي ح ّتى تصبح قوية ال يمكن لـقلبها أن ُيسلب‬
‫أنثر علَى ذاكرة التاريخ ورداً‬

‫في صباح يوم الجمعه كانت ذاكرة الرحيل والدينا ذاكرة األلم‬
‫حملة بالكثر َمن الحنين‬ ‫ذهبنا أنا وأختي لنقرأ الفاتحه على روحيهما ونسقي أرض قبورهما دموعاً ُم ً‬
‫للقياهم‬
‫كما تمنينا لتلك اللحظه أن ُتعيدهما َولَو للحظه‬
‫َّما كان لنا المكوث كثيراً ح ّتى ال نزعج ُسباتهما‬
‫مستلقية على قبريهما كـ إستلقاء الميت َح ْيث ال حول وال ق ّوة لَه إال باهلل‬ ‫ٌ‬ ‫ُعاء‬
‫كانت أختي د َ‬
‫ُعاء دعينا نذهب ال ينبغي لنا إزعاج أرواحهم‬ ‫دَ‬
‫الحديث وكأن صوتها َقد ُبح‬
‫ِ‬ ‫إلي لم تستطع‬
‫إكتفت بالنظر ّ‬
‫أمسكت يدها بق ّوة و سحبتها نحوي و لفف ُتها إلى حضني‬
‫عانق ُتها و أكثرت عناقها ضممتها بشدّه و أنين حنينها يتسرب إلى قلبي بشدة‬
‫صوت مثقل بالحنين و الغربه و الغصه الَتِي أدمت صوتها المتعب‬ ‫ٌ‬ ‫كان ألناتها‬
‫وفِي خطواتنا إلى ا ْل َب ْيت صادفنا حسام َولَكِن كان ال ينظر إلينا مطئطئ الرأس منزويا إلى زاوي ٍة َن ْحو‬
‫بتثاقل شديد يجرهما َن ْحو وجهتنا الَتِي اقتصدناها‬ ‫ٍ‬ ‫األرض و قدماه تسيران‬
‫ال ب ّد أنه َف َقد حبيب و قلبه يجتث األلم مثلنا تماما‬
‫سال ٌم على أرواح موتانا سال ٌم عليكم يامن إجتثت األرض أجسادكمـ‬
‫كان لمزاجنا السيء أن تستوقفه قهوة العم َصالِح وأغاني فيروز‬
‫نظر إلينا العم َصالِح بتعجب!‬
‫نود شرب القهوة يا عم‬
‫وعبارته الَتِي ُيرددها دون أن يكترث لما يعتريه في يوم ِه‬
‫َمن هالعين قبل هالعين بتنوروا قهوتي‬
‫بإبتسامه شبه ميته تذهب إستغرابه‬
‫السفلى‬
‫الصبر يبدو أن القهوه قد إبتلعت أنصاف أسنانه ُ‬ ‫ليبادلنا بإبتسامه وسامها َّ‬
‫لم يعد امر أسنانه يهمه كثيراً‪ ،‬لم يكن مهتما بمظهره مثلي تماما‬
‫ربما رأى َمن الصب ِر ألواناً أزاحت عن نفسه التباهي بشكل ِه‬
‫الشمس‬ ‫لم يعد َذلِك األمر ُمستطاباً حتى أن لحيته بدت رثه وعيناه يفتحهما بصعوبه ِعند ضوء ّ‬
‫َّما َبقِي لديه إبتسامته الجميله رغم بساطتها و زهد منظرها الَتِي يزرعها في أرواحنا العابس ِة في كل‬
‫صباح‬
‫كان لي تمثال الصبر حتى وإن لم أدركه َبل يمكنني إستدراكه دون َحدِيث‬
‫فالصمت لغة ال يفهمها إال َمن أُصيب بالوجع في جانبه األيسر في َق ْل َب ِه تماماً‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫هو من َيحتاج إلى هذه اللغه حتى وإن كانت صعبة ال َف ْهم ِعند البعض‬
‫لم يكن األمر ُمعتاداً أن يرآنا ماكثتين طوي ً‬
‫ال على شاكل ِة قهوته‬
‫بأعينن محبوسة المحاجر‬ ‫َ‬ ‫عض َنا البعض‬
‫ُكنا نجيب َب ُ‬
‫وإذا بـ حسام آراه عائداً لك ّنه لم يلتفت إلى يمينه أو يساره َك َما رأيته وهو ذاهباً آراه عائداً‬
‫وكأ ّنه موصو ٍد عليه برصاصه أذهبت روحه جعلت منه جسداً خوار‬
‫أختي هل َه َذا حسام؟‬
‫ُعاء‬‫ِن ْعم يا د َ‬
‫اذا يجر خلّفه؟‬‫إنه مطأطأ الرأس َم َ‬
‫ربما نتقاسم نفس األلم‬
‫ُعاء‬
‫الذهاب يا د َ‬‫أنتي على َحق‪ ،‬هيا َعلينا ّ‬
‫ال أريد ال أريد العودة إلى ا ْل َب ْيت يا ياسمين قهوة العم صالح أفضل بكثير َمن أن نكون بين الجدران‬
‫وماذا عن إختبارات نصف الفصل يا حبيبتي؟‬
‫أراك بين ُزمرة المتفوقين‬
‫ألم تعديني بالمثابرة واإلجتهاد حتى ِ‬
‫لك‬
‫زلت أفي بوعدي ِ‬ ‫أجل يا أختي و أنا ما ُ‬
‫أراك فيه طبيبه‬ ‫الذهاب يا عزيزتي‪َ ،‬ك َما أنني بإنتظار َذلِك آليوم الَّذِي ِ‬
‫إذن َعلينا ّ‬
‫تشابكت أيدينا وعبرنا الطِقيرّ بصمت‬
‫بدأ المطر الصِحابّ‬

‫بدأت غيوم السماء بسكب المطر على رياحين تالل األرض لتتقاسم قطراته عبر جريان أوديته وشعابه‬
‫بدأت رائحة التراب تالمس ثغرات تجاويف قلوبنا قبل تجاويفنا األنفيه‬
‫توقف فبه رائحة التراب العالقه بقبر أمي وأبي‬ ‫كنت آخذ شهيقاً وزفيراً دون ّ‬ ‫ُ‬
‫كنت أستنشق رائحة المطر مثلما ُيستنشق الزهر حين نعجب برائحته‬ ‫ُ‬
‫احتضنت زهوري ك عناق المغترب عن وطنه ودموعي تتساقط كحبات المطر لكنها كانت حارقه تجر‬
‫أتعاب الصبر‬
‫هدأت الرياح بدأت تتضاءل قطرات المطر إلى أن إختفت‬
‫بدأ قلبي بالخفقان بشده‬
‫ال أعلم لماذا؟‬
‫لكن!‬
‫ربما رحيل المطر‬
‫أعا َد لي شريط الراحلين‬
‫بعثرني َمن جديد وشهقات ُب َكائي أصدرت نحيباً تتوجس نبضات قلبي المتعب‬
‫ربما أتعبني ال ُبكاء كثيراً لكن ليس أكثر َمن شعوري بـ الراحه الَتِي باغتت إنقباضات قلبي‬
‫بدأ قلبي باإلسترخاء‬
‫إستلقيت على األرض وذلك التراب المبتل من المطر جعلني إحتضن األرض أكثر‬
‫تحت األرض‬ ‫ً‬
‫قادمة َمن ِ‬ ‫أسمع أصواتاً‬
‫ُ‬ ‫بدأت‬
‫أيا ُترى َهل هي أحاديث الموتى؟‬
‫أم أنني في هلوس ٍة جعلت َمن عقلي يترنح ما بين ا ْل ُح ْلم والخيال‬
‫ياسمين ياسمين ياسمين‬
‫بك؟‬
‫أال تسمعينني يا ياسمين؟ ما ِ‬
‫َهل المطر أصاب طبلتيك بالصمم‬
‫كنت في غيبوب ٍة مع نفسي ال أستشعر بوجود أحد‬ ‫ُ‬
‫ض‬ ‫قطعة َمن َ‬
‫األ ْر ِ‬ ‫ٌ‬ ‫منغمسة في وحل األرض ظنت بأني‬ ‫ٌ‬ ‫يبدو أن أختي لم ترني‬
‫أسمع صوتها ُيناديني في الداخل‬
‫ُ‬ ‫وإذا بي‬
‫ياسمين أين أنتي يا أختي؟‬
‫علي َس ِم ْعت آخر عباراتها يبدو أنها خرجت سأجدها أمام زهورها‬ ‫بدا عليها اليأس في محاولة العثور ّ‬
‫الصغيره‬
‫أعادت وعي حينما َقالَت زهوري الصغيره أحسست بما تشعر به األمهات مع أطفالهن ال ُرضع‬
‫ُع اء أنا هنا ما بين الزهور والتراب أسمع أغنية المطر دون أن أسمع البشر‬ ‫نعم يا د َ‬
‫بك يا ياسمين؟ هل أنتي بخير؟‬‫اذا ِ‬ ‫َم َ‬
‫عينيك؟‬
‫ِ‬ ‫َّما كل هذه الدّموع في‬
‫بك ُممردغة بالتراب؟‬
‫ما ِ‬
‫سمعك حين ُ‬
‫كنت أناديك؟‬ ‫ِ‬ ‫ما الَّذِي أصاب‬
‫كنت أرى في عينيها وهي تتجافى ما أنا فيه‬ ‫لم أستطع الكالم ُ‬
‫تجتاح عولمنا دون عالمنا‬
‫ُ‬ ‫الصمت الَتِي‬
‫ُ‬ ‫كان العناق يخفف الكثي ُر َمن ضجيج وتيرتنا الهائجه في مساحات‬
‫أثارت دموعي الحارقه دموع الشغب في عينيها‬
‫اح َد ًة م ّنا تشكو ألمها‬
‫لم يكن أحداً يواسي اآلخر بل كان كل َو ِ‬
‫أستطعنا أن نقف‬
‫أن نمشي على قدمينا‬
‫ونرى الطريق‬
‫إلى باب بيتنا الصغير‬
‫وكان تحت دُش الماء عالمنا الَّذِي نغتسل فيه َمن دموعنا اليائسه‬
‫ال آخر نجدد به مسيرة الطريق‬ ‫كان للماء أن يمنحنا أم ً‬

‫صباح جديد‬
‫ٌ‬
‫السابق‬ ‫نشاط وقوه أكثر َمن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بكل‬
‫إنتشيت صباحي هذه المره ِ‬
‫كنت أسابق نسمة الهواء قبل أن تسبقني إلى وجهتي وذرات الهواء تعصف بوجهي َمن فرط السرعه‬ ‫ُ‬
‫حيث إنها أثارت بـ وجنتي ُحمرة الخجل‬
‫أصبحت شفتاي متورمتان تكاد تتمزقا جراء تدفق الدماء‬ ‫َ‬ ‫حيث‬
‫وما زاد َمن نشوتي قهوة العم َصالِح ال ُمعتاده في كل صباح َمن غير عجل‬
‫وجه العم َصالِح إبتسامته الجميله كـ ج ّمال َق ْل َبه و ُح ُ‬
‫سن نواياه‬ ‫إرتسمت على ّ‬
‫إنتهيت من ُش ِرب قهوتي شكرته بإبتسامه‬ ‫ُ‬
‫وبدأت أعدو كطفل ٍة ال تحمل هماً ِسوى لُعبتها‬ ‫ُ‬ ‫حملت حقيبتي‬‫ُ‬
‫ربما َمن يراني ظن بأنني مجنونه ُرفع عنها القلم‬
‫لكن لم يكن هنالك َّما ُيعيق تصرفاتي‬ ‫ّ‬
‫شعرت براح ٍة إجتاحتني‬
‫المس قلبي الدفء‬
‫والمست روحي ُحب المقاومه‬
‫أوقفني حسام‬
‫ِن ْعم؟‬
‫َهل أنتي بخير؟‬
‫َو َهل يهمك أمري؟‬
‫ِن ْعم‬
‫ال أعتقد ذلك‬
‫حسناً مثلما تعتقدين! ولكن تصرفاتك كطفله ُتثير إستغراب َمن ِ‬
‫يراك‬
‫ال يه ّمني ذلك‪ ،‬شكراً لك‬
‫كنت في حال ٍة لم أفهمها وأثار بداخلي غراب ِة نفسي‬ ‫ِن ْعم ُ‬
‫يا ألهي‬
‫ال ُبد أن أعتذر لـ حسام‬
‫إلي عقلي‬‫فجأه َعاد ّ‬
‫إلي َجمِيع حواسي اإلدراكيه‬ ‫إستقمت في مشيتي وعادت ّ‬ ‫ُ‬
‫أيقنت ما كان ينبغي‬ ‫ُ‬
‫الخجل َمن نفسي‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫شعرت بـ‬
‫فيكف باآلخرين؟‬
‫تمنيت ُمواصلة الطريق إلى ما ال نهايه‬ ‫ُ‬
‫لكن ال يمك ُنني ذلك‬
‫وصلت إلى باب المعمل‬ ‫ُ‬
‫كان رأسي ُمنحنيا خج ً‬
‫ال‬
‫السالم عليكم‬
‫ُ‬
‫أعتذرت َمن حسام‬ ‫وبصوت خافت‬
‫ٍ‬
‫ال عليك يا ياسمين‬
‫كان في ذلك اليوم دوره تدريبه عن كيف ّية تطوي ِر ّ‬
‫الذات قبل المهنه‬
‫أبدع ذلك ال ُمحاضر في ندوت ِة‬
‫زاد بـ داخلي ألقوه‬
‫أعطانا حساب ُه على الفيسبوك و تابعت عنه الكثير حاولت أن أطبق ما يقوله عن تنمية الذات و إستعادة‬
‫القوه بعد الضعف‬

