You are on page 1of 452

xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

‫العمل في أمريكا‬
×××××××××××××××××××××××××××××××××
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

‫العمل في أمريكا‬
×××××××××××××××××××××××××××××××××

‫تاريخ‬
‫الطبعة الثانية المنقحة‬

×××××××××××××××××××××××××××××××××

‫فوستر ريا داالس‬

×××××××××××××××××××××××××××××××××

‫شركة توماس واي كرويل‬


1834 ‫نيويورك •تأسست عام‬

xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
xxxxxxxxx
‫حقوق الطبع والنشر ‪© 1960 ،1955 ،1949‬من قبل فوستر ريا داالس‬

‫كل الحقوق محفوظة ‪.‬ال يجوز إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب بأي‬
‫شكل من األشكال‪ ،‬إال من قبل المراجع‪ ،‬دون الحصول على إذن من الناشر‪.‬‬

‫طبعة منقحة‪1955 ،‬‬


‫الطبعة الثانية المنقحة‪1960 ،‬‬
‫الطبعة األولى يوليو ‪1960‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬يوليو‪1961 ،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬يوليو‪1962 ،‬‬
‫الطبعة الرابعة‪ ،‬يونيو‪1963 ،‬‬
‫الطبعة الخامسة‪ ،‬يونيو‪1964 ،‬‬
‫الطبعة السادسة‪ ،‬أغسطس‪1965 ،‬‬

‫بطاقة كتالوج مكتبة الكونجرس رقم ‪60-14513‬‬

‫صُنع في الواليات المتحدة األمريكية بواسطة شركة‬


‫‪ ،Vail-Ballou Press, Inc.‬بينغهامتون‪ ،‬نيويورك‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫مقدمة‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫المنظم في أمريكا‪ ،‬والذي يبلغ قوامه اليوم حوالي خمسة عشر مليونًا من األجراء‪ ،‬ال بد أن يمارس‬
‫تأثيرا حيو ًيا على التطور االقتصادي والسياسي المستقبلي لألمة ‪.‬لقد أصبح الشعب األمريكي عمو ًما‬ ‫ً‬
‫يقبل أهمية النقابات العمالية الحرة في المساعدة على الحفاظ على أسلوب حياتنا الديمقراطي‪ ،‬لكن‬
‫القوة المتنامية للنقابات خلقت في الوقت نفسه مشاكل جديدة وصعبة في عالقات العمل ‪.‬لكن على‬
‫مؤخرا ‪.‬لقد كان نضال‬
‫ً‬ ‫الرغم من وضعها الحالي‪ ،‬فإن الحركة العمالية لم تصبح قوية إلى هذا الحد إال‬
‫طويال وشاقًا‪ ،‬وكان دمويًا في بعض األحيان ‪.‬ال يمكن فهم‬
‫ً‬ ‫النقابات من أجل االعتراف والدعم الشعبي‬
‫المواقف العمالية الحالية إال على خلفية هذا النضال الذي طال أمده ‪.‬‬
‫الغرض من هذا الكتاب هو تقديم وصف لصعود العمل األمريكي للقارئ العام‪ ،‬وتتبعه من البدايات‬
‫االستعمارية الغامضة خالل األيام المثيرة للصفقة الجديدة والحرب العالمية الثانية ‪.‬تم التركيز على‬
‫التنظيم الوطني –اتحاد العمل الوطني‪ ،‬فرسان العمل‪AF ،‬لـ ‪L.‬و ‪C.LO.‬من المستحيل أن نغطي‬
‫في كتاب واحد كل مرحلة من مراحل النشاط العمالي ‪.‬إن تاريخ النقابات الفردية‪ ،‬ودور النساء‬
‫واألقليات في التنظيم العمالي‪ ،‬ونمو تعليم العمال وأنشطة الرعاية االجتماعية النقابية‪ ،‬وعالقة الحركة‬
‫العمالية األمريكية بالحركة العمالية في البلدان األخرى‪ ،‬يجب أن تخضع للتحليل ‪.‬منسقة إلى سجل أكثر‬
‫شموال ‪.‬من خالل سرد قصة العمل هذه على خلفية تطورنا الوطني‪ ،‬نأمل أنه على الرغم من هذه القيود‬
‫الضرورية‪ ،‬تم وضع المشهد المعاصر في المنظور الضروري جدًا ألي فهم حقيقي‪.‬‬
‫اعتمد المؤلف بشكل كبير على العديد من الدراسات السابقة عن العمل األمريكي والتي يمكن العثور‬
‫على إشارة إليها في المالحظات الببليوغرافية‪ ،‬ولكنه استخدم المصادر األولية حيثما ظهرت المادة‬
‫مقدمة‬
‫المطالبة بمزيد من البحث ‪.‬لقد قرأ العديد من الزمالء األكاديميين المخطوطة كليًا أو جزئ ًيا‪ ،‬ويود‬
‫المؤلف أن يعرب عن تقديره لهذا العدد لألساتذة ألما هيربست‪ ،‬وهنري ر ‪.‬سبنسر وروبرت إي ‪.‬‬
‫ماثيوز‪ ،‬وديفيد وروث س ‪.‬سبيتز ‪.‬وهو مدين أيضًا باالقتراحات والنصائح لروبرت ل ‪.‬كروويل وآرثر‬
‫ب ‪.‬تورتيلوت‪ ،‬على التوالي‪ ،‬ناشر ومحرر السلسلة التي يعد هذا الكتاب جز ًءا منها ‪.‬ولكتابة وإعادة‬
‫كتابة مخطوطة غالبًا ما تكون غير قابلة للتشفير تقري ًبا‪ ،‬فإنه سيشكر بشدة إيديث سنير وسالي‬
‫داالس ‪.‬كما هو الحال في كل كتاب من كتبه‪ ،‬يدين المؤلف بالتعبير األخير عن التقدير العميق لماريون‬
‫داالس على انتقاداتها الحادة والدقيقة والبناءة للمخطوطة في كل مرحلة من مراحل تطويرها ‪.‬‬

‫فوستر ريا داالس‬


‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫مقدمة للطبعة المنقحة‬


‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫عندما أكتب شيئ ًا بعد أكثر من عقد من نشر الطبعة األولى لهذا الكتاب‪ ،‬ال أجد سوى القليل ألضيفه إلى‬
‫التعميمات وبيانات الهدف في مقدمة عام ‪1949.‬من وجهة نظر عام ‪ ،1960‬قد يتكرر بالتأكيد أن‬
‫الشعب األمريكي‪ ،‬على الرغم من سوء الفهم العرضي فيما يتعلق بمسؤولية العمل‪ ،‬قد أصبح يقبل‬
‫تعبيرا حيويًا عن أسلوب الحياة الديمقراطي ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تستمر هذه‬
‫ً‬ ‫النقابات العمالية باعتبارها‬
‫المنظمات القوية في طرح مشكالت صعبة تؤثر على مجال العالقات الصناعية بأكمله ‪.‬ومن الواضح‬
‫أنها ليست مشاكل يمكن "حلها "بمعنى أي تسوية نهائية وحاسمة ‪:‬فوضع العمل المنظم في المجتمع‬
‫األمريكي‪ ،‬وكذلك وضع األجراء أنفسهم‪ ،‬يخضع لجميع التغييرات والتطورات الجديدة ‪.‬متأصلة في‬
‫االقتصاد الوطني المتوسع باستمرار‪.‬‬
‫يعد اندماج ‪AF‬في ‪L.‬ورئيس قسم المعلومات أهم تطور في تاريخ العمل في العقد الماضي‪ ،‬لكنه‬
‫لم يغير بشكل جوهري العالقة بين العمل واإلدارة ‪.‬ويشكل قانون الندروم‪-‬جريفين‪ ،‬الذي تم إقراره في‬
‫تطورا بالغ األهمية ‪ ،‬لكنه ال يمكن مقارنته بقانون فاغنر أو قانون تافت‪-‬هارتلي في‬
‫ً‬ ‫عام ‪ ،1959‬أيضًا‬
‫التاريخ المتطور لدور الحكومة في العالقات الصناعية ‪.‬لكن ما حدث خالل العقد الماضي هو أن العمل‬
‫المنظم عزز المكاسب التي تحققت في البداية خالل أيام الصفقة الجديدة والحرب العالمية الثانية ‪.‬في‬
‫مؤخرا من انتكاسات‬
‫ً‬ ‫حين أن وعد ‪AF‬باندماج ‪L.-CIO‬ربما لم يتحقق بالكامل‪ ،‬وعانت النقابات‬
‫تخيم على المستقبل إلى حد ما‪ ،‬إال أن دور العمال في تحديد مسار االقتصاد الوطني ال يزال ذا أهمية‬
‫قصوى‪.‬‬
‫في إعداد هذه الطبعة الجديدة من كتاب حزب العمل في أمريكا‪ ،‬قمت بدمج هذه المواد الجديدة التي‬
‫بدت ذات صلة‪ ،‬وقمت بتوسيع المالحظات الببليوغرافية لتشمل الكتابات الحديثة األكثر أهمية حول‬
‫تاريخ العمل‪ ،‬وأوصلت السرد التاريخي إلى العلن‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫في الستينيات ‪ .‬لقد حاولت تفسير هذا المشهد المعاصر بموضوعية بقدر ما تسمح به سرعة األحداث‬
‫الموصوفة‪.‬‬
‫فوستر ريا داالس‬
‫مايو ‪1960‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫محتويات‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫أنا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ 1 .‬أمريكا االستعمارية‬ ‫‪.‬‬


‫ثان‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫النقابات األولى‬ ‫‪. 20‬‬ ‫‪.‬‬
‫يا ثالثا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 35‬أحزاب العمال‬ ‫‪.‬‬
‫رابعا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 53‬قوة العمل في ثالثينيات القرن التاسع عشر‬ ‫‪.‬‬
‫الخا‬ ‫‪ . 73‬تأثير الصناعة‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫مس الساد‬ ‫‪ . 95‬نحو التنظيم الوطني ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫س سابعا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 114‬عصر االضطرابات ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫صعود وانحدار فرسان العمل ‪ . 126‬ثامنا‬
‫تاسعا‬ ‫‪ . 150‬االتحاد األمريكي للعمل‬ ‫‪.‬‬
‫‪X‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 166‬هومستيد وبولمان ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫الحاد‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 184‬العصر التقدمي ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫ي عشر‬
‫الثاني‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 208‬الرعد على اليسار ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫عشر‬
‫الثالث‬ ‫‪ . 224‬الحرب العالمية األولى –وما بعدها‬ ‫‪.‬‬
‫عشر‬
‫الرابع‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 242‬العمل في تراجع ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫عشرالخام‬ ‫‪ . 264‬األتفاق الجديد ‪....‬‬ ‫‪.‬‬
‫عشر‬
‫سالساد‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 288‬صعود رئيس قسم المعلومات ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫عشر‬ ‫س‬
‫السابع‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 312‬العمل والسياسة ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫عشر‬
‫الثامن‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 332‬الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫عشر‬
‫التاسع‬ ‫«‬ ‫‪ . 354‬العمل في مشهد ما بعد الحرب‬ ‫‪.‬‬
‫عشرالعشر‬ ‫‪.‬‬ ‫‪AF . 377‬من ‪L. -CIO‬االندماج‬ ‫‪.‬‬
‫ينالحادي‬ ‫‪ . 394‬حزب العمل يواجه مستقبالً غامضا ً‬ ‫‪.‬‬
‫والعشرو‬
‫الثاني‬ ‫‪ . 409‬حاشية ‪.....‬‬ ‫‪.‬‬
‫والعشرو‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ . 414‬مالحظات ببليوغرافية‬ ‫‪.‬‬
‫ن‬
‫‪.....‬‬ ‫هرس‬‫‪ . 423‬فِ ِ‬ ‫‪.‬‬
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

‫العمل في أمريكا‬

×××××××××××××××××××××××××××××××××
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫‪ :I‬أمريكا االستعمارية‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫المصادر الرئيسية للعمالة في أمريكا االستعمارية هي الخدم والعبيد المستأجرين ‪.‬كان العمال األحرار‬
‫أقلية صغيرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر ‪.‬مع نمو وازدهار المدن الصغيرة المنتشرة على‬
‫طول ساحل المحيط األطلسي تدريج ًيا‪ ،‬أصبحت الميكانيكا والحرفيون الذين جاءوا مباشرة من العالم‬
‫القديم أو خرجوا من صفوف العمالة المقيدة لبناء حياتهم الخاصة في حرية‪ ،‬ذا أهمية متزايدة ‪.‬كان‬
‫هناك نجارون وبناؤون ‪.‬كتاب السفن وصناع الشراع ‪.‬الدباغون والنساجون وصانعو األحذية‬
‫والخياطون والحدادون والعمال والزجاج والطابعات‪.‬‬
‫كان الحرفيون المهرة من بين هؤالء العمال في البداية يمارسون مهنهم بشكل مستقل‪ ،‬ولكن مع نمو‬
‫ً‬
‫عماال مياومين‬ ‫المراكز السكانية‪ ،‬أنشأ العمال الرئيسيون متاجر صغيرة للبيع بالتجزئة ووظفوا‬
‫ومتدربين للعمل لديهم مقابل أجر ‪.‬وبحلول نهاية القرن الثامن عشر‪ ،‬بدأ هؤالء العمال المياومون في‬
‫تشكيل جمعيات تجارية محلية‪ ،‬وهي نشأة النقابات األولى وما أصبح بمرور الوقت الحركة العمالية‬
‫المنظمة‪.‬‬
‫إن النمط االقتصادي البسيط الذي ساد في تلك األيام البعيدة ال يوفر أساسا ً حقيقيا ً إلجراء مقارنات مع‬
‫المشهد الصناعي المعقد في القرن العشرين ‪.‬إن مكانة حفنة صغيرة من الحرفيين والميكانيكيين‬
‫المستقلين ليس لها أي عالقة صحيحة بوضع الكتلة الهائلة من العمال الصناعيين في مجتمعنا الحديث ‪.‬‬
‫إن الحاالت العرضية والمتفرقة لالحتجاجات العمالية في الفترة االستعمارية ال يمكن أن تكون أبعد من‬
‫اإلضرابات الوطنية التي أوقفت في السنوات األخيرة اإلنتاج في تعدين الفحم وتصنيع الصلب وتصنيع‬
‫السيارات التي يعتمد عليها اقتصادنا المترابط بشكل كامل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كانت بعض الظروف األساسية‬
‫فعالة في األيام االستعمارية والتي كان لها تأثير قوي على مسار العمل األمريكي بأكمله‪.‬‬
‫وقد ساعدت الندرة المستمرة للعمال في الحفاظ على معدالت األجور أعلى بكثير من المستويات‬
‫األوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر؛‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وأبطلت فرص التقدم في العالم الجديد الخطوط الطبقية الصارمة والسريعة التي كانت بمثابة التراث‬
‫اإلقطاعي للعالم القديم‪ ،‬وعززت الحدود بشكل عام روح الفردية القوية ‪.‬وبينما كان على الثورة‬
‫الصناعية أن تغير النظام االقتصادي القديم بالكامل‪ ،‬فإن هذه العوامل األساسية في طريقة الحياة‬
‫األمريكية‪ ،‬التي ال تؤثر على العمل فحسب‪ ،‬بل على جميع العناصر األخرى في مجتمعنا‪ ،‬كانت‬
‫ستستمر ‪.‬لقد ساهموا في جلب العمال إلى التيار الواسع للتقدم الديمقراطي الذي ميز تاريخنا ولعب دورا‬
‫هاما في إعطاء الحركة العمالية المنظمة في أمريكا طابعها المميز والفريد‪.‬‬

‫لم يكن المستوطنون األوائل قد هبطوا في فيرجينيا وماس ساتشوستس إال عندما أدركوا الحاجة‬
‫الملحة للعمال في الغابات البرية التي كانت أمريكا ‪.‬في كل من الرحلة األولى إلى جيمس تاون والبعثات‬
‫الثالث الالحقة‪ ،‬أرسلت شركة فيرجينيا إلى العالم الجديد مجموعة متنوعة من المغامرين والجنود‬
‫والسادة ‪.‬وفي ظل اليأس المتزايد من إنشاء مستعمرة مستقرة باستخدام مثل هذه المواد غير ال ُمرضية‪،‬‬
‫أخيرا في احتجاج عنيف ‪.‬كتب إلى منزله مؤكدًا" ‪:‬عندما ترسل مرة أخرى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دخل الكابتن جون سميث‬
‫نجارا وفال ًحا وبستان ًيا وصيادين وبنائين وحفارين لجذور األشجار‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أتوسل إليك أن ترسل ثالثين‬
‫مجهزين جيدًا‪ ،‬بدالً من ألف مثلنا‪".‬‬
‫كان أداء بليموث أفضل ‪.‬كان الحرفيون والحرفيون وغيرهم من العمال يشكلون إلى حد كبير‬
‫مجموعة صغيرة من الحجاج‪ ،‬ووصف أسقف لندن زعماءهم بوقاحة بأنهم "مرشدون مناسبون لهم‪،‬‬
‫إسكافيون‪ ،‬خياطون‪ ،‬صانعو لباد‪ ،‬وأمثالهم من القمامة ‪".‬كان للمستوطنين البيوريتانيين في خليج‬
‫ماساتشوستس في عام ‪1630‬أيضًا أغلبية من الحرفيين وفالحي التربة ‪.‬ولكن على الرغم من هذه‬
‫الميزة‪ ،‬سرعان ما شعر مؤسسو نيو إنجالند‪ ،‬كما شعر مؤسسو فرجينيا‪ ،‬بندرة األشخاص الذين‬
‫سا في عام‬ ‫يكتفون بأداء المهام المتواضعة للمجتمع ‪.‬كتب حاكم والية ماساتشوستس وينثروب يائ ً‬
‫‪1640‬عن صعوبة إبقاء العاملين بأجر في وظائفهم ‪.‬كانوا ينتقلون باستمرار إلى المجتمعات الحدودية‬
‫حيث كانت األجور أعلى أو يأخذون األراضي ليصبحوا مزارعين مستقلين ‪.‬جعلها كوتون ماذر "مقال‬
‫دعاء خاص أمام الرب‪ ،‬لكي يرسل خاد ًما صال ًحا‪. . . ".‬‬
‫وبينما كان فالحو التربة و"حفارو جذور األشجار "هم‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪3‬‬
‫االعتبار األول واألساسي في هذه األيام األولى من االستيطان‪ ،‬إال أن الطلب على العمال المهرة تزايد‬
‫بسرعة ‪.‬كان المستعمرون مجبرين بالضرورة على أن يصبحوا نجارين وبنائين ونساجين وصانعي‬
‫أحذية‪ ،‬مهما كانت خلفيتهم‪ ،‬ولكن في المزارع الجنوبية وفي مدن نيو إنجالند‪ ،‬كانت هناك حاجة دائ ًما‬
‫إلى الحرفيين والميكانيكيين المدربين‪.‬‬
‫لقد تباينت الطرق التي تمت بها مواجهة مشكلة العمل بشكل كبير في أجزاء مختلفة من أمريكا ‪.‬أدت‬
‫ظروف االستيطان المبكر والبيئة الطبيعية إلى اعتماد نيو إنجالند إلى حد كبير على العمال األحرار ‪.‬كان‬
‫على الجنوب في نهاية المطاف أن يتراجع بشكل شبه كامل عن العبيد الزنوج ‪.‬في غالبية المستعمرات‬
‫خالل القرن السابع عشر‪ ،‬وحتى القرن الثامن عشر في المستعمرات الوسطى‪ ،‬تم تجنيد الجزء األكبر‬
‫من القوة العاملة من الخدم المستأجرين ‪.‬في الواقع‪ ،‬تشير التقديرات إلى أن ما ال يقل عن نصف‪ ،‬وربما‬
‫أكثر‪ ،‬من جميع المستعمرين الذين جاءوا إلى العالم الجديد وصلوا بموجب شكل من أشكال التعاقد ولم‬
‫يأخذوا مكانهم كمواطنين أحرار تما ًما إال بعد تحديد شروط العقد الخاص بهم‪.‬‬
‫كان هناك ثالثة مصادر لمثل هذا العمل المقيد ‪:‬الرجال والنساء واألطفال الذين تم التوقيع على‬
‫عقودهم قبل مغادرة العالم القديم؛ المخلصون‪ ،‬أو ما يسمى أصحاب اإلرادة الحرة‪ ،‬الذين وافقوا على‬
‫سداد أموال مرورهم عن طريق بيع عملهم بعد هبوطهم في المستعمرات‪ ،‬والمدانين المحكوم عليهم‬
‫بالنقل إلى أمريكا ‪ .‬بمجرد وصولها إلى المستعمرات‪ ،‬اندمجت هذه المجموعات المختلفة في الطبقة‬
‫العامة من الخدم المقيدين‪ ،‬الذين يعملون بدون أجور ويخضعون بالكامل لسيطرة أسيادهم لفترة محددة‬
‫من السنوات‪.‬‬
‫كبيرا جدًا لدرجة أن التجارة النشطة في توظيف العمال قد تطورت ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكان الطلب على العمالة‬
‫جاب عمالء المزارعون االستعماريون والتجار البريطانيون ريف إنجلترا ومدنها‪ ،‬وشقوا طريقهم فيما‬
‫بعد إلى القارة‪ ،‬خاصة المناطق التي دمرتها الحرب في راينالند‪ ،‬ليصرخوا في الخارج عن مزايا الهجرة‬
‫إلى أمريكا ‪.‬لقد وزعوا منشورات يدوية في المعارض الريفية تصف بإسراف عجائب هذه األرض‬
‫الجديدة حيث قيل إن الطعام يسقط في أفواه السكان المحظوظين وكان لكل رجل فرصة امتالك أرضه‬
‫الخاصة ‪.‬كانت الوعود المقدمة في كثير من األحيان متوهجة وحماسية لدرجة أن الجهلة والسذج وقعوا‬
‫بكل سرور على عقود التعاقد مع القليل من اإلدراك للمصاعب المحتملة للحياة التي كانوا يدخلون فيها ‪.‬‬
‫إن "المغفلين "الذين كانوا يعملون في الريف اإلنجليزي‪ ،‬ومن يسمون "النيوالنديين "الذين يعملون‬
‫في القارة ‪ ،‬لم يترددوا في االحتيال والخداع‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫تم "إخراج "آالف األشخاص من إنجلترا في ظل هذه الظروف‪ ،‬وبدالً من محاولة منع مثل هذه‬
‫الممارسات‪ ،‬شجعتهم السلطات المحلية في كثير من األحيان ‪.‬قادهم االعتقاد السائد بأن إنجلترا مكتظة‬
‫بالسكان إلى الموافقة بشدة على نقل الفقراء والمتشردين إلى الخارج‪ ،‬وهم عمو ًما عديمي الحيلة‪،‬‬
‫والذين قد يصبحون لوال ذلك عبئًا على المجتمع ‪.‬وفي الواقع‪ ،‬كان القضاة في بعض األحيان يجمعون‬
‫مثل هؤالء األشخاص ويخيرونهم بين الهجرة والسجن ‪.‬كما وجد أيضًا أنها طريقة سهلة لرعاية األيتام‬
‫وغيرهم من القُصَّر الذين ليس لديهم وسيلة لإلعالة ‪:‬مصطلح "االختطاف "نشأ من هذا الوضع القاسي‬
‫الستعمار المستعمرات‪.‬‬
‫في عام ‪" ،1619‬عيّن المجلس المشترك في لندن مائة طفل من بين األسراب التي تحتشد في‬
‫المكان‪ ،‬إلرسالهم إلى فيرجينيا ليكونوا متدربين لسنوات معينة "‪.‬استفسر مجلس الملكة الخاص عن‬
‫هذا األمر‪ ،‬وبعد أن أثنى على السلطات "إلنقاذ الكثير من الفقراء من البؤس والخراب"‪ ،‬سمح لشركة‬
‫فيرجينيا " بسجن ومعاقبة والتخلص من أي من هؤالء األطفال عند ارتكاب أي فوضى‪ ،‬كما يجب أن‬
‫يتطلب السبب؛ وهكذا لشحنهم إلى فيرجينيا‪ ،‬مع أكبر قدر ممكن من الراحة»‪.‬‬
‫وبعد حوالي أربعين عا ًما‪ ،‬يبدو أن مجلس الملكة الخاص قد أثار غضبه بسبب إساءة استخدام هذه‬
‫الممارسة من قبل شركة فيرجينيا ‪.‬تم اكتشاف أن سفينتين ترقدان قبالة ‪Gravesend‬كان على متنهما‬
‫أطفال وخدم آخرون "خدعوا وأغروا بالبكاء والحداد من أجل الخالص من عبوديتهم ‪".‬وصدر أمر‬
‫بإطالق سراح جميع المعتقلين رغما ً عنهم " ‪-‬وهو أمر همجي وغير إنساني للغاية‪ ،‬وال يمكن للطبيعة‬
‫نفسها إال أن تمقته ‪" -‬يجب إطالق سراحهم على الفور‪.‬‬
‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬كان من الصعب للغاية رسم الخط الفاصل بين النقل الطوعي وغير الطوعي ‪-‬‬
‫خاصة عندما يتعلق األمر بالفقراء الجهالء واألطفال الصغار ‪.‬ال شك أنه كان هناك العديد من الخدم‬
‫المقيدين في المستعمرات الذين ربما رددوا الرثاء المثير للشفقة للفتاة الصغيرة الموصوفة في "عامل‬
‫‪ ،Sot-Weed Factor‬أو عصر "‪ ،Voy to Maryland‬وهو مقال نُشر في لندن عام ‪1708:‬‬

‫في أوقات أفضل على هذه األرض‬


‫لقد كنت غير سعيد بالسعادة‪.‬‬
‫وربما ظهرت كذلك‪،‬‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪5‬‬
‫مثل أي سيد أو سيدة هنا‪ ،‬لم أكن عبدًا لمدة عامين‪ ،‬كانت مالبسي جديدة تما ًما‪ ،‬ولم‬
‫تكن مالبسي زرقاء اللون؛ لكن األمور تغيرت‪ ،‬فأنا اآلن أعمل يوميًا في المعزقة‪،‬‬
‫وأذهب حافي القدمين‪ ،‬وأقضي وقتي الحزين في إزالة األعشاب الضارة أو إطعام‬
‫الخنازير ‪.‬لقد اختطفت وأحمق‪ ،‬وهربت إلى هناك‪ ،‬لتجنب سرير الزفاف المكروه‪،‬‬
‫وعلى حسابي وجدت بالفعل أوبئة أسوأ من تلك التي تركتها خلفي‪.‬‬

‫ومع مرور الوقت‪ ،‬ساهم السجن والسجن في زيادة عدد المهاجرين الذين عبروا المحيط األطلسي‬
‫باعتبارهم "ركاب صاحب الجاللة لمدة سبع سنوات ‪".‬كانوا في البداية مكونين إلى حد كبير من‬
‫"المحتالين والمتشردين والمتسولين األقوياء "الذين أثبتوا أنهم "غير قابلين لإلصالح"‪ ،‬ولكن خالل‬
‫القرن الثامن عشر أضيفت جرائم أكثر خطورة إلى القبضة التي فرضت عليها وسائل النقل إلى الخارج ‪.‬‬
‫قائمة ما قبل الثورة لهؤالء المهاجرين في إحدى مقاطعات ميريالند‪ ،‬والتي تضيف ما يصل إلى ‪655‬‬
‫صا ومن بينهم ‪111‬امرأة‪ ،‬احتضنت مجموعة واسعة من الجرائم ‪-‬القتل واالغتصاب والسطو على‬ ‫شخ ً‬
‫الطرق السريعة وسرقة الخيول والسرقة الكبرى ‪.‬ومن بين النساء‪ ،‬كان هناك الكثير ممن وصفتهم‬
‫الروايات المعاصرة بإيجاز بأنهم "فاسقون‪".‬‬
‫أصبحت المستعمرات مستاءة بشدة من تدفق النفايات من السجون اإلنجليزية " ‪-‬إن كثرتها تسبب‬
‫قبال صالحين جدًا — »ووجدوا صعوبة متزايدة في‬ ‫أضرارا كبيرة ‪". . . .‬وأفسدوا العبيد الذين كانوا ً‬
‫ً‬
‫السيطرة عليهم ‪.‬ولكن على الرغم من احتجاجاتهم‪ ،‬استمرت هذه الممارسة‪ ،‬ويُعتقد أنه تم نقل ما يقرب‬
‫من خمسين ألفًا من المدانين‪ ،‬إلى حد كبير إلى المستعمرات الوسطى ‪.‬وفي ماريالند‪ ،‬التي يبدو أنها‬
‫كانت مكانًا مفضالً للنفايات‪ ،‬كانوا يشكلون الجزء األكبر من الخدم المستأجرين طوال القرن الثامن‬
‫عشر‪.‬‬
‫"إن أمنا تعرف ما هو األفضل بالنسبة لنا"‪ ،‬هذا ما الحظه أحد المساهمين في جريدة ‪Pennsyl -‬‬
‫‪vania Gazette‬عام ‪1751‬بسخرية" ‪.‬ما هو القليل من كسر المنزل‪ ،‬أو سرقة المتاجر‪ ،‬أو سرقة‬
‫الطرق السريعة؟ ما هو االبن بين الحين واآلخر الفاسد والمشنوق‪ ،‬واالبنة الفاسدة‪ ،‬أو البوكسيد‪،‬‬
‫والزوجة المطعونة‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫قطع حنجرة الزوج‪ ،‬أو ضرب دماغ الطفل بفأس‪ ،‬مقارنة بـ "التحسين والرفاهية في المستعمرات؟ "‬
‫وأعلن بنجامين فرانكلين بمرارة أن سياسة "إفراغ سجونهم في مستوطناتنا هي إهانة وازدراء ‪".‬‬
‫أقسى ما قدمه شعب آلخر ‪.‬وقد انعكست عواقب ذلك‪ ،‬من وجهة نظر مختلفة تماماً‪ ،‬في مالحظة الدكتور‬
‫صامويل جونسون الشهيرة عن األميركيين" ‪:‬سيدي‪ ،‬إنهم جنس من المدانين‪ ،‬ويجب أن يكونوا‬
‫راضين عن أي شيء نسمح لهم به باستثناء الشنق‪".‬‬

‫سواء أكان المدانون أو المتشردون أو األطفال "المفعمون بالحيوية "من الريف أو المخلصين‪ ،‬فقد‬
‫عانى المهاجرون الطوعيون وغير الطوعيون إلى العالم الجديد من المضايقات والمعاناة أثناء رحلتهم‬
‫عبر المحيط األطلسي والتي توازي المصاعب القاسية التي تعرض لها العبيد الزنوج على الممر األوسط‬
‫سيئ السمعة ‪. .‬وقد تم تجميعهم بشكل عشوائي على متن "الغينيين البيض"‪ ،‬الذين غال ًبا ما يصل‬
‫عددهم إلى ثالثمائة راكب على متن سفن صغيرة ال يزيد وزنها عن مائتي طن ‪-‬مكتظة وغير صحية وال‬
‫تحتوي على مؤن كافية ‪.‬كان التيفوس واألمراض األخرى تتسبب دائ ًما في خسائر فادحة في األرواح ‪.‬‬
‫وكان معدل الوفيات يصل في بعض األحيان إلى خمسين في المائة‪ ،‬ونادرا ما نجا األطفال الصغار من‬
‫أهوال الرحلة التي قد تستمر من سبعة إلى اثني عشر أسبوعا‪.‬‬
‫"أثناء الرحلة‪" ،‬كما جاء في إحدى روايات تجارب المخلصين الذين تم تجنيدهم من باالتينات‬
‫األلمانية‪" ،‬كان على متن هذه السفن بؤس رهيب‪ ،‬ورائحة كريهة‪ ،‬وأبخرة‪ ،‬ورعب‪ ،‬وقيء‪ ،‬وأنواع‬
‫كثيرة من دوار البحر‪ ،‬والحمى‪ ،‬والدوسنتاريا‪ ،‬والصداع‪ ،‬الحرارة‪ ،‬واإلمساك‪ ،‬والدمامل‪ ،‬واالسقربوط‪،‬‬
‫والسرطان‪ ،‬وعفن الفم‪ ،‬وما شابه ذلك‪ ،‬وكلها تأتي من األطعمة واللحوم القديمة والمملحة بشكل حاد‪،‬‬
‫وكذلك من المياه الفاسدة والفاسدة للغاية‪ ،‬بحيث يموت كثيرون بائسين ‪. . . .‬أضف إلى هذا النقص في‬
‫الرزق والجوع والعطش والصقيع والحر والرطوبة والهم والعوز واآلالم والرثاء‪ ،‬لتجتمع مع غيرها‬
‫من المتاعب‪ ،‬كهـ ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬يكثر القمل بشكل مخيف‪ ،‬خاصة عند المرضى‪ ،‬بحيث يمكن‬
‫كشطه من الجسم ‪.‬ويصل البؤس إلى ذروته عندما تهب عاصفة لمدة ليلتين أو ثالث ليا ٍل‪ ،‬فيعتقد الجميع‬
‫أن السفينة ستهبط إلى القاع وعلى متنها جميع البشر ‪.‬في مثل هذه الزيارة يبكون الناس ويصلون بأشد‬
‫الشفقة‪.‬‬
‫كما أن مصاعب المهاجرين لم تنتهي بالضرورة عندما‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪7‬‬
‫أخيرا ‪.‬أما أولئك الذين تم ترتيب عقودهم بالفعل ‪ ،‬فقد تم تسليمهم إلى أسيادهم‬
‫ً‬ ‫تم الوصول إلى الميناء‬
‫عمال على الفور بأنفسهم‪ ،‬كانوا يعرضونهم للبيع من قبل قباطنة‬ ‫ً‬ ‫المجهولين ‪.‬وإذا لم يجد المفديون‬
‫السفن أو التجار الذين يدينون لهم بأموال المرور ‪.‬غال ًبا ما يتم فصل العائالت في ظل هذه الظروف‬
‫عندما يتم بيع الزوجات واألبناء بالمزاد العلني لمن يدفع أعلى سعر ‪.‬تختلف شروط العبودية باختالف‬
‫العمر وقد تمتد من سنة إلى سبع سنوات ‪.‬وبشكل أكثر عمومية‪ ،‬كان أولئك الذين تزيد أعمارهم عن‬
‫عشرين عا ًما وليس لديهم شروط محددة لعقد العمل مقيدين لمدة أربع سنوات "وف ًقا لعادات البالد‪".‬‬
‫غال ًبا ما كانت الصحف االستعمارية تحمل إشعارات بالمبيعات المحتملة ‪.‬في ‪28‬مارس ‪ ،1771‬ظهر‬
‫اإلعالن التالي في جريدة فيرجينيا غازيت‪:‬‬

‫وصلت للتو إلى ليدستاون‪ ،‬السفينة جوستيتيا‪ ،‬وعلى متنها حوالي مائة من الخدم‬
‫األصحاء‪.‬‬

‫رجال ونساء وأوالد‪ ،‬ومن بينهم العديد من التجار ‪.‬حدادون‪ ،‬إسكافيون‪ ،‬خياطون‪،‬‬
‫نجارون ونجارون‪ ،‬كوبر‪ ،‬عدة فضة‪ ،‬نساجون‪ ،‬صائغ‪ ،‬وغيرهم الكثير ‪.‬سيبدأ البيع يوم‬
‫الثالثاء ‪2.‬أبريل‪ ،‬في ليدز تاون على نهر راباهانوك ‪.‬سيتم السماح بائتمان معقول‪ ،‬مما‬
‫يمنح السندات ضمانًا معتم ًدا لـ‬
‫توماس هودج‬

‫إذا لم تتم عمليات البيع في ميناء الدخول‪ ،‬يتم إرجاع مجموعات من المفديين إلى البالد من قبل‬
‫"سائقي الروح "الذين يرعونهم على طول الطريق "مثل الماشية إلى سوق سميثفيلد "ثم يعرضونهم‬
‫للبيع بالمزاد العلني ‪.‬المعارض‪.‬‬
‫كان استيراد الخدم مرب ًحا للغاية ‪.‬تم منح حق رأس خمسين فدانًا للزارع في بعض المستعمرات مقابل‬
‫كل منحة إيمي‪ ،‬وكان هناك دائ ًما بيع للعقد ‪.‬وفي حالة األيدي الزراعية القوية والحرفيين المهرة بشكل‬
‫خاص‪ ،‬قد تصل األسعار‬
‫‪8‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫إلى أرقام مرتفعة ‪.‬أبلغ ويليام بيرد وكيله في روتردام عام ‪1739‬أنه في وضع جيد للتعامل مع الشحنات‬
‫الثقيلة ‪.‬كتب" ‪ :‬ال أعرف كم من الوقت يتم بيع الباالتين الذين ال يدفعون رسوم المرور إلى فيل أديلفيا‪،‬‬
‫ولكن هنا يتم بيعهم لمدة أربع سنوات ويباعون من ‪6‬إلى ‪9‬جنيهات‪ ،‬وربما قد يذهب التجار الجيدون‬
‫مقابل عشرة ‪.‬إذا كانت هذه األسعار مناسبة‪ ،‬فأنا واثق جدًا من أنني أستطيع التخلص من حمولتين من‬
‫السفن كل عام‪. . . ".‬‬
‫تنوعت المعاملة الممنوحة للخدم المقيدين بشكل كبير ‪.‬في رواية جون هاموند في القرن السابع‬
‫عشر‪ ،‬بعنوان «ليا وراشيل‪ ،‬أو األختان فروتفول فيرجينيا وماري الند»‪ ،‬قيل إن عملهما «لم يكن شاقًا‬
‫ً‬
‫متواصال مثل الفالحين‪ ،‬وال الحرفيين ‪».‬إنكلترا "‪.‬تم اإلبالغ عن ساعات العمل على أنها تلك التي‬ ‫وال‬
‫تقع بين شروق الشمس وغروبها‪ ،‬ولكن مع خمس ساعات راحة في حرارة النهار خالل فصل الصيف‪،‬‬
‫وعطلة نصف يوم السبت و"قضاء السبت في التمارين الجيدة ‪".‬كتب جورج ألسوب‪ ،‬وهو نفسه خادم‬
‫بالسخرة‪ ،‬إلى منزله في عام ‪1659‬روايات متوهجة تقريبًا عن الحياة في ماري الند ‪.‬أعلن قائالً" ‪:‬إن‬
‫خدم هذه المقاطعة‪ ،‬الذين وصمهم العبيد من قبل الفكين المبتذلين في إنجلترا‪ ،‬يعيشون مثل األحرار أكثر‬
‫من معظم المتدربين الميكانيكيين في لندن‪ ،‬وال يريدون أي شيء مريح وضروري" ‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬تعطي روايات أخرى صورة أكثر قسوة للظروف العامة ‪.‬في حين دعت القوانين‬
‫االستعمارية السادة إلى تزويد خدمهم بما يكفي من الغذاء والسكن والملبس‪ ،‬كانت هناك حاالت كثيرة‬
‫هزيال بقدر ما كان العمل مرهقًا ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان الخدم محصورين بشكل‬ ‫ً‬ ‫كان فيها النظام الغذائي‬
‫صارم في المنطقة المجاورة مباشرة للمكان الذي يعملون فيه‪ ،‬ولم يُسمح ألصحاب الحانات بالدخول‬
‫إليهم أو بيع المشروبات الكحولية لهم‪ ،‬وقد يتم تمديد شروط خدمتهم لقائمة طويلة من المخالفات‬
‫البسيطة‪ ،‬وكانوا يعاقبونهم بانتهاك القانون ‪.‬تعرضوا للجلد وغيره من العقوبات البدنية من قبل أسيادهم‬
‫بسبب العصيان أو الكسل ‪.‬وكان من الممكن إبقاء الخادمات في عبودية أطول بسبب أعمال غير‬
‫شرعية‪ ،‬وكان أسيادهن في بعض األحيان ال يحجمون عن التآمر لتحقيق هذه الغاية ‪.‬جاء في أحد‬
‫التقارير أن "التجارب المتأخرة تظهر أن بعض السادة الفاسدين قد جلبوا خادماتهم مع أطفال‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يطالبون بمزايا خدماتهم ‪".‬‬
‫تم االعتراف بالخدم المستأجرين كزمالء مسيحيين وكان لهم الحق في يومهم في المحكمة ‪-‬في هذه‬
‫النواحي‪ ،‬على األقل‪ ،‬كان وضعهم مختلفًا تما ًما عن وضع العبيد الزنوج ‪.‬لكن حقوق أسيادهم‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪9‬‬
‫شبه الملكية جعلت من الصعب للغاية عليهم تأمين التعويض عن أي ضرر أو إهانات ‪.‬وفي حين كان‬
‫السادة اإلنسانيون يعاملون خدمهم معاملة حسنة بال شك‪ ،‬فليس من الصعب تصديق التقرير الذي يفيد‬
‫بأنهم كانوا يتعرضون في كثير من األحيان إلى "عمل شاق وخانق مثل أدنى زميل تم إحضاره من‬
‫نيوجيت‪".‬‬
‫تتعلق سجالت المحكمة بحاالت سوء المعاملة المتعمدة وهي كاشفة إن لم تكن نموذجية ‪.‬قامت سيدة‬
‫معينة بجلد خادمتها على ظهرها بشدة‪ ،‬مع إضافة القليل من اللطف المتمثل في وضع الملح في‬
‫الجروح‪ ،‬مما أدى إلى وفاة الفتاة بعد قليل ‪.‬وبعد أن توصلت هيئة المحلفين إلى أن مثل هذا اإلجراء كان‬
‫"غير معقول وغير مسيحي"‪ ،‬تم تغريم السيدة وارد بمبلغ ‪300‬رطل من التبغ ‪.‬وفي قضية أخرى‪،‬‬
‫قالت السيدة مورننج براي للمحكمة بتحد إنها لن تسمح لخدمها تحت أي ظرف من الظروف "بالذهاب‬
‫للعب أو الخمول "وتم تجريد المشتكية سيئة الحظ من مالبسها وجلدها ثالثين جلدة ‪.‬وكانت المحاكمة‬
‫الثالثة أكثر إيجابية بالنسبة لخادمة أخرى ‪.‬تم تسريحها من وظيفة الفراء لدى سيد كان قد بلغ ذروته‬
‫في الضرب المتكرر بضربها على رأسها بكرسي ثالثي األرجل عندما وجدها تقرأ كتا ًبا صباح يوم‬
‫األحد" ‪.‬أنت تقوم بتفكيك اليشم‪" ،‬كما ذكرت سجالت المحكمة أنه صرخ‪" ،‬ماذا تفعل مع كتاب في‬
‫يدك؟"‬
‫أحد الخدم المحاصرين بشدة أخذ انتقامه ‪.‬وبحسب قصته‪ ،‬كان لديه «عشيقة سيئة اللسان؛ الذي لم‬
‫علي تهك ًما واستهزا ًءا‬
‫ّ‬ ‫يكن يشتمني ويسبني ويلعنني داخل األبواب فحسب‪ ،‬كلما دخلت المنزل وألقي‬
‫مريرا باستمرار‪ ،‬ولكن مثل شبح خمسة كان يطاردني بوقاحة‪ ،‬عندما كنت هادئًا في األرض أثناء‬ ‫ً‬
‫العمل " ‪.‬وبسبب تشتت انتباهه‪ ،‬استولى ذات يوم على فأس ولم يقتل عشيقته سيئة اللسان فحسب‪ ،‬بل‬
‫أيضًا سيده وخادمته‪.‬‬
‫غال ًبا ما ظهرت اإلعالنات في الصحف االستعمارية عن الخدم الهاربين ‪.‬أشارت إحدى هذه‬
‫اإلشعارات إلى خادم إنجليزي كان لديه «مظهر طويل جدًا ذو بشرة فاتحة وشعر كتاني رقيق؛ تبرز‬
‫أسنان عينه فوق أسنانه السفلية بطريقة رائعة‪ ،‬وأخرى لصانع األحذية وعازف الكمان الذي ``يحمام‬
‫ليكون في المرح والحانات ويكون عرضة لتناول المشروبات الكحولية وعندما يكون ذلك عرضة‬
‫للنوبات ''‪.‬وعرض آخ رون مكافآت خاصة للبنائين الهاربين‪ ،‬والخياطين‪ ،‬والنجارين‪ ،‬وحتى مديري‬
‫المدارس ‪ .‬تعطي األوصاف العرضية لمالبسهم لمحة حية عن السترات متعددة األلوان والمعاطف‬
‫الزرقاء والخضراء والصفراء ‪.‬وقيل إن أحد الهاربين كان يرتدي «عباءة مزدوجة الصدر‬
‫‪10‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ ،‬بأزرار معدنية بيضاء‪ ،‬وسترة قديمة ذات لون مزرق‪ ،‬وحذاء جيد‪ ،‬وإبزيم أبيض كبير‪ ،‬وال جوارب إال‬
‫سرقها‪».‬‬
‫وظهر إشعار أكثر بهجة في صحيفة ميريالند جازيت في السادس من سبتمبر عام ‪1745.‬وكان‬
‫قادرا على اإلبالغ عن أن الرجل الذي تم اإلعالن عنه سابقًا على أنه هارب‪ ،‬تبين أنه لم‬ ‫ً‬ ‫جون باول‬
‫يذهب إلى البالد إال لشرب نبيذ التفاح ‪.‬منذ أن عاد إلى سيده‪ ،‬تابع اإلشعار‪ ،‬أصبح بإمكان جميع السادة‬
‫وغيرهم ممن لديهم ساعات أو ساعات تحتاج إلى إصالحها اآلن "بأفضل طريقة وبأسعار معقولة‪".‬‬
‫بالنسبة للخادم الذي قضى مدة عقده بأمانة‪ ،‬كانت هناك مكافآت كبيرة ‪.‬كانت منح األراضي هي‬
‫االستثناء وليس القاعدة‪ ،‬ولكن في بعض الحاالت على األقل تم منح الكادحين "ملكية مختصة "وكان‬
‫هناك حكم عالمي لشكل من أشكال "مستحقات الحرية ‪".‬في ماساتشوستس‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬نص‬
‫القانون على وجه التحديد على أن جميع الخدم الذين خدموا باجتهاد وإخالص لمدة سبع سنوات ال‬
‫ينبغي أن يتم إرسالهم خالي الوفاض ‪.‬وبطبيعة الحال‪ ،‬يختلف معنى هذا من مستعمرة إلى أخرى فحسب‪،‬‬
‫بل من حيث األفراد تتضمن مستحقات الحرية عمو ًما على األقل المالبس واألدوات من نوع ما وربما‬
‫الماشية التي تمكن الخادم من البدء في التهوئة لحسابه الخاص ‪.‬نهاية العام "و "المالبس المزدوجة‬
‫في نهاية المدة‪".‬‬
‫ً‬
‫رجاال ونسا ًء‪ ،‬أن يتطلعوا‬ ‫طوال القرنين السابع عشر والثامن عشر‪ ،‬كان بإمكان الخدم المتعاقدين‪،‬‬
‫إلى إقامة حياة خاصة بهم ‪.‬كتب هيو جونز في عام ‪1724‬أنه بمجرد حصولهم على حريتهم‪ ،‬يمكنهم‬
‫"العمل باليومية‪ ،‬أو استئجار مزرعة صغيرة مقابل مبلغ زهيد تقري ًبا؛ أو تعيين مشرفين‪ ،‬إذا كانوا‬
‫خبراء ومجتهدين وحذرين‪ ،‬أو يتابعون مهنتهم ‪". ...‬وخاصة الحدادين‪ ،‬والنجارين‪ ،‬والتايلور‪،‬‬
‫والسوير‪ ،‬والكوبر‪ ،‬والبنائين‪ ،‬وما إلى ذلك"‪.‬‬
‫وقد استفاد العديد منهم إلى أقصى حد من هذه الفرص‪ ،‬ونُسي وضعهم السابق عندما أصبحوا‬
‫عماال مستقلين؛ وانجرف آخرون إلى الريف الخلفي‪ ،‬بال حيلة وال مغامرة‪ ،‬ليخلقوا في‬ ‫ً‬ ‫مزارعين أو‬
‫المستعمرات الجنوبية طبقة غير سعيدة من البيض الفقراء ‪.‬ولكن مهما كان مصيرهم الفردي مع نمو‬
‫دورا حيو ًيا في بناء أمريكا االستعمارية‪.‬‬
‫البالد وتوسعها‪ ،‬فقد لعب الخدم المستأجرون ً‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪11‬‬
‫الحر في المستعمرات يتكون من الحرفيين والميكانيكيين المهاجرين الذين تمكنوا من دفع أموال‬
‫المرور الخاصة بهم ومن المجندين من صفوف الخدم المقيدين الذين قضوا مدة عقدهم ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬ظل‬
‫العرض المتاح من هؤالء العمال محدودًا للغاية وكانت المدن الواقعة على طول ساحل المحيط األطلسي‬
‫تعاني باستمرار من نقص حاد في العمالة ‪.‬وحتى في هذا الوقت المبكر‪ ،‬لم تتمكن األجور المرتفعة‬
‫وظروف العمل المواتية نسبيًا من إيقاف الهجرة المستمرة نحو الغرب ‪.‬كانت الحدود بأراضيها‬
‫الرخيصة تستنزف الساحل باستمرار‪.‬‬
‫قال أحد المسؤولين االستعماريين أمام مجلس التجارة في عام " ‪1767:‬إن عبقرية الناس في بلد‬
‫حيث يمكن لكل فرد أن يحصل على أرض للعمل فيها‪ ،‬تقودهم بشكل طبيعي إلى الزراعة‪ ،‬بحيث تسود‬
‫على كل مهنة أخرى ‪.‬يمكن أن يكون هناك وليس هناك مثال أقوى على ذلك من الخدم المستوردين من‬
‫أوروبا من مختلف المهن؛ وبمجرد انتهاء الوقت المنصوص عليه في عقودهم‪ ،‬فإنهم يتركون أسيادهم‬
‫على الفور‪ ،‬ويحصلون على قطعة أرض صغيرة‪ ،‬في استيطانها ألول مرة ‪.‬ثالث أو أربع سنوات‬
‫يعيشون حياة بائسة‪ ،‬وفي فقر مدقع‪ ،‬ولكن كل هذا يتحملونه بصبر ويستسلمون له بأكبر قدر من‬
‫البهجة‪ ،‬إن الرضا عن كونهم أصحاب األرض يخفف من كل صعوبة‪ ،‬ويجعلهم يفضلون أسلوب العيش‬
‫هذا ‪ .‬إلى ذلك العيش المريح الذي يمكنهم الحصول عليه ألنفسهم وألسرهم من خالل العمل في الحرف‬
‫التي جلبوا إليها ♦ »‬
‫أعلى‪.‬‬
‫كان لهذا الوضع تأثير كبير على نيو إنجالند‪ ،‬حيث كان هناك عدد قليل نسب ًيا من الخدم المستأجرين‪،‬‬
‫وأدى إلى معدالت أجور مرتفعة ومثل هذا الموقف المستقل من جانب العمال المهرة وغير المهرة على‬
‫حد سواء‪ ،‬لدرجة أن السلطات االستعمارية شعرت بأنها مضطرة إلى التصرف ‪.‬وكانت النتيجة أول‬
‫تشريع عمل في أمريكا يؤثر على العمال األحرار ‪.‬تم تحديد الحد األقصى لألجور بموجب القانون‪ ،‬وتم‬
‫حظر التغييرات في المهن ‪ ،‬كما تم تحديد الفروق الطبقية المختلفة في اللباس والسلوك إلبقاء الطبقات‬
‫الدنيا في دور ثانوي‪.‬‬
‫في وقت مبكر من عام ‪ ،1630‬تعهدت المحكمة العامة في ماساتشوستس بفرض سقف لألجور يبلغ‬
‫شلنين في اليوم للنجارين والنجارين والبنائين والنشارة وصانعي القش وغيرهم من الحرفيين‪ ،‬وثمانية‬
‫سا لجميع عمال المياومة‪ ،‬مع النص اإلضافي الذي ينص على أن "جميع يجب أن يعمل العمال‬ ‫عشر بن ً‬
‫طوال اليوم‪ ،‬مع إتاحة الوقت المناسب للطعام والراحة ‪.‬ولمكافحة ما يبدو أنه ممارسة سائدة تتمثل في‬
‫‪12‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫تكملة هذه األجور ببدالت للمشروبات الكحولية "(التي بدونها‪ ،‬بسبب تجربة حزينة للغاية‪ ،‬يرفض‬
‫قرارا يقضي بسجن أي شخص يقدم النبيذ أو الكحول القوي‬ ‫الكثيرون العمل)"‪ ،‬أصدرت المحكمة أيضًا ً‬
‫المشروبات الكحولية ألي عامل‪ ،‬إال في حاالت الضرورة‪ ،‬سيتم تغريمها عشرين شل ًنا عن كل مخالفة‪.‬‬
‫وبعد مرور أربعين عا ًما‪ ،‬أعاد قانون آخر التأكيد على معدالت األجور العامة هذه‪ ،‬ونص بشكل أكثر‬
‫تحديدًا على أن يوم العمل يجب أن يكون ‪"10‬ساعات في اليوم إلى جانب تناول الطعام"‪ ،‬ووسع‬
‫أحكامه لتشمل حرفيين إضافيين ‪.‬كان من المقرر أن يُدفع للنجارين والبنائين وعمال البناء والخياطين‬
‫وأخيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫شلنين في اليوم‪ ،‬وتم تحديد أسعار خاصة بالقطعة لصانعي األحذية والتعاونيين والحدادين‪،‬‬
‫أعلن القانون الجديد أنه «في حين يبدو أن جلوفرز‪ ،‬وسادليرز‪ ،‬وهاتر‪ ،‬والعديد من الحرفيين اآلخرين‬
‫في الوقت الحاضر يتجاوزون بشكل كبير قواعد المساواة في جوائزهم‪ ،‬وهم جميعًا مطالبون باعتدالها‬
‫وفقًا للقواعد المقررة لآلخرين‪. . . ".‬‬
‫تم تعويض هذه األجور القصوى جزئيًا من خالل تنظيم أسعار بعض السلع األساسية لخفض تكاليف‬
‫المعيشة‪ ،‬لكن القصد الواضح للمحكمة العامة كان مساعدة أصحاب العمل وإبقاء العمال في أماكنهم‬
‫على أساس السياسة العامة ‪.‬كان هناك شعور بأن "اإلفراط في العمل من قبل الحرفيين والعمال‬
‫والخدم "له عواقب مؤسفة للغاية في عيون آباء نيو إنجالند المتزمتين ‪.‬أعلنوا بصرامة أن "ثمرة ذلك‬
‫هو أن الكثيرين ينفقون للحفاظ على مثل هذه الشجاعة في المالبس التي ال تليق على اإلطالق بمكانتهم‬
‫كبيرا بشراسة في الحانات والحانات وغيرها من‬ ‫ً‬ ‫ومرتبتهم‪ ،‬وفي كسل الحياة‪ ،‬وينفقون جز ًءا‬
‫كثيرا ‪".‬إلى عار هللا‪ ،‬وفضيحة الدين‪ ،‬وإساءة كبيرة وحزن للناس الرصينين‬ ‫ً‬ ‫الممارسات الخاطئة‬
‫واألتقياء بيننا‪.‬‬
‫سار االقتصاد واألخالق جنبا إلى جنب مع أسالفنا ‪.‬وكان لمثالهم النبيل المتمثل في األجور المنخفضة‬
‫وساعات العمل الطويلة كوسيلة لرفاهية العمال قيمة عملية لم تفقدها األجيال الالحقة ‪.‬سيجد القرن‬
‫التاسع عشر ‪-‬إن لم يكن القرن العشرين ‪-‬أن ساعات العمل الطويلة يتم الدفاع عنها بنفس هذه الروح‬
‫المتزمتة باعتبارها ضرورية لمكافحة الكسل ولحماية العمل من اإلغراءات التي قد يتعرض لها بشكل‬
‫خطير ‪.‬لقد تم في الوقت المناسب تقديس "االنضباط الصحي "لحياة المصنع من قبل أصحاب العمل‬
‫باعتباره تريا ًقا إلغراء الصالونات وصاالت البيرة التي حلت محل الحانات االستعمارية‪.‬‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪13‬‬
‫وقد تم وضع قيود أكثر مباشرة على ما يمكن أن يسمى االستهالك الواضح من قبل العمال في قانون‬
‫آخر ينظم ما يجب عليهم ارتدائه ‪.‬وجاء في هذا المرسوم " ‪:‬إننا نعلن كرهنا التام ونكره أن يأخذ الرجال‬
‫والنساء على عاتقهم زي السادة ‪".‬وشمل الحظر "ارتداء الدانتيل أو األزرار الذهبية أو الفضية‪ ،‬أو‬
‫النقاط عند الركبتين‪ ،‬أو المشي باألحذية‪ ،‬أو ارتداء النساء من نفس الرتبة األوشحة الحريرية أو‬
‫التيفاني‪ ،‬والتي على الرغم من أنها مسموح بها لألشخاص من الطبقات األعلى‪ ،‬أو األكثر ليبرالية‬
‫التعليم ‪ ،‬ومع ذلك ال يسعنا إال أن نحكم عليه بأنه أمر ال يطاق بالنسبة لألشخاص الذين يعيشون في مثل‬
‫هذه الظروف ‪.‬‬
‫ولم يكن من الممكن تنفيذ هذه القوانين ‪.‬وعلى الرغم من أن السلطات استمرت في ربط المطالبة‬
‫بزيادة األجور بالعصبية‪ ،‬وكسر السبت‪ ،‬واأللعاب‪ ،‬والرقص المختلط باعتبارها من بين "الشرور‬
‫المؤذية التي تميل إليها طبيعة اإلنسان"‪ ،‬إال أنها لم تتمكن من السيطرة على الوضع ‪.‬وفي نهاية‬
‫المطاف‪ ،‬أحالت المحكمة العامة المهمة إلى حكومات المدن المحلية‪ ،‬ولكن حتى في ذلك الوقت أثبتت‬
‫ندرة العمالة أنها عامل أكثر حسما ً من التشريعات التعسفية في تحديد معدالت األجور والعادات‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫على الرغم من أن الجزء األكبر من المستوطنين حرثوا أراضيهم وقدموا من خالل المصنوعات‬
‫المنزلية معظم احتياجاتهم المباشرة‪ ،‬وصنعوا مالبسهم وأثاثهم المنزلي والعديد من األدوات واألواني‬
‫دورا اقتصاد ًيا متزايد األهمية باعتبارهم‬
‫الضرورية للحياة اليومية‪ ،‬إال أن الحرفيين والحرفيين لعبوا ً‬
‫عماال متجولين‪ ،‬يتنقلون من مدينة إلى أخرى للعمل‬‫ً‬ ‫تقدم القرن الثامن عشر الميالدي ‪.‬كان الكثير منهم‬
‫في أي وظيفة معروضة أو يصنعون أي شيء قد تحتاجه عائالت المزرعة حسب الطلب ‪.‬كان رجل واحد‬
‫غا‪ ،‬أو صانع‬ ‫يمارس في بعض األحيان عدة مهن ‪.‬يمكن أن يكون الحداد أيضًا صانع أدوات‪ ،‬أو دبا ً‬
‫أحذية‪ ،‬أو غالية صابون تعمل كمزود الشحم ‪.‬إلى أي حد يمكن أن يكون الحرفي مستعدا ً لتوسيع‬
‫خدماته‪ ،‬هذا ما يشير إليه إعالن في جريدة نيويورك جازيت في يونيو ‪1775.‬وأعلن جون يوليوس‬
‫سورج أنه يستطيع صنع الفاكهة االصطناعية؛ هل تعمل في اليابان؟ تصنيع سوائل التنظيف ومياه‬
‫التواليت والصابون والشموع والمبيدات الحشرية والنبيذ‪ ،‬وإزالة الشعر من رؤوس السيدات‬
‫وأذرعهن‪.‬‬
‫ومع استمرار نمو المدن االستعمارية‪ ،‬زاد الطلب على الحرفيين ‪.‬كان هناك المزيد والمزيد من‬
‫متاجر البيع بالتجزئة الصغيرة التي يستخدم فيها عامل رئيسي عددًا من العمال المياومين؛ أي الحرفيين‬
‫أو الميكانيكيين الذين عملوا مقابل أجر‪ ،‬وقاموا أيضًا بتدريب األوالد‬
‫‪14‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫كمتدربين في أي تجارة كانت تمارس ‪.‬وكانت من بين هذه المؤسسات محالت الطباعة ومحالت الخياطة‬
‫وصناعة األحذية ومحالت القبعات ومحالت صناعة الخزائن والمخابز ‪.‬كان العمل يتم تنفيذه بشكل عام‬
‫بنا ًء على الطلب ‪-‬وهو ما يسمى "العمل حسب الطلب ‪" -‬وقد يكون المتجر في كثير من األحيان منزل‬
‫السيد حيث يمكن للعمال المياومين والمتدربين أن يسكنوا ويعملوا أيضًا ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬أدى‬
‫التوسع ف ي مهن البناء إلى قيام النجارين الرئيسيين والبنائين بتوظيف العمال المهرة وتدريب‬
‫المتدربين‪.‬‬
‫في كل من نيو إنجالند والمستعمرات الوسطى‪ ،‬كانت هناك أيضًا جميع أنواع المطاحن الصغيرة التي‬
‫تحتاج إلى أجراء مهرة وغير ماهرين‪ ،‬وأحواض بناء السفن‪ ،‬وممرات الحبال‪ ،‬ومصانع التقطير‪،‬‬
‫ومصانع الجعة‪ ،‬ومصانع الورق والبارود ‪.‬وفي المزارع الكبيرة في الجنوب‪ ،‬خلقت المصنوعات‬
‫المنزلية الحاجة إلى العمالة الماهرة ‪.‬كان لدى روبرت كارتر حدادًا‪ ،‬ومطحنة تعبئة‪ ،‬ومطحنة حبوب‪،‬‬
‫ارا باإلضافة إلى‬ ‫ً‬
‫عماال بيضًا أحر ً‬ ‫وأعمال ملح‪ ،‬ومنشآت للغزل والنسيج في مزرعته‪ ،‬حيث كان يوظف‬
‫العبيد الزنوج‪.‬‬
‫كانت هناك على األقل بداية التصنيع على نطاق أوسع ‪.‬بحلول منتصف القرن الثامن عشر‪ ،‬تم إنشاء‬
‫كبيرا من الرجال ‪.‬إحداها التي‬
‫ً‬ ‫مصانع الحديد في بنسلفانيا وميريالند ونيوجيرسي والتي وظفت عددًا‬
‫أنشأها بيتر هاسنكليفر‪ ،‬أشهر صانع الحديد االستعماري‪ ،‬تضمنت ستة أفران صهر وسبعة صهر‬
‫ومطحنة ختم‪ ،‬ويقال إنه أحضر خمسمائة عامل من ألمانيا لتشغيلها ‪.‬ال بد أن مصانع الزجاج التي قام‬
‫كبيرا جدًا‬
‫بها هنري ستيجل‪ ،‬في مانهايم‪ ،‬بنسلفانيا‪ ،‬كانت تتمتع بقوة عمل كبيرة ألنها تضمنت مصن ًعا ً‬
‫"بحيث يمكن لحافلة وأربعة أشخاص أن يدوروا داخل القبة المبنية من الطوب في بيت الصهر الخاص‬
‫نوال بتزايد فرص العمل في‬‫بها "‪.‬أنذرت مصانع الكتان التي تحتوي على ما يصل إلى أربعة عشر ً‬
‫مصانع النسيج ‪.‬في عام ‪1769‬كان لدى "مصنع "في بوسطن أربعمائة عجلة غزل‪ ،‬وبعد ست سنوات‬
‫قامت شركة فيالدلفيا المتحدة لترويج الصناعة األمريكية بتوظيف أربعمائة امرأة في إنتاج السلع‬
‫القطنية ‪.‬بعض هؤالء األخيرين يدخلون المكافآت ويقدمون العمل للمعوزين واأليتام ‪-‬بدون أجر ‪-‬‬
‫كخدمة للمجتمع‪.‬‬
‫باإلضافة إلى العمال في المنشآت الصناعية‪ ،‬كانت هناك مجموعات أخرى من العاملين بأجر ذات‬
‫أهمية متزايدة ‪.‬وكان معظمهم من البحارة وصيادي األسماك‪ ،‬وكان لكل مدينة أيضًا حصتها من عمال‬
‫المياومة ‪.‬لم يكن خدم المنازل متاحين أبدًا‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪15‬‬
‫بأعداد كافية لتلبية احتياجات أفراد المجتمع األكثر ثرا ًء" ‪.‬المساعدة نادرة ويصعب الحصول عليها‪،‬‬
‫ومن الصعب إرضائها‪ ،‬وغير مؤكدة ‪ . .‬ظلت شكوى مألوفة في المجتمع االستعماري‪.‬‬
‫مع اقتراب الثورة‪ ،‬أدت الفرص المتزايدة للعاملين بأجر وتناقص المعروض من العمالة مع تجنيد‬
‫الرجال للخدمة العسكرية إلى ارتفاع األجور ‪.‬وبالتالي تم تجديد المحاوالت السابقة لتحديد المعدالت‬
‫القصوى والتحكم في األسعار ‪.‬أكد النظام األساسي الذي اعتمده الكونجرس القاري على أهمية مثل هذه‬
‫اللوائح وتعهدت العديد من حكومات الواليات الجديدة بتنفيذها ‪.‬وفي مؤتمر عقد في بروفيدنس عام‬
‫‪ ، 1776‬وحضره مندوبون من ماساتشوستس ونيوهامبشاير ورود آيالند وكونيتيكت‪ ،‬تم التوصل إلى‬
‫اتفاق بشأن برنامج عام لمراقبة األسعار واألجور ‪.‬ولم يكن من المقرر أن يُدفع للعمل الزراعي أكثر من‬
‫ثالثة شلنات وأربعة بنسات في اليوم (ما يقرب من ثالثة أضعاف المعدل قبل قرن من الزمان )وكانت‬
‫أجور الحرفيين والميكانيكيين ثابتة بحيث تحافظ على عالقتها الطبيعية بأجور المزرعة في هذا الوضع‬
‫الجديد ‪.‬معدل ‪.‬تصرفت الواليات المعنية على الفور بنا ًء على هذا القرار ‪-‬وهو مثال مبكر على االتفاق‬
‫بين الواليات ‪-‬وعندما عُرض األمر على الكونجرس القاري‪ ،‬أشار إلى الواليات المتبقية "مالءمة‬
‫اعتماد تدابير مماثلة‪".‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم تكن االتفاقيات األخرى ناجحة مثل تلك التي عقدت في بروفيدنس في التوصل إلى اتفاق‬
‫متبادل بشأن األسعار وجداول األجور ‪.‬لقد كان الجنوب يظهر بالفعل عدم رغبته في االنصياع للمعايير‬
‫الموضوعة في الواليات الشمالية‪ ،‬وكانت تجربة مختلف أقسامه مشوشة ومتضاربة ‪.‬وبينما تم اتخاذ‬
‫أخيرا أن البرنامج بأكمله لم يكن‬
‫ً‬ ‫المزيد من اإلجراءات محل ًيا في بعض الحاالت‪ ،‬قرر الكونجرس القاري‬
‫غير عملي فحسب‪ ،‬بل كان أيضًا منت ًجا لعواقب شريرة للغاية على حساب الخدمة العامة واضطهاد‬
‫خطير لألفراد ‪ .‬نصحت الواليات بإلغاء القوانين القائمة ولم تحقق هذه المحاولة األولى القتصاد خاضع‬
‫للرقابة أي تقدم آخر‪.‬‬
‫أ‬

‫قدرا أكبر من المساواة االجتماعية واالقتصادية‬


‫على الرغم من أن ظروف الحياة االستعمارية أتاحت ً‬
‫في أمريكا مما كان سائدًا في أي مكان في العالم القديم‪ ،‬إال أن العمال ما زالوا ال يتمتعون بالحرية‬
‫مقصورا على أصحاب العقارات وكان الحرفيون‬
‫ً‬ ‫السياسية ‪.‬كان االمتياز‬
‫‪16‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫والميكانيكيون المهرة عاجزين عن تأكيد حقوقهم مثل عمال المياومة ‪.‬ولكن بحلول ثمانينيات القرن‬
‫الثامن عشر الميالدي‪ ،‬كان هناك طلب متزايد على االمتيازات األوسع من جانب العمال في المدن‬
‫الساحلية ‪.‬ومن خالل دعم الحركة التي أدت إلى االستقالل األمريكي‪ ،‬كان هؤالء العمال يحتجون ليس‬
‫فقط ضد القمع الذي تمارسه إنجلترا البعيدة‪ ،‬ولكن أيضًا ضد الضوابط التي تمارسها الطبقة الحاكمة في‬
‫الداخل‪.‬‬
‫كان دور صغار التجار والحرفيين والميكانيكيين في الترويج للقضية الثورية ذا أهمية خاصة في‬
‫والية ماساتشوستس ‪.‬ومرة تلو األخرى‪ ،‬عندما بدا أن حماسة التجار والمزارعين بدأت تنحسر‪ ،‬تم‬
‫تحفيز "الغضب الوطني "ب ِفعل حماسة أولئك الذين أطلق عليهم المحافظون اسم "الحراك "أو‬
‫"الرعاع ‪ ".‬كان الحزب الشعبي في بوسطن‪ ،‬الذي قاده صموئيل آدامز بذكاء شديد‪ ،‬يتكون في جزء‬
‫كبير منه من عمال األرصفة‪ ،‬وكتاب السفن‪ ،‬والبنائين‪ ،‬والنساجين‪ ،‬والدباغين الذين كانوا يعارضون‬
‫بنفس القدر حكم المسؤولين البريطانيين أو األرستقراطيين االستعماريين ‪.‬تم تجنيد أبناء الحرية‪،‬‬
‫والحقًا لجان المراسالت المحلية‪ ،‬بشكل عام من العمال من األرصفة وأحواض بناء السفن وممرات‬
‫الحبال "‪. "Loyall Nine‬الشهيرة‪ ،‬والتي كانت تهدف إلى التحريض على عمل الغوغاء الذي أدى‬
‫إلى مذبحة بوسطن وحفل شاي بوسطن‪ ،‬ضمت اثنين من مصانع التقطير‪ ،‬وموقدتين‪ ،‬وطابعة‪،‬‬
‫وصائغًا‪ ،‬ورسا ًما‪ ،‬وقبطان سفينة‪.‬‬
‫كان هذا الترتيب للقوى ينطبق أيضًا على المستعمرات األخرى ‪.‬كانت الشركة الميكانيكية العريقة‬
‫والم شرفة في بالتيمور‪ ،‬وجمعية رجال اإلطفاء في تشارلستون‪ ،‬وشركة إطفاء القلب واليد في فيال‬
‫دلفيا‪ ،‬نواة ألبناء الحرية في تلك المدن ‪.‬وفي كل حالة تظهر قوائمهم الجماعية أن عضويتهم كانت‬
‫تتكون في المقام األول من صغار التجار والحرفيين‪.‬‬
‫هذا ال يعني أن العناصر األخرى في المجتمع االستعماري لم تلعب دورها الكامل في الحركة الثورية ‪.‬‬
‫جاءت االحتجاجات األولى ضد الضرائب البريطانية إلى حد كبير من طبقة التجار وقدمت القيادة األصلية‬
‫في تنظيم أبناء الحرية ‪.‬لكن الميكانيكيين والحرفيين وصغار التجار عبروا عن مطالب أكثر راديكالية‬
‫لدعم الحر يات االستعمارية وواصلوا تحريضهم عندما كان التجار على استعداد لتقديم تنازالت ‪.‬وفي‬
‫الواقع‪ ،‬أثار نشاطهم المتحمس مخاوف المحافظين من خروج الحركة الثورية عن السيطرة تما ًما ‪.‬كتب‬
‫جوفيرنور موريس بغضب في إحدى المناسبات" ‪:‬إن رؤساء الحراك أصبحوا خطرين على طبقة‬
‫النبالء"‪ ،‬والسؤال المطروح هو كيفية إبقائهم منخفضين‪.‬‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪17‬‬
‫ال يمكن إبقائهم في األسفل ‪.‬وكانت مظاهراتهم‪ ،‬التي أدت في بعض األحيان إلى أعمال شغب‬
‫وفوضى‪ ،‬تعكس وتكثف العداء المتزايد تجاه السلطات البريطانية من جانب عامة الناس ‪.‬مذبحة‬
‫بوسطن‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬نشأت مباشرة من النزاع الذي نشأ بين العمال االستعماريين والقوات‬
‫البريطانية " ‪.‬حدث شجار خاص في ‪Rope-Walk‬مع عدد قليل من جنود الفرقة التاسعة والعشرين ‪.‬‬
‫الفوج‪ ،‬حسبما أفاد الجنرال غيج؛ «لقد تم االستفزاز من قبل السائرين على الحبال‪ ،‬على الرغم من أنه‬
‫يمكن تصور أنه كانت هناك أخطاء من كال الجانبين ‪.‬من المفترض أن هذا الشجار دفع الناس إلى تحويل‬
‫قيام عام في ليلة الخامس ‪.‬شهر مارس"‪.‬‬
‫وفي حين أن دور الحرفيين والميكانيكيين في الثورة قد تم االعتراف به منذ فترة طويلة‪ ،‬إال أنه من‬
‫الصعب تحديد دورهم في اعتماد الدستور ‪.‬وبقدر ما كان تشكيل الحكومة الجديدة يعكس اتجاها محافظا‬
‫يقوض المكاسب الديمقراطية التي تحققت خالل النضال من أجل االستقالل‪ ،‬مع التركيز على حماية‬
‫مصالح الملكية بدال من الحريات الفردية‪ ،‬فقد يكون من المتوقع من العمال أن يعارضوا قبولها ‪.‬ولم يتم‬
‫تمثيلهم بشكل مباشر أو غير مباشر في المؤتمر الدستوري‪ ،‬ولم يتم إيالء اهتمام كبير في مداوالته‬
‫لحقوقهم أو حقوق عامة الناس بشكل عام ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كانت هناك مظاهرات عمالية مؤيدة للتصديق في‬
‫بعض المدن‪ ،‬وكان دعمهم مسؤوالً جزئيا ً عن انتصار الفيدراليين في مدينة نيويورك‪.‬‬

‫ومهما كانت مساهمتهم في حركة االستقالل وتأسيس الواليات المتحدة‪ ،‬فإن العمال لم يحققوا أي‬
‫مكاسب جوهرية خالل هذه السنوات ‪.‬ليس من الضروري أن نستشهد باآلراء المحافظة لمثل هذا‬
‫المدافع القوي عن حكم األغنياء واألغنياء مثل ألكسندر هاملتون لتوضيح مدى ابتعاد الواليات المتحدة‬
‫عن المجتمع الديمقراطي في نهاية القرن الثامن عشر ‪.‬وكانت هناك مخاوف في كل مكان من "روح‬
‫التسوية " التي بدت واضحة للغاية خالل الثورة‪ ،‬ومن تهديد االستقرار الوطني في أي تنازالت أخرى‬
‫للجماهير الديمقراطية ‪.‬‬
‫وحتى توماس جيفرسون‪ ،‬الذي أعلن بقوة أن "التأثير على الحكومة يجب أن يتقاسمه كل الناس"‪،‬‬
‫لم يكن لديه أي فكرة عن إدراج‬
‫‪18‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫العمال الذين ال يملكون ملكية ضمن نطاق أولئك الذين سيتم منحهم االمتياز والسماح لهم بتولي‬
‫المناصب العامة ‪ .‬كانت الديمقراطية التي أيدها هي ديمقراطية صغار المزارعين ذوي الملكية الحرة‪،‬‬
‫وكان يشك ب شدة في ما إذا كان الحرفيون والميكانيكيون والعمال‪ ،‬دون التأثير المستقر المتمثل في‬
‫كونهم أصحاب األراضي‪ ،‬يمكنهم تطوير الفضائل الجمهورية التي شعر أنها ضرورية لعمل دولة حرة ‪.‬‬
‫مجتمع‪.‬‬
‫لقد عارض بشدة تطور الصناعات في الواليات المتحدة ألنه كان خائ ًفا من تأثير العدد المتزايد من‬
‫عمال المدن على مؤسساتنا ‪.‬كان سيبقي ورش العمل الخاصة بنا في أوروبا بدالً من المخاطرة بتكوين‬
‫طبقة مأجورة كان يشكك في مبادئها وأخالقها" ‪.‬إن حشود المدن الكبرى‪" ،‬كتب جيفرسون في تأمل‬
‫خائف لما شعر أنه يحدث في أوروبا‪" ،‬يضيف الكثير إلى دعم الحكومة النقية‪ ،‬كما تضيف القروح إلى‬
‫قوة الجسم البشري‪".‬‬
‫وعلى الرغم من الوعد الكبير الذي تضمنه إعالن االستقالل‪ ،‬فإن الوضع السياسي للطبقة العاملة‬
‫بأجر في المجتمع األمريكي لم يتحسن بشكل ملموس ‪.‬وظل مستوى معيشتها مرتفعا ً مقارنة بالظروف‬
‫في أوروبا‪ ،‬ولكن مع ارتفاع األسعار في فترة ما بعد الثورة‪ ،‬نادرا ً ما كان للعمال في المدن الصغيرة‬
‫المنتشرة على طول ساحل المحيط األطلسي هامش كبير على الفقر المدقع ‪.‬وفي حين اشتكى جون جاي‬
‫بمرارة في عام ‪1784‬من "أجور الميكانيكيين والعمال الباهظة للغاية"‪ ،‬فإن أجر العمال غير المهرة لم‬
‫يتجاوز أبدًا خمسة عشر شلنًا في األسبوع ‪-‬أي أقل من ما يعادل ‪4‬دوالرات‪.‬‬
‫كتب جون باخ ماكماستر" ‪:‬بمثل هذا المبلغ الزهيد‪ ،‬لم يتمكن الميكانيكي من حماية أطفاله من‬
‫الجوع ونفسه من السجن إال من خالل االقتصاد الصارم ‪.‬وفي الغرف المنخفضة والقذرة التي كان‬
‫يسميها منزله‪ ،‬كان هناك حاج ة إلى العديد من المقاالت من الزينة واالستخدام يمكن العثور عليها اآلن‬
‫في مساكن أفقر أفراد طبقته ‪.‬كان الرمل المرشوش على األرض بمثابة سجادة ‪.‬لم يكن هناك زجاج على‬
‫طاولته‪ ،‬ولم يكن هناك الخزف الصيني في خزانته‪ ،‬ولم تكن هناك مطبوعات على جدرانه ‪.‬ما هو الموقد‬
‫الذي لم يعرفه‪ ،‬الفحم الذي لم يره من قبل‪ ،‬أعواد الثقاب التي لم يسمع عنها من قبل ‪.‬فوق نار من شظايا‬
‫الصناديق والبراميل‪ ،‬التي أشعلها بالشرر المنبعث من الصوان‪ ،‬أو بالحيوية وكانت زوجته تطهو وجبة‬
‫نادرا ما يتذوق اللحوم الطازجة أكثر من مرة واحدة في‬ ‫فظة وتقدمها في أطباق من القصدير‪ ،‬وكان ً‬
‫األسبوع‪،‬‬
‫‪Colonial America‬‬ ‫‪19‬‬
‫وكان يدفع ثمنها ثمنًا أعلى بكثير من ثمن ذريته ‪....‬إذا إن طعام الحرفي سيُعتبر اآلن خش ًنا‪ ،‬وست ُعتبر‬
‫مالبسه بغيضة ‪.‬زوج من السراويل الصفراء أو المصنوعة من جلد الغزال أو الجلد‪ ،‬وقميص مربعات‪،‬‬
‫وسترة من الفانيال الحمراء‪ ،‬وقبعة صدئة مرفوعة عند األطراف‪ ،‬وأحذية من الجلد األنيق مزودة بإبزيم‬
‫ضخم من النحاس‪ ،‬ومئزر من الجلد ‪ ،‬كانت تشكل خزانة مالبسه الهزيلة ‪".‬‬
‫ورغم كل المصاعب التي ينطوي عليها أسلوب الحياة هذا ـ ويجب أن نتذكر أن األثرياء كانوا‬
‫يفتقرون أيضا ً إلى العديد من وسائل الراحة التي يمكن اعتبارها اليوم ضرورية ـ فإن أميركا كانت ال‬
‫تزال أرض الفرص الرائعة ‪.‬يمكن للحرفيين والميكانيكيين أن يأملوا بثقة في تحسين ظروفهم‬
‫المعيشية‪ ،‬كما أن سيولة الطبقات تعني عدم وجود حواجز تمنع المجتهد والحيوي من تحقيق المزيد من‬
‫التقدم ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬في مجتمع ال يزال يعتمد على الزراعة والصناعات اليدوية‪ ،‬كان للحرفي مكانة‬
‫معترف بها ومحترمة ساعدت جزئيًا في التعويض عن الموارد االقتصادية الضئيلة ‪.‬ربما كانت طريقة‬
‫حياته بسيطة‪ ،‬لكنه عاش في مجتمع بسيط بمنأى عن الصناعة‪.‬‬
‫كانت تلوح في األفق تغييرات بعيدة المدى من شأنها أن تؤثر بشكل حيوي على المجتمع الذي يعيش‬
‫فيه وعلى مكانته الخاصة ‪.‬إنهم‪ ،‬باسم التقدم‪ ،‬سيفتحون إمكانيات مستوى معيشة أعلى بكثير مما تمتع‬
‫به األجراء من قبل في هذا البلد أو أي بلد آخر ‪.‬لكن هذه التغييرات تطلبت أيضًا تعديالت ثبت أنها صعبة‬
‫وكثيرا ما شعرت العمالة في القرن التاسع عشر بأنها محرومة من الفوائد التي بدا أن التقدم‬ ‫ً‬ ‫للغاية‪،‬‬
‫الصناعي يعد بها ‪ .‬وفي مواجهة العوائق الجديدة التي تحول دون تحقيق آمالهم وتطلعاتهم‪ ،‬كان على‬
‫عمال األمة أن يجدوا أنه من خالل التنظيم فقط يمكنهم تأمين الحقوق واالمتيازات التي يشعرون بأنهم‬
‫يستحقونها‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪ :II‬النقابات األولى‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫البدايات الحقيقية لتنظيم العمل كانت تنتظر التحول في المجتمع االقتصادي الذي حدث في أوائل القرن‬
‫التاسع عشر مع ظهور الرأسماليين التجاريين الذين أسسوا األعمال التجارية على أساس البيع‬
‫الكامل ‪ .‬إن كبار العمال في الفترة االستعمارية‪ ،‬الذين كانوا يجمعون العمال المهرة والمتدربين للعمل‬
‫في مشاريع مشتركة أو مشاريع مشتركة ‪ ،‬ويدفعون لهم األجور‪ ،‬لم يخلقوا عالقة بين صاحب العمل‬
‫والموظف بأي معنى حديث ‪.‬ولم يكن هناك تمييز حقيقي بين مصالح العمال المياومين ومصالح السادة‬
‫الذين عملوا جنبًا إلى جنب معهم ‪.‬وكانت قوائم األسعار المعدة "للعمل حسب الطلب "تحدد األجور‪،‬‬
‫وكانت وظائف التاجر والسادة والعمال متحدة إلى حد كبير في نفس الشخص‪.‬‬
‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬عمل الربابنة والعمال م ًعا للحفاظ على معايير حرفتهم‪ ،‬ودعم قوائم األسعار‪،‬‬
‫وحماية أنفسهم بشكل عام من المنافسة غير العادلة ‪.‬وكانت هناك مناسبات احتج فيها العمال‬
‫المياومون ضد الضوابط التي يمارسها أرباب العمل بصفتهم أصحاب العمل ‪.‬في المهن التي لم تجمعهم‬
‫معًا في ارتباط وثيق وطبيعي‪ ،‬نشأت أحيانًا نزاعات أدت إلى إضرابات متفرقة وثورة عمالية أولية ‪.‬‬
‫ولكن بشكل عام‪ ،‬فإن التنظيم االقتصادي البسيط للغاية في القرنين السابع عشر والثامن عشر حال‬
‫دون أي عمل منسق كبير من جانب العمال ‪.‬ولكن قبل النظر في التغييرات التي أثرها صعود‬
‫الرأسماليين التجاريين‪ ،‬فإن مثل هذه االحتجاجات أو اإلضرابات العمالية‪ ،‬كما حدث خالل الفترة‬
‫االستعمارية‪ ،‬يمكن أن تؤخذ في االعتبار من حيث الضوء الذي قد تلقيه على الظروف التي أدت في‬
‫النهاية إلى التنظيم النقابي ‪.‬‬
‫يعود أقدم سجل لما يمكن اعتباره اضطرابًا عماليًا إلى عام ‪1636.‬فقد تم اإلبالغ عن مجموعة من‬
‫صا‪.‬‬
‫الصيادين العاملين لدى روبرت تريالوني في جزيرة ريتشموند‪ ،‬قبالة ساحل والية ماين‪20 ،‬شخ ً‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪21‬‬
‫لوقوعهم في "الطفرة "عندما تم حجب أجورهم ‪.‬وبعد حوالي أربعين عا ًما‪ ،‬أُمر سائقو العربات‬
‫المرخصون في نيويورك بإزالة األوساخ من الشوارع مقابل ثالثة بنسات للحمولة‪ ،‬ولم يحتجوا على‬
‫هذا المعدل المنخفض لألجور فحسب‪ ،‬بل "أجمعوا على رفض االمتثال الكامل ‪".‬وقد الحظت الصحافة‬
‫االستعمارية حوادث أخرى مماثلة في بعض األحيان في الصحافة االستعمارية خالل القرن الثامن‬
‫عشر‪ ،‬وفي عام ‪ ،1768‬كان لـ "إقبال "الخياطين المهرة في نيويورك ‪ -‬ربما أول إضراب حقيقي حقًا‬
‫ضد أصحاب العمل ‪-‬حلقة حديثة تقريبًا ‪.‬أضرب حوالي عشرين عامالً عن العمل بسبب تخفيض‬
‫صا في تح ٍد ألرباب العمل ‪.‬سيكونون تحت الطلب عند‬ ‫أجورهم وأعلنوا عل ًنا أنهم سيقبلون عمالً خا ً‬
‫إشارة الثعلب وهاوند‪ ،‬ويُقرأ إشعارهم في الصحف‪ ،‬بمعدل ثالثة شلنات وستة بنسات في اليوم‪ ،‬مع‬
‫النظام الغذائي‪.‬‬
‫في بعض األحيان كان السادة أنفسهم يوحدون قواهم لحماية مصالحهم كما تم الكشف عنه في‬
‫تقرير سابق إلى حد ما عن المشاكل بين حالقي بوسطن الذين ظهروا في نيو إنجالند كورانت ‪.‬اجتمع‬
‫اثنان وثالثون حال ًقا رئيسيًا في الحفل الذهبي‪ ،‬بحضور عازف البوق ‪ ،‬واتفقوا معًا على رفع أسعار‬
‫ثوان ‪.‬على سعر صنع‬ ‫الحالقة من ‪8‬شلنات ‪.‬إلى ‪10‬ثواني ‪.‬لكل ربع سنة‪ ،‬و"للتقدم بمقدار ‪ٍ 5‬‬
‫الباروكات والعشرات الشائعة ‪.‬على تلك الخاصة بهم ‪.‬كما تم اقتراح أنه "ال يجوز ألي أحد من أعضاء‬
‫هيئة التدريس أن يحلق شعر ويغز أو يرتدي مالبسه صباح يوم األحد"‪ ،‬وهو القرار الذي دفع كورانت‬
‫إلى مالحظة انتقادية أنه "قد يستنتج أنه في األوقات الماضية كانت مثل هذه الممارسة شائعة جدًا‬
‫بينهم‪" ".‬‬
‫وقد حفزت الفترة الثورية‪ ،‬مع التضخم الذي شهدته في زمن الحرب‪ ،‬المزيد من االحتجاجات من‬
‫جانب العمال الذين وجدوا أن تكاليف المعيشة ترتفع بشكل أسرع بكثير من األجور ‪.‬وكانت مطابع‬
‫نيويورك مثاالً على ذلك ‪.‬وفي نوفمبر ‪ ،1778‬طالب العمال المياومون ‪-‬وحصلوا ‪-‬على زيادة في‬
‫األجور في ظل ظروف كانت لها مرة أخرى نكهة حديثة جدًا باستثناء المجاملة التي عبر بها أصحاب‬
‫المطابع عن مطالبهم‪.‬‬
‫الجريدة الملكية " ‪:‬بما أن ضروريات الحياة قد ارتفعت إلى مثل هذا السعر الباهظ‪ ،‬فإنه ال يمكن أن‬
‫نتوقع منا أن نستمر في العمل باألجور التي ندفعها اآلن؛ وبالتالي نطلب إضافة ثالثة دوالرات أسبوعيًا‬
‫إلى مبلغنا الزهيد الحالي؛ قد يتم االعتراض على أن هذا الطلب يستند إلى نتيجة مجموعة إلزعاج‬
‫الطابعات الرئيسية في هذا الوقت‪ ،‬بسبب ندرة األيدي؛ ولكن هذا أبعد ما يكون عن الواقع؛ إنه ح ًقا‬
‫الثمن الباهظ لكل مادة في الحياة‪ ،‬يضاف إلى‬
‫‪22‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫اقتراب الموسم الكئيب ‪.‬ونحن على ثقة أنه ال يوجد أحد بيننا يمكنه االستفادة من هذا العصر بشكل غير‬
‫سخاء ‪-‬فنحن بالكاد نرغب في الوجود‪ ،‬وهو أمر مستحيل القيام به مع راتبنا الحالي‪.‬‬
‫رد جيمس ريفينجتون‪ ،‬الناشر المحافظ المعروف وناشر الجريدة ‪ ،‬على هذه الرسالة باختصار ‪:‬‬
‫"أنا أوافق على الطلب المذكور أعاله‪".‬‬
‫كانت هناك احتجاجات أو إضرابات منسقة أخرى في هذه السنوات والسنوات التالية مباشرة ‪-‬من‬
‫جانب البحارة في فيالدلفيا عام ‪ ،1779‬وصانعي األحذية في نيويورك عام ‪ ،1785‬وعمال الطباعة‬
‫المياومين في فيالدلفيا عام " ‪1786.‬سوف ندعم هؤالء من إخواننا‪ ،‬وأعلنت هذه المطابع "كما سيتم‬
‫طردهم من العمل بسبب رفضهم العمل بأقل من ‪6‬دوالرات في األسبوع ‪".‬رفض أصحاب العمل في‬
‫البداية تلبية مطالبهم‪ ،‬لكن المشاركة كانت ناجحة في نهاية المطاف‪.‬‬
‫كان أعضاء حرفة البناء أيضًا مضطربين واندلع صراع طويل مشتعل في عام ‪1791‬بين العمال‬
‫المهرة والنجارين الرئيسيين في فيالدلفيا ‪.‬وأعلن األولون أن أصحاب العمل كانوا يحاولون خفض‬
‫األجور "إلى مستوى أدنى‪ ،‬بكل الوسائل التي يستطيع الجشع اختراعها ‪".‬لقد طالبوا على وجه التحديد‬
‫بيوم عمل أقصر وأجور إضافية مقابل العمل اإلضافي ‪.‬واشتكوا بمرارة من أنهم حتى اآلن "مضطرون‬
‫إلى الكدح طوال فترة أطول أيام الصيف‪ ،‬وهذا أيضا‪ ،‬في كثير من الحاالت‪ ،‬دون حتى عزاء الحصول‬
‫على عزاءنا ‪".‬العمل المحلى باألمل المتجدد في مكافأة فورية‪.‬‬
‫وال يُعرف ما هي التسوية التي ربما تم التوصل إليها في هذا النزاع ‪.‬ألقى السادة باللوم على ظروف‬
‫التجارة في انخفاض األجور وأعلنوا أنهم "لم يكتشفوا بأي حال من األحوال ً‬
‫ميال للقمع أو االستبداد‪".‬‬
‫لم تشمل هذه اإلضرابات والمظاهرات بأي حال من األحوال منظمة يمكن تسميتها بنقابة العمال ‪.‬لقد‬
‫اجتمع العمال فقط على أساس مؤقت للضغط على مطالبهم أو التخاذ إجراءات مشتركة لحماية‬
‫مصالحهم ‪.‬إن مثل هذه المجتمعات التجارية التي كانت موجودة بالفعل‪ ،‬وكان هناك عدد منها في الجزء‬
‫األخير من القرن الثامن عشر‪ ،‬لم يتم تشكيلها لتعزيز األهداف االقتصادية ولكن ألغراض خيرية ‪.‬لقد‬
‫كانت جمعيات مساعدة متبادلة‪ ،‬غال ًبا ما تضم كال من العمال المهرة والسادة‪ ،‬والتي قدمت مختلف‬
‫فوائد المرض والوفاة ألعضائها ‪.‬تقري ًبا كل التجارة المهمة في مدن مثل نيويورك وفيالدلفيا وبوسطن‬
‫كان لديها مثل هذا المجتمع بحلول تسعينيات القرن الثامن عشر‪ ،‬وفي بعض‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪23‬‬
‫الحاالت كانت هناك منظمات ذات نطاق أوسع ‪-‬الجمعية العامة للميكانيكيين والتجار في نيويورك‪،‬‬
‫ورابطة الميكانيكا في الكومنولث ماساتشوستس‪ ،‬جمعية الميكانيكيين في ألباني مي‪.‬‬
‫ومن خالل دعم هؤالء األعضاء الذين قد يحتاجون إلى المساعدة بسبب حادث أو مرض ومساعدة‬
‫األرامل واأليتام الذين ماتوا في ظروف معوزة‪ ،‬سعت هذه المجتمعات إلى تحرير كل من السادة‬
‫والحرفيين من "االنعكاس المهين الناشئ عن ظروف الفقر" ‪".‬كان العمال يحترمون أنفسهم‬
‫ويشعرون بالفخر ‪.‬وهكذا‪ ،‬في وقت مبكر من تاريخنا‪ ،‬كانوا مستعدين‪ ،‬كما جاء في ميثاق أحد‬
‫المجتمعات‪" ،‬للمطالبة باإلغاثة ‪...‬كحق " ‪.‬‬
‫كان للعديد من جمعيات المساعدة المتبادلة أيضًا سمات اجتماعية ووفرت غرف اجتماعات‬
‫وترفيه ‪.‬تكشف القواعد الداخلية للجمعية الصديقة للتجار نجارين المنازل‪ ،‬التي تم تنظيمها في فيالدلفيا‬
‫عام ‪ ،1767‬عن نطاق هذه األنشطة وكذلك اللوائح الصارمة التي تحكم ترحيل األعضاء ‪.‬كان ال بد من‬
‫دفع غرامة قدرها ستة بنسات إلى األسهم العامة للمجتمع من قبل أي عضو "يفترض أنه يسب أو‬
‫متنكرا في الخمور ويثير االضطرابات ‪...". . .‬أو الترويج لأللعاب في ساعات النادي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يقسم‪ ،‬أو يأتي‬
‫في حين أن النشاط االقتصادي بشكل عام يقع بالكامل خارج نطاقها‪ ،‬فإن ميثاق جمعية نيويورك‬
‫لعمال السفن الذين ينص على الحل التلقائي إذا قامت المنظمة بأي محاولة إلصالح األجور‪ ،‬كان من‬
‫المحتم أن تصبح هذه المجتمعات في الوقت المناسب مهتمة بمشاكل التوظيف ‪.‬وبالتالي فإن التمييز بين‬
‫المساعدات المتبادلة والجمعيات التجارية الحقيقية يكاد يكون من المستحيل ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن الجمعية‬
‫الفيدرالية للعمال المأجورين‪ ،‬التي تأسست في فيالدلفيا عام ‪ ،1794‬أُطلق عليها اسم أول "منظمة‬
‫مستمرة "للعمال بأجر في الواليات المتحدة‪ ،‬وربما يحق لها أن تعتبر النقابة األصلية ‪.‬كانت عضويتها‬
‫مكونة فقط من صانعي األحذية من العمال المهرة‪ ،‬وقد نظمت إضرابًا واعتصمت على متاجر الحرفيين‬
‫في عام ‪ ،1799‬وظلت موجودة لمدة اثني عشر عا ًما‪.‬‬
‫بعد بضعة أشهر من تنظيم عمال صناعة النسيج في فيالدلفيا‪ ،‬شكل عمال الطباعة المياومون في‬
‫نيويورك ما كان سيصبح أول سلسلة طويلة من النقابات في تلك التجارة‪ ،‬وبعد عامين تم أيضًا إنشاء‬
‫مجتمع طويل العمر نسب ًيا في نيويورك ‪.‬المسافرين‬
‫‪24‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫صناع مجلس الوزراء ‪.‬نشرت المنظمة األخيرة في الصحف قائمة أسعار كاملة ‪-‬والتي كانت تعني في‬
‫الواقع جداول األجور ‪-‬مع شرط إضافي مفاده أن رؤساء العمال المياومين "سيعملون عشر ساعات‬
‫في اليوم؛ أصحاب العمل للعثور على الشموع‪.‬‬

‫أشارت هذه البدايات المبدئية للتنظيم إلى الطريق نحو نمو أكثر عمومية للمجتمعات التجارية ‪-‬كما‬
‫كانت تسمى النقابات األولى لفترة طويلة ‪-‬والذي أعقب صعود الرأسماليين التجاريين ‪.‬لم يكن األمر‬
‫كذلك إال بعد أن أفسح متجر البيع بالتجزئة وأعمال الطلب حسب الطلب المجال أمام أعمال البيع‬
‫بالكامل وانكسرت العالقة القديمة السهلة بين السيد والعامل‪ ،‬حتى شعر العمال ح ًقا بأنهم مضطرون إلى‬
‫االتحاد ضد أصحاب العمل ‪.‬ولكن مع بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬اتبع الحرفيون والميكانيكيون المهرة‬
‫في التجارة تلو األخرى المثال األقدم للطابعين وصانعي األحذية في تشكيل مجتمعات كان هدفها المعلن‬
‫هو حماية مصالحهم ضد "حيل ومكائد "أصحاب العمل وتأمين مصالحهم ‪.‬مكافأة كافية لعملهم ‪.‬ربما ال‬
‫تزال هذه المجتمعات تتمتع بميزات المساعدة المتبادلة‪ ،‬لكن التركيز الرئيسي تحول إلى العمل‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫كان الرأسماليون التجاريون مهتمين باستيراد البضائع من الخارج وإقامة مؤسسات تصنيعية أكبر‬
‫في الداخل ‪.‬لقد سعوا إلى تطوير أسواق أوسع وإدخال السلع الرخيصة التي يمكن بيعها في مثل هذه‬
‫األسواق ‪.‬وبوجود رأس المال تحت سيطرتهم‪ ،‬كان بإمكانهم تأمين المواد الخام بكميات كبيرة‪ ،‬وتوفير‬
‫أماكن العمل‪ ،‬وفي نهاية المطاف األدوات للحرفيين والميكانيكيين الذين يستخدمونهم ‪ ،‬وتخزين‬
‫المنتجات النهائية‪ ،‬ومن ثم نقلها إلى جميع أنحاء البالد ‪.‬لم تتمكن متاجر البيع بالتجزئة الصغيرة‪،‬‬
‫بتركيزها على الجودة والحرفية العالية المهارة‪ ،‬من تلبية الظروف التنافسية التي عززتها مثل هذه‬
‫العمليات واسعة النطاق‪.‬‬
‫وقد تم التأكيد على هذه االتجاهات بشكل متزايد حيث أدى انفتاح البالد إلى خلق فرص أكثر مالءمة‬
‫لتوسيع األعمال ‪.‬أدى تطوير وسائل النقل المحسنة ‪-‬القنوات‪ ،‬والطرق الرئيسية‪ ،‬والقوارب البخارية‬
‫‪-‬إلى توسيع السوق التي كان في متناول المصنعين والتجار على ساحل المحيط األطلسي ‪.‬كانت الطرق‬
‫السريعة المؤدية إلى الغرب مزدحمة بعربات عالية مغطاة بالقماش تحمل إلى المجتمعات الجديدة في‬
‫غرب نيويورك ووادي أوهايو المالبس واألحذية واألثاث وأدوات المطبخ واألدوات‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪25‬‬
‫واألواني الحديدية التي تم إنتاجها في البلدات والمدن الشرقية ‪.‬كانت هناك سوق وطنية في طور‬
‫التكوين طغت على األسواق المحلية القديمة التي كانت تعتمد على تجارة التجزئة واألعمال المخصصة‪،‬‬
‫وحددت وتيرة التقدم االقتصادي ‪.‬على نطاق صغير‪ ،‬كان هناك نفس النوع من التطور الذي قد ينتج عن‬
‫اإلنتاج الضخم في المراحل الالحقة من الثورة الصناعية ‪.‬كان كسوف متجر البيع بالتجزئة من قبل‬
‫مؤسسة البيع بالجملة بمثابة إشارة إلى ظهور مصنع التصنيع المحلي من خالل التركيبات واالندماجات‬
‫الصناعية في ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫وفي ظل الضغوط المستمرة لخفض التكاليف لتلبية الظروف التنافسية للغاية لعالم األعمال الجديد‬
‫هذا‪ ،‬سعى أصحاب العمل إلى خفض األجور‪ ،‬وإطالة يوم عمل موظفيهم‪ ،‬واالستفادة من مصادر جديدة‬
‫للعمالة الرخيصة ‪.‬لقد حاولوا كسر قيود نظام التلمذة الصناعية التقليدي ‪.‬وبدأوا في توظيف النساء‬
‫واألطفال حيثما أمكن ذلك؛ لقد أدخلوا ورشة العمل الشاقة وممارسة منح العقود للعمل في السجون ‪.‬‬
‫بالنسبة للحرفيين المهرة‪ ،‬مهما كانت تجارتهم‪ ،‬كانت مثل هذه التحركات تمثل تهديدًا ليس فقط‬
‫النخفاض مستويات المعيشة‪ ،‬بل أيضًا لفقدان المكانة ‪.‬لقد نهضوا على الفور لمكافحة مثل هذه‬
‫التطورات وأدركوا أنهم لن يتمكنوا من حماية حقوقهم إال من خالل العمل المتضافر‪.‬‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬كان الحرفيون والميكانيكيون قادرين على مقابلة أصحاب العمل على أسس متساوية‬
‫نسبيًا ‪ .‬إن ندرة العمالة الماهرة التي كانت سمة مميزة للفترة االستعمارية كانت ال تزال حقيقة أساسية‬
‫في االقتصاد األمريكي ‪.‬قال ألكسندر هاملتون في تقريره الشهير عن المصنوعات « ‪:‬إن االعتراضات‬
‫على مالحقة المصنوعات في الواليات المتحدة تمثل استحالة تحقيق النجاح نتيجة لثالثة أسباب؛ ندرة‬
‫األيدي‪ ،‬غالء العمل‪ ،‬الحاجة إلى رأس المال ‪».‬عالوة على ذلك‪ ،‬استمرت الحدود المتوسعة في هذه‬
‫الفترة في جذب العديد من العمال الذين اجتذبتهم سهولة توافر األراضي الرخيصة أو الفرصة األكبر‬
‫لممارسة التجارة في المستوطنات الغربية ‪.‬غال ًبا ما كانت المدن الجديدة التي ظهرت على طول الطرق‬
‫أجورا أعلى من المجتمعات القديمة في الشرق‪.‬‬‫ً‬ ‫البرية والنهرية في وادي أوهايو تقدم‬
‫تقدم الصحف في تلك الفترة دليالً ثابت ًا على هذا الطلب على العمال ‪.‬كانت هناك إعالنات متكررة عن‬
‫الوظائف« ‪:‬مطلوب‪ ،‬اثنان أو ثالثة من العمال المهرة؛ سيتم دفع أجور ليبرالية‪"" ،‬مطلوب ستة أو‬
‫ثمانية نجارين؛ سيُسمح باستخدام األدوات"‪ ،‬و"مطلوب‬
‫‪26‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫أربعة أو خمسة عمال بناء ‪ ".‬اضطر المقاولون الذين قاموا ببناء قاعة المدينة في نيويورك عام‬
‫‪1803‬إلى اإلعالن عن عمال الحجارة في صحف فيالدلفيا وبالتيمور وتشارلستون‪ ،‬ووعدوا بأجور‬
‫مرتفعة‪ ،‬وإصالح جميع األدوات‪ ،‬وتأكيدات بأنه على الرغم من وجود حمى صفراء في أجزاء أخرى‬
‫من المدينة‪ ،‬المدينة‪ ،‬ال يحتاج العمال إلى الخوف منها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬سرعان ما وجد العمال المهرة أنفسهم يخوضون حربًا دفاعية ضد الموارد المتزايدة‬
‫ألصحاب العمل ‪ .‬ولم تتمكن أجورهم من مواكبة تكاليف المعيشة في العقود األولى من القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬ولم تحافظ حتى على مستواها النسبي مع أجور العمال غير المهرة ‪.‬ربما لم يكن المتوسط العام‬
‫دوالرا في اليوم باستثناء عدد قليل من المهن الخاصة مثل مهنة نجارة‬
‫ً‬ ‫في عام ‪1818‬أكثر من ‪1.25‬‬
‫السفن ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬كان عمال الطباعة في نيويورك يكسبون ‪8‬دوالرات في األسبوع‪ ،‬وكان‬
‫الخياطون المياومون في بالتيمور يكسبون ‪9‬دوالرات ‪.‬وبالمقارنة ‪ ،‬فإن الطلب الكبير على العمال في‬
‫القنوات والطرق الرئيسية‪ ،‬وفي تشييد المباني وفي مشاريع أخرى مماثلة‪ ،‬أدى إلى ارتفاع أجور‬
‫عمال المياومة من حوالي ‪4‬دوالرات في األسبوع في نهاية الثورة إلى ‪7‬دوالرات في األسبوع ‪.‬‬
‫وأحيانا أكثر ‪.‬عندما يتم إطعامهم وإيوائهم‪ ،‬قد يصل أجرهم الفعلي إلى أكثر مما يستطيع الحرفيون‬
‫والميكانيكيون أن يطلبوه ‪.‬إعالن للرجال للعمل على الطريق الذي يجري بناؤه من نهر جينيسي إلى‬
‫دوالرا شهريًا‪ ،‬مع الطعام والسكن والويسكي يوميًا ‪.‬على الرغم من أن‬ ‫ً‬ ‫بوفالو‪ ،‬وعد بمبلغ ‪12‬‬
‫الحرفيين المهرة ما زالوا قادرين على العيش في ظروف مريحة نسبيًا‪ ،‬خاصة في نظر الزوار األجانب‬
‫الذين قارنوا وضعهم بوضع العمال في أوروبا‪ ،‬إال أنهم أدركوا أن الظروف كانت تتغير لصالحهم وأن‬
‫الوضع سوف يزداد صعوبة بدالً من أن يصبح أكثر صعوبة ‪.‬من األسهل بالنسبة لهم الحفاظ على‬
‫المعايير القديمة‪.‬‬
‫كانت المنظمات التي سعت‪ ،‬في ظل هذه الظروف‪ ،‬إلى حماية وضع العمال المهرة أكثر عمومية بين‬
‫عمال الطباعة ‪ ،‬وصانعي المالبس‪ ،‬والخياطين‪ ،‬والنجارين‪ ،‬وصانعي الخزائن‪ ،‬وكتاب السفن‪،‬‬
‫والتعاونيات‪ ،‬والنساجين ‪.‬كان للطابعات وصانعي المالبس أهمية خاصة ‪.‬وقد لوحظ بالفعل أنهم كانوا‬
‫من رواد النقابات‪ ،‬ونجحوا في الحفاظ على مجتمعات نشطة طوال العشرين سنة األولى من القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬ليس فقط في نيويورك وفيالدلفيا‪ ،‬ولكن أيضًا في بوسطن وبالتيمور وألباني وواشنطن‬
‫وبيتسبرغ ونيو أورليانز ‪. .‬كما تم تنظيم أعضاء حرف البناء أيضًا في كل مدينة تقريبًا‪ ،‬ومن بين‬
‫المجتمعات األخرى كان هناك عمال المطاحن‪ ،‬وقاطعي الحجارة‪ ،‬والنساجين على النول اليدوي‪،‬‬
‫وصانعي القبعات ‪.‬قبل عام ‪،1820‬‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪27‬‬
‫لم تكن هناك منظمات بين عمال المصانع ‪-‬على الرغم من أن حوالي ‪100.000‬شخص كانوا يعملون‬
‫في مصانع القطن بحلول ذلك العام ‪-‬وال يوجد دليل على مشاركة النساء في الحركة العمالية المزدهرة‪.‬‬
‫كانت هذه المجتمعات التجارية المبكرة في الواقع عبارة عن نقابات حرفية مقيدة بشكل وثيق‪،‬‬
‫وكانت ذات طابع محلي بالكامل وكانت بالضرورة صغيرة في العضوية ‪.‬كان العمال الذين ينتمون إليهم‬
‫ملزمين باالمتثال لقواعد وأنظمة صارمة ‪:‬الحفاظ على سرية إجراءات النقابة‪ ،‬والموافقة تحت القسم‬
‫على االلتزام بجداول األجور المحددة‪ ،‬ودائ ًما مساعدة زمالئهم األعضاء في الحصول على عمل بدالً‬
‫من أي عمال آخرين ‪.‬وكانت رسوم االلتحاق حوالي خمسين سنتا مع رسوم شهرية تتراوح من ستة‬
‫إلى عشرة سنتات ‪.‬كان حضور االجتماعات المنتظمة مطلوبًا‪ ،‬مع فرض غرامات على الغياب غير‬
‫المبرر ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬تم فرض االنضباط الصارم ويمكن طرد أعضاء النقابة بسبب هفوات مثل‬
‫التسمم المتكرر أو الفجور الفادح أو "إطالق أي لغة مسيئة ألحد األعضاء في غرفة المجتمع خالل‬
‫ساعات االجتماع ‪ ".‬كانت الجمعيات مهتمة بشدة بالحفاظ على معايير الحرف التي تمثلها‪ ،‬وبالتالي‬
‫توفير الضمانات بأن عضويتها تشمل أفضل العمال في المجتمع‪.‬‬
‫ظلت األهداف األساسية هي تلك التي كانت منذ ذلك الحين الشغل الشاغل للعمال المنظمين ‪-‬أجور‬
‫أعلى‪ ،‬وساعات عمل أقصر‪ ،‬وتحسين ظروف العمل ‪.‬كما أدت محاوالت أصحاب العمل لخفض المعايير‬
‫من خالل توظيف عمال غير مدربين ‪-‬أجانب وأوالد‪ ،‬وفي نهاية المطاف نساء ‪-‬إلى بذل جهود حثيثة‬
‫لفرض ما يمكن أن يسمى اليوم بالمحل المغلق ‪.‬اشتكت جمعية نيويورك للطباعة بمرارة من أن الوفرة‬
‫الهائلة من المتعلمين والمتدربين الهاربين والعمال المياومين في منتصف الطريق قوضت معدالت‬
‫أجور "العمال الكاملين ‪".‬كما هو الحال مع العديد من المجتمعات األخرى ‪-‬ربما مع معظمها ‪-‬حافظت‬
‫ً‬
‫عماال ال‬ ‫على قاعدة صارمة تنص على أنه ال ينبغي ألي من أعضائها العمل في أي متجر يستخدم‬
‫ينتمون إلى المنظمة ‪.‬كان هناك العديد من االحتجاجات في هذه الفترة والفترات الالحقة ضد أصحاب‬
‫العمل الذين حاولوا توظيف ا لحرفيين أو الميكانيكيين الذين لم يكونوا أعضاء في النقابة ذوي وضع‬
‫جيد‪ ،‬وتم دعم لوائح المجتمع بشكل صارم ‪.‬ويبدو أن الضغط الذي مورس ضد الحرفيين قد أدى في‬
‫ً‬
‫تركيزا لترسيخ مبدأ الورشة المغلقة أكثر من أي فترة الحقة ‪.‬لم يكن لدى‬ ‫الواقع إلى بذل جهد أكثر‬
‫‪Journeymen Cordwainers of New York‬بند محدد في دستورهم ضد العمل في أي‬
‫مؤسسة غير نقابية فحسب‪،‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫بل كانوا على استعداد لفرض غرامات على أي عامل مياوم قادم إلى المدينة ولم ينضم إلى الجمعية في‬
‫غضون شهر‪.‬‬
‫وفي تعاملها مع أصحاب العمل‪ ،‬أدخلت الجمعيات مبادئ المفاوضة الجماعية ‪.‬في حالة صانعي‬
‫األحذية في فيالدلفيا‪ ،‬كان هناك مندوب "انتظر أصحاب العمل مع عرض تسوية "منذ عام ‪،1799‬‬
‫ويمكن االستشهاد بالعديد من األمثلة على العمال المهرة الذين قدموا قائمة أسعار وتوصلوا إلى اتفاق‬
‫بعد مفاوضات مطولة ‪.‬عندما يتم التوصل إلى اتفاقات بين المجتمع وأصحاب العمل‪ ،‬غالبًا ما يتم تعيين‬
‫أحد أعضاء المجتمع "للتجول "من متجر إلى متجر للتأكد من الحفاظ عليه ‪.‬وفي مواقف أخرى‪ ،‬تم‬
‫تشكيل «لجان طائشة »لإلشراف على تنفيذ العقد‪.‬‬
‫اإلضرابات أو اإلضرابات‪ ،‬كما يطلق عليها في كثير من األحيان ‪-‬حيث سعى العمال إلى دعم‬
‫مصالحهم عندما فشلت المفاوضات بشأن األجور‪ ،‬أو رفض أصحاب العمل االلتزام بشروط االتفاقية ‪،‬‬
‫أو تم توظيف غير أعضاء في المجتمع ‪-‬كانت سلمية بشكل عام خالل هذه الفترة ‪.‬لقد ترك الموظفون‬
‫ببساطة وظائفهم وبقوا في منازلهم حتى يتم التوصل إلى نوع من التسوية ‪.‬ويبدو أن النضال قد تم‬
‫خوضه في الصحف في كثير من األحيان وليس من خالل أعمال العنف ‪.‬سيعرض العمال وأصحاب‬
‫العمل قضاياهم أمام الجمهور من خالل إشعارات في الصحافة ‪.‬عكست المناشدات والمناشدات المضادة‬
‫ً‬
‫قبوال عا ًما للدور المهم الذي يلعبه الرأي العام في تحديد األساس المناسب‬ ‫للحصول على الدعم الشعبي‬
‫لعالقات العمل‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت هناك مناسبات اتخذ فيها المضربون إجراءات أكثر قوة ‪.‬بقي ستة من العمال‬
‫المياومين في العمل أثناء خروج صانعي األحذية في فيالدلفيا وتم إخفاؤهم في غرفة صاحب العمل ‪.‬‬
‫وقد راقبهم المضربون عن كثب‪ ،‬وعندما خرجوا لفترة وجيزة في إحدى ليالي األحد لزيارة حانة قريبة‪،‬‬
‫قاموا بضربهم بشدة ‪.‬وفي مناسبة أخرى‪ ،‬عندما تمت مقاطعة متجر بسبب رفض قبول جداول األجور‬
‫ً‬
‫عامال جديدًا‪ ،‬أنشأ المضربون ما كان في الواقع خط‬ ‫المقررة وأعلن صاحب العمل عن تعيين خمسين‬
‫اعتصام وحافظوا عليه بالقوة ‪.‬كان هناك استياء عميق ضد العمال غير النقابيين الذين سيحلون محل‬
‫المضربين‪ ،‬ولم تكن الهجمات غير عادية على األشخاص الذين يطلق عليهم بالفعل "الجرب‪".‬‬
‫كانت المظاهرات الصاخبة والعنف في بعض األحيان بمثابة عالمة على اإلقبال المتكرر للبحارة ‪.‬‬
‫خالل أحد اإلضرابات في نيويورك‪ ،‬والذي‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪29‬‬
‫دوالرا في األسبوع‪ ،‬حدث الكثير من‬
‫ً‬ ‫طالب فيه البحارة بزيادة األجور من ‪10‬دوالرات إلى ‪14‬‬
‫أخيرا بتفريق موكب من المضربين ‪.‬وفي مرة أخرى حاول‬ ‫ً‬ ‫االضطرابات لدرجة أن رجال الشرطة قاموا‬
‫البحارة الصعود على متن سفينة أثار مالكها غضبهم بشكل خاص ‪.‬بعد أن علمت مجموعة من‬
‫المواطنين بالهجوم المخطط له‪ ،‬تولت الدفاع عن السفينة وعندما تحرك المضربون خلف الطبلة وفرقة‬
‫الناي‪ ،‬مع تطاير األلوان‪" ،‬تم صدهم ثالث مرات‪ ،‬بأنوف مكسورة ودامية ‪".‬لم يكن البحارة منظمين‬
‫وكانوا مزعجين بشكل خاص ‪.‬لم يوافق الحرفيون والميكانيكيون على التكتيكات التي شعروا أنها غير‬
‫مناسبة للحرفيين المهرة‪.‬‬

