You are on page 1of 76

‫ليالي ديسمبريَّة‬

‫المقدمة‬

‫ُحب قلبي‪ ،‬تأتي الريا ُح بذكرةِ فُراقهم‪ ،‬فـتجتم ُع غيوم‬ ‫تأتي الريا ُح بما ال ي ُ‬
‫امطارها على روحي لـ تَروي‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫ط قطرا ِ‬ ‫السماء لتعلُنَ ِحفظها لقلبي‪ ،‬فـتسق ُ‬
‫نصوص ُكتبت بأنما ِل ال ُمبدعينَ ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫اتى ديسمبر؛ تجتم ُع‬‫بقدوم ُحب ِه‪ٰ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الفؤا َد‬
‫نُقشت حروفا ً من قلوبهم على الورق‪ ،‬لتكن عبرةً في حياتكم أجمعين‪ُ ،‬ك ُل‬
‫ق‪ ،‬ولعلهم نقشوا الفر َح‬ ‫سطر من سطورهِم كانَ بدمعةٍ‪ ،‬او بلهفةٍ‪ ،‬أو لشو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ظر ماذا يفع ُل ديسمبر مع ال ُمميزين‪.‬‬ ‫بين اسطرهم‪ ،‬لنَن ُ‬
‫|سجى محمد‬
‫الحبر على ذاك النص الحزين‪ ،‬الذين سطرتُ جمي َع سطور ِه بدموعي‬ ‫ُ‬ ‫تَبعثر‬
‫عيناي‪ ،‬انتهيتُ االن من كتابةَ مشاعري‪ ،‬التي لم أستطع ترتيبها‪ ،‬لم أكن‬
‫البوح بها‪ ،‬فـقلت البأس؛ تعبر انمالي عن أآلمي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املك القُدرة الكافية على‬
‫ولكن ذاك النص‬ ‫ّ‬ ‫لعلى آلمي الدائم يزول عندما يسي ُل بحبر ِه بين السطور‪،‬‬
‫من كثرة يأسهً من الحياة؛ زال النص وزالت معهُ األوراق والنصوص‪،‬‬
‫انسكب على هيئة سكر داخل وج َع‬ ‫َ‬ ‫فـعادت مشاعري ال ُمبعثرة وكأن الحبر‬
‫قلبي‪ ،‬كأنهُ لم يكن حبراً على ورق كان مؤلما ً للغاية؛ ألنني كنت أريد أن‬
‫اقرأ ما تكتب حينها ولكن كل ما قمت بكتابت ِه زال‪ ،‬هل يزول حزني يوما ً‬
‫كالنص‪ ،‬أو ينسكب األمل على قلبي كما انسكب الحبر‪ ،‬االن بدأت بكتاب ِة‬
‫ي الطمع واللون ُكتب بقطراةٍ من ال َمطر‪ ،‬مع‬ ‫نص ديسمبر ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫نص مختلف‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لون مختلف‪ ،‬استيقظت في‬ ‫رائحة الطين المبل ِل‪ ،‬شقت نصوصي الدرب الى ٍ‬
‫الصباح الباكر متفاجئةً بنومي الغير متوقع على مقعدي المفضل بين‬
‫األوراق‪ ،‬أدركتُ انني تأخرتُ عن المدرسة‪ ،‬لم أكن اريد الذهاب ولكن كان‬
‫ذلك ضروريا ً فاليوم موعد استالم النصوص المشاركة في مسابقة الكتابة‪،‬‬
‫اعلم انني لن أكون بكفاءة بعض المشتركات‪ ،‬ولكني اعلم ان احساسي يفوق‬
‫احساس الكثير من الكاتبات حتى ولو لم أكن كاتبة‪ ،‬لعلى الحزن يكون يوما ً‬
‫سبب بس نجاحاتي‪ ،‬هممتُ بالرحيل مسرعةً‪ ،‬كنت من ضمن المشتركات‪،‬‬
‫ب‬‫ولكن كنت اتمنى ان تصل أحرفي‪ ،‬الى قلو ِ‬ ‫ِ‬ ‫كنت أود الفوز ليس لشيءٍ‬
‫اآلخرين‪ ،‬جلستُ على مقع ِد بعد عدةِ ايام‪ ،‬في انتظار موعد اعالن النتائج‪،‬‬
‫فجاءةً لمحتها هي‪ ،‬حقاً؛ كانت هي من ضمن المتسابقات‪ ،‬ماذا عساي افعل‬
‫سوى ُحزنها الدائم تقدمت بترد ٍد نحوا اللجن ِة ال أعلم‬ ‫ٰ‬ ‫لم افكر في أي شيء‬
‫ولكن قلبي كان يتحكم بباقي أعضاء جسمي‪ ،‬أخبرتهم انني اريد اإلنسحاب‬
‫من المسابقة‪ ،‬لم أرى على وجههم سوى الدهشة‪ ،‬وكأنهم اردوا ان يقولو‬
‫بعض الحضور من‬ ‫ُ‬ ‫انني الفائزة‪ ،‬تكررت األسئلة داخل القاعة‪ ،‬انصدم‬
‫ت في آخر اللحظات‪ ،‬كانت اكثر األسئلة التي‬ ‫قراري المفاجئ‪ ،‬لماذا انسحب ِ‬
‫ت لها‪ ،‬فقط أردتُ ان أرى بسمةً على‬ ‫وجهت لي ولكن لم أكن املك إجابا ٍ‬
‫زحام‬
‫ِ‬ ‫ليس مهم ما بي ولكن األهم هو قلبها‪ ،‬لذلك اختفيتُ بين‬ ‫وجهها ال ُمعتم َ‬
‫الحضور حتى استطعت رؤيتها بوضوح‪ ،‬حان موعد إعالن النتيجة‪ ،‬كان‬
‫(‪)1‬‬
‫|سجى محمد‬
‫على اسمي في عقولهم العديد من إشارات االستفهام‪ ،‬حين قالت المنسقة‬
‫انني انسحبتُ دون سبب‪ ،‬لم اجد شيء إال صدمةَ الذين يحببوني‪ ،‬صدمة‬
‫صديقاتي‪ ،‬الذين من حولي‪ ،‬نظرة ُ لها بعد انتهائي من تفقد نظرات‬
‫الموجودين‪ ،‬ال أجد حينها سوى دمعةً رسمت تحت عينيها‪ ،‬اعلم انها فهمت‬
‫سبب انسحابي‪ ،‬اعلم انها تحبني‪ ،‬تلك الوحيدة التي تفهم قراراتي المفاجأة‬
‫رغم كسرها لقلبي‪ ،‬رغم حمايتي لحياتها‪ ،‬ولكنها كانت تعلم أفكاري‪ ،‬وكيف‬
‫يجرني قلبي الى القرارات المفاجئة دائما‪ ،‬بحثت عني بنظراتها‪ ،‬فـقمت‬
‫باالختفاء من جانبها وقفت بعيداً عنها‪ ،‬الزلتُ أذكر البسمة التي كانت على‬
‫وجهها عندما تم ذكر اسمها من ضمن الفائزين‪ ،‬ابتسمت معها‪ ،‬فرحت‬
‫لفرحتها‪ ،‬كنت اود ان اذهب وافرح معاها ولكنني تذكرت انني لست في‬
‫حياتها‪ ،‬دمعت عيناي تألم قلبي‪ ،‬خرجتُ مسرعةً‪ ،‬رحلتُ بعيداً عن الجميع‪،‬‬
‫سرتُ فالطريق مع دمعتي عيني‪ ،‬لم أكن أعلم أن الطقس سيحز ُن معي‪،‬‬
‫ي باردٌ‪ ،‬ولكن األلم كان يدفئني‪،‬‬ ‫جلست تحت ظل شجرة‪ ،‬كان الجو ديسمبر ٌّ‬
‫أمطار تتساقط‪ ،‬ال أعلم ربما كما قلت‬ ‫ُ‬ ‫ي سببتهُ لنفسي‪ ،‬بدأت ال‬ ‫نزيف داخل ٌّ‬
‫ٌ‬
‫بمطر ديسمبر‪ ،‬ظللتُ جالسةً في ماكني تحت‬ ‫ِ‬ ‫حزنَ الطقس معي‪ ،‬اهالً‬
‫ت انها هي‪ ،‬ولكنها لم تكن‪،‬‬ ‫المطر‪ ،‬شعرتُ باقتراب اح ٍد مني ظننتُ لوهل ٍ‬
‫يخطف حزن قلبي دائما ً الذي يرس ُم الفرح على جوفي‬ ‫ُ‬ ‫كان هَو ذاك الذي‬
‫ت دائما‪ ،‬ينصحني‪،‬‬ ‫المظلم‪ ،‬كان يعلم ماذا فعلتُ ‪ ،‬يترقب حركاتي بصم ٍ‬
‫ويحميني‪ ،‬ولكن تصرفات تلك التي تنتُج عن قلبي دائما كانت تؤذيني جداً‪،‬‬
‫اتى حامالً مظلةً جميلةَ‬‫بـأحبتَي‪ ،‬وهوا كان جميعهم‪ٰ ،‬‬ ‫وتقوم بإلحاق الضرر ِ‬
‫اللون‪ ،‬كجمال عيناهُ‪ ،‬قائالً ما بك يا صغيرتي‪ ،‬يا قطعةً من قلبي او جميع‬ ‫ِ‬
‫عيناك الحزنُ‪ ،‬لم تحصلي على الفوز‬ ‫ِ‬ ‫القطع بقلبي‪ ،‬ال تحزني فال يلي ُق بعسلي ِة‬
‫ط أحرف اسم ِه مع اسمي‪،‬‬ ‫هناك‪ ،‬ولكنك فُزتي بهذا قالها ُمشيراً الى قلب ِه‪َ ،‬رب َ‬
‫جوف‪ ،‬عشتُ بين عيناهُ التي تطمئ ُن قلبي‪ ،‬بين لمسا ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫نام بين أضلعي وحنان‬
‫شعره الناعم‪ ،‬وحنان صوت ِه الذي يزرع األمل بجوفي‪ ،‬ال تبكي عزيزتي‪،‬‬
‫معك ال يفارقك‪ ،‬كان رائعا ً بطبع ِه عشتُ معه ديسمبريَّةَ الليالي‬ ‫ِ‬ ‫فمحبك‬
‫ي ان يزعل‪ ،‬ألكَ االن ان تبتسم وانت تقرأ!‬ ‫وجمالها‪ ،‬فال يلي ُق لمحبِ َ‬

‫(‪)2‬‬
‫|سجي محمد‬

‫ثلج الشهر البارد عندما اشرقت الشمس‬


‫ب مع ِ‬
‫تغير العال ُم‪ ،‬فذاب ال ُح ِ‬
‫ئ ِل ُكل ألم‪.‬‬
‫وصار ملج ً‬
‫َ‬ ‫فابتع َد قلبهُ‪ ،‬وتجم َد جوفي‪،‬‬
‫|غروب احمد‬
‫ُمر ُحبا ً ديسمبر‪...‬‬
‫تأخرتُ في استقبالكَ لقد مرت ليالي منك بالفعل‪،‬‬
‫لم أعي قدومك فديسمبري هذا لم يكن كالذي مضى لطالما اعتدت ان ديسمبر‬
‫ْ‬
‫شمعة إيماني بالنهايات‬ ‫مليئا ً بالحب والنهايات الجميلة ولكن هذ ِه السنه أطفئت‬
‫السعيدة يمكنني التحدث قليال عما جرى بشمعتي المقيدة أليس كذلك انهُ عالم‬
‫ال ‪ pdf‬وحتما ً لقد دخلت لتقرا دعوني ابدأ إذا‪..‬‬
‫لطالما كنت اتمنى بأنه ديسمبر ال ينتهى كنتُ في ِه أالقيك وصوتك يدف ْئ جوفي‬
‫الممطر سويا ً التي لم‬
‫َ‬ ‫إكتئاب ليالي ِه‬
‫َ‬ ‫نحارب‬
‫ُ‬ ‫ليالي عديده مضت منه ونحن‬
‫فكيف لي بأن أسميها كئيبة اخذتُ جرعا ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫تكن كئيبة مطلقا كانت مليئة بيك‬
‫قوه كثيره من ضحكتك وعيناكَ كانت بديل لمشروبي الدافئ هربت كثيرا‬
‫حضن صوتك ُكنت ارى فيك عائله ووطن وجبر‬ ‫ِ‬ ‫ت عائلتي إلي‬‫من تجمعا ِ‬
‫أخر لم استعن بمعطفٍ لشتاء ولم أشغل المدفئة يوما ً كان وجودك بديال لهن‬
‫جميعا بقيت معي شهورا عده ولكن كان ُحب ديسمبر مختلفا ً انه ليس بي‬
‫ي ٍ حقاً‪...‬‬
‫عاد ّ‬
‫استعملت كلمة كان كثيرا أعلم ذلك لقد مر ديسمبرين منذُو فراقك لم يعد له‬
‫طعما ً وال برداً تجمدت مشاعري كثيرا لم أعد أشعر‪،‬‬
‫في قلبي بصيصا من الدفئ يحاول الخروج لكنني أمنعه لطالما اعتدت‬
‫سكرتي"‬ ‫ديسمبر ال ُحب مليئا ً بيك ال اود وجود غيرك يناديني في ُ‬
‫صلحنا " ُ‬
‫وخصامنا " ُمدللتي"‬
‫حقا لقد مات ديسمبر في داخلي اصبح شهراً عاديا ال أرى فيه إال طيفك‬
‫وذكرياتك يطفئنا شمعتي لم أعد اغادر سريري وال صوت المطر يغريني‬
‫ال يمهني اذا أمي اعدت لي حساءها ظنا بأنه يدفئ قلوبنا من البرد ال تعلم‬
‫بأنه البرد اذا استوطن القلب ال تذيبه براكين واما عن أبي ال يزال يظ ُن انه‬
‫نزهت تحت المطر تهدى الفكر والشعور ال يعلم بأنه الظالم إستوطن عق ِل‬
‫عذب قلبها‪...‬‬
‫َ‬ ‫صغيرته ال تفكر إال في من‬
‫(‪)3‬‬
‫|غروب احمد‬
‫هذا أنت يا ديسمبر ال ُحب لم تعد ُحبا بالنسب ِة إلي اسفه علي ما اود قوله ولكن‬
‫نفس القلب الذى كان يقول لك ارجوك ديسمبر ال تنتهى يتنمى ذهابك بشده‬
‫إرحل ديسمبر ُمر بِينا ُحبا لربما وراء نهايتك بداية لطالما تمناها قلبي‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ينتشر من حولنا على هيئ ِة ذراتٍ‪،‬‬


‫ُ‬ ‫يُفرح قلوبنا ذاك األمل الذي‬
‫احيانا ً ال نرى‪ ،‬ذراتَ األمل تلكَ ‪ ،‬ولكننا نري ُد ان نفر َح فقط‬
‫لذلك نرس ُم عالمنا الخاص؛ بتفاصيل ِه‪ ،‬ولكن الحزن يقترب‪.‬‬
‫|مروة إبراهيم الفيتوري‬

‫”آمال ديسمبر‪.‬‬
‫استيقظتُ بحماس وتفاء ٌل كبيرين‪ ،‬اليوم هو األول من ديسمبر لنهاي ِة عام‬
‫‪ ،٢٠٢٠‬متفائلة كثيراً بأنه سيكون شهراً جميالً لتغيير الكثير من األحداث و‬
‫ب " ‪ ١٠‬دينار ليبي "في سترتي‬ ‫ازدادت ثقتي عندما وجدتُ ماالً بما يقدّر ِ‬
‫غرفتي بعد أن رتبتها‬ ‫الصوفيّة يبدوا أنها من الشتاء الماضي‪ ،‬خرجت من ُ‬
‫ووجدت أبناء شقيقاتي يجلسون أمام التلفاز ويحتسون " السحلب " لغرض‬
‫ئ العروق " قبّلتهم وداعبتهم قليالً ثم توجهت إلى‬ ‫التدفئة كما تقول أُمي " يدف ُ‬
‫المطبخ لمساعدة أمي وشقيقاتي حيث استقبلتني أُمي كالعادة بجمل ِة "واخيراً‬
‫استيقظت عروستنا " وتُقال هذه ال ُجملة لمن يستيقظ على الساع ِة الحادية‬
‫عشر صباحاً‪ ،‬تجاهلت كالمها والقيت السالم ثم هممنا بإعداد الطعام مع‬
‫االستماع إلى مشاكل شقيقاتي االجتماعية التي ال تنتهي وإعطاء بعض‬
‫حيث وقعت من‬ ‫ُ‬ ‫الحلول و قطع هذا المنوال صوت بكاء ابنة أختي ال ُكبرى‬
‫وتورم ِمعصم يدها فاتصلت أختي بزوجها ليأخذوا ابنتهم‬ ‫ّ‬ ‫أعلى األريكة‬
‫ٰ‬
‫عدنا ِإلعداد الطعام بعد فرض عقوبة من قِبل أختي الوسطى على‬ ‫للمشفى و ُ‬
‫األطفال وتهديدهم " بعزوز القايلة " أنهينا الطعام واتصلتُ بأختي ألسألها‬
‫عن ابنتها حيث اتضح أن معصمها مكسور وأنهم سيُنهون الجبيرة ثم يعودون‬
‫انتهى اليوم بدون أحداث أخرى تذكر ‪.‬‬
‫يانعلييي سيب‬
‫َ‬ ‫استيقظت اليوم التالي على حديث أمي وشقيقي حيث تقول "‬
‫مراته وعياله " خرجت مسرعةً ألعلم ماذا حدث واتضح أن جارنا قد توف ّ‬
‫ي‬
‫ق‬‫صاحب وج ٍه بشوش وأخال ٍ‬
‫ِ‬ ‫في الحقيقة لقد حزنتُ كثيراً لقد كان رجالً طيبا ً‬
‫عالية‪ ،‬ذهبت مع أمي لنقوم بواجب العزاء ورأيت ابنة عمي هناك ولم تنتهي‬
‫ثرثرتها عن خطيبها وهداياه وكأنه لن يتزوج ولم يُخطب احد سواها‪ ،‬على‬
‫عدنا للمنزل بعد يوم طويل‪ ،‬وبدأ شقيقي يتحدث عن العشاء‬ ‫أيّ ِة حال لقد ُ‬
‫ولذاذت ِه‪ ،‬وأمي تتحدث عن " امباركة " جارتنا وصدمتها بفراق زوجها‬
‫أعانها هللا في ُمصيبتها‪.‬‬
‫في إحدى الليا ِل عندما كنّا أنا وشقيقي بجانب أمي وهيا تحضّر الشاي‬
‫(‪)5‬‬
‫|مروة إبراهيم الفيتوري‬
‫" شاهي بالعالة والكاكاوية " عاد أخي األكبر من الخارج وأخبر أمي أنه‬
‫والكر والفر بينه وبين أمي َختَم‬
‫ّ‬ ‫يريد االنفصال عن خطيبته وبعد النقاش‬
‫خاص بي وحدي " حاولنا تهدئة‬
‫ٌ‬ ‫الحديث قائالً " انا ال أريدها وهذا موضوع‬
‫أمي واقناعها بأن تتناقش معه في وقت أخر لعلّه يتراجع ‪.‬‬
‫اليوم أنا متفائلة أكثر بقليل ألنني سأذهب لمقابلة عمل بعد البحث الطويل عن‬
‫وظيفة تناسب شهادتي الجامعية وها أنا أكتب لكم من الطريق فقد توقفت بنا‬
‫السيارة في منتصف الطريق وأخي يحاول تشغيلها ولكن عبثا ً ‪ ،‬على ك ّل‬
‫حال الزلت متفائلة فقد ذهب من ديسمبر ‪ ١٨‬عشر يوما ً وال يزال ‪ ١٣‬يوما ً‬
‫ربما تكون ألحداث جميلة ال نعلم ! ‪.‬‬
‫وم على الزمان‬ ‫تذكروا يوجد أمل ولو بعد ألم فال تيأسوا وتفائلوا ال تُلقوا باللّ ِ‬
‫فك ّل شيء يحدث قدر له وقته وزمانه فقط‪ ،‬بالمناسبة سينتهي اشتراك‬
‫االنترنت لدي ‪..‬‬
‫إلى اللقاء‪...‬‬

