You are on page 1of 60

1

‫السرطان أرهقني‬

‫هند مصطفى أبوعامر‬


‫نصوص نثرية وخواطر‬

‫تصميم الغالف‪:‬‬
‫أنفال‬
‫‪2‬‬
‫السرطان أرهقني‬

‫يم‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َٰ‬


‫الر ْح ِ ه ِ‬
‫ح‬ ‫الر‬ ‫م‬ ‫َّللا ه‬
‫س ِم ه ِ‬
‫ِب ْ‬

‫ين)‬ ‫(و ِإذَا َم ِرض ُ‬


‫ْت فَ ُه َو َي ْش ِف ِ‬ ‫َ‬
‫سورة طه‪ ،‬اآلية (‪)80‬‬

‫يم‪.‬‬
‫الع ِظ ِ‬ ‫صدق للاه‬

‫‪3‬‬
‫السرطان أرهقني‬

‫اإلهداء‬

‫إلى أصحاب أجمل اإلبتسامة وأعظم مكافحي‬


‫للمرض إلى من يملكون اإلرادة والصبر والقوة‬
‫واألمل‪ ،‬إلى من يتجرعون األلم ومرارة وجع‬
‫الكيماوي ويتقبلون عليه بالعزيمة واالصرار‪،‬‬
‫أنتم لستم مرضى السرطان‪ ،‬أنتم منبع األمل‬
‫والتفاؤل‪...‬‬
‫رغم األلم تبتسم‬
‫اللهم اشفي كل مريض سرطان يتألم‪.‬‬

‫هند مصطفى أبوعامر‬


‫‪4‬‬
‫السرطان أرهقني‬

‫المقدمة‬
‫عزيزي القارئ الجميل‪..‬‬
‫ابتسم أول‪ ،‬أجل هكذا‪...‬‬
‫هل تعلم أن المقدمات ل يقرأها أحد؟‪ ،‬لذلك اعتمدنا عليك‬
‫أن تضع المقدمة بنفسك‪ ،‬ونرى مدى معرفتك حول مرض‬
‫السرطان‪...‬‬
‫أبدع بقلمك يا عزيزي المحاله‪.‬‬

‫هند مصطفى أبوعامر‬

‫‪5‬‬
‫السرطان أرهقني‬

‫الفهرس‬
‫اآلية‪3.....................................................................................‬‬
‫اإلهداء‪4...................................................................................‬‬
‫المقدمة‪5..................................................................................‬‬
‫هند مصطفى أبوعامر‪ /‬السرطان أرهقني‪8.............................................‬‬
‫أنسام الحجاجي‪ /‬يبتليك ليختبرك‪10.....................................................‬‬
‫إبتهاج إبراهيم‪ /‬لم يعتبني السرطان‪ ،‬أتعبتني تلك النظرات ‪11.......................‬‬
‫سارة محمد‪ /‬سميته بالمحارب‪12.......................................................‬‬
‫تسنيم خالد‪ /‬صراع األلم‪14..............................................................‬‬
‫أروى عبدالباسط‪ /‬ل تيأسوا إنه ابتالء محب‪15.......................................‬‬
‫فاطمة فرج الورفلي‪ /‬ابتسم رغم ألمك‪17.............................................‬‬
‫صالحة علي‪ /‬آلم قاتلة‪19..............................................................‬‬
‫آلء األشهب‪ /‬اإلنتصاراألبدي‪20.......................................................‬‬
‫أميرة علي‪ /‬ل نكتب أقدارنا‪26.........................................................‬‬
‫دعاء إبراهيم‪ /‬رحلة كفاح‪28..........................................................‬‬
‫لمى حسين‪ /‬لون طريقك باألمل ‪30...................................................‬‬
‫بسمة المبروك‪ /‬السيد الفتاك‪32.......................................................‬‬
‫رواسي بن ناجي‪ /‬لم يكن عائق‪ ،‬كان مصدر قوة‪34................................‬‬
‫روزا عبدو‪ /‬أنا وأنت والسرطان‪36..................................................‬‬
‫بثينة الزغداني‪ /‬نحن معك‪٣٩.........................................................‬‬
‫‪6‬‬
‫مريم هيركة‪ /‬ابتسم حتى في أشد ألمك‪4٠...........................................‬‬
‫فدوى السنوسي‪/‬ماتت أمي وفاز الكانسر‪٤٢.........................................‬‬
‫مريم األسود‪ /‬أنا أقوى من السرطان‪٤٣.............................................‬‬
‫مها األطرش‪ /‬أمل‪٤٤.................................................................‬‬
‫فاطمة القابسي‪ /‬محاربي السرطان‪٤٥...............................................‬‬
‫مالك جمال أبو القاسم‪ /‬مرض الغربة‪٤٦...........................................‬‬
‫هديل جمال أبو القاسم‪ /‬ليس السرطان بل زوجي‪٤٧..............................‬‬
‫عائشة محمد محياط‪ /‬رحلتي مع السرطان‪٤٩......................................‬‬
‫عائشة أبو راوي‪ /‬هزمني‪٥١.......................................................‬‬
‫مي الهدوي البوني‪ /‬بعد إرهاق الحياة استلمني السرطان‪٥٢.....................‬‬
‫رنا علي‪ /‬رغم األلم كن أنت‪٥٣......................................................‬‬
‫رشا حسام الزروق‪ /‬ليت ما كان يعود يوما‪54.....................................‬‬
‫إيناس جعفر‪ /‬فاز السرطان ومات أخي‪55..........................................‬‬
‫ندى دابي‪ /‬كن صبورا ومتفائال‪58...................................................‬‬

‫‪7‬‬
‫السرطان أرهقني‬

‫"السرطان أرهقني"‬
‫في تلك الليلة الدكناء بينما الجميع نائم‪ ،‬أنا أحارب صراعا‪ ،‬مع ذلك المرض‬
‫اللعين أتألم بشدة‪ ،‬أريد أن أهزم ذلك األلم‪ ،‬النوم منقطع‪ ،‬الوجع يزداد‬
‫أرغب بالصراخ ولكن كيف‪! ..‬‬
‫إن صرخت فالجميع سيصْحوا‪ ،‬وبدل من أن يهتموا لي ألمي‪ ،‬سيقولون "‬
‫لما صرختي يا مجنونه لقد ايقضتينا من نومنا" تب لك يا حمقاء‪،‬‬
‫أما أنا ما سأقول؟‬
‫لم أنم قط‪ ،‬أصارع األلم وحدي‪ ،‬ل أحد مهتم لو كانت أمي هنا ل اهتمت‬
‫ألمري‪ ،‬ولم تنم إل لما نمت انا‪ ،‬ولكن صعب العيش مع امرأة ابي‪ ،‬لم‬
‫ترحمني يوما‪ ،‬رغم اصابتي بالسرطان‪ ،‬كانت قليلة األدب معي‪ ،‬وهذا‬
‫الوصف قليل بها‪ ،‬دائما ما تتمتم لبي‪ " :‬ل تحضر لها الجرعات دعها‬
‫تموت‪ ،‬تصرف مالك عليها وهي لم تشفى إلى الن‪ ،‬ثم تقول بينها وبين‬
‫نفسها‪ ،‬جدري يرفعك ونتهنوا منك‪ " ،‬ماذا فعلت لك أنا؟‬
‫هل اذيتك؟ هل جرحتك بكلماتي يوما؟‬
‫انا مجرد طفلة غادرت أمها وجعلتها تصارع المها وألم فوق ألمها‪ ،‬ماذا‬
‫فعلت؟ ل استحق كل هذا‪ ،‬رفقا بي‪ ،‬لو كانت أمي هنا لختفى السرطان من‬
‫شدة الخوف منها‪ ،‬لن ادعك تسيطرين علي‪ ،‬في هذه الحجرة المظلمة ل‬
‫ضوء فيها‪ ،‬سأهرب صباح الغد إلى جدتي‪ ،‬وأخبر ما حل بي منذ أن اتت‬
‫إلى بيتنا تلك المجرمة‪ ،‬ياهلل هاقد اصبح الصبح ولم ينهض احدا‪ ،‬سأخرج‬
‫من نافذة حجرة ابنتها حتى ل تشعر بي‪ ،‬إلى اللقاء تركت لكم كل شي‪،‬‬
‫سأذهب إلى جدتي اللطيفة‪...‬‬
‫طق طق طق‪ ،‬فتحت جدتي الباب ‪...‬‬
‫انهمرت بالدموع‪ ،‬ياجدتي أنا أتيت لي أعيش معك‪ ،‬سأخبرك بما جرى لي‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫يا جدتي انا مريضة بالسرطان‪ ،‬وليس لي أحدا غيرك‪ ،‬أهدئ يا بنيتي‬
‫المحبوبة‪ ،‬غدا سنذهب مع بعض إلى المشفى وتتلقين العالج‪ ،‬أعرفك قوية‬
‫ت حفيدتي اللطيفة‪ ،‬ذات القلب‬ ‫كأمك‪ ،‬بنيتي ل تقلقي انا معك ولن اتركك‪ ،‬ان ِ‬
‫األبيض‪ ،‬والبتسامة الجميلة رغم ألمها‪ ،‬سيشفيك للا بعد كل هذا العناء‪،‬‬
‫ولكن يا جدتي أرهقني السرطان واتعبني بشدة كرهت كل شي بسببه بت‬
‫أموت منه‪ ،‬لما تقولين هكذا‪ ،‬ل تقلقي إن للا معك‪ ،‬وسيشفيك‪...‬‬
‫بعد بضعة أيام من الصراع مع ذلك المرض اللعين‪ ،‬ذهبنا‬
‫إلى المستشفى أنا و جدتي‪...‬‬
‫وهنا كانت فرحة كبيرة بعد كل هذا التعب‪ ،‬واآللم الجرعات الكيماوية‪،‬‬
‫اليوم تلقيت خبرا جميال‪ ،‬لقد شفيت الحمد هلل‪...‬‬
‫الحمد هلل ياجدتي قد شفيت وفزت على السرطان‪ ،‬وكما قلتي أنا قوية مثل‬
‫أمي‪ ،‬وسأهزم المرض‪ ،‬وها أنا فزت عليه بعد تعب وارهاق الحياة‬
‫ومتابعها‪ ،‬الحمد هلل الذي عفاني بعد ما أصابني‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬هند مصطفى أبوعامر‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪9‬‬
‫"يبتليك ليختبرك ثم إذا نجحت نلت شرف الجنة"‬

‫إنها جملة تستحق أن تخوض ألجلها معارك عدة وليس معركة واحدة فقط‪،‬‬
‫تستحق أن تدرف كل ما عندك من قوة وجهد لنيل ذاك الشرف‪ ،‬ثم إننا ل‬
‫ننسى أن رحمته أكبر من ابتالئه‪ ،‬ستمسسك رحمته في الوقت المناسب‬
‫لها‪ ،‬ولكن لحين ذلك عليك أن تقاتل‪ ،‬فاألمر يحتاج للكثير من الصبر لتنال‬
‫الكثير من الرضى منه‪ ...‬إن الذين يخبرونك انه مرض خطير أهبصق في‬
‫وجوههم وقل لهم بل رحمة أكبر ‪ ،‬من قال لك أن مصير هذا المرض‬
‫الموت؟؟ لماذا بكيت كثيرا عندما علمت بأنك مصاب وبدأت في توديع من‬
‫حولك بحجة أنك ستموت!؟ لماذا كل هذه الوصايا التي قلتها لوالديك؟؟!! هم‬
‫قالوا أنك مصاب لم يقولوا ملك الموت في إنتظارك! اهدأ واسكن ودعني‬
‫أهخبرك بما لم يقولوه لك‪..‬‬
‫كونك أهصبت به فهذا ما قدره للا لك‪ ،‬أم أنك تيأس فهذا مال يريده للا منك‪،‬‬
‫إنه يختبرك كما يختبرنا جميعا‪ ،‬ما اختبرنا ال ليعلم مقدار حبنا له وإيماننا‬
‫به‪ ،‬هناك من ابتاله للا في أهناس كانوا لهم الدنيا بأكملها‪ ،‬تختلف طرق‬
‫البتالء ولكن الغاية واحدة‪ ،‬الغاية تخفيف الذنوب ورفع المقامات‪ ،‬ثم إياك‬
‫الحتجاج على ما أصابك‪ ،‬قل الحمد هلل وأنظر للحمد ما يفعله بهذا المرض‬
‫اللعين‪ ،‬أهقسم أنه يحرقه بطريقة ل يجرأ على فعلها الكيماوي‪ ،‬ثم إنك إذا‬
‫صبرت وخرجت من هذا التحدي الذي قدره للا لك‪ ،‬فإنك نلت ما نتمناه‬
‫جميعا‪ ،‬نلت مكانا في الجنة‪ ،‬فكلما ذهقت درعا من المرض ساند نفسك‬
‫بالجنة‪ ،‬إنه ابتالك وإنه لقادر ع شفائك في لحظة‪ ،‬ولكن أتتك فرصة‬
‫اغتنمها‪ ،‬وبعد اغتنامها ستشفى بإذن للا‪ ،‬فانهض بهمة عالية فهناك مرض‬
‫لتههلكه‪..‬‬
‫الكاتبة‪ :‬أنسام الحجاجي‬
‫السرطان أرهقني‬

‫‪10‬‬
‫"لم يتعبني السرطان أتعبتني تلك النظرات"‬
‫كانت واقفة تنظر لنفسها في المرآة وفي عينيها قوة كبيرة‪ ،‬يستحيل أن ترى‬
‫مثلها أبدا‪ ،‬عادت بذاكرتها للوراء قليال‪ ،‬قبل عام من اآلن‪ ،‬كانت علي سرير أبيض‬
‫باهت اللون كعيناها في ذلك الوقت كل شي قد أصبح في نظرها مثل هذا السرير‬
‫ويكاد أن ينعدم لون الحياة في عينيها‪ ،‬تشد علي غطاء السرير بقوة‪ ،‬ودموعها‬
‫تتساقط بوجع‪ ،‬لم يبكيها المرض‪ ،‬ول ذلك السم الذي تتجرعه‪ ،‬يجري في عروقها‬
‫وكأنه تيار كهربائي؛ ولكنها تعبت من نظرات الشفقة في أعين الناس‪ ،‬وكأن‬
‫مريض السرطان وحده من سيموت‪ ،‬وكأن الموت ستأخذ المرضى فقط‪ ،‬إن الموت‬
‫قريبة منه دائما‪ ،‬ل يوجد أحد منا يعرف متى سيموت‪ ،‬قد يموت اليوم إنسان بكامل‬
‫صحته؛ وآخر مريض يعيش بعده عشرة سنوات‪ ،‬إن الموت حق علي الجميع‬
‫وليس علي من أصيبوا بالسرطان فقط‪ ،‬كأنه مجرد أنه أصيب بالسرطان أنه‬
‫سيموت‪ ،‬إن األعمار بيد للا ول أحد يعلم أجل أحد‪ ،‬وأن الذي يمرض قبل أن‬
‫يموت‪ ،‬أفضل من شخص مات علي غفلة وهو يكاد أن ينسى أسم الرسول من‬
‫شدة غفلته‪ ،‬مغفلون هم الناس‪ ،‬مساكين وهم أولي بنظرات الشفقة تلك‪ ،‬في تلك‬
‫الليلة التي كانت تبكي فيها بألم‪ ،‬لم يسبق أن شعرت مثله من قبل‪ ،‬سمعت خالتها‬
‫تتحدث وتقول بأنها تريد أن تقيم عرس إبنها قبل أن يأخذ للا أمانته‪ ،‬تقصد عليها‪،‬‬
‫شعرت بأنها في تلك اللحظة فقط أصابها السرطان حقا‪ ،‬أصابتها سهام الكلمة في‬
‫عقر فؤادها‪ ،‬لم تتألم من المرض بقدر ما تألمت تلك اللحظة‪ ،‬لم يؤذيها السرطان‪،‬‬
‫بل آذتها خالتها‪ ،‬مات شيء ما في داخلها تلك اللحظة‪ ،‬بينما بقت هيا علي قيد‬
‫الحياة تحارب‪ ،‬حتي أثبتت للجميع أنها قوية‪ ،‬وأن الموت ليس بالضرورة يأخذ كل‬
‫مريض‪ ،‬وأن األعمار بيد للا فقط‪ ،‬استيقظت من شرودها ذاك على دمعة سقطت‬
‫سهوا مسختها سريعا‪ ،‬وهيا تنظر لنفسها نظرة انتصار‪ ،‬فهي اآلن عادت مثل ما‬
‫كانت عاد شعرها طويل عاد وجهها مشرق بل أكثر من ذي قبل‪ ،‬أما السرطان فلم‬
‫يزدها إل قوة وجمال‪ ،‬ولمعة إصرار أضيفت لعيونها بكل جمال‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬إبتهاج ابراهيم‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪11‬‬
‫ب"‬
‫س ِميته بالمحار ِ‬
‫" ه‬