‫كان نمو مجتمعات العمال المهرة ونشاطهم النضالي من األمور المثيرة للقلق المتزايد ألصحاب‬
‫العمل ‪ .‬وسرعان ما بدأوا بدورهم في التعاون لمنع المطالبات بزيادة األجور ومكافحة المحل المغلق ‪.‬في‬
‫حين أن العمال المهرة نظموا أنفسهم دفاعًا عن النف س حيث قوضت الظروف االقتصادية المتغيرة‬
‫وضعهم المستقل السابق‪ ،‬فقد وجد السادة أنفسهم أيضًا تحت ضغط شديد للحفاظ على موقعهم في‬
‫مجتمع رأسمالي تنافسي بشكل متزايد ‪.‬وعندما لم يتمكنوا من مواجهة التحدي المتمثل في الموظفين‬
‫المنظمين على أرضهم‪ ،‬طلبوا الحماية من المحاكم وهاجموا مجتمعات العمال المياومين باعتبارها‬
‫مجموعات أو مؤامرات لتقييد التجارة‪.‬‬
‫كانت أولى هذه اإلجراءات هي محاكمة رجال رحلة كوردواينرز في فيالدلفيا في عام ‪1806.‬نشأت‬
‫هذه القضية نتيجة إحدى اإلضرابات المتكررة للمطالبة بزيادة األجور من جانب صانعي األحذية‬
‫العدوانيين‪ ،‬وأثبت قاضي المحاكمة أنه مؤيد متعاطف مع أصحاب العمل ‪.‬في مهمته أمام هيئة‬
‫المحلفين‪ ،‬وصف اإلضراب بأنه "حامل لألذى العام واإلصابة الخاصة"‪ ،‬ولم يترك للرجلين االثني‬
‫عشر الطيبين سوى القليل من االختيار فيما يتعلق بالحكم الذي كان يتوقع منهم تقديمه‪.‬‬
‫وأعلن أن "مجموعة من العمال لرفع أجورهم‪ ،‬يجب النظر إليها من وجهة نظر ذات شقين؛ أحدهما‬
‫هو أن ينفعوا أنفسهم ‪. . .‬واآلخر هو إيذاء أولئك الذين ال ينضمون إلى مجتمعهم ‪.‬وسيادة القانون تدين‬
‫كليهما ‪ . . . ".‬تم العثور على أسباب مثل هذا القرار في مبدأ القانون العام القديم الذي ينص على أنه‬
‫عندما يتآمر شخصان أكثر للقيام بشيء ما بشكل مشترك‪ ،‬على الرغم من أنه يحق لهما بشكل فردي‬
‫اتخاذ مثل هذا اإلجراء‪ ،‬فإن المصلحة العامة تكون في خطر‬
‫‪30‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ .‬وبينما يبدو أن تطبيقه على المنظمات العمالية التي ال تسعى إال إلى زيادة األجور قد أثار بعض‬
‫الشكوك حتى في ذهن القاضي نفسه‪ ،‬إال أنه سرعان ما نحى هذه الشكوك جانبا ً ‪.‬وقال« ‪:‬إذا كانت‬
‫القاعدة واضحة فالبد أن نلتزم بها‪ ،‬رغم أننا ال ندرك المبدأ الذي تقوم عليه ‪.‬ولسنا هنا لنرفضها ألننا ال‬
‫نرى سببها" ‪.‬‬
‫بعد أربع سنوات‪ ،‬تم اتهام منظمة ‪Journeymen Cordwainers‬في نيويورك‪ ،‬ثم في عام‬
‫‪ 1815‬منظمة أخرى لصانعي األحذية في بيتسبرغ‪ ،‬بتهم مماثلة تتعلق بالتآمر اإلجرامي ‪.‬وفي كلتا‬
‫المناسبتين حكمت المحكمة مرة أخرى لصالح أصحاب العمل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تحول التركيز إلى حد ما‬
‫من اإلدانة الصريحة ألي مزيج من أجل زيادة األجور ‪.‬لم ينكر قاضي نيويورك كليًا حق العمال في‬
‫التنظيم لتحقيق هذا الغرض‪ ،‬لكنه أعلن أن الوسائل التي كانوا يستخدمونها "كانت ذات طبيعة تعسفية‬
‫وقسرية للغاية‪ ،‬وذهبت إلى حرمان مواطنيهم من حقوق ثمينة ‪".‬مثل أي يخدعون ‪.‬وفي قضية‬
‫بيتسبرغ تم التأكيد على نقطة أخرى ‪.‬وقيل إن مجموعة من العمال الذين يحاولون فرض مطالبهم من‬
‫خالل إجراءات منسقة ضد صاحب العمل هي مؤامرة غير قانونية ليس فقط بسبب تأثيرها الضار على‬
‫صاحب العمل‪ ،‬ولكن ألنها تضر بمصالح المجتمع ‪.‬رفض القاضي في هذه الحالة مسألة ما إذا كان‬
‫العمال المياومون أو أرباب العمل هم الظالمين باعتباره غير ذي صلة وأدان مجتمع األول ألنه يميل إلى‬
‫"خلق االحتكار أو تقييد حرية التجارة بأكملها‪".‬‬
‫أثارت قضايا المؤامرة هذه استيا ًء واسع النطاق بين العمال ‪.‬وتساءلوا ‪:‬هل يُسمح بجميع التجمعات‬
‫األخرى‪ ،‬بين التجار‪ ،‬بين السياسيين‪ ،‬بين الرياضيين‪ ،‬بين "السيدات والسادة في الحفالت والمآدب"‪،‬‬
‫وهل سيتم توجيه االتهام فقط إلى العمال الفقراء الذين يتحدون ضد المجاعة؟‬
‫"إن اسم الحرية ليس سوى ظل‪" ،‬هذا ما جاء في إحدى النداءات الموجهة إلى الجمهور‪" ،‬إذا كان‬
‫علينا‪ ،‬من أجل القيام بما تسمح به قوانين البالد‪ ،‬أن يكون لدينا مشرفون على قياس مستوى عيشنا‬
‫الزهيد ‪ -‬إذا أردنا أن نكون توم من مواقدنا لمحاولتنا الحصول على دعم عادل وعادل لعائالتنا‪ ،‬وإذا‬
‫أردنا معاملتنا كمجرمين وقتلة فقط لتأكيد حقنا في أخذ أو رفض ما نعتبره مكافأة مناسبة لعملنا‪.‬‬
‫تم إصابة هذه القضية في السياسات المحلية ‪.‬الفيدراليون والجيفرسونيون‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪81‬‬
‫كان الجمهوريون في ذلك الوقت منخرطين في جدل مرير حول االستخدام العام للقانون العام اإلنجليزي‬
‫في الواليات المتحدة‪ ،‬واعتبر األخيرون تطبيق ما أسموه مبادئه غير الديمقراطية على النقابات‬
‫العمالية تحد ًيا لقضية الحرية برمتها ‪.‬أعلن الجمهوريون أن الحق في تكوين الجمعيات ال يمكن فصله‬
‫عن الحقوق األساسية األخرى‪ ،‬وتبنوا بحماس قضية العمال‪.‬‬
‫‪.‬هل من الممكن أن نصدق‪" ،‬في مقال افتتاحي في فيالدلفيا أورورا‪ ،‬الصحيفة الجيفرسونية‬
‫الرائدة‪ ،‬في عام ‪" ،1806‬في نفس الوقت الذي كانت فيه حالة الزنوج على وشك التحسن‪ ،‬كانت هناك‬
‫محاوالت لتحويل البيض إلى العبودية؟ هل يوجد أي شيء في دستور الواليات المتحدة أو في دستور‬
‫بنسلفانيا يمنح رجالً الحق في أن يقول آلخر ما هو سعر العمل؟ لم يكن هناك أي شيء‪ ،‬بل بموجب‬
‫القانون العام اإلنجليزي أصبحت مثل هذه األشياء ممكنة" ‪.‬‬
‫كان من المقرر أن يستمر الجدل لسنوات عديدة قادمة‪ ،‬لكن القرارات ضد العمال ظلت قائمة ‪.‬ولم‬
‫يوقفوا المزيد من تنظيم الجمعيات العمالية ولم يمنعوا بشكل كامل استخدام اإلضرابات والمقاطعات ‪.‬‬
‫ولكن عندما لجأ أصحاب العمل إلى المحاكم‪ ،‬تعرض العمال لضغوط شديدة للدفاع عن أنفسهم ضد تهم‬
‫التآمر‪.‬‬

‫إذا كانت هذه الحاالت بمثابة الضربة األولى للحركة المبكرة للتنظيم العمالي ‪ ،‬فإن النقابات الجديدة‬
‫سرعان ما واجهت تهديدًا أكثر خطورة لوجودها ‪.‬في عام ‪1819‬عانت البالد من كساد اقتصادي‬
‫خطير ‪.‬ومع تقليص النشاط التجاري وانخفاض الطلب على العمالة تلقائيا ‪ ،‬حتى العمال المهرة وجدوا‬
‫صعوبة متزايدة في الحصول على وظائف ‪.‬ولم يعد بإمكانهم تحمل أجور أعلى أو السعي إلى فرض‬
‫إغالق متجر ‪.‬وكانوا مدفوعين إلى قبول أي وظيفة ت ُعرض عليهم‪ ،‬بغض النظر عن األجور أو ظروف‬
‫العمل ‪.‬في ظل هذه الظروف‪ ،‬لم تتمكن النقابات العمالية الشابة من الحفاظ على عضويتها وسرعان ما‬
‫انهارت ‪ .‬وبينما تمكن بعضهم من البقاء على قيد الحياة‪ ،‬سقطت الغالبية العظمى منهم على جانب‬
‫الطريق مع انتشار الضائقة االقتصادية في جميع أنحاء البالد‪.‬‬
‫وكانت هذه ظاهرة متكررة خالل القرن التاسع عشر ‪.‬ازدهرت النقابات العمالية في فترات االزدهار‬
‫عندما ارتفع الطلب عليها‬
‫‪32‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫أعطى العمال أعضائهم قوة تفاوضية فعالة ‪.‬وتضاءلت كلما أجبر االكتئاب وندرة الوظائف كل إنسان‬
‫على البحث عن مصالحه الخاصة بغض النظر عن مدى تأثير ذلك على مصالح العمال بشكل عام ‪.‬كانت‬
‫المرة األولى التي نجح فيها العمال‪ ،‬ولو جزئياً‪ ،‬في الحفاظ على قوة النقابات خالل األوقات العصيبة‪،‬‬
‫في تسعينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫لكن هذا كان في المستقبل البعيد ‪.‬كانت النقابات المنظمة حديثًا في السنوات األولى من القرن محلية‬
‫للغاية في نطاقها وعديمة الخبرة ‪ ،‬لدرجة أنها لم تكن لديها أي فرصة على اإلطالق لتحمل الغرامة‬
‫عندما استغل أصحاب العمل بقوة كل فرصة لتحطيم جداول األجور وتقويض المتجر المغلق ‪.‬ولكن في‬
‫ما أصبح نمطا ً مألوفاً‪ ،‬أدت عودة الرخاء بعد عام ‪1822‬إلى عودة النقابات ‪.‬إن جمعيات الحرفيين‬
‫والميكانيكيين القليلة التي تمكنت بطريقة أو بأخرى من النجاة من الكساد‪ ،‬أخذت فرصة جديدة للحياة‬
‫مع تعزيز الموقف التفاوضي ألعضائها‪ ،‬وظهرت منظمات جديدة لتحل محل تلك التي استسلمت‪.‬‬
‫لم يتم إحياء مجتمعات العمال المهرة والطابعين وصانعي المالبس والخياطين والنجارين وغيرهم‬
‫من العمال المهرة فحسب‪ ،‬بل كانت هناك بداية مؤقتة للتنظيم بين عمال المصانع في مصانع النسيج في‬
‫نيو إنجالند ألول مرة ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كانت هذه النقابات الجديدة نشطة بشكل خاص ولم تتردد في‬
‫اللجوء إلى اإلضرابات واإلضرابات لفرض مطالبها ‪.‬تم اإلبالغ عن اإلقبال الناجح على كل من األجور‬
‫المرتفعة وساعات العمل األقصر في الصحف المعاصرة من جانب الخياطين في بوفالو‪ ،‬ونجاري السفن‬
‫في فيالدلفيا‪ ،‬وصانعي الخزائن في بالتيمور‪ ،‬والرسامين المهرة‪ ،‬والخياطين‪ ،‬وقاطعي الحجارة‪ ،‬وحتى‬
‫العمال العاديين في نيويورك ‪. .‬كما أدى تنظيم عمال المطاحن إلى أول إضراب من جانب العامالت‬
‫عندما خرج النساجون في باوتوكيت‪ ،‬رود آيالند‪ ،‬في عام ‪1824.‬وقد نُشر االجتماع الذي اتفقت فيه‬
‫النساء على هذا اإلجراء في الجريدة الوطنية" ‪:‬لقد كان تم إجراؤها‪ ،‬مهما بدا األمر غري ًبا‪ ،‬دون‬
‫ضجيج‪ ،‬أو بالكاد خطاب واحد‪.‬‬
‫واألكثر أهمية من إحياء هذه المجتمعات العمالية المحلية ونضالها هو اتخاذ خطوة أخرى في تنظيم‬
‫العمل‪ ،‬متجاوزة الخطوط الحرفية المحدودة ‪.‬في عام ‪1827‬تم تأسيس اتحاد الميكانيكيين للجمعيات‬
‫التجارية في فيالدلفيا ‪.‬وفي مصطلحات اليوم‪ ،‬كان هذا يعني باألحرى اتحاد النقابات‪ ،‬أو مدينة‬
‫مركزية ‪.‬لقد كانت أول منظمة عمالية في البالد تجمع عمال أكثر من حرفة واحدة‪ ،‬وكان من المفترض‬
‫أن تجعل‬
‫‪The First Unions‬‬ ‫‪33‬‬
‫العمل المتضافر ممكنًا من جانب العمال في فيالدلفيا على مستوى المدينة‪.‬‬
‫نشأت هذه الجمعية الجديدة من إضراب النجارين الذين كانوا يطالبون بيوم عمل مدته عشر ساعات‬
‫وحصلوا على دعم أعضاء آخرين في مهن البناء مثل البنائين والرسامين والزجاج ‪.‬فشل اإلضراب‪،‬‬
‫طلب من جميع الجمعيات العمالية‬ ‫لكن الخبرة في العمل معًا أدت إلى الدعوة إلى تنظيم أكثر استدامة ‪ُ .‬‬
‫طلب من الحرف التي ليس لديها نقابات أن تنظم نفسها على الفور‬ ‫القائمة االنضمام إلى الجمعية‪ ،‬و ُ‬
‫وترسل مندوبين‪.‬‬
‫لم تكن نقابة الميكانيكيين مهتمة في المقام األول بأهداف محدودة مثل زيادة األجور وساعات العمل‬
‫األقصر على الرغم من أنها نشأت من إضراب لمدة عشر ساعات في اليوم ‪.‬تم إدخال مالحظة جديدة‬
‫على نشاط الجمعيات العمالية من خالل إثارة قضية المساواة الواسعة للمنتجين بشكل عام ‪.‬أثارت‬
‫التغييرات التي أحدثها النظام االقتصادي الجديد قلقًا متزايدًا بين العمال بشأن وضعهم االجتماعي‬
‫واالقتصادي ‪ .‬سعى قادة العمال في فيالدلفيا إلى إيجاد بعض الوسائل للحفاظ على وضع العمال في‬
‫مواجهة ما بدا وكأنه خطوط طبقية متطورة حديثًا ‪.‬ولم يفكروا في أنفسهم كأجراء مناهضين ألصحاب‬
‫العمل‪ ،‬بل كأعضاء في "الطبقات اإلنتاجية والميكانيكية "التي كان هدفها تعزيز رخاء ورفاهية‬
‫المجتمع بأكمله‪.‬‬
‫" إذا تم تمكين جماهير الناس من خالل عملهم من أن يحصلوا ألنفسهم وألسرهم على إمدادات‬
‫كاملة وفيرة من وسائل الراحة ووسائل الراحة في الحياة"‪ ،‬كما جاء في ديباجة دستور المنظمة‬
‫الجديدة‪ ،‬فإن " استهالك السلع‪ ،‬وخاصة المساكن واألثاث والمالبس‪ ،‬سيصل إلى ضعف الكمية الحالية‬
‫على األقل‪ ،‬وبالطبع فإن الطلب‪ ،‬الذي يمكن من خالله أصحاب العمل إما أن يعيشوا أو يتراكموا‪،‬‬
‫سيزداد بالمثل بنسبة متساوية ‪. . . .‬وبالتالي فإن الهدف الحقيقي من هذا االرتباط هو تجنب‪ ،‬إن أمكن‪،‬‬
‫الشرور المدمرة التي ال بد أن تنشأ حتما ً من انخفاض القيمة الجوهرية للعمل البشري ‪. . .‬وللمساعدة‪،‬‬
‫بالتعاون مع المؤسسات األخرى من هذا النوع التي سيتم تشكيلها فيما بعد في جميع أنحاء االتحاد‪ ،‬في‬
‫إقامة توازن عادل للقوى‪ ،‬العقلية واألخالقية والسياسية والعلمية‪ ،‬بين جميع الطبقات واألفراد‬
‫المختلفين الذين يشكلون المجتمع في كبير"‪.‬‬
‫وكانت مثل هذه األهداف‪ ،‬التي تقترح بالفعل نظرية القوة الشرائية كحجة لرفع األجور‪ ،‬لها آثار‬
‫سياسية محددة ‪.‬في الواقع‪ ،‬لم يشارك اتحاد الجمعيات التجارية للميكانيكيين أبدًا في أي عمل مباشر‬
‫‪34‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫النشاط النقابي لكنه تحول على الفور إلى السياسة ‪.‬وناشدت الحرفيين والميكانيكيين في فيالدلفيا أن‬
‫"يتخلصوا من قيود الروح الحزبية‪ ،‬ويتحدوا تحت راية المساواة في الحقوق ‪".‬ودعت إلى تسمية‬
‫مرشحين للمناصب المحلية يمثلون مصالح الطبقات العاملة‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫‪ :III‬أحزاب العمال‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‬
‫هههههههه‬

‫ومن خالل حث أعضائه على تسمية مرشحين للمناصب العامة‪ ،‬فتح اتحاد النقابات التجارية للميكانيكيين‬
‫في فيالدلفيا آفاقًا جديدة للعمال وافتتح ما أصبح حركة سياسية واسعة النطاق ألحزاب العمال ‪.‬‬
‫وسرعان ما انتشرت إلى مدن أخرى في والية بنسلفانيا ‪.‬إلى نيويورك حيث تطور الدعم الشعبي‬
‫الواسع ليس فقط لألحزاب المحلية في مدينة نيويورك نفسها ولكن في العديد من المناطق الواقعة‬
‫شمال الوالية‪ ،‬وفي ماساتشوستس وأجزاء أخرى من نيو إنجالند ‪.‬وفي نهاية المطاف‪ ،‬تم إنشاء‬
‫أحزاب العمال في ما ال يقل عن اثنتي عشرة والية ‪.‬وفي أقصى الغرب مثل أوهايو‪ ،‬وكذلك على طول‬
‫ساحل البحر األطلسي ‪ ،‬قامت مجموعات محلية من المزارعين والحرفيين والميكانيكيين بتسمية‬
‫مرشحيها السياسيين وفي بعض الحاالت انتخبتهم ‪.‬ولفترة وجيزة‪ ،‬كانت هذه األحزاب ذات أهمية‬
‫كبيرة‪ ،‬وفي بعض األحيان كانت تمثل توازنًا فعليًا للقوى بين األحزاب الرئيسية في االنتخابات المحلية‪.‬‬
‫وحدث نمو واسع النطاق للصحف العمالية في أوائل ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬حيث دعم ما ال‬
‫يقل عن ثمان وستين صحيفة من هذه الصحف قضية العمال وحثت على إصالحات العمال ‪.‬حماستهم‬
‫وثقتهم ال تعرف حدودا" ‪.‬من والية ماين إلى جورجيا‪ ،‬في غضون بضعة أشهر مضت‪" ،‬علقت‬
‫صحيفة نيوارك فيليدج كرونيكل في مايو ‪" ،1830‬لقد اكتشفنا أعراض ثورة‪ ،‬والتي لن يكون لها مثيل‬
‫باستثناء ثورة " ‪76".‬في جميع أنحاء الجمهورية الشاسعة‪" ،‬صرح محامي العمال في ألباني بعد‬
‫فترة وجيزة‪" ،‬يجتمع المزارعون والميكانيكيون والعمال ‪...‬لنقل قوانينها وإدارتها مبادئ الحرية‬
‫والمساواة التي تم الكشف عنها في إعالن االستقالل‪".‬‬
‫تعبيرا أوليًا عن قوى الصحوة في الديمقراطية الجاكسونية‪ ،‬والتي كان النشاط‬ ‫ً‬ ‫كانت هذه التطورات‬
‫ودليال آخر على ذلك المطلب بالمواطنة المتساوية الذي تم‬ ‫ً‬ ‫السياسي للعمال يندمج معها تدريجيًا‪،‬‬
‫التعبير عنه ألول مرة في فيالدلفيا ‪.‬البلد‬
‫‪35‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫كان يتوسع بسرعة في هذه السنوات ‪.‬إن انفتاح األراضي الغربية الجديدة‪ ،‬وبناء الطرق السريعة‬
‫والقنوات‪ ،‬والنمو المطرد للصناعات التحويلية‪ ،‬وظهور المدن في كل مكان‪ ،‬خلق روح الثقة‬
‫المزدهرة ‪ .‬إن ما سعى إليه عمال البالد في األساس هو الحق في المشاركة الكاملة في فوائد النمو‬
‫الوطني والتنمية ‪ ،‬وكانوا يشعرون أنه في ظل الظروف التي تطورت في عشرينيات القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬تم حرمانهم من الفرص التي كانوا من حقهم الحصول عليها ‪.‬بعد أن حصلوا حديثًا على السلطة‬
‫السياسية من خالل إزالة مؤهالت ملكية التصويت‪ ،‬كانوا على استعداد للدخول في قبضات اليد لدعم‬
‫مصالحهم الخاصة‪.‬‬
‫مستمرا في التدهور نتيجة للتغيرات التي أحدثها‬
‫ً‬ ‫لم يكن هناك شك في أن الوضع العام للعمل كان‬
‫ظهور الرأسمالية التجارية في اقتصادنا ‪.‬وكانت االنقسامات العادية داخل المجتمع تتعمق ‪.‬رأى النقاد‬
‫المعاصرون من ناحية الجماهير المنتجة‪ ،‬المكونة من العمال الفقراء‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬طبقة‬
‫أرستقراطية ثرية غير منتجة محصنة بامتيازات خاصة ‪.‬وأدت الخدمات المصرفية وغيرها من‬
‫االحتكارات إلى تفاقم هذا االنقسام‪ ،‬ولم تشهد الغالبية العظمى من عمال البالد تحسنا يذكر في الظروف‬
‫التي كانوا يعملون في ظلها على الرغم من توسع التجارة والتبادل التجاري وزيادة ازدهار األمة ككل‪.‬‬
‫وارتفعت األجور ولكن ليس بما يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة ‪.‬بقي اثنتا عشرة وخمس عشرة‬
‫ساعة من العمل اليومي المعتاد ‪.‬خالل فصل الصيف‪ ،‬كان الحرفيون والميكانيكيون يباشرون أعمالهم‬
‫في وقت مبكر من الساعة الرابعة صبا ًحا‪ ،‬ويأخذون إجازة لمدة ساعة لتناول طعام الغداء في العاشرة‬
‫وأخرى لتناول العشاء في الثالثة‪ ،‬ثم ال يتوقفون عن العمل إال مع غروب الشمس ‪.‬وكان يتم الدفع لهم‬
‫في كثير من األحيان بعملة منخفضة القيمة كانت قيمتها تتقلب باستمرار ‪.‬وفي حالة فشل صاحب العمل‬
‫وعدم قدرته على الدفع لهم‪ ،‬لم يكن لديهم أي تعويض‪ ،‬ومع ذلك عندما لم يتمكنوا من الوفاء‬
‫بالتزاماتهم‪ ،‬كانوا عرضة للسجن بسبب الديون‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬شعر العمال أن الحكومة تقف بالكامل إلى جانب الطبقة األرستقراطية وأن‬
‫سياساتها تساعد على إدامة الظروف التي كانت تضغط على وضع جميع العمال ‪.‬ولم يكن لديهم أي ثقة‬
‫في أي من الحزبين الرئيسيين‪ ،‬مهما كانت مزاعم حسن النية‪ ،‬ألن الرجال الذين تم اختيارهم للمناصب‬
‫العامة كانوا دائ ًما يمثلون الطبقة التي كانوا يعتقدون أنها تضطهدهم ‪.‬وحتى اآلن كانوا عاجزين‬
‫سياسيا ً عن فعل أي شيء بشأن تصحيح‬
‫‪The Workingmens Parties‬‬ ‫‪37‬‬
‫توازن القوى الذي رأوا أنه يتأرجح ضدهم بشكل مطرد ‪.‬وأعلنوا‪ ،‬مسلحين بالتصويت‪ ،‬أنهم غير‬
‫راغبين بعد اآلن في قبول السياسات السلبية التي سعت في الحكومة أو المالية أو األعمال إلى االحتفاظ‬
‫بامتياز خاص للقلة المفضلة على حساب األغلبية العظمى‪.‬‬
‫من خالل تشكيل أحزابهم الخاصة‪ ،‬حاول العمال ضمان المشاركة في الحكومة من قبل أعضاء‬
‫طبقتهم –المنتجين –وكانوا مقتنعين بأنهم من خالل القيام بذلك‪ ،‬كانوا يخدمون أفضل مصالح الشعب‬
‫ككل ‪ .‬لقد هاجمت برامج حزبهم بقوة كل حالة من االمتيازات الخاصة‪ ،‬وخاصة االحتكار المصرفي‪،‬‬
‫ولكن في إشارة إلى هدفهم العام المتمثل في تأسيس المواطنة المتساوية‪ ،‬كان مطلبهم األول هو التعليم‬
‫العام المجاني دائ ًما ‪.‬وفي سعيهم لتأمين تمثيل "الناس العاديين "في كل عملية حكومية‪ ،‬أدركوا أن‬
‫تعليم الجماهير كان خطوة أولى نحو الديمقراطية الفعالة ‪.‬وألسباب أكثر تحديدًا‪ ،‬طالب العمال أيضًا‬
‫بإلغاء عقوبة السجن بسبب الديون وقوانين الدجاج الخاصة بالميكانيكا؛ ومراجعة نظام الميليشيات‬
‫الذي كان يثقل كاهل الفقراء؛ واالنتخاب المباشر لجميع الموظفين العموميين؛ مساواة أكبر في‬
‫الضرائب‪ ،‬والفصل التام بين الكنيسة والدولة‪.‬‬
‫وهكذا عكس التحريض السياسي للعمال وتشكيل أحزابهم المحلية روح اإلصالح الليبرالي التي‬
‫كانت في الواقع أوسع بكثير من أي حركة عمالية ‪.‬كان من المفترض أن تصبح ثورة العمال في المدن‬
‫الشرقية مرتبطة بشكل أوثق بثورات المزارعين في المستوطنات الغربية الجديدة في الطفرة الكبيرة‬
‫للديمقراطية التي أدت على المسرح الوطني إلى انتخاب أندرو جاكسون متحدثًا باسم مصالح العمال ‪.‬‬
‫الرجل العادي ‪.‬في حين أن العمال ربما لم يدعموا الديمقراطيين بشكل عام في عام ‪ ،1828‬فال شك أنهم‬
‫تأرجحوا بقوة خلف جاكسون عندما أظهر اهتمامه المتزايد بالقضايا التي طرحوها ‪.‬في شام كان رائدًا‬
‫في قضية "أفراد المجتمع المتواضعين"‪ ،‬شمل بشكل واضح الميكانيكيين والعمال وكذلك المزارعين ‪.‬‬
‫كان للديمقراطية الجاكسونية أساس أوسع من الديمقراطية الجيفرسونية‪ ،‬وكانت مركبة من الروح‬
‫الفردية للتخوم والمساواة بين العمال الشرقيين‪.‬‬
‫كان على األحزاب المحلية التي شكلها العمال أن تصبح منخرطة بشكل ال ينفصم في األنماط‬
‫السياسية المعقدة والمتغيرة في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫ولكن مهما كان مصيرهم النهائي‪ ،‬فإن تأثيرهم في تسريع المطالبة باإلصالح وتعزيز المبادئ التقدمية‬
‫كان مهما ‪ .‬وفي تعليقها على مسار أحد األحزاب العمالية في ماساتشوستس‪ ،‬اتهمت إحدى الصحف‬
‫اليمينية بشكل الذع بأنه ال يوجد تمييز بين "العمالية العمالية والجاكسونية ‪".‬إذا لم يكن هذا صحيحا‬
‫دائما‪ ،‬فإنه كان قريبا بما فيه الكفاية لإلشارة إلى أن االنتصارات التي حققها تقدم الديمقراطية‬
‫الجاكسونية كانت في كثير من الحاالت انتصارات تدين بالكثير لدعم العمال‪.‬‬
‫لقد تم إثبات أهمية القوة السياسية المتنامية للعمال بطرق أخرى ‪.‬في معارضة اعتناق جاكسون‬
‫لقضية الرجل العادي‪ ،‬سعى اليمينيون المنظمون حديثًا لبعض الوقت إلى دعم التقاليد الفيدرالية التي‬
‫تفضل حكومة األغنياء وذوي المولد الجيد ‪.‬وهاجموا بشكل خاص اقتراح "فتح صناديق االقتراع لكل‬
‫رجل يمشي ‪ ".‬ولكن عندما وجدوا أنفسهم غير قادرين على وقف القوة السياسية المتنامية لصغار‬
‫المزارعين والعمال في المناطق الحضرية‪ ،‬بدأوا في تغيير موقفهم ‪.‬مهاجمة جاكسون لتأكيده على‬
‫الفوارق الطبقية ‪-‬كما هاجم المحافظون في وقت الحق فرانك لين د ‪.‬روزفلت ‪ -‬أكدوا أنه ال يوجد مبرر‬
‫لتمييز األرستقراطية والديمقراطية كقوتين متعارضتين في حياتنا الوطنية ‪.‬أعلن أحد المحررين‬
‫اليمينيين أن "هذه العبارات‪ ،‬ذات الرتب العليا والدنيا‪ ،‬هي من أصل أوروبي وليس لها مكان في‬
‫لهجتنا اليانكية ‪".‬ومهما كانت أفكارهم ال تزال محافظة‪ ،‬لم يعد من الممكن سياس ًيا بالنسبة لهم التمسك‬
‫بالمبادئ األرستقراطية‪ ،‬واضطروا إلى االعتراف بحق جميع طبقات المجتمع في المشاركة في‬
‫الحكومة ‪.‬‬
‫بحلول نهاية الفترة الجاكسونية‪ ،‬كانت أحزاب العمال األصلية قد سقطت منذ فترة طويلة على جانب‬
‫الطريق‪ ،‬لكن الجماهير المنتجة في األمة حصلت على االعتراف السياسي الذي كان هدفها األول ‪.‬كان‬
‫كال الحزبين الرئيسيين يسعى باستمرار للحصول على دعم العمال ‪.‬عندما قام محرر مطبعة أوهايو‬
‫الشعبية في عام ‪ ،1836‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬بتحويل والءه السياسي من جاكسون إلى‬
‫هاريسون‪ ،‬دعا إلى دعم األخير على نفس األسس التي دعم بها األول في األصل ‪.‬وأكد أن البرنامج‬
‫الذي دعا إليه هاريسون "سيعيد للمزارع والميكانيكي والعامل مكانتهم ونفوذهم المناسب في‬
‫الجمهورية ‪ ".‬إن توسيع حق االنتخاب والوعي السياسي المتزايد للعمال جعل من العمل قوة سياسية‬
‫ألول مرة‪.‬‬
‫‪The Workingmens Parties‬‬ ‫‪55‬‬
‫ومن بين مختلف األحزاب العمالية المحلية‪ ،‬تكشف تجربة الحزب الذي تم تنظيمه في نيويورك في‬
‫الوقت نفسه عن التأثير الذي تمكنت هذه األحزاب من ممارسته مؤقتًا وعن العوامل المعقدة التي أدت‬
‫إلى انهيارها ‪.‬نشأ هذا الحزب من اجتماع لـ "أنا وآخرين "تم استدعاؤه في ‪23‬أبريل ‪1829‬لالحتجاج‬
‫على أي إطالة في يوم العشر ساعات السائد الذي فازت به النقابات العمالية المبكرة في تلك المدينة ‪.‬‬
‫وقرر المندوبون توسيع نطاق نشاطهم‪ ،‬فأرسلوا دعوة لعقد اجتماع أكبر ‪.‬وحضره حوالي ‪6000‬‬
‫شخص وتم اعتماد مجموعة من القرارات التي تتناول المبادئ العامة لحقوق العمال ‪.‬تم بعد ذلك‬
‫تقريرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫تفويض النظر في طرق ووسائل تنفيذ هذا البرنامج إلى لجنة الخمسين‪ ،‬وفي ‪19‬أكتوبر قدمت‬
‫تم توزيع ‪20‬ألف نسخة منه الحقًا‪ ،‬هاجم بشدة النظام االجتماعي القائم ودعا إلى عقد مؤتمر لترشيح‬
‫الحزب ‪.‬للمرشحين السياسيين لمجلس نيويورك من بين أولئك "الذين يعيشون من عملهم الخاص‬
‫وليس غيرهم ‪".‬وبعد أربعة أيام انعقد هذا المؤتمر ‪.‬بعد كل شيء‪ ،‬غير العاملين "مثل المصرفيين‬
‫والسماسرة والرجال األغنياء وما إلى ذلك ‪".‬بعد أن تم تحذيرهم صراحةً بمغادرة القاعة‪ ،‬وافق العمال‬
‫ً‬
‫وبقاال‪.‬‬ ‫على قائمة التجميع التي ضمت طابعة‪ ،‬واثنين من الميكانيكيين‪ ،‬ونجارين‪ ،‬ورسا ًما‪،‬‬
‫ولكن منذ البداية‪ ،‬كان التنافس والمؤامرات حول قيادة حزب العمال الجديد يهدد بتقسيم صفوفه ‪.‬‬
‫وكان من المقرر أن يهيمن عليها العديد من اإلصالحيين ذوي النزعة الفردية العالية الذين ذهبت‬
‫فلسفاتهم وأفكارهم إلى ما هو أبعد من المطالب العملية التي كان العمال أنفسهم مهتمين بها في المقام‬
‫األول ‪ .‬يبرز أربعة من هؤالء األشخاص بشكل خاص بسبب تأثيرهم على حزب العمال في نيويورك‪،‬‬
‫وعلى مسار النشاط السياسي العام للعمال‪.‬‬
‫في مراحله األولى‪ ،‬كان الحزب إلى حد كبير تحت سيطرة توماس سكيدمور‪ ،‬الميكانيكي عن طريق‬
‫التجارة‪ ،‬الذي كان له دور فعال في إقناع العمال بتوسيع برنامجهم كوسيلة "إلكراه مضطهديهم‬
‫األرستقراطيين "على الحفاظ على يوم العمل المكون من عشر ساعات ‪. .‬لقد تلقى تعلي ًما ذاتيًا بالكامل‪،‬‬
‫مناصرا عني ًفا ومتعصبًا لقضية العمال‪ ،‬وقد طور فلسفة زراعية شككت في األساس الكامل‬ ‫ً‬ ‫وكان‬
‫لحقوق الملكية الحالية ‪.‬كان يعتقد أنه بالتخلي عن حقه األصلي والطبيعي في األرض ليصبح حدادًا أو‬
‫حائكًا أو بناء أو أي عامل آخر‪ ،‬يحق لكل إنسان الحصول على ضمان من المجتمع "أن الكدح المعقول‬
‫سيمكنه من العيش بشكل مريح‪".‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫كغيرهم "‪.‬وكان أي نظام يفشل في توفير مثل هذا الضمان االجتماعي مخطئًا بطبيعته في رأيه‪ ،‬وكان‬
‫يأمل في قيادة ثورة العمال لصالح اإلصالحات السياسية األساسية‪.‬‬
‫سيتم عرض آرائه قريبًا في أطروحة رائعة عنوانها بشكل شامل “حقوق اإلنسان في الملكية؛ كونه‬
‫طرحا ً لجعله متساويا ً بين كبار الجيل الحالي ؛ وتوفير نقلها على قدم المساواة إلى كل فرد من كل جيل‬
‫متعاقب‪ ،‬عند الوصول إلى سن النضج ‪.‬اقترح سكيدمور على وجه التحديد أنه يجب إلغاء جميع الديون‬
‫والمطالبات العقارية دفعة واحدة‪ ،‬وبيع أصول المجتمع ككل في مزاد علني مع تمتع كل مواطن بقدرة‬
‫شرائية متساوية ‪ .‬وبعد هذا التقسيم الشيوعي للملكية‪ ،‬سيتم ضمان الحفاظ على المساواة من خالل‬
‫إلغاء كل الميراث‪.‬‬
‫وبدون الفهم الكامل لجميع مضامين هذا البرنامج الراديكالي‪ ،‬سمح أعضاء حزب العمال في‬
‫نيويورك لسكيد مور بصياغة برنامجهم األصلي ‪.‬لقد استند إلى الفرضية الصحيحة الرابعة المتمثلة في‬
‫أن " المجتمع البشري بأكمله‪ ،‬بما في ذلك مجتمعنا وكذلك أي مجتمع آخر‪ ،‬تم بناؤه بشكل خاطئ‬
‫جذريًا"‪ ،‬وأدان الملكية الخاصة لألرض ووراثة الثروة ‪.‬غير أن أحكامه األكثر تحديدا حددت األهداف‬
‫التي كانت أساسية للحركة العمالية في كل مكان ‪.‬وطالبت المنصة بالتثقيف المجتمعي‪ ،‬وإلغاء عقوبة‬
‫السجن بسبب الديون‪ ،‬وقوانين امتياز الميكانيكيين‪ ،‬والقضاء على االحتكارات المرخصة‪.‬‬
‫تأثيرا في حركة العمال في‬
‫ً‬ ‫القائد الثاني‪ ،‬الذي قبل برنامج سكيدمور جزئ ًيا على األقل‪ ،‬لكنه كان أكثر‬
‫هذه السنوات والسنوات الالحقة‪ ،‬كان جورج هنري إيفانز ‪.‬بصفته مطبعًا‪ ،‬أسس "محامي الرجل‬
‫العامل"‪ ،‬ربما أهم مجلة عمالية في هذه السنوات‪ ،‬باعتبارها لسان حال حزب نيويورك‪ ،‬وأصدر دف ًقا‬
‫سا لتأثير سكيدمور‪ ،‬حملت ورقته‬ ‫مستمرا من المقاالت واالفتتاحيات التي تروج لمصالح العمال ‪.‬وانعكا ً‬
‫ً‬
‫شعارا" ‪:‬يحق لجميع األطفال الحصول على تعليم متسا ٍو؛ ويحق لهم الحصول على تعليم‬ ‫ً‬ ‫في البداية‬
‫متسا ٍو ‪".‬جميع البالغين متساوون في الملكية؛ والبشرية جمعاء‪ ،‬في امتيازات متساوية "‪.‬ولكن تم‬
‫تعديل آرائه الحقًا على الرغم من أنه ظل طوال حياته مدافعًا قويًا عن اإلصالحات الزراعية األساسية‪.‬‬
‫وكما لو أن هذه القيادة لم تكن كافية إلدانة حزب العمال في نظر جميع المحافظين‪ ،‬فقد تعرض‬
‫لالنتقاد أكثر بسبب مشاركة مجموعة أخرى من اإلصالحيين الراديكاليين في أنشطته‪:‬‬
‫‪The Workingmen’s Parties‬‬ ‫‪41‬‬
‫روبرت ديل أوين وفرانسيس رايت ‪.‬بعد أن انتقال مؤخ ًرا إلى نيويورك من المجتمع التعاوني في نيو‬
‫هارموني‪ ،‬إنديانا‪ ،‬حيث حاول والد السابق‪ ،‬المصلح اإلنجليزي روبرت أوين‪ ،‬تطبيق برنامجه‬
‫االشتراكي الستبدال نظام المصنع‪ ،‬تمسك هذان االثنان بشكل طبيعي بالفكرة ‪.‬حركة العمال كوسيلة‬
‫لتعزيز نموذجهم الخاص من اإلصالح ‪.‬لقد أسسوا صحيفة‪ ،The Free Enquirer ،‬لنشر أفكارهم‬
‫وسرعان ما قامت بحملة قوية لدعم الحزب الجديد‪.‬‬
‫كان روبرت ديل أوين في الثامنة والعشرين من عمره في ذلك الوقت‪ ،‬وهو شاب قصير ذو عيون‬
‫تأثيرا حقيق ًيا للغاية ‪.‬وعلى الرغم من صوته‬ ‫ً‬ ‫زرقاء وشعر رملي‪ ،‬وقد منحته مثاليته وإخالصه الجاد‬
‫الخشن وإيماءاته الخرقاء‪ ،‬إال أنه كان متحدثًا قويًا في اجتماعات العمال وكان أيضًا كاتبًا غزير اإلنتاج‬
‫ومقتدرا ‪.‬كان يؤمن بشدة بتوزيع أكثر إنصافًا للثروة‪ ،‬وكان يعارض الدين المنظم‪ ،‬ويؤيد قوانين‬ ‫ً‬
‫الطالق األكثر ليبرالية‪ ،‬لكن اهتمامه األساسي كان منصبًا على التعليم العام المجاني ‪.‬لقد شعر بكل‬
‫إخالص أن هذه هي الوسيلة الفعالة الوحيدة لتجديد المجتمع وطور برنام ًجا تعليميًا متق ًنا دعا إلى نظام‬
‫"وصاية الدولة‪".‬‬
‫جميع األطفال‪ ،‬سواء كانوا من األغنياء أو الفقراء‪ ،‬وفقا لهذا المخطط‪ ،‬سيتم إخراجهم من منازلهم‬
‫ووضعهم في المدارس الوطنية حيث سيحصلون على نفس الطعام‪ ،‬ويلبسون نفس المالبس البسيطة‪،‬‬
‫ويدرسون نفس المواد ‪.‬من أجل تعزيز القضية العامة للديمقراطية" ‪.‬هكذا قد يتم طرد الترف‪،‬‬
‫والكبرياء‪ ،‬والجهل من بيننا"‪ ،‬كما جاء في أحد التقارير عن وصاية الدولة؛ "وقد نصبح ما ينبغي أن‬
‫يكون عليه إخواننا المواطنون‪ ،‬أمة من اإلخوة ‪".‬وفي حين أن العمال لم يوافقوا بشكل كامل على هذا‬
‫البرنامج بالذات‪ ،‬فقد ساهم أوين بقدر كبير في أفكارهم التعليمية ‪.‬‬
‫كانت فرانسيس رايت في آن واحد األكثر حماسة‪ ،‬واألكثر حيوية‪ ،‬وفي نظر معاصريه‪ ،‬واألخطر‬
‫بين هؤالء اإلصالحيين المرتبطين بحزب العمال ‪.‬على الرغم من كونها مفكرة حرة ومدافعة صريحة‬
‫عن حقوق المرأة والطالق السهل لدرجة أنها ات ُهمت عمو ًما بالدفاع عن الحب الحر‪ ،‬إال أنها لم تبدو‬
‫وكأنها محرضة متطرفة ‪.‬كانت طويلة‪ ،‬ونحيلة‪ ،‬وشعرها كستنائي مموج‪ ،‬وقد أذهلت تما ًما جمهور‬
‫صدم المحافظون من الوقاحة الجريئة التي أظهرتها األنثى‬ ‫العمال الذي كانت تخاطبه باستمرار ‪.‬لقد ُ‬
‫صدموا من‬ ‫في الظهور على منصة المحاضرات بقدر ما ُ‬
‫‪42‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫آرائها غير التقليدية‪ ،‬لكن القليل ممن سمعوها تتحدث بالفعل كانوا محصنين تما ًما من سحرها" ‪.‬لقد‬
‫كانت بالنسبة لي دائ ًما واحدة من أحلى الذكريات الجميلة"‪ ،‬كتب والت ويتمان‪ ،‬الذي اصطحبه والده‬
‫النجار إلى أحد اجتماعاتها‪ ،‬في السنوات الالحقة" ‪:‬لقد أحببناها جميعًا؛ لقد أحببناها جميعًا؛ لقد كانت‬
‫جميلة جدًا ‪".‬سقطت أمامها ‪:‬بدا أن مظهرها ذاته يفتننا ‪. . .‬رشيقة‪ ،‬مثل الغزالن ‪. . .‬كانت جميلة‬
‫الشكل الجسدي ومواهب الروح‪.‬‬
‫ُولدت فاني رايت في اسكتلندا‪ ،‬ووقعت في وقت مبكر تحت تأثير جيريمي بنثام‪ ،‬وأصبحت حتى‬
‫عندما كانت شابة‪ ،‬البطلة المناضلة لإلصالح‪ ،‬والتي كان عليها أن تظل عليها طوال حياتها ‪.‬عند‬
‫مجيئها ألول مرة إلى هذا البلد‪ ،‬تبنت قضية الزنوج المستعبدين وأنشأت مستعمرة في ناشوبا‪ ،‬تينيسي‪،‬‬
‫حيث حاولت إعداد مجموعات من العبيد‪ ،‬الذين تم شراؤهم على نفقتها الخاصة‪ ،‬من أجل الحرية‬
‫واالستعمار في نهاية المطاف خارج الواليات المتحدة ‪.‬تنص على ‪.‬عندما فشل هذا المشروع‪ ،‬انضمت‬
‫إلى مجتمع نيو هارموني ثم رافقت روبرت ديل أوين إلى نيويورك للتعاون معه في تحرير مجلة‬
‫‪Free Enquirer.‬‬
‫لم تخشى خيبات أملها في ناشوبا ونيو هارموني‪ ،‬ولم يتراجع حماسها لإلصالح بأي حال من‬
‫احتجاجا على عدم المساواة‬‫ً‬ ‫األحوال‪ ،‬تبنت بحماس الحركة العمالية ‪.‬لقد رأت فيه ليس فقط‬
‫مثيال ‪.‬وكتبت في صحيفة‬ ‫ً‬ ‫االجتماعية‪ ،‬بل ثورة أساسية من جانب المضطهدين لم يقدم لها التاريخ‬
‫" ‪Free Enquirer:‬إن ما يميز الحاضر عن كل صراع آخر انخرط فيه الجنس البشري هو أن‬
‫الحاضر هو‪ ،‬بشكل واضح‪ ،‬وبشكل علني ومعترف به‪ ،‬حرب طبقية ‪...‬شعوب األرض الذين يكافحون‬
‫من أجل رمي من ظهورهم الدراجين "المطرودين والمحفزين "الذين لن يعد حقهم المشروع في‬
‫عابرا ؛ إنه العمل الذي ينتفض ضد الكسل‪ ،‬والصناعة ضد‬ ‫ً‬ ‫تجويعهم وإجبارهم على الموت حتى الموت‬
‫المال؛ العدالة ضد القانون وضد االمتيازات‪”.‬‬
‫انتقدت الصحف فاني رايت ‪.‬لقد حاولوا استبعادها باعتبارها "غريبة ذات سمعة سيئة"؛ أطلقوا‬
‫عليها اسم "عاهرة الخيانة الزوجية الحمراء العظيمة ‪".‬ولكن بغض النظر عن اإلساءات التي‬
‫وجهوها إليها‪ ،‬فقد استمرت بال خجل في التعبير عن "مبادئها المثيرة للقلق "في المنابر العامة وفي‬
‫الصحافة‪.‬‬
‫عندما دخل حزب العمال إلى الميدان تحت هذه الرعاية في انتخابات نيويورك عام ‪ ،1829‬بقائمة‬
‫التجار والحرفيين‪ ،‬شعر المحافظون بالحيرة ‪.‬لقد حاولوا في البداية استبعاد أي تهديد محتمل‬
‫لمصالحهم الخاصة‪ ،‬ولكن عندما‬
‫‪The Workingmen’s Parties‬‬ ‫‪43‬‬
‫بدا أن أصوات الطبقات العاملة تتأرجح بشدة خلف الحزب الجديد‪ ،‬فقد استثاروا بشدة ‪.‬احتجت الجريدة‬
‫والمستفسر قائلة« ‪:‬إننا نفهم بدهشة وقلق أن تذكرة الكافر‪ ،‬التي أُطلق عليها خطأ ً «تذكرة العمال»‪،‬‬
‫كثيرا على كل تذكرة جمعية أخرى في المدينة ‪.‬ما هي الحالة التي وصلنا إليها !لقد نهضت بطاقة‬
‫تتقدم ً‬
‫علنية وعلنية في معارضة النظام االجتماعي‪ ،‬في معارضة حقوق الملكية‪ ،‬التي تتقدم على بعضها‬
‫البعض !واألكثر حدة كانت صيحات اإلعالن التجاري في نيويورك « ‪:‬ضائع أمام المجتمع‪ ،‬في األرض‬
‫والسماء‪ ،‬ملحد ويائس‪ ،‬يلبس ويتغذى بالسرقة والتجديف ‪. . .‬هؤالء هم الرسل الذين يحاولون حث‬
‫عدد من الرجال األصحاء في هذه المدينة على اتباع طريقهم‪. . .‬‬
‫وفي النتيجة‪ ،‬ثبت أن هذه المخاوف مبالغ فيها ‪.‬حزب العمال لم يجتاح المدينة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد حصل‬
‫على حوالي ‪6000‬صوت من إجمالي ‪21000‬صوت في االنتخابات‪ ،‬وأرسل أحد مرشحيه‪ ،‬وهو نجار‪،‬‬
‫إلى المجلس" ‪.‬لم تتبع شمس الحرية مسارها الثابت وغير المتغير لمدة نصف قرن عبثًا"‪ ،‬بدأ جورج‬
‫هنري إيفانز افتتاحية حماسية في "محامي الرجل العامل"‪ ،‬وبعد ذلك‪ ،‬أسقط استعارته فجأة‪ ،‬والحظ‬
‫اعتداال أن النتيجة أثبتت "يتجاوز أكثر توقعاتنا تفاؤالً‪ ،‬وهو في صالح قضيتنا‪ ،‬قضية‬
‫ً‬ ‫بشكل أكثر‬
‫الشعب‪".‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن االختالف المتزايد في وجهات نظر قادة الحزب الذين شكلوا أنفسهم‪ ،‬والتمرد من‬
‫جانب أعضاء القاعدة ضد التطرف المتطرف لتوماس سكيدمور‪ ،‬سرعان ما أدى إلى انشقاق داخلي‬
‫ومعارك بين الفصائل ‪.‬وفي اجتماع عُقد في ديسمبر ‪ ،1829‬تم اعتماد قرار ذكر فيه العمال صراحةً‬
‫أنهم "ليس لديهم رغبة أو نية في المساس بحقوق الملكية لألفراد أو الجمهور ‪".‬عندما انتقل روبرت‬
‫ديل أوين بعد ذلك لمحاولة تولي قيادة سكيدمور المرفوضة‪ ،‬ظهرت أيضًا معارضة لبرنامجه لوصاية‬
‫الدولة ‪ .‬وكان العمال على استعداد ألن يجعلوا التعليم من أهم أولويات حزبهم‪ ،‬لكنهم لم يؤيدوا "أي‬
‫محاولة لدس أي رجل‪ ،‬أو مجموعة من الرجال‪ ،‬المذاهب الخاصة بالخيانة الزوجية‪ ،‬أو النزعة‬
‫الزراعية‪ ،‬أو المبادئ الطائفية ‪".‬وأعلنوا أن النظام المدرسي يجب أن يقوم "على خطة تترك لألب‬
‫واألم الحنونة التمتع بمجتمع أبنائهما‪".‬‬
‫كانت عواقب هذه الصراعات الداخلية‪ ،‬والتي روج لها جزئ ًيا السياسيون‬
‫‪44‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الذين يسعون للحصول على دعم العمال لتحقيق أهدافهم الخاصة‪ ،‬انقسا ًما ثالث ًيا في المنظمة األصلية ‪.‬‬
‫قام سكيدمور والقليل من التخفيضات التي يمكنه االحتفاظ بها في الصف بتأسيس حزب العمال‬
‫الزراعيين المباشر ‪.‬كافح فصيل آخر‪ ،‬تم الترويج لمصالحه من قبل جورج هنري إيفانز في محامي‬
‫الرجل العامل والذي كان ال يزال مدعو ًما من قبل أوينيتس وفاني رايت‪ ،‬للحفاظ على الحزب األصلي ‪.‬‬
‫وانفصلت مجموعة ثالثة تحت قيادة جديدة‪ ،‬بدعم من صحيفة إيفنينج جورنال‪ ،‬وهي صحيفة إخبارية‬
‫عمالية أخرى‪ ،‬وأصبحت تعرف باسم حزب أمريكا الشمالية على اسم الفندق الذي عقدت فيه‬
‫اجتماعاتها‪.‬‬
‫بين المجموعتين األخيرتين بشكل خاص كان هناك صراع مرير ومستمر ‪.‬وسرعان ما كانوا‬
‫يؤيدون السياسيين المتنافسين‪ ،‬ويطرحون مخالفات في الميدان‪ ،‬ويقذفون بعضهم البعض بالضرب‬
‫اللفظي من خالل صفحات أجهزتهم الخاصة‪ ،‬ويفضون اجتماعات بعضهم البعض ‪.‬وجد حزب العمال‬
‫األصلي نفسه تحت الهجوم بسبب وجهات النظر المتطرفة ألوين وفاني رايت‪ ،‬ونفى بشكل محموم‬
‫اآلثار المترتبة على هذه االتهامات ‪.‬وأكدت أن "صرخات الخيانة الزوجية والمذهب الزراعي هي‬
‫مجرد فزاعات سياسية‪ ،‬كتلك التي تم إعدادها ساب ًقا لترويع الديمقراطيين في عام ‪1801".‬ات ُهم حزب‬
‫أمريكا الشمالية ببيع منتجاته للسياسيين المحليين‪ ،‬وتمت دعوة العمال إلى تجنب "المتقلبين‬
‫السياسيين‪ ،‬والمتطفلين‪ ،‬وصائدي المكاتب ‪".‬وكانت الوحدة ضرورية إذا أرادوا أن يجعلوا تأثيرهم‬
‫سا " ‪-‬لذا‪ ،‬ال تنير حصان الحرب النبيل بالحمار الوضيع‪".‬‬
‫محسو ً‬
‫وبينما احتدمت المنافسة بين األحزاب في نيويورك‪ ،‬ظهرت أحزاب محلية في مدن مثل ألباني‪،‬‬
‫وتروي‪ ،‬وشينيكتادي‪ ،‬وروتشستر‪ ،‬وسيراكيوز‪ ،‬وأوبورن ‪.‬تم وضع الخطط لعقد مؤتمر الوالية للعمال‬
‫أخيرا‪ ،‬بحضور ثمانية وسبعين مندوبًا‬ ‫ً‬ ‫وتسمية المرشحين لمنصب الحاكم ونائب الحاكم ‪.‬تم استدعاؤه‬
‫من ثالث عشرة مقاطعة‪ ،‬لكن االنقسام في مدينة نيويورك كان كارثيًا عندما حضرت الوفود المتنافسة‬
‫المؤتمر ‪.‬وتولى السياسيون المحترفون زمام األمور ونجحوا في الفوز بأصوات العمال دعما ً لطالب‬
‫منصب ديمقراطي" ‪.‬لقد خان العمال"‪ ،‬صرخ المحامي ‪ ،‬وأعلن أن أتباعه سيرشحون قائمتهم‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫في حالة االرتباك الناتج عن ذلك‪ ،‬وجدت انتخابات عام ‪1830‬ثالثة فصائل من العمال تقدم كل منها‬
‫مرشحيها في انتخابات المدينة وتؤيد المرشحين المنافسين لمنصب الحاكم ‪.‬بدون تماسك أو وحدة‪،‬‬
‫فريسة سهلة للتأثيرات السياسية المهنية والفوضى‪.‬‬
‫‪The JForkingmen s Parties‬‬ ‫‪45‬‬
‫أطباق تاماني هول‪ ،‬تفكك حزب العمال كما تم تشكيله في األصل ‪.‬فاز الديمقراطيون في انتخابات الوالية‬
‫واالنتخابات المحلية‪ ،‬وتم وضع حد ألي تنظيم فعال آخر بين القوى العمالية في نيويورك ‪.‬أصر محامي‬
‫الرجل العامل على أنه ال يوجد شيء يمكن أن يمنع بشكل فعال اإلنجاز النهائي ألهداف حزب العمال‬
‫كتحالف مع أي حزب آخر لغرض مؤقت يتمثل في انتخاب رجال معينين ‪.‬لكن أصوات العمال كانت قد‬
‫انتقلت بالفعل إلى تاماني‪.‬‬

‫إذا كانت تجربة الحرفيين والميكانيكيين في نيويورك في محاولة إنشاء منظمة سياسية مستقلة‬
‫قصيرة األجل‪ ،‬فيمكن رواية نفس القصة إلى حد كبير عن أنشطة األحزاب العمالية األخرى ‪.‬وفي كثير‬
‫من الحاالت‪ ،‬وخاصة في بنسلفانيا وماسا تشوسيتس‪ ،‬نجحوا لبعض الوقت في مواءمة أصوات العمال‬
‫خلف مرشحيهم وممارسة تأثير مهم وحاسم في بعض األحيان في السياسة المحلية ‪.‬ولكن كما حدث‬
‫في نيويورك‪ ،‬أدت االحتكاكات الداخلية والضغوط الخارجية إلى الشقاق الحزبي واالنشقاق التدريجي ‪.‬‬
‫سعى القادة الذين شكلوا أنفسهم إلى تعزيز حلول اإلصالح الفردية الخاصة بهم‪ ،‬والتي‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في البرامج التي روج لها سكيدمور وإيفانز وأوين وفاني رايت‪ ،‬كانت غال ًبا ما تتعارض مع المصالح‬
‫الحقيقية للعمال ‪.‬وعندما تمت اإلطاحة باإلصالحيين‪ ،‬سارع السياسيون إلى التحرك لتولي السيطرة‬
‫ومحاولة تأرجح أصوات العمال لصالح واحد أو آخر من األحزاب الرئيسية‪.‬‬
‫في ماساتشوستس‪ ،‬جرت محاولة لتحقيق تنظيم سياسي أوسع للعمال في عام ‪1832‬من خالل‬
‫تشكيل جمعية نيو إنجالند للمزارعين والميكانيكيين والعمال ‪.‬ألهمت النجاحات التي حققتها هذه‬
‫المجموعة في االنتخابات المحلية ترشيح حاكم‪ ،‬ولكن سرعان ما انخرطت الجمعية بعمق في‬
‫الصراعات السياسية الكبرى في ذلك الوقت مع مرشحها لمنصب حاكم الوالية الذي حث الطبقة العاملة‬
‫على التجمع لدعم الديمقراطيين‪.‬‬
‫وعلى الرغم من فشل أحزاب العمال نفسها‪ ،‬إال أن القبول الواسع للعديد من المبادئ التي دافعوا‬
‫عنها كان بمثابة المراحل النهائية من اندماجهم مع القوى األكبر للديمقراطية الجاكسونية ‪.‬وقد تأثر‬
‫كال الحزبين الرئيسيين إلى حد كبير‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬بالسلطة السياسية الجديدة للعمال ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان‬
‫الديمقراطيون‪ ،‬وليس حزب اليمين‪ ،‬هم الذين دعموا أهداف حزب العمال بشكل مباشر ‪.‬متى‬
‫‪46‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫شن جاكسون حربه ضد بنك الواليات المتحدة‪ ،‬وهاجم بقوة االحتكار واالمتيازات الخاصة على عشرات‬
‫الجبهات‪ ،‬ومن الطبيعي أن يتجمع خلفه الحرفيون والميكانيكيون والعمال‪ .‬إذا لم يكن تصويت العمال‬
‫لصالح حزب واحد بالكامل ‪-‬وهو ما لم يحدث أبدًا ‪-‬فقد سارع العمال عمو ًما إلى دعم جاكسون في عام‬
‫عدوا لالحتكار وصديقًا للشعب‪.‬‬
‫‪1832‬باعتباره ً‬
‫تحذيرا بعبارات كان من المقرر أن تتكرر بعد قرن من الزمان في فترة أخرى‬
‫ً‬ ‫وقد وجه المحافظون‬
‫وجدت انقسامات طبقية ملحوظة في االنتخابات الرئاسية ‪.‬قال أحد أصحاب المصانع لموظفيه ‪:‬‬
‫"انتخبوا جاكسون ‪ ،‬وسوف ينمو العشب في شوارعكم‪ ،‬وسوف تبني البوم أعشاشها في المطاحن‪،‬‬
‫وتحفر الثعالب جحورها في الطرق السريعة ‪".‬ولكن العمال خرجوا رغم ذلك للمساعدة في إعادته إلى‬
‫منصبه ‪.‬وفي نيويورك ساروا إلى صناديق االقتراع وهم يغنون‪:‬‬

‫يجب على الميكانيكيين‪ ،‬وسائقي العربات‪ ،‬والعمال أن يشكلوا عالقة وثيقة‪،‬‬


‫ويظهروا األرستقراطيين األثرياء‪،‬‬
‫صالحياتهم في هذه االنتخابات‪. . . .‬‬

‫يانكي دودل‪ ،‬دخنهم‪ ،‬الفصيل المصرفي الفخور‬


‫ال أحد سوى أمثال هارتفورد الفيدراليين‬
‫يعارضون الفقراء وجاكسون‪.‬‬

‫ولكن التقلبات والمنعطفات التي شهدتها السياسة في ثالثينيات القرن التاسع عشر تمثل شيئاً‪،‬‬
‫والنمو المضطرد للمبادئ التقدمية واإلنجاز العملي لإلصالحات التي سعى إليها العمال أمر آخر ‪.‬ومع‬
‫تزايد الدعم الشعبي لألهداف األصلية لألحزاب العمالية ‪ ،‬وتبنتها العناصر الليبرالية في المجتمع ككل‪،‬‬
‫تم إحراز تقدم مطرد في تلبية المطالب التي اندلعت ألول مرة على عناوين العمل ‪.‬يضعط‪.‬‬
‫وكانت الحالة األولى في هذا الصدد هي إصالح التعليم ‪.‬على رأس العمود االفتتاحي في كل صحيفة‬
‫عمالية تقريبًا‪ ،‬تم وضع المطلب الذي ظهر بشكل بارز في حملة حزب نيويورك ‪:‬التعليم الشامل‬
‫المتساوي ‪.‬في هذا الوقت‪ ،‬لم‬
‫‪The Workingmen's Parlies‬‬ ‫‪47‬‬
‫يكن هناك سوى اهتمام غامض باحتياجات األطفال الذين لم يكن آباؤهم قادرين على تحمل تكاليف‬
‫المؤسسات الخاصة ‪ .‬كانت نيو إنجالند متقدمة على بقية البالد في وجود مدارس مدعومة بالضرائب‪،‬‬
‫ولكن حتى في الواليات الغنية والمكتظة بالسكان مثل نيويورك ونيوجيرسي وبنسلفانيا وديالوير‬
‫(ناهيك عن الواليات الجديدة في الغرب أو الواليات الخلفية )في الجنوب)‪ ،‬كان التدبير الوحيد ألطفال‬
‫العمال وغيرهم من األسر الفقيرة هو المدرسة الخيرية ‪-‬غير كافية‪ ،‬وفعالة ومهينة اجتماعيا ‪.‬ذكرت‬
‫جمعية المدارس العامة‪ ،‬في عام ‪ ،1829‬أن هناك أكثر من ‪24000‬طفل تتراوح أعمارهم بين الخامسة‬
‫والخامسة عشرة في نيويورك لم يتلقوا أي تعليم على اإلطالق‪ ،‬أو تقريبًا نفس العدد المسجلين في‬
‫جميع المدارس الخيرية والخاصة ‪.‬وبعد بضع سنوات‪ ،‬أعلن تقرير أكثر شموالً في والية بنسلفانيا أن‬
‫‪250‬ألف طفل من أصل ‪400‬ألف طفل في تلك الوالية لم يذهبوا إلى المدرسة ‪.‬بالنسبة للبلد ككل‪،‬‬
‫تشير التقديرات اإلجمالية إلى أن العدد اإلجمالي يزيد عن مليون شخص‪ ،‬مع مقياس مماثل لألمية‬
‫الكاملة‪.‬‬
‫استاء العمال أيضًا من عدم توفر فرص التعليم كما تعكس هذه األرقام‪ ،‬ومن الكراهية المرتبطة‬
‫بهذه المدارس العامة ألنها كانت مؤسسات خيرية ‪.‬ودون الذهاب إلى أبعد من ذلك لقبول جميع مذاهب‬
‫روبرت ديل أوين وفرانسيس رايت‪ ،‬فقد اتفقوا معهم عالم ًيا في اإلصرار على أهمية التعليم الجمهوري‬
‫المجاني الذي سيكون متا ًحا على أساس المساواة الكاملة ألطفال األغنياء والفقراء على حد سواء ‪. .‬‬
‫لقد بنى العمال موقفهم على فلسفة الحقوق المتساوية المتأصلة في إعالن االستقالل‪ ،‬وعززوها بحجة‬
‫ال تقبل الجدل مفادها أنه كمواطنين في المستقبل‪ ،‬من الضروري أن يحصل جميع األطفال على التعليم‬
‫الذي يمكنهم من التصويت الفكري بلطف‪ .‬لم يسبق ألي شعب أن كان لديه إيمان أكبر بالتعليم ــ‬
‫"أعظم نعمة أنعمت على البشرية "ــ من هذا الجيل من األميركيين ‪.‬ولم يكن من الممكن أن يكون‬
‫العمال أكثر تصميما ً على المطالبة به من أجل أطفالهم كحق من حقوقهم األخالقية‪. .‬‬
‫"يبدو بالتالي للجان‪" ،‬كما قرأ تقرير نموذجي لمجموعة من العمال في فيالدلفيا‪" ،‬أنه ال يمكن أن‬
‫تكون هناك حرية دون نشر واسع للذكاء الحقيقي؛ وأن أعضاء الجمهورية‪ ،‬يجب أن يتعلموا جميعًا‬
‫على حد سواء طبيعة وطبيعة حقوقهم وواجباتهم المتساوية‪ ،‬كبشر وكمواطنين "‪...‬كما قيل في هذا‬
‫مبكرا‬
‫ً‬ ‫التقرير إن وجود نظام فعال للمدارس العامة هو وحده الذي يمكن أن يمنع األطفال من التعرض‬
‫للتأثيرات الضارة‬
‫‪48‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫وفيرا للمجدلينات واإلصالحيات "أو تقع ضحية لإلدمان على الكحول‬‫ً‬ ‫‪.‬المجتمع وبالتالي "تنتج حصادًا‬
‫" ‪-‬ذلك الذي يهاجم السالم الخاص والفضيلة العامة ‪".‬ومع ذلك‪ ،‬كان التركيز الرئيسي دائ ًما على‬
‫أهمية التعليم باعتباره األساس الحقيقي ألشكال الحكم الديمقراطية التي تجسدها أمريكا" ‪.‬نظام يجب‬
‫أن يوحد تحت سقف واحد أبناء الرجل الفقير واألغني‪ ،‬ورعاية األرملة واأليتام‪" ،‬كان هذا هو الطلب‬
‫الذي طرحه حزب العمال المعاد تنظيمه في نيويورك في عام ‪" ،1829‬حيث الطريق إلى التمييز "يجب‬
‫أن تكون الصناعة والفضيلة واالكتساب متفوقة‪ ،‬دون الرجوع إلى النسب‪.‬‬
‫اختلفت اآلراء حول نوع التعليم الذي ينبغي تقديمه ‪ ،‬ولكن تم التركيز في معظم الحاالت على أهمية‬
‫التدريب العملي وكذلك الفنون الليبرالية ‪.‬وقد تم حث المؤسسات العامة في تقرير آخر لعمال فيالدلفيا‬
‫على أنها " يجب أن تكون في موقع يسمح لها بالسيطرة على الصحة‪ ،‬وممارسة مختلف الفنون‬
‫الميكانيكية‪ ،‬أو الزراعة‪ ،‬وفي نفس الوقت [أن ]معرفة العلوم الطبيعية‪ ،‬وغيرها من العلوم ‪".‬يتم‬
‫تدريس األدب المفيد ‪".‬‬
‫حظيت الحملة التثقيفية بالطبع بخالف دعم الطبقة العاملة ‪.‬لقد تم تناولها من قبل العديد من‬
‫اإلصالحيين وحظيت باهتمام أوسع تدريجيا ً ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬عارضه المحافظون لفترة طويلة‪،‬‬
‫الذين شعروا بأن مزايا التعليم المدرسي يجب أن تكون مقيدة بشدة‪ ،‬وأنه من غير المبرر على اإلطالق‬
‫فرض ضرائب على األغنياء مقابل تعليم الفقراء ‪.‬وأعلنت الجريدة الوطنية أن "التعليم الشامل‬
‫المتساوي أمر مستحيل‪ ،‬إذا أردنا محاكمة المهن والمصانع والعمل اليدوي بنجاح‪ ،‬ما لم يتم تخفيض‬
‫وتضييق مستوى التعليم إلى حد كبير‪".‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فقد شنت هذه الحملة بقوة من أجل الجمهورية المتساوية ‪ ،‬وبدأ التعليم العلمي والعملي‬
‫يؤتي ثماره ‪ .‬أخذت المجالس التشريعية في الواليات هذه القضية في االعتبار بشكل أكثر جدية من أي‬
‫وقت مضى‪ ،‬وتم اعتماد قوانين جديدة تدريجياً‪ ،‬حيث سمحت أوالً للمجتمعات المحلية بفرض الضرائب‬
‫على التعليم العام‪ ،‬ثم إلزامها بفرض الضرائب على التعليم العام ‪.‬ولعل التحول جاء عندما تبنت والية‬
‫بنسلفانيا‪ ،‬حيث كان العمال نشطين للغاية‪ ،‬أخيرا نظاما مجانيا مدعوما بالضرائب في عام ‪1834.‬وكان‬
‫مشروع القانون الذي يجسد هذا البرنامج قد أخطأ بفارق ضئيل ‪.‬وفي استجابة لعريضة احتجاجية‬
‫حصلت على ‪32‬ألف توقيع‪ ،‬حاول مجلس الشيوخ استبدال بند "بتعليم الفقراء مجانًا ‪".‬لكن مبدأ نظام‬
‫المدارس العامة المجاني للجميع على أساس المساواة هو الذي انتصر‪.‬‬
‫‪The Workingmen’s Parties‬‬ ‫‪49‬‬
‫وانضمت الواليات األخرى إلى الصف‪ ،‬وتم تحقيق النصر الذي ناضل العمال من أجله لفترة طويلة في‬
‫النهاية‪.‬‬
‫القضية األخرى التي ناضل العمال من أجلها ببسالة وبنجاح خالل هذه الفترة كانت إلغاء عقوبة‬
‫السجن بسبب الديون ‪ .‬كانت الممارسة القديمة المتمثلة في إلقاء رجل في السجن عندما ال يتمكن من‬
‫الوفاء بالتزاماته المالية ال تزال ذات تأثير عالمي تقري ًبا في عشرينيات القرن التاسع عشر ‪.‬وقد قدرت‬
‫جمعية االنضباط في سجون بوسطن‪ ،‬في نهاية العقد‪ ،‬أن حوالي ‪75‬ألف شخص كانوا يُسجنون سنويًا‬
‫دوالرا ‪.‬في إحدى‬
‫ً‬ ‫بسبب الديون‪ ،‬وأن المبالغ المتضمنة في نصف الحاالت على األقل كانت أقل من ‪25‬‬
‫الحاالت‪ ،‬تم أخذ امرأة من منزلها ورعاية طفليها مقابل دين قدره ‪3.60‬دوالر‪ ،‬وفي حالة أخرى تم‬
‫إلقاء رجل في السجن بسبب دين قدره ‪5‬دوالرات مستحقة على البقال‪ ،‬على الرغم من أنه تم التعاقد‬
‫صا في سجن واحد بسبب ديون‬ ‫عليه بينما كان المدين كان مريضا ‪.‬تم العثور على اثنين وثالثين شخ ً‬
‫تقل في كل حالة عن دوالر واحد‪.‬‬
‫من الواضح أن هذا النظام كان يتحمل العبء األكبر على الفقراء وكان ظلمه يثير غض ًبا عميقًا ‪.‬‬
‫وأعلن أحد المرشحين السياسيين من العمال أن "القانون الذي يجعل الفقر جريمة‪ ،‬والرجل الفقير‬
‫مجرماً‪ ،‬بعد أن جعلت هذه القوانين ذاتها الفقر أمرا ً ال مفر منه‪ ،‬ليس قاسيا ً وقمعيا ً فحسب‪ ،‬بل إنه‬
‫سخيف ومثير لالشمئزاز ‪".‬ومما زاد من مآسي الوضع أن سجون المدينين كانت مكتظة وغير صحية‬
‫بشكل صادم‪ ،‬ولم يكن هناك في كثير من األحيان أي مخصصات إلطعام السجناء‪ ،‬الذين ظلوا يعتمدون‬
‫بشكل كامل على األعمال الخيرية الخاصة ‪.‬ففي نيوجيرسي‪ ،‬وفقا ألحد التقارير‪ ،‬كان هناك «طعام‬
‫وفراش ووقود »للمجرمين‪ ،‬ولكن للمدينين فقط «جدران وقضبان ومسامير‪».‬‬
‫لقد طال انتظار اإلصالح‪ ،‬لكنه أثار معارضة مجتمع األعمال ‪.‬حتى جون كوينسي آدامز شعر بأنه‬
‫مضطر إلى اإلشارة إلى ما اعتبره اآلثار الخطيرة المترتبة على التخلص من سجن الديون على أمن‬
‫الممتلكات وقدسية العقود ‪.‬وقد شعر التجار والمحامون بأن هذه االعتبارات أكثر أهمية مما أعلنه‬
‫الرئيس جاكسون عن العدالة المتمثلة في ممارسة مثل هذه "القوة الساحقة على سوء الحظ والفقر‪".‬‬
‫أدت حملة العمال في البداية إلى إقرار قوانين تمكن المدين الفقير من الحصول على إطالق سراحه‬
‫عن طريق أداء يمين اإلفالس‪ ،‬ثم إلى فرض قيود على المبالغ التي يمكن أن يُسجن بسببها ‪.‬ولكن‬
‫سرعان ما اضطرت الواليات الواحدة تلو األخرى إلى قبول المنطق الذي ال مفر منه المتمثل في إلغاء‬
‫النظام بالكامل ‪.‬اتخذت والية أوهايو هذه الخطوة في عام ‪،1828‬‬
‫‪50‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫وشهد العقد التالي مثالها تليها نيويورك ونيوجيرسي وكونيتيكت وفيرجينيا والواليات األخرى ‪.‬وال‬
‫واضحا بحلول‬
‫ً‬ ‫بشيرا‬
‫ً‬ ‫تزال هذه الممارسة مستمرة في بعض أجزاء البالد‪ ،‬ولكن اختفائها التام كان‬
‫نهاية ثالثينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫كان الهجوم على نظام الميليشيات‪ ،‬والذي روجت له أحزاب العمال إلى حد كبير‪ ،‬ناج ًحا أيضًا ‪.‬في‬
‫معظم الواليات‪ ،‬كان حضور التدريبات واالستعراضات السنوية‪ ،‬التي تستمر عمو ًما ثالثة أيام‪ ،‬إلزاميًا‬
‫لكل مواطن ‪.‬وكان على رجال الميليشيات دفع جميع نفقاتهم الخاصة وتوفير معداتهم الخاصة‪ ،‬في حين‬
‫كان عدم الحضور يعاقب عليه بالغرامة أو السجن ‪.‬بالنسبة للعمال‪ ،‬لم تكن هذه اللوائح تعني خسارة‬
‫األجور أثناء حضورهم التدريبات فحسب‪ ،‬بل كانت تعني لهم نفقات باهظة ‪.‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يستطيع‬
‫أثرياء اإلطارات أن يتهربوا بسهولة من التزاماتهم عن طريق دفع نفس الغرامات دون صعوبة ‪.‬بعد‬
‫عام ‪ ،1830‬تم تعديل الخدمة اإلجبارية أو إلغاؤها بالكامل ‪.‬وقد لفت الرئيس جاكسون االنتباه إلى هذه‬
‫القضية في رسالته السنوية في عام ‪ ،1832‬وحث على أنه أينما كان النظام القديم ال يزال سائدا ‪-‬كما‬
‫هو الحال في نيويورك ‪-‬ينبغي دراسة عدم المساواة بعناية‪.‬‬
‫هناك حاالت أخرى من التقدم االقتصادي أو االجتماعي تدين بالكثير للعمال ‪.‬وقد أدى مطلبهم‬
‫بقوانين امتياز الميكانيكيين‪ ،‬والذي تبناه تاماني هول في نيويورك‪ ،‬إلى تبني مثل هذا التشريع على‬
‫نطاق واسع ‪.‬كانت معارضتهم لنظام المزادات الحالي‪ ،‬وقوانين الشركات العامة‪ ،‬وإصدار البنوك‬
‫المحلية ألوراق العملة الصغيرة‪ ،‬وغيرها من االنتهاكات االقتصادية‪ ،‬عامالً مه ًما في إقرار القوانين‬
‫العالجية‪.‬‬

‫إن صعود األحزاب العمالية لم يمثل على اإلطالق حركة طبقية‪ ،‬ولم يكن حركة عمالية بالكامل ‪.‬كان‬
‫العمال في حيرة وحيرة من التغيرات التي كانت تحدث في وضعهم االجتماعي‪ ،‬وسعوا بطريقة أو‬
‫بأخرى إلى إقامة قدر أكبر من المساواة بين المنتجين وأولئك الذين يعيشون على ثمار كدح المنتجين‪.‬‬
‫ومع وقوع حركتهم في أيدي اإلصالحيين العقائديين أو السياسيين المحترفين‪ ،‬بدأوا يشعرون بأن‬
‫دخولهم إلى السياسة كان بال جدوى على اإلطالق ‪.‬وبدا أن هدف المساواة الواسع والبعيد كان مجرد‬
‫سراب متأللئ ‪.‬لقد عادوا تدريجيا ً إلى أهداف أكثر عملية –‬
‫‪The Workingmen’s Parties‬‬ ‫‪51‬‬
‫أجور أعلى‪ ،‬وساعات عمل أقصر –والتي تم إهمالها أثناء استيعابهم الجديد للسياسة ‪.‬وبدا اآلن أن‬
‫العمل االقتصادي لتحقيق هذه األهداف المباشرة لقواعد أعضاء النقابات العمالية يحمل إمكانيات أكبر‬
‫بكثير لتمكينهم من الحفاظ على مستوى معيشتهم" ‪.‬إن نقابات العمال لن تكون سياسية أبدًا"‪ ،‬أعلن‬
‫العامل الوطني من فيالدلفيا في تعبير مميز عن هذا الموقف الجديد‪" ،‬ألن أعضائها تعلموا من التجربة‬
‫أن إدخال السياسة إلى مجتمعاتهم قد أحبط كل جهد لتحسين وضعهم ‪".‬شروط"‪.‬‬
‫وكانت المكاسب االجتماعية التي ألهمتها أحزاب العمال األصلية بمثابة إنكار جزئي على األقل لهذا‬
‫البيان المؤكد ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن العمال قادرين طوال القرن التاسع عشر على التنظيم بفعالية سياسية‬
‫في المعارك الحزبية ‪.‬وعندما جرت محاوالت الحقة لتأسيس حزب وطني‪ ،‬باءت بالفشل التام ‪.‬وكانت‬
‫تجربة ثالثينيات القرن التاسع عشر بمثابة الدليل األول على أن حزب العمال لم يكن لديه أساس حقيقي‬
‫إلنشاء حزب مميز ‪.‬وكانت أهدافها ليبرالية على نطاق واسع‪ ،‬وتستولي عليها األحزاب الرئيسية كلما‬
‫تمكن العمال‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬من ممارسة الضغط الكافي ‪.‬كانت مغازلة حزب العمال في‬
‫نيويورك للنزعة الزراعية المتطرفة لقادته األصليين قصيرة ‪.‬كان العمال أنفسهم محافظين بشكل‬
‫أساسي في وجهات نظرهم‪ ،‬وكانت المساواة التي سعوا إليها ضمن إطار الهيكل السياسي واالقتصادي‬
‫القائم في البالد ‪.‬لقد أرادوا المشاركة في فوائد الرأسمالية الناشئة بدالً من اإلطاحة بها ‪.‬قد تتحدث فاني‬
‫رايت عن حرب الطبقات ‪.‬مثل هذه المشاعر لم تعكس آراء العمال أنفسهم‪.‬‬
‫ولم يكن هناك مبدأ موحد واحد يجمع العمال م ًعا ‪.‬وعلى عكس معاصريهم في أوروبا‪ ،‬لم يكونوا‬
‫ملهمين للعمل السياسي المشترك للحصول على حق االنتخاب‪ ،‬ألنهم فازوا بالفعل بالتصويت كجزء من‬
‫انتصار المبادئ الديمقراطية على مستوى البالد في ‪182‬ط م ‪.‬كما أنهم لم ينجذبوا إلى دعم‬
‫االشتراكية‪ ،‬كما كان حال العمال في إنجلترا والقارة ‪.‬كانت مصالح العاملين بأجر أمريكيين متحالفة‬
‫سا لتضامن طبقي مميز يمكن أن يجد‬ ‫بشكل وثيق مع مصالح الشعب بشكل عام بحيث ال توفر أسا ً‬
‫تعبيرا سياس ًيا في طرف ثالث ‪ .‬إن الفرص التي أتاحها االقتصاد المتوسع‪ ،‬واستمرار سيولة الخطوط‬ ‫ً‬
‫الطبقية‪ ،‬وفردية الحدود‪ ،‬كل ذلك قد ساهم في تشكيل القنوات التي يمر عبرها المجتمع‪.‬‬
‫‪52‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫كان من المقرر أن تتطور الحركة العمالية األمريكية في تناقض حاد مع الوضع في أوروبا‪.‬‬
‫وإذا كانت أحزاب العمال في ثالثينيات القرن التاسع عشر قد بدت لبعض الوقت وكأنها تسلط الضوء‬
‫على احتمال إنشاء حزب عمالي‪ ،‬فإن استغراقها في التقدم العام الذي حققته الديمقراطية الجاكسونية‬
‫كان بمثابة االنقالب الحاد في أي اتجاه من هذا القبيل‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬
‫‪ :IV‬قوة العمل‬
‫في ثالثينيات القرن التاسع عشر‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫أحزاب العمال األصلية وسقطت خالل فترة زمنية قصيرة للغاية ‪.‬ومهما ادعى تأثيرهم السياسي‪ ،‬فإن‬
‫وجودهم كمنظمات سياسية مميزة كان سريع الزوال بحيث لم يكن له حجم كبير في تاريخ الحركة‬
‫العمالية ‪.‬وكانت عودة المجتمعات التجارية إلى العمل االقتصادي بمثابة تطور أكثر أهمية بكثير من‬
‫نواحٍ عديدة ‪.‬خالل هذه السنوات التي تم فيها إحراز مثل هذا التقدم الملحوظ في اإلصالح االجتماعي في‬
‫البالد ككل‪ ،‬وخاصة خالل إدارة جاكسون الثانية من ‪1833‬إلى ‪ ،1837‬كان النشاط النقابي أكثر‬
‫انتشارا وأكثر كفاحية مما كان عليه مرة أخرى لعدة عقود‪.‬‬‫ً‬
‫وظل العمال يشعرون‪ ،‬كما أظهر رحلتهم إلى السياسة بالفعل‪ ،‬بإحساس بالتدهور في وضعهم‬
‫االجتماعي المتغير ‪.‬كان من المقرر أن تهتم النقابات العمالية التي تم إحياؤها في المقام األول باألجور‬
‫وساعات العمل‪ ،‬لكنها عكست أيضًا رغبة أعضائها في استعادة مكانتهم في المجتمع ‪.‬مع ظهور‬
‫المجتمع القديم الذي عرفوه وكأنه يتفكك‪ ،‬مع هبوط الحرفيين المستقلين إلى مستوى األجراء‪ ،‬كان‬
‫الحرفيون والميكانيكيون يأملون أكثر من أي وقت مضى من خالل العضوية النقابية في إعادة تأكيد‬
‫كرامة العمل وكسب اعتراف عام أكبر بمكانته االجتماعية ‪.‬وكذلك القيم االقتصادية‪.‬‬
‫" ‪:‬مع اتساع خط التمييز بين صاحب العمل والموظف ‪ ،‬فإن حالة األخير تقترب حتما ً من حالة‬
‫التبعية ‪...". . .‬معادية لمصلحة المجتمع‪ ،‬وكذلك لروح وعبقرية حكومتنا ‪”.‬سعت المجتمعات التجارية‬
‫إلى مكافحة هذا االتجاه من خالل خلق تضامن بين العمال من شأنه أن يحميهم من أي خضوع كامل‬
‫وعاجز للطبقة العاملة‪.‬‬
‫شجعت الظروف داخل البالد في أوائل ثالثينيات القرن التاسع عشر نمو النقابات ‪.‬فمن ناحية‪ ،‬عزز‬
‫الرخاء المتزايد القدرة التفاوضية للعمال‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬حدد ‪53‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫إن الجهود التي بذلها أصحاب العمل لخفض األجور في مواجهة ارتفاع األسعار أجبرتهم على التنظيم‬
‫دفاعًا عن النفس ‪.‬لم يقتصر األمر على تكاثر المجتمعات التجارية بين جميع فئات العمال بسرعة‬
‫فحسب‪ ،‬بل بذلت محاوالت أخرى لربط هذه النقابات المحلية في اتحادات على مستوى المدينة من‬
‫شأنها تعزيز الوحدة العمالية ‪ .‬وكان ال بد من البدء في تنظيم أوسع ينذر بإنشاء حركة عمالية وطنية‬
‫حقيقية ‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬أدى الموقف العدواني ألعضاء هذه النقابات إلى موجة من اإلضرابات التي‬
‫شكلت فصال دراماتيكيا في نضال العمال الطويل من أجل المطالبة بحقوقهم‪.‬‬
‫لقد أصبح هذا النشاط عا ًما جدًا لدرجة أنه لم تكن هناك تجارة تبدو محصنة ضد التشدد المعدي ‪.‬‬
‫"لقد أضرب الحالقون"‪ ،‬صرخت صحيفة نيويورك تايمز في إبريل ‪" ،1836‬واآلن كل ما تبقى‬
‫للمحررين هو أن يضربوا أيضًا‪".‬‬

‫ولم يحدث من قبل في زمن السلم أن شهدت تكاليف المعيشة مثل هذه الزيادة السريعة التي نتجت‬
‫عن طفرة القطط البرية في أوائل ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬بكل ما صاحبها من مضاربات وتضخم‬
‫باهظ ‪.‬أدى تخفيف االئتمان المصرفي وإصدار النقود الورقية المسرفة‪ ،‬والتي كانت العواقب المباشرة‬
‫لهجوم الرئيس جاكسون الناجح على بنك الواليات المتحدة‪ ،‬إلى ارتفاع األسعار على طول الخط ‪.‬وفي‬
‫نيويورك‪ ،‬ارتفع سعر الدقيق من ‪5‬دوالرات للبرميل في عام ‪1834‬إلى ‪8‬دوالرات في أبريل ‪،1835‬‬
‫دوالرا في العام التالي ‪.‬وتبعت المواد الغذائية األخرى نفس التصاعد‪ ،‬وارتفعت المالبس‬
‫ً‬ ‫ثم إلى ‪12‬‬
‫والسلع المنزلية بشكل هائل‪ ،‬وتراوحت الزيادة في اإليجارات من خمسة وعشرين إلى أربعين في‬
‫المائة ‪.‬وتشير التقديرات بشكل عام إلى أن تكلفة المعيشة زادت بنحو ستة وستين في المائة بين عامي‬
‫‪1834‬و‪1836.‬‬
‫تأخرت األجور دائ ًما في هذه المسيرة التصاعدية‪ ،‬وشكلت التدابير اإلضافية التي اتخذها أصحاب‬
‫العمل لخفض تكاليفهم تهديدًا أكبر لمستويات معيشة العمال ‪.‬ومع االنهيار الفعلي لنظام التلمذة‬
‫الصناعية في العديد من المهن‪ ،‬تم تعيين األوالد الصغار نصف المدربين بأجور أقل من المعدل السائد‬
‫للعمال المياومين ‪.‬وتم جلب النساء‪ ،‬مرة أخرى بأجور أقل‪ ،‬لتحل محل العمال الذكور ‪.‬تم توظيفهن على‬
‫نطاق واسع كخياطات‪ ،‬ومشدات للخياطة‪ ،‬ومثبتات أحذية (تشير التقديرات المعاصرة إلى أن ‪12000‬‬
‫من أصل ‪20000‬منخرطين في هذا العمل ال يكسبون أكثر من ‪1.25‬دوالر في األسبوع ‪).‬‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪55‬‬
‫ولكنها قدمت أيضًا منافسة جديدة للطابعين وصانعي السيجار وغيرهم من العمال ‪.‬وأعلن تقرير لجنة‬
‫فيالدلفيا‪ ،‬في عام ‪ ،1836‬أنه "من بين ثمانية وخمسين مجتمعًا‪ ،‬تأثرت أربعة وعشرون مجتمعًا بشكل‬
‫خطير بعمل اإلناث‪ ،‬مما أدى إلى إفقار عائالت بأكملها‪ ،‬ولم يكن ذلك لصالح أحد سوى أصحاب‬
‫العمل ‪".‬وأخيرا‪ ،‬كان هناك لجوء واسع النطاق إلى العمل اإلداني ‪.‬واشتكى الميكانيكيون والحرفيون‬
‫بمرارة من أنه من خالل هذه الممارسة المتطورة المتمثلة في منح العقود للسجون‪ ،‬مهما كانت الفوائد‬
‫التي تعود على المدانين أنفسهم‪ ،‬يتم تصنيع األشياء بأسعار "أقل من ‪40‬إلى ‪60‬في المائة مما يمكن‬
‫للميكانيكي الصادق‪ ،‬الذي يعيل نفسه وعائلته‪ ،‬أن يحصل عليها ‪".‬يمنح"‪.‬‬
‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬لم يكن هناك مجتمع حضري تقري ًبا لم يكن العمال فيه مدفوعين للعمل م ًعا في‬
‫الدفاع المتبادل عن مصالحهم ‪ .‬في فيالدلفيا‪ ،‬أعيد تنظيم عمال صناعة الخيوط‪ ،‬وشكل النساجون على‬
‫النول اليدوي مجتمعًا جديدًا‪ ،‬وانضم عمال البناء والسباكون والحدادون وصانعو السيجار وصانعو‬
‫األمشاط والسروج‪ ،‬من بين مهن أخرى‪ ،‬إلى نقابات ‪.‬تم إحياء المجتمعات القديمة في نيويورك‪ ،‬حيث‬
‫احتل المطابعون وصناع المالبس والخياطون الصدارة مرة أخرى‪ ،‬وانضم صانعو الخزائن‪ ،‬وصانعو‬
‫القبعات‪ ،‬وصانعو السالل‪ ،‬وصانعو األقفال‪ ،‬وصانعو البيانو‪ ،‬وصانعو القبعات الحريرية إلى صفوف‬
‫النقابات ‪ .‬تضمنت المنظمات في بالتيمور صانعي األحذية‪ ،‬وقاطعي الحجارة‪ ،‬والنساجين‪ ،‬ونساجي‬
‫السجاد‪ ،‬وصانعي الحافالت ‪.‬ويمكن سرد القصة نفسها في كل مدينة أخرى على ساحل المحيط‬
‫األطلسي‪ ،‬وكذلك في شمال والية نيويورك وواشنطن وبيتسبرغ ولويزفيل ومراكز التصنيع األخرى في‬
‫الغرب‪.‬‬
‫كان التنظيم اإلضافي بين العمال بخالف الميكانيكيين والحرفيين التقليديين يحرز بعض التقدم على‬
‫األقل ‪ .‬بحلول هذا الوقت‪ ،‬كانت هناك صناعة نسيج سريعة التطور في ماساتشوستس ورود آيالند‪،‬‬
‫وكانت المصانع في والية كونيتيكت تنتج الساعات‪ ،‬وكانت مسابك الحديد في والية بنسلفانيا تنذر‬
‫بمزيد من النمو للصناعة واسعة النطاق ‪.‬باإلضافة إلى الموظفين في مثل هذه المؤسسات‪ ،‬ضمت‬
‫مجموعات جديدة أخرى من العاملين بأجر الميكانيكين والمهندسين‪ ،‬وعمال الشحن‪ ،‬ورجال اإلطفاء‬
‫على القوارب البخارية‪ ،‬وسائقي المسرح‪ ،‬وحراس البوابات على الطرق الرئيسية وجسور القنوات ‪.‬‬
‫وبينما ظل هؤالء العمال غير منظمين إلى حد كبير‪ ،‬حصلت النقابات الرائدة بين العاملين في مصانع‬
‫القطن وعمال الصفيح والصفائح الحديدية والعديد من المجموعات األخرى على دعم متزايد‪.‬‬
‫تم أيضًا إدخال النساء إلى الحركة العمالية من خالل جمعياتهن التجارية الخاصة ‪.‬كان لدى بالتيمور‬
‫جمعية الخياطات المتحدة ‪.‬وفي نيويورك‬
‫‪56‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫كانت هناك ُمجلّدات األحذية النسائية ومجلدات الكتب النسائية‪ ،‬باإلضافة إلى جمعية االتحاد النسائي‪،‬‬
‫وفي فيالدلفيا كانت هناك جمعية تحسين اإلناث ‪.‬كعالمة مبكرة على النشاط المنظم بين النساء العامالت‬
‫في مصانع النسيج في نيوإنجالند‪ ،‬تم تشكيل الجمعية النسائية في لين والمناطق المجاورة لحماية‬
‫وتعزيز الصناعة النسائية في عام ‪ ،1833‬وبعد عام‪ ،‬تم إنشاء المصنع ‪.‬جمعية البنات‪.‬‬
‫يمكن العثور على منظر خالب للمجتمعات التجارية كما كانت موجودة في نيويورك في ذلك الوقت‬
‫احتفاال بانتصار الثورة الفرنسية في عام ‪1830.‬‬ ‫ً‬ ‫تقري ًبا في وصف مظاهرة مذهلة في تلك المدينة‬
‫وعلى الرغم من أن تاماني هول تولى السيطرة على القضية‪ ،‬إال أن سيطرت عليها النقابات ‪.‬وكانت‬
‫وفودهم هي السمة األبرز في العرض الذي بلغ طول خط سيره حوالي ثالثة أميال وشاهدته بفرح‬
‫حشود تقدر بنحو ثالثين ألف شخص‪.‬‬
‫العوامات المتقنة‪ ،‬كما هو موضح في محامي الرجل العامل‪ ،‬كانت ضجة كبيرة اليوم ‪.‬كان لدى‬
‫المطابع مطبعتان أنيقتان "(مذ ّهبتان ومزخرفتان بذوق رفيع )"استعارتهما من مصانع السادة ‪Rust‬‬
‫‪and Hoe‬وتم تركيبهما على سيارتين منفصلتين تجرهما أربعة خيول ‪.‬وكان الجزارون في متناول‬
‫خيوال بيضاء ‪.‬على إحدى‬ ‫ً‬ ‫اليد أيضًا‪ ،‬وهم يرتدون مالبس توصف بأنها مميزة لمهنتهم ويمتطون‬
‫مظهرا حقيق ًيا‪ ،‬وكان مزينًا بأشرطة وأشرطة ‪.‬وفي مكان‬‫ً‬ ‫محشوا للغاية ليأخذ‬
‫ً‬ ‫عواماتهم‪ ،‬كان جلد الثور‬
‫آخر تم إنشاء كشك جزار حيث "يتم تصنيع النقانق لتسلية الناس‪".‬‬
‫قام صانعو المالبس باستعدادات واسعة النطاق وأنيقة للمظاهرة‪ ،‬وعلى إحدى عواماتهم كانت‬
‫سيدتان شابتان مشغولتان بربط األحذية ‪.‬عرض مصنعو المحركات البخارية محركًا بخاريًا مثاليًا‬
‫"(يتصاعد الدخان من األنابيب‪ ،‬وتدور عجالت المياه)"‪ ،‬وكان لدى صانعي الخزانات عينات رائعة من‬
‫األثاث لدرجة أن مراسل المحامي وجد نفسه غير قادر على وصفها ‪.‬كان النحاتون وال ُمذ ّهبون‬
‫متوافقين مع صور جيفرسون والفاييت في إطارات مذهبة رائعة؛ ونال بائعو السجائر استحسان‬
‫الجمهور المعجب بتوزيع سدادات صغيرة من التبغ؛ وكان صانعو السروج وصانعي األدوات مزودين‬
‫بأدوات مجهزة بأبرز األمثلة على بضائعهم؛ كان المجلدون يتباهون بطفو على شكل كتاب ضخم يجره‬
‫أربعة خيول قوية؛‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪57‬‬
‫وقام صانعو الكراسي ببناء "كرسي "‪Grecian Post Maple‬على الطريق‪.‬‬
‫كانت الصيحات والهزات‪ ،‬والرايات الملوح بها‪ ،‬واألقواس ثالثية األلوان‪ ،‬و"الالفتات المتأللئة‬
‫بالنجوم"‪ ،‬بمثابة مناسبة عظيمة ‪.‬لم يكن من الممكن استيعاب سوى جزء صغير من الحشد حول‬
‫منصة االستعراض حيث كان للرئيس السابق الموقر مونرو مكان الشرف إلى أن أجبرته "حالة الجو‬
‫الباردة "على المغادرة ‪.‬كانت هناك خطب حماسية وقصيدة كتبها صامويل وودورث‪ ،‬الطابعة‪ ،‬تم‬
‫غنائها على أنغام النشيد الوطني بمرافقة األوركسترا من مسرح بارك‪:‬‬

‫ثم قم برفع النغمة الكورالية‪ ،‬لتحيي المرسوم المبارك‪.‬‬


‫افرحوا افرحوا فالصحافة ستسود‬
‫ويكون العالم كله حرا‪.‬‬

‫في تلك الليلة أقامت الجمعيات المختلفة والئم تذكارية (تم إرسال العشاء إلى نزالء سجن المدين‬
‫من قبل المندوبين المتعاطفين من الجناح التاسع)‪ ،‬وتجمع حشد كبير من العمال في القاعة الماسونية ‪.‬‬
‫وبعد أن كان الترفيه الفاخر بمثابة مقدمة "لالستمتاع بالوجبة الذهنية"‪ ،‬تم إلقاء مديح متوهج على‬
‫نجاح الحركة الثورية الفرنسية والدور الذي لعبه العمال فيها‪.‬‬
‫أعلن خطيب األمسية في خطبته البليغة" ‪:‬انطلقوا إذن أيها الميكانيكيون والعمال‪ ،‬في مسيرتكم‬
‫المهنية المجيدة لالستقالل العقلي‪ ،‬مع التعليم الجمهوري لنجمكم القطبي‪ ،‬والوحدة والثبات مرتكزكم‪،‬‬
‫واليوم هو ليس بعيدًا مما سيتوج جهدك النبيل بالنصر‪ ،‬وسوف تنجو بالدك من سم الموضة ودودة‬
‫الحزب القاتلة ‪-‬وستنبت مكانها شجرة الجمهورية النقية‪ ،‬مما يؤدي إلى ثمار المساواة الحقيقية‬
‫المختارة ‪.‬الحقوق؛ فيُحكم على اإلنسان من خالل أفعاله‪ ،‬وليس من خالل مهنته؛ من خالل فائدته‬
‫للمجتمع كمواطن مجتهد‪ ،‬وليس من خالل نسيج الثوب الذي يغطيه‪.‬‬
‫أعقب الخطاب نخب ‪-‬أربعة عشر نخبًا رسميًا وواحد‬
‫‪58‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وثالثين نخ ًبا متطوعًا ‪-‬بسعادة "تتخللها األغاني والقصائد والتالوات المناسبة ‪".‬كان رواد المطعم‬
‫المتحمسون يشربون نخب عمال باريس‪ ،‬وعمال نيويورك‪ ،‬ويشربون نخب ذكرى جيفرسون‬
‫والفاييت‪ ،‬وبوليفار‪ ،‬والديمقراطيين الحقيقيين‪ ،‬والتعليم الشامل ‪ ،‬والبحث الحر‪ ،‬ويشربون نخب‬
‫"الرجال العاملين األصليين ‪-‬مايو" ‪".‬إنهم ال يميلون إلى اليمين أو اليسار"‪ ،‬و"سيمون بيور ‪-‬أتمنى‬
‫أال تخافوا من صرخات فاني رايت أو المذهب الزراعي أو أي مذهب آخر‪ ،‬ولكن يجب أن يتمسكوا‬
‫بالجمهورية الحقيقية‪".‬‬
‫خمسة وأربعون نخ ًبا‪ ،‬بينما كانت الزجاجات تدور ويهتف العمال ‪.‬ويخلص تقرير محامي الرجل‬
‫العامل إلى أن "أعظم قدر من المرح واإلجماع ميز إجراءات المساء‪ ،‬وانفصلت الشركة في ساعة‬
‫مبكرة‪ ،‬وهم سعداء للغاية بالطريقة التي تم بها الترفيه عنهم‪".‬‬

‫أدى النمو والتطور السريع للمجتمعات التجارية بطبيعة الحال إلى الحركة من أجل توثيق االرتباط‬
‫في تعزيز أهدافها المشتركة ‪.‬وقد تم إنشاء سابقة لمثل هذا التعاون من قبل اتحاد الجمعيات التجارية‬
‫للميكانيكيين في فيالدلفيا‪ ،‬ولكن كما رأينا‪ ،‬أصبحت هذه المجموعة على الفور تقري ًبا منغمسة في‬
‫السياسة ‪.‬إن ما سعى إليه العمال اآلن في تشكيل "النقابات العمالية ‪" -‬أي نقابات الجمعيات التجارية‬
‫سا للنشاط االقتصادي‬‫المحلية التي تمثل في المصطلحات الحديثة مجالس التجارة المركزية ‪-‬كان أسا ً‬
‫ً‬
‫المشترك ‪. 1‬كانت نقابة العمال‪ ،‬على حد تعبير دستور إحدى هذه المنظمات الجديدة ‪" ،‬ميثاقا‪ ،‬مكونا من‬
‫ً‬
‫جمعيات واتحادات الميكانيكيين والعمال‪ ،‬الذين اكتشفوا أنهم غير قادرين على محاربة القوى‬
‫العديدة ‪".‬مصطفين ضدهم‪ ،‬متحدين م ًعا من أجل الحماية المتبادلة‪”.‬‬
‫وكان اتحاد المهن العامة في نيويورك هو األكثر أهمية‬
‫‪1‬من المسلم به أن مصطلحات تنظيم العمل في هذه الفترة مربكة" ‪.‬الجمعيات التجارية"‪ ،‬كما هو مقترح في النص‪ ،‬كانت‬
‫معادلة" النقابات العمالية "الحديثة‪ ،‬و"النقابات العمالية "الجديدة تتوافق بشكل أقرب إلى" مجالس التجارة المركزية "الحالية‬
‫التي أنشأها في المدن ‪ AF‬لـ ‪ L.‬ومع ذلك‪ ،‬في ذلك الوقت بالذات‪ ،‬بدأ يطلق على" الجمعيات التجارية "اسم " النقابات العمالية‬
‫"على الرغم من أن" النقابات العمالية "كانت بمثابة اتحاد للمجتمعات المحلية‪.‬‬
‫أحد أقدم األمثلة على استخدام االتحاد بالمعنى الحديث للمصطلح‪ ،‬في كتيب نُشر عام ‪ 1836‬بعنوان " الحوار بين اإلضراب‬
‫والثبات"‪ ،‬كان به هذا التعليق المثير لالهتمام" ‪:‬اعتراضي على اتحادكم هو أنك ترغب في استعملوا اإلكراه‪ ،‬فإنكم لن‬
‫تتحملوا ‪».‬‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪59‬‬
‫مجالس التجارة المركزية الجديدة هذه‪ ،‬وكانت هناك منظمات مماثلة في فيالدلفيا وبوسطن وبالتيمور وواشنطن وسينسيناتي‬
‫وبيتس بيرج ولويزفيل ومدن صناعية أخرى‪ .‬ارتفع عددهم إلى ثالثة عشر بحلول عام ‪ ،1836‬مع ‪ 52‬جمعية مرتبطة في‬
‫نيويورك‪ ،‬وثالثة وخمسين في فيالدلفيا‪ ،‬وثالثة وعشرون في بالتيمور‪ ،‬وستة عشر في بوسطن‪.‬‬
‫تم اتخاذ الخطوة التنسيقية األخيرة في هذا النشاط في عام ‪1834‬عندما صدرت الدعوة إلنشاء‬
‫منظمة وطنية تضم جميع المهن ‪.‬اجتمع ممثلو الجمعيات المحلية في نيويورك وبروكلين وبوسطن‬
‫وفيالدلفيا وبوغكيبسي ونيوارك في المدينة األولى التي تم تسميتها وشكلوا اتحاد الحرف الوطني ‪.‬‬
‫كانت أهدافها هي تعزيز رفاهية الطبقات العاملة‪ ،‬وتشجيع إنشاء نقابات العمال في كل جزء من البالد‪،‬‬
‫ونشر المعلومات التي قد تكون مفيدة للميكانيكيين والعمال ‪.‬وفي ضوء فشل أحزاب العمال‪ ،‬كان قادتها‬
‫مصممين على عدم انجرار المنظمة الجديدة إلى األنشطة السياسية ‪.‬وأعلن أحد قادة العمال في‬
‫ماساتشوستس أن العمال "ال ينتمون إلى أي حزب" ‪".‬لم يكونوا من تالميذ الجاكسونية وال الكالوية‪،‬‬
‫وال فان بورينية وال ويبسترية‪ ،‬وال أي مذهب آخر غير مذهب العمل"‪.‬‬
‫لم يكن التنظيم الوطني للعمال فعاالً حقًا في هذا الوقت ‪.‬كان من المفترض أن ينتظر تأميم األعمال‬
‫في السنوات التي أعقبت الحرب األهلية ‪.‬ولكن محاولة تشكيل مثل هذا االتحاد تشهد على قوة وحيوية‬
‫الحركة العمالية في ثالثينيات القرن التاسع عشر ‪.‬ونتيجة لحماسة المجتمعات المحلية‪ ،‬ومجالس‬
‫التجارة في المدن‪ ،‬واتحاد العمال الوطني‪ ،‬كان هناك في البالد ككل ما يقدر بنحو ‪300‬ألف عامل‬
‫نقابي ‪.‬وعلى أساس نسبي‪ ،‬فإن هذا العدد الكبير من العاملين بأجر لن ينضموا مرة أخرى إلى صفوف‬
‫النقابات لمدة نصف قرن ‪.‬وفي نيويورك‪ ،‬قيل إن حوالي ثلثي جميع عمال المدينة هم أعضاء في واحدة‬
‫أو أخرى من النقابات العمالية الخمسين‪.‬‬

‫وفي دفاعهم النشط عن حقوقهم‪ ،‬لم يتردد أعضاء النقابات العمالية في التهديد أو اإلضراب عن‬
‫العمل عندما رفض أصحاب العمل تلبية ما شعروا أنها مطالبهم المشروعة ‪.‬وعندما حاول األخير‬
‫خفض األجور أو جلب عمال غير مدربين بأجور أقل‪ ،‬كان هناك إقبال على العمل في كل تجارة تقريبًا‬
‫وفي كل مدينة ‪ .‬وخرج عمال الطباعة والنساجون والخياطون وصانعو المركبات والبناؤون ومجلدو‬
‫الكتب من العمل ‪.‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫دوالرا‪ ،‬وبعد أن‬
‫ً‬ ‫دوالرا في اليوم ضربوا بمبلغ ‪1.75‬‬ ‫ً‬ ‫النجارون في نيويورك الذين يكسبون ‪1.50‬‬
‫فازوا بها‪ ،‬ضربوا على الفور مرة أخرى بمبلغ ‪2‬دوالر‪.‬‬
‫أضربت الفتيات العامالت في مصانع القطن في نيو إنجالند مرة أخرى ‪.‬ذكرت صحيفة بوسطن‬
‫ترانسكريبت أن "أحد القادة قام بتركيب مضخة ‪ ،‬وأشعل النار ‪. . .‬خطاب عن حقوق المرأة وظلم‬
‫"األرستقراطية المالية "كان له تأثير قوي على مستمعيها‪ ،‬وقرروا أن يكون لهم طريقهم الخاص‪ ،‬إذا‬
‫ماتوا من أجل ذلك ‪.‬وكما هو الحال في الموجات األولى من اإلضرابات التي حرضت عليها المجتمعات‬
‫التجارية األصلية‪ ،‬كانت هذه التظاهرات سلمية دائ ًما تقريبًا‪ ،‬لكنها أصبحت عامة جدًا لدرجة أن مجتمع‬
‫األعمال أصبح قل ًقا بشكل متزايد ‪.‬بين عامي ‪1833‬و ‪1837‬تم تسجيل ما ال يقل عن ‪168‬في الصحف‬
‫المعاصرة‪.‬‬
‫وكما حدث في فترات الحقة‪ ،‬سعى أصحاب العمل إلى إرجاع هذه االضطرابات ليس إلى المظالم‬
‫العمالية المشروعة‪ ،‬بل إلى نشاط المحرضين المتطرفين والمخربين‪ ،‬الذين يفترض عمو ًما أنهم‬
‫أجانب" ‪.‬أخشى أن تكون عناصر الفوضى موجودة"‪ ،‬كما أشار فيليب هون‪ ،‬أحد سكان نيويورك‬
‫المحافظين‪ ،‬الذي كان عمدة في السابق‪ ،‬في مذكراته" ‪.‬إن عصابات األيرلنديين وغيرهم من األجانب‪،‬‬
‫التي حرضتها المجالس المؤذية لنقابة العمال وغيرها من مجموعات الرجال الساخطين‪ ،‬تكتسب قوة‬
‫وأهمية سيكون من الصعب قمعها لفترة طويلة "‪.‬ومهما كانت شكاوى العمال (والحظ هون بنفسه‬
‫الزيادة الهائلة في تكاليف المعيشة)‪ ،‬فقد شعر أن أي إضراب‪ ،‬مهما كان منظما‪ ،‬كان بمثابة "إجراء‬
‫غير قانوني‪".‬‬
‫وصلت مطالبة العمال في جميع أنحاء الشرق بيوم عمل مدته عشر ساعات إلى ذروتها خالل هذه‬
‫الفترة المثيرة في اندالع اإلضرابات المنسقة ‪.‬وكانت هناك دعوات سابقة لمثل هذا التخفيض في‬
‫ساعات العمل ‪ .‬وكانت هذه هي الخلفية لتشكيل اتحاد رابطات التجارة للميكانيكيين في فيالدلفيا عام‬
‫‪ ،1827‬وحزب العمال في نيويورك بعد ذلك بعامين ‪.‬لكن العمال أصبحوا اآلن على استعداد الستخدام‬
‫أقوى أسلحتهم كوسيلة إلجبار أصحاب العمل على االستجابة لمطالبهم‪.‬‬
‫"لكل البشر حق عادل‪ ،‬مستمد من خالقهم‪" ،‬جاء ذلك في قرار اتخذه العمال النجارون في فيالدلفيا‪،‬‬
‫"أن يكون لديهم وقت كافٍ كل يوم لتنمية عقولهم وتحسين أنفسهم ؛ لذلك‪ ،‬قررنا أننا نعتقد أن عشر‬
‫ساعات من العمل الجاد تكفي ليوم عمل واحد»‪.‬‬
‫في نفس المذكرة‪ ،‬قدم عمال نيو إنجالند مطالب أيضًا‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪61‬‬
‫بيوم أقصر‪ ،‬ومن المثير للدهشة أنهم وجدوا دع ًما من صحيفة محافظة مثل ‪Boston Transcript.‬‬
‫وحثت الرسالة على أن "ليكن عمل الميكانيكي قد انتهى‪ ،‬بعد أن يكون قد عمل عشر أو اثنتي عشرة‬
‫قادرا على العودة إلى أسرته في الموسم‪ ،‬وبقوة كافية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ساعة في أيام الصيف الطويلة‪ ،‬وسيكون‬
‫لقضاء بعض الساعات ‪".‬في تعليم أوالده أو في تحسين عقله"‪.‬‬
‫وفي فترات أخرى من نضال العمال الطويل من أجل ساعات أقصر‪ ،‬سيتم التركيز على اآلثار السيئة‬
‫للكدح المطول والمضني على صحة العمال ورفاهيتهم‪ ،‬أو على أهمية نشر العمل لمكافحة خطر‬
‫البطالة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬في العقد الثامن عشر من القرن العشرين‪ ،‬كان التركيز على الوقت المناسب للتعليم‬
‫الذاتي‪ ،‬والذي كان يعتبر ضروريًا جدًا لتمكين الطبقات العاملة المحررة حديثًا من الوفاء بالتزاماتها‬
‫كمواطنين‪ ،‬أكثر بكثير من مجرد حجة سهلة لدعم قضيتهم ‪. .‬هناك كل األدلة على أن العمال كانوا‬
‫مهتمين بشدة بالتعليم ألنفسهم وألطفالهم أيضًا ‪.‬إن ازدحام جماهير العمال في محاضرات المدرسة‬
‫الثانوية الشعبية في هذه السنوات‪ ،‬والرواج المتزايد للمكتبات المتداولة‪ ،‬والطلب المستمر على‬
‫المدارس العام ة المجانية‪ ،‬كلها تشهد على القلق العميق الناجم عن االعتقاد المثالي بأن التعليم وحده‬
‫يمكن أن يوفر األساس لحياة ناجحة ‪.‬ديمقراطية‪.‬‬
‫وجاء في منشور للعمال المضربين في بوسطن عام « ‪1835:‬لقد تعرضنا لفترة طويلة جدًا للنظام‬
‫البغيض والقاسي والظالم واالستبدادي الذي يجبر الميكانيكي العامل على استنفاد قواه الجسدية‬
‫والعقلية ‪. . . .‬لدينا حقوق‪ ،‬وعلينا واجبات لنؤديها كمواطنين أمريكيين وأعضاء في المجتمع‪ ،‬وهو ما‬
‫يمنعنا من التصرف ألكثر من عشر ساعات في يوم العمل‪.‬‬
‫لكن مثل هذه الحجج لم يكن لها وزن كبير لدى أصحاب العمل ‪.‬أعلنت إحدى الصحف أن االقتراح‬
‫بيوم عمل من عشر ساعات «يضرب عصب الصناعة واألخالق الحميدة من خالل تحديد ساعات‬
‫العمل ‪. ...‬إن البقاء خامالً في العديد من الساعات األكثر فائدة في الصباح والمساء سيؤدي بالتأكيد إلى‬
‫التعصب والخراب ‪.‬وشدد بيان نُشر في صحيفة بوسطن كوريير من قبل مجموعة من التجار وأصحاب‬
‫السفن على الخسارة الجسيمة التي يتحملها المجتمع نتيجة أي تخفيض في يوم العمل‪ ،‬واستنكر‬
‫"العادات التي من المحتمل أن تتولد عن التساهل في الكسل ‪".‬ومهما كان االعتراض الحقيقي على‬
‫ساعات العمل األقصر من حيث تأثيره على أرباح األعمال‪ ،‬فقد كان في الواقع هذا الخوف المعلن من‬
‫أن يؤدي وقت الفراغ إلى تقويض أخالق العمال‬
‫‪62‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وتعزيز اإلدمان‪ ،‬وهو ما لوحظ بالفعل في موقف أصحاب العمل في نيو إنجالند االستعمارية‪ ،‬أصبح‬
‫السهم الرئيسي في التجارة للمعارضة المحافظة ألي تغيير في النظام التقليدي من شروق الشمس إلى‬
‫غروبها‪.‬‬
‫لكن العمال المنظمين في مدينة تلو األخرى رفضوا االقتناع بمثل هذه الحجج وتمسكوا بموقفهم ‪.‬‬
‫وكان مطلبهم الموحد هو أن يكون يوم العمل من السادسة صبا ًحا حتى السادسة مسا ًء‪ ،‬مع ساعة راحة‬
‫لتناول اإلفطار وساعة أخرى لتناول العشاء ‪.‬وفي بالتيمور‪ ،‬انضم أعضاء سبعة عشر حرفة إلى قواهم‬
‫في إضراب من أجل هذا اإلصالح في عام ‪ ،1833‬وبعد ذلك بعامين‪ ،‬خرج النجارون في بوسطن‪ ،‬بدعم‬
‫من البنائين والنحاتين وغيرهم من العمال في مهن البناء ‪ ،‬بمطالب مماثلة ‪. .‬كلتا الحركتين فشلتا ‪.‬ومن‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬في فيالدلفيا‪ ،‬كان اإلضراب المنظم والمدعوم شعب ًيا على نطاق أوسع هو تحقيق نصر‬
‫مدوي في عام ‪1835‬كان له أصداء واسعة النطاق‪.‬‬
‫لقد بدأها حفار الفحم وغيرهم من العمال العاديين‪ ،‬ولكن سرعان ما انضم إليهم صانعو المالبس‪،‬‬
‫والنساجون على النول اليدوي‪ ،‬وصانعو السيجار‪ ،‬والسروج‪ ،‬والطابعات‪ ،‬وأعضاء حرف البناء ‪.‬كان‬
‫للتعميم الذي يتعلق بتجارب عمال بوسطن تأثير كهربائي في توحيد العمال في فيالدلفيا‪ ،‬وعزز‬
‫تصميمهم على عدم االستسالم ‪.‬ونُ ِ ّظمت مظاهرة شعبية سار فيها العمال من جميع المهن في الشوارع‪،‬‬
‫وهم يحملون الناموس والطبول ‪.‬والفتات مكتوب عليها "من ‪6‬إلى ‪6".‬‬
‫كتب زعيمهم جون فيراي ‪ ،‬وهو حائك على النول ومحرض عمالي متحمس« ‪:‬لقد زحفنا إلى‬
‫األشغال العامة‪ ،‬وانضم العمال إلينا ‪. . . .‬توقف التوظيف‪ ،‬وتوقف العمل‪ ،‬وتم طي أكمام القمصان‪،‬‬
‫وارتداء المآزر‪ ،‬وأصبحت أدوات العمل في متناول اليد هي أمر اليوم ‪.‬لو أن مدفع العدو الغازي أطلق‬
‫تحديه على أرضنا‪ ،‬لم ا كان األحرار في فيالدلفيا قد أظهروا حماسة أكبر للمنافسة؛ الطبقة‬
‫األرستقراطية الماصة للدماء‪ ،‬وقفت وحدها مذعورة؛ لقد أصابهم الرعب‪ ،‬وظنوا أن يوم القصاص قد‬
‫أتى‪ ،‬ولكن لم يطلب الناس االنتقام أو ينتقموا من الظلم الذي عانوا منه من أعدائهم‪.‬‬
‫كان المجلس المشترك للمدينة أول من استسلم‪ ،‬وحدد يوم عمل مدته عشر ساعات لجميع الموظفين‬
‫العموميين ‪ .‬وتبعهم كبار النجارين وأساتذة صناعة الخيوط‪ ،‬وسرعان ما اصطف أصحاب العمل‬
‫اآلخرون في الصف حتى ساد يوم العمل المكون من عشر ساعات في جميع أنحاء المدينة ‪.‬كتب فيراي‬
‫" ‪:‬لقد وقفت آليات‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪63‬‬
‫فيالدلفيا ثابتة وحقيقية ؛ لقد انتصروا‪ ،‬ألنهم كانوا متحدين وحازمين في أفعالهم ‪.‬المطابع التي لم‬
‫تستطع أن تؤخر تقدم الرأي العام‪ ،‬وال تصرفه عن أهدافه العادلة‪ ،‬أي ‪...‬اعتماد نظام العشر ساعات‬
‫‪...‬اآلن نعلن انتصار ثورتنا غير الدموية ‪...‬‬
‫امتدت الحركة إلى أجزاء أخرى من البالد وحققت نجا ًحا مماثالً في العديد من المواقف ‪.‬وسرعان ما‬
‫حل اليوم المكون من عشر ساعات محل اليوم السابق الذي يمتد من شروق الشمس إلى غروبها‪،‬‬
‫بالنسبة للحرفيين والميكانيكيين ‪.‬في المصانع التي تم إنشاؤها لصناعة النسيج في نيوإنجالند‪ ،‬وفي‬
‫طويال ليظل اثنتي عشرة ساعة وأكثر ‪.‬وفي‬‫ً‬ ‫العديد من الصناعات التحويلية األخرى‪ ،‬كان يوم العمل‬
‫بعض الصفقات‪ ،‬كانت المكاسب التي تحققت في ثالثينيات القرن التاسع عشر قد ضاعت ‪.‬ولكن تم‬
‫تحقيق نصر حقيقي للغاية للعمال من خالل موقفهم المنسق في إضرابات فيالدلفيا والمدن األخرى ‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬سرعان ما تم حث الحكومة الفيدرالية على تحديد يوم عمل مدته عشر ساعات لجميع‬
‫األشغال العامة ‪.‬رفض الكونجرس أخذ أي إشعار بالمذكرات المتكررة الموجهة إليه حول هذا‬
‫الموضوع‪ ،‬ولكن عندما استأنف عمال السفن المضربون مباشرة الرئيس جاكسون في عام ‪ ،1836‬تم‬
‫تركيب النظام في ساحة فيالدلفيا البحرية ‪.‬وبعد أربع سنوات‪ ،‬اعترف فان بورين بشكل مباشر أكثر‬
‫بدينه للعمال لدعمهم السياسي من خالل أمر تنفيذي حدد عشر ساعات عمل كيوم عمل في جميع‬
‫المشاريع الحكومية‪.‬‬

