Professional Documents
Culture Documents
سرطان
سرطان
السرطان أرهقني
تصميم الغالف:
أنفال
2
السرطان أرهقني
يم.
الع ِظ ِ صدق للاه
3
السرطان أرهقني
اإلهداء
المقدمة
عزيزي القارئ الجميل..
ابتسم أول ،أجل هكذا...
هل تعلم أن المقدمات ل يقرأها أحد؟ ،لذلك اعتمدنا عليك
أن تضع المقدمة بنفسك ،ونرى مدى معرفتك حول مرض
السرطان...
أبدع بقلمك يا عزيزي المحاله.
5
السرطان أرهقني
الفهرس
اآلية3.....................................................................................
اإلهداء4...................................................................................
المقدمة5..................................................................................
هند مصطفى أبوعامر /السرطان أرهقني8.............................................
أنسام الحجاجي /يبتليك ليختبرك10.....................................................
إبتهاج إبراهيم /لم يعتبني السرطان ،أتعبتني تلك النظرات 11.......................
سارة محمد /سميته بالمحارب12.......................................................
تسنيم خالد /صراع األلم14..............................................................
أروى عبدالباسط /ل تيأسوا إنه ابتالء محب15.......................................
فاطمة فرج الورفلي /ابتسم رغم ألمك17.............................................
صالحة علي /آلم قاتلة19..............................................................
آلء األشهب /اإلنتصاراألبدي20.......................................................
أميرة علي /ل نكتب أقدارنا26.........................................................
دعاء إبراهيم /رحلة كفاح28..........................................................
لمى حسين /لون طريقك باألمل 30...................................................
بسمة المبروك /السيد الفتاك32.......................................................
رواسي بن ناجي /لم يكن عائق ،كان مصدر قوة34................................
روزا عبدو /أنا وأنت والسرطان36..................................................
بثينة الزغداني /نحن معك٣٩.........................................................
6
مريم هيركة /ابتسم حتى في أشد ألمك4٠...........................................
فدوى السنوسي/ماتت أمي وفاز الكانسر٤٢.........................................
مريم األسود /أنا أقوى من السرطان٤٣.............................................
مها األطرش /أمل٤٤.................................................................
فاطمة القابسي /محاربي السرطان٤٥...............................................
مالك جمال أبو القاسم /مرض الغربة٤٦...........................................
هديل جمال أبو القاسم /ليس السرطان بل زوجي٤٧..............................
عائشة محمد محياط /رحلتي مع السرطان٤٩......................................
عائشة أبو راوي /هزمني٥١.......................................................
مي الهدوي البوني /بعد إرهاق الحياة استلمني السرطان٥٢.....................
رنا علي /رغم األلم كن أنت٥٣......................................................
رشا حسام الزروق /ليت ما كان يعود يوما54.....................................
إيناس جعفر /فاز السرطان ومات أخي55..........................................
ندى دابي /كن صبورا ومتفائال58...................................................
7
السرطان أرهقني
"السرطان أرهقني"
في تلك الليلة الدكناء بينما الجميع نائم ،أنا أحارب صراعا ،مع ذلك المرض
اللعين أتألم بشدة ،أريد أن أهزم ذلك األلم ،النوم منقطع ،الوجع يزداد
أرغب بالصراخ ولكن كيف! ..
إن صرخت فالجميع سيصْحوا ،وبدل من أن يهتموا لي ألمي ،سيقولون "
لما صرختي يا مجنونه لقد ايقضتينا من نومنا" تب لك يا حمقاء،
أما أنا ما سأقول؟
لم أنم قط ،أصارع األلم وحدي ،ل أحد مهتم لو كانت أمي هنا ل اهتمت
ألمري ،ولم تنم إل لما نمت انا ،ولكن صعب العيش مع امرأة ابي ،لم
ترحمني يوما ،رغم اصابتي بالسرطان ،كانت قليلة األدب معي ،وهذا
الوصف قليل بها ،دائما ما تتمتم لبي " :ل تحضر لها الجرعات دعها
تموت ،تصرف مالك عليها وهي لم تشفى إلى الن ،ثم تقول بينها وبين
نفسها ،جدري يرفعك ونتهنوا منك " ،ماذا فعلت لك أنا؟
هل اذيتك؟ هل جرحتك بكلماتي يوما؟
انا مجرد طفلة غادرت أمها وجعلتها تصارع المها وألم فوق ألمها ،ماذا
فعلت؟ ل استحق كل هذا ،رفقا بي ،لو كانت أمي هنا لختفى السرطان من
شدة الخوف منها ،لن ادعك تسيطرين علي ،في هذه الحجرة المظلمة ل
ضوء فيها ،سأهرب صباح الغد إلى جدتي ،وأخبر ما حل بي منذ أن اتت
إلى بيتنا تلك المجرمة ،ياهلل هاقد اصبح الصبح ولم ينهض احدا ،سأخرج
من نافذة حجرة ابنتها حتى ل تشعر بي ،إلى اللقاء تركت لكم كل شي،
سأذهب إلى جدتي اللطيفة...
طق طق طق ،فتحت جدتي الباب ...
انهمرت بالدموع ،ياجدتي أنا أتيت لي أعيش معك ،سأخبرك بما جرى لي،
8
يا جدتي انا مريضة بالسرطان ،وليس لي أحدا غيرك ،أهدئ يا بنيتي
المحبوبة ،غدا سنذهب مع بعض إلى المشفى وتتلقين العالج ،أعرفك قوية
ت حفيدتي اللطيفة ،ذات القلب كأمك ،بنيتي ل تقلقي انا معك ولن اتركك ،ان ِ
األبيض ،والبتسامة الجميلة رغم ألمها ،سيشفيك للا بعد كل هذا العناء،
ولكن يا جدتي أرهقني السرطان واتعبني بشدة كرهت كل شي بسببه بت
أموت منه ،لما تقولين هكذا ،ل تقلقي إن للا معك ،وسيشفيك...
بعد بضعة أيام من الصراع مع ذلك المرض اللعين ،ذهبنا
إلى المستشفى أنا و جدتي...
وهنا كانت فرحة كبيرة بعد كل هذا التعب ،واآللم الجرعات الكيماوية،
اليوم تلقيت خبرا جميال ،لقد شفيت الحمد هلل...
الحمد هلل ياجدتي قد شفيت وفزت على السرطان ،وكما قلتي أنا قوية مثل
أمي ،وسأهزم المرض ،وها أنا فزت عليه بعد تعب وارهاق الحياة
ومتابعها ،الحمد هلل الذي عفاني بعد ما أصابني.
السرطان أرهقني
9
"يبتليك ليختبرك ثم إذا نجحت نلت شرف الجنة"
إنها جملة تستحق أن تخوض ألجلها معارك عدة وليس معركة واحدة فقط،
تستحق أن تدرف كل ما عندك من قوة وجهد لنيل ذاك الشرف ،ثم إننا ل
ننسى أن رحمته أكبر من ابتالئه ،ستمسسك رحمته في الوقت المناسب
لها ،ولكن لحين ذلك عليك أن تقاتل ،فاألمر يحتاج للكثير من الصبر لتنال
الكثير من الرضى منه ...إن الذين يخبرونك انه مرض خطير أهبصق في
وجوههم وقل لهم بل رحمة أكبر ،من قال لك أن مصير هذا المرض
الموت؟؟ لماذا بكيت كثيرا عندما علمت بأنك مصاب وبدأت في توديع من
حولك بحجة أنك ستموت!؟ لماذا كل هذه الوصايا التي قلتها لوالديك؟؟!! هم
قالوا أنك مصاب لم يقولوا ملك الموت في إنتظارك! اهدأ واسكن ودعني
أهخبرك بما لم يقولوه لك..
كونك أهصبت به فهذا ما قدره للا لك ،أم أنك تيأس فهذا مال يريده للا منك،
إنه يختبرك كما يختبرنا جميعا ،ما اختبرنا ال ليعلم مقدار حبنا له وإيماننا
به ،هناك من ابتاله للا في أهناس كانوا لهم الدنيا بأكملها ،تختلف طرق
البتالء ولكن الغاية واحدة ،الغاية تخفيف الذنوب ورفع المقامات ،ثم إياك
الحتجاج على ما أصابك ،قل الحمد هلل وأنظر للحمد ما يفعله بهذا المرض
اللعين ،أهقسم أنه يحرقه بطريقة ل يجرأ على فعلها الكيماوي ،ثم إنك إذا
صبرت وخرجت من هذا التحدي الذي قدره للا لك ،فإنك نلت ما نتمناه
جميعا ،نلت مكانا في الجنة ،فكلما ذهقت درعا من المرض ساند نفسك
بالجنة ،إنه ابتالك وإنه لقادر ع شفائك في لحظة ،ولكن أتتك فرصة
اغتنمها ،وبعد اغتنامها ستشفى بإذن للا ،فانهض بهمة عالية فهناك مرض
لتههلكه..
الكاتبة :أنسام الحجاجي
السرطان أرهقني
10
"لم يتعبني السرطان أتعبتني تلك النظرات"
كانت واقفة تنظر لنفسها في المرآة وفي عينيها قوة كبيرة ،يستحيل أن ترى
مثلها أبدا ،عادت بذاكرتها للوراء قليال ،قبل عام من اآلن ،كانت علي سرير أبيض
باهت اللون كعيناها في ذلك الوقت كل شي قد أصبح في نظرها مثل هذا السرير
ويكاد أن ينعدم لون الحياة في عينيها ،تشد علي غطاء السرير بقوة ،ودموعها
تتساقط بوجع ،لم يبكيها المرض ،ول ذلك السم الذي تتجرعه ،يجري في عروقها
وكأنه تيار كهربائي؛ ولكنها تعبت من نظرات الشفقة في أعين الناس ،وكأن
مريض السرطان وحده من سيموت ،وكأن الموت ستأخذ المرضى فقط ،إن الموت
قريبة منه دائما ،ل يوجد أحد منا يعرف متى سيموت ،قد يموت اليوم إنسان بكامل
صحته؛ وآخر مريض يعيش بعده عشرة سنوات ،إن الموت حق علي الجميع
وليس علي من أصيبوا بالسرطان فقط ،كأنه مجرد أنه أصيب بالسرطان أنه
سيموت ،إن األعمار بيد للا ول أحد يعلم أجل أحد ،وأن الذي يمرض قبل أن
يموت ،أفضل من شخص مات علي غفلة وهو يكاد أن ينسى أسم الرسول من
شدة غفلته ،مغفلون هم الناس ،مساكين وهم أولي بنظرات الشفقة تلك ،في تلك
الليلة التي كانت تبكي فيها بألم ،لم يسبق أن شعرت مثله من قبل ،سمعت خالتها
تتحدث وتقول بأنها تريد أن تقيم عرس إبنها قبل أن يأخذ للا أمانته ،تقصد عليها،
شعرت بأنها في تلك اللحظة فقط أصابها السرطان حقا ،أصابتها سهام الكلمة في
عقر فؤادها ،لم تتألم من المرض بقدر ما تألمت تلك اللحظة ،لم يؤذيها السرطان،
بل آذتها خالتها ،مات شيء ما في داخلها تلك اللحظة ،بينما بقت هيا علي قيد
الحياة تحارب ،حتي أثبتت للجميع أنها قوية ،وأن الموت ليس بالضرورة يأخذ كل
مريض ،وأن األعمار بيد للا فقط ،استيقظت من شرودها ذاك على دمعة سقطت
سهوا مسختها سريعا ،وهيا تنظر لنفسها نظرة انتصار ،فهي اآلن عادت مثل ما
كانت عاد شعرها طويل عاد وجهها مشرق بل أكثر من ذي قبل ،أما السرطان فلم
يزدها إل قوة وجمال ،ولمعة إصرار أضيفت لعيونها بكل جمال.