‫(‪)7‬‬
‫|سجى محمد‬

‫جوف قلوبنا بالدفئ‪،‬‬


‫َ‬ ‫يشعر‬
‫ُ‬ ‫تنتمي دائما ً الى ذاك الذي‬
‫ويذهب‪ ،‬ولكننا نُحب ِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يأتي‬
‫|عائشة أسامة‬
‫بار ٌد ُمدفئ؛‬
‫يغادرني أبدا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أشعر أحيانا ً أني من مواليد ديسمبر‪ ،‬ذلك الشعور باالنتماء ال‬
‫ويزداد كلما اقترب هذا الشهر‪.‬‬
‫بالغ ال يعاتبها أبداً مهما شاغبتهُ‪ ،‬ومهما‬
‫بشخص ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وكأنني طفلةٌ استنصرت‬
‫ارتكبت من األخطاء في حقه‪ ،‬هذه هي الحرية التي أحصل عليها في ديسمبر‪،‬‬
‫اشعر أنه بإمكاني التعبير أكثر‪ ،‬عن هذا الشهر‪،‬‬
‫ُ‬
‫ديسمبر يملكُ عصاة سحرية‪ ،‬يُمكنها ان تجعلني أبو ُح ِبمكنوناتي‪ ،‬ديسمبر؛‬
‫رغم قسوته‬
‫َ‬ ‫له عينان براقتان حتى أنه يجعلُني أغر ُق في تفاصيلهُ‪ ،‬هو فات ٌن‬
‫أحياناً‪ ،‬هو دافئ رغم برودته‪.‬‬
‫العطاء‬
‫ِ‬ ‫ولكن ديسمبر أن يجع ُل الناس شفافين بطريقة جميلة‪ ،‬يبالغون في‬
‫ويبالغون في ال ُحب‪ ،‬لهذا أحب ديسمبر‪،‬‬
‫البخور‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الكثير والكثير من الذكريات التي أحملها في خان ِة هذا الشهر‪ ،‬رائحةُ‬
‫بالدفئ ال إلى‬
‫ِ‬ ‫ب الساخن الذي أشعر أنه يجري في عروقي ألنعم‬ ‫ُكوب القص ِ‬
‫حتى‬
‫على فراشي وبكائي ٰ‬ ‫معدتي‪ ،‬شقاو ِة سابقا ً تحت أمطاره‪ ،‬تلحفي بلُحافي ٰ‬
‫النوم‪ ،‬حتى ذكرياته البائسة جميلة بالنسب ِة لي‪.‬‬
‫ولكني أشعر بالحزن على من ينام على الطرقات المبتلة‪ ،‬على من يفارق‬
‫يركضى معا ً تحتها‪ ،‬على من ال يملكُ‬
‫ٰ‬ ‫عزيزاً تحت زخات المطر بدل أن‬
‫فلسا ً لشراء معطفٍ أو وسترة بالية تقي ِه برد ديسمبر‪ ،‬وإني ألود إيصال‬
‫رسال ِة لهم‪.‬‬
‫أرجوكم ال تكرهوا ديسمبر‪ ،‬هذا طبعه منذ األزل وهذا طبع البشر أيضا ً‬
‫يفارقون ويلتقون تحت زخاته‪ ،‬هذا حال الدنيا فقير وغني‪ ،‬ليس ذنب ديسمبر‬
‫أنه بارد‪ ،‬فقد ُخلقَ ليكون هكذا ولكن نحن‪ ،‬نح ُن من علينا أن نكون دافئين‬
‫خالل هذا الشهر‪،‬‬

‫(‪)8‬‬
‫|عائشة أسامة‬
‫أعرفُها؛ بارد‪ ،‬ماطر‪،‬‬
‫لـمن أكبر مخاوفي أن ال يأتي ديسمبر بحلته التي ِ‬
‫وإنه ِ‬
‫ي‬
‫مثلج‪ ،‬ديسمبر ٌّ‬
‫أشعر وكأنهُ يضمني ببرودته الدافئة‪ ،‬وكأنه قريبٌ بعيد مهما أتى ورحل على‬
‫السنين التي عشتها و التي سأعيشها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مر‬
‫يبعث القليل من األمان في داخلي‪ ،‬يجبرني على االبتسام في أوج تعاستي‪.‬‬
‫أال يجدر بنا أن نحبه‪ ،‬أن نودعه كما يليق به كـديسمبر‪ ،‬وأن ننتظره بشوق‬
‫طفل لحب ِة شكوال‪.‬‬
‫ديسمبر أنا أحبك‪.‬‬

‫(‪)9‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ئ بسبب قُربكَ ‪،‬‬


‫المطر من فوقي ولكنَ جوفي داف ٌ‬
‫ُ‬ ‫تهط ُل‬
‫بحر من الكلماتِ‪ ،‬اعي ُد صياغةَ حروفها‪،‬‬
‫ٌ‬
‫امام عيناكَ‬
‫َ‬
‫ـــور ْ‬
‫ان آل نصـر‪.‬‬ ‫| نُ َ‬

‫كـان مـن المفتـرض ان يكـون يوما ً روتينيا مـن ايام ديسمـبر المغيمة‪،‬‬
‫عـلى خيبـاتي‬
‫ٰ‬ ‫ُكنتُ أجلـس على ذالك المقعد الخشبـي الذي لطالما شا ِه َد‬
‫وانهياراتي وإنجازاتي واحالمـي‪،‬‬
‫همهمـت بهدوءٍ وكـعادتي الغريبة يـد تُمـسك مزيـجي المفضل من شكوالتة‬
‫الساخنة‪،‬‬
‫واليـد األخرى تُداعب اوراق ِكتابي لطـيفة‪،‬‬
‫اخذت عينـاي تُشبعا رغبتها مـن الحـروف‪،‬‬
‫وعقـلي سمـح لنفـسه بنسـج قصـته الخاصة‪،‬‬
‫ْ‬
‫قررت سمـاء ان تسمـح لنفسـها بأخذ وقتي بـ انهمال المـطر‪،‬‬ ‫إلي ان‬
‫تلك قطـرات صغـيره كـانت تسلـب منـي كل نضـوجي وتُعيـدني طفله شقـيه‬
‫مغـرمه باللهـو تحت مطـر‪،‬‬
‫تجعـلني ولـِ وهل ٍة أرقص من الفرح‪،‬‬
‫حتـى قررت أنـت يا سيـدي ان تتطفـل على قلبـي وعقلي‪،‬‬
‫قدماي ت ُجرني الي غيـر معلـوم بدون ارادةٍ منـي‪،‬‬
‫َ‬ ‫أخَـذت‬
‫اقتـربت اكثـر واكـثر‪ ،‬ظللت احـد ُق بك لوقت طـويل‪،‬‬
‫جعـلتُ منَ المار ِة ذرعا ً اختـب ُ‬
‫ئ تحتهُ‪،‬‬
‫نعــم‪،‬‬
‫اتـذكر ذالك اليوم الذي وقعـتُ فيـه اسيـرةً لـ عيناكَ ‪،‬‬

‫(‪)10‬‬
‫ـــور ْ‬
‫ان آل نصـر‪.‬‬ ‫| نُ َ‬
‫تـلك االعيـن التـي اعـشقهمـا ف كـل مرةٍ أُقابلكَ فيـها ت ُكـون قد استعارت‬
‫ِردآها مـن الطبيعة‪ ،‬تارةً تكونَا بلون سمـاءٍ وتارةً أخرى تكونا سهوالً‬
‫خضراء‪،‬‬
‫كـانتَ تشـبها كـ حداً كبيـر المياه العذبة التـي تعـكس ما يوجد بدخلـها‪،‬‬
‫بـرغم من اجــواء ديسمـبر ال ُمثلجة‪ ،‬إال انني شعـرت بدفءٍ مختلف‪،‬‬
‫ُكنتَ تقـف تحـت المظل ِة تكسـوك هـالةٌ كبيـرة ٌ مـن الغمـوض‪،‬‬
‫لم تُحـول حتى االندما َج مع اآلخرين‪،‬‬
‫كـنت تشبه ليلة من ليالي ديسمـبر مظلمة‪ ،‬التـي ال أحـد يُريدهـا‬
‫اصبحـتَ تقتـرب مبتعـداً عن المظلة‪،‬‬
‫البلهاء تُرقب تق ُد َمكَ‬
‫ِ‬ ‫لم يبقـى كثير من المسافة يفصل بيننـا‪ ،‬بقيتُ واقفةً كـ‬
‫حتـى استطعت ُ أن أستنشـقَ رائحتك‪،‬‬
‫ٰ‬ ‫اقتـربتَ مني‬
‫تلـك الرائحة التي كانت تشـبه مزيـجي ال ُمفضل‪،‬‬
‫يتـراقص داخ َل أُذني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫لـم افق مـن شرودي اال عندما‪ ،‬بدأ رني ُن صـوتك‬
‫لففـتنـي ب شـا ٍل واطمأننت علـى حـالي‪،‬‬
‫منـذُ ذالك الـوقت اصبـح دِيسمـبر مـولداً جديداً لي‪.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ت ال ُكتب‬
‫ئ بين طيا ِ‬
‫ق‪ ،‬واختب ُ‬
‫اهرب من ألم الفرا ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫حدث لقلبي‪،‬‬ ‫اذكر كسراً‬
‫َ‬ ‫ال اريد ان‬
‫لذلكَ ارحل مع طيفكَ‬
‫كما رحلتَ‬
‫عني‪.‬‬
‫|عيادة كشيب‬
‫المميز بالبخار‬
‫ِ‬ ‫بر ٌق‪ ،‬و رعدٌ‪ ،‬صوت زخات المطر تتساق ُ‬
‫ط‪ ،‬كوب من النعناع‬
‫المتصاعدِ‪ ،‬جالسةً في ا ْح َد زوايا غرفة الضيوف‪ ،‬ملتفةً بغطاء صوفي ألتمس‬
‫الدفئ‪ ،‬أقرأ رواية "قواعد العشق األربعون" التي تروي قصة تحول اإلمام‬
‫شاعر؛ ذو إحساس مرهف‪ ،‬يُزين قصائده‬ ‫ٍ‬ ‫الجليل "جالل الدين الرومي" إلى‬
‫حدث كان بسبب رؤي ٍة راها في‬ ‫َ‬ ‫بأروع الكلمات عن "العشق اإلالهي" ‪ ،‬وما‬
‫نومه التي أدت إلى التقاء ِه برفيقه‪ ،‬وحبيبه‪ ،‬الذي نقّبة عن قلبه‪ ،‬وأخرجة‬
‫الذهب المنسي‪" ،‬الدرويش المتجول شمس التبريزي" المتصوف صاحب‬
‫القواعد‪ ،‬قتيل البئر‪ ،‬األسماء عديدة‪ ،‬ولكن يبقى األقرب إلى قلبي "الدرويش"‬
‫أصبحت هذه الرواية رفيقتي ِطيلةَ ليالي ديسمبر عام ‪ 2018‬الممطرة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫‪،‬‬
‫صدر‬
‫ٍ‬ ‫ئ الوحيد الذي استقبلني بكل‬ ‫أهرب إليها‪ ،‬في الواقع كانت هي الملج ُ‬
‫ب‪ ،‬كنت أعيش أالم فقد الحب‪ ،‬وأريد أن أنسى أخر نظرةً منه‪.‬‬ ‫رح ٍ‬
‫في أوقات فراغي تراودني المواقف التي اعتقدتُ أني نسيتها!‬
‫أسأ ُل نفسي ‪ :‬لماذا الزلتُ أحتفظ بها في دماغي؟‬
‫تعرف‪ ،‬أحيانا ً‬
‫ِ‬ ‫فجأةً يرد قلبي قائالً ‪ :‬أنا احتفظتُ بيها أليامك الحزينة دون أن‬
‫شكره‪ ،‬ألن هذه المواقف تذكرني بأني أنثى و أستحق أن يحبني أحدهم‪،‬‬ ‫أريد ُ‬
‫وأحيانا ً أخرى أعاتبه‪ ،‬ألن ذاك الحب ليس لي وإن قبلته أصبح أنانية ليس‬
‫لديه ضمير‪ ،‬نعم لهذه الدرجة كان حبه ككارثة‪ ،‬حدث زلزاالً داخ َل قلبي‪،‬‬
‫جدوى‪.‬‬
‫ٰ‬ ‫قمت بصده مرات ومرات ولكن دون‬
‫كانت من أصعب الليالي وأشدها ‪ ،‬يقولون البكاء يُروح عن أالم الفقد‪ ،‬بكيت‬
‫دموعي لم تكفني‪ ،‬كل شيء أهرب إليه يذكرني به‪ ،‬عشت حالة من االكتئاب‪،‬‬
‫ْ‬
‫وأبث‬ ‫اعتزلت في وحدتي‪ ،‬كان لدي صديقات ولكن ال أريد أن أتحدث‬
‫وأخاف ال اعتقال‪ ،‬حاولت‬
‫ُ‬ ‫شكواي‪ ،‬كنت أرى نفسي كأني ارتكبتُ جريمةً ما‬
‫َ‬
‫فكرت أنه لن يظهر في حياتي مرة أخرى‪ ،‬ولكن الزال لدي أمل‬ ‫ْ‬ ‫تجاهل‬
‫بلقائنا يوماً‪.‬‬
‫تأتني هواجس صورك‪ ،‬ابتسامتك األولى لي‪ ،‬نظرات أعيُنكَ السوداء‪،‬‬
‫محاوالتك لتقرب مني وتراجعك‪ ،‬تلفظك إلسمي ألول مرة‪ ،‬أغلب مواقفنا‬
‫(‪)12‬‬
‫|عيادة كشيب‪.‬‬
‫كانت دون التلفظ بأي كالم‪ ،‬بل أفسحنا المجال ألعيونِنا‪.‬‬
‫في كل ليلة أطلق العنان لدموعي واألسباب مختلفة‪" ،‬تأنيب ضمير‪ ،‬الفقد "‪،‬‬
‫ولكن القاسم المشترك بينهما "هو"‪ ،‬وعندما ايأس اذهب ألتوضئ‪ ،‬أصلي‬
‫الوتر‪ ،‬أدعو هللا و أرجوه بأن يفك ُكربتي‪ ،‬ويعوضني خيراً منه‪.‬‬