‫ُ‬
‫أيقنت اآلن‬
‫والدي حي َنما ُ‬
‫كنت أسمعها بتذم ٍر شديد‬ ‫ّ‬ ‫أيقنت اآلن حجم خسارتي لـ نصائح‬ ‫ُ‬
‫علمت األمر علَى حقيقتهـ وأنا أرى الواقع‬ ‫ُ‬
‫لم أعلم فقط بل أدركت ُه تماماً‬
‫أدركته وأنا أقف اليوم وحيده علَى عتب ِة الباب‬
‫وحرص َشدِيد‬
‫ٍ‬ ‫أنظر َمن خلف ثقوبه بإمعان‬
‫وحينما أكون في واجه ِة األمر أكون أكثر جالده أنظر إلى ما يحصل أمامي وحواجبي معقوده مرتفعتان‬
‫وأنفه شامخه ال أحني رأسي أمام ما أراه متدنيا‬
‫أيقنت يا أمي‬‫ُ‬
‫علي أن أرتدي لباساً ُمحتشماً ح ّتى وإنه ال ينبغي أن أظهر شعره وحتى إن كانت بغير قصد‬ ‫لِماذا ّ‬
‫إلي و إلى شرف أنوثتي!‬ ‫النظر ّ‬ ‫حتى ال أُبيح َّ‬
‫علمت يا أبي لماذا ال ينبغي أن أتحدث برقه!‬ ‫ُ‬
‫ح ّتى ال أصطدم بخبث السامع‬
‫أدركت َجمِيع األمور‬
‫ملبس إلى ما يعتريني َمن أمور كثيره‬ ‫ٍ‬ ‫َمن‬
‫ينبغي أن ال أظهر مفاتني حتى وإن كانت بائسه مسكينه‬
‫قلب وضمير‬ ‫فالبشر ما بين ٍ‬
‫ِم ْنهُم َمن يملك قلباً ُعجاف ال يوجد به الضمير أسقط جميع الحروف‬
‫وقلي ٌل ِم ْنهُم َمن يتملّك األثنين فكاناً إنسان‬
‫ُتباغتني َمن بين الذكريات الجميله الذكريات الَتِي أصابت قلبي بـ الغثيان‬
‫أصبحت قويه ج ّراء المِحن الَتِي أعطتني ُعمراً بعمر أَ ْك َبر َمن ُعمري‬
‫ُ‬ ‫لم أكن ألكون هنا اآلن إال أنني‬
‫لم أكن ألسابق الموضه أو ألرى المشاهير‬
‫لم يكن َذلِك من إهتماماتي أو يثير رغباتي ألكون مثل المشاهير‬
‫مرنت أحبالي الصوتيه لتكون كذلك‬ ‫ُ‬ ‫أصبحت أتكلم بخشونه‬ ‫ُ‬
‫ح ّتى ُبح صوتي‬
‫أقتنيت مالبس ذات األلوان الباهته الغير مثيره للنظر‬ ‫ُ‬
‫ك ٌل َذلِك حتى اَل ألفت نظر أحد‬
‫لم يكن َذلِك كافياً فهنالك َمن البشر َشدِيد الدناسه يلتفت إلى ك ٌل شيء ح ّتى وإن لم يكن َذلِك مغرياً‬
‫نثى َفال َي ِجد في َذلِك األمر فرقاً وإنما الفرق بين معادن الرجال‬ ‫إن كانت أُ َ‬
‫حتى وإن كان نصفي اآلخر‪ ...‬رجل‬
‫سقط قرطي‬

‫على عجل ٍة َمن أمري لم أشع ُر بسقوط قرطي و أنا في طريقي إلى المعمل‬
‫َس َقط وأسقط َم َعه أجم ُل الذكريات الَتِي ارتسمت ُمنذ أن حظيت به كهدية ب‪-‬عيد ميالدي البسيط بين‬
‫شموعي الخامسة عشر َمن عمري‬
‫محتفظة به إلى عمري العشرون‬ ‫ً‬ ‫وأنا ما ُ‬
‫زلت‬
‫وكأنه أسقط ربيع ذكرياتي الجميله‬
‫يبثها إلى قلبي حين أنظر إليه‬ ‫كان على أُذني كـ أسطوان ِة ُحب ُ‬
‫وكأنني أرى به عيناي والدي‬
‫أتلمس ُه برقه فيالمس قلبي‬
‫َبل يرويني الحنان‬
‫ُ‬
‫يضخ إليها الحياه لـ نصف قلبي‬ ‫نبضات القلب الَّذِي‬
‫ِ‬ ‫كان لوجود الزوج الَّذِي ما َزال على أُذني اليس َرى كـ‬
‫المفقود‬
‫كنت متردده ما بين المواصله وما بين العوده إلى المعمل‬ ‫ُ‬
‫حين إكتشفت غيابه صدفه وأنا أرفع شعري المتساقط‬
‫ال بالنسبة إلى قلبي بالتخلي والمواصله‬ ‫لم يكن األمر سه ً‬
‫بل كان للعقل أن يتحكم في تزانط األمر‬
‫وكان لَه َذلِك‬
‫وضعت َيدِي على قلبي ألتماسك وألتحم بالصبر‬ ‫ُ‬
‫وأتناسى أمر قرطي المختفي فجأه الَّذِي باغت قلبي‬
‫دون أن أكتم حزن إختفاءه‬
‫كان هنالك سقوطاً أَ ْع َظم‪ ،‬أَ ْع َظم َمن َذلِك أَ ْك َثر‬
‫بخطوات ال أشعر فيها بثقل أقدامي‬ ‫ٍ‬ ‫كنت كـ المرتاع أمشي‬
‫الحاسب اآللي‬
‫ِ‬ ‫ِسوى أنها تخطو كـ‬
‫ُمقيده دون أن تستطيع أن تنحرف إلى المهرب‬
‫َح ْيث ال قيود ُتحيط بخطواتي‬
‫فس َق ْطت دمعتي‬
‫ما زالت يداي تتفقدان وجوده وترتجفان هلعاً حين لمست أُذني ال ُيمنى‬
‫وكأن أُذني ال ُيمنى قد قطعت‬ ‫ّ‬
‫سقط مني‪...‬وأسقطـ معه نصف قلبي األول‬

‫بعض من شتات الذكريات‬

‫زلت أتذكر وجود ِت ْلك المرأه الطيبه الَتِي كانت تجلس بجانبي‬
‫ما ُ‬
‫وفجأه‬
‫تختفي!‬
‫وألتقيها صدفه ِعند مخرج باب المستشفى‬
‫وكانت بمالمح عجوزا وكأن تلك اللحظ ِة التي صادفت إختفاءها المفاجىء َك ُب َرت عمراً فوق عمرها الَّذِي‬
‫إنهاء العقد الثالث َمن عمرها‬ ‫ِ‬ ‫أظنه قد قارب على‬
‫ما كان بمخليتي آن ذاك شيئاً آخر ال يمكنني الوصول إليه‬
‫إلي َمن بعيد َمن خلف ال ّتل َو َما أن أعبر بجانب ِه يختفي ويظهر َمن ناحي ٍة أخرى‬ ‫شيئاً ُينظر ّ‬
‫و كأنه يلعب َمعِي لعبة ال ُغميضه‬
‫الَتِي كانت عشق طفولتنا‬
‫تسلقت الشجره الَتِي كانت المدى الذي ينبغي لنا الوصول إليه فور إنتهاء‬ ‫ُ‬ ‫ما زالَت بحنجرتي ضحكه حينما‬
‫الشخص َمن الع ِد الَّذِي ينبغي َعلَ ْيه العثور َعلينا‬
‫فتسللت الى المدى بحرص شديد َولَكِن‬ ‫ُ‬ ‫علي‬
‫الصعب العثور ّ‬‫ِ‬ ‫أما أنا فكان َمن‬
‫أمسكتني صديقتي قِبل أن ألمسه‬
‫واعتبره الجميع غش‬
‫كانت لُعبة الغميضه أشبه بذلك الشيء الَّذِي ُيحاول اإلمساك بي‬
‫عاصفة َمن الذكريات الجميله الَتِي بت أتلمسها بداخلي‬ ‫ٌ‬ ‫م ّرت بي‬
‫أتلمس ِت ْلك الضحكات‬ ‫ُ‬
‫والتمرد‬
‫وكل َش ْي ٍء ُيالمس الطفوله‬
‫كم أفتقد رائحة الطفوله‬
‫وأناشد قلبي أن يأتيني بها علَى هيئ ِة خيال‬
‫أبحث َعن نفسي الضائعه بين أسراب الطفوله‬ ‫ُ‬ ‫كم‬
‫أبحث َعن مهرب لِ ُكل َه َذا الضجيج الَّذِي ّ‬
‫حطم قواي‬ ‫ُ‬ ‫كم‬
‫العمل‬
‫ِ‬ ‫وسط‬ ‫في وسط ذلِك الضجيج الصاخب أقتحم ُحسام باب األحاديث الثرثاره في َ‬ ‫َ‬
‫وصفت َن ْف ِسي بـالمتشرده‬
‫ُ‬ ‫لم أكن ُمبالغه حين‬
‫ِن ْعم!؟‬
‫كنت كـ المتشردين الَّذِي اَل يجدون المأوى الذي يحتويهم من قواسم الحزن واليأس‬ ‫ُ‬
‫كنت ك َمن ُيحاول أن يزخر بشيء و َمن َف ْرط تمسكه أفلت َمن يد ِه وهرب‬ ‫ُ‬
‫هربا بعيداً‬
‫ُ‬
‫يحدث بداخلي‬ ‫هاربة ُمتشرده ال أكاد أصل إلى َذلِك المع َنى الحقيقي لحقيقة ما‬ ‫ً‬ ‫مثلي تماماً‬
‫اَل أكاد أستشعر شيء حينما أكون هاربه‬
‫ال أَ ِجد في طريقي غايه‬
‫ياسمين ياسمين‬
‫نعم ُقلتها ِب َغ َضب؛ ربما بسبب ِت ْلك َ‬
‫األحا ِد ْيث الغاضبه برمتي ال ُمتهالكه‬
‫إزعاجك‬
‫ِ‬ ‫كنت سبباً في‬ ‫آسف إن ُ‬
‫ال ال يا ُحسام لم يكن مثلما فهمت سقطت مني بعفويه لم أكن بساخطة منك أبداً‬
‫أختك‪ ،‬كيف حالها هي اآلن؟‬
‫كنت ألطمئن بسؤالي َعن ِ‬ ‫ال َعلَ ْي ِك يا ياسمين ُ‬
‫بصح ِة وعافيه اآلن ُمنذ أن بدأت اإلهتمام بنظامها الغذائي‬ ‫شكراً لسؤالك عنها هي َّ‬
‫العمل‬
‫ِ‬ ‫الحمدهلل‪ ،‬أ ْت ُر ُك ِك اآلن لبدأ‬
‫حسناً‪ ،‬شكراً م ّرة أخرى‬
‫اَل شكر علَى واجب‬
‫لم أكن أعلم أن ُحسام لم يقتحم فقط حديثي‬
‫العالق في شرنقتي الصغيره ؟!‬ ‫ُ‬
‫بل أقتحم قلبي أيضاً‬
‫القلب في السرعه حين ترى َمن تحب!‬ ‫ِ‬ ‫الح ِب تزايد نبضات‬‫عالمات ُ‬
‫ِ‬ ‫َح ْيث َقال الكثيرون أن َمن‬
‫يا ألهي!‬
‫َهل هي كارثة أخرى س َق ْطت علَى قلبي؟‬
‫بالحديث فجأه‬
‫ِ‬ ‫بالخوف حين باغتني‬
‫ِ‬ ‫ال ال إنه ترائ لي فقط ليس هنالك شيئاً ِسوى أن قلبي شعر‬
‫آن واحد‬ ‫نفس ُه في ٍ‬ ‫كنت ك َمن يخيف ويطمئن َ‬ ‫ُ‬
‫وتركت لـ قلبي الجواب بمرور األ ّيام‬
‫تمنيت أن َت ُكون هنالك نسبة في حدوث الخطأ وأكون أنا َمن َحصلَت عليها‬ ‫ُ‬ ‫كم‬
‫الح ِب‬
‫الوقوع في ُ‬
‫ِ‬ ‫الشخص المستثنى في‬ ‫ُ‬ ‫أن أكون َذلِك‬
‫كنت كمن ُحكم َعلَ ْيه باإلعدام!‬
‫اَل يمكنه رؤية جمال الحياه‬
‫ال يمكنه أن يسمع نبضاتها‬
‫الح ِب‬
‫والعيش في زحام ُ‬
‫عاشقة تحم ُل في معصمها ورد ًة حمراء‬ ‫ً‬ ‫وأن َت ُكون يوماً‬
‫بمعصم حبيبها‬ ‫ِ‬ ‫ومعصمها اآلخر ممسكة‬
‫ً‬
‫أنا ياسمين الَتِي لم ت ُكن يوماً لينة َمن َب ْعد رحيل والديها‬
‫كأنثى أحتفظ بأسمي‬
‫َولَكِن ماذا َعن مظهري وصوتي؟‬
‫فأنا ال أجيد تصنع الرقه‬
‫ف َمن مثلي اَل يمكن أن َت ُكون يوماً عاشقه!‬
‫توقف َعن إتخاذ قراراته؟‬ ‫َهل عقلي ّ‬
‫صور لي نافذ ًة لَ ْي َست َمن الحقيقةـ َش ْيء ِسوى انها محض خيال‬ ‫أم أن عقلي ّ‬
‫هل عقلي وقلبي مشتركان معاً في اإلطاحة بي؟‬
‫َهل َه َذا تمثيل كـ المسلسالت التلفزيونيه‬
‫ٌ‬
‫عالقة حقيقيه‬ ‫ال تربط ذاك بتلك‬
‫لم أستطع العمل!‬
‫عر الهلوسات الَتِي تسحبني بداخل دوامتها‬ ‫وقعت في ُق ِ‬
‫وطلبت اإلذن بالخروج‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫توقفت‬
‫وكان لي َذلِك‬
‫غطى عليها وأضل عليها الطريق‬ ‫لم أكن أللمح الطِقيرّ كان أمام عيناي مثل الغشاء الذي َقد ّ‬
‫أصبحت الرؤيه ضبابيه بعض ّ‬
‫الشيء‬
‫َهل كل َه َذا بات ُيهدد حياتي؟!‬
‫الجنون!‬
‫ِ‬ ‫أم أنني أُصبت بـ‬
‫طويل علَى غير عادتي‬ ‫ٍ‬ ‫وقت‬‫وصلت إلى ا ْل َب ْي ِت َب ْعد ٍ‬
‫ُ‬
‫تهالكت أنفاسي وأنا أقتطع الطِقيرّ‬
‫َمن غير الالئق أن أتصرف بهكذا فعل‬
‫مؤلوف لي أن أقع في أحداث صنعها لي الخيال‬ ‫ٌ‬ ‫غير‬
‫الَتِي ُتحاول َمعِي أن َت َخلَّق لي جواً َمن السعاده‬
‫َو َما هي إال تعاسه!‬
‫ُ‬
‫أصبحت مشتته‬ ‫ُمنذ َذلِك الرحيل وأنا‬
‫تختا ُل بين أجنحة اللّيل الهدوء والسكينه‬
‫إلي ِسوى ِت ْلك األوجاع اللئيمه‬ ‫يبدو أنني نسيت أن اللّيل اَل يجلب ّ‬
‫الصغير‬ ‫إختلست الوحده أم أن الوحده إختلست قبوي َّ‬
‫ْكي ُتثير دموعي‬
‫بكيت بشدّه ح ّتى أن صدى ُبكائي أحزن الجماد َمن حولي‬ ‫ُ‬
‫كان صوتي يتردّد علَى ك ٌل َش ْي ٍء مجوف بداخل ِه َف َراغ‬
‫ُعاء مسرعه بخطوات المهلوع‬ ‫الباب إقتربت د َ‬
‫ِ‬ ‫لم أسمع أختي وهي تفتح‬
‫بك تبكين؟‬ ‫ياسمين حبيبتي َم َ‬
‫اذا ِ‬
‫عينيك َمن عزيمتك وإصرارك!‬ ‫ِ‬ ‫لم أرك تبكين ُمنذ وقت طويل ُ‬
‫كنت أمتد ألقوه َمن‬
‫اذا أصاب صبرك؟‬ ‫َم َ‬
‫َهل فقدتي عقلك؟ ليتغلب البكاء عليك؟!‬
‫بالدموع ِن ْعم‬
‫ِ‬ ‫وبصوت مملوء‬ ‫ٍ‬
‫فقدت صبري علَى غير ُعهدتي فقدته َب ْعد أن هدمني شيئاً فشيئاً فتالشت عزيمتي و إرادتي علَى المواجهه‬
‫الكهل العجوز فاقدة جميع قواي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أصبحت كـ‬
‫ُعاء‬
‫لم يعد بي طاقه يا د َ‬
‫أنقذي قلبي قبل أن يحطم آخر أحالمي‬
‫أنقذي آخر ما َبقِي من صبري؟‬
‫صبرك؟‬
‫ِ‬ ‫أنا بجانبك يا أجم ُل ما َبقِي َمعِي؟ َك ْيف لي أن أكون قويه َب ْعد أن أفقد صبري الَّذِي أخذته َمن‬
‫األمام؟ َو َذلِك ال ّنور بدأ يتالشى؟! كيف لي أن أرى الطِقيرّ لوحدي َمن غير أن‬ ‫ِ‬ ‫كيف لي أن أتطلع إلى‬
‫تكونين بجانبي؟‬
‫زلت قويه وبجانبك اَل يمك ُنني التهالك قبل أن ِ‬
‫أراك قويه‬ ‫ُعاء أنا ما ُ‬ ‫َك َفى َك َفى يا د َ‬
‫منصة التخرج‬ ‫أراك في ّ‬ ‫بك حين ِ‬ ‫سأفخ ُر ِ‬
‫َذلِك آليوم هو يوم تخرجي دون َشك‬
‫بك طبيبة‬ ‫سأفخ ُر ِ‬
‫أجهشنا َب ْعد َذلِك بالبكاء لم يكن هناك أحد لم يكن هنالك َمن يمسح دموعنا البائسه‬
‫حيث أنني اَل أتذكر ما في ذاكرتي ِسوى وجعاً يختلس قلبي دون أن يرحم نبضات ِه الَتِي‬
‫تعانقنا كثيراً ُ‬
‫أصبحت كـ نبضات العجوز‬