الكاتبة :إبتهاج ابراهيم
السرطان أرهقني
11
ب"
س ِميته بالمحار ِ
" ه
السرطان أرهقني
13
"صراع األلم"
ــراع األلــــم
ِ وص
أنا همـنـافخ فِــي مـلحـم ِة ِ
أداوي هجـرح الوصب وأرفــ هع رايــة اآلمــل
تـدفــق الـودق
ِ سـق هم أسـقط شـعري ِمثل
ال ه
فـالور هم تخـلهل ناشـرا الداء فِي ِ
كامل البدن
سنـد
للا كهل ال ه
أتـألم تـوجعــا ولكن لي فِي ِ
سقم بكلم ِة يهل ِقيها تهذ ِه ه
ب ضهرا وتشفي كهل ال ه
ـزهر اإلبتسامةه على الـوجه والنهـفس
ولكن ت ه ه
عـند تذكــري كم أ ه ِ
حصي باأللــم ِمـن األجــر
ي شهكر سقمي فهو لذهنـوبي المـحق
لربهما عل ه
ه
ولخطـيئتي وما سلف منِي كان لي المـحص
صغيرا كبيرا ذكـرا أم أهنثى قد علهمنا المـرض
بأننا ضهعفاء قد نهبتلى حتى نصير في الوهن
س ِـم قـد أعطانا نِـعم الوعـد
البلسم وال ُّ
ِ فــرب
ُّعاء سواء كان فِي اللهيل أو الغـسق
بسماع الد ِ
ِ
والحمد هلل حمدا كثـيرا في والض ههراء والنِـعم
سـقم
ويدحر كل ال ه
ه والمــنهة
حتى يبلغ الحـم هد ِ
السرطان أرهقني
14
"ل تيأسوا إنه ابتالء محب"
السرطان أرهقني
16
"ابتسم رغم ألمك"
مرحبا..
أنا الجميلة جدا ،أنا التبسم المنهك حد المدى ،أنا مكافحة في حرب
خائنة ..جميعهم يشعرون بالشفقة حيالي ويعتقدون بأن شعري الطويل
وحاجبي وأهدابي تتساقط بفعل السرطان الشرير أو كما سمعتهم
يقولون :تلك الجرعات السامة ،لكنهم مخطئين ،فشعري الطويل يقول
ألجلك،
ِ لي دوما :عزيزتي الباهرة؛ أنا أتساقط حدادا
17
ت تملكين أقوى سالحا في الدنيا واآلخرة ،تملكين الدعاء فتشبتي
أن ِ
يغنيك عن كل
ِ يكفيك عنا أجمع ،بل
ِ معك العظيم بجالله!
بيديه جيداِ ،
شيء ..أما فؤادي فأسمعه يردد طوال الوقت :اللهم اجعلني مترعا بك
عمن سواك .أنا ل أصدق نظراتهم المشفقة ،ول دموع أمي ،ول
الخوف الذي يكامع عينا أبي ،أنا أومن بما يقوله شعري الطويل
وحاجبي وأهدابي ،سأظل أردد ما يردده فؤادي ..أنا مترعة بك يا
شافي يا عظيم إلى األبد ،أود أن أخبر كل الذين يقاتلون في هذه الحرب
الخائنة مثلي أن ل يستسلموا للوجع أبدا؛ إنه الضعيف رفيق اليأس
وأنا القوية خليلة األمل ..أود أن أبوح لهم :بصبر يا رفاقي في حربي،
مع كل أنين ،مع كل دمعة نذرفها ،مع كل صرخة نصرخها عندما
ينهشنا األلم ،مع كل شيء وفي كل وقت للا معنا وإلى األبد ..واآلن
أيمكنك أن تعدني بأنك ستجعلنا جزءا من أدعيتك؟ ،أنا لن أسمعك لكن
للا يراك ويسمعك ،قبل أن أنتهي أنت الذي اخترت أن تقرأني أحبك أنا
وحاجبي وأهدابي ...لحظة ،يحبك حتى شعري الطويل..
السرطان أرهقني
18
"مرض أنهك جسمي"
جسد هزيل ،شعر متساقط وبعض الكدمات التي تعلو جسمي ،إضافة إلى
مناعة ضعيفة ل يمكنها مقاومة أبسط األمراض ولهذا منعت من مشاركة
اآلخرين في اللعب وحتى الذهاب إلى المناسبات والتجمعات.
ما زلت أذكر الصدمة التي اعتلت وجوه أهلي يوم أن علموا بمرضي ،كما
أذكر تقاسيم األلم التي رأيتها على وجه طبيبي يوم أن أراد إخبارهم بذلك؛
فقد تردد كثيرا في إخبارهم بهذا ،ثم بكى ألما عندما أخبرنا بأن هذا المرض
قد سرق طفلته الجميلة قبل سنوات .اضطرت أسرتي أن تلزمني ببعض
اإلجراءات المختلفة عن تلك التي يتخذونها مع إخوتي ،فلقد حرصت أمي
كل الحرص على ارتداء الكمامة في كل مرة أخرج فيها معهم من البيت
مخافة أن ألتقط عدوى مرض عابر فيتحول إلى وحش داخل جسمي
ويزيدني ألما على ألمي .أخبرني الطبيب مؤخرا بأن تلك الخاليا التي
أصبحت مختلفة على أخواتها قد تحورت بشكل غريب وأن اسمها " :خاليا
سرطانية " ،كما أنه أخبرني أيضا بأن هذه الخاليا تحب السكريات
والمشاوي أكثر من أي طعام آخر ،لذلك علي أن ل أعطها ما تحب ألنني ل
أحبها .ومع أن حالتي أصبحت شبه مستقرة إل أنني ما زلت مستمرا في
طلب مني إلى أن يكتب للا لي الشفاء أو يأخذني إليهعالجي وملتزما بما ه
إن كبهر ألمي .ومع كل هذا مازال األلم يسكن كل خلية من جسدي في كل
مرة آخذ فيها ذلك السائل الذي أخبرني الطبيب بأنه الشيء الوحيد الذي
يمكنه القضاء على مرض.
الكاتبة :صالحة علي سالم
السرطان أرهقني
19
"انتصار األبدي"
بينما كانت تجلس بتقرف على سريرها قالت وهي تتنفس الصعداء:
ل أريد ألحد أن يراني بحالي هذه ،لقد أعتدته على الوضع ،تأكل مني العزلة
كل مأكل بغرفتي مع سرطاني ،في هذه الغرفة المتناقضة التي تعج برائحة
الكحول الخانقة و النعناع المنعشة التي ما تكاد أن تصل أنفي حتى تتالشى
ول أطال منها سوى البقايا ،إنها أمي من تبعث بباقة نعناع جميله ألنها
تعرفني كم أحبه ،حيث أن روائح األدوية الكيميائية تكمم كل رائحة زكية بما
فيها النعناع ،وها هي ذا الساعه ذات العقارب المنيفة وصوتها الشاق الذي
يرشق في روحي كإبر صدئة "تيك توك تيك توك" و وحش الزمن الذي
يلهث يأكل مني ما تبقى؛ و شرفتي التي تط هل على حديقة المشفى فمنظرها
جميل جدا ،من يدرك حجم إيالم أن تحدد كل ماهوا جميل وأن تراه ولكن ما
يسعفك الزمن أن تلمس بجزيئات يدك جزيئات ذاك الجمال ،الورود التراب
أوراق الشجر الناعمة ملمس جريان مياه النهر الناعمة وهي تتغلغل بين
األنامل هذه األنامل التي نست كل شيء حتى أضحت يابسة جافة شاحبة
دونما فائدة .األنامل التي ل تلمس الجمال هي في الحقيقة ميتة ولكنها
تماطل في فراغ دون معنى بإرادة البقاء هكذا هي الحياة كاملة بنقصان ،قد
عزفت عن جميع الزيارات بما فيهم عائلتي ل أحب نظرات الشفقة الصادرة
من أعينهم ،فكيف لي أن أسمح بأن يروني بهذا الحال ،ضعيفة وهزيلة
الجسد و همصفرة البشرة و شاحبة الوجه وفمي المملوء بالقروح ،شعري
المتساقط و روحي المتثاقلة واألنابيب التي تقيدني ،وكيف لحياتي أن تكون
مرهونة بهذا القيد "األنبوب" هاقد أذِن الليل بعدما إن أخذ الهذيان من
سيلينا كل مأخذ بينما كان شعورها بالحمى واأللم الشديد ما ينفكان عنها
حتى يفتكان بها كل ليلة حتى تستغرق في نوم عميق ،كان بالغرفة
المجاورة لها فتى عازف كمان يعاني مما تعاني يعزف في أعقاب الليل ما
طاب له ،كانت سيلينا تسعد لسماع تلك الموسيقى إذ أنها كانت تضفي لها
نوعا من المتعة والعذوبة تنسيها ذاك اإلرهاق وإيالم الحمى ومرضها التي
يلتهم بشجاعة حتى إنها حينها توقظ احساساتها فتهتاج والتي تدفعها
20
للرقص بعنفوان طفلة على أنغامه ،كانت ما تلبث عن التفكير في النهوض
والرقص ولكن الحمى واإلرهاق الذي خلفهما جرعات الدواء الكيميائي
والتي يفرضان عليها أل تخطي خطوة واحدة بالمقابل كانت ذا روح طفلة
ما تنفك عنها الحيوية ،كانت تخبئ في أغوارها قمرا ملتهبا لشدة طاقتها
التي كانت تتالشى مع كل جرعة ،كانت روحها مضيئة بضياء ل يسعه
الوجود ،وعالوة على ذلك األنابيب التي تقيدها كأغالل من نار ،وهاقد
استغرقت في بحران خايلها على أنغام الفتى حد اإلنسالخ من الواقع تارة
يأخذها الخيال حيث صديقاتها الالتي امتنعت عن رؤيتهم مؤخرا كانت تود
ولو كان بإمكانها أن تتحرر بروحها من جسدها المقيد وأن تحيا بصحبتهم
لحظات بين حيواتها وحتى إن كانت غير مرئية بالنسبة لهم كانت تشتهي
لسماع كلماتهم في صمت وتارة أخرى يأخذها الخيال للحظتها األولى..