‫(‪)13‬‬
‫|سجى محمد‬

‫بشأن ُح ِبنا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أخشى من اتخا ِذ قرارات‬
‫ٰ‬
‫فـعند رحيلِكَ َجف جوفي‪ ،‬من كثرةِ البرد‪،‬‬
‫ولكنَ قلبي دائما يتألم بسببكَ ‪.‬‬
‫|هبة إسماعيل أبوصره‬
‫ليالي ديسمبر بارده ‪ ..‬تلك بروده واالمطار وتلك السحب متراكمه بجميع‬
‫ألوانها تلك قطرات ندى نقيه بطو ِل الليل ونسماته هادئة وباردة بقوة سطوع‬
‫نجوم ونور القمر هادئ تلك الليلة التي ال تنسى تلك ليلةٌ من ليالي هذا شهر‬
‫بارد تلك الليلة التي حصل فيها كل ما خفت ان يحدث قد حدث كل ذكرياتي‬
‫الجميلة ممزوجة باأللم كل حلم لطيف راود ذهني كل شيء جميل حلمت به‬
‫كل طموح رافق قلبي وعقلي كان في تلك الليلة من هذا الشهر تلك الليلة‬
‫التي عاد فيها شيء لي من جديد كنتُ جالسة أشاهد كلمات منه قد كانت‬
‫عكس ما توقعت يوما ما كنت أشعر بشيء سيحدث خفت أن يكون هذا شعور‬
‫واقعى لقد واجهت قلبي عدة مرات قبل ان أتحدث معه قلت لي نفسى هل‬
‫تستطيعينَ مواجهة تلك القسوة لي وحدك هل ستكونين قوية بعد ذلك لي‬
‫وحدك!‬
‫لم أعلم أن رغم كل هذه تساؤالت انني سأُصاب باالنهيار رغم إيماني‬
‫ئ بجواري ابداً‬‫الشديد بالقوة كانت في تلك الليلة البارد جداً‪ ،‬لم يكن هناك دف ٌ‬
‫ولم يدخل قلبي شعور األمان قد شعرت اني انسانه خالية من الشعور‪ ،‬شعور‬
‫البرودة وعدم االمان ف وقت واحد‪.‬‬
‫انسانه لم تعد تفكر بشيء باستثناء ماذا سيحصل لقلبها بعد هذه ليله!‬
‫عندما جلست اصبحت أشاهد حجم قسوة حروفه التي كتبها لي شعرت وكأنى‬
‫في دوامة عميقه من تناقض هل يكذب على هل أنا ساذجة لكي لم أفهم من‬
‫بداية هل حصل لي مصطلح ما يسمى الحب االعمى لم استطع رؤية بشاعة‬
‫شعوره ومعاملته نحوى لم استطع دفاع عن نفسى تلك لحظه ابتسمت بمجرد‬
‫أن ارسل كلمة مرحبا ً وهو يرسلها بدافع ملل ال بدافع الحب كانت ليلة ثالث‬
‫عشر من ديسمبر بمثابة صدمة كبيرة لي قلبي شعور خذالن بعد ثقه كم هائل‬
‫من شعور بثانية‪ ،‬هل سوف اقف دائما ً على عهد حبه ! وكم تسألت فى ذهني‬
‫سؤال ولم أستطع البوح به أعلم جيداً انني أحببته رغم ضعفي وقلة حيلتي‬
‫رغم وحدتي رغم فراغي قاتل وتفكيري المستمر لم أعلم إن غرابة االطوار‬
‫التي يقولها لي هيا التي سأدفع ثمنها غاليا ً رغم انني لم استطع فهذه ذاتي هل‬

‫(‪)14‬‬
‫|هبه إسماعيل أبوصره‬
‫رأيتم احد استطاع ان يتخلى عن ذاته! تجاوزت نفسى وقلبي تلك ليله وكأنى‬
‫قطعت الف ميل من طريق لي وحدى وكتبت له ف تلك ليلة التي ال تنسى‬
‫يا عزيزي‪ ،‬إني احبك هذا ال يعني أبدا ان تجعلني مثل مائده طعامك تجلس‬
‫عندما تشعر بالجوع‪،‬‬
‫وتأكل وإن لم تجلس تذهب وال تبالي باألمر!‬
‫انني لست وقت فراغك ابدا‪ ،‬يأكل من كل شيء واكون عند اول القائمة وال‬
‫اكون في نهاية سطر منها‪.‬‬
‫ولست حذائك الذى ترتديه أينما أحببت‪ ،‬أنا يا عزيزي أحبك وال اقول اال‬
‫كاد حبي لك ان يقتلني ببط ٍئ بدون ان اشعر بنفسي حتى‪،‬‬
‫أعلم انك لم تحبني يوما هذه ليله اثبتت لي ان وقت مجرد رقم مقارنه بكالمك‬
‫الذى اختصر كل كرهك لي في ثانيه!‬
‫انها ليلة ثالث عشر من ديسمبر؛‬
‫بمثابة تغير جديد لي قلبي‪ ،‬انتظرت ساعات متأخرة من ليل تلك رسالة التي‬
‫تقول فيها‬
‫إياك ان تفكري باالبتعاد عنس فانتي جزء من قلبي وروحي والشى يستطع‬
‫ِ‬
‫تبديل حبك في قلبي‪ ،‬ركنت أنتظر كالمكَ هذا وبشدة لم أعد اتحمل حديث‬
‫معكى عالقة مملة مثلك‬
‫في تلك ليلة اقفلت هاتفي ونهضت وكأنه لم يحصل شيء ضحكت وبشدة‬
‫ووضعت يدى على قلبي وقلت‪ ،‬للهم قوة حتى أتجاوز تعب روحي وقلبي‪،‬‬
‫نمت على صوت االمطار تسقط بغزارة ولم أستطع مقارنة بين غزارة‬
‫دموعي وبين صوت االمطار قوى والغير‪،‬‬
‫نمت وبداخلي قوة أيقنت ان هذه القوة هيا من هللا هذه القوة مواساة ربانيه‬
‫حتى أقف من جديد وأتعلم درس جيدا‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن هللا يختبرنا؛ باألكثر االشياء‬
‫محبة لنا حتى ال نتعلق بي أي مخلوق غيره‪.‬‬
‫(‪)15‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ننظر لنجوم‬
‫ُ‬ ‫يو ٌم ممطر‪ ،‬بينَ الغيوم‪ ،‬تحتَ األشجار‪،‬‬
‫كر ِه انتَ وجما ُل العيون‪.‬‬
‫س ِ‬‫كوب قهوةٍ ُ‬
‫ُ‬
‫|عائشة خليفة‬
‫ليالي ديسمبر‪...‬‬
‫بر ٌد قارس‬
‫ثل ٌج متساقط ‪،‬‬
‫معاطف‪،‬‬
‫ب!‪ ،‬ال أدري‪.‬‬
‫ام عالقة ُح ٍ‬
‫ياسمي ٌن يكسوه الثلج‪.‬‬
‫اشجار متجمدة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫تفتق ُد أوراقها‪.‬‬
‫مكتبةٌ صغيرة في أول الحي‬
‫دافئة‪ ،‬ومليئةٌ بالكُتب والحب‬
‫التقينا ب ُمساعدة ِكتاب‪.‬‬
‫في ليل ٍة من ديسمبر مليئةٌ بالنجوم‬
‫تحدثنا طويالً‪ ،‬تذكرنا كل قديم‬
‫قهوة ٌ تُحب‪ ،‬أم شوكوالتة ساخنه؟‪،‬‬
‫مشينا نصف المدينة‪ ،‬لم ننتبه للوقت‪،‬‬
‫أخذتنا األحاديث‪ ،‬وجما ُل عينيه‪،‬‬
‫وعطرهُ القوي‪ ،‬وكالمهُ الجميل‪.‬‬
‫ليلةٌ في ديسمبر‪ ،‬معا ً‬
‫يو ٌم م ُمطر‪ ،‬خرجنا معا ً وهربنا إلى المكتبة‪،‬‬
‫أخترنا كتابا ً واحد‪.‬‬
‫مظلةٌ في يد عازف‪،‬‬
‫تُعيقه عن عزف الموسيقى‪.‬‬
‫بغزار ٍة تبكي الغيوم‪،‬‬
‫(‪)16‬‬
‫|عائشة خليفة‬
‫كأن طائرا ً قد رحل‪.‬‬
‫قطةٌ ُمختبئة أسفل سيارة‪.‬‬
‫وبعض الرذاذ يضحكُ ‪،‬‬
‫ُ‬
‫شارعٌ يتنزهُ بنفسه‪.‬‬
‫ما لذي يضاهي نافذة ٌ يكسوها المطر‪.‬‬
‫ليلةٌ في ديسمبر‪،‬‬
‫وال تشبهُ أي من الليالي‪.‬‬
‫ج‪،‬‬
‫موسيقى بيانو من نافذة جارنا العازف تخر ُ‬
‫الشمس قد أشرقت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكأنهُ يقول هذه‬
‫صوتُ لفيروز من راديو المحل ال ُمقابل‪.‬‬
‫قطراتٌ من الندى علي شُرفتي‬
‫مرحباً‪...‬‬
‫جوف قلبي ال ُمعتم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مطر على‬
‫اتى وكأنهُ يو ٌم ُم ُ‬
‫ب والفرح‪ ،‬رغم وجود ال ُحزن‪.‬‬
‫ملئني بالح ِ‬
‫ليلةٌ أخرى في ديسمبر‪...‬‬
‫ُحضن مثل الشتاء‪،‬‬
‫بارد‪ ،‬ال شمس فيه‪.‬‬
‫انبهارها‬
‫ُ‬ ‫عيو ٌن منطفئة‪ ،‬مات‬
‫وداعٌ أخير‪ ،‬هذا ما يفعله ديسمبر‬
‫يودعُ السنه‪ ،‬بحلوها و ُمرها‪.‬‬
‫ياسمي ٌن جاف‪ ،‬منا يتساقط‬
‫مشاعر جافه‪ ،‬الحب فيها‬
‫ُ‬
‫ليلةٌ في ديسمبر تحم ُل مشاعر ُمرهقه‪،‬‬
‫(‪)17‬‬
‫|عائشة خليفة‬
‫رفوف فارغه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كُتبٌ ُممزقه‪،‬‬
‫ال ضوء‪ ،‬ال دفئ‪ ،‬ال ُحب‪.‬‬
‫مطر وال ثلج‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫يو ٌم الفيه‬
‫ال غيوم‪ ،‬ال شمس‪ ،‬وال قمر‪.‬‬
‫يو ٌم في ديسمبر على رمل البحر‬
‫بجانب القارب‪ ،‬تحت النجوم‪.‬‬
‫قلوبٌ غارقةٌ في ال ُحب‪،‬‬
‫عيو ٌن مليئةٌ بالقلق‪ ،‬جما ٌل غير متكرر‪.‬‬
‫ليلةٌ في ديسمبر من لياليه الطويلة‪،‬‬
‫مليئةٌ بال ُحب‪ ،‬والجمال‪.‬‬
‫ليالي ديسمبر‪ ،‬ومطر‪ ،‬وثلج‪.‬‬
‫عينيك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫جما ُل ديسمبر في‬
‫عينيك يذوب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وديسمبر في جمال‬
‫نُنهي ليالي ديسمبر بقصة ُح ٍ‬
‫ب‪،‬‬
‫شهر طويل وجميل‬
‫ٌ‬ ‫بدأت انتهت‪،‬‬
‫شهر فيه ال ُحب يكون‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ديسمبر اخرى يحم ُل في نفس ِه حكايا ٍ‬
‫ت‬ ‫ٌ‬
‫عام كامل‪.‬‬
‫طويله‪ ،‬وكأنهُ يروي حكاية ٍ‬

‫(‪)18‬‬
‫|سجى محمد‬

‫الحب في قلبي‪،‬‬
‫َ‬ ‫شكراً لتلك المجهولة‪ ،‬التي بثتَ‬
‫ُ‬
‫رغم قلةَ حديثي‪ ،‬و معرفتي بها إال‬
‫انني أحببت الكثير بفصلها‪.‬‬
‫|رشا الزروق‬
‫(أنا َ و ّد‬
‫ِيسمبر)‬
‫ْ‬

‫مرحبا ديسمبر‪...‬‬
‫ي‪ ،‬ولكنك‬ ‫بالكثير ّ‬
‫من المشاعر المبعثرة وأخدتني إلي عالمكَ الديسمبر ْ‬ ‫ْ‬ ‫أتيتُ‬
‫شهر‬
‫ٌ‬ ‫األقرب لي قلبي من‬
‫ْ‬
‫الذكريات الحزينة‪ ،‬التناهيد‬ ‫ْ‬
‫شهقات المحزنة‪َ ،‬و‬ ‫شهر مملوء بِ‬
‫ٌ‬ ‫ي‪ ،‬أنتَ‬
‫مولد ّ‬
‫المتتالية‪ ،‬االنهيار هكذا أنت أيها الديسمبر"‪..‬‬
‫تأتي بأواخر العام لتُجلبْ معكَ الكثير من التفائل والسعادة التي يطغى عليها‬
‫الطاقة اإليجابية‬
‫شهر تكثر به الموسيقى الكالسيكية واألجواء الشاعرية‪..‬‬
‫أرى في ديسمبر إعصارا روحي جاعالً من أحاسيس القلوب تستيقظ‪..‬‬
‫اختالفك وجنون طقسك يجعلني أكثر إنبهاراً بكَ يا ديسمبر‪..‬‬
‫أما عن لياليك أيها الديسمبر فهيا َ مختلفة عن ليالي األشهر السابقة جاعالً من‬
‫العابرين يقعون أُسرا ْء حبها لشدة جمالها‪ ،‬أن ْه ليالي ديسمبر مملوءة بالدفئ‬
‫والحنان حنانها َ على أصحاب القُلوب المكسورة يجعلها األحب واألقرب على‬
‫قلوبه ْم ‪..‬‬
‫ولكن أثر عذابها َ القاسي ينها ُل عليهم ليتذوقوا عذاب ديسمبر في كل ٍ‬
‫عام‪،‬‬
‫الحزن واالكتئاب‪ ،‬التفكير المفرط‪ ،‬إصرار ديسمبر لجعل قلوب العابرين‬ ‫ُ‬
‫أكثر حزناَ‪ ،‬صحي ُح أنه ديسمبر يجلب لهم فالبداية الكثير من السعادة ولكنه‬
‫ٌ‬
‫يكافئهم بالتعاسة والحزن فالنهاية‪..‬‬
‫كنتُ أظ ٌن في السنوات السابقة أنه مشاهدة المسلسالت الدراماتيكية في‬
‫ديسمبر تصبح أكثر جماالً‪ ،‬وتيقنتُ أنه الخسائر في ديسمبر تُعوض في يناير‬
‫أفضل‪ ،‬تكثر التناقضات فيك يا يناير وتزداد التساؤالت وانقالب‬ ‫ْ‬ ‫بِشكل‬
‫الموازين ويصبح السيء أجمل‪،‬‬
‫(‪)19‬‬
‫|رشا الزروق‬
‫يُحكى فيه الحكايات التي ال تكتمل وتبدأ فيه الصداقات الحديثة وتنتهي فيه‬
‫الصداقات القديمة‪،‬‬
‫تجمد معالم الكون في ديسمبر‪.‬‬
‫ْ‬
‫يكون ُمتقلبْ هكذا؟‬ ‫لشهر الذي يختم كل األعوام أن‬
‫ْ‬ ‫‪-‬دائما ما أتساءل كيف‬
‫بينما أفكر آن آخر أنه تقلباته تجعلهُ مذهل لو لم يكن به تقلبات لم يكن مذهالً‪،‬‬
‫في هذا الشهر تستطيع مالمسة جمال الحياة‪..‬‬
‫بأنغام فيروزية‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫لنجعل من ديسمبر يكتمل‬
‫الطموحات وسيبتسم التُعساء‪ ،‬وستمضي الحياة‬
‫ْ‬ ‫ستشرعُ األحالم وتتحقق‬
‫بشك ٍل أجمل فقط فيكَ‬
‫يا ديسمبر‪..‬‬
‫ديسمبر"‪ ..‬أما اآلن‬
‫ْ‬ ‫شهر السكون واالستقرار المسمى "بِ‬
‫ٌ‬ ‫‪-‬أتممتُ حديثي عن‬
‫سأتحدث عني "أنا‪..‬‬