‫صمد أصحاب العمل قدر استطاعتهم في مقاومة مطالب العمال بزيادة األجور ويوم عمل أقصر ‪.‬‬
‫واستمروا كلما أمكن ذلك في تقويض القدرة التفاوضية لموظفيهم من خالل االعتماد على مصادر‬
‫العمالة الرخيصة ‪ .‬ولكن فيما يتعلق بالحرفيين والميكانيكيين المهرة‪ ،‬فقد وجدوا صعوبة متزايدة في‬
‫الحفاظ على مكانتهم ‪.‬ونجحت النقابات المهنية في فرض إغالق المحل مما أدى إلى تقييد أيدي أصحاب‬
‫العمل ‪.‬من خالل البطاقات العامة التي تدرج أي عامل مياوم لم ينضم إلى نقابة على أنه "غير عادل "‬
‫وتصنف أي مؤسسة يتم فيها منح "رجل غير عادل "عمالً "كريهة"‪ ،‬سيطروا إلى حد كبير على‬
‫سوق العمل ‪.‬لم يكن هذا صحي ًحا دائ ًما بالطبع‪ ،‬لكن سجالت ذلك الوقت تكشف عن قوة غير متوقعة من‬
‫جانب العمال المنظمين في المهن الماهرة‪.‬‬
‫وفي ظل هذه الظروف‪ ،‬لجأ أصحاب العمل أكثر فأكثر إلى جمعيات الحماية المتبادلة التي كانت‬
‫مستعدة للعمل معًا في‬
‫‪64‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫مقاومة "كل مجموعة ضارة "للعمال ‪.‬وفي نيويورك‪ ،‬قامت مجموعة من أصحاب العمل والسعاة‬
‫وتجار الجلود بحمل السالح ضد نقابة الحرف العامة واتفقوا بشكل متبادل على أنهم لن يوظفوا "أي‬
‫رجل معروف بأنه عضو في هذا المجتمع أو أي مجتمع آخر له هدفه ‪".‬اتجاه الشروط أو األسعار التي‬
‫يجب على العمال أن يتعاملوا معها ‪".‬في فيالدلفيا أخذ كبار النجارين زمام المبادرة في الدعوة إلى‬
‫تشكيل جمعية مناهضة للنقابات ‪.‬تم اعتماد مجموعة من القرارات التي أعلنت أن نقابة العمال تعسفية‬
‫وغير عادلة ومؤذية ومحرك قوي لنظام التسوية الذي من شأنه أن يقلل من أرباب العمل إلى مرتبة‬
‫العمال المياومين ‪.‬وتم التأكيد على أن ألصحاب العمل كل الحق في إبرام أي عقد مع مستخدميهم‬
‫يختارونه دون تدخل أي مجتمع عمالي‪.‬‬
‫وعندما أصبحت جمعيات أصحاب العمل غير قادرة مرة أخرى على الصمود في وجه الجمعيات‬
‫العمالية‪ ،‬كان من المناسب اللجوء إلى المحكمة مرة أخرى ‪.‬تم تجديد الحملة بقوة لتفكيك النقابات‬
‫باعتبارها مؤامرات لتقييد التجارة ‪ ،‬وكما حدث في السنوات األولى من القرن‪ ،‬وجد أصحاب العمل‬
‫حلفاء راغبين في ذلك بين األعضاء المحافظين في مقاعد البدالء‪.‬‬
‫قضية الشعب ضد فيشر‪ ،‬التي حكمت فيها المحكمة العليا في نيويورك عام ‪ ،1835‬أول دليل مهم في‬
‫هذه الفترة على أن معارضة المحاكم للنقابات العمالية لم تتغير ‪.‬تمت محاكمة جمعية من العمال المهرة‬
‫في جنيف‪ ،‬نيويورك‪ ،‬بتهمة التآمر لزيادة األجور‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬كما ادعى المدعون‪ ،‬ارتكاب فعل ضار‬
‫بالتجارة والتبادل التجاري وجنحة بموجب القوانين القائمة ‪.‬وحكم رئيس المحكمة لصالح أصحاب‬
‫العمل ‪.‬وعلى أساس النظرية القائلة بأن مصالح المجتمع تتحقق على أفضل وجه عندما يترك سعر‬
‫العمل لينظم نفسه‪ ،‬أعلن أن اتحاد عمال صناعة المالبس من أجل رفع األجور يتسبب في ضرر عام ألن‬
‫"المؤامرة لمثل هذا الشيء تتعارض مع روح العمل ‪".‬القانون العام"‪.‬‬
‫وخلص القرار إلى أن "المنافسة هي حياة التجارة" ‪".‬إذا لم يتمكن المدعى عليهم من صنع أحذية‬
‫خشنة بأقل من دوالر واحد لكل زوج‪ ،‬فليرفضوا القيام بذلك؛ ولكن ال ينبغي لهم أن يتعهدوا بشكل‬
‫مباشر أو غير مباشر بالقول إن اآلخرين لن يقوموا بالعمل بسعر أقل ‪. . . .‬وكان تدخل المتهمين غير‬
‫قانوني ‪.‬وميلها ليس فقط إلى القمع الفردي‪ ،‬بل إلى اإلزعاج العام واإلحراج‪.‬‬
‫وكان تأثير هذا القرار هو تشجيع أصحاب العمل اآلخرين على السعي‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪65‬‬
‫لقمع الجمعيات التجارية على الرغم من أنهم لم يشاركوا في اإلضرابات‪ ،‬وعندما استمرت المحاكم في‬
‫اتباع سياسة مناهضة للعمال بشكل صارخ‪ ،‬نشأت عاصفة من االحتجاجات بين العمال والمتعاطفين‬
‫معهم ‪. .‬وصلت القضية إلى ذروتها في نيويورك بعد قضية أخرى في عام ‪ ،1836‬حيث اتهم القاضي‬
‫الذي يرأس المحكمة هيئة المحلفين بقوة بإيجاد مجتمع من الخياطين المهرة مذنبين بالتآمر في تقييد‬
‫التجارة‪.‬‬
‫كتب ويليام كولين براينت في دفاعه العنيف عن الخياطين في صحيفة نيويورك إيفيننج بوست ‪:‬‬
‫"لقد تمت إدانتهم‪ ،‬ألنهم قرروا عدم العمل مقابل األجور المقدمة لهم !هل يمكن تصور أي شيء أكثر‬
‫بغضا ‪. ...‬إذا لم تكن هذه عبودية‪ ،‬فقد نسينا تعريفها ‪.‬احذف حق المشاركة في بيع العمل من االمتيازات‬
‫التي يتمتع بها الرجل الحر‪ ،‬ويجوز لك أيضًا أن تربطه على الفور بسيد أو أن تنسبه إلى األرض‪. . . ".‬‬
‫قام القادة العماليون الغاضبون في نيويورك بتوزيع منشورات في جميع أنحاء المدينة‪ ،‬مكتوب‬
‫عليها نعش‪ ،‬والتي دعت جميع العمال إلى الحضور إلى المحكمة في اليوم المحدد للحكم على الخياطين‬
‫المدانين‪.‬‬
‫وجاء في التعميمات" ‪:‬في يوم االثنين الموافق ‪6‬يونيو ‪ ،1836‬سيتلقى هؤالء األحرار عقوبتهم‪،‬‬
‫إلشباع شهية األرستقراطيين الجهنمية ‪.‬يوم االثنين سيتم دفن حرية العمال !القاضي إدواردز سيقوم‬
‫بترديد القداس !يذهب !يذهب !كل رجل حر‪ ،‬كل عامل ‪ ،‬واستمع إلى صوت األرض الحزين على نعش‬
‫المساواة !فلتمتلئ قاعة المحكمة‪ ،‬وقاعة المدينة‪ ،‬بل والمنتزه بأكمله‪ ،‬بالمشيعين »!ال يبدو أن الحشد‬
‫الذي خرج بالفعل قد وصل إلى النسب المأمولة وكان سلميًا تما ًما ‪.‬ولكن بعد أسبوع‪ ،‬وبعد الحكم على‬
‫الخياطين حسب األصول ‪ ،‬عُقد اجتماع جماهيري آخر ضم حوالي ‪27.000‬شخص‪ ،‬وتم حرق تمثال‬
‫القاضي المخالف بشكل كبير‪.‬‬
‫كان رد الفعل ضد هذه المحاكمات في الواقع قويا ً للغاية لدرجة أن هيئة المحلفين لم تستطع إال أن‬
‫تتأثر به‪ ،‬وفي قضيتين أخريين من قضايا المؤامرة‪ ،‬صدرت نفس األحكام الصيفية بالبراءة ‪.‬وأخيراً‪،‬‬
‫في عام ‪ ،1842‬أصدر رئيس المحكمة العليا شو في ماساتشوستس قراراً مهما ً في قضية الكومنولث‬
‫ضد هانت‪ ،‬والذي بدا وكأنه يوفر أساسا ً متينا ً لشرعية النقابات‪.‬‬
‫كانت القضية هي قضية جمعية ‪Journeymen Bootmakers‬في بوسطن‪ ،‬التي وافق‬
‫عامال مياو ًما ال ينتمي إلى منظمتهم ‪.‬صرح رئيس‬‫ً‬ ‫أعضاؤها على عدم العمل لدى أي شخص يوظف‬
‫القضاة شو أن الهدف الواضح للجمعية هو حث جميع المنخرطين‬
‫‪66‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫في نفس المهنة على أن يصبحوا أعضاء‪ ،‬وأن هذا ال يمكن اعتباره غير قانوني ‪.‬كما أنه ال يستطيع أن‬
‫يرى أن صانعي األحذية‪ ،‬في محاولتهم تحقيق ذلك من خالل رفض العمل لدى أي صاحب عمل يستعين‬
‫عضوا‪ ،‬كانوا يستخدمون وسائل إجرامية ‪.‬واستشهد كمثال محتمل بمجتمع قد يتولى‬ ‫ً‬ ‫بعامل ليس‬
‫أعضاؤه الترويج لقضية االعتدال الجديرة بالثناء من خالل الموافقة على عدم العمل لدى أي شخص‬
‫يوظف مستخد ًما لألرواح المتحمسة ‪.‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن االتفاق على العمل المشترك لتحقيق هدف‬
‫مشروع ال يشكل بالضرورة مؤامرة جنائية ‪.‬وخلص القرار إلى أن «مشروعية مثل هذه الجمعية‬
‫سوف ‪...‬سوف ‪...». . .‬تعتمد على الوسائل التي ستستخدم لتحقيقها‪. . . ".‬‬
‫وبقدر ما كان ال يزال يتعين على المجتمعات العمالية أن تثبت أن الوسائل التي اعتمدتها لتحقيق‬
‫أهدافها كانت مشروعة في كل األحوال‪ ،‬فإن هذا القرار لم يكن انتصارا كامال للعمال ‪.‬لقد استندت بالفعل‬
‫إلى بعض التفاصيل الفنية في الئحة االتهام ‪.‬لكن التنظيم النقابي وحتى مبدأ المحل المغلق حظيا بدعم‬
‫كبير ‪ .‬ولم يمر وقت طويل حتى وجد حزب العمال نفسه مرة أخرى في موقف دفاعي قانوني‪ ،‬حيث‬
‫واجه تهم التآمر المتجددة بموجب قوانين مكافحة االحتكار واالستخدام التعسفي لألوامر القضائية ضد‬
‫اإلضرابات والمقاطعة‪.‬‬

‫وفي حركة العشر ساعات‪ ،‬والثورة ضد قوانين المؤامرة‪ ،‬وفي إضراباتهم‪ ،‬حظي العمال في‬
‫ثالثينيات القرن التاسع عشر بدعم كامل ونشط من نقاباتهم العامة ‪.‬وكانت هذه المنظمات على استعداد‬
‫لتقديم كل ما في وسعها من مساعدة‪ ،‬سواء في دعم المجتمعات المحلية في مطالبها أو في تقديم‬
‫المساعدة المالية عندما يخرج العمال عن اإلضراب ‪.‬وفي نيويورك وفيالدلفيا وبوسطن –أينما تشكلت‬
‫نقابات عامة –كان هناك تعاون وثيق بين العمال نتيجة لهذه القيادة ‪.‬تم دفع المستحقات الشهرية‬
‫للمنظمة المركزية‪ ،‬مما جعل من الممكن إنشاء صندوق إضراب‪ ،‬وفي كثير من الحاالت‪ ،‬تم تخصيص‬
‫اعتمادات نقابية إضافية لمساعدة أعضاء الجمعيات األخرى المضربين ‪.‬وفي بعض األحيان كانت هذه‬
‫المساعدات تمتد من مدينة إلى أخرى ‪.‬عندما ناشد وفد من مجلدي الكتب في فيالدلفيا مساعدة اتحاد‬
‫التجارة العامة في نيويورك في فبراير عام ‪ ،1836‬تم اعتماد قرار لصالح هذا اإلجراء على الفور ‪.‬‬
‫ودعت جميع األعضاء إلى دعم "زمالئهم الميكانيكيين‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪67‬‬
‫الذين دفعوا في هذا الموسم العاصف إلى الوقوف من أجل حقوقهم ضد الطغيان األرستقراطي ‪".‬تم‬
‫إرسال مبالغ متفاوتة من المال إلى مجلدات الكتب ليس فقط من قبل النقابات في نيويورك ولكن أيضًا‬
‫من قبل النقابات في واشنطن وبالتيمور وألباني ونيوارك‪.‬‬
‫لم يكن اتحاد العمال الوطني‪ ،‬الذي اجتمع ألول مرة في عام ‪1834‬وعقد مؤتمراته في العامين‬
‫التاليين‪ ،‬يتمتع بالتنظيم الوثيق الذي تتمتع به نقابات العمال العامة ‪.‬وظل المؤتمر أكثر من مجرد‬
‫مؤتمر سنوي يناقش قضايا العمل ويوجه أحيانًا رسائل تذكارية إلى الكونجرس ‪-‬في يوم العمل لمدة‬
‫عشر ساعات‪ ،‬أو العمل في السجون أو األراضي العامة ‪.‬كما تم تسجيلها أيضًا‪ ،‬على الرغم من رفضها‬
‫الدخول في عمل سياسي مباشر‪ ،‬لدعم العديد من اإلصالحات التي يروج لها ديمقراطيو جاكسون ‪.‬لقد‬
‫هاجمت " هذا النظام المصرفي األمريكي‪ ،‬ونظام المال الفاسد هذا‪ ،‬ونظام االحتكارات القانوني الذي‬
‫يجعل األغنياء أكثر ثراء والفقراء أكثر فقرا ‪".‬ومع ذلك‪ ،‬لم تكن بأي حال من األحوال حركة واعية‬
‫طبق ًيا" ‪.‬إن هدفنا هو تشكيل نقابة العمال"‪ ،‬هذا ما أعلنته هيئتها "االتحاد "في ‪21‬إبريل ‪1836‬‬
‫‪.‬لم يكن لخلق‬
‫شعور بالعداء تجاه غير المنتجين؛ [ ‪. . .‬ولكن ]أن يرفعوا تقديرهم ألنفسهم واآلخرين‪ ،‬أولئك الذين هم‬
‫منتجو ضروريات الحياة وكمالياتها‪.‬‬
‫ولعل أعظم مساهمة قدمها اتحاد العمال الوطني لقضية العمل كانت تلك المساهمة في جمع قادة‬
‫سا بالهدف المشترك ودعم أنشطتهم مما شجعهم‪ ،‬كما‬ ‫العمال من مختلف أنحاء البالد ‪.‬لقد أعطتهم إحسا ً‬
‫في حالة حركة العشر ساعات‪ ،‬على مواصلة نضاالتهم المحلية من أجل حقوق العمال‪.‬‬
‫كان جون فيراي‪ ،‬حائك النول اليدوي العدواني الذي قاد اإلضراب الناجح لمدة عشر ساعات في‬
‫فيالدلفيا‪ ،‬شخصية بارزة في المؤتمرات النقابية ‪.‬ولم يحث أحد بقوة على العمل االقتصادي المباشر‬
‫من قبل المجتمعات العمالية أو يحذر في كثير من األحيان من خطر تحويلها عن أهدافها الرئيسية عن‬
‫طريق التملق السياسي ‪.‬وكتب« ‪:‬لقد حاول أصحاب المناصب والباحثون عن المناصب من جميع‬
‫األحزاب استدراجنا إلى شباك شباكهم‪ ،‬لكن الخبرة جاءت لمساعدتنا‪ ،‬وكنا خجولين مثل الغزال‬
‫الصغير‪ ،‬نخجل من تقدمهم؛ شعرنا باالمتنان للمساعدات التي قدموها لنا‪ ،‬لكننا قلنا لهم "إننا نعرف‬
‫حقوقنا‪ ،‬ونعرف أننا نجرؤ على الحفاظ عليها ‪".‬ربما كانت مبادرته وطاقته من أهم العوامل في تنظيم‬
‫اتحاد التجارة العامة بفيالدلفيا ‪.‬لقد شغل منصب رئيس إحدى لجانه المنظمة األصلية‪ ،‬وكان‬
‫‪68‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫يشارك باستمرار في أنشطتها‪ ،‬وكانت اإلشارات إلى "فساتينه اإلعالنية المفعمة بالحيوية "*موجودة‬
‫في جميع إجراءات االتحاد‪.‬‬
‫سكرتيرا التحاد المهن العامة لفترة ‪.‬لقد كان صانع أحذية مياو ًما‪ ،‬وكان ً‬
‫بطال راديكاليًا ومتقلبًا‬ ‫ً‬
‫للغاية لقضية العمال ‪.‬أعلن منتقدوه أنه لم تكن لديه فكرة أنه لم يقترض أو يسرق من شخص آخر‪ ،‬لكن‬
‫خطاباته الحماسية كانت تحظى دائ ًما باهتمام شعبي‪.‬‬
‫كان الممثل الرئيسي لعمال نيو إنجالند هو تشارلز دوغالس‪ ،‬أحد مؤسسي رابطة نيو إنجالند‬
‫للمزارعين والميكانيكيين وغيرهم من العمال‪ ،‬ورئيس تحرير مجلة ‪New England Artisan.‬لم‬
‫تكن معارضته للنشاط السياسي أقل وضو ًحا من معارضة جون فيراي‪ ،‬على الرغم من أن جمعية نيو‬
‫إنجالند أصبحت منخرطة بشكل مباشر في الحمالت الحكومية في ماساتشوستس ‪.‬كان اهتمامه‬
‫الخاص منص ًبا على وضع العاملين في مصانع النسيج‪ ،‬وكان من أوائل المتحدثين باسم هذه الفئة من‬
‫العمال‪.‬‬
‫وحضر اجتماعًا واحدًا على األقل لنقابة العمال الوطنية زميله العامل في هذه القضية‪ ،‬سيث لوثر‪،‬‬
‫الملقب بـ "وكيل السفر "للحرفيين والنموذج األولي للعديد من المحرضين العماليين الالحقين ‪.‬لقد كان‬
‫واحدًا من أكثر قادة هذه الفترة روعة‪ ،‬وهو يانكي طويل القامة‪ ،‬نحيف‪ ،‬يمضغ التبغ‪ ،‬يرتدي عادة‬
‫سترة خضراء زاهية‪ ،‬وكان يتجول في مدن المصانع ويدعو العمال إلى الدفاع عن حقوقهم " ‪.‬ال يمكنك‬
‫رفع جزء من المجتمع فوق جزء آخر إال إذا وقفت على أجساد الفقراء"‪ ،‬أعلن مراراً وتكراراً ‪ ،‬ودعما ً‬
‫لهذه األطروحة‪ ،‬أصدر مجموعة من الكتيبات التي تصور الحياة القاسية للنساء واألطفال العاملين ‪.‬في‬
‫ساخرا‪ ،‬شديد األلوان ‪.‬كتب لوثر ‪:‬‬
‫ً‬ ‫مصانع القطن تحت سياط مديري المصانع ‪.‬كان أسلوبه متجه ًما‪،‬‬
‫"بينما تطفو الموسيقى من األوتار المرتعشة عبر الشقق المعطرة والمزينة ‪...‬لألغنياء‪ ،‬فإن أعصاب‬
‫المرأة الفقيرة والطفل‪ ،‬في مصانع القطن‪ ،‬ترتعش من عذاب يكاد يموت‪ ،‬من العمل المفرط إلى العمل‬
‫الشاق ‪".‬ادعموا هذه الروعة"‪.‬‬
‫كان أول رئيس التحاد الحرف الوطني هو إيلي مور ‪.‬كان في األصل طالبًا للطب‪ ،‬لكنه تخلى عن‬
‫المهنة ليصبح عامل طباعة‪ ،‬ثم دخل بنشاط في الحركة العمالية ‪.‬لقد عانى من اعتالل صحته‪ ،‬مما أدى‬
‫في النهاية إلى تقاعده من المشهد السياسي‪ ،‬ولكن ليس قبل أن يثبت‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪69‬‬
‫نفسه كمنظم قدير وإداري فعال في األنشطة النقابية ‪.‬طويل القامة‪ ،‬وسيم‪ ،‬ذو شعر أسود مجعد ممشط‬
‫إلى الخلف فوق جبهته العريضة‪ ،‬يرتدي مالبس أنيقة دائ ًما ويحمل عادة عصا ذات رأس عاجي‪ ،‬وكان‬
‫يمتلك‪ ،‬وفقًا لمعاصريه‪ ،‬قوة بالغة مثيرة ‪.‬ترأس اتحاد الحرف العام في نيويورك قبل أن يتولى منصبه‬
‫في اتحاد الحرف الوطني‪ ،‬وبصفته السابقة كان بمثابة الكلمة الرئيسية للحركة العمالية النامية في‬
‫مخاطبة العمال باعتبارهم روادًا في القضية العظيمة‪.‬‬
‫قائالً" ‪:‬إلىكم‪ ،‬أيها السادة‪ ،‬باعتباركم الممثلين الفعليين للمصالح الميكانيكية في جميع أنحاء البالد‪،‬‬
‫فإن أعين اآلالف واآلالف تتجه نحوكم؛ ألنه إذا نجحت التجربة هنا‪ ،‬وتقل توقعات أصدقاء الشعب ‪".‬‬
‫عندما يتحقق "االتحاد"‪ ،‬سيتم تشكيل نقابات أخرى ذات طابع مماثل‪ ،‬في كل قسم ‪...‬ولكن في حالة‬
‫محذرا جمهوره من أن "األرستقراطيين المتغطرسين في البالد سوف يشيدون‬ ‫ً‬ ‫فشلها‪ ،‬تابع بعد ذلك‬
‫بالحدث بقلوب مبتهجة ‪".‬والرضا الجهنمي"‪.‬‬
‫سرعان ما جعل مور من منصبه في الدوائر العمالية نقطة انطالق للدخول في السياسة النشطة‪،‬‬
‫وبدعم من النقابات وتام ماني هول‪ ،‬تم إرساله إلى الكونجرس في نفس العام الذي تم فيه اختياره‬
‫ً‬
‫بارزا‬ ‫دورا‬
‫سا التحاد الحرف الوطني ‪.‬هناك نال شهرة وطنية كمتحدث باسم مصالح العمال ولعب ً‬ ‫رئي ً‬
‫في تقديم المذكرات المختلفة التي وجهتها النقابة إلى الكونجرس ‪.‬كلما تحدث كان يبدو أنه يحظى‬
‫باهتمام كبير بسبب مناشداته من أجل حقوق العمال وهجماته العنيفة على "الجشع القاسي للقلة‬
‫المتميزة‪".‬‬
‫في أعقاب اإلثارة الشعبية التي أثارتها محاكمة مؤامرة الخياطين في نيويورك‪ ،‬نهض في إحدى‬
‫المناسبات في أبريل ‪1836‬للدفاع عن العمال في ظل ظروف دراماتيكية غير عادية ‪.‬وكان ممثل من‬
‫والية كارولينا الجنوبية قد حذر من احتمال تمرد العمال ‪.‬على الرغم من أنه كان مريضًا جدًا لدرجة أنه‬
‫اضطر إلى تثبيت نفسه من خالل االتكاء على عصاه‪ ،‬إال أن مور خاطب جمهوره بصوت رنين وصل‬
‫إلى كل فرد في المجلس ‪.‬وتساءل بشكل قاطع كيف يمكن التآمر ضد مصالح الدولة وسالمتها من قبل‬
‫مجموعة تشكل ثالثة أرباع الدولة؟ "سيدي‪" ،‬أعلن وهو يحدق في رئيس مجلس النواب بينما كان‬
‫جمهوره يستمع باهتمام وسمع أحد أعضاء الكونجرس الجنوبي يتمتم قائالً إن رئيس كهنة الثورة كان‬
‫‪70‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫يغني أغنيته البجعة‪" ،‬هناك خطر أكبر بكثير من أن يستولي رأس المال على نفسه بشكل غير عادل‬
‫فوائد العمل‪ ،‬أكثر مما يستولي عليه العمل بشكل غير قانوني على رأس المال‪.‬‬
‫كتب أحد المراسلين يصف المشهد في مجلة المراجعة الديمقراطية" ‪:‬كانت عيني مثبتة عليه ‪".‬‬
‫«لقد رأيته أصبح أكثر شحوبًا من أي وقت مضى؛ حتى اجتاح وجهه لون قاتل؛ كانت يداه معلقتين في‬
‫الهواء‪ ،‬وبدا أن جثته واقفة ويداه ممدودتان أمام الحشد الهائج ‪-‬عيناه مغمضتان‪-‬ترنح‪ ،‬ووسط اندفاع‬
‫وصيحات التعجب في المنزل بأكمله‪ ،‬سقط فاقدًا للوعي في أحضان‪grasped at emptiness—a‬‬
‫أحد أصدقائه»‪.‬‬
‫تعافى مور من نوبة المرض هذه لكنه لم يخاطب مجلس النواب مرة أخرى ‪.‬شعر أصدقاؤه أنه كان‬
‫في حالة صحية سيئة للغاية بحيث ال يتحمل الضغط الذي فرضه التحدث أمام الجمهور على أحد مزاجه‬
‫العصبي المتحمس ‪.‬لكن خطبته مرت بسرعة في أربع طبعات ولعبت دورها في إيقاف الحملة لحظر‬
‫النقابات من خالل إجراءات المحكمة ‪.‬وكان الرأي العام يتأرجح أكثر فأكثر لدعمهم ‪.‬تساءل ويليام‬
‫كولين براينت في صحيفة نيويورك إيفنينج بوست « ‪:‬ما الذي يمكن تحقيقه سوى ثورة عامة لجميع‬
‫الطبقات العاملة‪ ،‬من خالل هذه الهجمات الوحشية وغير المبررة على حقوقهم؟»‬

‫وال يمكن مقارنة الحركة العمالية في هذه السنوات بالحركة التي شهدتها بعد قرن من الزمن ‪.‬لقد‬
‫نشأ من الظروف السائدة في المجتمع األمريكي التي ال تزال تشبه إلى حد بعيد الظروف التي كانت‬
‫سائدة في الفترة التي كان فيها العدد الكبير من العمال من العاملين بأجر في صناعات اإلنتاج الضخم ‪.‬‬
‫كان أعضاء المجتمعات العمالية المبكرة‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬إلى حد كبير ميكانيكيين وحرفيين‪ ،‬مستقلين نسبيًا‪،‬‬
‫ولم يرغبوا في التفكير في أنفسهم على أنهم ينتمون إلى طبقة دائمة ومتميزة تكسب األجر ‪.‬‬
‫وعند النظر في االنقسامات المعاصرة في المجتمع األمريكي‪ ،‬فإن الخطوط التي رأوها كانت تلك‬
‫التي تفصل بين األرستقراطية والديمقراطية‪ ،‬وبين األغنياء والفقراء‪ ،‬وليس بين أصحاب العمل‬
‫والموظفين ‪.‬لقد أثارهم إلى حد كبير‪ ،‬كما جاء في خطاب ألقته جمعية نيو إنجالند ‪" ،‬التقدير المتدني‬
‫للعمل المفيد من قبل العديد من األشخاص الذين مكنتهم مكانتهم في المجتمع من إعطاء الرأي العام‬
‫طاب ًعا ‪ ".‬لقد استاءوا من االتجاه الذي يسعى بموجبه كل من يستطيع إلى إيجاد بعض وسائل العيش‬
‫دون عمل شاق وأدانوا المزيد من االستخدام‪.‬‬
‫‪Labor Strength in the 1830's‬‬ ‫‪71‬‬
‫جز ء كامل ومجتهد من المجتمع إلى حياة من الكدح المستمر " ‪-‬يتم تجريدهم من الحصة األفضل من‬
‫وكثيرا ما يحتقرهم نفس الرجال‬
‫ً‬ ‫متدهورا في المجتمع‪،‬‬
‫ً‬ ‫مكاسبهم‪ ،‬ويحتلون وض ًعا تاب ًعا‪ ،‬إن لم يكن‬
‫والنساء واألطفال الذين يعيشون في هذا المجتمع ‪".‬والتخفيف من ثمار عملهم "‪.‬كانت كرامة العمل‪،‬‬
‫واالحترام الواجب للعمال‪ ،‬موضع اهتمام النقابات العمالية في ثالثينيات القرن التاسع عشر بقدر‬
‫'‬ ‫اهتمامها بتحسين ظروف العمل الفعلية ‪.‬‬
‫ومهما قيل عن الهدف النبيل للنقابات العمالية في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬ومهما كان التقدم‬
‫الذي أحرزته في تحقيق أهدافها األوسع واألكثر إلحاحاً‪ ،‬فإن أيامها كانت معدودة ‪.‬وفي عام ‪،1837‬‬
‫انتهى فجأة الرخاء الذي كان بمثابة الخلفية لنموهم وإنجازاتهم ‪.‬تم ثقب فقاعة المضاربة بوقاحة ‪.‬‬
‫ومع انخفاض األسعار بسرعة‪ ،‬اجتاحت األوقات الصعبة األمة بأكملها مرة أخرى ‪.‬جفت التجارة‪،‬‬
‫وانخفض التصنيع بشكل حاد‪ ،‬وركدت األعمال في البلدات والمدن المزدهرة سابقًا على ساحل المحيط‬
‫األطلسي والغرب‪.‬‬
‫واجه العمال مرة أخرى ما يعنيه الكساد دائ ًما بالنسبة للعمال‪ ،‬وهو انخفاض األجور والبطالة ‪.‬‬
‫وعندما كان البديل عن العمل هو المجاعة ألنفسهم وأسرهم‪ ،‬تركوا النقابات كما فعلوا في عام ‪1819‬‬
‫خوفًا من انتقام أصحاب العمل‪ ،‬ولم يجرؤوا على اإلضراب لحماية المكاسب التي حققوها عندما كانت‬
‫األمور تسير على ما يرام ‪.‬مع استثناءات قليلة‪ ،‬انهارت مجتمعات العمال المهرة التي بدت قوية جدًا ‪.‬‬
‫لقد سحقتهم الظروف االقتصادية ‪ ،‬ومع انهيارهم اختفت صحفهم واتحاداتهم بين عشية وضحاها‬
‫تقري ًبا ‪.‬أدى كساد عام ‪1837‬إلى توقف الحركة العمالية الناشئة‪ ،‬حيث أدى ذلك قبل ثمانية عشر عا ًما‬
‫إلى تفكيك المجتمعات التجارية األصلية ‪.‬ولن تستعيد الحركة النقابية قدراً مماثالً من القوة والحيوية‬
‫لمدة نصف قرن آخر‪.‬‬
‫ولو تمكنت العمالة المنظمة من النجاة من هذا الذعر المالي واالقتصادي‪ ،‬لكان من الممكن أن يتبع‬
‫تاريخها الالحق مسارا مختلفا تماما ‪.‬ربما كانت النقابات القوية قادرة على التعامل مع االحتياجات‬
‫سا في‬ ‫الجديدة والمشاكل الجديدة التي تواجه العمال عندما أصبح التأثير الكامل للثورة الصناعية محسو ً‬
‫المجتمع األمريكي ‪ .‬وكان ظلها الطويل يسقط على األرض في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬وكانت‬
‫الطبقة الجديدة من عمال المصانع تنمو باستمرار ‪.‬وكان العمال المهرة الذين تم تنظيمهم بالفعل على‬
‫استعداد للتعاون مع هؤالء األجراء األضعف‪ ،‬وكان بوسعهم أن يساعدوا‪ ،‬في هذه المرحلة المبكرة من‬
‫التصنيع‪ ،‬في تشجيع إنشاء‬
‫‪72‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫نقابات ف ّعالة بين العمال غير المهرة ‪.‬ولكن هذا لم يكن ليكون ‪.‬وبما أن التوسع المطرد للمصنوعات‬
‫كان يميل إلى إضعاف الطبقة العاملة بأجر‪ ،‬فقد فشل العمل في تطوير أي برنامج للعمال ككل يمكن أن‬
‫يدعم مصالحهم بنجاح‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬
‫الخامس ‪:‬تأثير‬
‫الصناعة‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫خالل جولته األمريكية عام ‪ ،1842‬زار تشارلز ديكنز مدينة لويل بوالية ماساتشوستس‪ ،‬حيث أنشأ‬
‫مصنعو المنسوجات الجدد في نيو إنجالند واحدة من أولى مدن المصانع في البالد ‪.‬بدت له الشابات‬
‫والفتيات الالتي يشكلن معظم القوة العاملة نموذ ًجا للفضيلة‪ ،‬سعيدات وراضيات ومثاليات في‬
‫سلوكهن ‪.‬بقلنسواتهم األنيقة والصالحة لالستعمال‪ ،‬ومعاطفهم وشاالتهم الدافئة‪« ،‬كانوا جميعًا‬
‫يرتدون مالبس أنيقة‪ ،‬ولكن ليس وفقًا لتفكيري فوق مكانتهم؛ ‪. . .‬من بين كل الحشود التي رأيتها في‬
‫المصانع المختلفة في ذلك اليوم‪ ،‬ال أستطيع أن أتذكر أو أفصل وج ًها واحدًا أعطاني انطباعًا مؤل ًما‪.‬‬
‫كما أعجب الرحالة اإلنجليزي بالغرف المنظمة جيدًا في المصانع‪ ،‬وبعضها به نباتات تنمو في‬
‫النوافذ‪ ،‬وبالهواء النقي والنظافة والراحة؛ لقد أعجب بالبيوت الداخلية التي تعيش فيها الشابات تحت‬
‫رعاية دقيقة‪ ،‬وأذهله بشكل خاص ما وصفه بثالث حقائق مذهلة ‪:‬كانت هناك آالت بيانو مشتركة في‬
‫العديد من المنازل‪ ،‬وكانت جميع الشابات تقري ًبا مشتركات فيها ‪.‬المكتبات المتداولة‪ ،‬وتم نشر مجلة ‪-‬‬
‫عرض لويل ‪-‬والتي كانت تتكون بالكامل من قصص ومقاالت كتبها عمال المصنع ‪.‬وهو يحدق بسعادة‬
‫في هذه الجنة الصناعية‪ ،‬ويقارنها بمراكز التصنيع في إنجلترا‪ ،‬وتوسل إلى مواطنيه بإخالص "أن‬
‫يتوقفوا ويتأملوا في الفرق بين هذه المدينة وتلك األماكن العظيمة للبؤس‪".‬‬
‫على الرغم من أنه كان من الممكن أيضًا اإلشارة‪ ،‬حتى في عام ‪ ،1842‬إلى أن فتيات المصانع‬
‫عملن لساعات طويلة بشكل ال يصدق‪ ،‬وكانن مكتظات للغاية في منازلهن الداخلية‪ ،‬ووجدن أن حياتهن‬
‫منظمة ومسيطر عليها بالكامل من قبل أصحاب المصانع األبويين‪ ،‬فإن الصورة التي أظهرها‬
‫المتحمسين لم يكن ما رسمه ديكنز من لويل بعيدًا تما ًما عن الحقائق ‪.‬وأكد زوار آخرون انطباعاته‬
‫العامة ‪.‬هم أيضا كتبوا ‪73‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫من الجو اللطيف‪ ،‬والفرص الثقافية التي توفرها المكتبات وقاعات المحاضرات المنتشرة‪ ،‬والمظهر‬
‫المرح للشابات‪ ،‬ليس فقط بقلنسوات أنيقة فوق خصالت شعرهن الملتفة بعناية‪ ،‬ولكن أيضًا يرتدين‬
‫جوارب حريرية ويحملن مظالت ‪.‬ربما لم تكن مدينة لويل مسلية كما كتب الرحالة الفرنسي مايكل‬
‫شوفالييه‪ ،‬لكنها كانت "نظيفة والئقة ومسال ّمة ورصينة‪".‬‬
‫في هذه المراحل المبكرة من الثورة الصناعية‪ ،‬بدا أن بعض أجزاء الواليات المتحدة على األقل قد‬
‫أفلتت من الجوانب األكثر كراهية لظهورها في أوروبا ‪.‬أراد الرأسماليون في ماساتشوستس‪ ،‬الذين‬
‫أسسوا مصانع النسيج األولى‪ ،‬منع اضطهاد العمال الذي نتج عن تطور نظام المصانع في الخارج ‪.‬لقد‬
‫كانوا يعتزمون الحصول على إمدادات العمالة الخاصة بهم من السكان الزراعيين في نيو إنجالند‪ ،‬وإلى‬
‫حد كبير جدًا من الشابات والفتيات‪ ،‬وساعدتهم الظروف الجذابة في تأمين نوع العمال الذي يريدونه ‪.‬‬
‫في مطاحن رود آيالند‪ ،‬حيث تم حث عائالت بأكملها على االنتقال إلى المدينة مع الزوج والزوجة‬
‫واألطفال الذين يلعبون جمي ًعا دورهم في رعاية األنوال والمغازل‪ ،‬كان الوضع مختلفًا تما ًما ‪.‬وتم‬
‫استغالل أيدي المصانع بقسوة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كانت الفكرة وراء لويل هي إنشاء مدرسة داخلية لإلناث‪،‬‬
‫باستثناء أن الشابات كن يعملن في المطاحن بدالً من دراستهن‪.‬‬
‫لقد تم بذل كل ما في وسعهم للحفاظ على صحتهم‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬أخالقهم ‪.‬كان عليهم أن‬
‫يعيشوا في المعاشات‪ ،‬حيث كانوا تحت إشراف صارم وكانت األبواب مغلقة في الساعة ‪10‬مساء ‪.‬م ‪.‬‬
‫كان من المتوقع أن يحضروا الكنيسة ‪.‬لم يكن الفصل من الخدمة مجرد نتيجة فورية للفحش أو األلفاظ‬
‫النابية أو الرقص‪ ،‬ناهيك عن االنحرافات األخالقية الخطيرة‪ ،‬ولكن فيما يتعلق بالعمال الذكور ‪ ،‬ذكرت‬
‫شركة لويل للتصنيع أنها لن "تستمر في توظيف أي شخص يجب أن أن يكون غير محترم بشكل الئق‬
‫تجاه اإلناث الموظفات في الشركة‪ ،‬أو الالتي يدخن داخل مباني الشركة‪ ،‬أو يكون مذنبًا بارتكاب جريمة‬
‫السكر‪.‬‬
‫كانت ساعات العمل الطويلة طويلة ولكنها لم تكن مرهقة كما قد تبدو ‪.‬لم تكن العناية باألنوال شاقة‬
‫كما أصبحت أنواع العمل األخرى في المصانع‪ ،‬وكانت لدى الشابات فرص متكررة للراحة‪ ،‬والقراءة‪،‬‬
‫نادرا ما‬
‫والتحدث فيما بينهن‪ ،‬وسقي النباتات على عتبات النوافذ ‪.‬بعد دفع تكاليف طعامهم وإقامتهم‪ً ،‬‬
‫كان لديهم أكثر من دوالرين أسبوعيًا من أجورهم‪ ،‬ولكن بالنسبة ألفراد أسر المزارعين الذين لم يكن‬
‫لديهم أي دخل نقدي معروف تقريبًا‪ ،‬حتى هذا المبلغ الصغير بدا وكأنه ثروات ‪.‬كانت تذهب عمو ًما إلى‬
‫البنك‪ ،‬وكان هناك‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪75‬‬
‫وقت قيل فيه إن متوسط ودائع فتيات لويل يصل إلى ‪500‬دوالر‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن التمييز األكثر أهمية بين الظروف في هذه الفترة المبكرة والسنوات الالحقة هو أن‬
‫العمال ما زالوا ال يعتبرون أنفسهم موظفين بشكل دائم بأي حال من األحوال ‪.‬جاءت معظم الشابات من‬
‫الريف للعمل في لويل فقط للسنوات القليلة الالزمة لتوفير المال للزواج‪ ،‬أو ما يكفي للذهاب إلى أوهايو‬
‫وأجزاء أخرى من الغرب الجديد كمعلمات في المدارس ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬إذا لم يعجبهم العمل‪ ،‬أو كان‬
‫عليهم أن يتم تسريحهم في أوقات الركود‪ ،‬فيمكنهم بسهولة العودة إلى منازلهم في المزارع ‪.‬ولم‬
‫يكونوا مرتبطين بشدة بالمطاحن وال يعتمدون عليها كل ًيا‪.‬‬
‫لكن الظروف السعيدة نسبيا ً في هذه الحياة لم تدم طويالً ‪.‬كانت التغييرات بعيدة المدى جارية بالفعل‬
‫في وقت زيارة ديكنز إلى لويل ‪.‬وم ع تزايد المنافسة في صناعة النسيج‪ ،‬أفسحت النزعة األبوية‬
‫الحميدة ألصحاب المصانع المجال أمام ضوابط أكثر صرامة لم يكن لها أي عالقة برفاهية العمال ‪.‬تم‬
‫تخفيض األجور‪ ،‬وإطالة ساعات العمل‪ ،‬وتم إدخال ما يعادل التسريع في عمليات المصنع ‪.‬بالنسبة ليوم‬
‫عمل من ‪11/2‬إلى ‪ 13‬ساعة‪ ،‬وهو ما يشكل أسبوعًا متوس ًطا يبلغ ‪75‬ساعة‪ ،‬كانت العامالت يكسبن‬
‫دوالرا في األسبوع (باستثناء الطعام )بحلول أواخر أربعينيات القرن التاسع‬ ‫ً‬ ‫بشكل عام أقل من ‪1.50‬‬
‫عشر‪ ،‬وكان يُجبرن على رعاية أربع ساعات ‪.‬يلوح في األفق بينما في ثالثينيات القرن التاسع عشر‬
‫كانوا يعتنون باثنين فقط ‪.‬عندما وجد مدير إحدى المطاحن في هوليوك‪ ،‬ماساتشوستس‪ ،‬يديه‬
‫"ضعيفتين "ألنهما تناولتا اإلفطار‪ ،‬أمرهما بالحضور قبل اإلفطار ‪.‬قال وكيل في مصنع آخر« ‪:‬إنني‬
‫أحترم العاملين لدي ‪ ،‬تما ًما كما أحترم آالتي ‪.‬وطالما أنهم يستطيعون القيام بعملي مقابل ما أختار أن‬
‫أدفعه لهم‪ ،‬فإنني أحتفظ بهم‪ ،‬وأخرج منهم كل ما أستطيع‪.‬‬
‫بدأت الشكاوى المريرة تحل محل الرضا السابق مع تفاقم هذه الظروف بشكل مطرد ‪.‬كتب لين‬
‫ريكورد " ‪:‬لقد تم فرض هؤالء السيدات عليهم بشكل فاضح من قبل أصحاب العمل األرستقراطيين‬
‫والمهينين‪ ،‬باعتبارهم أسيادهم وأسيادهم ‪" .‬أعلن أوريستيس براونسون‪ ،‬الصديق الراديكالي لحزب‬
‫العمال‪ ،‬أن "الجماهير الكبيرة تستنزف صحتها ومعنوياتها وأخالقها دون أن تصبح أفضل ً‬
‫حاال مثقال‬
‫ذرة ‪".‬في صوت الصناعة‪ ،‬وهي صحيفة عمالية جديدة مكرسة لقضية عمال المطاحن‪ ،‬كانت هناك‬
‫هجمات متكررة على السياسات التي كان أصحاب العمل يتبعونها‪.‬‬
‫في رسالة مفتوحة في هذه المجلة موجهة إلى أبوت لورانس" ‪:‬إن نظام مصنعكم أسوأ بكثير من‬
‫نظام أوروبا ‪" .‬‬
‫‪76‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫" إنك ال تزود عمالءك بشقق نوم صحية أكثر من أقبية وغرف الفقراء اإلنجليز ‪. . . .‬يضطر الحراس‬
‫إلى السماح ‪. . .‬ولكن غرفة واحدة تتسع لستة أشخاص‪ ،‬وعادةً ما تتجمع اثنتي عشرة وأحيانًا ستة‬
‫عشر أنثى في العلية نفسها الساخنة وسيئة التهوية ‪. . . .‬أنت تحبس العمالء لمدة ساعتين أو ثالث‬
‫ساعات يوميًا في سجون مصنعك أكثر مما يحدث في أوروبا ‪. . . .‬تسمح لهم بنصف ساعة فقط لتناول‬
‫وجباتهم ‪. . . .‬أنت تجبرهم على الوقوف لفترة طويلة أمام اآلالت ‪. . .‬إن الدوالي‪ ،‬والتورم االستسقاء‬
‫في القدمين واألطراف‪ ،‬وتدلي الرحم‪ ،‬وهي أمراض ال تنتهي إال بالحياة‪ ،‬ليست نادرة ولكنها شائعة‪.‬‬
‫وعامالت المصانع أنفسهن استاءن أكثر فأكثر من "النير الذي أُعد لنا"‪ ،‬وحاولن مقاومة تخفيض‬
‫األجور وزيادة العمل ‪.‬وحتى في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬جربوا اإلضرابات‪ ،‬واآلن بعد‬
‫مرور عقد من الزمان تعهدوا بعدم قبول أنوال إضافية دون زيادة األجور ودعوا إلى تقليل ساعات‬
‫العمل ‪.‬لكنهم لم يتمكنوا من إحراز أي تقدم‪ ،‬ونتيجة لذلك بدأوا في العودة إلى منازلهم في المزارع ‪.‬ولم‬
‫يعد من يطلق عليهم "تجار العبيد ‪" -‬العربات السوداء الطويلة والمنخفضة التي تجوب الريف إلى‬
‫مناطق بعيدة مثل فيرمونت ونيوهامبشاير ‪-‬قادرين على تجنيد عمال المصانع بوعود العمل السهل‬
‫واألجور المرتفعة التي كان من المعروف أنها كاذبة ‪.‬كانت فتيات مزرعة نيو إنجالند يتركن المصانع‪.‬‬
‫وحلت مكانهم طبقة جديدة من العمال أقل قدرة على حماية مصالحهم ‪.‬أدى ارتفاع موجة الهجرة‬
‫بحلول منتصف القرن إلى توفير مخزون كبير من الفتيات األيرلنديات واأللمانيات‪ ،‬وبعض الكنديين‬
‫الفرنسيين‪ ،‬الذين لم يكن لديهم بديل آخر سوى قبول العمل في المصانع بغض النظر عن األجور أو‬
‫ساعات العمل ‪.‬أصبحت الظروف أسوأ وليس أفضل في ظل هذه الظروف ‪.‬كان ضخ العمالة المهاجرة‬
‫الرخيصة‪ ،‬كما الحظت لجنة من الهيئة التشريعية في والية ماساتشوستس في عام ‪ ،1850‬يتسبب في‬
‫"تعديل كامل وكساد لحالة المجتمع داخل وحول أماكن التصنيع‪".‬‬

‫وفي حين تقدم تجارة المنسوجات مثاال صارخا على ما حدث لظروف العمل مع تزايد التصنيع‪ ،‬فإن‬
‫الشيء نفسه كان يحدث في الحرف األخرى ‪.‬تمتع صانعو األحذية في لين بدرجة عالية من االستقالل‬
‫في ثالثينيات القرن التاسع عشر مع ورش العمل الخاصة بهم وفرصة‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪77‬‬
‫العودة إلى التهوئة أو صيد األسماك في حالة تراجع التجارة" ‪.‬عندما فتح الربيع‪" ،‬كما جاء في إحدى‬
‫الروايات التي ربما تكون شاعرية للغاية عن حياة العامل‪" ،‬اتسع أفق آماله ‪.‬كانت هناك حاجة إلى‬
‫مالبس ووقود أقل ‪.‬وكانت بنوك المحار تخصم بسهولة أكبر؛ كان من الممكن الحصول على سمك‬
‫الحدوق من سوامبسكوت بسعر رخيص للغاية لدرجة أن السعر لم يكن يستحق عرضه ‪.‬يمكن لألوالد‬
‫حفر الهندباء ‪. . . .‬ثم إذا كان لدى الرجل الفقير "خنزير الربيع "الصغير الذي احتفظ به خالل فصل‬
‫صغيرا في فاتورة األجرة بينما استمرت‬
‫ً‬ ‫عنصرا‬
‫ً‬ ‫الشتاء‪ ،‬فإن "لحم الخنزير ودان ديليونز "لم يكن‬
‫"الخضر ‪".‬لكن السادة أحكموا سيطرتهم بشكل مطرد على التصنيع وتم تخفيض األجور ودفعها‬
‫بطلبات المتجر بدالً من النقد ‪.‬وجد صانعو األحذية أنفسهم تدريجيًا مجبرين على ترك ورش العمل‬
‫الخاصة بهم‪ ،‬ومن صيد األسماك والزراعة في ساعات الراحة‪ ،‬إلى المصانع الجديدة التي لم يعد‬
‫بإمكانهم منافسة عملياتها اآللية‪.‬‬
‫مرارا‬
‫ً‬ ‫وفي صفحات صحيفة ‪ ،The Awl‬وهي صحيفة متخصصة في صناعة األحذية‪ ،‬تم اإلعراب‬
‫وتكرارا عن االستياء ضد المصنعين الذين تظاهروا بدفع أجر معيشي للعمال‪ ،‬لكنهم "أوصلوهم‬ ‫ً‬
‫بوسائل أخرى إلى التدهور وفقدان احترام الذات الذي جعلهم يكسبون عيشهم ‪".‬الميكانيكيون والعمال‬
‫هم فخر العالم ‪».‬دعا صانعو األحذية المحتجون في لين زمالئهم الحرفيين في المدن الكبرى إلى اتخاذ‬
‫إجراءات منسقة إلثبات "أننا لسنا وضيعين أو رعايا متواضعين لمستبد أجنبي‪ ،‬ولكننا مواطنون‬
‫أمريكيون أحرار ‪".‬ولم يأت شيء من هذا التحريض ‪.‬كان أسلوب الحياة يمضي حتماً‪ ،‬وكان صانعو‬
‫األحذية وعمال النسيج عالقين بشكل ال ينفصم في كدح نظام المصنع‪.‬‬
‫كما شهدت تجارة الطابعات ثورة من خالل اختراع المطابع الجديدة واستخدام الطاقة البخارية ‪.‬لم‬
‫تكن هذه التطورات تميل إلى طرد الرجال من العمل وخفض األجور فحسب‪ ،‬بل شجعت على نقل‬
‫السيطرة على تجارتهم من المطابع نفسها إلى اإلدارة الخارجية ‪.‬لقد تحولت مهنة مستقلة للغاية من‬
‫خالل الفجوة الواسعة بين صاحب العمل والموظف ‪.‬ساعد سجلهم التنظيمي الطويل المطابع‪ ،‬وكان‬
‫عليهم االستمرار في تطبيق القواعد النقابية التي تحكم المتدربين وظروف العمل بنجاح كبير‪ ،‬لكنهم‬
‫كانوا يواجهون قوى جديدة جعلت من الصعب بشكل متزايد الحفاظ على أجورهم أو وضعهم العام‪.‬‬
‫ومن بين المهن األخرى‪ ،‬أدى إدخال األنوال اآللية إلى تفاقم أحوال النساجين اليدويين الذين‬
‫انخفضت أجورهم األسبوعية إلى‬
‫‪78‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫النصف تقري ًبا بحلول منتصف األربعينيات‪ ،‬ولم تكن مرتفعة جدًا على اإلطالق؛ عانى صانعو القبعات‬
‫المياومون ذوو األجور الجيدة نسبيًا من انخفاض في أجورهم‪ ،‬بين عامي ‪1835‬و‪ ،1845‬من حوالي‬
‫دوالرا إلى ‪8‬دوالرات في األسبوع‪ ،‬ووجد صانعو الخزائن أنفسهم مضطرين إلى العمل لساعات‬ ‫ً‬ ‫‪12‬‬
‫أطول وأطول لكسب ما يصل إلى ‪5‬دوالرات في األسبوع ‪.‬المنافسة من اإلنتاج بالجملة للمهاجرين‬
‫األلمان الذين قيل إنهم "يعملون بسرعة وسيئة وبدون مقابل تقريبًا ‪".‬‬
‫وفي الواقع‪ ،‬كان العرض األكبر للعمالة الرخيصة ال يقل أهمية عن إدخال اآلالت في خفض األجور‪،‬‬
‫ليس فقط في مصانع القطن في نيو إنجالند‪ ،‬بل في جميع أنحاء الصناعة ‪.‬في نصف القرن األول من‬
‫تاريخنا الوطني‪ ،‬دخل البالد ما يقرب من مليون مهاجر‪ ،‬ولكن في العقد الواحد من عام ‪1846‬إلى عام‬
‫‪ ،1855‬بلغ العدد اإلجمالي حوالي ثالثة ماليين ‪.‬أدت المجاعة في أيرلندا وقمع االنتفاضات الثورية في‬
‫القارة إلى تزايد تدفق العمال الذين يعبرون المحيط األطلسي‪ ،‬وكانت هناك نسبة متزايدة من‬
‫الميكانيكيين والعمال‪ ،‬على عكس المزارعين‪ ،‬من بين هؤالء القادمين الجدد ‪.‬كانوا يميلون إلى‬
‫االستقرار في الشرق‪ ،‬وينجذبون إلى المدن ومراكز التصنيع سريعة النمو‪ ،‬وكانوا متاحين لجميع‬
‫أنواع العمل‪ ،‬في كثير من األحيان غير المهرة أكثر من المهرة‪ ،‬بأجور أقل بكثير من أي شيء اعتبره‬
‫الحرفيون والميكانيكيون المحليون ضرور ًيا لظروف معيشية كريمة ‪. .‬ربما كانت الهجرة‪ ،‬للمرة‬
‫األولى‪ ،‬توفر فائضًا في العمالة‪ ،‬مما عارض تأثير األراضي الرخيصة والحدود في جذب العمال من‬
‫الواليات الشرقية ‪.‬وكان النمط الذي أصبح أكثر وضوحا ً في ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫عندما أظهر اتجاه الهجرة مكاسب أعظم وتحوالً نحو الفالحين الجهلة وغير المهرة والفقراء في‬
‫جنوب شرق أوروبا‪ ،‬قد تم تحديده بالفعل في خمسينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫الظروف العامة بين العاملين في المدن الساحلية بيانيا ً عن تأثير هذه الهجرة ‪.‬قدم تقديران‬
‫منفصالن لميزانية أسرة عامل في أوائل خمسينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬أحدهما في صحيفة نيتو يورك‬
‫تايمز واآلخر في نيتو يورك تريبيون‪ ،‬حدًا أدنى للنفقات األساسية‪ ،‬مثل اإليجار والطعام والوقود‬
‫دوالرا في األسبوع" ‪.‬هل جعلت وسائل الراحة للرجل العامل عالية‬ ‫ً‬ ‫والمالبس‪ ،‬والتي بلغت حوالي ‪11‬‬
‫جدًا؟ "سأل هوراس غريلي في التعليق على هذه الميزانية" ‪.‬أين المال لدفع ثمن الترفيه‪ ،‬واآليس‬
‫كريم‪ ،‬والحلويات‪ ،‬ورحالته يوم األحد إلى أعلى أو أسفل النهر من أجل الحصول على بعض الهواء‬
‫النقي؟ "لكن باستثناء العاملين في مهن البناء‪ ،‬الذين كانت‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪79‬‬
‫أجورهم المرتفعة نسبيًا تفي تقريبًا بهذه الميزانية‪ ،‬كان هناك عدد قليل من العمال الحضريين الذين‬
‫ً‬
‫رجاال ونسا ًء‪ ،‬الذين يعملون في تجارة المالبس‪ ،‬ومن‬ ‫اقتربوا منها ‪-‬ال عمال المصانع‪ ،‬وال العمال‪،‬‬
‫المؤكد أنهم ليسوا العمال العاديين ‪.‬قبل وقت قصير من نشر كتابه ‪ ،‬قدّر غريلي أن "متوسط دخل‬
‫أولئك الذين يعيشون على العمل البسيط في مدينتنا ‪-‬والذين يشملون ما ال يقل عن ثلثي السكان ‪-‬‬
‫دوالرا واحدًا في األسبوع لكل شخص‪ ،‬إن وجد ‪".‬القائم عليها"‪.‬‬
‫ً‬ ‫بالكاد يتجاوز‬
‫تقدم األوصاف المعا صرة أدلة وافرة على الدور الذي لعبته األجور غير الكافية في إنشاء مناطق‬
‫األحياء الفقيرة في مدن مثل نيويورك وفيالدلفيا وبوسطن ‪.‬إن االزدحام الشديد واالفتقار إلى وسائل‬
‫الراحة الصحية واألوساخ والقذارة والمرض تتناقض بالفعل بشكل صارخ مع منازل األثرياء المريحة‬
‫والواسعة والمفروشة بشكل جيد ‪.‬كان هناك في نيويورك سكان قبو يقدر عددهم اإلجمالي بأكثر من‬
‫‪18000‬شخص‪ ،‬مزدحمين في أوكار رطبة وغير مضاءة وسيئة التهوية‪ ،‬حيث يعيش ما بين ستة إلى‬
‫صا ‪-‬رجال ونساء وأطفال ‪-‬في غرفة واحدة ‪.‬وفي منطقة فايف بوينتس سيئة السمعة‪ ،‬تم‬ ‫عشرين شخ ً‬
‫حشر مئات العائالت في مبان متداعية‪ ،‬وهي وسائل الراحة الصحية الوحيدة المتاحة لهم خارج‬
‫المراحيض ‪.‬كان لدى بوسطن أحياء فقيرة محبطة وغير صحية بنفس القدر ‪.‬ذكرت لجنة الصحة‬
‫الداخلية في عام ‪1849‬أن "هذه المنطقة بأكملها عبارة عن خلية كاملة من البشر بدون وسائل راحة‬
‫وفي الغالب بدون الضروريات المشتركة ‪:‬في كثير من الحاالت يتجمعون معًا مثل الوحوش بغض‬
‫النظر عن الجنس أو العمر أو الشعور باللياقة ‪ ،.‬ينام الرجال والنساء البالغون م ًعا في نفس الشقة‪،‬‬
‫وفي بعض األحيان الزوجة‪ ،‬الزوج‪ ،‬اإلخوة واألخوات في نفس السرير‪.‬‬
‫ويبدو أن الوضع الذي توقعه توماس جيفرسون عندما تحدث عن حشود المدن الكبرى التي تضيف‬
‫إلى الحكومة الصرفة "كما تفعل القروح في قوة الجسم البشري"‪ ،‬قد تطور ‪.‬بدأ العمال أنفسهم في‬
‫كبيرا من السكان الفقراء والمعالين ‪".‬إن الحالة المزرية‬
‫ً‬ ‫االحتجاج على الهجرة ألنها خلقت "عددًا‬
‫التي عرفوها في بلدانهم‪ ،‬كما أعلن صوت الصناعة ‪ ،‬جعلت هؤالء المهاجرين ضحايا ال حول لهم وال‬
‫قوة لالستغالل في الواليات المتحدة‪ ،‬راضين بالعمل "أربع عشرة وستة عشر ساعة يوميا مقابل ما‬
‫يراه رأس المال مناسبا ‪".‬العطائهم"‪.‬‬
‫إن التأثير القاسي للصناعة وتصاعد موجة الهجرة خدم إلى حد كبير في منع أي إعادة توحيد‬
‫لصفوف العمل ‪.‬ولم يستأنف العمال على نطاق مماثل‬
‫‪80‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫النشاط السياسي أو النقابي الذي كان له مثل هذا الدافع الديناميكي قبل ذعر عام ‪1837.‬وبدا أنهم‪،‬‬
‫الذين حيرتهم القوى الجديدة التي أطلقتها الصناعة ‪ ،‬يبحثون بشكل محموم عن وسائل للهروب ‪.‬لقد تم‬
‫نسيان التنظيم تقريبًا ‪.‬وبدالً من ذلك‪ ،‬انخرط العمال في حركات اإلصالح األكثر عمومية في ذلك الوقت‬
‫والتي عكست ثورة إنسانية للطبقة الوسطى ضد التغييرات التي أحدثتها اآلالت والمصانع في المجتمع‬
‫األمريكي ‪.‬كانت فترة أربعينيات القرن التاسع عشر فترة من اإلصالحات الغامضة والمثالية‬
‫والطوباوية‪ ،‬والتي دافع عنها أنصارها المتحمسون باعتبارها العالج الشافي الكامل لكل شرور ذلك‬
‫العصر ‪.‬الشيوعية وإصالح األراضي‪ ،‬واإللغاء والنسوية‪ ،‬واالعتدال والنباتية ‪. . .‬ولم تكن هناك نهاية‬
‫لإلثارة والدعاية التي ميزت تخمير التغيير االجتماعي‪.‬‬
‫لقد كان اإلصالحيون أنفسهم يسعون دائ ًما إلى كسب تأييد العمال لقضاياهم المختلفة ‪.‬لقد هجموا‬
‫بأعداد كبيرة على كل اجتماع أو مؤتمر يمكن عقده للنظر في قضايا العمل‪ ،‬وكانوا ينجحون في بعض‬
‫األحيان في السيطرة عليه بالكامل ‪.‬أول اجتماع لرابطة العمال في نيوإنجالند في عام ‪ ،1844‬والذي‬
‫تمت الدعوة إليه الفتتاح حركة منتعشة مدتها عشر ساعات‪ ،‬لم يكن به سوى تشتت المندوبين من‬
‫الجمعيات العمالية مقارنة بمجموعة اإلصالحيين الرائعة ‪.‬جورج ريبلي‪ ،‬من مزرعة بروك؛ هوراس‬
‫غريلي وألبرت بريسبان؛ ويندل فيليبس وويليام لويد جاريسون؛ كان كل من تشارلز أ ‪.‬دانا‪ ،‬وويليام‬
‫إتش ‪.‬تشانينج‪ ،‬وروبرت أوين جميعًا حاضرين‪ ،‬وكانوا يسعون بشغف إلى كسب تالميذ جدد ‪.‬افتتح‬
‫االجتماع بحماس جارف "لجميع المهتمين برفع الطبقات المنتجة واإلصالح الصناعي وانقراض‬
‫العبودية والعبودية بجميع أشكالها ‪".‬ومهما كانت الدوافع سخية وراء مثل هذا النشاط‪ ،‬فإنها لم تكن‬
‫وانتشارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أكثر غموضًا‬
‫وقد استحوذت خيال بعض العمال خالل هذه الفترة على الوعود المتوهجة التي أطلقها‬
‫"االشتراكيون ‪".‬من خالل تشكيل مجتمعات اشتراكية مستقلة‪ ،‬كان جميع أعضائها يعملون لتحقيق‬
‫هدف مشترك‪ ،‬وعد النقابيون بالهروب من عواقب الثورة الصناعية وكانوا يأملون في إعادة إنشاء‬
‫المجتمع األبسط الذي كان موجودًا في السابق ‪.‬كانت هذه الفكرة مستمدة في المقام األول من‬
‫االشتراكية الطوباوية لتشارلز فورييه‪ ،‬مع نظامها المتطور من الكتائب‪ ،‬المصممة لتكريم العمل‬
‫وزيادة اإلنتاج ‪ ،‬والتي قدمها ألبرت بريسبان إلى أمريكا ‪.‬في عام ‪ ،1840‬نشرت مدينة بريسبان كتاب‬
‫"المصير االجتماعي لإلنسان"‪ ،‬وهو عبارة عن شرح تفصيلي لـ‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪81‬‬
‫موقف برنامج فورييه‪ ،‬ولكن األهم بكثير في نشر إنجيل الرابطة كانت كتاباته في العمود الذي وضعه‬
‫هوراس غريلي تحت تصرفه في نيويورك تريبيون‪.‬‬
‫كان على غر يلي‪ ،‬في الواقع‪ ،‬أن يبذل كل ما في وسعه لتعزيز هذا الشكل المتقلب من االشتراكية‬
‫كمرحلة واحدة من دعمه العام لمصلحة العمال ‪.‬كان يانكي مثال ًيا‪ ،‬جاء إلى نيويورك كصبي مزرعة‬
‫ليدخل في تجارة الطباعة‪ ،‬وكان شخصية مألوفة في التجمعات العمالية‪ ،‬وكان وجهه القمري‬
‫المستدير‪ ،‬بشواربه‪ ،‬معروفًا آلالف العمال ‪.‬وتساءل " ‪:‬لماذا يتمتع أولئك الذين يتم إنتاج أو جعل جميع‬
‫السلع والكماليات بكدحهم متاحة‪ ،‬بحصة ضئيلة منها؟ "لقد أدرك ربما أكثر من أي من معاصريه من‬
‫رجال األعمال العامة آثار استغالل العمال الناتجة عن الثورة الصناعية‪ ،‬وشعر أن أي تحسين دائم‬
‫للمجتمع يعتمد على تنظيمهم ‪.‬فهو لم يفتح أعمدة صحيفة تريبيون أللبرت بريس باين فحسب‪ ،‬بل نشر‬
‫رسالة أسبوعية تتناول االشتراكية من مراسل أوروبي ‪-‬كارل ماركس‪.‬‬
‫على أي حال‪ ،‬اجتذبت مذهب فورييه العديد من المتحولين من خالل صحيفة تريبيون ‪ ،‬وحتى قبل‬
‫أن يضع بريسبان خطته الخاصة لكتائب أمريكا الشمالية‪ ،‬أطلقت مجموعة من العمال كتيبة سيلفانيا في‬
‫غرب بنسلفانيا ‪ .‬وسرعان ما تبعت المجتمعات األخرى هذه التجربة‪ ،‬وحتى المؤسسون المثاليون‬
‫لمزرعة بروك‪ ،‬التي مثلت مستعمرتها ثورة فكرية ضد روح العصر‪ ،‬تم إقناعهم بتبني شكل وتنظيم‬
‫مجتمع فورييريت ‪.‬في المجمل‪ ،‬تم إنشاء حوالي أربعين كتيبة‪ ،‬ربما تضم ‪8000‬عضو‪ ،‬خالل‬
‫أربعينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫لم تكن ناجحة ‪.‬لقد سقطوا واحدًا تلو اآلخر على جانب الطريق‪ ،‬وتوقفت كتيبة أمريكا الشمالية‬
‫نفسها عن العمل في عام ‪1854.‬ولم يكن العيش المجتمعي واإلنتاج المجتمعي عمليًا ‪.‬كما أنها لم تلبي‬
‫بأي حال من األحوال احتياجات العمل ‪.‬وعلى الرغم من الدعاية الحماسية ‪ ،‬فإن الرد على التصنيع لم‬
‫يكن يكمن في محاولة الهروب منه ‪.‬تعثرت أحالم النقابيين المفعمة باألمل على صخرة القوى‬
‫االقتصادية واالجتماعية التي لم يكن من السهل مقاومتها أو تحويلها‪.‬‬
‫ومع انهيار الكتائب‪ ،‬جرت بعض المحاوالت لتوفير بديل جزئي لمصلحة العمال من خالل إنشاء‬
‫تعاونيات المستهلكين والمنتجين ‪.‬وأعلن أنصار التعاون أن «اتجاه‬
‫‪82‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الصناعة وأرباحها يجب أن تظل في أيدي المنتجين ‪».‬في ماساتشوستس‪ ،‬وفي نيويورك وفي أجزاء‬
‫أخرى من البالد‪ ،‬تم تنظيم نقابات الحماية التي تعهدت بإنشاء ورش عمل لحسابها الخاص والتي كان‬
‫من المقرر أن تباع منتجاتها بأسعار الجملة لصالح أعضاء النقابة ‪.‬كانت هناك أمثلة أخرى للتعاونيات‬
‫مثل مسبك اتحاد ‪ ،Journeymen Moulders‬الذي أنشأ مصنعًا بالقرب من سينسيناتي‪ ،‬واتحاد‬
‫خياطي بوسطن‪ ،‬ومستودع االتحاد التعاوني لخياطي القمصان في نيويورك ‪.‬ولكن سواء كانت‬
‫تعاونيات المستهلكين أو تعاونيات المنتجين‪ ،‬فإن هذه المشاريع المبكرة لم تكن أكثر نجا ًحا من‬
‫الكتائب ‪.‬وقد ساهمت عوامل مختلفة في فشلهم‪ ،‬ولكن ظروف الحياة األمريكية‪ ،‬وربما المزاج‬
‫األمريكي‪ ،‬لم توفر تربة خصبة لنمو التعاون ‪.‬لقد منحوا أنفسهم بدالً من ذلك للمشاركة والسعي الفردي‬
‫لتحقيق أقصى استفادة من الفرص التي يوفرها بلد شاب ومتنامي ‪.‬وكان من المقرر أن يتم إحياء‬
‫التعاون مرارا ً وتكرارا ً في المستقبل وأن يحقق بعض النجاح المحدود‪ ،‬ولكن لم يتمكن ال في أربعينيات‬
‫القرن التاسع عشر وال في وقت الحق من تقديم أي حل حقيقي للمشاكل التي تواجه الطبقات العاملة‪.‬‬
‫هناك إصالح آخر وأكثر أهمية حصل على دعم عمالي واسع النطاق وهو النزعة الزراعية‬
‫الجديدة ‪.‬لقد تم تدمير أحزاب العمال األصلية جزئيًا بسبب االحتكاك الداخلي والهجمات الخارجية‬
‫الناتجة عن مغازلتهم لألفكار الزراعية المتطرفة لتوماس سكيدمور‪ ،‬لكن الوحي الجديد لم يتضمن‬
‫االعتداء على جميع الممتلكات التي أطلقها سكيدمور بقوة في حقوق اإلنسان في الملكية "‪.‬وكانت‬
‫النزعة الزراعية في أربعينيات وخمسينيات القرن التاسع عشر أكثر اعتداالً بكثير ‪.‬وكانت أطروحتها‬
‫هي أن الشعب ككل له حق طبيعي في األراضي العامة القائمة‪ ،‬وأنه ينبغي توزيعها بالتساوي على قطع‬
‫زراعية تبلغ مساحتها ‪160‬فدانًا والتي ستكون غير قابلة للتصرف ومعفاة من االستيالء على الديون ‪.‬‬
‫من خالل هذا البرنامج‪ ،‬كان من الضروري ضمان حصول العمال على نصيبهم العادل في الثروة‬
‫الوطنية وتحريرهم من اعتمادهم الكامل على أسياد رأس المال‪.‬‬
‫كان رئيس كهنة هذا اإلصالح هو جورج هنري إيفانز ‪.‬بعد حل حزب العمال في نيويورك‪ ،‬تقاعد في‬
‫عام ‪1836‬بسبب اعتالل صحته وذهب إلى مزرعة في نيوجيرسي‪ ،‬ولم يظهر إال برسالته الجديدة في‬
‫عام ‪ ،1844 .‬كرس نفسه للزراعة وفي الموسم‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪83‬‬
‫وخارجه طالب الكونجرس باتخاذ إجراءات للترويج لبرنامجه" ‪.‬هذا هو اإلجراء األول الذي يجب‬
‫إنجازه‪" ،‬كتب في المحامي ‪" ،‬ومن العبث محاولة إجراء أي إصالحات عظيمة بدون ذلك مثل الذهاب‬
‫إلى العمل بدون أدوات ‪.‬ضع الميكانيكيين الفائضين على أرضهم في غربًا في البلدات الريفية مع‬
‫ساحتها العامة الكبيرة والقاعة العامة في وسط كل منها‪ ،‬مما يترك التوظيف الكامل ألولئك الذين‬
‫يبقون في المدن ‪...‬لم يكن هناك اجتماع عمالي تقريبًا إال ويبدو أنه يقدم فيه هذه الخطة‪ ،‬متجاهالً تما ًما‬
‫السؤال العملي هو ما إذا كان العمال‪ ،‬حتى لو استطاعوا‪ ،‬سيرغبون فجأة في رفع حصصهم والقيام‬
‫بالزراعة في الغرب البعيد‪.‬‬
‫وكانت ذروة أنشطته هي تأسيس جمعية اإلصالح الوطنية في عام ‪1845.‬وقد أدت خبرته السابقة‬
‫إلى عدم الثقة في العمل السياسي لحزب ثالث‪ ،‬وكان غرض المنظمة الجديدة هو المطالبة بدعم‬
‫برنامجه من جميع المرشحين لالنتخابات العامة ‪.‬المنصب كشرط لتأمين أصوات العمال ‪.‬وكانت‬
‫اإلستراتيجية هي تلك التي كان على اتحاد العمال األمريكي أن يتبناها بعد نصف قرن تقريبًا ‪:‬كافئ‬
‫أصدقاءك‪ ،‬وعاقب أعدائك ‪.‬كان إيفانز يأمل في جعله فعاالً من خالل إظهار أن المزارعين يقصدون‬
‫العمل" ‪.‬نحن‪ ،‬الذين ترد أسماؤنا في المرفق‪ ،‬نرغب في استعادة حق اإلنسان الطبيعي في األرض‪" ،‬‬
‫كما جاء في تعهد عضوية جمعية اإلصالح الوطني‪" ،‬نوافق رسميًا على أننا لن نصوت ألي رجل‪ ،‬ألي‬
‫منصب تشريعي‪ ،‬لن يتعهد‪ ،‬كتابيًا‪ ،‬باستخدام كل نفوذ محطته‪ ،‬إذا تم انتخابه‪ ،‬لمنع أي حركة مرور‬
‫أخرى في األراضي العامة للواليات والواليات المتحدة‪ ،‬والتسبب في وضعها في المزارع واألراضي‬
‫من أجل االستخدام المجاني والحصري للمستوطنين الفعليين‪”.‬‬
‫وعلى الرغم من أن دعم هذا البرنامج لم يقتصر بأي حال من األحوال على العمال‪ ،‬إال أن عالقاتهم‬
‫الوثيقة مع جمعية اإلصالح الوطنية ظهرت بوضوح في عضوية اللجنة المركزية األصلية ‪.‬تضمنت‬
‫ونجارا‪ ،‬وحدادًا‪ ،‬وتجليد كتب‪ ،‬وميكانيكيًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أربع طابعات‪ ،‬واثنين من صانعي المالبس‪ ،‬وصانع كراسي‪،‬‬
‫وصانع إطارات صور‪ ،‬وصانع مالبس ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان من المرتبطين بإيفانز قادة النقابات‬
‫سا التحاد التجارة العامة‬‫العمالية في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬مثل جون كومرفورد‪ ،‬الذي كان رئي ً‬
‫في نيويورك‪ ،‬وجون فيراي‪ ،‬زعيم اتحاد عمال فيالدلفيا ‪.‬المجالت العمالية الجديدة‪ ،‬التي عاودت‬
‫الظهور بعد ذعر عام ‪ ،1837‬جعلت من اإلصالح الزراعي واحدًا من المطالب األساسية في ذلك الوقت‬
‫تقري ًبا‪.‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وقد عارضت الحركة بشدة من قبل الرأسماليين وأصحاب العمل في الواليات الشرقية ‪.‬أعلن أحد‬
‫المتحدثين باسمهم في الكونجرس " ‪:‬بواسطة سياستكم‪ ،‬فإنكم تضربون مصالحنا الصناعية الكبرى ‪-‬‬
‫‪".‬لقد قمت بإخراج اآلالف من المصنعين والعمال لدينا من وظائفهم ‪. . . .‬أنت تقلل من قيمة‬
‫العقارات ‪.‬إنك تقدم عرضًا لسكاننا‪ ،‬من خالل تقديم حوافز للعمال المنتجين لدينا لمغادرة منازلهم‬
‫القديمة‪ ،‬في ظل الوعد المغري باألرض مجانًا‪ ،‬والسكك الحديدية بدون ضرائب‪ ،‬وبالتالي تقليل عدد‬
‫سكاننا وبالتالي زيادة العبء على أولئك الذين البقاء في الواليات القديمة ‪".‬لكن المزارعين‬
‫والمستوطنين اآلخرين في الغرب انضموا إلى العمال الشرقيين في دعم الحركة ‪.‬وبشعارها الجذاب ‪-‬‬
‫صوت لنفسك كمزرعة"‪ ،‬بدا األمر وكأن جمعية اإلصالح الوطنية تحقق تقدما ً كبيراً‪.‬‬
‫" ّ‬
‫لم يكن من المقرر أن يستفيد العمال في أربعينيات القرن التاسع عشر من برنامجه‪ ،‬كما أن صلته‬
‫بتخفيف اضطهادهم الصناعي قد تكون موضع تساؤل أيضًا ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كانت الحركة التي أسسها إيفانز‬
‫تؤدي مباشرة إلى إقرار قانون العزبة في عام ‪1862.‬وفي حين أنه لم ينص على عدم قابلية التصرف‬
‫أو اإلعفاء من االستيالء على الديون‪ ،‬فقد منحت أرضًا مجانية لجميع المستوطنين الحقيقيين‪.‬‬
‫كان اإلصالح الزراعي أقرب إلى مصالح العمال من العديد من الحركات اإلنسانية في منتصف‬
‫القرن‪ ،‬لكن المشروع األكثر عملية على الفور كان الدافع المتجدد إلى يوم العمل المكون من عشر‬
‫ساعات ‪.‬ورغم أن هذه الفكرة كانت منتشرة على نطاق واسع بين الحرفيين والميكانيكيين في ثالثينيات‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬إال أن موظفي المصانع‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬لم يتأثروا عمو ًما ‪.‬كانت الحركة الجديدة تهدف‬
‫في المقام األول إلى إغاثة هذه المجموعة الجديدة من العاملين بأجر ‪.‬وخالفًا للحملة السابقة‪ ،‬لم تتخذ‬
‫هذه الحركة شكل نشاط نقابي ‪-‬إذ كان عمال المصانع غير منظمين ‪-‬بل شكلت ضغ ًطا سياسيًا على‬
‫المجالس التشريعية في الواليات لوضع حد أقصى لساعات العمل في الصناعة الخاصة ‪.‬حتى أن جمعية‬
‫اإلصالح الوطنية لم تنحن بما فيه الكفاية لتجعل مطلب يوم عمل مدته عشر ساعات أحد ركائزها‬
‫الفرعية‪ ،‬وتم تناوله من قبل العديد من جمعيات العمال األخرى التي تم تشكيلها لهذا الغرض المحدد‪.‬‬
‫لقد حدث الصراع األطول في والية ماساتشوستس‪ ،‬حيث أدى تطور صناعة النسيج إلى خلق حاجة‬
‫أكبر لإلصالح وأقوى معارضة له ‪.‬تم إصدار دعوة للعمل المتضافر من جانب العمال‪ ،‬الذين يسعون إلى‬
‫الجمع بين مختلف الجمعيات المحلية ‪ ،‬ألول مرة في عام ‪1844‬وكانت مسؤولة عن تشكيل‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪85‬‬
‫رابطة الرجال العاملين في نيو إنجالند ‪.‬حاول كل من الفوريريين واإلصالحيين الزراعيين السيطرة‬
‫على هذه المنظمة‪ ،‬وبدا لبعض الوقت أنهم نجحوا في تحويل االنتباه عن قضية العشر ساعات‪ ،‬لكن‬
‫التحريض لصالح اإلصالح األخير حقق مع ذلك تقد ًما متزايدًا ‪.‬شعرت محكمة ماساتشوستس العامة‬
‫بأنها غارقة تقريبًا في االلتماسات (واحدة من لويل يبلغ طولها ‪130‬قد ًما مع حوالي ‪4500‬توقيع)‪،‬‬
‫مضطرة إلى إجراء تحقيق رسمي‪.‬‬
‫وأفادت لجنتها أن متوسط يوم العمل في مصانع النسيج يتراوح بين ‪11‬ساعة و ‪24‬دقيقة إلى ‪13‬‬
‫ساعة و ‪31‬دقيقة‪ ،‬حسب الموسم‪ ،‬وأنه ال شك أن تقصير ساعات العمل وزيادة الوقت لتناول الوجبات‬
‫سيفيد العمال ‪. .‬كما أكد على حق وواجب المشرع في تنظيم ساعات العمل كلما تعرضت اآلداب العامة‬
‫أو رفاهية المجتمع للخطر ‪.‬على الرغم من هذه االفتراضات‪ ،‬فقد خلصت‪ ،‬إلى حد كبير على أساس أن‬
‫الصناعة ست ُطرد من الدولة‪ ،‬إلى أنه ال ينبغي اتخاذ أي إجراء ‪.‬وقالت اللجنة" ‪:‬إن العالج ليس معنا"‪،‬‬
‫متجاهلة المسؤولية التشريعية" ‪.‬إننا نبحث عنه في التحسين التدريجي للفن والعلوم‪ ،‬وفي التقدير‬
‫سا للسعادة االجتماعية والتفوق الفكري"‪.‬‬
‫األعلى لصغر اإلنسان ‪ ،‬وفي حب أقل للمال‪ ،‬وحب أكثر حما ً‬
‫هاجم عمال المصنع التقرير باعتباره يعكس بوضوح "الخنوع المذل الحتكارات الشركات "وجددوا‬
‫النضال الذي تجاوز اآلن حدود الدولة وأثار العمال في جميع أنحاء البالد ‪.‬تم تقديم حجج جديدة وحجج‬
‫مضادة ‪.‬ولم يؤكد حزب العمال‪ ،‬كما فعل في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬على الحاجة إلى المزيد من‬
‫الوقت للتعليم الذاتي والوفاء بواجبات المواطنة ‪.‬وشددت بدال من ذلك على التحسن في نوعية العمل‬
‫الذي ينبغي أن ينتج عن ساعات عمل أقصر ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان أصحاب العمل أكثر قلقا بشأن تكاليف‬
‫اإلنتاج ‪.‬وفي مكافحة آراء العمال ذكروا أن ساعات العمل األقصر يجب أن تعني أجر يوم أقل ‪.‬وفي‬
‫الوقت نفسه أعادوا التأكيد على الموقف األبوي تجاه رفاهية العمال ‪.‬قال أحدهم" ‪:‬إن أخالق العمال‬
‫ستتأثر بالضرورة‪ ،‬إذا طال غيابهم عن االنضباط الصحي لحياة المصنع‪ ،‬وتركوهم هكذا إلرادتهم‬
‫وحريتهم‪ ،‬دون ضمان بأن هذه المرة ستكون جيدة االستخدام‪".‬‬
‫وبينما كان النقاش ال يزال محتد ًما حول الظروف في ماساتشوستس‪ ،‬نجح اإلصالحيون في تحقيق‬
‫انتصارات جزئية على األقل في عدد من‬
‫‪86‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الواليات األخرى ‪.‬أصدرت نيو هامبشاير أول قانون للوالية لمدة عشر ساعات في تاريخ األمة في عام‬
‫‪1847‬؛ اعتمدت والية بنسلفانيا مشروع قانون في العام التالي ينص على أنه ال ينبغي ألي شخص أن‬
‫يعمل أكثر من عشر ساعات في اليوم أو ستين ساعة في األسبوع "في مصانع القطن والصوف‬
‫والحرير والورق والتعبئة والكتان"‪ ،‬وخالل خمسينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬تم إنشاء والية ماين‬
‫بوالية كونيتيكت‪ ،‬كما تمتثل رود آيالند وأوهايو وكاليفورنيا وجورجيا أيضًا لنوع من قوانين العشر‬
‫ساعات ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كانت هناك مشكلة في كل حالة تقريبًا ‪.‬ويمكن التحايل على شرط العشر ساعات‬
‫من خالل "العقود الخاصة ‪".‬يمكن لصاحب العمل أن يتجاهل القانون فعليًا‪ ،‬أي من خالل رفض‬
‫توظيف أي شخص ما لم يكن على استعداد لقبول يوم عمل أطول‪ ،‬ومن خالل االتحاد مع أصحاب العمل‬
‫اآلخرين‪ ،‬يمكنه فعليًا وضع أي عامل يحاول الدفاع عن حقوقه القانونية على القائمة السوداء‪.‬‬
‫وقد دافع أصحاب العمل عن إدراج بند العقد الخاص باعتباره ضرور ًيا لحماية حق المواطن في بيع‬
‫خدماته بالطريقة التي يراها مناسبة ‪.‬لقد كانت حجة يجب تقديمها بقوة أكبر في السنوات الالحقة عندما‬
‫تم تفسير التعديل الرابع عشر على أنه يحمي على وجه التحديد حرية التعاقد الفردية من أي انتهاك من‬
‫قبل قوانين الوالية ‪.‬لقد كشف هوراس جري لي عن كذبه‪ ،‬على الرغم من معارضته في األصل لتشريع‬
‫الساعة‪.‬‬
‫صحيفة تريبيون في ‪18‬سبتمبر « ‪1847 :‬إن الحديث عن حرية العمل‪ ،‬وسياسة تركها تعقد‬
‫صفقاتها الخاصة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬في حين أن الحقيقة هي أن الرجل الذي لديه عائلة يعولها ويدعمها ‪».‬‬
‫يقال للمنزل المستأجر لهذا العام ‪:‬إذا كنت ستعمل ثالث عشرة ساعة في اليوم‪ ،‬أو أي عدد نراه مناسبًا‪،‬‬
‫فيمكنك البقاء؛ إذا لم يكن األمر كذلك‪ ،‬فيمكنك الحصول على أوراق العمل الخاصة بك ‪:‬وتعلم جيدًا أنه‬
‫لن يقوم أي شخص آخر هنا بتعيينك ‪-‬أليس هذا هرا ًء فاض ًحا للغاية؟»‬
‫مما ال شك فيه أن العمال في ماساتشوستس اعتقدوا ذلك‪ ،‬وفي مواصلة نضالهم من خالل سلسلة‬
‫من اتفاقيات العشر ساعات‪ ،‬طالبوا بإصرار بتشريع فعال ال يعني مجرد توحيد يوم العمل‪ ،‬بل اختصار‬
‫حقيقي وقابل للتنفيذ لساعات العمل ‪.‬من العمل ‪. . .‬لقد جاء في عام " ‪1852:‬إننا نعلن بوضوح‬
‫وصراحة أن هدفنا‪ ،‬وهدفنا كله‪ ،‬هو سن قانون يحظر ‪ ،‬بعبارات صارمة وغير قابلة للخطأ‪ ،‬وبعقوبات‬
‫مناسبة‪ ،‬الشركات وتنص قوانين الدولة على عدم تشغيل أي شخص في العمل‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪87‬‬
‫أكثر من عشر ساعات في اليوم الواحد ‪.‬هذا هو القانون –وكل القانون –الذي نريده في هذا‬
‫الموضوع‪”.‬‬
‫ولم يتحقق هذا المطلب المباشر في والية ماساتشوستس‪ ،‬وال في أي والية أخرى ‪.‬إن إدراج بند‬
‫العقد الخاص جعل هذه القوانين التي تم إقرارها غير قابلة للتنفيذ‪ ،‬وظل عمال المصانع خاضعين ألي‬
‫شروط اختار أصحاب العمل فرضها عليهم" ‪.‬إن قانون العشر ساعات لن يقلل من ساعات العمل"‪،‬‬
‫ذكرت إحدى الصحف بشكل قاطع فيما يتعلق بمشروع قانون نيو هامبشاير ‪. ". . .‬ولم يكن مؤلفوها‬
‫يقصدون أي نتيجة من هذا القبيل ‪.‬كما نعتقد أنها ستفشل أيضًا في إذالل العمال‪ ،‬وهو الشيء الوحيد‬
‫الذي كان يتطلع إليه الديماغوجيون الذين أنشأوه‪.‬‬
‫تم بذل جهد أخير للحفاظ على حركة العشر ساعات على قيد الحياة من خالل سلسلة من المؤتمرات‬
‫الصناعية‪ ،‬وهي ثمرة أخرى لمنظمات مثل جمعية اإلصالح الوطنية وجمعية الرجال العاملين في نيو‬
‫إنجالند ‪.‬تم تأسيسها في البداية على أساس وطني‪ ،‬ثم في شكل اتفاقيات حكومية أو محلية أخرى ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فبدالً من تحقيق أهداف عمالية عملية‪ ،‬أثبتت أنها تجمعات غامضة وغامضة إلى حد ما‪ ،‬واجتذبت‬
‫مرة أخرى اإلصالحيين بدالً من مندوبي النقابات العمالية ‪.‬لقد حاولوا التأثير على التشريعات لصالح‬
‫األرض الحرة والتعاون باإلضافة إلى يوم العمل ذو العشر ساعات من خالل الوعد بالدعم السياسي‬
‫ألولئك الذين يدافعون عن هذه اإلصالحات‪ ،‬ولكن لم يتم إحراز أي تقدم حقيقي ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬في‬
‫حين كان من المأمول مرة أخرى "تجنب الحزبية بكافة أنواعها"‪ ،‬كما دعا جورج هنري إيفانز لصالح‬
‫جمعية اإلصالح الوطنية‪ ،‬سرعان ما نجح السياسيون في تولي زمام األمور ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬سعى‬
‫المؤتمر الصناعي في نيويورك في األصل إلى منح عضوية أوميت لمندوبي المنظمات العمالية‪ ،‬لكن‬
‫تاماني هول سرعان ما أصبح تحت السيطرة الكاملة تقريبًا‪.‬‬
‫وتكررت القصة القديمة عن قلة خبرة العمال في السياسة والمكر المثير للسياسيين المحترفين ‪.‬تنبأ‬
‫جيمس جوردون بينيت بمصير مؤتمر نيويورك الصناعي في عام ‪1850.‬وكتب متنبئا ً" ‪:‬سوف يقع‬
‫المؤتمر في أيدي عدد قليل من متداولي األسالك‪ ،‬الذين سيحولونه لمصلحتهم الخاصة ويبيعون‬
‫الصفقات لمن يدفع أعلى سعر" ‪".‬في نيويورك هيرالد"" ‪.‬بعد ذلك سيتم تكرار المهازل التي تم لعبها‬
‫بالفعل في هذه المدينة‪ ،‬حيث تم تحويل المهن إلى سلم السياسيين الطموحين أو القصبيين‪ ،‬الذين‬
‫‪88‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫طردوهم بعي ًدا في اللحظة التي وصلوا فيها إلى قمة تطلعاتهم ‪".‬‬

‫ولم يبدأ العمل إال في خمسينيات القرن التاسع عشر في تحرير نفسه من انغماسه في الثرثرة‬
‫الضبابية للجمعيات واالتفاقيات اإلصالحية والعودة إلى النشاط النقابي المباشر ‪.‬تحسن الظروف‬
‫االقتصادية‪ ،‬على الرغم من انقطاعه بسبب كساد قصير آخر في عام ‪ ،1857‬عزز هذا التحول من‬
‫السعي غير الفعال إلى عالجات إنسانية غامضة ‪.‬ومرة أخرى تم تعزيز الموقف التفاوضي للعمال وفتح‬
‫الطريق أمام العمل الفعال من خالل سالح اإلضرابات العملي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن النقابات في هذه الفترة‬
‫كانت تكشف في جانب مهم عن فلسفة مختلفة إلى حد ما عن تلك التي كانت تتبناها المجتمعات السابقة‬
‫في ثالثينيات القرن التاسع عشر ‪.‬لقد كانوا أقل اهتما ًما بكثير بتضامن العمل‪ ،‬وركزوا اهتمامهم بشكل‬
‫أضيق بكثير على احتياجات أعضائهم الفردية ‪.‬لم يتم بذل جهد يذكر لتشكيل مراكز المدينة أو أي‬
‫اتحادات عمالية أخرى مماثلة لنقابات الحرف العامة‪.‬‬
‫كانت النقابات في كلتا الفترتين تتكون في المقام األول من الحرفيين والميكانيكيين ‪.‬أي الحرفيين‬
‫المهرة‪ ،‬وكانوا يتركزون إلى حد كبير في الحرف القديمة الراسخة ‪.‬ولكن في حين أن أولئك الذين كانوا‬
‫في الفترة السابقة كانوا متعاطفين تما ًما مع تنظيم العمال غير المهرة وعمال المصانع‪ ،‬وكانوا على‬
‫استعداد للتعاون مع أي مجتمعات قد يشكلونها‪ ،‬لم يكن هناك اهتمام كبير بهذه المجموعات من العمال‬
‫من جانب نقابات العمال في البالد ‪.‬خمسينيات القرن التاسع عشر ‪.‬وتم رسم خطوط جديدة بين العمال‬
‫المهرة وغير المهرة‪ ،‬وكان العمال المهرة مترددين تما ًما في ربط نشاطهم بأي شكل من األشكال مع‬
‫العمال غير المهرة‪.‬‬
‫إن النطاق المحدود للحركة العمالية خالل هذه السنوات نتج عن اإلدراك المتزايد للصعوبات التي ال‬
‫يمكن التغلب عليها تقريبًا في محاولة تنظيم جماهير العمال الذين تم جذبهم إلى المصانع والمطاحن ‪.‬‬
‫ويبدو أن اآلمال التي كانت معقودة ذات يوم في إمكانية تحقيق ذلك قد تبددت بسبب اعتبارين‬
‫أساسيين ‪ .‬في المقام األول‪ ،‬كان العديد من عمال المصانع في ذلك الوقت من النساء واألطفال الذين‬
‫كانوا مستعدين وقادرين على العمل بأجور أقل بكثير من أجور الموظفين الذكور؛ وفي الحالة الثانية‪،‬‬
‫كانت صفوف العمال الذكور تتضخم باستمرار من قبل المهاجرين الذين قبلوا الوظائف بغض النظر عن‬
‫ظروف العمل المعنية ‪.‬لم يتم نسيان فكرة التضامن بين جميع العمال‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪89‬‬
‫تما ًما‪ ،‬وكان من المقرر إحياؤها بعد الحرب األهلية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن موقف النقابات في خمسينيات‬
‫القرن التاسع عشر بدا وكأنه ينبئ بموقف اتحاد العمل األمريكي عندما ركز اهتمامه التنظيمي على‬
‫تطوير نقابات قوية بين العمال المهرة بدالً من الهدف األكثر غموضًا المتمثل في وحدة جميع العمال‪.‬‬
‫وفي حين شددت النقابات التي أعيد إحياؤها في خمسينيات القرن التاسع عشر على الحفاظ على‬
‫قواعد التلمذة الصناعية‪ ،‬والمحل المغلق‪ ،‬واألجور األعلى وساعات العمل األقصر ألعضائها‪ ،‬إال أنها‬
‫لم تعزز بأي قوة الحركة العمالية ككل ‪.‬لقد افتقروا إلى الدافع الديناميكي الذي كان يتمتع به أسالفهم ‪.‬‬
‫ولعلهم بقبولهم استحالة محاولة تأسيس المساواة عن طريق الضغط السياسي أو اإلصالح‪ ،‬والتي‬
‫كانت تشكل الشغل الشاغل للعمال في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬ربما كانوا واقعيين ‪.‬لقد أدركوا‪،‬‬
‫كما جاء في قرار أحد المجتمعات بصراحة‪ ،‬أنه في ظل الظروف القائمة “يوجد عداء دائم بين العمل‬
‫ورأس المال ‪ …. . .‬أحدهما يسعى لبيع عمله مقابل نفس المبلغ‪ ،‬واآلخر يسعى لشرائه بأقل قدر‬
‫ممكن ‪.‬لكن جهودهم لمكافحة رأس المال على هذه األسس لم تكن ناجحة للغاية‪.‬‬
‫وكان التطور األكثر إثارة لالهتمام في ذلك الوقت هو أول محاولة حقيقية لتشكيل نقابات عمالية‬
‫وطنية ‪ .‬تم تنظيم االتحاد الوطني للطباعة‪ ،‬واالتحاد الوطني للصانعين‪ ،‬واالتحاد الوطني للميكانيكيين‬
‫والحدادين ‪ ،‬وتم تأسيس جمعية الحماية الوطنية من قبل مهندسي السكك الحديدية مع مندوبين يمثلون‬
‫أربع عشرة والية وخمسة وخمسين خ ًطا للسكك الحديدية ‪.‬كما تم إنشاء نقابات وطنية جنينية أخرى‬
‫بواسطة عمال صناعة المالبس‪ ،‬والتنجيد‪ ،‬والسباكين‪ ،‬وقاطعي الحجارة‪ ،‬وغزالي القطن ‪.‬لم تحقق أي‬
‫كبيرا‪ ،‬لكنها ساعدت في تمهيد الطريق لنشاط أكثر فعالية في السنوات‬ ‫ً‬ ‫من هذه المنظمات نجا ًحا‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫ومن نواحٍ أخرى‪ ،‬كان التنظيم العام للعمل يتوافق مع األنماط المألوفة ‪.‬ال تزال النقابات المحلية‬
‫تحتفظ بمزايا مختلفة‪ ،‬وتقوم بجمع المستحقات من أعضائها وتسعى إلى الحفاظ على أموال اإلضراب‪،‬‬
‫وتشترك في مفاوضات جماعية مع أصحاب العمل‪ ،‬وكانت مستعدة للدعوة إلى اإلضرابات عندما ال يتم‬
‫تلبية مطالبها المشروعة ‪.‬وفي بعض األحيان كانت اإلضرابات منتشرة على نطاق واسع ‪.‬أعلنت‬
‫صحيفة نيويورك تريبيون في ‪20‬أبريل ‪1854‬أن "كل ربيع يشهد صراعًا جديدًا من أجل تحسين‬
‫األجور في بعض المهن‪ ،‬إن لم يكن معظمها‪ ،‬في هذه المدينة وغيرها من المدن ‪".‬أدرك الرأي العام أن‬
‫هناك سببًا حقيقيًا لقلق العمال في فشل األجور المعتاد بالفعل في مواكبة ارتفاع‬
‫‪90‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وكثيرا ما حظيت مطالب النقابات بدعم متعاطف في الصحافة" ‪.‬يجب أن يحصل‬ ‫ً‬ ‫تكاليف المعيشة‪،‬‬
‫الرجال دائ ًما على تعويض عادل مقابل عملهم‪" ،‬ذكرت صحيفة ترينتون ديلي ستيت جازيت في ‪24‬‬
‫أبريل ‪1857‬تعليقًا على اتفاق تم التوصل إليه حديثًا بين النجارين الرئيسيين والعمال المهرة في تلك‬
‫نادرا ما يحصلون على تعويضات عادلة مقابل عملهم ‪".‬اطلب المزيد"‪.‬‬ ‫المدينة‪" ،‬ونعتقد أنه ً‬
‫أثارت إحدى الضربات قرب نهاية تلك الفترة‪ ،‬والتي اندلعت في أوائل فبراير من عام ‪ ،1860‬قلقاً‬
‫واسع النطاق‪ ،‬وكانت بمثابة الضربة األكثر شموالً التي تم تسجيلها حتى اآلن في التاريخ األمريكي ‪.‬‬
‫أطلق عليه صانعو األحذية في ناتيك ولين‪ ،‬ماساتشوستس‪ ،‬وانتشر في جميع أنحاء نيو إنجالند ‪.‬ومع‬
‫تشكيل جمعيات الميكانيكيين في حوالي خمس وعشرين مدينة‪ ،‬أفادت التقارير أن ما يقرب من ‪20‬ألف‬
‫عامل قد شاركوا في النهاية ‪.‬وبجعل المطالبة بزيادة األجور مسؤولة عن هذا اإلضراب‪ ،‬أعلن صانعو‬
‫األحذية أنهم كانوا يتصرفون لصالح المصنعين وكذلك لمصلحتهم الخاصة "بقدر ما تعمل ثروة‬
‫الجماهير على تحسين قيمة العقارات‪ ،‬وزيادة الطلب ‪".‬للسلع المصنعة‪ ،‬ويعزز الثروة األخالقية‬
‫والنمو الفكري للمجتمع ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تركيزهم على القوة الشرائية لألجور لم يقنع أصحاب العمل‬
‫برغبة تلبية مطالبهم‪.‬‬
‫ُوصف اإلضراب في عناوين الصحف بأنه «ثورة في الشمال»‪ ،‬و«تمرد بين العمال في نيو‬
‫إنجالند»‪ ،‬و«بداية الصراع بين رأس المال والعمل ‪».‬وألول مرة تقريبًا‪ ،‬تم استدعاء الشرطة‬
‫والميليشيات بسبب اضطراب عمالي ‪.‬ولكن لم يكن هناك أي عنف‪ ،‬وفي العديد من المدن كان العمال‬
‫يحظون بتعاطف ودعم زمالئهم المواطنين ‪.‬وشاركت العديد من الموظفات في اإلضراب وفي‬
‫المظاهرات والمسيرات‪ ،‬وأثبتن أنهن مناصرات متحمسات للقضية ‪.‬كتب مراسل لصحيفة نيويورك‬
‫هيرالد من ماربلهيد " ‪ :‬إنهم يهاجمون الرؤساء ‪ ،‬بأسلوب يذكرنا بإحدى النساء اللطيفات الالتي‬
‫شاركن في الثورة الفرنسية األولى‪".‬‬
‫وقبل نهاية األسبوع الثاني‪ ،‬بدأ أصحاب العمل في التصالح مع المضربين ‪.‬وبينما رفضوا في معظم‬
‫الحاالت االعتراف بنقاباتهم أو التوقيع على اتفاقيات مكتوبة معها‪ ،‬فقد منحوا زيادات في األجور تلبي‬
‫مطالب العمال بشكل كبير ‪.‬وقد أثبت اإلضراب نجاحه‪.‬‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪91‬‬
‫ومع اقتراب خمسينيات القرن التاسع عشر من نهايتها‪ ،‬بدأت قضية العبودية تؤثر على الحركة‬
‫العمالية كما حدث في كل مرحلة من مراحل النشاط االقتصادي أو السياسي في جميع أنحاء البالد ‪.‬بين‬
‫العمال الشماليين‪ ،‬كانت نفس االنقسامات في الرأي واضحة كما هي الحال بين العناصر األخرى من‬
‫السكان ‪.‬في نيو إنجالند‪ ،‬كان هناك شعور قوي بإلغاء عقوبة اإلعدام‪ ،‬خاصة بين العاملين في مصانع‬
‫القطن‪ ،‬ولكن في أجزاء أخرى من البالد لم يكن هناك استعداد يذكر للسماح بالتعاطف مع الزنجي إلى‬
‫حد تفضيل الحرب للتأثير على حريته ‪.‬كان هناك شعور في المراكز الصناعية المتنامية بأن عبودية‬
‫األجير األبيض كانت في كثير من األحيان مهينة تما ًما مثل عبودية الزنجي‪ ،‬وأنه من األفضل أن يبدأ‬
‫اإلصالح في المنزل ‪.‬وحتى بعد انتخاب لينكولن في عام ‪ ،1860‬دعمت العديد من النقابات بقوة‬
‫مقترحات التسوية المختلفة التي تم طرحها للتوفيق بين الخالفات الشمالية والجنوبية‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬اجتمع أربعة وثالثون من النقابيين البارزين معًا للعمل في أوائل عام ‪ ،1861‬ودعوا إلى‬
‫مؤتمر العمال الوطني تحت شعار "االمتياز وليس االنفصال"‪ ،‬لالحتجاج على مسار الحكومة" ‪.‬تحت‬
‫قيادة الديماغوجيين السياسيين والخونة "‪ ،‬صرحوا بشدة في كتاب الميكانيكيين الخاص بهم ‪.‬إن‬
‫الب الد تسير إلى الشيطان بأسرع ما يمكن‪ ،‬وما لم تنهض الجماهير بقوتها‪ ،‬وتعلم ممثليها ما يجب‬
‫عليهم فعله‪ ،‬فإن السفينة القديمة الجيدة سوف تتحطم ‪.‬تم عقد اجتماعهم في فيالدلفيا في ‪22‬فبراير‬
‫مثيرا‬
‫ً‬ ‫مع المسيرات وإلقاء الخطب والقرارات التي تدعم تسوية كريتندين ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن األمر‬
‫لإلعجاب ‪ ،‬ولم يكن بإمكانه بأي حال من األحوال ممارسة أي تأثير ملموس على القوى التي كانت‬
‫ستدفع البالد قري ًبا إلى الحرب‪.‬‬
‫بمجرد إعالن األعمال العدائية‪ ،‬تم تجنيد العمال بأعداد كبيرة استجابة لدعوة الرئيس لينكولن‬
‫للقوات‪ ،‬وكان العديد من أولئك الذين عارضوا الحرب بشدة من بين المتطوعين األوائل ‪.‬وفي عدد من‬
‫الحاالت‪ ،‬دخل أعضاء النقابات الخدمة كمجموعة ‪.‬وجاء في قرار نموذجي صادر عن إحدى هذه‬
‫المنظمات" ‪:‬بعد أن تقرر التجنيد مع العم سام للحرب‪ ،‬تم تأجيل هذا االتحاد حتى يصبح االتحاد آم ًنا أو‬
‫يتم جلدنا‪".‬‬
‫كان من المفترض أن تؤثر الحرب بشكل كبير على العمالة ‪.‬وكان العمال خاضعين للتجنيد‪ ،‬في حين‬
‫تمكن األثرياء من الهروب من الخدمة عن طريق دفع المكافآت‪ ،‬وعانوا بشدة من التضخم الذي كان‬
‫يعني بالنسبة للمصنعين والتجار ارتفاع األرباح ‪.‬وكانت هناك أصوات من السخط حيث‬
‫‪92‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫أدى إصدار العملة األمريكية إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل متزايد ‪.‬وتساءل العمال« ‪:‬ما الذي‬
‫سنستفيده كأمة لو حافظنا على مؤسساتنا‪ ،‬وأنقذنا دستورنا‪ ،‬وأغرقنا الجماهير في الفقر والجريمة‬
‫اليائسين؟ »لقد كانوا مستعدين للعب دورهم كامالً في المجهود الحربي‪ ،‬لكن استياءهم اندلع ضد‬
‫المنتفعين والمضاربين ‪.‬‬
‫بحلول عام ‪ ، 1863‬كان الوضع في نيويورك يعكس بشكل صادم مدى الخير الذي يمكن أن تكون‬
‫عليه الحرب بالنسبة ألولئك الذين هم في وضع يسمح لهم بجني المال منها ‪.‬كانت الفنادق والمسارح‬
‫ومؤسسات المجوهرات والمتاجر الفاخرة األخرى تقوم بعمل رائع ‪.‬كان "الرديء"‪ ،‬كما كان يُطلق‬
‫على المنتفعين‪ ،‬ينفقون ثرواتهم في إسراف متهور ومخز ‪.‬قال هاربرز " ‪:‬يزرر الرجال صدرياتهم‬
‫بألماس من الماء األول‪ ،‬وتمسح النساء وجوههن بغبار الذهب والفضة ‪".‬لم يحصل العمال‬
‫المتضررون بشدة على مثل هذه األرباح وسرعان ما انتشرت اإلضرابات حيث طالبوا بالحفاظ على‬
‫األجور في عالقة معقولة مع ارتفاع األسعار‪.‬‬
‫أصر عمال البناء في شيكاغو على االرتفاع ‪.‬انسحب قائدو الفرق الموسيقية وسائقو سيارات‬
‫الخيول في نيويورك ‪.‬وأضربت نقابة المطابع في سانت لويس عن العمل مطالبة برفع األجور؛ وكان‬
‫النجارون والرسامون والسباكون يهددون في كل مكان بإلقاء أدواتهم ما لم تتم االستجابة لمطالبهم؛‬
‫وسعى صانعو الحديد إلى الحصول على تقدم بنسبة خمسة عشر في المائة؛ أضرب صانعو السفن‬
‫وعمال الشحن والتفريغ‪ ،‬واستدعى مهندسو القاطرات أعضائهم‪.‬‬
‫في حاالت عرضية‪ ،‬تم إعالن األحكام العرفية لمكافحة مثل هذه االضطرابات حيث قامت القوات‬
‫بدور كسر اإلضراب ‪.‬لكن حزب العمال كان له صديق في البيت األبيض ‪.‬في حين أن لينكولن ربما لم‬
‫يفهم تما ًما اآلثار المترتبة على الحركة العمالية المنظمة‪ ،‬إال أنه كان يتعاطف مع العمال ‪.‬وباستثناء‬
‫واحد محتمل‪ ،‬فهو لن يدعم تدخل الحكومة في اإلضراب" ‪.‬الحمد هلل أن لدينا نظام عمل حيث يمكن أن‬
‫يكون هناك إضراب"‪ ،‬هذا ما أعلنه قبل الحرب‪ ،‬وحافظ بثبات على إيمانه بالعمل واحترام حقوق العمال‬
‫طوال فترة الطوارئ الوطنية ‪.‬إن الديمقراطية التي أكد عليها كانت مبنية على اعتقاده بأن "العمال هم‬
‫ً‬
‫ومستقال‬ ‫أساس كل حكومة ‪".‬في رسالته السنوية األولى إلى الكونجرس‪ ،‬أعلن أن العمل كان ساب ًقا‬
‫عن رأس المال الذي لم يكن من الممكن خلقه دون وجود العمل ألول مرة ‪.‬وفي اجتماعه بوفد من‬
‫الجمعية الجمهورية الديمقراطية للعمال في نيويورك‬
‫‪The Impact of Industrialism‬‬ ‫‪93‬‬
‫في عام ‪ ،1864‬كرر هذه اآلراء " ‪:‬العمل هو أسمى من رأس المال‪ ،‬ويستحق اهتماما أعلى بكثير"‪.‬‬
‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬زادت قوة العمل خالل الحرب األهلية وأخذت النقابات العمالية فرصة جديدة‬
‫للحياة ‪.‬بين عامي ‪1863‬و‪ ،1864‬ارتفع العدد من ‪79‬إلى ‪ ،270‬وتشير التقديرات إلى أن إجمالي‬
‫العمال المنظمين كان أكثر من ‪200.000 -‬وهو أقل مما كان عليه قبل ثالثين عا ًما ولكن أكثر من أي‬
‫وقت مضى في أربعينيات أو خمسينيات القرن التاسع عشر ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان من بين هذه النقابات‬
‫استقرارا أكبر بكثير من تلك التي كانت سائدة في‬
‫ً‬ ‫‪32‬اتحادًا تم تنظيمها على أساس وطني وأظهرت‬
‫خمسينيات القرن التاسع عشر ‪.‬وكان أبرز هذه المنظمات هو االتحاد الدولي لصانعي الحديد المعاد‬
‫تنظيمه‪1 ،‬لكن الميكانيكيين والحدادين‪ ،‬ومهندسي القاطرات‪ ،‬وجمعية عمال المناجم األمريكية‪ ،‬وأبناء‬
‫فولكان (صانعو الحديد )كانت منظمات قوية أخرى كشفت أيضًا عن تغير طبيعة الحركة العمالية‪.‬‬
‫ترافق إحياء الحركة النقابية في زمن الحرب مع عودة ظهور الصحافة العمالية المؤثرة التي بدأت‬
‫في طرح وجهات نظر العمال المنظمة والدعوة إلى إصالح العمل ‪.‬كانت مجلة فينشرز تريدز‪ ،‬وهي‬
‫صحيفة الميكانيكيين والحدادين‪ ،‬أهم هذه الصحف ومع تمثيل النقابات األخرى في مجلس تحريرها‪،‬‬
‫أصبحت المتحدث الرسمي باسم الحركة العمالية بأكملها ‪.‬وكان محررها‪ ،‬جوناثان فينشر‪ ،‬مراسالً‬
‫قديرا ً ال يعرف الكلل‪ ،‬ومعلقا ً صريحا ً على قضايا العمل ‪.‬ومن المجالت العمالية األخرى مجلة‬
‫‪Workingmans Advocate‬الجديدة ‪ ،‬والتي نُشرت في شيكاغو؛ محامي تجارة نيويورك وعامل‬
‫المناجم األسبوعي‪.‬‬
‫وكا ن هناك تقدم آخر يتمثل في إنشاء جمعيات حرفية جديدة‪ ،‬تتوافق مع نقابات الحرف العامة‬
‫القديمة ‪.‬قامت النقابات المحلية في روتشستر‪ ،‬نيويورك‪ ،‬أوالً بإحياء هذا الشكل من التنظيم‪ ،‬وفي‬
‫مصدرا لقوة حقيقية‬
‫ً‬ ‫غضون فترة زمنية قصيرة كان لكل مدينة تقري ًبا مجلس للحرف ‪.‬لقد أصبحوا‬
‫للغاية وأدخلوا سال ًحا عمال ًيا جديدًا‪ ،‬وهو الولد ‪ ،‬كوسيلة إلجبار أصحاب العمل على االمتثال لمطالب‬
‫النقابات ‪.‬جاء في تقرير معاصر للمقاطعة" ‪:‬تتحد جميع المهن لهذا الغرض‪ ،‬وعندما يتم اإلعالن عن‬
‫حالة اضطهاد‪ ،‬تقوم لجنة من جمعية المهن باستدعاء الجاني وتطلب التعويض ‪.‬إذا لم يتم االمتثال‬
‫للطلب‪ ،‬فسيتم إخطار كل عملية تداول‪ ،‬ويتوقف جميع األعضاء عن التداول في المؤسسة البغيضة ‪.‬‬
‫الصفقات'‬
‫‪1‬االتحاد الدولي‪ ،‬الذي قدمه المولدرز‪ ،‬سمي بهذا االسم بسبب ضم السكان المحليين الكنديين‪.‬‬
‫‪94‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫قامت الجمعيات أيضًا برعاية النزهات وحفالت الرقص واألنشطة االجتماعية األخرى‪ ،‬وفي بعض‬
‫الحاالت قامت بصيانة المكتبات وغرف القراءة‪.‬‬
‫خرج حزب العمال من الحرب األهلية في موقف هجومي ‪.‬وكانت مستعدة لالنتقال إلى مجاالت‬
‫التنظيم الوطني األوسع‪ ،‬ساعيًا إلى جمع النقابات الجديدة معًا في حركة موحدة يمكنها أن تواجه بشكل‬
‫أكثر فعالية قوى رأس المال الموحدة ‪.‬ولكن كان ال يزال أمامها طريق مرهق للسفر‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬
‫سادسا ‪:‬نحو الوطنية‬
‫منظمة‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫بين الحرب األهلية وأواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬شهدت الواليات المتحدة توسعا ً صناعيا ً هائالً ‪.‬أطلقت‬
‫طرق السكك الحديدية شبكات جديدة من السكك الحديدية لتغطي القارة وتربط البالد في كيان اقتصادي‬
‫متكامل ‪.‬ترمز األكوام المحترقة من مصانع الصلب التي تضيء سماء بيتسبرغ إلى نمو صناعة‬
‫عمالقة أصبحت ممكنة بفضل اكتشاف مصادر الحديد التي ال تعد وال تحصى في مجموعة ميسابي ‪.‬‬
‫تدفق النفط من اآلبار التي يتم حفرها في غرب بنسلفانيا وأوهايو ‪.‬في المسالخ الكبرى في شيكاغو‬
‫وسانت لويس‪ ،‬تم ذبح اآلالف من الماشية والخنازير يوميًا ‪.‬كانت مصانع النسيج في نيو إنجالند تعج‬
‫بالنشاط‪ ،‬ونشأت صناعة المالبس الجاهزة من المصانع المستغلة للعمال في نيويورك والمدن‬
‫الشرقية األخرى ‪.‬في كل مكان‪ ،‬عكست المصانع والمطاحن الجديدة انتصارات اآللة ونمو اإلنتاج‬
‫الضخم ‪.‬ومع انتشار المدن والبلدات الصناعية على طول ساحل المحيط األطلسي وفي الغرب األوسط‪،‬‬
‫تغير وجه أمريكا‪.‬‬
‫كانت العوامل األساسية وراء هذه التطورات هي موارد البالد غير المحدودة‪ ،‬واحتياطياتها الكبيرة‬
‫من العمالة والطلب الذي ال يشبع على منتجات الصناعات الجديدة‪ ،‬ولكن القوة الدافعة المباشرة‬
‫للتوسع الصناعي تم توفيرها من قبل مجموعة من رجال األعمال ذوي الرؤية والطموح والقاسيين ‪.‬‬
‫القادة والممولين ‪.‬قام جاي جولد‪ ،‬وإيه إتش هار ريمان‪ ،‬وجيمس جيه هيل بتشكيل إمبراطورية من‬
‫السكك الحديدية‪ ،‬وكارنيجي إمبراطورية من الفوالذ‪ ،‬وروكفلر إمبراطورية من النفط ‪.‬أصبحت الشركة‬
‫هي الشكل المقبول لتنظيم األعمال‪ ،‬وتحت قيادة هؤالء الرجال‪ ،‬سحقوا منافسيهم بال رحمة‪ ،‬وكانت‬
‫عمليات االندماج والتضامن تؤثر على مزيد من تأميم األعمال ‪.‬ونشأت صناديق ائتمانية ضخمة في‬
‫عشرات الصناعات‪ ،‬في مجاالت النفط والصلب والسكر وزيت بذر الكتان والمواقد واألسمدة ‪.‬كان‬
‫االحتكار هو هدف رجال الصناعة‪ ،‬وكانت الحكومة الراضية والمحاكم الراضية عن نفسها‪ ،‬المتشبثة‬
‫بالمبادئ االقتصادية المتمثلة في عدم التدخل‪ ،‬قد أطلقت العنان للسياسات التي سرعان ما أدت إلى‬
‫تفاقم المشكلة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪96‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫ً‬
‫تركيزا للثروة االقتصادية والقوة لم تعرفه البالد من قبل‪.‬‬ ‫خلقت‬
‫وقد انجرفت القوى العاملة في موجة التوسع هذه ‪.‬وعلى الرغم من أن مثل هذه التنمية كانت‬
‫مستحيلة تماما بدونهم‪ ،‬إال أنهم لم يكن لهم صوت في تحديد مسار النمو االقتصادي ‪.‬لقد أصبح العمال‬
‫بيادق عاجزة تقريبا في أيدي أصحاب العمل في الشركات ‪.‬وبما أن الحرفيين المستقلين تم جذبهم إلى‬
‫المصانع والمطاحن والمسابك حيث لم تكن لمهاراتهم الخاصة قيمة تذكر‪ ،‬وحيث يُطلب منهم تنفيذ‬
‫خطوات تلقائية واحدة فقط في العمليات المعقدة لإلنتاج الضخم‪ ،‬فقد فقدوا صالحيات المساومة التي‬
‫كانوا يتمتعون بها ‪.‬كانت تتمتع بها من قبل ‪.‬نظرت الصناعة إلى العمل كسلعة يمكن شراؤها بأرخص‬
‫سعر ممكن ‪.‬ولم يكن هناك شعور بالمسؤولية تجاه العمال أكثر من الشعور بالمسؤولية تجاه المواد‬
‫الخام للتصنيع‪.‬‬
‫" قبل أن يبدأ هذا التركيز‪ ،‬بينما كانت التجارة والصناعة ال تزال تتم من خالل عدد ال يحصى من‬
‫االهتمامات الصغيرة برأس مال صغير‪ ،‬بدالً من عدد صغير من االهتمامات الكبيرة برأس مال ضخم"‪،‬‬
‫كان على إدوارد بيالمي أن يكتب في كتابه "النظر إلى الوراء"‪ ،‬قصته الرومانسية اليوتوبية‬
‫ومستقال في عالقاته مع صاحب العمل ‪.‬عالوة على ذلك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الشهيرة" ‪.‬كان العامل الفردي مه ًما نسبيًا‬
‫عندما كان رأس المال القليل أو فكرة جديدة كافية لبدء رجل في العمل لنفسه‪ ،‬كان العمال يتحولون‬
‫باستمرار إلى أصحاب عمل ولم يكن هناك خط صارم وسريع بين الطبقتين ‪.‬ولم تكن النقابات العمالية‬
‫ضرورية في ذلك الوقت‪ ،‬وكانت اإلضرابات العامة غير واردة ‪.‬ولكن عندما أعقب عصر االهتمامات‬
‫الصغيرة برأس المال الصغير عصر التجمعات الكبيرة لرأس المال‪ ،‬تغير كل هذا ‪.‬لقد تحول العامل‬
‫الفردي‪ ،‬الذي كان ذا أهمية نسبية بالنسبة لصاحب العمل الصغير‪ ،‬إلى حالة من التفاهة والعجز أمام‬
‫الشركة الكبرى‪ ،‬في حين كان في الوقت نفسه الطريق إلى االرتقاء إلى درجة صاحب العمل مغلقًا‬
‫أمامه ‪.‬دفعه الدفاع عن النفس إلى االتحاد مع زمالئه‪.‬‬
‫وبما أن قوانين العرض والطلب تحدد األجور بشكل كامل‪ ،‬فقد بذلت الصناعة كل ما في وسعها‬
‫للتأكد من أن المعروض من العمالة سيكون وفيرا ‪.‬خالل الحرب األهلية‪ ،‬اتخذت المصالح التجارية‬
‫للبالد خطوة أولى في حشد دعم الكونجرس للتأكد بشكل مضاعف بشأن هذه النقطة ‪.‬تم إقرار قانون‬
‫العمل التعاقدي في عام ‪ ،1864‬والذي سمح بتقديم‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪97‬‬
‫أموال المرور للمهاجرين المحتملين مقابل امتياز على أجورهم ‪.‬وبهذا التشجيع‪ ،‬تعهدت شركة‬
‫أمريكان إميجرانت‪ ،‬التي يبلغ رأسمالها مليون دوالر أمريكي وتدعمها شخصيات بارزة مثل رئيس‬
‫المحكمة العليا تشيس‪ ،‬ووزير البحرية ويلز‪ ،‬والسيناتور سومنر‪ ،‬وهنري وارد بيتشر‪ ،‬بتلبية متطلبات‬
‫االقتصاد المتوسع من خالل بناء موارد العمال المتاحة ‪.‬وكان برنامجها المعلن هو "استيراد العمال‪،‬‬
‫وخاصة العمال المهرة‪ ،‬من بريطانيا العظمى وبلجيكا وفرنسا وسويسرا والنرويج والسويد‪ ،‬للمصنعين‬
‫وشركات السكك الحديدية وغيرهم من أصحاب العمل في أمريكا ‪".‬أعلنت إعالناتها أنها مستعدة‬
‫لتزويد عمال المناجم وعمال البرك والميكانيكيين والحدادين والقالبين والميكانيكيين من كل نوع‪ ،‬في‬
‫غضون مهلة قصيرة وبشروط معقولة‪.‬‬
‫وكالء شركة المهاجرين األمريكيين‪ ،‬جن ًبا إلى جنب مع وكالء السكك الحديدية وشركات البواخر‬
‫والعديد من الشركات الصناعية ‪ ،‬في تعزيز التجارة في هذا الشكل الجديد من العمل التعاقدي تقري ًبا كما‬
‫فعل "النيوالندرون "قبل قرنين من الزمان في بالدهم القارية ‪.‬البحث عن الخدم المستأجرين« ‪.‬هؤالء‬
‫الرجال‪ ،‬عند وصولهم‪» ،‬جاء في تقرير منزعج مقدم إلى مؤتمر عمالي‪« ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬ال يملكون إال‬
‫القليل من المال؛ وبالتالي يضطرون إلى العمل بأسعار مجاعة ‪. . . .‬ليس لدينا أي فرصة للتنافس مع‬
‫هؤالء الرجال‪. . .‬‬
‫في كاليفورنيا‪ ،‬وفي بناء أول خط سكة حديد عابر للقارات‪ ،‬تمت تلبية احتياجات العمالة من خالل‬
‫استيراد العمال الصينيين‪ ،‬وكان الساحل الغربي يواجه مشاكله الغريبة ‪.‬بل إن التجربة الفاشلة أُجريت‪،‬‬
‫ولو على نطاق صغير جدًا‪ ،‬الستخدامها في صناعة األحذية في ماساتشوستس" ‪.‬إنهم معنا "!صاح‬
‫كومنولث بوسطن في يونيو عام ‪1870‬قائالً« ‪:‬إن «الكواكب السماوية — »ذات العيون اللوزية‪،‬‬
‫والضفائر‪ ،‬والصناعة النادرة‪ ،‬والتكيف السريع‪ ،‬واألخالق الرفيعة‪ ،‬وجميعهم —خمسة وسبعون‬
‫منهم —يعملون بجد في بلدة نورث آدامز‪ ،‬مما يجعل أحذية"‪.‬‬
‫مع مرور الوقت‪ ،‬تزايد عدد المهاجرين األوروبيين بشكل مطرد‪ ،‬حيث دخل ما يقرب من نصف‬
‫مليون إلى البالد في عام ‪ ،1880‬وفي العقد التالي دخل أكثر من خمسة ماليين‪ ،‬أو ما يقرب من ضعف‬
‫إجمالي السنوات العشر السابقة ‪.‬عالوة على ذلك كان هناك تحول تدريجي في مصدر العرض ‪.‬لم يعد‬
‫الجزء األكبر من الهجرة الجديدة يأتي من شمال غرب أوروبا‪ ،‬بل من جنوب شرق أوروبا ‪.‬كان مسار‬
‫البواخر العابرة لألطلسي مكت ًظا باإليطاليين‪ ،‬والبولنديين‪ ،‬والتشيكيين‪ ،‬والسلوفاكيين‪،‬‬
‫‪98‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫والمجريين‪ ،‬واليونانيين‪ ،‬والروس‪ ،‬وهم فالحون جاهلون وغير ماهرون ومفلسون ‪.‬لقد وفروا على‬
‫ما يبدو احتياطيًا ال ينضب من العمالة الرخيصة للمناجم والمطاحن والمصانع‪.‬‬
‫لقد أثرت الهجرة دائ ًما على جهود العمالة األمريكية لرفع مستويات المعيشة‪ ،‬ولكن بحلول نهاية‬
‫وضوحا من أي وقت مضى ‪.‬ولم يكن المعروض من العمال‬ ‫ً‬ ‫القرن كان تأثيرها في خفض األجور أكثر‬
‫غير المهرة يتزايد باستمرار عن طريق االستيراد من أوروبا فحسب‪ ،‬بل كان االختفاء التدريجي‬
‫لألراضي المجانية المتاحة في الغرب بمثابة إغالق صمام الهروب الذي كانت الحدود تمثله تقليديا في‬
‫أوقات البطالة والكساد االقتصادي ‪.‬ومهما كان التأثير غير المباشر للحركة الغربية في تخفيف الضغط‬
‫في السنوات السابقة‪ ،‬فإن إغالق الحدود كان يعني أن حقبة جديدة تما ًما قد بدأت في التاريخ‬
‫األمريكي ‪.‬ال تزال ه ناك فرصة‪ ،‬لكنها كانت محدودة للغاية عما كانت عليه في أيام االستيطان الغربي‬
‫الممتدة‪.‬‬
‫في أربعينيات وخمسينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬شعر العمال بالفعل أن الظروف التي يعيشون في‬
‫ظلها كانت تتدهور‪ ،‬لكن الحرفيين والميكانيكيين المهرة ما زالوا قادرين على الحفاظ على المعايير‬
‫التي أثارت إعجاب جميع الزوار األجانب بشدة ‪.‬ومع تزايد أعداد العاملين بأجر في بحثهم عن عمل في‬
‫المصانع والمطاحن والمحالت التجارية‪ ،‬فقد فقدوا تما ًما استقاللهم السابق وحصلوا أيضًا على أجور‬
‫أقل نسبيًا ‪.‬لقد اكتظوا ببعضهم البعض في المدن والبلدات التي كانت تنمو بسرعة كبيرة جدًا بحيث لم‬
‫تتمكن من استيعابهم‪ ،‬وعملوا في ظل الظل المستمر لتخفيض األجور والبطالة ‪.‬بالنسبة لقلة من حين‬
‫آلخر‪ ،‬كانت ال تزال هناك فرصة لتسلق السلم االقتصادي ‪-‬كان من المقرر أن يصعد العديد من قادة‬
‫الصناعة من صفوف العمال ‪-‬لكن الجزء األكبر من العمال الصناعيين‪ ،‬األجانب أو المحليين‪ ،‬لم يعد‬
‫بإمكانهم توقع الهروب من األجر المكتسب ‪.‬الطبقة ومن خالل أن يصبحوا أصحاب عمل‪ ،‬ينضمون إلى‬
‫الطبقة األرستقراطية للثروة ‪.‬أعلن محامي العمال من شيكاغو في وقت مبكر من عام ‪1866‬أن «‬
‫األمل في أن يتمكن العمال من دخول هذه الدائرة هو وهم متأللئ مختبئ أمامه لصرف انتباهه عن‬
‫الهدف الحقيقي لمصالحه‪».‬‬
‫إن المفارقة القاسية المتمثلة في "التقدم والفقر"‪ ،‬والتي أشار إليها هنري جورج في سبعينيات‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬لم تكن حتى في ذلك الوقت شيئا ً جديداً‪ ،‬بل أصبحت واضحة بشكل متزايد مع‬
‫مرور السنين ‪.‬وكان النمو االقتصادي والتوسع من الحقائق التي ال يمكن إنكارها‪ ،‬وكذلك كان ارتفاع‬
‫الدخل القومي وتحسن مستويات المعيشة للبالد ككل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬كان ماليين عديدة‬
‫يعيشون في فقر مدقع في‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪99‬‬
‫األحياء الفقيرة المكتظة بالسكان ‪.‬لقد كانوا في كثير من األحيان محرومين من أبسط وسائل الراحة‬
‫ووسائل الراحة التي أتاحها عملهم لآلخرين ‪.‬لقد كافحوا فقط للحفاظ على أسرهم فوق مستوى الجوع‬
‫والعوز الفعلي ‪ .‬وبينما كانت الظروف أفضل بالنسبة ألولئك الذين ما زالوا يحتفظون بمهارات خاصة‪،‬‬
‫فإن الغالبية العظمى منهم عملوا لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة لدرجة أن وضعهم كان بمثابة‬
‫شذوذ مأساوي في ضوء الرخاء الذي تتمتع به األعمال والصناعة بشكل عام‪.‬‬
‫نظرا ألن إدخال اآلالت أدى إلى زيادة تقسيم العمل‪ ،‬مما سمح بالمزيد والمزيد من أعمال التصنيع‬
‫ً‬
‫من قبل العمال شبه المهرة أو غير المهرة‪ ،‬فقد تمكن أصحاب العمل من استخدام "األيادي الخضراء "‬
‫بدالً من الحرفيين والميكانيكيين في وقت سابق ‪.‬يوم ‪.‬كان العمال المهاجرون يهددون وظائف العمال‬
‫المحليين‪ ،‬كما أدت البطالة الدورية إلى تقويض األمن الذي كان يتمتع به الحرفيون القائمون في‬
‫السابق ‪.‬ومع انتشار األعمال التجارية في جميع أنحاء البالد‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬كانت المنافسة بين‬
‫مجاالت التصنيع المختلفة تعني أن األسعار واألجور لم تعد تحددها الظروف المحلية ‪.‬لقد تقلبت نتيجة‬
‫للتغيرات االقتصادية الخارجة كليا ً عن سيطرة أصحاب العمل أو العمال المعنيين مباشرة‪.‬‬
‫في هذه السوق الوطنية الجديدة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كان على صانعي المواقد في تروي وبيتسبرغ‬
‫أو فيالدلفيا أو ديترويت‪ ،‬مواجهة منافسة المصنعين في شيكاغو وسانت لويس ‪.‬وارتبطت مقاييس‬
‫األجور في الشرق بتلك الموجودة في الغرب ‪.‬إذا كان صانعو الحديد في تروي أو سانت لويس يرغبون‬
‫في حماية أنفسهم من تخفيضات األجور في وقت ركود األعمال‪ ،‬كان عليهم أن ينظروا إلى ما هو أبعد‬
‫من الظروف المحلية فقط وأن يبحثوا عن وسائل لدعم أجور العمال المماثلين في أجزاء أخرى من‬
‫البالد‪.‬‬
‫أصبح من الواضح بشكل متزايد في ظل هذه الظروف الجديدة أن على العمال أن يواجهوا تحدي‬
‫الصناعة الوطنية من خالل تنظيم أنفسهم على أساس وطني ‪.‬وهذا يعني في المقام األول‪ ،‬محاولة بناء‬
‫نقابات وطنية من شأنها أن تمكن العمال في أي مهنة من حماية جدول أجورهم ضد المنافسة من أي‬
‫جهة‪ ،‬وفي الثانية‪ ،‬جهد لمواجهة مجتمع المصالح الذي ينمو بين الناس ‪.‬جميع أصحاب العمل من‬
‫خالل مجتمع مماثل من المصالح بين جميع العمال ‪.‬كان هناك الكثير من الحديث عن التضامن العمالي‬
‫حيث سعت مجموعة جديدة من القادة إلى جمع النقابات الوطنية وأحزاب العمل السياسية والتعاونيات‬
‫وغيرها من جمعيات اإلصالح العمالي في ما‬
‫‪100‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫يمكن تسميته بجبهة موحدة لمكافحة القوة الصاعدة للرأسمالية المنظمة‪. .‬‬
‫وفي سعيه لتفعيل هذا التنظيم الوطني األوسع في السنوات التي أعقبت الحرب األهلية مباشرة‪ ،‬كان‬
‫العمال ال يزالون في حيرة من أمرهم من قبل القوى الصناعية الجديدة لدرجة أنهم لم يكونوا متأكدين‬
‫تما ًما من المسار الذي يجب أن يتبعوه ‪.‬لقد انجذبت إلى العديد من الحركات السياسية‪ ،‬وخدعتها وعود‬
‫اإلصالح الجديدة‪ ،‬ووقعت في الجدل حول النظرية االشتراكية والمفاهيم الراديكالية للصراع الطبقي ‪.‬‬
‫كان هناك جدل مستمر حول الفوائد النسبية للعمل السياسي مقارنة بالعمل االقتصادي‪ ،‬ومزايا النقابات‬
‫الحرفية مقارنة بالنقابات األكثر شموالً‪.‬‬
‫وفي العديد من المناسبات‪ ،‬تولى العمال زمام األمور بأيديهم بغض النظر عن النظريات الدقيقة التي‬
‫تمت مناقشتها في المؤتمرات العمالية ‪.‬ومع شعورهم بأنهم يرزحون تحت وطأة االستغالل الرأسمالي‪،‬‬
‫تجاهلوا القيادة التي بدت بعيدة عن واقع الظروف االقتصادية ونهضت في ثورة عفوية لحماية‬
‫حقوقهم ‪ .‬قبل الحرب األهلية‪ ،‬كانت اإلضرابات محلية وقصيرة األمد وسلمية بشكل عام‪ ،‬ولكن في‬
‫النصف األخير من القرن تغيرت طابعها بشكل جذري ‪.‬كانت البالد تعاني من صراع صناعي عنيف‬
‫وواسع النطاق‪.‬‬