‫كان حلم يراودني‬

‫تجتمع في كوم ٍة صغيره اَل تجد منفذاً لِلخروج‬


‫ُ‬
‫اَل تغلق عيناها وإن بدت لها َ‬
‫نفسها ُمتعبه‬
‫تتخاصم َمع الوحده الَتِي اَل تستجدي العراك َمع أحد‬
‫فكان حوارها َمع نفسها‪:‬‬
‫َي َكاد الحر يستقطع أنفاسي‬
‫اإلختناق‬
‫ِ‬ ‫يدفعني إلى‬
‫وأنا ما ُ‬
‫زلت شابه في ُع ْمر البيالقان‬
‫خشاش البديهه‬
‫ِ‬ ‫تجتمع تلك المساوئ تحت‬
‫تسترق المخاوف قلبي‬
‫ُتبطئ نبضات ِه‬
‫اَل أستوحي َمن وحي الخيا ُل غير طيفا‬
‫يجوب عبابتي المسروقه بين كف إمرأ ٍة عجوز‬
‫تستجمع قواها في جوف ِة مبلول ٍة بريقي الَّذِي ما أن أبتلعته‬
‫سينتهي أمري‬
‫أنظر في َذلِك الظالم الدامس‬
‫أسمع صوت أرجل تسير من فوقي‬
‫بدأت الصراخ مجدداً‬
‫َهل َمن أح ٍد هنا؟‬
‫صم؟‬ ‫الجميع ُ‬
‫ِ‬ ‫لماذا‬
‫زلت في قبض ِة ِت ْلك العجوز الحاذقه َذات األنف الطويله كالمنقار مثل التي شاهدناها في أفالم‬ ‫أم أنني ما ُ‬
‫الكرتون؟!‬
‫لنمل أن يجعل منها بيوتاً‬
‫متاهات رمليه يمكن ِ‬
‫ٍ‬ ‫حيث انها صنعت‬‫حبات الرمل الناعمه ُ‬ ‫ِ‬ ‫تساقطت دموعي على‬
‫له‬
‫وكانت يداي مكبلتان بخيوط العنكبوت التي أصابت جلدي بالطفح‬
‫وفمي كان ملثم بشريطه حمراء‬
‫وفجأه‬
‫إستيقظت‬
‫الحمدهلل إنه كان محض حلم‬

‫الح ِب‬
‫ُ‬
‫وهل يسقي زهور ال ُيتم؟!‬

‫الحين واآلخر‬
‫ٍ‬ ‫َذلِك اإلحساس الَّذِي ُيباغتني بين‬
‫بشخص َمن وسط القريه‬‫ٍ‬ ‫ِت ْلك الجاذبيه الَتِي تجمعني‬
‫الح ِب؟ أم األثنين إجتمعا سوياً!‬
‫ال أعلم َهل هو اإلعجاب أم ُ‬
‫ً‬
‫المجوفة دون عقل‬ ‫بالقرع وأصبح كـ الجمجم ِة‬
‫ِ‬ ‫رأس أُصيب‬‫على ٍ‬
‫َبل بقي القلب يقودني إلى سراديب كانت ُمحكمة اإلغالق‬
‫بشكل فجائي في وجهي أثار في نفسي الرعب‬ ‫ٍ‬ ‫واليوم تنفتح‬
‫والتوتر الَّذِي يالزم إرتعاش يداي وقدماي وكأنني أصبت بالرعاش‬
‫أو كـ الَّذِي يصاب بـ الحمى حين حلول الظالم‬
‫بالتوتر حين آراه ال يمكنني أن أرفع رأسي ال يم ّكن لعيناي أن تقع في عيناه ُسأصاب حتماً‬
‫ِ‬ ‫ها أنا أُصاب‬
‫بنوبه‬
‫الحب!‬ ‫بنوبات ُ‬
‫ِ‬
‫للحب نوبات أم أنها مجرد وصف ال يفهم معناه ِسوى أؤلئك ال ُعشاق؟‬ ‫وهل ُ‬
‫ظننت نفسي أنني أمثل دراما غراميه بين عاشقان إبتعدا كثيراً وفجأه ألتقيا صدفه تحت المطر‬
‫كنت حقاً مذعوره ك َمن في معركه ولكن َمع َ‬
‫نفسه!‬ ‫ُ‬
‫الحنين‬
‫ُ‬ ‫يبدو لي أن وجوده بدأ يتمركز الجانب األيسر َمن‬
‫شيئاً من الحرمان‬
‫شيئاً َمن ال َع َذاب‬
‫يخفف أثقال الحياه الَتِي بدأت تلتف حول عنقي كاألفعى‬
‫الخطى خذني إليك‬ ‫ألهي‪ ...‬أنا مضطربة ُ‬
‫خذني إلى السماء‬
‫والدي‬
‫ّ‬ ‫إلى المكان الَّذِي سيجمعني بـ‬
‫حيث ال حنين لـ أحد‬
‫أجمعني بهم‬
‫أنا غير قادره على جمع شتاتي ال ُمبعثر من حولي‬
‫يبدو لي أن وجوده بدأ يخفف شيئاً َمن النقصان‬
‫َك ْيف لي أن أنقذ نفسي َب ْعد َّما تعدت َجمِيع مراحل َّ‬
‫الصبر!‬
‫الحب الَتِي سيصنعها قلبي علَى غفل ٍة مني‬ ‫قصة ُ‬ ‫َهل ستبدو ّ‬
‫قصة ُحب يفوز فيها البطلين و يتزوجا‬ ‫ّ‬
‫ُخطاي تسلك طريقاً بغير طريقي‬
‫تأخذني إلى حيث األحاديث تغادر بي‬
‫تسرقني َمن أن أكون أنا بذاتي‬
‫ِت ْلك األحاديث ُتثير بنفسي الدهشه علَى غير ما أتخايل نفسي أن تكون ِبه‬
‫ُتخدرني‬
‫تخدر أوصالي‬
‫وتجمد مجرى الدّم‬
‫تسلب مني الحياه‬
‫الحروف الهاربه‬
‫ال يمكن لي التراجع‬
‫الحب‬
‫عراك ُ‬
‫ِ‬ ‫وال يمكنني الخوض في‬
‫اذا يمكنني فعله فأنا تلك الفتا ٍة المنزوعه َمن غصن شجره‬ ‫َم َ‬
‫أُجتثت بعفوي ٍة مربكه‬
‫َك َم الحت أمام عيناي صوراً بدت لي نعيماً‬
‫ربما هو بعضا من الوساوس‬
‫أحاط بي ذلك الحب كما لو هو حقيقي؟ فهل سيكون يوما حقيقه؟‬
‫كم هو مكلف أن تجد نفسك بين ُمبتعث طريقين‬
‫كالهما صعب‬
‫كالهما يوصالن إلى نفس المستنقع‬
‫الفرق بينهما‬
‫أحدهما تعيش سعادة إلى حيث ال تعلم!‬
‫واآلخرى تعاسه دائمه!‬
‫ال أعلم‬
‫لماذا تبدو لي األشياء محبطه؟!‬
‫ال أدرك السعاده من حيث تأتي‬
‫تأتي على ظنن كالمخاض‬
‫قاسيه؟!‬
‫الحب‬‫ال أدرك تفاصيل ُ‬
‫سوى األوهام الباهته‬
‫من يعلم يمكن للحب أن ينتصر‬
‫السالم عليكم‬
‫كيف حالك يا ياسمين؟‬
‫وأنا ما زلت في عالم آخر‬
‫عالم تصادم الحروف مع متاهات األفكار‬
‫لم أكن ألسمع أن أحداً كان يخاطبني‬
‫لو أن جبال حمل ما حملت لسقط وأصبح ترابا‬
‫بصوت عال‬
‫ٍ‬ ‫ياسمين‬
‫نعم بصوت قوي جاءت من أعماقي ظننت‬
‫إنه ال ُبد أن أصرخ‬
‫صرخت بوجه‬
‫ومن ثم أدركت نفسي‬
‫نعم أدركت نفسي أمام الشخص الَّذِي إختال ُمخيلتي‬
‫ً‬
‫صدفة‬ ‫وتجمهر على قلبي‬
‫الحب‬ ‫ً‬
‫عاصفة ُ‬ ‫أالح بوجهي‬
‫عاصفه نسماتها بارده‬
‫مسالمه‬
‫بيت ال ُعشاق‬
‫تجنح بي إلى ِ‬ ‫ُ‬
‫أنا متأسفه على َذلِك يا حسام لم‬
‫الواقع‬
‫ِ‬ ‫أكن ألصرخ لوال هروبي من‬
‫أنا بخير!‬
‫وكيف حالك أنت؟‬
‫ال داعي لكل هذا يا ياسمين أنا متفه ٌـم لموقفك‬
‫أنا بخير‬
‫ال ُبد أن ألتقيك اليوم‬
‫ماذا؟!‬
‫نعم هنالك شيء ال ُبد أَن أخبرك به‬
‫حسناً‬
‫إذن سنلتقي في قهوة العم صالح مساءاً‬
‫حسناً‬
‫لم أكن ألجيب بأكثر من َذلِك‬
‫وهذا ما زاد عقلي شروداً‬
‫كان ما يثير غرابتي هو قهوة العم صالح‪ ،‬هل أصبحت بمالذ اليتم‪ ،‬بمالذ العشاق حيث الحب و السالم‬