‫(‪)20‬‬
‫|رشا الزروق‬
‫ْ‬
‫‪[...‬بيروت]‪..‬‬ ‫‪/٢١‬كانون األول‪١٩٩٩/‬‬
‫جالس ْه في مطعم ذات ث ُ ْ‬
‫رات عتيق يحكمه األجواء الكالسيكية الساحرة‪..‬‬
‫كامل رقتي ِ‬ ‫ْ‬
‫الغامق بِ ْ‬ ‫التي طغى عليها اللون البُن ْى‬
‫أمسكُ كوب القهوة بين يداي وبين الحين واآلخر أرتشف القليل منَ القهوة‪..‬‬
‫ت العتيقة الملئها أرستقراطية‪ ،‬أرم ُق العابرين وحديثهم ويأخذني التفكير‬
‫ِبطل ِ‬
‫إلي عالم آخر‪ ،‬سمعتُ صوت سيده تقول؛ هل يمكنني الجلوس بِرفقتك؟‬
‫أومأتُ لها بإيجاب وحينما جلست بدأتُ أتأملها رأيتُ في مالمحها ُ‬
‫شحوبْ‬
‫ْ‬
‫القليل من األفكار تيقنتُ أنها تقريبا بِعمر الخمسينيات‪...‬‬ ‫وبعد‬
‫ت في‬ ‫ْ‬
‫تحدث قائله‪ِ :‬لماذا أن ِ‬ ‫التي استغربته كثيرا أنها تبتسم بإفراط وبعد ذالك‬
‫ْ‬
‫الصمت؟‬ ‫كل هاذا‬
‫مساعدتك يا ابنتي؟‬
‫ِ‬ ‫مالمحك الجذابة هل بإمكاني‬
‫ِ‬ ‫أرى الحزن أخداً حصته من‬
‫ظللتُ أفكر كيف سأرد على السيدة الجالسة أمامي وبعد عدة أفكار ‪...‬‬
‫ْ‬
‫أرمق في هاذا الصمت‬ ‫ْ‬
‫فقلت‪ :‬أنا بِخير يا عمة وأيضا أنا لستُ حزينة ولكن‬
‫الكثير من السالم ‪.‬‬
‫ت الحزينة‪...‬‬
‫بقيت السيدة صامتة لفترة ومن صمتها أخدتني األفكار لذكريا ِ‬
‫حتى فجأةً شعرتُ بالسيدة تُحدثن ْي قائل ِه وأغتنمي فرصة التغلغل في أعماق‬
‫الحياة ‪...‬‬
‫ابتسمتُ رغما ً عني ُمسايرةً للسيدة الجالسة بِقرب ْي‪ ،‬ال أعلم كيف سأقول لها‬
‫أنني غير حزينة‪ ،‬ولكن ال ألومها فاكل من يراني يظ ُن ذالك‪...‬‬
‫‪ -‬ولكن بعد ِلقا ْء تلك السيدة تغيرت مسارات حياةِ لألفضل رغم أننا لم‬
‫أصبحت أحبٌ ديسمبر ِبغموضه‪،‬‬‫ْ‬ ‫نتحدث كثيرا‪ ،‬و ِبفضل السيدة‬
‫غ الصبر وبدأتُ أقدس ديسمبر أكثر من‬‫وضوحه‪ ،‬وأنتظر مجيئه ِبفار ْ‬
‫قبل‪ ،‬فقط بسبب ِلقائها‪..‬‬
‫(‪)21‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ت جمالها‬
‫سرنا التفاصيل الصغيرة‪ ،‬بينَ طيا ِ‬
‫تأ ُ‬
‫فكيف لنا أال نعشق ديسمبر!‬
‫َ‬
‫عمار‬
‫عا ْء عبد السالم َ‬
‫| ُد َ‬
‫"مشاعر ديسمبرية"‬
‫كانت أحدى صباحات ديسمبر الباردة بالنسبة للجسد الدافئة بالنسبة للروح ‪،‬‬
‫عندما استيقظت بضجر ألملم شعري المبعثر بكسل ‪ ،‬حتى لمحت قطرات‬
‫المطر على نافدة الغرفة فابتسمت ابتسامة خافتة وسرعان ما تحولت إلى‬
‫ابتسامة حقيقية عندما لمحت المدفأة وعلمت إن هذا الصباح األول من‬
‫ديسمبر ‪ ،‬التقطت الهاتف الخاص بي وأرسلت رسائل ُحب ل ُكل األشخاص‬
‫في قائمة األصدقاء ‪ ،‬نصبتُ مسرعة من السرير الخشبي بعد أن اكتسيت‬
‫الشال البنفسجي ليبعث الدفء في عروقي المبتلة من الصقيع ‪ ،‬ب ُكل نشاط‬
‫وابتسامة مفعمة بالحياة أبتدئت بالوضوء وشعوري بأن األجر في ديسمبر‬
‫يتبجل ويصبح أكبر عندما تالمس الماء جسدك البارد ‪ُ ،‬كل األشياء في‬
‫ديسمبر تختلف حتى الصلوات تشعر إنك بحاجة إلى أن تطيل السجود لخالقك‬
‫شكراً له على هذه الهبة العظيمة ‪ ،‬تذهب إلى الركن المفضل لقلبك الحديقة‬ ‫ُ‬
‫بعد أن تكون قد انتهيت من إعداد كوب من الكاكاو الدافئ وانتقيت الشريط‬
‫الذي يضم صوت البلبل الفيروزي وهي ترنم ب ُكل ُحب "فايق يهوى من كنّا‬
‫سوى " تذهب بك المشاعر إلى مكان بعيد حيث المطر والندى على الزهور‬
‫‪ ،‬حيث الغيوم المبهجة ‪ ،‬تذهب بك حيثما يحب قلبك وتهدأ روحك ‪ ،‬ترتشف‬
‫الكاكاو وتنعم‬
‫بشتاء األرض من حولك كيف تستطيع أن تبسل ربيع قلبك على الصحو من‬
‫أيام الخريف ‪ ،‬تذهب إلى حيث عائلتك تجدهم جميعا ً يلتحفون ثياب ثقيلة ‪،‬‬
‫كنزات من الصوف تختلف ألوانها ‪ ،‬جوارب طفولية تختلف أشكالها لن‬
‫تندهش كثيراً إن وجدت أحدهم يرتدي جوارب مختلفة في أقدامه شدة الجمال‬
‫يصاحب تسلب العقول بينما أنت تجلس في أحد زوايا الغرفة ذاتها دون‬
‫جوارب وتحسس توبيخات والدتك لهذا السبب ولكنك تعلم إن هذه النسمات‬
‫ماهي إال شفاء لكل عليل مضى في خريف أسقط زهور روحك ‪ ،‬وارتواء‬
‫لكل ظمأ في صيف روحك ‪ ،‬تعيش على دفء عائلتك تتريق من خرير‬
‫هزارهم ‪ ،‬في ديسمبر الشاي يبدو أكثر لذة من ذي قبل مغري كثيراً لجلسة‬
‫عائلية أمام شاشة التلفاز وأنت تشاهد المسلسالت الشعبية التي تسرد حارات‬
‫(‪)22‬‬
‫عمار‬
‫عا ْء عبد السالم َ‬
‫| ُد َ‬
‫الشام العتيقة ومن خاللها تستطيع أن تستنشق رائحة الياسمين في أحد‬
‫الحارات ‪ ،‬يستطيع البرد الالسع الّذي يعزف ألحانه على جسدك أن يأخذك‬
‫إلى أحد بيوت الشام القديمة‪ ،‬الزيارات في الشتاء أكثر دفء ‪ ،‬النزهات‬
‫أكثر ألفة منها في الربيع ‪ ،‬التسوق تحت قطرات المطر الخفيفة وصوت‬
‫األطفال مبتهجين بالمطر أجمل من أي مشهد ترنو إليه مقلتيك من أعلى‬
‫باريس وأكثر رونق من مباني روما‪ ،‬ركوبك للسيارة وتأملك للطريق من‬
‫خالل النافدة يبعث الراحة في فؤادك ويبعث النشوة في عروقك فيبتدأ هرمون‬
‫ال ُحب لديك في االرتفاع في ال دم أكثر من الهيموجلوبين ‪،‬تعود إلى البيت‬
‫حيث الدفء المنشود تحتضن سريرك وتتلحف غطائك ‪ ،‬تقلب صفحات‬
‫الكتب وتستمع برائحة الكتب وملمسها الورقي ‪،‬يقاطعك اتصال من شخص‬
‫مفضل لديك وتخوض معه مغامرة عميقة تتحدثون فيها عن أصغر التفاصيل‬
‫عن شكل الغيوم ‪،‬وعن غياب النجمة ‪ ،‬وعن كون الشمس أقل قوة من الغيوم‬
‫لدرجة إنها قادرة على حجب نورها ‪ ،‬وإن الرقة تفوز عن أي جبروت وقوة‬
‫في هذا العالم ‪،‬تقاطعك والدتك بالشاي المحلى بالكاكاوية أو اللوز وتستمع‬
‫بمذاقه الالذع على لسانك ‪ ،‬تأتي الساعة الثالثة فجراً تذهب إلى أبعد ركن‬
‫في المنزل وتجلس تدعو هللا خاشع ذلوالً على صوت المطر الّذي اختلط‬
‫بمطر مقلتيك وأنت تبكي ِ هللا كثيراً وفي قلبك ظن به إنه قادر‪ ،‬كريم ‪،‬رحيم‬
‫‪ ،‬تنام تحت رحمة هللا وطبطبة ديسمبر على قلبك ‪ ،‬يحتضن ديسمبر قلبك‬
‫ويبعث الراحة في أحشائك فسالما ً على ديسمبر وعلى أبناء ديسمبر ألف‬
‫سالما ً ‪.‬‬

‫(‪)23‬‬
‫|سجى محمد‬

‫شهر لبداي ِة‬


‫ٌ‬
‫ُكل نهاية‪.‬‬
‫عـائشَـة صالح‪.‬‬
‫| َ‬
‫َليا ِلي ديسمبر ‪ :‬أَقفل نوڤمبر أبوابه وٱبتدأ الع ُّد التنازلي‪ ،‬يوم وٱثنان يليها‬
‫الثالث والرابع‪ ،‬فتح ديسمبر المليء بالثقوب أبوابه بين نقطة ال راجعة أصف‬
‫لياليه‪ ،‬احدى عشر شهراً مضى والثاني عشر سيمضي‪ ،‬هنا من نقطة ديسمبر‬
‫لربم ڪان هذا العام نقطة تحول إنسان مما ڪان‬ ‫َ‬ ‫سيقفل عاما ً أخر أبوابه‪،‬‬
‫شخص أخر‪ ،‬يجب على الجميع ربط‬ ‫ٍ‬ ‫ربم ڪان سبب في دمار‬ ‫عليه‪ ،‬او َ‬
‫األحزمة‪ ،‬لرحلة تُدعى الزمن‪ ،‬أو باألصح تضاف قبل ڪلمة زمن لعنةٌ‪،‬‬
‫تلك اللعنة المشؤومة الخادعة‪ ،‬دوائر من الڪذب أشخاص يقفون حول حلقة‬
‫بعام أخر لربما‬ ‫عام أخر لاللتحاق ٍ‬‫الندم وأنين الماضي‪ ،‬لالنطالقة مسيرة ٍ‬
‫وأنا أقول لربم تجد فيه ذاتك أو تضل ذاك الشخص اليائس متقلب المزاج‪،‬‬
‫مرتدي األقنعة ‪ ،‬ديسمبر المتناقض والناقض ديسمبر المليء بالثقوب‪،‬‬
‫استطاع أن يجمع بين الدفئ والبرد‪ ،‬قامت نيرا ٌن ڪثيرة بسببه‪ ،‬نيران الروح‬
‫والنفس‪ ،‬نيران الشوق ونيران الغضب‪ ،‬نيران تتحول إلى رماد وتبهت‪،‬‬
‫لشخص‬
‫ٍ‬ ‫روح‬
‫ٍ‬ ‫وأخرى تزداد حطبا ً فوقها‪ ،‬ديسمبر الجمال‪ ،‬ڪان بمثابة‬
‫ق األشهر‪ ،‬لشخص تدمر وٱنتهى‪ ،‬قال ألخذ قسطا ً من الراحة‬ ‫أرهقته با ِ‬
‫شتات‬ ‫أن هذا الشهر مميز‪ ،‬ديسمبر أيضا ً ل َّم ُ‬
‫وأجعل نفسي ترتاح قليالً وأتوهم َّ‬
‫البعض‪ ،‬ل َّم شتات المحبة وٱرتدى قناع الطيبة وفي النهاية ستُدق الثانية عشر‬
‫وتنتهي المسرحية‪ ،‬لـِ يُعطيني السيناريو السادس عشر ويبدأ الجزء السابع‬
‫عشر من عمري‪ ،‬إيَّـاك والوقوع في لعنة الزمن‪ ،‬ستُعاني ڪثراً وت َِمل وأنت‬
‫تحسب‪ ،‬ڪم مضى وما هذا الذي يمضي‪ ،‬قف مع نفسك هنا من عتبة ديسمبر‬
‫وتصالح مع ذاتك أرجوك‪ ،‬عش لذاتك ألنك ُخلقت مقترنا ً بها هي فقط ‪.‬‬

‫(‪)24‬‬
‫المزوغي‬
‫|مآب ِ‬
‫هُدوء ليالي ديسمبر‬
‫تحديدًا في نصف ليالي كانون األول‪...‬‬
‫ف بِقلبي‪ ،‬يُشتت فيني مالم يتشتت‪ ،‬يبعثر أحالمي عند قارعة‬ ‫عص ُ‬‫ذاكَ الشتاء يَ ِ‬
‫وكأن قلبي تفتّت أو َكشيءٍ‬
‫ّ‬ ‫قلبي؛ أحببتها ذاتَ الشتاء وافتَرقنا ِفيه‪ ،‬شعرتُ‬
‫أشبه ِبفق ِد الروح‬
‫أحببتها وأحببتُ الشتَاء بسببها‪ ،‬ث َّم كرهتُها وهاهُو الشتا ُء قادم‪..‬‬
‫تصرخ في ِه كل عظمة في جسمي‬ ‫ُ‬ ‫الحقيقة ُمره ٌق أنا من دونِها للح ّد الذي‬
‫ي‪...‬‬
‫وتقول لألخرة ال تتكي عل ّ‬
‫سأكتب لها رسالة ُمشبعة بالنّدم لرب َما تصفح‬
‫ُ‬ ‫اتخذتُ قرار لم أف ّكر فيه لبرهة‪،‬‬
‫عنّي‪ !..‬فكرة جيدة حقًا‪..‬‬
‫عليك‪..‬‬
‫ِ‬ ‫" مرحبًا يا ُمعذبتي‪ ..‬أتمنّى أن أ ُمر ُحبًا‬
‫ي فيما أفتَ ِقد‪..‬‬
‫أفتقدك ح ّد التعب‪ ،‬والسّالم عل َّ‬
‫ِ‬ ‫في حقيق ِة األمر أنا‬
‫جرحتك بها‪ ،‬وكم هي عدد المرات‬
‫ِ‬ ‫أنا على دراي ٍة كم هي عد ُد المرات التي‬
‫تجاهلتك بها‪ ،‬وك ّل كلم ٍة قللت من قيمتك‪..‬‬
‫ِ‬ ‫التي‬
‫يومك؛‬
‫ِ‬ ‫لك عندما تُحدثيني عن تفاصيل‬
‫أذكر جيدًا ُمعاملتي ِ‬
‫ت تُرسلينَ لي‬
‫أتذكري حين كن ِ‬
‫‪ -‬صبا ُح الخير عزيزي –‬
‫ولم أكن أهتم‪،‬‬
‫وتكتُبين لي‬
‫‪ -‬أنا أفرم البصل اآلن –‬
‫كنتُ أقول‪ :‬وماه ّمي بالبصل؟‬
‫وعندما تخبرينني‬
‫(‪)25‬‬
‫المزوغي‬
‫| مآب ِ‬
‫‪ -‬ضفرتُ شعري ضفرتين –‬
‫سخفك!‬ ‫لطالما كنتُ أُردّد‪ :‬أفَبِ ِ‬
‫ربك! يال ُ‬
‫ت تُرسلينَ لي‬
‫وعندما كن ِ‬
‫‪ -‬مسكينة جارتنا ماتيلد دائ ًما زو ُجها جوزيف ماتريوير يفتعل المشاكل‬
‫بينهما –‬
‫جارتك التافهة!‬
‫ِ‬ ‫كنتُ أقول‪ :‬وما شأني بشجار‬
‫ت مع‬‫لن أنسى ما حييت عندما قلتِ‪ - :‬يؤسفُني أننا ال نستطع قضاء وق ٍ‬
‫بعضنا في شوارع فيينا‪،‬‬
‫اووه إذًا ال يمكنني أن أُقدّم لكَ رسالتي الورقيّة التي كتبتها ِبخطي القبيح‪،‬‬
‫لكن ال يهم‪..‬‬
‫أتعلم ياعزيزي بأنني أحبك حتى في ظروف الحياة الخطرة والصعبة‪ ،‬حتى‬
‫مع رغبتي في أن أكونَ منعزلة عن العالم!‬
‫أيًا كانَ شك ُل الحياة السيئة التي أُعاصرها؛ أعتق ُد أنني لن أفعل شيئًا سوى‬
‫أن أحبك أكثر‪– ..‬‬
‫الزلتُ أتفقد بريدي أبحث في ِه عن‬
‫رحيلك في إحدى ليالي ديسمبر‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫اآلن بع َد‬
‫رسائل ُمح ّملة ِبتفاصيلك‪ ،‬أتسائل ماذا ح َّل بشعرك! أضفرتيه ضفيرتان أم‬
‫كتفيك؟‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫منسدال على‬ ‫تركتي ِه‬
‫تستيقظ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫تفرمينَ البصل‪ ،‬وفي أي وق ٍ‬ ‫أو ُّد أن أعرف ماتفعلينه اآلن‪ ،‬متى ُ‬
‫في الحقيقة ينتابُني الفُضول حو َل جيرانِكم يا هل تَري تصال َحا أم ماذا؟!‬
‫تفاصيلك ياعزيزي التي لطالما اِستخففتُها‪ ،‬تستخف بي اآلن وتجعل منّي‬
‫ِ‬
‫أُضحوكة‪..‬‬
‫ع فيني ُحزنَ الفُقراء أجمع‪..‬‬
‫ُعدك زر َ‬
‫ب ِ‬

‫(‪)26‬‬
‫المزوغي‬
‫|مآب ِ‬
‫دونك القرية المهجورة‪ ،‬الطيور التي ال تطير‪ ،‬اللسان الذي ال يقوى‬
‫ِ‬ ‫أنا من‬
‫والشمس الباردة‪ ،‬أنا السكين الذي ال يقطع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫على الكالم‪ ،‬القمر المنطفئ‪،‬‬
‫طعم له‪ ،‬والسالح الذي ال يقتُل‪ ،‬والماء التي‬
‫َ‬ ‫والنّور ال ُمظلم‪ ،‬األكل الذي ال‬
‫ال تروي‪..‬‬
‫لك أن تعودي؟‬
‫هل ِ‬
‫فالقلب ال ُّ‬
‫يحن ِلسواك‪ ،‬والعي ُن ترنو ِلرؤياك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫لك أن تُحي ّ‬
‫ي بساتين ور ٍد في قلبي! أيا قلبًا يَسك ُن قلبي‪.‬‬ ‫قولي لي؛ هل ِ‬
‫في اليوم الرابع والعشرون بعد انفصالنا تحديدًا بعد منتصف الليل‪ ،‬رأيت ُ ِك‬
‫بجناحيك البيضاء – كانت بيضاء حد النصاعة –‬
‫ِ‬ ‫تطيرين‬
‫تجلُسين فوقَ غيمة‪ ،‬تصطادينَ خيوط الشمس وتُنسجين منها قبعة للشتاء‪..‬‬
‫رأيتك تقتربين منّي‬
‫ِ‬
‫يدك فوقَ رأسي‬
‫تضعين ِ‬
‫وأطير معك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فتنبت لي أجنحة‬
‫راقب خيبات البشر وحزنهم‪ ،‬نُدندن بشيء خَفي‪ ،‬ال‬
‫ُ‬ ‫نجلس فوق الغيوم‪ ،‬نُ‬
‫ُ‬
‫أستطع معرفته! ‪ ،‬شيء أشبه بِلحن غريب!‬
‫صوتٌ شجي‪ ..‬أغنية عن شهر ديسمبر أعتقد‪..‬‬
‫ت‬
‫ت الوجود والعدم‪ ،‬أن ِ‬
‫ت لي الجوشنَ خاصتي‪ ،‬خوفي من الالشيء‪ ،‬كن ِ‬ ‫كن ِ‬
‫سراب‬
‫ُ‬ ‫الربيع في أعماقها وعندما تضحك ينفجر‬ ‫تحبس ّ‬
‫ُ‬ ‫االمرأة التي‬
‫الفراشات في ك ِّل األرجاء‪.‬‬
‫عودي‬
‫عينيك ويدفأ قلبي‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫لك أن تعودي ِليترتب كل شيء تبعثر‪ِ ،‬ألنظر ِل‬
‫هل ِ‬
‫ي يُزهر‪..‬‬
‫لعل الورد في وجنت ّ‬
‫تاهلل أنا من حنيني ُمتعب‬
‫عودي لي يازهرةً تُشبت فيني ُ‬
‫شحوب الذكريات‬
‫(‪)27‬‬
‫المزوغي‬
‫|مآب ِ‬
‫ور متحف مليء بالثُرات‬ ‫أعدك ُ‬
‫نز ُ‬ ‫ِ‬
‫نجول شوارع فيينا وال نُ ُ‬
‫فكر ِلوهلة وننطق جميع االعترافات‬
‫عزيزك المخلص‪ :‬ف ‪ .‬ن‬
‫ِ‬