‫اتخذت الخطوة األولى نحو إنشاء تنظيم وطني للعمال في عام ‪1866.‬فقد استدعت مجموعة من‬
‫زعماء النقابات‪ ،‬الذين تجاهلوا تماما ً التحركات المماثلة التي حدثت في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫ما أسموه "أول مؤتمر عمالي وطني ينعقد على اإلطالق في الواليات المتحدة ‪".‬تم عقده في بالتيمور‬
‫ورعاه حوالي سبعة وسبعين مندوبًا من مختلف النقابات المحلية والجمعيات المهنية والنقابات‬
‫الوطنية ‪.‬وكان الغرض المعلن للمؤتمر هو خلق وحدة جديدة داخل صفوف العمل ككل ‪.‬في تنظيم ما‬
‫أصبح فيما بعد اتحاد العمل الوطني‪ ،‬تم توفير العضوية ليس فقط للعمال المهرة المسجلين في النقابات‬
‫وأخيرا‪ ،‬كان على جميع الذين‬
‫ً‬ ‫العمالية القائمة‪ ،‬ولكن أيضًا للعمال غير المهرة والمزارعين أيضًا ‪.‬‬
‫يكدحون "أن يرتقيوا إلى عظمة قوتهم "ويتحدوا الطبقة العاملة لالعتراف بحقوقهم وامتيازاتهم‪.‬‬
‫منذ البداية كان اتحاد العمل الوطني إصالح ًيا وذو عقلية سياسية ‪.‬لقد كانت أول محاولة واسعة‬
‫النطاق لجمع كل العمال م ًعا‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪101‬‬
‫في برنامج مشترك‪ ،‬لكنها ما زالت تعكس الطوباوية التي كانت سائدة في أيام ما قبل الحرب األهلية‬
‫والشعور الذي كان سائدًا آنذاك بأن المنتجين يمكنهم إدارة المجتمع على صورتهم الخاصة على الرغم‬
‫من التجمع ‪.‬قوى المحاكمة الصناعية ‪.‬لقد جعل االستقالل والفردية في المجتمع الحدودي من‬
‫المستحيل تقريبًا على العامل األمريكي في القرن التاسع عشر‪ ،‬على الرغم من كل األدلة التي تشير إلى‬
‫عكس ذلك‪ ،‬أن يقبل ديمومة الطبقة التي تكسب األجر‪.‬‬
‫لم يكن قادة االتحاد العمالي الوطني مهتمين بشكل كبير بأهداف عملية مثل الضغط النقابي المنسق‬
‫من أجل التحسين الفوري لظروف العمل ‪.‬وأعلنوا أن الحركة العمالية تعتمد على النقابات العمالية‬
‫وحثوا كل عامل على االنضمام إليها ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد أيدوا في اجتماعهم في بالتيمور العمل السياسي‬
‫باعتباره الوسيلة األكثر فعالية لتعزيز مصالح العمال واستنكروا بشدة اللجوء إلى اإلضرابات ‪.‬وتمكن‬
‫المدافعون عن العمل االقتصادي‪ ،‬وليس السياسي‪ ،‬من هزيمة اقتراح التشكيل الفوري لحزب عمالي‬
‫سياسي مباشر‪ ،‬لكن المؤتمر وافق رغم ذلك على ضرورة إنشاء حزب "في أقرب وقت ممكن‪".‬‬
‫تم تحديد األهداف العامة لالتحاد العمالي الوطني في "خطاب إلى العمال في الواليات المتحدة ‪".‬‬
‫وشدد في المقام األول ‪ ،‬باعتباره "الرغبة األولى والكبيرة للساعة"‪ ،‬على المطالبة بتبني قوانين تحدد‬
‫ثماني ساعات عمل كيوم عمل قانوني في كل والية في االتحاد ‪.‬وكما سنرى‪ ،‬كان هذا يمثل إصال ًحا له‬
‫آثار أعمق من المطالبة السابقة بيوم عمل مدته عشر ساعات‪ ،‬وبدا لبعض الوقت أنه يهيمن على‬
‫النشاط العمالي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬سعى اتحاد العمال الوطني أيضًا إلى تعزيز تعاونيات المستهلكين‬
‫والمنتجين‪ ،‬وإحياء الحركة القديمة في أربعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬وكوسيلة جزئية لجعل رأس‬
‫المال متا ًحا بسهولة أكبر لمثل هذه المؤسسات‪ ،‬تم استيعابها أكثر فأكثر ‪.‬في شكل إعادة العملة‬
‫والمصارف ‪ .‬إلغاء عمل المحكوم عليهم؛ وتقييد الهجرة‪ ،‬وخاصة العمال الصينيين على الساحل‬
‫الغربي‪ ،‬من أجل حماية مستويات معيشة العمال المحليين؛ كان التخلص من األراضي العامة‬
‫للمستوطنين الفعليين فقط‪ ،‬وإنشاء الحكومة الوطنية لوزارة العمل‪ ،‬من األهداف اإلضافية المنصوص‬
‫عليها في عام ‪1866.‬‬
‫تم استكمال هذه األهداف السياسية إلى حد كبير من خالل نداءات من أجل التنظيم األوسع للشعب‬
‫العامل ‪.‬تم االعتراف بمصالح النساء في الصناعة‪ ،‬وتعهدت النقابة الجديدة بتقديم الدعم الفردي وغير‬
‫المقسم‬
‫‪102‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫إلى "نساء الخياطة‪ ،‬وعامالت المصانع‪ ،‬وبنات الكدح "‪ ،‬ورئيس عمال مغسلة تروي‪ ،‬وهي نقابة‬
‫للعمال الذكور ‪.‬تم تعيينه أحد األمناء المساعدين للجمعية ‪.‬كما تم تشجيع تنظيم الزنوج‪ ،‬ولكن في هذا‬
‫االعتراف األول بدورهم المحتمل في الحركة العمالية‪ ،‬تم حثهم على تشكيل نقاباتهم الخاصة بدالً من‬
‫دعوتهم لالنضمام إلى اتحاد العمال الوطني‪. .‬‬
‫كان تشكيل هذه المنظمة الجديدة ألول مرة إلنشاء قيادة عمالية وطنية‪ ،‬ومن بين الرجال الذين‬
‫سا لها في عام ‪1868 -‬كان ويليام إتش ‪.‬سيلفيس ‪.‬‬ ‫برزوا بشكل بارز في أنشطتها ‪-‬الذين اختيروا رئي ً‬
‫ً‬
‫وفي تعليقها على تجمع زعماء العمال الذين حضروا المؤتمر الذي اختاره رئيسا‪ ،‬شهدت صحيفة‬
‫نيويورك صن على الشهرة التي اكتسبها في مختلف أنحاء البالد عندما أعلنت أن "اسمه مألوف‬
‫ككلمة مألوفة‪".‬‬
‫وكان سيلفيس في ذلك الوقت رجالً في األربعين من عمره‪ ،‬متوسط الحجم‪ ،‬قوي البنية‪ ،‬ذو بشرة‬
‫مزهرة‪ ،‬ولحية خفيفة وشارب‪ ،‬و"وجه وعينان تشعان بالذكاء ‪".‬قليل من القادة العماليين كانوا أكثر‬
‫صا للقضية‪ ،‬وأكثر استعدادًا للتضحية بكل اعتبار شخصي في العمل من أجل مصالح العمال‪ ،‬أو‬ ‫إخال ً‬
‫حصلوا على المزيد من الوالء والمودة من جانب زمالئهم العمال ‪.‬لقد كان حرف ًيا جدًا أن يبذل نفسه‬
‫نيابة عنهم ‪.‬أعلن في إحدى المناسبات" ‪:‬أنا أحب قضية االتحاد هذه ‪.‬وأعزها أكثر من أسرتي أو‬
‫حياتي ‪.‬وأنا على استعداد لتكريس لها كل ما أنا عليه أو أملكه أو آمله في هذا العالم‪".‬‬
‫لقد شهدت وجهات نظره بشأن السياسات التي ينبغي على العمال تعزيزها تحوالت وتغييرات‬
‫ملحوظة ‪.‬لقد كان غريب األطوار وغير متسق إلى حد كبير في تفكيره ‪.‬ولكن مهما كان موقفه في‬
‫لحظة معينة‪ ،‬فإنه يدافع عنه بقوة ‪.‬لقد هاجم منتقديه ذات مرة ووصفهم بأنهم "طاقم ذو وجهين‪،‬‬
‫مزمجرين‪ ،‬يمثلون دور األشرار الصبيانيين ‪".‬ومع ذلك‪ ،‬كانت عباراته األكثر داللة مخصصة دائ ًما‬
‫للطبقة الرأسمالية الجديدة التي شعر بقوة أنها تسعى فقط إلى استغالل الطبقة الرأسمالية الجديدة ‪.‬‬
‫العمال " ‪-‬طبقة أرستقراطية غنية باألموال ‪-‬فخورون‪ ،‬ومستبدون‪ ،‬وغير أمينين ‪...". . .‬تفجير‬
‫وإتالف كل شيء يتالمس معه"‪.‬‬
‫ولد سيلفيس‪ ،‬وهو ابن صانع عربات‪ ،‬في أنوف‪ ،‬بنسلفانيا‪ ،‬في عام ‪ ،1828‬وعمل عندما كان‬
‫صبيًا في مسبك الحديد المحلي ‪.‬لقد كان في وقت ما في أربعينيات القرن التاسع عشر عندما تخرج من‬
‫تدريبه المهني وتم ارتداؤه على النحو الواجب مع "بدلة الحرية "التي ميزت مكانته الجديدة كعامل‬
‫جور نيمان مولدر ‪-‬وهو معطف جوخ ناعم‪ ،‬وقميص أبيض‪ ،‬وخرطوم من الصوف‪ ،‬وحذاء من‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪103‬‬
‫جلد العجل ‪.‬وقبعة حريرية عالية ‪.‬واصل العمل في تجارته في فيالدلفيا وحولها‪ ،‬وانضم إلى اتحاد‬
‫صانعي المواقد واألدوات المجوفة المحلية وأصبح على الفور منظ ًما عماليًا نش ًطا ‪.‬لقد ألهمته فكرة‬
‫جمع جميع صانعي القوالب معًا في منظمة واحدة‪ ،‬ومن خالل جهوده إلى حد كبير تم عقد مؤتمر في‬
‫فيالدلفيا‪ ،‬في عام ‪ ،1859‬حيث قام ستة وأربعون مندو ًبا من ثمانية عشر من السكان المحليين‬
‫بتأسيس االتحاد الوطني لصانعي القوالب‪.‬‬
‫انهارت مع اندالع الحرب األهلية وتم تجنيد سيلفيس نفسه لفترة قصيرة في الخدمة العسكرية ‪.‬‬
‫سا لالتحاد الدولي لصانعي‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬في عام ‪ ،1863‬عاد مرة أخرى إلى عمله المختار وتم انتخابه رئي ً‬
‫الحديد الذي تم إحياؤه ‪.‬كان اهتمامه الوحيد هو بناء هذه المنظمة‪ ،‬ومن خالل حماسته التي ال تكل‪ ،‬قدم‬
‫أساليب وتقنيات جديدة في تنظيم العمل ‪.‬كان يسافر ذها ًبا وإيابًا عبر البالد‪ ،‬وغالبًا ما يتوسل ركوبًا في‬
‫سيارة أجرة المهندس ألنه لم يكن لديه المال لدفع أجرة السكك الحديدية‪ ،‬التقى بمجموعات من عمال‬
‫البناء المحليين في مدينة بعد مدينة‪ ،‬وساعدهم في تنظيم السكان المحليين وسمح لهم بالعضوية في‬
‫قادرا على التفاخر‬
‫الجمعية الوطنية ‪.‬اتحاد ‪.‬عند عودته لحضور المؤتمر السنوي في عام ‪ ،1864‬كان ً‬
‫عضوا محل ًيا‬
‫ً‬ ‫بأن "اتحادنا من مجرد قزم‪ ،‬تحول في عام قصير إلى عمالق ‪".‬مع ثالثة وخمسين‬
‫وإجمالي عضوية يبلغ ( ‪7000‬سيرتفع قريبًا إلى )‪ ،8500‬أصبح االتحاد الدولي لصانعي الحديد بحلول‬
‫عام ‪1865‬أقوى منظمة عمالية وأكثرها تماسكًا في البالد‪.‬‬
‫كان على سيلفيس أن ينظر إلى هذه الفترة عندما سافر على نطاق واسع وكان على اتصال وثيق‬
‫مع العديد من العمال في نيو إنجالند والواليات الساحلية والغرب األوسط وكندا باعتبارها أسعد حياته ‪.‬‬
‫لكنه استنفد رأس المال الضئيل الموجود تحت تصرفه واعتمد كليًا على األموال الصغيرة التي قدمها له‬
‫صانعو القوالب ‪.‬كتب شقيقه عن هذه األيام" ‪:‬لقد كان يرتدي المالبس حتى أصبحت رثة تما ًما ولم يعد‬
‫يستطيع ارتدائها ‪". .‬الشال الذي ارتداه حتى يوم وفاته ‪. . .‬كانت مليئة بالثقوب الصغيرة التي احترقت‬
‫هناك بسبب تناثر الحديد المنصهر من مغارف القوالب في مدن غريبة‪ ،‬والتي كان يتوسل إليها‬
‫لتنظيمها‪.‬‬
‫أثبت سيلفيس أيضًا أنه قادر على اإلدارة كما كان في التنظيم ‪.‬كانت السيطرة مركزية فعليًا في‬
‫االتحاد الوطني ‪ ،‬ووفرت ضريبة الفرد على جميع أعضاء النقابة إيرادات ساهمت في تكوين صندوق‬
‫إضراب كبير‪ ،‬كما أن إصدار بطاقات النقابة ونشر "ألبوم الجرب "في الصحافة العمالية جعل من‬
‫الممكن التنفيذ العام‬
‫‪104‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪.‬من محل مغلق ‪.‬كان سيلفيس يؤمن بشدة بالمكاسب الجماعية ولم يشجع اإلضرابات‪ ،‬ولكن عندما‬
‫أثبتت أنها المورد الوحيد للعمال‪ ،‬كان على استعداد لدعمهم حتى النهاية " ‪-‬ستعتمد النتائج على من‬
‫يمكنه الضرب بقوة أكبر‪".‬‬
‫حتى شتاء ‪ ،1867-1868‬كانت السياسات التي اتبعها اتحاد مولدرز ناجحة بشكل موحد‪ ،‬ولكن‬
‫خالل ذلك الموسم الصعب‪ ،‬شنت الرابطة الوطنية لمصنعي المواقد ومؤسسي الحديد هجو ًما مضادًا‬
‫شامالً ‪.‬تم تخفيض األجور وتسريح أعضاء النقابة ‪.‬عندما أضرب العمال‪ ،‬كان أصحاب العمل في وضع‬
‫قوي بما يكفي إلبعادهم عن العمل ‪.‬قاوم أصحاب القوالب المحاصرون ألشهر قدر استطاعتهم‪ ،‬لكن‬
‫أموال اإلضراب الخاصة بهم استنفدت‪ ،‬وفي النهاية حطمت الخالفات الداخلية جبهتهم الموحدة‪ ،‬وبدأوا‬
‫في العودة إلى العمل وفقًا لشروط أصحاب العمل ‪.‬كان سيلفيس ً‬
‫قادرا على إنقاذ االتحاد من االنقراض‬
‫الكامل‪ ،‬ولكن مع فشل اإلضراب‪ ،‬فقد إلى حد كبير القوة والنفوذ الذي كان يمارسه في السابق‪.‬‬
‫لقد أحبطته هذه التجربة لدرجة أنه حول اهتمامه بشكل متزايد من النقابيين إلى إصالح عمالي أكثر‬
‫عمومية‪ ،‬وبالتالي وجد في اتحاد العمل الوطني الجديد نطا ًقا أوسع ألنشطته ‪.‬لقد كان مستعدًا لدعم‪،‬‬
‫بنفس القوة التي كان يدعم بها سابقًا التنظيم النقابي‪ ،‬حملة العمل بثماني ساعات في اليوم من خالل‬
‫سن تشريعات‪ ،‬وتشكيل التعاونيات وإصالح العملة ‪.‬وعكس وجهات نظره السابقة‪ ،‬فقد ألقى بكل نفوذه‬
‫وراء االتجاه داخل اتحاد العمل الوطني لتعزيز هذه اإلصالحات من خالل العمل السياسي" ‪.‬لتكن‬
‫صرختنا هي اإلصالح"‪ ،‬هكذا طالب في أول تعميم له كرئيس للحزب ‪. .‬فلتسقط الطبقة األرستقراطية‬
‫الغنية ويسقط الشعب‪”.‬‬
‫كشفت اجتماعات االتحاد الوطني للعمال بوضوح عن استيعاب متزايد لإلصالح السياسي ‪.‬من بين‬
‫المندوبين في المؤتمر عام ( ‪1868‬الذين أثنت صحيفة نيويورك هيرالد بحرارة على "آرائهم الفلسفية‬
‫ورجل الدولة فيما يتعلق بالمسائل الصناعية)"‪ ،‬كان هناك ممثلون عن اتحادات الثماني ساعات‪،‬‬
‫وجمعيات اإلصالح الزراعي‪ ،‬وجمعيات مكافحة االحتكار‪ ،‬وغيرها الكثير ‪.‬أسباب سياسية ‪.‬وكان من‬
‫بينهم اثنان من المدافعين عن حق المرأة في التصويت‪ ،‬إليزابيث كادي ستانتون وسوزان بي أنتوني ‪.‬‬
‫خلق وجودهم شيئ ًا من الضجة ألنه بينما كان سيلفيس وغيره من القادة يدعمون حق المرأة في‬
‫التصويت‪ ،‬لم يكن المندوبون ككل مستعدين للذهاب إلى هذا الحد ‪.‬لقد وافقوا على تعيين قادة حق‬
‫االقتراع فقط بعد أن أوضحوا أنهم بذلك‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪105‬‬
‫ال يؤيدون "أفكارهم الخاصة ‪".‬ومع ذلك‪ ،‬أشارت صحيفة هيرالد إلى أن اآلنسة أنتوني كانت "تلمح‬
‫بشكل مبهج ولم تترك أي انطباع سيئ على المندوبين الملتحين‪".‬‬
‫وقد اتخذ االتحاد الوطني للعمال خطوة في هذا المؤتمر نفسه الذي أنذر بوضوح بتحوله إلى حزب‬
‫ثالث ‪.‬وشجعت تشكيل أحزاب اإلصالح العمالي في العديد من الواليات وحثتها على القيام بعمل سياسي‬
‫مباشر ‪.‬ووجد النقابيون أن مصالحهم أصبحت خاضعة بشكل متزايد لتعزيز القضايا التي تهمهم بشكل‬
‫غير مباشر فقط‪ ،‬هذا إذا كانت تهمهم على اإلطالق ‪.‬وكانت القصة القديمة للمؤتمرات العمالية في أيام‬
‫ما قبل الحرب األهلية تتكرر ‪.‬كان االختالف الوحيد في تجربة اتحاد العمال الوطني هو أنه لم يسيطر‬
‫كثيرا (على الرغم من "البهجة التي تلمح إليها اآلنسة أنتوني تما ًما )"بقدر ما كان‬
‫عليه اإلصالحيون ً‬
‫يسيطر عليه القادة العماليون الذين تحولوا هم أنفسهم إلى إصالحيين ‪.‬وكان سيلفيس مثاالً بارزاً لهذا‬
‫االتجاه‪ ،‬ولكن بعض النقابيين اآلخرين كانوا بحلول نهاية ستينيات القرن التاسع عشر أقل حماسة‬
‫لإلصالح والنشاط السياسي‪.‬‬
‫سا له لم يدم طويالً ‪.‬عشية مؤتمرها‬ ‫الزخم الذي أعطاه التحاد العمل الوطني بانتخاب سيلفيس رئي ً‬
‫السنوي عام ‪ ،1869‬اجتاحه الموت فجأة ‪.‬وكانت الضربة قاسية بالنسبة للحركة العمالية و"ألقت‬
‫نادرا ما كانت هناك نقابة لم تتخذ قرارات مدح‪،‬‬ ‫حجا ًبا من اليأس على الطبقة العاملة بأكملها ‪ً ".‬‬
‫ونشرت الصحافة العمالية عددًا ال يحصى من المقاالت االفتتاحية حول الخسارة التي ال يمكن تعويضها‬
‫لقائد عظيم في أوج شهرته" ‪.‬سيلفيس" !الكارثة الوطنية"‪ ،‬ترأست إحدى الصحف تعليقها على‬
‫وفاته؛ ظهر محامي الرجل العامل بحدود سوداء‪.‬‬
‫ومن أوروبا جاءت تعازي أخرى من قادة رابطة العمال الدولية ‪-‬األممية األولى ‪-‬التي سعى سيلفيز‬
‫معها إلى إقامة تحالف في "الحرب بين الفقر والثروة ‪".‬أوضحت رسالة موقعة من قبل كارل ماركس‪،‬‬
‫من بين آخرين‪ ،‬أن العالم ال يستطيع تحمل خسارة" أبطال مجربين في زهر الحياة مثله‪ ،‬الذي نحزن‬
‫جميعًا على خسارته‪".‬‬
‫كانت المساهمات التي قدمها سيلفيس لقضية العمال هي المثال واإللهام لحماسه التنظيمي في بناء‬
‫االتحاد الدولي للمولدرز‪ ،‬ودعمه القوي لحقوق العمال على المسرح الوطني ‪.‬لقد جعل من نفسه‬
‫متحدثًا حقيق ًيا عن العمل وكانت كلماته تستحق االهتمام واالحترام ‪.‬وعلى الرغم من أن حياته كانت‬
‫قصيرة‬
‫‪106‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ ،‬إال أنه برز كأول زعيم عمالي وطني عرفته البالد‪.‬‬
‫كثيرا لو عاش هو أمر مثير لإلشكالية ‪.‬لقد‬
‫ً‬ ‫ما إذا كان تاريخ اتحاد العمل الوطني سيكون مختلفًا‬
‫مسارا سياس ًيا مشكو ًكا فيه إلى حد ما‪ ،‬وقد شجع سيلفيس بدالً من أن يسعى إلى تقييد‬‫ً‬ ‫اتخذت بالفعل‬
‫تحويل طاقاته نحو اإلصالح ‪.‬وعلى أية حال‪ ،‬فقد أصبحت أيامه معدودة ‪.‬ريتشارد ف ‪.‬تريفيليك‪ ،‬زميل‬
‫العمل مع سيلفيس ورئيس االتحاد الدولي لنجارين السفن وعمال السد‪ ،‬خلفه كرئيس ‪.‬لقد ابتعد أيضًا‬
‫عن االهتمام المبكر بالنقابات العمالية إلى االهتمام المتزايد بالسياسة ‪.‬تحت رئاسته‪ ،‬قام اتحاد العمل‬
‫الوطني بالخطوة األخيرة وفي المؤتمر السنوي في عام ‪1872‬حول نفسه إلى حزب إصالح العمل‬
‫الوطني ‪.‬تم اعتماد برنامج يركز في المقام األول على إصالح العملة وتم ترشيح القاضي ديفيد ديفيس‬
‫من إلينوي للرئاسة ‪.‬عندما سحب ديفيس اسمه‪ ،‬انهارت الحركة السياسية إلى حد كبير‪ ،‬وبهذا‬
‫االنهيار‪ ،‬أنهى اتحاد العمال الوطني أيامه‪.‬‬

‫على الرغم من أن االتحاد العمالي الوطني لم يدم طويالً وغير ناجح‪ ،‬إال أن بعض القضايا التي كانت‬
‫معنية به تتطلب المزيد من الدراسة ‪.‬كانت أولى هذه الحمالت هي تلك الحملة من أجل يوم تشريعي‬
‫مدته ثماني ساعات‪ ،‬والتي أُعلن في عام ‪1866‬أنها "مسألة الجميع‪ ،‬والتي تستحوذ في الوقت‬
‫الحاضر على انتباه العامل األمريكي ‪".‬لقد استند إلى نظريات أعمق بكثير من الحجج القديمة التي‬
‫أيدت يوم عمل أقصر من أجل تعزيز الصحة والرفاهية األخالقية أو الفرصة التعليمية للعمال ‪.‬وكان‬
‫الهدف من يوم الثماني ساعات‪ ،‬وفقا ً لمناصريه‪ ،‬تحويل التنظيم القائم للمجتمع من خالل رفع أجور‬
‫العمال ومكانتهم‪ ،‬وبالتالي تضييق الفجوة تدريجيا ً بين صاحب العمل والموظف "إلى أن يصبح‬
‫الرأسمالي والعامل واحدا ً‪".‬‬
‫كان الكاهن األكبر لحركة الثماني ساعات هو إيرا ستيوارد‪ ،‬وهو ميكانيكي من بوسطن وعضو‬
‫نقابي مخلص‪ ،‬وكان على قناعة تامة بأن أفكاره هي الحل لجميع مشاكل العمال لدرجة أنه ال يمكن أن‬
‫ينحرف عن مهمته التي عينها لنفسه وهي ونشرها في كل وقت وفي كل مكان ‪.‬كتب أحد المساهمين‬
‫في " ‪American Workman:‬قابله في أي يوم وهو يتجول في الشارع ‪" .‬وعلى‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪107‬‬
‫الرغم من أنه سيعتذر ويعذر نفسه إذا تحدثت معه في شؤون أخرى ‪...‬إذا قمت فقط بعرض موضوع‬
‫"ساعات العمل"‪ ،‬وأظهر استعدادًا لالستماع‪ ،‬فإنه سيتوقف ويتوسل إليك حتى الليل‪. -‬يسقط"‪.‬‬
‫لقد خاطب عددًا ال يحصى من جماهير العمال في يوم العمل المكون من ثماني ساعات‪ ،‬وأدلى‬
‫بشهادته أمام المجلس التشريعي في والية ماساتشوستس‪ ،‬وكتب رسائل بام ومقاالت للصحافة‬
‫العمالية‪ ،‬وقام أوالً بتنظيم جمعية إصالح العمل ثم رابطة ماسا تشوستس الكبرى ذات الثماني ساعات ‪.‬‬
‫استحوذت أفكاره على خيال العمال ‪.‬ظهرت بطوالت الدوري التي تبلغ مدتها ثماني ساعات في جميع‬
‫صا بها‪ ،‬كان اتحاد العمل الوطني يعكس االهتمام الوطني‬
‫أنحاء البالد‪ ،‬ومن خالل جعل برنامجها خا ً‬
‫بهذا التخفيض المقترح ليوم العمل العمالي‪.‬‬
‫أشارت نظرية ستيوارد األساسية بوضوح إلى األفكار والممارسات التي كانت مقبولة على نطاق‬
‫أوسع في القرن العشرين ‪.‬ومن خالل تفضيله تخفيض يوم العمل إلى ثماني ساعات‪ ،‬افترض أن ذلك لن‬
‫يعني أي خسارة في األجور ‪ .‬سيطالب العمال بأجور مساوية على األقل لما كانوا يتلقونه مقابل عشر‬
‫ساعات عمل واثنتي عشرة ساعة‪ ،‬وبما أن مثل هذا الطلب سيكون عالميًا‪ ،‬فلن يكون لدى أصحاب‬
‫العمل أي سبب وجيه لرفضه ‪.‬إن أي مقاومة "ستكون بمثابة حماقة "اإلضراب "من قبل أصحاب‬
‫العمل أنفسهم‪ ،‬ضد أقوى قوة في العالم‪ ،‬أي عادات وعادات وآراء الجماهير ‪".‬ومع زيادة أوقات‬
‫فراغهم‪ ،‬سيكون العمال في وضع يسمح لهم باالستمتاع‪ ،‬وبالتالي الرغبة في شراء‪ ،‬المزيد من‬
‫منتجات الصناعة ‪.‬مع التأكيد على أنها "حقيقة ميكانيكية‪ ،‬أن تكلفة صنع سلعة ما تعتمد بشكل كامل‬
‫تقري ًبا على" "العدد ال ُمصنّع"‪ ،‬أكد ستيوارد بعد ذلك أن المصنعين سيستفيدون على الفور من توسيع‬
‫أسواقهم ألن الكماليات التي كانت في السابق يمكن بيعها على نطاق واسع للسكان العاملين‪.‬‬
‫النقطة الرئيسية التي أكد عليها ستيوارد هي أن تخفيض ساعات العمل يمكن أن يتم دون أي‬
‫تخفيض في األجور‪ ،‬وقد انتشرت هذه الفكرة من خالل أغنية نسبت إلى زوجته!‬

‫سواء كنت تعمل بالقطعة أو باليوم‪ ،‬فإن تقليل ساعات العمل يزيد األجر‪.‬‬

‫لقد كان على األقل مشكلة ما إذا كان أصحاب العمل سيدفعون بالفعل أجورهم القديمة مقابل يوم‬
‫تشريعي مدته ثماني ساعات على أمل بناء‬
‫‪108‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫كبيرا في الترويج‬
‫القوة الشرائية لسلعهم ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬حققت البطوالت التي مدتها ثماني ساعات نجا ًحا ً‬
‫لهذه النظرة المتفائلة للتجديد الكامل للمجتمع الرأسمالي ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬تم حث كل من الحكومة‬
‫الوطنية وعدد من الواليات على اتخاذ إجراءات لتلبية مطالب العمال ‪.‬حددت األولى يوم العمل بثماني‬
‫ساعات لجميع موظفيها في عام ‪ ،1868‬كما حددت ست واليات أيضًا ثماني ساعات "يوم عمل‬
‫قانوني‪".‬‬
‫وكما هو الحال مع الحملة التشريعية السابقة لمدة عشر ساعات في اليوم‪ ،‬فقد ثبت أن اإلجراء‬
‫الذي اتخذته الواليات كان وهم ًيا ‪.‬وتخضع القوانين الجديدة مرة أخرى للتحفظ "حيثما ال يوجد عقد‬
‫خاص أو اتفاق على خالف ذلك"‪ ،‬ويبدو أنه ال توجد طريقة للتحايل على هذه القيود‪ .‬كان التقرير‬
‫المعاصر المقدم إلى اتحاد العمل الوطني محب ًطا تما ًما" ‪.‬ترغب لجنتك أيضًا في اإلشارة إلى أن قوانين‬
‫الثمانية ساعات قد تم إقرارها من قبل ست واليات‪ ،‬ولكن لجميع األغراض العملية‪ ،‬ربما لم يتم وضعها‬
‫أبدًا في الكتب القانونية‪ ،‬وال يمكن وصفها إال بأنها عمليات احتيال على الطبقة العاملة"‪.‬‬
‫في مواجهة هذه الحقائق‪ ،‬فقدت الحركة الدعم الذي كانت تحظى به مؤقتًا ‪.‬وبقيت قوانين الحد‬
‫األقصى لساعات العمل هدفًا لإلصالحيين االجتماعيين ‪.‬وفي نهاية المطاف‪ ،‬كان من المقرر أن تتبناها‬
‫الواليات دون شروط مؤهلة‪ ،‬وفي ثالثينيات القرن العشرين وافق الكونجرس على تشريعات مماثلة‬
‫لجميع الموظفين العاملين في التجارة بين الواليات ‪.‬ولكن خالل الربع األخير من القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫تخلى العمال عن محاولتهم تأمين يوم عمل أقصر من خالل العمل السياسي وعادوا إلى الضغط‬
‫االقتصادي ‪.‬وجدت حركة الثماني ساعات في ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر أن النقابات‬
‫تقدم مطالب مباشرة إلى أصحاب العمل‪ ،‬كما فعلت المجتمعات التجارية األصلية‪ ،‬وتسعى إلى فرض‬
‫االمتثال من خالل اإلضرابات‪.‬‬
‫ومع انحسار الحد األقصى لساعات القيادة في ستينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬حل محله حماس جديد‬
‫للتعاون كحل لمشاكل العمال‪ ،‬وكان بدوره مدعو ًما بكل إخالص من قبل اتحاد العمال الوطني ‪.‬ومرة‬
‫أخرى‪ ،‬كان عدد المشاركين في التحريض أكبر مما حدث في أربعينيات القرن التاسع عشر ‪.‬تصور‬
‫رعاة التعاون التجديد الكامل للمجتمع كما فعل أنصار يوم العمل الثماني ساعات ‪.‬من خالل إنشاء‬
‫تعا ونيات المنتجين في كل حرفة‪ ،‬كان على العمال إنشاء نظام للعمل الحر من شأنه أن يلغي في نهاية‬
‫المطاف نظام األجور‪ ،‬ويوفر وسائل عملية للتوزيع العادل ألرباح‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪109‬‬
‫الصناعة‪ ،‬والعمل الحر تماما ‪.‬من عبوديتها لرأس المال‪.‬‬
‫وكان سيلفيس قد أخذ بنفسه زمام المبادرة في هذه الحركة من خالل إنشاء تعاونيات لصانعي‬
‫الحديد ‪.‬لم تقم نقاباتهم المحلية بإنشاء مسابك في تروي وروتشستر وشيكاغو وكليفالند ولويزفيل‬
‫ومدن أخرى فحسب‪ ،‬بل بعد تجارب اإلضرابات الكارثية‪ ،‬توجهت النقابة الوطنية نفسها مباشرة إلى‬
‫التعاون في عام ‪1868.‬فغيرت اسمها بشكل متهور إلى صانعي الحديد االتحاد الدولي للتعاون‬
‫والحماية ‪ ،‬شرعت في مشروع طموح بتكلفة ‪15000‬دوالر إلنشاء مسبك كبير في بيتسبرغ ‪.‬كان‬
‫سا جدًا لهذا البرنامج لدرجة أنه بدا في وقت ما في عام ‪1868‬مستعدًا للتخلي عن كل‬ ‫سيلفيس متحم ً‬
‫شيء آخر للترويج له ‪.‬وقال“ ‪:‬لقد حان الوقت الذي يجب أن نتخلى فيه عن نظام اإلضرابات برمته‬
‫ونجعل التعاون أساس منظمتنا والهدف الرئيسي لكل جهودنا‪”.‬‬
‫وحذت النقابات األخرى حذو صانعي القوالب ‪.‬أنشأ الميكانيكيون عددًا من المحالت التجارية على‬
‫أساس أسهم مشتركة؛ أنشأ صانعو األحذية تعاونيات المنتجين والمستهلكين؛ نظم التعاونيون حوالي‬
‫ثمانية متاجر في مينيابوليس‪ ،‬وبدأ الخبازون والطابعون وصانعو القبعات والنجارون وكتاب السفن‬
‫في مشاريع مماثلة‪.‬‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬بدت بعض هذه التعاونيات ناجحة‪ ،‬لكنها فشلت تدريجيًا واحدة تلو األخرى ‪.‬وكانت‬
‫هناك معارضة قوية لها من جانب مجتمع األعمال‪ ،‬الذي هاجم مثل هذه "النظريات الفرنسية‬
‫للشيوعية"‪ ،‬وواجهوا منافسة شرسة ‪.‬لكن المشكلة الحقيقية كانت في عملياتهم التجارية الخاصة ‪.‬‬
‫كان المسؤولون النقابيون يفتقرون إلى المهارات اإلدارية وكانت إدارة التعاونيات تدار بطريقة غير‬
‫فعالة‪ ،‬وفي بعض األحيان بشكل غير أمين‪ ،‬مما أدى إلى تعرضهم لصعوبات متزايدة ‪.‬عالوة على ذلك‪،‬‬
‫كان هناك عائق أساسي‪ ،‬في وقت حيث أصبحت النفقات الرأسمالية الضخمة ضرورية ألي مشروع‬
‫منتج ‪ ،‬يتمثل في افتقار النقابات إلى األموال المتاحة واستحالة حصولها على االئتمان‪.‬‬
‫والواقع أن هذا االعتبار األخير كان سببا ً في دفع اتحاد العمل الوطني إلى تحويل انتباهه إلى إصالح‬
‫العملة باعتباره عامالً أساسيا ً في أي تحرك من جانب العمال لمساعدة أنفسهم ‪.‬على السطح‪ ،‬لم يكن‬
‫هناك شيء أكثر وراء هذا االضطراب ‪ ،‬الذي نشأ عن التقاعد المقترح للعملة األمريكية الصادرة خالل‬
‫الحرب األهلية‪ ،‬أكثر من المطالبة بسياسة تضخمية لمكافحة انخفاض األسعار ‪.‬يبدو أنه تحول غريب‬
‫في التركيز من األيام‬
‫‪110‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫عندما فضل العمال المال الصعب ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن النظريات التي تقوم عليها العملة األمريكية كانت‬
‫أعمق من مجرد تغيير في مستوى األسعار ‪.‬وانحاز حزب العمال إلى جانب المزارعين بشأن هذه‬
‫القضية ألنه وعد بإصالح جذري للنظام المالي واالقتصادي برمته ‪.‬ومثل العمل بثماني ساعات في‬
‫اليوم والتعاون‪ ،‬كان إصالح العملة يتطلع أيضا ً إلى إنشاء كومنولث المنتجين ليحل محل الرأسمالية‪.‬‬
‫واستنادًا إلى حد كبير أفكارهم إلى المقترحات الخاصة بنظام نقدي جديد والتي تم تقديمها في وقت‬
‫مبكر من عام ‪ 1848‬من قبل إدوارد كيلوج‪ ،‬حث مصلحوا العملة على تحويل الدين العام إلى سندات‬
‫تحمل فائدة بنسبة ‪3‬في المائة‪ ،‬وقابلة للتحويل المتبادل حسب الرغبة مع سعر فائدة قدره ‪3‬في‬
‫المائة ‪.‬عملة قانونية ال تعتمد على الذهب بل على الثروة المادية للبالد ‪.‬وكان من المعتقد أن مثل هذا‬
‫البرنامج من شأنه أن يكسر احتكار "الجمعيات المصرفية غير المسؤولة"‪ ،‬ويلغي "سرقة أسعار‬
‫الفائدة"‪ ،‬ويحرر النظام االقتصادي من االعتماد على الذهب الذي بموجبه "يسيل دماء قلب العامل‬
‫العامل ‪".‬مرهونة من المهد إلى اللحد"‪.‬‬
‫وكان هذا هو العالج النهائي لضمان حقوق العمال الطبيعية ‪.‬أعلن اتحاد العمال الوطني بعبارات‬
‫مألوفة أن " هذا من شأنه أن يؤدي إلى التوزيع العادل لمنتجات العمل بين رأس المال غير المنتج‬
‫والعمالة‪ ،‬مما يمنح العمال تعويضا ً عادالً عن منتجاتهم‪ ،‬ويمنح رأس المال مكافأة عادلة عن‬
‫منتجاتهم ‪ ".‬واستخداماته‪ ،‬تزيل ضرورة الكدح المفرط وتزود الطبقات الصناعية بالوقت والوسائل‬
‫الالزمة للثقافة االجتماعية والفكرية‪.‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬بشر سيلفيس‪ ،‬الذي اجتاحته الحركة النقابية ‪ ،‬وحركة الثماني ساعات‪ ،‬والتعاون‪،‬‬
‫ببالغة بهذا اإلصالح األحدث ‪.‬تم نسيان كل شيء آخر ‪.‬وكتب" ‪:‬هناك حوالي ثالثة آالف نقابة عمالية‬
‫في الواليات المتحدة ‪". ". . .‬يجب أن نظهر لهم أنه عندما يتم إنشاء نظام نقدي عادل‪ ،‬لن تكون هناك‬
‫أي ضرورة للنقابات العمالية‪.‬‬
‫ولكن من خالل تبني هذا البرنامج والتحالف مع حركة الدوالر السياسية‪ ،‬فقد اتحاد العمل الوطني‬
‫دعم النقابيين ثم انهار بعد محاولته إدارة حملة سياسية في عام ‪1872.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مراجعة العملة‬
‫كان لها أنصار متحمسون ‪.‬بين المزارعين والعمال‪ ،‬وتشكلت أحزاب العمال والدوالر المحلية في‬
‫جميع أنحاء البالد في السنوات التالية للضغط على الطلب على العملة القانونية والسندات القابلة‬
‫للتحويل ‪.‬وفي نهاية المطاف‪ ،‬اندمجت هذه األحزاب لتأسيس‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪111‬‬
‫حزب العمال الوطني بالدوالر األمريكي‪ ،‬وفي انتخابات التجديد النصفي لعام ‪1878‬نجحت في اقتراع‬
‫ً‬
‫ممثال إلى الكونجرس‪.‬‬ ‫أكثر من مليون صوت وإرسال أربعة عشر‬
‫وقد ساعدت الضغوط التي مارسها هذا الحزب على وقف المزيد من سحب العملة األمريكية‪ ،‬ولكن‬
‫التدابير األساسية التي دعا إليها إصالحيو العملة تم إقرارها ‪.‬أصبحت األوراق النقدية المعلقة قابلة‬
‫لالسترداد بالذهب في قانون االستئناف لعام ‪1878.‬ومع اعتماد هذا اإلجراء‪ ،‬سرعان ما ظهر حزب‬
‫العمال والدوالر األمريكي‪ ،‬الذي بدا أنه نجح في التوفيق بين العمل والزراعة مؤقتًا في برنامج‬
‫مشترك ‪ .‬لقد حظيت النزعة الدوالرية بدعم الزعماء العماليين ذوي التوجهات اإلصالحية‪ ،‬ولكن قد‬
‫كبيرا من الحماس بين صفوف العمال ‪.‬ولم يكن من‬ ‫قدرا ً‬
‫يكون من المشكوك فيه ما إذا كانت قد أثارت ً‬
‫المتوقع منهم أن يفهموا اآلثار المترتبة على ذلك‪ ،‬وبقدر ما أيدوا ذلك‪ ،‬فقد فعلوا ذلك إلى حد كبير‬
‫كتعبير عن استيائهم من الظروف القائمة واستعدادهم لقبول أي برنامج يعدهم بالراحة‪.‬‬

‫بعد انهيار اتحاد العمال الوطني في عام ‪ ،1872‬بُذلت جهود مختلفة إلنشاء منظمة جديدة تتجنب‬
‫السياسة وتعيد العمال إلى المسار المباشر للنقابات العمالية والعمل االقتصادي ‪.‬عُقدت سلسلة من‬
‫المؤتمرات الصناعية بين عامي ‪1873‬و‪ ،1875‬وأعلن مندوبوها أن "الرغبة الكبرى في الساعة "لم‬
‫تعد تتمثل في العمل بثماني ساعات في اليوم‪ ،‬أو مراجعة العملة أو أي إصالح آخر‪ ،‬بل "التنظيم‬
‫والتوحيد والجهد التعاوني للعمال ‪".‬إنتاج الجماهير "‪.‬كما تم تشكيل جمعيتين سريتين –جماعة‬
‫اإلخوان الصناعيين وسيادة الصناعة –بنفس األهداف العامة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬مثلت هذه الجهود تحركات‬
‫من جانب عدد قليل من القادة لفرض نوع من السيطرة على العمل من األعلى إلى األسفل‪ ،‬ولم يكن‬
‫لديهم أي دعم كبير حقًا ‪.‬ولم يقدموا أكثر من مجرد منتديات للمناقشة والحوار‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن الظروف االقتصادية في ذلك الوقت قد قطعت الطريق مرة أخرى من تحت‬
‫الحركة العمالية وخلقت‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬حواجز هائلة أمام أي نشاط فعال ‪.‬ففي عام ‪ ،1873‬اجتاح البالد‬
‫حالة من الذعر التي كانت بمثابة بداية فترة كساد أطول وأشد حدة من تلك التي حدثت في ثالثينيات‬
‫القرن التاسع عشر ‪.‬وكان هناك تكرار للقصة القديمة المتمثلة في انخفاض األسعار‪ ،‬وركود األعمال‪،‬‬
‫وتقليص اإلنتاج‪ ،‬وخفض األجور‪ ،‬والبطالة ‪.‬ومع قيام المناجم والمطاحن والمصانع بتخفيض‬
‫عملياتها‬
‫‪112‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫أو إغالقها فعليا‪ ،‬فقد تم طرد حوالي ثالثة ماليين شخص من العمل ‪.‬لم تؤد األوقات الصعبة فقط إلى‬
‫نهاية مفاجئة لمثل هذه المساعي الغامضة من أجل وحدة العمال مثل اتحاد العمال الوطني والمؤتمرات‬
‫الصناعية‪ ،‬ولكنها مرة أخرى حطمت النقابات الوطنية القائمة بشكل شبه كامل ‪.‬ولم يعد بإمكانهم‬
‫النجاة من التأثير القاسي لتخفيضات األجور والبطالة المتزايدة‪ ،‬مثلما لم تتمكن النقابات الواعدة قبل‬
‫أربعين عا ًما من النجاة من العواقب المدمرة لذعر عام ‪1837.‬‬
‫كان هناك حوالي ثالثين اتحادًا وطنيًا عندما تطورت األزمة ‪.‬أدرج معيار العمل تسعة فقط في عام‬
‫‪ ، 1877‬وأفادت التقارير أن القوة اإلجمالية للعمال النقابيين قد انخفضت من ‪300000‬إلى ربما‬
‫‪50000.‬كان لالتحاد بعد االتحاد نفس التجربة ‪.‬كان فرسان سانت كريسبين منظمة رائعة من صانعي‬
‫األحذية تم تأسيسها على أسس صناعية‪ ،‬وسرعان ما وصل عدد أعضائها إلى ‪50.000‬عضو‪،‬‬
‫وأثبتت فعاليتها بشكل مذهل في فرض إغالق المتجر من خالل سلسلة من اإلضرابات الناجحة ‪.‬لكنه‬
‫انهار بالسرعة نفسها التي ارتفع بها‪ ،‬وبحلول عام ‪1878‬كان قد اختفى تما ًما ‪.‬خسر الميكانيكيون‬
‫والحدادون ثلثي أعضائهم‪ ،‬وخسر الكوبرز ما يقرب من ثالثة أرباعهم ‪.‬حتى االتحاد الوطني للطباعة‬
‫استقرارا عانى من خسارة نصف أعضائه‪ ،‬في حين انخفض عدد االتحاد الوطني لصانعي‬ ‫ً‬ ‫األكثر‬
‫السيجار المنظم حديثًا من ما يقرب من ‪6000‬إلى ما يزيد قليالً عن ‪1000.‬لم يتم سحق النقابات‬
‫العمالية بالكامل‪ ،‬ولكن مع استفادة أصحاب العمل من األوقات الصعبة لمكافحتها‪ ،‬وعدم قدرة العمال‬
‫على حماية أنفسهم‪ ،‬اضطرت النقابات عمليا إلى العمل تحت األرض‪.‬‬
‫في العقد الذي تال الحرب األهلية‪ ،‬فشل العمل في التكيف مع الظروف الجديدة للمجتمع الصناعي‪،‬‬
‫ارا وبرامج ال حصر‬‫ولم يكن قد اكتسب بعد القوة األساسية الالزمة لتحمل االكتئاب ‪.‬لقد طرح قادتها أفك ً‬
‫لها‪ ،‬لكن موقفهم المتغير والمتغير تجاه النشاط النقابي واإلصالح والسياسة لم يحظ بالدعم الشعبي‬
‫للجماهير العظمى من العمال أو يلهم أي شعور حقيقي بالتماسك ‪.‬على الرغم من كل األحاديث اللفظية‬
‫في المؤتمرات العمالية‪ ،‬والمقاالت ومناشدات الصحافة العمالية‪ ،‬بدا أن هناك فجوة واسعة بشكل‬
‫متزايد بين حفنة من المشاركين النشطين في الحركة العمالية وأتباعهم االسميين‪.‬‬
‫بقدر ما كانت هناك أي فلسفة محددة وراء األنشطة التي يروج لها االتحاد العمالي الوطني‪ ،‬فقد‬
‫كانت مبنية على أطروحة اإلصالح القائلة بأن المنتجين يمكنهم بطريقة أو بأخرى السيطرة على النظام‬
‫البيئي وتوجيهه‪.‬‬
‫‪Toward National Organization‬‬ ‫‪113‬‬
‫النظام االسمي ‪.‬لم يكن هناك حتى اآلن إدراك عام بأن اآللة واإلنتاج الضخم واالستثمار الرأسمالي‬
‫واسع النطاق جعلت من المستحيل على العمال السيطرة على وسائل اإلنتاج من خالل وسائل بسيطة‬
‫مثل تعاونيات المنتجين ‪.‬وكان اإلصالحيون ينظرون إلى الخلف بدالً من األمام ‪.‬لقد كانت الطبقة الدائمة‬
‫التي تكسب األجر حقيقة ال يزال قادة العمال مترددين للغاية في قبولها ‪.‬انبثقت حركة الثماني ساعات‬
‫والنزعة الخضراء والتعاون من مفاهيم الطبقة الوسطى حول كيفية تجديد المجتمع وليس من أي فهم‬
‫حقيقي لالحتياجات المباشرة للعمال في النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫سابعا ‪:‬عصر االضطرابات‬


‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫الكساد الذي حدث في سبعينيات القرن التاسع عشر إيذانا ً بواحدة من أكثر الفترات ارتباكا ً في تاريخ‬
‫العمل األميركي ‪ .‬وعلى خلفية األوقات الصعبة الكئيبة‪ ،‬نهض العمال لالحتجاج بعنف على ما اعتبروه‬
‫استغالال وحشيًا لهم من قبل أصحاب العمل ‪.‬ونظمت مظاهرات للعاطلين عن العمل في مدينة تلو‬ ‫ً‬
‫تدخال قويًا من قبل الشرطة؛ أدت اإلضرابات بين عمال المناجم إلى‬ ‫ً‬ ‫وكثيرا ما كانت تستدعي‬
‫ً‬ ‫األخرى‪،‬‬
‫إراقة الدماء والقتل‪ ،‬وفي عام ‪1877‬تسببت انتفاضة عفوية من جانب عمال السكك الحديدية في أعمال‬
‫شغب واسعة النطاق لدرجة أن البالد بدا أنها تواجه تمردًا عمال ًيا عا ًما‪.‬‬
‫وحتى بعد أن هدأت هذه االضطرابات‪ ،‬استمرت االضطرابات واستياء العمال في الغليان بشكل خطير‬
‫تحت السطح‪ ،‬وعندما شهدت البالد في ثمانينيات القرن التاسع عشر الكساد مرة أخرى‪ ،‬مع الدورة‬
‫المعتادة من تخفيض األجور والبطالة‪ ،‬اندلعت العديد من اإلضرابات لدرجة أن هذه الفترة وقد أطلق‬
‫عليها اسم "الثورة الكبرى ‪".‬كما لم يحدث من قبل‪ ،‬أدركت األمة القوة المتفجرة الكامنة في العدد الكبير‬
‫من العمال الصناعيين الذين كانوا نتاج اقتصادها المتغير‪.‬‬
‫ولم يكن من المستغرب أن يشعر الجمهور‪ ،‬وكذلك المصالح التجارية المحافظة‪ ،‬بأن البالد معرضة‬
‫للخطر مع اندالع هذه االضطرابات ‪.‬ومن بين جحافل المهاجرين الذين دخلوا البالد‪ ،‬كان هناك‬
‫راديكاليون أجانب سعوا إلى تثبيت األفكار االشتراكية وحتى الفوضوية السائدة على نطاق واسع في‬
‫أوروبا في هذه السنوات على العمالة األمريكية‪ ،‬ودعوا إلى العمل المباشر بدالً من عمليات اإلصالح‬
‫البطيئة ‪.‬كان الخوف من نفوذهم سببا ً في العديد من التقارير عن مظاهرات البطالة واإلضرابات‪ ،‬وبلغ‬
‫ذروته في أعمال الشغب المأساوية في ميدان هايماركت في عام ‪1886.‬وكان ازدراء التطرف والعنف‬
‫يخيم على الحركة العمالية برمتها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬في احتجاجاتهم ضد الشيوعية والفوضوية‪ ،‬كان المحافظون يبالغون إلى حد كبير في‬
‫تطرف السياسة األمريكية‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫‪An Era of Upheaval‬‬ ‫‪115‬‬
‫تَعَب ‪.‬وعلى الرغم من عناصره اليسارية‪ ،‬فقد ظل محافظا في األساس ‪.‬كان تحسين الظروف القائمة‪،‬‬
‫وليس اإلطاحة بالرأسمالية‪ ،‬هو هدف العمال ‪.‬ومن خالل تحميل الراديكاليين األجانب المسؤولية عن‬
‫مشهد العمل المضطرب في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬مالت الصحف اإلخبارية في تلك‬
‫الحقبة‪ ،‬كما هو الحال في العديد من الفترات الالحقة‪ ،‬إلى تجاهل العوامل األساسية النخفاض األجور‬
‫والبطالة التي كانت مسؤولة بشكل أساسي عن استياء العمال‪. .‬‬
‫إن أعمال العنف التي ميزت ثورة دراماتيكية مثل اإلضراب الكبير في السكك الحديدية عام ‪1877‬‬
‫يجب أن تتم على خلفية الكساد الطويل الذي لم يخففه أي اعتبار عام لمحنة أولئك الذين تم تخفيض‬
‫أجورهم أو الذين لم يتمكنوا من كسب أي أجور على اإلطالق‪ ،‬موقف عديم الشعور من أصحاب العمل‬
‫الكبار مثل السكك الحديدية التي كانت تحت سيطرة المصرفيين والممولين المهتمين فقط باألرباح‪ ،‬وعدم‬
‫وجود أي تنظيم بين العمال لتوجيه احتجاجاتهم ضد الظلم بشكل فعال ‪.‬لم يكن السخط المشتعل بين عمال‬
‫السكك الحديدية في حاجة إلى شرارة التحريض الراديكالي ليتحول إلى ثورة مفتوحة ‪.‬لقد اشتعل األمر‬
‫بشكل طبيعي حيث أدى خفض ا ألجور‪ ،‬باإلضافة إلى خفض األجور‪ ،‬إلى دفع العمال المحبطين إلى‬
‫اإلضراب بشكل أعمى في لفتة من التحدي المرير‪.‬‬
‫شهدت سنوات الصراع العمالي هذه أيضًا النمو البطيء لفرسان العمل وتلك النقابات الوطنية التي‬
‫في وقت الحق‪ ،‬في ظل التنافس المتصاعد مع الفرسان‪ ،‬اتحدت م ًعا في االتحاد األمريكي للعمل ‪.‬لكن هذه‬
‫التطورات األكثر أهمية بشكل أساسي قد طغت عليها لفترة من الوقت العنف غير المنظم والتحريض‬
‫الراديكالي الذي عكس آالم العمل المتزايدة في مجتمع رأسمالي حيث كان العامل البشري في العالقات‬
‫الصناعية ال يزال مهمالً إلى حد كبير‪.‬‬

‫مع تعمق واتساع نطاق آثار الذعر عام ‪ ،1873‬كانت هناك مشاهد من الفوضى في المدن في جميع‬
‫أنحاء البالد ‪.‬وفي نيويورك وشيكاغو وبوسطن وسينسيناتي وأوماها‪ ،‬تجمعت حشود من العمال‬
‫العاطلين عن العمل في اجتماعات ضخمة لالحتجاج على الظروف التي ال تطاق التي وجدوا أنفسهم فيها‬
‫مع إغالق المصانع والورش ‪.‬وكانت البطالة في المجتمع الصناعي أكثر خطورة بكثير مما كانت عليه‬
‫في أي وقت مضى في المجتمع الزراعي األقل تعقيدا في النصف األول من القرن التاسع عشر ‪.‬ورفض‬
‫العمال المشردين والجياع واليائسين التفرق عندما حاولت الشرطة تفريق‬
‫‪116‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫تجمعاتهم ‪.‬لقد قاوموا دفاعًا عما اعتبروه حقهم في حرية التجمع وتحدوا المجتمع لتلبية مطالبهم ‪.‬‬
‫وكان أبرز هذه االنفجارات هو أعمال الشغب في ساحة تومبكينز في نيويورك في ‪13‬يناير ‪1874.‬‬
‫وقد تمت الدعوة إلى اجتماع للعاطلين عن العمل إلقناع سلطات المدينة بالحاجة إلى اإلغاثة‪ ،‬وتمت‬
‫المو افقة عليه في البداية‪ ،‬ووعد رئيس البلدية نفسه بتقديم المساعدة ‪.‬يتكلم ‪.‬من األدلة على أن‬
‫المحرضين المتطرفين كانوا مستعدين لمخاطبة التجمع المقترح‪ ،‬مشاركة أعضاء القسم األمريكي من‬
‫رابطة العمال الدولية في الترتيبات‪ ،‬مما تسبب في إلغاء تصريح الشرطة في اللحظة األخيرة ‪.‬وفي‬
‫الساعة المحددة‪ ،‬كانت ساحة تومب كينز مكتظة بالعمال الذين لم يعرفوا شيئًا عن التغيير في الموقف‬
‫الرسمي تجاه االجتماع ‪.‬وفجأة ظهر في مكان الحادث سرب من الشرطة الخيالة ‪.‬وبدون سابق إنذار‪،‬‬
‫اندفعوا نحو الحشد‪ ،‬ولوحوا بهراواتهم بشكل عشوائي وضربوا كل من في متناول أيديهم ‪.‬وتعرض‬
‫الرجال والنساء واألطفال للدهس أثناء فرارهم في حالة من الذعر وأصيب العشرات من المارة األبرياء‬
‫بجروح خطيرة أثناء محاولتهم الهروب من هجوم الشرطة‪.‬‬
‫صحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي أن الشرطة استخدمت هراواتها "بشدة معقولة ولكن ليس‬
‫مفرطة" وأن "تدافع الغوغاء مع تقدم الضباط لم يكن غير ممتع ‪".‬إن تجاهل األسباب الكامنة وراء‬
‫استياء العمال‪ ،‬ومهما كانت حقوقهم في السعي للحصول على إعانة البطالة‪ ،‬يبرز الموقف القائل بأن‬
‫المظاهرة كانت بالكامل من عمل متطرفين أجانب ‪.‬وجاء في افتتاحية المقال“ ‪:‬يبدو أن األشخاص الذين‬
‫تم اعتقالهم باألمس كانوا جميعًا من األجانب –معظمهم من األلمان أو األيرلنديين ‪.‬الشيوعية ليست‬
‫عشبة ضارة للنمو المحلي‪.‬‬
‫كان هناك شاب عامل أخذ على محمل الجد الدرس الذي بدا أن أعمال الشغب في ميدان تومبكينز‬
‫تعلمنا المخاطر التي تتعرض لها النقابات العمالية في قبول القيادة الراديكالية ‪.‬كان الشاب صامويل‬
‫حاضرا عندما هاجمت شرطة الخيالة الحشد‪ ،‬وبالكاد أنقذ رأسه من التشقق عندما قفز في‬ ‫ً‬ ‫جومبرز‬
‫القبو‪.‬‬
‫وكتب بعد سنوات في سيرته الذاتية« ‪:‬رأيت كيف أن مهن التطرف واإلثارة‪ ،‬حشدت كل قوى‬
‫المجتمع ضد الحركة العمالية وأبطلت مسبقًا النشاط الطبيعي والضروري ‪.‬رأيت أن القيادة في الحركة‬
‫العمالية ال يمكن أن‬
‫‪An Era of Upheaval‬‬ ‫‪117‬‬
‫يعهد بها بأمان إال ألولئك الذين نسجت في قلوبهم وعقولهم تجربة كسب خبزهم بالعمل اليومي ‪.‬لقد‬
‫رأيت أن أفضل طريقة للعمال يجب أن تأتي في المقام األول من خالل العمال ‪. . . ".‬في أعقاب‬
‫اضطرابات مثل أعمال الشغب في ساحة تومبكينز ومظاهرات البطالة في مدن أخرى‪ ،‬أثار اندالع أعمال‬
‫العنف في حقول الفحم األنثراسايت في شرق بنسلفانيا اهتمام الرأي العام ‪.‬قام العمال في هذه الصناعة‪،‬‬
‫على خطى عمال مناجم الفحم الناعم الذين أسسوا الرابطة الوطنية لعمال المناجم‪ ،‬بتشكيل نقابة خاصة‬
‫بهم في جمعية ‪Benevo Lent‬لعمال المناجم وعمال المناجم ‪.‬نجحت في التوصل إلى اتفاقية تجارية‬
‫مع مجلس تجارة أنثراسيت‪ ،‬لكن في ديسمبر ‪ ،1874‬قام المشغلون بخفض األجور إلى أقل من الحد‬
‫األدنى المتفق عليه ‪.‬خرج عمال المناجم على الفور من الحفر وحاولوا فيما أصبح يعرف باسم‬
‫"اإلضراب الطويل "إجبار المشغلين على استعادة تخفيضات األجور ‪.‬عندما بدأ الجوع والعوز يلقيان‬
‫بظاللهما على العمال وأجبروا العديد منهم على العودة إلى الحفر‪ ،‬نشأ شيء يشبه الحرب المفتوحة بين‬
‫المضربين المتبقين وشرطة الفحم والحديد التي أرسلها العمال إلى المنطقة لحماية العمال ‪.‬مفسدي‬
‫اإلضراب‪.‬‬
‫في هذا الوضع المضطرب‪ ،‬ظهر عنصر آخر ال يزال من المستحيل تحديد دوره الدقيق في الضربة‬
‫الطويلة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬ظهرت في ذلك الوقت تقارير مثيرة في الصحافة عن عمليات منظمة سرية بين‬
‫عمال المناجم‪ ،‬وهي منظمة هايبرنيانز القديمة‪ ،‬والمعروفة أكثر باسم مولي ماجواير‪ ،‬والتي قيل إنها‬
‫كانت ترهب حقول الفحم وتمنعهم من ذلك ‪.‬عمال المناجم الذين يرغبون في العودة إلى العمل من القيام‬
‫بذلك ‪.‬ات ُهم أعضاء هذه الجمعية أيضًا بمحاولة تخويف مشغلي الفحم‪ ،‬كما سعوا ذات مرة إلى تخويف‬
‫أصحاب العقارات األيرلنديين تحت قيادة األرملة الرهيبة التي تدعى مولي ماغواير والتي أخذوا اسمهم‬
‫منها‪ ،‬من خالل التهديدات العنيفة ضد رؤساء العمال والمشرفين‪ ،‬تخريب وتدمير ممتلكات المناجم‬
‫والقتل الصريح واالغتيال ‪.‬تم الكشف الحقًا أن المشغلين أنفسهم حرضوا على بعض هذه الهجمات على‬
‫المناجم من أجل توفير ذريعة لالنتقال‪ ،‬ليس فقط لسحق مولي ماغواير ولكن أيضًا لسحق كل المنظمات‬
‫النقابية ‪.‬يبدو أن هذا التفسير لموجة العنف التي اجتاحت شرق بنسلفانيا قد تم إثباته جزئ ًيا على األقل‬
‫من خالل الخطوات المتخذة لقمع االضطرابات‪. 1‬‬
‫‪1‬أعلنت صحيفة نيويورك تايمز ‪ ،‬في ‪ 7‬ديسمبر‪ ، 1947‬أن القراءة‬
‫‪118‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫أخذ زعيم طريق فيالدلفيا وريدينج للسكك الحديدية المناهض للعمال ‪ ،‬والذي كان يسيطر على العديد‬
‫من المناجم‪ ،‬زمام المبادرة في هذه الحملة ‪.‬قام بتعيين أحد المحققين في ‪ ،Pinkerton‬وهو جيمس‬
‫ماكفارالن‪ ،‬للحصول على دليل على النشاط اإلجرامي لعائلة ‪Molly Maguires‬بأي ثمن ‪.‬تظاهر‬
‫ماكفارالن بأنه هارب من العدالة‪ ،‬وكسب ثقتهم‪ ،‬وتآمر معهم في مؤامراتهم وأنشأ بعضهم على ما يبدو‬
‫أخيرا في الكشف عن األدلة في خريف عام ‪1875‬التي‬ ‫ً‬ ‫للتأكد من أن التهم الموجهة إليه ستصمد‪ ،‬ونجح‬
‫قادت التحقيق ‪.‬السلطات تنفذ سلسلة من االعتقاالت ‪.‬كانت شهادته على المنصة وشهادات الشهود‬
‫اآلخرين الذين تحولوا إلى أدلة الدولة مشبوهة في كثير من الحاالت‪ ،‬لكن المحاكمات أسفرت عن إدانة‬
‫جماعية ألربعة وعشرين من عائلة مولي ماجواير ‪.‬وتم شنق عشرة منهم بتهمة القتل‪ ،‬وحكم على‬
‫اآلخرين بالسجن لفترات تتراوح بين عامين وسبع سنوات‪.‬‬
‫تمت استعادة السالم والنظام في حقول الفحم ‪.‬ومهما كانت قوة ونفوذ الجمعية السرية في الواقع‪ ،‬فقد‬
‫تحطمت بسبب هذا الهجوم ‪.‬لكن المشغلين نجحوا أيضًا في كسر الرابطة الخيرية لعمال المناجم وإجبار‬
‫المضربين على العودة إلى العمل بشروطهم الخاصة ‪.‬وانتهى اإلضراب الطويل بالفشل التام للعمال‬
‫واالنهيار الفعلي لنقابتهم‪.‬‬

‫كانت أعمال الشغب والبطالة والعنف في حقول الفحم األنثراسايت مجرد مقدمة إلضرابات السكك‬
‫الحديدية عام ‪1877‬التي أدت إلى اضطرابات وأعمال شغب دعت إلى تدخل القوات الفيدرالية قبل أن يتم‬
‫قمعها ‪.‬كان العمال في البداية يحظون بالتعاطف الشعبي ‪.‬لقد تم تخفيض أجورهم بشكل تعسفي بينما‬
‫كانت األرباح المرتفعة ت ُدفع حتى يتم دفعها على األسهم المروية‪ ،‬وكانت السكك الحديدية على أي حال ال‬
‫تحظى بشعبية كبيرة في سبعينيات القرن التاسع عشر ‪.‬ذكرت صحيفة نيويورك تريبيون « ‪:‬من الحماقة‬
‫أن نتجاهل حقيقة أن مظاهر الرأي العام تتعاطف في كل مكان تقريبًا مع التمرد ‪».‬ولكن مع استمرار‬
‫أعمال العنف دون ضابط أو رابط‪ ،‬بدا أن االختيار أصبح بين القانون المدني أو الفوضى ‪.‬ورغم أن‬
‫الجميع لم يتفقوا مع بيان األمم المتحدة الصريح بأن المضربين كان يجب أن يواجهوا "بأجساد مدربة‬
‫من الرجال كافية للتغلب عليهم أو سحقهم في البداية"‪ ،‬إال أنه‬

‫أصدرت الشركة للتو آالف الوثائق السرية التي تتعلق بتاريخ شركة ‪ Molly Maguires‬والتي كانت تميل إلى تعزيز وجهة‬
‫النظر القائلة بأن مشغلي الفحم حرضوا على أنشطتهم جزئيًا على األقل‪.‬‬
‫‪An Era of Upheaval‬‬ ‫‪119‬‬
‫وكان من المسلم به أن الحكومة ال تستطيع التنصل من مسؤوليتها في استعادة النظام العام‪.‬‬
‫كانت اإلضرابات‪ ،‬التي اندلعت في أوائل يوليو ‪ ،1877‬احتجا ًجا على تخفيض األجور‪ ،‬عفوية ‪.‬كانت‬
‫األولى في بالتيمور وأوهايو‪ ،‬وأعقبتها على الفور تحركات مماثلة من جانب عمال السكك الحديدية في‬
‫بنسلفانيا‪ ،‬ونيويورك سنترال‪ ،‬وإيري ‪.‬وفي غضون فترة وجيزة‪ ،‬تأثرت جميع الخطوط شرق‬
‫المسيسيبي‪ ،‬ثم امتدت الحركة إلى منطقة ميسوري المحيط الهادئ‪ ،‬وسانت لويس‪ ،‬وكانساس‪،‬‬
‫والخطوط الشمالية‪ ،‬والخطوط الغربية األخرى ‪.‬وتوقفت حركة السكك الحديدية في جميع أنحاء البالد‬
‫وأصيبت أجزاء من البالد بالشلل التام ‪.‬ومع اندالع أعمال الشغب بشكل خطير في بالتيمور وبيتسبرغ‬
‫وشيكاغو وسانت لويس‪ ،‬وحتى سان فرانسيسكو‪ ،‬واجهت البالد أول اندالع صناعي لها على المستوى‬
‫ال " ‪:‬من الخطأ أن نطلق على هذا إضرابا ً ‪ ،‬فهو ثورة‬ ‫الوطني ‪.‬وهتف الجمهوري من سانت لويس قائ ً‬
‫عمالية‪".‬‬
‫كان المضربون في بالتيمور وأوهايو أول من اصطدم بالسلطة في مارتينسبورج‪ ،‬فيرجينيا الغربية‪،‬‬
‫ولم تتم استعادة النظام في تلك المرحلة إال بعد إرسال مائتي جندي فيدرالي إلى مكان الحادث ‪.‬حدثت‬
‫أعمال شغب على نطاق أوسع بكثير في بالتيمور ‪.‬وهناك أوقف المضربون جميع القطارات‪ ،‬ورفضوا‬
‫السماح لها بالتحرك‪ ،‬وبدأوا في االستيالء على ممتلكات السكك الحديدية ‪.‬عندما سارت الميليشيا‪ ،‬التي‬
‫استدعاها حاكم ماري الند‪ ،‬من مستودع األسلحة إلى محطة السكة الحديد‪ ،‬هاجمهم حشد من العمال‬
‫والمتعاطفين معهم بالضربات والحجارة والهراوات ‪.‬فتحت القوات النار واقتحمت المحطة‪ ،‬لكن مثيري‬
‫الشغب ذاقوا طعم الدم ‪.‬وواصلوا االعتداء وأشعلوا النار في المحطة ‪.‬وعندما وصلت الشرطة ورجال‬
‫اإلطفاء‪ ،‬حاول الغوغاء لبعض الوقت منعهم من إخماد الحريق لكنهم أستسلموا في النهاية ‪.‬استمرت‬
‫االضطرابات خالل ليلة صاخبة ومشاغبة‪ ،‬ولم يؤدي أي عودة حقيقية للنظام إال إلى وصول القوات‬
‫الفيدرالية في صباح اليوم التالي ‪.‬بحلول ذلك الوقت‪ ،‬ارتفع عدد الضحايا إلى تسعة أشخاص قتلوا‪،‬‬
‫وأكثر من عشرين (توفي ثالثة منهم الحقًا )أصيبوا بجروح خطيرة‪.‬‬
‫في هذه األثناء‪ ،‬حدث تفشي أكثر خطورة في بيتسبرغ‪ ،‬حيث أوقف المضربون أيضًا القطارات‬
‫واستولوا على ممتلكات السكك الحديدية ‪.‬هنا كان التعاطف الشعبي بالكامل مع عمال السكك الحديدية‬
‫بسبب االستياء العميق ضد سياسات بن سيلفانيا ‪.‬ورفضت الميليشيا المحلية‪ ،‬التي تتآخي علنا ً مع‬
‫المضربين‪ ،‬اتخاذ أي إجراء ضدهم ‪.‬أدى وصول قوة مكونة من ‪650‬جنديًا تم إرسالها من فيالدلفيا‬
‫لحماية ممتلكات السكك الحديدية‪ ،‬إلى‬
‫‪120‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫صا وجرح عدد أكبر‪ ،‬استولت‬ ‫اندالع معركة ضارية فتحت فيها القوات النار وبعد مقتل حوالي ‪25‬شخ ً‬
‫على المبنى الدائري وورش اآلالت‪. .‬‬
‫عاد المضربون الغاضبون‪ ،‬الذين تضخمت صفوفهم بسبب عمال المناجم وعمال المطاحن وعمال‬
‫المصانع‪ ،‬إلى الهجوم باألسلحة التي تم االستيالء عليها من متاجر األسلحة القريبة وحاصروا القوات ‪.‬‬
‫مع حلول الليل‪ ،‬أضرمت النيران في سيارات الشحن ودفعت إلى داخل المبنى الدائري حتى اشتعلت فيه‬
‫النيران أيضًا ‪.‬وشقت القوات‪ ،‬التي أحاطت بها النيران وكاد يختنقها الدخان‪ ،‬طريقها للخروج وسط وابل‬
‫من الرصاص وتراجعت عبر نهر أليغيني‪.‬‬
‫ت ُرك الميدان اآلن خاليًا لما أصبح حشدًا من أربعة أو خمسة آالف شخص‪ ،‬يمألهم قطاع الطرق‬
‫والمتشردون ‪.‬تم تمزيق خطوط السكك الحديدية‪ ،‬وتحطمت سيارات الشحن والركاب‪ ،‬وأضرمت النيران‬
‫في ما ال يمكن تدميره ‪.‬اشتعلت النيران في حوالي ألفي سيارة وورش اآلالت ومصعد الحبوب ومبنيين‬
‫دائريين يضمان مائة وخمسة وعشرين قاطرة ‪.‬تم إحراق ‪Union Depot‬نفسه ‪.‬مع استمرار أعمال‬
‫الشغب دون رادع‪ ،‬اقتحمت العناصر األكثر جامحة وإجرامية متاجر المشروبات الكحولية وبدأت في‬
‫النهب حسب الرغبة بغض النظر عن ممتلكاتهم التي كانوا يسرقونها‪ .‬لقد حملوا األثاث والمالبس‬
‫والمؤن‪.‬‬
‫" هنا يمكن رؤية امرأة مفتولة العضالت وهي تسرع مبتعدة مع زوج من النعال البيضاء لألطفال‬
‫ً‬
‫برميال‬ ‫تحت ذراعيها"‪ ،‬كما جاء في أحد األوصاف المعاصرة؛ "وأخرى تحمل ً‬
‫طفال رضيعًا‪ ،‬وتدحرج‬
‫من الدقيق على طول الرصيف‪ ،‬مستخدمة قدميها كقوة دافعة؛ هنا رجل يدفع عربة يدوية محملة‬
‫بالرصاص األبيض ‪ .‬هرع األوالد عبر الحشد ومعهم أناجيل عائلية كبيرة الحجم كنصيبهم من الغنيمة‪،‬‬
‫بينما استخدمت العشرات من اإلناث مآزر وفساتين لحمل الدقيق والبيض والسلع الجافة وما إلى ذلك ‪.‬‬
‫حزم من المظالت‪ ،‬والمظالت الفاخرة‪ ،‬ولحم الخنزير‪ ،‬ولحم الخنزير المقدد‪ ،‬وأوراق شحم الخنزير‬
‫والكاليكو والبطانيات واألربطة والدقيق تم مزجها معًا في أذرع رجال أقوياء‪ ،‬أو تم حملها على عربات‬
‫اليد المصنوعة على عجل‪.‬‬
‫ولم يكن األمر كذلك إال بعد عطلة نهاية األسبوع التي شهدت أعمال نهب تحت تأثير الخمر‪ ،‬حيث‬
‫قدرت األضرار بما يتراوح بين خمسة إلى عشرة ماليين دوالر‪ ،‬حتى بدأت الشرطة‪ ،‬مدعومة بعصابات‬
‫من المواطنين المسلحين‪ ،‬في استعادة بعض مظاهر النظام ‪.‬في هذه األثناء‪ ،‬تم استدعاء ميليشيا الوالية‬
‫بأكملها‪ ،‬وبعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء‪ ،‬أمر الرئيس هايز بإتاحة جميع القوات الفيدرالية في‬
‫اإلدارة األطلسية للتعامل‬
‫‪An Era of Upheaval‬‬ ‫‪121‬‬
‫أخيرا لملكية‬
‫ً‬ ‫مع حالة الطوارئ ‪.‬فقط عندما وصل النظاميون إلى بيتسبرغ‪ ،‬تم منح الحماية الكاملة‬
‫السكك الحديدية‪.‬‬
‫أعلنت العناوين الرئيسية واالفتتاحيات أن الشيوعية كانت في قلب اإلضراب وأنها مسؤولة عن‬
‫العنف الذي حدث في بالتيمور وبيتسبرغ وأجزاء أخرى من البالد ‪.‬وقد ُو ِصف بأنه "تمرد‪ ،‬وثورة ‪،‬‬
‫ومحاولة من جانب الشيوعيين والمتشردين إلكراه المجتمع‪ ،‬ومحاولة لتقويض المؤسسات‬
‫األمريكية ‪".‬ذكرت صحيفة نيويورك تريبيون أن القوة وحدها هي التي يمكنها إخضاع هذا "الرعاع‬
‫الجهلة ذوي األفواه الجائعة"؛ ووصفت التايمز المضربين بأنهم "سفاحون‪ ،‬رعاع‪ ،‬متشردون‪،‬‬
‫لصوص‪ ،‬أصحاب أرجل سوداء‪ ،‬لصوص‪ ،‬متشردون‪ ،‬أشرار‪ ،‬محرضون‪ ،‬أعداء المجتمع‪ ،‬قطاع طرق‪،‬‬
‫لصوص ‪".‬ورعاع ومجرمين وأغبياء"‪ ،‬وأعلنت صحيفة هيرالد أن الغوغاء كانوا "وحشًا بر ًيا ويجب‬
‫إسقاطه ‪".‬عند قراءة عناوين مثل «إقالة بيتسبرغ —المدينة بالكامل تحت سلطة الغوغاء العويل»‪،‬‬
‫و«شيكاغو في حيازة الشيوعيين»‪ ،‬اجتاح الجمهور المذعور مخاوف هستيرية‪.‬‬
‫ومع وصول القوات الفيدرالية إلى مكان الحادث مدينة تلو األخرى‪ ،‬تراجعت أعمال الشغب بالسرعة‬
‫نفسها التي اندلعت بها ‪ .‬ولم يقتصر األمر على عدم قيام المضربين بأي محاوالت أخرى للتدخل في‬
‫عمليات السكك الحديدية‪ ،‬بل عادوا تدريج ًيا إلى العمل ‪.‬لقد عرفوا متى تعرضوا للضرب؛ كانوا يعلمون‬
‫أنه ليس لديهم فرصة لدعم الحكومة للسكك الحديدية ‪.‬وبحلول نهاية يوليو‪/‬تموز‪ ،‬كانت القطارات تعمل‬
‫بشكل عام مرة أخرى وانتهت اإلضرابات‪.‬‬
‫وقد تطلب اندالع أعمال العنف وأعمال الغوغاء تطبيقًا صار ًما للقانون والنظام‪ ،‬ولكن في قمع‬
‫اإلضرابات‪ ،‬بدا أن المظالم األصلية لعمال السكك الحديدية قد تم التغاضي عنها تما ًما ‪.‬اتخذت صحيفة‬
‫نيويورك تريبيون‪ ،‬التي اعترفت في البداية بأن الرأي العام كان إلى حد كبير مع العمال‪ ،‬موقفًا مفاده أنه‬
‫كان ينبغي عليهم أن يكونوا على استعداد لممارسة قدر أكبر من إنكار الذات واالقتصاد حتى تستقر‬
‫الظروف ‪.‬لم يكن من المستحيل الحفاظ على الحياة بدوالرين أو حتى دوالر واحد في اليوم‪ ،‬كما جاء في‬
‫افتتاحية المقال‪ ،‬وإذا كان موظفو السكك الحديدية غير راغبين في العمل مقابل هذه األجور‪ ،‬فليس لديهم‬
‫الحق في منع اآلخرين من شغل الوظائف التي يسخرون منها ‪.‬وباعتماد مثل هذا الموقف‪" ،‬فإنهم ال‬
‫يستحقون أي تعاطف‪ ،‬بل العقاب فقط‪".‬‬
‫لقد عكس موقفه وجهة نظر كانت سائدة على نطاق واسع خالل هذه السنوات فيما يتعلق بحاجة‬
‫العمال إلى الخضوع ألي ظروف سائدة في‬
‫‪122‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الصناعة ‪.‬كتب الواعظ الشهير هنري وارد بيتشر ذات مرة" ‪:‬لقد أراد هللا أن يكون الكبير عظيماً‪،‬‬
‫والقليل أن يكون صغيرا ً ‪". "...‬أنا ال أقول إن دوالرا ً واحدا ً في اليوم يكفي لدعم رجل عامل ‪.‬لكن هذا‬
‫يكفي لدعم الرجل !ال يكفي إلعالة رجل وخمسة أطفال إذا أصر الرجل على التدخين وشرب البيرة ‪. . . .‬‬
‫وأما اإلنسان الذي ال يستطيع أن يعيش بالخبز والماء فال يستحق أن يحيا‪».‬‬
‫كان شهر يوليو من عام ‪ ،1877‬على أي حال‪ ،‬واحدًا من أكثر األشهر اضطرا ًبا في التاريخ‬
‫األمريكي‪ ،‬وكانت العواقب طويلة المدى للفوضى وأعمال الشغب ذات أهمية كبيرة ‪.‬تم توعية مجتمع‬
‫األعمال بشكل لم يسبق له مثيل إلى القوة المحتملة للعمال الصناعيين وشرع في برنامج عدواني لقمع‬
‫جميع األنشطة العمالية‪ ،‬وإحياء قوانين المؤامرة القديمة‪ ،‬والسعي إلى ترهيب العمال من االنضمام إلى‬
‫النقابات‪ ،‬وفرض القسم "الحديدي "‪ ،‬وتجنيد كاسري اإلضراب كلما هددت المشاكل ‪.‬كان الدرس‬
‫المستفاد من العمال هو الحاجة إلى التنظيم والسلطة التي من شأنها أن تمنع اإلضرابات من التطور إلى‬
‫عمل غوغائي ال يمكن السيطرة عليه والذي يستدعي حتما ً القمع من قبل القوات الحكومية أو‬
‫الفيدرالية ‪.‬لقد انتصرت الرأسمالية في هذه الجولة األولى من الصراع الصناعي‪ ،‬لكنها كانت خائفة من‬
‫المستقبل ‪.‬لقد خسر حزب العمال‪ ،‬ولكن كان لديه إدراك جديد لقوته الكامنة‪.‬‬

‫كان ألعمال العنف التي اتسمت بمظاهرات البطالة وثورة السكك الحديدية في سبعينيات القرن التاسع‬
‫عشر نظيرتها في جولة أخرى من اإلضرابات خالل العقد التالي‪ ،‬ولكن أعمال الشغب في ميدان‬
‫هايماركت في عام ‪1886‬كانت أكثر من أي اندالع آخر في هذه السنوات إلثارة وتنبيه الجمهور ‪.‬تم‬
‫تحميل الفوضويين المسؤولية عن هذه القضية المأساوية‪ ،‬وبينما لم يتأثر سوى جزء صغير من العمال‬
‫في شيكاغو على اإلطالق بـ "الدعاية الفعل "العنيفة‪ ،‬فإن تداعيات أعمال الشغب أثرت على الحركة‬
‫العمالية بأكملها ‪.‬استفاد أعداء النقابات من هذا الحادث الدراماتيكي إلى أقصى حد في محاولة تشويه‬
‫سمعة العمل المنظم وإلصاقه بوصمة كونه متطرفًا وثوريًا وغير أمريكي‪.‬‬
‫كانت المجموعات اليسارية داخل الحركة العمالية‪ ،‬كما في فترات أخرى‪ ،‬تغير تحالفاتها باستمرار‬
‫وتنظم أحزا ًبا جديدة تعكس تقلبات الفصائل األوروبية الثورية التي انبثقت منها إلى حد كبير ‪.‬تم حل‬
‫القسم األمريكي من رابطة العمال األممية في عام ‪1876‬‬
‫‪An Era of Upheaval‬‬ ‫‪123‬‬
‫نتيجة لالنقسام داخل الهيئة األم في الخارج‪ ،‬وشكلت القوى االشتراكية في الواليات المتحدة حزب‬
‫العمال العمال الجديد ‪.‬لم تكن هذه الحركة مهمة‪ ،‬حيث كانت أعضاؤها الصغيرة مستمدة إلى حد كبير من‬
‫بين المهاجرين األلمان وغيرهم من المهاجرين المولودين في أوروبا‪ ،‬لكنها كانت نشطة خالل إضراب‬
‫السكك الحديدية في عام ‪ ،1877‬حيث حرضت على العنف وحاولت إثارة إضراب عام‪.‬‬
‫وسرعان ما انقسمت صفوفها بسبب المزيد من الخالفات الداخلية ‪.‬كان هناك تنافس مرير بين‬
‫االشتراكيين الماركسيين‪ ،‬الذين سعوا إلى تعزيز النقابات العمالية كقاعدة للنشاط الثوري الذي كان‬
‫سيؤدي في نهاية المطاف إلى اإلطاحة بالدولة الرأسمالية‪ ،‬والالساليين‪ ،‬الذين حثوا على النشاط‬
‫السياسي المباشر كوسيلة أكثر فعالية بكثير لتحقيق الهدف ‪.‬نفس النهاية ‪.‬باإلضافة إلى هاتين‬
‫المجموعتين‪ ،‬كانت هناك مجموعة ثالثة تغازل المذاهب األناركية األكثر تطرفًا والتي كان يوهان موست‬
‫يبشر بها في هذا البلد‪ ،‬وهو مهاجر ألماني كبير الحجم ذو لحية سوداء كان في السابق اشتراكيًا ولكنه‬
‫نصيرا نار ًيا للعنف الثوري ‪.‬أنشأ الراديكاليون الذين‬
‫ً‬ ‫وصل إلى الواليات المتحدة في أصبح عام ‪1882‬‬
‫اعتنقوا عالمته الالسلطوية رابطة العمال الدولية‪ ،‬التي أصبحت ت ُعرف باسم االتحاد الدولي األسود‪،‬‬
‫والتي نجحت في السيطرة على اتحاد العمل المركزي في شيكاغو ‪.‬كان عدد أعضائها حوالي ‪2000‬‬
‫عضو من عمال المعادن األلمان والبولنديين‪ ،‬وصانعي الخزائن‪ ،‬وموظفي شركات التعبئة‪ ،‬ومن خالل‬
‫صفحات صحيفتها‪ ،‬المنبه‪ ،‬دعت علنًا إلى ثورة فورية‪.‬‬
‫لم يكن هناك شيء أقل تمثيال للعمالة األمريكية من هذه الزمرة الصغيرة من الثوريين المولودين في‬
‫الخارج‪ ،‬وكانت هناك فرصة أقل مما كانت عليه في حالة الشيوعيين لكسب وجهات نظرهم الدعم بين‬
‫قواعد العمال ‪.‬لكن كان هناك دائ ًما خطر قيام الفوضويين بتعجيل شكل من أشكال العنف‪ ،‬وكانت صحف‬
‫تشي كاجو تؤكد باستمرار على الخطر الذي كانت تكتشفه سريعًا في كل مظاهرة للنضال العمالي" ‪.‬إن‬
‫الطابع العدمي للموكب‪" ،‬كما جاء في أحد التقارير عن موكب عمالي شارك فيه أعضاء من اتحاد العمال‬
‫المركزي على ما يبدو‪" ،‬تجلى في الشارات الحمراء واألعالم الحمراء التي تم عرضها بكثافة في جميع‬
‫أنحاء العرض‪".‬‬
‫عندما انتشرت حركة في جميع أنحاء البالد في عام ‪1886‬لإلضراب العام لصالح يوم العمل المكون‬
‫من ثماني ساعات‪ ،‬كان الفوضويون في شيكاغو على استعداد لالستفادة من كل فرصة للتبشير‬
‫بمذاهبهم الخاصة حول‬
‫‪124‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫العنف الثوري ‪.‬مر اليوم المحدد لإلضراب ‪- 1‬مايو ‪-‬بهدوء شديد‪ ،‬ولكن بعد يومين‪ ،‬أدى اشتباك بين‬
‫المضربين ومفسدي اإلضراب في مصنع ماكورميك هارفيستر في شيكاغو إلى تدخل الشرطة ومقتل‬
‫أربعة رجال ‪.‬كان هذا هو الوضع الذي كان أعضاء األممية السوداء ينتظرونه ‪.‬وفي تلك الليلة تم توزيع‬
‫منشورات في المدينة تدعو العمال إلى االنتقام لرفاقهم المذبوحين‪.‬‬
‫وجاء في هذا النداء الحارق" ‪:‬أرسل السادة كالبهم البوليسية ‪-‬الشرطة" ‪".‬لقد قتلوا ستة من‬
‫إخوتك في مطعم ماكورميك بعد الظهر ‪.‬لقد قتلوا البائسين الفقراء ألنهم‪ ،‬مثلك‪ ،‬لديهم الشجاعة لعصيان‬
‫اإلرادة العليا لرؤسائكم ‪. ...‬إلى السالح نناديكم‪ ،‬إلى السالح!‬
‫تمت الدعوة إلى اجتماع احتجاجي في ساحة هايماركت مساء اليوم التالي‪4 ،‬مايو‪ ،‬وتجمع حوالي‬
‫ثالثة آالف شخص لالستماع إلى الخطب الحماسية والتحريضية من قبل القادة الفوضويين ‪.‬لكنه كان‬
‫اجتماعًا سلم ًيا تما ًما بسبب كل هذه اإلنذارات (حضره العمدة بنفسه ثم غادر عندما وجد كل شيء هادئًا‬
‫للغاية)‪ ،‬وعندما بدأت الرياح الباردة تهب على الساحة‪ ،‬ذابت الحشود تدريج ًيا ‪.‬في الواقع‪ ،‬انتهى‬
‫االجتماع تقري ًبا عندما وصلت مفرزة من الشرطة قوامها مائتي رجل وأمر قائدهم بشكل قاطع العمال‬
‫المتبقين بالتفرق ‪.‬وفجأة وقع انفجار حاد ‪ .‬ألقى أحدهم قنبلة على صفوف الشرطة‪ ،‬مما أدى إلى مقتل‬
‫أحدهم على الفور ‪.‬أطلقوا النار على الفور وكانت هناك طلقات نارية من العمال ‪.‬خالل االشتباكات‪ ،‬قُتل‬
‫سبعة من رجال الشرطة أو أصيبوا بجروح قاتلة‪ ،‬وأصيب حوالي سبعة وستين آخرين ‪.‬قُتل أربعة عمال‬
‫وأصيب خمسون أو أكثر‪.‬‬
‫لم تكن شيكاغو وحدها غاضبة من إلقاء القنبلة‪ ،‬بل كانت البالد بأكملها غاضبة ‪.‬تم إلقاء اللوم على‬
‫الفوضويين على الفور وكانت هناك مطالبة عالمية بمطاردتهم وتقديمهم للمحاكمة ‪.‬قامت الشرطة‬
‫بتمشيط المدينة بحثًا عن المشتبه بهم‪ ،‬وأخيرا ً تم القبض على ثمانية من القادة الفوضويين المعروفين‬
‫ووجهت إليهم تهمة القتل ‪.‬وفي جو محموم ممزوج بالخوف والرغبة في االنتقام‪ ،‬أُدينوا على الفور ‪-‬‬
‫و ُحكم على سبعة منهم باإلعدام وعلى الثامن بالسجن لمدة خمسة عشر عا ًما ‪.‬ولم يكن هناك أي دليل‬
‫على اإلطالق يربطهم بالتفجير ‪.‬لقد تم إدانتهم بشكل قاطع بسبب آرائهم الثورية والتحريض على العنف‬
‫الذي كان من المفترض أنه تسبب في التفجير ‪.‬وحث المدعي العام للدولة قائالً" ‪:‬أدينوا هؤالء الرجال‪،‬‬
‫واجعلوا‬
‫‪An Era of Upheaval‬‬ ‫‪125‬‬
‫منهم قدوة‪ ،‬واشنقوهم‪ ،‬وأنتم تنقذون مؤسساتنا‪. . . ".‬‬
‫وطلب اثنان من الرجال المدانين الرأفة التنفيذية و ُحكم عليهم بالسجن مدى الحياة ‪.‬وبعد ست‬
‫سنوات‪ ،‬أصدر الحاكم جون بيتر ألتغيلد عفوا ً عنهم‪ ،‬مع الرجل الثامن الذي حكم عليه بالسجن لمدة‬
‫خمسة عشر عاماً‪ ،‬على أساس أنهم لم يحصلوا على محاكمة عادلة ‪.‬كان الشعور ضد الفوضويين عنيفًا‬
‫للغاية حتى في هذا الوقت المتأخر‪ ،‬لدرجة أن ألتجيلد تعرض للهجوم في جميع أنحاء البالد بسبب ما تم‬
‫االعتراف به عالميًا منذ ذلك الحين على أنه عمل من أعمال العدالة البسيطة‪.‬‬
‫لم يكن العمل المنظم مرتب ًطا بأي حال من األحوال بتفجير ساحة هايماركت‪ ،‬وقد نفى على الفور أي‬
‫تعاطف على اإلطالق مع الفوضويين المتهمين ‪.‬وكان فرسان العمل عنيفين في إدانتهم مثل الصحف‬
‫األكثر محافظة ‪.‬وأعلن عضوهم في شيكاغو" ‪:‬ليكن يفهم العالم أجمع أن فرسان العمل ليس لديهم أي‬
‫انتماء أو ارتباط أو تعاطف أو احترام لعصابة القتلة الجبناء وقطع الرقاب واللصوص‪ ،‬المعروفين‬
‫بالفوضويين ‪. . . ".‬متجاهلين تما ًما فشل االدعاء التام في ربط الرجال المتهمين بالجريمة الفعلية التي‬
‫ات ُهموا بارتكابها‪ ،‬طالب الفرسان بإدانتهم ‪.‬وأعلن أنه "من األفضل أن يُشنق سبعة أضعاف سبعة رجال‪،‬‬
‫بدالً من أن يلتف حجر رحى الكراهية حول معيار هذا النظام في االنضمام بأي شكل من األشكال إلى‬
‫عنصر التدمير هذا‪".‬‬
‫وكان سبب هذا االنفجار واضحا ‪.‬كان أعداء العمل الرأسماليون يسعون إلى تعليق "حجر رحى‬
‫الكراهية "على الحركة العمالية من خالل اتهام فرسان العمل والنقابات الحليفة عمو ًما بروح الفوضوية‬
‫والشيوعية ‪.‬بدا الجمهور الهستيري مستعدًا لتصديق ذلك ‪.‬وقد اسودت الحركة العمالية برمتها بسبب‬
‫القنبلة التي ألقتها يد مجهولة على فرقة الشرطة في ميدان هايماركت ‪.‬ولم يكن مهما أن قادتها‬
‫المسؤولين والجماهير الساحقة من العمال كانوا يعارضون كال من األناركية والشيوعية كأي مجموعة‬
‫أخرى في المجتمع ‪.‬تم إلقاء كل العمل في موقف دفاعي‪.‬‬
‫كان من المفترض أن يكون لهذه الحادثة بأكملها تأثير مهم على االتجاه المتطور للعمل النقابي‪ ،‬لكنها‬
‫أخذتنا إلى ما هو أبعد من اعتبارنا لنمو الحركة العمالية ككل ‪.‬وكما أشرنا سابقًا‪ ،‬كان صعود فرسان‬
‫العمل خالل ثمانينيات القرن التاسع عشر أكثر أهمية بكثير من أنشطة الجماعات الراديكالية التي كانت‬
‫حاضرة دائ ًما في الحركة العمالية‪ ،‬ولكنها لم تؤثر أبدًا بشكل عميق على فلسفتها األصلية‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬
‫‪ :VIII‬صعود وهبوط‬
‫فرسان العمل‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫لقد مرت سبعة عشر عا ًما قبل أعمال الشغب في ميدان هايماركت‪ ،‬وقبل ثماني سنوات من اإلضراب الكبير‬
‫في السكك الحديدية‪ ،‬حيث تم اتخاذ الخطوة األولى في تنظيم ما أصبح فيما بعد وسام فرسان العمل النبيل‬
‫والمقدس ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد كانت سنوات االضطرابات العمالية والصراعات الصناعية التي تدخلت بين‬
‫هذين الحدثين هي التي شهدت صعودها إلى قمة السلطة غير المسبوقة ‪.‬على الرغم من أنه كان هناك‬
‫في الوقت نفسه انتعاش بطيء للنقابات الوطنية‪ ،‬وكان صامويل جومبرز يروج بعناد للسياسات التي‬
‫كانت ستؤتي ثمارها مع تشكيل ‪AF‬لـ ‪ ،L.‬فقد ظهر مستقبل العمال األمريكي في منتصف ثمانينيات‬
‫القرن التاسع عشر ‪.‬للكذب مع فرسان العمل ‪.‬وللمرة األولى بدت النقابات العمالية قوية بما يكفي لتحدي‬
‫الصناعة على أسس خاصة بها ‪.‬صرح أحد الكتاب المعاصرين بشكل قاطع" ‪:‬إنها منظمة تقع بين يديها‬
‫اآلن مصائر شعب إعادة ‪" . ...‬لقد أظهرت القوة المهيمنة للتحالف الوطني بين العمال‪.‬‬
‫كان من المقرر أن يُتهم الفرسان في األجواء المحمومة في هذه األيام بالترويج لألفكار المتطرفة‬
‫التي كان يبشر بها المحرضون األجانب‪ ،‬وساهمت تداعيات أعمال الشغب في ساحة هايماركت في‬
‫انخفاض قوتهم بنفس سرعة صعودهم إلى السلطة ‪.‬لكن النظام النبيل والمقدس كان في الواقع منسج ًما‬
‫كثيرا عن فلسفة االتحاد الوطني للحقوق‬ ‫ً‬ ‫تما ًما مع التقليد األمريكي ولم تختلف فلسفته األساسية‬
‫والحريات ‪ .‬وكان قادتها يتطلعون نحو الخلق النهائي لنوع ما من الكومنولث الصناعي‪ ،‬الذي كانت‬
‫خطوطه العريضة دائما ضبابية إلى حد ما‪ ،‬ولكن التركيز كان ينصب دائما على الحاجة إلى عملية طويلة‬
‫من التثقيف والتحريض لتحقيق هذا الهدف بدال من العمل المباشر ‪.‬وفي هذه األثناء كان الفرسان‬
‫مستعدين للعمل ضمن النظام االقتصادي القائم‪ ،‬بل وذهبوا في األصل إلى حد معارضة جميع اإلضرابات‪.‬‬
‫واألهم من ذلك أنهم سعوا إلى تعزيز الوحدة النقابية التي من شأنها أن ‪126‬‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪127‬‬
‫احتضان جميع العمال‪ ،‬المهرة وغير المهرة‪ ،‬في منظمة عمالية واحدة ‪.‬لقد أدركوا األهمية الحيوية‬
‫لدور عمال الصناعة في نظامنا الرأسمالي الناشئ‪ ،‬وكانوا مقتنعين بأن النقابات العمالية‪ ،‬كما كانت‬
‫معروفة‪ ،‬يجب أن تفسح المجال أمام التنظيم العمالي على أساس أوسع بكثير ‪.‬كان موقفهم إلى حد ما‬
‫يلقي بظالله على النقابات الصناعية في يوم الحق‪ ،‬ولكن بدالً من إنشاء اتحاد أو مؤتمر للنقابات‬
‫الفردية‪ ،‬أكد الفرسان باستمرار على تضامن العمل وتطلعوا إلى جمعية مركزية تشمل العمال في جميع‬
‫الصناعات و ‪cupions.‬لقد كان المثل األعلى المتمثل في الوحدة السائدة بين العمال في كل مكان ‪-‬‬
‫"الضرر الذي يلحق بالفرد هو الضرر الذي يلحق بالجميع ‪" -‬مفهو ًما سام ًيا ‪ ،‬ولكن لو تم تحقيقه‪ ،‬لكان‬
‫محفوفًا بمخاطر جسيمة سواء بالنسبة للعمل أو للحياة‪ .‬المجتمع ككل ‪.‬إن تركيز السلطة الناتج عن‬
‫منظمة عمالية واحدة موحدة كان من شأنه أن يعرض المؤسسات الديمقراطية للخطر الشديد‪.‬‬
‫وبغض النظر عن هذه االعتبارات المحتملة‪ ،‬فإن فرسان العمل لم ينجحوا في تحقيق أهدافهم ‪.‬إن‬
‫جهودهم الرامية إلى جلب العمال غير المهرة إلى حظيرة العمل المنظم لم تحقق سوى نجاح مؤقت ‪.‬‬
‫ومهما كانوا على حق من الناحية النظرية فيما يتعلق بأهمية تنظيم العمال غير المهرة‪ ،‬فقد كانوا‬
‫متقدمين على العصر ‪.‬كان العدد الكبير من هؤالء العمال‪ ،‬الذين جاءوا إلى حد كبير من صفوف‬
‫المهاجرين الوافدين حديثًا‪ ،‬مفصولين بحواجز ال يمكن التغلب عليها تقريبًا من العرق واللغة والدين ‪.‬‬
‫سارع أصحاب العمل إلى استغالل كل فرصة إلثارة االحتكاك والعداوات التي منعت أي تعاون حقيقي ‪.‬‬
‫نظرا ألن صفوف العمال كانت تتضخم باستمرار بسبب الوافدين الجدد‪ ،‬كان هناك دائ ًما‬ ‫عالوة على ذلك‪ً ،‬‬
‫مخزون هائل من كاسري اإلضراب المحتملين في متناول اليد لتوفير بدائل رخيصة ألولئك الذين تجرأوا‬
‫على المشاركة في أي نشاط نقابي ‪.‬ولم يكن العمال الصناعيون غير المهرة في ثمانينيات القرن التاسع‬
‫عشر يتمتعون بالتماسك أو بالقدرة على اكتساب القوة الالزمة لجعل إدراجهم في الحركة العمالية‬
‫المنظمة أمراً عمليا ‪.‬في مواجهة معارضة أصحاب العمل القاسية‪ ،‬لم يتم الترويج بنجاح للنقابات‬
‫الصناعية إال بعد تقييد الهجرة في عشرينيات القرن العشرين والدعم الحكومي للمنظمات العمالية في‬
‫ثالثينيات القرن العشرين‪ ،‬مع بعض االستثناءات القليلة الملحوظة كما هو الحال في تعدين الفحم‪. .‬‬
‫وقد أدرك أعضاء النقابات العمالية التقليدية ـ نظير الميكانيكيين والحرفيين في الماضي ـ هذه‬
‫الحقيقة في ثمانينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫‪128‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وأصبحوا على نحو متزايد غير راغبين في ربط حظوظهم بحلفاء ضعفاء مثل العمال غير المهرة ‪.‬لقد‬
‫شعروا بأنهم مدفوعون للت ضحية بالتضامن العمالي الذي بشر به الفرسان من أجل حماية مصالحهم‬
‫الخاصة من خالل التنظيم بشكل أكثر حصرية على أسس حرفية ‪.‬حاربت النقابات الوطنية بقوة فرسان‬
‫العمل‪ ،‬وأصبح ‪AF‬لـ ‪L.‬تجسيدا لـ "النقابية الجديدة "التي تهتم فقط باالحتياجات المباشرة ألعضائها‪.‬‬