‫ليس ألنني أهم ِ‬


‫سكه برمح أو سيف أو بندقة بها بعض الرصاصات ‪!..‬‬
‫كما أنني ل أملك دِرعا يحميني ويحمي جسدي من الرماح والرصاص المتناثر ‪!..‬‬
‫غ ِزيته بمرض لم يهكتشف له عالج نافع بعد‪ ،‬رغم تقدم‬ ‫ب؛ ألنني ه‬
‫س ِميته بالمحار ِ‬
‫ه‬
‫العلم والعالم إل أن جسدي ل زال يتألم ‪ ،‬حتى إنه لم ي ْعت ْد بعد على تحمل تلك‬
‫ش ِفي جسدي الهالك‪ ،‬أظنها تزيد‬ ‫أتجرعها‪ ،‬ظانين أنها ست ه ْ‬
‫ه‬ ‫الجرعات التي‬
‫ما بي من سوء ‪!..‬‬
‫أصبح شكلي مشوها‪ ،‬مشوها تماما ‪!..‬‬
‫لذلك أنا ل أستطيع إطالة النظر في المرآة كما السابق‪ ،‬حيث كانت أمي تناديني ‪:‬‬
‫"بهني‪ ،‬تبدو وسيما للغاية‪ ،‬ول داعي ألن تقف على المرآة نصف ساعة لتتأمل‬
‫جمال وجهك‪ ،‬فهاله أسرعت قليال لتناول وجبة اإلفطار قبل أن يصل باص المدرسة‬
‫ليأخذك إلى هناك" ‪.‬‬
‫ت تريننِي وسيما كما السابق ‪..‬؟‬
‫أحقا أمي ! أمازل ِ‬
‫ت تريننِي ذا شكل بشع غير مقبول‪!..‬؟‬
‫ت كما تغير شكلي وأصبح ِ‬
‫أنك تغير ِ‬
‫أم ِ‬
‫ضعفك‪.‬؟‬
‫ِ‬ ‫قوتك رغم‬
‫ِ‬ ‫س هره ‪ِ ..‬لم يا أمي تظهرين‬
‫ت بؤس تكسر قلبي وتأ ِ‬
‫بك نظرا ِ‬
‫أرى ِ‬
‫و ِلم أصبح أبي ينشغل عني كثيرا ول يلعب معي كما السابق ‪..‬؟‬
‫أت ْذك ههر يا أبي عندما كنت أ ه ِ‬
‫حر هز األهداف كيف تجازينِي ‪..‬؟!‬
‫أحرزتهه في مرماك‪ ،‬عندها شعرت بقوة غريبة ينتفض بها‬ ‫ْ‬ ‫ل زلت أتذكر أول هدف‬
‫جسدي‪ ،‬وكافأت ِني برحلة إلى حديقة الحيوانات ‪ !..‬أتذكر هذا يا أبي ‪..‬؟!‬
‫واآلن لم أصبحت قليل الرجوع إلى البيت يا أبي ‪..‬؟‬
‫أ ِلهذا الحد هذه الجرعة اللعينة صعبة المنال ‪..‬؟ ول يمكن شراؤها بثمن بخس ‪..‬؟!‬
‫رفاقي ‪ !!..‬ولكن أي رفاق أتحدث عنهم ‪!!..‬‬
‫‪12‬‬
‫قال لي أستاذي ذات يوم ‪" :‬صغيري خالد ‪!..‬‬
‫ق الحقيقي هو من يبقى بجانبك‬‫ل تغتر بكثرة األصدقاء والرفاق من حولك‪ ،‬فالصدي ه‬
‫وتستند عليه في أصعب لحظاتك‪ ،‬ول يه ْفلِته بيديك مهما أرغمتْكهما الظروف على‬
‫التخلي "‬
‫ولكن أستاذي أين هم رفاقي ‪..‬؟‬
‫س ِوحشتِي ‪ ..‬؟!‬
‫أل يوجد من بينهم رفيق أش هد هد به أزري ويهؤنِ ه‬
‫ف بأنهم كانوا رفاق مصالح؛ ألنني اليوم ها أنا أجابه‬ ‫أعر ه‬
‫عذرا أستاذي فلم أكن ِ‬
‫ف رفيق أستن هد عليه‪!..‬‬‫المرض لوحدي بدون كتِ ِ‬
‫يكملهوا مسيرتهم العلمية‪ ،‬وبقيته أنا لمجابهة مرضي ‪!..‬‬
‫هم ذهبوا ِل ِ‬
‫أجل بقيته ألحارب السرطان‪ ،‬وأن ِقذ ما تبقى من جسدي ‪...‬‬
‫الكاتبة‪ :‬سارة محمد عبد الجليل‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪13‬‬
‫"صراع األلم"‬

‫ــراع األلــــم‬
‫ِ‬ ‫وص‬
‫أنا همـنـافخ فِــي مـلحـم ِة ِ‬
‫أداوي هجـرح الوصب وأرفــ هع رايــة اآلمــل‬
‫تـدفــق الـودق‬
‫ِ‬ ‫سـق هم أسـقط شـعري ِمثل‬
‫ال ه‬
‫فـالور هم تخـلهل ناشـرا الداء فِي ِ‬
‫كامل البدن‬
‫سنـد‬
‫للا كهل ال ه‬
‫أتـألم تـوجعــا ولكن لي فِي ِ‬
‫سقم‬ ‫بكلم ِة يهل ِقيها تهذ ِه ه‬
‫ب ضهرا وتشفي كهل ال ه‬
‫ـزهر اإلبتسامةه على الـوجه والنهـفس‬
‫ولكن ت ه ه‬
‫عـند تذكــري كم أ ه ِ‬
‫حصي باأللــم ِمـن األجــر‬
‫ي شهكر سقمي فهو لذهنـوبي المـحق‬
‫لربهما عل ه‬
‫ه‬
‫ولخطـيئتي وما سلف منِي كان لي المـحص‬
‫صغيرا كبيرا ذكـرا أم أهنثى قد علهمنا المـرض‬
‫بأننا ضهعفاء قد نهبتلى حتى نصير في الوهن‬
‫س ِـم قـد أعطانا نِـعم الوعـد‬
‫البلسم وال ُّ‬
‫ِ‬ ‫فــرب‬
‫ُّعاء سواء كان فِي اللهيل أو الغـسق‬
‫بسماع الد ِ‬
‫ِ‬
‫والحمد هلل حمدا كثـيرا في والض ههراء والنِـعم‬
‫سـقم‬
‫ويدحر كل ال ه‬
‫ه‬ ‫والمــنهة‬
‫حتى يبلغ الحـم هد ِ‬

‫الكاتبة‪ :‬تسنيم خالد عون‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪14‬‬
‫"ل تيأسوا إنه ابتالء محب"‬

‫صديقتنا "سـارة" محاربة و متعايشة مع مرض السرطان في الرئة‪ ،‬كانت‬


‫"سـارة" وحيدة لدى والديها كانا يخشان فقدانها يوما من األيام‪.‬‬
‫"ســارة" البالغة من العمر‪ 12‬عاما كانت تأخذ جرعتها المعتادة من‬
‫الكيماوي عند اشتداد أعراض الورم‪ ،‬ولكن في آخر تشخيص كان وضعها‬
‫تحت السيطرة‪ ،‬وكانت تحمل معها علبة أسطوانية معاباه باألكسجين الذي‬
‫يوجد به أنابيب تدخل في أنفها كي تستطيع التنفس من خالله‪ .‬كانت‬
‫"سـارة" رغم ألمها صــابرة ولكن وحيدة ولديها صديقة واحدة‪ ،‬وكانت ل‬
‫تراها من الحين إلى اآلخر ولكن احتواء والديها جعلها ل تهـاب شيء من‬
‫فقدانها لألصدقاء‪ ،‬تقول كنت في غرفتي أمامي مذكرتي ومعي كوب من‬
‫الكاكاو وأجلس أمام المدفئة‪ ،‬وهذا المستوعب الذي معي يقيدني دائما‪ .‬كنت‬
‫أكتب كلمات أستطيع من خاللها أن أحفز نفسي كي أعيش أيامي األخيرة‬
‫بسعادة‪ ،‬كنت أستمع لحديث والداي ليس بتجسس وبكن تقع بعض الكلمات‬
‫في مسامعي‪ ،‬على أنني لن أعيش طويال وأنهما يخشيان فقداني‪ ،‬ويبرح‬
‫أبي في البكاء وتقول أمي تظن بأنني مصابة بالتوحد ألنني أظل دائما داخل‬
‫غرفتي وحيدة‪ ،‬فبدوري «أنا ابتسمت ووقفت أمام المرآة أنظر ألقول‪ :‬ما‬
‫يجعلني حزينة جدا عندما يظ ُّل والداي بهذا الحال» نظرت لشــعري األسود‬
‫الذي كان يظهر به قليل من الفراغات وهذا ل يهمني‪ ،‬خرجت من غرفتي‬
‫ذاهبة لهما فنظرت لهما قائلة‪:‬‬
‫إنني لست مصابة بالتوحد وتوقفا عن قول هذا الكالم عني فأنتما تشعرانني‬
‫بالحزن والفشل‪ ،‬وكانت هذه المرة األولى التي أخبرهم بها عن مشاعري‬
‫ي يتأسفان مني ويقولن لي‪" :‬نحن نحبك ولكن ل نريدك أن تكوني‬ ‫فهرعا إل ه‬
‫كوني صداقات كي نطمئن عليك" جلست على األريكة مقابلة للتلفاز‬ ‫وحيدة ِ‬
‫قلته لست وحيدة معي "مـاريتا" (دب محشو كان قد أهداه لي والدي يوم‬
‫ميالدي الثامن)‪.‬وقلت أنتما أيضا معي ومعي للا لست وحيدة أبدا‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫وعلي قول أنكما تخشيان فقداني عليكما أن تتقبال هذا األمر أريد أن أموت‬
‫وأترك لكما شيء جميل لكم وللجميع ثم سألني والداي ماهو الشيء هذا؟‬
‫فقلت بعض من الكلمات التشجيعية أريد منكما أن تجعال العالم يعرف كم أنا‬
‫شجاعة فابتسمت‪ ،‬وأكملت قائلة وأني حاربت وتعايشت بجدارة مع المرض‬
‫وأن تفخر بي ول أريد شي سوأ هذا!‪ ،‬بعد مرور ساعات كنت داخل غرفتي‬
‫مستلقية على سريري وفي أنفي ذلك األنبوب الذي يدخل لي الهواء وكنت‬
‫قد شعرت بأنني أرتجف وأن حرارتي بدأت باألرتفاع‪ ،‬وكانت أعراضه بدأت‬
‫بالظهور‪ ،‬بعد ما طمأنني األطباء باستقرار حالتي ولكن ل شيء يدوم على‬
‫حالة‪ .‬ولكن ابتسمت رغم األلم ألنني أكملت حديثا كتاباتي وكنت قد صرخت‬
‫مناديه‪ ،‬لوالدي عندما أشتد األلم فهرع والداي مسرعان نحوي ِ كنت لأزال‬
‫أبتسم رغم األلم الشديد‪ ،‬ففقدت وعي وعندما نهضت بعد عدة ساعات وأنا‬
‫في العناية الفائقة‪ ،‬قد أردت رؤية والدي‪ ،‬فتجاها نحوي وهما‬
‫يبكيان…عندها قلت‪ :‬سأكون لكما ذخرا في الجنة فال تحزنا أبدا‪ ،‬وعيشا‬
‫معا وأذكرنني في أدعيتكما و ابتسما من أجلي أرجوكما‪ ،‬فابتسما وهما‬
‫يبكيان‪ ،‬قلت ل تقلقا عليا أنا أشاهد منظرا أمام عيناي لم تشاهدا مثله قط!‪،‬‬
‫فأغمضت عيناي وصمتت األجهزة مشيرة بأنيي قد‬ ‫ِ‬ ‫ثم أردفت أحبكما‪،‬‬
‫توفاني للا! قد حزنا والداها "سـارة" لفقدانها ولكن لزال يتفكران أنها‬
‫أوصتهما بكتاباتها وأن يبتسما… من أبرز كتاباتها‪” :‬ل تيأسوا أيها‬
‫المرضى فهذا أبتالء من رب العالمين‪ ،‬وإذا للا أبتال عبدا من عباده فقد‬
‫أحبه“ ”وأنا ابتليت إذا للا يحبني وأنا أحبه وأتمنى أن أكون بجواره"‬
‫”وأسأل للا أن يشفي كل مريض…“‬
‫الكاتبة‪ :‬أروى عبدالباسط‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪16‬‬
‫"ابتسم رغم ألمك"‬

‫مرحبا‪..‬‬

‫كيف أبدو لك أيها القارئ الرائع؟‬

‫أنا الجميلة جدا‪ ،‬أنا التبسم المنهك حد المدى‪ ،‬أنا مكافحة في حرب‬
‫خائنة‪ ..‬جميعهم يشعرون بالشفقة حيالي ويعتقدون بأن شعري الطويل‬
‫وحاجبي وأهدابي تتساقط بفعل السرطان الشرير أو كما سمعتهم‬
‫يقولون‪ :‬تلك الجرعات السامة‪ ،‬لكنهم مخطئين‪ ،‬فشعري الطويل يقول‬
‫ألجلك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لي دوما‪ :‬عزيزتي الباهرة؛ أنا أتساقط حدادا‬

‫ت ترجين عودتي انتصري‪..‬‬


‫فإن كن ِ‬

‫فيردفان حاجبي بشغف‪:‬‬

‫وجهك الصبيح مجددا‪..‬‬


‫ِ‬ ‫أجل‪ ،‬أجل كوني قوية لتعيدي تشييدنا في‬

‫فيتابعن أهدابي الرقيقات‪:‬‬

‫عينيك الغدقة‪ ،‬تذكري‬


‫ِ‬ ‫ونحن أيضا يا هحلوتنا‪ ،‬كوني أقوى لنزهر حول‬
‫دوما إنه ليس سوى خاليا خائنة‪ ،‬ليست قوية بالكل!‬

‫‪17‬‬
‫ت تملكين أقوى سالحا في الدنيا واآلخرة‪ ،‬تملكين الدعاء فتشبتي‬
‫أن ِ‬
‫يغنيك عن كل‬
‫ِ‬ ‫يكفيك عنا أجمع‪ ،‬بل‬
‫ِ‬ ‫معك العظيم بجالله!‬
‫بيديه جيدا‪ِ ،‬‬
‫شيء‪ ..‬أما فؤادي فأسمعه يردد طوال الوقت‪ :‬اللهم اجعلني مترعا بك‬
‫عمن سواك‪ .‬أنا ل أصدق نظراتهم المشفقة‪ ،‬ول دموع أمي‪ ،‬ول‬
‫الخوف الذي يكامع عينا أبي‪ ،‬أنا أومن بما يقوله شعري الطويل‬
‫وحاجبي وأهدابي‪ ،‬سأظل أردد ما يردده فؤادي‪ ..‬أنا مترعة بك يا‬
‫شافي يا عظيم إلى األبد‪ ،‬أود أن أخبر كل الذين يقاتلون في هذه الحرب‬
‫الخائنة مثلي أن ل يستسلموا للوجع أبدا؛ إنه الضعيف رفيق اليأس‬
‫وأنا القوية خليلة األمل‪ ..‬أود أن أبوح لهم‪ :‬بصبر يا رفاقي في حربي‪،‬‬
‫مع كل أنين‪ ،‬مع كل دمعة نذرفها‪ ،‬مع كل صرخة نصرخها عندما‬
‫ينهشنا األلم‪ ،‬مع كل شيء وفي كل وقت للا معنا وإلى األبد‪ ..‬واآلن‬
‫أيمكنك أن تعدني بأنك ستجعلنا جزءا من أدعيتك؟‪ ،‬أنا لن أسمعك لكن‬
‫للا يراك ويسمعك‪ ،‬قبل أن أنتهي أنت الذي اخترت أن تقرأني أحبك أنا‬
‫وحاجبي وأهدابي‪ ...‬لحظة‪ ،‬يحبك حتى شعري الطويل‪..‬‬