‫اللقاء األول…‪ .‬على طاولة قهوة العم صالح‬

‫كعادتي أقتحم صباحاتي بقهوة العم َصالِح‬


‫وأنتشي معمعة عقلي الثقيله بطرب الفنانه فيروز‬
‫ألتوشح مع َذلِك قالب العذراء ال ُمحاطه بجالميد ُ‬
‫الحب الصامته‬
‫الَتِي ما زالَت تتخلل عباب ذاكرتي اليتيمه‬
‫زلت أتمقطع َذلِك الهاجس العاجز َعن وصول سفينة ُ‬
‫الحب الواقعة بقلبي‬ ‫كم َمن المرات العديده و أنا ما ُ‬
‫أمنيات ش ّتى تق َتحم قولبي العابر عبر نفق صغير يسكنه الظالم‬
‫ٍ‬ ‫كم تستصرخ بداخلي‬
‫وما زالَت‬
‫صورهم تطاردني بين الفينة واألخرى‬
‫تالحق طريقي‬
‫تطاردني أين ما كان فكري‬
‫أصاب بوعك ِة صحيه من أعراضها الشرود‬
‫َبل هي متالزمه‬
‫أصابت جسمي بالفتور التام‬
‫ولكن اليوم‬
‫لقلبي‬
‫كالماً آخر‬
‫ِن ْعم َذلِك القلب ال ُمصاب بالضمور‬
‫اليوم‬
‫بدا بالنبض من جديد‬
‫َي َكاد لصدى نبضه أن يسمعه الَّذِي يجلس بمقرب ٍة مني‬
‫ومتوترة بعض الشيء‬
‫وكأني أعيش الحقيقه التي ربما تكون مجرد خيال ال أكثر‬
‫لكن‬
‫اليوم كان اللقاء‬
‫في قهوة العم صالح‬
‫و َمن أين لي إحتساء قهوة أخرى‬
‫الوقت سوى أن أشرب القهوة على عجل في كل يوم‬ ‫ِ‬ ‫وأنا ال أَ ِجد متسعاً َمن‬
‫حان وقت اللقاء‬
‫ال ُبد لي َمن االستعداد‬
‫كتلك الفتيات التي تضع أحمر الشفاه في اللقاء األول‬
‫لكنني حقاً ال أجيد إستخدامه حتى‬
‫ال أكترث ألمر األلوان والتناسق‬
‫ال لتهذب تناسق طلتي قلي ً‬
‫ال‬ ‫ال ُبد أن أنتظر أختي قلي ً‬
‫ال ال‬
‫ما زال األمر عادياً‬
‫ينبغي ان أكون مثلما أنا هذا أفضل بكثير‬
‫وإذا بي أفتح الباب و أختي آتيه‬
‫إلى أين يا ياسمين ذاهبه؟‬
‫ال مكان يا حبيبتي لن أتأخر‬
‫حسناً يا عزيزتي أنا في إنتظارك‬
‫ُعاء‬‫وداعاً يا د َ‬
‫إلى اللقاء‬
‫ال َمن تشابك أصابعي فوق األخرى‬ ‫َ‬
‫كنت ُمتلبكه وكان ذلِك دلي ً‬
‫يا آلهي‬
‫حسام هناك بإنتظاري!‬
‫علي التراجع أم َم َ‬
‫اذا؟!‬ ‫َهل ّ‬
‫أم أبقى عاديه ريثما تتمهد األمور‬
‫الوراء‬
‫ِ‬ ‫وإذا بي أعود خطوة إلى‬
‫ولكن! حسام كانت عيناه تقتنص وصولي‬
‫وإذا به ينادي ويلوح بساعده األيمن أنا هنا يا ياسمين في إنتظارك؟‬
‫ما كان بوسعي سوى التقدم بمقدار ما حاولت التراجع‬
‫ورأسي ينظر إلى قدمي و خطواتي المتقاربه التي تطيل الطريق قلي ً‬
‫ال كي أخفف من إرتباكي‬
‫نعم!‬
‫ماذا بك يا ياسمين؟ هل هناك خطب ما‬
‫ال ولكن!‬
‫نعم ولكن ماذا؟‬
‫لم أعتد على مثل هذا‬
‫لذلك أنا أخترت قهوة العم صالح‬
‫وهل تراقبني كل يوم؟‬
‫ال بل أعتدت أنا أفتتح صباحي و أنا أرى ذلك األمل ذلك التحدي حتى أستطيع مواصلة يومي‬
‫بقيت صامته‬
‫بقيت مندهشه بعض الشيء‬
‫هل أنا للصباح مفتاح األمل ؟‬
‫بل بقيت صامته و خداي تخبر مدى خجلي من ما قد سمعته‬
‫وقلبي كان مليئا ببعض السعاده‬
‫كسر ذلك الصمت‬
‫فنجان القهوة الساخن الذي اعتدت شرابه عند كل صباح‬
‫قطعت ذلك الهدوء بقولي‬
‫علي العوده باكرا فأختي بإنتظاري‬‫َ‬
‫و كأنني بلغة ما أخبره أسرع وقل ما عندك‬
‫حسنا يا ياسمين لكن ليس قبل أن أخبرك ما أود إخبارك به‬
‫حسنا أنا أسمعك‬
‫أتمنى أنا تسمعينني بقلب رحب و أن ال يثير ذلك األمر إزعاجك‬
‫ال تقلق سأكون كذلك‬
‫لم أعلم لماذا قلبي ينبض بشده حينما أراك؟ ولكنني أدركت أن هذا القلب أصبح يحبك‬
‫يا آلهي أين لي أن أختبىء؟ لم أستطع أن أرفع رأسي! لم أستطع الحديث حتى! بقيت لمدة دقيقتين و‬
‫كأنني مصابة بحالة إغماء‬
‫هو ال يدرك أيضا أن قلبي بات عاشقا له لكنني أكتنز تلك المشاعر لنفسي أعيشها مع تفاصيل الرؤى و‬
‫األحالم‬
‫علي العوده اآلن‬
‫حسنا يا حسام إذن َ‬
‫حسنا وأنا أقدر موقفك‬
‫أراك غدا‬
‫أدرت ظهري و بدأت األحاديث العابثة مع نفسي‪ ،‬صفعت خدي بلطمة خفيفه كي تعيد لي شرودي‬
‫ظننت بأنني ما زلت أحلم من يراني يعتقد بأنني مجنونه بل على األغلب‬

‫!هل أترك لقلبي المسار‬


‫أم لعقلي الخيار؟‬

‫هل سيغدو أمري بين حل ٌم وحقيقهـ و تراودني كوابيس اليقظه؟‬


‫! َك ْيف لي‬
‫الحب بين زحام الصدمات؟‬‫و َمن أين لي أن أعيش ُ‬
‫وأنا في طريقي إلى البيت كانت ِت ْلك الهواجس تجتث قلبي‬
‫ُعاء؟‬
‫كيف لي أن أخبر د َ‬
‫الحب‬
‫كيف لي أن أسقط تحت سقف ُ‬
‫وربما َي ُكون حلما أصحو من يقظتي بعدما أكون ك ُحطام سفينة َق ْوم نوح‬
‫وصلت إلى البيت‬
‫شخص ُمصاب ِبرعاش‬‫ٍ‬ ‫وبطرقات خفيفه كـ‬
‫ٍ‬
‫أطرق الباب ويداي ترجفان‬
‫وقوامي شبه ُمتهالك‬
‫لم أكن بخير‬
‫كنت حبيسة أحداث ال نهاية لها وال مهرب منها‬ ‫ُ‬
‫ال أعلم لماذا ال أستطيع أن أعيش لحظات الفرح‬
‫وكأنه حرم على من مثلي أن يعيش الحب‬
‫ُعاء الباب و أمسكت بي قبل أن أقع علَى األرض‬ ‫فتحت د َ‬
‫قلقت كثيراً‬
‫ظنت بأني أُصبت بمكروه‬
‫الحب داء يصيب القلب‬ ‫لم تعلم أن ُ‬
‫وإنه يجتاز قوى بعض البشر على التحمل‬
‫بمزاج جيد كي أخبرها الحقيقه‬
‫ٍ‬ ‫لم أكن‬
‫ً‬
‫الطريق‬ ‫ربما تهديني‬
‫لكنني ذهبت إلى فراشي سريعاً‬
‫كنت علَى عجل إلستكمال أحالم اليقظه‬ ‫ُ‬
‫وأختي كانت تحاول فهم إرتباكي لكن من غير جدوى‬
‫كنت حبيسة لبعض بنات أفكاري‬
‫مرات عديده‬
‫ٍ‬ ‫كنت أصحو‬
‫كنت أظن أني ما ُ‬
‫زلت أحلم‬
‫حلماً عابثاً بأدراج الحقيقه‬
‫بعدها غفوت دون أي شعور‬
‫و أذان الفجركان يخترق المنافذ‬
‫إلى قلبي‬
‫هيا إلى الصاله‬
‫سجادتي و مصحفي‬
‫دائماً بجانبي أبدأ صباحاتي و تغفو عيني به‬
‫ُ‬
‫رغبت إلى البكاء‬ ‫كلما‬
‫و كلما رغبت إلى المهرب‬
‫كانت الصاله والدعاء بمثابة َذلِك الشخص الَّذِي أجده معي في جميع أوقاتي‬
‫في شدتي ورخائي‬
‫صباح ُ‬
‫الطهر‬

‫ما أن إنتهيت من صالتي بدأت بإعداد الفطور‬


‫كان ِبه بعضاً من مذاق والدتي تعلَّمت منها الكثير من أسرار الطبخ‬
‫كان والدي دائماً ما ُيسمعنا عبارة جميله عن أمي‬
‫تعلمن فن الطبخ َمن والدتكن‬
‫و كأنني أسمعها اآلن‬
‫وضحكة أمي ال ُمعتاده بعدما تسمع َذلِك الثناء من والدي‬
‫مليء بـ السعاده‬
‫ٌ‬ ‫كان بيتنا‬
‫وذلِك الفرح والمرح الَّذِي ُيغلف إبتسامتنا‬
‫ُ‬
‫فصحوت َمن الذكريات الجميله‬ ‫وأنا أشرب الشاي لسعتني سخونته‬
‫ُعاء‬‫ذهبت إليقاظ د َ‬
‫هيا يا صغيرتي الكسوله تعالي لتشربين الشاي وتذهبين لجامعتك‬
‫أختي الصغيره علَى وشك تحقيق أُمنية والدي في أن ُتصبح دكتوره‬
‫هي علَى مشارف التخرج في سنتها األخيره‬
‫و أنا أصبحت مندمجه مع مكائن الخياطه لم أعد أكترث كثيراً لمهنة التصوير مثلما كانت تتملكني‬
‫لكن ما زالت أمنيه تتراءى لي بين أحالم الفينة واألخرى‬
‫الحمدهلل تبقى دواءا لقلبي المتوجع‬

‫اللقاء الثاني‬

‫كان اللقاء الثاني ب حسام لقاءا مختلفا تماما عن لقاءنا السابق لم أكن مرتبكه كإرتبكي في صحوة اللقاء‬
‫األول‬
‫كان هنالك دفء‬
‫وتناغم بين مشاعرنا الصامته‬
‫بل على األحرى‬
‫كان ألعيننا الكثير من الكالم‬
‫سلمنا على بعضن البعض بعدها إنتشلنا زحام الكلمات كي نبدأ العمل‬
‫كان يبدو لي أن الجميع يعمل كاآلله ال يوجد به مشاعر‬
‫لكن تيقنت أخيرا أن خلف تلك األجساد مشاعر مكبوحه‬
‫إنتهى عملي لهذا اليوم وكان بين الصدفة واللقاء ربكه إثارت بوجنتي الخجل‬
‫كنت أنظر للخلف وإذا به خلفي‬
‫قال لي هيا لنذهب سويا‬
‫لم أكن ألمانع‬
‫أخبريني يا ياسمين كيف كان اليوم؟‬
‫ضحكت ولم أكن معتاده أن أضحك بتلك الرقه لكنها كانت سهوا‬
‫لم يكن مختلفا عن باقي األيام‬
‫أجل وهذا ما أراه دائما في روتيني السابق لكن اليوم بالنسبة لي يوما مختلفا كان يوما جميال على األرجح‬
‫فيه من الدفء والحب ما لم أكن ألستشعره من قبل ومن بعد غياب والدي‬
‫أكتفيت بإبتسامه‬
‫وكانت إبتسامته تشبه إبتسامتي كإبتسامة البسطاء تماما‬
‫ياسمين‬
‫نعم‬
‫هل بإمكاننا أن نلتقي اليوم في قهوة العم صالح‬
‫أجل‬
‫وكأن قهوة العم صالح مرتعا للقاء العشاق!‬
‫كنا قريبين من عتبة باب بيتنا‬
‫شكرا لك يا حسام اآلن يمكنك اإلنصراف‬
‫هل تتطردينني قبل الدخول إلى بيتكم‬
‫قالها لي ممازحا ليضيف على ذلك الصمت شيئا من الدعابه‬
‫وكنت أبادله المزاح‬
‫أجل حتى ال أعلق بك أمام أختي الصغيره‬
‫أذن مع اللقاء يا عزيزتي ياسمين‬
‫وداعا يا حسام‬
‫كان لكلمة عزيزتي شعورا ال يوصفه اللسان وإنما هنالك شعورا بالسعاده واإلكتفاء بإبتسامه طوال ذلك‬
‫اليوم كانت كالمضاد الحيوي ضد الحزن‬
‫ال بد أن أخبر أختي عن قصتي‬
‫ألتقيت أختي دعاء بمنتصف الطريق‬
‫لوحت لها بيدي‬
‫حبيبتي دعاء‬
‫ياسمين أختي يالها من صدفه جميله أن نلتقي اليوم‬
‫أتعلمين يا ياسمين ال أود الدخول إلى البيت فالجو غائم ورائع‪ ،‬أرجوك أرغب بتناول الغداء في مكان ما‬
‫ولما ال يا صغيرتي؟ هيا بنا لكن أخبريني إلى أين يمكننا الذهاب‬
‫ال أعلم يا ياسمين لكن أرغب في المشي حيث ال نهايه‬
‫يختالني نفس الشعور يا دعاء ما يسكن بداخلك يسكن أعماقي كذلك‘ نتقاسم الوجع معا‪ ،‬نتقاسم تفاصيل‬
‫الحياه وما زلنا نتكأ بعجازاتنا المتهالكه حتى ال نفتح أبواب الجراح بداخلنا محاولة منا النسيان وما هو إال‬
‫تجاهل حتى ال نصيب بعضنا البعض بالفتور ومزاولة الوجع وكأننا نسينا أن ولدنا من رحم واحد‬
‫ال تثيري بنفسي البكاء يا ياسمين‬
‫لماذا ال نكاد نرى السعاده؟ أم أننا خلقنا ألنفسنا التعاسه لماذا ال نكاد نستصيغ الكأس الذي كان يملىء‬
‫فوهتنا بالسعاده أم أنها تبددت برحيلهم لكن لماذا أصبحنا نستهوي الحزن؟ أم أن الحزن ظن أنه فردا منا‬
‫وأصبح يالزمنا حتى ال تكاد حنجرتي تمتلىء بالفرح‬
‫ال يا دعاء نحن من أسكنا الحزن نحن من تركنا السعاده فأستهوى لها البقاء داخلنا‬
‫ال بد لنا أن نرتدي فساتين الفرح تصوري معي يا دعاء كيف لها أن تكون‬
‫أغلقي عيناك وتخيلي معي الفرح على هيئة فساتين بيضاء تعلوها من األعلى زهور األقحوان‬
‫ويلتف حول رأسينا ذلك الطوق المزين بالكثيرمن الزهور والعصافير حولنا تغرد‬
‫تحتفل معنا وتشاركنا السعاده‬
‫نتراقص بفرح و ضحكاتنا تعلو إبتسامتنا الغائبه منذ وقت طويل‬
‫ياه ياله من خيال جميل يا ياسمين ال أريد أن أفتح عيناي‪ ،‬كم أتمنى أن أفتح عيناي وأنا أعيش تفاصيل‬
‫الفرح هذايا ياسمين‬
‫هو الفرح معنا يا دعاء فقط إفتحي عينيك وعيشي معي هذه اللحظات‬
‫دعاء‬
‫نعم يا حبيبتي ياسمين يا أمي الثانيه‬
‫أال تشعرين بالجوع فعصافير بطني بدأت تزقزق‬
‫نعم يا عزيزتي‪ ،‬إذن ال بد أن نقف عند أول مطعم نراه‬
‫ياله من حظ جميل المطعم أمامنا‬
‫جلسنا على الطاوله‬
‫اخذنا نقلب المنيو وطلبنا المشاوي مع صحن الحمص المتبل وكوب الشاي األحمر بالنعناع‬
‫كان للمشروبات الدافئه مذاقا آخر في ذلك الجو المليء بالغيوم ونسمات هواءه البارده‬
‫ونحن بإنتظار وجبة الغداء‪ ،‬كنت حائره جدا بإخبار أختي عن أمري الذي لم أستطع إخبارها من قبل لم‬
‫أشأ إخبارها حتى ال أفسد عليها ذلك الفرح‬
‫سأحاول نسيان األمر بدأت باللعب بقدماي حتى أتناسى األمر قليال وأحدق في جمال الجو وأتأمل غيومه‬
‫التي تكاد أن تسقط من شده تكاثفها في السماء‬
‫أنتهى ذلك اليوم بالسعاده‬
‫الحنين‬