حينما شق الخبر طريقه إلى مسامعها كأنما حزمة من اللهب يحرق روحها
ويجتاحها الصمت وأنظارها التي كانت تحدج وجوه وإيماءات عائلتها التي
تشير إلى الهلع مشدوهين وكأنهم على شفا حفرة من الجحيم ،شعرت
حينها بأنها فاجعه و كأنه شرخ لن نهشفى منه ،تظاهرت امامهم بالتماسك لم
تدمع لها عين كأنما الخبر لم يحرك فيها ساكنا جرت أنظارها أرضا هربا
من نظراتهم الحادة والتي تتباحث فيها عن شيء يستدعي الشفقة وهي
تحملق في األرض وتتمعن أقدامها التي ما كادت أن تحملها بروحها المثقلة
حينها مردفا بالقول :ل تقلقوا سوف يكون كل شيء بخير ،دخلت لغرفتها
بينما كانت تجر نفسها بصعوبة وكأن شيء من خلفها كان يشدها للوراء و
يريدها أن تبكي و تصرخ و تحضن والدتها و لكنها ابنة حواء ترفض
الشفقة" ...هدوء"! عاد صوت العزف مجددا فتالشت كل تلك الخيالت
وعادت روحها ترقص بداخلها وهي ممددة بذاك الجسد العاجز عن فعل ذلك
حتى غطت معاودتا في نوم ما استغرقها منذ أن داهمها مرضها إذ أن
الموسيقى ما كانت لها سوى أن تحل محل مخدر تشفي بها روحها ،نعم إن
الموسيقى كانت مخدر روحي قد أطلت الشمس بأشعتها الذهبية من الشرفة
واستفاقت سيلينا من نومها العميق وقد تبددت كل أفكارها عن امتناعها
21
لرؤية الغير بدلت ذلك البؤس المعربد فيها بابتسامة تذرف من أغوار ينبوع
تو :اليوم سأضع حدا لكل هذا ينابيع جوارحها المزبدة والنابضة قائلة بعه ِ
الهراء قد طال سكوني وخوفي من فرط كل شيء سأسمو بنفسي فقد أذن
لي ناقوس قوتي وها هو يدق من أعال روحي بإرادتي وعنفواني لعمري
سأخرج اليوم من هذا السجن وأرى ضياء الشمس ألطلق شرارتي في وجه
سطوة سرطاني والعامة والوجود اليوم ها هو عيدي الذي طال انتظاره قد
اقترب ،وتناولت المرآه من الخزانة الواقعة بجانب سريرها أطلت عليها
بلمحة قصيرة وأتبعت بالقول :جميلة أنا على كل حال ،كانت هذه المرة
األولى منذ أن أصابها المرض الذي تشعر فيها بثقة كهذه حتى أنها لم تعهد
منذ طفولتها ثقة كهذه كانت كاسرة في وجه كل شيء لم تكن كالذي يخدع
نفسه بمخدعه ما إنما كانت مؤمنة إيمانا قاطع بما هي مقبلة عليه اليوم،
ول شك أنكم األن تتسألون في عمق أنفسكم قائلين :كيف لليلة واحدة قادرة
صنع إنسان آخر أشد قوة وتعاظم وصالبة مما كان عليه من ضعف على ه
وهوان ".أقول لكم على غرار هذا أنتم ل تدركون حقا كيف للمرء أن يتبدل
تبديال كامال ل نقصان فيه عندما يواجه حقيقته وقدره دون غشاوة أو
ضبابية تكتسيه ،ول شك أنكم لم تشرعوا في ذلك البتة" .ها قد حان وقت
الزيارة بعد أن سمحت للممرضات بأن يخبروا عائلتها عن رغبتها
لرؤيتهم ،لم ترتب خطاب بعد و ل حتى اعتذار و لم تهيء لهم أي ذريعة
على رفضها المتكرر لزياراتهم ألن اآلن األمر يختلف إنها أشد قوة فقد
دعتهم لزياره دون استثناء والداها أختها الصغيرة وأخاها األكبر وجدها
كانت الدعوة عامة تشمل صديقاتها الالتي لم يتغيبن عن الحضور ،أقدمت
الممرضة على سيلينا بابتسامة خفيفة لتخبرها بأن الزوار منتظرين
بالخارج فردت عليها سيلينا بابتسامة مفعمة بالرتياح أدخليهم جميعا دفعة
واحدة هيا ،وما إن دخلوا جميعا حتى تفاجؤوا بما تراء ألنظارهم بالكاد
كانوا يصدقون أن تلك اإلنسانة التي قد كانت على وشك إنهاء حياتها
بأنبوب تغذية ،ابتسمت سيلينا قائلة :هيا اقتربوا جميعا لقد اشتقت لكم،
ومدت يدها لهم جميعا رغم توعر األمر وإستصعابه على جهدها المستنفذ
22
والتعب الشديد الذي كان يغمرها ،ثم أخذت أختها الصغيرة من يدها جانبها
و وضعت يدها على رأسها وفيما كانت تلعب وتداعب بأصابعها بطريقة
ملتوية شعر أختها قالت مسترسلة وهي تضحك :اليوم سأخرج من هذه
الغرفة ألرى ضوء الشمس وسأزور أحد األصدقاء قبل الخروج ،أخذ جدها
الكرسي واقترب لها ووضع يده على كتفها قائال :تمر على اإلنسان عدة
ت ياحروب و النتيجة إما أن ينجوا و يكون البطل أو يموت منهزما و أن ِ
بك من اآلن؛ ابتسمت لكالمه وتلك النبرة التي ماطفلتي بطلة فأنا فخور ِ
كانت تخلوا من الدفء فجدها الوحيد والذي صوته يلج إلى أعماق روحها
كما المياه العذبة وهي تنسرب بين الصخور حتى تغدو رطبة ،مسح
دموعها التي ما كانت بدافع الخوف أو النهزام إنما من فرط السعادة
سينتظر إعالن انتصارها ،سويعات قليله أو أقل بكثير كانت
ه وأخبرها بأنه
تفصلها عن أول لقاءاتها مع الشمس منذ أن أشتد مرضها ،واسترسلت
مجيبة جدها :أنظر يا جدي تمعن جيدا بالنظر إلي هذه المرة أنا قوية و
جسوره و أشعر بالفوز ل بالنهزام ،نعم صدقني ليس أن تموت يعني أنك
خسرت إنما اإلستسالم وحده يعني الخسارة سوف أفوز على نفسي
وسرطاني ياجدي ،كان الجميع يشعر بالبهجة إثر هذه الكلمات الجميع كان
يصفق لها ومردفين بتصفيقهم ذاك عباراتهم التحفيزية ،بينما كانت األم
تحاول إخفاء نفسها وراء الجميع وهي تبكي دون دراية حقة على أي شيء
تبكي ولكنها كانت قلقة لم تعرف شيء سوى أن شعورها بالقلق ما ينفك
عنها قط وكانت شديدة الحذر بأن تخفي ذلك الشعور عن الجميع .قالت
سيلينا وهي تمازح الجميع هيا يا فاشلين أتراكم خائفين من الخروج لملقاة
الشمس هيا لنخرج معا ،وضعوا سيلينا على كرسي متحرك وأخرجوها من
الغرفة ،كانوا مصطفون يمشون وراءها وهيا تضحك وتخبرهم عن العازف
الذي كان يعزف بعذوبه والذي كان يؤنسها كل ليلة وهم متجهين نحوا
غرفته وما إن دخلوا قالت سيلينا وهيا تضحك من أعماقها :هيا فلتحيوه
جميعا هذا هوا عازف المحاربين الذي يعزف تحت وطأة معركة" ،حتى إن
البعض منهم قد اتجه نحوه وأخذوا يغطونه بالقبل على جبينه" قالت سيلينا
23
للعازف وهي تبتسم :تصلك تحياتي وسالمي الذي كنت أرسلهم لك يوميا..
استرسل العازف قائال :نعم كانت تصلني كل كلماتك حتى إني شعرت
بفضول شديد لرؤيتك وها أنا سعدت برؤيتك أيتها الجميلة ،استرسلت
سيلينا قائلة أستأذنك أيها العازف األن سأذهب إلستنشاق الهواء الطلق
والجلوس أمام أشعة الشمس فقد حرمت منهما طويال سالمي لك ياعزيزي
انسحب الجميع جملة متجهين نحوا حديقة المشفى وبمجرد أن خرجت
سيلينا من باب المشفى مقبلين بها إلى الحديقة لمست وجنتيها أشعة
الشمس والهواء الطلق النظيف الخالي من روائح األدوية الكيميائية التي قد
أذاقتها ذرعا رفعت ناظرها باتجاه الشمس ومدت يدها ألشعتها وبطريقة
تبدو فيها وكأنها تتحسس وجه الشمس وأتبعت بالقول :أواه على هذه
األشعة الذهبية كم فيها من لذة ممزوجة بالنقاء لعمري ما عهدت زمن
ياجدي تراءت لي فيه الشمس بهذه األناقة والدفء ما رأيتها من قبل
كعروسة فرحة مولعة بالشوق .جلست العائلة ملتفين حول سيلينا يتبادلون
المزاح والنكات ويسخرون من بعضهم البعض جاعلين من أنفسهم
أضحوكة لسيلينا قالت األم لسيلينا و هي تحديها بنظرات قلقة :أل تشعرين
بشيء من األلم أو الحمى أو حتى الدوران يا صغيرتي؟ ،تمعنت سيلينا امها
في صمت لمدة نصف دقيقة وهي تبتسم من عمق جوارحها وأتبعت بالقول:
ل يا أمي ل ..هيا جدي فلتأخذني هناك حيث ينبوع المياه شديدة الصفاء
والنقاء وأشعة الشمس الذهبية والملتهبة أحتاج لشيء من الهدوء ولكن ها
أنا ذا أحتاج ألن أقبل الجميع قبل كل شيء ،قبلت سيلينا ثم اتجهت نحو
الينبوع لتمكث هنالك بصمت وما إن وصلت أخبرت جدها أن يتركها وحدها
ت أيتها الشمس المشعشعة وما إن تركها جدها بمفردها قالت :ها أنا ذا وأن ِ
والمفعم في سماءك شديدة اإلزرقاق ،سأهزمك أيها الخبث المتمدد في هذا
الجسد الهزيل ،ألم يعجبك دمي؟ ..خذ منه ما شئت لكنك لن تلمس روحي
بقشة أنا اآلن سأتخلص منك نهائيا أيها القاسي ،كانت تارة تكتب بتعب في
مذكراتها وتارة تردد أن الفجر قريب جدا وأن سقف الليل على وشك
لك أيتها الشمس أن تغيبي بعد؟ ،اليوم هي الضمحالل ،وتارة تقول أما أن ِ
24
معركتي وانتصاري اليوم كل شيء لي ،وما من شيء لك أنت أيها الخبث
المعربد والمنتشر في أطرافي ما عاد لك سوى هذا الجسد الذي لم يتبقى لك
منه إل كثير من القليل بل إنما أقل من القليل بكثير ،وما إن حان وقت أفول
الشمس حتى ثقل على سيلينا رأسها فأسندته للخلف على الكرسي وأخذت
تحملق في األفق وتتمتم وهي تحاول مد يدها ولكن بات ذلك دون جدوى،
كان الجميع يراقبها عن كثب في صمت شديد حتى انحنت بجسدها دفعة
واحدة إلى الميمنة وهي و قد تزامن ذلك النحناء مع غروب الشمس كليا،
فهرع الجميع باتجاهها بما فيهم عازف الكمان الذي كان يشاهد من نافذته،
بينما األم كانت في ثبات وهي متجمدة األطراف وتبكي في صمت ،أما الجد
فقد كان يمسك بيدها ويقبلها بحرارة شديدة وهوا يستجديها أن تتفوه ولو
بكلمة واحدة ،وكانت سيلينا أنداك كعصفور ينام على ظهر سحابة هادئة
وهي بشوشة الوجه ،لم يلحظ أحد وجود مذكراتها غير العازف الذي
تناولها وأشرع في القراءة في قرارة نفسه كلمات رسالتها شديدة الحتدام
وقت كتبت سيلينا بخط شديد الوضوح :أنا األن في طريقي إلى الحقيقة
المحضة حينما تقرأ في صمت موحش أعينكم هذه الرسالة ل أعرف حقا ما
هو الموت ولكني شديدة اليقين أنه إنجالء كل األكاذيب والمخادع سواء إن
كان الموت حالة من العدم في صمت مطبق وظالم سرمدي أم إن كان رحلة
إلى عالم أخر ،في كلتا الحالتين لم أهزم فقد انتصرت على سرطان هذه
الحياة قبل سرطان الجسد فقد ظفرت بروحي الخالدة بعيدا عن جسدي
المتهالك ،فقد انتصرت على الوجود ،بينما أن بينما أنتم تسعون باألمس
أو اليوم أو الغد وراء كسب األنواط الحياتية أنا أعلق على صدري نياشين
النصر النهائي ،وإلعتقادي كذلك أن الروح ذا حرية مطلقة فالجسد هو القيد
األكبر فما على الروح إل أن تجتاز هذا القيد و ها أنا ذا قد تفوقت عليه ،أما
وصيتي األخيرة هي أن تكتبوا على شاهد قبري" ل أحد يبكي هنا الموت
ليس جريمة فلتصفقوا لهذا النتصار ومن أظفر به".