‫الكاتبة‪ :‬فاطمة فرج الورفلي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪18‬‬
‫"مرض أنهك جسمي"‬

‫جسد هزيل‪ ،‬شعر متساقط وبعض الكدمات التي تعلو جسمي‪ ،‬إضافة إلى‬
‫مناعة ضعيفة ل يمكنها مقاومة أبسط األمراض ولهذا منعت من مشاركة‬
‫اآلخرين في اللعب وحتى الذهاب إلى المناسبات والتجمعات‪.‬‬
‫ما زلت أذكر الصدمة التي اعتلت وجوه أهلي يوم أن علموا بمرضي‪ ،‬كما‬
‫أذكر تقاسيم األلم التي رأيتها على وجه طبيبي يوم أن أراد إخبارهم بذلك؛‬
‫فقد تردد كثيرا في إخبارهم بهذا‪ ،‬ثم بكى ألما عندما أخبرنا بأن هذا المرض‬
‫قد سرق طفلته الجميلة قبل سنوات‪ .‬اضطرت أسرتي أن تلزمني ببعض‬
‫اإلجراءات المختلفة عن تلك التي يتخذونها مع إخوتي‪ ،‬فلقد حرصت أمي‬
‫كل الحرص على ارتداء الكمامة في كل مرة أخرج فيها معهم من البيت‬
‫مخافة أن ألتقط عدوى مرض عابر فيتحول إلى وحش داخل جسمي‬
‫ويزيدني ألما على ألمي‪ .‬أخبرني الطبيب مؤخرا بأن تلك الخاليا التي‬
‫أصبحت مختلفة على أخواتها قد تحورت بشكل غريب وأن اسمها‪ " :‬خاليا‬
‫سرطانية "‪ ،‬كما أنه أخبرني أيضا بأن هذه الخاليا تحب السكريات‬
‫والمشاوي أكثر من أي طعام آخر‪ ،‬لذلك علي أن ل أعطها ما تحب ألنني ل‬
‫أحبها‪ .‬ومع أن حالتي أصبحت شبه مستقرة إل أنني ما زلت مستمرا في‬
‫طلب مني إلى أن يكتب للا لي الشفاء أو يأخذني إليه‬‫عالجي وملتزما بما ه‬
‫إن كبهر ألمي‪ .‬ومع كل هذا مازال األلم يسكن كل خلية من جسدي في كل‬
‫مرة آخذ فيها ذلك السائل الذي أخبرني الطبيب بأنه الشيء الوحيد الذي‬
‫يمكنه القضاء على مرض‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬صالحة علي سالم‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪19‬‬
‫"انتصار األبدي"‬
‫بينما كانت تجلس بتقرف على سريرها قالت وهي تتنفس الصعداء‪:‬‬
‫ل أريد ألحد أن يراني بحالي هذه‪ ،‬لقد أعتدته على الوضع‪ ،‬تأكل مني العزلة‬
‫كل مأكل بغرفتي مع سرطاني‪ ،‬في هذه الغرفة المتناقضة التي تعج برائحة‬
‫الكحول الخانقة و النعناع المنعشة التي ما تكاد أن تصل أنفي حتى تتالشى‬
‫ول أطال منها سوى البقايا‪ ،‬إنها أمي من تبعث بباقة نعناع جميله ألنها‬
‫تعرفني كم أحبه‪ ،‬حيث أن روائح األدوية الكيميائية تكمم كل رائحة زكية بما‬
‫فيها النعناع‪ ،‬وها هي ذا الساعه ذات العقارب المنيفة وصوتها الشاق الذي‬
‫يرشق في روحي كإبر صدئة "تيك توك تيك توك" و وحش الزمن الذي‬
‫يلهث يأكل مني ما تبقى؛ و شرفتي التي تط هل على حديقة المشفى فمنظرها‬
‫جميل جدا‪ ،‬من يدرك حجم إيالم أن تحدد كل ماهوا جميل وأن تراه ولكن ما‬
‫يسعفك الزمن أن تلمس بجزيئات يدك جزيئات ذاك الجمال‪ ،‬الورود التراب‬
‫أوراق الشجر الناعمة ملمس جريان مياه النهر الناعمة وهي تتغلغل بين‬
‫األنامل هذه األنامل التي نست كل شيء حتى أضحت يابسة جافة شاحبة‬
‫دونما فائدة‪ .‬األنامل التي ل تلمس الجمال هي في الحقيقة ميتة ولكنها‬
‫تماطل في فراغ دون معنى بإرادة البقاء هكذا هي الحياة كاملة بنقصان‪ ،‬قد‬
‫عزفت عن جميع الزيارات بما فيهم عائلتي ل أحب نظرات الشفقة الصادرة‬
‫من أعينهم‪ ،‬فكيف لي أن أسمح بأن يروني بهذا الحال‪ ،‬ضعيفة وهزيلة‬
‫الجسد و همصفرة البشرة و شاحبة الوجه وفمي المملوء بالقروح‪ ،‬شعري‬
‫المتساقط و روحي المتثاقلة واألنابيب التي تقيدني‪ ،‬وكيف لحياتي أن تكون‬
‫مرهونة بهذا القيد "األنبوب" هاقد أذِن الليل بعدما إن أخذ الهذيان من‬
‫سيلينا كل مأخذ بينما كان شعورها بالحمى واأللم الشديد ما ينفكان عنها‬
‫حتى يفتكان بها كل ليلة حتى تستغرق في نوم عميق‪ ،‬كان بالغرفة‬
‫المجاورة لها فتى عازف كمان يعاني مما تعاني يعزف في أعقاب الليل ما‬
‫طاب له‪ ،‬كانت سيلينا تسعد لسماع تلك الموسيقى إذ أنها كانت تضفي لها‬
‫نوعا من المتعة والعذوبة تنسيها ذاك اإلرهاق وإيالم الحمى ومرضها التي‬
‫يلتهم بشجاعة حتى إنها حينها توقظ احساساتها فتهتاج والتي تدفعها‬
‫‪20‬‬
‫للرقص بعنفوان طفلة على أنغامه‪ ،‬كانت ما تلبث عن التفكير في النهوض‬
‫والرقص ولكن الحمى واإلرهاق الذي خلفهما جرعات الدواء الكيميائي‬
‫والتي يفرضان عليها أل تخطي خطوة واحدة بالمقابل كانت ذا روح طفلة‬
‫ما تنفك عنها الحيوية‪ ،‬كانت تخبئ في أغوارها قمرا ملتهبا لشدة طاقتها‬
‫التي كانت تتالشى مع كل جرعة‪ ،‬كانت روحها مضيئة بضياء ل يسعه‬
‫الوجود‪ ،‬وعالوة على ذلك األنابيب التي تقيدها كأغالل من نار‪ ،‬وهاقد‬
‫استغرقت في بحران خايلها على أنغام الفتى حد اإلنسالخ من الواقع تارة‬
‫يأخذها الخيال حيث صديقاتها الالتي امتنعت عن رؤيتهم مؤخرا كانت تود‬
‫ولو كان بإمكانها أن تتحرر بروحها من جسدها المقيد وأن تحيا بصحبتهم‬
‫لحظات بين حيواتها وحتى إن كانت غير مرئية بالنسبة لهم كانت تشتهي‬
‫لسماع كلماتهم في صمت وتارة أخرى يأخذها الخيال للحظتها األولى‪..‬‬
‫حينما شق الخبر طريقه إلى مسامعها كأنما حزمة من اللهب يحرق روحها‬
‫ويجتاحها الصمت وأنظارها التي كانت تحدج وجوه وإيماءات عائلتها التي‬
‫تشير إلى الهلع مشدوهين وكأنهم على شفا حفرة من الجحيم‪ ،‬شعرت‬
‫حينها بأنها فاجعه و كأنه شرخ لن نهشفى منه‪ ،‬تظاهرت امامهم بالتماسك لم‬
‫تدمع لها عين كأنما الخبر لم يحرك فيها ساكنا جرت أنظارها أرضا هربا‬
‫من نظراتهم الحادة والتي تتباحث فيها عن شيء يستدعي الشفقة وهي‬
‫تحملق في األرض وتتمعن أقدامها التي ما كادت أن تحملها بروحها المثقلة‬
‫حينها مردفا بالقول‪ :‬ل تقلقوا سوف يكون كل شيء بخير‪ ،‬دخلت لغرفتها‬
‫بينما كانت تجر نفسها بصعوبة وكأن شيء من خلفها كان يشدها للوراء و‬
‫يريدها أن تبكي و تصرخ و تحضن والدتها و لكنها ابنة حواء ترفض‬
‫الشفقة‪" ...‬هدوء"! عاد صوت العزف مجددا فتالشت كل تلك الخيالت‬
‫وعادت روحها ترقص بداخلها وهي ممددة بذاك الجسد العاجز عن فعل ذلك‬
‫حتى غطت معاودتا في نوم ما استغرقها منذ أن داهمها مرضها إذ أن‬
‫الموسيقى ما كانت لها سوى أن تحل محل مخدر تشفي بها روحها‪ ،‬نعم إن‬
‫الموسيقى كانت مخدر روحي قد أطلت الشمس بأشعتها الذهبية من الشرفة‬
‫واستفاقت سيلينا من نومها العميق وقد تبددت كل أفكارها عن امتناعها‬
‫‪21‬‬
‫لرؤية الغير بدلت ذلك البؤس المعربد فيها بابتسامة تذرف من أغوار ينبوع‬
‫تو‪ :‬اليوم سأضع حدا لكل هذا‬ ‫ينابيع جوارحها المزبدة والنابضة قائلة بعه ِ‬
‫الهراء قد طال سكوني وخوفي من فرط كل شيء سأسمو بنفسي فقد أذن‬
‫لي ناقوس قوتي وها هو يدق من أعال روحي بإرادتي وعنفواني لعمري‬
‫سأخرج اليوم من هذا السجن وأرى ضياء الشمس ألطلق شرارتي في وجه‬
‫سطوة سرطاني والعامة والوجود اليوم ها هو عيدي الذي طال انتظاره قد‬
‫اقترب‪ ،‬وتناولت المرآه من الخزانة الواقعة بجانب سريرها أطلت عليها‬
‫بلمحة قصيرة وأتبعت بالقول‪ :‬جميلة أنا على كل حال‪ ،‬كانت هذه المرة‬
‫األولى منذ أن أصابها المرض الذي تشعر فيها بثقة كهذه حتى أنها لم تعهد‬
‫منذ طفولتها ثقة كهذه كانت كاسرة في وجه كل شيء لم تكن كالذي يخدع‬
‫نفسه بمخدعه ما إنما كانت مؤمنة إيمانا قاطع بما هي مقبلة عليه اليوم‪،‬‬
‫ول شك أنكم األن تتسألون في عمق أنفسكم قائلين‪ :‬كيف لليلة واحدة قادرة‬
‫صنع إنسان آخر أشد قوة وتعاظم وصالبة مما كان عليه من ضعف‬ ‫على ه‬
‫وهوان‪ ".‬أقول لكم على غرار هذا أنتم ل تدركون حقا كيف للمرء أن يتبدل‬
‫تبديال كامال ل نقصان فيه عندما يواجه حقيقته وقدره دون غشاوة أو‬
‫ضبابية تكتسيه‪ ،‬ول شك أنكم لم تشرعوا في ذلك البتة"‪ .‬ها قد حان وقت‬
‫الزيارة بعد أن سمحت للممرضات بأن يخبروا عائلتها عن رغبتها‬
‫لرؤيتهم‪ ،‬لم ترتب خطاب بعد و ل حتى اعتذار و لم تهيء لهم أي ذريعة‬
‫على رفضها المتكرر لزياراتهم ألن اآلن األمر يختلف إنها أشد قوة فقد‬
‫دعتهم لزياره دون استثناء والداها أختها الصغيرة وأخاها األكبر وجدها‬
‫كانت الدعوة عامة تشمل صديقاتها الالتي لم يتغيبن عن الحضور‪ ،‬أقدمت‬
‫الممرضة على سيلينا بابتسامة خفيفة لتخبرها بأن الزوار منتظرين‬
‫بالخارج فردت عليها سيلينا بابتسامة مفعمة بالرتياح أدخليهم جميعا دفعة‬
‫واحدة هيا‪ ،‬وما إن دخلوا جميعا حتى تفاجؤوا بما تراء ألنظارهم بالكاد‬
‫كانوا يصدقون أن تلك اإلنسانة التي قد كانت على وشك إنهاء حياتها‬
‫بأنبوب تغذية‪ ،‬ابتسمت سيلينا قائلة‪ :‬هيا اقتربوا جميعا لقد اشتقت لكم‪،‬‬
‫ومدت يدها لهم جميعا رغم توعر األمر وإستصعابه على جهدها المستنفذ‬
‫‪22‬‬
‫والتعب الشديد الذي كان يغمرها‪ ،‬ثم أخذت أختها الصغيرة من يدها جانبها‬
‫و وضعت يدها على رأسها وفيما كانت تلعب وتداعب بأصابعها بطريقة‬
‫ملتوية شعر أختها قالت مسترسلة وهي تضحك‪ :‬اليوم سأخرج من هذه‬
‫الغرفة ألرى ضوء الشمس وسأزور أحد األصدقاء قبل الخروج‪ ،‬أخذ جدها‬
‫الكرسي واقترب لها ووضع يده على كتفها قائال‪ :‬تمر على اإلنسان عدة‬
‫ت يا‬‫حروب و النتيجة إما أن ينجوا و يكون البطل أو يموت منهزما و أن ِ‬
‫بك من اآلن؛ ابتسمت لكالمه وتلك النبرة التي ما‬‫طفلتي بطلة فأنا فخور ِ‬
‫كانت تخلوا من الدفء فجدها الوحيد والذي صوته يلج إلى أعماق روحها‬
‫كما المياه العذبة وهي تنسرب بين الصخور حتى تغدو رطبة‪ ،‬مسح‬
‫دموعها التي ما كانت بدافع الخوف أو النهزام إنما من فرط السعادة‬
‫سينتظر إعالن انتصارها‪ ،‬سويعات قليله أو أقل بكثير كانت‬
‫ه‬ ‫وأخبرها بأنه‬
‫تفصلها عن أول لقاءاتها مع الشمس منذ أن أشتد مرضها‪ ،‬واسترسلت‬
‫مجيبة جدها‪ :‬أنظر يا جدي تمعن جيدا بالنظر إلي هذه المرة أنا قوية و‬
‫جسوره و أشعر بالفوز ل بالنهزام‪ ،‬نعم صدقني ليس أن تموت يعني أنك‬
‫خسرت إنما اإلستسالم وحده يعني الخسارة سوف أفوز على نفسي‬
‫وسرطاني ياجدي‪ ،‬كان الجميع يشعر بالبهجة إثر هذه الكلمات الجميع كان‬
‫يصفق لها ومردفين بتصفيقهم ذاك عباراتهم التحفيزية‪ ،‬بينما كانت األم‬
‫تحاول إخفاء نفسها وراء الجميع وهي تبكي دون دراية حقة على أي شيء‬
‫تبكي ولكنها كانت قلقة لم تعرف شيء سوى أن شعورها بالقلق ما ينفك‬
‫عنها قط وكانت شديدة الحذر بأن تخفي ذلك الشعور عن الجميع‪ .‬قالت‬
‫سيلينا وهي تمازح الجميع هيا يا فاشلين أتراكم خائفين من الخروج لملقاة‬
‫الشمس هيا لنخرج معا‪ ،‬وضعوا سيلينا على كرسي متحرك وأخرجوها من‬
‫الغرفة‪ ،‬كانوا مصطفون يمشون وراءها وهيا تضحك وتخبرهم عن العازف‬
‫الذي كان يعزف بعذوبه والذي كان يؤنسها كل ليلة وهم متجهين نحوا‬
‫غرفته وما إن دخلوا قالت سيلينا وهيا تضحك من أعماقها‪ :‬هيا فلتحيوه‬
‫جميعا هذا هوا عازف المحاربين الذي يعزف تحت وطأة معركة‪" ،‬حتى إن‬
‫البعض منهم قد اتجه نحوه وأخذوا يغطونه بالقبل على جبينه" قالت سيلينا‬
‫‪23‬‬
‫للعازف وهي تبتسم‪ :‬تصلك تحياتي وسالمي الذي كنت أرسلهم لك يوميا‪..‬‬
‫استرسل العازف قائال‪ :‬نعم كانت تصلني كل كلماتك حتى إني شعرت‬
‫بفضول شديد لرؤيتك وها أنا سعدت برؤيتك أيتها الجميلة‪ ،‬استرسلت‬
‫سيلينا قائلة أستأذنك أيها العازف األن سأذهب إلستنشاق الهواء الطلق‬
‫والجلوس أمام أشعة الشمس فقد حرمت منهما طويال سالمي لك ياعزيزي‬
‫انسحب الجميع جملة متجهين نحوا حديقة المشفى وبمجرد أن خرجت‬
‫سيلينا من باب المشفى مقبلين بها إلى الحديقة لمست وجنتيها أشعة‬
‫الشمس والهواء الطلق النظيف الخالي من روائح األدوية الكيميائية التي قد‬
‫أذاقتها ذرعا رفعت ناظرها باتجاه الشمس ومدت يدها ألشعتها وبطريقة‬
‫تبدو فيها وكأنها تتحسس وجه الشمس وأتبعت بالقول‪ :‬أواه على هذه‬
‫األشعة الذهبية كم فيها من لذة ممزوجة بالنقاء لعمري ما عهدت زمن‬
‫ياجدي تراءت لي فيه الشمس بهذه األناقة والدفء ما رأيتها من قبل‬
‫كعروسة فرحة مولعة بالشوق‪ .‬جلست العائلة ملتفين حول سيلينا يتبادلون‬
‫المزاح والنكات ويسخرون من بعضهم البعض جاعلين من أنفسهم‬
‫أضحوكة لسيلينا قالت األم لسيلينا و هي تحديها بنظرات قلقة‪ :‬أل تشعرين‬
‫بشيء من األلم أو الحمى أو حتى الدوران يا صغيرتي؟‪ ،‬تمعنت سيلينا امها‬
‫في صمت لمدة نصف دقيقة وهي تبتسم من عمق جوارحها وأتبعت بالقول‪:‬‬
‫ل يا أمي ل‪ ..‬هيا جدي فلتأخذني هناك حيث ينبوع المياه شديدة الصفاء‬
‫والنقاء وأشعة الشمس الذهبية والملتهبة أحتاج لشيء من الهدوء ولكن ها‬
‫أنا ذا أحتاج ألن أقبل الجميع قبل كل شيء‪ ،‬قبلت سيلينا ثم اتجهت نحو‬
‫الينبوع لتمكث هنالك بصمت وما إن وصلت أخبرت جدها أن يتركها وحدها‬
‫ت أيتها الشمس المشعشعة‬ ‫وما إن تركها جدها بمفردها قالت‪ :‬ها أنا ذا وأن ِ‬
‫والمفعم في سماءك شديدة اإلزرقاق‪ ،‬سأهزمك أيها الخبث المتمدد في هذا‬
‫الجسد الهزيل‪ ،‬ألم يعجبك دمي؟‪ ..‬خذ منه ما شئت لكنك لن تلمس روحي‬
‫بقشة أنا اآلن سأتخلص منك نهائيا أيها القاسي‪ ،‬كانت تارة تكتب بتعب في‬
‫مذكراتها وتارة تردد أن الفجر قريب جدا وأن سقف الليل على وشك‬
‫لك أيتها الشمس أن تغيبي بعد؟‪ ،‬اليوم هي‬ ‫الضمحالل‪ ،‬وتارة تقول أما أن ِ‬
‫‪24‬‬
‫معركتي وانتصاري اليوم كل شيء لي‪ ،‬وما من شيء لك أنت أيها الخبث‬
‫المعربد والمنتشر في أطرافي ما عاد لك سوى هذا الجسد الذي لم يتبقى لك‬
‫منه إل كثير من القليل بل إنما أقل من القليل بكثير‪ ،‬وما إن حان وقت أفول‬
‫الشمس حتى ثقل على سيلينا رأسها فأسندته للخلف على الكرسي وأخذت‬
‫تحملق في األفق وتتمتم وهي تحاول مد يدها ولكن بات ذلك دون جدوى‪،‬‬
‫كان الجميع يراقبها عن كثب في صمت شديد حتى انحنت بجسدها دفعة‬
‫واحدة إلى الميمنة وهي و قد تزامن ذلك النحناء مع غروب الشمس كليا‪،‬‬
‫فهرع الجميع باتجاهها بما فيهم عازف الكمان الذي كان يشاهد من نافذته‪،‬‬
‫بينما األم كانت في ثبات وهي متجمدة األطراف وتبكي في صمت‪ ،‬أما الجد‬
‫فقد كان يمسك بيدها ويقبلها بحرارة شديدة وهوا يستجديها أن تتفوه ولو‬
‫بكلمة واحدة‪ ،‬وكانت سيلينا أنداك كعصفور ينام على ظهر سحابة هادئة‬
‫وهي بشوشة الوجه‪ ،‬لم يلحظ أحد وجود مذكراتها غير العازف الذي‬
‫تناولها وأشرع في القراءة في قرارة نفسه كلمات رسالتها شديدة الحتدام‬
‫وقت كتبت سيلينا بخط شديد الوضوح‪ :‬أنا األن في طريقي إلى الحقيقة‬
‫المحضة حينما تقرأ في صمت موحش أعينكم هذه الرسالة ل أعرف حقا ما‬
‫هو الموت ولكني شديدة اليقين أنه إنجالء كل األكاذيب والمخادع سواء إن‬
‫كان الموت حالة من العدم في صمت مطبق وظالم سرمدي أم إن كان رحلة‬
‫إلى عالم أخر‪ ،‬في كلتا الحالتين لم أهزم فقد انتصرت على سرطان هذه‬
‫الحياة قبل سرطان الجسد فقد ظفرت بروحي الخالدة بعيدا عن جسدي‬
‫المتهالك‪ ،‬فقد انتصرت على الوجود ‪ ،‬بينما أن بينما أنتم تسعون باألمس‬
‫أو اليوم أو الغد وراء كسب األنواط الحياتية أنا أعلق على صدري نياشين‬
‫النصر النهائي‪ ،‬وإلعتقادي كذلك أن الروح ذا حرية مطلقة فالجسد هو القيد‬
‫األكبر فما على الروح إل أن تجتاز هذا القيد و ها أنا ذا قد تفوقت عليه‪ ،‬أما‬
‫وصيتي األخيرة هي أن تكتبوا على شاهد قبري" ل أحد يبكي هنا الموت‬
‫ليس جريمة فلتصفقوا لهذا النتصار ومن أظفر به"‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬آلء األشهب‬
‫السرطان أرهقني‬
‫‪25‬‬
‫" ال نكتب أقدارنا"‬
‫ال نكتب أقدارنا‪ ..‬وإنما نحاول وصففا ا بكامل وعي وإدراك‪ ،‬حتى ال تسففح ا للقاع‬
‫و ُنص ِح تحت ُمس ّمى " ُمخ ّلاات ُحروب الخاليا السرطان ّية"‪..‬‬
‫" همعاناة حتى الموت" هجملة أنجبها المفهوم الآلواعي الضيق‪...‬‬
‫سبل النور الذي‬‫‪-‬فِكر ل واعي‪ ،‬الروح تحتضر في الغيهب بعد انطفاء آخر ه‬
‫سبهل تفريغها همحاول ِة إخفائها عن الكثير ِمن الوجو ِه‬
‫احتضن جوفها‪ ،‬وآخر ه‬
‫تعاطف على طبق من الشفقة‪ ..‬كنت في انقطاع عام‪ ،‬ل شيء‬ ‫ذات الطابع ال هم ِ‬
‫غير أن حروفي أهر ِهقت في وصف أم الجرعات وحبل أفكاري بهت في تقبل‬
‫الخبر في بادِئ األمر وقلمي جف وأهربك في سبيل إرضاء هذا المرض‬
‫ال همتعطش لخاليا جسدي‪ ..‬ينهش حرفي قبل جسدي ويهنهك روحي في كل‬
‫مرة يراودها‪ ...‬كيف لفتاة في ريْعان شبابها وكأنها زهرة دوار الشمس في‬
‫كل فصل تهزهر بلونها األصفر ال همشع بكامل نشاطها وحضورها ِ‬
‫وخفة‬
‫روحها ورجاحة فِكرها بأن يهنسف كل هذا بخبر "لألسف الخاليا السرطانية‬
‫تمكنت وتفشت في جسدك‪ ،‬فاألمر متروك ونهايته موت محتوم"! لن اسمح‬
‫لهذا الضيف يهطيل المكوث‪!...‬‬
‫ضيف جسدي الهش زاره ب ِفكر ِه ال همتفشي يمنحني‬
‫ه‬ ‫ضيف!‪،‬‬
‫"الـموت الـمحتوم" كيف لي أن أخفف من زياراتك لي ياصديق؟ نعم‬
‫صديق! قررت القتراب منك ل تخف فأنا لسته أنت ولكنني‬
‫أنا بطريقة أهخرى فقط‪..‬‬
‫‪-‬فـهل تسمح لي؟‬
‫ولكن كيف لي ذلك؟‪ ..‬كيف أتقبل هذا على نفسي وأرافقك؟‬
‫ل أدري عن سبب سؤالي ولك ل أهخفي ذلك‪ ..‬كان يهراودني كهل فترة ول‬
‫أدري من الشخص المناسب ألشاركه سؤالي هذا ويتفهم همحتواه!‪..‬‬
‫حتمـا أي شخص سيهش ِفق علي لطرحي هكذا تساؤل عليه!‬
‫‪26‬‬
‫ربما ول أستبعد ذلك بأن يستقبل تساؤلتي بجملة تنسفها دون أدنى تفهم‬
‫"بدأت نهايتها من بداية الجنون"! تساؤل كهذا يخصني ذا قيمة نفسية‬
‫داخليا لي أريد إجابة تهسكت ثرثرة أفكاري التي غزت عقلي كما السرطان‬
‫فعل بخاليا جسدي‪ ،‬إجابة تههون علي الطريق وتهبطئ تآكل روحي‪ ...‬كنت‬
‫أود اختيار الشخص المناسب لهذا السؤال الخفيف فيما بدا الثقيل في‬
‫الخفي‪ ..‬على اجابت ِه تترتب الكثير األمور النفسية المبطنة في هذه الروح‬
‫الهشة‪ ..‬ألنها تود التواجد الخفيف المثقل بالمعاني في رحلتها مع الصديق‬
‫رفيق الرحلة ليس التواجد الذي يهثقلها‪ ،‬في نهاية الرحلة وبداية أخرى من‬
‫نوع همتفرد أريد رؤية نفسي مثلما أردت‪..‬‬
‫الروح كفراشة الربيع و همريحة الحرف كغيمة توسطت السماء ِلتهريح‬
‫ِ‬ ‫خفيفة‬
‫الناظر لها‪ ..‬همريحة الحضور ل أثقلت ول ثقلت‪ .‬وجدت نفسي أنا الشخص‬
‫المناسب المرجح لإلجابة‪ ..‬ألنني وجدت إجابته في نفسي‪- ..‬التعايش‪ -‬مع‬
‫السرطان! ف ِفي تواجده وزيارته لجسدي حكمة‪ !..‬في حضوره رسالة من‬
‫للا علي إدراكها‪ ،‬مع العالج النفسي ِلنفسي واألخذ باألسباب اختيار‬
‫الكيماوي سبيل لخاليا جسدي بدأ بالتالشي يوما بعد آخر‪..‬‬
‫البعض ينتظر اندثار جسدي والبعض اآلخر يتوقع رؤيته هزيل همنهك‬
‫لخسارته المعركة مع المرض‪ .‬إل أن العكس حدث حرفيا! وكأن همعجزة‬
‫إلـهية حلت بجسدي وسكنته‪ ،‬هزف لي خبر رحيل "الصديق" مه اندهاش‬
‫ثان" السر في التسليم‬
‫لك عمر ِ‬ ‫عمرك ِ‬
‫ِ‬ ‫الوجوه وكأن أعينهم تقول‪" ..‬فوق‬
‫هلل وقوته وجبروته "ل قوة فوق قوة العظيم" استقبل حينئذ الربيع ربيعا‬
‫آخر‪ ..‬ربع تجلت فيه زهرة دوار الشمس بحيويتها‪ ،‬زهرة الربيع ال همستثنى‬
‫لزالت في ريعانها تهضفي على كل الفصول ألوانا لم تهحدد مستويات لذتها‬
‫على العين‪..‬‬
‫الكاتبة‪ :‬أميرة علي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪27‬‬
‫"رحلة كفاح"‬