‫(‪)28‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ثقوب إذني‬
‫َ‬ ‫معصم يدي‪ ،‬اغلقوا‬
‫ِ‬ ‫وضعوا االغال َل على‬
‫او ضعوا قُفالً داخل ثُغري‪ ،‬ومع ذلك‬
‫لن تمنعوا قلبي من االحساس‬
‫او الحب‪.‬‬
‫|مالك فيصل‬
‫ليالي ديسمبر‬
‫من مسافة ليست ببعيدة رأيت بيت صغير الحجم يتوسط إحدى نوافذه شمعة‬
‫قضت على سواد الليل القاتم الذي استوطن ذلك البيت الصغير‪ ،‬ذهبت إليه‬
‫مسرعة بأنامل مرتعشة وشفتين زرقاوين‪ ،‬وبدأت بقرع الباب بشده حتى‬
‫ِكدت احطمه فَفتحت ِلي عجوز ذَات مالمح منزعجة ترتدي لباس باللّون‬
‫االزرق‪ ،‬اظن أنها انزعجت ِمن قرقعتي القوية‬
‫صكيك اسناني‬ ‫هم ْمت مسرعة بالدخول حتى قابلتني موجة دافِئة جعلت َ‬ ‫ِ‬
‫يتباطى ُء‪ ،‬التفتُ إليها وقلت انا اسفة جداً جسدي كان يرت ِعد ِمن البرد هذَا‬
‫ليس ذنبي‬
‫ابتسمت ِلي وذهبت إلحدى الغرفتين ما هي إالَّ دقائق ورأيتها تأتي نح ِوي‬
‫لون اسود‪ ،‬أشارت ِلي بأن أرتدي هذ ِه المالبس وأن‬ ‫وبيديها مالبس ذات ٍ‬
‫اتبعها إلى تلك الغرفة هناك مع رفع اصبعها لإلشارة‪ِ ،‬من ثُم سبقتني إليها‪..‬‬
‫ولحقت بها وجدّتها تجلس أمام أعواد الخشب المتفحمة‬ ‫بدلت مالبسي ال ُمبتلة ِ‬
‫والمستعملة‪ ،‬أشارت لي بأن أجلس ومثلت ألمرها‪ ،‬وع َّم الصمت لدقائق‬
‫معدودة‪ ،‬شعرت بتوتر وقشعريرة تسري في جسدي ِمن ثُم كسرت حاجز‬
‫وحدك مع إيماءة عرفت من خاللها أنها ستجيبُني‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫الصمت وقلت هل أن ِ‬
‫بنعم؟! نظرت لي نظرة طويلة لم أفهم مغزاها مع هز رأسها ِبمعنى نعم‪،‬‬
‫شعرت بالخوف واالرتباك ألنها منذ مجيئ لم تنطق بحرفٍ واحد هل هي‬
‫بكماء؟!‪...‬سألتها مرة أخرى لماذَا ال تتحدثي معي؟!‬
‫فَفتحت لي فمها وهنا كانت الصدمة التي هزت أوتار قلبي‪َ ،‬من فعل هذا‬
‫بك‪ ،‬وكيف لم تُمانعي حدوث هذا الشيء‪ ،‬وكيف تحمل ِ‬
‫ت هذا األلم اجيبيني‬ ‫ِ‬
‫افعلي شيء‬
‫لم تفعل شيء ِسوى أنها قابلتني بابتسامة عريضة تزين ثغرها‪ ،‬وأنا الزلت‬
‫في حالة ذهول مما رأيت‬

‫(‪)29‬‬
‫|مالك فيصل‬
‫حسنا سأخبركم ما رأيت؛ عند فتح فمها ظهر لي قفل صغير مغروس في‬
‫لسانها يمنعها من التحدث‪..‬‬
‫فتحت لي ذِراعيها واقتربت منها ووضعت رأسي على إحدى فخديها وظلت‬
‫تداعب خصالت شعري المجعد‪ ،‬لم تكوني هكذا في السنة الماضية ما الذي‬
‫لك ما المكروه الذي اصابك؟!‬
‫حدث ِ‬
‫لم تجيب‪ ،‬واستمرت تداعب خصالت شعري‬
‫لك ما حدث لي ِ طيلة السنة الماضية فهذ ِه إحدى عاداتي التي‬ ‫حسنا ً سأروي ِ‬
‫لك في الليلة األولَى من ديسمبر ولكن هذ ِه المرة‬ ‫اعتدت عليها عند مجيئ ِ‬
‫غير كل المرات هذ ِه المرة صوتي هو الذي سيطغى على المكان انا سأتحدث‬
‫ت لن تجيبي‪ِ ،‬من يناير إلى يونيو كنت وحيده ومنبوذة مثل عادتي‪ ،‬ال‬ ‫وأن ِ‬
‫اتحدث ِ ِبكثرة‪ ،‬وأجلس فِي الظالم‪ ،‬انام كثيراً‪ ،‬ال أُصغي ألحد‪ ،‬ال أُبالي ألحد‪،‬‬
‫الرمادية إلى ألوان‬
‫ب حياتي ّ‬‫حدث شيء قَلَ َ‬
‫َ‬ ‫احب البقاء وحدي فقط‪ ،‬فِي يوم‬
‫ت حوريات اخرجوني من ِبئري العميق الي‬ ‫طيف زاهية ال م ِثيل لها‪ِ ،‬س ْ‬
‫شاطئ البحر الجميل‬
‫ّ‬
‫اكبرهن ندى صاحبة العقل الكبير والقلب‬ ‫اخذو بيدي إلى الطريق السليم‪،‬‬
‫البلوري ِ الحساس‪.‬‬
‫تليها جود الفتاة الغامضة تظهر فِي أوقات ُمحددة وتذهب فِي سرعة البرق‪،‬‬
‫ِمن ثُم شيماء اكثرنا جنونا ً واستفزازاً ولكنَّها تملك قلبا ً ال مثِيل له‪.‬‬
‫اميمة كأنها بحر عميق مليء باألسرار قليلة الكالم ولكن إذا تكلمت صعقتك‪.‬‬
‫وأخيراً عائشة لن أقول عنها ِسوى أنها نابغتنَا‪..‬‬
‫رابط مثِين اطلقنا عليه اسم الو َمانس واأللو َمانس تعنِي‪ :‬عالقة الصداقة‬
‫القوية واالخوية بين اإلناث‬
‫نهضتُ ِمن على فخدِها‪ ،‬ونظرت إليها وبادلتني ِبنظره لم أستطع تفسيرها‬
‫ُ‬
‫حيث توجد‬ ‫شدت على ِمعصمي واخذتنِي معها إلى الغرفة االخرى‬ ‫ِمن ثُم َّ‬
‫ِبها خزانة كبيرة الحجم قامت ِبفتح إحدى ادراجها وأخرجت منها صندوق‬
‫(‪)30‬‬
‫|مالك فيصل‬
‫ذه ِبي المع فتحته واخرجت منه مفتاح صغير التفتتَ ِلي وقامت بتوسيع‬
‫فكيها حتى ظهر القفل وقامت بفتحه بِذلك المفتاح الصغير وقالت ِلي (إياكم‬
‫ان تفلتوا بِأيدِي بعضكم مهما َحدث)وأعادت إقفال فمها بالقفل الصغير‬
‫سريري‪.‬‬
‫ِ‬ ‫واخرجتنِي ِمن بيتها الدافئ الى أن فتحت عينَّي ووجدت نفسي في‬

‫(‪)31‬‬
‫|سجى محمد‬

‫الكثير منا يتسائ ُل عن الحب‪،‬‬


‫ُ‬
‫ب ام ان الحب يل ُد من جديد في كل شهر‪،‬‬
‫سبب الح ِ‬
‫ُ‬ ‫هل ديسمبر‬
‫هل الحب دائم‪ ،‬أم مؤقت؛ ولكنه سرمدي من دخل الحب قلبهُ‪ ،‬لن يستطيع‬
‫خراجهُ من القلب ولو طال الزمن‪.‬‬
‫|إكرام أكرم‬

‫يوم شتوي‪ ،‬رائحة أنفاسك ‪ ،‬حضنك الدافئ ‪،‬لمسة يداك ‪،‬بسمة من شفاك ‪،‬‬
‫موسيقية ضحكتك التي أدمنتها‪ ،‬انظر للفرح من عيناك بلون البن وأري فيهم‬
‫كالم لم أسمعه منك بل أخبرتني به عيناك ‪ ،‬هل هدا هو الحب ؟‬
‫للحب مسميات عديدة ومعاني مختلفة وشعور أيضا مختلف ال يوجد قانون‬
‫تابت للحب ‪.‬‬
‫هل يمكن للحب أن يكون من طرف واحد أم الحب يجب أن يكون شعور‬
‫متبادل من الطرفين‪.‬‬
‫هل الحب دائم أم أنه فتره محدودة من الزمن نعيشها‪.‬‬
‫هل الحب له نهاية؟‬
‫أو هو بداية لحياه أخرى‪.‬‬
‫الحب شعور غير مفهوم وغير قابل للشرح ‪.‬‬
‫أسئلة عديده و ال يوجد لها جواب إلى أن أعيش كل هده التفاصيل من مراحل‬
‫الحب ‪.‬‬
‫هذه هي متاهة الحب‬
‫أن تدخل تلك المتاهة إما أن تبقي تائها لألبد أو أن تخرج منها بقلب صادق‬
‫ال يتغير بل يغير‪.‬‬
‫دقات قلبي تتسارع أطراف جسمي ترتعش أفكار متضاربة خوفي من‬
‫المنتظر هكذا كانت حالتي قبل أن أراك ‪ ،‬لتواني فقط شعور بالراحة واألمان‬
‫هل يمكن أن أشعر بالراحة واألمان من شخص لم أسمع حتي صوته‪.‬‬
‫من أين جاءني هدا الشعور وهل هو شعور حقيقي أم شعور البدايات ‪...‬‬
‫عند لقائنا األول كانت الكلمات قد نست طريقها إلينا ولكن النظرات‬

‫(‪)32‬‬
‫|إكرام أكرم‬
‫متواصلة هل تتحدث العيون بدال منا أم ماذا ‪،‬‬
‫األيام تمضي وأنا عقلي وقلبي وتفكيري عالق والزال يفكر ويجلب خيط‬
‫الذكريات العتيق لي لقائنا األول كان لدقائق معدودة ولكن انحفر في ذاكرتي‬
‫ذاك اللقاء ‪.‬‬
‫هل التقت القلوب في ذاك اليوم أم ماذا ‪.‬‬
‫إلتقينا مجددا وكان لقاء مختلف تماما عن لقائنا األول حين رفضت أن أجلس‬
‫بجانبك ألجلس في حضنك كانت جرئه منك أن تطلب منى ذالك شعرت‬
‫بنفس الشعور الذي أحسسته ألول مره حين رأيتك ‪،‬كيف لي أن أنسى كل ما‬
‫جهزته قبل لقائنا من أسئلة وكلمات أردت أن أقوالها لك كل شيء تالشى‬
‫وأختفي مع أول قبله منك هل هي جرئه أم حب‪ ،‬كيف يفعل هدا بي وأنا ال‬
‫أفعل أي رادت فعل ‪ ،‬فقط استسلم أمامه هل يتحكم بي من لمسة يديه‪ ،‬أو‬
‫من نظرت عينيه أو من ماذا ال أعرف ما هو مصدر كل هدا‪ ،‬كانت يده‬
‫تحتضن يدي طول فترة لقاءنا مثل طفل ممسك بيد أمه خائفا أن تضيع منه‬
‫‪ ،‬كنت أري لتلك الهدايا التي أهداني إياها ‪،‬لم أشعر بالسعادة كانت ال تعنى‬
‫لي شيء ألن تفكيري منشغل باألحاسيس والمشاعر اللحظية عند ذاك اللقاء‬
‫كان وجودك كنقطة ضعف أستسلم أمامها ‪،‬كل التفاصيل التي حدثت بيننا‬
‫لم أعرف ما هو مصدرها وممعناها حتي األن لمسة يديك ‪،‬حضنك الدافئ‪،‬‬
‫طعم شفتيك ولسانك ‪ ،‬طعم الشكوالتة من فمك يزيدها أكتر حالوة وتميز‪،‬‬
‫لم أرتوي يوما من الماء مثلما ارتويت من شرب الماء من فمك ‪ ،‬هل هدا‬
‫هو بداية الحب أو شعور جديد ألول مره أعيشه تلك األحاسيس والمشاعر‬
‫كنت انظر لكل تلك التفاصيل من بعيد أو يصفها شخص أخر لي من خالل‬
‫تجربته ومروره بكل تكل المشاعر‪ ،‬ولكن ها أنا األن أعيش هده التفاصيل‬
‫التي أعجز أن أصفها أو أن أجد لها تفسير ومعني ‪ ،‬هده هي البداية‬
‫أضع رأسي على كتفك فيفيق عرق القلب تتسارع نبضات القلب يسرع الدم‬
‫يملئ القلب حب‪ .‬هل سيدوم اإلحساس األول‪ ،‬هل ستكون بداية حبنا شعور‬
‫صادق لألبد ‪ ،‬الزالت كل تلك األسئلة تراود ذهني ولم أجد لها جواب‪ ،‬ولن‬
‫أجد لها جواب وتفسير تابت الن الحب يختلف بي اختالف االشخاص ‪.‬‬
‫(‪)33‬‬
‫|إكرام أكرم‬
‫هذه هي متاهة الحب ‪.‬‬
‫هل الحب الصادق قبل الزواج أو بعد الزواج أم الحب الصادق يدوم لألبد‬
‫وال يتأثر بالظروف والبعد ولطول المسافات ‪ ،‬يبقي السؤال ما هو الحب‬
‫الذي النهاية له؟‬

‫(‪)34‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ُكل من ٰ‬
‫يرى ُمقلتاي يبتسم‪ ،‬لم أكن اعل ُم ما السبب‪ ،‬حتى حادثني انعكاسي‬
‫ي‬
‫انتَ مرسو ٌم على ملقتا عيني ولذلك احبوا النظر إل َّ‬
‫ليروكَ فيني‪.‬‬
‫َ‬
‫|تامي الورفلي‬

‫في إحدى ليالي ديسمبر‪ ،‬وفي اليوم الخامس تحديدًا‪ ،‬استيقظت صبا ًحا‪،‬‬
‫هممت أللتقط صورة لنفسي مع مرآتي‪ ،‬فتحت الباب ورفعت رأسي عاليًا‬
‫فإذ بها تضحك قائلة‪ :‬لقد سمعت ما قلتي أنا السماء يا حبيبتي للكل؛ ولكي‬
‫ت أنا‪ ،‬ونحن‪..‬‬
‫ت وأن ِ‬
‫فأنا مرآة صحيح‪ ،‬أنا انعكاسك‪ ،‬أنا أن ِ‬
‫مجرتيك‪ ،‬واسمه منقوش‬
‫ِ‬ ‫فتعجبت ألمرها "نحن"!‪ ،‬قالت أرى نوره متألأل في‬
‫كفاك مزا ًحا قلتُ‬
‫ِ‬ ‫شفتيك‪ ،‬فضحكتُ ؛ ضحكتُ ألنني لم أعي ما تقصد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫على‬
‫لها‪..‬‬
‫مقدرا لها أن يعتقد صاحبها إنها مبهمة ومخفية‪ ،‬وقد يكون هو‬
‫ً‬ ‫بعض األشياء‬
‫بذاتها ال يعلم بأمرها‪ ،‬لكن األعين ال تكذب وال تخفي‪ ،‬األعين موطن الصدق‬
‫والنطق دون اعتراف‪.‬‬
‫مجرتيك؛ حتى تكاد تكون مالمحه واضحة جدًا‪ ،‬وألصدقك‬ ‫ِ‬ ‫إنني أراه في‬
‫القول اليوم يا أنا في جوفي قد اجتمعا قمران‪ ،‬وهنا تكمن معجزة و ابتس َمت‪،‬‬
‫فيك مغرمةٌ أيتها األنا‪.‬‬ ‫فابتسمت معها قائلة لها‪ :‬إنني متيمةٌ ِ‬
‫بك ايتها السماء‪ِ ،‬‬