الكاتبة :آلء األشهب
السرطان أرهقني
25
" ال نكتب أقدارنا"
ال نكتب أقدارنا ..وإنما نحاول وصففا ا بكامل وعي وإدراك ،حتى ال تسففح ا للقاع
و ُنص ِح تحت ُمس ّمى " ُمخ ّلاات ُحروب الخاليا السرطان ّية"..
" همعاناة حتى الموت" هجملة أنجبها المفهوم الآلواعي الضيق...
سبل النور الذي-فِكر ل واعي ،الروح تحتضر في الغيهب بعد انطفاء آخر ه
سبهل تفريغها همحاول ِة إخفائها عن الكثير ِمن الوجو ِه
احتضن جوفها ،وآخر ه
تعاطف على طبق من الشفقة ..كنت في انقطاع عام ،ل شيء ذات الطابع ال هم ِ
غير أن حروفي أهر ِهقت في وصف أم الجرعات وحبل أفكاري بهت في تقبل
الخبر في بادِئ األمر وقلمي جف وأهربك في سبيل إرضاء هذا المرض
ال همتعطش لخاليا جسدي ..ينهش حرفي قبل جسدي ويهنهك روحي في كل
مرة يراودها ...كيف لفتاة في ريْعان شبابها وكأنها زهرة دوار الشمس في
كل فصل تهزهر بلونها األصفر ال همشع بكامل نشاطها وحضورها ِ
وخفة
روحها ورجاحة فِكرها بأن يهنسف كل هذا بخبر "لألسف الخاليا السرطانية
تمكنت وتفشت في جسدك ،فاألمر متروك ونهايته موت محتوم"! لن اسمح
لهذا الضيف يهطيل المكوث!...
ضيف جسدي الهش زاره ب ِفكر ِه ال همتفشي يمنحني
ه ضيف!،
"الـموت الـمحتوم" كيف لي أن أخفف من زياراتك لي ياصديق؟ نعم
صديق! قررت القتراب منك ل تخف فأنا لسته أنت ولكنني
أنا بطريقة أهخرى فقط..
-فـهل تسمح لي؟
ولكن كيف لي ذلك؟ ..كيف أتقبل هذا على نفسي وأرافقك؟
ل أدري عن سبب سؤالي ولك ل أهخفي ذلك ..كان يهراودني كهل فترة ول
أدري من الشخص المناسب ألشاركه سؤالي هذا ويتفهم همحتواه!..
حتمـا أي شخص سيهش ِفق علي لطرحي هكذا تساؤل عليه!
26
ربما ول أستبعد ذلك بأن يستقبل تساؤلتي بجملة تنسفها دون أدنى تفهم
"بدأت نهايتها من بداية الجنون"! تساؤل كهذا يخصني ذا قيمة نفسية
داخليا لي أريد إجابة تهسكت ثرثرة أفكاري التي غزت عقلي كما السرطان
فعل بخاليا جسدي ،إجابة تههون علي الطريق وتهبطئ تآكل روحي ...كنت
أود اختيار الشخص المناسب لهذا السؤال الخفيف فيما بدا الثقيل في
الخفي ..على اجابت ِه تترتب الكثير األمور النفسية المبطنة في هذه الروح
الهشة ..ألنها تود التواجد الخفيف المثقل بالمعاني في رحلتها مع الصديق
رفيق الرحلة ليس التواجد الذي يهثقلها ،في نهاية الرحلة وبداية أخرى من
نوع همتفرد أريد رؤية نفسي مثلما أردت..
الروح كفراشة الربيع و همريحة الحرف كغيمة توسطت السماء ِلتهريح
ِ خفيفة
الناظر لها ..همريحة الحضور ل أثقلت ول ثقلت .وجدت نفسي أنا الشخص
المناسب المرجح لإلجابة ..ألنني وجدت إجابته في نفسي- ..التعايش -مع
السرطان! ف ِفي تواجده وزيارته لجسدي حكمة !..في حضوره رسالة من
للا علي إدراكها ،مع العالج النفسي ِلنفسي واألخذ باألسباب اختيار
الكيماوي سبيل لخاليا جسدي بدأ بالتالشي يوما بعد آخر..
البعض ينتظر اندثار جسدي والبعض اآلخر يتوقع رؤيته هزيل همنهك
لخسارته المعركة مع المرض .إل أن العكس حدث حرفيا! وكأن همعجزة
إلـهية حلت بجسدي وسكنته ،هزف لي خبر رحيل "الصديق" مه اندهاش
ثان" السر في التسليم
لك عمر ِ عمرك ِ
ِ الوجوه وكأن أعينهم تقول" ..فوق
هلل وقوته وجبروته "ل قوة فوق قوة العظيم" استقبل حينئذ الربيع ربيعا
آخر ..ربع تجلت فيه زهرة دوار الشمس بحيويتها ،زهرة الربيع ال همستثنى
لزالت في ريعانها تهضفي على كل الفصول ألوانا لم تهحدد مستويات لذتها
على العين..
الكاتبة :أميرة علي
السرطان أرهقني
27
"رحلة كفاح"
السرطان أرهقني
29
لون طريقك باألمل"
" ِ
نحن ل نكتب أقدارنا ،و لكن نستطيع أن نلون الصخور التي تقف في
طريقنا ...بدأت قصتي في يوم مشمس بعد لعبي شوطا قصيرا من
الكرة الطائرة حيث شعرت بألم مفرط في يدي اليمنى ،و لكني لم أهتم
لهذا األلم كثيرا ،بينما كان هو مهتما بخراب جسدي ،و بعد عدة أيام
لم أستطع تحريك يدي كان كوعي مفصول شعرت حينها أني مصنوعة
من لعبة Legoحطمها طفل متهور للتو.
من هنا أصبح عدد األطباء و المشافي التي أزورها أكثر بكثير من عدد
أقالم التلوين خاصتي ،في تلك الفترة كنت باهتة اللون عديمة الحياة
" جثة هامدة يمكنها التنفس على األقل "
حتى جلست أعز صديقاتي على سريري األبيض الذي يلوذ به عدد
لمتناه من الخيوط و األجهزة التي تحاول إبقائي على قيد الحياة أكثر
مني ،و نظرت بحدة في عيني و قالت بصرامة " :استيقظي ما زلت
أريد القتصاص منك بشأن المقلب الذي أوقعتني فيه " لم تتحرك في
ت من أحجار البحر
أي شعرة حتى أردفت قائلة " :هيا ملك لطالما صنع ِ
تحفا و لونتها ،ل يمكنك النظر بعجز هكذا " ثم قالت بصوت هادئ :
30
" تعاملي مع مرضك على أنه صخرة كبيرة شاحبة قابلتها أثناء عبور
طريق قدرك و وجب عليك حملها ،و لكن لن تحمليها شاحبة اللون
هكذا أليس كذلك ! قومي و انقشي عليها بكل ما يصادفك في قدرك ".
ومنذ ذلك الحين و أنا أحمل أجمل صخرة على كوكب األرض.
السرطان أرهقني
31
"السيد الفتاك"
ل أنكر سيدي بأنني رأيتك أسوء شيء قد يحدث لإلنسان ،ولكن بعدها
أحببتك نعم! أحببتك سيدي ورضيت بما كتبه للا لي وتأقلمت مع حالتي
الجديدة ،بل أصبحت اآلن أرى أنك أعظم هدايا للا لي..
في البداي ِة ظننته إنك نهايةه حياتي التي لم تبدأ بعد ،كنت أقول بأن
موتي بات قريبا جدا أقرب من حبل الوريد حتى ولكن! بعدها يا أيها
السي هد الفاضل المريم كما أخبرتك مسبقا رضيته بما كتبه للا لي وكتبته
لحياتي قصة جديدة اآلن أرويها لكم..
32
بفضلك سيدي تقربت لخالقي فبات لساني مرتويا بذكره بعدما كان
جافا ،فأتى الذبول ،وأذنان اللتان كانتا تستلذ بسماع الموسيقى اآلن ل
تهدأ إل بسماع آيات للا بصوت قارئي المفضل..
وأما عن قلبي الذي كان عاشقا للدنيا أصبح متعلق بخالقها ،وأيضا
عرفت أن الدنيا زائلة غير دائمة ،لم أعد ألهث وراء سرابها ولم أعد
أهتم بالمظاهر والمال وتلك الكماليات ذات اللمعة الكاذبة ،وعرفت أن
أبسط األشياء هي نعم عظيمة كعظمة خالقها سبحانه وتعالى..
وأن الصحة كنز ثمين ل يقدر بثمن ،اآلن بعد ما حادثتك سيدي وقلت
لك بما في جعبتي من حكايات أردت أن اودعك ألنني هزمتك وأحببت
أن أشكرك أيها الفتاك.
السرطان أرهقني
33
"لم يكن عائق ،كان مصدر القوة"
ثم ماذا إن حاولت الحياة مرة واحدة أن تسير كما تشتهي أنفهسنا !..