‫تسعة خياط ين غير بارزين‪ ،‬اجتمعوا في قاعة شركة الخراطيم األمريكية‪ ،‬في فيالدلفيا‪ ،‬أسسوا‬
‫فرسان العمل في ‪9‬ديسمبر ‪1869.‬أعضاء جمعية قطع المالبس المحلية التي اضطرت إلى حلها بسبب‬
‫نقص األموال الالزمة للحفاظ على عملها من خالل برنامج االستفادة‪ ،‬قرروا تشكيل جمعية جديدة ال‬
‫كثيرا عن أي نقابة حرفية أخرى باستثناء أنها كانت جمعية سرية وتتمحور أنشطتها‬ ‫تختلف في األصل ً‬
‫حول طقوس متقنة ‪.‬لكن كان لدى أحد أعضاء المجموعة رؤية أوسع بكثير للتنظيم العمالي‪ ،‬وسرعان‬
‫ما انبهر زمالؤه األعضاء بحماسته المثالية ‪.‬كان هذا هو مفهوم التضامن العمالي الجديد الذي من شأنه‬
‫أن يجعل من الممكن أن يشمل جميع عمال األمة في نظام واحد موحد‪ ،‬بغض النظر عن الجنسية أو‬
‫الجنس أو العقيدة أو اللون‪.‬‬
‫لم تكن هناك فكرة عن الصراع الطبقي في تفكير مؤسسي فرسان العمل ‪.‬ولم يخططوا ألي هجوم على‬
‫قالع الصناعة " ‪-‬ال صراع مع المشاريع المشروعة‪ ،‬وال عداء لرأس المال الضروري ‪".‬وبينما كانوا‬
‫يتطلعون في نهاية المطاف إلى "التحرر الكامل لمنتجي الثروة من العبودية وفقدان عبودية األجور"‪،‬‬
‫كان من المقرر تحقيق ذلك تدريجيا ً من خالل التخفيف من شرور النظام االقتصادي القائم وإنشاء‬
‫تعاونيات المنتجين ‪.‬وبمرور الوقت‪ ،‬سيتم إنشاء كومنولث صناعي جديد حيث سيتم قبول القيمة‬
‫األخالقية‪ ،‬وليس الثروة المادية‪ ،‬كمعيار حقيقي للعظمة الفردية والوطنية‪.‬‬
‫كان زعيم الخياطين التسعة الذين التقوا في فيالدلفيا والصديق الرئيسي لهذه األفكار هو أوريا س ‪.‬‬
‫ستيفنز ‪ُ .‬و ِلد في كيب ماي بوالية نيوجيرسي عام ‪1821‬وتلقى تعليمه في الخدمة المعمدانية ‪.‬أُجبر على‬
‫ترك دراسته بعد الذعر الذي حدث عام ‪ ،1837‬وأصبح متدربًا لدى خياط‪ ،‬وفي أربعينيات القرن التاسع‬
‫عشر وجدته يعمل في تجارته في فيالدلفيا‪.‬‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪129‬‬
‫وبعد مرور بعض الوقت‪ ،‬سافر على نطاق واسع ‪-‬إلى جزر الهند الغربية والمكسيك وكاليفورنيا ‪-‬ولكن‬
‫عشية الحرب األهلية عاد مرة أخرى إلى فيالدلفيا ‪.‬حضر مؤتمر العمال المناهض للحرب في عام‬
‫‪1861‬وفي العام التالي ساعد في تنظيم جمعية قواطع المالبس ‪.‬لم يكن ستيفنز نقاب ًيا أبدًا بأي معنى‬
‫صارم للمصطلح‪ ،‬معتقدًا أن النقابات ضيقة للغاية في نظرتها ومقيدة في عملياتها‪ ،‬وقد استمد ستيفنز‬
‫من خلفيته الدينية تلك الرؤية لعالمية العمل التي تم رمزها في صوفية فرسان طقوس العمل السرية‪.‬‬
‫وكان عليه أن ينصح أتباعه "بتنمية الصداقة بين أخوة الكدح العظماء" ‪".‬تعلموا احترام الصناعة‬
‫في شخص كل عامل ذكي؛ تفكيك زيف الحياة باحترام الحرفي المتواضع ولكن المفيد؛ يولد تضافر العمل‬
‫عن طريق التوفيق ‪. . . .‬إن العمل الذي تتوجه إليه هذه األخوة هو من أعظم األعمال التي تمت في تاريخ‬
‫العالم ‪. ...‬إنه مبني على األساس الثابت ألبوة هللا‪ ،‬والمبدأ المنطقي ألخوية اإلنسان‪. . . ".‬‬
‫كان هذا هو التوتر الذي ساد كل كتاباته وخطاباته ‪.‬وفي سعيه لتحقيق الهدف النهائي المتمثل في‬
‫دمج «جميع فروع العمل في ك ٍل مدمج»‪ ،‬رفض فكرة تنظيم حرف أو دعوات منفصلة وكان سيتخلص‬
‫من المقاطعة واإلضرابات التي شعر أن فوائدها كانت «جزئية وزائلة ‪».‬لقد احتضنت رؤيته البشرية‬
‫جمعاء ‪.‬كتب" ‪ :‬إن العقيدة والحزب والجنسية ليست سوى مالبس خارجية وال تشكل أي عائق أمام‬
‫اندماج قلوب عباد هللا‪ ،‬األب الكوني‪ ،‬والعاملين من أجل اإلنسان‪ ،‬األخ الكوني‪".‬‬
‫كان دور ستيفنز في تأسيس فرسان العمل مه ًما جدًا ‪ ،‬وأصبح أول عامل كبير عندما تم تنظيمه على‬
‫المستوى الوطني ‪.‬ومع ذلك فهو لم يبق معها لفترة طويلة ‪.‬لقد تحول إلى السياسة‪ ،‬كما فعل العديد من‬
‫القادة العماليين في فترة منتصف القرن؛ وبعد أن أصبح مهت ًما بإصالح العملة‪ ،‬ترشح للكونغرس دون‬
‫جدوى على تذكرة الدوالر األمريكي في عام ‪1878.‬واستقال من منصبه في الفرسان‪ ،‬ثم ابتعد عن‬
‫الحركة العمالية تما ًما وتوفي في عام ‪1882‬دون أن يشهد صعود النظام غير المسبوق إلى الصدارة ‪.‬‬
‫ومع ذلك ظل تأثيره قائما" ‪.‬من خالل طقوسنا وقوانيننا‪" ،‬كتبت مجلة العمل المتحد‪ ،‬صحيفة الفرسان‪،‬‬
‫عند إعالن وفاته‪" ،‬سوف تجد بصمة عقله‪ ،‬وإلهام‬
‫‪130‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫رؤيته الثاقبة للمشاكل الكبرى في الوقت الحاضر ‪".‬ساعة"‪.‬‬
‫في هذه األثناء‪ ،‬نما مجلس فيالدلفيا األصلي لفرسان العمل ببطء شديد ‪.‬تم الحفاظ بشكل صارم على‬
‫السرية التي تم اعتمادها لتعزيز الجاذبية الغامضة للطقوس والمراسم‪ ،‬وكذلك لحماية األعضاء من‬
‫انتقام صاحب العمل المحتمل ‪.‬ستتم دعوة العضو الجديد المحتمل لحضور اجتماع المجموعة دون أن يتم‬
‫إخباره بما هو عليه‪ ،‬وفقط بعد تقديم إجابات مرضية لمختلف األسئلة المتعلقة برأيه بشأن "رفع‬
‫العمل "سيتم اعتباره مؤهالً للبدء ‪.‬تم نقل الطقوس شفهيًا ولم يكن لدى الغرباء أي وسيلة لمعرفة وجود‬
‫النظام‪ ،‬ناهيك عن أهدافه ‪.‬في جميع الوثائق أو اإلشعارات العامة‪ ،‬تم تحديد االسم بخمس نجوم‪.‬‬
‫تم اتخاذ الترتيبات الالزمة للتوسع من خالل قبول "المقيمين "‪ ،‬العمال في حرف أخرى غير حرفة‬
‫الخياطة‪ ،‬مقابل دفع رسم بدء قدره دوالر واحد ‪.‬وعندما أصبح عددهم كافيًا‪ ،‬تمكنوا من "االحتشاد "‬
‫وتشكيل تجمع خاص بهم‪ .‬ولكن لم يتم إنشاء جمعية ثانية مؤلفة من نجارين السفن إال في عام ‪1872.‬‬
‫صا محل ًيا في فيالدلفيا وما‬
‫ثم تسارعت وتيرة النمو ‪.‬وفي العامين التاليين‪ ،‬تم تشكيل حوالي ثمانين شخ ً‬
‫حولها‪ ،‬وفي عام ‪1874‬تم إنشاء أول تجمع خارج هذه المنطقة المباشرة في نيويورك ‪.‬كانت هذه‬
‫المجموعات تتألف جميعها من عمال في حرف مختلفة ‪-‬قاطعو المالبس‪ ،‬ونجارو السفن‪ ،‬ونساجو‬
‫الشاالت‪ ،‬والبناؤون‪ ،‬والميكانيكيون والحدادون‪ ،‬ونجارو المنازل‪ ،‬وعمال الصفيح والحديد‪ ،‬وقاطعون‬
‫الحجارة‪ ،‬ومضاربو الذهب‪.‬‬
‫كانت الخطوة التالية في تطور الفرسان ‪-‬التي تشير إلى الهدف النهائي المتمثل في وحدة العمل ‪-‬هي‬
‫تشكيل مجالس المقاطعات المكونة من مندوبين من المجالس المحلية ‪.‬تم إنشاء أول هذه الوحدات في‬
‫فيالدلفيا عام ‪ ، 1873‬وفي العام التالي تم إنشاء واحدة في كامدن‪ ،‬نيوجيرسي‪ ،‬وأخرى في بيتسبرغ‪،‬‬
‫وهي خطوة أولى نحو غزو الغرب ‪.‬وسرعان ما ظهرت جمعيات المقاطعات في أوهايو‪ ،‬ووست فرجينيا‪،‬‬
‫وإنديانا‪ ،‬وإلينوي‪ ،‬وكذلك بنسلفانيا‪ ،‬ونيويورك‪ ،‬ونيوجيرسي‪ ،‬وتضمنت عضويتها العمال غير المهرة‬
‫وشبه المهرة باإلضافة إلى العمال الحرفيين‪.‬‬
‫ومع مرور الوقت‪ ،‬تم إنشاء العديد من المجالس المحلية كمجالس مختلطة تتكون من عمال في مهن‬
‫مختلفة ‪.‬انضم عمال المناجم وعمال السكك الحديدية وعمال الصلب إلى الفرسان بأعداد متزايدة‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪147‬‬
‫عندما ال يكون هناك عدد كافٍ من أعضاء تجارة واحدة لتشكيل جمعية تجارية‪ ،‬خاصة في البلدات‬
‫الصغيرة والمناطق الريفية‪ ،‬يصبح التجمع المختلط مجمعًا عا ًما ‪.‬في نهاية المطاف‪ ،‬فاق عدد التجمعات‬
‫المختلطة عدد التجمعات التجارية‪ ،‬ومع ضمها للعمال غير المهرة‪ ،‬أعطت الفرسان طابعهم المميز ‪.‬في‬
‫المجمل‪ ،‬تم تشكيل حوالي أربعة مجالس للمقاطعات للمراهقين‪ ،‬يبلغ مجموع أعضائها حوالي تسعة‬
‫آالف‪ ،‬عندما قرر قادة الحركة أن الوقت قد حان إلرسال دعوة لعقد مؤتمر عام لتشكيل هيئة وطنية‪.‬‬
‫عُقد هذا االجتماع في ريدينغ‪ ،‬بنسلفانيا‪ ،‬في يناير ‪1878‬بحضور ثالثة وثالثين مندوبًا ‪.‬وبعد نقاش‬
‫طويل‪ ،‬تم اعتماد دستور يقضي بإنشاء جمعية عامة باعتبارها السلطة العليا للفرسان مع السيطرة على‬
‫كل من المنطقة والمجالس المحلية ‪.‬من الناحية النظرية‪ ،‬كان التنظيم الجديد مركز ًيا للغاية‪ ،‬لكن المنطقة‬
‫كمجالس كانت تتمتع بسلطة ضمن والياتها القضائية الخاصة ولم تخضع أبدًا لرقابة صارمة كما تصور‬
‫الدستور من الناحية النظرية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬أصبح النظام منظمة وطنية حقيقية بمعنى لم تصل إليه أسالفه‬
‫أبدًا‪ ،‬واختلف عنهم أيضًا في أن العضوية ظلت على أساس فردي وليس من خالل النقابات التابعة ‪.‬كان‬
‫العامل المتلهف لالنضمام يقدم ببساطة طل ًبا للحصول على العضوية في مجلس محلي‪ ،‬وقد تم تجنيده‬
‫سا معتمدًا للعمل‪.‬‬‫حسب األصول‪ ،‬ودفع مستحقات الفصل‪ ،‬وحضر االجتماعات‪ ،‬وهكذا أصبح فار ً‬
‫كانت العضوية مفتوحة لجميع األجراء ولجميع األجراء السابقين (على الرغم من أن األخير ال يمكن‬
‫أن يتجاوز ربع العضوية في أي جمعية محلية )باستثناء المحامين واألطباء والمصرفيين وأولئك الذين‬
‫باعوا أو كسبوا عيشهم من خالل بيع المشروبات الكحولية ‪-‬والتي أضيف إليها فيما بعد المجموعة‬
‫المستبعدة سماسرة األوراق المالية والمقامرين المحترفين ‪.‬وجاء في نص الحق في الدستور "إنه‬
‫يجمع في طية واحدة كل فروع الكدح المشرف‪".‬‬
‫إن ديباجة الدستور‪ ،‬التي تناولت المبادئ العامة التي طرحتها جماعة اإلخوان الصناعيين السابقة‪،‬‬
‫لفتت االنتباه إلى "التطور المقلق األخير والعدوان على الثروة المبوبه "وذكرت أنه ما لم يتم التحقق‬
‫منها‪ ،‬فإنها ستؤدي حتما إلى "إلى إفقار الجماهير الكادحة وتدهورها اليائس ‪.‬أعلن الفرسان أنه فقط‬
‫من خالل التوحيد يمكن ضمان ثمار كدح العمل‪ ،‬ولتحقيق ذلك‪" ،‬لدينا‬
‫‪132‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫تم تشكيلها • • • • •بهدف تأمين التنظيم والتوجيه‪ ،‬من خالل الجهد التعاوني‪ ،‬لقوة الطبقات الصناعية ‪.‬‬
‫‪. . ".‬‬
‫حدد الدستور نفسه العديد من المطالب التقليدية للعمل المنظم وحدد أيضًا بعض األهداف الجديدة ‪.‬‬
‫ودعت إلى إنشاء التعاونيات‪ ،‬وحجز األراضي العامة للمستوطنين الفعليين‪ ،‬ويوم العمل بثماني ساعات‪،‬‬
‫وعملة ورقية بنفس الشروط التي دعا إليها اتحاد العمل الوطني ‪.‬وطالبت بإلغاء نظام عقود العمل في‬
‫السجون‪ ،‬وحظر عمل األطفال‪ ،‬والمساواة في األجر بين الجنسين‪ ،‬وإنشاء مكاتب إلحصاءات العمل‪،‬‬
‫وبتعديل الحق‪ ،‬ملكية الحكومة للسكك الحديدية والتلغراف‪ ،‬واعتماد دخل متدرج ‪.‬ضريبة‪.‬‬
‫وكانت هذه األحكام إصالحية أو سياسية إلى حد كبير ‪.‬وفيما يتعلق بالعمل الصناعي‪ ،‬دعم فرسان‬
‫العمل المقاطعة‪ ،‬التي أصبحت ذات أهمية متزايدة‪ ،‬لكنهم فضلوا بشدة التحكيم بدالً من اللجوء إلى‬
‫اإلضرابات التي عارضوها تما ًما في البداية ‪.‬وبينما تم إنشاء صندوق المقاومة في نهاية المطاف‬
‫الستخدامه في بعض حاالت الطوارئ المحددة بعناية‪ ،‬فقد تم النص على أن ثالثين بالمائة فقط من‬
‫األموال المجمعة يمكن استخدامها مباشرة لإلضرابات‪ ،‬مع تخصيص ستين بالمائة للتعاونيات وعشرة‬
‫بالمائة للتعليم ‪.‬كان على الفرسان أن يدركوا أن اإلضرابات قد تكون ضرورية في بعض األحيان‪ ،‬لكنهم‬
‫لم يكونوا على استعداد لدعمها إال بعد موافقة مجلسهم التنفيذي عليها ‪.‬كان الدستور المعدل لعام ‪1884‬‬
‫ينص على أن " اإلضرابات في أحسن األحوال ال توفر سوى راحة مؤقتة‪ ،‬ويجب تثقيف األعضاء‬
‫لالعتماد على التعليم الشامل والتعاون والعمل السياسي‪ ،‬ومن خالل ذلك إلغاء نظام األجور‪".‬‬
‫ويرجع هذا الموقف الحذر جزئ ًيا إلى تجربة العمال خالل إضرابات السكك الحديدية عام ‪1877.‬‬
‫ويبدو أن الفوض ى التي أدت إليها هذه اإلضرابات‪ ،‬وما ترتب على ذلك من تدخل من قبل القوات‬
‫الفيدرالية‪ ،‬جعلت مثل هذا العمل المباشر وسيلة مشكوك فيها للغاية في العقول ‪.‬من زعماء فرسان‬
‫العمل ‪ .‬لكن لم يكن لديهم حل لمشكلة كيفية تطبيق التحكيم في حالة رفض أصحاب العمل التعامل مع‬
‫ممثليهم ‪.‬ونتيجة لذلك‪ ،‬انخرط الفرسان في اإلضرابات رغ ًما عنهم‪ ،‬وعندما تم تهديد المجالس المحلية‬
‫بإجراءات انتقامية من جانب الصناعة‪ ،‬شعر المجلس التنفيذي بأنه ملزم بتقديم مساعدتهم‪.‬‬
‫وقد يبدو أيضًا أن غموض موقفها من قضية اإلضراب‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪133‬‬
‫يشير إلى موقف النظام النبيل والمقدس من المسائل السياسية ‪.‬لقد ذهبت اإلصالحات المتوخاة في بعض‬
‫النواحي إلى ما هو أبعد من تلك التي طرحها اتحاد العمل الوطني‪ ،‬ومع ذلك سعى الفرسان إلى البقاء في‬
‫المقام األول منظمة صناعية وليس منظمة سياسية ‪.‬وبينما انخرطوا في أنشطة الضغط ودخلوا في‬
‫الوقت المناسب بشكل مباش ر في السياسة‪ ،‬إال أنهم لم يحاولوا إنشاء حزب عمالي ‪.‬أعلنت الجمعية‬
‫العامة في عام ‪1884‬أن "السياسة يجب أن تخضع للصناعة "‪ ،‬وأوضحت أن "هذا النظام ليس ملز ًما‬
‫بأي حال من األحوال بالتعبير السياسي ألعضائه األفراد‪".‬‬
‫باختصار‪ ،‬ظلت السياسات األساسية لفرسان العمل تتسم ببعض المثالية واإلنسانية الغامضة‪ ،‬على‬
‫النمط الذي حدده في األصل أوريا ستيفنز‪ ،‬وبدت في بعض األحيان متناقضة إلى حد كبير ‪.‬وسعى‬
‫الفرسان إلى التأكيد على طابعهم الصناعي ‪ ،‬ومع ذلك حثوا على وضع برنامج شامل لإلصالح‬
‫االجتماعي؛ لقد شجعوا اإلضرابات لكنهم انخرطوا فيها بعمق؛ ودعوا إلى العمل السياسي ونفوا أن‬
‫يكون لهم أي اهتمام مباشر بالسياسة ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬في حين كان النظام من الناحية النظرية شديد‬
‫المركزية‪ ،‬مما أدى إلى اتهامات بأن سياساته تم تحديدها بشكل دكتاتوري من قبل حفنة من القادة‪ ،‬فإن‬
‫أعضائه في الواقع أخذوا األمور بأيديهم وذهبوا في طريقهم الخاص‪.‬‬
‫عضوا‬
‫ً‬ ‫مهدت الجمعية العامة األولى الطريق لمزيد من التوسع ‪.‬وارتفع عدد األعضاء البالغ ‪9287‬‬
‫عضوا في عام ‪1881.‬وبدأت السرية التي وفرت‬ ‫ً‬ ‫عضوا بعد عام‪ ،‬ثم انخفض إلى ‪19422‬‬ ‫ً‬ ‫إلى ‪28136‬‬
‫حاجزا وقائيًا يحمي األعضاء من هجوم أصحاب العمل‪ ،‬في التفاعل مع األمر ككل ‪.‬وأصبحت‬ ‫ً‬ ‫في البداية‬
‫مرتبطة في ذهن الجمهور بجمعيات سرية أخرى مثل مولي ماجواير‪ ،‬وأثارت مثل هذه الشكوك والعداء‬
‫من جانب الكنيسة الكاثوليكية لدرجة أنه تم منع الكاثوليك من االنضمام إليها ‪.‬وبالتالي تم اتخاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة لنشر اسم األمر للعامة‪ ،‬وإزالة القسم من إجراءات البدء ‪ ،‬وإزالة جميع المقاطع‬
‫الكتابية من الطقوس ‪.‬ومن خالل شفاعة الكاردينال جيبونز‪ ،‬الذي تم إقناعه بعدم وجود أي شيء يتعلق‬
‫بالطقوس المنقحة التي تسيء إلى العقيدة الدينية‪ ،‬تم حث البابا بعد ذلك على سحب إدانته والتمسك‬
‫بمالءمة موافقة الكنيسة ‪.‬وسرعان ما استعاد األعضاء خسائرهم بعد هذه التحركات للتخلص من‬
‫السرية ‪.‬وقد تضاعف في عام ‪ ،1882‬إلى ما مجموعه أكثر من ‪ ،42000‬وخالل السنوات الثالث التالية‬
‫ارتفع إلى أكثر من ‪100000.‬‬
‫‪134‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫عند تقاعد ستيفن في عام ‪ ،1879‬أي بعد عام واحد فقط من تشكيل الجمعية العامة‪ ،‬تم اختيار‬
‫تيرينس ف ‪.‬باودرلي خل ًفا له في المنصب الرفيع وهو جراند ماستر وركمان ‪.‬كان هذا المحرض العمالي‬
‫الشاب‪ ،‬الذي كان يبلغ من العمر ثالثين عا ًما فقط في ذلك الوقت‪ ،‬قد ُولد في كاربونديل‪ ،‬بنسلفانيا ‪ ،‬في‬
‫عام ‪1849.‬وهو ابن ألبوين كاثوليكيين أيرلنديين هاجرا إلى هذا البلد في عشرينيات القرن التاسع‬
‫صغيرا كصبي ‪.‬قام بتبديل المناقصة في ساحات السكك الحديدية المحلية‬ ‫ً‬ ‫عشر‪ ،‬وعمل عندما كان صبيًا‬
‫لكنه سرعان ما قرر أنه يريد أن يصبح ميكانيكيًا ‪.‬عندما كان في السابعة عشرة من عمره‪ ،‬تدرب على‬
‫هذه التجارة‪ ،‬وبعد ثالث سنوات حصل على وظيفة عامل مياوم في متاجر ديالوير والسكك الحديدية‬
‫الغربية في سكرانتون‪.‬‬
‫وفي السنوات القليلة التالية‪ ،‬انضم على التوالي إلى االتحاد الدولي للميكانيكيين والحدادين‪ ،‬وأصبح‬
‫منظم والية بنسلفانيا لجماعة اإلخوان الصناعيين‪ ،‬وفي عام ‪ ،1874‬انضم إلى فرسان العمل ‪.‬وبعد فترة‬
‫وجيزة من "اإلقامة"‪ ،‬نظم وأصبح العامل الرئيسي في الجمعية رقم ‪222‬والسكرتير المقابل لجمعية‬
‫المنطقة رقم ‪ 5.‬كما أدى اهتمامه المتزايد بالسياسات العمالية إلى المشاركة في أنشطة حزب العمال‬
‫األخضر ‪.‬وفي عام ‪1878‬تم انتخابه على تذكرته لمنصب عمدة سكرانتون العمالي‪.‬‬
‫كان من المقرر أن يستمر باودرلي في شغل هذا المنصب األخير حتى عام ‪ ،1884‬على الرغم من أنه‬
‫تم انتخابه في هذه األثناء كبير عمال الفرسان ‪.‬كان لديه دائما اهتمامات كثيرة ومتنوعة ‪.‬درس القانون‬
‫ومديرا لمتجر‬
‫ً‬ ‫ثم مارسه في نقابة المحامين‪ ،‬وعمل كمسؤول صحي في المقاطعة ‪.‬أصبح مالكًا جزئيًا‬
‫بقالة‪ ،‬نائبًا لرئيس رابطة األرض األيرلندية ‪.‬وفي وقت من األوقات‪ ،‬تقدم‪ ،‬دون جدوى‪ ،‬لمنصب رئيس‬
‫مكتب إحصاءات العمل في واشنطن‪ ،‬الذي تم إنشاؤه إلى حد كبير من خالل جهود الفرسان‪ ،‬وبعد أن‬
‫أخيرا رئاسة النظام في عام ‪ ،1893‬حصل على منصب حكومي في مكتب الهجرة ‪.‬كان في البداية‬ ‫ً‬ ‫خسر‬
‫سا لشعبة المعلومات‪ ،‬وعاش حتى عام ‪1924‬عندما كاد جيل بعيد جدًا أن ينسى‬ ‫مفوضًا عا ًما ثم رئي ً‬
‫مسيرته العاصفة كزعيم عمالي من الصراع الصناعي المضطرب في ثمانينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫لم يبدو بودري كزعيم عمالي ‪.‬كان نحيفًا ومتوسط القامة‪ ،‬وكان شعره بن ًيا فات ًحا ممو ًجا؛ شارب أشقر‬
‫متدلي وعيون زرقاء خفيفة ذات نظارة طبية ‪.‬كان يرتدي مالبس تقليدية وجيدة‪ ،‬وكان زيه المعتاد‬
‫عبارة عن معطف من القماش العريض مزدوج الصدر‪ ،‬وياقة واقفة‪ ،‬وربطة عنق عادية‪ ،‬وسروال‬
‫داكن‪ ،‬وأحذية صغيرة ضيقة ‪.‬وكانت أخالقه رسمية ومهذبة‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪135‬‬
‫‪ ،‬تعطي كل مظهر من مظاهر رجل التهذيب والتهذيب ‪.‬علق جون سوينتون‪ ،‬الصحفي العمالي‪" ،‬يأخذ‬
‫رجاال يشبهون بودريلي‪ ،‬لشعرائهم ومجدفي الجندول والفالسفة واألبطال الذين‬ ‫ً‬ ‫الروائيون اإلنجليز‬
‫وقعوا في الحب‪ ،‬لكن لم يرسم أحد أبدًا رجالً بمظهر كزعيم مليون من العمال ‪". -‬أبناء الكدح بقبضة‬
‫اليد"‪.‬‬
‫لقد كان متشددًا‪ ،‬ومتشددًا تقري ًبا من وجهة نظره ‪.‬كان ممتنعًا تما ًما عن الشرب‪ ،‬وكان يحارب بال‬
‫انقطاع الصالون ولم يكن لديه سوى القليل من التسامح مع أولئك الذين يحبون الشرب ‪.‬في حين أنه ألهم‬
‫المودة والوالء بين أتباعه‪ ،‬إال أنه لم يكن أبدًا من السهل االختالط أو في المنزل في التجمعات العمالية ‪.‬‬
‫كان يتمتع بروح الدعابة الخاصة به‪ ،‬كما هو موضح في كتابات سيرته الذاتية‪ ،‬لكن لم يكن هناك عطاء‬
‫طبيعي تجاه الرجل‪.‬‬
‫عند توليه منصبه بصفته ‪ ،Grand Master Workman‬قام بعمل يوماني في بناء عضوية‬
‫فرسان العمل ‪.‬لقد كان متحدثًا بليغًا ومقنعًا وكاتب رسائل ال يعرف الكلل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬حتى في هذه األيام‬
‫األولى من الحماس‪ ،‬لم يكرس نفسه أبدًا للحركة العمالية بالتفاني المخلص لزعيم مثل ويليام سيلفيس ‪.‬‬
‫لقد احتج باستمرار على أن اهتماماته األخرى لم تسمح له بتخصيص وقت كامل لوظيفته ككبير عمال‪،‬‬
‫وفي بعض األحيان اشتكى بفظاظة من أن صحته (التي‪ ،‬في الواقع‪ ،‬لم تكن جيدة جدًا على اإلطالق )لم‬
‫تكن مساوية للمطالب الثقيلة ‪.‬يجري عليه ‪.‬لم يكن مستا ًء من الطلبات المتواصلة له أن يتكلم فحسب‪ ،‬بل‬
‫مع شعوره بأهميته الخاصة بأن الوقت لن يتضاءل‪ ،‬أصر على أنه عندما يتحدث‪ ،‬يجب أن يكون في‬
‫ظروف مناسبة لمنصبه الرفيع في النظام‪.‬‬
‫"لن أتحدث في أي نزهات"‪ ،‬كتب ذات مرة بغضب في مجلة العمل المتحد" ‪.‬عندما أتحدث عن‬
‫مسألة العمل‪ ،‬أريد االهتمام الفردي من المستمعين وأريد هذا االهتمام لمدة ساعتين على األقل وفي‬
‫هاتين الساعتين ال أستطيع إال أن ألخص ذلك ‪.‬في نزهة حيث ‪. . .‬الفتيات وكذلك األوالد يشربون‬
‫البيرة ‪.‬ال أستطيع التحدث على اإلطالق ‪. ...‬إذا وصل األمر إلى أذني فقد تم اإلعالن عني للتحدث في‬
‫النزهات ‪ . ...‬سأفضل توجيه االتهامات إلى المخالفين بسبب جعل الرئيس التنفيذي لألمر عرضة‬
‫للسخرية‪. . . ".‬‬
‫على الرغم من موقفه األول ‪ ،‬أو ربما بسببه‪ ،‬لم يكن هناك من ينكر مهارته كمنظم‪ ،‬في حين أن‬
‫تعامله المتمكن مع النزاع مع الكنيسة الكاثوليكية كان مسؤوالً إلى حد كبير عن شفاعة الكاردينال‬
‫جيبونز لدى البابا لصالح الفرسان ‪. .‬لقد كان أيضًا‬
‫‪136‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫أستاذًا سابقًا في سياسات العمل وقام ببناء آلة شخصية مكنته من الحفاظ على سيطرة وثيقة على‬
‫الجمعية العامة خالل هذه السنوات من النمو والتوسع ‪.‬كانت هناك أوقات أعلن فيها أنه ال يوجد شيء‬
‫يريده أكثر من تسليم منصبه لشخص آخر‪ ،‬لكن هذا لم يمنعه من التصدي بقوة ألي معارضة لسياساته‪،‬‬
‫وشن هجمات حادة على خصومه‪ ،‬والتشبث بقوة بسياساته ‪.‬مكتب‪.‬‬
‫كانت أفكار ونظريات باودرلي متوافقة بشكل وثيق مع األهداف الكامنة لفرسان العمل كما تم التعبير‬
‫عنها في مبادئهم األولى األصلية ‪-‬وكان لديهم نفس النطاق المثالي واإلنساني على نطاق واسع‬
‫بدال من العمل االقتصادي المباشر‪ ،‬لكن لم يكن من‬ ‫والمتناقض في كثير من األحيان ‪.‬كان يؤمن بالتعليم ً‬
‫الواضح دائ ًما ما الذي كان يثيره ‪.‬لقد كان معتادًا على نطق عموميات غامضة‪ ،‬مرتد ًيا عبارات بليغة‬
‫للغاية ‪.‬‬
‫وأعلن في إحدى المناسبات أن "فرسان العمل أعلى وأعظم من الحزب" ‪".‬أمامها مستقبل أنبل من‬
‫ذلك الذي يتمسك بوجودها وسط الضغينة والصراع الحزبي ‪. . . .‬إننا نسعى ونعتزم تجنيد رجال كل‬
‫مجتمع‪ ،‬ومن كل حزب‪ ،‬وكل دين‪ ،‬وكل أمة في الحملة الصليبية التي بدأناها ضد هذين الوحوش التوأم‪،‬‬
‫الطغيان واالحتكار؛ وفي تلك الحملة الصليبية أحرقنا الجسور خلفنا؛ لقد شطبنا من قاموسنا تلك الكلمة‬
‫التي تفشل؛ ونحن نهدف إلى ترسيخ الحقوق الكاملة لإلنسان في جميع أنحاء العالم‪. . . ".‬‬
‫كان التعاون هو الوسيلة التي كان يأمل من خاللها على ما يبدو في تحقيق هذه األهداف المثالية ‪.‬‬
‫وفي بعض األحيان بدا أنه مستعد للتركيز بشكل كبير على بعض اإلصالحات األخرى ‪.‬وقال أمام الجمعية‬
‫العامة في عام " ‪ 1882:‬في رأيي‪ ،‬فإن السؤال الرئيسي الذي يستحوذ على اهتمام الساعة هو مسألة‬
‫األرض ‪. . . .‬أعطني األرض‪ ،‬ويمكنك صياغة أي عدد تريده من قوانين الثماني ساعات‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يمكنني أن أربكها جميعًا وأجعلها الغية وباطلة »‪.‬كما دفعته حماسته لالعتدال إلى التأكيد على هذه‬
‫الحملة" ‪.‬أحيانًا أعتقد أن هذه هي القضية الرئيسية"‪ ،‬كتب بينما كان منخر ًطا في إحدى هجماته الدورية‬
‫على "بائع الروم "و"شارب الروم ‪".‬ولكن عاجالً أم آجالً سيعود إلى التعاون باعتباره الحل النهائي‬
‫لمشاكل العمل‪.‬‬
‫أصبح فرسان العمل نشطين للغاية في مشاريع مختلفة على هذا المنوال ‪.‬أنشأت العديد من جمعيات‬
‫المقاطعات تعاونيات للمستهلكين والمنتجين‪ ،‬بلغ عددها حوالي ‪135‬تعاونية‪ ،‬كما‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪137‬‬
‫قامت المنظمة الوطنية نفسها بشراء وتشغيل منجم للفحم لفترة من الوقت في كانيلبورج بوالية إنديانا ‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن هذه المشاريع‪ ،‬سواء في مجال التعدين أو التعاون أو تصنيع األحذية أو الطباعة أو‬
‫غيرها من الصناعات‪ ،‬فشلت عمو ًما لنفس األسباب التي أدت إلى فشل معظم التجارب السابقة على طول‬
‫هذه المشاريع ‪.‬لم يكن فرسان العمل في صور أكثر نجا ًحا من اتحاد العمال الوطني في مواجهة منافسة‬
‫المشاريع الخاصة‪ ،‬أو تأمين أموال رأس المال الالزمة لتوسيع مشاريعهم‪ ،‬أو في تزويدهم باإلدارة‬
‫الفعالة‪.‬‬
‫دورا مه ًما في االنهيار‬
‫ً‬ ‫فشلهم‬ ‫ولعب‬ ‫ريع‬ ‫المشا‬ ‫هذه‬ ‫في‬ ‫كبير‬ ‫حد‬ ‫إلى‬ ‫أموالهم‬ ‫تتبدد‬ ‫أن‬ ‫المقرر‬ ‫من‬ ‫كان‬
‫النهائي للنظام ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬تشبث باودرلي بقناعته بأن التعاونيات تمثل الطريقة الوحيدة التي يمكن من‬
‫خاللها للعمال أن يؤسسوا العمل الحر الذي كان بمثابة خالصهم النهائي‪.‬‬
‫قال أمام الجمعية العامة في عام " ‪1880:‬إن التعاون ‪...‬هو الذي ينبغي أن تتجه إليه عيون العمال‬
‫والعامالت في العالم‪ ،‬وعلى التعاون يجب أن تتمحور آمالهم ‪. . . .‬ال يوجد سبب وجيه يمنع العمال‪ ،‬من‬
‫خالل التعاون‪ ،‬من امتالك وتشغيل المناجم والمصانع والسكك الحديدية ‪. . . .‬وبالتعاون وحده يمكن‬
‫إنشاء نظام استعمار يمكن فيه للبشر أن يتحدوا م ًعا لغرض تأمين أكبر قدر من الخير ألكبر عدد‪ ،‬ووضع‬
‫الرجل الذي يرغب في الكدح في منزله الخاص ‪.‬لقد شبه الحركة بالثورة وبعد فترة طويلة من تخلي‬
‫الفرسان عنها‪ ،‬استمر في تأكيد إيمانه باإلنشاء النهائي للكومنولث التعاوني ‪.‬وكتب بعد سنوات في‬
‫سيرته الذاتية "الطريق الذي سلكته " ‪":‬إن إيماني بأن التعاون سوف يحل ذات يوم محل نظام األجور‬
‫‪ ،‬ال يزال ثابت ًا‪".‬‬
‫سا‬
‫على الرغم من أن هذه األهداف طويلة المدى كانت هي اهتمامه الحقيقي‪ ،‬إال أنه بصفته رئي ً‬
‫للجماعة‪ ،‬كان عليه أن يتعامل مع قضايا فورية وعملية مثل تقليل ساعات العمل واألجور األعلى ‪-‬وهي‬
‫األهداف التي كان الفرسان أنفسهم مهتمين بها أكثر بكثير ‪.‬أثار هذا مسألة اإلضرابات ‪.‬كرجل سالم‬
‫مثالي‪ ،‬عارضهم بودريلي ‪.‬وكتب في عام " ‪1883:‬إن االتجاه السائد في العصر هو التخلص من‬
‫اإلضرابات" ‪".‬لقد أثبتت التجربة أن هذا العالج مكلف للغاية بالنسبة لصاحب العمل والموظف ‪".‬وقد‬
‫تفاخر الح ًقا قائالً" ‪:‬لم أأمر ولو مرة واحدة خالل فترة عملي في منصب الجنرال ماستر وركمان التي‬
‫دامت أربعة عشر عا ًما باإلضراب ‪".‬ولكن لعل أعظم نقاط ضعفه تكمن في موقفه من هذه القضية‬
‫الحيوية المتعلقة بثمانينيات القرن التاسع عشر ‪.‬كما دخل فرسان العمل مراراً وتكرارا ً‬
‫‪138‬‬ ‫‪LAB&K IN AMERICA‬‬
‫متورطين في اإلضرابات‪ ،‬سواء بموافقة أو بدون موافقة الهيئة اإلدارية‪ ،‬كان لدى ‪Grand Master‬‬
‫‪Workman‬مسؤولية في دعمهم وهو ما لم يستطع تجنبه ‪.‬كانت هناك أوقات قام فيها باودرلي بذلك‬
‫ً‬
‫خجوال جدًا‬ ‫بشجاعة على الرغم من اقتناعه الداخلي بعدم جدوى هذه األمور‪ ،‬ولكن في حاالت أخرى بدا‬
‫لدرجة أنه كان مستعدًا إلبرام أي نوع من التسوية مع أصحاب العمل ‪.‬وكثيرا ما أدى موقفه المتذبذب إلى‬
‫االرتباك‪ ،‬وكسر جبهة العمال الموحدة التي كان من الممكن أن تقود اإلضرابات إلى نجاح حقيقي في ظل‬
‫قيادة أكثر صراحة‪.‬‬
‫كان باودرلي إنسان ًيا في جوهره‪ ،‬وكان يفكر في االرتقاء العام بالطبقة المنتجة إلى مستوى أعلى في‬
‫المجتمع المعاصر ‪.‬وكتب الحقًا في سيرته الذاتية« ‪:‬لو كان لي الحق في أن أعطي نفسي اس ًما‪ ،‬لكنت‬
‫أسميته المعادل ‪ ».‬ال شيء يمكن أن يصور بوضوح نفاد صبره تجاه األهداف المباشرة قصيرة المدى‬
‫التي أثارت اهتمام الغالبية العظمى من العمال في قبولهم المتزايد لوضعهم كأجراء‪.‬‬
‫مثيرا للشفقة لموقفه" ‪.‬الضربات المعارضة والضرب‬ ‫"فقط فكر في األمر "!لقد كتب ذات مرة شر ًحا ً‬
‫دائ ًما ‪ . . . .‬أقاتل بقلمي في الصحف والمجالت الرائدة اليوم من أجل األشياء العظيمة التي نقوم بتثقيف‬
‫الناس عليها ونقاتل بقوة وقوة من أجل األشياء الصغيرة ‪.‬لقد احتفظ بي نظامنا في منصبي الحالي بسبب‬
‫السمعة التي اكتسبتها في األمة بشكل عام من خالل اتخاذ مواقف عالية بشأن المسائل الوطنية المهمة‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن العنصر التجاري في نظامنا كان يبقيني دائ ًما مشغوالً بقاعدة أعمال التقيؤ ‪.‬األرض التي‬
‫يدوسونها"‪.‬‬

‫وعندما ضربت األوقات الصعبة البالد مرة أخرى في ثمانينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫تخفيضات واسعة النطاق في األجور والبطالة في النمط التقليدي للدورة االقتصادية‪ ،‬انخرط فرسان‬
‫العمل في اإلضرابات التي كانت تهدف في البداية إلى تعزيز نموهم المذهل ثم التعجيل تراجعهم‬
‫التدريجي ‪.‬كان من المقرر تجربة البودرة ووجد أنها ناقصة ‪.‬لكن صعود النظام النبيل والمقدس وانهياره‬
‫النهائي كانا في الواقع بسبب قوى اقتصادية واجتماعية خارجة عن سيطرته‪.‬‬
‫بينما سعى العمال المضطربون إلى مكافحة ابتزازات أصحاب العمل الذين يحاولون تقليل تكاليف‬
‫التشغيل‪ ،‬كانت هناك إضرابات في ‪1883-1884‬من قبل نقابات عمال الزجاج ‪ ،‬ومشغلي التلغراف‪،‬‬
‫وغزالي القطن في فال ريفر‪ ،‬وصانعي األحذية في فيالدلفيا ونساجي السجاد‪ ،‬وعمال المناجم في كل من‬
‫بن‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪139‬‬
‫سيلفانيا وبنسلفانيا ‪.‬وادي هوكينغ في والية أوهايو‪ ،‬وصانعي الحديد في تروي ورجال المتاجر في‬
‫دورا رئيس ًيا ‪.‬‬
‫يونيون باسيفيك ‪.‬شارك فرسان العمل في كل من هذه اإلضرابات ولعبوا في أربعة منها ً‬
‫األمر األكثر أهمية هو أنه في حين تم سحق اإلضرابات األخرى من قبل أرباب العمل ‪ ،‬فإن تلك التي‬
‫شارك فيها الفرسان بشكل أكثر نشا ًطا أدت‪ ،‬مع استثناء واحد‪ ،‬إلى انتصارات للعمال ‪.‬وكانت أهم هذه‬
‫اإل ضرابات هي إضراب عمال السكك الحديدية‪ ،‬الذين نجحوا في إجبار يونيون باسيفيك على إعادة‬
‫تخفيض األجور طوال فترة الغرامة‪.‬‬
‫كان انتصار العمال في هذا اإلضراب يرجع في جزء كبير منه إلى القيادة العدوانية لجوزيف ر ‪.‬‬
‫بوكانان‪ ،‬وهو محرض عمالي متشدد انضم إلى الفرسان في عام ‪1882.‬وكان بوكانان منق ًبا في‬
‫كولورادو‪ ،‬وكان يجسد الغرب الجديد ‪-‬الغرب الكبير‪ ،‬نوع خشن ومستبد من الرجل ‪.‬كان نجاحه في‬
‫قيادة إضراب أصحاب المتاجر يرجع في المقام األول إلى خلق شعور بالوحدة بين العمال من خالل تنظيم‬
‫جمعية حماية موظفي اتحاد المحيط الهادئ وما تال ذلك من تأسيس الجمعيات المحلية لفرسان العمل‪.‬‬
‫بعد عام من قضية يونيون باسيفيك‪ ،‬اندلع إضراب آخر لعمال السكك الحديدية على الخطوط التي‬
‫تشكل ما يسمى بالنظام الجنوبي الغربي ‪-‬ميسوري باسيفيك؛ ميسوري‪ ،‬كانساس وتكساس؛‬
‫والواباش ‪.‬لم يكد يبدأ األمر من خالل توقفات عفوية عن العمل حتى سارع بوكانان إلى مكان الحادث‪،‬‬
‫كممثل لجمعيات فرسان العمل في خطوط السكك الحديدية الغربية‪ ،‬وكرر نجاحه السابق في اتحاد المحيط‬
‫الهادئ من خالل تنظيم العمال الساخطين في نظام الجنوب الغربي في المجالس المحلية ‪.‬وبدعم من‬
‫عمال القطارات‪ ،‬تمكن عمال الورشة المضربون من تشكيل جبهة قوية تمكنوا من تحقيق مطالبهم مرة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫هذه االنتصارات‪ ،‬التي كانت مفاجئة للغاية في ضوء التجربة الكارثية إلضرابات السكك الحديدية في‬
‫عام ‪ ، 1877‬عادت إلى رصيد فرسان العمل وبدأت هيبتهم في االرتفاع على الرغم من أن المجالس‬
‫المحلية فقط هي التي شاركت حتى اآلن في اإلضرابات ‪.‬ولكن تم تحقيق نجاح أكثر إثارة بعد ذلك بقليل‬
‫في عام ‪ 1885‬عندما اصطدم النظام النبيل والمقدس بشكل مباشر‪ ،‬نتيجة لمزيد من النزاعات حول‬
‫واباش‪ ،‬مع جاي جولد‪ ،‬الممول القوي والماهر وعديم الضمير الذي سيطر على النظام الجنوبي الغربي‬
‫بأكمله ‪. .‬ال ‪.‬بدأ واباش في أبريل ومايو بتسريح أصحاب المتاجر الذين كانوا أعضاء في فرسان‬
‫‪140‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫العمل فيما بدا أنه جهد حازم لكسر النقابات المحلية ‪.‬دعا مجلس المنطقة الذي تم تنظيمه في العام‬
‫السابق في موبرلي بوالية ميسوري على الفور إلى اإلضراب وطلب المساعدة من المقر الوطني ‪.‬كان‬
‫المجلس التنفيذي ال يزال يسعى إلى الحفاظ على سياسة عامة لمكافحة اإلضراب‪ ،‬لكنه اضطر إلى‬
‫االعتراف بأن وجود النظام ذاته كان على المحك في هذا التحدي الذي يواجه تنظيم عمال السكك‬
‫الحديدية ‪.‬وعندما رفضت شركة ‪Wabash‬بصراحة وقف عمليات تسريح العمال‪ ،‬شعر مجلس اإلدارة‬
‫بالتالي بأنه مدفوع التخاذ اإلجراءات الالزمة ‪.‬تم إصدار أوامر لجميع فرسان العمل الذين ما زالوا‬
‫يعملون في واباش بالخروج‪ ،‬وتم توجيه تعليمات ألولئك الموجودين على السكك الحديدية األخرى في‬
‫النظام الجنوبي الغربي وفي يونيون باسيفيك بعدم التعامل مع أي عربة واباش ‪.‬استجاب العمال‬
‫بحماس ‪.‬تم إيقاف القطارات وفصل السيارات و"قتل "المحركات وانتشر التخريب على نطاق واسع‪،‬‬
‫مما أدى في بعض الحاالت إلى الفوضى والعنف‪ ،‬في جميع أنحاء الجنوب الغربي ‪.‬‬
‫التهديد الذي يتعرض له نظام النقل بأكمله‪ ،‬والذي بدا أن الفرسان قوي بما يكفي لربطه بالكامل‪،‬‬
‫أجبر غولد على التفكير في التوصل إلى شروط ‪.‬عُقدت سلسلة من المؤتمرات في نيويورك واستمتعت‬
‫البالد بالمشهد المذهل إلدارة أحد أعظم أنظمة السكك الحديدية في البالد وهي تتفاوض مع المجلس‬
‫التنفيذي لمنظمة عمالية وطنية ‪.‬لم يحدث شيء مثل ذلك من قبل ‪.‬وعالوة على ذلك كانت النتيجة‬
‫التفاهم ‪.‬وافق غولد على إنهاء جميع أشكال التمييز ضد فرسان العمل على الخطوط التي يسيطر عليها‪،‬‬
‫حيث قيل إنه أصبح يؤمن بالنقابات العمالية ويتمنى أن يتم تنظيم جميع موظفيه في السكك الحديدية ‪.‬‬
‫ألغى باودرلي اإلضراب ووعد بعدم السماح بأي صفحات توقف عمل أخرى حتى يتم عقد مؤتمرات مع‬
‫مسؤولي السكك الحديدية‪.‬‬
‫صحيفة سانت لويس كرونيكل بدهشة" ‪:‬انتصار واباش مع الفرسان" ‪" .‬لم يتم تحقيق مثل هذا‬
‫النصر من قبل في هذا البلد أو في أي بلد آخر"‪.‬‬
‫بالنسبة لعمال البالد عمو ًما‪ ،‬كان استسالم غولد الواضح بمثابة إشارة الندفاع ساحق لالنضمام إلى‬
‫منظمة أثبتت أنها قوية جدًا ‪.‬خالل األشهر القليلة التالية‪ ،‬تم تشكيل المزيد من المجالس المحلية لفرسان‬
‫العمل مقارنة بالسنوات الستة عشر الماضية ‪.‬وجاءت العضوية الجديدة إلى حد كبير من العمال غير‬
‫المهرة أو شبه المهرة في السكك الحديدية والمناجم وصناعات اإلنتاج الضخم‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪141‬‬
‫‪ ،‬مما أدى بشكل خاص إلى تعزيز ما يسمى بالتجمعات المختلطة ‪.‬لكن جميع المهن والمهن كانت ممثلة‬
‫بما في ذلك العديد من األشخاص الذين لم يكونوا من العاملين بأجر على اإلطالق ‪-‬المزارعين وأصحاب‬
‫المتاجر وصغار أصحاب العمل ‪-‬بينما انضمت أيضًا آالف النساء والزنوج إلى النظام ‪.‬بين ‪1‬يوليو‬
‫‪1885‬و ‪30‬يونيو ‪ ،1886‬ارتفع عدد الجمعيات المحلية من ‪1610‬إلى ‪5892‬وارتفع إجمالي العضوية‬
‫من حوالي ‪100000‬إلى أكثر من " ‪700000.‬لم يحدث في التاريخ كله‪" ،‬هكذا تهلل محرر إحدى‬
‫الصحف العمالية‪" ،‬لم يكن هناك مشهد مثل مسيرة فرسان العمل في الوقت الحاضر‪".‬‬
‫كبيرا جدًا لدرجة أن المنظمين الذين تعرضوا للمضايقة وجدوا أنفسهم ينشئون أعضاء‬ ‫كان التدفق ً‬
‫جدد بسرعة كبيرة لدرجة أنهم فقدوا السيطرة تما ًما على الوضع واضطروا لبعض الوقت إلى تعليق‬
‫تشكيل جمعيات جديدة ‪.‬لم يكن هناك شك في أن النظام كان يتوسع بسرعة كبيرة جدًا ‪.‬صرح باودرلي‬
‫الحقًا أن " ما ال يقل عن أربعمائة ألف جاءوا بدافع الفضول وتسببوا في أضرار أكثر من نفعها ‪".‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬في ربيع عام ‪ ،1886‬بدا أن فرسان العمل قد سيطروا على الحركة العمالية بأكملها وأصبحوا‬
‫أقوياء تقري ًبا‪.‬‬
‫وساهمت الشائعات الجامحة في تضخيم النمو المذهل الذي حدث بالفعل ‪.‬قيل أن عدد األعضاء يبلغ‬
‫حوالي ‪2.500.000‬مع صندوق حرب قدره ‪12.000.000‬دوالر ‪.‬واستحضرت الصحافة المحافظة‬
‫االحتمال المخيف المتمثل في سيطرة النظام بالكامل على البالد ‪.‬وكان من المتوقع أن يعين الرئيس‬
‫المقبل‪ ،‬أو حتى ما هو أكثر خوفا هو أنه سيطيح بالنظام االجتماعي برمته‪.‬‬
‫وجاء في مقال نشرته صحيفة نيويورك صن أن «خمسة رجال في هذا البلد يسيطرون على المصالح‬
‫الرئيسية لخمسمائة ألف عامل‪ ،‬ويمكنهم في أي لحظة أن يأخذوا وسائل العيش من مليونين ونصف‬
‫مليون نسمة ‪ .‬هؤالء الرجال يشكلون المجلس التنفيذي للنظام النبيل لفرسان العمل في أمريكا ‪. . .‬‬
‫يمكنهم الحفاظ على اللمسة الذكية لكل مشغل تلغراف تقريبًا؛ يمكن أن يغلق معظم المطاحن والمصانع‪،‬‬
‫ويمكن أن يعطل السكك الحديدية ‪.‬يمكنهم إصدار مرسوم ضد أي سلع مصنعة حتى يتوقف رعاياهم عن‬
‫شرائها‪ ،‬ويتوقف التجار عن بيعها ‪.‬يمكنهم أن يحشدوا العمال ضد رأس المال‪ ،‬ويضعوا العمال في‬
‫موقف هجومي أو دفاعي‪ ،‬من أجل حماية ذاتية هادئة وعنيدة‪ ،‬أو من أجل هجوم منظم وغاضب كما‬
‫يريدون‪.‬‬
‫قيصرا مطلقًا للعمال‪ ،‬ويحكم أتباعه بـ‬
‫ً‬ ‫سا لهذه المنظمة القوية‪ ،‬قيل إن باودرلي أصبح‬ ‫بصفته رئي ً‬
‫"القدر‬
‫‪142‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫والسرية ‪".‬في الواقع كان غار ًقا في التوسع غير المنضبط للنظام والمسؤولية الهائلة التي ألقيت عليه‬
‫فجأة ‪.‬وعلق بأسى ً‬
‫قائال« ‪:‬المنصب الذي أشغله أكبر من أن يتسع لعشرة رجال ‪.‬إنها بالتأكيد كبيرة جدًا‬
‫بالنسبة لي‪. . . .‬‬
‫لكن الجمهور رأى في فرسان العمل منظمة منضبطة ومنضبطة بشكل وثيق ويمكنها على ما يبدو‬
‫الفوز في أي منافسة ضد أصحاب العمل الذين قدموا لهم دع ًما قويًا ‪.‬كان فرسان العمل في ذروة هيبتهم‬
‫المذهلة‪.‬‬
‫في كل مكان كان العمال يغنون‪:‬‬

‫الماليين من الكادحين يستيقظون اآلن —شاهدهم يسيرون؛‬


‫كل الطغاة اآلن يرتجفون قبل أن تنتهي قوتهم‪.‬‬

‫جوقة‪:‬‬
‫اقتحموا الحصن يا فرسان العمل‪،‬‬
‫حاربوا من أجل قضيتكم؛‬
‫حقوق متساوية لكل جار –‬
‫تسقط قوانين الطاغية!‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإن نطاق االنتصارات المبكرة كان يحمل بذور االنحالل ‪.‬لقد ذهب النجاح إلى رأس‬
‫الفرسان ‪.‬وعلى الرغم من أن مجلة حزب العمل المتحد حذرت من الخطر المتمثل في أنه "في حالة‬
‫كبيرا‬
‫الفرح الزائد‪ ،‬قد يتخيل أعضائنا أنفسهم ال يقهرون"‪ ،‬وأعلن المجلس التنفيذي بوضوح أن عددًا ً‬
‫للغاية من اإلضرابات كان يجري في نفس الوقت‪ ،‬إال أن التصنيف ولم يتم تقييد العمال والملفات ‪.‬إن‬
‫العضوية الضخمة غير العملية في النظام لم تعترف بأي رقابة تأديبية ولم يكن لديها أي شعور‬
‫بالمسؤولية ‪ .‬من خالل االستفادة القصوى مما كان يعتقد أنه نقاط ضعف في الصناعة‪ ،‬واصل العمال‬
‫الضغط على مطالبهم على أصحاب العمل واالعتماد على األمر في دعمهم ‪.‬ومن هذا الوضع كانت ستأتي‬
‫سلسلة متتالية من الهزائم‪ ،‬التي كانت محبطة للفرسان بقدر ما كانت انتصاراتهم األصلية تحاكيهم ‪.‬‬
‫نتجت النكسة األولى عن إضراب آخر من جانب‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪143‬‬
‫عمال السكك الحديدية في النظام الجنوبي الغربي ‪.‬كان موظفو ميسوري باسيفيك وميسوري وكانساس‬
‫وتكساس ال يزالون غير راضين ‪.‬لقد كانوا على استعداد لإلضراب دع ًما ألصحاب المتاجر في واباش في‬
‫عام ‪ ، 1885‬ومع أفكار مبالغ فيها للغاية حول قوة فرسان العمل‪ ،‬كانوا يبحثون عن ذريعة في الربيع‬
‫التالي لالنسحاب للمطالبة بأجور أعلى ‪.‬عندما تم فصل رئيس عمال فرسان العمل على سكك حديد‬
‫تكساس والمحيط الهادئ‪ ،‬دعا رئيس العمال في جمعية المنطقة رقم ‪ ،1‬وهو زعيم محلي يدعى مارتن‬
‫آيرونز‪ ،‬على الفور إلى اإلضراب دون انتظار أي تصريح رسمي ‪.‬وسرعان ما انتشر من تكساس‬
‫والمحيط الهادئ إلى العمال على الخطوط األخرى‪.‬‬
‫وجاء في إحدى النداءات الفصيحة" ‪:‬أخبر العالم أن رجال نظام غولد الجنوبي الغربي مضربون عن‬
‫العمل" ‪".‬إننا نضرب من أجل تحقيق العدالة ألنفسنا وإلخواننا من البشر في كل مكان ‪.‬لقد خرج أربعة‬
‫عشر ألف رجل ‪ ...‬اجمع كل مظالمك في حزمة واحدة في وقت واحد‪ ،‬واخرج إلى رجل‪ ،‬وابق بالخارج‬
‫حتى تتم تسويتها جمي ًعا لك بالكامل ‪.‬الرضا‪.‬دعونا نطالب بحقوقنا ونجبر المستغلين على االستجابة‬
‫لمطالبنا ‪..‬‬
‫كانت مثل هذه المطالب الباهظة هي كل ما احتاجه غولد ومسؤولو السكك الحديدية التي كان يسيطر‬
‫عليها إلقناعهم بوجوب سحق فرسان العمل ‪.‬ال يوجد سبب لالعتقاد بأن غولد كان يفضل االنضمام إلى‬
‫النقابات على اإلطالق ‪.‬انسحب في عام ‪1885‬فقط لجمع القوة لهجوم مضاد في عام ‪1886.‬في الواقع‪،‬‬
‫اتهم باودرلي الحقًا إدارة تكساس والمحيط الهادئ بالتحريض على اإلضراب الجديد‪ ،‬مما أجبر آيرونز‬
‫في الواقع على استدعاء الرجال ضد إرادته ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد قاتلت خطوط السكك الحديدية الجنوبية‬
‫الغربية اآلن المضربين بكل األسلحة المتاحة لهم ‪.‬عندما قام العمال مرة أخرى بفصل السيارات وقتل‬
‫المحركات‪ ،‬استأجرت اإلدارة مفسدي اإلضراب وحراس بينكرتون‪ ،‬وناشدت حاكم الوالية توفير الحماية‬
‫العسكرية ‪.‬هذه المرة لم تكن هناك تنازالت وال تنازالت‪.‬‬
‫شعر بودري بأنه في وضع مستحيل ‪.‬ولم يوافق على اإلضراب وال عالقة له بالدعوة إليه‪ ،‬لكنه وجد‬
‫نفسه مته ًما من قبل السكك الحديدية بانتهاك التعهد الذي قطعه على نفسه بعدم السماح بأي توقف عن‬
‫العمل دون مؤتمرات سابقة ‪.‬لقد بحث عن جولد وحاول إيجاد أساس للتسوية التي يمكن أن يقبلها‬
‫المضربون ‪.‬لكن قطب السكك الحديدية لم يعد لديه أي فكرة عن التفاوض مع الفرسان وكانت المحادثات‬
‫عقيمة على اإلطالق‪.‬‬
‫‪144‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وفي هذه األثناء‪ ،‬كانت األمور تسير بشكل سيء بالنسبة للعمال ‪.‬تم اإلبالغ عن أن حوالي ‪3000‬فقط‬
‫من أصل ‪48000‬موظف في نظام جولد قد خرجوا بالفعل‪ ،‬وفي معاركهم مع الجرب‪ ،‬تم القضاء عليهم ‪.‬‬
‫وكان الرأي العام أيضا ضدهم ‪.‬أعلنت صحيفة األمة " ‪:‬إنهم‪ ،‬في الواقع ‪ ،‬يحاولون إدخال حق جديد إلى‬
‫المجتمع الحديث ‪-‬وهو الحق في العمل لدى أشخاص ال يريدونك وال يستطيعون دفع ما تطلبه ‪".‬وكانت‬
‫هناك إدانة عامة لـ " المقاومة العنيفة من قبل المضربين لمزاولة العمل من قبل أي شخص غير‬
‫أنفسهم‪".‬‬
‫أخيرا‪ ،‬مع رفض السكك الحديدية جميع االمتيازات‪ ،‬ولجنة تابعة للكونجرس تحقق في اإلضراب‪،‬‬ ‫ً‬
‫وتزايد غضب الرأي العام بسبب انقطاع خدمة السكك الحديدية‪ ،‬غسل باودرلي يديه في الواقع من األمر‬
‫برمته ‪.‬لقد أدرك أهمية الجدل حول هيبة النظام النبيل والمقدس ولم يكن راغ ًبا في االستسالم لجولد‪،‬‬
‫لكنه لم ير أي طريقة يمكن من خاللها تنفيذ اإلضراب بنجاح ‪.‬وبعد ترك المسؤولية التي تهرب منها‬
‫السيد العامل الكبير‪ ،‬أفسحت المجلس التنفيذي الطريق وأمر الرجال بالعودة إلى العمل ‪.‬عانى فرسان‬
‫العمل من أول هزيمة خطيرة لهم وانهار تنظيمهم بين العمال في نظام غولد‪.‬‬
‫كان من المقرر أن تكون هناك المزيد من الهزائم حيث قام أصحاب العمل اآلخرون‪ ،‬على غرار غولد‪،‬‬
‫بتنظيم قواتهم لسحق كل انتفاضة عمالية وكسر قوة الفرسان بشكل دائم ‪.‬خالل النصف األخير من عام‬
‫‪ ،1886‬شارك حوالي ‪100.000‬من األجراء في نزاعات عمالية‪ ،‬وفي الغالبية العظمى من هذه‬
‫اإلضرابات وإغالقات العمل‪ ،‬لم تكن ناجحة على اإلطالق ‪.‬‬
‫عانى الفرسان بشدة من اإلضراب في مخازن األوراق المالية في شيكاغو ‪.‬كان يوم العمل المكون من‬
‫ثماني ساعات هو القضية المطروحة‪ ،‬ولم يرفض مصنعو تعبئة اللحوم المرتبطون به تلبية هذا الطلب‬
‫فحسب‪ ،‬بل أعلنوا أنهم لن يوظفوا بعد اآلن أ ًيا من أعضاء النظام ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬أدى اإلضراب إلى تقييد‬
‫دور التعبئة تما ًما‪ ،‬وبدا أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق تسوية عندما أمر باودرلي الرجال فجأة ودون‬
‫سابق إنذار بالعودة إلى العمل مع التهديد بسحب مواثيقهم إذا رفضوا ‪.‬كان من المقرر اتهامه بالبيع‬
‫ألصحاب العمل والتأثر بشكل غير مبرر بشفاعة كاهن كاثوليكي في هذه المناورة ‪.‬تشير روايته الخاصة‬
‫عن الحادثة إلى أن المضربين كان ال بد أن يُهزموا‪ ،‬وذلك‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪145‬‬
‫لقد اتخذ مثل هذا اإلجراء لمنع المزيد من المعاناة وإراقة الدماء المحتملة ‪.‬على أية حال‪ ،‬فقد الفرسان‬
‫السيطرة على الوضع نتيجة لموقف زعيمهم غير المنتظم ‪.‬ومع انهيار اإلضراب‪ ،‬تعرضت هيبتهم‬
‫لضربة أخرى ال يمكن عالجها‪.‬‬
‫وكان من الواضح أن المد قد تحول ‪.‬أدى الهجوم المضاد العدواني الذي شنته الصناعة‪ ،‬والتي‬
‫سارعت إلى استغالل كل فرصة‪ ،‬إلى تراجع المكاسب السابقة التي حققها العمال ‪.‬في وقت مبكر من‬
‫يوليو ‪ ،1886‬أعلن جون سوينتون أنه في حين بدا أن العصر الذهبي قد بدأ في بداية العام‪ ،‬فقد بدا‬
‫بالفعل كما لو أن العمال "قد تم خداعهم باإلرادة الخادعة " ‪.‬واآلن أصبح مقتنعا ً بذلك تماما ً " –لقد‬
‫اجتاحت قوة المال كل شيء أمامها وأثبتت تفوقها دون أي تحدي‪".‬‬
‫وتابع سوينتون" ‪:‬جاي جولد‪ ،‬قائد العدو العام‪ ،‬سحق ضربات السكك الحديدية في الجنوب الغربي‪،‬‬
‫وأعقب ذلك فشل مئات الضربات األخرى ‪. . . .‬تم إدراج رجال النقابات على القائمة السوداء من اليمين‬
‫واليسار‪ ،‬وأظهرت مؤامرة واسعة النطاق ضد فرسان العمل نفسها في العديد من المناطق ‪.‬لقد تم‬
‫تحريف القوانين ضد المقاطعة ‪.‬تم دمج بلطجية بينكرتون في جيوش صغيرة الستئجار رأس المال ‪. . . .‬‬
‫لقد تم انتهاك الحقوق الدستورية للمواطنين‪ ،‬وتم فض االجتماعات العمالية‪ ،‬وتم تهديد أوراق العمل أو‬
‫قمعها‪.‬‬

‫لم تكن الهجمات على الصناعة وما ترتب عليها من خسارة اإلضرابات هي التطورات الوحيدة التي‬
‫أدت اآلن إلى تقويض قوة فرسان العمل ‪.‬وبدا أن قيادتها أصبحت فاشلة أكثر فأكثر ‪.‬سعى باودرلي إلى‬
‫تقليل الصراعات الصناعية وتوجيه االهتمام نحو التعاونيات‪ ،‬وفقد ثقة العمال أنفسهم بشكل متزايد ‪.‬لقد‬
‫شعروا أنه لم يعد يفهم مصالحهم الحقيقية ولم يكن على استعداد لدعم مطالبهم المشروعة من أصحاب‬
‫العمل‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ما اعتبر موقفه الجبان السياسة التي اعتمدها عندما سعت النقابات الوطنية‬
‫المنتعشة‪ ،‬المرتبطة بالفعل باتحاد المهن المنظمة ونقابات العمال‪ ،‬الذي سبق االتحاد األمريكي للعمل‪،‬‬
‫في عام ‪1886‬إلى تشجيع اإلضراب العام ‪.‬لمدة ثماني ساعات في اليوم كانت بمثابة األساس ألعمال‬
‫الشغب في ساحة هايماركت ‪.‬على الرغم من أن فرسان العمل‬
‫‪146‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫فضلوا بشدة العمل بثماني ساعات في اليوم‪ ،‬إال أن باودرلي لم يربط األمر بالدعوة إلى اإلضراب ‪.‬وقال‬
‫في منشور سري« ‪:‬ال يجوز ألي تجمع أن يضرب عن العمل بنظام الثماني ساعات في األول من مايو ‪.‬‬
‫تحت االنطباع بأنهم يطيعون األوامر من المقر الرئيسي‪ ،‬ألن مثل هذا األمر لم يصدر‪ ،‬ولن يتم إصداره ‪.‬‬
‫‪. . ".‬وبدالً من هذا اإلجراء المباشر‪ ،‬اقترح أن تطلب المجالس المحلية من أعضائها كتابة مقاالت‬
‫قصيرة عن يوم العمل المكون من ثماني ساعات لنشرها في الصحافة في وقت واحد بمناسبة عيد ميالد‬
‫واشنطن ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬اعتمدت العديد من المجالس المحلية قرارات لدعم اإلضراب العام على الرغم من‬
‫حاول باودرلي ثنيهم عن ذلك‪ ،‬وعندما وصل األول من مايو‪ ،‬شارك آالف الفرسان في هذه المظاهرة‬
‫الحاشدة األولى من جانب عمال األمة للتأكيد على مطالبهم في الصناعة‪.‬‬
‫لم يكن نجاح ‪.‬وتشير التقديرات إلى أن نحو ‪340‬ألف عامل شاركوا في حركة الثماني ساعات‪ ،‬وأكثر‬
‫من نصف هذا العدد اإلجمالي خرجوا إلى اإلضراب في األول من مايو‪/‬أيار ‪.‬ولكن في حين قيل إن ‪200‬‬
‫ألف عامل حصلوا على اعتراف أصحاب العمل بيوم العمل المكون من ثماني ساعات‪ ،‬فإن مكاسبهم ثبت‬
‫أنها قصيرة األجل ‪ .‬تم اإلبالغ بحلول نهاية العام عن أن أصحاب العمل قد تراجعوا عن االمتيازات التي‬
‫شعروا مؤقت ًا بأنهم مضطرون إلى منحها للجميع باستثناء حوالي ‪15000‬عامل ‪.‬ربما كان رد الفعل‬
‫المناهض للعمال الذي أعقب قضية ساحة هايماركت مسؤوالً إلى حد كبير عن هذه الكارثة‪ ،‬ولكن كان‬
‫هناك شعور بأن فشل فرسان العمل في دعم الحركة في المقام األول كان عامالً مساه ًما مه ًما ‪.‬‬
‫عندما اجتمع فرسان العمل في مؤتمرهم في خريف عام ‪ ،1886‬كانت المظاهر ال تزال تتناقض مع‬
‫نقاط الضعف الداخلية التي كانت تؤدي إلى االنحالل ‪.‬كان انعقاد الجمعية الوطنية في ريتشموند هو‬
‫التجمع العمالي األكثر إثارة لإلعجاب الذي شهدته البالد على اإلطالق‪ ،‬وقد تم الترحيب رسم ًيا‬
‫بالسبعمائة مندوب من قبل حاكم والية فرجينيا ‪.‬لكن هذا العرض القوي لم يكن أكثر من مجرد واجهة‬
‫مشرقة ‪ ،‬وكان هناك شيء فارغ في البالغة العاطفية للمتحدثين في المجمع الذين هاجموا "سوط‬
‫الذهب "الذي كان يسقط على "ظهور الماليين ‪".‬كان فشل العديد من اإلضرابات‪ ،‬وانهيار حركة‬
‫الثماني ساعات‪ ،‬والعواقب غير السعيدة لمعظم المشاريع التعاونية‪ ،‬واآلثار الالحقة ألعمال الشغب في‬
‫ساحة هايماركت‪ ،‬إلى جانب الفجوة المتزايدة بين القادة واألعضاء‪ ،‬قد بدأ الثورة ‪.‬فرسان العمل في‬
‫حالة تراجع لن يتعافى منه أبدًا‪.‬‬
‫تم حل العديد من الجمعيات المحلية ببساطة‪ ،‬وألقت أخرى مكونة من‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪147‬‬
‫حرفيين مهرة دعمها وراء الحركة التي كانت تؤدي إلى تشكيل االتحاد األمريكي للعمل ‪.‬ألن الفرسان‬
‫كانوا بالفعل منخرطين بعمق في هذا الصراع الحاسم مع القوى الناشئة للنقابات الجديدة التي كان من‬
‫المقرر أن تكمل سقوطهم ‪.‬انخفض عدد األعضاء من ‪700000‬إلى ‪200000‬في غضون عامين ‪.‬وفي‬
‫عام ‪ ،1893‬انخفض العدد إلى ‪ 75000.‬ابتهجت الصحافة المحافظة بتفكك المنظمة التي كان يُعتقد ذات‬
‫يوم أنها تحمل مصائر الجمهورية في سلطتها ‪.‬وعلق أحد المحررين بارتياح قائالً" ‪:‬العجب الوحيد هو‬
‫أن الجنون استمر لفترة طويلة‪".‬‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬سعى قادة فرسان العمل إلى مكافحة هذا االتجاه من خالل التحول نحو النشاط‬
‫السياسي بدالً من النشاط الصناعي ‪.‬وحث باودرلي العمال على حماية مصالحهم من خالل جعل‬
‫ضغوطهم المتضافرة محسوسة "في ذلك اليوم الذي يعتبر مه ًما للمواطن األمريكي من بين جميع األيام‬
‫‪:‬يوم االنتخابات ‪".‬تم إلقاء دعم النظام خلف مرشحي العمال المحليين للمناصب السياسية في اثنتي‬
‫عشرة مدينة في خريف عام ‪ ،1886‬وقام السيد الكبير وركمان نفسه بحملة نشطة لصالح هنري جورج‬
‫وبرنامجه الضريبي الوحيد في انتخابات رئاسة البلدية في نيويورك ‪.‬ففي حين كان باودرلي ال يزال ال‬
‫يؤمن بحركة الطرف الثالث‪ ،‬فإن شعوره باإلحباط إزاء فشل العمل االقتصادي قاده أكثر فأكثر إلى‬
‫السياسة كمالذ أخير ‪.‬في عام ‪ ،1889‬كان يحث الفرسان على "رمي اإلضرابات والمقاطعة واإلغالقات‬
‫ومثل هذه اإلزعاجات في مهب الريح‪ ،‬واالتحاد في ضربة واحدة من خالل السالح التشريعي بطريقة‬
‫تؤدي إلى إذالل قوة الشركات التي تحكم الواليات المتحدة اليوم‪".‬‬
‫في المراحل األخيرة من االنحدار‪ ،‬بدأت العناصر الزراعية داخل فرسان العمل‪ ،‬والتي كانت حاضرة‬
‫دائ ًما مع قبول المزارعين في العضوية‪ ،‬في الطغيان على تأثير العمال الصناعيين ‪.‬تمت اإلطاحة‬
‫بباودرلي في عام ‪1893‬وتولى جيمس ر ‪.‬سوفيرين‪ ،‬من والية أيوا‪ ،‬منصبه كرئيس للعمال‪ ،‬والذي كان‬
‫مهت ًما حصريًا بسياسات اإلصالح‪.‬‬
‫صرح سوفرين في عام ‪1894‬في وصف وظائف النظام" ‪:‬إنها ال تقوم على مسألة تعديل األجور‪،‬‬
‫بل على مسألة إلغاء نظام األجور وإنشاء تعاونية في النظام الصناعي ‪.‬وعندما يتم إنجاز مهمتها‬
‫الحقيقية‪ ،‬سيتم تقليل الفقر إلى الحد األدنى وستنتشر األرض بالمنازل السعيدة المسالمة‪.‬‬
‫كان للكلمات صدى مألوف ‪-‬ربما نطقها سيلفيس‪ ،‬وستيفينز‪ ،‬وبودريلي نفسه ‪-‬لكن سوفرين نسي‬
‫أن تخفيف‬
‫‪148‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫نظام األجور كان بمثابة خطوة نحو إلغائه النهائي‪ ،‬وأن العمال أنفسهم توافدوا لالنضمام إلى النظام ال ‪.‬‬
‫بسب ب أهدافها النهائية الغامضة والمثالية‪ ،‬ولكن بسبب الدعم الذي اعتقدوا أنه مستعد لتقديمه مقابل‬
‫األجر الفوري ومطالب ساعات العمل ‪.‬وكانت قوة فرسان العمل تكمن في عضويتها المناضلة ‪.‬واآلن بعد‬
‫أن ابتعدت الجمعية تلو األخرى‪ ،‬عادت المنظمة إلى ما يشبه وضع المؤتمرات العمالية القديمة ‪.‬وكان‬
‫عدد قليل من الزعماء ذوي التوجهات السياسية يجتمعون من حين آلخر للحث على اتخاذ تدابير لم‬
‫يتمكنوا على اإلطالق من تنفيذها‪.‬‬

‫ً‬
‫هائال لتنظيم العمل‪ ،‬وكان‬ ‫على الرغم من نهايته المؤسفة‪ ،‬فقد أعطى النظام النبيل والمقدس زخ ًما‬
‫لنجاحاته وإخفاقاته أهمية مستمرة لنمو الحركة العمالية ككل ‪.‬ألن الفرسان قد خلقوا بالفعل تضامنًا بين‬
‫سا إال بشكل خافت قبل مجيئهم‪ ،‬وقد شكلوا تحديًا لقوة الصناعة التي كشفت كما لم‬ ‫العمال لم يكن محسو ً‬
‫يحدث من قبل عن القوة الكامنة في التنظيم ‪.‬ففي نهاية المطاف‪ ،‬كان النمو في أقل من عشرين عا ًما من‬
‫جمعية سرية صغيرة مكونة من سبعة خياطين مياومين إلى منظمة وطنية تضم سبعمائة ألف عامل في‬
‫ً‬
‫إنجازا ال يصدق تقري ًبا‪.‬‬ ‫حد ذاته‬
‫ويعود الفشل إلى اآلثار المترابطة لعدم المسؤولية من جانب األعضاء والقيادة المتعثرة؛ والمشاركة‬
‫في إضرابات سيئة التنظيم وبالتالي غير ناجحة؛ تبديد الطاقة واألموال في مشاريع تعاونية محكوم‬
‫عليها باالنهيار‪ ،‬وقبل كل شيء‪ ،‬عدم جدوى محاولة جذب العمال الصناعيين غير المهرة إلى منظمة‬
‫عمالية واحدة موحدة وما يترتب على ذلك من سحب الدعم من قبل النقابات العمالية الوطنية‪.‬‬
‫لقد أدرك بودري جيدًا قبل تقاعده النهائي أن النظام كان في خضم الحل النهائي‪ ،‬وشعر أنه مهما‬
‫أمرا ال مفر منه‪.‬‬
‫كانت أخطاء قيادته أو فضائله‪ ،‬فإن التناقضات الداخلية تجعل مصيره الوشيك ً‬
‫كتب في عام « ‪1893:‬معلّمة اإلصالحات المهمة والمطلوبة بشدة‪ ،‬كانت مجبرة على ممارسة‬
‫ممارسات مختلفة عن تعاليمها ‪.‬لقد دعت إلى التحكيم والتوفيق كخطوات أولى في النزاعات العمالية‪،‬‬
‫فقد اضطرت إلى تحمل مسؤوليات المعتدي أوالً‪ ،‬وعندما فشل األمل في التحكيم والتوفيق‪ ،‬استجدت‬
‫‪Rise and Decline of the Knights of Labor‬‬ ‫‪149‬‬
‫الطرف اآلخر للقيام بما كان يجب أن نطلبه ‪.‬في مثال بريست ‪.‬عندما نصحنا بعدم اإلضرابات‪ ،‬كنا في‬
‫وسطها ‪.‬من خالل الحث على إجراء إصالحات مهمة‪ ،‬اضطررنا إلى تخصيص وقتنا واهتمامنا للنزاعات‬
‫كثيرا ما أسيء فهمنا فيه من قبل الموظف وصاحب العمل ‪.‬على الرغم‬ ‫البسيطة حتى وضعنا في موقف ً‬
‫من أننا لسنا حزبًا سياسيًا‪ ،‬فقد اضطررنا إلى اتخاذ موقف اتخاذ إجراء سياسي‪. . . ".‬‬
‫لقد فشل فرسان العمل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان صحي ًحا أيضًا‪ ،‬كما قال باودرلي‪ ،‬أن النظام قد ترك انطباعًا‬
‫عميقًا على البالد‪ ،‬وحتى في حالة االنهيار يمكن أن يشير إلى "إنجازاته الرائعة في دفع قضية اإلنسانية‬
‫المضطهدة والمساء فهمها إلى المقدمة‪".‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬
‫‪ :IX‬االتحاد األمريكي‬
‫من العمل‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫سؤال ‪:‬هل تسعى إلى تحسين أمور البيت أوالً؟‬


‫الجواب ‪:‬نعم سيدي‪ ،‬أنظر أوالً إلى التجارة التي أمثلها ‪. . .‬مصلحة الرجال الذين‬
‫يوظفونني لتمثيل مصالحهم‪.‬‬
‫الرئيس ‪:‬كنت أسألك فقط فيما يتعلق بأهدافك النهائية ‪.‬‬
‫الشاهد ‪:‬ليس لدينا غايات نهائية ‪.‬نحن نستمر من يوم آلخر ‪.‬نحن نقاتل فقط من أجل‬
‫أهداف مباشرة‪ ،‬أشياء يمكن تحقيقها في غضون سنوات قليلة‪.‬‬

‫في هذه الشهادة التي كثيرا ما يتم االستشهاد بها والتي قدمها أدولف ستراسر‪ ،‬رئيس االتحاد الدولي‬
‫لصانعي السيجار أمام لجنة مجلس الشيوخ للتعليم والعمل في عام ‪ ،1885‬نجد جوهر الفلسفة التي قام‬
‫عليها إحياء الحركة النقابية والتي كانت مصدر إلهام لتشكيل النقابات العمالية ‪.‬االتحاد األمريكي للعمل ‪.‬‬
‫لم يكن القادة الجدد للعمل المنظم مهتمين بإصالح المجتمع من خالل إنشاء كومنولث تعاوني ‪.‬ورغم‬
‫أنهم لم يتخلوا بالكامل عن األهداف اإلنسانية المثالية ألسالفهم‪ ،‬إال أنهم كانوا يفخرون قبل كل شيء‬
‫بكونهم "رجاالً عمليين ‪".‬لقد كانوا مهتمين في المقام األول بتحسين األجور وساعات العمل وظروف‬
‫العمل ألتباعهم النقابيين في إطار النظام الصناعي القائم‪.‬‬

‫وبينما كانت النقابات العمالية الوطنية القديمة قد تفككت بالكامل تقري ًبا خالل أيام الكساد الكئيبة في‬
‫سبعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬إال أن األعوام نفسها في عام ‪150‬‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪151‬‬
‫التي شهدت الصعود الدراماتيكي لفرسان العمل وجدتهم يعودون ببطء إلى الحياة ‪.‬في بعض الحاالت‪،‬‬
‫ارتبطوا بالفرسان‪ ،‬وانضموا إلى النظام كمجمعات تجارية وطنية؛ وفي حاالت أخرى‪ ،‬ظلوا منعزلين‬
‫تما ًما وحافظوا على استقاللهم الكامل ‪.‬وبدا أن دورهم في الحركة العمالية‪ ،‬في كلتا الحالتين‪ ،‬قد طغى‬
‫عليه إلى حد كبير دور الفرسان طوال الجزء األكبر من ثمانينيات القرن التاسع عشر ‪.‬لم يدرك الجمهور‬
‫المعجب بالوحدة الواضحة وقوة النظام النبيل والمقدس أن المستقبل سيكون في أيدي النقابات العمالية‬
‫وليس في أيدي الجماهير غير المكتملة من العمال المهرة وغير المهرة الذين كان يُعتقد أنهم تحت‬
‫تصرفهم تما ًما ‪.‬من تيرينس ف‪.‬باودرلي‪.‬‬
‫إن تاريخ النقابات الوطنية خالل هذه السنوات ال يتوافق مع أي نمط محدد ‪.‬وكان انتعاشها بعد‬
‫سبعينيات القرن التاسع عشر يتسم بالمنافسة والصراع‪ ،‬وكل المناورات المعقدة للسياسات العمالية ‪.‬‬
‫لكن "النقابية الجديدة "التي كان يدور في ذهن ستراسر مع تركيزه على األهداف المباشرة والعملية‪،‬‬
‫أخذت شكلها وتبلورها تدريجيًا عندما أظهرت األحداث أن برنامج فرسان العمل كان يفشل‪.‬‬
‫لم يكن هذا النهج العملي لمشاكل العمل جديدًا تما ًما بالطبع ‪.‬لقد شددت المجتمعات التجارية األصلية‬
‫قبل نصف قرن على التنظيم على أساس حرفي بحت‪ ،‬وحماية الوظائف‪ ،‬وتحقيق أهداف صريحة مثل‬
‫زيادة األجور وساعات العمل األقل ‪.‬وكانت النقابات الوطنية في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن‬
‫التاسع عشر تهدف إلى نفس الغايات‪ ،‬وكان من الممكن العثور على السلف المباشر للبرنامج الجديد في‬
‫اتحاد مولدرز الدولي ف ي األيام التي سبقت تحول ويليام سيلفيس من النقابات العمالية إلى اإلصالح ‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان ال بد من وجود نهج جديد في كثير من النواحي تجاه المشكلة األساسية المتمثلة في‬
‫تنظيم العمل‪ ،‬والتي نتجت عن التجربة التعيسة للنقابات الوطنية خالل فترات الكساد السابقة‪.‬‬
‫ومن بين هذه النقابات‪ ،‬إحدى النقابات التي نجت بصعوبة من االنقراض الكامل هي االتحاد الدولي‬
‫لصانعي السيجار ‪.‬لقد تضاءلت عضويتها إلى ما يزيد قليالً عن حفنة قليلة عندما تولى إعادة تنظيمها‬
‫ثالثة من القادة المسلحين ‪-‬أدولف ستراسر‪ ،‬وفرديناند لوريل‪ ،‬وبشكل أكثر وضو ًحا‪ ،‬صامويل جومبرز‬
‫‪ -‬الذين تعهدوا بوضعها على قدميها مرة أخرى من خالل اعتماد ممارسات سليمة وفعالة ‪. .‬تم إنشاء‬
‫نادي محلي في نيويورك في عام ‪ ،1875‬وتولى جومبرز الرئاسة ‪ ،‬وفي عام ‪1877‬تم انتخاب ستراسر‬
‫سا لالتحاد الدولي ‪.‬فشل إضراب صانعي السيجار في نيويورك احتجا ًجا على‬ ‫رئي ً‬
‫‪152‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫نظام المصانع المستغلة للعمال بشكل كارثي في العام األخير‪ ،‬لكن الهزيمة عززت فقط تصميم مسؤولي‬
‫النقابة الجدد على تنفيذ برنامجهم ومنح صانعي السيجار منظمة يمكنها حماية مصالحهم بشكل فعال ‪. .‬‬
‫وكما كتب جومبرز‪" ،‬كان ال بد من وضع النقابات العمالية على أساس تجاري من أجل تطوير القوة‬
‫الكافية لتأمين ظروف عمل أفضل‪".‬‬
‫تم اعتماد رسوم البدء والمستحقات المرتفعة‪ ،‬إلى جانب نظام استحقاقات المرض والوفاة‪ ،‬لضمان‬
‫استقرار واستمرارية االتحاد الجديد ‪.‬إن مبدأ تكافؤ األموال‪ ،‬والذي بموجبه يمكن إصدار أمر إلى‬
‫شخص محلي يتمتع بوضع مالي قوي بتحويل جزء من احتياطياته إلى أي مواطن محلي يعاني من‬
‫ضائقة‪ ،‬تم استعارته من ممارسة النقابات العمالية البريطانية ‪.‬أعطت السيطرة المركزية للغاية للضباط‬
‫الدوليين سلطة كاملة تقريبًا على جميع النقابات المحلية وضمنت االنضباط الصارم في الترويج‬
‫لإلضرابات والدعم الكافي عندما تم التصريح بها رسميًا ‪.‬ركز صانعو السيجار بشكل كبير على‬
‫المسؤولية والكفاءة ‪.‬وفي حين أنهم كانوا على استعداد الستخدام اإلضراب باعتباره السالح األكثر‬
‫فعالية في فرض الطلب على اتفاقيات التجارة‪ ،‬إال أنه لم يتم استخدامه إال عندما استولى االتحاد على‬
‫الموارد الالزمة إلنجاحه‪.‬‬
‫كتب جومبرز عن هذه األيام في سيرته الذاتية“ ‪:‬مع إدارة ستراسر‪ ،‬بدأ عصر جديد لصانعي‬
‫السيجار ولجميع النقابات العمالية –ألن تأثير عملنا كان سيمتد بعيدًا ‪.‬كانت هناك بداية فترة من النمو‬
‫والنجاح المالي والتطور السليم لالتحاد الدولي لصانعي السيجار في أمريكا‪ ،‬وهي الفترة التي كانت فيها‬
‫اللوائح الموحدة‪ ،‬والمستحقات المرتفعة‪ ،‬ومزايا النقابة‪ ،‬وعالمة النقابة‪ ،‬واألجور األفضل‪ ،‬والعمل‬
‫األقصر ‪-‬تم تأسيس اليوم"‪.‬‬
‫تبنت نقابات أخرى هذه اإلجراءات‪ ،‬وال سيما جماعة اإلخوان المسلمين للنجارين والنجارين تحت‬
‫القيادة القديرة لبيتر ج ‪.‬ماكغو اير‪ ،‬لكن صانعي السيجار كانوا الرواد الحقيقيين وقد قاموا بإعادة‬
‫تنظيمهم بنجاح كبير لدرجة أنهم أصبحوا نموذ ًجا للنقابات الجديدة ‪.‬وقد أوضحت تجربتهم بوضوح ما‬
‫يمكن القيام به على أساس متين من االستقرار المالي والسلطة المركزية ‪.‬ولم يكن هناك أي هراء حول‬
‫العمل الحر للمنتجين‪ ،‬أو الكومنولث التعاوني‪ ،‬أو أي هدف طوباوي آخر ‪.‬وقيل بشكل قاطع" ‪:‬لقد‬
‫أجبرت الضرورة الحركة العمالية على اعتماد األساليب األكثر عملية" ‪".‬إنهم يكافحون من أجل‬
‫الحصول على أجور أعلى وساعات عمل أقل‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪153‬‬
‫… ‪.‬لن يؤدي أي مخطط مالي أو خطة ضريبية إلى تقصير ساعات العمل‪.‬‬
‫كان هذا النهج العملي بمثابة ثورة ضد مفاهيم الطبقة الوسطى لإلصالح التي بدت في الماضي‬
‫وكأنها تقود العمال إلى العديد من الطرق الجانبية غير المنتجة‪ ،‬وأيضًا ضد النظريات االشتراكية التي‬
‫اعتبرها قادة الحركة النقابية الجديدة ضارة بنفس القدر ‪.‬كان كل من ستراسر وماكغواير اشتراكيين ‪.‬‬
‫كان جومبرز في وقت من األوقات تحت تأثيرهم ‪.‬لكن األولين أصبحا يشعران باالشمئزاز من التنافس‬
‫االشتراكي واالنشقاق‪ ،‬وقد رأينا كيف أن تجربته الخاصة قلبت جومبرز ضد كل التطرف ‪.‬واقتناعا منهم‬
‫بعدم جدوى السعي إلى إنقاذ العمل من أي مصدر من هذا القبيل‪ ،‬لجأ هؤالء القادة بقوة إلى العمل‬
‫النقابي "الخالص والبسيط ‪".‬كانت فلسفتهم مبنية على الوعي باألجور وليس على الوعي الطبقي ‪.‬ولم‬
‫تكن لديهم أي فكرة عن محاولة تغيير النظام االقتصادي‪ ،‬ناهيك عن السعي إلى اإلطاحة به‪.‬‬
‫هذا ال يعني أنه لم يكن هناك راديكاليون في الحركة العمالية المعاد تنظيمها ‪.‬ولم يتم القضاء تما ًما‬
‫على العنصر الثوري الذي كان له دور في أعمال الشغب والفوضى التي حدثت في سبعينيات وثمانينيات‬
‫القرن التاسع عشر ‪.‬واصل أتباع كل من االشتراكية الماركسية والالسالية "الضجر من الداخل "في‬
‫محاوالتهم لنقل العمال إلى معسكراتهم‪ ،‬وكان عليهم كسب المتحولين من بين أعضاء النقابات المنتسبة‬
‫إلى اتحاد العمل األمريكي ‪.‬لكن القادة المسؤولين في النقابات الجديدة عارضوا بقوة وبنجاح كل هذه‬
‫التأثيرات‪ ،‬وأصبحوا أكثر تحفظا في نهجهم تجاه القضايا االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫إذا كانت القوة ا لدافعة وراء الحركة النقابية الجديدة جاءت إلى حد كبير من منظمة صانعي السيجار‬
‫الدولية‪ ،‬فقد كان صامويل جومبرز‪ ،‬فوق كل اآلخرين‪ ،‬المتحدث األكثر قدرة والمهندس الرئيسي‬
‫للمنظمة الوطنية التي كان من المفترض أن تروج لمبادئها األساسية ‪.‬ولم يصبح فقط أول رئيس التحاد‬
‫العمال األمريكي‪ ،‬ولكن باستثناء عام واحد‪ ،‬شغل هذا المنصب حتى وفاته في عام ‪1924.‬إعادة توجيه‬
‫الحركة العمالية بعد تراجع فرسان العمل‪ ،‬وكان نجاح ‪AF of L.‬في النجاة من الكساد في تسعينيات‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬في جزء كبير منه‪ ،‬من عمل هذا القائد العمالي العنيد‪ ،‬الواقعي‪ ،‬الذي‬
‫‪154‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫كانت شخصيته وفلسفته في تناقض صارخ مع الشخصية والفلسفة ‪.‬من البودرة‪.‬‬


‫ولد جومبرز في إيست إند بلندن عام ‪1850.‬كان والده‪ ،‬وهو من أصل يهودي هولندي‪ ،‬صانع‬
‫سيجار‪ ،‬وفي سن العاشرة تدرب صموئيل الشاب على هذه التجارة ‪.‬عندما هاجرت العائلة إلى أمريكا في‬
‫عام ‪ ،1863‬ساعد والده في البداية في صنع السيجار في منزلهم في الجانب الشرقي من نيويورك‪ ،‬لكنه‬
‫سرعان ما تفرع للحصول على وظيفة خاصة به‪ ،‬وفي وقت مبكر من عام ‪1864‬انضم إلى نقابة محلية‪.‬‬
‫كانت محالت صنع السيجار في ذلك الوقت عبارة عن مدارس للفلسفة السياسية واالجتماعية‬
‫سا من المهاجر الشاب من لندن الغارق بالفعل في‬ ‫باإلضافة إلى المصانع‪ ،‬ولم يكن هناك طالب أكثر حما ً‬
‫خلفية الحركة النقابية البريطانية ‪.‬وبينما كان يجلس على مقعده في الدور العلوي المظلم والمترب‪ ،‬يعد‬
‫السيجار بمهارة‪ ،‬يستمع باهتمام شديد إلى الحديث عن االشتراكية واإلصالح العمالي بين زمالئه‬
‫العمال ‪.‬وكان معظمهم من مواليد أوروبا والعديد منهم أعضاء في رابطة العمال الدولية ‪.‬لقد اعتادوا أن‬
‫يقرأ أحدهم دوريات العمل والمجالت األخرى بصوت عا ٍل لهم (يشارك لتعويض األجر الذي كان‬
‫سيخسره لوال ذلك )وغال ًبا ما تم تكليف جومبرز بهذه المهمة‪.‬‬
‫وكما سبق أن اقترحنا‪ ،‬فإن تعرضه الشامل للفلسفة الماركسية لم يكن له تأثير في جعل صانع‬
‫السيجار الشاب من ّظ ًرا ‪.‬على العكس من ذلك‪ ،‬يبدو أنه أكد منهجه العملي المتشدد في التعامل مع مشاكل‬
‫مهاجرا‬
‫ً‬ ‫العمل ‪ .‬وربما تأثر إلى حد كبير في الحفاظ على وجهة النظر هذه بفرديناند لوريل‪ ،‬الذي كان‬
‫سويديًا عنيدًا شهد جميع مراحل التطرف ‪.‬نصحه لوريل بقراءة ماركس وإنجلز‪ ،‬ولكن يجب أن يكون‬
‫دائ ًما على حذر من االنجراف وراء نظرياتهم ‪.‬وحذره من االنضمام إلى الحزب االشتراكي ‪.‬وقال‬
‫لجومبرز" ‪:‬ادرس بطاقة نقابتك يا سام‪ ،‬وإذا كانت الفكرة ال تتوافق مع ذلك‪ ،‬فهي غير صحيحة‪".‬‬
‫في ظل هذه الخلفية‪ ،‬انغمس جومبرز في مهمة إعادة بناء اتحاد صانعي السيجار‪ ،‬بالتعاون مع‬
‫ستراسر ولوريل ‪.‬بالنظر إلى تجارب تلك األيام‪ ،‬كان جوم بيرس دائ ًما يفكر فيهم باعتبارهم مسؤولين‬
‫ليس فقط عن حياته المهنية ولكن أيضًا عن المسار المستقبلي للعمالة األمريكية ‪.‬وكتب عن الرجال‬
‫الذين ناقش معهم أفكاره في مناقشات ال نهاية لها« ‪:‬من هذه المجموعة الصغيرة‪ ،‬جاء الهدف‬
‫أخيرا مناسبة‬
‫ً‬ ‫والمبادرة التي أصبحت‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪155‬‬
‫للحركة العمالية األمريكية الحالية ‪. . . .‬نحن لم نقم بإنشاء النقابة العمالية األمريكية‪ ،‬فهي نتاج قوى‬
‫وظروف ‪.‬لك ننا قمنا بإنشاء التقنية وصياغة األساسيات التي قادت النقابات العمالية إلى سياسات‬
‫وإنجازات بناءة‪.‬‬
‫كان جومبرز في التاسعة والعشرين من عمره عندما أعيد تنظيم االتحاد الدولي لصانعي السيجار‪،‬‬
‫ومنذ هذه الفترة المبكرة اتبع طريقًا غير منحرف ‪.‬على عكس كل من سيلفيس وبودريلي‪ ،‬فقد تمسك‬
‫بشدة بآخر اهتماماته ولم يعترف أبدًا بأي اهتمامات أخرى ‪.‬ولم يكن إصالح ًيا وال مثقفًا‪ ،‬وكان يحتقر‬
‫ادعاءاتهم بأن يوضحوا للعمل المسار الذي ينبغي أن يسلكه ‪.‬وفي ظل عدم ثقته التامة بمثل هؤالء‬
‫المنظرين‪ ،‬الذين اعتبرهم «مستحيلين صناعيًا»‪ ،‬لم يحاول أب ًدا تطوير أي فلسفة للعمل ‪.‬كان يحب‬
‫الحديث عن التأثير األخالقي والحدس‪ ،‬لكن منهجه في كل سؤال كان عمليًا تما ًما‪.‬‬
‫مباشرا ‪.‬وبينما تحدث‬
‫ً‬ ‫كانت أفكاره تميل إلى أن تكون ضيقة ومحدودة‪ ،‬وكان برنامجه دائ ًما انتهازيًا‬
‫ذات مرة بشكل غامض عن تفضيل إلغاء نظام األجور‪ ،‬فإنه لم ينظر في الواقع إلى ما هو أبعد من حدود‬
‫األجور األعلى وساعات العمل األقصر للعمال المهرة في النقابات الحرفية ‪.‬ومن خالل انفصاله التام عن‬
‫حلول سحرية مثل إصالح العملة‪ ،‬وتسوية األراضي‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتي أثارت اهتمام قادة االتحاد‬
‫العمالي الوطني وفرسان العمل‪ ،‬فقد تخلى أيضًا عن هدفهم المتمثل في التضامن العمالي ‪.‬كان الموقف‬
‫الواقعي لجومبرز هو وضع الحركة العمالية‪ ،‬على األقل فيما يتعلق بالعمال المهرة‪ ،‬على أساس أكثر‬
‫واستقرارا مما حققته من قبل‪ ،‬لكن افتقاره إلى االتساع والرؤية كان يحد إلى حد كبير من دور‬
‫ً‬ ‫صالبة‬
‫العمال المهرة‪ .‬االتحاد األمريكي للعمل في النهوض بقضية العمل ككل ‪.‬لقد أنقذ في الوقت نفسه الحركة‬
‫النقابية من احتمال االنهيار الكامل‪ ،‬وأضاع فرصة تطويرها على طول تلك الخطوط األوسع التي كانت‬
‫الحلم المثالي للغاية ألسالفه‪.‬‬
‫وفي تعزيزه لمصالح نقابته ثم اتحاد العمال األمريكي‪ ،‬تم تعزيز حماسته من خالل صندوق الطاقة‬
‫الذي ال ينضب على ما يبدو ‪ .‬لم تكن هناك أي شكاوى على اإلطالق من عدم القدرة على تلبية المطالب‬
‫المقدمة في وقته ‪.‬بصفته منظ ًما وإداريًا‪ ،‬كان جومبرز ال يكل‪ ،‬حيث كان يسافر في جميع أنحاء البالد‬
‫لمخاطبة االجتماعات واالتفاقيات العمالية ‪.‬لقد تغلب على أي تردد في خطابه‪ ،‬والذي كان يُعرف سابقًا‬
‫باسم "‪ ،"Suttering Sam‬وأطلق ببالغة‬
‫‪156‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫العبارات الوعظية المبتذلة التي كانت مخزونه في التجارة ‪.‬صحيح أن خطاباته كانت في بعض األحيان‬
‫غامضة ومربكة إلى حد ما‪ ،‬ألنه لم يكن لديه موهبة حقيقية للتعبير الشفهي ‪.‬كان أسلوبه في كثير من‬
‫األحيان مهيبًا وبابويًا ‪.‬ولكن مع ميله إلى الدراما الذي من شأنه أن يميز أيضًا زعي ًما عماليًا أكثر‬
‫مسرحية في األيام الالحقة‪ ،‬كان يعرف جيدًا كيف يحتل مركز المسرح‪.‬‬
‫خارج المنصة وخارج قاعة المؤتمرات‪ ،‬كان جومبرز ودودًا وسهل التعامل وكان أحد األوالد إلى حد‬
‫كبير ‪.‬كانت طبيعته دافئة ومنفتحة القلب ‪.‬كان يحب صاالت البيرة‪ ،‬والمسرح‪ ،‬وقاعات الموسيقى‪،‬‬
‫وفتيات العروض‪ ،‬وممر أتالنتيك سيتي ‪.‬لقد تخلى عن شخصيته الرسمية تما ًما عندما اجتمع مع‬
‫مجموعة من األصدقاء في المساء‪ ،‬مسترخيًا بشكل مريح في الجو المالئم للغرفة الخلفية للصالون‪،‬‬
‫سا من البيرة الرغوية على الطاولة ‪.‬صدمت حياته االجتماعية‬ ‫كبيرا ممسكًا بأسنانه وكأ ً‬
‫وسيجارا أسود ً‬
‫ً‬
‫منافسه المتشدد والمتشدد في فرسان العمل ‪.‬جاء في كتيب أصدره الفرسان في خضم صراعهم مع‬
‫اتحاد العمال األمريكي" ‪:‬المجلس التنفيذي العام‪ ،‬لم يكن من دواعي سروره أبدًا رؤية السيد جومبرز‬
‫رصينًا ‪".‬لقد كان تعلي ًقا غير عادل من أحد المدافعين المتحمسين عن االعتدال‪ ،‬ولكن لم يكن هناك شك‬
‫كثيرا بالبيرة التي يقدمها‪.‬‬
‫في أن جومبرز استمتع ً‬
‫في المظهر‪ ،‬بدا جومبرز وكأنه زعيم عمالي أكثر من كونه باودللي الفعال إلى حد ما ‪.‬بدا أن جسده‬
‫القصير السميك المتين ‪-‬كان طوله خمسة أقدام وأربع بوصات فقط ‪-‬يبرر تفاخره بأن "الجومبرز‬
‫مبنيون من خشب البلوط"‪ ،‬كما كشف الفك القوي أسفل الرأس األمامي العريض عن القوة والقوة ‪.‬‬
‫عناد شخصيته ‪.‬في أوائل ثمانينيات القرن التاسع عشر كان لديه شعر داكن جامح وكان يرتدي شاربًا‬
‫ف ًظا متدل ًيا مع خصلة صغيرة من الشعر على ذقنه ‪.‬وفي السنوات الالحقة‪ ،‬كان من المقرر أن يكون‬
‫حليق الذقن مع نظارات أنفية المعة تحمي عينيه الداكنتين ‪.‬كان يرتدي مالبس جيدة‪ ،‬وكان معتادًا تما ًما‬
‫على ارتداء القبعة الحريرية واألمير ألبرت في المناسبات المهمة‪ ،‬وكانت أخالقه كريمة ‪.‬وتحدث قادة‬
‫األعمال بغطرسة إلى حد ما عن كونه "رجل نبيل للغاية‪".‬‬
‫وعلى الرغم من كل احتكاكه الالحق بالعظماء —قادة الصناعة‪ ،‬ومصرفيي وول ستريت‪ ،‬وأعضاء‬
‫مجلس الشيوخ‪ ،‬والرؤساء —فإنه لم يفقد االتصال بالعمال أنفسهم‪ ،‬وكان يحب أن يشير إلى نفسه‬
‫على أنه «الشخص الذي لم ينشأ من بين الرتب ولكنه ال يزال على قيد الحياة ‪».‬فخور بوجودي في‬
‫صا للغاية ومستعدًا دائ ًما للتضحية برفاهيته الشخصية وراحته‬ ‫الصفوف "‪.‬لقد كان مخل ً‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪157‬‬
‫من أجل القضية التي يعمل من أجلها ‪.‬كان صادقًا تما ًما‪ ،‬فقد مات رجالً ً‬
‫فقيرا‪ ،‬وفي السنوات الالحقة كان‬
‫على أرملته أن تقبل عمالً من ‪WPA‬‬
‫طموحا ‪.‬لقد شعر بأنه ولد للقيادة وتشبث بقوة برئاسة‬
‫ً‬ ‫ال شيء من هذا يعني أن جومبرز لم يكن‬
‫ديكتاتورا‬
‫ً‬ ‫اتحاد العمال األمريكي ‪.‬لقد قام ببناء آلة سياسية قوية وبيروقراطية عمالية متماسكة ‪.‬لقد كان‬
‫إلى حد ما في دفع سياساته ولم يفسح المجال أبدًا أمام القيادة األصغر سنًا واألكثر تقدمية مع مرور‬
‫الوقت وكبره ‪ .‬لكن طموحه إلى السلطة والمهنة العامة لم يدفعه إلى البحث عن الثروات أو التفضيل‬
‫السياسي ‪.‬كان عليه أن يظل راضيًا تما ًما عن "خدمة طبقته "من خالل جعل النقابات العمالية وال ‪AF‬‬
‫لـ ‪L.‬عمل حياته‪.‬‬
‫كتب في سيرته الذاتية« ‪:‬إنني أنظر إلى الوراء عبر سنوات العمل من أجل مهنتي‪ ،‬وأبتهج بقناعتي‬
‫بأن الحركة النقابية الحقيقية هي الوكالة العظيمة الوحيدة للجماهير الكادحة لتأمين حياة أفضل لهم ‪.‬‬
‫مستوى أعلى من الحياة والعمل"‪.‬‬

‫تم اتخاذ الخطوة األولى التي أدت إلى تحالف النقابات الوطنية والدولية‪ ،‬والذي نتج عن اتحاد العمل‬
‫األمريكي‪ ،‬في اجتماع بيتسبرج لقادة العمال في عام ‪1881.‬وحضره مندوبون من كل من النقابات‬
‫العمالية وفرسان العمل‪ ،‬وكان الهدف األصلي هو كان الهدف من المؤتمر هو إنشاء جمعية يمكنها أن‬
‫تضم جميع العمالة ‪.‬وجاء في الدعوة إلى االجتماع" ‪:‬لدينا عدد ال يحصى من النقابات والجمعيات أو‬
‫المجالس المهنية وفرسان العمل وغيرها من النقابات المحلية والوطنية والدولية المختلفة" ‪".‬ولكن‬
‫بقدر ما كان العمل الذي قامت به هذه الهيئات عظي ًما‪ ،‬هناك الكثير مما يمكن القيام به من خالل الجمع‬
‫بين كل هذه المنظمات في اتحاد المهن "‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن التنافس المتزايد بين أتباع الحركة النقابية‬
‫الجديدة وقادة فرسان العمل‪ ،‬جعل تحقيق هذا الهدف مستحيالً‪ ،‬وكان اتحاد الحرف المنظمة والنقابات‬
‫قصيرا ‪.‬يسكن‪.‬‬
‫ً‬ ‫العمالية الذي انبثق عن اجتماع بيتسبرغ‬
‫على الرغم من أن بعض النقابات الوطنية‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬كانت تابعة للفرسان كمجمعات تجارية‪ ،‬إال أنها‬
‫أصبحت معارضة بشكل متزايد لمبادئ النظام النبيل والمقدس ‪.‬وكان المزيد والمزيد‬
‫‪158‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫منهم ينفصلون تما ًما‪ ،‬وكانوا بطبيعة الحال مستائين من أي محاولة للتدخل في شؤونهم أو التعدي على‬
‫األراضي التي شعروا أنها تقع ضمن نطاق واليتهم القضائية ‪.‬تم التعبير عن موقفهم بصراحة بواسطة‬
‫‪McGuire‬من النجارين ‪.‬وقال « ‪:‬طالما أن هناك اتحادًا وطن ًيا أو دول ًيا للتجارة‪ ،‬يجب على رجال تلك‬
‫التجارة أن ينظموا أنفسهم تحته و ‪.... . .‬ال ينبغي لفرسان العمل أن يتدخلوا‪”.‬‬
‫ومع ذلك فإن الفرسان تدخلوا ‪.‬وإدراكًا ألهمية العمال المهرة المنتمين إلى النقابات العمالية‪،‬‬
‫صا على الحفاظ على والئهم ‪.‬على سبيل المثال‪،‬‬ ‫وموقعهم االستراتيجي في عالم العمل‪ ،‬كان النظام حري ً‬
‫وعد باودرلي رابطة أمل لعمال الحديد والقصدير والصلب‪ ،‬وهي اتحاد حرفي‪ ،‬بأنها إذا انضمت إلى‬
‫الفرسان‪ ،‬فيمكنها االحتفاظ بهويتها المنفصلة والحفاظ على نظام الحكم الخاص بها ‪.‬لكن العمال المهرة‬
‫في هذه المنظمات وغيرها رأوا أنفسهم ينزلون إلى مستوى العمال غير المهرة في ظل الخضوع‬
‫لسيطرة الفرسان ‪.‬وأعلنوا أنهم سيحافظون على استقاللهم ضد كل الضغوط الخارجية "لحماية المهن‬
‫الماهرة في أمريكا من التحول إلى التسول‪".‬‬
‫سا للجنة‬ ‫حضر جومبرز اجتماع بيتسبرغ عام ‪1881‬كمندوب عن صانعي السيجار وتم اختياره رئي ً‬
‫عضوا في فرسان العمل‪ ،‬بعد أن انضم إلى التنظيم في‬ ‫ً‬ ‫التنظيم ‪.‬على الرغم من أنه كان في الواقع‬
‫سبعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬إال أن معارضته لمبادئه األساسية دفعته إلى بذل كل جهد ممكن إلبقاء‬
‫االتحاد الجديد المقترح شأنًا نقاب ًيا بحت ًا ‪.‬وقد هُزمت مقترحاته بعد نقاش حاد" ‪.‬يبدو أن هناك شيئًا فريدًا‬
‫بشأن الطريقة التي نغير بها قاعدتنا"‪ ،‬قال أحد المندوبين أثناء حضوره الجلسة" ‪.‬لقد تم اإلعالن عن‬
‫مؤتمرا عماليًا‪ ،‬ونحن اآلن نتحدث عن المهن ‪.‬لماذا ال نجعل‬
‫ً‬ ‫هذا الكونجرس على نطاق واسع باعتباره‬
‫فرسان العمل أساس االتحاد؟ وفي حين لم يتم ذلك‪ ،‬فإن التنظيم الجديد لم يرسم أي خط بين العمال‬
‫المهرة وغير المهرة‪ ،‬وكان من الناحية النظرية يشمل جميع العمالة دون تمييز على أساس العقيدة أو‬
‫اللون أو الجنسية ‪.‬‬
‫كان اتحاد المهن المنظمة والنقابات العمالية‪ ،‬من نواحٍ عديدة‪ ،‬مرحلة انتقالية في تأرجح العمال نحو‬
‫البرنامج المحدود للنقابات الجديدة ‪.‬وفي حين تم تأييد المثل األعلى للتضامن‪ ،‬كان االتحاد مهت ًما في‬
‫المقام األول بهذه المكاسب الفورية التي قد يتمكن األجراء من الفوز بها بدالً من اإلصالحات األساسية‬
‫في النظام االقتصادي ‪.‬دعا برنامجها التشريعي‪ ،‬الذي طلبت من‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪159‬‬
‫جميع الهي ئات التجارية أن تسعى للحصول على تمثيل في المجلس التشريعي لدعمه‪ ،‬إلى اإلدماج‬
‫القانوني للنقابات العمالية‪ ،‬وإلغاء عمل األطفال‪ ،‬وإنفاذ القانون القانوني لمدة ثماني ساعات في اليوم‪،‬‬
‫وحظر العمل التعاقدي‪ ،‬والزي الموحد للمتدربين ‪.‬القوانين وإلغاء قوانين المؤامرة‪.‬‬
‫لكن االتحاد لم يحظ بأي دعم فعال ‪.‬انسحب ممثلو الفرسان على الفور تقريبًا‪ ،‬وسرعان ما تبعهم‬
‫معظم ممثلي النقابات الوطنية ‪.‬كان هناك تسعة عشر مندوبًا فقط في المؤتمر السنوي الثاني وستة‬
‫سا في العام األخير – ‪– 1883‬لكنه لم‬ ‫وعشرون مندوبًا في المؤتمر الثالث ‪.‬تم انتخاب جومبرز رئي ً‬
‫يحضر حتى االجتماع التالي ‪.‬وبعيدًا عن التواصل مع العمال أنفسهم‪ ،‬سرعان ما أصبح التنظيم الجديد‪،‬‬
‫مثل اتحاد العمال الوطني القديم‪ ،‬أكثر من مجرد مؤتمر سنوي ‪.‬وكان اإلجراء المهم الوحيد الذي قامت‬
‫به هو الترويج إلضراب لمدة ثماني ساعات في األول من مايو عام ‪ ،1886‬ولكن كما رأينا‪ ،‬لم تكن‬
‫قادرة على تنفيذ هذه الحركة بنجاح دون دعم فرسان العمل‪.‬‬
‫وكان االتحاد بالفعل على وشك أن يتخلى عن الشبح بالكامل في عام ‪1886.‬وأصبح زعماء النقابات‬
‫الوطنية مقتنعين بأنه ال يحمل أي أمل في حل مشاكلهم ‪.‬وفي مواجهة الهجمات المستمرة التي يتعرض‬
‫لها شكل تنظيمهم من قبل فرسان العمل‪ ،‬الذين كانوا يعلنون اآلن في فورة النصر أنه ال يوجد مكان في‬
‫الحركة العمالية لنقابات العمال المستقلة‪ ،‬قرروا اتخاذ موقف أكثر صراحة الوقوف في الدفاع عن‬
‫أنفسهم ‪.‬وبنا ًء على ذلك تمت الدعوة إلى اجتماع آخر للنقابات الوطنية في ‪18‬مايو ‪1886‬في فيالدلفيا‬
‫بهدف واضح وهو البحث عن وسائل "لحماية منظماتنا من العمل الخبيث لعنصر يتباهى علنًا بأنه‬
‫"يجب تدمير النقابات" ‪".‬‬
‫وقد أثار غضب النقابيين بشكل خاص تدخل الفرسان في شؤون االتحاد الدولي لصانعي السيجار‬
‫نفسه ‪.‬نتيجة لالنشقاقات الداخلية في نيويورك المحلية‪ ،‬والتي تنطوي على القضايا ذات الصلة بقبول‬
‫العمال غير المهرة وتعزيز االشتراكية‪ ،‬انسحب فصيل منشق من الهيئة األم لتشكيل اتحاد صانعي‬
‫السيجار التقدميين ‪ .‬أدان ستراسر هذه الخطوة بشدة‪ ،‬ورفض االعتراف بالمتمردين بأي شكل من‬
‫األشكال‪ ،‬ووصفهم بشكل الذع بأنهم "حثالة المنازل السكنية ‪".‬في مواجهة هذا الوضع‪ ،‬قفزت جمعية‬
‫المنطقة ‪ 49‬لفرسان العمل إلى المعركة‪ ،‬ودعمت بقوة اتحاد المتمردين‪ ،‬وقامت بحملة من أجل قبوله‬
‫في النظام‪.‬‬
‫‪160‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عندما اجتمع مؤتمر فيالدلفيا‪ ،‬تم بذل جهد آخر‪ ،‬على األقل من الناحية النظرية‪ ،‬الكتشاف أرضية‬
‫مشتر كة من التفاهم التي قد تقنع الفرسان بوقف عدائهم تجاه النقابات الوطنية ‪.‬تم اقتراح "معاهدة "‬
‫للتوفيق بين األهداف المتباينة للمجموعتين داخل الحركة العمالية ووضع حد للخالف بينهما ‪.‬كان على‬
‫الفرسان أن يتفقوا على أنهم لن ينضموا إلى النظام أي عضو نقابي دون الحصول على إذن من نقابته‪،‬‬
‫أو أي أجير آخر يعمل بأقل من جدول األجور المقرر لمهنته‪ ،‬كما تمت دعوتهم إلى إلغاء ميثاق أي‬
‫جمعية محلية ينظمها العمال في مهنة يوجد فيها بالفعل اتحاد وطني‪.‬‬
‫فهل كانت هذه معاهدة فعال؟ بدت شروطها األحادية الجانب بمثابة مطلب الستسالم الفرسان الكامل‬
‫للنقابات الوطنية ‪.‬ربما اعتبر بعض المندوبين في فيالدلفيا أنه بيان لموقف سيكونون على استعداد‬
‫للتراجع عنه إذا ثبت أن األمر تصالحي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬ليس هناك شك في أنه في أذهان أتباع الحركة‬
‫النقابية الجديدة‪ ،‬كان ذلك إعالنًا للحرب ‪.‬كان هدفهم الحقيقي هو تأرجح دعم النقابات الوطنية خلف‬
‫اتحاد آخر ينفصل عن فرسان العمل تما ًما ويركز بالكامل على حماية مصالح العمال الحرفيين المهرة ‪.‬‬
‫كان جومبرز يرغب في القيام بذلك قبل خمس سنوات‪ ،‬لكن الوقت لم يحن بعد ‪.‬اآلن‪ ،‬أتاح العداء‬
‫المتزايد بين الفرسان والنقابات الوطنية‪ ،‬والذي أكده الصراع حول النقابية المزدوجة بين صانعي‬
‫السيجار‪ ،‬الفرصة التخاذ إجراء حاسم‪.‬‬
‫إن األمر النبيل والمقدس كان في صالح أولئك الذين يفضلون االنفصال الكامل ‪.‬وعلى الرغم من‬
‫رغبة بعض المهن في استكشاف سبل التوفيق بين القضايا المتنازع عليها مع االتحادات الوطنية‪ ،‬لم‬
‫يتم اتخاذ أي إجراء رسمي على اإلطالق فيما يتعلق بالمعاهدة المقترحة ‪.‬على الرغم من أن فشل‬
‫إضراباتهم وتداعيات قضية ساحة هايماركت قد أضعفت موقفهم بالفعل‪ ،‬إال أن الفرسان كانوا مصممين‬
‫على االلتزام ببرنامجهم الخاص ولم يروا أي حاجة لتقديم أي تنازالت ‪.‬لم يقدم باودرلي حتى المعاهدة‬
‫للنظر فيها في جمعية ريتشموند في أكتوبر ‪.‬تم تحدي النقابات الوطنية من خالل إنشاء مناطق تجارية‬
‫وطنية جديدة؛ تم قبول صانعي السيجار التقدميين رسميًا‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪161‬‬
‫في األمر‪ ،‬ولم يتم اتخاذ أي بادرة على اإلطالق تجاه تسوية الخالفات القضائية األخرى‪.‬‬
‫كان جواب النقابات الوطنية هو االجتماع مرة أخرى‪ ،‬في كولومبوس‪ ،‬أوهايو‪ ،‬في ‪8‬ديسمبر‬
‫‪ ،1886‬وفي هذا المؤتمر انضمت إليهم حفنة من المندوبين الذين ما زالوا يمثلون اتحاد المهن المنظمة‬
‫ونقابات العمال شبه البائد ‪.‬إجماالً كان هناك حوالي اثنين وأربعين ممثالً لخمسة وعشرين مجموعة‬
‫عمالية ‪.‬ومن بين النقابات الوطنية المشاركة كانت نقابات صانعي الحديد‪ ،‬وعمال المناجم وعمال‬
‫المناجم‪ ،‬والطباعين‪ ،‬والخياطين‪ ،‬والخبازين‪ ،‬وعمال األثاث‪ ،‬وعمال المعادن‪ ،‬وقاطعي الجرانيت‪،‬‬
‫والنجارين‪ ،‬وصانعي السيجار ‪.‬مجموع أعضائهم يقارب ‪150.000.‬أصبح االهتمام الوحيد للمندوبين‬
‫اآلن هو تعزيز مصالح الحرف التي يمثلونها على التوالي‪ ،‬وبعد المداوالت الواجبة شكلوا منظمة جديدة‬
‫أخيرا كان اتحاد العمال األمريكي ‪.‬تم‬
‫ً‬ ‫لهذا الغرض وانتخبوا صموئيل جومبرز كأول رئيس لها ‪.‬هنا‬
‫تأجيل تاريخ نشأتها الحقًا إلى عام ‪ ،1881‬وهو العام الذي تم فيه إنشاء اتحاد المهن المنظمة ونقابات‬
‫العمال‪ ،‬ولكن على الرغم من أن ‪AF of L.‬استولت على الخزانة والسجالت الخاصة بسلفها‪ ،‬إال أن‬
‫المجموعتين كانتا متماسكتين تما ًما ‪.‬متميز وتاريخ االتحاد األمريكي للعمل يبدأ بالفعل في عام ‪1886.‬‬