‫(‪)35‬‬
‫|سجى محمد‬

‫السماء بفرح ٍة وبحبٌ‬


‫ِ‬ ‫غيوم‬
‫َ‬ ‫امطري يا‬
‫االزهار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫المطر‪ ،‬وتفتحت‬
‫ُ‬ ‫أتى‬
‫ٰ‬
‫|آالء بن ُمفتاح‬
‫ت‬
‫شهر تختفي فيه الحيوانات والحشرات بسبب البردِ‪ ،‬وتدخل الدببة في سبا ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ق ال ُمحيط لكي تحصل على‬ ‫وتذهب الحيتان واألسماك‪ ،‬الى أعما ِ‬ ‫ُ‬ ‫طويل‪،‬‬
‫الدفء‪ ،‬يطول في ِه الليل ويقصر في ِه النهار‪ ،‬الرياح الباردة واألمطار الغزيرة‪.‬‬
‫ِ‬
‫بداية الشتاء حيث تدخل الى المنزل وأنتَ ترجفت‪ ،‬وتفركُ يديكَ وقدميكَ فيه‬
‫تشعر بالدفء‪ ،‬ذالك شعور ال يحدث إال في ديسمبر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حتى‬
‫ت األبيات عن هذا الشهر ألنه بداية الشتاء الجميل‪ ،‬كوب من شراب‬‫ُكتب ِ‬
‫ساخن‪ ،‬اتصف ُح من داخل الغطاء‪ ،‬والدعاء عند األمطار‪ ،‬كم ان كل هذه‬
‫التفاصيل جميلة‪.‬‬
‫دخلتُ إلى غرفتي وجهزت مالبسي الصوفية‪ ،‬وغطاء الشتاء لم اقم بإغالق‬
‫نافذتي جعلتها دونَ ستارةٍ هذه الليلة‪،‬‬
‫أتعلمونا لماذا؟‬
‫سقوط المطر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لكي أنظر الى‬
‫بالصوف‪ ،‬وشرابي الساخن‪ ،‬حتى‬
‫ِ‬ ‫ثم جهزت طاولتي الشتوية كانت مغطاةً‬
‫ق جميل‪ ،‬واألشياء الباردة كالمثلجات‪ ،‬أجمل من فصل‬ ‫الماء يصبح ذو مذا ٍ‬
‫صيف‪.‬‬
‫داخل حكاية خفية أغنيةٌ عن شهر ديسمبر‪ ،‬دائما ما تدور في رأسي لكني قد‬
‫نسيتها أتذكر بيها أرنب يتغير لونه إلى األبيض‪ ،‬في هذا شهر وعندما ركزت‬
‫في هذا االرنب أنه حقيقي لقد تغير إلى األبيض الكتاب لم يكذب‪،‬‬
‫في وسط هذا الشهر كنتُ أتمتع بي رائحه المقاهي لشراب الساخن والموقد‬
‫المصنوع من حطب وفحم للتدفئة‪ ،‬واستمتاع البشر بالمالبس الشتوية‪.‬‬
‫وفي نهاية هذا الشهر سوف يأتي عام جديد‪ ،‬سيكون هناك كمية هائلة من‬
‫األمطار‪ ،‬وقد يتساقط الثلج‪ ،‬ويغطي المباني الضخمة‪ ،‬ونصنع رجل الثلج‬
‫الناس إلينا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ونستمتع مع اقرب‬
‫تحدث فيه االمتحانات‪.‬‬
‫(‪)36‬‬
‫|آالء بن ُمفتاح‬
‫ويظهر لنا قوس المطر‪ ،‬ونرجع برغباتي أمل وبفرح‪ ،‬مع‬
‫ُ‬ ‫تتباها فيه األلوان‬
‫برك الماء التي سببتها األمطار في طريق المدرسة‪ ،‬وتكبر الغيوم في‬
‫السماء‪ ،‬حتى تصبح رمادية اللون‪ ،‬ونسمع صوت رعدٍ‪ ،‬ونرى البرق‬
‫كصعق ِة كهرباءٍ وتغير لون الغيوم في غروب الشمس إلى األحمر القاتم‬
‫ُ‬
‫تبعث الى قلوبنا الفر َح والطمأنينة‪ ،‬وهذا ما يجعل من‬ ‫وكثير من هذه األشياء‬
‫هذا الشهر األجمل دائماً‪.‬‬

‫(‪)37‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ممطر‪ ،‬يذكرنا بأن الرحم الراحمين قريب‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫طقس‬
‫ٌ‬
‫لماذا الحزن‪ ،‬ودعائنا لهُ ربٌ مجيب!‬
‫|يقين الصديق قدورة‬
‫أُحبّك ديسمبر‬
‫مرحبا ً ديسمبر‬
‫هل تعلم سبب حبّي لكَ يا عزيزي؟‬
‫حسنا ً ‪،‬دعني أخبرك نبذةً بسيطة عن األسباب التي تكمن وراء حبي لك‬
‫أحبّك ألنكَ غنيمة العابدين فعند هطول أمطارك ندعوا هللا وكلنا يقي ٌن باإلجابة‬
‫ألن وقت نزول المطر هو موضع إجابة للدعاء كما قال نبينا محمد عليه‬
‫أفضل الصالة والسالم اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة‬
‫الصالة ونزول الغيث)‬
‫وقال أيضاً‪ ( ::‬اثنتان ما تردان ‪ :‬الدعاء عند النداء ‪ ،‬وتحت المطر )‪.‬‬
‫فندعوا هللا بكل آمالنا وأحالمنا متمنيين تحقيقها‪..‬‬
‫ب أقل طمعا ً في‬‫ونهارك قصير فنستطيع أن نصوم أياما ً أكثر بجهد وتع ٍ‬
‫رحمة هللا وغفرانه راجين من هللا أن يدخلنا من باب الريان في الجنة‬
‫وليلك طويل فنصلي فيه ركعات قيام الليل نناجي فيها ربنا تبارك وتعالى ال‬
‫يرانا غيره فهو سبحانه ينزل كل ليلة ليستجيب كل أمنياتنا التي تكون على‬
‫هيئة دعوات نابعة من القلب مليئة بالدموع الصادقة رغبةً وطمعا ً في وجه‬
‫ربنا الكريم حيث يقول لها تبارك وتعالى كن فتكون كما قال في كتابه العزيز‬
‫(بديع السماوات واألرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون)‬
‫وقال أيضا ً تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا ً وطمعا ً ومما‬
‫رزقناهم يُنفقون)‪.‬‬
‫حسنا ً يا عزيزي سأخبرك اآلن بسبب آخر وراء حبي الكبير لك أال وهو أنك‬
‫آخر شهور السنة القمرية ودائما ً ما تكون النهايات جميلة ُمفعمة بالحيوية‬
‫والنشاط واألمل والتفاؤل فنحن نعلم أنه بمجرد دخولك علينا نبدأ في الحماس‬
‫الرهيب لتكون األفضل فنجلس لنحاسب أنفسنا ماذا فعلنا في اإلحدى عشر‬
‫شهراً التي سبقتك هل حققنا أهدافنا فيها هل كانت مثل ما يجب أن تكون هنا‬
‫نقف هذه اللحظة نفكر ونفكر ماذا علينا أن نفعل؟!حينَئِ ٍذ نعلم ونتيقن أننا وجب‬
‫(‪)37‬‬
‫|يقين الصديق قدورة‬
‫علينا أن نستدرك أخطائنا ونصححها ونتغلب على عيوبنا ومساوئنا ونحاول‬
‫ب‬
‫تحقيق معظم أهدافنا إن لم تكن جلها حتى نبدأ السنة الجديدة بأخطاءٍ وعيو ٍ‬
‫ت أكبر وأجمل وأكمل فنبدأ من جديد بعزيمة‬ ‫وأحالم وطموحا ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أقل وبأهدافٍ‬
‫ت محدد وأقل أال هي ثالثين يوما ً وهو عدد‬ ‫جديدة ولكن هذه المرة في وق ٍ‬
‫أيامك يا عزيزي‪..‬‬
‫وكما نعلم أن العبرة بالخواتيم والعبرة بالنهايات فأنا أحرص وأجتهد أن‬
‫شهر في كل سنة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أجعلك أجمل‬
‫هذا سبب حبي لكَ يا شهري المفضل (ديسمبر)‪.‬‬

‫(‪)38‬‬
‫|سجى محمد‬

‫الطقس في ديسمبر هكذا؛‬


‫ِ‬ ‫ت‬‫تتشابهُ روحي مع حاال ِ‬
‫ط من جوفي قطراتُ األمل‬ ‫المزاج احيانا ً فـتارةً‪ ،‬تتساق ُ‬
‫ِ‬ ‫هكذا انا‪ ،‬متقلبةُ‬
‫بالغبار‪ ،‬وابقى في انتظار العاصفة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وتارةً أخرى يمتل ُ‬
‫ئ جوفي‬
‫|مريم الربيعي‬
‫ديسمبر|‪٢٠٢٠‬‬
‫عزيزي ديسمبر‪ ،‬أُحبكَ أما بعد…‬
‫األحب لقلبي ِمن بين الفصول األربع‪ ،‬هذ ِه السنة انتظرتُكَ‬
‫ُ‬ ‫إنك الفصل‬
‫كثيراً‪ ،‬انتظرتُك ِمن يناير حتى نوڤمبر؛ حتى اعترف لكَ بمصداقية ُحبي‬
‫لك‪ ،‬أتعلم ِلماذا أُحبك؟‬
‫إلنك خالل زيارتك لنا ُكل سنة والتي ُمدتها واح ٌد وثالثون يوماً‪ ،‬يأتي معكَ‬
‫أشباهي األربعين…‬
‫أتت‪ ،‬إنني أراها‪ ،‬انها الغيمةُ البيضاء‪ ،‬وهاهي ذي ارتدت ثوبا ً يلي ُق‬ ‫ها هي ْ‬
‫ِبديسمبر‪ ،‬ثوبا ً أسوداً‪ ،‬ارتدت سيد األلوان حتى تكون بإطالل ٍة جذابة‬
‫و ُمختلفة‪ ،‬وفي الحين ذاته ارتدتهُ ايضا ً حتى تُشارك في طقوس العزاء مع‬
‫قلبي؛ وتواسي ِه لفقد ِه احبتهُ‪ ،‬وتخبرهُ بأنهُ ليس ِمن السيء أن لونهُ باتَ‬
‫أسوداً‪ ،‬فتقول‪ :‬يا قلبا ً أنا شبي ُهتك‪ ،‬بيضا ٌء ِمثلكَ تماماً‪ ،‬ولكن ِمن شدةِ الكب ِ‬
‫ت‬
‫أُثقلتُ بِما ال قوةٍ لي على حمل ِه‪ ،‬وما ال قوةٍ لي على حملهُ كان ال قوةٍ لهُ؛‬
‫ُلبس‬
‫داخلنا‪ ،‬وما مات يُدفن‪ ،‬وما يُدفن ي ُ‬ ‫ِببساطة إلنها كانت مشاعر ماتت ِب ِ‬
‫غيم‪ ،‬فَ ِل َم اليأس؟‬ ‫األسو ُد ِحداداً على موت ِه‪ ،‬أيا قلبا ً ّ‬
‫قوي العزم‪ ،‬انتَ شبيهُ ال ِ‬
‫أرأيتَ يوما ً غيم ٍة يائسة؟‪.‬‬
‫هاهو قَد جاء‪ ،‬انتظرناكَ كثيراً مرحبا ً يا مطر‪ ،‬جئتنا على هيئة غيثٍ‪،‬‬
‫دموع حارقة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وضممتَ دموعي معكَ فإنها كانت تُشبُ ُهكَ كثيراً؛ كانت‬
‫ومشاعر أُخرى جياشة‪ ،‬فَلَ ْم َي ُكن‬ ‫ٍ‬ ‫دموع ُحزن وأسى وحنين وشوق‬
‫سالم‪ِ ،‬من شدتها ظننتُ العين تنزف دماً‪ ،‬ولكنها‬ ‫بمقدورها أن تُذرف بِ ٍ‬
‫اخبرتني أن ال بأس أنا شبيهةُ غيث‪ ،‬تبرعنا انا وهو ِبطرد ما كبتهُ القلب‬
‫والغيمة‪ ،‬فقد زاد الثق ُل عليهما‪ ،‬فأبينا ِبتخفيف ِه عن ُهما‪.‬‬
‫دموع‬
‫ِ‬ ‫أتت‪ُ ،‬م ِري ُحبا ً ياديمة‪ ،‬شبيهت ُ ِك‬
‫خفيفة لطيفة تُبه ُج الروح‪ ،‬هاقد ْ‬
‫الفرح قَد انتظرت ُ ِك كثيراً؛ لطالما كانت دموعُ السرور وال َمسرة‪ ،‬خفيفةُ‬
‫الظل‪ ،‬يألفُ َها الفؤادُ‪ ،‬تغ ُمرنا ُحبا ً وفرحا ً على هيئ ِة قُشعريرة‪ ،‬وفي طيتها‬
‫كمطر ال ّدِيمة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وافر كثيراً‪ ،‬تماما ً‬
‫ٌ‬ ‫تحم ُل لنا ٌ‬
‫خير‬
‫(‪)39‬‬
‫|مريم الربيعي‬
‫أحبابي أشباهي‪-‬برق ورعد وضباب وعاصف‪ -‬كان وال زال العقل شبي ُهكم‬
‫الرعب في جسدي‪ ،‬إن فرض سيطرتهُ ال قوةٍ‬ ‫الخامس؛ افكارهُ تُثير ُ‬
‫ألعضاء الجسد على دحرهِ‪ ،‬تفاصيلهُ ُمشابهة لتفاصيل ليل ٍة عاصفة ضيوفها‬
‫بر ٌق ورعد وضباب‪.‬‬
‫ب ُكل َمن تحدثتُ‬ ‫لطالما كانت كلماتي لها رون ٌق خاص؛ فكانت خالدة في قل ِ‬
‫اليه‪ ،‬وراسخة في ذاكرة ُكل َمن قدمتُ لهُ النُّصح‪ ،‬ولكنها لم تُقدم لي شعوراً‬
‫ستمع اليها؛ تماما ً كـشمس ديسمبر تُقدم الدفء ِل َمن‬
‫ِ‬ ‫ُمماثِالً كالذي تُقدمهُ لل ُم‬
‫حولها‪ ،‬ويعجز َمن حولها ِلرد ِه لها‪.‬‬
‫ْ‬
‫وأنبتت في ديسمبر‪،‬‬ ‫أخراً ِتلك البذرة التي ُزرعت في مايو‪،‬‬ ‫اخيراً وليس ِ‬
‫ستُزهر في مارس‪ ،‬كانت ُمشا ِبهة لطموحي‪ ،‬طموحي الذي اسقي ِه‬ ‫و َ‬
‫بالدعاء‪ ،‬كما تُسقى النبتة بالماء‪ ،‬فـتُثمر‪ ،‬وأجني ثِمارها‪.‬‬
‫عزيزي ديسمبر كان هذا اعترافا ً ِمن ضمن االعترافات التي نويتُ اخباركَ‬
‫نوي أن‬
‫بحور ِمن االعترافات‪ ،‬أ ّ‬
‫ٍ‬ ‫بِها ‪،‬وهذ ِه ليست النهاية‪ ،‬فُهنالك بِقلبي‬
‫أُخبركَ اياها‪ِ ،‬في ُكل سن ٍة تزورنا فيها‪.‬‬
‫أُحبكَ ديسمبر‪ ،‬أُحبكَ يا ضيفا ً تحم ُل بطيتكَ اشباهي األربعين‪.‬‬

‫(‪)40‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ُ‬
‫احادث نفسي‪ ،‬لعلى األمل قريبٌ‬ ‫بعيداً عن أعي ِنكم‪،‬‬
‫الحزن سببها انتَ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ولعلك اخذتهم عند رحيلكَ ‪ ،‬واحاتٌ من‬
‫|انوار علي‬
‫رحيالً بال عودة‪ ،‬قصة ديسمبر‬