أسأل نفسي هكذا دوماِ ،عندما أْشعر بإن روحي ِ تتمزقْ ،ويستح ِوذ الل ْم
متعب ،ولكن أرس ْم على وجهي ِ ابتسامة مزيفة،
ْ كافهة ربو ْع جسدي ِ ا ْل
أتظاهر بالقوة والالمبالة أمام الجميع ،لزلته قوية للحد الذي يجعل
الجميع همندهشين ،أهطمن قلبهم ِبأن سأتعفى قريبا وإن المرض لم
ينقص مني ِ شيء وسأكمل مسيرتي ِ في ِ الحياة ،بينما أقو ْد بالداخل حربا
ل يعلم عنها أحد ،ل حبذا أن أرى الستياء في أعيُّن عائِلتي ِ وأصدقائي ِ
س هرور لهم ،فلن أسم ْح
وكهل من حوليِ ،لقد كهنته ِباألمس محل بهْجة و ه
لمجر ْد وعكة أن تتمكن من غزو أرجائي وتقضي ِ على روحي ِ الجميلة،
لن أبالي فما هيا إل طفرة مؤقتة ،سأفعلها وسأتمكن من اجتيازها
وأك ِهمل طريقي ِ نحو أهدافي ِ التي ِ لطالما حلمته بها همنذه ِ
الصغر ،الجميع
ينظر الي ِ بنظرة الحزن والشفقة ،لطالما أحمل هذا المرض ،في أي
دقيق ِة من المتوقع حدوث شيء ما لي!
السرطان أرهقني
35
"أنا وأنت والسرطان"
تأمل في كلمة سرطان ،سوف تقول لي بحق للا كيف لكلمة "سرطان"
أن أتأمل بها حسنا كما تشاء ،هل تريد أن تعاند اآلن وتقول "كيف لكلمة
سرطان أن أتأمل بها" إنك على خطأ ياعزيزي ،مهال هل سوف تتوقف عن
إكمال القراءة وتقول سوف أعاند ولن أتأمل بها وتبا لهذه األحرف
الموجودة بالكلمة سرطان ،هل تعلم بأن هذا ما أريده حتما أن تمل منها هذه
الكلمة ستصبح بارده بالنسبة لك هرغم حريق األلم الذي تفعله بجسمك
الجميل تعالى اقرأ معي هذه حسنا نعم عيناك اآلن الجميلتان أريدها أن تقرأ
لي إنها جميله ،سأخبرك سر " همقلتيك التي تتدحرج بين كلماتي هذه هي
برمته" واآلن دعنا نرجع "سرطان" ،ياللهول أجمل من نص هذا الكتاب ه
أين كهنا أعذرني فأنا كنت أشاهد كلبان شقيان يأكالن قطع اللحم ،دعك منهم
همجرد فيلم أجنبي ،سوف تقول ياترى ماإسم هذا الفيلم! ،ل أريد أن أقرأ
إسمه إنه على شاشة التلفاز و بعيد ،أين كنا! ،أوو نعم "سرطان" انت اآلن
أريد عقلك الجميل اآلن أن يحذف أواخر الثالث األحرف اللعينة ،على ماذا
س ْر فقط واصل الهجوم س ْر ،نعم انت ِ
ستحصل ياترى!؛ حسنا ستحصل على ِ
عليه ،أنا اآلن تخيلني "مرض السرطان" ،وأمرتهك بأن تخاف مني،
ف مني اآلن ،بحق للا هل ستخاف؟ *هااااااااع* هيا هخ ْ
_ل أعتقد ،هكذا هو ،لماذا ستخاف منه بمجرد أن دخل جسمك اللطيف
وعلى خالياك الخارقة ،هل ستسمح له بأن يتحكم بك هذا المرض التافهة،
سحقا له إذا ،أنت بعزيمتك سوف تخرجه ألنه دخل من دون إذنك حتى!!
أيهعقل! ،أظن أن السرطان قليل أدب ،ل ،بال أدب أصال أريد منك اآلن أن
ت فتاه ولم تقودي في حياتك البتهتتخيل أنك تقود السيارة مهال أعلم إن كن ِ
هربما ،ل داعي للقلق فقط تخيلي ،لن أخبر والديك بأنك تقودي ،نعم عهد
اآلن ،أنت تقودين ،اغمض ،مقلتيك ،نعم هذه العينان ،انت تقود ،انت جالس
المقود ،ورأيت حي او شارع ورأيت أطفال وأشخاص اآلن ،يداك على ِ
تحمل ورقه ضخمه جدا جدا بل ربما بحجم جبل إفرست ،ههه نحن نتخيل
36
فقط ل تقلق ،ومكتوب بها انت حقا جميل هذه األحرف ،عيونك التي تقرأ
بها اآلن نعم انها لك ،ماذا ستشعر؟ ،أظن بأنه شعور مذهل ،صحيح! ،اآلن
عد إلى هنا حيث الكلمات نعم هنا مرفأ هذا الكتاب ،أريد أن أخبرك سرا
حسنا ،أنت اآلن تقرأ في هذه األحرف ،األحرف لطالما كتبتها أنا ،أنا
ستمع إلىوأشاهد فيلما أجنبيا آخر غير ذلك الذي فيه الكلبان الجائعان ،وأ ِ
موسيقى رائعة جدا وأكتب لك ،و أستمع لـ اليسا األمر المدهش في
الموضوع ،أنها كانت أحد ضحايا الناجين من هذا المرض! ،وأكدت إليسا
على أهمية العامل النفسي في محاربة األمراض المزمنة والمميتة مثل
مرض السرطان ،مشيرة إلى أن والدها كانت يعاني من مرض سرطان
المعدة ،وأجرى عملية استئصال لجزء منها مع الخضوع للعالج الكيماوي،
ومع أن األطباء توقعوا له أن يعيش فترة ستة أشهر فقط ،إل أنه عاش
سبع سنوات بفضل الطاقة اإليجابية والرعاية النفسية التي تلقاها من
عائلته ومحيطه ،وهو ما حدث معها ،قل لي اآلن لماذا أشعر بأن أسنانك
تريد أن تخرج من فاهك لتنعكس على هاتفك! نعم أصبت أريد أن أخبرك
بشيء همضحك لك ،دعنا أنا وأنت نرجع إلى عام ألفان وثالثة عشر إلى
الخلف نعم ،تعرف بما أشعر أنا اآلن؟ ،أريد أن أعرف بماذا تفكر وانت
موجود بذاك العام ،ل أعلم هربما عمرك إثنا عشر عاما ،هربما لم تولد بعد،
هربما أكبر بقليل ،حسنا ،دعني أخبرك بما جرى معي انا تحديدا ،هذه
المزحة أيضا بخصوص مرضك ،أنا أيضا مللت من هذه الكلمة معك حق،
عندما كنته هناك في هذا العام كانت همعلمتي تحضر لنا اختبارا ،اوه حسنا
هذا سر تمام! ،ل تخبر أحد ،انا وقتها لم أدرس وامتحنت ،كان هذا
اإلمتحان به سؤال "عرف السرطان"؟ ،أخشى أنها لم تقل "مرض
السرطان" ،انا وبأنني مادة العهلوم ولم أدرسها البته ،أنظر ماذا كتبت" ،إنه
مجرد حيوان يعيش في البحر" ،هال ضحكت اآلن أم أنني لم أسمعك جيدا؟،
أن حقا بلهاء في وقتها ،رغم إن األمر مضحك عندما تكتشف ذلك أيضا لم
يفتك الجزء المضحك اآلخر ،أتت المعلمة وقالت :احم يوجد طالب وكتب
سرطان يعيش على البحر ،بحق للا كيف؟ ،انا وقتها لم أخجل ،إن األمر
37
مضحك ،وأيضا أضف إنها قالت يوجد شخص واحد أجاب على هذا السؤال
حتما لو قرأ كلماتي ل عرف نفسه .خذ عنك هذا أن اإلجابة التي كتبتها
كانت همقاربه للحقيقة! ،كيف ذلك؟ ،ألني وببساطه عندما بحثته عنه مؤخرا
إنه :سمي مرض السرطان بهذا السم المستوحى من الكائن البحري
المسمى بالسرطان ،أو سلطعون البحر ،وذلك ألن طبيعة الورم السرطاني
الذي يقوم بمهاجمة الخاليا عن طريق زوائد تشبه األصابع سيكون تعبير
شكلي لشكل سرطان البحر! ،المعنى الحقيقي لـ شر القهر ما يقهقه ،أنا
اآلن اود أخبارك بأنني ربما أموت وأنا أكتب في هذه اللحظة ،رغم بعد
دقائق من اآلن ،أو على اإلفطار ،أو ربما وانت تقرأ اآلن أنا أكون ميته
ي حينذاك ،أنت ل تدري ماذا يكتب للا لنا أليسويقرؤون الفاتحة عل ه
كذالك؟ ،وتذكر أن للا يريدك بجواره لقد أشتاق لك ربما ،ألنك ببساطه من
خلقه ،تذكر هذا هو من خلقك فمنك وحدك ..انتبه! ،أتريد أن تعرف ماهو
الفرق بين الحياه والموت؟ أتود حقا أن تعرف؟ ،هل حقا تود؟ تريد؟ ،حسنا
هخذ هذا ،أتت الحياه وسألت الموت وقالت لها لماذا ل يهحبك الجميع وأنا
ألنك ،كذبه
عكسك؟ "مع ضحكه صفراء" ،ف أجاب الموت ورافعا أنفه ِ
جميله أما أنا حقيقه مؤلمه...قبل أن أختم كالمي لربما كان كالما فقط ،ل
ت هذه وأن أعلم ،مدى كم أود الحديث معاك أنت الكثير وأن أحتضنك بكلما ِ
أقول كل عبارات العالم أجمع إليك التي تعبر عن األمل لتحيا بها ولكن أو
بطريقه أخرى ،لديك فرصه ِلتهثبت عكس التوقعات حول هذا المرض للعالم..
وحدك "أنت".
السرطان أرهقني
38
"نحن معك"
أنت شهجاع ،منافح شرس ،محارب جبهار ل مثيل له
أنت همقاتل السرطان ،من تهحارب هذا العدو الذي لن يهفلح بالستيالء على
جسدك!
الجميع مؤمن ومتأكد أنك ستفوز..
ق بك.
بإصرارك وعزمك ،ستتغلب على همناوئك ،أثق ِبك .والجميع يث ه
هل تعلم أنك همميز؛ تهحارب أحد أخطر المعارك في الحياة؟ هل تعلم أنه من
تح هل باإلرادة ،الصبر ،القوة ،األمل والمواجهة ،سيخضع هذا المرض
ويظفر عليه ،ل بأس بالتضحية ....فهناك قانون في هذا العالم يقول" :يجب
عليك أن تضحي بشيء لكي يكون بإمكانك فعل أي شيء"
لكي تتغلب على ما تهريد ،ستضحي!
ولكن ل تقلق ...سيعود كل شيء كما كان وأفضل..
ثق باهلل ،وألنه للا فهو معك.
أشعل هروحك ،وجدانك ،فعل قدرتك ،ستقدر على إنخاع هذا العدو والمرض
المسمى "سرطان"
للا أحب أن يختارك من بين عباده ،أحب أن يبتليك؛ ليختبر صبرك ،وألنه
بوسعك هزيمته ،سيجازيك على تحملك وصالبتك ،سيرمم كل المثقوبات
التي بداخلك ،ثق به ..ثق بنفسك..