‫كان المبدأ األول للمنظمة الجديدة‪ ،‬والذي نشأ من الظروف التي نشأت فيها‪ ،‬هو "االعتراف الصارم‬
‫باستقاللية كل تجارة ‪".‬لم يُمنح المجلس التنفيذي الذي تم تشكيله للتعامل مع الشؤون على المستوى‬
‫الوطني أي سلطة على اإلطالق للتدخل في تلك التي تقع ضمن اختصاص النقابات األعضاء ‪.‬كان من‬
‫المقرر تعزيز وحدة العمل من خالل التعليم واإلقناع األخالقي وليس من خالل الضوابط المركزية‬
‫المتأصلة في هيكل فرسان العمل ‪.‬ومع ذلك كان للمجلس التنفيذي وظائف مهمة ‪.‬وأصدرت مواثيق‬
‫النقابات التأسيسية‪ ،‬وكوسيلة للقضاء على النقابات المزدوجة التي شعرت بأنها تهدد الحركة العمالية‬
‫سمح لها بتسوية جميع النزاعات القضائية ‪.‬تم فرض ضريبة الفرد على جميع النقابات األعضاء‬ ‫ككل‪ُ ،‬‬
‫من أجل بناء االحتياطيات المالية التي من شأنها تمكين ‪AF‬من ‪L.‬لتقديم المساعدة العملية في‬
‫اإلضرابات‬
‫‪162‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫أخيرا‪ ،‬كان ال بد من‬


‫واإلغالقات‪ ،‬ووضع برنامج تشريعي بالطريقة المعتمدة لجميع العمال المنظمات ‪ً .‬‬
‫تش كيل كل من اتحادات المدن المركزية واتحادات الواليات تحت السلطة العامة للمجلس التنفيذي للتأثير‬
‫على تمرير تشريعات العمل‪.‬‬
‫تم التركيز بشكل كبير بالتأكيد على العمل االقتصادي أو الصناعي ‪.‬كان الهدف من ‪AF of L.‬هو‬
‫دعم النقابات الوطنية والدولية في الحصول على االعتراف من أصحاب العمل‪ ،‬والدخول في اتفاقيات‬
‫المفاوضة الجماعية‪ ،‬والحفاظ على موقف يمكنهم من اإلضراب بفعالية عندما تفشل التدابير األخرى ‪.‬‬
‫وقد خضع البرنامج التشريعي‪ ،‬الذي تضمن معظم األهداف التي سعى إليها اتحاد المهن المنظمة‬
‫ونقابات العمال القديم‪ ،‬إلى خط الهجوم األساسي هذا في اعتراف صريح بعدم كفاءة سياسة سلفه ‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬كان حزب ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬مصم ًما على االمتناع عن المشاركة المباشرة‬
‫في السياسة أو دعم أي حزب منفرد ‪.‬كان عليها أن تعمل على مبدأ مكافأة أصدقاء العمال ومعاقبة‬
‫أعدائهم بغض النظر عن االنتماءات السياسية‪.‬‬
‫في سنواته األولى‪ ،‬كان اتحاد العمال األمريكي يشبه بشكل كامل تقريبًا صامويل جومبرز ‪.‬كان لديه‬
‫شركاء مخلصون لكنه كان هو الذي أعطى المنظمة الجديدة الحياة والتوجيه" ‪.‬كان هناك عمل كثير‪،‬‬
‫وأجور قليلة‪ ،‬وشرف قليل جدًا"‪ ،‬كتب الحقًا عن هذه األيام‪ ،‬لكن مثل هذه االعتبارات لم تثبطه ‪.‬أنشأ‬
‫مقره الرئيسي في مكتب تبلغ مساحته ثمانية أقدام في عشرة أقدام تم توفيره من قبل صانعي السيجار‪،‬‬
‫مع القليل من األثاث بخالف طاولة المطبخ‪ ،‬وبعض الصناديق للكراسي‪ ،‬وحقيبة ملفات مصنوعة من‬
‫صناديق الطماطم‪ ،‬وبدأ في تنفس الحيوية ‪.‬إلى المنظمة الجديدة بحماسة وتفاني وطاقة ال تعرف الكلل‬
‫والتي ساهمت إلى حد كبير في بقائها ‪.‬لقد كتب رسائل ال حصر لها‪ ،‬بخط يده دائ ًما‪ ،‬إلى القادة العماليين‬
‫في جميع أنحاء البالد؛ وقام لبعض الوقت بتحرير جريدة المحامي النقابي كوسيلة لنشر حملته‬
‫االنتخابية ؛ أصدر مواثيق النقابات‪ ،‬وجمع المستحقات‪ ،‬وتعامل مع جميع األعمال الروتينية ؛ أدار‬
‫المؤتمرات وذهب في جوالت التحدث والتنظيم‪ ،‬وقام ببطء ولكن بإصرار بتحويل االتحاد األمريكي‬
‫للعمل من منظمة ورقية بحتة إلى بطل متشدد وقوي لحقوق العمال ‪.‬لقد شعر بأنه منخرط في قضية‬
‫مقدسة‪ ،‬ومنذ اليوم الذي ظهر فيه ‪AF of L.‬حتى وفاته بعد ثمانية وثالثين عا ًما‪ ،‬كانت هذه حياته‬
‫كلها‪.‬‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪163‬‬
‫في حين أن النضال طويل األمد لالتحاد كان من المقرر أن يكون مع قوى الصناعة‪ ،‬إال أن سنواته‬
‫األولى اتسمت أيضًا بالعداء المستمر مع فرسان العمل ‪.‬تم بذل المزيد من الجهود في أواخر ثمانينيات‬
‫وأوائل تسعينيات القرن التاسع عشر للجمع بين المنظمتين معًا‪ ،‬لكن هذه الجهود باءت بالفشل تما ًما ‪.‬لم‬
‫يكن الوضع مختل ًفا عن الوضع الذي تطور بعد نصف قرن تقريبًا عندما وجد اتحاد العمال األمريكي‬
‫نفسه بدوره يواجه تحد ًيا من قبل النقابات المنشقة التي كان من المقرر أن تشكل مؤتمر المنظمات‬
‫الصناعية ‪.‬كانت هناك مبادئ على المحك‪ ،‬لكن المنافسات السياسية وطموحات القادة المتنافسين طغت‬
‫عليها في كثير من األحيان ‪.‬‬
‫تحرك بودري بثبات نحو االزدراء الكامل للنقابات الوطنية ‪.‬كتب ألحد رفاقه في عام « ‪1889:‬سأقول‬
‫لك بصراحة‪ ،‬إنني ال أهتم بمدى سرعة خروج جمعيات التجارة الوطنية ‪.‬إنهم يعيقون اآلخرين عن‬
‫القدوم إلينا‪ ،‬وأنا أميل بشدة إلى أن أنصحهم جميعًا بالذهاب بمفردهم إلى الخارج ومعرفة كيف سيتم‬
‫إعادة عجالت المنظمة إلى الوراء لصالح عدد قليل من الرجال الذين يريدون أن يكونوا في مكاننا ‪.‬رأس‬
‫شيء ما "‪.‬لم يصبح جومبرز أقل الذعة في رأيه حول فرسان العمل وأهدافهم وتطلعاتهم ‪.‬وكان عليه‬
‫أن يقول في عام « ‪1894:‬إن الحديث عن االنسجام مع فرسان العمل هو هراء ‪.‬إنهم أعداء لدودون‬
‫للنقابات العمالية مثل أي صاحب عمل‪ ،‬ولكنهم أكثر انتقا ًما ‪.‬ال فائدة من محاولة استرضائهم أو حتى أن‬
‫نكون ودودين‪”.‬‬
‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬تالشت إمكانية إنشاء وحدة عمالية‪ ،‬وتم التصدي لقوة الفرسان المتضائلة‬
‫تدريج ًيا من خالل النمو البطيء التحاد العمل األمريكي ‪.‬وكان األخير أي شيء ولكن مذهلة ‪.‬وقد زادت‬
‫العضوية األصلية البالغة ‪150.000‬إلى ‪250.000‬فقط بعد ست سنوات ‪.‬إن الهجوم المضاد العنيف‬
‫الذي شنته الصناعة على جميع النقابات خالل هذه السنوات‪ ،‬والموقف القمعي العام للحكومة والمحاكم‪،‬‬
‫وأخيرا ً األوقات العصيبة للكساد الذي تطور في عام ‪ ،1893‬جعل من الصعب للغاية الحفاظ على تماسك‬
‫أي منظمة عمالية‪ ،‬ناهيك عن تعزيز نموها و ‪pansion‬السابقين ‪.‬لكن جومبرز تمسك بمهمته بشكل‬
‫متجهم ‪ .‬لقد رفض السماح لالتحاد باالبتعاد عن أهدافه المباشرة والعملية‪ ،‬وفي المؤتمر السنوي في‬
‫قادرا على النظر بفخر إلى ما تم إنجازه بالفعل‪.‬‬
‫عام ‪ ،1893‬كان ً‬
‫وقال للمندوبين المجتمعين« ‪:‬من الجدير بالمالحظة أنه في حين تم في كل أزمة صناعية سابقة‬
‫سحق النقابات العمالية ومحوها من الوجود‪ ،‬فإن النقابات الموجودة اآلن أظهرت‬
‫‪164‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ليس فقط قوى المقاومة‪ ،‬بل أيضًا قوى المقاومة ‪.‬االستقرار والديمومة"‪.‬‬
‫إن أهمية ‪AF‬لـ ‪L.‬في تعزيز المفاهيم العملية للنقابية الجديدة ال ينبغي أن تحجب حقيقة أن النقابات‬
‫الوطنية كانت األساس الحقيقي للحركة العمالية المنتعشة –سواء في نهاية القرن التاسع عشر أو في‬
‫السنوات الالحقة ‪.‬يمكن أن توجد بدون التركيز البؤري التلقائي لـ ‪ ،L.‬لكن التركيز البؤري التلقائي لـ‬
‫‪L.‬ليس له معنى بدونها ‪.‬وكان استقاللهم الذاتي كامالً‪ ،‬وكانوا هم من سيطروا على النقابات المحلية‬
‫التي شكلت عضوية الحركة العمالية ‪.‬كانت وظائفهم هي توجيه أنشطة السكان المحليين‪ ،‬وتوسيع‬
‫نطاق التنظيم النقابي من خالل التجارة أو الصناعة التي كان لديهم سلطة عليها‪ ،‬وتقديم المساعدة قدر‬
‫المستطاع في المفاوضة الجماعية واإلضرابات (والتي تم فرض ضرائب على الفرد من أجل صندوق‬
‫الدفاع العام) ‪ ،).‬والمشاركة في البرنامج األكثر عمومية لـ ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬‬
‫مع مرور الوقت‪ ،‬قامت النقابات الحرفية األصلية بتوسيع نطاق اختصاصها بشكل كبير‪ ،‬وغالبًا ما‬
‫تعكس أسماؤها تاريخ هذا التوسع ‪.‬يمكن تقديم العديد من األمثلة‪ ،‬ولكن أحد األمثلة التي يتم االستشهاد‬
‫بها في كثير من األحيان لتوضيح هذا االتجاه هو الرابطة الدولية لعمال تلميع الرخام واألردواز والحجر‬
‫‪ ،‬والمطاط والمناشير‪ ،‬ومساعدو تركيب البالط والرخام‪ ،‬ومساعدو تيرازو ‪.‬كان إدخال تقنيات جديدة‬
‫وتغيرات اقتصادية أخرى هو جعل تسوية المشكالت القضائية أحد االهتمامات الرئيسية لـ ‪AF of L.‬‬
‫منذ أيام تأسيسها‪.‬‬
‫إحدى المجموعات المهمة من النقابات التي لم تنتسب إلى ‪AF‬في ‪L.‬كانت أخويات السكك‬
‫الحديدية ‪ .‬لقد اتبع تنظيم موظفي السكك الحديدية مساره الخاص‪ ،‬ورغم أنه كان يعتمد على الخطوط‬
‫الحرفية‪ ،‬إال أنه ألسباب خاصة به اختلف بشكل كبير في جوانب أخرى عن العمال اآلخرين ‪.‬نظم‬
‫مهندسو القاطرات في وقت مبكر من عام ‪ ،1863‬وقائدو السكك الحديدية بعد خمس سنوات‪ ،‬وعمال‬
‫القطار في عام ‪ ،1873‬وبعد عقد من الزمن رجال اإلطفاء ‪.‬على الرغم من مشاركتهم في إضرابات‬
‫السكك الحديدية عام ‪ ، 1877‬أصبحت األخويات األربع محافظة بشكل متزايد في السنوات الالحقة‪،‬‬
‫وبسبب الطبيعة الخطرة لعمل أعضائها ‪ ،‬كانت ميزات التأمين والمزايا لبرامج نقاباتهم دائ ًما ذات أهمية‬
‫أساسية ‪.‬كان التنظيم الدائم لموظفي السكك الحديدية اآلخرين يتطور بشكل أبطأ ‪.‬بعد محاولة يوجين‬
‫ف ‪ .‬دبس تشكيل اتحاد سكك حديدية أمريكي شامل في تسعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬والذي سنعود‬
‫إليه‪ ،‬تم تشكيل نقابات منفصلة لعمال المتاجر‪ ،‬وعمال التبديل‪ ،‬وعمال السفن‪ ،‬وعمال اإلشارة‪ ،‬وعمال‬
‫التلغراف‪ ،‬وكتبة السكك الحديدية والسفن البخارية كنقابات منتسبة‬
‫‪The American F ederation of Labor‬‬ ‫‪165‬‬
‫‪.‬من ‪AF L.‬على الرغم من استمرار استقالل األخويات األربع‪.‬‬
‫وحقيقة أن النقابات الدولية نجت من الكساد الذي شهدته تسعينيات القرن التاسع عشر لم تكن تعني‬
‫أن العمال بدأوا في اتباع طريقتهم الخاصة‪ ،‬أو أن حتى النقابات األكثر تنظيما ً أصبحت قادرة على‬
‫االلتقاء بأصحاب العمل على قدم المساواة ‪.‬وظلت أجور العمال المهرة منخفضة وامتدت لساعات طويلة‬
‫في تسعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬في حين كانت الغالبية العظمى من العمال غير المهرة تعيش على‬
‫أدنى مستويات الكفاف ‪.‬كان العمل ال يزال يعتبر سلعة يمكن شراؤها بأرخص سعر ممكن‪ ،‬ولم يتم قبول‬
‫حقه في التنظيم والمفاوضة الجماعية بأي حال من األحوال ‪.‬وبينما سعت الصناعة إلى كسر قوة‬
‫النقابات من خالل القائمة السوداء‪ ،‬واألقسام الحديدية‪ ،‬ومفسدي اإلضرابات‪ ،‬ومحققي بنكرتون‪ ،‬وفي‬
‫مكافحة اإلضرابات تمكنت من استدعاء ميليشيات الدولة والقوات الفيدرالية باسم القانون والنظام‪،‬‬
‫وجد العمال أنفسهم يكافحون ضد ما كانت ال تزال احتماالت ساحقة‪.‬‬
‫إن حيوية اتحاد العمل األمريكي تحمل األمل في المستقبل ‪.‬على الرغم من تفاؤل جومبرز‪ ،‬إال أن‬
‫الكساد المستمر في تسعينيات القرن التاسع عشر كان له تأثير كبير على العاملين بأجر في البالد‪ ،‬وفي‬
‫الحرب الصناعية في تلك السنوات‪ ،‬كان عليهم أن يعانوا من بعض هزائمهم األكثر حس ًما‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫‪ :X‬هومستيد وبولمان‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫في حين أن األهمية الدائمة لتسعينيات القرن التاسع عشر في تاريخ العمل تكمن في االنتصار النهائي‬
‫التحاد العمال األمريكي على فرسان العمل والقوة الواضحة للنقابات الجديدة‪ ،‬إال أن العقد تميز بشكل‬
‫أكثر دراماتيكية بإضراباته العظيمة ‪.‬لم يحدث من قبل أن انخرطت العمالة ورأس المال في مثل هذه‬
‫الحرب الخاصة المنظمة كما حدث في هومستيد عام ‪ ،1892‬ولم يصبح الجمهور أكثر انزعا ًجا من‬
‫مخاطر الصراع الصناعي مما كان عليه الحال خالل إضراب بولمان الكبير بعد ذلك بعامين ‪.‬تختلف‬
‫هاتان الثورتان عن انتفاضة عمال السكك الحديدية في عام ‪1877‬في المقام األول ألنها كانت إضرابات‬
‫نظمتها نقابات قوية وليست تعبيرات عفوية عن التمرد‪ ،‬لكنهما تميزتا تقري ًبا بالعنف وإراقة الدماء ‪.‬ولم‬
‫يكن من الممكن أن نسلط الضوء على خطورة مشكلة العمالة كما كانت في تسعينيات القرن التاسع‬
‫عشر‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬كان للسخط العام بين العمال الصناعيين‪ ،‬والذي انعكس في هذه اإلضرابات‪،‬‬
‫تداعيات سياسية‪ ،‬حيث تعمق الكساد في تسعينيات القرن التاسع عشر وارتبطت االضطرابات الحضرية‬
‫بالثورة الزراعية مع صعود الشعبوية ‪.‬التحالف بين مزارعي الغرب األوسط والعمال الشرقيين لم يتم‬
‫ترسيخه بقوة‪ ،‬ويرجع ذلك جزئ ًيا إلى استمرار إحجام ‪AF‬من ‪L.‬عن االنخراط في النشاط السياسي‬
‫المباشر‪ ،‬ولكن كان هناك خوف واسع النطاق في عام ‪1896‬بين المحافظين من فوز االنتخابات لـ ‪L.‬‬
‫إن المذاهب المتطرفة التي طرحها الشعبويون من شأنها أن تقوض النظام الرأسمالي‪.‬‬

‫في الصباح الباكر من يوم ‪6‬يوليو ‪ ،1892‬تم سحب صندلين ببطء فوق نهر مونونجاهيال باتجاه‬
‫هومستيد‪ ،‬بنسلفانيا ‪.‬كانت هناك مشكلة في المصنع المحلي التابع لشركة ‪Carnegie Steel Com .‬‬
‫العمال المهرة في هومستيد‪ ،‬أعضاء الرابطة المندمجة لعمال الحديد والصلب والقصدير‪ ،‬رفضوا قبول‬
‫‪168‬عمالً جديدًا‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪167‬‬
‫تخفيضات األجور وتم دعمهم في موقفهم من قبل بقية القوى العاملة ‪.‬قام المدير العام للشركة‪ ،‬هنري‬
‫كالي فريك‪ ،‬المتشدد والمناهض العنيد للعمال‪ ،‬بإغالق المصنع بأكمله بشكل قاطع ورفض إجراء أي‬
‫مفاوضات أخرى مع النقابة ‪ .‬أدى نواب العمدة الخاصون اليمين لحراسة ممتلكات الشركة‪ ،‬التي كانت‬
‫محاطة بسياج مرتفع يعلوه أسالك شائكة‪ ،‬لكن العمال المغلقين طردوهم خارج المدينة القتناعهم بأن‬
‫هذه االستعدادات تنذر باستخدام مفسدي اإلضراب ‪.‬لقد كان تحد ًيا لسلطته وكان فريك سعيدًا جدًا بقبوله ‪.‬‬
‫كانت هذه فرصته لسحق االندماج مرة واحدة وإلى األبد ‪.‬كان على متن الصندلتين اللتين تم سحبهما إلى‬
‫مونونجاهيال ثالثمائة محقق من بينكرتون‪ ،‬مسلحين ببنادق وينشستر‪.‬‬
‫بينما كان الجيش الخاص التابع لشركة الصلب يسير جنبًا إلى جنب مع مصانع هومستيد ويستعد‬
‫للهبوط‪ ،‬حدث تبادل مفاجئ إلطالق النار بين الصنادل والشاطئ ‪.‬كان العمال قد تحصنوا خلف حاجز من‬
‫قضبان الفوالذ‪ ،‬وعندما حاول آل بينكرتون االستيالء على المصنع‪ ،‬تعرضوا للضرب في معركة محتدمة‬
‫دارت على طول واجهة النهر ‪.‬طوال ذلك اليوم‪ ،‬من الرابعة صبا ًحا وحتى الخامسة بعد الظهر‪ ،‬استمر‬
‫وابل الطلقات النارية ‪.‬قام المضربون بإعداد مدفع نحاسي صغير خلف صدرية من روابط السكك‬
‫الحديدية وفتحوا النار المباشرة على المراكب ‪.‬وبعد فشلهم في إغراقهم‪ ،‬سكبوا براميل من الزيت في‬
‫النهر وأشعلوا النار في الزيت ‪.‬مع مقتل ثالثة رجال وإصابة العديد من الجرحى‪ ،‬حوصرت عائلة‬
‫بينكرتون ‪ .‬بعد أن هجرتهم القاطرة التي كانت تسحبهم إلى أعلى النهر‪ ،‬واحتشدوا بال حول وال قوة في‬
‫أخيرا العلم األبيض واتفقوا على االستسالم ‪.‬وفي مقابل‬‫ً‬ ‫المركب الذي كان يقع بعيدًا عن الشاطئ‪ ،‬رفعوا‬
‫ضمان السلوك اآلمن خارج المجتمع‪ ،‬تخلوا عن أسلحتهم وذخائرهم‪.‬‬
‫لكن المشاعر كانت متصاعدة للغاية في هومستيد‪ ،‬حيث كان من بين الضحايا سبعة قتلى‪ ،‬بحيث لم‬
‫يكن من السهل إعادة إرساء النظام ‪.‬عندما وصل آل بينكرتون إلى الشاطئ‪ ،‬تعرضوا للهجوم مرة أخرى‬
‫واضطروا إلى مواجهة حشد غاضب من الرجال والن ساء المسلحين بالحجارة والهراوات‪ ،‬قبل أن يتم‬
‫نقلهم بأمان إلى بيتسبرغ ‪.‬ثم ساد هدوء غير مستقر على البلدة الصغيرة حيث كان عمال‬
‫‪ ،Homestead‬المنتصرون في هذه الجولة األولى‪ ،‬ينتظرون التحركات التالية من قبل الشركة‪.‬‬
‫ولم يحدث أي تطور آخر إال بعد ستة أيام ‪.‬ثم في ‪12‬يوليو‪ ،‬حشدت ميليشيا الوالية ثمانية آالف‬
‫جندي من قبل حاكم والية بنسلفانيا بنا ًء على نداء فريك للمساعدة‪ ،‬وساروا بهدوء‬
‫‪168‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫للسيطرة على هومستيد بموجب األحكام العرفية ‪.‬وبفضل هذه الحماية‪ ،‬بدأت شركة كارنيجي في جلب‬
‫الجرب " ‪-‬الخروف األسود "الذي عرف العمال المغلقون أنه تم تعيينهم لتولي وظائفهم ‪-‬وشرعت في‬
‫توجيه اتهامات بأعمال الشغب والقتل ضد قادة اإلضراب بسبب الهجوم على عائلة بينكرتون ‪. .‬تم بعد‬
‫ذلك إعادة فتح المصنع بحماية الميليشيات والرجال غير النقابيين الذين حصلوا على وظائف أعضاء‬
‫أمالجا المتزاوجين ‪.‬عندما تم إلغاء اإلضراب رسميًا في نوفمبر ‪ ،‬تم إحضار ألفي مفسد لإلضراب وتمت‬
‫إعادة حوالي ثمانمائة فقط من القوة العاملة األصلية في هومستيد والتي يبلغ عددها حوالي أربعة آالف‪.‬‬
‫في أعقاب المعركة األصلية‪ ،‬وقع عمل آخر من أعمال العنف ‪.‬في ‪23‬يوليو‪ ،‬اقتحم ألكسندر‬
‫بيركمان‪ ،‬وهو فوضوي روسي المولد‪ ،‬ولم يكن له أي صلة على اإلطالق بالمضربين ولكن تم استفزازه‬
‫من خالل توظيف شركة كارنيجي لعمالء بينكرتون‪ ،‬طريقه إلى مكتب فريك في بيتسبرغ وحاول‬
‫اغتياله ‪.‬وعلى الرغم من إطالق النار عليه وطعنه‪ ،‬إال أن المدير التنفيذي للصلب لم يصب بجروح قاتلة‬
‫وتم القبض على مهاجمه ‪.‬تم التخطيط لالعتداء من قبل رجل بيرك ورفيقته إيما جولدمان‪ ،‬وهي ال تقل‬
‫سا عن "الدعاية عن طريق الفعل"‪ ،‬ونقص األموال الالزمة للقيام بالرحلة إلى بيتسبرغ‪ ،‬كما كشفت‬ ‫حما ً‬
‫الحقًا في سيرتها الذاتية‪ ،‬كان سببًا في ذلك ‪.‬منعتها من مرافقة بيركمان في مهمته ‪.‬و ُحكم عليه بالسجن‬
‫لمدة واحد وعشرين عا ًما بتهمة االعتداء بقصد القتل ‪.‬وبعد أن تم تأجيره بعد ثالثة عشر عا ًما من‬
‫واليته‪ ،‬تم ترحيله الحقًا مع إيما جولدمان إلى روسيا السوفيتية‪.‬‬
‫وكانت هذه األحداث الصادمة سببا ً في إثارة البالد في بعض النواحي بدرجة أكبر من تلك التي أثارتها‬
‫االضطرابات الكبرى في ثمانينيات القرن التاسع عشر أو إضرابات السكك الحديدية قبل عقد من الزمن ‪.‬‬
‫ألن قضية هومستيد لم تكن انتفاضة عفوية من جانب العمال غير المنظمين ‪.‬لقد كانت حربًا بين واحدة‬
‫من أقوى الشركات الحديثة الكبرى وما كان وقتها واحدًا من أقوى النقابات في البالد ‪.‬وقد اتخذ كل طرف‬
‫في النزاع القانون بيده ‪.‬أعطت صحيفة "شيكاغو تريبيون "صفحتها األولى بأكملها في ‪7‬يوليو‪/‬تموز‬
‫وصفًا ح ًيا لما ُوصف بأنه "معركة لم تتفوق عليها الحرب الفعلية من أجل التعطش للدماء والجرأة ‪".‬‬
‫حتى إضراب هومستيد‪ ،‬كانت العالقات بين شركة كارنيجي والنقابة ودية بشكل موحد‪ ،‬وكانت‬
‫ظروف العمل محكومة بعقد مدته ثالث سنوات للعمال المهرة ينص على جدول أجور متدرج يعتمد على‬
‫سعر قضبان الفوالذ‪.‬‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪169‬‬
‫كان كارنيجي قد أعلن أنه يؤيد النقابات بالكامل‪ ،‬وذكر في مقال نشر في المنتدى قبل بضع سنوات أن‬
‫حق العمال في االتحاد لم يكن أقل قدسية من حق المصنعين ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬فقد أعرب عن تعاطفه‬
‫الحقيقي مع العمال المهددين بفقدان الوظائف من خالل استخدام مفسدي اإلضراب ‪.‬لقد كتب " ‪:‬إن توقع‬
‫صا يعتمد على أجره اليومي في الحصول على ضروريات الحياة‪ ،‬سيقف بسالم ويرى رجالً جديدًا‬ ‫أن شخ ً‬
‫ً‬
‫يعمل بدال منه‪ ،‬هو توقع أكثر من الالزم ‪".‬ولكن عندما انتهى عقد االتحاد القديم في هومستيد في عام‬
‫‪ ،1892‬كان كارنيجي نفسه في إنجلترا وكانت المفاوضات بالكامل في أيدي فريك‪.‬‬
‫لو كان كارنيجي على األرض‪ ،‬لكان مسار األحداث مختل ًفا تما ًما‪ ،‬ومع ذلك تظل الحقيقة أنه أطلق يد‬
‫فريك ولم يكن من الممكن أن يكون على علم بموقف مديره العام المناهض للعمال ‪.‬وفي الواقع‪ ،‬قال ألحد‬
‫المراسلين أثناء اإلضراب إن "التعامل مع القضية من جانب الشركة حظي بموافقتي الكاملة"‪ ،‬وفي‬
‫رسالة إلى جالدستون‪ ،‬رجل الدولة البريطاني‪ ،‬أعلن أن شركته عرضت العمال بشروط سخية و"لقد‬
‫ذهبوا إلى أبعد ما كنت أتمنى ‪".‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ذكر أيضًا في هذه الرسالة نفسها أنه في سعيه لفرض‬
‫شروطه من خالل تشغيل مصنع هوم ستيد مع رجال جدد‪ ،‬اتخذ فريك خطوة خاطئة ‪.‬وقال لجالدستون ‪:‬‬
‫«إن األلم الذي أعانيه يتزايد يوميًا ‪.‬األعمال ال تساوي قطرة واحدة من دم اإلنسان ‪.‬أتمنى لو أنهم‬
‫غرقوا"‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان فريك هو المسيطر‪ ،‬وكان من الواضح أن نيته في جلب كاسري اإلضراب وحراس‬
‫بنكرتون‪ ،‬والتي تم اتخاذ الترتيبات الالزمة لها حتى قبل فشل مفاوضات األجور‪ ،‬كانت تهدف إلى تحطيم‬
‫النقابة ‪.‬وقد نجح ‪.‬لقد انهار بالكامل في هومستيد وضعفت بشكل كبير في مصانع الصلب األخرى في‬
‫منطقة بيتسبرغ حيث أدت الضربات المتعاطفة إلى أعمال انتقامية حادة ‪.‬كان من المفترض أن تبذل‬
‫منظمة االندماج بعض الجهود اإلضافية لتنظيم عمال الصلب‪ ،‬ولكن في مواجهة المعارضة المستمرة‬
‫من قبل شركة كارنيجي وخليفتها‪ ،‬شركة الصلب األمريكية‪ ،‬فقدت األرض بشكل مطرد ‪.‬ولم يتم إنشاء‬
‫نقابة فعالة للصلب إال بعد مرور أربعين عا ًما تقريبًا‪ ،‬عندما تم تشكيل اللجنة المنظمة لعمال الصلب مع‬
‫إحياء النقابات الصناعية في ثالثينيات القرن العشرين‪.‬‬
‫كان ‪Amalgamated‬تابعًا التحاد العمل األمريكي وأعرب جومبرز بشدة عن تعاطفه مع‬
‫المضربين وساعد في جمع األموال للدفاع عن المتهمين بالمسؤولية عن الهجوم على ‪Pinkertons.‬‬
‫لكن االتحاد لم يكن في‬
‫‪170‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وضع يسمح له بتقديم أي مساعدة فعالة وال بد أن عبارات جومبرز البليغة كانت بمثابة عزاء بارد‬
‫للمضربين‪.‬‬
‫ونُقل عنه قوله في صحيفة " ‪Pittsburgh Leader:‬أنتم عمال الصلب في هومستيد" ‪".‬إذا كانت‬
‫هناك شجيرة ورد تتفتح فهذا عملك؛ إذا كان هناك أي شيء تحت الشمس يشرق عليك‪ ،‬مما يجعل‬
‫‪Homestead‬ذا قيمة‪ ،‬فهو عملك ‪.‬لقد رفضتم الخضوع لهذا المستبد الرائع‪ ،‬وكان الرد األول الذي‬
‫قدمه لكم هو إرسال تلك المجموعة من المأجورين إلى هذا المجتمع المسالم إلجباركم على االنحناء له‪،‬‬
‫وفي النهاية طردكم من منازلكم المسالمة ‪ .‬ال أعرف من أطلق الطلقة األولى في ذلك الصباح الذي ال‬
‫يُنسى من اليوم السادس ‪.‬في يوليو‪/‬تموز‪ ،‬ولكنني أعلم أن قلوب الشعب األمريكي تنبض بانسجام‬
‫وتعاطف مع رجال هومستيد الشجعان ‪.‬أنا رجل سالم وأحب السالم‪ ،‬ولكنني مثل ذلك الرجل العظيم‪،‬‬
‫باتريك هنري‪ ،‬أقف كمواطن أمريكي و"أعطني الحرية أو أعطني الموت" ‪".‬‬
‫كان من المقرر أن تأخذ هومستيد مكانها في سجالت تاريخ العمل باعتبارها واحدة من المعارك‬
‫الكبرى من أجل حقوق العمال‪ ،‬وكانت تداعياتها المباشرة على الصعيد الوطني ‪.‬كانت هناك مناقشات‬
‫محتدمة في الكونجرس حول ما تعنيه هذه الحرب الصناعية لألمة ‪.‬أعلن السيناتور بالمر من إلينوي أن‬
‫جيش بينكرتون أصبح معروفًا بشكل واضح مثل الجيش النظامي " ‪-‬إن القائد األعلى لهذا الجيش‪ ،‬مثل‬
‫بارونات العصور الوسطى‪ ،‬لديه قوة يمكن زيادتها بكل سرور لخدمة أولئك الذين "سوف يدفع له أو‬
‫لهم ‪" -‬وأكد أن العمال لهم الحق في مقاومة هجومها دفاعًا عن وظائفهم ومنازلهم ‪.‬وذكر أيضًا في‬
‫إشارة إلى شركات مثل شركة كارنيجي‪ ،‬أن "أصحاب هذه الممتلكات يجب أن يُنظر إليهم فيما بعد على‬
‫أنهم يحتفظون بممتلكاتهم خاضعة للحقوق المرتبطة بأولئك الذين بدون خدماتهم ستكون الممتلكات‬
‫عديمة القيمة تما ًما‪".‬‬
‫ولكن خارج صفوف العمال نفسها‪ ،‬لم تجد مثل هذه األفكار التقدمية سوى القليل من الدعم ‪.‬لقد‬
‫حكمت السياسة العديد من أشكال التعبير عن الرأي ‪.‬وانتهزت الصحف الديمقراطية المعارضة للتعريفة‬
‫الحمائية الفرصة إلظهار أنه على الرغم من جميع المطالبات المقدمة بشأن الرسوم المرتفعة كحماية‬
‫آمنة ألجور العمال األمريكيين‪ ،‬فإن صناعة الصلب كانت مع ذلك تخفض األجور وتستغل موظفيها ‪.‬‬
‫وأدانوا استخدام مرتزقة بينكرتون وأعربوا عن تعاطفهم مع العمال المغلقين ‪.‬بعض الصحف‬
‫الجمهورية‪ ،‬المستاءة من قضية التعريفة الجمركية‪ ،‬حثت شركة كارنيجي على اتباع‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪171‬‬
‫مسار أكثر تصالحية لدحض اتهامات الديمقراطيين ‪.‬لكن في معظم األوقات‪ ،‬اتخذت الصحافة موقفًا مفاده‬
‫أنه على الرغم من أن موظفي هومستيد لم يرغبوا في العمل مقابل األجور المعروضة عليهم‪ ،‬إال أنه ال‬
‫يوجد مبرر لسعيهم إلى منع اآلخرين من قبول مثل هذه الشروط ‪.‬ذكرت صحيفة اإلندبندنت أن "الرجال‬
‫يتحدثون مثل الفوضويين أو المجانين‪ ،‬عندما يصرون على أن العمال في هومستيد قد فعلوا الصواب ‪".‬‬
‫تم دعم شركة الصلب في تأكيد قدرتها على توفير الحماية لمن تختار توظيفهم‪.‬‬
‫زعيم كليفالند " ‪:‬إذا كانت الحضارة والحكومة لها أي قيمة‪ ،‬فإن حق كل إنسان في العمل لصالح من‬
‫يشاء يجب الحفاظ عليه وسيتم الحفاظ عليه ‪".‬في مقال في مجلة ‪ ،North American Re view‬قام‬
‫جورج تيكنور كيرتس بتطوير هذه النظرية بشكل أكبر ‪.‬قال“ ‪:‬إن الواجب األول للسلطة التشريعية هو‬
‫تحرير العامل الفردي من طغيان طبقته ‪.‬ال ينبغي السماح للعامل الفردي باالنتحار األخالقي من خالل‬
‫تسليم حريته لسيطرة زمالئه في العمل ‪.‬ولحماية حق وهمي في تحديد الشروط التي يمكنه بموجبها بيع‬
‫خدماته بشكل فردي‪ ،‬تم حرمان العامل من حقه في االرتباط مع اآلخرين في المفاوضة الجماعية ‪.‬لم يكن‬
‫من الممكن التعبير عن الموقف المناهض للنقابات ألصحاب العمل المحافظين بشكل أكثر وضو ًحا‪.‬‬

‫كان هناك عدد من اإلضرابات العنيفة األخرى خالل هذه األيام المظلمة عندما كانت قوى الصناعة‬
‫الجديدة تتجاهل حق العمال في تنظيم وحماية مصالحهم ‪.‬عمال مناجم المعادن في كور دالين‪ ،‬أيداهو؛‬
‫عمال التبديل في بوفالو‪ ،‬نيويورك؛ وخرج عمال مناجم الفحم في تينيسي في تح ٍد ألصحاب عملهم‪ ،‬وفي‬
‫كل حالة تم كسر إضراباتهم بالقوة من خالل تدخل ميليشيا الدولة ‪.‬ومع استيطان الكساد بشكل مشؤوم‬
‫على األرض وتضخم جيش العاطلين عن العمل إلى حوالي ثالثة ماليين‪ ،‬وصلت النزاعات العمالية إلى‬
‫ذروتها وشارك فيها عدد أكبر من العمال –حوالي ‪750‬ألف عامل –مقارنة بإضرابات عام ‪1886.‬‬
‫ومن بين كل هذه الصراعات‪ ،‬كان إضراب بولمان عام ‪1894‬صام ًدا ‪.‬بشكل أكثر وضوحا‪.‬‬
‫كان موظفو شركة بولمان باالس للسيارات‪ ،‬من ناحية‪ ،‬في وضع مختلف تما ًما عن السواد األعظم‬
‫من العمال الصناعيين ‪.‬كان لديهم شرف العيش في مدينة نموذجية ‪.‬أنشأ رئيس الشركة‪ ،‬جورج إم‬
‫بولمان‪ ،‬مجتمعًا لموظفيه‬
‫‪172‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫بمنازل أنيقة من الطوب متجمعة حول ساحة صغيرة حيث تتناوب أحواض الزهور الزاهية مع مساحات‬
‫خضراء من العشب ‪.‬كان المكان بأكمله " ً‬
‫مظلال باألشجار‪ ،‬ومليئ ًا بالحدائق‪ ،‬ومناظر مائية جميلة‬
‫ولمحات هنا وهناك من أعمال البستنة الفنية ذات المناظر الطبيعية "‪.‬في الحماس الكبير للوكيل‬
‫الصحفي للشركة‪ ،‬كانت بولمان "مدين ة‪ ،‬باختصار‪ ،‬حيث يتم القضاء على كل ما هو قبيح ومتنافر‬
‫ومحبط ويتم توفير كل ما يلهم احترام الذات بسخاء ‪".‬‬
‫ولكن هل كانت سمات الحياة السعيدة هذه في بولمان "مقدمة بسخاء "بالفعل؟ لم يكن أمام الموظفين‬
‫خيار سوى العيش في هذا المجال اإلقطاعي‪ ،‬حيث يستأجرون منازلهم أو شققهم من الشركة‪ ،‬ويشترون‬
‫المياه والغاز من الشركة‪ ،‬ويدفعون للشركة مقابل خدمات أخرى مثل إزالة القمامة وسقي الشوارع‬
‫يوميًا‪ ،‬وشراء اإلمدادات ‪.‬من متجر الشركة‪ ،‬االشتراك في مكتبة تأجير الشركة ‪.‬وكانت إيجارات الشقق‬
‫في المدينة النموذجية‪ ،‬التي لم يكن بها في معظم الحاالت أحواض استحمام وصنبور مياه واحد لكل‬
‫خمس عائالت‪ ،‬أعلى بنحو ‪25‬في المائة عنها في المجتمعات المجاورة ‪.‬كما تم فرض أقساط مرتفعة‬
‫على خدمات المرافق العامة" ‪.‬يا الجحيم "!نُقل عن مارك حنا الصريح تعليقه على المجال الباروني‬
‫لشقيقه الصناعي" ‪.‬نموذج ‪-.‬اذهب وعش في بولمان واكتشف المبلغ الذي يبيعه بولمان من مياه وغاز‬
‫المدينة بنسبة أعلى بنسبة عشرة في المائة لهؤالء الحمقى المساكين»!‬
‫مع كساد عام ‪ ،1893‬تعرضت شركة بولمان لفترة من الوقت لضربة قوية‪ ،‬وبعد تسريح أكثر من‬
‫‪3000‬من موظفيها البالغ عددهم ‪ ،5800‬خفضت أجور أولئك الذين احتفظوا بهم من خمسة وعشرين‬
‫إلى أربعين في المائة دون أي تخفيض مماثل في اإليجارات ‪.‬لمنازل الشركة ‪.‬وكانت العواقب كارثية ‪.‬‬
‫ونادرا ما كان العامل يكسب ما يصل إلى ستة دوالرات في األسبوع بعد قيام الشركة بخصمها ‪.‬في إحدى‬
‫المواقف‪ ،‬وجد أحد الموظفين أنه بعد خصم دفع اإليجار‪ ،‬وصل راتبه إلى سنتان ‪.‬وقال القس دبليو إتش‬
‫كارواردين‪ ،‬من كنيسة بولمان الميثودية األسقفية" ‪:‬لم يقم بصرفها أبدًا" ‪".‬لقد قام بتأطيرها "‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬وفي نفس الوقت الذي كانت تحدث فيه مثل هذه األمور‪ ،‬استمرت شركة بولمان في دفع أرباح‬
‫األسهم ‪.‬وحتى بعد أن بدأ العمل في التحسن‪ ،‬مما مكن الشركة من استعادة حوالي ‪2000‬من موظفيها‪،‬‬
‫لم يتم اتخاذ أي خطوات الستعادة تخفيضات األجور أو خفض اإليجارات‪.‬‬
‫أخيرا‪ ،‬في مايو ‪ ،1894‬طلبت لجنة من الموظفين النظر‬
‫ً‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪173‬‬
‫في شكاواهم ‪.‬رفض بولمان رفضًا قاطعًا النظر في أي تعديالت على األجور على أساس أن الشركة ال‬
‫تزال تخسر أموالها‪ ،‬ولم يتخذ أي إجراء فيما يتعلق باإليجارات ‪.‬أعلن باستخفاف أنه ال توجد عالقة على‬
‫اإلطالق بين الوظائف المزدوجة للشركة كصاحب عمل ومالك ‪.‬وبعد المقابلة مباشرة تقري ًبا‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من التأكيدات األكيدة بأنه لن يكون هناك أي تمييز ضد لجنة التظلمات‪ ،‬تم تسريح ثالثة من‬
‫أعضائها بإجراءات موجزة‪.‬‬
‫خالل هذا العام المليء بالمشقة والمعاناة‪ ،‬تم تنظيم عمال بولمان على نطاق واسع في السكان‬
‫المحليين التابعين التحاد السكك الحديدية األمريكية ‪.‬تم تشكيل هذه الجمعية الجديدة‪ ،‬المستقلة عن جميع‬
‫االتحادات العمالية األخرى‪ ،‬في العام السابق فقط على يد يوجين ف ‪.‬دبس كاتحاد صناعي مفتوح لجميع‬
‫الموظفين البيض في السكك الحديدية ‪.‬عند إقالة األعضاء الثالثة في لجنة التظلمات‪ ،‬والذين كانوا أيضًا‬
‫أعضاء في اتحاد السكك الحديدية األمريكية‪ ،‬دعا سكان بولمان المحليون إلى اإلضراب ‪.‬وعندما ردت‬
‫الشركة بتسريح جميع العمال وإغالق المصنع‪ ،‬تم تقديم نداء إلى المؤتمر الوطني للمساعدة ‪.‬جرت‬
‫محاوالت لتقديم القضا يا المتنازع عليها إلى التحكيم‪ ،‬ولكن عندما قابل بولمان هذه المبادرات ببيان ال‬
‫هوادة فيه" ‪:‬ليس هناك ما يمكن التحكيم فيه"‪ ،‬استعد اتحاد السكك الحديدية األمريكية التخاذ إجراء ‪.‬‬
‫قرارا يقضي بأنه إذا لم يتم قبول التحكيم في غضون خمسة أيام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وفي ‪21‬يونيو‪/‬حزيران‪ ،‬اعتمدت‬
‫فسيتم إصدار أمر ألعضائها بعدم التعامل مع أي من سيارات بولمان‪.‬‬
‫السكك الحديدية التي تستخدم سياراتها‪ ،‬تم قبول التحدي المتمثل في النقابة على الفور من قبل رابطة‬
‫العمال العامين ‪ ،‬وهي مجموعة مكونة من المديرين التنفيذيين ألربعة وعشرين خ ًطا للسكك الحديدية‬
‫تدخل شيكاغو والتي سيطر ألتو جيثر على حوالي أربعين ألف ميل من المسار ‪.‬وأمرت بتسريح أي‬
‫عامل "يقطع "سيارة بولمان من أي قطار ‪.‬ولكن لم يكن من السهل تخويف أعضاء اتحاد السكك‬
‫الحديدية األمريكية ‪.‬في كل مرة يُطرد فيها رجل بسبب رفضه التعامل مع سيارة بولمان‪ ،‬كان طاقم‬
‫القطار بأكمله يستقيل ‪.‬بحلول نهاية يوليو‪ ،‬أصبح اإلضراب عا ًما جدًا لدرجة أن كل خطوط السكك‬
‫الحديدية تقريبًا في الغرب األوسط تأثرت وتعرض نظام النقل بأكمله في البالد لتهديد خطير‪.‬‬
‫"النضال‪" ،‬أعلن دبس في نداء رنين لعمال السكك الحديدية ‪. . .‬لقد تطور األمر إلى صراع بين‬
‫الطبقات المنتجة‬
‫‪174‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫والسلطة المالية في البالد ‪.‬نحن نقف على أساس أن العمال لهم الحق في الحصول على نسبة عادلة من‬
‫عائدات عملهم ‪. . . ".‬ولكن بينما كان هناك تعاطف مع المضربين في بعض األوساط ‪ ،‬حيث أعرب‬
‫مارك هانا مرة أخرى بشكل خاص عن ازدرائه لرفض بولمان التحكيم‪ ،‬دعمت الصحافة المحافظة بقوة‬
‫جمعية المديرين العامين ‪.‬وأعلنت صحيفة شيكاغو هيرالد أن "الضرورة تكمن في السكك الحديدية‬
‫لهزيمة اإلضراب "‪ ،‬في حين ذكرت صحيفة نيويورك وورلد أن اإلضراب كان "حربًا ضد الحكومة‬
‫وضد المجتمع‪".‬‬
‫كزعيم لثورة عمال السكك الحديدية‪ ،‬انطلق يوجين ف‪ .‬دبس بين عشية وضحاها إلى الشهرة‬
‫الوطنية ‪.‬كان عمر اتحاد السكك الحديدية األمريكي عا ًما واحدًا فقط‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬تحت قيادته الذكية‬
‫والمقتدرة‪ ،‬اكتسب االتحاد بالفعل عضوية ‪-‬حوالي ‪150.000 -‬وهو ما كان أكبر من عضوية أخويات‬
‫السكك الحديدية األربع وتنافس كالً من فرسان العمل المتراجعين والحركة البطيئة ‪.‬االتحاد األمريكي‬
‫للعمل الناشئ ‪.‬خشيت كل من اإلدارة والنقابات العمالية أنه إذا نجح في تحقيق النجاح في هذه المنافسة‬
‫مع السكك الحديدية‪ ،‬فإن مبدأ النقابات الصناعية الذي جسده قد يفوز بانتصار من شأنه أن يحدد نمط‬
‫التنظيم العمالي في المستقبل‪.‬‬
‫كان دبس ابنًا لمهاجرين فرنسيين من األلزاس استقروا في تير هوت بوالية إنديانا حيث كان والده‬
‫يحتفظ بمحل بقالة ‪.‬بوم في عام ‪ ،1855‬ذهب للعمل في ساحات السكك الحديدية في سن الرابعة عشرة‬
‫سا في السادسة عشرة ‪.‬غادر لبعض الوقت الساحات ليعمل كاتب بقالة ويلعب بالسياسة‪،‬‬ ‫وأصبح مهند ً‬
‫لكنه تحول في عام ‪ 1878‬إلى الحركة العمالية وبعد ذلك بعامين‪ ،‬في سن الخامسة والعشرين‪ ،‬تم‬
‫سكرتيرا وطن ًيا وأمينًا لخزانة الحزب العمالي ‪.‬جماعة اإلخوان المسلمين من رجال اإلطفاء‬‫ً‬ ‫انتخابه‬
‫الدافع لوكو ورئيس تحرير مجلة لوكوموتيف رجال اإلطفاء ‪.‬ومن خالل جهوده إلى حد كبير تم بناء هذا‬
‫االتحاد خالل السنوات العشر التالية ليصبح منظمة مزدهرة وسليمة ماليًا‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬تزايد قلق دبس بشأن الموقف الحصري الذي حافظت عليه جماعة اإلخوان المسلمين‬
‫واالنعدام التام للتعاون بين أعضائها وموظفي السكك الحديدية اآلخرين ‪.‬لقد أصبح مقتن ًعا بأنه فقط من‬
‫خالل اتحاد جميع العمال في السكك الحديدية في البالد في جمعية واحدة يمكن تعزيز مصالح هذا الفرع‬
‫المهم من العمل بنجاح ‪.‬في عام ‪1892‬استقال فجأة من منصبه ذي األجر الجيد في جماعة إخوان رجال‬
‫إطفاء القاطرات وتولى بمفرده تقريبًا تشكيل اتحاد السكك الحديدية األمريكية‪.‬‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪175‬‬
‫كان دبس منظما ً ماهراً‪ ،‬ذكيا ً وعمليا ً ‪.‬لقد كان متحدثًا بلي ًغا وقو ًيا‪ ،‬وكان أيضًا مثاليًا مستعدًا لتقديم أي‬
‫تضحيات من أجل قضية يؤمن بها ‪.‬طوال حياته‪ ،‬كان يحظى بقدر مذهل من االحترام والوالء ‪.‬كان من‬
‫المقرر أن يتعرض للتشهير واإلساءة كما حدث مع عدد قليل من الرجال خالل إضراب بولمان‪ ،‬وتم‬
‫ورجال مجنو ًنا ‪ ،‬ولكن مع مرور‬ ‫ً‬ ‫ديكتاتورا عماليًا‪ ،‬ومجر ًما‪ ،‬وفوضو ًيا‪ ،‬ومجنونًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مهاجمته باعتباره‬
‫الوقت حتى أولئك الذين استمروا في إدانة األشياء التي من أجلها وقفت‪ ،‬ال يمكن أن تمنع تكريم الرجل ‪.‬‬
‫لم يكن هناك شك في صدقه وإخالصه الذي ال يتزعزع‪ ،‬سواء في تسعينيات القرن التاسع عشر كزعيم‬
‫عرف‬ ‫عمالي عدواني أو في السنوات الالحقة كمتحدث باسم االشتراكية األمريكية ‪.‬لم يسبق ألحد أن ّ‬
‫سا عن المحرومين‪.‬‬ ‫نفسه بشكل وثيق مع الجماهير المناضلة في حياتنا الوطنية أو كان مداف ًعا أكثر حما ً‬
‫قال دبس ذات مرة في تصريح كثر اقتباسه" ‪:‬رغم أن هناك طبقة أدنى فأنا أنتمي إليها« ‪".‬بينما‬
‫حرا"‪.‬‬
‫يوجد عنصر إجرامي‪ ،‬فأنا منه؛ فطالما أن هناك رو ًحا في السجن‪ ،‬فأنا لست ً‬
‫طويل القامة ونحيل‪ ،‬شبه أصلع حتى في وقت إضراب بولمان عندما كان في التاسعة والثالثين‪،‬‬
‫بجبهة عالية وعينين صريحتين‪ ،‬وكان سلوكه هادئًا ومتواضعًا ‪.‬شيء ما فيه لم يوقظ الثقة فحسب‪ ،‬بل‬
‫رجال أكثر لط ًفا ولط ًفا وكر ًما‬
‫ً‬ ‫ألهم المودة ‪.‬كتب كالرنس دارو" ‪:‬ربما عاش في وقت ما‪ ،‬في مكان ما‪،‬‬
‫من يوجين ديبس‪ ،‬لكنني لم أعرفه‪".‬‬
‫لم يكن دبس يرغب في اإلضراب الذي فرض على اتحاد السكك الحديدية األمريكية من خالل نداء‬
‫انتصارا مفاجئًا على طريق السكك الحديدية الشمالية‬ ‫ً‬ ‫عمال بولمان ‪.‬على الرغم من أنها حققت بالفعل‬
‫الكبرى‪ ،‬إ ال أنه كان يعلم أن منظمته الشابة لم تكن قوية بما يكفي بعد لمثل هذه المواجهة الهائلة مع‬
‫شركات السكك الحديدية المتحدة ‪.‬ولكن عندما رفض بولمان التحكيم‪ ،‬شعر أن النقابة ال يمكن أن تقف‬
‫جانبا ً دون خيانة موظفي بولمان ‪.‬وبعد أن اضطر ديبس إلى دعمها‪ ،‬نصح باستمرار باالعتدال وضبط‬
‫النفس ‪.‬وأمر المضربين بالبقاء سلبيين تما ًما وعدم اإلضرار بأي حال من األحوال بممتلكات السكك‬
‫الحديدية‪ ،‬وخالل المرحلة األولى من اإلضراب تم إطاعة هذه األوامر بشكل صارم‪.‬‬
‫لكن جمعية المديرين العامين لم تكن قادرة على تحمل تكاليف اإلضراب السلمي ‪.‬وسرعان ما قامت‬
‫سرا بربط سيارات البريد بسيارات بولمان بحيث يمكن‬ ‫باستيراد مفسدي اإلضراب من كندا‪ ،‬وأمرتهم ً‬
‫اتهامهم بالتدخل في رسائل البريد عندما يقطع المضربون األخيرة‬
‫‪176‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ .‬مما أدى إلى استحضار خطر العنف الذي ال يزال غير موجود‪ ،‬مما دفع المدعي العام أولني‪ ،‬الصديق‬
‫المعلن للسكك الحديدية‪ ،‬إلى تعيين ‪3400‬رجل‪ ،‬تم تعيينهم بالفعل بواسطة السكك الحديدية وتدفع لهم‬
‫السكك الحديدية‪ ،‬يؤدون اليمين كنواب خاصين للمساعدة في الحفاظ على السلطة ‪.‬تشغيل القطارات ‪.‬‬
‫وكانت هذه التكتيكات ناجحة ‪.‬ووقعت اشتباكات بين المضربين والنواب ‪.‬اندلعت أعمال الشغب ودمرت‬
‫ممتلكات السكك الحديدية ‪.‬وتأكيدًا على الفور أن مثل هذا العنف أصبح بالفعل خارج نطاق السيطرة‪،‬‬
‫ناشدت جمعية المديرين الرئيس كليفالند إلرسال قوات فيدرالية الستعادة النظام وحماية البريد وحماية‬
‫التجارة بين الواليات ‪.‬تم إرسال أربع سرايا من فرقة المشاة الخامسة عشرة إلى شيكاغو‪.‬‬
‫احتج حاكم والية إلينوي ألتجيلد على الفور على هذه الخطوة ‪.‬لم يكن الوضع خارج نطاق السيطرة‪،‬‬
‫فقد أرسل برقية إلى الرئيس‪ ،‬وكان المسؤولون المحليون قادرين تما ًما على التعامل معه ‪.‬وقال" ‪:‬لقد تم‬
‫تطبيق الحكومة الفيدرالية من قبل رجال لديهم دوافع سياسية وأنانية لرغبتهم في تجاهل حكومة‬
‫الوالية ‪. ...‬في الوقت الحاضر‪ ،‬تعاني بعض خطوط السكك الحديدية لدينا من الشلل‪ ،‬ليس بسبب‬
‫العوائق‪ ،‬ولكن ألنها ال تستطيع االستعانة برجال لتشغيل قطاراتها ‪...‬بصفتي حاكم والية إلينوي‪ ،‬أطلب‬
‫االنسحاب الفوري للقوات الفيدرالية من الخدمة الفعلية في هذه الحالة "‪.‬لكن احتجاج ألتجيلد ذهب‬
‫أدراج الرياح ‪.‬وكان قد أصدر مؤخرا ً عفوا ً عن الفوضويين المتورطين في قضية ميدان هايماركت‪،‬‬
‫وهاجمته الصحف بشدة ووصفته بأنه "صديق وبطل الفوضى ‪".‬ورغم أن كليفالند كان قد دعا في‬
‫رسالة سابقة إلى الكونجرس إلى التحقيق والتحكيم في المنازعات المتعلقة باألجور‪ ،‬فإنه لم ينظر في‬
‫هذه المناسبة إلى أبعد من الحفاظ على النظام ‪.‬لقد حافظ بقوة على الموقف الذي كان قد اتخذه وبرر‬
‫استخدام القوات الفيدرالية‪ ،‬على الرغم من اتهامات باغتصاب وظائف الدولة‪ ،‬على أساس أنه من‬
‫واجبه الدستوري الحفاظ على تشغيل قطارات البريد ‪.‬‬
‫ونُقل عنه قوله" ‪:‬إذا كان األمر يتطلب كل دوالر في وزارة الخزانة وكل جندي في الواليات المتحدة‬
‫لتسليم بطاقة بريدية في شيكاغو‪ ،‬فيجب تسليم تلك البطاقة البريدية‪".‬‬
‫ال تزال صفوف المضربين صامدة‪ ،‬وعلى الرغم من مفسدي اإلضراب والنواب الخاصين والجيش‪،‬‬
‫فإن ثالثة أرباع خطوط السكك الحديدية المتجهة إلى شيكاغو كانت في حالة توقف تام تقريبًا ‪.‬عالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬انتشر اإلضراب ‪.‬حدثت إضرابات متعاطفة من قبل المهندسين ورجال اإلطفاء والمصلحين‬
‫ورجال اإلشارة وأصحاب السفن وغيرهم من العمال في العديد من الخطوط في كل من الشرق‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪177‬‬
‫وأقصى الغرب ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان العنف يتزايد أيضًا ‪.‬ومع اشتداد النضال‪ ،‬لم يعد من الممكن‬
‫السيطرة على المضربين من خالل إقناع دبس السلمي ‪.‬وعندما بدأت القطارات تتحرك تحت حماية‬
‫القوات‪ ،‬سعى الغوغاء الغاضبون إلى إيقافها ‪.‬وسرعان ما استغل المتشردون وقطاع الطرق الوضع‪،‬‬
‫كما حدث في إضرابات السكك الحديدية عام ‪ ،1877‬ونُهبت مخازن السكك الحديدية‪ ،‬وأحرقت سيارات‬
‫الشحن والركاب‪ ،‬وألحقت أضرار بممتلكات أخرى‪.‬‬
‫ومع انتشار الفوضى‪ ،‬تحدثت الصحف والمجالت عن كل التغييرات حول الخطر الذي يهدد المجتمع‬
‫فيما أعلنت صحيفة نيويورك تريبيون أنها "أعظم معركة بين العمل ورأس المال تم إطالقها في الواليات‬
‫المتحدة على اإلطالق ‪".‬وكان هناك إصرار عالمي تقريبًا على أنه "يجب قمع هذا التمرد "بغض النظر‬
‫عن كل االعتبارات األخرى ‪.‬جرت محاولة لرسم خط فاصل بين عمال السكك الحديدية والمحرضين على‬
‫اإلضراب ‪.‬وقيل إن األولين هم "ضحايا القادة األنانيين والقاسيين والوقحين "وتمت دعوة جميع العمال‬
‫الشرفاء إلى تحرير أنفسهم من هذا "الطغيان الذي ال يطاق ‪".‬هاجمت صحيفة نيويورك تايمز دبس‬
‫ووصفته بأنه "مخالف للقانون بشكل عام‪ ،‬وعدو للجنس البشري"‪ ،‬وأكدت صحيفة شيكاغو هيرالد أنه‬
‫"يجب القيام بعمل قصير في هذا التبجح المتهور‪ ،‬الصاخب‪ ،‬العدواني‪ ،‬الوقح‪...". .‬‬
‫حملت القصص اإلخبارية روايات مثيرة للقلق عن أعمال الغوغاء والمعارك مع الشرطة والقوات ‪.‬‬
‫ومع صراخ صحيفة مثل واشنطن بوست في عناوينها الرئيسية بأن "شيكاغو تحت رحمة الشعلة‬
‫الحارقة"‪ ،‬كان االنطباع العام السائد هو أن المدينة بأكملها كانت في مخاض الثورة والفوضى ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فقد أبلغ مراسل لصحيفة نيويورك هيرالد‪ ،‬الذي حافظ بطريقة أو بأخرى على توازنه وسط هذه‬
‫المخاوف والقلق المبالغ فيه‪ ،‬لصحيفته في ‪9‬يوليو‪/‬تموز أن العمل يسير كالمعتاد‪ ،‬وكانت المتاجر‬
‫مزدحمة بالمتسوقين‪ ،‬و"ليس هناك أي عالمة على ذلك ‪".‬من الغوغاء أو الشغب أو اإلضراب‪ ،‬حتى في‬
‫الجزء الرئيسي من المدينة‪.‬‬
‫لكن السكك الحديدية لعبت بالفعل ورقتها الرابحة ‪.‬لقد أقنعوا المدعي العام أولني بالتدخل مباشرة‪،‬‬
‫وفي ‪2‬يوليو تم الحصول على أمر قضائي شامل من القاضي بيتر ج ‪.‬جروسكوب‪ ،‬من محكمة المقاطعة‬
‫الفيدرالية‪ ،‬يمنع أي شخص من التدخل في تشغيل البريد أو وسائل النقل بالسكك الحديدية األخرى في‬
‫التجارة بين الواليات ‪.‬ومن السعي لحث أي من موظفي السكك الحديدية على رفض أداء خدماتهم‬
‫سا ‪.‬لبعض‬‫العادية ‪.‬مع كل قوة الحكومة والمحاكم ضده‪ ،‬كان دبس يائ ً‬
‫‪178‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الوقت كان يأمل في الحصول على دعم العمال لإلضراب العام‪ ،‬إال أنه تم رفضه من قبل اتحاد العمال‬
‫األمريكي ‪.‬شعر جومبرز بأنه مقيد للدعوة إلى مؤتمر عمالي للنظر في هذه القضية‪ ،‬لكنه كان معارضًا‬
‫تما ًما لإلضراب ‪.‬ولم يكن من المستغرب في الواقع أن تكون المنظمة التي تأسست في معارضة النقابات‬
‫الصناعية غير راغبة في إلقاء دعمها وراء اتحاد السكك الحديدية األمريكي‪.‬‬
‫وجاء في بيان أصدره جومبرز في ‪13‬يوليو“ ‪:‬إننا نعلن أن معنى هذا المؤتمر هو أن اإلضراب العام‬
‫في هذا الوقت غير حكيم وغير حكيم ويتعارض مع المصالح الفضلى للعمال ‪.‬نوصي أيضًا بأن يعود‬
‫جميع المرتبطين باتحاد العمال األمريكي الذين خرجوا اآلن في إضرابات متعاطفة إلى العمل‪ ،‬وننصح‬
‫أولئك الذين يفكرون في الخروج في إضراب متعاطف بالبقاء في مهنهم المعتادة‪.‬‬
‫وبدون مساعدة من أي جهة‪ ،‬عرض ديبس إلغاء اإلضراب والمقاطعة إذا وافقت شركة بولمان على‬
‫إعادة جميع العمال إلى وظائفهم دون تمييز ‪.‬ومع تحرك المحاكم‪ ،‬لم يعد لدى السكك الحديدية أي سبب‬
‫آخر للقلق ‪.‬لقد رفضوا بصراحة مبادرات دبس السلمية ‪:‬لن يكون هناك "اعتراف بالفوضوية‪".‬‬
‫استدعى القاضي جروسكوب اآلن هيئة محلفين خاصة لالستماع إلى االتهامات الموجهة إلى قادة‬
‫اإلضراب بأنهم مذنبون بالتآمر في عرقلة رسائل البريد‪ ،‬وبموجب تعليمات من المحكمة تم توجيه‬
‫االتهام على الفور إلى دبس وثالثة من مساعديه ‪.‬تم القبض عليهم بهذه التهمة‪ ،‬وتم إطالق سراحهم‬
‫بكفالة‪ ،‬ولكن في غضون أسبوع تم اعتقالهم مرة أخرى بتهمة ازدراء المحكمة وعصيان األمر الزجري‬
‫األصلي ‪.‬هذه المرة ذهبوا إلى السجن ‪.‬وتم تنفيذ أوامر قضائية أخرى ضد المضربين األفراد‪ ،‬وتم القبض‬
‫على ما يقرب من ‪ 200‬شخص بتهم فيدرالية‪ ،‬باإلضافة إلى عدة مئات سجنتهم الشرطة المحلية ‪.‬بعد‬
‫حرمانهم من كل القيادة والتوجيه‪ ،‬وإحباطهم التام‪ ،‬تخلى عمال السكك الحديدية عما أصبح صراعًا‬
‫عقي ًما تما ًما وانجرفوا تدريجيًا إلى العمل ‪.‬تم سحب القوات في ‪20‬يوليو ‪.‬وحققت الحكومة بأمر قضائي‬
‫أول انتصار لها من خالل سحق إضراب بولمان بالكامل‪.‬‬
‫بعد بعض التأخير‪ ،‬تم تأييد تهم االزدراء الموجهة ضد ديبس في محكمة الدائرة على أساس أنه‬
‫مؤخرا‪ ،‬تورط قادة اإلضراب في مؤامرة‬ ‫ً‬ ‫بموجب شروط قانون شيرمان لمكافحة االحتكار الذي تم سنه‬
‫لتقييد التجارة بين الواليات ‪.‬وفي الربيع التالي‪ ،‬أيدت المحكمة العليا المحكمة االبتدائية‪ ،‬رغم أنها لم‬
‫تحكم صراحةً بشأن إمكانية تطبيق قانون شيرمان ‪.‬أُعلن أن الحكومة الفيدرالية‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪179‬‬
‫تتمتع بسلطة متأصلة للتدخل لحماية أي عوائق أمام التجارة بين الواليات أو نقل البريد‪.‬‬
‫ذهب ديبس إلى السجن في وودستوك‪ ،‬إلينوي‪ ،‬لمدة ستة أشهر ‪.‬لقد جعله اإلجراء الذي اتخذته‬
‫المحاكم شهيدًا‪ ،‬وعند عودته إلى شيكاغو بعد انتهاء مدة عقوبته‪ ،‬استقبله حشد يزيد عن ‪100000‬‬
‫متعاطف ‪.‬وفي اجتماع جماهيري ضخم‪ ،‬أشاد به هنري ديمارست لويد ووصفه بأنه «الرجل األكثر‬
‫شعبية بين الناس الحقيقيين اليوم ‪...». . .‬ضحية قانون اإلعدام القضائي "‪.‬أصبح دبس مقتنعا أثناء‬
‫وجوده في السجن بأن قضية العمل ميؤوس منها في ظل الرأسمالية ‪.‬لقد أصبح اشتراكيًا وكان عليه أن‬
‫وتكرارا‪ ،‬من مطالبة‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫يكرس حياته منذ ذلك الوقت للنضال ضد نظام يمكّن أصحاب العمل‪ ،‬كما أعلن‬
‫الحكومة بفرض إمالءاتهم‪" ،‬اعملوا لما نريد أن نقدمه لكم‪ ،‬أو جاع "‪.‬حتى وفاته في عام ‪ ،1926‬قام‬
‫بحمالت متواصلة من أجل حقوق العمال تحت راية االشتراكية وكان مرشح حزبه للرئاسة خمس مرات‪.‬‬
‫أدان حزب العمال والمتعاطفون معه بشدة تدخل القوات الفيدرالية واستخدام األمر القضائي في‬
‫إضراب بولمان‪ ،‬لكن سياسة الحكومة تم تأييدها بقوة في األوساط األخرى ‪.‬اعتمد كل من مجلسي‬
‫الشيوخ والنواب قرارات تدعم الرئيس كليفالند‪ ،‬وكانت هناك تصريحات ال حصر لها من القادة العامين‬
‫تشيد بتعامله مع الموقف‪ ،‬وأشادت به الصحافة المحافظة باعتباره ً‬
‫بطال قوميًا لقمعه بقوة ما كان يُطلق‬
‫عليه عالميًا "تمرد دبس " ‪".‬لقد تم التأكيد على سلطة الحكومة بطريقة ال شك فيها ‪.‬كتب المؤرخ‬
‫جيمس فورد رودس« ‪:‬إلى كليفالند وأولني‪ ،‬نحن في هذا البلد الذي يقدس القرارات العادلة‪ ،‬ندين‬
‫بسابقة ذات قيمة ال تقدر بثمن‪».‬‬
‫ربما كانت النتيجة األكثر أهمية إلضراب بولمان هي الكشف عن السلطة التي وضعها األمر الزجري‬
‫في أيدي الصناعة في مكافحة متطلبات العمل ‪.‬ما هي الفرصة التي كانت متاحة لألجراء عندما يتمكن‬
‫أصحاب العمل من الذهاب بسهولة إلى المحكمة والحصول على أوامر قضائية ضد كل من اإلضرابات‬
‫والمقاطعة؛ متى كانت الحكومة مستعدة لرمي كل قوتها ضد العمال بغض النظر عن الصواب أو الخطأ‬
‫في القضايا محل النزاع؟ وبدا أن أيدي العمال مقيدة تما ًما ‪.‬إن حملة إلغاء الحكومة عن طريق األوامر‬
‫القضائية التي بدأت على الفور‪ ،‬والتي تبناها اتحاد العمال األمريكي على الرغم من إحجامه عن تحمل‬
‫أي مخاطر في دعم اتحاد السكك الحديدية األمريكية‬
‫‪180‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ ،‬أصبحت منذ ذلك اليوم فصاعدًا واحدة من االهتمامات الرئيسية للعمال ‪.‬وكانت ال تزال قضية حيوية في‬
‫أربعينيات القرن العشرين كما كانت في تسعينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫أدى القمع العنيف لمثل هذه اإلضرابات مثل تلك التي حدثت في هومستيد وبولمان إلى تأجيج السخط‬
‫قدرا أكبر من اإلحباط واليأس ‪.‬خرجت "الجيوش الصناعية "في‬ ‫المتزايد بين العمال‪ ،‬لكن البطالة خلقت ً‬
‫جميع أنحاء البالد وبدأت في السير نحو واشنطن للمطالبة باإلغاثة ‪.‬أشهرها كان جيش كوكسي‪ ،‬الذي‬
‫وصل بالفعل إلى العاصمة ليتم تفريقه بعد القبض على زعيمه بتهمة التعدي على حديقة البيت األبيض ‪.‬‬
‫ولكن كانت هناك مجموعات أخرى من العمال الرثين الذين شاركوا في المسيرة ‪.‬وتمت دعوة السلطات‬
‫المحلية في جميع أنحاء البالد لتفريق هذه المظاهرات والحفاظ على القانون والنظام في مواجهة الخطر‬
‫المستمر المتمثل في أعمال الغوغاء‪.‬‬
‫في هذه األثناء‪ ،‬كانت االضطرابات المتزايدة بين المزارعين في البالد‪ ،‬الذين وجدوا أنفسهم أيضًا‬
‫يتعرضون لضغوط شديدة بشكل متزايد في فترة انخفاض األسعار التي خفضت قيمة المنتجات الزراعية‬
‫إلى النصف تقري ًبا‪ ،‬تعمل على تأجيج شرارات الثورة الزراعية ‪.‬اجتاحت الشعبوية البراري‪ ،‬وبينما كان‬
‫من المقرر أن تظل في المقام األول انتفاضة للمزارعين في الغرب األوسط والجنوب‪ ،‬فإن العمال‬
‫الشرقيين الذين شعروا أن يد الحكومة كانت في كل مكان ضدهم لم يكن من الممكن إال أن ينجذبوا إلى‬
‫مبادئها ‪.‬ألن الشعبوية تحدت مفهوم الحكومة برمته من خالل الثروة المنظمة ‪.‬وبنفس النمط الذي‬
‫اتبعته ديمقراطية جاكسون‪ ،‬سعت إلى استعادة السلطة السياسية التي شعر أن مجتمع األعمال قد‬
‫اغتصبها لعامة الناس‪.‬‬
‫قبل الحزب الشعبوي‪ ،‬الذي تم تنظيمه رسميًا في عام ‪ ،1892‬فكرة أن الثروة تنتمي إلى أولئك الذين‬
‫ينتجونها كمقدمة أساسية له‪ ،‬ودعا إلى اتحاد جميع العناصر العاملة في األمة لدعم حقوقهم ‪.‬تم بذل كل‬
‫جهد لكسب التزام العمال الصناعيين ‪.‬في حين أن الطلب على العمالت الفضية المجانية وغير المحدودة‬
‫سا للسخط الزراعي‪ ،‬فإن المطالب األخرى المطروحة كانت ذات طابع صناعي بالكامل‪.‬‬ ‫كان انعكا ً‬
‫وجاء في البرنامج الشعبوي أن "العمال الحضريين محرومون من حق التنظيم من أجل الحماية‬
‫الذاتية‪ ،‬وتقوم العمالة الفقيرة المستوردة بتخفيض أجورهم‪ ،‬ويتم إنشاء جيش دائم مأجور‪ ،‬ال تعترف‬
‫به قوانيننا‪ ،‬إلسقاطهم‪ ،‬وهم تتدهور بسرعة‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪181‬‬
‫إلى الظروف األوروبية ‪”.‬ولمواجهة هذا الوضع‪ ،‬استكمل الشعبويون برنامجهم الخاص بالعملة‬
‫واإلصالحات العامة األخرى من خالل االستيالء على العديد من المطالب التي ضغط عليها تقليد ًيا اتحاد‬
‫العمل الوطني‪ ،‬وفرسان العمل‪ ،‬وحتى ‪AF‬في ‪L.‬ودعوا إلى فرض قيود على الهجرة‪ ،‬وإنفاذ قانون‬
‫العمل المناهض لعقود العمل ويوم العمل بثماني ساعات في المشاريع الحكومية‪ ،‬ووضع حد الستخدام‬
‫األوامر القضائية في النزاعات العمالية‪ ،‬وحظر "جيش المرتزقة المعروف باسم نظام بينكرتون‪".‬‬
‫كان فرسان العمل على استعداد لرمي قوتهم الضعيفة خلف الشعبويين‪ ،‬حيث حضر اثنان وثمانون‬
‫مندوبًا المؤتمر في عام ‪1892.‬وخصصت مجموعات العمال التي دعمت هنري جورج في حملته من‬
‫أجل الضريبة الموحدة‪ ،‬وإدوارد بيالمي في تشكيل األندية القومية إلى اإلصالح االشتراكي‪ ،‬تحالفوا‬
‫رسميًا مع حزب الشعب ‪.‬دبس‪ ،‬الذي عاد لتوه من تحوله إلى االشتراكية بينما كان يفكر في فشل إضراب‬
‫برنامجا كان يعتقد أنه يوفر أرضية لعامة الناس للتوحد ضد سلطة المال ‪.‬فقط‬
‫ً‬ ‫بولمان‪ ،‬أيد بكل إخالص‬
‫اتحاد العمال األمريكي‪ ،‬الذي يعكس مرة أخرى تأثير صموئيل جومبرز‪ ،‬ظل بمعزل رسم ًيا‪.‬‬
‫إن الجهود الحثيثة التي بذلها االشتراكيون داخل االتحاد الفيدرالي لترجيحها لصالح حزب عمالي‬
‫ثالث على أساس برنامج يطالب بـ "الملكية الجماعية للشعب لجميع وسائل اإلنتاج والتوزيع "لم ت ُهزم‬
‫إال قبل وقت قصير ‪.‬فاز جومبرز‪ ،‬لكنه هُزم في هذه العملية في عام ‪1894‬للرئاسة ‪.‬تم انتخاب جون‬
‫ماك برايد‪ ،‬من اتحاد عمال المناجم المتحدين‪ ،‬لهذا المنصب وتم نقل المقر الرئيسي لالتحاد إلى‬
‫إنديانابوليس ‪.‬لكن كسوف جومبرز كان مؤقتًا فقط ‪.‬وفي المؤتمر التالي‪ ،‬لم تتم إعادته إلى الرئاسة‬
‫فحسب‪ ،‬بل تم التأكيد بشكل قاطع على الموقف الذي اتخذه ضد االشتراكية ‪.‬عندما تم التعبير عن مطالبة‬
‫‪AF‬في ‪L.‬باتخاذ موقف حزبي لدعم الشعبوية‪ ،‬كان رئيسها المعاد انتخابه أكثر تصميما ً على االبتعاد‬
‫عن أي مشاركة مباشرة في السياسة ‪.‬لم يكن اتحاد العمل األمريكي مستعدًا لتأييد حزب الفضة‬
‫المجانية" ‪.‬إن قضايا الطبقة الوسطى هذه"‪ ،‬كما أعلن جومبرز في إعادة التأكيد على أهمية تركيز‬
‫العاملين بأجر كل طاقاتهم على مشاكل النقابات ‪" ،‬ببساطة تصرف االنتباه عن مصلحتهم الخاصة‪".‬‬
‫عندما استولى الديمقراطيون على البرنامج الشعبوي في عام ‪،1896‬‬
‫‪182‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫ولم يتحدوا الجمهوريين فحسب‪ ،‬بل أيضًا المحافظين داخل حزبهم‪ ،‬إال أنهم مع ذلك حصلوا على دعم‬
‫واسع النطاق بين العمال الصناعيين ‪.‬لقد أدرك كال الحزبين تما ًما أهمية تصويت العمال ‪.‬ذهب ويليام‬
‫سا‪ ،‬فإنه على استعداد لجعل جومبرز‬‫جينينغز برايان إلى حد القول في أحد خطاباته إنه إذا تم انتخابه رئي ً‬
‫عضوا في حكومته ‪-‬وهي لفتة فشلت مع ذلك في تحريك ‪AF‬للزعيم ‪L..‬وقد حاولت القيادة العليا‬ ‫ً‬
‫للحزب الجمهوري‪ ،‬بقيادة مارك هانا الذي أدار حملة ويليام ماكينلي بمهارة من األجنحة‪ ،‬اتباع نهج‬
‫مختلف ‪.‬تم تحذير العمال من خالل إشعارات في مظاريف رواتبهم من أن انتصار الديمقراطيين سيعني‬
‫المزيد من إغالق المصانع وفقدان الوظائف ‪.‬لقد تم بذل كل جهد إلبقائهم في صف أسوأ النبوءات‬
‫بحدوث كارثة اقتصادية في حالة فوز "القوى االشتراكية والثورية "بقيادة بريان وألتجيلد ودبس في‬
‫االنتخابات‪.‬‬
‫وفي هذه المناسبة‪ ،‬صدت القوى الرأسمالية المنظمة‪ ،‬ممثلة في الحزب الجمهوري‪ ،‬هجمة‬
‫المزارعين والعمال «التي تشن تحت رايات الديمقراطية ‪».‬تم انتخاب ماكينلي ‪.‬ولم يكن التحالف قويا ً‬
‫بالدرجة الكافية‪ ،‬أو متماسكا ً بالقدر الكافي‪ ،‬إلنشاء حزب عمالي زراعي قادر على تنفيذ برنامج‬
‫اإلصالح االقتصادي واالجتماعي بنجاح ‪.‬لقد أبقى صامويل جومبرز منظمته بعيدة عن السياسة‪ ،‬وربما‬
‫أنقذها من السير في طريق االتحادات العمالية السابقة التي دمرتها المياه الضحلة الحزبية ‪ ،‬لكن الفوز‬
‫في االنتخابات عام ‪1896‬ذهب إلى المحافظين المدافعين عن النظام االجتماعي الذي دعم كسر‬
‫اإلضرابات ونظام بينكرتون والحكومة بأمر قضائي‪.‬‬

‫ومع تراجع حماسة حملة ‪ ،1896‬كان لدى العمال سبب لإلحباط في تقييم الوضع الذي وجدوا أنفسهم‬
‫فيه ‪.‬لقد تم القضاء على المكاسب التي تم تحقيقها في األجور قبل الكساد إلى حد كبير ‪.‬ويقدر متوسط‬
‫الدخل السنوي لموظفي التصنيع بما ال يزيد عن ‪406‬دوالرات ‪.‬وباستثناء عدد قليل من المهن التي‬
‫تتطلب مهارات عالية‪ ،‬كان وقت العمل أطول بكثير من يوم العمل المكون من ثماني ساعات والذي ناضل‬
‫العمال من أجله لفترة طويلة ‪.‬وكان يتراوح عمو ًما بين أربع وخمسين وثالثًا وستين ساعة في األسبوع‪،‬‬
‫بل وأكثر من ذلك في مصانع الصلب‪ ،‬ومصانع النسيج‪ ،‬والمصانع المستغلة للعمال‪ ،‬حيث يكدح النساء‬
‫واألطفال في صناعة المالبس لساعات ال نهاية لها مقابل أجر زهيد‬
‫‪Homestead and Pullman‬‬ ‫‪183‬‬
‫‪.‬ولم يكن هناك أي أمن اقتصادي حقيقي للعامل الصناعي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من بداية تشريع العمل‪ ،‬إال أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر في تحقيق األهداف التي طرحها‬
‫اتحاد العمال الوطني ألول مرة في أواخر ستينيات القرن التاسع عشر ‪.‬وقد أنشأت الحكومة الفيدرالية‬
‫مكتبًا إلحصاءات العمل‪ ،‬ومكاتب مماثلة في حوالي ‪32‬والية؛ تم سن قانون العمل بعقود األجانب؛ كانت‬
‫قوانين استبعاد الصينيين مدرجة في كتب التشريع‪ ،‬وفي عام ‪ ،1898‬أوصى الرئيس ماكينلي بإنشاء‬
‫بعثة كوم الصناعية ‪.‬كان هناك أيضًا العديد من قوانين الوالية التي تنظم مراحل معينة من النشاط‬
‫الصناعي وتتطلع إلى تحسين ظروف العمل في المناجم والمصانع ‪.‬ولكن في مقابل هذه المكاسب‬
‫المعتدلة كان هناك موقف ضعيف للنقابات بشكل عام ‪.‬في الواقع‪ ،‬تم إحياء قوانين المؤامرة القديمة من‬
‫خالل تطبيق حظر قانون شيرمان على التجمعات في تقييد التجارة على النقابات واستخدام األمر‬
‫الزجري في قمع اإلضرابات والمقاطعة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬انخفض عدد العمال المنظمين عن أعلى مستوياته في ثمانينيات القرن التاسع‬
‫عشر ‪.‬وقد انخفض إجمالي ما يقرب من مليون إلى ما يزيد قليالً عن ثلث هذا الرقم ‪.‬على الرغم من أن‬
‫قادرا على التفاخر في عام ‪1893‬بأن النقابات الوطنية كانت تعاني من الكساد ألول مرة ‪،‬‬
‫جومبرز كان ً‬
‫إال أن اتحاد العمال األمريكي كان يضم حوالي ‪250‬ألف عضو فقط في عام ‪ ،1897‬وربما كان هناك‬
‫‪100‬ألف عامل آخر في جماعة إخوان السكك الحديدية وغيرها من المنظمات غير المنتسبة ‪.‬النقابات ‪.‬‬
‫كانت هذه نواة أكثر إحكاما وتنظيما بشكل فعال مما كانت عليه في السنوات السابقة‪ ،‬ولكن في إجمالي‬
‫قوة النقابات لم تكن أكبر بكثير مما ادعى العمال المنظمون في أوائل ثالثينيات القرن التاسع عشر أو‬
‫أواخر ستينيات القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫ظلت الكتلة العظمى من العمال الصناعيين غير المهرة غير منظمة ‪.‬ومع قدرة أصحاب العمل على‬
‫االعتماد على بدائل ال حدود لها من التدفق المستمر للعمالة المهاجرة والحصول على دعم من الحكومة‬
‫والمحاكم لكسر اإلضراب‪ ،‬فقد أصبحوا بال حول وال قوة أمام ساعات العمل الطويلة واألجور المنخفضة‬
‫والفصل التعسفي ‪ .‬كانت الهزيمة الساحقة التي لحقت بإضرابات هومستيد وبولمان بمثابة درس مرير‬
‫في القوة الساحقة التي يمكن حشدها لسحق جهود الموظفين الصناعيين لتنظيم أنفسهم لحماية‬
‫حقوقهم ‪ .‬يبدو أن االحتمال الوحيد ألي وعد للعمال ككل هو زيادة تعزيز نقابات العمال القديمة التي تم‬
‫جمعها م ًعا ضمن حظيرة الحماية التي يوفرها ‪AF‬لـ ‪L.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬
‫‪ :XI‬العصر التقدمي‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫العصر التقدمي‪ ،‬الذي امتد منذ وصول ثيودور روزفلت إلى الرئاسة عام ‪1901‬إلى دخولنا الحرب‬
‫العالمية األولى بعد ستة عشر عاما‪ ،‬تسارعا في الروح الليبرالية في جميع أنحاء الواليات المتحدة ‪.‬إن‬
‫السخط الشعبي من هيمنة األعمال والذي تفاقم في حملة عام ‪1896‬لم يهدأ بهزيمة برايان ‪.‬وقد وجدت‬
‫تعبيرا ً جديدا ً في حركة أكثر عمومية وأقل راديكالية قامت بالتوصل إلى إصالحات سياسية واجتماعية‬
‫من خالل وكالة كال الحزبين الرئيسيين ‪.‬وفي سعي حازم لتحقيق قدر أكبر من العدالة االجتماعية‪ ،‬طالبت‬
‫األمة بإنهاء "الحكومة غير المرئية "واالمتيازات الخاصة بأي شكل من األشكال ‪.‬إذا لم تتحقق األهداف‬
‫الليبرالية بالكامل‪ ،‬فقد كان هناك تقدم فعال في العديد من القطاعات و"تقوية الحس األخالقي للبالد "‬
‫مميزا يتناقض بشكل حاد مع مناخ الرأي العام في تسعينيات القرن‬ ‫ً‬ ‫مما أعطى العصر التقدمي طاب ًعا‬
‫التاسع عشر ‪.‬أو العشرينيات من القرن الماضي‪.‬‬
‫على الصعيد الوطني‪ ،‬بُذلت جهود مضنية للسيطرة على االتحادات‪ ،‬وتنظيم السكك الحديدية‪،‬‬
‫وإصالح النظام النقدي وخفض التعريفات الجمركية‪ ،‬بينما شرعت الواليات في الوقت نفسه في برامج‬
‫فردية لإلصالح االقتصادي واالجتماعي تسعى إلى التخفيف من شرور االقتصاد الوطني ‪.‬األحياء‬
‫الفقيرة‪ ،‬وحماية صحة النساء واألطفال في الصناعة‪ ،‬وتحسين ظروف المصنع بشكل عام ‪.‬لقد أفسحت‬
‫مفاهيم القرن التاسع عشر حول اقتصاد عدم التدخل المجال أمام شعور مستيقظ بالمسؤولية‬
‫االجتماعية‪ ،‬والذي تقبل الحاجة إلى التحرك من جانب الحكومة لمواجهة المشاكل المتصاعدة المرتبطة‬
‫بالتصنيع والنمو الحضري ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬فقد تحققت هذه المكاسب على خلفية من السالم واالزدهار‬
‫الذي أدى إلى ارتفاع كبير في مستويات المعيشة ‪.‬وتجددت مرة أخرى الثقة الشعبية في الرأسمالية‬
‫الديمقراطية‪ ،‬والتي تلقت مثل هذه الضربات القاسية في منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬بروح‬
‫من التفاؤل المفعم بالحيوية‪.‬‬
‫شارك حزب العمال في هذه المكاسب العامة‪ ،‬وكان في النهاية يستفيد ماديًا من التشريعات العالجية‬
‫الصادرة عن كل من الكونجرس ومجلس النواب عام ‪184.‬‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪185‬‬
‫تنص على ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن وضع السواد األعظم من العمال لم يتحسن خالل هذه السنوات من العصر‬
‫التقدمي بما يتناسب مع التقدم الوطني ككل ‪.‬األجور الحقيقية للعمال الصناعيين؛ أي أن األجور من حيث‬
‫القوة الشرائية انخفضت بالفعل ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإن اإلدخال المتزايد آلالت توفير العمالة من ناحية‪،‬‬
‫وموجة الهجرة المتزايدة من ناحية أخرى‪ ،‬تفاعال للحفاظ على فائض ثابت من العمالة ‪.‬ولم يؤد هذا‬
‫الوضع إلى انخفاض األجور فحسب‪ ،‬بل أدى إلى تفاقم الشعور بعدم األمان بين العمال الذين كانت‬
‫البطالة تخيم عليهم دائما‪.‬‬
‫وعلى الرغم من التشريع الجديد‪ ،‬فإن ظروف العمل الفعلية للغالبية العظمى من العاملين بأجر كانت‬
‫بطيئة في إظهار أي تغيير حقيقي ‪.‬وكانت قوانين المصانع ال تزال غير كافية‪ ،‬وفي كثير من األحيان لم‬
‫يتم تطبيقها بشكل فعال ‪.‬في مناجم الفحم‪ ،‬ومصانع الصلب‪ ،‬وبيوت التعبئة؛ وفي مصانع النسيج التي‬
‫كانت ال تزال تستغل النساء واألطفال بقسوة‪ ،‬وفي مصانع صناعة المالبس الحضرية‪ ،‬كانت ظروف‬
‫الحياة القاسية بمثابة تعليق حزين على الرخاء الذي تتمتع به البالد ككل‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بتنظيم العمل نفسه‪ ،‬كانت مكاسب هذه السنوات متفاوتة وملتبسة إلى حد ما ‪.‬لبعض‬
‫الوقت‪ ،‬بدا أن حقبة جديدة من العالقات الصناعية قد بدأت بوعد مشرق بالسالم العمالي‪ ،‬ولكن مع تزايد‬
‫قوة النقابات‪ ،‬سرعان ما أدى الهجوم الصناعي المضاد إلى مزيد من الصراعات واالنتكاسات الحادة‬
‫للعمال في المحاكم وعلى خط االعتصام ‪.‬ولم يتم تجديد هذا التقدم المبكر إال في نهاية الفترة مع تحقيق‬
‫مكاسب كبيرة في عضوية النقابات وتعزيز القدرة على المساومة‪.‬‬
‫كانت الحركة العمالية المنظمة خاضعة بالكامل تقري ًبا لسيطرة االتحاد األمريكي للعمال ‪-‬وسنعود إلى‬
‫االندالع الجذري لـ ‪IWW -‬وكان اهتمامها ال يزال منصبًا على رفاهية ومكانة النقابات التابعة لها‬
‫والتي كانت عضويتها تتكون بشكل أساسي من العمال المهرة أو العمال شبه المهرة ‪.‬كان من المقرر أن‬
‫اعتبارا مه ًما بشكل أساسي في السنوات القادمة ‪.‬في حين أن االتحادات العمالية في تعدين‬ ‫ً‬ ‫يظل هذا‬
‫الفحم‪ ،‬وصناعة المالبس‪ ،‬والمنسوجات كانت ذات طابع صناعي‪ ،‬وتضمنت نقابات أخرى بعض العمال‬
‫غير المهرة‪ ،‬فإن العدد الهائل من الموظفين في صناعات اإلنتاج الضخم الكبرى ‪-‬معظمهم من‬
‫المهاجرين األجانب‪ ،‬والجهالء‪ ،‬وغير المستوعبين في الثقافة األمريكية –ظلت خارج صفوف‬
‫النقابات ‪.‬وبينما نتابع مسار العمل المنظم خالل‬
‫‪186‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الفترة التقدمية‪ ،‬يجب أن نتذكر أن أقل من عشرة في المائة من العاملين بأجر في البالد كانوا منخرطين‬
‫بشكل مباشر‪.‬‬

‫في ختام ما أسماه وزير الخارجية جون هاي "حربنا الصغيرة الرائعة "مع إسبانيا‪ ،‬كان التحول‬
‫اإليجابي في العالقات بين النقابات الوطنية وأصحاب العمل واضحا للغاية لدرجة أن السنوات من‬
‫‪1898‬إلى ‪1904‬سميت "فترة شهر العسل لرأس المال والعمل ‪".‬تَعَب "‪.‬كانت اإلضرابات تعطل أحيا ًنا‬
‫هذا االنسجام‪ ،‬ولكن على األقل بالمقارنة مع الصراع الصناعي المضطرب في تسعينيات القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬كان هناك تحسن كبير ‪.‬وفي العديد من الصناعات‪ ،‬بدا أصحاب العمل واألجراء على حد سواء‬
‫مصممين على البحث عن حلول سلمية لمشاكلهم ‪.‬لقد أصبح القادة العماليون المسؤولون مقتنعين‬
‫بحتمية الفشل في مثل هذه النضاالت مثل تلك التي تجسدها إضراب بولمان‪ ،‬وأصبح العديد من‬
‫الصناعيين يدركون اآلثار االقتصادية والسياسية الخطيرة لإلضرابات حتى عندما تم قمعها بنجاح ‪.‬‬
‫بشكل عام‪ ،‬أصبحت البالد‪ ،‬بعد أن أيقظتها التجارب السابقة‪ ،‬تطالب بشكل متزايد بطريقة ما للتعامل مع‬
‫النزاعات الصناعية التي من شأنها حماية المصلحة العامة‪.‬‬
‫وقد تم تمثيل هذا النهج الجديد لمشاكل العمل بشكل أفضل من خالل االتحاد المدني الوطني ‪.‬تم‬
‫تأسيسها ألول مرة في شيكاغو عام ‪ ،1896‬ولكن مع مطلع القرن أصبحت تعمل على أساس وطني‬
‫بهدف معلن هو جمع رأس المال والعمالة والجمهور معًا في حملة مشتركة للحفاظ على السالم‬
‫الصناعي ‪.‬وفي تناقض صارخ مع الموقف السائد في تسعينيات القرن التاسع عشر والذي كان يميل إلى‬
‫ربط كل التحريض العمالي بالفوضى‪ ،‬فقد تأسس هذا الموقف على فرضية مفادها أنه "وإال فإن العمل‬
‫المنظم ال يمكن تدميره دون الحط من قدر الجماهير ‪".‬تم اإلعالن عن أن أصحاب العمل المناهضين‬
‫للنقابات هم أعداء كبيرون لالستقرار الوطني مثل قادة العمال المتطرفين أو االشتراكيين ‪.‬قبل االتحاد‬
‫المدني الوطني االتحاد النقابي واالتفاقيات التجارية كمبادئ أساسية‪ ،‬وكان على استعداد لتقديم خدماته‬
‫"في إقامة العالقات الصحيحة بين أصحاب العمل والعمال "كلما كان الطرفان على استعداد لتقديم‬
‫نزاعاتهما إلى التحكيم‪.‬‬
‫وكان قادة هذه الحركة هم مارك حنا وصامويل جومبرز‪ ،‬وكان يرتبط بهم في االتحاد المدني الوطني‬
‫مجموعة من الشخصيات العامة البارزة ‪.‬جروفر كليفالند‪ ،‬إليوت رئيس جامعة هارفارد‪ ،‬ورئيس‬
‫األساقفة أيرلندا كانوا من بين ممثلي‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪187‬‬
‫الجمهور ‪.‬تم ضم جون د ‪.‬روكفلر االبن‪ ،‬وتشارلز إم ‪.‬شواب‪ ،‬وأوغست بلمونت إلى مجموعة أصحاب‬
‫العمل‪ ،‬وكان جون ميتشل من عمال المناجم المتحدين‪ ،‬وجيمس أوكونيل من الميكانيكيين‪ ،‬وجيمس‬
‫دنكان من شركة قطع الجرانيت من بين المتحدثين الرسميين ‪.‬للعمل ‪.‬كانت قائمة عضوية صور مثيرة‬
‫لإلعجاب‪ ،‬ولفترة من الوقت بدا النفوذ الذي يمارسه االتحاد المدني الوطني بمثابة نذير أمل كبير‬
‫للتعاون بين العمل ورأس المال؟‬
‫توصلت العديد من مجموعات أصحاب العمل المهمة إلى اتفاقات مع النقابات على أساس اتفاقيات‬
‫تجارية مقبولة بشكل متبادل ‪.‬تم إبرام االتفاقيات بين رابطة المؤسسين الوطنية والرابطة الدولية‬
‫للميكانيكيين ‪.‬أبرمت رابطة ناشري الصحف واالتحاد الدولي للطباعة سلسلة من االتفاقيات ‪.‬تعرف‬
‫مشغلو السكك الحديدية على أخويات السكك الحديدية وتفاوضوا معهم ‪.‬كانت هناك بالطبع استثناءات‬
‫لهذا التقدم الواضح نحو السالم الصناعي وقبول المكاسب الجماعية ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬فشلت محاولة‬
‫أخيرة من جانب عمال الحديد والصلب المندمجين لتنظيم صناعة الصلب تما ًما عندما تبنى مجلس‬
‫قرارا ينص على معارضتها غير القابلة للتغيير ألي توسيع للعمل النقابي ‪ ،.‬سحق إضرابًا‬‫ً‬ ‫سرا‬
‫إدارتها ً‬
‫قاسيًا في عام ‪ 1901.‬وكانت هذه هزيمة مهمة للغاية‪ ،‬ولكن يبدو أن العدد المتزايد من االتفاقيات‬
‫التجارية التي كانت ثمرة برنامج وسياسات ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬يشير إلى حدوث تغيير في المواقف‬
‫العامة ألصحاب العمل التي شجعت العمل بشكل كبير ‪.‬أعلن جومبرز بسعادة" ‪:‬لقد كان حصاد سنوات‬
‫التنظيم التي بدأت تؤتي ثمارها‪".‬‬
‫ازدهرت النقابات في ظل هذه الظروف ووصلت في أجزاء كثيرة من البالد إلى مكانة جديدة من‬
‫األهمية ‪.‬لقد كانت قوية للغاية‪ ،‬وأظهرت أعظم المكاسب‪ ،‬في تلك المهن التي كان لها أطول تاريخ من‬
‫النشاط العمالي ‪.‬وقف عمال المناجم‪ ،‬والطابعون‪ ،‬وصانعو السيجار‪ ،‬والنجارون‪ ،‬والصانعون‪ ،‬وعمال‬
‫الشحن والتفريغ‪ ،‬وعمال الجعة‪ ،‬والميكانيكيون في طليعة النقابات الدولية المنتسبة إلى‬

‫مثيرا لالهتمام في ضوء قوانين العمل الحالية‪ ،‬حول‬


‫ً‬ ‫‪1‬في اجتماع عُقد في عام‪ ، 1902‬قرأ تشارلز فرانسيس آدامز بحثًا‬
‫"التحقيق واإلعالن في مقابل" التحكيم اإللزامي ""والذي اقترح فيه تشريعًا إلنشاء لجنة للتحقيق وإعداد التقارير ‪.‬إلى‬
‫الكونجرس كلما هدد نزاع عمالي بتعطيل التجارة بين الواليات ‪.‬كان من المفترض أن تكون بدون صالحيات قسرية‪.‬‬
‫‪188‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫االتحاد األمريكي للعمل‪ ،‬وفي كل حالة أظهروا مكاسب كبيرة في العضوية‪.‬‬
‫قدرا‬
‫أثار فضح المفضحين‪ ،‬الذين تعمقوا خالل هذه السنوات في كل مرحلة من حياتنا الصناعية‪ً ،‬‬
‫معينًا من التعاطف الشعبي مع جهود العمال لتحسين موقفهم التفاوضي ‪.‬أعلن الجمهوري سبرينغ فيلد‬
‫في عام " ‪1902 :‬يجب على رأس المال أن يتخذ قراره للتوافق مع العمالة المنظمة" ‪".‬إن مثل هذه‬
‫العمالة موجودة لتبقى‪ ،‬ومن المرجح أن يجبر القانون على تشكيل نقابات العمال أكثر من منع العمل من‬
‫القانون ‪.‬إتحاد العمال ‪ .‬وكلما أسرعنا في االعتراف بهذه الحقيقة‪ ،‬كلما أسرعنا في وضع البالد على‬
‫الطريق نحو تحقيق السالم الدائم في تجربة السند ‪.‬بعد عدة سنوات‪ ،‬كان هربرت كرولي متحدثًا باسم‬
‫التقدمية الجديدة‪ ،‬وكان مؤكدًا بنفس القدر على دعم التنظيم العمالي" ‪.‬إن النقابات العمالية‪" ،‬كما كتب‬
‫في "وعد الحياة األمريكية"‪" ،‬تستحق أن تكون مفضلة ألنها اآللية األكثر فعالية التي تم تشكيلها حتى‬
‫اآلن من أجل التحسين االقتصادي واالجتماعي للطبقات العاملة‪".‬‬
‫ومن المؤشرات أيضًا على تغير المواقف الشعبية الدور الذي لعبته الحكومة في أهم إضراب خالل‬
‫هذه السنوات ‪.‬فعندما انخرط عمال مناجم الفحم األنثراسايت في صراع مرير مع المشغلين في عام‬
‫‪ ،1902‬مارس الرئيس روزفلت نفوذه ليس لسحق المضربين‪ ،‬كما فعل الرئيس كليفالند عندما أرسل‬
‫قوات فيدرالية إلى شيكاغو في عام ‪ ،1894‬بل لفرض التحكيم ‪.‬وفي حين كان همه األساسي هو تجنب‬
‫مجاعة الفحم المحتملة‪ ،‬إال أن ذلك لم يعمه عن المظالم المشروعة المتعلقة بالعمال‪.‬‬

‫منذ سبعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬وهي األيام المضطربة لإلضراب الطويل وإضراب مولي‬
‫تفش دورية في حقول الفحم حيث كان عمال المناجم يكافحون من أجل‬ ‫ماغواير‪ ،‬كانت هناك حاالت ٍ‬
‫تحسين ظروف العمل ‪.‬ولكن لم يكن حتى تم تنظيم عمال المناجم المتحدين في عام ‪1890‬حتى يتمكنوا‬
‫من تقديم جبهة قوية ضد القوة المشتركة للمشغلين ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬نجحت هذه النقابة الجديدة في تنظيم‬
‫العمال في مناجم القار في بنسلفانيا وأوهايو وإنديانا وميشيغان‪ ،‬وحصلت على االعتراف الكامل من‬
‫المشغلين في اتفاقية تحكم األجور وساعات العمل ‪.‬بعد هذا االنتصار‪ ،‬انتقلت بعد ذلك في نهاية تسعينيات‬
‫القرن التاسع عشر إلى منطقة األنثراسايت في شرق بنسلفانيا‪.‬‬
‫وكانت مهمتها هنا أكثر صعوبة ‪.‬تم تنظيم المشغلين في‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪189‬‬
‫اتحاد افتراضي تحت سيطرة السكك الحديدية ولم يكن من الممكن أن يكونوا أكثر معارضة لالعتراف‬
‫النقابي‪ ،‬في حين كان هناك عنصر كبير من البولنديين والهنغاريين والسلوفاك واإليطاليين وغيرهم من‬
‫الوافدين الجدد من المنح الدولية بين العمال لدرجة أنهم كانوا يفتقرون إلى كل شيء ‪.‬وحدة متماسكة ‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬استفاد المشغلون إلى أقصى حد من هذا النقص في التجانس‪ ،‬وبذلوا كل ما في وسعهم‬
‫إلثارة العداوات واالحتكاكات المتبادلة‪.‬‬
‫أحرز عمال المناجم المتحدون تقد ًما بطيئًا في مواجهة مثل هذه العوائق‪ ،‬لكن بينما كانت عضويتهم‬
‫في منطقة األنثراسيت ال تزال أقل من ‪ ،10000‬استجاب عشرة أضعاف هذا العدد لنداء الضربة األولى‬
‫في عام ‪ 1900.‬وكان المشغلون على استعداد لمواجهة هذا الهجوم ولكن مارك تدخل حنا وأقنعهم‬
‫بتجنب صراع طويل األمد ‪.‬وكان دافعه سياسيا بالكامل ‪.‬كان الجمهوريون يشنون حمالتهم االنتخابية في‬
‫عام ‪1900‬على برنامج الرخاء الذي يرمز إليه سطل العشاء الممتلئ‪ ،‬وكان إضراب الفحم ليبدو بمثابة‬
‫نغمة مؤسفة للخالف في األغنية الرئيسية لخطباء الحزب ‪.‬أبرم المشغلون على مضض تفاه ًما غير‬
‫مكتوب مع عمال المناجم لم يكن يعني االعتراف بنقابتهم‪ ،‬بل لبى مطالبهم الفورية جزئ ًيا من خالل زيادة‬
‫األجور بنسبة عشرة بالمائة‪.‬‬
‫لكن هذه كانت هدنة وليست تسوية ‪.‬لم يحقق المهاجمون أهدافهم الحقيقية وندم المشغلون حتى على‬
‫التنازالت الطفيفة التي اضطروا إلى تقديمها ‪.‬مع عدم وجود تحسن حقيقي في الظروف‪ ،‬طرح عمال‬
‫المناجم المتحدون المزيد من المطالب في عام ‪ ،1902‬وهذه المرة قرر المشغلون عدم السماح ألي‬
‫ضغط سياسي إضافي بتأجيل المواجهة‪ ،‬ورفضوا بصراحة النظر في مقترحات عمال المناجم الجديدة أو‬
‫التعامل مع أي شيء ‪.‬الطريق مع االتحاد ‪.‬تم إصدار دعوة إضراب أخرى وخرج ‪150‬ألف عامل من‬
‫المناجم‪.‬‬
‫وكانت شكاواهم حقيقية للغاية ‪.‬وكان األجر منخفضا ً بكل المقاييس‪ ،‬وكانت ساعات العمل العشر‬
‫يوميا ً شاقة وخطيرة‪ ،‬كما أدى االفتقار إلى فرص العمل الثابتة من خالل عمليات التسريح المتكررة إلى‬
‫انخفاض متوسط الدخل إلى أقل من ‪300‬دوالر سنويا ً ‪.‬كانت الحوادث شائعة‪ ،‬حيث بلغ عدد القتلى‬
‫صا في عام ‪ ،1901‬ولم يفعل أصحاب المناجم شيئ ًا على اإلطالق لضمان قدر أكبر من السالمة‬ ‫‪441‬شخ ً‬
‫أو لتعويض موظفيهم عن اإلصابات ‪.‬لكن األمر األكثر إزعا ًجا للعمال من األجور المنخفضة وظروف‬
‫العمل السيئة ‪ ،‬هو النظام اإلقطاعي الصارم الذي حافظ عليه المشغلون من خالل سيطرتهم على مدن‬
‫الشركة ‪.‬العمال‪ ،‬كما كتب صموئيل جومبرز الح ًقا‪" ،‬لقد ولدوا إلى العالم بواسطة طبيب الشركة‪،‬‬
‫‪190‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وعاشوا في منزل أو كوخ للشركة‪ ،‬وتم رعايتهم في متجر الشركة ‪...". . .‬وضعت في مقبرة الشركة ‪".‬‬
‫مع اندالع اإلضراب في ‪9‬مايو ‪ ،1902‬قام العاملون على الفور بإلقاء ‪3000‬من رجال شرطة الفحم‬
‫والحديد في المنطقة‪ ،‬باإلضافة إلى ‪1000‬نائب خاص آخر‪ ،‬وبدأوا في التحرك لكسر اإلضراب ‪.‬لقد لفقوا‬
‫اتهامات بالعنف والتخريب والشغب ضد العمال وطالبوا بمزيد من الحماية من ميليشيا الدولة ‪.‬كان من‬
‫المقرر أن يتم خوض اإلضراب باعتباره انتفاضة ثورية فوضوية أخرى ضد حقوق الملكية والنظام‬
‫العام‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذا االستفزاز‪ ،‬لم يكن هناك سوى قدر ضئيل نسبيا من اللجوء إلى العنف ‪.‬لقد كان‬
‫في المجمل إضرابًا أكثر تنظي ًما مما شهدته حقول الفحم على اإلطالق ‪.‬لقد ابتعد العمال ببساطة عن‬
‫الحفر وحافظوا على موقف سلبي تما ًما ‪.‬وصمدت صفوفهم رغم كل المعاناة والمصاعب التي سببها‬
‫اإلضراب لعائالتهم ‪ .‬إذا كان القتال حتى النهاية‪ ،‬فقد كانوا مستعدين له؛ لن يقوموا باستخراج الفحم حتى‬
‫يتم تلبية مطالبهم‪.‬‬
‫كان هذا التضامن والنظام يرجع إلى حد كبير إلى اإلدارة الماهرة لإلضراب والقبضة القوية التي‬
‫مارسها رئيس االتحاد المتحد لعمال المناجم على الرجال ‪.‬منذ عام ‪1898‬شغل جون ميتشل هذا‬
‫المنصب ‪.‬كان قد بدأ العمل في المناجم وهو صبي في الثانية عشرة من عمره‪ ،‬ثم انضم إلى النقابة في‬
‫أحلك أيامها‪ ،‬وارتقى إلى مستوى القيادة وهو ال يزال في الثامنة والعشرين من عمره‪ ،‬وذلك بفضل‬
‫مهارته في تنظيم الجنسيات العديدة العاملة في المناجم ‪. .‬كان نحي ًفا ونحي ًفا‪ ،‬بعينيه البنيتين ووجهه‬
‫ً‬
‫خجوال تقري ًبا ‪-.‬كانت قوته تكمن في‬ ‫مظهرا إيطاليًا إلى حد ما‪ ،‬وكان متواضعًا ‪-‬‬
‫ً‬ ‫الداكن‪ ،‬مما يمنحه‬
‫صبره‪ ،‬وموقفه التصالحي في كل من السياسة النقابية وفي العالقات مع أصحاب العمل‪ ،‬واستعداده‬
‫للتنازل عن أي شيء باستثناء ما كان يعتقد أنه قضايا رئيسية‪.‬‬
‫لم يكن أي زعيم عمالي في تلك الفترة أكثر تحف ًظا في مواقفه االجتماعية والسياسية‪ ،‬أو أكثر‬
‫استعدادًا لقبول التحكيم‪ ،‬أو أكثر رفضًا إلثبات التطرف والعنف ‪.‬كان قد عارض في األصل إضراب عام‬
‫‪ ،1902‬ورفض باستمرار استدعاء عمال مناجم البيتومين لدعم العاملين في حقول األنثراسايت ألن‬
‫األول وقع عقدًا مع المشغلين‪ ،‬وكان مستعدًا في أي وقت لتقديم القضايا المتنازع عليها إلى التسوية من‬
‫قبل أي جهة محايدة ‪.‬واقترح لجنة مكونة من خمسة أشخاص يعينهم االتحاد المدني الوطني‪،‬‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪191‬‬
‫أو لجنة تتألف من رئيس أساقفة أيرلندا واألسقف بوتر وأي شخص ثالث قد يختارونه‪.‬‬
‫" ‪:‬إذا قرروا أن متوسط األجور السنوية التي يتلقاها عمال مناجم األنثرا سايت كافية لتمكينهم من‬
‫العيش وإعالة وتعليم أسرهم بطريقة تتوافق مع المعايير األمريكية الراسخة وتتوافق مع الجنسية‬
‫األمريكية‪ ،‬فإننا نوافق على ذلك" ‪".‬سحب مطالباتنا بأجور أعلى وظروف عمل أكثر إنصا ًفا‪ ،‬بشرط أن‬
‫يوافق مشغلو مناجم األنثراسايت على االمتثال ألي توصيات قد تقدمها اللجنة المذكورة أعاله والتي‬
‫تؤثر على أرباح وظروف عمل موظفيهم"‪.‬‬
‫وعلى النقيض من االعتدال الذي أظهره ميتشل‪ ،‬كان الموقف المشاكس الذي أبداه جورج ف ‪.‬باير‪،‬‬
‫المتحدث الصارم والمتشدد باسم المشغلين ‪.‬وكان رده على مقترحات ميتشل هو أن "استخراج‬
‫األنثراسايت هو عمل تجاري وليس اقتراحا ً دينيا ً أو عاطفيا ً أو أكاديميا ً ‪".‬لقد كان خار ًجا لكسر االتحاد‬
‫بأي ثمن ‪.‬ولم يكن هناك أي عرض للنزاع‪ ،‬كما لم يتردد قط في التوضيح‪ ،‬ألي مجموعة خارجية‪ ،‬ناهيك‬
‫عن المفاوضات المباشرة مع النقابة ‪.‬لقد كان يؤمن بشدة بالضوابط األبوية التي يحتفظ بها المشغلون ‪.‬‬
‫وفي رده على مناشدة بأنه يجب أن يسعى إلى إنهاء اإلضراب باعتباره واجبه المسيحي‪ ،‬أعلن موقفه‬
‫بعبارات بدت حتى لصحيفة نيويورك تايمز "تقترب بشدة من التجديف الالواعي‪".‬‬
‫وكتب باير لمراسله" ‪:‬أتوسل إليكم أال تثبطوا" ‪".‬ستتم حماية حقوق ومصالح العامل العامل‬
‫ورعايتها ‪-‬ليس من قبل المحرضين على العمل‪ ،‬ولكن من قبل الرجال المسيحيين الذين منحهم هللا‬
‫بحكمته الالمتناهية السيطرة على المصالح العقارية في هذا البلد‪. . . ".‬‬
‫ومع استمرار اإلضراب‪ ،‬بدأت الندرة المتزايدة للفحم‪ ،‬والتي انعكست في االرتفاع المطرد في‬
‫األسعار‪ ،‬في خلق قلق عام متزايد ومطالبة شعبية بالتسوية ‪.‬وبينما كان التعاطف الشعبي في األصل مع‬
‫عمال المناجم‪ ،‬شعرت الصحافة المحافظة اآلن بالحرية في إلقاء اللوم عليهم بسبب التوقف المستمر في‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وكلما تم اإلبالغ عن أي اضطرابات في حقول الفحم‪ ،‬كانت تستغلها إلى أقصى حد ‪.‬وأعلنت‬
‫مجلة التجارة بأسلوب مألوف أن ما كان يحدث كان «تمردًا‪ ،‬وليس إضرا ًبا»‪ ،‬ودعت صحيفة نيويورك‬
‫إيفيننج بوست إلى «وقف إجراءات القمع‪».‬‬
‫‪192‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ ،‬ومع استمرار فشل مشغلي المناجم في القيام بلفتة تصالحية واحدة‪ ،‬سرعان ما بدأ الدعم الشعبي‬
‫يتأرجح لصالح عمال المناجم ‪.‬ووجهت المقاالت االفتتاحية والرسوم الكاريكاتورية إدانة قوية إلى باير‬
‫بعد تأكيده على "الحق اإللهي "مع تزايد االنتقادات في العديد من األوساط بسبب عناده ‪.‬لكن المصلحة‬
‫األساسية للبالد لم تكن في العمال وال في المشغلين ‪.‬لقد أرادت ببساطة الفحم ‪.‬ولعل الرأي العام انعكس‬
‫بشكل أكثر مالءمة في رسم كاريكاتوري نشرته صحيفة نيويورك هيرالد يصور الجمهور ممدداً على‬
‫حطام حيث يسحب المشغلون من أحد طرفيه‪ ،‬وعمال المناجم من الطرف اآلخر ‪.‬وجاء في تعليقها ‪:‬‬
‫"الضحية ليست محددة أيهما ينسحب أوالً‪".‬‬
‫شعر الرئيس روزفلت بقوة هذا الطلب من أجل السالم في حقول الفحم ‪.‬كان موقفه من قضايا العمل‬
‫سا إلى حد ما‪ ،‬لكن اهتمامه اآلن كان منصبًا على فتح المناجم ‪.‬لقد شعر بأنه مضطر إلى التحرك‬ ‫ملتب ً‬
‫لحماية المصلحة العامة‪ ،‬وكما تكشف مراسالته‪ ،‬ألنه كان يخشى التداعيات السياسية لمجاعة الفحم ‪.‬لم‬
‫يكن برنامجه هو سحق اإلضراب‪ ،‬على الرغم من أن المشغلين كانوا يطالبون بإصدار أمر قضائي ضد‬
‫اتحاد عمال المناجم باعتباره مؤامرة لتقييد التجارة بموجب قانون شيرمان‪ ،‬بل كان يهدف إلى فرض‬
‫التحكيم ‪.‬ولتحقيق هذه الغاي ة‪ ،‬دعا إلى مؤتمر لكل من المشغلين وقادة الضربات الذي عقد في البيت‬
‫األبيض في ‪3‬أكتوبر‪.‬‬
‫وبينما أعلن ميتشل عن استعداده لقبول نتائج أي لجنة يعينها الرئيس‪ ،‬رفض باير مرة أخرى‬
‫بصراحة أن يكون له أي عالقة بالتحكيم ‪.‬أثار موقفه المتعنت ‪ ،‬الذي يتناقض مع الموقف التصالحي‬
‫لزعيم عمال المناجم‪ ،‬غضب روزفلت ‪.‬لم يهاجم باير المضربين فحسب‪ ،‬بل وبخ الرئيس بغضب لسعيه‬
‫للتفاوض "مع المحرضين على ‪..." . .‬الفوضى والتحدي الوقح للقانون ‪”.‬وكان المؤتمر عاصفا ً ‪.‬‬
‫ويقال إن روزفلت قال عن باير" ‪:‬لوال المنصب الرفيع الذي أشغله‪ ،‬لكنت قد أمسكت به من مقعده‬
‫ومؤخرة رقبته وألقيته من تلك النافذة‪".‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم يتم استخراج أي فحم تقري ًبا ‪.‬وعلى الرغم من إرسال ‪10.000‬جندي حكومي إلى‬
‫المنطقة لحماية مفسدي اإلضراب‪ ،‬إال أن الرجال لم يعودوا إلى العمل ‪.‬أصبح الجمهور أكثر وأكثر‬
‫اضطرابا ‪.‬حتى الصحف المحافظة ذكرت اآلن أن العمال كذبوا مطالبتهم بالدعم الشعبي ويجب عليهم‬
‫تسوية اإلضراب على أساس المفاوضات مع عمال المناجم المتحدين ‪.‬وأعلنت صحيفة ‪Chicago‬‬
‫‪Evening Post‬أن "‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪193‬‬
‫الجمهور لن ينتظر طويالً أيضا ً‪. . . ".‬‬
‫سرا خطة لوضع الجيش في الميدان بأوامر إلى‬ ‫قرر روزفلت التدخل بشكل أكثر مباشرة ‪.‬لقد وضع ً‬
‫قائده العام لتجريد المشغلين وتشغيل المناجم كجهاز استقبال‪ ،‬وأرسل وزير الحرب روت إلبالغ جي بي‬
‫مورغان‪ ،‬باعتباره القوة الحقيقية وراء المشغلين‪ ،‬أن هذا كان خياره إذا استمر رفض التحكيم ‪.‬وفي ظل‬
‫أخيرا على االستسالم ‪.‬وطلبوا من الرئيس تشكيل‬‫ً‬ ‫هذا الضغط الحكومي المباشر‪ ،‬تم حث أصحاب المناجم‬
‫لجنة تحكيم ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬حتى في هذه المرحلة‪ ،‬ما زالوا يرفضون المضي قد ًما وأعلنوا أنهم لن يقبلوا‬
‫عضوا عماليًا في اللجنة ‪.‬وظلت المفاوضات معلقة مرة أخرى في الميزان حتى تغلب روزفلت على هذه‬ ‫ً‬
‫العقبة األخيرة بتعيين رئيس أكبر لمديري السكك الحديدية‪ ،‬ليس كممثل للعمال ولكن باعتباره "عالم‬
‫اجتماع بارز !"في ‪23‬أكتوبر‪ ،‬بعد أكثر من خمسة أشهر صمدت خاللها طوابيرهم دون انقطاع تقري ًبا‪،‬‬
‫عاد عمال المناجم إلى العمل‪.‬‬
‫منح قرار اللجنة الرئاسية‪ ،‬الذي أُعلن عنه في مارس ‪ ،1903‬زيادة في األجور بنسبة ‪،10%‬‬
‫صا لتسوية‬ ‫سا خا ً‬‫وخفض يوم العمل إلى ثماني وتسع ساعات لمختلف فئات العمال‪ ،‬وأنشأ مجل ً‬
‫المنازعات التي تنشأ خالل السنوات الثالث ‪.‬حيث كان من المقرر أن تظل الجائزة سارية المفعول ‪.‬ولم‬
‫يحصل عمال المناجم على االعتراف بنقابتهم ‪.‬لقد فشلوا في تحقيق أهدافهم الكاملة وقبلوا الجائزة على‬
‫مضض ‪.‬ولكن في مواجهة المعارضة العنيدة من قبل المشغلين ‪ ،‬فقد حققوا مكاسب حقيقية ومهمة مما‬
‫عزز بشكل كبير موقف عمال المناجم المتحدين في منطقة األنثراسايت‪.‬‬