‫خالي ِمن ال ُموعد‪ُ ،‬مفيضا ً ِمن ُ‬


‫شعور‪ ،‬متُنصف من أوراق الخريف‪،‬‬
‫أن يُحل ُمحله حتّماً‪!،‬‬
‫غير قابالً ِلتكرار‪ ،‬ثابتا ً بي‪ ،‬ال يمكن المتزعزع ّ‬
‫‪ -‬الساعة الرابعة فجراً‪ ،‬خلف نافدة ُمحملة زخات المطر النقية‪ِ ،‬بجانب‬
‫العديد من ر ُكوة للقهوة‪ُ ،‬كنت قد أعلنت ‪-‬ضعفي‪-‬‬
‫ل ُحافي شارد‪ ،‬غير قابل بأننّي على استعداد ألرتّاح ولو قليالً‪ ،‬أتُحاور مع‬
‫بأن يقُتلني موتا ً بطيئاً‪ !،‬بال جدوى‪،‬‬
‫نفسي وتتساقط أدمعي كحّريق عالن ّ‬
‫بدالً من تبادل حنينا ً بيني وبينك‪ ،‬بدأت ُكل نهاية اليوم أتّأمل ُ‬
‫صورتك‪،‬‬
‫شعور ِبكلمة ‪-‬اشتقتك‪!-‬‬ ‫علن لبّاقة ال ُ‬
‫وتتسّع حدّقة عيني وأ َ‬
‫اشتقتك جداً‪ ،‬أ ُحبك فيضاً‪ ،‬أعشقك هُوساً!‬
‫أننّي معلن فُؤادي يُحمل لك فيض الشعور ُكل ّمرة‪ ،‬ولكننّي!‬
‫وتحت سقف ُخذالنك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ِبجانب آمالي ال ُمنطفئة‬
‫ُكنت على مشارف انطفاء الشغف لوصول حدّة شعورها ألقصاها‪ُ ،‬كنت‬
‫إمرآة ضعيفة ِمن رحم ُحبك‪ُ ،‬كنت أستنّد على نفسي وراء كل ِخصام ‪-‬‬
‫فراغ‪ -‬يُصدر ِمنك!‬
‫لربُما ُكنت أالُحق عواطفي وقلبي دون تركيز‪ ،‬حتى ‪-‬وقعت‪ ،-‬تّاهلل الذنب‬
‫ّ‬
‫رقيق ُحروب ُمعلنة إلظهار قوته صادرة ِمن‬ ‫ب‪ ،‬ف ّما وراء ُكل قلب‬
‫ليس ذن ِ‬
‫تعب واآلالم ال تحصى والتُعد‪.‬‬
‫لطال ّما ُكنت أ ُحافظ على جميّع تفاصيل ِبداية ّمسارنا الذي ْ‬
‫كان يُالحق‬
‫ضّجيج فُؤادي مٍ ن الخا ّمس والعَشرين‪ ،‬سنة الثامن عشر‪ ،‬لربّما لم أ ُحظى‬
‫صوتك كان من أعظم النوتات ال ُموسيقية‬ ‫أن أبُوح لكَ يوما ً من األيام أن ُ‬
‫صدر وتعبئ فجوة األلم التّي تراود ُجوف ُ‬
‫روحي‪،‬‬ ‫التّي ت ُ‬
‫(‪)41‬‬
‫|انوار علي‬
‫لطال ّما كان تاريخا ً الرابعة من إِبريل أح ّد تفاصيلكَ أنتَ ‪ ،‬عنّدما نطقت‬
‫ِبعبارة التّي تقولها كما أنتَ و ِبلغتك!‬
‫ال أعلم وبالفصاحة تعّي " آيلي‪ ،‬علقّيها على مزمار ُحنجرتك‪ ،‬أقفلي قلبك‬
‫وحبيني أكثر "‬
‫بك!‬
‫أ ُح ِ‬
‫ُكنت أقُول في داخلي دون البُوح لكَ وتّاهلل أننّي أحُبكَ ح ّد الوجع‪،‬‬
‫في ليلة من الليّالي تغيبت أياما ً ُكنت قد تُنجز فٍيها مستوى دراستك التّي‬
‫ّ‬
‫ولكن!‬ ‫ظروف الصعبة‪،‬‬ ‫كانت على عاتّق ال ُ‬
‫ب ّ‬
‫طريقة ما!‬
‫ُكنت أرافقك دائما ً في دُعاء تحت ُ‬
‫سطوع الليل البارق‪ ،‬عندما تستلقي ُكل‬
‫أحزانك وماتفكر به حيّال ذلك!‬
‫صرارك عن نطق كلمة " أ ُحبك " ٍبطالقة!‬
‫في خصامنا الغير ُمتوقع‪ ،‬في إ ّ‬
‫أجيبي‪ ،‬إنه ُحب‬
‫ولكن! اندفعت مني ابتسامة ساخرة بريئة متناقضة ِلقولك " ِ‬
‫طرف واحد "!‬‫من ّ‬
‫نطقت بِكل ّمة " بِالطبع ال "‪ ،‬وداخلي يقول كما ولو جميع أجزاءي قد‬
‫اشتعلت من فرط حنينها لكَ ‪ ،‬أعلم بأنّني أ ُحبك بِعمق ُمترفاً‪ ،‬بِهائل بساطة‪،‬‬
‫ِبسرد وبحكمة‪ِ ،‬بقلب صادق سيكون ُمحبا ً لك بطريقة م ُميزة‪ ،‬نادرة جداً‪،‬‬
‫كما ولو أنّها ‪-‬رائعة‪ ،‬باهرة جداً‪-‬‬
‫ّ‬
‫ولكن!‬
‫بطريقة ما‪ ،‬بموقفٍ عابر‪ ،‬بطالقة حديثك‪ ،‬بِسخريتك‪ ،‬بِكل ما تحمل!‬
‫رحّلت بال وعي‪ ،‬وكان رحيالً ‪ِ -‬بال عودة‪-‬‬
‫بَعد ُمرور عدّة أشهر!‬
‫ُكنت قد تأقل ّمت على روتين حياتي دُونه‪ ،‬أستيقظ صباحا ً بابتسامة إلقبال‬
‫(‪)42‬‬
‫|انوار علي‬
‫جروح‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ب وشغف‪ ،‬لتض ّميد‬
‫إنجاز ألتجاوز‪ ،‬إلقبال مسؤولياتي ِبكل ح ِ‬
‫ب للحياة ُمجدداً‪ ،‬ألطوي صفحات اشخاصا ً ال يستحقون نقاءي‬ ‫علن ُح ِ‬
‫أل ُ‬
‫والذين يسببون لي الضرر أكثر من النفع‪ ،‬أنت من بينهم‪ ،‬أنتَ جداً بِترف‬
‫أقولها لكَ ‪-‬ال تستحق أحداً أن يُقيم عليك الحرب‪ -‬حتى التّجاهل كثيراً عليك‬
‫مرحب لكَ ‪ ،‬أعلم بأن التّناقض تجرع مسار حياتي‪،‬‬
‫ً‬ ‫في بعض األحيان‪ ،‬فال‬
‫ولكنّك!‬
‫خذلتني ح ّد اإلنطفاء‪ ،‬وبالرغم من تّرف ال ُحب الذي يحمله فؤادي لكَ ‪ ،‬ك ّما‬
‫لفرط حنينا ً لكَ ‪ِ ،‬خالل مسّيرة السّالم‬
‫أن كل يُوم ستنذرف دُموعي ّ‬ ‫ولُو ّ‬
‫صا ً التّهم قوانين العشق معكَ ‪،‬‬ ‫سأدون لكَ كيف ستعيش دُون شخ َ‬ ‫ّ‬ ‫الداخلي‬
‫وكا ّد ِمن كثّر األلم الذي يتّلقاه ِمنك تكرار كل حدّث‪ ،‬فراغ ُمتراكم وما‬
‫سيحدث ب َعده كان شعُوراً ال يُوفي ِبالغرض‪،‬‬
‫أن تعتني بِنفسك وأنتَ حذراً من ضّرر األشخاص واألحداث‬ ‫أُريدك ّ‬
‫وأزهر التُدع لذّبول أوراق الخريف ّ‬
‫أن تُالحقك‪،‬‬ ‫َوالكثير يُالحقك‪ِ ،‬‬
‫وأُرسّمني َ‬
‫على أننّي ُحلما ً عبّر من ِسناء ُواحاتّك ‪.‬‬
‫‪ ٢٤‬ديسمبر ‪١١:١١ – ٢٠٢٠‬‬

‫(‪)43‬‬
‫|سجى محمد‬

‫احيانا ً يجتم ُع الجمي ُع على ح ِ‬


‫ب شيءٍ ال أحبهُ‪،‬‬
‫عتمةٌ‪.‬‬
‫نور‪ ،‬وانا لفقري ُ‬
‫انتم ترونَهُ ٌ‬
‫|مالك الشريف‬
‫{مرحبا ديسمبر اتمني ان يكون قدومك خير علينا ف نوفمبر قد اخذ كيفايته في‬
‫اذيتنا }‪.‬‬
‫هذي احد البوستات من المالين التي وجدتها اثناء تصفحي لألنترنت يا ال‬
‫تفاه ِة بعض البشر يطلبون الخير من شهور يا لهم من حمقى‬
‫قطع تفكيري صوت التلفاز الذي ينذر بعاصفة قويه حسنا يجب علي‬
‫اغالق المحل مبكرا اليوم و العودة للمنزل كي ال اتجمد من البرد‬
‫هممت في اغالق المحل و عند خروجي لمحت سيد هملثون يستعدوا‬
‫للرحيل ايضا‪.‬‬
‫انه رجل وقور يعمل في مقهي صغير يقابل محلي حين رائني قال مبشراً‬
‫_ اليس شتاء رائعا ي لوكي‬
‫=بطبع اذا كنت تحب أن تتجمد أطرافك من البرد‬
‫_ال تكوني بائسه ي فتاه‪،‬‬

‫يا االهي كم اكرهُ الشتاء‪.‬‬


‫ت الناس لهُ ال اعرف فيما‬
‫فالجو القارص جدا كم انني اتعجب من محب ِ‬
‫يعجبهم نضرتُ الى ساعتي ثم هممت برحيل يجب ان اصل للمنزل قبل‬
‫السادسة فعلي المرور علي البقالة لي شراء بعض االحتياجات واال سأنام‬
‫اليوم بال طعام‬
‫أتمشى في الطرقات حين لمحت فتا ً صغيراً من الممكن ان يكون في‬
‫ٰ‬ ‫كنت‬
‫سابعة من عمره‪ ،‬كان حافي القدمين ذو مالبس مهتريئة و ممزقه كان‬
‫يرتعش من شدت البرد تذكرت احد المقوالت التي قرأتها عن بشاعة هذه‬
‫السنه و اشد ما ابشع بيها هوا ارتعاش الفقراء الحظت بانه شارد ذهن‬
‫حيث كان ينضر الي طرف االخر من شارع الي طفل اخر يبدو انهما من‬
‫العمر نفسه ولكنها مختلفان فهذا كان علي هيئه اعلي من ممتازة و يرتدي‬
‫(‪)44‬‬
‫|مالك الشريف‬
‫من اجمل ثياب و صوت ضحكه يعلو في شارع كان يجلس في دفئ بين‬
‫والديه يتناول بعض المقرمشات وال يخلو األمر من بعض المداعبات‬
‫األبوية ابتسمت علي منظره تم وجهت نضري الي ذالك الطفل الفقير‬
‫شعرت بنوع من شفقه عليه في حين أنه يرتعش من البرد و سيموت من‬
‫فرط وزنهً اين هي العدالة‪ ،‬رفعت نضري لي‬ ‫ِ‬ ‫جوع‪ ،‬وذاك سيموت من‬
‫سماء ي رباه اين عدلك االتراهم يعانون من الفقر في حين ان غيرهم لديهم‬
‫من فائض من النعم التي ال يقدرونها‪ ،‬تنهدت تم ادخلت يدي في جيبي‬
‫حين فقدت االحساس بهما من شدت البرد نضرت للطفل نضرة اخيرة‬
‫مسكين انه يلعق شفاهه من الجوع تنهدت اخذت بعض نقود التي كانت كل‬
‫ما املك حاليا ً اعطيتها له شعرت بسعادة حين رئيت لمعه عينيه شكرني و‬
‫هم في رحيل ابتسمت علي منظره مساكين هم الفقراء تنهدت للمرة المئة‬
‫في هذا اليوم الكئيب‪ ،‬حسنا البأس سأنام اليوم بال طعام اكملت سيري و انا‬
‫افكر لماذا يحبون شتاء ان اجوائه موحشة و الوانه غامقة وكئيبة خاليه من‬
‫البهجة و ذالك البرد القارس و اصوات المخيفة للبرق و الرعد و كذالك‬
‫تلك التالل البيضاء التي تعيق طريقنا و األنفلونزا الغبية التي ستالزمنا‬
‫طول شتاء ي إالهي كم اكره المرض في شتاء الماضي اضطررت لي‬
‫مالزمه الفراش اسبوع كامال قطعت تفكيري عند مروري من شارعي‬
‫القديم اجتاحني نوبع من الحنين الى الماضي يا إالهي كم هوا مليئ‬
‫ت هناك بجنب المنزل العم روبت هناك كنت العب انا و اطفال‬ ‫بذكريا ٍ‬
‫جيران نعم أتذكر حين ضربت لينا ابنت العم زيكو فقط ألنها هدمت قصر‬
‫ثلج خاصتي حينها اتو اخوتها ك الوحوش لي دهس عظامي و هناك بيت‬
‫دكتور االسنان سيد محمد كم كنت اخف من ذالك رجل انه رجل عصبي‬
‫جدا ال انسى يوم دهس قلعه الثلج الخاصة بي اوالد عمي عمار يومها اتفق‬
‫شارع علي االنتقام منه فرجموا منزله بالحجارة و كسرو بعض‬ ‫ِ‬ ‫اوالد‬
‫الزجاج و عندما خرج رموا عليه كرات ثلج و لي تعاس ِة حظي لم يلمح من‬
‫الفتيه اال انا اتذكر ما حدت بعد ذالك عوقبت بطريقه شنيعة و خاصة‬
‫عندما اتفق جميع الفتية علي اني صاحبت الفكرة كم اكرههم‪،‬‬
‫(‪)45‬‬
‫|مالك الشريف‬
‫هززت راسي عندما اجتاحته الكثير من ذكريات وعندما و صلت الي نهاية‬
‫الشارع رأيت شجره المقابلة لمنزل عمي علي ي الهي وقفت من هول ما‬
‫رأيت تلك شجره كان معلم من معالم طفولتي كم كنت مسحورة بجمال‬
‫اوراقها و الورود التي تغطيها كان منظرها ساحرا و ها هيا االن عاريه‬
‫عارية تمام بعد ان تساقطت كل اوراقها كم اكره هذا الفصل فهو يهدم‬
‫جمال الطبيعة قطع صوت فكري لي رانيا ابنت العم علي‬
‫_اما زلتي تحبين هذه الشجرة‬
‫=كيف ال و ذكرياتي الجميلة محفورة في كل جزء منها‬
‫_كم احب الوفاء الذي بك حتي االشجار ال تتخلين عنها‬
‫=حبيبتي نحن مدينون لكل شيء في هذا الكون كان سبب يوما في ساعدتنا‬
‫فهذه شجره كانت ملجئ الوحيد و مكاني المفضل لقد كنت أفضل البقاء هنا‬
‫اغلب االوقات لذي ذكريات كثيرة هنا‬
‫_اتعرفين كثيرا ما كان ابي يكرر يوم تعرفكما حين وجدك هناك تبكين‬
‫ضحكت بصوت عالي كم احب العم علي‬
‫=كم احب والدك كثيرا فلقد كان اقرب الي من والدي لطالما اعتبرته ك‬
‫ابي‬
‫احسست بالحزن الذي اجتاحها فلقد توفي العم علي في مثل هذا طقس‬
‫الكئيب حاولت تغير مسار الحديث؛‬
‫= كم انني اكره الشتاء‬
‫_الشتاء! اتعرفين الشتاء كلمه بارده تمر علي مسامعي ما ان اسمعها حتي‬
‫تثور بداخلي مشاعر الحزن‬
‫مرت لحظات صمت بيننا كان األفكار و األفكار فقط هي محور كل ما‬
‫يحدث‬
‫(‪)46‬‬
‫|مالك الشريف‬
‫ثم سمعت صوت رنا حين قاطعت صمتنا‬
‫_ لما هذية التشاؤم ي جميالت لماذا ال تكونن مثلي حين يأتي هذا الفصل‬
‫اجمع حطام قلبي احرقه لتدفئتي‬
‫ضحكنا علي سخاف ِة ما قالت فدعوني لتناول العشاء اعتذرت لهم و هممت‬
‫للرحيل‬
‫الزال موت عمي علي مسبب اثرا كبيرا في حياتهم شرعت بشي ساخن‬
‫علي وجهي تبا هل ابكي موته لم يسبب شرخا في اسرته فقط قد سبب‬
‫دمارا و حطما في حياتي كم اكرهه هذا الفصل العين و بعد صراع مع‬
‫افكاري و ذكرياتي دخلت اخيرا الي شارعي صرت انضر لألطفال‬
‫يلعبون و يضحكون سعيدين بهذا االجواء و خاصه بعد بداية نزول المطر‬
‫صحيح اني اكره شتاء و لكني فعال احب المطر أشعر بسعادة و كانه ينزل‬
‫لكي يغسل كل الهموم و البئس الذي بقلبي رأيت فتاه صغيرة ترقص‬
‫بمهاره تحت المطر ترقص و تلهو و كأنها تؤدي سفونيه ما جذبت انتباهي‬
‫تذكرني نوعا ما بطفولتي كم كنت احب رقص تحت المطر شعرت بنوع‬
‫من سعادة لهذه ذكرا اكملت سيري حين رأيت مجموعه االطفال متجمعون‬
‫سمعتهم يتحدثون عن معركه الثلج التي ستدور غدا او بعد غد ضحكت‬
‫تذكرت اخوتي عندما كانوا بسنهم كانوا دائما يتسلحون من اجل هذا اليوم‬
‫فيشترون بمصروفهم جميع انواع الحلويات كمؤونه لحربهم مع اطفال‬
‫الجيران كان اقصي احالمهم ان ينامو بقلعه الثلج اكملت سيري الي بوابه‬
‫المنزل و حين اردت ان اصعد الساللم تزحلقت و وقعت و جدت االطفال‬
‫يضحكون و يهربون العنه عليهم نهضت و قد امتلئت كل مالبسي بطين‬
‫كنت غاضبه غاضبة كثيرا ثم انفجرت من الضحك ضحكت و ضحكت‬
‫بشدة حين تذكرت دكتور محمد كان منظرة هكذا أو أكثر بشاعة كنا دائما‬
‫ننتظر بدأيه ديسمبر لننتقم منه فنسكب بعض زيت علي عتبت الباب او‬
‫بالقرب من سيارته و نهرب انا و رانيا و رنا و نحتمي بشجرتهم خوفا من‬
‫يرانا فيشي بنا مسحت دموعي فوجئت بالناس يتفرجون علي و يتهامزون‬
‫=ماذا ال يحق ليا الضحك‬
‫(‪)47‬‬
‫|مالك الشريف‬
‫سمعت احد االطفال و اضن بانه من سكب زيت‪ ،‬يقول؛‬
‫_اظن بانها مجنونة‬
‫ضحكت و دخلت للمنزل حسنا اعتقد بانها العدالة اإللهية قد نزلت اتمني‬
‫من كل قلبي ان يسامحني العم محمد علي كل فعل شنيع قمت به ضحكت‬
‫مجددا رميت مفاتيحي علي الطاولة اضن بانني احتاج الي حمام دافئ‪،‬‬
‫عند خروجي من الحمام استمر الجرس برنين بشكل مزعج العنه علي‬
‫االطفال ما بالهم اليوم عندما فتحت الري الطارق تفاجئت بسيده ريما التي‬
‫تسكن بالقرب من منزلي ممسكه بي ابنتها صغيره من اذنها اضحكني‬
‫شكلها‪،‬‬
‫_هيا اعتذري من األنسة لوكي‪.‬‬
‫_اسفه سيدتي اعدك لن اكرر ما فعلت‪.‬‬
‫ضحكت بشده ودعوتهم للدخول لألسف لم يكن لدي سواء قطعتين من‬
‫شوكاله التي كنت اريد ان اشد بها جوعي قدمتها لهم و جلسنا لتبادل‬
‫أطراف الحديث‪،‬‬
‫كررت سيده ريما اعتذارها مجددا و اوضحت ليا انها تشعر باألحراج من‬
‫تصرفات ابنتها‪،‬‬
‫=ال داعي لتكرار اعتذارك سيدتي انني لست بغاضبة منها ثم اتعلمين‬
‫اشعر بان ما فعلت يسمي بي انتقام القدر فلقد كنت افعل ابشع من ذالك لي‬
‫جيراني عندما كنت بسنها‪،‬‬
‫ضحكت سيده ريما تم اعتذرت للمرة األلف علي فعلت ابنتها وهمت‬
‫برحيل‪،‬‬
‫ذهبت لي احضر لي نفسي شيء ساخن للشرب و بما انني لست من عشاق‬
‫سحلب اكتفيت بكوب قهوه و ارتميت علي األريكة لي استمتع ببعض نقاها‬
‫مع كتبي كم احب قراءة الكتب في شتاء و خاصه كتب محمد طارق‪،‬‬
‫(‪)48‬‬
‫|مالك الشريف‬
‫و بعد القليل من الوقت سمعت طرق الباب مجددا قمت بفتح الباب ف اذا‬
‫بهما بي ابناء سيدة ريما مجدداً و قد قدموا الي بعض الطعام الذي اعدته‬
‫والدتهم شكرتهم كم تعجبني سيده ريما ال اضن انها تجاوزت الثالثين تقوم‬
‫بصنع الطعام المنزلي و بعض الكيك وبيعه بعد وفاه زوجها إثر حادث‬
‫مروت انها امرأة مثاليا فهي ام لطفلين و تقوم بي اعمالها بمهاره و كذالك‬
‫تربيه أطفالها‪ ،‬كم تذكرني السيدة ريما بشارعي القديم فلقد كانت من عادتنا‬
‫الجميلة ان نود بعضنا بما طهونا شكرا للرب علي االقل لن انام اليوم و انا‬
‫اتصارع مع معدتي‪ ،‬عدت لألريكة و انا افكر حسننا ال يبدو شتاء بهذا‬
‫سوء فمازالت المحبة موجودة في قلوب الناس و كذالك ال باس بي بعض‬
‫الراحة من العمل و جلوس و االسترخاء كما ان اكوام ثلج تلك جميله جدا‬
‫و يمكنني مشاهدة األطفال غداً و هم يتقاتلون‪.‬‬