‫ماذا حدث! هل حقا استيقظت؟‪ ،‬أين الطبيب؟ هل ل زالت على قيد‬


‫الحياة؟‪ ،‬كنت أعلم أنها قوية تقاوم حتى أخر نفس‪ ،‬لم أرى مثلها في‬
‫مقاومتها لهذا المرض الفتاك قط! كهنت أستمع ل هك ِل هذه الحوارات من‬
‫جوانب الغرفة البيضاء المليئة باألجهزة‪ ،‬لقد أقمت في هذه الغرفة أكثر‬
‫من اقامتي في غرفتي بالمنزل‪ ،‬على أي ِة حال اعتبرتها غرفتي الجديدة‬
‫ولكن في مكان ليس بمنزلي‪ ..‬لم يخيل إلي يوما أن تحدث كل هذه‬
‫األشياء لي‪ ،‬ولم يخطر ببالي في حياتي بأنني سأصاب بهذا المرض‬
‫قط‪ ،‬ولكن هذا الذي حدث ‪ ...‬أحيانا تأتي الرياح بما ل تشتهي السفن‪،‬‬
‫أليس هذا صحيح؟ أعرفكم بنفسي‪ :‬أنا مريم ذات الثمانية عشر عام‪،‬‬
‫فتاة طموحة وتحب الحياة ولديها الكثير من األحالم‪ ،‬وكنت أعتقد بأن‬
‫الحياة سهلة جدا وليست بهذه الصعوبة‪ ،‬إلى أن استيقظت في أحد‬
‫األيام أمشي بصعوبة بالغة ول أستطيع أن أرى أو أمسك بأي شيء‬
‫إلى ان سقطت مغشيا علي‪ ..‬منذ ذلك اليوم بدأت المعاناة‪ ،‬أصبت ‪-‬‬
‫السرطان في رأسي‪ -‬أعتقد أنه من أخطر األنواع الخبيثة‪ ،‬على أية‬
‫حال توقع الجميع إنني سأكون مليئة باإلحباط وأن أسقط وأستسلم لهذا‬
‫المرض‪ ..‬ولكنني كنت أكبر من ذلك وكنت أضع خططا لجتياز المراحل‬
‫‪28‬‬
‫الخطرة‪ ،‬ل أنكر أن جلسات العالج الكيميائي كانت تنسل كالسم في‬
‫أوردتي وعانيت الكثير‪ ،‬وسقط شعري الناعم لتصبح القبعة رفيقتي‬
‫حتى في نومي‪ ...‬لم أستسلم وواصلت دراستي وأنا على الكرسي‬
‫المتحرك‪ ،‬كنت أقاوم وأقاوم‪ ،‬أسست الجمعيات الخيرية وتطوعت في‬
‫عدة أشياء‪ ،‬حققت البعض من قائمة أحالمي ولكن اآلن ل أعلم هل‬
‫سأفيق من غيبوبتي وأحقق البقية أم سيتوفاني للا ألصبح البنة‬
‫المكافحة للسرطان‪ .‬فقد الجميع أملهم وأصبحت كالجثة الهامدة منذ‬
‫شهور في الغرفة نفسها‪ ،‬لم أعش مثل الفتيات في عمري ولكنني‬
‫فخورة بنفسي وبإنجازاتي وبأن الحياة منحتني فرصة على األقل‬
‫لتحقيق جزء صغير من أحالمي الكبيرة‪ ...‬حسنا يا أصدقاء سأتوقف‬
‫هنا ولكن ‪ ...‬أريد أن أخبركم بأنكم أقوياء جميعا وقادرون على‬
‫المقاومة‪ ،‬أنتم من أشجع الناس في نظري لمقاومتكم جلسات العالج‬
‫والخروج منها تبتسمون رغم األلم‪...‬‬