‫يوم حنينا إلى الماضي‬


‫أزداد في كل ٍ‬
‫أتنفس بعمق ح ّتى ال أفقد صبري‬
‫ح ّتى اَل أتعثر بسبب ذلك الحجر الصغير‬
‫أشرب القهوه وكأ ّنها مهدئ لمتالزمة الحزن‬
‫كم أو ّد أن أتقيأ َجمِيع ما إبتلعت من معطيات الفشل‬
‫ولكن هنالك َن َهر صافي في غاية النقاء يعبر من أمامي‬
‫ألي‬
‫إنه ال يخ ّيل ّ‬
‫إنه نقي كـ نقاء النبع‬
‫كـ صفاء السماء‬
‫و كـ روعة النسيم‬
‫و نفحة ماء الورد‬
‫الحب‬
‫إنه ُ‬
‫َذلِك الرجل الَّذِي أنقذني َمن وحل الخداع‬
‫علي‬
‫ال يخشى ّ‬ ‫أرى فِيه رج ً‬
‫وأدرك تماماً دفء عاطفته وصدّق إخالصه‬
‫نعم أحببته بصدق‬
‫لكنني حقا خائفه‬
‫في نفسي‬ ‫وأسررتها ّ‬
‫الحب‬
‫ال يمكنني أن أبوح بذلك ُ‬
‫ولكن تفاجأت حين قال لي‬
‫أحبك يا ياسمين‬
‫كم كانت عفوية‪ ،‬طاهره‬
‫لم أكن أدرك معنى الحب و ماذا قيل عنه؟‬
‫!لم أكن من محبي الموضه‪ ،‬لم تكن تعني لي شيئا مهما‬
‫الص ِبي في تصرفاته و مظهره‬ ‫ُكنت أشبه ِب َّ‬
‫ولكن مالمحي كانت كمالمح أُمي‬
‫مالمح فتاة تملك من األنوثه ما يكفيها حتى تتباهى به ما بين النساء‬
‫!لكن‬
‫لم أكن كذلك بل أضعتها حول مسؤلياتي التي فاقت طاقتي على التحمل‬
‫وبالرغم من َذلِك تعديت ِت ْلك المرحله‬
‫ُكنت بعمر الطفوله وها أنا اليوم شابه يعتمد عليها‬
‫بعكس أختي‬
‫التي أدركت حجم أنوثتها‬
‫كنت أعجب بها ولجمال أناقتها‬
‫كم تمنيت أن أحضى يوماً باإلهتمام بنفسي‬
‫الحب سيمنحني يوما فرصة التعلم تلك‬ ‫ولكن أدرك أن ُ‬
‫فرصة اإلهتمام‬
‫وكيف أبدو كـ أنثى بالغة الرقه‬
‫يوم اإلعترافات الصامته‬

‫كم يبدو صباح َه َذا اليوم ُمربك‪ ،‬ال أعلم َهل آليوم مربك أم أنا من أربك صفوة هدوءه؟‬
‫ُكنت خاضعة لتقاسيم ّ‬
‫الظروف الَتِي أعدو ِب َها وأرى ما ح ّولي من شواهد الَتِي أكاد أن أخضع لها تماماً‬
‫دون أن أشعر‬
‫وهذا ما يبدو‬
‫عيناي اليوم ُتسابق حروفي‬
‫ُتخبره أنني أحبه‬
‫وقلبي لست بمالكته‬
‫ياسمين‬
‫ال بك حسام‬‫أه ً‬
‫بك يا عزيزتي‬ ‫اهاًل ِ‬
‫حالك؟‬
‫كيف ِ‬
‫زلت بخير‪ ،‬وأنت؟‬‫أنا ما ُ‬
‫تحسن مستمر‬
‫ٍ‬ ‫يبدو أن حالتي في‬
‫يبدو لي أنه اليوم األول الَّذِي أفهم فيه عالمات ُ‬
‫الحب‬
‫أحسست بالخجل و لكنني لم أجعله يستشعر ذلك‬‫ُ‬
‫تبادلت معه الحديث‬
‫بدأت في اإلندماج وبدأ الخجل يتالشى قلي ً‬
‫ال‬
‫وعيناي تحدثه بما يخبئه قلبي‬
‫كيف لهذا الحب أن يدمر صالبتي؟ كنت دائما متردده بإن أكون يوما عاشقه‬
‫كيف لي أن أقع بعدما أصبحت بنصف رجل وأصبحت أنوثتي تكمن بإسم‬
‫كم يبدو لي األمر صعبا فأنا ما بين مفترق طريقين‬
‫ال يمكنني التراجع؟‬
‫و ال يمكنني الوقوف؟‬
‫عشت دوامة صراع ما بين الواقع و التحدي مع نفسي أعيش جمهرة ساخطه‬
‫أنتهى هذا اليوم سريعا مع صراع ما بين بنات أفكاري ومكائن الخياطه‬
‫ربما وددت البقاء أكثر وذلك لوجوده ما بين تلك المكائن‬
‫وهل لهذا الحديث الساكن بداخلي أن يبوح؟‬
‫و هل لهذه اللغات أن تخبرهم عن موطنها؟‬
‫بداخلي حديث ال يمكنه أن ينتهي لسنوات فهل لهذه السنوات أن تختصر لي الحديث بكلمه وتنهي ذلك‬
‫الصراع المربك مع قلبي الصغير الذي أصبح ككومة القش التي تتبعثر مع أول نسمة رياح‬
‫كم أود أن اخبرك يا حسام الكثير من الكالم‬
‫الكثير من األنين‬
‫والكثير الكثير الذي من شأنه أن ال ينتهي حديثه عند بدأه عند أول ساعة من النهار إلى آخر ساعه من‬
‫الليل‬
‫كالعاده أصبحت لقاءتنا متكرره في قهوة العم صالح‬
‫التي أصبحت بمالذ العشاق‬
‫التي تجمع ما بين الوحده وما بين اللقاء والفراق‬
‫كم اود ان أخبر العالم عن قصة كفاح عشت تفاصيلها الشائكه بنفسي‬
‫وأخبرهم أن للسعاده مفتاح‬
‫حين يجمعك القدر بشخص عاشق ينسيك ذلك ااأللم بأكمله في لحظه‬
‫ليست كباقي اللحظات التي تمر بصعوبه‬
‫التي تستشعرك ما هو األلم‬
‫بعكس لحظات الحب‬
‫كم أود العناق‬
‫وأن أبكي على حضن دافىء ويد تمتد إلى خدي لتمسح عنها الدموع‬
‫وحضن حاني يجمع ذلك الشتات ويهدأ ذلك القلب المنكسر‬
‫كم أن مشتاقه لذلك الشعور‬
‫ولكن اليوم أسميته بيوم اإلعترافات‬
‫ال بد لي أن أبوح عن مشاعري التي تزاحم يومي‬
‫وتخنق حنجرتي وتضيق مجرى التنفس كأنني مصابة بالربو‬

‫قهوة العم صالح‬

‫حيث الحب والمشاعر والحنين وجميع بنات آوى التي تجتمع في قهوة العم صالح‬
‫لم أدرك نفسي بل كان نداءا تلقائيا حين ناديت بإسم حسام حين الحت لي مالمحه تظهر لي من بعيد‬
‫حساااام‬
‫ياسمين‬
‫نعم كنا كالعاشقين لم يروا بعضهم البعض منذ زمن و نحن ما زلنا في‬
‫الشهر األول على المعرفه‬
‫حيث أن ذلك الحب ما زال في محطة اإلعجاب‬
‫ولكن يبدو أن حبنا بدأ يكبر بسرعه‬
‫خيل لي إنه يقاسمني األلم والمسؤوليه فتالمست قلوبنا أننا نعيش واقعا متشابها‬
‫جلسنا على الطاوله التي في كل مره نجلس على كراسيها وكأنها أصبحت من ممتلكاتنا‬
‫كيف حالك يا ياسمين؟‬
‫أنا بخير كعادتي‬
‫هذا ما يبدو لي‬
‫وماذا عنك أنت؟‬
‫أنا في كل لحظه أراكي فيها تتحسن حالتي‬
‫وهل أنا عقار طبي؟‬
‫نعم‪ ،‬لكن ليس بذلك الطعمـ المر إنه عقار عاطفي ينبض قلبي برؤيتك و تجتاح مبسمي إبتسامه أنت لقلبي‬
‫السعاده التي فقدتها من زمن بعيد‬
‫شكرا يا حسام وكم أود أن ال تكون مجامله؟‬
‫وهل تشكين بصحة ما أقوله؟‬
‫ال يمكنني تصديقه أو تكذيبه؟ بل علي أن أتماشى مع األمر وكأنني عمياء‬
‫ستثبت لك األيام يا ياسمين‬
‫كنت أستقصد التشكيك في حبه لي حتى أرى مدى صدقه لي‬
‫يراودني سؤال عنك يا ياسمين هل يمكنني أن أسألك؟‬
‫يمكنك ذلك يا حسام‬
‫هل أكملتي دراستك الثانويه؟لماذا لم تلتحقي بإحدى الجامعات؟‬
‫سؤاله أحدث لي غصه حتى أن القهوه علقت بمجرى التنفس و كأنني ابتلعت شيئا صلب‬
‫أنا متأسف يا عزيزتي ال بد أن سؤالي جاء في وقت غير مناسبا‬
‫أنا متأسف على إزعاجك مرة ثانيه لم أقصد إيذائك‪ ،‬إشربي الماء يا ياسمين‬
‫هيا إشربي الماء‬
‫أخذت كوب الماء ويداي أصبحت كالثلج ال يمكنني أن أمسك كوب الماء من شدة البروده‬
‫سقط من يدي وتساقطت معه دموعي وعالمات الحزن على وجهه وكأنه إرتكب ذلك الخطأ الفادح‬
‫ال داعي لألسف يا حسام ما هي إال قهوه ذهبت إلى قصبتي الهوائيه ربما فقدت طريقها إلى حنجرتي‬
‫قلتها بمزاج مرح حتى ال أشعره بالذنب‬
‫تناسينا ما كنا نتكلم عنه حتى ال يصل كل منا إلى جرح األخر‪ ،‬لكنها ما زالت غصه بقلبي الغض الذي‬
‫أرهقه تحملها‪ ،‬أتعبه إنتظار ذلك اليوم الذي يتقيأ مراراتها‬
‫لكن!‬
‫تجاذبنا أحاديثا أخرى‪ ،‬أحاديث تثير بأنفسنا ضحكات ثرثاره يكاد علوها يخبر الجميع أننا سعداء ولسنا من‬
‫أؤلئك الذين غلبت عليهم شقوتهم‬
‫تهامسنا عن أيام الطفوله و مواقفناالعفويه‬
‫ويالها من أيام جميله‬
‫وأنتهى اللقاء بيننا كان ما بين دمعه وضحكه أغلقت أحاديثنا المغلفه بأغلفة الصمت‬
‫وكان أجمل هروب نختبىء خلفه عن بعض مشاعرنا المنكسره كجناح الحمامه المبتل تحت سقف مليء‬
‫بالثقوب تساقط عليه المطر‬
‫حين وصلت إلى البيت إحتضنتني دعاء بشده هو شوق‪ ،‬شوقا للراحلين‪ ،‬العابثين بمساحات قلوبنا الفارغه‬
‫بدأت تسائلني عن شرودي و أنا أمامها كالتمثال‬
‫ماذا بك يا ياسمين؟ ما كل هذا الشرود؟ لماذا ال تصدقيني الحديث أو لست بأختك؟‬
‫تعالي بجانبي؟ أخبريني عن خطبك؟‬
‫و ماذا أجد يا دعاء في حديث مخنوق بالصمت وال يجد الجواب؟‬
‫أخبريني علني أكون لسؤالك جواب؟‬
‫أدرك حبك وخوفك يا دعاء‬
‫لكن ماذا لو أخبرتك عن شتاتي؟‬
‫ماذا تقولين يا ياسمين؟ و هل ذلك الشتات يعتريك فقط أو ليس ذلك الشتات يجمع قلبينا معا‬
‫حبيبتي دعاء دعيني اآلن‪ ،‬فأنا لست بخير‬
‫تزيدينني قلقا عليك يا أختي‬
‫ال تخافي ما هو إال بعضا من أحالم الرؤى أعيشها اآلن‬
‫حسنا سأدعك ترتاحي ولنا في الغد حديث‪ ،‬لكن هل ترغبين بكوب من الحليب الدافىء؟‬
‫ال أرغب في شيء يا دعاء سوى النوم الطويل‬
‫خطاك السوء يا أجمل حكايه بقت إلى جانبي‬
‫إحتضنتها وكان لجسدي أنينا آخر من التعب أحسست بأن عظامي ترامت بعيدا عن بعضها البعض وكان‬
‫لموطن حضنها الدفء حيث ال يمكنني أن أعيشه بموطن آخر‬
‫همست بإذنها سيكون لنا في الغد حديثا طويل يا دعاء ال تخافي فأنا ما زلت بخير ما أشعر به هو لخبطه‬
‫لبعضا من المشاعر الحائره التي ال يمكنها أن تعيش ذلك السالم الداخلي والتكافىء العقلي‬