ستزهر ستفعم مالحتك اغتباطا وحبورا ،سيزخر فؤادك بالبهجة والرتياح،
ستهنأ ستشعر بشعور فذ ،ستدرك لذة النتصار ،جابه قليال بعد يا صديقي
فنحن معك.
الكاتبة :بهثينة ه
الزغداني
السرطان أرهقني
39
"ابتسم حتى في أشد ألمك"
" في البداية رفﺾ جﺴﺪي السﺘﺠابة لﻜﻞ أنﻮاع العالج الﻜﻴﻤيائي الﺬي
أهعﻄي لي بسبب إحباطي ونفسيتي المتدمرة ..كان األمﺮ بﻤﺜابة كارثة لم
أتح همل ذلك ذهبته مسرعا إلى بيتي واإلحباط يتملكني تماما .ألقيته بجسدي
ال همنهك على السرير ،وغرقت في النوم ،ليس هناك ما أفعله سوى النوم،
وجدته على السرير ظرفا اتضح لي أنهه رسالة ،سحبتها وفتحتها ببطء؛
كانت بدايتها " ابني العزيز أعل هم أنه محبط لي عدم تقبلك لعالجي وانهيارك
وأن المرض أحيانا يكون أن هذا امتحان من للا تعالى ه
التام ولكن أل تعلم ه
نعمة من للا تعالى وهذا قضاء يجب أل تعترض عليه يأبني ،تقبله كما هو
وتح هل باإليمان ،وليس كل مريض بالسرطان يموت بسببه ،سأحكي لك قصة
شاب أصيب بالمرض و خاض تﺠﺮبة مﻤﺰوجة باأللم والﺪمﻮع ورحلة
شاقة مع رفﺾ أن يﻜﻮن مﺮيﻀا كان محبطا جدا من العالج ،وأنه
سينتهي به المطاف حتما ولكن عند لقائه بفتاة في غرفة التجرع هي
األخرى مصابة ولكن تختلف عنه تماما فهي مؤمنة بقضاء للا وتعاملت
مع المرض بكل إيجابية ،تحاور معها وحفزته على المقاومة وبالفعل
تجاوب مع كالمها لﻴﺼﺒح مﺜال يقﺘﺪي به كﻞ مﺮضى سرﻃان ،يﺴاعﺪ
الﻤﺮضى ويﺤﻮلهﻢ مﻦ يحاول ان يغﻴﺮ مفهﻮم الﻤﻮت ويﻨهي كﻞ إياهم،
مفهﻮم البﺘﺴامة والﺜﺒات والمﻞ هﻮ معنى الﺴقﻮط في األلم ،يجب أل
يﺨلﻮ عثرات مﺮات عﺪة قﺒﻞ الﺸفاﺀ لﻤﺮيﺾ الﺴﺮﻃان قﺒﻞ غﻴﺮه ،إذا عليه
أن يصبر وثبت كي يﺴﺘﻄﻴع إكمال مسيرة ،عالجه نﺘﻴﺠة المرض الﺸعﻮر
اإليجابي الﻮحﻴﺪ الﺬي يﺴﺘﻄﻴع التغلب عليه ،ل تحزن أنك أُصبت بهذا
ليختبرك للا في مدى صبرك وأنه إذا أحب عبدا إبتاله ونحن
ه المرض
بجانبك دائما وبإنتظارك لتنتصر على هذا المرض الحزين تحلى بالتسليم
وقاوم فنحن ما زلنا بحاجتك ،ل تدعه ينتصر عليك ويسحبك إلى تلك
ظلمة ابدية نصف العالج األمل باهلل ،عند قرأتي لهذه االرسالة ذهب كل هذا
الحباط الذي اعتراني واستبدلتها براحه في داخلي ،لم اشعر بها من أمد
بعيد ،وكأن صخرة كانت على قلبي وازيحت يالهذا الشعور الجميل وهالة
40
طيف مهدت لسكينتي وتقبلي ورضاي ،بعد اسبوع كانت لدي اخر جرعه
جهزت نفسي كما لم أتأنق من قبل صليت ركعتين وخرجت لي امي كانت
متفاجأة بمنظري ،شتان بين ما قبل واآلن غرقت عيناها بالدموع
واحتضنتني وقالت لي :هذا ابني الذي أعرفه ذهبنا سويا لها مشوار نحو
العالج وأنا بكامل راحتي وهدوئي تعلو شفتي ابتسامة استسالم ورضا
بأمر للا وابتالئه ،أخذت الجرعة أتى الدكتور ذا الوجه المطمئن.
قال :إن المرض قد استأصل بالكامل.
بان إصابتك بأي مرض لن تزيدك إل قوة وإصرارا على المكافحة علمت ه
والوقوف بوجه الصعوبات أين كانت ،أيقنت أن وجود أشخاص تشعرني
بالحب والقوة والحرص على بقائي متماسكا يعتبر من أهم وأقوى جنود
معركة الحياة نعلم اخيرا بأن بعد الضيق يكمن إل الفرج.
السرطان أرهقني
41
"ماتت أمي وفاز الكانسر"
كهنت في الثالثة عشر من عمري عند وفاة أمي كانت مؤلمة أكثر مما كهنت
أتوقع كنت في سن المراهقة السن الذى شعرت بأن ل قيمة لي من دون
أمي ،فقدت زهرتي الغالية وها قد أصبحت وحيدة وفي نهاية المطاف
أهصبت أنا أيضا بالسرطان ،كانت أكبر مخاوفي من الساعة الثانية عشر
كاء
منتصف الليل كان وقت تألمي كان الوقت الذي يصل فيه صوت أنيني وبه ِ
غرفة أبي وكان يأتي مسرعا ليبقيني بحضنة لم يكن مثل أمي، إلي ه
وذات يوم سألته يا أبي لماذا ل يعيش اإلنسان ويموت الكانسر لماذا ينتصر
الكانسر دائما؟ لماذا يختار الكانسر الناس الذين دائما إلى جانبنا الذين
نحبهم بشدة ،فأجابني أبي إذا كهنا في أحد الحدائق وقهلت لك أقطفي وردة
أي من ههن ستختارين؟
فكانت إجابتي أكثروهه هن جمال فقال لي هكذا يختار الكانسر من يريد.
كم هو قاس هذا المرض أخذ أمي ويريدني أيضا.
الكاتبة :فدوى السنوسي
السرطان أرهقني
42
" أنا أقوي من السرطان"
أنا معلقة ،لست بخير ولست ميتة ،أنا ل أعلم كيف حالي ،المستشفى بارد
وأبيض مع الكثير الكثير من التفاصيل الزرقاء ،كل من حولي يبتسمون،
وخلف باب حجرتي يبكون ،أفتقد وسادتي ورائحة المنزل وشجار أخوتي،
وصوت العصافير في شباك غرفتي ،أفتقد دميتي ذات الشعر الوردي،
وألعاب طقم الشاي خاصتي.
أنا لم أعد جميلة ،انا باهتة ،أضمحل ،أتضائل ،أختفي ،كريات دمي البيضاء
تتزايد ،بما معناه أن جسمي يحارب نفسه ،كان يأتي كل يوم ليمسك يدي
ويحكي قصة الفراشات من أجلي ،يخبرني أنني جميلة جدا ،ولزلت أميرة،
وأن كل هذا اللون األزرق لم يؤثر في ورديتي ،كنت رغم صغر سني أدرك
على
ه أنه كان يقول ذلك ألنه فقط أبي ،في واقع األمر لم أعد وردية تغلبت
زرقة المشفى ،بينما كان يأكلني الفراغ أحضر لي أبي ألوان وأوراق،
ألعود للرسم ،أمسكت بالقلم ،كانت يدي ثقيلة تؤلمني ،أنا ل أقوى على
العودة لما كنت عليه ،لماذا األمر مرهق لهذا الحد؟
أود جدا أن تعود براءتي ،أن أعود تلك الصغيرة التي تعرف عن المرض
أنه رشح وارتفاع حرارة ،كنت أتذمر من مرارة دواء السعال ،لكن دواء
السرطان مؤلم ،بينما كان هذا الدواء المؤلم يحرق عروقي ،قررت أن أرسم
رغم ألم ذراعاي ورغم دواري ورغم خفقان قلبي ،نظرت إلى بياض الورقة
الالمتناهي مثل سقف المشفى ،البياض مثل األلم ،مسطح ،ومخيف ،بدأت
أخط بقلمي المرتجف ،أنا أشوه األلم ،أكسر البياض الالمتناهي ،أنا أتجاهل
جراحي ،كانت رسومات تشبه الخربشة ،لم تكن رسومات ،كانت ألمي،
خوفي ،تقدمي فالسن وكل ما يؤذيني ،أكملت عالجي الكيميائي بقوة وأنا
أرسم ،أفرغت السرطان في أوراقي ،أنا أبدا لم أعد وردية ،أصبحت أقوى،
أنا فعال قوية ،أقوى من كل شيء حتى السرطان.
الكاتبة :مريم األسود
السرطان أرهقني
43
"أمل"
في الواحد والعشرين من يناير ..
بالرغم من ال هحزن الذي بداخلي ،إل أنني سعيدة جدا،
يا له من يوم سعيد ! ه
أخيرا انهيت امتحاني األخير ،وسأذهب لزيارة أخي الذي أ ه ِصيب بسرطان
في الدم ،و الذي لم أراه منذ شهر ونصف ..وصلت لتو ،كانت الساعة
تشير إلى السادسة والنصف مساءا ،السماء هملبدة بالغيوم المتنقلة ،المطر
يهطل بغزارة ،اتجهته للمركز الطبي ،حتي وصلته وجهتي ،كم تبدو تلك
المسافة طويلة جدا بين ما أشعهر به وبين ما أستطيع شرحه .
دخلته ألراه ،صغيري يجلس بين آلف من األجهزة ،أصوات مرعبة يقشعر
لها البدن ،حل الصمت المكان ،لم استطع أن اقترب منه وأضمه ؛ لما
يعانيه من نقص في المناعة والدم .
راقبت عيناه الدامعتين المشتاقتين لطفولة جميلة ،أن يعيش حياته مثل أي
طفل طبيعي ،أصابعه المتورمة التي يلوح بها في الفراغ؛ بسبب العالج
الكيمائي صار جسده هزيل ،لم يعد يستطيع الوقوف ،عاد كأنه طفل مازال
يتعلم المشي ،تساقطت خصالت شعره ،رحلت أحاديثه المغلفة بحلوى
الفرح ،و بالرغم من األلم ليزال هناك أمل ،وسيهشفي يوما.