‫هنا انتهت رحلتي مع السرطان ‪ ...‬إلى اللقاء لألبد‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬دعاء إبراهيم‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪29‬‬
‫لون طريقك باألمل"‬
‫" ِ‬

‫نحن ل نكتب أقدارنا‪ ،‬و لكن نستطيع أن نلون الصخور التي تقف في‬
‫طريقنا‪ ...‬بدأت قصتي في يوم مشمس بعد لعبي شوطا قصيرا من‬
‫الكرة الطائرة حيث شعرت بألم مفرط في يدي اليمنى ‪ ،‬و لكني لم أهتم‬
‫لهذا األلم كثيرا ‪ ،‬بينما كان هو مهتما بخراب جسدي ‪ ،‬و بعد عدة أيام‬
‫لم أستطع تحريك يدي كان كوعي مفصول شعرت حينها أني مصنوعة‬
‫من لعبة ‪ Lego‬حطمها طفل متهور للتو‪.‬‬

‫من هنا أصبح عدد األطباء و المشافي التي أزورها أكثر بكثير من عدد‬
‫أقالم التلوين خاصتي ‪ ،‬في تلك الفترة كنت باهتة اللون عديمة الحياة‬
‫" جثة هامدة يمكنها التنفس على األقل "‬

‫حتى جلست أعز صديقاتي على سريري األبيض الذي يلوذ به عدد‬
‫لمتناه من الخيوط و األجهزة التي تحاول إبقائي على قيد الحياة أكثر‬
‫مني ‪ ،‬و نظرت بحدة في عيني و قالت بصرامة ‪ " :‬استيقظي ما زلت‬
‫أريد القتصاص منك بشأن المقلب الذي أوقعتني فيه " لم تتحرك في‬
‫ت من أحجار البحر‬
‫أي شعرة حتى أردفت قائلة ‪" :‬هيا ملك لطالما صنع ِ‬
‫تحفا و لونتها ‪ ،‬ل يمكنك النظر بعجز هكذا " ثم قالت بصوت هادئ ‪:‬‬
‫‪30‬‬
‫" تعاملي مع مرضك على أنه صخرة كبيرة شاحبة قابلتها أثناء عبور‬
‫طريق قدرك و وجب عليك حملها ‪ ،‬و لكن لن تحمليها شاحبة اللون‬
‫هكذا أليس كذلك ! قومي و انقشي عليها بكل ما يصادفك في قدرك "‪.‬‬

‫ومنذ ذلك الحين و أنا أحمل أجمل صخرة على كوكب األرض‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬لمى حسين‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪31‬‬
‫"السيد الفتاك"‬

‫كانت أحالمي تتساقط كسقوط شعري‪ ،‬وأمالي تبهت كلون وجهي‬


‫واتخذني الظالم مسكنا له وقلبي الذي صوح وعيني التي تدمع كلما‬
‫تذكرت حالي‪ ..‬أما عن األفكار السوداوية اتخذت من عقلي موطن‪،‬‬
‫عقلي الصغير الذي ل يزال لم يستوعب إصابتي بهذا المرض اللعين‬
‫الفتاك الذي يدعى بالسيد " سرطان " عذرا سيدي ألم تجد مكانا‬
‫تستوطنه غير جسدي الصغير؟‬

‫ل أنكر سيدي بأنني رأيتك أسوء شيء قد يحدث لإلنسان‪ ،‬ولكن بعدها‬
‫أحببتك نعم! أحببتك سيدي ورضيت بما كتبه للا لي وتأقلمت مع حالتي‬
‫الجديدة‪ ،‬بل أصبحت اآلن أرى أنك أعظم هدايا للا لي‪..‬‬

‫أنت مستغرب من هذا الكالم يا سيدي؟‬

‫دعني أخبرك بما يدور بعقلي وقلبي الجسورين‪..‬‬

‫في البداي ِة ظننته إنك نهايةه حياتي التي لم تبدأ بعد‪ ،‬كنت أقول بأن‬
‫موتي بات قريبا جدا أقرب من حبل الوريد حتى ولكن! بعدها يا أيها‬
‫السي هد الفاضل المريم كما أخبرتك مسبقا رضيته بما كتبه للا لي وكتبته‬
‫لحياتي قصة جديدة اآلن أرويها لكم‪..‬‬
‫‪32‬‬
‫بفضلك سيدي تقربت لخالقي فبات لساني مرتويا بذكره بعدما كان‬
‫جافا‪ ،‬فأتى الذبول‪ ،‬وأذنان اللتان كانتا تستلذ بسماع الموسيقى اآلن ل‬
‫تهدأ إل بسماع آيات للا بصوت قارئي المفضل‪..‬‬

‫وأما عن قلبي الذي كان عاشقا للدنيا أصبح متعلق بخالقها‪ ،‬وأيضا‬
‫عرفت أن الدنيا زائلة غير دائمة‪ ،‬لم أعد ألهث وراء سرابها ولم أعد‬
‫أهتم بالمظاهر والمال وتلك الكماليات ذات اللمعة الكاذبة‪ ،‬وعرفت أن‬
‫أبسط األشياء هي نعم عظيمة كعظمة خالقها سبحانه وتعالى‪..‬‬

‫وأن الصحة كنز ثمين ل يقدر بثمن‪ ،‬اآلن بعد ما حادثتك سيدي وقلت‬
‫لك بما في جعبتي من حكايات أردت أن اودعك ألنني هزمتك وأحببت‬
‫أن أشكرك أيها الفتاك‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬بسمة المبروك‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪33‬‬
‫"لم يكن عائق‪ ،‬كان مصدر القوة"‬

‫ثم ماذا إن حاولت الحياة مرة واحدة أن تسير كما تشتهي أنفهسنا ‪!..‬‬

‫أسأل نفسي هكذا دوما‪ِ ،‬عندما أْشعر بإن روحي ِ تتمزقْ ‪ ،‬ويستح ِوذ الل ْم‬
‫متعب‪ ،‬ولكن أرس ْم على وجهي ِ ابتسامة مزيفة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫كافهة ربو ْع جسدي ِ ا ْل‬
‫أتظاهر بالقوة والالمبالة أمام الجميع‪ ،‬لزلته قوية للحد الذي يجعل‬
‫الجميع همندهشين‪ ،‬أهطمن قلبهم ِبأن سأتعفى قريبا وإن المرض لم‬
‫ينقص مني ِ شيء وسأكمل مسيرتي ِ في ِ الحياة‪ ،‬بينما أقو ْد بالداخل حربا‬

‫ل يعلم عنها أحد‪ ،‬ل حبذا أن أرى الستياء في أعيُّن عائِلتي ِ وأصدقائي ِ‬
‫س هرور لهم‪ ،‬فلن أسم ْح‬
‫وكهل من حوليِ‪ ،‬لقد كهنته ِباألمس محل بهْجة و ه‬
‫لمجر ْد وعكة أن تتمكن من غزو أرجائي وتقضي ِ على روحي ِ الجميلة‪،‬‬
‫لن أبالي فما هيا إل طفرة مؤقتة‪ ،‬سأفعلها وسأتمكن من اجتيازها‬

‫وأك ِهمل طريقي ِ نحو أهدافي ِ التي ِ لطالما حلمته بها همنذه ِ‬
‫الصغر ‪ ،‬الجميع‬
‫ينظر الي ِ بنظرة الحزن والشفقة‪ ،‬لطالما أحمل هذا المرض‪ ،‬في أي‬
‫دقيق ِة من المتوقع حدوث شيء ما لي!‬