‫صباح زخات المطر‪...‬ومبعث السالم‬

‫مراسم حدوث المطر كالغيم ورائحته التي تنبعث من تربة األرض‪ ،‬كان كل هذا يهدي إلى قلبي السالم‬
‫يذيب ذلك الصقيع المتجمد خلف قلب متعطشا للحنين‬
‫هو الحنين بذاته يختم ثغري بإبتسامه‬
‫إلتقيت ب حسام ك عادتي في كل صباح‬
‫كان ينتظر لحظة خروجي من البيت وكأنه وصية أبي لي ودعوة أمي حين قالت ربي ال تريني بإبنتي‬
‫حبيبتي سوء وإحفظها من كيد الخبثاء‬
‫كيف حالك يا ياسمين؟‬
‫أنا بخير‬
‫وكنت ممازحة لقلبه الطيب‪ ،‬وأنا أعلم أخبارك جيدا؟‬
‫أخبريني عن أخباري فأنا ال أجيد التعبير عنها‬
‫يالك من مراوغ ماكر‬
‫أنت بخير كذلك‬
‫وهل أنا بخير فقط!‬
‫أجل وماذا بعد؟‬
‫ليس إال أنا اليوم أدرك جمال الحياه بالقرب من قلبك الجميل‬
‫يكفي ذلك يا حسام فأنت تحرجني دائما‬
‫حتى وإن كانت حقيقه تخجلين منها؟‬
‫ضحكت بخفه وهدوء ودونما شعور ربتت بكفي على كتفه‬
‫وأمسك بيدي‬
‫لكن سرعان ما سحبت يدي من قبضته ونعته بالمجنون‬
‫نعم مجنون بجمال عينيك ونقاء إبتسامتك‬
‫شربنا الشاي ومن ثم أسرعنا الخطى نحو المعمل حتى ال نتأخر‬
‫كان يجلس في المقاعد األماميه وأنا في الخلف أنظر إليه متى ما أحسست بالحنين إليه‬
‫كان لقلبي الفرح بعد صراع طويل أخلد بداخلي الخوف الدائم‬
‫لكن‪...‬ال بد أن أرتدي الفرح ذلك الفستان األبيض وطوق حول رأسي تزينه زهور الياسمين‬
‫أنتهى ذلك اليوم وكان للحب أن يكبر بيننا كطفلـ رضيع في حضن أمه‬
‫يحتاج إلى الدفء والحنان حيث يسكنه السالم‬
‫سمعت الكثير عن قصص الحب ولم أكن راغبه بمجارات حلم ينتهي عند الصحوه‪ ...‬كان ذلك الخوف الذي‬
‫سكن جوفي منذ أزل طويل‬
‫بل تحديت إعاقته لي‪ ،‬فأدخلت نفسي العراك وأقحمت نفسي متاهات ال أعلم ماهيتها ونهايتها‬
‫بل ال بد لقلبي أن يعيش بعضا من الفرح‬
‫أن يعيش الحب‬
‫يعيش ذلك السالم الداخلي‬
‫ما أشعر به إتجاهه هو ذلك السالم أجمع‬
‫دائما شعوري إتجاه األشياء يكون في محله ال تخطىء حواسي الكامنه بداخلي‬
‫كان بعد إنتهاء اليوم لي لقاء مع دعاء حين وعدتها عن كشف خطبي لها‬
‫إنقباضات المشاعر بدأت تتالشى شيئا فشيئا‪ ،‬شيئا من الراحه بدأ يالمس قلبي أحسست بالسالم العاطفي‬
‫الذي تركني منذ زمن‬
‫زمن طويل أفقدني حب الحياه‬
‫واليوم بدأ إستعداده في خوض سباق جديد‬
‫حبا كباقي الحب ولكن ذا طعما آخر‬
‫طعما من اإلنسجام الروحي قبل العاطفي يتخلل جميع الحواس حتى يشعرك بمذاق الحب‬
‫ال أنكر أنني أقسمت على نفسي أن ال أدخل نفسي متاهات شائكه وأنسى أنني أنثى كباقي اإلناث تحلم‬
‫وتصحو بحضن حبيبها‬
‫يملىء عقلها وجال‬
‫يخبر قلبها أنه هو المستحق أن يعبث بقلبها‬
‫يخبرها إنه هو ذلك الرجل الذي طالما تمناه لي والدي أن أكون بعصمته‬
‫كنت أراه كما تمناه لي والدي‬
‫وأراه بداخلي عالما آخر إمتلكه‪ ،‬ال لغيري أعيش كل ما بداخله‬
‫كان لزاما علي أن أخبر أختي لطالما ترافقنا معا وتقاسمنا تفاصيل الفرح والشقاء معا فنحن كالتوائم الذي‬
‫يفرقنا بعدد السنين ال بتفاصيل الحياه‬
‫وجدت أختي نائمه فما كان مني إال وأن استلقيت على فراشي أغلقت عيناي وإصطنعت تلك األحالم‬
‫الورديه‬
‫كم هو جميل لو مثلما تمنينا أن نكون‬
‫ولكن نتذكر أن أقدار اهلل لنا خيره وسنجد السعاده في نهاية الطريق مهما بدا المشوار سيئا فمطلعه نور‬
‫حيث الراحه واإلستقرار‬
‫غفوت ولم أشعر بأنني نمت وقتا طويال‬
‫لم أستيقظ إال وأختي تيقظني ويديها كانتا حانيتان لطيفتان كيدي أمي‬
‫أمسكت بيدها و وضعتها على قلبي‬
‫وسألتها إن كانت تستشعر نبضات قلبي؟‬
‫نعم أشعر به يا ياسمين أشعر به وكأنما هو قلبي هو سبيلي إلى الحياه‬
‫تعانقنا كثيرا وبكينا‬
‫كان ال بد من ذلك؛ لتفريغ جميع الطاقات السلبيه التي تشعرنا بالتعاسه‬
‫ياسمين‬
‫نعم يا حبيبتي أسمعك‬
‫أرى بعينيك كالما طويال شيئا ما محبوسا بداخلك ولم تخبريني إياه بعد‬
‫نعم يا دعاء الكثير الكثير ولكنني سأختصره لك بكلمه‬
‫أسمعك يا ياسمين وإن كان لتلك الكلمه أحاديثا طويله أسمعك حتى وإن طال بنا السهر و ودع القمر ليله و‬
‫أسدلت علينا شمس الصباح‬
‫دعاء إن أخبرتك سري أتمنى منك فهمي دون بكاء وإن كان ذلك األمر قد يؤذي قلبك‬
‫وهل يحق لي ذلك يا ياسمين أن أغضب أو أي شيء آخر؟ ال يحق لي سوى إحتضانك‬
‫حمدا لك يا رب منحتني بأخت تكافىء ذلك النقصان‬
‫أخبريني اآلن يا حبيبتي ياسمين‬
‫أنا واقعه في حب أحدهم‬
‫لم يكن منها إال أن إحتضنتني كما وعدتني عانقتني كعناق المغترب‬
‫إحتضنتني بقوه فكان قلبها ينبض بداخلي بالجانب األيمن مني كان لي قلبان متجاوران‪ ،‬لم أشأ فك ذلك‬
‫العناق‬
‫تقاسمنا البكاء مسحت عن عيناي الدموع‬
‫قبلتني كثيرا وإحتضنتني مرة أخرى وكأنني أسمع ذلك الصوت الذي بداخلها أن ال أتركها وحيده‬
‫حبيبتي دعاء أتمنى أن ال أكون قد خذلتك و وعدتك بأن أكون لك األب ذلك الرجل الذي يحميك كوالدي‬
‫تماما‬
‫أنا لم أتخلى عن ذلك الوعد أنا ما زلت محافظه عليه إلى أن يشاء اهلل‬
‫ياسمين بل هو من حقك أن تعيشي و لو الشيء القليل من السعاده يكفي أنك تخليتي عن الكثير من حقوقك‬
‫و تركتي بعضا من إنوثتك و غدوتي مثل أبي تماما‬
‫فقط شيئا واحدا أتمناه يا ياسمين أن ال يعبث بقلبك ويترككي منكسره‬
‫ما أعرفه عنك ليس من السهوله أن يسطو على قلبك أحد‬
‫ال تقلقين يا دعاء فأنا ما زلت قويه ولست بالساذجة العمياء‬
‫من هو يا ياسمين؟ أخبريني؟‬
‫هو ذلك الرجل الذي أنقذني يوما من كيد عابث‬
‫هو بذاته يا ياسمين؟‬
‫نعم يا صغيرتي هو‬
‫كان عاشقا لي منذ فتره طويله كان يراقب لي الطريق حين عودتي وحين خروجي من المنزل لوال رحمة‬
‫اهلل علي وتتبعه لي حين حاول ذلك الرجل خداعي لكنت اليوم بجسد دون روح كالميت تماما‬
‫أنت يا ياسمين أنثى رائعه مهما أخفيتي تلك األنوثه فهي تظهر عند عفويتك‬
‫أتمنى أن يعوضك عن الكثير يا ياسمين لكن ال تتركيني وحيده أنا ما زلت أحتاجك‬
‫ومن قال أنني سأتركك يا صغيرتي أنتي قبل كل شيء‬
‫ذلك الحوار أراح قلبي كثيرا كنت خائفه أن أفقد أختي بعدما كانت تعتبرني مصدر قوتها و تشبثها بالحياه‬
‫هي على مشارف التخرج أنتظرها على وجل بعدما كانت ذلك الحلم الذي تمنيا والدي حدوثه وستكون‬
‫كذلك‬
‫مثلما عرفتها دائما تسعى أن تكون األولى‬
‫إتصال هاتفي ّ؟!‬
‫هاتفي يرن وألول مره كغير عادته‬
‫أختي هنا‬
‫يا ترى من المتصل؟‬
‫أجل إنه حسام‬
‫ما أسرع ذاكرتي في أن تصاب بزهايمر الحب؟‬
‫نسيت أنني كتبته على ورقه حين أصر على أخذه‬
‫لم أستطع الرد‬
‫كانت يداي خجلتان في ضغط الزر‬
‫أعاد اإلتصال مراتا عديده لكن لم أستطع‪ ،‬تجاهلت األمر كما لو لم يكن‬
‫بعثت إليه برساله نصيه أعتذر على عدم الرد‬
‫قال لي ال بأس يا عزيزتي غدا سيحلو بيننا السهر‬
‫تصبح على خير يا حسام‬
‫وأنت الخير كله يا حبيبتي ياسمين‬
‫كتب حبيبتي كتبها وإنكتب على قلبي حبه األبدي‪ ،‬لم أستطع النوم بشكل متواصل فكثيرا ما أصحو وأعود‬
‫لفتح رسالته وأتأمل جميع حروفها وأعيش تفاصيل تلك المشاعر الصامته التي بداخلها‬