‫(‪)49‬‬
‫|سجى إبراهيم‬

‫شهرا عاديًا ديسمبر شهر الوقوع في ال ُحب وها انا ذا أحُبُّ‬


‫ً‬ ‫"ديسمبر ليس‬
‫نفسي ألنّها تستحق"‬
‫|سجى إبراهيم‬
‫شهري األحب الذي تعود في ِه نَبضاتُ قلبي للخفقان من جديد‪ ،‬بعدما أرهقتها‬
‫َ‬ ‫مرحبًا يا‬
‫األيام واألآلم ‪،‬‬
‫لياليكَ الباردة يا ديسمبري ت َض ُمني ض ًما إليها‪ ،‬و تُضمد جروحي وآالمي و تحيي‬
‫كسورا لم أكن‬
‫ً‬ ‫أحالمي وآمالي تُرجعني إنسانةً من جديد بعدنا تلقفتني األيام وكسرتني‬
‫اظنها ستجبر يو ًما أردت إخبارك بأن ديسمبر هذا سيغدو خاليًا منه لن نسهر حتى‬
‫الصباح نتسامر األحاديث ونتغزل في بعضنا‪ ،‬لم نتبادل األغاني رغبةً منّا في التعبير‬
‫عن مشاعرنا بطريق ٍة لطيفة ك تلك ‪ ،‬ولم نعد نُرسل لبعضنا األشعار التي المستنا ولن‬
‫نتشارك الهموم مرة ً أخرى ولم نعد نتشاجر ثم بعد دقيقتين نعود نتسامر وكأن شيئًا لم‬
‫يحصل !‬
‫ديسمبر هذا أقضيه وحدي بين ُكتبي وأشعاري أشكو لها مالم أستطع البوح به ألحد‬
‫كثيرا‬
‫ً‬ ‫صا يعبر عنّي فأنهمر باكيةً ال أجد سبيالً للتوقف ف لقد صمدت‬ ‫‪،‬تارة ً أقرأ ن ًّ‬
‫حتى ظن الجميع بأنّي قاسية وال أنكسر بسهولة وأنا التي تُبكيني أغنية حزينة وحتى‬
‫مشهدًا في فيلم !‬
‫يجبرني بطريقة او بأخرى‬ ‫ُ‬ ‫ديسمبري هذا بالرغم من ال ُحزن الذي يعتريني اال أنّه‬
‫كوبٌ من القهوة وكتابٌ كفيالن بجع ِلي أسعد من في الوجود مع قطرات المطر التي‬
‫شعور ما زلتُ أَكنُه له‬
‫ٍ‬ ‫تتساقط بغزارة وال تجد سبيالً للتوقف كأنّها تغس ُل قلبي من أي‬
‫فهي‬
‫أستبشر بها َ‬‫ُ‬ ‫! كأنّها تجردني من مشاعري وال تجعلني أحبُّ شيئًا غيرها دائ ًما ما‬
‫ليست شيئا عادية بالنسبة لي فما أن تبدأ هي في التساقط حتى أهرع انا في الدعاء ف‬
‫إيماني الشديد بأن كُل ما أدعيه في تلك اللحظة سيُستجاب ولو بعد حين كفي ُل بإسعادي‬
‫تفاصيل ديسمبر البسيطة تُرجع فيا ما قتلته األيام‬

‫(‪)50‬‬
‫|سجى محمد‬

‫ليالي ديسمبر طويلة للغاية‪ ،‬يكا ُد الحل ُم فيها يصب ُح‬


‫حقيقةً من كثرت ِه‪.‬‬
‫|منى السالم‬
‫ُحلم ِفي ديـسمبر‬
‫كـوبين قهوة‪ ،‬شَوارع البندقية "فينيسيا"‪ ،‬ويدي بيدك‪ ،‬لـطالَما تمنيـتُ أن‬
‫تـكون أول زيـارتي للبنـدقية بصحـبتكَ وهـا نح ُن ِ‬
‫نقضي شـهر عسـ ِلنا بـ َها‬
‫لـيجعـل ُحبـنا ِمن العس ِل شـهدًا نغـر ُق بـه‪...‬‬
‫ضر الطـاغي على المباني‬ ‫هـائمان بجـما ِلها اللون األخ َ‬
‫ِ‬ ‫شوارعها‬
‫ِ‬ ‫نتمشى في‬
‫كلون عينيك تما ًما أغـر ُق بـهما وال أري ُد النجـاة أبدًا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ب القهوة الدافئ فقلتَ ‪ :‬أتعلمينَ ما أجمل مشهدًا رأيتـه؟‬ ‫أخذتُ رشفـةً من كو ِ‬
‫قلتُ ‪ :‬ماذا؟‬
‫شفتيك ببـعض‬
‫ِ‬ ‫أجبتَ ‪ :‬ارتطـا ُم‬
‫روحي بكَ‬
‫ِ‬ ‫قلتُ ‪:‬‬
‫بك‬
‫أجبتَ ‪ :‬وهائِ ٌم ِ‬
‫وغرقنا معًا‬
‫حـاوطتني بيديك إلى أن وصلـنا قناة كـاتسيلو ركبنـا في الجندول ِ‬
‫في ُحب البندقيـة‪.‬‬
‫فتخطف قبلةٌ مليئة بالعُ ِ‬
‫نف‬ ‫ِ‬ ‫أُراقب ال َحـمام الذي يتطاير من ميدان سان بولو‬
‫شوقت ِه فـزادهُ الشوق عشقًا لها‪.‬‬
‫كانتقـام عا ِشقًا تأخرت عليه مع ُ‬
‫عذوبةُ شفتيكَ ‪ ،‬لمعةُ عينيك‪ ،‬ودف ُء ُحضنِك شعرتُ أننّي ولدتُ من جديد من‬
‫رحم أنثى‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ضلع ر ٌجل ال من‬
‫ِ‬
‫في نهـار تموز شديد الحرارة سألتنِي‪ِ :‬بماذا ترغبينَ يـا زهروينك‬
‫أجبتُك‪ :‬زهرتُك ستذبُل إن لم تتـناول جيالتي من "سوسو وينكو"‬
‫أنك ال تُحبين ِني لتطلبين‬
‫يرويك حبي أم ِ‬
‫ِ‬ ‫قضبتَ حاجبيكَ بغضب وقلت‪ :‬أال‬ ‫ِ‬
‫ي ال تذبلين؟‬
‫آيس كريم ك ّ‬

‫(‪)51‬‬
‫|منى السالم‬
‫بشرار من الغضب أجبتُك‬ ‫ٍ‬ ‫ض ُر عينيك تحـول إلى أحمر يتطاير‬‫في لحظة أخ َ‬
‫بابتسامة ُحـب‪ :‬أنا مزروعةٌ في تربة قلبك كلّما نب َ‬
‫ُض قلبكَ ُحبًا ِلي ارتويتُ‬
‫ليس لـروحي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ولكن الجيالتِي لمعدتِي َ‬ ‫أكثر فـأكثر‬
‫َ‬
‫واليوم ألبيتَ طلبي لكَ بقطع ِة جيالتي من سوس وينكو ويقودُنا الجندو ُل من‬
‫ت البندقية‪.‬‬
‫جديد في متاها ِ‬
‫قلتَ ‪ :‬يـاغيمتِي؟‬
‫ابتسمتُ للقَـب الجديد فأجبتُك‪ :‬ياسمائِي؟‬
‫ضحكتَ أنت و ِهمتُ أنا ِبها حتى قلتَ ‪:‬‬
‫ت زهرتي حتى أبدلتِي الهاء واو و الرا َء جي ٌم و آنستِي وح َدتي واليوم‬ ‫ُكن ِ‬
‫ت‬
‫ي ال ُحب واالطمئنان الحنانَ واالهتمام أن ِ‬ ‫ت غيمتِي تمطرينَ عل ّ‬ ‫أصبح ِ‬
‫النعمـة التي أدعو هللا ّ‬
‫بأن ال يحرمنِي منها‪.‬‬
‫ي‬
‫روحي بكَ أيّها الر ُجل الشرق ّ‬
‫ِ‬ ‫بعيون مليئ ٍة بالـدموع قلتُ ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بك أيتُها األنثى الغـربية‪.‬‬
‫قلتَ ‪ :‬هـا ِئ ٌم ِ‬
‫تتطـاير خصالتُ شعر ّ‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫الشمس‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫جسر التن ُهـدات وقتَ غرو ِ‬
‫ِ‬ ‫تحتَ‬
‫البـاردة قلتُ ‪ :‬أشعُر‬
‫ِ‬ ‫ي ديسمبِر‬
‫الكستنائي على كتفيكَ مع هبوب نسمات ليال ّ‬
‫بالبر ِد‬
‫واضعًا قُبلة أدخل ِ‬
‫ت الدف َء إلى‬ ‫ِ‬ ‫بعيناي‬
‫َ‬ ‫ق ووضعتَ عيناك‬‫نظرتَ إلى الشف ِ‬
‫حصلتُ‬
‫ألنعم براحـة لم يس ِبق ِلي أن ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫مدخال ِبي فِي وطنِي "حضنكَ "‬ ‫سدي‬ ‫ج َ‬
‫بمث ِلها‪.‬‬
‫صوتُ "جلين هانسرد" في أغنية "يوبيتو" وملوح ِة دمو ِعي أيقظتني من ذلكَ‬
‫األحالم "‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ي فقد ح ِلمتُ ونسيتُ أن "في ديسم ِبر تنت ِهي ك ُّل‬
‫الحلم البندق ّ‬

‫(‪)52‬‬
‫|سجى محمد‬
‫وفرح زع ٍل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب‪،‬‬‫ت كتابي‪ ،‬التي ُكتبت بِ ُح ٍ‬ ‫أخيراً‪ ،‬هل اكملت قراءةَ صفحا ِ‬
‫طقس ملي ٍئ‬‫ٍ‬ ‫ضفاف النهاي ِة‪ ،‬بعد‬
‫ِ‬ ‫حزن‪ ،‬وسعادة‪ ،‬االن نح ُن على‬ ‫ٍ‬ ‫ورضى‪،‬‬
‫ٰ‬
‫ب‪ ،‬غرقتُ في أعماقها‪ ،‬في يُمناي كوبٌ‬ ‫بالبرد‪ ،‬جلستُ اقرأ ُ كلما ٍ‬
‫ت كتبتها بح ٍ‬
‫الشمس على اإلشراق‪ ،‬وانا الزلت‬ ‫ُ‬ ‫ئ بالقهوة‪ ،‬الوقت متأخر جداً‪ ،‬اقتربت‬ ‫ملي ٌ‬
‫ألكتب احساسي‪ ،‬ألشر َح فرحتي‪ ،‬وآلمي‪ ،‬ال أعلم هل هناك أحد هُنا‬ ‫َ‬ ‫اقا ِو ُم‪،‬‬
‫لنغوص معا ً في‬‫َ‬ ‫االن‪ ،‬قرا َء طيات الكتاب جميعها‪ ،‬ووصل لنهاي ِة حديثي‪،‬‬
‫يقترب ويبتعد‪ ،‬حياة ٌ مليئةٌ بالتفائل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حياتي الديسمبريَّة؛ نو ٌم متقطع‪ ،‬وأم ٌل‬
‫واخرى اقاو ُم‪ ،‬حياة ٌ جميلةٌ؛ اثق دائما بأن دعواتي‬ ‫ٰ‬ ‫واليأس‪ ،‬تارةً اسق ُ‬
‫ط‬
‫ستجاب يوماً‪ ،‬مهما طال الزمن ستتحق ُق‪ ،‬وانها تستح ُق االنتظار كثيراً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ست ُ‬
‫ب على انهُ خطيئةَ‪ ،‬حتى يصل الحب ويطرق‬ ‫البشر دائما ينظرون الى الح ِ‬
‫أبواب قلوبهم‪ ،‬حينها فقط يعترفونَ ب ِه‪ ،‬دائما ً خوفنا المتكرر من هذ ِه البشر‬
‫ّ‬
‫ولكن كلماتهم‬ ‫س احساسنا في جوفِنا المعتم‪ ،‬نحر ُق أنفسنا ونتألم‪،‬‬ ‫يجعلنا نح ِب ُ‬
‫خاطئةً جداً‪ ،‬عندما كنت جالسة تحت الشجرة‪ ،‬بمالبسي ال ُمبتلة‪ ،‬لم يأتي أحد‪،‬‬
‫ويجملُها‪ ،‬يأتي‬
‫ِ‬ ‫أو يهتم بي أحد سواهُ؛ ذاك هو الحب‪ ،‬يأتي في جميع األوقات‬
‫في الضيق‪ ،‬وينزعه‪ ،‬عندما أشار الى قلبه‪ ،‬قائالً؛ فُزتي بهذا‪ ،‬أتعلمونَ لم‬
‫يعد يهمني الفوز فالمسابقة‪ ،‬أو صديقتي المنسية حتى‪ ،‬لم تعد تهمني حينها‪،‬‬
‫احتوى حزني‪ ،‬وطفولتي‪ ،‬وكسري‪،‬‬ ‫ٰ‬ ‫يشير الى موطني‪ ،‬موط ٌن‬
‫ُ‬ ‫شعرتُ انه‬
‫ع عيناي‪ ،‬وحده من يعلم حاالتَ مزاجي المتقلب‪ ،‬فقط من نبرةِ صوتي‪،‬‬ ‫ودمو َ‬
‫ت الجديدات‪،‬‬ ‫ولكن ال اريد ان انسى‪ ،‬حكايةً جديدة رسمتها مع كلتا صديقا ِ‬
‫ت حزني وفرحي ايضاً‪ ،‬اعلم‬ ‫لقب صديقةَ‪ ،‬وجدتهم في حاال ِ‬ ‫فعال استحققنَ َ‬
‫أنهما يقرأن االن‪ ،‬هُنا و هو‪ ،‬كلهما؛ احبكم‪.‬‬
‫فجوف البرد‪ ،‬اتمنى ان ينال‬ ‫ِ‬ ‫انتهى كتابنا الجميل‪ ،‬كتابٌ نقشنا أحرفهُ‬
‫ٰ‬ ‫واخيراً‬
‫َّ‬
‫اسمائهن‬ ‫إعجاب الجميع كما نال إعجابي‪ ،‬هناك العدي ُد من المبدعات نقشتُ‬
‫َّ‬
‫إبداعهن يستحق‬ ‫ألنهن‪ ،‬استحققنَ دائما ً اإلمكان العالية‪ ،‬الن‬
‫َّ‬ ‫أعلى الصفحات‬
‫ذلك‪ ،‬وايضا ً اعتذر إن كنت نسيتُ إحدى النصوص التي ارسلت َ‬
‫الي‪ ،‬اعتذر‬
‫النصوص ُحبا ً الى قلو ِ‬
‫ب القارئين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جداً ولكنني حاولت جم َع ِ‬
‫اكثر‬
‫اترككم االن في سالم ِة هللا وحفظ ِه‪.‬‬
‫(‪)53‬‬
‫اسماء الكاتبات المشاركات في كتابنا‪:‬‬
‫سجى محمد‬
‫غروب احمد‬
‫مروة الفيتوري‬
‫عائشة أسامة‬
‫نوران آل نصر‬
‫عيادة كَشيب‬
‫هبة أبوصره‬
‫عائشة خليفة‬
‫رشا الزروق‬
‫دعاء عمار‬
‫عائشة صالح‬
‫مالك فيصل‬
‫إكرام أكرم‬
‫تامي الورفلي‬
‫االء بن مفتاح‬
‫يقين قدورة‬
‫مريم الربيعي‬
‫انوار علي‬
‫مالك الشريف‬
‫سجى إبراهيم‬
‫منى سالمة‬
‫المزوغي‬
‫مآب ِ‬
‫رافقَ التوفي ُق دبركم‪ ،‬وحف َ‬
‫ظ الرحم ُن حياتكم‪ ،‬وانار هللا جوفكم بنجاحاتكم‬

You might also like