‫هذا ما يدور في ِعقولهم أعلم‪ ،‬ولكن في كل مرة يأتو هن لرؤيتي ‪ ،‬أبث‬


‫في قلوبهم الراحة والسكينة‪ ،‬أحاول قدر المستطاع محْ و فكرة فقدي في‬
‫‪34‬‬
‫لزلته في ِ نظرهم تلك الفتاة القوية التي لم ولن‬
‫أي وقت ممكن‪ِ ،‬‬
‫يهزمها شي ِ‪ ،‬نعم هذه أنا أجدف في زورق الحياة المؤلمة‪ ،‬يوم بعد‬
‫يوم أكتشف ان الحياة مجرد وسيلة ناصحة البياض أرسمها بأفعالي‬
‫المرض‪ ،‬ولكن هاقد‬
‫ْ‬ ‫وتجاربي فالحياة‪ ،‬رسمته فيها تجربتي حيال هذا‬
‫أنا الن متعافية‪ ،‬فهو لم يكن عائق لي‪ ،‬بل كان مصدر ليزيدني قوة‬
‫وكبرياء‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬رواسي ِ بن ناجي ِ‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪35‬‬
‫"أنا وأنت والسرطان"‬
‫تأمل في كلمة سرطان‪ ،‬سوف تقول لي بحق للا كيف لكلمة "سرطان"‬
‫أن أتأمل بها حسنا كما تشاء‪ ،‬هل تريد أن تعاند اآلن وتقول "كيف لكلمة‬
‫سرطان أن أتأمل بها" إنك على خطأ ياعزيزي‪ ،‬مهال هل سوف تتوقف عن‬
‫إكمال القراءة وتقول سوف أعاند ولن أتأمل بها وتبا لهذه األحرف‬
‫الموجودة بالكلمة سرطان‪ ،‬هل تعلم بأن هذا ما أريده حتما أن تمل منها هذه‬
‫الكلمة ستصبح بارده بالنسبة لك هرغم حريق األلم الذي تفعله بجسمك‬
‫الجميل تعالى اقرأ معي هذه حسنا نعم عيناك اآلن الجميلتان أريدها أن تقرأ‬
‫لي إنها جميله‪ ،‬سأخبرك سر " همقلتيك التي تتدحرج بين كلماتي هذه هي‬
‫برمته" واآلن دعنا نرجع "سرطان"‪ ،‬ياللهول‬ ‫أجمل من نص هذا الكتاب ه‬
‫أين كهنا أعذرني فأنا كنت أشاهد كلبان شقيان يأكالن قطع اللحم‪ ،‬دعك منهم‬
‫همجرد فيلم أجنبي‪ ،‬سوف تقول ياترى ماإسم هذا الفيلم!‪ ،‬ل أريد أن أقرأ‬
‫إسمه إنه على شاشة التلفاز و بعيد‪ ،‬أين كنا!‪ ،‬أوو نعم "سرطان" انت اآلن‬
‫أريد عقلك الجميل اآلن أن يحذف أواخر الثالث األحرف اللعينة‪ ،‬على ماذا‬
‫س ْر فقط واصل الهجوم‬ ‫س ْر‪ ،‬نعم انت ِ‬
‫ستحصل ياترى!؛ حسنا ستحصل على ِ‬
‫عليه‪ ،‬أنا اآلن تخيلني "مرض السرطان"‪ ،‬وأمرتهك بأن تخاف مني‪،‬‬
‫ف مني اآلن‪ ،‬بحق للا هل ستخاف؟‬ ‫*هااااااااع* هيا هخ ْ‬
‫_ل أعتقد‪ ،‬هكذا هو‪ ،‬لماذا ستخاف منه بمجرد أن دخل جسمك اللطيف‬
‫وعلى خالياك الخارقة‪ ،‬هل ستسمح له بأن يتحكم بك هذا المرض التافهة‪،‬‬
‫سحقا له إذا‪ ،‬أنت بعزيمتك سوف تخرجه ألنه دخل من دون إذنك حتى!!‬
‫أيهعقل!‪ ،‬أظن أن السرطان قليل أدب‪ ،‬ل‪ ،‬بال أدب أصال أريد منك اآلن أن‬
‫ت فتاه ولم تقودي في حياتك البته‬‫تتخيل أنك تقود السيارة مهال أعلم إن كن ِ‬
‫هربما‪ ،‬ل داعي للقلق فقط تخيلي‪ ،‬لن أخبر والديك بأنك تقودي‪ ،‬نعم عهد‬
‫اآلن‪ ،‬أنت تقودين‪ ،‬اغمض‪ ،‬مقلتيك‪ ،‬نعم هذه العينان‪ ،‬انت تقود‪ ،‬انت جالس‬
‫المقود‪ ،‬ورأيت حي او شارع ورأيت أطفال وأشخاص‬ ‫اآلن‪ ،‬يداك على ِ‬
‫تحمل ورقه ضخمه جدا جدا بل ربما بحجم جبل إفرست‪ ،‬ههه نحن نتخيل‬
‫‪36‬‬
‫فقط ل تقلق‪ ،‬ومكتوب بها انت حقا جميل هذه األحرف‪ ،‬عيونك التي تقرأ‬
‫بها اآلن نعم انها لك‪ ،‬ماذا ستشعر؟‪ ،‬أظن بأنه شعور مذهل‪ ،‬صحيح!‪ ،‬اآلن‬
‫عد إلى هنا حيث الكلمات نعم هنا مرفأ هذا الكتاب‪ ،‬أريد أن أخبرك سرا‬
‫حسنا‪ ،‬أنت اآلن تقرأ في هذه األحرف‪ ،‬األحرف لطالما كتبتها أنا‪ ،‬أنا‬
‫ستمع إلى‬‫وأشاهد فيلما أجنبيا آخر غير ذلك الذي فيه الكلبان الجائعان‪ ،‬وأ ِ‬
‫موسيقى رائعة جدا وأكتب لك‪ ،‬و أستمع لـ اليسا األمر المدهش في‬
‫الموضوع‪ ،‬أنها كانت أحد ضحايا الناجين من هذا المرض!‪ ،‬وأكدت إليسا‬
‫على أهمية العامل النفسي في محاربة األمراض المزمنة والمميتة مثل‬
‫مرض السرطان‪ ،‬مشيرة إلى أن والدها كانت يعاني من مرض سرطان‬
‫المعدة‪ ،‬وأجرى عملية استئصال لجزء منها مع الخضوع للعالج الكيماوي‪،‬‬
‫ومع أن األطباء توقعوا له أن يعيش فترة ستة أشهر فقط‪ ،‬إل أنه عاش‬
‫سبع سنوات بفضل الطاقة اإليجابية والرعاية النفسية التي تلقاها من‬
‫عائلته ومحيطه‪ ،‬وهو ما حدث معها‪ ،‬قل لي اآلن لماذا أشعر بأن أسنانك‬
‫تريد أن تخرج من فاهك لتنعكس على هاتفك! نعم أصبت أريد أن أخبرك‬
‫بشيء همضحك لك‪ ،‬دعنا أنا وأنت نرجع إلى عام ألفان وثالثة عشر إلى‬
‫الخلف نعم‪ ،‬تعرف بما أشعر أنا اآلن؟‪ ،‬أريد أن أعرف بماذا تفكر وانت‬
‫موجود بذاك العام‪ ،‬ل أعلم هربما عمرك إثنا عشر عاما‪ ،‬هربما لم تولد بعد‪،‬‬
‫هربما أكبر بقليل‪ ،‬حسنا‪ ،‬دعني أخبرك بما جرى معي انا تحديدا‪ ،‬هذه‬
‫المزحة أيضا بخصوص مرضك‪ ،‬أنا أيضا مللت من هذه الكلمة معك حق‪،‬‬
‫عندما كنته هناك في هذا العام كانت همعلمتي تحضر لنا اختبارا‪ ،‬اوه حسنا‬
‫هذا سر تمام!‪ ،‬ل تخبر أحد‪ ،‬انا وقتها لم أدرس وامتحنت‪ ،‬كان هذا‬
‫اإلمتحان به سؤال "عرف السرطان"؟‪ ،‬أخشى أنها لم تقل "مرض‬
‫السرطان"‪ ،‬انا وبأنني مادة العهلوم ولم أدرسها البته‪ ،‬أنظر ماذا كتبت‪" ،‬إنه‬
‫مجرد حيوان يعيش في البحر"‪ ،‬هال ضحكت اآلن أم أنني لم أسمعك جيدا؟‪،‬‬
‫أن حقا بلهاء في وقتها‪ ،‬رغم إن األمر مضحك عندما تكتشف ذلك أيضا لم‬
‫يفتك الجزء المضحك اآلخر‪ ،‬أتت المعلمة وقالت‪ :‬احم يوجد طالب وكتب‬
‫سرطان يعيش على البحر‪ ،‬بحق للا كيف؟‪ ،‬انا وقتها لم أخجل‪ ،‬إن األمر‬
‫‪37‬‬
‫مضحك‪ ،‬وأيضا أضف إنها قالت يوجد شخص واحد أجاب على هذا السؤال‬
‫حتما لو قرأ كلماتي ل عرف نفسه‪ .‬خذ عنك هذا أن اإلجابة التي كتبتها‬
‫كانت همقاربه للحقيقة!‪ ،‬كيف ذلك؟‪ ،‬ألني وببساطه عندما بحثته عنه مؤخرا‬
‫إنه‪ :‬سمي مرض السرطان بهذا السم المستوحى من الكائن البحري‬
‫المسمى بالسرطان‪ ،‬أو سلطعون البحر‪ ،‬وذلك ألن طبيعة الورم السرطاني‬
‫الذي يقوم بمهاجمة الخاليا عن طريق زوائد تشبه األصابع سيكون تعبير‬
‫شكلي لشكل سرطان البحر!‪ ،‬المعنى الحقيقي لـ شر القهر ما يقهقه‪ ،‬أنا‬
‫اآلن اود أخبارك بأنني ربما أموت وأنا أكتب في هذه اللحظة‪ ،‬رغم بعد‬
‫دقائق من اآلن‪ ،‬أو على اإلفطار‪ ،‬أو ربما وانت تقرأ اآلن أنا أكون ميته‬
‫ي حينذاك‪ ،‬أنت ل تدري ماذا يكتب للا لنا أليس‬‫ويقرؤون الفاتحة عل ه‬
‫كذالك؟‪ ،‬وتذكر أن للا يريدك بجواره لقد أشتاق لك ربما‪ ،‬ألنك ببساطه من‬
‫خلقه‪ ،‬تذكر هذا هو من خلقك فمنك وحدك‪ ..‬انتبه!‪ ،‬أتريد أن تعرف ماهو‬
‫الفرق بين الحياه والموت؟ أتود حقا أن تعرف؟‪ ،‬هل حقا تود؟ تريد؟‪ ،‬حسنا‬
‫هخذ هذا‪ ،‬أتت الحياه وسألت الموت وقالت لها لماذا ل يهحبك الجميع وأنا‬
‫ألنك‪ ،‬كذبه‬
‫عكسك؟ "مع ضحكه صفراء"‪ ،‬ف أجاب الموت ورافعا أنفه ِ‬
‫جميله أما أنا حقيقه مؤلمه‪...‬قبل أن أختم كالمي لربما كان كالما فقط‪ ،‬ل‬
‫ت هذه وأن‬ ‫أعلم‪ ،‬مدى كم أود الحديث معاك أنت الكثير وأن أحتضنك بكلما ِ‬
‫أقول كل عبارات العالم أجمع إليك التي تعبر عن األمل لتحيا بها ولكن أو‬
‫بطريقه أخرى‪ ،‬لديك فرصه ِلتهثبت عكس التوقعات حول هذا المرض للعالم‪..‬‬
‫وحدك "أنت"‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬روزا عبدو‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪38‬‬
‫"نحن معك"‬
‫أنت شهجاع‪ ،‬منافح شرس‪ ،‬محارب جبهار ل مثيل له‬
‫أنت همقاتل السرطان‪ ،‬من تهحارب هذا العدو الذي لن يهفلح بالستيالء على‬
‫جسدك!‬
‫الجميع مؤمن ومتأكد أنك ستفوز‪..‬‬
‫ق بك‪.‬‬
‫بإصرارك وعزمك‪ ،‬ستتغلب على همناوئك‪ ،‬أثق ِبك‪ .‬والجميع يث ه‬
‫هل تعلم أنك همميز؛ تهحارب أحد أخطر المعارك في الحياة؟ هل تعلم أنه من‬
‫تح هل باإلرادة‪ ،‬الصبر‪ ،‬القوة‪ ،‬األمل والمواجهة‪ ،‬سيخضع هذا المرض‬
‫ويظفر عليه‪ ،‬ل بأس بالتضحية‪ ....‬فهناك قانون في هذا العالم يقول‪" :‬يجب‬
‫عليك أن تضحي بشيء لكي يكون بإمكانك فعل أي شيء"‬
‫لكي تتغلب على ما تهريد‪ ،‬ستضحي!‬
‫ولكن ل تقلق‪ ...‬سيعود كل شيء كما كان وأفضل‪..‬‬
‫ثق باهلل‪ ،‬وألنه للا فهو معك‪.‬‬
‫أشعل هروحك‪ ،‬وجدانك‪ ،‬فعل قدرتك‪ ،‬ستقدر على إنخاع هذا العدو والمرض‬
‫المسمى "سرطان"‬
‫للا أحب أن يختارك من بين عباده‪ ،‬أحب أن يبتليك؛ ليختبر صبرك‪ ،‬وألنه‬
‫بوسعك هزيمته‪ ،‬سيجازيك على تحملك وصالبتك‪ ،‬سيرمم كل المثقوبات‬
‫التي بداخلك‪ ،‬ثق به‪ ..‬ثق بنفسك‪..‬‬
‫ستزهر ستفعم مالحتك اغتباطا وحبورا‪ ،‬سيزخر فؤادك بالبهجة والرتياح‪،‬‬
‫ستهنأ ستشعر بشعور فذ‪ ،‬ستدرك لذة النتصار‪ ،‬جابه قليال بعد يا صديقي‬
‫فنحن معك‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬بهثينة ه‬
‫الزغداني‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪39‬‬
‫"ابتسم حتى في أشد ألمك"‬
‫" في البداية رفﺾ جﺴﺪي السﺘﺠابة لﻜﻞ أنﻮاع العالج الﻜﻴﻤيائي الﺬي‬
‫أهعﻄي لي بسبب إحباطي ونفسيتي المتدمرة ‪ ..‬كان األمﺮ بﻤﺜابة كارثة لم‬
‫أتح همل ذلك ذهبته مسرعا إلى بيتي واإلحباط يتملكني تماما‪ .‬ألقيته بجسدي‬
‫ال همنهك على السرير‪ ،‬وغرقت في النوم‪ ،‬ليس هناك ما أفعله سوى النوم‪،‬‬
‫وجدته على السرير ظرفا اتضح لي أنهه رسالة‪ ،‬سحبتها وفتحتها ببطء؛‬
‫كانت بدايتها " ابني العزيز أعل هم أنه محبط لي عدم تقبلك لعالجي وانهيارك‬
‫وأن المرض أحيانا يكون‬ ‫أن هذا امتحان من للا تعالى ه‬
‫التام ولكن أل تعلم ه‬
‫نعمة من للا تعالى وهذا قضاء يجب أل تعترض عليه يأبني‪ ،‬تقبله كما هو‬
‫وتح هل باإليمان‪ ،‬وليس كل مريض بالسرطان يموت بسببه‪ ،‬سأحكي لك قصة‬
‫شاب أصيب بالمرض و خاض تﺠﺮبة مﻤﺰوجة باأللم والﺪمﻮع ورحلة‬
‫شاقة مع رفﺾ أن يﻜﻮن مﺮيﻀا كان محبطا جدا من العالج‪ ،‬وأنه‬
‫سينتهي به المطاف حتما ولكن عند لقائه بفتاة في غرفة التجرع هي‬
‫األخرى مصابة ولكن تختلف عنه تماما فهي مؤمنة بقضاء للا وتعاملت‬
‫مع المرض بكل إيجابية‪ ،‬تحاور معها وحفزته على المقاومة وبالفعل‬
‫تجاوب مع كالمها لﻴﺼﺒح مﺜال يقﺘﺪي به كﻞ مﺮضى سرﻃان‪ ،‬يﺴاعﺪ‬
‫الﻤﺮضى ويﺤﻮلهﻢ مﻦ يحاول ان يغﻴﺮ مفهﻮم الﻤﻮت ويﻨهي كﻞ إياهم‪،‬‬
‫مفهﻮم البﺘﺴامة والﺜﺒات والمﻞ هﻮ معنى الﺴقﻮط في األلم‪ ،‬يجب أل‬
‫يﺨلﻮ عثرات مﺮات عﺪة قﺒﻞ الﺸفاﺀ لﻤﺮيﺾ الﺴﺮﻃان قﺒﻞ غﻴﺮه‪ ،‬إذا عليه‬
‫أن يصبر وثبت كي يﺴﺘﻄﻴع إكمال مسيرة‪ ،‬عالجه نﺘﻴﺠة المرض الﺸعﻮر‬
‫اإليجابي الﻮحﻴﺪ الﺬي يﺴﺘﻄﻴع التغلب عليه‪ ،‬ل تحزن أنك أُصبت بهذا‬
‫ليختبرك للا في مدى صبرك وأنه إذا أحب عبدا إبتاله ونحن‬
‫ه‬ ‫المرض‬
‫بجانبك دائما وبإنتظارك لتنتصر على هذا المرض الحزين تحلى بالتسليم‬
‫وقاوم فنحن ما زلنا بحاجتك‪ ،‬ل تدعه ينتصر عليك ويسحبك إلى تلك‬
‫ظلمة ابدية نصف العالج األمل باهلل‪ ،‬عند قرأتي لهذه االرسالة ذهب كل هذا‬
‫الحباط الذي اعتراني واستبدلتها براحه في داخلي‪ ،‬لم اشعر بها من أمد‬
‫بعيد‪ ،‬وكأن صخرة كانت على قلبي وازيحت يالهذا الشعور الجميل وهالة‬
‫‪40‬‬
‫طيف مهدت لسكينتي وتقبلي ورضاي‪ ،‬بعد اسبوع كانت لدي اخر جرعه‬
‫جهزت نفسي كما لم أتأنق من قبل صليت ركعتين وخرجت لي امي كانت‬
‫متفاجأة بمنظري ‪ ،‬شتان بين ما قبل واآلن غرقت عيناها بالدموع‬
‫واحتضنتني وقالت لي‪ :‬هذا ابني الذي أعرفه ذهبنا سويا لها مشوار نحو‬
‫العالج وأنا بكامل راحتي وهدوئي تعلو شفتي ابتسامة استسالم ورضا‬
‫بأمر للا وابتالئه‪ ،‬أخذت الجرعة أتى الدكتور ذا الوجه المطمئن‪.‬‬
‫قال‪ :‬إن المرض قد استأصل بالكامل‪.‬‬
‫بان إصابتك بأي مرض لن تزيدك إل قوة وإصرارا على المكافحة‬ ‫علمت ه‬
‫والوقوف بوجه الصعوبات أين كانت‪ ،‬أيقنت أن وجود أشخاص تشعرني‬
‫بالحب والقوة والحرص على بقائي متماسكا يعتبر من أهم وأقوى جنود‬
‫معركة الحياة نعلم اخيرا بأن بعد الضيق يكمن إل الفرج‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬مريم هيركة‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪41‬‬
‫"ماتت أمي وفاز الكانسر"‬
‫كهنت في الثالثة عشر من عمري عند وفاة أمي كانت مؤلمة أكثر مما كهنت‬
‫أتوقع كنت في سن المراهقة السن الذى شعرت بأن ل قيمة لي من دون‬
‫أمي‪ ،‬فقدت زهرتي الغالية وها قد أصبحت وحيدة وفي نهاية المطاف‬
‫أهصبت أنا أيضا بالسرطان‪ ،‬كانت أكبر مخاوفي من الساعة الثانية عشر‬
‫كاء‬
‫منتصف الليل كان وقت تألمي كان الوقت الذي يصل فيه صوت أنيني وبه ِ‬
‫غرفة أبي وكان يأتي مسرعا ليبقيني بحضنة لم يكن مثل أمي‪،‬‬ ‫إلي ه‬
‫وذات يوم سألته يا أبي لماذا ل يعيش اإلنسان ويموت الكانسر لماذا ينتصر‬
‫الكانسر دائما؟ لماذا يختار الكانسر الناس الذين دائما إلى جانبنا الذين‬
‫نحبهم بشدة‪ ،‬فأجابني أبي إذا كهنا في أحد الحدائق وقهلت لك أقطفي وردة‬
‫أي من ههن ستختارين؟‬
‫فكانت إجابتي أكثروهه هن جمال فقال لي هكذا يختار الكانسر من يريد‪.‬‬
‫كم هو قاس هذا المرض أخذ أمي ويريدني أيضا‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬فدوى السنوسي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪42‬‬
‫" أنا أقوي من السرطان"‬
‫أنا معلقة‪ ،‬لست بخير ولست ميتة‪ ،‬أنا ل أعلم كيف حالي‪ ،‬المستشفى بارد‬
‫وأبيض مع الكثير الكثير من التفاصيل الزرقاء‪ ،‬كل من حولي يبتسمون‪،‬‬
‫وخلف باب حجرتي يبكون‪ ،‬أفتقد وسادتي ورائحة المنزل وشجار أخوتي‪،‬‬
‫وصوت العصافير في شباك غرفتي‪ ،‬أفتقد دميتي ذات الشعر الوردي‪،‬‬
‫وألعاب طقم الشاي خاصتي‪.‬‬
‫أنا لم أعد جميلة‪ ،‬انا باهتة‪ ،‬أضمحل‪ ،‬أتضائل‪ ،‬أختفي‪ ،‬كريات دمي البيضاء‬
‫تتزايد‪ ،‬بما معناه أن جسمي يحارب نفسه‪ ،‬كان يأتي كل يوم ليمسك يدي‬
‫ويحكي قصة الفراشات من أجلي‪ ،‬يخبرني أنني جميلة جدا‪ ،‬ولزلت أميرة‪،‬‬
‫وأن كل هذا اللون األزرق لم يؤثر في ورديتي‪ ،‬كنت رغم صغر سني أدرك‬
‫على‬
‫ه‬ ‫أنه كان يقول ذلك ألنه فقط أبي‪ ،‬في واقع األمر لم أعد وردية تغلبت‬
‫زرقة المشفى‪ ،‬بينما كان يأكلني الفراغ أحضر لي أبي ألوان وأوراق‪،‬‬
‫ألعود للرسم ‪ ،‬أمسكت بالقلم‪ ،‬كانت يدي ثقيلة تؤلمني‪ ،‬أنا ل أقوى على‬
‫العودة لما كنت عليه‪ ،‬لماذا األمر مرهق لهذا الحد؟‬
‫أود جدا أن تعود براءتي‪ ،‬أن أعود تلك الصغيرة التي تعرف عن المرض‬
‫أنه رشح وارتفاع حرارة‪ ،‬كنت أتذمر من مرارة دواء السعال‪ ،‬لكن دواء‬
‫السرطان مؤلم‪ ،‬بينما كان هذا الدواء المؤلم يحرق عروقي‪ ،‬قررت أن أرسم‬
‫رغم ألم ذراعاي ورغم دواري ورغم خفقان قلبي‪ ،‬نظرت إلى بياض الورقة‬
‫الالمتناهي مثل سقف المشفى‪ ،‬البياض مثل األلم‪ ،‬مسطح‪ ،‬ومخيف‪ ،‬بدأت‬
‫أخط بقلمي المرتجف‪ ،‬أنا أشوه األلم‪ ،‬أكسر البياض الالمتناهي‪ ،‬أنا أتجاهل‬
‫جراحي‪ ،‬كانت رسومات تشبه الخربشة‪ ،‬لم تكن رسومات‪ ،‬كانت ألمي‪،‬‬
‫خوفي‪ ،‬تقدمي فالسن وكل ما يؤذيني‪ ،‬أكملت عالجي الكيميائي بقوة وأنا‬
‫أرسم‪ ،‬أفرغت السرطان في أوراقي‪ ،‬أنا أبدا لم أعد وردية‪ ،‬أصبحت أقوى‪،‬‬
‫أنا فعال قوية‪ ،‬أقوى من كل شيء حتى السرطان‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬مريم األسود‬
‫السرطان أرهقني‬