‫صباح الدفء‬

‫رغم برودة هذا الصباح إال أن نشاطي أنتزع النوم عن عيناي حاولت أن أغفو قليال بعد صالة الفجر إال‬
‫أنني لم أستطع‪ ،‬بعدها أعددت الفطور وأيقظت دعاء لنتناول الفطور معا‬
‫حبيبتي دعاء هيا حان وقت إستعدادك للذهاب إلى الجامعه‬
‫حسنا يا ياسمين‬
‫جلست على الطاوله بإنتظارها‬
‫وغبت في زوبعة أحالمي‬
‫نسيت أنه كان في يوم أن لي حلم يداهمني منذ الصغر نسيت أنني من عشاق الكاميرا و مطاردة الحقيقهـ‬
‫جميعها ذهب وبقي قلبي يبحث عن مأمن للمشاعر‬
‫ألتقيت به وكنت ما أنتظره أن أرى عيناه فبها أحلم بالكثير و الكثير في أعماقها العاشقتان‬
‫وصلنا إلى المعمل سوية وكنا محط األنظار للكثير ولكن لم نكترث لذلك‬
‫كنا نعيش أوقاتنا دون أن ننزعج من األنظار حولنا‬
‫كان الوقت سريعا ولكن كان هنالك شيئا أسرع منه‬
‫إنه ذلك الحب‬
‫ياسمين‬
‫نعم يا عزيزي‬
‫سأنتظرك على العشاء اليوم حيث مكان العشاق‬
‫حسنا سأكون هناك‬
‫ال تذهبين إلى هناك قبل أن أصطحبك‬
‫شكرا يا حسام‬
‫وصلت إلى البيت و أنا أفكر ماذا سأرتدي؟‬
‫ال بأس سأدع دعاء تهتم بأناقاتي لطالما كانت مهتمه بأناقتها دائما‬
‫كدت أن اصطدم بها لوال أن صرخت بوجهي‬
‫ياسمين ماذا بك؟ ستصطدمين بي يا عزيزتي‬
‫ما هذا الذي أذهب بعقلك؟ أين أنتي شارده؟‬
‫أنا متأسفه يا دعاء‬
‫أعلم فيما أنت شارده؟ في ذلك الرجل الذي يعتلي منصة قلبك‬
‫ضحكت وكأن قلبي يعوض عن الكثير من الدموع‬
‫ضحكت حتى سالت دموعي من كثرة الضحك‪ ،‬بعدها بكيت و هويت على قدمي على األرض‬
‫دعاء ال اعلم ماذا يجتاح نفسي؟ هل هو الحب؟ أم هو هربا من ظروفي القاسيه؟‬
‫ال تتكلمين هكذا يا حبيبتي ياسمين؟ أال يحق لك الحب كباقي اإلناث؟ أم تودين أن تحرمين نفسك من‬
‫السعاده ألجلي؟‬
‫أتظنين أن سعادتي أن تعيشين الشقاء كله وال أقاسمك تفاصيله أال يكفيك أضعتي حلم طفولتك الجميله‬
‫إحتضنتها شوقا وحبا و قربا حتى أتنفس الصعداء‬
‫بعدما تناولنا الغداء أخذنا قسطا من الراحه‬
‫ولكن لم أستطع النوم كنت غارقه في بعض أفكاري‬
‫كيف لي أن أظهر كأنثى ناعمه وحولي الكثير من اإلناث تتباهى بجمالها‬
‫وأنا ال أملك احمر الشفاة حتى‬
‫بدات في نفسي بعضا من الغيره عليه‬
‫أعددت الشاي األخضر كي أريح أوتاري المشدوده وكان لجمال صوت العصافير شيئا آخر من العالج‬
‫النفسي مع رائحة الزهور‬
‫شاركتني دعاء ذلك الجمال الروحي و أخبرتها أنني على لقاء معه و طلبت منها أن ترافقني‬
‫و وافقت دون أي تردد؟ أثارت إعجابي ماذا يخطر ببال أختي ؟ فما أعرفه عنها منذ الطفوله بنت شقيه و‬
‫مراوغه‬
‫استعددنا و أوشكنا على الخروج‬
‫كنت أنظر إلى المرآه عدة مرات كيف أبدو؟ لم يخيل إلي أنني سأصبح فاتنه إلى هذا الحد‬
‫ما أن عدونا مخرج الباب إذا ب حسام ينتظرني لكنه لم يتوقع مجيء أختي‬
‫السالم عليكم‬
‫وعليكم السالم كيف حالك يا دعاء؟‬
‫بخير شكرا‪ ،‬ماذا عنك؟‬
‫أنا بخير كذلك‬
‫أنا ال أود الذهاب بصحبتكم ما أريده منك‬
‫وقفنا مذهولين منها ماذا ستقول؟‬
‫نعم يا دعاء تفضلي‬
‫إعتني بأختي‪ ،‬أعتني بقلبها قبل كل شيء هي أجمل ذكريات أبي و أمي فال تسيء لها أبدا‬
‫سقطت دموعها وسقطت دموعي من كلماتها أحسست بشلل في جسدي لم أستطع أن أتحرك سوى أنني‬
‫صرخت بأعلى صوتي‬
‫حبيبتي دعاء تعالي إلى حضني أنا ال أقوى على الحراك تعالي إلي سريعا لملمي شتاتي العابث‬
‫كان حسام ينظر إلينا و كأنه يقول لنا خذوني معكم بأحضانكم هو كذلك مسح عن عيناه الدموع‬
‫بعدما هدأنا و فككنا العناق‬
‫وماذا تظنين أنني فاعل بها؟ عشقت قلبها قبل أن ال أعرفه هي ستكون تلك األنثي التي أكمل نصف ديني‬
‫بها‪ ،‬فقط أحتاج إلى بعض من الوقت بعد موافقتها و موافقتك يا دعاء‬
‫لم أستطع أن أضع عيناي بعيناه شعرت بالخجل و بداخلي عصافير الفرح تشدو إنني كما وثقت به عهدته‬
‫أنا موافقه يا حسام بعد موافقة دعاء‪ ،‬ذلك القرار هو قرارها و سعادتها هي سعادتي وال أطمع بشيئا آخر‬
‫سوى أن تكون أختي بخبر‬
‫وسأكون كذلك يا دعاء‬
‫واآلن سأعود أترك لكم الوقت‬
‫ال بد أن تشاركينا العشاء يا دعاء‬
‫ال شاكره لكم الدعوه‬
‫أعتذر عن ما بدر منها‬
‫أبدا هذا من حقها فهي تحبك كثيرا وال بد من أن تخاف عليك فهي أختك الوحيده‬
‫نعم وأنا أقدر مشاعرها إتجاهي‬
‫ولكن سؤاال يعتلي إستغرابي حين قالت الذكريات الوحيده‬
‫أجل و توقعت سؤالك هذا‪ ،‬سأخبرك تفاصيلي‬
‫حسنا يا حبيبتي ياسمين‬
‫لم تثر كلمة حبيبتي غرابة بل كانت باألمر الطبيعي أن أسمعها وأعيش عذوبتها و جمال طهرها‬
‫وكان موقف دعاء أكثر تأثيرا بأن أنام وأصحى عليه ليكون واقعا حيث ال خيال‬
‫يده تالمس يدي و تمسك بي و تأخذني إلى مرتع العشاق حيث يجتمع اإلحساس بالدفء‬
‫السالم عليكم‬
‫رددنا السالم معا وعليكم السالم‬
‫هذا العم صالح طالما رآني وحيده و اليوم يرى ترددي مع شخص غريب‬
‫عمي أعرفك على حسام‬
‫أهال بك يا حسام‬
‫أهال وسهال بك يا عم‬
‫و جلسنا على طاولتنا ففي كل مره نجلس عليها و كأنها أصبحت ملكا لنا‬
‫واآلن!‬
‫ضعي عيناك بعيناي يا ياسمين أخبريني تفاصيل حياتك و قبل كل هذا أحمر الشفاه زاد من جمالك‬
‫شكرا لك يا عزيزي نعم ال بد أن تعيش تفاصيلي كما ال بد أن أعيش تفاصيلك‬
‫وسقطت دموعي سأخبرك يا حسام لكن أسمعني شجنك أوال‬
‫حسنا يا عزيزتي وإن شئت ال تخبريني تكفيني أنتي‬
‫أنا ولدت دون أن أرى والدي ولو كانوا أموات لقلت لهم رحمة اهلل عليهم ولكن ولدت و رميت عند زبائل‬
‫القمامه أبكي كأي طفل يحتاج إلى حضن أمه وأنا لم أدركه بل كنت بين أحضان الشوارع لم تستطع أن‬
‫تعطيني الحنان كيف لي أن أغفر لمذنبين نسوا أمري و جعالني أعاني ولكن رحمة اهلل تكفلتني وأبقتني‬
‫في أحضان عائله لم يكن لهم طفل وكنت طفلهمـ و لكن أنا اليوم أبقى وحيدا بعدما تركوني هم أيضا في‬
‫سنا صغيره لم أبلغ العاشره وحيدا ليست رغبة منهم بالرحيل بل إختيار اهلل لهم بحادث سير فرحمة اهلل‬
‫عليهم فأنا مشتاق لهم كثير كما لو كانا أمي و أبي‬
‫كانت عيناي تذرف الدموع دون توقف لم أستطع النظر إلى عينيه فقلبه منكسر ومتألم‬
‫واآلن! أتركك يا ياسمين حق اإلختيار إن تقبلين بي شريك حياتك أم ننهي كل شيء‬
‫كف عن هذا يا حسام تبدو قصة حياتنا متاشبهه ولكنني أعلم من هم والدي تركانا بحادث سير و لكن ال‬
‫أعلم من هم أفراد عائلتي الباقين كنا نسكن بعيدا منذ أن ولدنا و نحن ال نعرف أحدا سوى والدي‬
‫أنا معك و سنكون معا حتى المشيب أنا ال أعلم من هم عائلتك و لكن يكفيني أن يسكن قلبي رجل مثلك‬
‫يكفيني موقفك المشرف لي حين أنقذتني من صتوت غاشم كاد أن يدنسني‬
‫كيف ال أعشق رجل مثلك؟ كيف ال أعطيه مفتاح األمان‬
‫هل تعاهدينني يا ياسمين أن نبقى معا؟‬
‫أعاهدك و بصوت خجل قلت له حبيبي‬
‫ال بأس غدا ستمطرينني بعبارات الحب‬
‫حتما دون شك يا حسام‬
‫دعينا نشرب القهوه حتى ال تبرد‬
‫كان يوما حزينا أن نتشارك األحزان ولكن خلق بداخلنا الراحه و بعضا من اإلستقرار‬
‫حين وصلت إلى البيت وجدت دعاء بإنتظاري‬
‫لماذا أنتي مستيقظه إلى اآلن يا حبيبتي؟‬
‫ما زلت بإنتظارك حتى أطمن عليك وأخلد إلى النوم‬
‫أطمئني يا عزيزتي أنا بخير فأنا سأكون بعصمة رجل يخاف علي‬
‫أتمني ذلك يا ياسمين‬
‫هو كذلك يا طفلتي‬
‫لم أشعر منذ أن وضعت رأسي على الوساده إال وأنا أصدر شخيرا على غير عادتي كان ليال مليئا باألحالم‬
‫الورديه التي لم أشىء أن أستيقض منها إال و أنا أعيش الحلم حقيقه‬

‫صباح جديد‬

‫صباحا مليئا بالكثير من المتخيالت بالكثير من الذي ال يمكننا أن ندركه سوى في األحالم‬
‫كانت صباحاتي أجمل بكثير عن السابق‬
‫واألجمل مليئا بالحب‪ ،‬بالسالم‬
‫ما أجمل صباحاتي حين أسمع نبض من أحب‬
‫حين أسمع صوته قريبا من أذني‬
‫يعدني أن يبقى معي وال يتركني‬
‫يبقى معي لألبد يمسك بيدي كطفل صغير‬
‫يبقى معي كالهواء الذي أتنفسه‬
‫صباح الخير يا حبيبتي‬
‫صباحك أجمل يا حبيبي‬
‫أخبريني عن أخبارك؟‬
‫أخباري بدت لي تزتان فتحت لي السعاده أحضانها مثل إحتضان الجريح‬
‫وأخبرني عن أخبارك؟‬
‫أخباري أصبحت مليئة بك كل التفاصيل هي أنت يا صغيرتي‬
‫قلبي بات يشدو فرحا و في كل ثانيه يدعو أن يحفظ اهلل لنا حبنا‬
‫كانت كلحظات السعادة التي كنت أعيشها بين أحضان والدي‬
‫مضت األيام والحب بيننا كطفلـ صغير يكبر بين أحضاننا و يزهر قلوبنا زهرا‬
‫عرفت عنه الكثير وعرف عني تفاصيلي الصغيره التي لم أنتبه لوجودها‬
‫مضت على عالقتنا سنه‬
‫وكبر حبنا عاما وكأنه أكبر عن ذلك بأعوام‬
‫إحتفلنا بيوم مولده وسجلنا تاريخه ب‪ 21‬نيسان حيث كان الحب كطفل رضيع نحمله في قلوبنا‬
‫تقدم حسام بخطبتي ليتم زواجنا رسميا‬
‫وتم الفرح‬
‫إرتديت ثوب الفرح وإرتدينا محابسنا طوقنا ذلك الحب تاريخا و عهدا و وعدا ال يغيب‬
‫وكذلك أختي تزوجت وأصبحت دكتوره وسكنت خارج البالد حيث مكان عمل زوجها‬
‫وهذا ما أشعرني بالفرح بعض من أمنيات والدي تحققت‬
‫لم يشعرني حسام بالفقد أبدا كان لي األب‪ ،‬األم والزوج ولكن بداخلي بعض من أصوات الشجن تثير بكائي‬
‫تارات كثيره‬