‫على الرغم من كل التقدم الذي تم إحرازه في السنوات األولى من القرن‪ ،‬ارتفع إجمالي عضوية‬
‫النقابات من ‪868.500‬في عام ‪1900‬إلى أكثر من ‪2.000.000‬في عام ‪ ،1904‬وعلى الرغم من‬
‫الموقف العام المتعاطف بشكل عام الذي ظهر أثناء إضراب الفحم‪ ،‬كانت هناك مشاكل في انتظار العمال‬
‫المنظمين ‪. .‬أما أصحاب العمل‪ ،‬الذين بدا لبعض الوقت راغبين في االعتراف بالنقابات‪ ،‬فقد أصبحوا‬
‫اآلن منزعجين من قوتها المتنامية ‪.‬لقد تخلوا إلى حد كبير عن برنامج السالم الصناعي الذي كان يرعاه‬
‫في األصل االتحاد المدني الوطني ‪ ،‬وبدأوا بحلول عام ‪1903‬في توحيد قواهم في حملة قوية لمنع أي‬
‫مكاسب عمالية أخرى‪.‬‬
‫‪194‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وشجعوا على استخدام عقود "الكلب األصفر "التي تلزم الموظفين‪ ،‬كما كانت الحال في القسم‬
‫الحديدي القديم‪ ،‬بالموافقة على عدم االنضمام إلى أي نقابة ‪.‬لقد لعبوا على الخصومات الطبيعية بين‬
‫مجموعات المهاجرين لتثبيط أي عمل تعاوني‪ ،‬واستخدموا جواسيس عماليين لإلبالغ عن المحرضين‬
‫العماليين الذين سيتم طردهم بعد ذلك بإجراءات موجزة‪ ،‬وتبادلوا القوائم السوداء للعمال المتهمين‬
‫بآراء متطرفة ‪ .‬كانت شركات التوظيف الكبرى قاسية في هذه الحملة المتجددة المناهضة للنقابات‪،‬‬
‫وتمكنت‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬من تعزيز قوتها من خالل دعوة المحاكم بنجاح لدعمها في لوائح االتهام‬
‫واألوامر القضائية المتعلقة بالتآمر‪.‬‬
‫انهارت االتفاقيات السابقة في تجارة اآلالت والمعادن حيث عادت جمعيات أصحاب العمل في كلتا‬
‫الحالتين إلى مواقفها األصلية المناهضة للعمال ‪.‬في أعقاب تصرفات شركة ‪United States Steel‬‬
‫التي رفضت بشكل صريح التعامل مع النقابات العمالية تحت أي ظرف من الظروف‪ ،‬اندلعت حرب‬
‫مفتوحة في صناعة الحديد الهيكلي حيث لجأ العمال إلى العنف والديناميت ‪.‬وقمعت شركات التعبئة‬
‫والتغليف إضرابًا سعى فيه موظفوها إلى التفاوض الجماعي؛ وحدت شركات التوصيل في شيكاغو‬
‫قواها لسحق إضراب أعضاء الفريق بالكامل من أجل االعتراف ‪.‬وفي كل المجاالت تقريباً‪ ،‬بدا أن العمل‬
‫المنظم قد تعرض النتكاسة‪ ،‬حيث أن أصحاب العمل الذين كانوا قبل بضع سنوات يبدون استعدادا ً‬
‫للمساومة مع العمال‪ ،‬أصبحوا اآلن يرفضون القيام بذلك‪.‬‬
‫لقد حدث تغيير في موقف االتحاد المدني الوطني نفسه ‪.‬وفي مواجهة االنهيار المتزايد لالتفاقيات‬
‫التجارية‪ ،‬بدا أنها فقدت حماسها المبكر لالنضمام إلى النقابات ‪.‬ال يزال أصحاب العمل يعلنون عن‬
‫صداقتهم للعمال ولكنهم وجهوا طاقاتهم في المقام األول نحو مكافحة االشتراكية والمتجر المغلق ‪.‬واصل‬
‫جومبرز العمل معهم‪ ،‬حيث لم يكن أقل معارضة لالشتراكية ‪ ،‬ولكن على الرغم من دفاعه عن أنشطة‬
‫االتحاد المدني الوطني ‪ ،‬فقد العمال الثقة في حيادهم في النزاعات الصناعية‪.‬‬
‫كانت االتحادات الصناعية التي عارضت بشكل علني جميع المنظمات العمالية التي اجتمعت في‬
‫المؤتمر الوطني عام ‪1903‬لتشكيل جمعية المواطنين الصناعية ‪.‬لقد نجحت جهود الضغط والدعاية‬
‫التي قاموا بها في تأليب الرأي العام ضد حزب العمال ‪.‬وبعد اجتماع في عام ‪1906‬ضم حوالي ‪468‬‬
‫متهورا‬
‫ً‬ ‫تقريرا‬
‫ً‬ ‫مندوبًا‪ ،‬يمثلون نفس العدد تقريبًا من جمعيات أصحاب العمل‪ ،‬قدم رئيس ‪CW Post‬‬
‫عن التقدم الذي شعر أنه تم إحرازه ‪.‬وأعلن« ‪:‬قبل عامين‪ ،‬كانت الصحافة والمنابر تقدم عبارات مبتذلة‬
‫حول اضطهاد العمال ‪.‬اآلن تغير كل هذا‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪195‬‬
‫منذ أن تم اكتشاف أن صندوق العمل الهائل هو أشد قمع للعامل المستقل وكذلك للمواطن األمريكي‬
‫العادي ‪.‬لقد أصبح الناس متحمسين ويتصرفون اآلن‪. . . ".‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬تم تنفيذ الحملة المناهضة للنقابات بشكل أكثر وضو ًحا من قبل الجمعية الوطنية‬
‫للمصنعين‪ ،‬أو تم تنظيمها في عام ‪1895‬ولكنها شرعت في أولى هجماتها الحقيقية على العمال‬
‫المنظمين حوالي عام ‪1903.‬وكان شعارها وصرختها الحربية "المتجر المفتوح‪ ،‬ضمانة للحق في‬
‫العمل بغض النظر عن االنتماء النقابي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذا النداء باسم الحرية الفردية كان يخفي بشكل‬
‫رقيق حملة شاملة ضد االعتراف بالنقابات والمساومة الجماعية ‪.‬لقد دافعت حركة عدم االنحياز عن حق‬
‫الصناعة الوحيد والحصري في تحديد األجور وظروف العمل‪.‬‬
‫" بما أن مبادئ ومتطلبات العمل المنظم ال يمكن الدفاع عنها على اإلطالق بالنسبة ألولئك الذين‬
‫يؤمنون بالنظام االجتماعي الفردي‪" ،‬قال ديلي جيتس في المؤتمر السنوي في عام ‪1903‬من قبل‬
‫الرئيس باري‪" ،‬إن موقف التوفيق يعني موقف التسوية فيما يتعلق قناعات أساسية ‪. . . .‬الخطر األكبر‬
‫يكمن في االعتراف باالتحاد ‪”.‬وأحد منشورات حركة عدم االنحياز المبكرة‪ ،‬التي تم توزيعها على نطاق‬
‫واسع في حملة دعائية امتدت إلى المدارس والكنائس وكذلك إلى الصحافة واألجهزة الصناعية‪ ،‬ذكر‬
‫بشكل قاطع أن "حكومتنا ال يمكن أن تصمد‪ ،‬وال مؤسساتها الحرة يمكن أن تصمد إذا كان غومبرز ‪-‬‬
‫يُسمح ل ُمثُل دبس للحرية وحرية التعبير والصحافة بالهيمنة‪.‬‬
‫وكان مبدأ المحل المفتوح‪ ،‬الذي كان مدعوما ً في كثير من األحيان باقتناع يتجاوز كل االعتبارات‬
‫االقتصادية البحتة‪ ،‬يستخدم لتبرير أو التغاضي عن التدابير األكثر جذرية في السعي إلى سحق النقابات ‪.‬‬
‫وربما تجلى هذا بشكل أوضح في قمع إضراب موظفي شركة كولورادو للوقود والحديد في عام ‪1913.‬‬
‫وكانت القضية الحقيقية على المحك في هذا النزاع هي االعتراف بعمال المناجم المتحدين ‪ ،‬الذين‬
‫أرسلوا منظميهم إلى اإلقليم ‪.‬وبدالً من تقديم هذا التنازل‪ ،‬حاربت الشركة المضربين بشراسة باستخدام‬
‫محققين مستأجرين ونواب خاصين وميليشيات تابعة للدولة‪.‬‬
‫أخيرا إلى ذروتها‬
‫ً‬ ‫استمرت الحرب المفتوحة لعدة أشهر في حقول األلغام في كولورادو‪ ،‬ووصلت‬
‫الدموية عندما هاجمت الميليشيا مستعمرة للمضربين في لودلو ‪.‬وبعد عدة جوالت من إطالق النار‬
‫العشوائي من األسلحة الرشاشة‪ ،‬تم غمر الخيام التي كانت تعيش فيها عائالت العمال‬
‫‪196‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫بالزيت وإشعال النار فيها ‪.‬تجمعت النساء واألطفال في الحفر هربًا من النيران المشتعلة‪ ،‬وفي واحد‬
‫منهم تم العثور على أحد عشر طفالً وامرأتين محروقين أو مخنوقين حتى الموت ‪.‬لقد شعرت األمة‬
‫بالرعب من هذه المذبحة‪ ،‬لكن شركة كولورادو للوقود والحديد رفضت النظر في المفاوضات مع النقابة‬
‫إلنهاء اإلضراب‪.‬‬
‫كانت الشركة تحت سيطرة مصالح روكفلر وفي التحقيق في اإلضراب الذي أجرته لجنة المناجم‬
‫والتعدين بمجلس النواب ‪ ،‬تم استدعاء جون دي روكفلر االبن إلى منصة الشهود ‪.‬ورداً على أسئلة حول‬
‫ما إذا كان يشعر أن "قتل الناس وإطالق النار على األطفال "لم يكن ينبغي أن يؤدي إلى جهود إعادة‬
‫إرساء السالم العمالي‪ ،‬أشار ضمنا ً إلى أنه بدالً من االستسالم لعمال المناجم‪ ،‬كانت شركته مستعدة‬
‫للذهاب إلى أي مدى كان ضروريا ‪.‬وقال إن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تسوية اإلضراب هي من‬
‫خالل توحيد جميع المناجم‪ ،‬وهو أمر ال يمكن قبوله ألن "اهتمامنا بالعمل عميق للغاية ونؤمن بصدق أن‬
‫هذه المصلحة تتطلب إعادة بناء المعسكرات ‪".‬معسكرات مفتوحة‪ ،‬ونتوقع أن نقف إلى جانب الضباط‬
‫بأي ثمن ‪”.‬وكان مستا ًء بشكل خاص من فكرة أن المنظمين الخارجيين يجب أن يسعوا إلى إثارة الرجال‬
‫الذين "كانوا راضين تما ًما عن ظروف عملهم ‪".‬ال يمكن أن يكون هناك استسالم ‪.‬وأعلن روكفلر أن‬
‫«حرب الثورة كانت مبنية على مبدأ مماثل" ‪».‬إنها قضية وطنية عظيمة من النوع األكثر حيوية"‪.‬‬
‫لم يكن هذا مثاال معزوال للمعارضة العنيدة للسماح بتنظيم أصحاب العمل‪ ،‬ودعمت المحاكم بشكل عام‬
‫أصحاب العمل في جعل عدم العضوية في النقابة شرطا للتوظيف ‪.‬‬
‫في عام ‪ ،1898‬أصدر الكونجرس قانونًا‪ ،‬قانون إردمان‪ ،‬الذي يحظر أي تمييز ضد العمال في السكك‬
‫الحديدية بين الواليات بسبب العضوية النقابية ‪.‬وبعد مرور عشر سنوات‪ ،‬في قضية أدير ضد الواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬اعتبرت المحكمة العليا أن هذا البند من قانون إردمان غير دستوري باعتباره انتهاكًا للحرية‬
‫الشخصية وحقوق الملكية ‪.‬تم حظر قانون مماثل للوالية في قضية كوبج ضد كانساس في عام ‪،1915‬‬
‫ثم شرعت المحكمة العليا في تأييد أمر قضائي صدر بناء على طلب شركة هيتشمان للفحم وفحم الكوك‪،‬‬
‫في والية فرجينيا الغربية‪ ،‬والذي منع عمال المناجم المتحدين من السعي إلى تنظيم موظفو الشركة‬
‫الذين اضطروا للموافقة على عدم االنضمام إلى النقابة بموجب عقود الكالب الصفراء‪.‬‬
‫ولم تمر هذه العقبات القانونية أمام االنضمام إلى النقابات دون انتقاد حتى في‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪197‬‬
‫المحكمة العليا ‪.‬عارض القاضي أوليفر ويندل هولمز بشدة ‪.‬وقال في قضية كوباج« ‪:‬في الظروف‬
‫الحالية‪ ،‬قد يعتقد العامل أنه فقط من خالل االنتماء إلى نقابة يمكنه تأمين عقد يكون عادالً له ‪. ...‬إذا كان‬
‫هذا االعتقاد يمكن أن يعتقده رجل عاقل‪ ،‬فيبدو لي أنه يمكن فرضه بموجب القانون من أجل تحقيق‬
‫المساواة في الموقف بين األطراف التي تبدأ فيها حرية التعاقد ‪.‬ال يهمني ما إذا كان من الحكمة على‬
‫المدى الطويل أن يسن العمال تشريعًا من هذا النوع‪ ،‬لكنني أؤيد بقوة الرأي القائل بأنه ال يوجد شيء في‬
‫دستور الواليات المتحدة يمنع ذلك ‪. . .‬لكن إخوته في المحكمة العليا لم يقتنعوا ‪.‬ظلت القرارات التي‬
‫تدعم وتفرض عقود الكالب الصفراء قائمة حتى أدى إقرار قانون نوريس ال غوارديا في عام ‪1932‬إلى‬
‫أخيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫عكس السياسة العامة‬
‫كما دعمت المحاكم أصحاب العمل في هجومهم المضاد على مقاطعة النقابات ‪.‬لقد وجد اتحاد العمال‬
‫األمريكي أن هذا السالح فعال للغاية في تعزيز االعتراف النقابي ‪.‬ومن خالل إقناع أعضائها باالمتناع‬
‫عن شراء أي سلع ال تحمل عالمة نقابية‪ ،‬تم إقناع العديد من أصحاب العمل المتمردين ‪.‬ولمواجهة هذا‬
‫الوضع‪ ،‬تم إنشاء الجمعية األمريكية لمكافحة المقاطعة لمساعدة أصحاب العمل في اللجوء إلى المحكمة‬
‫على أساس أن مثل هذه المقاطعات كانت مؤامرات لتقييد التجارة وتخضع ألمر قضائي باعتبارها تدخالً‬
‫"خبيثًا "في "التوقعات المحتملة "لحقوق الملكية ‪.‬تم رفع قضيتين مهمتين تتعلقان بهذه القضايا إلى‬
‫المحاكم في الفترة ما بين عامي ‪1902‬و‪ ،1916‬وأسفرتا في كل حالة عن هزيمة ساحقة للعمال‪.‬‬
‫في عام ‪ ،1902‬أعلنت منظمة ‪United Hatters‬مقاطعة وطنية لقبعات شركة & ‪DE Loewe‬‬
‫‪ ،Company‬في دانبري‪ ،‬كونيتيكت‪ ،‬دع ًما إلضراب النقابة المحلية لكسب االعتراف ‪.‬رفعت الشركة‬
‫على الفور دعوى قضائية تتهم فيها شركة ‪United Hatters‬بالتآمر لتقييد التجارة في انتهاك‬
‫لشروط قانون شيرمان‪ ،‬وطالبت بتعويضات ثالثية من أعضاء النقابة المحلية الذين أضربوا عن العمل ‪.‬‬
‫بعد ايون ز بعد فترة من الجدل القانوني‪ ،‬تم تأييد الشركة في عام ‪1916‬وسمحت بإجمالي األضرار‬
‫والتكاليف المقدرة بمبلغ ‪252‬ألف دوالر ‪.‬تم إرفاق الحسابات المصرفية ألعضاء النقابة وتم رفع‬
‫إجراءات حبس الرهن ضد منازلهم‪ ،‬ولكن تم دفع الغرامات في النهاية من خالل مساهمات من االتحاد‬
‫الوطني و‪AF of L.‬‬
‫أثارت قضية دانبري هاتر بشكل خاص استياء‬
‫‪198‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫العمال بسبب تأثيرها في فرض المقاطعة الثانوية بموجب حظر قانون شيرمان وإخضاع األعضاء‬
‫األفراد لدعاوى الضرر ‪.‬ولكن حتى بينما كان يشق طريقه المتعرج عبر المحاكم‪ ،‬أصبح اتحاد العمال‬
‫األمريكي نفسه متور ًطا في نزاع آخر كانت له تداعيات أوسع نطاقًا ‪.‬في عام ‪ ،1906‬أضرب عمال صقل‬
‫المعادن الذين تستخدمهم شركة ‪Buck's Stove and Range Company‬في سانت لويس‪ ،‬لمدة‬
‫تسع ساعات في اليوم وطلبوا المساعدة ‪.‬رد ‪AF of L.‬بوضع الشركة على قائمة "نحن ال نرعى "في‬
‫االتحاد األمريكي ونصح جميع أعضاء النقابة بمقاطعة منتجاتها ‪.‬قام جي دبليو فان كليف‪ ،‬رئيس كل من‬
‫شركة ‪Buck's Stove and Range Company‬والرابطة الوطنية للمصنعين‪ ،‬وهو عدو لدود‬
‫لجميع النقابات‪ ،‬بإصدار أمر قضائي على الفور ليس فقط بتقييد ضباط وأعضاء ‪AF‬في ‪L.‬من وضع‬
‫شركته على قائمة "ال نرعى"‪ ،‬ولكن أيضًا من خالل لفت االنتباه بأي شكل من األشكال إلى إضراب‬
‫عمال صقل المعادن سواء كتابيًا أو شفهيًا‪.‬‬
‫رفض ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬االستجابة ألمر المحكمة الشامل هذا ‪.‬بينما تم رفع الشركة المخالفة من‬
‫قائمتها غير العادلة‪ ،‬استمر جومبرز في التصريح بأنه ال يمكن إجبار رجال النقابة على شراء مواقد‬
‫وأفران باك ‪.‬وبعد ذلك أُدين بتهمة ازدراء المحكمة و ُحكم عليه بالسجن لمدة عام‪ ،‬كما ُحكم على ضابطين‬
‫آخرين في االتحاد بالذنب و ُحكم عليهما بعقوبات مخففة إلى حد ما ‪.‬ولم يكن ليقضي هذه العقوبة أبدًا ‪.‬‬
‫استمرت إجراءات المحكمة حتى بعد وفاة فان كليف وسحب األمر القضائي األصلي‪ ،‬لكن القضية رفضت‬
‫في النهاية من قبل المحكمة العليا ‪.‬على الرغم من أن قادة ‪AF‬من ‪L.‬هربوا من السجن نتيجة لذلك‪ ،‬إال‬
‫أن إدانتهم كانت بمثابة صدمة أثارت حزب العمل ضد قانون األوامر القضائية أكثر من هزائمه السابقة‬
‫في هذا الصدد ‪.‬لم يتمكن جومبرز من التصالح مع الموقف الذي وجد نفسه فيه –محافظ‪ ،‬صديق‬
‫ألصحاب العمل‪ ،‬العدو اللدود للتطرف العمالي‪ ،‬تهاجمه الحكومة كما لو كان ثوريًا أو فوضو ًيا‪.‬‬
‫يبدو أن تأثير هذه القرارات‪ ،‬وغيرها من القرارات التي تم فيها منح أوامر قضائية بحرية ألصحاب‬
‫العمل‪ ،‬يمثل إحياء لقوانين المؤامرة القديمة التي ناضل ضدها في كثير من األحيان ‪.‬وكانت المبادئ‬
‫المطروحة على المحك توازي بشكل وثيق تلك المنصوص عليها في القضايا القانونية في أوائل القرن‬
‫التاسع عشر ‪ .‬شعر حزب العمال بأنه يناضل مرة أخرى من أجل الحق األساسي في التنظيم واإلضراب‬
‫ضد المحاكم التي انتقلت بالكامل إلى معسكر أصحاب العمل في حظر النشاط النقابي باعتباره تقييدًا‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪199‬‬
‫للتجارة ‪ .‬إن النظرية المقبولة ذات يوم والتي تقول إن الضرر المحتمل لحقوق الملكية من خالل‬
‫اإلضرابات أو المقاطعة لم يكن سوى عرضيًا لغرضهم المشروع المتمثل في السعي إلى تحسين ظروف‬
‫العمل‪ ،‬تم رفضها في ظل ظروف بدت وكأنها تهدد وجود النقابات ذاته‪.‬‬
‫واعتبر اتحاد العمل األمريكي أنه من الضروري السعي للحصول على إعفاء تشريعي من هذه‬
‫القيود ‪ .‬فهي ال تزال غير راغبة في الدخول مباشرة في السياسة‪ ،‬ولم تكن لديها أي فكرة عن السعي‬
‫حتى إلى تعديل النظام االقتصادي ‪.‬رفض جومبرز المقترحات المتجددة لالشتراكيين لتبني برنامجهم‬
‫الخاص بملكية الحكومة لوسائل اإلنتاج ‪ ،‬وأعلن في عام « ‪1903:‬أنتم غير سليمين اقتصاد ًيا؛ اجتماعيا ً‬
‫أنت مخطئ؛ "صناع ًيا أنت مستحيل ‪" -‬وتم تأييده بأغلبية ‪11282‬صوتًا مقابل ‪2147‬صوتًا ‪.‬ولكن‬
‫بطريقة ما كان ال بد من تحرير النقابات من اإلعاقات التي كانت تعاني منها ‪.‬لقد أصبحت حماية حق‬
‫التنظيم‪ ،‬والمفاوضة الجماعية‪ ،‬واإلضراب‪ ،‬والمقاطعة‪ ،‬واالعتصام‪ ،‬موضع اهتمام فوري وحيوي‪.‬‬

‫تم اتخاذ الخطوة األولى في محاولة ممارسة ضغط سياسي أكثر فعالية لدعم هذه األهداف في عام‬
‫‪1906‬عندما قدم ‪AF of L.‬مشروع قانون المظالم إلى الرئيس والكونغرس ‪.‬وشملت معظم المطالب‬
‫التقليدية التي كان العمال يعبرون عنها منذ الحرب األهلية‪ ،‬ورعت العديد من التدابير األكثر عمومية‬
‫التي روج لها التقدميون في جميع أنحاء البالد ‪.‬لكن األهم من ذلك هو المطالبات بإعفاء النقابات‬
‫العمالية من قانون شيرمان واإلعفاء من األوامر القضائية التي قيل إنها تمثل اغتصا ًبا قضائ ًيا للسلطة‬
‫التي تنتمي بشكل صحيح إلى الهيئة التشريعية ‪.‬وخلصت وثيقة المظالم إلى القول" ‪:‬لقد انتظرنا طويالً‬
‫وصبراً وعبثا ً من أجل اإلنصاف ‪" . ". . .‬حزب العمل اآلن ينال إعجابكم‪ ،‬ونحن على ثقة من أنه قد ال‬
‫يذهب سدى ‪.‬ولكن إذا لم تستمعوا إلينا‪ ،‬فسنلجأ إلى ضمير ودعم مواطنينا»‪.‬‬
‫ولم يستمع الكونجرس إلى المتحدثين باسم حزب العمال ‪.‬مع إبعاد مشاريع القوانين التي سعى حزب‬
‫العمال إلى تقديمها أو دفعها جانبًا‪ ،‬دخل حزب ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬بشكل نشط في حملة الكونجرس لعام‬
‫‪1906.‬ولم يدعو فقط إلى دعم جميع مرشحي الكونجرس المتعاطفين مع تطلعات العمال‪ ،‬ولكن حيث لم‬
‫يقم أي من الحزبين بتسمية مرشح ‪.‬تاريخ مقبول للترشيح ‪ ،‬نصحت بترشيح نقابي ‪.‬بعد ذلك بعامين‬
‫‪200‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ ،‬ناشد جومبرز مؤتمرات الحزبين للحصول على الدعم ‪.‬لقد تجاهلته الجمهورية تما ًما‪ ،‬لكن‬
‫الديمقراطيين تبنوا بندًا مناهضًا لألوامر الزجرية في برنامجهم ‪.‬بنا ًء على ذلك‪ ،‬اتخذ االتحادي األمريكي‬
‫خطوة أخرى بمعارضة ويليام هوارد تافت علنًا‪ ،‬الذي تعرض للهجوم باعتباره قاضي األمر القضائي‪،‬‬
‫وخرج بالتأكيد لصالح ويليام جينينغز برايان ‪.‬عندما تم انتخاب تافت واستمر الجمهوريون في تجاهل‬
‫مطالب العمال‪ ،‬بدا أن المزيد من الدعم كان قاد ًما للديمقراطيين ‪.‬بينما هاجمت القوات المسلحة التابعة لـ‬
‫‪L.‬تافت مرة أخرى في انتخابات عام ‪ ،1912‬إال أنها حافظت على الحياد الدقيق بين روزفلت‬
‫وويلسون‪.‬‬
‫دافع جومبرز بقوة عن هذه التكتيكات السياسية باعتبارها ال تبتعد بأي حال من األحوال عن الموقف‬
‫التقليدي غير الحزبي لـ ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬المتمثل في مكافأة أصدقاء حزب العمال ومعاقبة أعدائه ‪.‬‬
‫وكانت هناك حاجة إلى تشريع لتحرير النقابات من القيود القائمة‪ ،‬وفقا ألطروحته‪ ،‬وقد أظهر‬
‫الديمقراطيون أنهم أكثر انفتاحا وتعاطفا من الجمهوريين" ‪.‬في أداء واجب رسمي في هذا الوقت لدعم‬
‫حزب سياسي‪" ،‬أعلن ‪AF‬من ‪L.‬زعيم في عام ‪" ،1908‬العمال ال يصبح حزبيا لحزب سياسي ولكن‬
‫الحزبية لمبدأ"‪.‬‬
‫أمرا مشكوكًا فيه إلى حد‬
‫كان مدى نجاح مثل هذه األنشطة السياسية قبل إدارة ويلسون اإلعالنية ً‬
‫كبير ‪.‬اعتمدت المجالس التشريعية في الواليات عددا ً من التدابير التي أدت إلى تحسين ظروف العمال‬
‫الصناعيين بشكل ملموس ‪ ،‬مع إشارة خاصة إلى النساء واألطفال‪ ،‬ولكن كما سبق أن أشير إليه‪ ،‬كانت‬
‫تلك التدابير بمثابة استجابة للشعور المستيقظ بالمسؤولية االجتماعية الذي ميز العصر التقدمي بأكمله‬
‫وليس نتيجة للضغوط السياسية التي تمارسها العمالة المنظمة ‪.‬لقد نشأوا من شعور إنساني لم يكن‬
‫كثيرا بحقوق العمال –االعتراف النقابي والمفاوضة الجماعية –بقدر اهتمامه بالجوانب األكثر‬ ‫مهت ًما ً‬
‫عمومية للمجتمع الصناعي الذي كان يؤوي الكثير من الفقر والمرض والجريمة‪.‬‬
‫في حين دعم حزب العمال هذه اإلصالحات‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬لم تكن ذات أهمية أساسية وفقًا لفلسفة‬
‫‪AF‬لـ ‪L.‬و ‪Samuel Gompers.‬بسبب الشك في الدولة‪ ،‬لم يكن جومبرز على استعداد لالعتماد‬
‫على الحكومة لحماية مصالح العمال ‪.‬لقد فضل القوانين التي تحمي النساء واألطفال في الصناعة‪ ،‬لكنه‬
‫لم يكن يريد قوانين تحكم ساعات عمل أعضاء النقابات أو أجورهم ‪.‬وكانت الوسيلة الوحيدة الفعالة‬
‫لتحسين ظروف العمل العامة‪ ،‬في رأيه‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪201‬‬
‫‪ ،‬هي الضغط االقتصادي للعمالة المنظمة ‪.‬وكل ما طلبه من الدولة هو ضمانات لحق ممارسة مثل هذا‬
‫الضغط‪.‬‬
‫في الواقع‪ ،‬لم يكن هناك مدافع قوي عن سياسة عدم التدخل بين القادة الصناعيين المحافظين أكثر‬
‫من رئيس ‪AF‬في ‪L.‬في عام ‪ ،1915‬دافع جومبرز بشجاعة عن هذه الحرية في مقال افتتاحي في‬
‫مجلة ‪ ،American Federalist‬وكانت العبارات التي استخدمها لها طابع غريب ‪.‬المعرفة في ضوء‬
‫المناقشات السياسية في الثالثينيات‪.‬‬
‫وتساءل" ‪:‬إلى أين ننجرف؟ ‪". ". . .‬إذا لم يكن هناك سوق للقطن‪ ،‬فإن تلك المصالح تتطلب قانونًا ‪.‬‬
‫إذا كانت األجور منخفضة‪ ،‬فإن القانون أو اللجنة هي الحل المقترح ‪.‬ماذا يمكن أن يكون نتيجة هذا‬
‫االتجاه سوى تليين النسيج األخالقي للشعب؟ عندما ال يكون هناك استعداد لقبول المسؤولية عن حياة‬
‫الفرد وتحقيق أقصى استفادة منها‪ ،‬هناك فقدان لالستقالل القوي والصلب وقوة اإلرادة ‪. . . .‬ال نريد أن‬
‫نضع المزيد من السلطة في أيدي الحكومة للتحقيق وتنظيم حياة وسلوك وحرية العمال األمريكيين‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية التي تم سنها خالل العصر التقدمي مهمة‪ ،‬وقد‬
‫أفادت بشكل مباشر أو غير مباشر جميع العمال بشكل كبير ‪.‬تم اعتماد قوانين عمل األطفال‪ ،‬التي تضع‬
‫قيودًا على السن التي يمكن فيها تشغيل األطفال‪ ،‬والحد من ساعات عملهم‪ ،‬وحماية الصحة والسالمة‪،‬‬
‫في حوالي ثماني وثالثين والية بحلول عام ‪ ،1912‬وتم توفير الحماية للنساء في الصناعة من خالل‬
‫التشريعات في عام ‪1912.‬ثمانية وعشرون والية تحدد الحد األقصى لساعات العمل ‪.‬واألهم من ذلك‪،‬‬
‫أنه كان هناك اعتماد واسع النطاق ‪-‬في خمس وثالثين والية على األقل بحلول عام ‪1915 -‬لقوانين‬
‫تعويض العمال التي تنص على مدفوعات اإلعانات اإلجبارية للحوادث الصناعية ‪.‬وكانت هذه التدابير‬
‫كبيرا نحو‬
‫األخيرة في كثير من األحيان غير كافية ولم يتم فرضها بشكل فعال دائ ًما‪ ،‬لكنها أظهرت تقد ًما ً‬
‫ضمان مسؤولية أصحاب العمل عن صحة وسالمة العمال في المناجم والمصانع‪.‬‬
‫كما تم البدء أيضًا في إقرار قوانين الحد األقصى العام للساعات ‪.‬إن الطلب على مثل هذا التشريع من‬
‫قبل الواليات‪ ،‬والذي تم الضغط عليه بقوة في أربعينيات القرن التاسع عشر ومرة أخرى في ستينيات‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬لم يتقبله العمال كما كان الحال في هذه الفترات السابقة ‪.‬كانت المفاوضة الجماعية‪،‬‬
‫وليس التحديد القانوني‪ ،‬هي الوسيلة التي اعتمدت عليها النقابات بشكل أساسي لتقليل يوم العمل ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬نتيجة للتحريض العمالي التقدمي وليس الخاص‪ ،‬سنت حوالي خمس وعشرين والية‬
‫‪202‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫قوانين خالل هذه الحقبة حددت ساعات العمل للرجال والنساء على حد سواء‪ ،‬وذلك لمصلحة الصحة‬
‫والسالمة العامة ‪.‬لقد اختلفوا بشكل حاد عن التشريع السابق بشأن الحد األقصى لساعات العمل‪ ،‬حيث تم‬
‫في النهاية إلغاء البند القديم الذي يعفي "العقود الخاصة ‪".‬ألول مرة‪ ،‬أصبحت قوانين ساعات الوالية‬
‫قابلة للتنفيذ‪.‬‬
‫ً‬
‫كانت المحاكم قد منعت في األصل إقرار الكثير من تشريعات العمل هذه‪ ،‬متخذة موقفا مفاده أن‬
‫ممارسة سلطة الشرطة في الوالية ال يمكن أن تتم إلى حد التدخل في حقوق الملكية لصاحب العمل‪ ،‬أو‬
‫الحرية الفردية للعامل في العمل ‪.‬إبرام أي عقد يريده ‪.‬في قضية لوشنر ضد نيويورك‪ ،‬وهي القضية التي‬
‫أُعلن فيها أن قانون الحد األقصى لساعات العمل لعمال المخابز غير دستوري في عام ‪ ،1905‬ذكرت‬
‫المحكمة العليا أن مثل هذا التشريع محظور بموجب ضمانات الحرية في بند اإلجراءات القانونية‬
‫الواجبة في التعديل الرابع عشر ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬تحولت المحكمة تدريجيًا إلى تفسير أكثر ليبرالية للضمانات‬
‫أخيرا قوانين الحد األقصى لساعات العمل لكل من الرجال والنساء‪ ،‬وقبلت أيضًا‬ ‫ً‬ ‫الدستورية‪ ،‬وأيدت‬
‫قوانين تعويض العمال الجديدة ‪ .‬ولكن عندما جرت محاولة أخرى لسن قوانين الحد األدنى لألجور‪،‬‬
‫انقسمت المحكمة العليا بالتساوي حول دستوريتها وبقيت صالحية هذا التشريع‪ ،‬كما تم إقراره في سبع‬
‫واليات‪ ،‬موضع شك ‪.‬لم يتم طرح هذه القضية مرة أخرى للبت فيها حتى عام ‪ ،1923‬ثم ُحكم عليها‪ ،‬في‬
‫قضية آدكنز ضد مستشفى تشيل درينز‪ ،‬بأنه ال يمكن التوفيق بين قيود األجور وحرية التعاقد ‪.‬ظل هذا‬
‫أخيرا أنه في ظل ظروف العمل الحالية‪ ،‬كانت‬‫ً‬ ‫القرار قائ ًما حتى عام ‪1937‬عندما أقرت المحكمة العليا‬
‫حرية التعاقد مجرد خيال ال يحافظ بأي حال من األحوال على حرية العامل الفردي في تحديد ساعات‬
‫عمله أو أجره‪.‬‬
‫كثيرا عن‬
‫ً‬ ‫بشكل عام‪ ،‬حققت تشريعات الدولة لصالح العمال الصناعيين‪ ،‬رغم أنها ال تزال متخلفة‬
‫التجارب األوروبية المعاصرة فيما يتعلق بكل من معاشات التقاعد والتأمين ضد البطالة‪ ،‬إنجازات كبيرة‬
‫تحسب لها أثناء إدارتي روزفلت وتافت ‪.‬وعلى الساحة الوطنية‪ ،‬كما سبق أن اقترحنا‪ ،‬كان هناك سبب‬
‫أقل بكثير لنشوء فصيل ساتيس ‪.‬يبدو أن مشروع قانون المظالم الذي قدمه ‪AF of L.‬في عام ‪1906‬‬
‫قد تم طرحه بشكل دائم من قبل لجان معادية في كل من مجلسي النواب والشيوخ ‪.‬ولم يتم إحراز أي تقدم‬
‫على اإلطالق في سن أحكامه العامة المتعلقة باألمن النقابي ‪.‬وكما أظهرت اإلجراءات في كثير من‬
‫الحاالت‪ ،‬أصبحت األوامر القضائية والمحاكمات النقابية بموجب‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪203‬‬
‫قانون شيرمان أسلحة قوية على نحو متزايد في أيدي أعداء العمال ‪.‬كان موقف المجلس الديمقراطي‬
‫أخيرا إقرار‬
‫ً‬ ‫الذي تم اختياره في عام ‪1910‬بمثابة اإلشارة األولى لموقف أكثر إيجابية تجاه العمال ‪.‬تم‬
‫يوم عمل فعلي مدته ثماني ساعات للعاملين في العقود العامة‪ ،‬وتم إنشاء لجنة عالقات محاكمة منطقة‬
‫السند "الكتشاف األسباب الكامنة وراء عدم الرضا في الوضع الصناعي"‪ ،‬وتم اتخاذ الترتيبات الالزمة‬
‫صا لتعزيز رفاهية العاملين بأجر ‪.‬ولكن لم يتم التوصل إلى نقطة‬ ‫إلنشاء وزارة العمل المصممة خصي ً‬
‫تحول حقيقية حتى انتخابات عام ‪ 1912‬فيما يتعلق بالتشريعات األوسع من قبل الحكومة الوطنية‪.‬‬
‫وكان ويلسون قد هاجم ما أسماه القوانين “العفا عليها الزمن والمستحيلة ”التي تحكم حاليا ً عالقات‬
‫أصحاب العمل والموظفين في “الحرية الجديدة ‪”.‬وشدد حفل تنصيبه أيضًا على الحاجة إلى تشريع ال‬
‫يحمي حياة العمال ويحسن الظروف التي يعملون في ظلها ويوفر ساعات عمل عقالنية ومقبولة‬
‫فحسب‪ ،‬بل يمنحهم أيضًا "الحرية في التصرف لتحقيق مصلحتهم الخاصة ‪".‬ونفى أن مثل هذه القوانين‬
‫يمكن اعتبارها تشريعات طبقية وأكد أنها في مصلحة الشعب كله ‪.‬ابتهج حزب العمال بمثل هذا الدفاع‬
‫عن موقفه وتطل ع بثقة إلى التشريع العالجي فيما يتعلق باألوامر القضائية ومحاكمة المؤامرة التي‬
‫ناضل من أجلها لفترة طويلة دون جدوى ‪.‬أعلن جومبرز" ‪:‬لم نعد نسافر في البرية« ‪".‬لم نعد في موسم‬
‫الزرع فقط ‪.‬نحن في وقت الحصاد"‪.‬‬
‫وظهرت النتائج لبعض الوقت لتؤكد هذا التفاؤل ‪.‬في عام ‪ ،1914‬أصدر الكونجرس قانون كاليتون‬
‫الذي عزز تشريعات مكافحة االحتكار السابقة وأدرج بنودًا مهمة تؤثر على حقوق العمل ‪.‬أعلن القانون‬
‫الجديد على وجه التحديد أن "عمل اإلنسان ليس سلعة أو مادة تجارية"‪ ،‬ونص على أنه ال ينبغي تفسير‬
‫أي شيء في قوانين مكافحة االحتكار على أنه يمنع وجود النقابات‪ ،‬ويمنعها من القيام "بشكل قانوني "‬
‫أغراضهم المشروعة ‪ ،‬أو اعتبارها مجموعات غير قانونية أو مؤامرات لتقييد التجارة ‪.‬عالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬فقد حظر استخدام األوامر القضائية في جميع النزاعات بين أصحاب العمل والموظفين "ما لم يكن‬
‫ذلك ضرور ًيا لمنع حدوث ضرر ال يمكن إصالحه في الممتلكات‪ ،‬أو في حق الملكية ‪...". . .‬الضرر الذي‬
‫ال يوجد عالج مناسب له في القانون ‪".‬‬
‫وقد أشاد جومبرز بهذا القانون باعتباره "ماجنا كارتا "للعمل‪ ،‬وهو الضمان األخير لحق العمال في‬
‫التنظيم‪ ،‬والمفاوضة الجماعية‪ ،‬واإلضراب‬
‫‪204‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫‪ ،‬والمقاطعة‪ ،‬واالعتصام ‪.‬وتنوعت اآلراء األخرى حول الفعالية الحقيقية للقانون الجديد ‪.‬على الرغم من‬
‫أن صحيفة وول ستريت جورنال وصفت الكونجرس بأنه "حشد متجمع من الجبناء الخائفين ‪...". . .‬‬
‫"مراقبة رئيس العمال ليخفض إبهامه"‪ ،‬أشارت العديد من افتتاحيات الصحف والقادة السياسيين وحتى‬
‫بعض المتحدثين باسم حزب العمال إلى أن العبارات الحذرة لقانون كاليتون أظهرت أن العمال لم‬
‫يحصلوا حقًا على أي حقوق جديدة وأن األوامر الزجرية لم يتم حظرها فعل ًيا ‪.‬اختار جومبرز تجاهل كل‬
‫هذه االعتبارات العملية بينما كان ينشر البشرى لما أصر على أنه نصر عمالي عظيم ‪.‬ربما من أجل‬
‫تبرير السياسات التي اتبعها وتعزيز هيبة ‪AF‬ل‪ ،.‬لم يعترف بأي شكوك حول الحرية الكاملة التي‬
‫حصلت عليها النقابات نظريا‪.‬‬
‫وسرعان ما تبين أن المتشككين كان لهم ما يبررونه ‪.‬ثبت أن ضمانات قانون كاليتون كانت وهمية‬
‫إلى حد كبير عندما خضعت للتفسير من قبل المحاكم ‪.‬تم اكتشاف ثغرات في اإلعفاء المفترض للنقابات‬
‫من قوانين مكافحة االحتكار؛ تم تفسير األحكام المتعلقة باستخدام األوامر الزجرية على أنها ال توفر أي‬
‫انتصاف حقيقي ‪ .‬بقي بيان المبدأ القائل بأن العمل ليس سلعة‪ ،‬وكان له أهمية حقيقية باعتباره عالمة‬
‫على تغيير في المواقف العامة‪ ،‬ولكن لم يكن له أي تأثير عملي على العالقات بين صاحب العمل‬
‫والموظف ‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فقد كانت هناك مكاسب كبيرة للعمال خالل إدارة ويلسون ‪ ،‬وعلى الرغم من خيبة األمل‬
‫بشأن التفسير الالحق لقانون كاليتون‪ ،‬فقد شهدت هذه السنوات عمالة منظمة تتقدم لألمام على العديد‬
‫من الجبهات ‪.‬وقد حصل على دعم تشريعي في ثالث قضايا مهمة ‪.‬أدى إقرار قانون ال فوليت للبحارة في‬
‫عام ‪1915‬إلى عالج العديد من االنتهاكات الصارخة في توظيف البحارة وتحسين الظروف بشكل ال‬
‫يقاس في تنبؤات السفن التجارية األمريكية ‪.‬تمت تلبية طلب عمال السكك الحديدية لساعات عمل أقصر‬
‫في العام التالي عندما أنشأ قانون أدامسون ثماني ساعات في اليوم‪ ،‬مع وقت ونصف للعمل اإلضافي‪،‬‬
‫لجميع العاملين في السكك الحديدية بين الواليات ‪.‬وكان إقرار الكونجرس الختبار معرفة القراءة‬
‫والكتابة لجميع المهاجرين األوروبيين في عام ‪1917‬بمثابة خطوة أولى نحو سياسة تقييد الهجرة التي‬
‫طالب بها العمال لفترة طويلة‪.‬‬

‫كان نمو النقابات العمالية خالل العقد األول من القرن الجديد قد توقف مؤقتا ً بسبب الهجوم الصناعي‬
‫المضاد الذي بدأ‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪205‬‬
‫في عام ‪1904.‬وفي الواقع‪ ،‬انخفضت عضوية االتحاد األمريكي للعمال في عام ‪ ،1905‬وظلت ثابتة‬
‫تقريبا ً على مدى السنوات الخمس التالية ‪.‬لقد كان ‪1.562.000‬فقط في عام ‪1910‬مقارنة بـ‬
‫‪1.676.000‬قبل ست سنوات ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬بين عامي ‪1910‬و‪ ،1917‬اكتسبت ‪AF‬في ‪L.‬حوالي‬
‫‪800000‬عضو جديد وارتفع معدل االلتحاق بالنقابات العمالية ككل إلى أكثر من ‪3000000.‬لقد كان ما‬
‫يقرب من أربعة أضعاف ما كان عليه في بداية القرن‪.‬‬
‫إن الرغبة في االنضمام إلى االتحاد‪ ،‬في هذه السنوات كما في فترات أخرى‪ ،‬لم تأت فقط من توقع‬
‫المكاسب االقتصادية من خالل العمل الجماعي ‪.‬كان األمل في حصوله على قدر أكبر من األمان ‪-‬صفقة‬
‫مربعة وحماية من االنضباط التعسفي ‪-‬دائ ًما في غاية األهمية‪ ،‬ولكن كانت هناك أيضًا رغبة غير واعية‬
‫في كثير من األحيان من جانب العامل الفردي لتعزيز شعوره بالقيمة الفردية واألهمية في الحياة ‪.‬مجتمع‬
‫سا آل ًيا في عملية ليس له أي تأثير أو سيطرة عليها ‪.‬‬
‫صناعي ‪.‬أصبحت اآلالت تجعل العامل أكثر فأكثر تر ً‬
‫إن انعدام الشخصية الكاملة ألعمال الشركات‪ ،‬مع ابتعاد اإلدارة عن أي اتصال مباشر مع الموظفين‪،‬‬
‫أدى إلى تفاقم فقدان المكانة الفردية ‪.‬يمكن لألجير أن يجد الرضا في العضوية في منظمة اجتماعية ذات‬
‫معنى مثل نقابة العمال التي تم حرمانه منها كواحد من بين عدة آالف من الموظفين الذين فقدوا‬
‫شخصيتهم ‪ .‬كانت الرغبة في المشاركة في بعض األنشطة الجماعية قوية بالفعل بشكل خاص خالل‬
‫العصر التقدمي ‪.‬لقد كانت فترة تميزت بالنمو السريع للنوادي االجتماعية والنزل والجمعيات األخوية ‪.‬‬
‫لقد لبّت النقابات‪ ،‬التي ضمت في كثير من األحيان بعض طقوس المحافل األخوية‪ ،‬حاجة حقيقية للغاية‬
‫بصرف النظر عن الدعم الذي قدمته للمفاوضة الجماعية‪.‬‬
‫على أية حال‪ ،‬فإن التوسع في صفوف النقابات قد حدث نتيجة لزيادة العضوية في النقابات القديمة‬
‫وإنشاء نقابات جديدة ‪.‬بلغ عدد أعضاء اتحاد عمال المناجم المتحدين ‪334.000‬عضو‪ ،‬وهي أقوى‬
‫نقابة في البالد على اإلطالق ‪.‬كان في مهن البناء –النجارون والرسامون والبناؤون والبناؤون –أكثر‬
‫من ‪300‬ألف عامل في نقاباتهم المختلفة‪ ،‬وكانت النقابات بين عمال المالبس من اإلضافات المهمة إلى‬
‫الحركة العمالية المنظمة‪.‬‬
‫وقد تلقى النشاط في هذه الصناعة زخما ً هائالً من "صعود العشرين ألفا ً "بين صانعي القمصان في‬
‫نيويورك ‪.‬لقد أدى هذا اإلضراب في خريف عام ‪1909‬إلى إضفاء طابع درامي مثير على الظروف التي‬
‫ال تطاق والتي كانت سائدة في المصانع المستغلة للعمال‪ ،‬لدرجة أن التعاطف الشعبي انتقل بالكامل إلى‬
‫المضربين ‪.‬وتحت قيادة‬
‫‪206‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫عمال المالبس النسائية العالميين‪ ،‬تمكنوا من الفوز بجميع مطالبهم الرئيسية باستثناء متجر مغلق ‪.‬كان‬
‫هذا اإلضراب مجرد مقدمة لنضال آخر في العام التالي‪ ،‬والذي اندلع بين العمال األكثر تعرقًا في تجارة‬
‫العباءات والبدالت ‪ .‬لقد كانوا غير منظمين إلى حد كبير ولكن مرة أخرى تم االستيالء على قيادة‬
‫اإلضراب من قبل ‪ILGWU.‬مع لويس د ‪.‬برانديز‪ ،‬الذي أصبح فيما بعد قاضيًا مشاركًا في المحكمة‬
‫العليا‪ ،‬ويعمل كوسيط‪ ،‬تم التوصل إلى تسوية مواتية مرة أخرى ‪.‬لم يحصل عمال المالبس على مطالبهم‬
‫باألجور وساعات العمل فحسب‪ ،‬بل تفاوضوا أيضًا على "بروتوكول "مع أصحاب العمل‪ ،‬والذي أنشأ‬
‫آلية للتوفيق بين النزاعات المستقبلية ‪.‬أصبحت نقابة عمال المالبس النسائية الدولية واحدة من أقوى‬
‫النقابات وأكثرها جرأة في البالد ‪.‬كانت تتألف إلى حد كبير من المهاجرين مع أغلبية كبيرة من النساء‪،‬‬
‫وكانت اشتراكية إلى حد ما في نظرتها‪ ،‬وكانت مهتمة للغاية بالرفاهية الفردية ألعضائها‪.‬‬
‫كانت النقابة الرئيسية بين العاملين في صناعة المالبس الرجالية لفترة طويلة هي اتحاد عمال‬
‫المالبس ‪.‬في عام ‪ ،1914‬أدت الخالفات الداخلية إلى انفصال غالبية أعضائها عن ‪AF‬في ‪L.‬وتشكيل‬
‫عمال المالبس المندمجين المستقلين ‪.‬نمت قوة هذا االتحاد بشكل مطرد ونجح في إبرام اتفاقيات تجارية‬
‫مع المصنعين في جميع المراكز الصناعية الكبيرة ‪.‬مثل ‪ ،ILGWU‬كانت اشتراكية من الناحية النظرية‬
‫ولكن سياستها اليومية كانت تتمثل في زيادة التعاون مع أصحاب العمل في ظل قيادة بناءة وواسعة‬
‫األفق‪.‬‬
‫عمال المناجم المتحدون‪ ،‬وعمال المالبس النسائية الدوليون‪ ،‬وعمال المالبس المندمجون نقابات‬
‫صناعية‪ ،‬وتضم في عضويتها جميع العمال في الصناعات التي يمثلونها ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ظلوا استثناءات‬
‫بارزة للقاعدة العامة لتنظيم العمل ‪.‬ولم تكن هناك نقابات ذات أهمية في مجاالت الصلب‪ ،‬أو السيارات‪،‬‬
‫أو اآلالت الزراعية‪ ،‬أو الصناعات الكهربائية‪ ،‬أو المرافق العامة‪ ،‬أو صناعة التبغ‪ ،‬أو تعبئة اللحوم ‪.‬‬
‫نفس الصناعا ت التي أصبحت أكثر أهمية في التنمية االقتصادية للبالد‪ ،‬والتي وظفت نسبة متزايدة من‬
‫العمال الصناعيين‪ ،‬لم تتأثر بالنشاط العمالي في هذه السنوات ألن الشركات التي كانت تسيطر عليها‬
‫كانت مناهضة للنقابات بقوة شديدة لدرجة أنها كانت مناهضة للنقابات ‪.‬وكان كل جهد لتنظيم موظفيهم‬
‫محكوما عليه بالفشل‪.‬‬
‫لقد كان استمرار انخفاض األجور وساعات العمل الطويلة للعاملين في‬
‫‪The Progressive Era‬‬ ‫‪207‬‬
‫صناعات اإلنتاج الضخم هذه هو السبب إلى حد كبير في تفاوت المكاسب التي يمكن أن تعزى إلى العمل‬
‫خالل الحقبة التقدمية ‪ .‬التشريع االجتماعي في تلك الفترة‪ ،‬والتقدم في أجور العمال المهرة المتجمعين‬
‫معًا في النقابات التي تشكل ‪ ،AF of L.‬والموقف العام المتغير والسياسة العامة تجاه النقابات‪ ،‬تمت‬
‫مواجهتها من خالل الظروف الكئيبة لجحافل كبيرة من العمال الصناعيين غير المنظمين الذين ال تزال‬
‫تمثل ما يقرب من تسعين في المائة من إجمالي القوى العاملة‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪ :XII‬الرعد على اليسار‬


‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫في حين كان األجراء في النقابات الوطنية والدولية على استعداد عمو ًما لقبول نظام اقتصادي بدا أنهم‬
‫يحققون في ظله مكاسب بطيئة ولكن أكيدة‪ ،‬فقد تطورت تيارات مزعجة من السخط األعمق خالل‬
‫الحقبة التقدمية بين العمال الذين كانوا خارج الحدود النقابية القائمة ‪.‬تم التعبير عن مطالب جديدة‬
‫لتنظيم الغرامات الصناعية أو للهيكل النقابي الشامل الذي تم التخلي عنه بعد انهيار فرسان العمل؛‬
‫نمت قوة أتباع االشتراكية وضاعفوا جهودهم لبناء حزب سياسي فعال‪ ،‬وكان هناك تحريض جذري‬
‫بين العمال غير المنظمين للعمل المباشر لتأمين حصتهم من الفوائد التي يوفرها االقتصاد المتوسع‪.‬‬
‫"إن العمال قبيحون للغاية وال يستطيع أحد أن يتنبأ إلى أي مدى سينتشر هذا المحتوى المسيء ‪".‬‬
‫إن الروح الراديكالية بين العمال والقادة مضطرون إلى اللعب على هذا النحو وإال فقدوا قيادتهم‪.‬‬
‫وبدا تصاعد التطرف في غير محله إلى حد ما في فترة كانت فيها روح البالد مليئة بالثقة وبدا أن‬
‫سا مباش ًرا لمدى تجاهل مصالح العمال‬ ‫مثل هذا التقدم العام يحدث للشعب ككل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان ذلك انعكا ً‬
‫غير المهرة ‪ .‬ومع استمرار اتحاد العمال األمريكي في إهمال التنظيم الصناعي ومحاربة كل حركة‬
‫راديكالية بقوة مثل الصناعة نفسها‪ ،‬اشتعلت جذوة السخط بقوة أكبر ‪.‬وتم توفير أرض خصبة إلحياء‬
‫النشاط الثوري الذي كان هدفه اإللغاء الفوري لنظام األجور واإلطاحة الكاملة بالرأسمالية ‪.‬لفترة‬
‫وجيزة بدا أن حركة علب تهدد االستقرار والمحافظة األساسية للحركة العمالية بأكملها ‪.‬وكان رأس‬
‫حربتها عمال الصناعة في العالم‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪209‬‬
‫انضم عمال المناجم والحطابون وأيدي الحصاد المهاجرة في الغرب إلى المجموعات االشتراكية‬
‫التي تمث ل العمال الصناعيين غير المنظمين في الشرق في تشكيل هذه الجمعية الجديدة ‪. LW.‬ونفى‬
‫وجود أي شيء مشترك بين الطبقة العاملة والطبقة العاملة ‪.‬وهاجموا بشراسة سياسات ‪AF‬التابعة لـ‬
‫‪L.‬وجميع النقابات العمالية‪ ،‬ودعوا العمال إلى االستيالء على ملكية آالت اإلنتاج‪.‬‬
‫وأعلن بيانهم الرنان" ‪:‬بدالً من شعار المحافظين" ‪:‬أجر يوم عادل مقابل يوم عمل عادل"‪ ،‬يتعين‬
‫علينا أن نكتب على رايتنا الشعار الثوري‪" ،‬إلغاء نظام األجور ‪".‬إن المهمة التاريخية للطبقة العاملة‬
‫هي التخلص من الرأسمالية‪.‬‬

‫‪LW.‬لقد نشأ هذا االجتماع من اجتماع سري في شيكاغو عام ‪1905‬جمع كل العناصر الراديكالية‬
‫والمنشقة في الحركة العمالية ‪.‬عمال المناجم الغربيون المتشددون‪ ،‬واالشتراكيون من مختلف‬
‫المعتقدات‪ ،‬والمدافعون عن النقابات الصناعية والدعاة الفوضويون للعمل المباشر‪ ،‬جمعوا صفوفهم‬
‫لشن هجوم موحد ومباشر على الرأسمالية ‪.‬أثبتت األحداث أنهم لم يتفقوا على شيء سوى االزدراء‬
‫المتبادل لبرنامج وتكتيكات القوات المسلحة لـ ‪L.‬ومع قبولهم لفرضية الصراع الطبقي كنقطة انطالق‬
‫مشتركة‪ ،‬أنشأوا منظمة اقتصادية هدفها العمل على الجبهة السياسية والصناعية من أجل التحرر‬
‫النهائي للعمل‪.‬‬
‫المجموعة األكثر أهمية وراء تنظيم ‪LW.W.‬كان االتحاد الغربي لعمال المناجم ‪.‬لقد كانت ذات‬
‫يوم تابعة لـ ‪AF of L.‬لكنها انسحبت في عام ‪1897‬بسبب االستياء مما اعتبره خيانة الشرق‬
‫العاطلة لقضية العمال ‪.‬بعد أن تغلغلت روح الحدود المستقلة والتي غال ًبا ما تكون خارجة عن القانون‪،‬‬
‫انخرط عمال المناجم بعد ذلك في سلسلة من اإلضرابات في مناجم الذهب والفضة والرصاص‬
‫والنحاس في الواليات الغربية‪ ،‬وفي ‪1903-1904‬شنوا حربًا مفتوحة ضد المشغلين في الواليات‬
‫الغربية( ‪.‬منطقة كريبل كريك في كولورادو ‪).‬لقد حاربوا إدخال كاسري اإلضراب ‪.‬قام المالك بهجوم‬
‫مضاد من خالل لجان اليقظة المحلية والميليشيات الحكومية ‪.‬ومع التزام كل جانب بالعنف على قدم‬
‫المساواة‪ ،‬تميز الصراع بشكل كبير بتفجيرات األلغام‪ ،‬وتدمير القطارات‪ ،‬وتفشي الغوغاء‪ ،‬والقتل‬
‫شهرا من‬
‫ً‬ ‫الفردي‪ ،‬واالعتقاالت‪ ،‬والسجن‪ ،‬وإطالق النار على تجمعات عمال المناجم ‪.‬وبعد ثالثة عشر‬
‫أخيرا‬
‫ً‬ ‫القتال المتقطع‪ ،‬تم اإلضراب‬
‫‪210‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫تم سحقهم وقام الحراس والعمدة المنتدبون والشرطة والميليشيا بإعادة تخزين شيء مثل النظام في‬
‫كريبل كريك‪.‬‬
‫بعد هذه الهزيمة‪ ،‬أدرك االتحاد الغربي لعمال المناجم أنه ال يستطيع الوقوف بمفرده ‪.‬لقد شكلت‬
‫بالفعل ما ك ان يسمى في البداية اتحاد العمل الغربي ثم اتحاد العمل األمريكي في محاولة لجمع جميع‬
‫العمال في الواليات الغربية في منظمة صناعية واحدة ‪ ،‬وأصبح قادة االتحاد اآلن على استعداد للترحيب‬
‫بأي تحرك نحو وحتى تنظيم أوسع ‪.‬كانوا يأملون أن يستجيبوا للدعوة إلى مؤتمر شيكاغو الذي كان من‬
‫المقرر أن يؤدي إلى تشكيل ‪IWW.‬كان عدد مندوبيهم خمسة فقط من إجمالي حوالي مائتين في هذا‬
‫االجتماع‪ ،‬ولكن مع ‪27000‬عضو‪ ،‬كان عمال المناجم الغربيون أقوى نقابة ممثلة على اإلطالق‪. .‬‬
‫وكان االشتراكيون هم المجموعة الرئيسية األخرى التي أرسلت مندوبين ‪.‬لقد خلف حزب العمال‬
‫االشتراكي منذ فترة طويلة حزب العمل االشتراكي ‪.‬تحت القيادة االستبدادية لدانييل دي ليون‪ ،‬الخطيب‬
‫الالمع وكاتب المنشورات المعروف باسم "البابا االشتراكي"‪ ،‬تم شن حرب متواصلة لمدة عقد من‬
‫الزمن ضد ما كان يعتبر السياسات الخجولة والجبانة للقوات المسلحة ل ‪.‬وصف دي ليون االتحاد بأنه‬
‫"خليط بين كيس الهواء وحبل من الرمل"‪ ،‬في حين كان جومبرز على فترات متقطعة "مزيفًا‬
‫مكبال"‪ ،‬و"أداة دهنية لوول سانت ‪" .‬ومع ذلك‪ ،‬لم تكن الوحدة ممكنة على‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫محتاال‬ ‫للعمالة"‪ ،‬و"‬
‫اإلطالق في المعسكر االشتراكي‪ ،‬وفي عام ‪1900‬أدى انقسام آخر داخل صفوف الحزب إلى إنشاء‬
‫حزب آخر في سلسلة طويلة من األحزاب التي تعتنق اإليمان االشتراكي بشكل أو بآخر ‪.‬كحزب‬
‫اشتراكي‪ ،‬كان له تأثير أكبر بكثير من أي من أسالفه‪ ،‬وتحت قيادة يوجين ف ‪.‬دبس حصل على أصوات‬
‫كبيرة في االنتخابات الرئاسية في الحقبة التقدمية ‪.‬دائما على خالف‪ ،‬لكن ذلك لم يمنع زعيميهما من‬
‫الحضور في شيكاغو‪.‬‬
‫في حين تم تمثيل النقابات الراديكالية المستقلة األخرى رسميًا‪ ،‬بما في ذلك اتحاد العمال األمريكي‪،‬‬
‫واتحاد عمال المعادن المتحدين‪ ،‬واإلخوان المتحدين لموظفي السكك الحديدية‪ ،‬كان األفراد وليس‬
‫المنظمات هم المسؤولون األولون عن إنشاء ‪IWW‬وتم إحياء االتفاقية بسبب صراع نقاباتهم ‪.‬‬
‫شخصيات نبيلة غواص ‪ .‬باإلضافة إلى دي ليون ودبس‪ ،‬كان من بين المندوبين اآلخرين ويليام د ‪.‬‬
‫هايوود‪ ،‬من االتحاد الغربي لعمال المناجم؛ األب‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪211‬‬
‫تي جيه هاغرتي‪ ،‬كاهن كاثوليكي ضخم ذو لحية سوداء وكان رئيس تحرير الجريدة الرسمية التحاد‬
‫العمل األمريكي ومدافعًا متشددًا عن النقابات الصناعية؛ إيه إم سيمونز‪ ،‬المفكر االشتراكي ومحرر مجلة‬
‫االشتراكية الدولية؛ تشارلز شيرمان‪ ،‬األمين العام التحاد عمال المعادن المتحدين؛ ويليام إي ‪.‬‬
‫تراوتمان‪ ،‬الزعيم الراديكالي لعمال الجعة المتحدين ومحرر صحيفتها الصادرة باللغة األلمانية‪ ،‬واألم‬
‫جونز‪ ،‬سيدة عجوز صغيرة نارية وشجاعة تبلغ من العمر خمسة وسبعين عا ًما‪ ،‬ذات شعر أبيض مجعد‬
‫وعينين رماديتين لطيفتين‪ ،‬تتمتع بحماسة كبيرة ‪.‬حيث أبقاها المحرض في الخطوط األمامية للجبهة‬
‫القتالية العمالية لما يقرب من نصف قرن‪.‬‬
‫ومن بين هذه الشخصيات المتنوعة والملونة‪ ،‬كان هاي وود هو األكثر لفتًا لالنتباه ‪.‬كان "بيج‬
‫نظرا لطاقم شرير‬‫ومتثاقال‪ ،‬ومظهره القوي بشكل عام ً‬ ‫ً‬ ‫بيل "هايوود‪ ،‬عمالقًا ضخ ًما منحدر الكتفين‬
‫تقري ًبا نتيجة لفقدان عين واحدة‪ ،‬كان "بيج بيل "هايوود تجسيدًا قو ًيا وعدوان ًيا لروح الحدود ‪.‬لقد كان‬
‫راعي بقر وصاحب منزل وعامل منجم‪ ،‬ولكن في مطلع القرن العشرين ترك مناجم سيلفر كريك بوالية‬
‫أيداهو ليصبح منظ ًما نش ًطا لحزب العمال والحزب االشتراكي ‪.‬لقد قبل هايوود‪ ،‬الذي ُو ِصف بأنه‬
‫"مجموعة من الغرائز البدائية"‪ ،‬العنف باعتباره مرحلة ضرورية من النضال العمالي ‪.‬ودافع بصراحة‬
‫عن العمل المباشر ‪.‬وعندما دعا إلى تنظيم المؤتمر األول لالتحاد العمالي الصناعي‪ ،‬خاطبه باسم‬
‫"المؤتمر القاري للعمال الصناعيين" ‪".‬الطبقة العاملة "ومنذ البداية كشف بوضوح أن اهتمامه‬
‫الحقيقي كان ينصب على تنظيم العمال المنسيين غير المهرة وخاصة العمال المهاجرين في الغرب ‪-‬‬
‫قائال« ‪:‬إننا نهوي إلى الحضيض‪ ،‬لكي‬ ‫"المتشردين "و"العمال ذوي الدم األحمر ‪".‬وصاح هايوود ً‬
‫نصل إلى جماهير العمال ونرفعهم إلى مستوى معيشي الئق‪».‬‬
‫باستثناء هايوود‪ ،‬لم يكن لدى أي من مندوبي المؤتمر هؤالء أكثر من حرس عريف من األتباع‬
‫إلحضارهم إلى ‪IWW.‬لقد تحدثوا عن أنفسهم وبدا أن مواقفهم الفردية بشأن سياسة العمل غير قابلة‬
‫للتوفيق في إثارة نقاش المؤتمر ‪.‬وبعد التنفيس الكامل عن معارضتهم لما أسموه بسخرية "الفصل‬
‫األمريكي المتعب للعمال"‪ ،‬اتفقوا مع ذلك على برنامج عام التحاد العمال الصناعي‪.‬‬
‫ولم يكن لدى غومبرز سوى االزدراء بهذه المناورات اليسارية ومحاولة إحياء شكل من أشكال‬
‫وضارا ورجعيًا ‪”.‬لقد انتقد بشكل خاص خصمه‬ ‫ً‬ ‫التنظيم العمالي الذي أدانه بشدة باعتباره “مخطئ ًا‬
‫القديم دي ليون الذي كان يأمل أن يؤدي التزامه بـ ‪IWW‬إلى‬
‫‪212‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫"تلطيف روح "المروجين اآلخرين لها ‪.‬وكتب« ‪:‬وهكذا فإن محطمي النقابات العمالية‪ ،‬والكسارين من‬
‫الخارج‪ ،‬و«الحفارين من الداخل»‪ ،‬يتكاتفون مرة أخرى؛ إنه مشهد جميل لـ "القراصنة "و"الكنغر "‬
‫وهم يعانقون بعضهم البعض في فرحة على فريستهم المحتملة "‪.‬وسرعان ما تم إثبات اعتقاده بأن مثل‬
‫هؤالء الرفاق الغريبين ال يمكنهم العمل معًا لفترة طويلة ‪.‬أدى الشقاق والجدل إلى تقسيم صفوف‬
‫‪IWW‬على الفور تقري ًبا ‪.‬في مؤتمر عام ‪ ،1906‬أدى الصراع بين العناصر األكثر اع ً‬
‫تداال‪ ،‬الممثلة في‬
‫المقام األول بالحزب االشتراكي‪ ،‬والمؤيدين الصريحين للثورة‪ ،‬إلى هروب اليمينيين بالجملة ‪.‬وفي العام‬
‫التالي انسحب االتحاد الفيدرالي الغربي لعمال المناجم نفسه‪ ،‬مما أدى إلى تقليص العضوية الفعلية في‬
‫اتحاد عمال المناجم إلى أقل من ‪ ،6000‬ثم في عام ‪ 1908‬اندلع صراع أخير حول القضية األساسية‬
‫المتمثلة في العمل السياسي أو االقتصادي ‪.‬كانت المجموعة التي فضلت السياسة األولى بقيادة دي ليون‬
‫والثانية بقيادة تراوتمان‪ ،‬لكن العنصر الحاسم في المؤتمر كان وفدًا من المتمردين الغربيين " ‪-‬لواء‬
‫وزرة ‪" -‬الذي شق طريقه إ لى شيكاغو على متن قطارات الشحن ولم يكن لديه سوى عدد قليل من‬
‫المتمردين ‪.‬مصلحة في الشجار العقائدي‪.‬‬
‫سا لتشكيل منظمة جديدة‪ ،‬ثم‬ ‫مؤتمرا مناف ً‬
‫ً‬ ‫أطاح هذا الفصيل بالدي ليونيين‪ ،‬الذين عقدوا على الفور‬
‫شرعوا في تعديل دستور شيكاغو حسب رغبتهم ‪.‬وتم التخلي عن كل فكرة استخدام سالح السياسة ‪.‬ولم‬
‫يكن من الممكن السعي إلى اإلطاحة بالرأسمالية إال من خالل العمل االقتصادي المباشر ‪.‬لقد كانت‬
‫المنظمة ثورية بشكل علني من الناحية النظرية والتطبيقية‪ ،‬وملتزمة باإلضرابات والتخريب والعنف‪،‬‬
‫وقد تعهدت بعدم قبول السالم مع أعداء العمال‪.‬‬
‫أُعلن اآل ن أنه فقط من خالل اتحاد كبير واحد‪ ،‬يخترق جميع الخطوط الحرفية‪ ،‬يمكن للعمال تقديم‬
‫جبهة موحدة فعالة في الصراع الطبقي ‪.‬لقد خان ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬العمل ووقع تحت السيطرة الكاملة‬
‫ألصحاب العمل‪.‬‬
‫‪" ،"Tie 'Em Up‬غنت فرقة ‪Wobblies:‬‬

‫ليس لدينا أي قتال مع اإلخوة في ‪AF‬القديم لـ ‪L.‬‬


‫لكننا نطلب منك استخدام عقلك مع الحقائق التي يجب أن نرويها ‪.‬إن حرفتك ليست سوى حماية‬
‫لشكل من أشكال الملكية‪ ،‬أال ترى المهارة التي تخسرها‪.‬‬
‫ستأخذ التحسينات على اآلالت مهاراتك وأدواتك بعيدًا‪ ،‬وستكون من بين العبيد العاديين في يوم‬
‫مصيري ما‪.‬‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪213‬‬
‫اآلن نحن متأكدون تما ًما من األشياء التي نتحدث عنها — ‪.‬إذًا ما الفائدة من الضرب بطريقة ال‬
‫يمكنك الفوز بها؟‬

‫اربطهم !اربطهم؛ هذه هي الطريقة للفوز‪.‬‬


‫ال تخطر الزعماء حتى تبدأ األعمال العدائية‪.‬‬
‫ال تعطي فرصة للمسلحين والجرب وأمثالهم؛‬
‫ما تحتاجه هو اتحاد كبير واحد وضربة واحدة كبيرة‪.‬‬

‫رفض االتحاد الدولي للعمال التخلي عن حق اإلضراب في أي وقت أو في أي مناسبة‪ ،‬ولم يوافق‬
‫على االتفاقيات التجارية ‪.‬لم تكن النضاالت اليومية من أجل األجور وساعات العمل سوى خط الهجوم‬
‫األول؛ كان ال بد من إبقاء األسطح خالية من أجل الهجوم النهائي ‪.‬كان على النقابات الصناعية أن توفر‬
‫"بنية المجتمع الجديد داخل هيكل المجتمع القديم"‪ ،‬وأن تحل الحكومة العمالية محل ما كان في المجتمع‬
‫الرأسمالي "مجرد لجنة موظفة لمراقبة مصالح الطبقة العاملة‪".‬‬

‫وجهت ‪IWW‬أكبر قدر من الجاذبية لعمال المناجم الغربيين‪ ،‬وعصابات البناء‪ ،‬والحطابين‪ ،‬وعمال‬
‫نادرا ما كان لهم حق التصويت ‪.‬‬‫الحصاد المهاجرين الذين لم يكونوا مهتمين بالعمل السياسي ألنهم ً‬
‫يتقاضون أجورا زهيدة‪ ،‬بال مأوى‪ ،‬غير متزوجين؛ لقد انجرفوا من وظيفة إلى أخرى‪ ،‬وانقطعوا إلى حد‬
‫كبير عن روابط المجتمع المعتادة‪ ،‬واعتبروا أنفسهم ضحايا لنظام اقتصادي مصمم فقط الستغاللهم ‪.‬لقد‬
‫كانوا على استعداد لإلضراب‪ ،‬واللجوء إلى العنف‪ ،‬وشن حرب مفتوحة‪ ،‬ليس من أجل الحلم الغامض‬
‫المتمثل في "فطيرة في السماء"‪ ،‬ولكن من أجل الملكية العملية لوسائل اإلنتاج ‪.‬تم أيضًا كسب‬
‫المتحولين من بين العمال المهاجرين في مصانع الصلب ومصانع التعبئة ومصانع النسيج الذين كانت‬
‫منظمة العمال الصناعيين على استعداد لمساعدتهم في جميع األوقات ‪.‬ولم تكن هذه المجموعة قاسية‬
‫وجاهزة مثل المتمردين الغربيين ‪.‬لم يقبل عمال المصانع الشرقيون بالضرورة التبعات الثورية لبرنامج‬
‫الصناعة الصناعية الصناعية ‪.‬ولكن سواء فعلوا ذلك أم ال‪ ،‬فقد كانوا ممتنين للدعم المقدم إلضراباتهم‪.‬‬
‫لم تصبح العضوية في ‪IWW‬كبيرة جدًا على اإلطالق‪ ،‬ربما لم تتجاوز الستين ألفًا في ذروتها ‪.‬تم‬
‫إصدار مئات اآلالف من البطاقات النقابية‪ ،‬لكن العمال العرضيين لم يبقوا لفترة طويلة في صفوف‬
‫العمال ‪.‬إن أهمية ‪ ،IWW‬كما اقترحنا ساب ًقا‪ ،‬كانت قيادتها الثورية ‪.‬وكان المتذبذبون أنفسهم‪ ،‬كما‬
‫أصبح يُطلق عليهم في الغرب‪ ،‬يبدون في كثير من األحيان وكأنهم يرحبون بالعنف‪ ،‬ويستمتعون‬
‫بالشجار‬
‫‪214‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫في حد ذاته‪ ،‬وكانوا يحاربون قوى القانون والنظام دون أي اهتمام كبير بمدى صحة القضايا المعنية ‪.‬‬
‫انفجرت صحيفة سان دييغو تريبيون في إحدى المناسبات في عام ‪1912‬قائلة" ‪:‬إن الشنق ليس باألمر‬
‫الجيد بالنسبة لهم ‪ ،‬وسيكون من األفضل لهم أن يموتوا‪ ،‬ألنهم عديمي الفائدة على اإلطالق في االقتصاد‬
‫البشري؛ وسوف يموتون بشكل أفضل ‪".‬إنهم نفايات الخلق ويجب أن يتم تصريفهم في مجاري النسيان‬
‫هناك ليتعفنوا في االنسداد البارد مثل أي براز آخر ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فمن دون هذه الطبقة من العمال‪ ،‬مهما‬
‫كانت عنيدة‪ ،‬لم يكن من الممكن أن يتطور الغرب بهذه السرعة ‪.‬لقد قاموا باألعمال الصعبة والثقيلة ‪:‬‬
‫قطع األخشاب‪ ،‬وحصدوا المحاصيل‪ ،‬واستخرجوا المعادن ‪.‬ومهما كانت وجهات نظرهم خاطئة‪ ،‬ومهما‬
‫سا‪ ،‬فقد كانت لديهم الشجاعة والنضالية التي‬ ‫كان نضالهم األعمى في كثير من األحيان ضد المجتمع يائ ً‬
‫كانت ملونة ومثيرة‪.‬‬
‫تعبيرا في أغاني ‪IWW‬التي تم غنائها في اجتماعاتهم النقابية‪ ،‬في معسكرات‬ ‫ً‬ ‫وجدت روحهم‬
‫ألق الرؤساء عن ظهرك "و"ارسم باللون‬ ‫الحصاد‪ ،‬على خط االعتصام" ‪:‬هل أنت متذبذب؟" " ِ‬
‫األحمر "و"ما نريده "و"العلم األحمر "و"سبحان هللا !أنا بوم!‬

‫يا !أنا أحب رئيسي ‪،‬‬


‫إنه صديق جيد لي‪ ،‬ولهذا السبب أنا أتضور جوعا‬
‫الخروج على خط االعتصام!‬
‫الحمد هلل !أنا بوم!‬
‫الحمد هلل !بوم مرة أخرى!‬
‫الحمد هلل !أعطنا صدقة‬
‫لتحيينا من جديد!‬

‫كانت هناك إضرابات عن العمل الصناعي في حقول التعدين‪ ،‬وفي المشاريع المتثاقلة‪ ،‬وفي‬
‫معسكرات البناء في الشمال الغربي؛ في مصانع التعليب على ساحل المحيط الهادئ‪ ،‬ومصانع النسيج‬
‫الشرقية‪ ،‬ومصانع تعبئة الصلب واللحوم في الغرب األوسط‪ ،‬وبين عمال الترام‪ ،‬ومنظفي النوافذ وعمال‬
‫الشحن والتفريغ ‪.‬كان قادة ‪ ،IWW‬وال سيما ‪ ،"Big Bill" Haywood‬الذي بقي مع ‪IWW‬على‬
‫الرغم من انسحاب االتحاد الغربي لعمال المناجم‪ ،‬على استعداد لدعم العمال غير المنظمين ‪-‬في أي‬
‫مكان وفي أي وقت ‪.‬لقد قاموا بتوجيه نشاط اإلضرابات‪ ،‬ونظموا خطوط االعتصام‪ ،‬وقدموا‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪215‬‬
‫الراحة ألسر العمال‪ ،‬وكانوا مضطربين ومنظمين بحماسة متهورة جعلت تكتيكات ‪AF‬التابعة لـ ‪L.‬‬
‫تبدو شاحبة وتافهة‪.‬‬
‫وعندما حاولت السلطات المحلية قمع نشاط منظمة العمال الصناعيين وألقت منظميها في السجن‪،‬‬
‫اندلعت معارك "حرية التعبير" من واال واال في واشنطن إلى نيو بيدفورد في ماساتشوستس ‪.‬لم تكد‬
‫تصل أنباء عن اعتقاالت في بلدة معينة حتى وصل فريق ‪Wobblies‬إلى مكان الحادث بالمئات‬
‫سجنت الفرق األولى‪ ،‬أخذت أخرى مكانها حتى‬ ‫لممارسة حقوقهم الدستورية وتحدي الشرطة ‪.‬وعندما ُ‬
‫وجدت السلطات المضايقة أن العبء على المجتمع كبير جدًا لدرجة أنه لم يكن لديهم بديل عن إطالق‬
‫سراح سجنائهم ‪ .‬سوف يتدفق المتذبذبون من السجن منتصرين‪ ،‬مستعدين مرة أخرى للتحريض‬
‫واالعتصام والنضال من أجل حقوقهم‪.‬‬

‫كان الغرب مسرحا ً ألروع اإلضرابات ومعارك حرية التعبير التي خاضها المتذبذبون‪ ،‬ولكن أحد‬
‫أعظم انتصاراتهم تحقق في نضال عمال النسيج في لورانس‪ ،‬ماساتشوستس‪ ،‬في عام ‪1912.‬وعلى‬
‫الرغم من مخاوف الشرق من تدخل ومع ذلك‪ ،‬اتسم هذا اإلضراب باالنضباط الصارم ‪.‬أدركت ‪IWW‬‬
‫في هذه الحالة أهمية كسب التعاطف العام مع العمال وبذلت كل ما في وسعها للحفاظ على النظام ‪.‬وكانت‬
‫كل فكرة عن النشاط الثوري خاضعة للوظيفة المباشرة ‪.‬وبدون أي دعم من النقابات األخرى‪ ،‬التي كانت‬
‫تشعر بالغيرة من غزوها لمدينة المصانع الشرقية‪ ،‬وجه قادة ‪IWW‬في لورانس كل طاقاتهم نحو‬
‫الحفاظ على الجبهة الموحدة بين المضربين‪ ،‬مما أجبر أصحاب العمل في النهاية على الخضوع‪.‬‬
‫أدى تخفيض أجور ‪30.000‬عامل في مصانع نسيج لورانس‪ ،‬نصفهم تقري ًبا يعملون لدى شركة‬
‫‪ ،American Woolen Company‬إلى اإلضراب ‪.‬وكان متوسط دخل عمال المطاحن‪ ،‬ومعظمهم‬
‫من اإليطاليين والبولنديين والليتوانيين والروس‪ ،‬يقل عن ‪9‬دوالرات في األسبوع —عندما كانت‬
‫المطاحن تعمل بدوام كامل ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬باإلضافة إلى األجور الكافية وساعات العمل الطويلة‪ ،‬تم‬
‫وتوترا هائلين ‪.‬وكانت تخفيضات‬
‫ً‬ ‫إدخال نظام األقساط لتسريع العمل في ظل ظروف فرضت ضغ ًطا‬
‫األجور القشة األخيرة ‪.‬بدأ العمال الغاضبون بالخروج بشكل عفوي في ‪12‬يناير ‪ ،1912‬عندما دقت‬
‫أجراس قاعة المدينة ناقوس الخطر العام‪ ،‬في احتجاج منسق سرعان ما شارك فيه حوالي ‪20‬ألف رجل‬
‫وامرأة‪.‬‬
‫‪216‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫كان هناك بعض أعضاء النقابة في المطاحن ‪.‬كان عدد قليل منهم ينتمي إلى ‪United Textile‬‬
‫‪ ،Workers‬إحدى الشركات التابعة لـ ‪ ،AF of L.‬وما يقرب من ألف إلى ‪ IWW.‬أما البقية فكانوا‬
‫غير منظمين ‪.‬توق ًعا لإلضراب‪ ،‬أرسل أعضاء ‪IWW‬بالفعل إلى المقر الرئيسي طل ًبا للمساعدة‪ ،‬وسارع‬
‫جوزيف إيتور‪ ،‬عضو المجلس التنفيذي العام‪ ،‬إلى لورانس وسرعان ما انضم إليه زعيم آخر لـ‬
‫‪ ،IWW‬أرتورو جيوفانيتي ‪.‬تولى هذان الرجالن على الفور السيطرة الفعلية على اإلضراب‪ ،‬ونظماه‬
‫على أساس واقعي تما ًما‪ ،‬وفرضا انضبا ًطا صار ًما ‪.‬رتب إيتور اجتماعات جماهيرية كبيرة إلبقاء‬
‫المضربين متحدين‪ ،‬وأنشأ خطوط اعتصام‪ ،‬ورأى أنه تم تقديم اإلغاثة لألسر المحتاجة والمعاناة التي‬
‫انقطعت مصادر دخلها الوحيدة فجأة ‪.‬كانت اإلغاثة في الواقع أكبر مشاكله ألن أكثر من نصف سكان‬
‫المدينة البالغ عددهم ‪85000‬نسمة كانوا إما مضربين أو يعولونهم ‪.‬تم تشكيل لجان عامة لكل مجموعة‬
‫وطنية منفصلة لتوزيع اإلمدادات وصيانة مطابخ الحساء وتقديم المساعدات األخرى‪.‬‬
‫كان أول اقتراح بالخروج على القانون هو اكتشاف الديناميت المزروع في أجزاء مختلفة من‬
‫المدينة‪ ،‬والذي أُعلن عنه في عناوين الصحف المخيفة في الصحافة ‪.‬تم اتهام ‪IWW‬على الفور‬
‫باستيراد أساليبها اإلرهابية وتحول هذا التعاطف الذي أثاره المضربون في البداية إلى استياء غاضب ‪.‬‬
‫أعلنت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها « ‪:‬عندما يستخدم المضربون الديناميت أو يستعدون‬
‫افتقارا شيطان ًيا لإلنسانية‪ ،‬وهو ما يجب أن يضعهم خارج راحة الدين إلى‬
‫ً‬ ‫الستخدامه ‪ ،‬فإنهم يظهرون‬
‫أن يتوبوا‪».‬‬
‫واحتج المضربون على الفور قائلين إن زرع الديناميت لم يكن من صنعهم ‪.‬وكانت األحداث لتبررهم‬
‫بالكامل ‪.‬قبل انتهاء اإلضراب‪ ،‬ثبت أن متعهد دفن محلي قد زرع سوس الدينامو ‪ ،‬في محاولة واضحة‬
‫لتشويه سمعة المضربين وخاصة ‪ ،IWW‬وأن المؤامرة قد تم تدبيرها من قبل أشخاص مرتبطين‬
‫بشكل وثيق بأصحاب المطاحن أنفسهم ‪.‬ومع إلقاء القبض على رئيس شركة ‪American Woolen‬‬
‫‪ ،Company‬بتهمة التورط في هذا المخطط‪ ،‬هاجمت حتى أكثر الصحف المحافظة بشدة استراتيجية‬
‫محاولة توريط العمال في مؤامرات تفجير مزعومة ‪.‬تحدث العصر الحديدي عن «خيانة قضية أصحاب‬
‫العمل بشكل عام»‪ ،‬وأدانت صحيفة نيويورك إيفيننج بوست «اإلهانة من جانب الرأسمالية التي ترتكب‬
‫أسوأ األفعال التي ارتكبتها النقابات العمالية على اإلطالق‪».‬‬
‫في هذه األثناء‪ ،‬حاولت شركة الصوف األمريكية‪ ،‬التي كانت ال تزال ترفض حتى النظر في مطالب‬
‫العمال‪ ،‬إعادة فتح المطاحن ‪.‬تسببت هذه الخطوة‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪217‬‬
‫في اشتباك عنيف بين المضربين والشرطة‪ ،‬وخالل أعمال الشغب قُتلت امرأة إيطالية بالرصاص ‪.‬أعلنت‬
‫السلطات على الفور األحكام العرفية‪ ،‬وتم استدعاء ‪22‬سرية من الميليشيات للقيام بدوريات في‬
‫الشوارع لمنع أي اجتماعات أو محادثات عامة‪ ،‬وتم القبض على إيتور وجيوفانيتي بتهمة المشاركة في‬
‫جريمة قتل‪.‬‬
‫لم تسمح لجنة اإلضراب وال االتحاد الدولي للعمال لهذه التطورات إما بدفعهم إلى العنف المضاد غير‬
‫المبرر أو التقليل من تصميمهم على مواصلة اإلضراب ‪.‬تولى "بيل الكبير "هايوود المسؤولية بعد‬
‫اعتقال إيتور وجيوفانيتي‪ ،‬وعلى الرغم من سياساته وسياسات ‪IWW‬الثورية‪ ،‬فقد استمر في‬
‫اإلصرار على موقف المقاومة السلبية ‪.‬وبهذه السيطرة صمدت العمال ‪.‬ولم تشجع الحماية التي قدمتها‬
‫الميليشيا للموظفين الراغبين في العودة إلى وظائفهم على أي انشقاقات في صفوفها ‪.‬كتب أحد مراسلي‬
‫ودوت أزيز اآلالت من كل‬
‫الصحف أثناء زيارته ألحد المصانع« ‪:‬في غرفة الغزل‪ ،‬كان كل حزام يتحرك‪َّ ،‬‬
‫جانب‪ ،‬ومع ذلك لم يكن هناك عامل واحد في العمل‪ ،‬ولم تكن هناك آلة واحدة تحمل بكرة البطاطا ‪".‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬أصبحت مشكلة إطعام المضربين صعبة بشكل متزايد‪ ،‬وفي أوائل فبراير‪ ،‬طورت اللجنة‬
‫خطة كان لها هدف مزدوج يتمثل في المساعدة على تلبية االحتياجات الفورية ولفت انتباه الجمهور‬
‫طلب من المتعاطفي ن مع العمل في مدن أخرى توفير منازل مؤقتة ألطفال‬ ‫إليهم بشكل كبير ‪.‬و ُ‬
‫المضربين ‪ .‬وكانت االستجابة فورية وتم إرسال عدة مئات من األطفال إلى مجتمعات أخرى ‪.‬وشعرت‬
‫سلطات لورانس بالقلق من تأثير هذه الخطوة‪ ،‬التي أخذ رئيس اتحاد عمال النسيج المتحدين زمام‬
‫المبادرة في إدانتها باعتبارها تهدف فقط إلى "مواصلة التحريض وتعزيز دعاية عمال الصناعة في‬
‫العالم"‪ ،‬وذكرت سلطات لورانس أنه ال سيتم السماح لمزيد من األطفال بمغادرة المدينة ‪.‬وعندما قررت‬
‫لجنة اإلضراب طرد مجموعة أخرى‪ ،‬تدخلت الشرطة بالقوة في ظل ظروف كانت أكثر نجا ًحا في خلق‬
‫التعاطف مع المضربين من أي شيء آخر‪.‬‬
‫وجاء في تقرير لجنة المرأة في فيل أديلفيا‪ ،‬التي كان من المفترض أن تعتني باألطفال‪ ،‬أن "المحطة‬
‫نفسها كانت محاطة بالشرطة والميليشيات ‪. . . .‬وعندما اقترب وقت المغادرة ‪ ،‬كان األطفال‪،‬‬
‫المصطفون في طابور طويل‪ ،‬اثنان تلو اآلخر‪ ،‬في موكب منظم‪ ،‬وكان آباؤهم في متناول اليد‪ ،‬على وشك‬
‫التوجه إلى القطار عندما كانت‬
‫‪218‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الشرطة‪ ،‬التي كانت قد وصلت في ذلك الوقت‪ ،‬تمركزوا على جانبي الباب‪ ،‬وأطبقوا علينا بهراواتهم‪،‬‬
‫ويسارا‪ ،‬دون أن يفكروا في األطفال‪ ،‬الذين كانوا في أشد خطر التعرض للدهس حتى‬ ‫ً‬ ‫يضربوننا يمينًا‬
‫سحبوا جسديا ً إلى شاحنة عسكرية‪ ،‬وحتى بعد ذلك تم‬‫الموت ‪.‬وهكذا تم إلقاء األمهات واألطفال جماعيا ً و ُ‬
‫ضربهم بالهراوات‪ ،‬بغض النظر عن صرخات النساء واألطفال المذعورين ‪. . . ".‬وربما كانت هذه نقطة‬
‫التحول في اإلضراب ‪.‬ولم تتمكن سلطات لويل وال أصحاب المطاحن من الصمود في وجه طوفان‬
‫االحتجاجات من كل أنحاء البالد ‪.‬كان من المقرر أن يكون هناك المزيد من الهجمات على المضربين‬
‫ومزيد من االعتقاالت ‪-‬بلغ إجمالي االعتقاالت األخيرة ‪296‬خالل شهرين من اإلضراب ‪-‬ولكن مع‬
‫أخيرا بالهزيمة‪ ،‬وفي‬
‫صمود خطوط االعتصام‪ ،‬اعترفت شركة ‪ً American Woolen Company‬‬
‫‪12‬مارس عرضت شرو ًطا استوفت جميع الشروط تقريبًا ‪.‬مطالب العمال ‪.‬وكان من المقرر زيادة‬
‫األجور من خمسة إلى خمسة وعشرين في المائة‪ ،‬مع إضافة وقت وربع للعمل اإلضافي؛ تم تعديل نظام‬
‫األقساط بشكل عادل‪ ،‬ولم يكن هناك أي تمييز في إعادة توظيف المضربين ‪.‬في اجتماع جماهيري كبير‬
‫في لورانس كومون‪ ،‬نصح هايوود بقبول هذا العرض ووافق عمال المصنع على العودة إلى وظائفهم‪.‬‬
‫الحلقة األخيرة كانت محاكمة إيتور وجيوفانيتي ‪.‬وبدا لبعض الوقت أنهم لن يحصلوا على محاكمة‬
‫عادلة‪ ،‬ومن المرجح أن تتم إدانتهم على الرغم من عدم وجود أي دليل يشير إلى تورطهم بشكل مباشر‬
‫في جريمة القتل التي ات ُهموا بارتكابها ‪.‬نظمت ‪IWW‬لجنة دفاع جمعت ‪60‬ألف دوالر وأعلن العمال‬
‫في لورانس أنه ما لم تفتح السلطات أبواب السجن فسوف يغلقون أبواب المصنع‪ ،‬وقاموا بإضراب‬
‫احتجاجي لمدة أربع وعشرين ساعة ‪-‬بقوة ‪15‬ألف شخص ‪.‬في النتيجة النهائية‪ ،‬تم العثور على‬
‫الرجلين بريئين ‪ ،‬وعند إطالق سراحهما تم الترحيب بهم بشدة من قبل الحشود التي حملتهم إلى حد‬
‫كبير المسؤولية عن النصر الذي حققه عمال النسيج في لورانس تحت إشرافهم‪.‬‬
‫قبل انتهاء المحاكمة‪ ،‬ألقى المتهمان خطابين أمام هيئة المحلفين يوضحان موقفهما‪ ،‬حيث أعلنا‬
‫بصراح ة عن األهداف الثورية لالتحاد الدولي للعمال الصناعيين ورفضهما التعرض للترهيب من قبل‬
‫الشرطة ‪.‬وكان شعر جيوفانيتي‪ ،‬وهو شاعر بحد ذاته يمكن العثور على أبياته الثورية في العديد من‬
‫ومؤثرا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫المختارات‪ ،‬بلي ًغا‬
‫وأعلن قائالً" ‪:‬دعوني أخبركم أن الضربة األولى التي تندلع مرة أخرى في هذا الكومنولث أو في أي‬
‫مكان آخر في أمريكا حيث‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪219‬‬
‫سيكون عمل ومساعدة وذكاء جوزيف جيه ‪.‬إيتور وأرتورو جيوفانيتي ضروريا ً وضرورياً‪ ،‬هناك‬
‫سنذهب مرة أخرى‪ ،‬بغض النظر عن أي خوف أو تهديد ‪.‬سوف نعود مرة أخرى إلى جهودنا‬
‫المتواضعة‪ ،‬الجنود الغامضين‪ ،‬المجهولي ن‪ ،‬الذين أسيء فهمهم لهذا الجيش العظيم من الطبقة العاملة‬
‫في العالم‪ ،‬الذي يسعى‪ ،‬خارج ظالل الماضي وظالمه‪ ،‬نحو الهدف المنشود‪ ،‬وهو الهدف المنشود ‪.‬‬
‫"تحرر الجنس البشري‪ ،‬وهو تأسيس المحبة واألخوة والعدالة لكل رجل وكل امرأة على هذه األرض"‪.‬‬

‫انتصارا مذهالً في لورانس ‪.‬وقفز عدد أعضائها بين عمال النسيج بين عشية‬ ‫ً‬ ‫لقد حققت ‪IWW‬‬
‫وضحاها إلى ‪18‬ألفًا‪ ،‬وبدا أن هذه الحيوية المتجددة تعد بمزيد من النمو ‪.‬تم إطالق إنذار داخل القوات‬
‫المسلحة التابعة لـ ‪L.‬فيما يتعلق بالتطور المستقبلي لتكتيكات الضربات العدوانية‪ ،‬بينما أثيرت مخاوف‬
‫أكبر في مجتمع األعمال بشأن احتمال انتشار المذاهب المتطرفة بين العمال األمريكيين ‪.‬تساءل أحد‬
‫بدال من ممارسة اللعبة باحترام‪ ،‬أو االندالع بصراحة في‬‫المقاالت في االستطالع « ‪:‬هل نتوقع أنه ً‬
‫أعمال شغب خارجة عن القانون والتي نعرف جيدًا كيفية التعامل معها‪ ،‬يجب على العمال أن يستمعوا‬
‫إلى فوضى خفية هل هي فلسفة تتحدى الفكرة األساسية للقانون والنظام‪ ،‬وتغرس مبادئ غريبة مثل‬
‫"العمل المباشر"‪ ،‬و"النقابية"‪ ،‬و"اإلضراب العام"‪ ،‬و"العنف"؟ …نعتقد أن أخالقنا الحالية بأكملها‬
‫فيما يتعلق بقدسية الملكية وحتى الحياة متضمنة في ذلك‪.‬‬
‫وسرعان ما ثبت أن هذه المخاوف ال أساس لها من الصحة ‪.‬لقد وصلت ‪IWW‬إلى ذروة قوتها‬
‫ونفوذها ‪ .‬كما هو الحال مع فرسان العمل القدامى‪ ،‬كانت أعظم انتصاراتهم هي نذير الهزائم الكارثية‬
‫واالنحدار الذي سيؤدي في غضون سنوات قليلة إلى االنهيار الفعلي ‪.‬لقد كانت ‪IWW‬ثورية للغاية‬
‫بحيث لم تتمكن من جذب دعم القوى المحافظة في األساس للعمال األمريكيين‪ ،‬وعلى الرغم من عنف‬
‫دعايتها‪ ،‬كانت حذرة للغاية بحيث لم تكن ناجحة كثورة ‪.‬وكان اإلرهاق الوحيد الذي نجحت فيه بالكامل‬
‫هو إثارة المخاوف الشعبية من العنف الذي لم يكن من الممكن تهدئته حتى من خالل تكتيكات لورنس‬
‫السلمية نسب ًيا‪.‬‬
‫نذيرا بتراجعها ‪.‬تطورت المشكلة في عام‬‫كان اإلضراب المهم التالي الذي شاركت فيه ‪ً IWW‬‬
‫‪1913‬في مصانع الحرير في باترسون‪ ،‬نيو جيرسي‪ ،‬ومن بين قادة ‪Wobblies‬اآلخرين‪،‬‬
‫‪220‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫كان ‪Hay Wood‬و ‪Ettor‬في متناول اليد مرة أخرى ‪.‬كان هذا اإلضراب بمثابة صراع طويل‬
‫ومرير ‪ .‬كانت سلطات مدينة باترسون مصممة على سحق التهديد الثوري الذي يمثله االتحاد العمالي‬
‫الصناعي‪ ،‬وشعرت بدورها أن الكثير يعتمد على النصر في هذا اإلضراب بحيث ال يمكن االستسالم ‪.‬‬
‫وحشية الشرطة في اعتقال المضربين بأي ذريعة‪ ،‬مما جعلهم يفقدون اإلحساس عندما لقد قاوموا‪،‬‬
‫أمرا سيئ السمعة ‪.‬ومع ذلك استمر اإلضراب ‪.‬ومن بين اآلخرين الذين‬ ‫وكان فض خطوط اعتصامهم ً‬
‫اكتسبوا التعاطف مع عمال الحرير كان جون ريد‪ ،‬الشاب الثوري الذي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد‬
‫والذي كان من المقرر أن يكتب "عشرة أيام هزت العالم "وأن يُلقَى بجوار أسوار الكرملين ‪.‬وفي‬
‫وصفه للمشهد في مدينة باترسون‪ ،‬قال إنه ال يستطيع أن ينسى أبدًا "الرجال المبتهجين الذين تحدوا‬
‫بكل سرور وحشية المدينة الخارجة عن القانون وذهبوا إلى السجن وهم يضحكون ويغنون ‪".‬ولكن‬
‫بعد خمسة أشهر مرهقة‪ ،‬أدى استنفاد أموالهم والحاجة المتزايدة لعائالتهم إلى إجبار المضربين على‬
‫االستسالم ‪.‬كان على ‪IWW‬أن تعترف بالهزيمة‪.‬‬
‫شهدت السنوات التالية انخراط جماعة ‪Wobblies‬في العشرات من اإلضرابات الصغيرة‪ ،‬في حين‬
‫تقلبت عضويتهم بشكل كبير مع تفكك النقابات المحلية وانتقال عمال البناء المهاجرين وأيدي الحصاد‬
‫داخل وخارج المنظمة ‪.‬وكانت هناك اشتباكات مع السلطة في كثير من الحاالت‪ ،‬وفي الواليات الغربية‬
‫كان هناك ميل متزايد لقمع اإلضرابات بأي وسيلة وبأي ثمن ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬أسفرت معركة حرية‬
‫التعبير في مدينة إيفريت بواشنطن عن مقتل سبعة أشخاص عندما فتح عمداء الشرطة المنتدبون النار‬
‫على قارب محمل بمركبات ‪Wobblies‬التي هبطت في الميناء‪.‬‬
‫عند اندالع الصراع األوروبي في عام ‪ ،1914‬اتخذت ‪IWW‬موقفا حاسما ضد الحرب ‪.‬وجاء في‬
‫القرار الذي تم تبنيه في مؤتمره في ذلك العام" ‪:‬نحن‪ ،‬كأعضاء في الجيش الصناعي‪ ،‬سوف نرفض‬
‫القتال ألي غرض باستثناء تحقيق الحرية الصناعية ‪".‬وعندما انضمت الواليات المتحدة إلى الحلفاء‬
‫بعد ثالث سنوات‪ ،‬لم تغير موقفها ورفضت دعم المجهود الحربي الوطني على حساب الصراع الطبقي ‪.‬‬
‫لقد كانت مصالح العمال في نضالهم المستمر ضد الرأسمالية متفوقة على مصالح البالد كما حددتها‬
‫الحكومة التي اعتبرها االتحاد الدولي للعمال العمال مجرد لجنة من الطبقة العاملة ‪.‬أدت اإلضرابات‬
‫الحاسمة التي قام بها عمال مناجم المعادن في بوتي‪ ،‬مونتانا‪ ،‬وعمال األخشاب في الشمال الغربي إلى‬
‫إعاقة برنامج الحرب بشكل خطير‪ ،‬لكن جماعة ووبليز أصروا على أنهم لم يحاولوا تخريب الصناعات‬
‫الحيوية ولكن تحسين ظروف العمال‪.‬‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪221‬‬
‫كان رد الفعل العام هو إدانة ‪IWW‬باعتبارها غير وطنية ومؤيدة أللمانيا وخائنة ‪.‬وفي جو الحرب‬
‫المحموم‪ ،‬ارتفعت المشاعر الشعبية في كل مكان إلى درجة الحمى ضد "المحاربين اإلمبراطوريين‬
‫فيلهلم ‪ ".‬وعندما رأى أصحاب العمل الفرصة المتاحة لهم لتحطيم منظمة العمال الصناعيين العالمية‬
‫مرة واحدة وإلى األبد‪ ،‬فعلوا كل ما في وسعهم لصب الزيت على جمر الكراهية المشتعل هذا بالتعاون‬
‫الحماسي من جانب قسم كبير من الصحافة ‪.‬أعلنت صحيفة شيكاغو تريبيون أن "االنفجار الفظيع الذي‬
‫شهدته منظمة العمال الصناعيين في أقصى الغرب ‪...‬ليس أقل من تمرد ‪".‬ورددت صحيفة كليفالند‬
‫نيوز قائلة" ‪ :‬بينما تكون البالد في حالة حرب ‪ ،‬فإن الغرفة الوحيدة التي يمكنها تحمل تكاليف إقامة‬
‫‪IWW...‬هي خلف جدران السجون‪".‬‬
‫وجدت هذه المشاعر تعبيرا ملموسا ‪.‬في ‪ ،1917-1918‬أصدرت والية تلو األخرى قوانين النقابية‬
‫اإلجرامية التي تحظر ‪ ،IWW‬وتم إجراء عدد أقل من االعتقاالت بموجب هذه القوانين ‪.‬كما دخلت‬
‫الحكومة الوطنية الصورة بموجب أحكام قانون الفتنة والتجسس ‪.‬حصلت السلطات الفيدرالية على‬
‫حوالي ‪160‬إدانة ضد أعضاء ‪IWW‬بتهمة عرقلة المجهود الحربي ‪.‬في محاكمة جماعية في‬
‫شيكاغو‪ ،‬أُدين هايوود وأربعة وتسعون آخرين بتهمة التحريض على الفتنة و ُحكم عليهم بالسجن‬
‫لفترات تصل إلى عشرين عا ًما ‪.‬كانت تهم التآمر ضد الحكومة في كثير من المواقف واهية إلى درجة‬
‫أنها مثيرة للسخرية‪ ،‬لكن الحماس الوطني لم يتم تقييده في كثير من األحيان من خالل مراعاة الحقوق‬
‫الدستورية لحرية التعبير والتجمع خالل الحرب العالمية األولى‪.‬‬
‫عندما لم تتصرف السلطات بالسرعة الكافية‪ ،‬غالبًا ما قامت رابطات الوالء والحراس المحليين‬
‫بتنفيذ القانون بأيديهم ‪.‬الضرب الوحشي بالهراوات وجلد الخيول والقطران والريش حدث في العديد من‬
‫المجتمعات ‪.‬كانت هناك عدة حاالت تم فيها إخراج محرضي ‪IWW‬وإعدامهم على يد حشود خارجة‬
‫عن القانون ‪.‬في يوليو ‪ ،1917‬تم ترحيل حوالي ‪1200‬من عمال المناجم المضربين في بيسبي‪،‬‬
‫أريزونا‪ ،‬وكان أقل من نصفهم في الواقع أعضاء في ‪ ،IWW‬من المدينة من قبل مجموعة مفوضة من‬
‫قبل الشريف بناء على طلب من رابطة الوالء المحلية ‪.‬وقد تم وضعهم في عربات الماشية‪ ،‬وتم نقلهم‬
‫عبر خط الوالية وتركهم في الصحراء ‪.‬وبعد ستة وثالثين ساعة دون طعام أو ماء‪ ،‬أنقذتهم السلطات‬
‫الفيدرالية ونقلتهم إلى معسكر اعتقال في كولومبوس‪ ،‬نيو مكسيكو‪.‬‬
‫تم استيعاب طاقات ‪IWW‬إلى حد كبير خالل سنوات الحرب هذه في محاولة الدفاع عن من أصرت‬
‫نظرا لعدم قدرتها على القيام بذلك بنجاح‪ ،‬سرعان ما وجدت نفسها‬‫على أنهم "أسرى الحرب الطبقية ‪ً ".‬‬
‫بدون قادة‪،‬‬
‫‪222‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وفي النهاية تخطى هاي وود نفسه الكفالة وهرب إلى روسيا السوفيتية ‪.‬لم ينكسر التنظيم‪ ،‬بل شهد‬
‫الحقًا انتعاشًا من نوع ما‪ ،‬لكنه لم يستعد أبدًا قوته القتالية قبل الحرب‪.‬‬
‫أدى تغير الظروف االقتصادية في الغرب‪ ،‬والذي اتسم بزيادة استخدام اآلالت الزراعية وتطوير‬
‫عنصرا مه ًما في‬
‫ً‬ ‫وسائل النقل بالسيارات‪ ،‬إلى استنفاد صفوف العمال المهاجرين الذين كانوا يشكلون‬
‫األعضاء ‪.‬نجح الحزب الشيوعي‪ ،‬الذي تم تنظيمه كفرع لألممية الثالثة في عام ‪ ،1919‬في إبعاد العديد‬
‫وأخيرا‪ ،‬أصبح ما تبقى من االتحاد الدولي للعمال الصناعيين أقل عدوانية‬‫ً‬ ‫من االشتراكيين الراديكاليين ‪.‬‬
‫بكثير مع فقدان قيادته القديمة ‪.‬تم التركيز على االستعدادات إلدارة السيطرة على وسائل اإلنتاج بدالً من‬
‫العمل الثوري لالستيالء على هذه السيطرة"" ‪.‬المتذبذبون" ‪"." . .‬لم يقل شيئًا عن الثورة أو الوعي‬
‫الطبقي‪ ،‬أو عن االستغالل ‪...‬أو عن اإلطاحة الضرورية بالنظام الرأسمالي"‪ ،‬كتب أحد مراسلي صحيفة‬
‫نيويورك وورلد عن مؤتمر البطالة بعد الحرب ‪.‬لقد تحدثوا بدالً من اإلنتاج المتواصل‪ ،‬عن تنسيق‬
‫العمليات الصناعية "‪. ...‬بحلول منتصف العشرينيات من القرن الماضي‪ ،‬أصبحت شركة ‪IWW‬‬
‫القتالية القديمة أسطورة بالفعل‪.‬‬