‫‪43‬‬
‫"أمل"‬
‫في الواحد والعشرين من يناير ‪..‬‬
‫بالرغم من ال هحزن الذي بداخلي ‪ ،‬إل أنني سعيدة جدا‪،‬‬
‫يا له من يوم سعيد ! ه‬
‫أخيرا انهيت امتحاني األخير‪ ،‬وسأذهب لزيارة أخي الذي أ ه ِصيب بسرطان‬
‫في الدم ‪ ،‬و الذي لم أراه منذ شهر ونصف ‪ ..‬وصلت لتو‪ ،‬كانت الساعة‬
‫تشير إلى السادسة والنصف مساءا ‪ ،‬السماء هملبدة بالغيوم المتنقلة ‪ ،‬المطر‬
‫يهطل بغزارة ‪ ،‬اتجهته للمركز الطبي ‪ ،‬حتي وصلته وجهتي ‪ ،‬كم تبدو تلك‬
‫المسافة طويلة جدا بين ما أشعهر به وبين ما أستطيع شرحه ‪.‬‬
‫دخلته ألراه‪ ،‬صغيري يجلس بين آلف من األجهزة ‪ ،‬أصوات مرعبة يقشعر‬
‫لها البدن ‪ ،‬حل الصمت المكان ‪ ،‬لم استطع أن اقترب منه وأضمه ؛ لما‬
‫يعانيه من نقص في المناعة والدم ‪.‬‬
‫راقبت عيناه الدامعتين المشتاقتين لطفولة جميلة‪ ،‬أن يعيش حياته مثل أي‬
‫طفل طبيعي‪ ،‬أصابعه المتورمة التي يلوح بها في الفراغ؛ بسبب العالج‬
‫الكيمائي صار جسده هزيل‪ ،‬لم يعد يستطيع الوقوف ‪ ،‬عاد كأنه طفل مازال‬
‫يتعلم المشي‪ ،‬تساقطت خصالت شعره‪ ،‬رحلت أحاديثه المغلفة بحلوى‬
‫الفرح‪ ،‬و بالرغم من األلم ليزال هناك أمل‪ ،‬وسيهشفي يوما‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬مها الطرش‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪44‬‬
‫"محاربي السرطان"‬
‫في زحام الحياة قد يطرق أبوابنا زائر ثقيل‪ ،‬لكننا مجبورين علي النيل منه‪،‬‬
‫في غرفة بيضاء تخلو من معالم الحياة ل دفء فيها‪ ،‬وألصحبه لي فيها‬
‫غير محلول كميائي فاقع اللون يتدفق داخل أوردتي يعبث بي‪ ،‬كما تعبث‬
‫رياح الخريف بأوراق األشجار‪ ،‬ليلتهب جوفي‪ ،‬وتهقطع السكاكين أمعائي‪،‬‬
‫حتي شعرت بالعجز‪ ،‬حينها تهادت إلى ذهني آية من القرآن الكريم كان‬
‫َّللا ما ل‬ ‫شكهو بثِي و هح ْزنِي إِلى ه ِ‬
‫َّللا وأَعْل هم ِمن ه ِ‬ ‫يتلوها علي والدي (قال ِٕانهما أَ ْ‬
‫ت ْعل همون) (يوسف‪ ،) ٨٦ ،‬حيث كانت هذه الٓية اشارة لي للرجوع إلى للا‬
‫المومن همبتلى‬‫من ضخم الحياة ومشاغلها‪ ،‬نعم هميقنة أنها دار ابتالء وأن ٔ‬
‫وإنا إليه لراجعون لك ِني أستعنت با ٔسمه الصمد العظيم حتي لأرجع إليه‬
‫خالية الوفاض فكان الصمد رفيق دربي عند خوفي وضعفي‪ ،‬وفي أشد‬
‫لحظات انهياري و آلمي‪ ،‬تذكرت أنك رب ال همعجزات في قولك تعالي (يا‬
‫س همهه يحْ ي َٰى ل ْم نجْ ع ْل لهه ِم ْن ق ْب هل س ِميا) (مريم‪،)٨ ،‬‬ ‫زك ِريها ِٕانها نهب ِ‬
‫ش هرك ِبغهالم ا ْ‬
‫حينها ايقنت و آمنت أنه جالله كما بشر زكريا بيحيى وامرأته عاقر أنه‬
‫قادر على أن يشفيني‪ ،‬و كنت مؤمنه أن نهاية هذه الحرب الشفاء‪ ،‬و فعال‬
‫لك لو أنكي‬‫كان الشفاء نصيبي بعد حرب دامت عام كامل‪ ،‬سأكون ممتنة ِ‬
‫أيقنت وأمنتي إيمان كامل أن للا سيشفيك‪ ،‬عند إذ ستجيدينني أن شاء للا‬
‫في نهاية السبق أنتظرك ِلههلل لك و أهبارك لك بالنصر المبين‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬فاطمة سالم القابسي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪45‬‬
‫"مرض الغربة"‬
‫قد أهسميه ِ‬
‫سر طال‪..‬‬
‫في الغهربة المريرة لزمني ِ‬
‫سر طويل أخفيتهه عن أه ِلي‪ ،‬وعن أحبتي‪،‬‬
‫سر فتت أضلهعي‪ِ ،‬‬
‫سر نهش عق ِلي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫سر لزمني‪،‬‬
‫سر أفقدنِي صوابي‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫الطوال‪ ،‬كهنته أشْعر وكأننِي هجثة‬
‫وب ِقى معي‪ ،‬طال ألنني ل أنام الليال ِ‬
‫سوى طبيبتي‪ ،‬كانت أملي‪ ،‬قهوتي‪ ،‬وصبري‪ ،‬كانت‬ ‫ليس ِلي أحد يدع همني ِ‬
‫سر‪ ،‬إلى ِحين انتصاري عليه‪ ،‬كانت‬ ‫اعمي األول ِحين ش ِهخصته بهذا ال ِ‬ ‫د ِ‬
‫تو هجهني ل ْلدهعاء و للصالة‪ ،‬كانت تقهول لي‪ :‬السبيل الوحيد إلنقاذك ههو‬
‫سميه بالسر؟‬ ‫دعائك‪ ،‬ربما تتسألون لماذا ا ْ‬
‫ِ‬
‫ألنه ِعندما كان شعري ينهمر كانهيار الد هموع‪،‬‬
‫الشاحب‪ ،‬ل أدري هل من الغربة أ ْم مرض الهغربة؟‬
‫ِ‬ ‫ووجهي‬
‫ْ‬
‫أخفت عن أ ْهلي كهل شيء‪ ،‬ل أ ْنسى معروف طبيبتي لي‪ ،‬صبرت‬ ‫طبيبتي ْ‬
‫الجي حتى شهفيت‪ ،‬طبيبتي في الغربة جزاك للا‬ ‫م ِعي‪ ،‬لزمتني طوال فترة ِع ِ‬
‫مريضتك التي أرهقتها غربة السرطان‪ ..‬كانت معكم طبيبة السر‬
‫ِ‬ ‫كل خير‪،‬‬
‫مريضتي التي أحببتها كثيرا وبقت في ذاكرتي ولم أنسى صرخاتها التي‬
‫تالحقني حتى في منامي بصوت ملئ بالوجع‪ ،‬وكأن الغربة تنتقم منها‬
‫تصرخ وتقول أرهقني السرطان‪..‬‬
‫الكاتبة‪ :‬مالك جمال أبو القاسم‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪46‬‬
‫" ليس السرطان بل زوجي"‬
‫أرهقني‪ ،‬أتعبني‪ ،‬نهش قوامي‪،‬‬
‫أسقط شعري‪،‬‬
‫أوغر على مالمحي‪،‬‬
‫أوقف حياتي‪،‬‬
‫قدم عمري‪،‬‬
‫نصب جسدي‪،‬‬
‫وصب مشاعري‪،‬‬
‫فتت قلبي‪،‬‬
‫بثر أضل ِعي‪،‬‬
‫ليس السرطان؛‬
‫زوجي‪..‬‬
‫ِ‬ ‫بل‬
‫ضيف‬
‫ه‬ ‫سي‪ ،‬تزوجني و ِعشنا حياة جميلة ِجدا‪ ،‬جاءني‬ ‫أحببتهه أكثر ِمن نف ِ‬
‫ثقيل قليال‪ ،‬رضيته به؛ ألنه من للا‪،‬‬
‫إسمه "السرطان‪ ،‬صرخته ‪ ،‬وفزعته ‪ ،‬وحاولته تكذيب الواقع في البداية؛‬
‫ولكن أمر للا لمحالة‪ ،‬تقربته إلى للا أكثر‪ ،‬كنت أصلي فروضي الخمس‬
‫فقط‪ ،‬ول أحفظ من القران إل جزء عم‪ ،‬مع الوقت بدأت أصلي النفل‪ ،‬حفظته‬
‫زوجي ورفيق دربِي و هحب حياتي‪ ،‬بِسبب وهني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أكثر من جزء‪ ،‬تركني‬
‫وتعبِي‪ ،‬وسقوط شعري‪ ،‬وتغير مالمحي‪ ،‬وشكوى جسدي‪،‬‬
‫تركني بدون شفقة‪ ،‬ولرحمة‪ ،‬ولحتى جبر لخاطري المكسور‪،‬‬
‫بعد همرور مدة تشافيت بفضل للا سبحانه‪.‬‬
‫وغادرني ضيفي الذي أشكره‪ ،‬وأشكر للا الذي أتاني به‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫علمني‪ ،‬فتح عقلي‪ ،‬أوقف سداجتني‪،‬‬
‫زوجي الغائب أو باألحرى طليقي‪،‬‬
‫تزوج وأنجب بنت جميلة‪ ،‬عندما رأيتهم سويا‪ ،‬شعرته بأنها أبن ِتي‪،‬‬
‫وقد تالقت أعيينا‪،‬‬
‫وارتعشت أيدينا‪،‬‬
‫وتسارعت قلوبنا‪،‬‬
‫رأيته ينادي باسم ابنته‪ ،‬كنت أظنهه أسمي‪،‬‬
‫المشكلة أن الفتاة مصابة بالسرطان أيضا‪ ،‬ضممتها وبكيت عليها‪،‬‬
‫وقلت لي أباها‪ :‬ل تخف ستعيش فقط توكل على للا‬
‫وذهبته ‪ ،‬ولكن لم أنسى الطفلة التي تابعت أخبارها‪ ،‬وترددته عليها‪،‬‬
‫ووقفته معها‪،‬‬
‫ودعمتها‪ ،‬وكنته عونا لها في ضيافة ضيفها الثقيل‪،‬‬
‫فرحت كثيرا‪ ،‬عندنا تشافت‪،‬‬
‫السرطان ضيف‪ ،‬والضيوف أنواع‪،‬‬
‫ونحن ل نختارهم‪ ،‬رغم كوني وحيدة؛ لكنني وقفت‪،‬‬
‫فوقف مع ابنته‪،‬‬
‫ه‬ ‫زوجي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وبعيدة؛ ولكنني تقربت‪ ،‬تركنِي‬
‫اتمنى السعادة لكل مصاب‪ ،‬ولكل من زاره ضيف السرطان يوما‪..‬‬
‫الكاتبة‪ :‬هديل جمال أبو القاسم‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪48‬‬
‫" رحلتي مع السرطان"‬
‫من ذلك اليوم المفجع وأنا حبيسة غرفتي المظلمة تحرقني شظايا أفكاري‬
‫اللعينة‪ ،‬وتتالعب خصالت األمل على رصيف الوداع‪ ،‬لم أصدق كالم‬
‫الطبيب حينما أخبرني بمرضي الخبيث‪ ،‬تهمته بالزور صرخت في وجه‬
‫بعتاب وقلت له‪ :‬غادر فأنت كاذب تراجع للخلف قليال فلمحت بريق الدموع‬
‫في عينيها ثم سالت كالنهر‪ ،‬اقتربت مني ومسحت على رأسي وقالت‪:‬‬
‫ستشفين يا ابنتي‪ ..‬لم أصدق قولها فهي تكذب على نفسها وتحاول أن‬
‫تخفف أثقال الهم عن روحي المرهقة‪...‬‬
‫أيعقل ذلك المرض استولى على جسدي النحيل؟‬
‫بدأ ذلك السؤال يتردد بداخلي وأصبت بالهوس عندما أيقنت أنني أصبحت‬
‫سجية هذا المرض اللعين‪ ،‬ورأيت الموت يدخل غرفتي دون استئذان هاهو‬
‫يقترب مني شيء فشيء ثم يتباعد وكأنه لم يكن! أقول لنفسي أيعقل لهذه‬
‫الحبوب التي أبتلعها هي التي تصده عني؟ أم كتب لي الصراع مع هذا‬
‫المرض؟ لم يشعر بوحدتي وحيرتي أحد سوى أمي التي سهرت الليالي‬
‫معي وهي تسجد هلل وترجوه وتتوسل إليه بأن يشفيني‪ ،‬كنت أراقبها من‬
‫بعيد ويعتصر قلبي أللمها أيا حزن لما سكنت قلبها الهش ؟ أل يكفيك أنك‬
‫ملكتني وأطفأت األنوار المشعة بداخلي؟ مرت األيام وكان فيها القلم رفيقي‬
‫والكتب هي من تساندني تخلوا عني كل األصدقاء خوفا أن أدعيهم بالمرض‬
‫أما أسرتي تغير تعاملهم معي أصبحوا يعاملونني كطفلة سترحل عن قريب‬
‫عنهم سمعتهم ذات مرة من خلف الباب يقولون" ل بأس تحملوها‬
‫وعاملوها بلطف وحققوا لها كل رغبتها وطلباتها أوامر فأيامها محدودة "‬
‫إختبئت تحت الغطاء وأغرقت بالدموع تحطم آخر أمل تبعثرت ذرات الحب‬
‫واحترقت األمنيات‪ ،‬أصبحت منطفئة تماما وحيدة بين الجميع إلى أن هدتني‬
‫الحياة صدفة أراحت قلبي المتعب من هذه التراكمات‪ ،‬إلتقيت بشخص‬
‫مصاب بمرضي بينما أنتظر دوري للقيام بالجرعة قال‪ :‬أرى الحزن قد‬
‫غزاك واستولى على خالياك أل تعلمين أن للا أعمق مما تظنين؟ وإن لم‬
‫‪49‬‬
‫تشفي فإنك ستذهبين لمالقاة الرحمن إلى جنة الفردوس‪ ..‬وابتسم ورحل‬
‫وترك خلفه حروفه التي بقت عالقة في ذاكرتي؛ بدأت أرددها دوما وبدأ ذلك‬
‫األمل ينبض من جديد بين أجزائي أنار وجهي من جديد وأخيرا عادت‬
‫طفولتي المهاجرة استغربت أمي من تغيري المفاجئ ولكنها فرحت‬
‫وحضنتني بدموع الخوف والحب‪ ،‬يا أماه هذا كتبه للا فأنا رضيت بما كتبه‬
‫فهو أرحم الراحمين بنا‪ ،‬فابتسمت بحزن وغادرت الغرفة و تركتني في‬
‫ميدان الحرب مع عقلي‪..‬‬
‫مرت األيام والشهور ولم يتغير شيء في حالتي ذهبت مع أمي وأبي للقيام‬
‫بآخر جرعة وهنا كانت الصدمة الفاجعة المفرحة حينما أبشر الطبيب‬
‫أسرتي " ابنتكم شفيت واختفت أعراض المرض ولكن انتبهوا لها لربما‬
‫تسقط وتحدث لها أعراض جانبية " ياهلل لك الحمد والشكر على رحمتك‬
‫وهنا عادت الحياة مجددا وكأن ما حدث كان مجرد حلم أو إحدى القصص‬
‫الخرافية التي ترويها لي جدتي قبل النوم بالكاد كنت أعد األيام التي تبقيت‬
‫لي وهذا الخبر أفجعني وقلت صدق ذلك المرء حينما قال‬
‫" وهو أعمق مما تظنين " ‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬عائشة محمد محياط‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪50‬‬
‫"هزمني"‬
‫كتبتْ آخر كلمة في تلك الورقة وزينتها بحروفها الجميلة‪ ،‬ابتسمت برضا‬
‫ونظرت إلى النافذة‪ ،‬اندمجت أشعة الشمس مع عيناها لتحدث ضجة جاذبية‬
‫ل يملكها أحد سواها‪ ،‬كانت تتذكر كلماتها التي خطتها بيدها قبل وقت قليل‪:‬‬
‫أرهقني السرطان وانتقم مني‪ ،‬حاولت أن أكون أقوى منه لكنه دمر جسدي‪،‬‬
‫دمر قلبي عندما رأيت نظرة الحزن في عيني أمي‪ ،‬لم أتمالك نفسي عندما‬
‫أنظر إلى المرآة فأرى فتاة أخرى نقيضة الفتاة التي كانت باألمس‪ ،‬ها آنذاك‬
‫أنك‬
‫ألملم شتات ذكرياتي‪ ،‬سجدت سجدتان سقط فيهما كل حزني‪ ،‬أمي‪ ،‬أعلم ِ‬
‫سوف ترين هذه الكلمات عندما أكون تحت الثرى‪ ،‬أجزى بنا فعلت في‬
‫دنياي وعليه ستكون آخرتي‪ ،‬أتمنى أن يكون مرضي هذا مكفرا لذنوبي‪،‬‬
‫أحبكم جميعا‪ ،‬غادرت فلذة كبدي‪ ،‬هذا ما كانت تردده أمها عند قراءتها هذا‬
‫الظرف الذي‬
‫عنوانه الحزن ورائحته األلم‪.‬‬
‫غادرت‪....‬‬