‫بذرة الحب‬

‫مضت األيام‪ ،‬عبرت تفاصيلنا سعاده وجمعت قلوبا جميله كنقاء المياه العذبه و كصفاء السماء الزرقاء‬
‫فما كان!‬
‫لمراسم الحب أن تنتهي دون أن تنبت بإحشائي طفلة الحب‬
‫كانت صباحات هذا اليوم مختلفه عن باقي األيام التي مضت‬
‫ركضت نحو دورة المياه كنت أشعر فيها بالغثيان صاحب ذلك حمى على غير عادتي وبالكثير من التعب‬
‫الذي لم أعتد عليه من قبل‬
‫أوصلني حسام المستشفى‬
‫أنتظرنا نتائج التحاليل وكانت خبرا جميال‬
‫مبروك يا سيدتي أنتي حامل في شهرك األول‬
‫تعانقت أعيوننا فرح و طرقت قلوبنا فيحاء الحب‬
‫كان أجمل ما نتوج به حبنا‪،‬أحمل بين أحشائي طفل يحمل بعضا من مالمح جذورنا الهاربه‬
‫فرح حسام كثيرا ولكنه أصبح يقيدني كثيرا حتى ال أتأذى ويتأذى طفله‬
‫حبيبتي ال تحملين أي ثقل‬
‫حسنا يا حسام‬
‫ياسمين‬
‫نعم يا حبيبي ال تسرعين إمشي ببطىء‬
‫حسنا‬
‫حبيبتي‬
‫نعععععععععععععمـ يا حسام و ماذا بعد؟‬
‫ال شيء يا حبيبتي فقط أريدك أن تكونين بخير‬
‫شكرا يا عزيزي ال تقلق علي سأكون بخير بجانبك‬
‫لم أكن منزعجه بالقدر الذي أحسست بالسعاده إتجاه‬
‫أحبك يا حسام‬
‫وأكثر ما أحبه فيك هو قلبك‬
‫وأنا أكثر يا حبيبتي ليتك تدركين حبي الذي ال يمكنني أن أخبرك تفاصيله الصغيره‬

‫‪ 12‬تموز‪ ...‬له حدث آخر‬

‫مضى على حملي ثمانية أشهر‬


‫بدأت صباحاتي متعبه في كل يوم‬
‫ما أجمل تلك األم التي حملتني ولم ندرك حجم التعب الذي تسببنا به ولم نشعر به واليوم أعيش تفاصيل‬
‫التعب‬
‫أعيش تفاصيل التعب يا أمي‬
‫كم تمنيت أن ألد وأفتح عيناي وأراك بجانبي تشدين على يدي وتخبرينني بأنني سأكون بخير وإن هذا‬
‫التعب سيزول بسرعه وسأتمنى من بعده طفال آخر و سأنسى ذلك المخاض‬
‫أغلقت عيني لكي أرى بعضا من تفاصيل الفرح التي تمنيت إكتمالها كإكتمال القمر في منتصف الشهر‬
‫رأيت الكثير من مراسم الفرح و لكن كان صوت المذياع يسري في أذني كأخبار تقرأ على مسمعي‬
‫ال أعلم هل هي مراسم الحب فقط أم أن هنالك شيئا قادم يطفيء ذلك الفرح؟‬
‫سمعت بالمذياع أن هنالك إشتباكات بين جيشنا وميشليات العدو‬
‫‪ ١٢‬تموز‬
‫غ ّيرت مسارنا و أمنياتنا بالحياه‬
‫غ ّيرت مرافىء قلبي إلى أين سيرسوا‪ ،‬وهنالك أمر أقلق سعادتنا!‬
‫ذلك الخبر أحدث صخبا صارخا‬
‫أحدث ضجة سياسيه علَى بعض األماكن من بلدنا‬
‫الجميع يحزم حقائبه خوفاً من الموت‬
‫عجل‬
‫يغلقون األبواب على ٍ‬
‫فربما بعد إنتهاء الحرب يعودون!‬
‫إن لم تكن ضمن مخلفات الحرب الغاشمه‬
‫التي باغتت صحوتنا فجأه‬
‫التي باغتت أحالم اليقضة غدراً‬
‫لم أعد أحلم بأي شي‬
‫سوى أن أعيش بسالم‬
‫أن ال تدمر الحرب بعضاً من الصو ِر الجميله التي أحتفظنا بها من ذكرى أبوينا‬
‫يبدو أن هذه الحرب كالحاسد الذي يتمنى زوال سعادتي‬
‫جاءت لتمزق أوتارها النابضه‬
‫وكم من أمنية تحت ظل القمر تأملناها سوية يا حسام‬
‫بدأت األخبار تبث الرعب في قلبي الصغير الذي أصبح ال يتسع ألي طفره قادمه‬
‫إمتزجت األخبار على حسام لم يستطع أن يكمل إبتسامته كان بنصف إبتسامه‬
‫ال تقلقي يا حبيبتي سنكون بخير سنكون معا‬
‫كم أتمنى ذلك يا حبيبي أتمنى قربك دائما‬
‫ال تخشي ذلك يا عزيزتي معنا اهلل‬
‫بات قلبي يخفق بشده ويعيش الخوف الذي أشعر بأنه بات وشيكا مني‪ ،‬يختالني في لحظه و يحدث بقلبي‬
‫إنقباضات متواتره‬
‫تمضي األيام ورياح الشتاء تشتد وكأنها تخبرنا أن هنالك شيئا قادم‬
‫ونتبعثر كأوراق الشجر‬
‫حسام‬
‫نعم يا حبيبتي‬
‫أخشى البعد من جديد‬
‫وهل تعارضين آية اهلل حين قال ال تحزن إن اهلل معنا‬
‫ال أخشى بعد ذلك شيء‬
‫إحتضنته وكأنه الوداع األخير‬

‫المخاض‬

‫تمضي األيام بشده و األخبار تسوء و ميشليات العدو باتت منا قريبه‬
‫و المخاض بدأ عبابات األلم‬
‫فمع كل ألم أشعر بأنني سألد اآلن‬
‫حساااااام أشعر أنني سألد‬
‫تحملي يا حبيبتي قليال حتى يهدأ القصف فلربما يتوقف الدمار عند أول صرخة طفل‬
‫آه ال يمكنني اإلنتظار أشعر أنني سألد اآلن‬
‫صوت بكاء طفلتي أنهى الشريط الزمني بين القصف واإلنتظار‬
‫جارتي العجوز إعتادت على توليد النساء قديما و ما زالت تقدم يد المساعده عند الضروره‬
‫خرجت من الغرفه لتخبر زوجي إنه رزق بطفله تشبهني وتشبه عيناه بسوادها‬
‫الحمدهلل الحمدهلل الحمدهلل‬
‫الحمدهلل على سالمتها‬
‫هل يمكنني اإلطمئنان عليها؟‬
‫نعم يمكنك هي بإنتظارك‬
‫صرخة طفلتي عند أول ضربة مدفع التي سقطت على المستشفى القريب منا‬
‫كان حسام يرى موقف الذعر من خلف الشباك فكان ما بين خائف و مذعور‪ ،‬الجميع يتسابق نحو النجاه‬
‫إلى أين المهرب؟‬
‫لم يمكن بمقدوري الهروب بعيدا عنه فيمشيليات العدو أصبحت بالقرب منا‬
‫كنت عاجزه عن فعل أي شيء حتى عن حمل طفلتي‬
‫إنه ألم المخاض األول‬
‫وإجتمعت به الكثير من آاللم وأصبحت بألم واحد‬
‫أختي الصغيره تسكن في بلد آخر بعيدا عن كل هذه الضوضاء‬
‫وكان قرار حسام بالحاق بها والعيش هناك إلى أن تهدأ األوضاع‬
‫لم أكن ألمانع وهناك جسد صغير يالمس قربي كان علي الرحيل فورا‬
‫ورحلت!‬
‫ورحلت بعد أن ودعته على أمل اللقاء قريبا‬
‫لم أكن قادره على فعل ذلك لوال طفلتي لما فعلت ولم أخشى على نفسي الهالك‬
‫يداي ترتعشان ألما وحرقه لفراق من أحببت‬
‫كان لي موطىء السالم‬
‫موطىء القوه‬
‫ال تقلقي يا عزيزتي سأكون معك قريبا‬
‫ال تخشي على طفلتنا اليتم‬
‫سأكون بجواركن‬
‫أستودعتك اهلل‬
‫وأستودعتك اهلل يا حبيبي طمئنيني عليك فور وصولك‬
‫وداعك مرا يا حبيبي‬
‫حتى أننا لم يتسنى لنا تسميت طفلتنا‬
‫وصلت إلى بيت أختي بعد رحله طويله دامت ألكثر من ‪ 24‬ساعه تحت صواريخ القصف‬
‫سلمنا األمر لربنا و أغمضنا أعيننا بشده وفجأه أصبحت بأمان حيث ال حرب و ال دماء وال أجساد متراميه‬
‫على الشارع‬
‫رحلت بجسدي وقلبي ما زال معه و روحي تشاطر روحه لم تشأ أن تستقر بعيدا عنه‬
‫لكن كان للقرار أمرا آخر‬
‫وكان يا ما كان‬
‫أن هناك قلبين عاشقين أنجبوا طفله كجمال القمر‬
‫وصلنا يا حبيبي طمئني كيف الوضع هناك؟‬
‫أنتظرت الرد لساعات طوال‬
‫إختفى!‬
‫يا ألهي دعوت اهلل له كثيرا أن يحفظه من كل مكروه ويكون لنا لقاء جديد‬
‫كان قلبي عاصفا كيف لي الثبات والبعد قد أدمى قلبي‬
‫كيف لي الهدوء؟‬
‫وطفلتي التي تحمل عيناه لم يتسنى لها أن تراه حين فتحت عيناها‬
‫أسميت طفلتي حنين مثل ما إتفقنا عليه سابقا‬
‫حنين هوذلك الحنين الذي جعل قلبي كخزعة باليه مهرمه ال يمكنها الوقوف‬
‫و حنين تكبر و والدها ما زال بعيدا ال نعلم ما يحصل إال أننا نرى القصف و الدمار أبلى بالءه على مدينتنا‬
‫الصغيره‬
‫ما كان لي إال أن أنتظر عودته‬
‫حيث أنني تمكنت من إيجاد عمل وتركت طفلتي في الحضانه إلى حين إنتهاء عملي‬
‫و تتداول األيام الكثير من أخبار المناضلين‪ ،‬لكن األخبار عن حسام لم ترد‬
‫صحوت و المذياع ال يفارق أذني‬
‫صحوت على خبرا مفرحا في أن العدو قد هزم وزحف من حيث أتى‬
‫وإزددت أمال أكثر‬
‫أنه سيكون يوما خلف الباب يطرقه من أجل العوده‬
‫إتصلت كثيرا ولكن ؟‬
‫عفوا الرقم الذي إتصلت به خارج التغطيه‬
‫وهذا ما زاد وجعي و خشيتي عليه‪ ،‬لربما أصيب بمكروه‬
‫ولكن!‬
‫كان قلبي ناطقا بالدعاء يهتف بإسمه عند كل صاله و يتجلى جميع لحظاتي‬
‫بات الدعاء يلهج به‬
‫كالحلم تماماً‬
‫ِ‬ ‫المفاجأه‪ ...‬كانت‬

‫كعادتي أضع طفلتي الصغيره في حاضنتها‬


‫وأتمتم له بالدعاء ودموعي تتطاير مع ذلك الهواء و كأنه يمسح عن عيني الحزن‬
‫كدت أن أصطدم بعمود اإلنار لو ال أن أحد الماره نادى بلهجته الحاده‬
‫ستصطدمين بعمود اإلناره وكان ندائه بوقته‬
‫بكيت فضحكت‬
‫ال بأس سأكون بخير سأكون أقوى مثلما إعتدت أن أكون قويه‬
‫تلقيت إتصاال من دعاء‬
‫السالم عليكم يا حبيبتي ياسمين‬
‫وعليك السالم يا عزيزتي‬
‫تبادلنا األخبار‬
‫ثم طلبت مني دعاء المجيء إلى منزلها‬
‫ولبيت النداء كان بوقت أوشك على الغروب‬
‫كانت كلما حاولت العوده‬
‫ال‪ ،‬ليس بعد فأنا ما زلت مشتاقة لحنين‬
‫حسنا يا حبيبتي دعاء غدا ستصبحين أما كذلك‬
‫وأنا بإنتظار جمال األمومة إن شاء اهلل‬
‫واآلن عليك العوده فالوقت قد تأخر سأوصلك أنا و مازن إلى منزلك‬
‫ال أنا لست بخائفه يا دعاء‪ ،‬سأذهب لوحدي‬
‫ال عليك يا ياسمين سنوصلك‬
‫حسنا‪ ،‬مثلما ترغبين‬
‫وصلنا إلى منزلنا ودعاء تقف في الخارج هيا يا دعاء عليك العوده‬
‫ال ليس قبل أن تدخلين بيتك‬
‫ماذا؟‬
‫نعم وماذا بعد يا دعاء؟‬
‫الباب مفتوح يا دعاء ؟من قام بفتحه أم أنني نسيت إغالقه إال أنني أتذكر أنني قمت بإغالقه‬
‫فتحت الباب بهدوء يا ألهي األنوار مضاءه كذلك‬
‫وكانت المفاجأه‬
‫أن هنالك رجال قد أدار بوجهه ناحية الحائط‬
‫من أنت؟ لماذا أنت هنا؟‬
‫فأدار بظهره ناحيتي وكانت أجمل لحظات اإلنتظار‬
‫حساااااااااام يا حبيبي حمدا على سالمتك‬
‫وأنتهى ذلك الحب بعناق‬

‫ُع ْن ُفوان أُ ْن َثى‬


‫أقف عَلى جانب ال ّتل أنظر َ‬
‫لذلِك البعيد‬ ‫ُ‬
‫يقترب مني فجأه‬
‫حدث بداخلي إنقباضات قاسيه‬ ‫ُي ُ‬
‫بعضها تالشى‬ ‫ُ‬
‫وبعضها َبقِي بداخلي كالوشم‬ ‫ُ‬
‫عشت بداخلي أُمنيات كانت أكبر مني حجماً‬ ‫ُ‬ ‫كثيراً َّما‬
‫لكن!‬
‫لم تكن َمن زوايا أقداري‬
‫َبل كان للقدر مراسم أخرى للفرح‬
‫أُ َ‬
‫نثى‬
‫صنعت َمن قيود الحرمان‬
‫قصة ُحب‬ ‫ّ‬
‫الَتِي كانت آخر أبعادها‬
‫وفِي لحظ ٍة َّما‬
‫أصبحت لي ك ٌل َش ْيء‪ ‬‬ ‫َ‬
‫و ُع ْن ُفوان أُ ْن َثى حتماً سيكون َمن ألف حكايه‬
‫كانت باألمس حرفا‬
‫واليوم أصبحت مخاضاً‬
‫أطلقت‬
‫صرخة روايه‬

You might also like