الكاتبة :مها الطرش
السرطان أرهقني
44
"محاربي السرطان"
في زحام الحياة قد يطرق أبوابنا زائر ثقيل ،لكننا مجبورين علي النيل منه،
في غرفة بيضاء تخلو من معالم الحياة ل دفء فيها ،وألصحبه لي فيها
غير محلول كميائي فاقع اللون يتدفق داخل أوردتي يعبث بي ،كما تعبث
رياح الخريف بأوراق األشجار ،ليلتهب جوفي ،وتهقطع السكاكين أمعائي،
حتي شعرت بالعجز ،حينها تهادت إلى ذهني آية من القرآن الكريم كان
َّللا ما ل شكهو بثِي و هح ْزنِي إِلى ه ِ
َّللا وأَعْل هم ِمن ه ِ يتلوها علي والدي (قال ِٕانهما أَ ْ
ت ْعل همون) (يوسف ،) ٨٦ ،حيث كانت هذه الٓية اشارة لي للرجوع إلى للا
المومن همبتلىمن ضخم الحياة ومشاغلها ،نعم هميقنة أنها دار ابتالء وأن ٔ
وإنا إليه لراجعون لك ِني أستعنت با ٔسمه الصمد العظيم حتي لأرجع إليه
خالية الوفاض فكان الصمد رفيق دربي عند خوفي وضعفي ،وفي أشد
لحظات انهياري و آلمي ،تذكرت أنك رب ال همعجزات في قولك تعالي (يا
س همهه يحْ ي َٰى ل ْم نجْ ع ْل لهه ِم ْن ق ْب هل س ِميا) (مريم،)٨ ، زك ِريها ِٕانها نهب ِ
ش هرك ِبغهالم ا ْ
حينها ايقنت و آمنت أنه جالله كما بشر زكريا بيحيى وامرأته عاقر أنه
قادر على أن يشفيني ،و كنت مؤمنه أن نهاية هذه الحرب الشفاء ،و فعال
لك لو أنكيكان الشفاء نصيبي بعد حرب دامت عام كامل ،سأكون ممتنة ِ
أيقنت وأمنتي إيمان كامل أن للا سيشفيك ،عند إذ ستجيدينني أن شاء للا
في نهاية السبق أنتظرك ِلههلل لك و أهبارك لك بالنصر المبين.
السرطان أرهقني
45
"مرض الغربة"
قد أهسميه ِ
سر طال..
في الغهربة المريرة لزمني ِ
سر طويل أخفيتهه عن أه ِلي ،وعن أحبتي،
سر فتت أضلهعيِ ،
سر نهش عق ِلي، ِ
سر لزمني،
سر أفقدنِي صوابيِ ،
ِ
الطوال ،كهنته أشْعر وكأننِي هجثة
وب ِقى معي ،طال ألنني ل أنام الليال ِ
سوى طبيبتي ،كانت أملي ،قهوتي ،وصبري ،كانت ليس ِلي أحد يدع همني ِ
سر ،إلى ِحين انتصاري عليه ،كانت اعمي األول ِحين ش ِهخصته بهذا ال ِ د ِ
تو هجهني ل ْلدهعاء و للصالة ،كانت تقهول لي :السبيل الوحيد إلنقاذك ههو
سميه بالسر؟ دعائك ،ربما تتسألون لماذا ا ْ
ِ
ألنه ِعندما كان شعري ينهمر كانهيار الد هموع،
الشاحب ،ل أدري هل من الغربة أ ْم مرض الهغربة؟
ِ ووجهي
ْ
أخفت عن أ ْهلي كهل شيء ،ل أ ْنسى معروف طبيبتي لي ،صبرت طبيبتي ْ
الجي حتى شهفيت ،طبيبتي في الغربة جزاك للا م ِعي ،لزمتني طوال فترة ِع ِ
مريضتك التي أرهقتها غربة السرطان ..كانت معكم طبيبة السر
ِ كل خير،
مريضتي التي أحببتها كثيرا وبقت في ذاكرتي ولم أنسى صرخاتها التي
تالحقني حتى في منامي بصوت ملئ بالوجع ،وكأن الغربة تنتقم منها
تصرخ وتقول أرهقني السرطان..
الكاتبة :مالك جمال أبو القاسم
السرطان أرهقني
46
" ليس السرطان بل زوجي"
أرهقني ،أتعبني ،نهش قوامي،
أسقط شعري،
أوغر على مالمحي،
أوقف حياتي،
قدم عمري،
نصب جسدي،
وصب مشاعري،
فتت قلبي،
بثر أضل ِعي،
ليس السرطان؛
زوجي..
ِ بل
ضيف
ه سي ،تزوجني و ِعشنا حياة جميلة ِجدا ،جاءني أحببتهه أكثر ِمن نف ِ
ثقيل قليال ،رضيته به؛ ألنه من للا،
إسمه "السرطان ،صرخته ،وفزعته ،وحاولته تكذيب الواقع في البداية؛
ولكن أمر للا لمحالة ،تقربته إلى للا أكثر ،كنت أصلي فروضي الخمس
فقط ،ول أحفظ من القران إل جزء عم ،مع الوقت بدأت أصلي النفل ،حفظته
زوجي ورفيق دربِي و هحب حياتي ،بِسبب وهني، ِ أكثر من جزء ،تركني
وتعبِي ،وسقوط شعري ،وتغير مالمحي ،وشكوى جسدي،
تركني بدون شفقة ،ولرحمة ،ولحتى جبر لخاطري المكسور،
بعد همرور مدة تشافيت بفضل للا سبحانه.
وغادرني ضيفي الذي أشكره ،وأشكر للا الذي أتاني به،
47
علمني ،فتح عقلي ،أوقف سداجتني،
زوجي الغائب أو باألحرى طليقي،
تزوج وأنجب بنت جميلة ،عندما رأيتهم سويا ،شعرته بأنها أبن ِتي،
وقد تالقت أعيينا،
وارتعشت أيدينا،
وتسارعت قلوبنا،
رأيته ينادي باسم ابنته ،كنت أظنهه أسمي،
المشكلة أن الفتاة مصابة بالسرطان أيضا ،ضممتها وبكيت عليها،
وقلت لي أباها :ل تخف ستعيش فقط توكل على للا
وذهبته ،ولكن لم أنسى الطفلة التي تابعت أخبارها ،وترددته عليها،
ووقفته معها،
ودعمتها ،وكنته عونا لها في ضيافة ضيفها الثقيل،
فرحت كثيرا ،عندنا تشافت،
السرطان ضيف ،والضيوف أنواع،
ونحن ل نختارهم ،رغم كوني وحيدة؛ لكنني وقفت،
فوقف مع ابنته،
ه زوجي،
ِ وبعيدة؛ ولكنني تقربت ،تركنِي
اتمنى السعادة لكل مصاب ،ولكل من زاره ضيف السرطان يوما..
الكاتبة :هديل جمال أبو القاسم
السرطان أرهقني
48
" رحلتي مع السرطان"
من ذلك اليوم المفجع وأنا حبيسة غرفتي المظلمة تحرقني شظايا أفكاري
اللعينة ،وتتالعب خصالت األمل على رصيف الوداع ،لم أصدق كالم
الطبيب حينما أخبرني بمرضي الخبيث ،تهمته بالزور صرخت في وجه
بعتاب وقلت له :غادر فأنت كاذب تراجع للخلف قليال فلمحت بريق الدموع
في عينيها ثم سالت كالنهر ،اقتربت مني ومسحت على رأسي وقالت:
ستشفين يا ابنتي ..لم أصدق قولها فهي تكذب على نفسها وتحاول أن
تخفف أثقال الهم عن روحي المرهقة...
أيعقل ذلك المرض استولى على جسدي النحيل؟
بدأ ذلك السؤال يتردد بداخلي وأصبت بالهوس عندما أيقنت أنني أصبحت
سجية هذا المرض اللعين ،ورأيت الموت يدخل غرفتي دون استئذان هاهو
يقترب مني شيء فشيء ثم يتباعد وكأنه لم يكن! أقول لنفسي أيعقل لهذه
الحبوب التي أبتلعها هي التي تصده عني؟ أم كتب لي الصراع مع هذا
المرض؟ لم يشعر بوحدتي وحيرتي أحد سوى أمي التي سهرت الليالي
معي وهي تسجد هلل وترجوه وتتوسل إليه بأن يشفيني ،كنت أراقبها من
بعيد ويعتصر قلبي أللمها أيا حزن لما سكنت قلبها الهش ؟ أل يكفيك أنك
ملكتني وأطفأت األنوار المشعة بداخلي؟ مرت األيام وكان فيها القلم رفيقي
والكتب هي من تساندني تخلوا عني كل األصدقاء خوفا أن أدعيهم بالمرض
أما أسرتي تغير تعاملهم معي أصبحوا يعاملونني كطفلة سترحل عن قريب
عنهم سمعتهم ذات مرة من خلف الباب يقولون" ل بأس تحملوها
وعاملوها بلطف وحققوا لها كل رغبتها وطلباتها أوامر فأيامها محدودة "
إختبئت تحت الغطاء وأغرقت بالدموع تحطم آخر أمل تبعثرت ذرات الحب
واحترقت األمنيات ،أصبحت منطفئة تماما وحيدة بين الجميع إلى أن هدتني
الحياة صدفة أراحت قلبي المتعب من هذه التراكمات ،إلتقيت بشخص
مصاب بمرضي بينما أنتظر دوري للقيام بالجرعة قال :أرى الحزن قد
غزاك واستولى على خالياك أل تعلمين أن للا أعمق مما تظنين؟ وإن لم
49
تشفي فإنك ستذهبين لمالقاة الرحمن إلى جنة الفردوس ..وابتسم ورحل
وترك خلفه حروفه التي بقت عالقة في ذاكرتي؛ بدأت أرددها دوما وبدأ ذلك
األمل ينبض من جديد بين أجزائي أنار وجهي من جديد وأخيرا عادت
طفولتي المهاجرة استغربت أمي من تغيري المفاجئ ولكنها فرحت
وحضنتني بدموع الخوف والحب ،يا أماه هذا كتبه للا فأنا رضيت بما كتبه
فهو أرحم الراحمين بنا ،فابتسمت بحزن وغادرت الغرفة و تركتني في
ميدان الحرب مع عقلي..
مرت األيام والشهور ولم يتغير شيء في حالتي ذهبت مع أمي وأبي للقيام
بآخر جرعة وهنا كانت الصدمة الفاجعة المفرحة حينما أبشر الطبيب
أسرتي " ابنتكم شفيت واختفت أعراض المرض ولكن انتبهوا لها لربما
تسقط وتحدث لها أعراض جانبية " ياهلل لك الحمد والشكر على رحمتك
وهنا عادت الحياة مجددا وكأن ما حدث كان مجرد حلم أو إحدى القصص
الخرافية التي ترويها لي جدتي قبل النوم بالكاد كنت أعد األيام التي تبقيت
لي وهذا الخبر أفجعني وقلت صدق ذلك المرء حينما قال
" وهو أعمق مما تظنين " .