‫الكاتبة‪ :‬عائشة أبوراوي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪51‬‬
‫"ليت ما كان يعود يوما"‬
‫ليت‪ ..‬كانت كلمة أهكررها كل يوم‪ ...‬وفي كل حين‪!..‬‬
‫ليت الماضي يدق أبوابي‪..‬‬
‫ليت الشفاء يأتيني‪..‬‬
‫وليت األلم يبتعد عني‪ !..‬كنت كلما أرى ماهو اسوء مما أنا فيه‪..‬‬
‫أقول الحمد هلل‪ ،‬ل اعتراض على قدرك‪!..‬‬
‫كانت السماء مهربي‪ ..‬واألرض مخبئي‪..‬‬
‫وللا مخلصي‪ ..‬وملجئي‪..‬‬
‫كنت ‪ ...‬وما زلت ‪ ..‬أحلم‪..‬‬
‫أن تالمس زهرات البستان قدماي‪..‬‬
‫وأن تضرب نسمات الهواء وجهي‪..‬‬
‫وأن أمشط على األقل‪ ..‬خصالت شعري‪..‬‬
‫ولكن ل شك‪ !..‬أنني أؤمن باألمل‪..‬‬
‫يكفي أنني أدعوا للا كل ليله‪ ..‬أن أعود إلى سابق عهدي‬
‫وأن ترجع لي صحتي‪ ..‬وأن يعود اللمعان إلى عيناي‪..‬‬
‫وأن تنغرس البتسامة على شفتاي‪ ...‬من جديد‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬مي الهدوي البوني‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪52‬‬
‫"رغم األلم ‪..‬كن أنت"‬

‫ترى هل سيسمح لنا هذا العالم بالرغم من ذلك الضجيج الذي يجوب‬
‫انحائه‪ ،‬بإخبار أحدهم أنه الحياة بالنسبة لنا‪ ،‬وأننا نتحطم وننكسر تبهت في‬
‫أعيننا كل األشياء عندما يحزن‪ ...‬فيصبح هذا العالم ل لون له‬
‫ول طعم ول رائحة‪...‬‬
‫ترى هل سيسمح لنا بإخبار من نحبهم أننا باقون معهم مهما‬
‫حصل‪ ،‬بالرغم من تصاعد أدخنة الغدر والخيانة في كل مكان‪ ،‬هل سيسمح‬
‫لنا هذا العالم الكئيب بتسامر‬
‫أطراف الحديث مع أحدهم دون أقنعة يرتديها كل منا تعلوها ابتسامة‬
‫صفراء‪.‬‬
‫هل سيفعل يا ترى؟‬
‫ياعزيزي‪ ،‬تقبل حياتك كما هي‪ ،‬ل تفترض أنه فاتك شي‪ ،‬حياتك مكتملة ل‬
‫ينقصك شي‪ ،‬تحتاج فقط أن تعيشها كما هي بدون شروط‪ ،‬تعامل مع كل‬
‫أحد وكل شي حولك كما هو‪ ،‬ل تترقب وتنتظر أن يتغير‪ ،‬ل تربط سعادتك‬
‫بشي غير موجود في حياتك اآلن‪ ،‬أنت‬
‫تصنع السعادة‪ ،‬وليست هي التي تصنعك‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬رنا علي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪53‬‬
‫"بعد إرهاق الحياة استملني السرطان"‬

‫تشتت الرؤية لدي عندما انصت إلى الطبيب وهو يخبر العائلة انني مصابة‬
‫"بالسرطان"‪ ،‬اخدت الصدمة طريقها على وجهي‪ ،‬ولكنني مع ذلك كنت‬
‫مؤمنة بأنني سأشفى‪ ،‬بالرغم من كل شئ حدث معي فقد اتجهت إلى ركن‬
‫الصالة وبدأت ادعو للا بقلب صادق‪ ،‬ذرفت دموع الكثير من الدموع‪ ،‬لم‬
‫يكن بالمرض الصعب امام ما واجهت من جروح‪ ،‬ولكنه كان اعمقها‪،‬‬
‫حسمت امري‪ ،‬وذهبت إلى الطبيب وتعالجت وحمد هلل قد شفيت تماما منه‬
‫باإلرادة القوية‪ ،‬العزم األقوى‪ ،‬واألهم من ذلك الدعاء باإللحاح‪.‬‬
‫ل تجعل المرض يتغلب عليك بل اجعل من نفسك ان تتغلب على المرض‪.‬‬

‫الكاتبة‪ :‬رشا حسام الزروق‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪54‬‬
‫" فاز السرطان ومات أخي"‬
‫منهمر يسقى تراب الرض الجرداء ماسكا بقبضة‬
‫ه‬ ‫واقفا على قبرة والدمع‬
‫يده ترابة الذي حضنة بعيدا عنه‪.‬‬
‫بأصوات ترجف له الجسا هم‪ :‬هذا حسام الخ الوفي الذي ولدته له اليام‪.‬‬
‫وفى وقوفه للطالل مارا علية شريط السنين ‪.‬‬
‫في فناء المدرسة العدادية فتى هادئ ثيابا نظيفة وكريقة األكل المهذبة‬
‫التي تجذب النتباه‬
‫مهرول حساما إلية ‪ :‬مد يده له أهال ادعى حسام‬
‫الفتى‪ :‬أسمي زين تشرفت بك‬
‫حسام‪ :‬لم اتوقع انك ذكى لقد اذهلت الفصل بأجابتك على السؤال‪.‬‬
‫زبن‪ :‬بخجل شكرا‪.‬‬
‫تبادل أطراف الحديث وبدأ الستمتاع وهذه بداية للفرقة لكالهما‪.‬‬
‫أزداد الحديث وكانت األيام خير دليل ل رباطة الصداقة بينهما‪.‬‬
‫حسام الفتى األول على الصف دائم الصمت أصبح له رفيق وليس أي رفيق‬
‫أنه المنافس الذكى والند القوى والخ الحنون والصديق الوفي‪.‬‬
‫ولكن ياليت السعادة تطول‪.‬‬
‫زين بدأ يتغير قليال ويغيب ليغير العادة أصبح هزيال مصفرا ولكنه لم يخبر‬
‫حتى حسام بأمرة‬
‫فهو مريض سرطان يتألم لوحدة وسأتخذه الدنيا لحتضنه التراب رغم‬
‫صغرة وهو يبلغ ‪ 13‬عام‪ ،‬حسام لم يكن يعرف ولكنه كان يشعر بأمرا ما‬
‫حيال زين وانه يعانى من شئ‪ ،‬حاول حسام فتح الموضوع ويجبر زين‬
‫بالشعور اتجاهه ليتقاسم معه ألمه‪.‬‬
‫كان جواب زين دوما هو‪:‬‬
‫‪55‬‬
‫وضع ابهامه على جبهة حسام قائال‪ :‬ضاحكا أني بخير ل تقلق‪.‬‬
‫يشعر زين دوما بالحزن كان يريد إخبار حسام لمرة لعله يخفف من نار‬
‫جوفة ولكن هناك شئ يوقفه دوما‪.‬‬
‫غاب زين عن المدرسة ألسبوع ولكن المر المخيف أن زين لم يخبر حسام‬
‫في نهاية الدوام الدراسي لم ينتظر أكثر ذهب جاريا لمنزله دق بخوف وهو‬
‫ينتظر زين ليفتح له‬
‫فاذا بأم زين( فردوس) أهال بني‪.‬‬
‫حسام ‪ :‬خالتي أريد زين‬
‫وهنا كانت المفاجئة زين في المشفى‬
‫سقطت هذه الكلمة على حسام كالصاعقة كيف ولم؟ ومنذ ؟متى؟‬
‫فردوس‪ :‬بالتردد ج ج جرعات الكيماوي‪..‬‬
‫شعر حسام لوهلة أنه فقد توازنه وتخدر تماما‪.‬‬
‫جر نفسة للمشفى إلى أخيه‪ ،‬ليعرف ويرى حالة في مخيلته مرة يجرى‬
‫ومرة يسقط وتارة يتوقف لم يعد يعرف ما يفعل‪.‬‬
‫بحث بسرعة الغرفة ‪ 55‬ليفتحها بدون استئذان حتى‬
‫والدمع على مقلتيه ويمشى بهدوء نحو زين ل أصدق الفتى الجذاب هزيل‬
‫هكذا وهو يمسح على شعرة مابك ها لم لم تخبرني؟‬
‫زين‪ :‬يتحاشى النظر إليه وجسده في كل مكان مربوط بجهاز يبدو ان‬
‫المرض سيتغلب عليه‪.‬‬
‫حسام‪ :‬قف هيا واريني الفتى المفعم بالحيوية والنشاط‪ ،‬لست زين لم لونك‬
‫شاحب عينان مسلبتان المعان‬
‫زين‪ :‬أنا في لحظاتي الخيرة‬
‫حسام‪ :‬أصبح يرتعش وهو يمسح على شعره بالحنان أنت بخير صح؟‬
‫‪56‬‬
‫هيا قف نريد أن نلعب‪.‬‬
‫زين‪ :‬بصراخ قلت لك أنا في أيامى الخيرة‪ ،‬اذهب لنتظرني إن‬
‫المرض أقوى منى لقد تعبت‪ ،‬أنا لست بخير حسام وبدا يبكى وجلس قليال‬
‫تلى السرير يصف له شعوره‪ ،‬أن دخول البرة في جسدي جعلني الة اللم‬
‫يحيط بي‪ ،‬لقد اصبح جسمي ملئ بالثقوب اهفت عنك المر لكى ل تحزن‬
‫على او تقلق؛ ولكن لم يعد هناك داع للهروب مرضي كالغيمة السوداء‬
‫حسام تخيط بي وتسلبني أحالمي انتهى أمرى‬
‫حسام ‪ :‬ينظر لسقف الغرفة واخذ نفسا عميقا ستتغلب عليه هيا‬
‫أخرجه الطبيب بالقوة فقد حان موعد العالج لزين وهو يصرخ ل أريد‬
‫ولكن ما بيد حيلة‬
‫ما لبث إل أسبوع واخذ للا أمانته‪.‬‬
‫انتهيت حياة زين‪ ..‬حسام وهو يسير في جنازته طيف زين معه في كل‬
‫مكان لم يصدق ما حصل وكيف كان كالحلم واعتاد على زيارة قبرة وهو‬
‫يخبره بأحداث يومه وجديده‪ ،‬ويمسك بالقبضة يده ترابة ويبكى‪ ،‬وهو يتخيل‬
‫أخر لقاء كيف كان يصرخ من المه وهو عاجز عن مساعدته كيف كان‬
‫مظهره‪ ،‬وشعره كيف أصبح أصلع مسلوب الرادة‬
‫فاز السرطان على أعز من لديه‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬إيناس جعفر‬

‫السرطان أرهقني‬

‫‪57‬‬
‫"كن صبورا ومتفائال"‬
‫سعادة‪ ،‬افتحي لنفسك نافذة‬ ‫طرقات ال ه‬‫هكن صبورا ومتفائال بال همضي قهدما إلى ه‬
‫األمل وأطلق العنان لروحك الجميلة كي تتنفس منها‪ ،‬كهون همترقبا للفرج‬
‫القريب‪ ،‬همتأهبا ومستعدا لستقبال الفرح‪" ،‬وما يهدريك ! لع هل قافلة العزيز‬
‫في طريقها إليك"‬
‫تمسك ِبأولئك الذين يتحملونك ويصبرون على زلتك الذين يحتضنون‬
‫عهيوبك ويفتحون لك قلوبهم ليجعلوها مأوى تستريح فيه من هزحام األيام‬
‫‪،‬الذين يتفرغون ِبأنفسهم لينشغلوا بلملمت انكساراتك وأوجاعك فيبدلوها‬
‫إلى كثلة من اإلشراق واإليجابية‪ ،‬الذين يربتون على كتفك عندما تتعثر في‬
‫طرقات الحياة ومعتركها‪ ،‬الذين ل يرون منك إل جانبك ال همضيء‪ ،‬الجانب‬
‫الذي يجعلهم يهجنون بك ويستعذبون البقاء معك حتى في أحلك لحظاتك‪.‬‬
‫الكاتبة‪ :‬ندى دابي‬

‫السرطان أرهقني‬
‫‪58‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫شكرا لتلك األنامل المبدعة‬
‫تلوح في سمائنا دوما‪ ،‬نجوم براقة ل يخفت بريقها عنا لحظة‬
‫واحدة‪ ،‬نترقب إضاءتِها بقلوب ولهانة‪ ،‬ونسعد بلمعانها في‬
‫سمائنا كل ساعة‪ ،‬فاستحقت وبكل فخر أن يرفع أسمائها في‬
‫عليائنا‪ ،‬لكم مني كل الثناء والتقدير‪ ،‬بعدد قطرات المطر‪،‬‬
‫وألوان الزهر‪ ،‬وشذى العطر‪ ،‬على مجهوداتكم الثمينة والقيمة‪.‬‬

‫هند مصطفى أبوعامر‬

‫‪59‬‬
60

You might also like