الكاتبة :عائشة محمد محياط
السرطان أرهقني
50
"هزمني"
كتبتْ آخر كلمة في تلك الورقة وزينتها بحروفها الجميلة ،ابتسمت برضا
ونظرت إلى النافذة ،اندمجت أشعة الشمس مع عيناها لتحدث ضجة جاذبية
ل يملكها أحد سواها ،كانت تتذكر كلماتها التي خطتها بيدها قبل وقت قليل:
أرهقني السرطان وانتقم مني ،حاولت أن أكون أقوى منه لكنه دمر جسدي،
دمر قلبي عندما رأيت نظرة الحزن في عيني أمي ،لم أتمالك نفسي عندما
أنظر إلى المرآة فأرى فتاة أخرى نقيضة الفتاة التي كانت باألمس ،ها آنذاك
أنك
ألملم شتات ذكرياتي ،سجدت سجدتان سقط فيهما كل حزني ،أمي ،أعلم ِ
سوف ترين هذه الكلمات عندما أكون تحت الثرى ،أجزى بنا فعلت في
دنياي وعليه ستكون آخرتي ،أتمنى أن يكون مرضي هذا مكفرا لذنوبي،
أحبكم جميعا ،غادرت فلذة كبدي ،هذا ما كانت تردده أمها عند قراءتها هذا
الظرف الذي
عنوانه الحزن ورائحته األلم.
غادرت....
السرطان أرهقني
51
"ليت ما كان يعود يوما"
ليت ..كانت كلمة أهكررها كل يوم ...وفي كل حين!..
ليت الماضي يدق أبوابي..
ليت الشفاء يأتيني..
وليت األلم يبتعد عني !..كنت كلما أرى ماهو اسوء مما أنا فيه..
أقول الحمد هلل ،ل اعتراض على قدرك!..
كانت السماء مهربي ..واألرض مخبئي..
وللا مخلصي ..وملجئي..
كنت ...وما زلت ..أحلم..
أن تالمس زهرات البستان قدماي..
وأن تضرب نسمات الهواء وجهي..
وأن أمشط على األقل ..خصالت شعري..
ولكن ل شك !..أنني أؤمن باألمل..
يكفي أنني أدعوا للا كل ليله ..أن أعود إلى سابق عهدي
وأن ترجع لي صحتي ..وأن يعود اللمعان إلى عيناي..
وأن تنغرس البتسامة على شفتاي ...من جديد.
الكاتبة :مي الهدوي البوني
السرطان أرهقني
52
"رغم األلم ..كن أنت"
ترى هل سيسمح لنا هذا العالم بالرغم من ذلك الضجيج الذي يجوب
انحائه ،بإخبار أحدهم أنه الحياة بالنسبة لنا ،وأننا نتحطم وننكسر تبهت في
أعيننا كل األشياء عندما يحزن ...فيصبح هذا العالم ل لون له
ول طعم ول رائحة...
ترى هل سيسمح لنا بإخبار من نحبهم أننا باقون معهم مهما
حصل ،بالرغم من تصاعد أدخنة الغدر والخيانة في كل مكان ،هل سيسمح
لنا هذا العالم الكئيب بتسامر
أطراف الحديث مع أحدهم دون أقنعة يرتديها كل منا تعلوها ابتسامة
صفراء.
هل سيفعل يا ترى؟
ياعزيزي ،تقبل حياتك كما هي ،ل تفترض أنه فاتك شي ،حياتك مكتملة ل
ينقصك شي ،تحتاج فقط أن تعيشها كما هي بدون شروط ،تعامل مع كل
أحد وكل شي حولك كما هو ،ل تترقب وتنتظر أن يتغير ،ل تربط سعادتك
بشي غير موجود في حياتك اآلن ،أنت
تصنع السعادة ،وليست هي التي تصنعك.
الكاتبة :رنا علي
السرطان أرهقني
53
"بعد إرهاق الحياة استملني السرطان"
تشتت الرؤية لدي عندما انصت إلى الطبيب وهو يخبر العائلة انني مصابة
"بالسرطان" ،اخدت الصدمة طريقها على وجهي ،ولكنني مع ذلك كنت
مؤمنة بأنني سأشفى ،بالرغم من كل شئ حدث معي فقد اتجهت إلى ركن
الصالة وبدأت ادعو للا بقلب صادق ،ذرفت دموع الكثير من الدموع ،لم
يكن بالمرض الصعب امام ما واجهت من جروح ،ولكنه كان اعمقها،
حسمت امري ،وذهبت إلى الطبيب وتعالجت وحمد هلل قد شفيت تماما منه
باإلرادة القوية ،العزم األقوى ،واألهم من ذلك الدعاء باإللحاح.
ل تجعل المرض يتغلب عليك بل اجعل من نفسك ان تتغلب على المرض.
السرطان أرهقني
54
" فاز السرطان ومات أخي"
منهمر يسقى تراب الرض الجرداء ماسكا بقبضة
ه واقفا على قبرة والدمع
يده ترابة الذي حضنة بعيدا عنه.
بأصوات ترجف له الجسا هم :هذا حسام الخ الوفي الذي ولدته له اليام.
وفى وقوفه للطالل مارا علية شريط السنين .
في فناء المدرسة العدادية فتى هادئ ثيابا نظيفة وكريقة األكل المهذبة
التي تجذب النتباه
مهرول حساما إلية :مد يده له أهال ادعى حسام
الفتى :أسمي زين تشرفت بك
حسام :لم اتوقع انك ذكى لقد اذهلت الفصل بأجابتك على السؤال.
زبن :بخجل شكرا.
تبادل أطراف الحديث وبدأ الستمتاع وهذه بداية للفرقة لكالهما.
أزداد الحديث وكانت األيام خير دليل ل رباطة الصداقة بينهما.
حسام الفتى األول على الصف دائم الصمت أصبح له رفيق وليس أي رفيق
أنه المنافس الذكى والند القوى والخ الحنون والصديق الوفي.
ولكن ياليت السعادة تطول.
زين بدأ يتغير قليال ويغيب ليغير العادة أصبح هزيال مصفرا ولكنه لم يخبر
حتى حسام بأمرة
فهو مريض سرطان يتألم لوحدة وسأتخذه الدنيا لحتضنه التراب رغم
صغرة وهو يبلغ 13عام ،حسام لم يكن يعرف ولكنه كان يشعر بأمرا ما
حيال زين وانه يعانى من شئ ،حاول حسام فتح الموضوع ويجبر زين
بالشعور اتجاهه ليتقاسم معه ألمه.
كان جواب زين دوما هو:
55
وضع ابهامه على جبهة حسام قائال :ضاحكا أني بخير ل تقلق.
يشعر زين دوما بالحزن كان يريد إخبار حسام لمرة لعله يخفف من نار
جوفة ولكن هناك شئ يوقفه دوما.
غاب زين عن المدرسة ألسبوع ولكن المر المخيف أن زين لم يخبر حسام
في نهاية الدوام الدراسي لم ينتظر أكثر ذهب جاريا لمنزله دق بخوف وهو
ينتظر زين ليفتح له
فاذا بأم زين( فردوس) أهال بني.
حسام :خالتي أريد زين
وهنا كانت المفاجئة زين في المشفى
سقطت هذه الكلمة على حسام كالصاعقة كيف ولم؟ ومنذ ؟متى؟
فردوس :بالتردد ج ج جرعات الكيماوي..
شعر حسام لوهلة أنه فقد توازنه وتخدر تماما.
جر نفسة للمشفى إلى أخيه ،ليعرف ويرى حالة في مخيلته مرة يجرى
ومرة يسقط وتارة يتوقف لم يعد يعرف ما يفعل.
بحث بسرعة الغرفة 55ليفتحها بدون استئذان حتى
والدمع على مقلتيه ويمشى بهدوء نحو زين ل أصدق الفتى الجذاب هزيل
هكذا وهو يمسح على شعرة مابك ها لم لم تخبرني؟
زين :يتحاشى النظر إليه وجسده في كل مكان مربوط بجهاز يبدو ان
المرض سيتغلب عليه.
حسام :قف هيا واريني الفتى المفعم بالحيوية والنشاط ،لست زين لم لونك
شاحب عينان مسلبتان المعان
زين :أنا في لحظاتي الخيرة
حسام :أصبح يرتعش وهو يمسح على شعره بالحنان أنت بخير صح؟
56
هيا قف نريد أن نلعب.
زين :بصراخ قلت لك أنا في أيامى الخيرة ،اذهب لنتظرني إن
المرض أقوى منى لقد تعبت ،أنا لست بخير حسام وبدا يبكى وجلس قليال
تلى السرير يصف له شعوره ،أن دخول البرة في جسدي جعلني الة اللم
يحيط بي ،لقد اصبح جسمي ملئ بالثقوب اهفت عنك المر لكى ل تحزن
على او تقلق؛ ولكن لم يعد هناك داع للهروب مرضي كالغيمة السوداء
حسام تخيط بي وتسلبني أحالمي انتهى أمرى
حسام :ينظر لسقف الغرفة واخذ نفسا عميقا ستتغلب عليه هيا
أخرجه الطبيب بالقوة فقد حان موعد العالج لزين وهو يصرخ ل أريد
ولكن ما بيد حيلة
ما لبث إل أسبوع واخذ للا أمانته.
انتهيت حياة زين ..حسام وهو يسير في جنازته طيف زين معه في كل
مكان لم يصدق ما حصل وكيف كان كالحلم واعتاد على زيارة قبرة وهو
يخبره بأحداث يومه وجديده ،ويمسك بالقبضة يده ترابة ويبكى ،وهو يتخيل
أخر لقاء كيف كان يصرخ من المه وهو عاجز عن مساعدته كيف كان
مظهره ،وشعره كيف أصبح أصلع مسلوب الرادة
فاز السرطان على أعز من لديه.
الكاتبة :إيناس جعفر
السرطان أرهقني
57
"كن صبورا ومتفائال"
سعادة ،افتحي لنفسك نافذة طرقات ال ههكن صبورا ومتفائال بال همضي قهدما إلى ه
األمل وأطلق العنان لروحك الجميلة كي تتنفس منها ،كهون همترقبا للفرج
القريب ،همتأهبا ومستعدا لستقبال الفرح" ،وما يهدريك ! لع هل قافلة العزيز
في طريقها إليك"
تمسك ِبأولئك الذين يتحملونك ويصبرون على زلتك الذين يحتضنون
عهيوبك ويفتحون لك قلوبهم ليجعلوها مأوى تستريح فيه من هزحام األيام
،الذين يتفرغون ِبأنفسهم لينشغلوا بلملمت انكساراتك وأوجاعك فيبدلوها
إلى كثلة من اإلشراق واإليجابية ،الذين يربتون على كتفك عندما تتعثر في
طرقات الحياة ومعتركها ،الذين ل يرون منك إل جانبك ال همضيء ،الجانب
الذي يجعلهم يهجنون بك ويستعذبون البقاء معك حتى في أحلك لحظاتك.
الكاتبة :ندى دابي
السرطان أرهقني
58
شكر وتقدير
شكرا لتلك األنامل المبدعة
تلوح في سمائنا دوما ،نجوم براقة ل يخفت بريقها عنا لحظة
واحدة ،نترقب إضاءتِها بقلوب ولهانة ،ونسعد بلمعانها في
سمائنا كل ساعة ،فاستحقت وبكل فخر أن يرفع أسمائها في
عليائنا ،لكم مني كل الثناء والتقدير ،بعدد قطرات المطر،
وألوان الزهر ،وشذى العطر ،على مجهوداتكم الثمينة والقيمة.
59
60