‫كان تأثير ‪IWW‬على الحركة العمالية أكثر أهمية مما توحي به عضويتها أو نشاطها اإلضرابي‬
‫غير المنتظم ‪.‬وبصرف النظر عن النتائج المباشرة التي ربما تم الحصول عليها في تحسين ظروف‬
‫العمل في المناجم الغربية‪ ،‬ومعسكرات األخشاب وحقول الحصاد‪ ،‬وأحيانًا في المصانع الشرقية‪ ،‬فقد‬
‫ركزت هذه الحركة الثورية االهتمام بشكل مذهل على االحتياجات الماسة ألعداد كبيرة من العمال غير‬
‫المهرة وأعطت فرصة كبيرة للعمال غير المهرة ‪.‬زخم جديد للنقابات الصناعية والذي لم يتمكن حتى‬
‫‪AF‬من ‪L.‬من تجاهله تما ًما ‪ .‬لقد هزت العقيدة الراديكالية للصراع الطبقي‪ ،‬لبعض الوقت على األقل‪،‬‬
‫شعور الرضا عن النفس بين قادة العمال المحافظين الذين رفضوا النظر إلى ما هو أبعد من حدود‬
‫النقابات العمالية التقليدية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت ‪IWW‬فاشلة ‪.‬ولم يحرز أي تقدم في اتجاه إلغاء نظام األجور عن طريق التحريض‬
‫على الحرب الطبقية أكثر مما حققه فرسان العمل من خالل برنامجهم المعتدل للتعليم والتحريض ‪.‬ظلت‬
‫الغالبية العظمى من العمال األمريكيين معارضين بشكل أساسي لفلسفة ‪ ،IWW‬كما كان الحال مع‬
‫أصحاب العمل أو الطبقة الوسطى بشكل عام ‪.‬استمر االتحاد األمريكي للعمال‪ ،‬الذي‬
‫‪Thunder on the Left‬‬ ‫‪223‬‬
‫لم يفوت أي فرصة لتشويه سمعة منافسه الراديكالي ومهاجمته‪ ،‬في السيطرة على الحركة العمالية ولم‬
‫تحقق النقابات الثورية أي تقدم حقيقي ضد نقابات األعمال ‪.‬لقد كانت منظمة العمال الصناعيين العالمية‬
‫تعبيرا درام ًيا عن المشاعر اليسارية‪ ،‬لكنها لم تستقبل سوى القليل من المتحولين ‪.‬ولم يكن من الممكن‬
‫ً‬
‫إقناع العمال األمريكيين بأن الدور التاريخي للطبقة العاملة هو التخلص من الرأسمالية‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬
‫‪ :XIII‬الحرب العالمية االولى‪-‬‬
‫و بعد‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫ومع سقوط شبح الحرب الوشيكة على الواليات المتحدة ودفع األحداث البالد بسرعة نحو المشاركة في‬
‫النضال األوروبي ‪ ،‬واجهت العمالة األمريكية مشكلة خطيرة ‪.‬هل كان الصراع صراعًا كان للعمال فيه‬
‫أي شيء على المحك؟ هل يجب دعم المجهود الحربي أم يجب على العمال االستفادة من األزمة الوطنية‬
‫لتعزيز مصالحهم الطبقية؟ اتخذت ‪IWW‬قرارها في عام ‪1914‬وتمسكت به ‪.‬كان االشتراكيون‬
‫منقسمين‪ ،‬ولكنهم مخلصون لقناعاته‪ ،‬واصل يوجين ف ‪.‬دبس مهاجمة ما أعلن أنها حرب رأسمالية‬
‫بالكامل‪ ،‬وذهب إلى السجن ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬أعلن اتحاد العمال األمريكي‪ ،‬الذي كان يضم الغالبية العظمى من‬
‫العاملين بأجر في البالد‪ ،‬والءه الكامل للحكومة وبرنامجها الحربي بأكمله وحافظ على ذلك الوالء ‪.‬‬
‫سا للوطنية من صامويل‬ ‫بصفته المتحدث البارز باسم حزب العمال‪ ،‬لم تكن أي شخصية عامة أكثر حما ً‬
‫جومبرز‪ ،‬ولم يثبت أحد أنه مخلص أكثر إلدارة ويلسون‪.‬‬
‫عشية األعمال العدائية‪ ،‬كانت العمالة المنظمة أقوى من أي وقت مضى وفازت للمرة األولى بما كان‬
‫في الواقع اعترا ًفا رسميًا بدورها في االقتصاد الوطني ‪.‬تقرير لجنة العالقات الصناعية‪ ،‬الذي أرجع‬
‫الكثير من السخط العما لي إلى الحرمان من الحق في التنظيم‪ ،‬أكد بالتأكيد النقابات العمالية كمؤسسة‬
‫أساسية لتسوية النزاعات الصناعية؛ من الواضح أن قانون كالي تون أعفى النقابات من المالحقة‬
‫القضائية بموجب قوانين مكافحة االحتكار‪ ،‬وقد أظهر الرئيس ويلسون صداقته في مناسبات عديدة‬
‫وأعلن أنه لن يتمكن أي رئيس مستقبلي من تجاهل الحركة العمالية المنظمة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬كان االنتصار الذي حققه العمال في عام ‪1916‬عندما أقر الكونجرس قانون‬
‫أدامسون بمثابة امتداد مهم للسلطة الحكومية في مجال عالقات العمل ‪.‬صحيح أن الكونجرس قد‬
‫تصرف في ظل التهديد الوشيك بإضراب السكك الحديدية الذي كان من شأنه أن يشل حركة ‪224‬‬
‫صا‪.‬‬
‫شخ ً‬
‫‪The First (F or Id War—and After‬‬ ‫‪225‬‬
‫برنامج الدفاع الوطني‪ ،‬وكان هناك استياء واسع النطاق ضد التكتيكات التي تستخدمها أخويات السكك‬
‫الحديدية ‪.‬لكن قبول االلتزام بحماية مصالح العمال كان مع ذلك أقل أهمية‪.‬‬
‫وبإحساس جديد بالقوة والمسؤولية‪ ،‬تعهد المتحدثون باسم حوالي ثالثة ماليين من األجراء بتحديد‬
‫موقف العمال تجاه الحرب ‪.‬تم طرح هذه القضية ألول مرة في مؤتمر عُقد في األول من مارس عام‬
‫— ‪1917‬قبل شهر تقري ًبا من األعمال العدائية‪ ،‬ولكن في وقت بدت فيه الحرب وشيكة بالفعل —‬
‫وحضره ممثلون عن تسعة وسبعين اتحادًا دوليًا‪ ،‬وأخويات السكك الحديدية‪ ،‬ونقابات العمال ‪. AF‬من‬
‫‪L.‬المجلس التنفيذي ‪.‬وفي ختام المؤتمر‪ ،‬أصدر المؤتمرون بيانًا عا ًما حول "موقف حزب العمال‬
‫األمريكي في السلم أو الحرب "تعهدوا فيه بتقديم الدعم الكامل لجميع المنظمات العمالية في حالة تورط‬
‫البالد بشكل مباشر في صراع مع ألمانيا‪.‬‬
‫ولم يكن ذلك تعهدا ً غير مشروط ‪.‬كان العمل المنظم مصم ًما على ضرورة حماية هذه المكاسب التي‬
‫تحققت في السنوات األخيرة في حالة الحرب‪ ،‬وفي تعهده بتقديم الدعم إلدارة ويلسون‪ ،‬أصر على‬
‫االعتراف الكامل بوضعه المكتسب حديثًا ‪.‬كان من المقرر أن تكون النقابات هي الوسيلة التي ستعمل‬
‫الحكومة من خاللها في السعي للحصول على تعاون األجراء‪ ،‬وكان من المقرر أن يتم تمثيلهم في جميع‬
‫المجالس التي تتعامل مع الدفاع الوطني ‪.‬كان من المفترض أن يكون العمال حرين في ممارسة حق‬
‫التنظيم‪ ،‬وعلى الرغم من استعدادهم الستخدام كل القيود الممكنة ‪ ،‬إال أنهم لم يوافقوا ولم ينويوا تسليم‬
‫سالح اإلضراب ‪.‬وقيل إن شروط التعاون العمالي هذه ضرورية بسبب طبيعة األهداف التي كانت البالد‬
‫مستعدة لخوض الحرب من أجلها‪.‬‬
‫وأكد القادة العماليون أن « ُمثُل الديمقراطية مغلفة بسالمة هذه الجمهورية‪ ،‬وهو تراث تلقته جماهير‬
‫الشعب من أجدادنا‪ ،‬الذين ناضلوا من أجل أن تعيش الحرية في هذا البلد ‪-‬وهو تراث يجب أن نحافظ‬
‫عليه »‪.‬يجب الحفاظ عليها ونقلها إلى كل جيل بقوة وفائدة غير منقوصة‪.‬‬
‫كانت اإلدارة مستعدة للعمل مع العمال على هذا األساس‪ ،‬وبعد دخولنا الفعلي في الحرب‪ ،‬حاولت‬
‫اتباع سياسة فيما يتعلق بالعالقات الصناعية من شأنها أن تمنع اإلضرابات ‪.‬نصت االتفاقيات المبرمة‬
‫مع االتحاد األمريكي للعمل على وجه التحديد على إنفاذ المعايير النقابية في جميع العقود الحكومية‪،‬‬
‫وتم تعيين ممثلي العمال في جميع الوكاالت الحكومية المناسبة‪ ،‬و‬
‫‪226‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫عضوا في اللجنة االستشارية لمجلس الدفاع الوطني ‪.‬قال الرئيس ويلسون أمام‬ ‫ً‬ ‫تم تعيين جومبرز‬
‫مؤتمر ‪AF of L.‬في نوفمبر « ‪1917:‬بينما نناضل من أجل الحرية‪ ،‬يجب علينا أن نرى من بين أمور‬
‫أخرى أن العمل حر‪. . .‬‬
‫ولكن لم يكن الحفاظ على السالم الصناعي بهذه السهولة خالل عام ‪1917.‬فمع ارتفاع األسعار في‬
‫ظل حوافز الشراء في زمن الحرب دون زيادة مقابلة في األجور‪ ،‬كان هناك استياء بين العمال وكانت‬
‫هناك مطالب عامة بزيادة األجور ‪.‬وعندما لم تتم تلبية هذه المطالب‪ ،‬اندلعت اإلضرابات على نطاق‬
‫تجاوز حتى سنوات ما قبل الحرب ‪.‬وقبل نهاية عام ‪ ،1917‬وصل عددهم إلى ‪ً 4450‬‬
‫عامال‪ ،‬بما في ذلك‬
‫أكثر من مليون عامل‪.‬‬
‫تم التحريض على العديد من هذه اإلضرابات من قبل ‪IWW.‬تحت قيادتها المتطرفة‪ ،‬كان هناك‬
‫خطر تفشي المرض في معسكرات األخشاب في الشمال الغربي‪ ،‬بين عمال أحواض بناء السفن على‬
‫ساحل المحيط الهادئ‪ ،‬وفي مناجم النحاس في أريزونا ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم تقتصر االضطرابات العمالية بأي‬
‫حال من األحوال على العمال الذين وقعوا ضمن الهامش الراديكالي للحركة العمالية ‪.‬شعرت العديد من‬
‫النقابات المحافظة والوطنية المنتسبة إلى ‪AF‬في ‪L.‬أن هناك ما يبررها في تقديم مطالب في زمن‬
‫الحرب ودعمها باإلضرابات التي أوقفت اإلنتاج بشكل خطير في محاوالت صناعة الدفاع‪.‬‬
‫وبحلول بداية عام ‪ ،1918‬هدد هذا الوضع بعرقلة تدفق اإلمدادات العسكرية إلى الخارج ‪.‬وبينما‬
‫كانت الجهود ت ُبذل باستمرار لحل النزاعات العمالية من خالل مجالس خاصة لتعديل األجور ولجنة‬
‫الوساطة التي أنشأها الرئيس ويلسون في أغسطس ‪ ،1917‬شعرت الحكومة بأنها مضطرة إلى التدخل‬
‫بشكل أكبر من أجل ضمان اإلنتاج الصناعي األساسي ‪.‬إن صداقة اإلدارة تجاه العمالة المنظمة والنفعية‬
‫البسيطة أملت سياسة من شأنها أن تحظى بدعم العمال بدالً من سياسة قمع اإلضرابات بالقوة ‪.‬وبالتالي‬
‫تم تعيين ممثلين عن العمل واإلدارة في مجلس مؤتمر عمال الحرب‪ ،‬وبعد أن وافق باإلجماع على‬
‫مجموعة من المبادئ التي تحكم عالقات العمل المستقبلية‪ ،‬عين الرئيس بنا ًء على توصيته‪ ،‬في أبريل‬
‫سا وطن ًيا لعمال الحرب ‪.‬لتكون بمثابة محكمة استئناف نهائية لتسوية جميع المنازعات‬ ‫‪ ،1918‬مجل ً‬
‫الصناعية التي ال يمكن حلها من خالل وسائل أخرى ‪.‬كانت تتألف من خمسة ممثلين عن العمل وخمسة‬
‫من اإلدارة‪ ،‬مع رئيسين مشتركين يمثالن الجمهور ‪:‬الرئيس السابق تافت وفرانك بي والش‪ ،‬الذي كان‬
‫سا‬
‫رئي ً‬
‫‪The First, World War—and After‬‬ ‫‪227‬‬
‫للجنة العالقات الصناعية ‪.‬وفي وقت الحق إلى حد ما‪ ،‬تم إنشاء وكالة أخرى‪ ،‬وهي مجلس سياسات‬
‫العمل الحربي‪ ،‬برئاسة فيليكس فرانكفورتر‪ ،‬لتكون بمثابة غرفة مقاصة لتوحيد سياسات العمل في‬
‫اإلدارات بشأن األجور وساعات العمل في الصناعات الحربية‪.‬‬
‫كانت المبادئ العامة التي عمل على أساسها مجلس العمل الحربي الوطني ذات أهمية كبيرة‬
‫سا للمواقف الحكومية الجديدة تجاه العمل‪ ،‬كما أنذرت أيضًا بتلك التي سيتم دمجها‬ ‫باعتبارها انعكا ً‬
‫الحقًا في تشريعات العمل الخاصة بالصفقة الجديدة ‪.‬وفي مقابل تعهد عام بعدم حدوث المزيد من‬
‫اإلضرابات أو اإلغالقات طوال مدة الحرب‪ ،‬كانت إدارة ويلسون مستعدة لمنح العمال الدعم الكامل‬
‫لجميع مطالبهم التقليدية تقري ًبا ‪.‬تم االعتراف بالتأكيد بالحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية من خالل‬
‫"ممثلين مختارين" ‪ ،‬وال يمكن بأي حال من األحوال االنتقاص منه أو إنكاره من قبل أصحاب العمل؛‬
‫يجب التمسك بجميع االتفاقيات القائمة فيما يتعلق بالنقابات أو المحالت التجارية المفتوحة على أساس‬
‫ما قبل الحرب؛ وكان من المقرر تطبيق يوم الثماني ساعات قدر اإلمكان؛ كان من المقرر أن تحصل‬
‫النساء الالتي يدخلن الصناعة على أجر متسا ٍو مقابل العمل المتساوي‪ ،‬وكان هناك قبول كامل "لحق‬
‫جميع العمال‪ ،‬بما في ذلك العمال العاديين‪ ،‬في أجر معيشي ‪...". . .‬بما يكفل معيشة العامل وأسرته‬
‫بصحة وراحة معقولة‪».‬‬
‫وبفضل هذه االلتزامات البالغة األهمية‪ ،‬كانت اإلضرابات تميل إلى التراجع‪ ،‬وتمت تسوية النزاعات‬
‫التي نشأت في معظم الحاالت بسرعة ‪.‬لقد تسببوا في توقفات قليلة عن العمل وتدخلوا في اإلنتاج‬
‫الحربي ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬لم تكن هناك حاجة للنظر في تدابير جذرية مثل تجنيد القوى العاملة‪ ،‬أو التحكيم‬
‫اإللزامي‪ ،‬أو قوانين مكافحة اإلضراب ‪.‬لقد أيد حزب العمال عمو ًما جانبه من الصفقة التي دخل فيها‬
‫ضمنيًا‪ ،‬وأعلن وزير الحرب بيكر في إحدى المناسبات أنه أثبت أنه «أكثر استعدادًا لمواكبة التقدم من‬
‫رأس المال‪».‬‬
‫بصفته المتحدث الرئيسي باسم حزب العمال‪ ،‬واصل جومبرز دعم المجهود الحربي بكل الطرق‬
‫الممكنة ونجح في مطابقة القوات المسلحة لـ ‪L.‬تما ًما مع سياستنا الخارجية ‪.‬لقد هاجم بشدة جميع‬
‫الجماعات السلمية أو المشتبه في أنها مؤيدة أللمانيا‪ ،‬وروج للتحالف األمريكي من أجل العمل‬
‫والديمقراطية كتحرك مضاد للدعاية االشتراكية من أجل السالم‪ ،‬وأيد بقوة األمركة" ‪.‬أريد أن أعرب‬
‫عن إعجابي‪" ،‬كان ذلك بمثابة إشادة دافئة من الرئيس ويلسون‪" ،‬بشجاعته الوطنية‪ ،‬ورؤيته‬
‫الواسعة‪ ،‬وإحساسه السياسي بما يجب القيام به ‪".‬في خريف عام ‪ ،1918‬سافر جومبرز إلى الخارج‬
‫لحضور مؤتمر عمالي مشترك بين الحلفاء‬
‫‪228‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وكان في باريس أثناء مفاوضات السالم كعضو في لجنة تشريعات العمل الدولية‪.‬‬
‫انعكست سياسة العمل في مكاسب العمال في زمن الحرب ونمو النقابات ‪.‬ارتفعت األجور تدريجيا ً‬
‫حتى تجاوز متوسط الدخل في التصنيع والنقل وتعدين الفحم عالمة ‪1000‬دوالر‪ ،‬وكانت النقابات في‬
‫عام ‪1919‬تضم أكثر من مليون عضو أكثر مما كانت عليه في عام ‪1916 -‬أي ما مجموعه‬
‫‪4.125.000.‬عندما تولت الحكومة السيطرة على السكك الحديدية‪ ،‬امتد االعتراف الممنوح سابقًا فقط‬
‫ألخوة السكك الحديدية ليشمل أصحاب المتاجر‪ ،‬وعمال الساحات‪ ،‬وعمال صيانة الطرق ‪ ،‬وموظفي‬
‫السكك الحديدية‪ ،‬وموظفي التلغراف ‪.‬وفي الصناعات األخرى التي شهدت فيها النقابات صعوبات في‬
‫التزلج‪ ،‬حدثت تطورات مهمة –بين موظفي التعبئة‪ ،‬والبحارة وعمال الشحن والتفريغ‪ ،‬وعمال‬
‫الكهرباء‪ ،‬والميكانيكيين ‪.‬لقد أتاحت الحرب فرصا ً عظيمة‪ ،‬وقد استفاد األميركيون من هذه الفرص إلى‬
‫أقصى حد‪.‬‬

‫أدى انتهاء األعمال العدائية على الفور إلى خلق وضع جديد ‪.‬ومع إزالة القيود المفروضة في زمن‬
‫الحرب واستسالم الحكومة لتلك الضوابط التي كان يمارسها مجلس العمل الوطني للحرب‪ ،‬استعد كل‬
‫من العمال والصناعة للتجديد الحتمي لالختبار التاريخي ‪.‬وانتهت الهدنة غير المستقرة في زمن‬
‫الحرب ‪.‬كان حزب العمال مصم ًما بشكل نضالي ليس فقط على الحفاظ على المكاسب التي تم تحقيقها‬
‫خالل الحرب ولكن أيضًا على كسب المزيد من االعتراف بحقوقه‪ ،‬ولم تكن الصناعة أقل التزا ًما بتحرير‬
‫نفسها من كل سيطرة حكومية‪ ،‬وكبح أي تقدم آخر في النقابات‪ ،‬وإعادة تأكيد قوتها ‪.‬لم يتم منع أي‬
‫سيطرة من قبل أي من الخصمين مع اندالع الصراع الصناعي في عام ‪1919‬على نطاق أكبر مما‬
‫شهدته البالد من قبل ‪.‬كان من المقرر أن تكون اإلضرابات في ذلك العام واسعة النطاق في جميع أنحاء‬
‫البالد‪ ،‬وسوف تؤثر بشكل مباشر وخطير‪ ،‬كما حدث بعد ما يزيد على ربع قرن من الزمان‪ ،‬على عملية‬
‫إعادة التحول الوطني إلى السالم برمتها‪.‬‬
‫مباشرا للعديد من هذه النزاعات ‪.‬استمرت ارتفاعات األسعار في زمن الحرب‬ ‫ً‬ ‫وكانت األجور سببًا‬
‫دون رادع في عام ‪1919 -‬حيث وصلت تكلفة المعيشة في النهاية إلى ضعف مستوى ما قبل الحرب ‪-‬‬
‫وبدأ العمال يشعرون بالضيق على الرغم من األجور المرتفعة التي كانوا ال يزالون قادرين على‬
‫الحصول عليها ‪ .‬ولكن تسوية القضية األساسية المتمثلة في األمن النقابي كانت أقل سهولة بكثير من‬
‫تسوية األجور ‪.‬كان العديد من أصحاب العمل على استعداد للموافقة على مطالب األجور أو على األقل‬
‫التنازل عنها‪ ،‬لكنهم رأوا في أي تمديد للمفاوضة الجماعية‬
‫‪The First, World War—and After‬‬ ‫‪229‬‬
‫تهديدًا إلدارتهم ألعمالهم الخاصة ‪.‬لقد رفضوا االعتراف بالمتحدثين الرسميين للنقابات‪ ،‬وتم سحب‬
‫التنازالت التي تم تقديمها تحت ضغط الحرب على نطاق واسع‪.‬‬
‫لقد تم تسليط الضوء على األهمية الحيوية لقضية االعتراف بالنقابات في المحاولة الوحيدة التي‬
‫قامت بها إدارة ويلسون في سنوات ما بعد الحرب للتوفيق بين االختالفات بين اإلدارة والعمل ‪.‬تم إلغاء‬
‫الوكاالت المختلفة التي تتعامل مع النزاعات العمالية على الفور بعد الهدنة‪ ،‬ولكن مع زيادة عدد‬
‫اإلضرابات‪ ،‬دعا الرئيس إلى مؤتمر صناعي وطني‪ ،‬يتألف هذه المرة من ممثلين عن العمل والصناعة‬
‫والجمهور‪ ،‬على أمل أن يكون هناك أساس ما ‪.‬يمكن العثور عليها من أجل السالم العمالي ‪.‬تطورت‬
‫خالفات أساسية في وقت واحد حول طبيعة المفاوضة الجماعية وإلزام صاحب العمل بالتعامل مع رجال‬
‫أو مجموعات من الرجال الذين ليسوا من مستخدميه ‪.‬وأصر ممثلو العمال على الحق في "التنظيم دون‬
‫تمييز "باعتباره الوسيلة الوحيدة لضمان االعتراف بالنقابات الوطنية‪ ،‬وانهار المؤتمر عندما قام‬
‫ممثلو الجمهور‪ ،‬وهم مجموعة تضم بطريقة أو بأخرى جون د ‪.‬روكفلر االبن‪ ،‬وإلبرت إتش ‪.‬أيد غاري‪،‬‬
‫رئيس مجلس إدارة شركة الصلب األمريكية‪ ،‬الصناعة في رفضها منح هذا االمتياز‪.‬‬
‫في هذه األثناء‪ ،‬بدأ مدى وطبيعة إضرابات عام ‪1919‬يثير قلق الجمهور أكثر فأكثر ‪.‬وكان هناك‬
‫شعور بأنهم ال يشكلون خطرا ً على إعادة التحول االقتصادي فحسب‪ ،‬بل يهددون استقرار المؤسسات‬
‫األمريكية ‪ .‬تأثر موقف الكثير من الناس بشكل كبير بالمخاوف المحمومة تقريبًا من انتشار الشيوعية‬
‫التي أثارتها الثورة البلشفية في روسيا ‪.‬في الواقع‪ ،‬ال يمكن المبالغة في تأثير الذعر األحمر في تشكيل‬
‫الرأي العام تجاه اإلضرابات العمالية في عام ‪1919 .‬وكانت الهستيريا الشعبية بشأن الدور المفترض‬
‫الذي لعبته موسكو في إثارة الفوضى في الواليات المتحدة سببا ً في دفع قسم كبير من عامة الناس إلى‬
‫االعتقاد بأن أغلب اإلضرابات كانت بتحريض من الشيوعيين بناء على أوامر مباشرة من الكرملين ‪.‬لقد‬
‫تم نسيان الحقوق المشروعة والمظالم المبررة للعمال وسط حرص مخيف على جعل البلشفية سببًا لكل‬
‫االضطرابات العمالية ‪.‬استفاد أصحاب العمل إلى أقصى حد من هذه المخاوف واإلنذارات‪ ،‬وشنوا حملة‬
‫متواصلة لتحديد جميع المضربين على أنهم من الحمر ‪.‬وبعد اآلمال الكبيرة التي ولدتها الحرب‪ ،‬وجدت‬
‫العمالة نفسها في كل مكان في موقف دفاعي‪ ،‬وتتعرض لضغوط شديدة للحفاظ على موقعها‪ ،‬ناهيك عن‬
‫تحسينه‪.‬‬
‫وكانت هناك بعض األسباب لموقف الجمهور ‪.‬بشرت األممية الشيوعية بالثورة العالمية وكان لها‬
‫أتباعها‬
‫‪230‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫في الواليات المتحدة ‪.‬تم تشكيل الحزب الشيوعي المحلي في عام ‪1919‬واجتذب العديد من العناصر‬
‫الراديكالية في الحركة العمالية التي كانت مرتبطة سابقًا بحزب ‪LW.‬وغيرها من الجماعات‬
‫اليسارية ‪.‬وقد تسلل أعضاؤها إلى عدد من النقابات‪ ،‬ومارسوا نفوذا ً ال يتناسب مع أعدادهم الحقيقية‪،‬‬
‫وكان لهم دور في إثارة عدة إضرابات‪ ،‬وفي بعض األحيان حرضوا على العنف ‪.‬ولكن كما حدث في‬
‫مناسبات سابقة عندما رأى الجمهور المذعور تهديدًا جذريًا للمجتمع في االنتفاضات العمالية ‪-‬‬
‫إضرابات السكك الحديدية عام ‪ ،1877‬وإضراب بولمان‪ ،‬وحتى إضراب الفحم عام ‪1902 -‬فقد تم‬
‫التركيز على النفوذ الشيوعي إلى حد كبير ‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن محاولة أصحاب العمل المحافظين إلصاق تهمة البلشفية على الحركة العمالية‬
‫ككل لم يكن من الممكن أن تكون أبعد من الهدف ‪.‬كانت قيادة ‪AF‬لـ ‪L.‬معادية بشدة للشيوعية مثل‬
‫مجلس إدارة الرابطة الوطنية للمصنعين ‪.‬كان جومبرز في طليعة المتسلطين الذين ساعدوا في خلق‬
‫حالة من التعصب الهستيري في هذه الفترة ‪.‬والواقع أن محاولته لتبرئة الحركة العمالية من اتهامات‬
‫الصنا عة بالنشاط الراديكالي والتخريبي من خالل مهاجمة البلشفية باستمرار‪ ،‬أثبتت أنها كانت بمثابة‬
‫ارتداد ‪ .‬أدت مبالغته غير المسؤولة في الحديث عن التهديد األحمر إلى تفاقم مخاوف الجمهور من‬
‫الصراع االجتماعي وما يترتب على ذلك من مطالبة بقمع اإلضرابات بالقوة‪.‬‬
‫على أية حال ‪ ،‬كشفت التقارير الصحفية عن نشاط اإلضراب‪ ،‬والتعليقات التحريرية‪ ،‬والرسوم‬
‫الكاريكاتورية‪ ،‬وتصريحات القادة العامين‪ ،‬عن تصلب الموقف العام تجاه العمال مع تقدم العام ‪.‬تبخر‬
‫الشعور األكثر تعاطفا ً في الفترة التقدمية مع ظهور رد فعل ضد مفهوم ويلسون الجديد للحرية الجديدة ‪.‬‬
‫كان هناك حديث ساخر عن أن موظفي المصانع يركبون سياراتهم للعمل‪ ،‬ويشترون قمصانًا حريرية‬
‫ألنفسهم وجوارب حريرية لزوجاتهم‪ ،‬في الوقت الذي كانوا يطالبون فيه بأجور أعلى ‪.‬وذكرت إحدى‬
‫الصحف أن الضربات أيقظت "إدانة غير محدودة من كل مناحي الحياة تقريبًا ‪".‬وأعلن آخر أن االتحاد‬
‫الكبير الوحيد الذي يمكن لألمة أن تتسامح معه هو "االتحاد الذي رمزه النجوم واألشرطة‪".‬‬
‫وتزايد الطلب الشعبي على سياسة وطنية لقمع اإلضرابات باسم االستقرار االقتصادي واالجتماعي ‪.‬‬
‫بحلول نهاية عام ‪ ،1919‬كان اإلضراب تلو اآلخر ينهار‪ ،‬كما أشارت مجلة ليتراري دايجست ‪ ،‬ألن قوة‬
‫الرأي العام تبلورت بقوة وبالتأكيد لصالح‬
‫‪The First, World War—and After‬‬ ‫‪231‬‬
‫تدخل الشرطة الفيدرالية والوالئية والمحلية لدعم أصحاب العمل وضد عمال اإلطارات‪.‬‬

‫كان أول إضراب إلثارة الرأي العام في فترة ما بعد الحرب هو ما يسمى باإلضراب العام الذي اندلع‬
‫في سياتل في فبراير ‪1919.‬ولم يكن من المهم في الواقع إثبات أهمية هذا اإلضراب‪ ،‬ولكن خلفية‬
‫العنف التي نشأ عنها ونشأت عنها إن الجهد المبذول الستدعاء جميع العمال‪ ،‬خلق قلقًا وطن ًيا وأثار ما‬
‫أصبح بالفعل االتهامات الحتمية للبلشفية‪.‬‬
‫كان الحادث الذي أدى إلى هذا اإلضراب هو مطالبة عمال حوض السفن في سياتل بأجور أعلى ‪.‬‬
‫وعندما رفض أصحاب العمل األمر صراحةً‪ ،‬انسحب الرجال ‪.‬كانت لجنة العمل المركزية في سياتل في‬
‫هذا الوقت تحت سيطرة جيمس أ ‪.‬دنكان‪ ،‬وهو محرض عدواني وراديكالي وصل إلى السلطة وسط‬
‫الصراع الصناعي المرير الذي روجت له ‪IWW‬في جميع أنحاء الشمال الغربي ‪.‬لقد كان معارضًا‬
‫صري ًحا لسياسات العمل المحافظة ‪.‬تليها ‪AF‬من ‪ ،L.‬عارضت بشدة دخولنا في الحرب‪ ،‬وكان متعاطفا‬
‫مع روسيا السوفياتية ‪.‬واغتنم الفرصة إلثارة المشاكل‪ ،‬ودعا إلى إضراب عام لجميع العمال في سياتل ‪.‬‬
‫استجاب حوالي ‪60‬ألف شخص‪ ،‬ولمدة خمسة أيام عصيبة‪ ،‬أصيبت الحياة الصناعية في المدينة‬
‫بالشلل تقريبًا وحرم مواطنوها من معظم خدماتهم العادية‪.‬‬
‫كان اإلضراب العام ظاهرة جديدة بالنسبة للواليات المتحدة‪ ،‬و سرعان ما جعلت المعارضة العامة‬
‫المتجمعة‪ ،‬سواء في الشمال الغربي أو في جميع أنحاء البالد‪ ،‬النقابات المشاركة تدرك أنها في اتباع‬
‫مثل هذه التكتيكات تخسر كل التعاطف الشعبي ‪.‬لقد سحبوا دعمهم من لجنة العمل المركزية وانهار‬
‫اإلضراب تما ًما ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬في هذه األثناء‪ ،‬تصدر العمدة أولي هانسون عناوين األخبار في البالد‬
‫بتصريحات مثيرة مفادها أن األمر برمته كان مؤامرة بلشفية لم يتم سحقها إال بإجراءاته البطولية‪.‬‬
‫واألكثر إثارة للقلق هو اإلضراب الذي تعرضت له شرطة بوسطن بعد بضعة أشهر ‪.‬بسبب استياءهم‬
‫من األجور المنخفضة والجوانب األخرى لوظائفهم التي اعتبروها غير عادلة‪ ،‬شكلت الشرطة نقابة‪،‬‬
‫والتي كانت تسمى نادي بوسطن االجتماعي‪ ،‬وتقدمت بطلب إلى االتحاد األمريكي‬
‫‪232‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫للعمل للحصول على ميثاق ‪.‬صرح مفوض الشرطة كيرتس على الفور أنه لن يُسمح ألي عضو في‬
‫القوة باالنضمام إلى النقابة‪ ،‬وأوقف تسعة عشر رجالً من الرجال الذين فعلوا ذلك‪ ،‬وبدأ في تجنيد‬
‫متطوعين لتولي المسؤولية في حالة استمرار أي نشاط نقابي ‪.‬وبسبب غضبها مما اعتبرته مثل هذا‬
‫اإلجراء التعسفي وغير المبرر‪ ،‬تولت الشرطة زمام األمور بنفسها‪ ،‬وفي ‪9‬سبتمبر‪/‬أيلول أضربت‬
‫فجأة ‪.‬وجدت بوسطن نفسها بدون حماية من الشرطة في تلك الليلة‪ ،‬ولم يكن مواطنوها المتوترون‬
‫يعرفون ما يتوقعونه من تفشي الجريمة والعنف ‪.‬في الواقع‪ ،‬كان هناك قدر كبير من المشاغبة من قبل‬
‫عصابات من المجرمين‪ ،‬لكن لم يكن هناك مثل هذا االنفالت العام الذي كان يُخشى منه ‪.‬وفي اليوم‬
‫التالي‪ ،‬تولى المتطوعون وحرس الدولة مهام الشرطة وتم استعادة النظام الكامل‪.‬‬
‫ولم تكن تسوية القضايا المطروحة على المحك بهذه السهولة ‪.‬وتطايرت االتهامات واالتهامات‬
‫المضادة ذهابًا وإيا ًبا حول المسؤولية عن اإلضراب والفشل في إرسال القوة التطوعية إلى الخدمة على‬
‫الفور‪ ،‬والتي كان من المفترض أنها تم تدريبها لمثل هذه الحالة الطارئة ‪.‬وكان مفوض الشرطة‬
‫ورئيس البلدية على خالف ‪.‬وبينما رفض األول النظر في المظالم التي أدت إلى اإلضراب أو إعادة أي‬
‫قدرا أكبر من التعاطف مع المضربين واتهمهم بأن األمر‬ ‫من الرجال الذين شاركوا فيه‪ ،‬أظهر األخير ً‬
‫برمته قد أسيء التعامل معه بشكل بائس ‪. .‬جاءت اتهامات من مسؤولي ‪AF of L.‬بأن مفوض‬
‫الشرطة كان مهت ًما بمحاولة تشويه سمعة العمال أكثر من اهتمامه بحل الجدل‪ ،‬وأنه دفع الشرطة فعل ًيا‬
‫إلى اإلضراب‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬مهما كان ما تم تقديمه لدعم الشرطة‪ ،‬فقد أدانهم الجمهور بشكل عام لتركهم مناصبهم‬
‫وأيد المفوض كيرتس في رفضه إعادة توظيفهم ‪.‬كان تعليق الرئيس ويلسون الحاد على اإلضراب‬
‫بمثابة "جريمة ضد الحضارة" ‪ ،‬وقد نال الرئيس المستقبلي شهرة وطنية بتصريح أكثر إيجابية ‪.‬‬
‫كالفين كوليدج‪ ،‬حاكم والية ماساتشوستس آنذاك‪ ،‬طلب من قبل جومبرز إقالة مفوض الشرطة ‪.‬لقد‬
‫رفض ‪.‬وجاء في برقية مقتضبة له“ ‪:‬ليس هناك حق في ضرب السالمة العامة من قبل أي شخص‪ ،‬في‬
‫أي مكان وفي أي وقت ‪ ”.‬هلل الجمهور لمثل هذه المشاعر حتى تردد صدىها‪ ،‬ولم تتم إعادة شرطة‬
‫بوسطن إلى عملها‪ ،‬وبدأ كوليدج في السير على الطريق إلى البيت األبيض‪.‬‬
‫على الرغم من أن اإلضراب العام في سياتل وإضراب شرطة بوسطن جذبا انتباه البالد بأكملها‪ ،‬إال‬
‫أنهما كانا شأ ًنا محل ًيا ‪.‬أ‬
‫‪The First IF or Id War—and After‬‬ ‫‪233‬‬
‫وكان األمر األكثر أهمية في آثارها الوطنية على مستوى الصناعة هو اإلضرابات في الصلب والفحم ‪.‬‬
‫لقد هُزموا في ظل الظروف التي كانت سائدة في عام ‪ ،1919‬لكنهم أنذروا بنمط جديد من الصراع‬
‫الصناعي الذي كان من المقرر أن يتفاقم بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية ‪.‬كانت الضربة الفوالذية‬
‫ذات أهمية خاصة ‪.‬ولو كان عمال الصلب ناجحين‪ ،‬لكان تاريخ العمل برمته في عشرينيات القرن‬
‫مسارا مختل ًفا تما ًما ‪.‬لكن قمع اإلضراب أدى إلى تأخير التنظيم الفعال للعمال في هذه‬
‫ً‬ ‫العشرين قد اتبع‬
‫الصناعة األساسية لمدة ثمانية عشر عاما أخرى‪.‬‬
‫عززت الظروف في مصانع الصلب السخط العام وقللت من أهمية ما أعلنه قادة العمال على أنه‬
‫حاجة حتمية للنقابات إذا كان العمال يتوقعون أي اعتبار لشكاواهم ‪.‬ظلت األجور منخفضة على الرغم‬
‫من التقدم في زمن الحرب وكانت تتراجع بشكل مطرد وراء االرتفاع المستمر في تكاليف المعيشة ‪.‬‬
‫وكان العمل لمدة اثنتي عشرة ساعة في اليوم‪ ،‬ستة أيام في األسبوع‪ ،‬ال يزال ساريًا بالنسبة ألكثر من‬
‫نصف القوة العاملة‪ ،‬وكان متوسط العمل األسبوعي أقل بقليل من تسع وستين ساعة ‪.‬من بين‬
‫مجموعات المهاجرين شديدة التنوع والتي شكلت غالبية الموظفين‪ ،‬كانت الظروف المعيشية بمثابة‬
‫مهزلة مريرة للوعد بحياة أكثر وفرة مما جذبهم إلى أرض الفرص‪.‬‬
‫التقدم التنظيمي في القطاعات األخرى من جبهة العمل لم يكن له مثيل في صناعة الصلب ‪.‬منذ قمع‬
‫إضرابات النقابة المندمجة القديمة لعمال الحديد والصلب والقصدير في عامي ‪1901‬و‪ ،1910‬لم يتم‬
‫بذل المزيد من الجهود نحو االنضمام إلى النقابات ‪.‬وبينما كانت النقابة المندمجة ال تزال موجودة‪ ،‬كانت‬
‫عبارة عن نقابة حرفية صغيرة لم تمس مصالح الغالبية العظمى من العمال غير المهرة‪.‬‬
‫كانت الخطوة األولى التي أدت إلى اإلضراب هي تشكيل لجنة تنظيمية‪ ،‬في صيف عام ‪،1918‬‬
‫مكونة من ممثلين عن أربع وعشرين نقابة لها اختصاص في صناعة الصلب ‪.‬ولم يكن هدفها تحسين‬
‫الظروف في المصانع فحسب‪ ،‬بل كان االستيالء على هذه الصناعة الرئيسية من قبل العمال النقابيين ‪.‬‬
‫كانت الروح التوجيهية هي ويليام ز ‪.‬فوستر‪ ،‬وهو من دعاة العمل االقتصادي المباشر الجذري الذي‬
‫اكتسب خبرته المبكرة في الصراع الصناعي في صفوف ‪IWW‬والذي أصبح فيما بعد شيوعيًا رائدًا ‪.‬‬
‫كانت مهارته التنظيمية رائعة‪ ،‬وبصفته أمينًا لخزانة اللجنة النقابية المرتبطة به ‪ ،‬تم تعيينه مسؤوالً‬
‫عن هذا "الدافع القوي لتنظيم مصانع الصلب في أمريكا‪".‬‬
‫‪234‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫وفي غضون عام قفز عدد العمال المنظمين في مصانع الصلب إلى ‪ ،100.000‬وبُذلت محاولة لفتح‬
‫مفاوضات مع رئيس شركة الصلب األمريكية غاري للتوصل إلى اتفاقية تجارية ‪.‬وعندما تجاهل هذا‬
‫الطلب تما ًما‪ ،‬تم التصويت على اإلضراب ونيابة عن عمال الصلب‪ ،‬طالبت اللجنة النقابية بالمفاوضة‬
‫الجماعية ويوم العمل المكون من ثماني ساعات وزيادة األجور ‪.‬كان رد غاري على المبادرات اإلضافية‬
‫لمناقشة هذه المطالب صري ًحا وال لبس فيه ‪.‬وقال" ‪:‬شركتنا والشركات التابعة لنا‪ ،‬على الرغم من أنها‬
‫ال تحارب النقابات العمالية في حد ذاتها‪ ،‬ترفض مناقشة األعمال معهم ‪".‬تم بعد ذلك تحديد اإلضراب‬
‫رسميًا في ‪22‬سبتمبر‪ ،‬وبحلول نهاية الشهر‪ ،‬كان ما يقرب من ‪350‬ألف رجل قد تركوا عملهم في‬
‫تسع واليات‪.‬‬
‫وكانت صناعة الصلب –أقوى قوة رأسمالية في العالم –مستعدة لمواجهة هذا التحدي‪ ،‬وفي‬
‫جهودها الحثيثة لكسر اإلضراب تلقت التعاون الكامل من السلطات المحلية وسلطات الواليات وحتى‬
‫السلطات الفيدرالية ‪.‬تم جلب اآلالف من مفسدي اإلضراب‪ ،‬وخاصة أعداد كبيرة من الزنوج ‪.‬تم تعيين‬
‫جواسيس عماليين لفعل كل ما هو ممكن إلثارة العداء والعداء العنصري بين العناصر األجنبية المختلفة‬
‫في المطاحن‪ ،‬وقام الحراس المنتدبون والشرطة المحلية وشرطة الوالية بتحطيم خطوط االعتصام‬
‫وتفريق اجتماعات اإلضراب مع القليل من االهتمام بالحريات المدنية ‪.‬تم إيقاف العنف من خالل تطبيق‬
‫األحكام العرفية في العديد من المناطق‪ ،‬حيث تم إرسال القوات إلى غاري‪ ،‬إنديانا‪ ،‬تحت قيادة اللواء‬
‫ً‬
‫عماال ‪-‬قبل انتهاء اإلضراب‪.‬‬ ‫صا ‪-‬ثمانية عشر منهم‬ ‫وود‪ ،‬ولكن قُتل حوالي عشرين شخ ً‬
‫كما أطلقت شركات الصلب حملة هائلة من خالل اإلعالنات في الصحف لتثبيط عزيمة المضربين‬
‫وإقناع الرأي العام بأن األمر برمته كان مؤامرة دبرت في موسكو لإلطاحة بالرأسمالية األمريكية ‪.‬‬
‫أعلنت شركات الصلب أن اإلضراب لم يكن بين العمال وأصحاب العمل‪ ،‬بل بين الثوريين وأمريكا ‪.‬ولم‬
‫يكن بوسعها أن تفوز ألن الواليات المتحدة "لن تؤيد أبداً الحكم األحمر "للبلشفية أو الحركة الصناعية‬
‫العالمية أو أي "مذهب "آخر يسعى إلى هدم الدستور ‪.‬بل إن شائعات انتشرت مفادها أن الهون كان‬
‫لهم يد في إثارة اإلضراب‪ ،‬على أمل تأخير التقدم الصناعي‪.‬‬
‫كانت اإلثارة والجدل الذي أثير في ظل هذه الظروف كبيرة جدًا لدرجة أنه تم تشكيل لجنة تحقيق من‬
‫قبل الحركة العالمية للكنيسة‪ ،‬وهي منظمة من الكنائس البروتستانتية‪ ،‬للتحقيق‬
‫‪The First, World War—and After‬‬ ‫‪235‬‬
‫في اإلضراب ‪ .‬ولم تتمكن من العثور على أي دليل على اإلطالق على المؤامرات الشريرة التي زعمت‬
‫شركات الصلب أنها كشفتها‪ ،‬وذكرت أنه من المربح أكثر بكثير النظر إلى انتفاضة العمال في ضوء‬
‫التاريخ الصناعي بدالً من "في وهج اإلثارة التي ال أساس لها من الصحة بشأن البلشفية ‪".‬ومع ذلك ‪،‬‬
‫فإن التركيز المتكرر على الجوانب الراديكالية والفوضوية والشيوعية لإلضراب‪ ،‬ووجهات نظر فوستر‬
‫اليسارية‪ ،‬نجح في تنفير الكثير من التعاطف الشعبي مع عمال الصلب على الرغم من الكشف غير‬
‫المتناقض عن الظروف القاسية في المصانع ‪.‬كان الجمهور مستعدًا تما ًما لرؤية البلشفية وهي تعمل ‪.‬‬
‫لقد تم اعتبار حقيقة أن الكثير من عمال الصلب كانوا من "المدمنين "و"الداغو "*و"الووبس "دليالً‬
‫مقنعًا على أنهم غير أميركيين‪ ،‬وثوريين‪ ،‬وخاضعين لسيطرة موسكو‪.‬‬
‫ولم تتمكن لجنة اإلضراب من إيجاد طريقة لمكافحة هذه الدعاية بنجاح ‪.‬كانت هناك عمليات سحب‬
‫للدعم من جانب النقابات الراعية‪ ،‬وتم رفض قيادة فوستر من قبل ‪ ،AF of L.‬وانتشر اإلحباط في‬
‫صفوف المضربين أنفسهم ‪.‬في أواخر نوفمبر‪ ،‬طلبت لجنة النقابة من لجنة الكنيسة المشتركة التوسط‬
‫ووافقت على قبول أي خطة قد تقترحها إلنهاء النزاع ‪.‬رفض غاري االستماع إلى أي مقترحات للسالم ‪.‬‬
‫وأعلن أن المضربين سعوا إلى "المتجر المغلق‪ ،‬والسوفييتات‪ ،‬والتوزيع القسري للممتلكات ‪". . .‬ال‬
‫توجد مشكلة على اإلطالق "‪.‬استمر اإلضراب لكن الرجال المحبطين بدأوا اآلن في العودة إلى العمل ‪.‬‬
‫وفي يناير ‪ ،1920‬استسلم القادة ‪.‬تم إلغاء اإلضراب وعاد الرجال الذين لم يتم إدراجهم في القائمة‬
‫السوداء في هذه األثناء دون الحصول على أي امتياز‪.‬‬
‫وأعلنت اللجنة المشتركة بين الكنائس في تقريرها النهائي أن «شركة الصلب األمريكية كانت أكبر‬
‫من أن يهزمها ‪800‬ألف عامل ‪.‬كان لديها فائض نقدي كبير جدًا‪ ،‬والعديد من الحلفاء من بين الشركات‬
‫األخرى ‪ ،‬ودعم كبير جدًا من المسؤولين الحكوميين‪ ،‬المحليين والوطنيين‪ ،‬وتأثير قوي جدًا على‬
‫المؤسسات االجتماعية مثل الصحافة والمنبر‪ ،‬وانتشر على جزء كبير جدًا من األرض ‪.‬ال تزال تحتفظ‬
‫بسيطرة مركزية مطلقة‪ ،‬ليتم هزيمتها على يد عمال منتشرين على نطاق واسع من ذوي العقول‬
‫المتعددة‪ ،‬والمخاوف الكثيرة‪ ،‬وحاالت متفاوتة من الموارد المالية‪ ،‬وتحت قيادة مرتجلة نسب ًيا‪.‬‬
‫كان تنظيم الصلب حاسما إذا كان على العمال أن يوحدوا صناعات اإلنتاج الضخم األخرى التي تم‬
‫منعهم من االنضمام إليها حتى اآلن ‪.‬لقد أدرك مجتمع األعمال والمجتمع المالي تما ًما أهمية‬
‫‪236‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫إضراب عام ‪1919‬باعتباره مواجهة بين العمل المفتوح والنقابات الصناعية ‪.‬وكانت شركة الصلب‬
‫األمريكية مدعومة إلى أقصى حد ‪.‬وأكد جي بي مورغان لغاري موافقته الكاملة على الموقف الذي‬
‫اتخذه برفض التعامل مع النقابات ‪.‬لقد تم بذل كل جهد ممكن –وبذل بنجاح –لتبرير شبح البلشفية‬
‫كمبرر لرفض حتى النظر في مطالب العمال ‪.‬لم تكن نتائج اإلضراب تعود فقط إلى يوم العمل المكون من‬
‫اثنتي عشرة ساعة‪ ،‬بل أيضًا إلى األبوية غير الخاضعة للرقابة ومعاداة النقابات في أهم صناعة في‬
‫البالد‪.‬‬
‫وحتى قبل نهاية إضراب الصلب‪ ،‬وصل الصراع في حقول الفحم الحجري إلى ذروته ‪.‬أبرم اتحاد‬
‫عمال المناجم عقدًا مع المشغلين يغطي فترة الحرب‪ ،‬ومع ارتفاع األسعار في عام ‪ ،1919‬طالبوا‬
‫بتعديل األجور التي لم يتم رفعها منذ عام ‪1917.‬واقترحوا زيادة بنسبة ستين بالمائة في األجور‬
‫واعتماد قانون العمل ‪.‬ثالثين ساعة أسبوعيا ً من أجل مكافحة البطالة الناجمة عن انخفاض الحاجة إلى‬
‫الوقود في زمن الحرب ‪.‬ولم يرفض المشغلون النظر في مطالب عمال المناجم فحسب‪ ،‬وهي مطالب‬
‫مب الغ فيها‪ ،‬بل أصروا على أن العقد القديم ال يزال ساري المفعول ألن الحرب لم تنته بعد من الناحية‬
‫الفنية ‪ .‬تمت الدعوة إلى اإلضراب الذي كان من المقرر أن يشارك فيه ‪425000‬من عمال المناجم في‬
‫األول من نوفمبر‪.‬‬
‫كان الخطر الذي يواجه االقتصاد الوطني من أي توقف طويل األمد في تعدين الفحم‪ ،‬كما حدث في‬
‫خطيرا ‪.‬وكانت الحكومة قد حذرت بالفعل‬
‫ً‬ ‫مناسبات أخرى قبل عام ‪1919‬وبعده‪ ،‬مسألة تثير قل ًقا عا ًما‬
‫من أن اإلضراب سيكون غير قانوني بموجب التشريعات التي تحكم صناعة الفحم في زمن الحرب ‪.‬‬
‫ضا العمال األمريكيين بشكل عام‪ ،‬أن إدارة‬‫ومما أثار ذعر عمال المناجم المتحدين ليس فقط‪ ،‬بل أي ً‬
‫ويلسون التي كانت ودية في السابق اتخذت اآلن خطوة جذرية إلصدار أمر قضائي‪ ،‬أصدره القاضي‬
‫ألبرت ب ‪ .‬أندرسون من محكمة المقاطعة الفيدرالية في إنديانابوليس‪ ،‬والذي يحظر أي شيء مزيد من‬
‫اإلضراب من قبل مسؤولي النقابة ودعوهم إلى إلغاء أمر اإلضراب‪.‬‬
‫أثار تدخل الحكومة‪ ،‬في مواجهة ما اعتبره العمال تعهدًا بعدم استخدام سلطتهم في زمن الحرب‬
‫لقمع اإلضرابات‪ ،‬عاصفة من االحتجاجات ‪.‬أدان اتحاد العمل األمريكي األمر القضائي ووصفه بأنه‬
‫"إجراء شائن ‪...". . .‬الذي يضرب أساس العدالة والحرية ‪.‬ودعت عمال المناجم إلى عدم االستسالم‬
‫للضغوط الحكومية ووعدتهم بتقديم الدعم الكامل لهم في مواصلة نضالهم‪.‬‬
‫‪The First IFarid War—and After‬‬ ‫‪237‬‬
‫كان القائم بأعمال رئيس اتحاد عمال المناجم المتحدين في عام ‪1919‬قائدًا عماليًا يبلغ من العمر‬
‫أربعين عا ًما وكان خالل سنوات الحرب كبير اإلحصائيين في النقابة وكان غير معروف تما ًما‬
‫للجمهور ‪.‬لكن جون إل لويس كان على الفور يخطو إلى دائرة الضوء الشعبية ‪.‬لقد فعل ذلك من خالل‬
‫إلغاء اإلضراب ‪.‬على الرغم من أنه هاجم بشدة الرئيس ويلسون لتأييده استخدام أمر قضائي‪ ،‬إال أنه لم‬
‫يكن راغبًا في اتباع النصيحة العسكرية الصادرة عن ‪ ،AF of L.‬وفي السنوات الالحقة التي بدا أنها‬
‫اتخذت إجرا ًء غير معهود للغاية‪ ،‬نصح باالستسالم ‪.‬وقال لويس للصحف في هذه المرة األولى من‬
‫قيادته لإلضراب" ‪:‬نحن أمريكيون‪ ،‬وال يمكننا محاربة حكومتنا‪".‬‬
‫ورفض عمال المناجم أنفسهم‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬في دور يبدو غير عادي‪ ،‬اتباع أوامره ‪.‬وابتعدوا عن‬
‫الحفر رغم إلغاء أمر اإلضراب ‪.‬قبل أن يتم حثهم على العودة‪ ،‬عُقدت مؤتمرات أخرى في واشنطن وتم‬
‫التوصل إلى تفاهم بموجبه منح المشغلون زيادة فورية في األجور بنسبة أربعة عشر بالمائة ووافقوا‬
‫على ترك التسوية النهائية لمطالب األجور وغيرها من القضايا المتنازع عليها إلى لجنة الفحم‬
‫البيتوميني الخاصة ‪.‬ورفعت الجائزة النهائية زيادة األجور إلى سبعة وعشرين في المائة‪ ،‬أي ما يقرب‬
‫من نصف ما طلبه عمال المناجم في األصل‪ ،‬لكنها تجاهلت تما ًما الطلب لمدة ثالثين ساعة في األسبوع‪.‬‬
‫تم إنهاء اإلضراب بإجراءات حكومية ‪.‬على الرغم من أن عمال المناجم حققوا مكاسب كبيرة‪ ،‬إال أن‬
‫الجانب المهم من الجدل كان تطبيق قانون األوامر القضائية ‪.‬لقد تم وضع سابقة حيوية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬في‬
‫صا لمدى استعداد الرأي العام للذهاب‬ ‫استعداده لالمتثال ألوامر الحكومة‪ ،‬أظهر لويس إدراكًا أكثر حر ً‬
‫في قمع اإلضرابات أكثر من قادة ‪AF‬في ‪L.‬االستياء الذي تم عرضه في حالة الفوالذ اشتد اإلضراب‬
‫عندما هدد عمال مناجم الفحم األمة بمجاعة الوقود مع اقتراب فصل الشتاء‪.‬‬
‫أعلن الرئيس ويلسون أن إضراب الفحم "خاطئ من الناحية األخالقية والقانونية ‪".‬أيد الكونجرس‬
‫موقفه‪ ،‬وأشادت المقاالت االفتتاحية في جميع أنحاء البالد باستخدام األمر الزجري ‪.‬وعلقت صحيفة‬
‫تشامبرسبورج للرأي العام قائلة" ‪:‬ال يحق لعمال المناجم وال أي أقلية منظمة أخرى أن ت ُغرق البالد في‬
‫الفوضى االقتصادية واالجتماعية ‪. ...‬إن االستبداد العمالي ال يقل خطورة عن استبداد رأس المال ‪.‬قالت‬
‫صحيفة فيالدلفيا بابليك ليدجر « ‪:‬عندما تدخل مجموعات هائلة من العمال‪ ،‬عمدًا‪ ،‬في خطة على‬
‫مستوى البالد للسيطرة‬
‫‪238‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫على رقاب البالد وإجبار أصحاب العمل في هذا المجال المحدد من الصناعة على االستسالم لمطالب‬
‫الرجال‪ ،‬إنهم متورطون في مؤامرة غير قانونية ‪”.‬وذكرت صحيفة شيكاغو ديلي نيوز بصراحة« ‪:‬لقد‬
‫سئم الجمهور الصراع الصناعي ‪.‬وهي مصممة على حماية نفسها"‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬أثيرت مسألة البلشفية مرة أخرى ‪.‬وقال السيناتور بوين ديكستر إن اإلضراب كان‬
‫بمثابة العقوبة المدفوعة لسياسة حكومية مفرطة في التساهل تجاه "الفوضويين والشيوعيين‬
‫أخيرا‬
‫ً‬ ‫القتلة ‪".‬بعد التسوية‪ ،‬أعلنت صحيفة نيويورك تريبيون أن السياسة الصارمة التي تبنتها اإلدارة‬
‫وتحذيرا في نفس الوقت ؛ "قولوا هذا في روسيا‪ ،‬وأعلنوه في شوارع موسكو‪ ،‬واحرقوه‬ ‫ً‬ ‫كانت ً‬
‫مثاال‬
‫في أذهان جميع المفككين المحليين‪".‬‬

‫على الرغم من أن إضرابات عام ‪1919‬أدت إلى انتكاسة حادة للعمال وكان هناك شعور بخيبة األمل‬
‫المريرة مما اعتبر خيانة على يد إدارة ويلسون‪ ،‬إال أن التقدم في النقابات في زمن الحرب لم يتوقف‬
‫بعد ‪.‬وكان حزب العمال ال يزال مناضال على الرغم من الهزائم ‪.‬وفي العديد من المجاالت المهمة‪،‬‬
‫نجحت في الفوز بزيادات األجور التي ناضلت من أجلها‪ ،‬وكان هناك توسع مستمر في عضوية‬
‫النقابات ‪.‬من بين ‪110‬نقابات منتسبة اآلن إلى ‪AF‬في ‪ ،L.‬أظهر الميكانيكيون وعمال السكك‬
‫الحديدية غير العاملين وعمال النسيج والبحارة مكاسب مهمة بشكل خاص‪ ،‬وفي الصناعات مثل‬
‫األغذية والمالبس‪ ،‬تم تنظيم العمال غير المهرة وشبه المهرة‪. .‬‬
‫مع ذلك‪ ،‬وجد ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬نفسه في موقف صعب بشكل متزايد ‪.‬إن الدعم الحكومي الذي‬
‫اعتمدت عليه في متابعة برنامجها النقابي قد أفسح المجال إلحياء قانون اإلنذارات القضائية‪ ،‬وبالتالي‬
‫كانت هناك ضغوط قوية لتبني تكتيكات أكثر عدوانية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬ظلت قيادة االتحاد ترفض االنجرار إلى‬
‫العمل السياسي‪ ،‬وفي مواجهة االقتراحات الجديدة لحزب العمال‪ ،‬أعادت التأكيد صراحةً على األهداف‬
‫التقليدية غير السياسية التي كانت تحكم دائ ًما سياسة ‪AF‬لـ ‪L..‬وفي مؤتمر عُقد في ديسمبر عام‬
‫‪ ،1919‬تم اإلعالن عن "وثيقة حقوق العمال "الجديدة التي دعت إلى االعتراف بالنقابات‪ ،‬وتحديد أجر‬
‫معيشي‪ ،‬وفرض قيود على استخدام األوامر الزجرية ‪ ،‬ولكن االتحاد لم يذهب أبعد من ذلك‪.‬‬
‫وسرعان ما جعلت الظروف مثل هذا البرنامج أكثر صعوبة من أي وقت مضى‪.‬‬
‫‪The First, World War—and After‬‬ ‫‪239‬‬
‫قبل نهاية العام التالي‪ ،‬ضرب البالد كساد مفاجئ وحاد ‪.‬وأدى انهيار الطفرة التضخمية في مرحلة ما‬
‫بعد الحرب إلى هبوط األسعار على طول الخط‪ ،‬وفشل األعمال التجارية‪ ،‬والركود الصناعي‪،‬‬
‫وتخفيضات األجور الشاملة‪ ،‬والبطالة على نطاق واسع ‪.‬وبحلول منتصف صيف عام ‪ ،1921‬كان ما‬
‫يقدر بنحو خمسة ماليين عامل قد فقدوا وظائفهم ‪.‬استفادت الصناعة بسرعة من هذه الظروف لتكثيف‬
‫حملتها المناهضة للنقابات ‪.‬أدت األوامر القضائية واالعتقاالت إلى كسر إضراب نقابة البحارة‪ ،‬وأدت‬
‫القائمة السوداء الالحقة إلى خفض قوتها إلى أقل من خمس قوتها في زمن الحرب ‪.‬تعرض موظفو‬
‫شركات التعبئة لهزيمة شديدة لدرجة أن الصناعة عادت إلى المتجر المفتوح ‪.‬وفي عام ‪ ،1922‬تعرض‬
‫عمال السكك الحديدية‪ ،‬تحت النيران من جميع الجهات‪ ،‬لهزيمة أكبر‪.‬‬
‫اندلع اإلضراب األخير عندما ألغى مجلس العمل بالسكك الحديدية‪ ،‬الذي تم إنشاؤه لتنظيم عالقات‬
‫الموظفين بعد عودة السكك الحديدية إلى الملكية الخاصة في عام ‪ ،1920‬االتفاقيات التي تم التفاوض‬
‫عليها خالل الحرب‪ ،‬وألغى العمل اإلضافي‪ ،‬وأذن بتخفيضات في األجور بلغ مجموعها ‪60‬مليون‬
‫دوالر ‪ .‬لم تتأثر نقابات السكك الحديدية بهذه التخفيضات في األجور ووافق عمال صيانة الطرق على‬
‫التحكيم‪ ،‬لكن أعضاء النقابات الحرفية الستة كانوا غاضبين من استسالم مجلس اإلدارة الواضح‬
‫لضغوط أصحاب العمل ‪.‬تمت الدعوة إلى اإلضراب وفي ‪1‬يوليو ‪ ،1922‬خرج أصحاب المتاجر بقوة‬
‫‪400‬ألف‪.‬‬
‫منذ البداية وجدوا أن األمر صعب ‪.‬مع إعالن مجلس العمل بالسكك الحديدية أن تحركهم هو إضراب‬
‫خارج عن القانون‪ ،‬وتعاون األخويات مع اإلدارة للحفاظ على تشغيل القطارات‪ ،‬وتحذير الرئيس‬
‫هاردينج من أي تدخل في رسائل البريد‪ ،‬كان التعاطف العام تقري ًبا ضد أصحاب المتاجر ‪.‬ربما كان‬
‫الموقف الشعبي أكثر وضو ًحا في حقيقة أنه من بين مفسدي اإلضراب الذين تم إحضارهم تحت حماية‬
‫الحراس المنتدبين والميليشيات ‪ ،‬كان هناك مئات من طالب الجامعات ‪.‬ولكن هذا ليس كل شيء ‪.‬وفي‬
‫األول من سبتمبر‪/‬أيلول‪ ،‬عندما بدا اإلضراب على وشك االنهيار على أي حال‪ ،‬تدخلت الحكومة وأطلقت‬
‫رصاصة الرحمة ‪.‬حصل المدعي العام دوجيرتي من القاضي جيمس ويلكرسون‪ ،‬من محكمة المقاطعة‬
‫الفيدرالية في شيكاغو‪ ،‬على ما يوصف غالبًا بأنه "األمر األكثر شموالً الذي تم إصداره على اإلطالق‬
‫في نزاع عمالي‪".‬‬
‫وحظر االعتصام بجميع أنواعه‪ ،‬واجتماعات اإلضراب‪ ،‬والبيانات للجمهور‪ ،‬وإنفاق أموال النقابة‬
‫لمواصلة اإلضراب‪ ،‬واستخدام أي وسيلة اتصال من قبل القادة لتوجيهه ‪.‬ولم يُسمح ألحد بمساعدة‬
‫المضربين "بالرسائل أو البرقيات أو الهواتف أو‬
‫‪240‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫الكالم الشفهي "‪...‬أو إقناع أي شخص بالتوقف عن العمل عن طريق السخرية أو المعاهدات أو الحجج‬
‫أو اإلقناع أو المكافآت أو غير ذلك ‪.‬كان دوجيرتي يميل إلى كسر اإلضراب بأي ثمن ‪.‬وقال للصحافة ‪:‬‬
‫" طالما أستطيع التحدث باسم حكومة الواليات المتحدة‪ ،‬سأستخدم سلطة الحكومة التي تقع تحت‬
‫سيطرتي لمنع النقابات العمالية في البالد من تدمير المحل المفتوح‪.‬‬
‫تسببت هذه الخطوة الجذرية في جدل حاد في جميع أنحاء البالد ‪.‬ولم يقتصر األمر على الصحف‬
‫المتعاطفة مع حزب العمال‪ ،‬بل هاجمت صحف أخرى كثيرة‪ ،‬ربما متأثرة باعتبارات حزبية في كثير من‬
‫إنكارا لحرية التعبير ‪.‬أعلنت صحيفة‬
‫ً‬ ‫الحاالت‪ ،‬األمر الزجري باعتباره غير مبرر على اإلطالق ويشكل‬
‫نيويورك إيفيننج بوست أنها كانت تراقب الهزيمة الوشيكة لإلضراب بإحساس أنها كانت مستحقة‪ ،‬لكن‬
‫هذه كانت بمثابة "ضربة تحت الحزام ‪".‬أشارت صحيفة نيوارك نيوز إلى األمر القضائي باعتباره‬
‫"قانون الكمامة "وانتقدته صحيفة نيويورك وورلد بشدة ووصفته بأنه "خطوة خرقاء ‪".‬ومن ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬حاولت الصحف الجمهورية المحافظة الدفاع عن سياسة اإلدارة ‪.‬اتفقت كل من نيويورك‬
‫تريبيون‪ ،‬وفيالدلفيا إنكويرر‪ ،‬وبوسطن ترانسكريبت ‪ ،‬وشيكاغو ديلي نيوز على أنه مهما كان نطاق‬
‫األمر القضائي‪ ،‬فإنه لم يكن أوسع من خروج الباعة على القانون في التهديد بشل جميع وسائل النقل‬
‫بالسكك الحديدية ‪.‬الكلمة األخيرة من جانب أعداء العمال ربما قالها سجل المصنعين ‪.‬وأعلن أن األمر‬
‫الزجري يأمر العمال فقط "بالتوقف عن ممارسة الزنا مع الفوضى‪".‬‬
‫بالنسبة لعمال السكك الحديدية‪ ،‬كان التدخل الحكومي هو القشة التي قصمت ظهر البعير ‪.‬لقد‬
‫انتهزوا بفارغ الصبر اقترا ًحا قدمه الرئيس ويالرد من بالتي مور وأوهايو إلنشاء مستوطنات منفصلة‬
‫ذات طرق فردية وتوصلوا إلى اتفاق بأفضل ما في وسعهم ‪.‬وقد مكنهم الموقف األكثر ودية لبعض‬
‫الغرامات من االحتفاظ بتنظيمهم لنحو ‪225000‬عامل‪ ،‬ولكن تم إجبار ‪175000‬منهم على االنضمام‬
‫إلى نقابات الشركة ‪.‬لقد أدى التدخل الحكومي إلى تأرجح الموازين لصالح الموظفين وتعرض عمال‬
‫السكك الحديدية لضربة كارثية‪.‬‬
‫استمرت الحركة العمالية بأكملها في التراجع خالل فترة الكساد ‪ ،1921-1922‬وتحت التأثير‬
‫المحبط للبطالة‪ ،‬لم تكن البطالة قادرة على حشد القوة للدفاع عن نفسها‪ ،‬حيث اكتسب الهجوم المضاد‬
‫الرأسمالي‪ ،‬الذي عززه قانون األمر الزجري‪ ،‬زخ ًما ثابتًا ‪.‬تم سحق بعض النقابات بالكامل ‪.‬وتكبد‬
‫آخرون خسائر فادحة ‪.‬لقد خرج حزب العمال من الحرب بشكل منظم ومنظم بقوة‪.‬‬
‫‪The First, World War—and After‬‬ ‫‪241‬‬
‫توقفت عن توسيع مكاسبها‪ ،‬وواثقة من أنه مع الحماية الحكومية الصديقة ستكون قادرة على رفع‬
‫مستوى المعيشة لجميع العمال األمريكيين ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬بين عامي ‪1920‬و‪ ،1923‬انخفض عدد أعضاء‬
‫النقابات ككل من رقم الذروة الذي يزيد قليالً عن ‪5.000.000‬إلى حوالي ‪3.500.000.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫‪ :XIV‬العمل في التراجع‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫السنوات السبع من عام ‪1922‬إلى عام ‪1929‬بمثابة فترة توسع اإلنتاج‪ ،‬وزيادة تركيز القوة‬
‫االقتصادية‪ ،‬وارتفاع الدخل القومي‪ ،‬والتراجع المحافظ إلى مبادئ عدم التدخل التي حكمت اقتصادنا في‬
‫القرن التاسع عشر ‪.‬وهيمنت األعمال التجارية إلى حد كبير على الحكومة ولم تحدث أي تقدمات جديدة‬
‫على طريق اإلصالح االجتماعي واالقتصادي الذي رسمه التقدميون في فترة ما قبل الحرب ‪.‬بدا أن‬
‫الرخاء وارتفاع سوق األوراق المالية‪ ،‬والمضاربة‪ ،‬ووجود سيارتين في كل مرآب‪ ،‬هو كل ما يهم ‪.‬لقد‬
‫تقبل الشعب الراضي عن نفسه بسعادة في عام ‪1928‬تصريح الرئيس هوفر الواثق بأننا في أمريكا‬
‫أصبحنا أقرب إلى االنتصار النهائي على الفقر من أي وقت مضى في تاريخ أي بلد‪.‬‬
‫وكانت فترة عشرينيات القرن العشرين أيضا ً "عصر الهراء الرائع ‪".‬كان جيل الشباب متمردا ‪.‬‬
‫ازدهرت الحانات وتجار الزجاجات والعصابات بقوة‪ ،‬وزادت اإلثارة في الصحف من انتباه الجمهور‬
‫إلى المعارك التي تحصل على جوائز بماليين الدوالرات‪ ،‬وسباقات الماراثون لمسافات طويلة‪،‬‬
‫ومحاكمة قرد سكوبس‪ ،‬ورحلة ليندبرج عبر المحيط األطلسي‪ ،‬ومسابقات جمال االستحمام ‪. . . .‬كان‬
‫ومثيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المشهد األمريكي حيويًا وملونًا‬
‫لعب العمال غير الزراعيين البالغ عددهم حوالي ثالثين مليونًا دورهم الكامل في التنمية الوطنية‬
‫وشاركوا بشكل عام في الرخاء المتزايد ‪.‬ارتفعت األجور‪ ،‬وعلى الرغم من أن وجود سيارتين في كل‬
‫مرآب ربما ظل حل ًما بعيد المنال‪ ،‬إال أنه كان هناك المزيد من الفائض في ميزانية العامل المتوسط بعد‬
‫دفع ثمن الطعام والمأوى والملبس أكثر من أي وقت مضى في كل تاريخنا ‪.‬انجرف األجيرون جن ًبا إلى‬
‫جنب مع عامة الناس في عربدة الشراء بالتقسيط للسيارات والمكانس الكهربائية والغساالت‬
‫دوالرا والذي كان‬
‫ً‬ ‫والثالجات الكهربائية ‪.‬ودفعوا حصتهم من المبلغ الرائع البالغ ‪10.000.000.090‬‬
‫يُنفق سنو ًيا على التسلية والترفيه ‪.‬حتى أنهم قاموا بإصدار منشوراتهم العرضية في سوق األوراق‬
‫المالية‪ ،‬مع بث ويليام جرين على برنامج ‪"The 242‬‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪243‬‬
‫"العامل وأمواله "لشركة هالسي وستيوارت آند كومباني االستثمارية في وول ستريت‪.‬‬
‫أندريه سيجفريد ‪ ،‬زائر فرنسي متحمس‪ ،‬في عام « ‪1927:‬يحصل العامل على أجر أفضل في أمريكا‬
‫من أي مكان آخر في العالم‪ ،‬كما أن مستوى معيشته أعلى بشكل هائل ‪.‬وهذا االختالف‪ ،‬الذي كان‬
‫ملحو ًظا قبل الحرب‪ ،‬برز بشكل كبير منذ ذلك الحين‪ ،‬وهو اآلن التناقض الرئيسي بين القارتين القديمة‬
‫والجديدة‪. . . ".‬‬
‫وبالنظر إلى المشهد األمريكي ككل‪ ،‬في الواقع‪ ،‬ظهر المزيد والمزيد من العاملين بأجر في عملية‬
‫استيعابهم في ما كان يسمى عادة بالطبقة الوسطى ‪.‬مع أن األجور المرتفعة لم تجعل وسائل الراحة‬
‫والكماليات الممكنة حتى اآلن بعيدة عن متناولهم فحسب‪ ،‬بل إن ساعات العمل األقصر توفر أوقات‬
‫فراغ جديدة للتمتع بجوانب أخرى من الحياة‪ ،‬لم يعد العمال مصنفين في فئة متميزة كما كانوا من قبل ‪.‬‬
‫أصبحت وسائل الترفيه والتسلية الخاصة بهم تتوافق بشكل متزايد مع النمط العام على الصعيد‬
‫الوطني ‪.‬السيارات التي تزدحم الطرق السريعة في البالد كل يوم أحد ؛ الحضور األسبوعي الضخم في‬
‫دور السينما المتحركة؛ كان الجمهور المتزايد لظاهرة البث اإلذاعي الجديدة كلها مظاهر لهذا النمو‬
‫لمجتمع أكثر اتساقًا ‪ .‬إذا لم يدفع موظفو المصنع ثمن مالبسهم بنفس القدر الذي يدفعه الموظفون في‬
‫الفئات األعلى‪ ،‬فإنهم كانوا يرتدون نفس الموديالت ‪.‬ذهب أبناء وبنات الطبقة العاملة إلى الجامعات‬
‫الحكومية الكبرى لتحقيق حلم التعليم المتساوي الذي دام قرنًا من الزمان ‪.‬وبعشرات الطرق‪ ،‬كان‬
‫العمال يسيطرون على عادات وأعراف وتطلعات الناس بشكل عام ‪.‬وبدا أن الديمقراطية االجتماعية قد‬
‫اكتسبت صالحية جديدة باعتبارها طريقة الحياة األمريكية‪.‬‬
‫وقد ساعد في هذه العملية تقليص الهجرة ‪.‬كان وضع العمال الصناعيين يعاني تقليديًا من االكتئاب‬
‫بسبب التدفق السنوي للمهاجرين الجهلة والمفلسين وغير المهرة ‪.‬إن تبني نظام الحصص في منتصف‬
‫عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬والذي أدى إلى خفض العدد السنوي للوافدين األجانب من نحو خمسة‬
‫ماليين إلى ‪150‬ألفا ً فقط‪ ،‬كان له تأثير هائل‪ ،‬ليس فقط على المستوى االقتصادي‪ ،‬بل وأيضا ً على‬
‫المستوى االجتماعي على وضع العامل ‪.‬لقد تم فتح مسارات جديدة للتقدم من خالل هذا التقليص من‬
‫فائض العمل التقليدي‪ ،‬وليس بالضرورة مسارات تؤدي من الطبقة العاملة بأجر إلى طبقة أصحاب‬
‫العمل‪ ،‬ولكنها مع ذلك واعدة بمكانة أكثر ضمانًا في مجتمعنا المتطور‪.‬‬
‫‪244‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فقد تم التغاضي إلى حد كبير في عشرينيات القرن العشرين عن استمرار التفاوت‬
‫الصارخ في الطريقة التي تم بها توزيع هذه المكاسب المادية واالجتماعية بين العمال‪ ،‬تما ًما كما كان‬
‫الحال في التوزيع العام للرخاء في البالد ككل ‪.‬ال يبدو أن العديد من قطاعات العمل قد تمت دعوتها إلى‬
‫وليمة الوفرة التي وفرها التوسع االقتصادي‪ ،‬وحتى تلك المجموعات من العمال الذين استفادوا أكثر‬
‫من االتجاه التصاعدي لألجور‪ ،‬ال يزال بإمكانهم الشعور بنصيبهم من جوائز الرخاء لم تكن بأي حال‬
‫من األحوال متناسبة مع األرباح األكبر بكثير التي تحققها األعمال التجارية‪.‬‬
‫واألهم من ذلك‪ ،‬أن البطالة لم ت ُستبعد بأي حال من األحوال من األرض‪ ،‬بل كانت مرتفعة بشكل غير‬
‫عادي في بعض المناطق ‪.‬أدى التقدم التكنولوجي‪ ،‬الذي كان يمكّن الصناعة باستمرار من إنتاج المزيد‬
‫من السلع بعدد أقل من العمال‪ ،‬إلى انخفاض في قوائم أجور المصانع في العديد من محاوالت الصناعة‬
‫األساسية ‪ .‬إن اآلالت الجديدة وأجهزة توفير العمالة في بناء الطرق والمنسوجات وصناعة المطاط‬
‫والمعدات الكهربائية‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر ‪ ،‬تخفض العمالة الالزمة إلنتاج معين من خمسة‬
‫وعشرين إلى ستين في المائة ‪ .‬تشير التقديرات إلى أنه في التصنيع والسكك الحديدية وتعدين الفحم‪،‬‬
‫كان هناك حاجة إلى عمل أقل بمقدار ‪3.272.000‬عامل للحفاظ على معدالت اإلنتاج القديمة‪ ،‬وأن‬
‫النشاط االقتصادي المتزايد يتطلب إضافة ‪2.269.000‬عامل فقط ‪.‬وقد أدى هذا إلى انخفاض صاف في‬
‫العمالة في هذه الصناعات بأكثر من مليون شخص ‪.‬ساعدت الفرص الجديدة في التجارة وصناعات‬
‫الخدمات على تعويض هذا الوضع‪ ،‬ولكن مع ذلك كانت هناك بطالة مستمرة طوال عشرينيات القرن‬
‫العشرين والتي قُدرت بأنها تراوحت من حيث سنوات العمل من عشرة إلى ثالثة عشر في المائة من‬
‫إجمالي المعروض من العمالة ‪.‬ربما كان ما ال يقل عن مليوني شخص عاطلين عن العمل حتى في عام‬
‫‪1928.‬‬
‫إن انعدام أمان العامل الصناعي فيما يتعلق بوظيفته والذي نتج عن مثل هذه الظروف ال يمكن‬
‫تعويضه بالكامل من خالل األجور المرتفعة أثناء وجوده في العمل ‪.‬في دراستهم لميدلتاون‪ ،‬وجد‬
‫الزوجان ليندز أن الخوف من االستغناء عن العمل هو هاجس دائم بين عائالت الطبقة العاملة التي‬
‫مزدهرا ‪.‬كانت الوظيفة هي الشيء الذي كانوا‬‫ً‬ ‫أجروا مقابالت معها على الرغم من أن المجتمع كان‬
‫مهتمين به أكثر بكثير من األجر أو ساعات العمل ‪.‬ومهما كانت اإلحصائيات العامة للتوظيف‪ ،‬فإن الفرد‬
‫العاطل عن العمل يواجه االحتمال الكئيب دائ ًما المتمثل في محاولة العثور على شيء آخر للقيام به قبل‬
‫أن تتالشى مدخراته الضئيلة تما ًما‪.‬‬
‫أما عن وضع العمالة المنظمة ـ بدالً من وضع العاملين بأجر‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪245‬‬
‫عموما ً ـ فقد خلفت الظروف في عشرينيات القرن العشرين تأثيراً متناقضا ً ‪.‬وفي تناقض صارخ مع ما‬
‫كان سجلها في كل فترة سابقة من االزدهار الوطني‪ ،‬فقدت الحركة العمالية األرض ‪.‬ولم يقتصر األمر‬
‫على عدم إحراز المزيد من التقدم في تنظيم العمال غير المهرة في صناعات اإلنتاج الضخم‪ ،‬بل إن‬
‫النقابات العمالية القائمة انخفضت بشكل مطرد في العضوية ‪.‬لقد رأينا أنه تحت تأثير الكساد في عام‬
‫‪ ،1921‬انخفض إجمالي االلتحاق بالنقابات األمريكية من أكثر من ‪5‬ماليين إلى حوالي ‪3600000.‬‬
‫لكن األمر األكثر أهمية هو الفشل خالل السنوات التالية في تعويض أي من هذه الخسائر ‪.‬وفي ذروة‬
‫االزدهار عام ‪ ،1929‬بلغ إجمالي أعضاء النقابات ‪3,443,000‬عضو‪ ،‬وهو أقل مما كان عليه في أي‬
‫عام منذ عام ‪1917.‬‬
‫وفي ظل األوقات الطيبة المستمرة وارتفاع أجور أولئك الذين لديهم عمل بشكل عام‪ ،‬ال يبدو أن هذا‬
‫مهم ‪.‬في حين أن العمل في مجال األمن ربما يكون قد ردع بعض الموظفين من االنضمام إلى النقابات‬
‫في مواجهة معارضة أصحاب العمل‪ ،‬إال أن الكثير منهم شعروا على ما يبدو أن النقابات لم تعد‬
‫ضرورية كما كانوا يعتقدون في السابق ‪ .‬ما هي الضربات الربحية أو غيرها من التحريض على‬
‫المساومة الجماعية عندما كان غالف األجور يزداد سمنة بشكل تلقائي وحياة أكثر وفرة تبدو مضمونة‬
‫من خالل نهجنا السريع نحو االنتصار النهائي على الفقر؟‬
‫لم يكن من الممكن للعمال أن يتنبأوا‪ ،‬وسط األجواء الذهبية في هذه األيام‪ ،‬بأن كسادًا آخر يلوح في‬
‫تدميرا وأطول أمدًا حتى من الكساد الذي حدث في ثالثينيات أو سبعينيات أو‬ ‫ً‬ ‫األفق‪ ،‬وهو كساد أكثر‬
‫ً‬
‫تسعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬عندما كان خمسة عشر مليونا عاجزين ‪.‬سيجد العمال أنفسهم ملقاة في‬
‫الشوارع‪ ،‬يبيعون التفاح في أكشاك البيع‪ ،‬ويصطفون أمام مطابخ الحساء‪ ،‬ويزدحمون في طوابير‬
‫الخبز ‪.‬ولكن ظاللها المتجمعة سرعان ما نجحت في إطفاء "التوهج الذهبي "الذي ساد في عشرينيات‬
‫القرن العشرين‪ ،‬وكشفت على نحو مذهل عن الضعف المتأصل في موقف العمال ‪.‬وبينما كانت البالد‬
‫بأكملها تعاني بشدة من االنهيار المفاجئ للنظام االقتصادي الجديد‪ ،‬كان تأثير الكساد مرة أخرى يقع‬
‫بشكل كبير على أصحاب األجور‪.‬‬

‫وجد االنتعاش االقتصادي الذي أعقب االنهيار القصير في عام ‪1921‬أن الصناعة عازمة على منع‬
‫العمالة المنظمة من استعادة المكانة التي بلغتها خالل الحرب ‪.‬تم تكثيف الحملة المناهضة للنقابات التي‬
‫تم إحياؤها في عام ‪ ،1919‬وتم التركيز الجديد على إبقاء‬
‫‪246‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫المتجر مفتو ًحا ‪.‬ومن الناحية النظرية‪ ،‬ال يزال المحل المفتوح ال يعني شيئًا أكثر من حق صاحب العمل‬
‫في توظيف من يختاره‪ ،‬بغض النظر عن العضوية أو عدم العضوية في النقابة ‪.‬ولكن كما حدث في‬
‫أوائل القرن العشرين‪ ،‬لم يكن ذلك يعني في واقع األمر انتهاج سياسة يصبح بموجبها أعضاء النقابة‬
‫عرضة للتمييز بشكل شبه دائم فحسب‪ ،‬بل كان يعني رفض االعتراف بالنقابة حتى ولو كان أغلبية‬
‫الموظفين ينتمون إليها ‪.‬أي أن المتجر المفتوح أصبح أكثر من أي وقت مضى أسلوبًا معترفًا به إلنكار‬
‫عملية المفاوضة الجماعية برمتها في العالقات بين صاحب العمل والعامل‪.‬‬
‫ومن أجل تعزيز الحملة ضد النقابات‪ ،‬تم تشكيل جمعيات المتاجر المفتوحة في جميع أنحاء البالد في‬
‫عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬كما حدث خالل الفترات السابقة من الهجمات الصناعية المضادة ‪.‬تم إنشاء‬
‫خمسين مجموعة من أصحاب العمل في نيويورك‪ ،‬وثمانية عشر في ماساتشوستس‪ ،‬وعشرين في‬
‫كونيتي كت‪ ،‬وستة وأربعين في إلينوي‪ ،‬وسبعة عشر في أوهايو‪ ،‬وثالثة وعشرون في ميشيغان ‪.‬‬
‫ودعمت غرف التجارة المحلية‪ ،‬وجمعيات المصنعين‪ ،‬وتحالفات المواطنين الحملة بشكل أكبر‪ ،‬ووقفت‬
‫خلفها الرابطة الوطنية للمصنعين‪ ،‬والرابطة الوطنية لتجارة المعادن‪ ،‬ورابطة الحقوق الصناعية ‪.‬‬
‫وبإلهام نشأ من النزعة القومية المتصاعدة في سنوات ما بعد الحرب‪ ،‬أطلق مؤتمر لهذه الجمعيات‬
‫المختلفة‪ ،‬الذي انعقد في شيكاغو عام ‪ ،1921‬على المتجر المفتوح اسم "الخطة األمريكية "رسميًا ‪.‬‬
‫تم وضع القيم التقليدية للفردية القاسية في مواجهة المفاهيم الجماعية األجنبية التخريبية ‪.‬أعلن مؤيدو‬
‫الخطة األمريكية " ‪:‬على كل إنسان أن يعمل على خالصه الخاص ‪ ،‬وأال يقيد بأغالل التنظيم على‬
‫حساب نفسه‪".‬‬
‫كما تم االستفادة الكاملة من كل إشارة إلى القيادة النقابية الفاسدة واالبتزاز إلقناع كل من العمال‬
‫والجمهور بأنهم تعرضوا للخداع من خالل المزايا المفترضة للمفاوضة الجماعية ‪.‬وكان من الممكن‬
‫العثور على الفساد واالبتزاز في بعض النقابات أثناء األيام المحمومة في عشرينيات القرن العشرين ‪.‬‬
‫تم الكشف عن التواطؤ غير القانوني بين قادة النقابات وأصحاب العمل‪ ،‬واالبتزاز من قبل رؤساء‬
‫العمال‪ ،‬والكسب غير المشروع الصريح في تجارة البناء وصناعات الخدمات في مدن مثل نيويورك‬
‫وشيكاغو وسان فرانسيسكو ‪.‬في بعض الحاالت‪ ،‬شعر رجال العصابات بوجود فرصة لتحقيق ربح أكبر‬
‫من مجرد تهريب المخدرات ‪ ،‬فانتقلوا إلى النقابات واستولوا على أصحاب العمل والموظفين عن طريق‬
‫الترهيب والعنف ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هجوم المحافظين على النقابات العمالية لم يميز بين هذه‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪247‬‬
‫األمثلة العرضية للسياسات الفاسدة والمعادية للمجتمع والصورة الشاملة للقيادة المسؤولة في الغالبية‬
‫العظمى من النقابات ‪.‬عندما لم يتم تصوير القادة العماليين بشكل صارخ على أنهم بالشفة يخططون‬
‫للثورة‪ ،‬تم وصفهم بأنهم مفسدين عديمي الضمير‪ ،‬يستغلون أعضاء النقابات بكل طريقة ممكنة لبناء‬
‫سلطتهم وثرواتهم‪.‬‬
‫إدجرتون‪ ،‬رئيس حركة عدم االنحياز‪ ،‬أعلن ببالغة في عام ‪1925‬أن "معابد العمل الفخمة‪ ،‬التي‬
‫ترتفع قبابها الذهبية في بهاء مبهج في جميع أنحاء البالد‪ ،‬وتستخرج ماليين الدوالرات سنويًا من‬
‫جيوب يد الجشع المرصعة بالجواهر من األجراء الذين يتقاضون رواتب مربحة‪ ،‬يروون القصة‬
‫المؤسفة للعبودية التي لم يعرفها هذا البلد من قبل ‪.‬تم استدعاء أصحاب العمل في البالد للوفاء‬
‫بواجبهم "لكسر األغالل التي فرضت على معصمي العمال "وتحرير مستخدميهم من "القيادة الزائفة‬
‫للقراصنة الذين يتظاهرون تحت ستار صديق العمال‪". ".‬‬
‫ولم تكن الدعاية هي السالح الوحيد المستخدم في محاربة النقابات وتعزيز المتجر المفتوح ‪.‬استمر‬
‫العديد من أصحاب العمل في فرض عقود "الكلب األصفر "على الموظفين‪ ،‬وزرع جواسيس عماليين‬
‫في مصانعهم‪ ،‬وتبادل القوائم السوداء ألعضاء النقابات غير المرغوب فيهم‪ ،‬واتباع أكثر الممارسات‬
‫التمييزية علنًا في توظيف العمال ‪.‬لقد كانت تلك قصة قديمة من الترهيب واإلكراه‪ ،‬وعندما تطورت‬
‫االضطرابات على الرغم من كل هذه االحتياطات‪ ،‬غالبًا ما تم استخدام حراس أقوياء لضرب مثيري‬
‫الشغب بينما تم سحق الضربات األولية عن طريق جلب مفسدي اإلضراب تحت حماية السلطات‬
‫المحلية‪. .‬‬
‫ففي حقول الفحم‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬وجدت النقابات نفسها تتعرض لضغوط شديدة بسبب‬
‫االنقسامات والصراعات داخل صفوف العمال‪ ،‬مما جعلها معرضة بشدة لهجمات أصحاب العمل ‪.‬كان‬
‫الفحم صناعة مريضة‪ ،‬حيث فشل في المشاركة في الرخاء العام للبالد نتيجة للمنافسة من مصادر‬
‫جديدة للطاقة‪ ،‬وكان أصحاب المناجم مصممين بشكل مضاعف على مواجهة مشكلة خفض تكاليف‬
‫اإلنتاج عن طريق خفض العمالة ‪.‬لقد سعوا إلى تقويض اتفاقيات األجور الموقعة بالفعل مع عمال‬
‫المناجم‪ ،‬واألخطر من ذلك بالنسبة للنقابات‪ ،‬أنهم بدأوا في تحويل اإلنتاج من حقل البيتومين المركزي‬
‫إلى المناجم غير النقابية في واليات مثل وست فرجينيا وكنتاكي وتينيسي وأالباما حيث يمكنهم العمل‬
‫دون نقابات ‪.‬القيود على األجور وساعات العمل‪.‬‬
‫واجه عمال المناجم المتحدون معضلة معقدة‪.‬‬
‫‪248‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عندما اندلعت اإلضرابات في الحقول غير النقابية‪ ،‬كانت هناك مطالبات ملحة للمساعدة ‪.‬هل يجب على‬
‫النقابة أن تنتهك عقودها في حقل البيتومين المركزي بإعالن إضراب متعاطف‪ ،‬أم يجب أن تقف موقف‬
‫المتفرج بشكل سلبي وتسمح لألوضاع بالتدهور في المناجم غير النقابية مما يؤدي في النهاية إلى‬
‫تدهور الصناعة بأكملها؟ أصر جون إل لويس على الحفاظ على االتفاقيات التعاقدية ‪.‬ورفض المساعدة‬
‫لجميع اإلضرابات التي لم تأذن بها النقابة واقترح مواجهة مشكلة المناجم غير النقابية من خالل تنظيم‬
‫العمال في الجنوب ووضعهم تحت سيطرة منضبطة‪.‬‬
‫لقد فشل برنامجه ‪.‬خسر عمال المناجم المتحدون األرض بشكل مطرد في الحقول النقابية‪ ،‬على‬
‫الرغم من أنهم أبرموا المزيد من االتفاقيات مع المشغلين وحافظوا عليها‪ ،‬ولم يحرز التنظيم في‬
‫المناجم غير النقابية أي تقدم ‪.‬تم استقبال وكالء النقابة بطريقة تتعارض إلى حد ما مع حسن الضيافة‬
‫الجنوبية التقليدية ‪.‬لقد تم تغطيتهم بالقطران والريش‪ ،‬وتم اقتيادهم من مدن التعدين التي تسيطر عليها‬
‫الشركة على القضبان‪ ،‬وتعرضوا للضرب على أيدي حراس مسلحين‪ ،‬وفي بعض األحيان قُتلوا ‪.‬أدت‬
‫اإلضرابات المتزايدة والفوضى في بعض مجتمعات التعدين إلى حرب أهلية افتراضية مع سجل قبيح‬
‫من العنف وإطالق النار واالغتياالت‪.‬‬
‫استاءت العناصر األكثر تطر ًفا بين عمال المناجم المتحدين بمرارة من فشل لويس في الدعوة إلى‬
‫إضراب عام لدعم عمال المناجم غير النقابيين ‪.‬لقد ساعدوا في إثارة السخط ضد السياسة التي قيل إنها‬
‫تخون العمال غير المنظمين وتدمر النقابة نفسها ‪.‬كان هناك تمرد بين مساعديه وإضرابات خارجة عن‬
‫القانون حتى داخل صفوف النقابات ‪.‬عندما رد لويس بمهاجمة خصومه بعنف باعتبارهم شيوعيين‪،‬‬
‫وأصر على الخضوع الكامل لسلطته وطرد القادة المحليين الذين اعتبروا أنهم وافقوا على إضرابات‬
‫غير مصرح بها‪ ،‬كان هنا ك استياء واسع النطاق بين القواعد والملف الذين رأوا في احتفاظه بالعقود‬
‫مجرد استسالم لسلطته ‪.‬العاملين المناهضين للنقابات‪.‬‬
‫تمكن لويس خالل هذه األيام الصعبة من االحتفاظ بالسيطرة على النقابة‪ ،‬لكنها كانت منقسمة بشدة‬
‫ولم تكن في وضع يمكنها من الحفاظ على النفوذ الذي كانت تمارسه سابقًا في حقول األلغام ‪.‬كان‬
‫المشغلون قادرين على تقليص المكاسب التي تم تحقيقها من خالل اإلضرابات الوطنية السابقة‪،‬‬
‫وانتشر اإلحباط الذي ميز المناجم غير النقابية إلى المناطق المنظمة في حقل البيتومين المركزي ‪.‬في‬
‫عام ‪ ،1922‬وصل عدد عمال المناجم المتحدين إلى ‪ ،500.000‬أي حوالي سبعين بالمائة من‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪249‬‬
‫جميع عمال مناجم الفحم ‪.‬ربما تتجلى قصة التراجع بشكل واضح في العضوية التي تقلصت بعد عشر‬
‫سنوات إلى ‪150‬ألف عضو‪،‬‬
‫وفي سعيهم لمكافحة الحملة المناهضة للنقابات التي قام بها أصحاب العمل‪ ،‬سواء في حقول الفحم‬
‫أو في أي مكان آخر‪ ،‬لم يكن بوسع العمال أن يبحثوا عن أي مساعدة أو دعم من الحكومة أو المحاكم ‪.‬‬
‫كانت صالحية عقود الكالب الصفراء‪ ،‬التي تم تطبيقها على نطاق واسع في مناجم الفحم الجنوبية‪ ،‬ال‬
‫تزال مدعومة؛ لم يكن هناك تعويض قانوني عن التمييز ضد أعضاء النقابات‪ ،‬وأبطلت قرارات المحاكم‬
‫المتعاقبة تما ًما الضمانات المفترضة في قانون كاليتون ضد قانون األوامر القضائية‪.‬‬
‫في أوائل عام ‪ ،1921‬ذكرت المحكمة العليا في قضية مطبعة دوبلكس ضد ديرينج أنه ال يوجد في‬
‫القانون ما يضفي الشرعية على المقاطعة الثانوية أو حماية النقابات من األوامر القضائية التي قد يتم‬
‫رفعها ضدهم بسبب التآمر في تقييد التجارة ‪.‬في وقت الحق من نفس العام‪ ،‬في قضية تروكس ضد‬
‫كوريجان البارزة‪ ،‬تم القضاء على أي أمل في الحصول على إعانة قانونية للعمال بشكل أكثر فعالية ‪.‬‬
‫أصدرت والية أريزونا قانو ًنا يسعى إلى إلغاء األوامر القضائية في النزاعات العمالية‪ ،‬وأعلنت المحكمة‬
‫العليا في الواقع أن هذا القانون غير دستوري ‪.‬عند منع صاحب العمل من الحصول على أمر قضائي‪،‬‬
‫صدر مرسوم‪ ،‬حيث صادرت الدولة وسائل تأمين الحماية له وبالتالي حرمته من الممتلكات دون اتباع‬
‫اإلجراءات القانونية الواجبة ‪.‬ومع هذا التشجيع‪ ،‬لجأ أصحاب العمل إلى تقاطعات الطرق بشكل متكرر‬
‫أكثر مما كانوا عليه في األيام التي سبقت إقرار قانون كاليتون ‪.‬في عام ‪ ،1928‬قدم االتحاد األمريكي‬
‫صا تم منحهم من قبل المحاكم الفيدرالية أو محاكم الواليات في العقد‬ ‫للعمل قائمة تضم ‪389‬شخ ً‬
‫السابق ‪ ،‬ومن الواضح أن هذا كان بعيدًا عن االكتمال بسبب العدد الكبير غير المسجل في المحاكم‬
‫األدنى‪.‬‬
‫وربما كان القرار األكثر كشفا ً بين جميع قرارات المحكمة في هذه الفترة هو ما حدث في قضية‬
‫آدكينز ضد مستشفى األطفال التي صدرت في عام ‪1923.‬وبإبطال قانون الحد األدنى لألجور باعتباره‬
‫انتهاكا ً للضمانات الدستورية لحرية التعاقد‪ ،‬فقد وضع عالمة بارزة على ذلك ‪.‬وهو انقالب مفاجئ‬
‫لالتجاه السابق نحو الحفاظ على مثل هذا التشريع ‪ ،‬لكنه كان أكثر أهمية بسبب إعادة التأكيد على‬
‫المفهوم القديم القائل بأن العمل كان سلعة ‪.‬وبينما أقرت المحكمة العليا "الحق األخالقي لكل عامل‪،‬‬
‫رجالً كان أو امرأة‪ ،‬في الحصول على أجر معيشي"‪ ،‬أعلنت أن صاحب العمل غير ملزم بتقديم مثل هذا‬
‫األجر‪ ،‬وأنه ال يوجد أي مبرر للدولة للسعي إلى تحديد هذا األجر عليه بالتشريع ‪.‬بما أنه من حيث المبدأ‬
‫"ال يمكن أن يكون هناك فرق بين‬
‫‪250‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫حالة بيع العمالة وحالة بيع البضائع" ‪ ،‬قالت المحكمة‪ ،‬فإن أي محاولة إلجبار صاحب العمل على دفع‬
‫أجر محدد "من الواضح جدًا أنها نتاج قوة تعسفية عارية وأنه ال يمكن السماح لها باالمتثال لدستور‬
‫الواليات المتحدة‪”.‬‬
‫حتى رئيس المحكمة العليا تافت " ‪-‬قاضي األمر القضائي ‪" -‬اعترض على هذا االستنتاج وأشار‬
‫إلى أن الموظفين األفراد لم يكونوا على مستوى المساواة في التعاقد مع أصحاب العمل وكانوا‬
‫"عرضة بشكل خاص لتجاوزات صاحب العمل القاسي والجشع ‪".‬كما اعترض القاضي المساعد‬
‫هولمز أيضًا‪ ،‬مع انتقادات حادة لدعم المحكمة األحادي الجانب لـ "مبدأ حرية العقد‪".‬‬
‫على الرغم من أن كالً من الحكومة والمحاكم اعترفت نظريًا برغبة النقابات العمالية‪ ،‬حتى أن‬
‫الرئيس هاردينغ أعلن أن حق العمال في التنظيم "ليس أقل مطلقًا "من حق اإلدارة ورأس المال‪ ،‬إال‬
‫أنهم كانوا يقيدون باستمرار النشاط الذي تشكلت النقابات من أجله ‪. .‬وكان االستثناء الوحيد لمثل هذه‬
‫السياسات القمعية خالل عشرينيات القرن العشرين هو إقرار قانون العمل في السكك الحديدية لعام‬
‫‪1926‬والموافقة عليه ‪.‬وقد نص هذا اإلجراء على تشكيل نقابات بين عمال السكك الحديدية "دون‬
‫تدخل أو تأثير أو إكراه "‪ ،‬وإنشاء آلية خاصة ‪.‬لتسوية كافة المنازعات العمالية بالسكك الحديدية ‪.‬وفي‬
‫تأييد هذا القانون‪ ،‬أعلنت المحكمة العليا أن شرعية العمل الجماعي من جانب الموظفين ستكون‬
‫" مستهزئة إذا أصبح التمثيل عديم الجدوى من خالل التدخل في حرية االختيار ‪".‬ولكن الحقوق التي‬
‫حظي بها عمال السكك الحديدية لم تمتد إلى فئات أخرى من الموظفين حتى ثالثينيات القرن العشرين‪.‬‬

‫وفي مواجهة القيود القانونية المفروضة على النشاط النقابي وقرارات المحاكم المعاكسة‪ ،‬بدأت‬
‫العمالة المنظمة تشعر مرة أخرى‪ ،‬كما شعرت عندما قدمت "مشروع قانون المظالم "في عام ‪،1906‬‬
‫بضرورة ممارسة المزيد من الضغط السياسي المباشر إذا أرادت الفوز ‪.‬أي حرية عمل في مكافحة‬
‫حملة أصحاب العمل المناهضة للنقابات ‪.‬إن الدافع نحو إنشاء حزب عمالي‪ ،‬والذي تطور ألول مرة في‬
‫عام ‪1919‬عندما تم وضع "ميثاق حقوق العمال"‪ ،‬اكتسب قوة متزايدة مع الكشف عن موقف‬
‫قادرا تما ًما على مقاومة الضغط من أجل نوع من العمل‬
‫المحكمة العليا ‪.‬حتى ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬لم يكن ً‬
‫السياسي الموحد‪.‬‬
‫وصل هذا التحريض إلى ذروته ألول مرة في عام ‪1922‬عندما‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪251‬‬
‫شكل اجتماع في شيكاغو ضم حوالي ‪128‬مندوبًا من مختلف المجموعات الزراعية والعمالية وغيرها‬
‫من المجموعات الليبرالية مؤتمر العمل السياسي التقدمي ‪.‬كان ويليام جونستون من الرابطة الدولية‬
‫للميكانيكيين القوية شخصية بارزة في هذه الحركة ‪.‬وقد دعمته أخويات السكك الحديدية بقوة‪ ،‬بعد أن‬
‫تأثرت بالقيود التي فرضها مجلس العمل القديم للسكك الحديدية وإحياء قانون اإلنذارات الزجرية‪،‬‬
‫وجاء الدعم أيضًا من ثمانية وعشرين اتحادًا وطن ًيا‪ ،‬وثمانية اتحادات عمالية في الواليات‪ ،‬والعديد من‬
‫مزارعي الغرب األوسط ‪.‬األحزاب والرابطة النقابية النسائية واالشتراكيين ‪.‬وبعد ذلك بعامين‪ ،‬عندما‬
‫رشح كل من الجمهوريين والديمقراطيين مرشحين محافظين للغاية‪ ،‬كالفين كوليدج وجون دبليو‬
‫ديفيس‪ ،‬عرض هؤالء التقدميون ترشي ًحا مستقالً للسيناتور ال فوليت من والية ويسكونسن ‪.‬بشرط‬
‫عدم القيام بأي محاولة لترشيح مرشحين لمناصب أخرى غير الرئاسة ونائب الرئيس (يتم منح‬
‫السيناتور ويلر من مونتانا الترشيح األخير)‪ ،‬قبل ال فوليت هذا االقتراح ودخل مؤتمر العمل السياسي‬
‫التقدمي رسم ًيا عام ‪1924.‬حملة‪.‬‬
‫وكان هذا البرنامج‪ ،‬الذي أعلن أن القضية الرئيسية المطروحة أمام البالد هي سيطرة االحتكار‬
‫الخاص على الحكومة والصناعة‪ ،‬بمثابة ترحيل للمبادئ التقدمية لسنوات ما قبل الحرب ‪.‬ودعا إلى‬
‫الملكية العامة للطاقة المائية في البالد والسكك الحديدية‪ ،‬والحفاظ على الموارد الطبيعية‪ ،‬ومساعدة‬
‫المزارعين‪ ،‬وتخفيض الضرائب على الدخول المعتدلة‪ ،‬ومراجعة التعريفة الجمركية بالخفض‪،‬‬
‫وتشريعات العمل العالجية ‪.‬وجاء في الوثيقة" ‪:‬إننا نؤيد إلغاء استخدام األوامر القضائية في نزاعات‬
‫العمل‪ ،‬ونعلن عن الحماية الكاملة لحق المزارعين والعمال الصناعيين في التنظيم‪ ،‬والمفاوضة‬
‫الجماعية من خالل ممثلين من اختيارهم‪ ،‬وإدارة المؤسسات التعاونية دون عوائق ‪".‬‬
‫كان اتحاد العمال األمريكي في البداية معارضًا لمؤتمر العمل السياسي التقدمي‪ ،‬ولكن عندما تجاهل‬
‫كال الحزبين الرئيسيين مطالب العمال‪ ،‬اتخذ خطوة غير مسبوقة بتأييد ترشيح ال فوليت ‪.‬وأعلن‬
‫المجلس التنفيذي أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي "استهانا برغبات العمال "وأنهما "في حالة‬
‫من اإلفالس األخالقي الذي يشكل تهديدا وخطراً على بالدنا ومؤسساتها ‪".‬على الرغم من هذا الهجوم‬
‫على األحزاب الرئيسية‪ ،‬إال أن ‪AF‬من ‪L.‬انضم إلى التقدميين‬
‫‪252‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫في عام ‪1924‬بحذر شديد ‪.‬وتماشيًا مع سياسته خالل المغازالت السياسية في سنوات ما قبل الحرب‪،‬‬
‫حاول جومبرز توضيح أن االتحاد الفيدرالي لم يقدم أي التزامات باستثناء دعم ال فوليت باعتباره‬
‫"صديقًا للعمال "في هذه الحملة الفردية ولم يكن يؤيد أي تحالف ‪.‬طرف ثالث على هذا النحو ‪.‬ورغم‬
‫اعترافه بالحاجة إلى تشريع لتحرير العمل من القيود التي يمثلها قانون األوامر القضائية‪ ،‬فقد أكد من‬
‫جديد إيمانه بـ "التطوعية "بإعالنه "أننا ال نقبل الحكومة باعتبارها الحل لمشاكل الحياة‪".‬‬
‫وحتى مع هذه المؤهالت والتحفظات‪ ،‬رفض العديد من قادة ‪AF‬في ‪L.‬الموافقة على عمل المجلس‬
‫التنفيذي ‪.‬قدم جون إل لويس وويليام هاتشيسون‪ ،‬من النجارين‪ ،‬دعمهما لكوليدج‪ ،‬وجورج إل بيري‪،‬‬
‫من عمال الطباعة‪ ،‬في اللحظة األخيرة انتقلوا إلى معسكر جون دبليو ديفيس ‪.‬على الرغم من أن حزب‬
‫‪AF‬التابع لـ ‪L.‬قد ابتعد حتى اآلن عن سياسته التقليدية حيث أعلن بشكل علني عن مرشح رئاسي‬
‫أعسرا إلى حد ما ولم يتم جمع سوى ‪25000‬دوالر فقط لتمويل‬ ‫ً‬ ‫من حزب ثالث‪ ،‬إال أن دعمه كان‬
‫الحملة االنتخابية‪.‬‬
‫حصل ال فوليت على ما يقرب من خمسة ماليين صوت ‪-‬وهو مؤشر كبير على السخط الشعبي من‬
‫التيار المحافظ الجمهوري والديمقراطي ‪-‬لكنه فاز فقط بوالية ويسكونسن‪ ،‬مسقط رأسه ‪.‬لم يتم تسليم‬
‫تصويت العمال وتم تفسير فشل التقدميين على نطاق واسع على أنه فشل العمال ‪.‬كتب مراسل صحيفة‬
‫سياتل تايمز في واشنطن« ‪ :‬إن الحركة الراديكالية هذا العام تمثل المحاولة األولى من جانب العمل‬
‫المنظم‪ ،‬من خالل هيئاته اإلدارية‪ ،‬لتأمين عمل سياسي منفصل ‪.‬ويبدو من المرجح أن يؤدي الفشل‬
‫الجذري إلى إنهاء إمكانية تأييد العمال لبطاقة رئاسية لحزب ثالث لسنوات عديدة ‪.‬ذكرت صحيفة‬
‫نيويورك هيرالد تريبيون في تحليل نتائج االنتخابات أنه "لم يكن هناك شيء اسمه تصويت عمالي "‪،‬‬
‫ووافقت صحيفة واشنطن ستار على أن " العمال في هذا البلد لم ينضموا إلى التمرد ضد األحزاب‬
‫القائمة ‪".‬وبشكل أكثر إيجازا ً وعامية‪ ،‬ذكرت نشرة فيالدلفيا ببساطة أن "توغل حزب العمال في‬
‫السياسة كان فاشالً‪".‬‬
‫يبدو أن ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬قرأ نفس المعنى إلى حد كبير في االنتخابات ‪.‬وسرعان ما سحبت دعمها‬
‫من مؤتمر العمل السياسي التقدمي وأعادت تأكيد معارضتها لطرف ثالث ‪.‬انهارت الحركة بأكملها ‪.‬‬
‫وبينما استمر العمال في السنوات التالية في الضغط من أجل التخفيف من األوامر الزجرية‪ ،‬لم يتم القيام‬
‫بأي غزوات مباشرة أخرى في السياسة ‪.‬ومع انخفاض األصوات االشتراكية بشكل كبير‪،‬‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪253‬‬
‫بدا أصحاب األجور على استعداد لقبول‪ ،‬مثل بقية البالد‪ ،‬النمط السياسي المحافظ الذي استمر في تمييز‬
‫المشهد الوطني حتى ظهور الصفقة الجديدة‪.‬‬

‫بعد وقت قصير من هذه الحملة الفاشلة ‪-‬في ديسمبر ‪1924 -‬توفي الرجل الكبير في القوات‬
‫المسلحة ل‪ ،.‬صموئيل جومبرز‪ ،‬عن عمر يناهز الرابعة والسبعين ‪.‬وفي سنواته األخيرة‪ ،‬أصبح من‬
‫الصعب عليه مواصلة عمله ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال شيء سوى الموت يمكن أن يجعله يتخلى عن السلطة التي‬
‫احتفظ بها بشكل آمن منذ إنشاء االتحاد قبل أربعين عا ًما ‪.‬بدت سيطرته مهددة للحظات في عام ‪1921‬‬
‫عندما دخل لويس القوائم كمرشح رئاسي‪ ،‬لكن جومبرز أخمد هذا التمرد األولي كما فعل مع العديد من‬
‫اآلخرين ‪ .‬لقد كان الزعيم المعترف به للعمل المنظم ولم يكن هناك منافس حقيقي لتفوقه في هذا‬
‫المجال ‪.‬تعكس كل من النجاحات واإلخفاقات التي حققها ‪AF‬لـ ‪L.‬إلى حد كبير تطبيق الفلسفة‬
‫المحافظة والبراغماتية التي أيدها باستمرار‪.‬‬
‫حزن حزب العمال على وفاته وكذلك فعل مجتمع األعمال ‪.‬كانت المقاالت االفتتاحية في الصحف‬
‫بمثابة تعليق مثير لالهتمام حول مدى اكتساب سياساته المعتدلة الثقة وقبولها باعتبارها إحبا ًطا‬
‫لالتجاهات األكثر تطر ًفا من جانب عمال األمة ‪.‬قيل إن جومبرز قد دفع النقابات العمالية إلى مسار‬
‫مباشر وغير سياسي من خالل القوة المطلقة لشخصيته‪ ،‬وقد تم اإلشادة به عمو ًما لمحاولته المستمرة‬
‫سد الفجوة بين رأس المال والعمل ‪.‬وقد ُوصفت وفاته بأنها خسارة ألمريكا في المقام األول‪ ،‬ألنها‬
‫فتحت المجال أمام إمكانية حدوث انقسام داخل القوات المسلحة لـ ‪L.‬وهو ما قد يمكّن العناصر‬
‫المتطرفة من الوصول إلى السلطة‪.‬‬
‫وعندما وقع اختيار االتحاد لرئيسه الجديد على عاتق ويليام جرين‪ ،‬تنفس مجتمع األعمال‬
‫الصعداء ‪.‬ألن جرين أيضًا كان يؤيد النزعة المحافظة في سياسات العمل‪ ،‬ويبدو أن التأكيد على نحو‬
‫مضاعف من خالل بيان فوري للصحافة بأن “هدفه الثابت هو االلتزام بتلك المبادئ األساسية للنقابية‬
‫التي دافع عنها باقتدار السيد جومبرز ‪”. ".‬شعرت البالد على الفور أنه ليست هناك حاجة للقلق بشأن‬
‫االنحرافات االشتراكية المحتملة أو غيرها من انحرافات الطرف الثالث عن التركيز التلقائي التقليدي‬
‫لبرنامج " ‪L..‬العمل آمن تحت قيادته"‬
‫‪254‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ريتشموند تايمز ديسباتش في تعليق نموذجي على انتخاب جرين؛ "ليس لدى رأس المال ما يخشاه‪،‬‬
‫والجمهور محظوظ بوجوده كمتحدث باسم مجموعة مهمة للغاية من المواطنين‪".‬‬
‫ُولد جرين في كوشوكتون بوالية أوهايو عام ‪1873.‬ومثل العديد من قادة العمال‪ ،‬كان أمريك ًيا من‬
‫الجيل الثاني‪ ،‬وهو ابن لمهاجرين ويلزيين ‪ ،‬وقد تبع والده عندما كان صب ًيا إلى حفر الفحم في أوهايو ‪.‬‬
‫سا التحاد المنطقة الفرعية في عام ‪1906‬‬ ‫انضم إلى اتحاد عمال المناجم المتحدين‪ ،‬وتم اختياره رئي ً‬
‫وبدأ في الصعود التدريجي إلى المجالس العليا للعمل المنظم ‪.‬كزعيم لعمال المناجم في والية أوهايو‪ ،‬تم‬
‫إرساله إلى المجلس التشريعي للوالية كممثل لنقابة العمال‪ ،‬ثم تم انتخابه أمينًا لصندوق اتحاد عمال‬
‫المناجم المتحدين مكافأة له على خدماته المخلصة ‪.‬عندما قرر جومبرز في عام ‪1913‬أنه يجب تمثيل‬
‫عمال المناجم في المجلس التنفيذي لـ ‪AF‬في ‪ ،L.‬التفت إلى ‪Green‬وعينه نائ ًبا ثامنًا للرئيس ‪ً .‬‬
‫نظرا‬
‫ألن الموت واحدًا تلو اآلخر أطاح بكبار الضباط‪ ،‬ارتقى جرين ببطء في نطاقه إلى نائب الرئيس الثالث ‪.‬‬
‫من هذا المنصب‪ ،‬وبدعم من لويس‪ ،‬تم ترقيته إلى قمة ‪AF‬في رئاسة ‪L..‬‬
‫لقد ظهر في عام ‪1924‬ك شخصية غير مميزة إلى حد ما بدون الخصائص الدرامية القوية التي‬
‫درس في مدرسة األحد‬ ‫ميزت جومبرز وميتشل ولويس بطرق مختلفة ‪.‬كان رصي ًنا ورزينًا ‪-‬كان قد ّ‬
‫عندما كان شا ًبا وكان يأمل في األصل أن يتدرب للخدمة ‪-‬ولم يكن من األشخاص الذين يشربون البيرة‬
‫مع األوالد وفقًا لتقليد عائلة جومبرز ‪.‬كان إقباله على شرب المسكرات بمثابة تذكير لتيرينس‬
‫ً‬
‫اعتداال وأكثرهم تهذيبًا "ولم يكن شكله‬ ‫باودرلي ‪.‬وصفه وزير العمل بيركنز الحقًا بأنه "أكثر الرجال‬
‫الممتلئ ووجهه المستدير الخالي من الفكاهة وصوته الناعم وأسلوبه الهادئ بمثابة شخصية جذابة‬
‫نجارا عظي ًما‪ ،‬وينتمي إلى جماعة ‪Elks‬و ‪Odd Fellows‬والماسونيين‪ ،‬وقد‬ ‫ً‬ ‫للغاية ‪.‬لكن جرين كان‬
‫جعله أسلوبه اللطيف والودود وودوده العام يتمتع بشعبية كبيرة ‪.‬لقد كان يحظى أيضًا باالحترام‬
‫لنزاهته التي ال جدال فيها وتفانيه في العمل الجاد تجاه اهتمامات العمل النقابي‪.‬‬
‫في عام ‪ ، 1917‬أعلن جرين عن تأييده التام للنقابات الصناعية‪ ،‬نتيجة لتجربته الخاصة مع اتحاد‬
‫عمال المناجم‪ ،‬وكان هذا أحد أسباب الدعم الذي قدمه له لويس ‪.‬قال جرين« ‪:‬إن تنظيم الناس حسب‬
‫كماال‪ ،‬وتعاون أوثق ‪. ...‬لقد أصبح من الواضح أكثر‬ ‫ً‬ ‫بدال من الحرفة‪ ،‬يؤدي إلى تنظيم أكثر‬‫الصناعة ً‬
‫فأكثر أنه إذا أُجبر العمال غير المهرة على العمل لساعات طويلة وبأجور منخفضة‪ ،‬فإن مصالح العمال‬
‫المهرة تتعرض‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪255‬‬
‫للخطر باستمرار نتيجة لذلك ‪.‬ولكن في مكتبه الجديد تم نسيان كل هذا ‪.‬كان من المقرر أن تظل النقابات‬
‫الحرفية‪ ،‬في مقابل النقابات الصناعية‪ ،‬هي السياسة األساسية لـ ‪AF‬في ‪ ،L.‬ولم يتم بذل أي محاوالت‬
‫حقيقية خالل عشرينيات القرن العشرين للضغط من أجل االعتراف النقابي بين العمال غير المهرة في‬
‫صناعات اإلنتاج الضخم‪.‬‬
‫من خالل إثبات أنه محافظ تما ًما مثل جومبرز‪ ،‬لم يبدو جرين أكثر استعدادًا من سلفه لالعتراف‬
‫بالحاجة المحتملة إلى تغييرات في التركيز التلقائي لسياسة ‪L.‬لتلبية الظروف المتغيرة ‪.‬واستمر في‬
‫التمسك بمفهوم التطوعية الذي دافع عنه غومبرز بقوة مع التركيز على "االستقالل القوي والشجاع‬
‫والقوي "الذي ربما جاء من الرئيس هوفر نفسه ‪.‬لم يكن األمر كذلك حتى عام ‪ ،1932‬عندما أدى تأثير‬
‫أخيرا عن معارضته ألشكال تدخل‬
‫ً‬ ‫الكساد إلى تقويض العديد من مبادئ ‪AF‬من ‪ ،L.‬حيث تخلى جرين‬
‫الدولة مثل معاشات الشيخوخة والتأمين ضد البطالة‪.‬‬

‫لقد أدت النزعة المحافظة‪ ،‬إن لم يكن جبن ‪AF‬لـ ‪ ،L.‬إلى إضعاف كل العمال أو تنظيمهم في‬
‫مواجهة حملة أصحاب العمل المناهضة للنقابات في عشرينيات القرن العشرين ‪.‬لكن العقود واألوامر‬
‫القضائية الصفراء لم تكن الحواجز الوحيدة في طريق االنضمام إلى النقابات ‪.‬كما تم قتل الحركة‬
‫العمالية بسبب اللطف ‪ .‬أكملت الصناعة تطبيقها العدواني للمتجر المفتوح ببرنامج متطور لرأسمالية‬
‫الرفاهية ‪.‬وس عت إلى تثبيط النقابات العمالية من خالل جعل ظروف العمل مواتية للغاية بحيث لم يعد‬
‫العمال يفكرون في النقابات ذات أي قيمة‪ ،‬وفي الوقت نفسه زيادة اإلنتاج والكفاءة الصناعية من خالل‬
‫التعاون الوثيق بين العمال واإلدارة‪.‬‬
‫وقد حاولت الصناعة منذ فترة طويلة تشجيع زيادة اإلنتاج لكل عامل‪ ،‬والحد من دوران العمالة‪،‬‬
‫وتحسين المعايير الفنية بشكل عام من خالل عملية "الترشيد "في اإلدارة الصناعية ‪.‬خالل العصر‬
‫التقدمي‪ ،‬بدأ اعتماد البرنامج الذي طوره فريدريك دبليو تايلور على نطاق واسع ‪.‬وكانت دراسات‬
‫الوقت والحركة‪ ،‬وتطوير العمل بالقطعة‪ ،‬وزيادة اإلنتاجية على خط التجميع‪ ،‬والتعديل "العلمي "‬
‫لعالقات الموظفين موضوعًا للتجربة العالمية ‪.‬وفي حقبة ما بعد الحرب حظيت "التايلورية "باهتمام‬
‫أوسع في البحث المستمر عن خفض تكاليف التصنيع ‪.‬ولم يكن للنقابات العمالية مكان في برنامج‬
‫الكفاءة الصناعية هذا‪،‬‬
‫‪256‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫لكن أ صحاب العمل أدركوا الحاجة إلى بديل من شأنه أن يساعد في خلق فكرة "عائلة واحدة كبيرة "‬
‫تعمل بشكل تعاوني لتحقيق المصالح المتبادلة للصناعة والعمال ‪.‬لقد ظنوا أنهم وجدوا ذلك في مجالس‬
‫المتاجر‪ ،‬وخطط تمثيل الموظفين‪ ،‬وعلى وجه التحديد‪ ،‬نقابات الشركات‪.‬‬
‫وكان التحرك المبكر على هذا المنوال هو البرنامج الذي تبنته شركة كولو رادو للوقود والحديد بعد‬
‫اإلضراب الذي بلغ ذروته في المذبحة الدموية في لودلو في عام ‪1914.‬وقد رفضت مصالح روكفلر‬
‫االعتراف بعمال المناجم المتحدين‪ ،‬وبدالً من ذلك أنشأت منظمة عمال المناجم المتحدة ‪.‬اتحاد الشركات‬
‫الذي كان من المفترض أن يوفر "الديمقراطية الصناعية "دون اآلثار الخطيرة ألي ارتباط بالحركة‬
‫العمالية المنظمة ‪.‬وقد أعقبت تجربة روكفلر العديد من الشركات األخرى‪125 ،‬وأنشأت نقابات‬
‫للشركات بشكل أو بآخر خالل الحرب‪ ،‬وأدت حملة المتجر المفتوح في سنوات ما بعد الحرب إلى مزيد‬
‫من التركيز على هذا االتجاه نحو البدائل التي يسيطر عليها أصحاب العمل ‪.‬النقابات الخارجية ‪.‬بحلول‬
‫عام ‪ ،1926‬زاد عدد نقابات الشركات إلى أكثر من ‪ ،400‬مع عضوية حوالي ‪ ،1,369,000‬أو حوالي‬
‫نصف عضوية النقابات التابعة لـ ‪AF of L.‬‬
‫ومع قيام مديري شؤون الموظفين بإجراء مزيد من الدراسات حول مشكلة العمل (تم نشر ما يقرب‬
‫من ثالثة آالف كتاب حول هذا الموضوع في السنوات الخمس األولى بعد الحرب)‪ ،‬تم اعتماد تدابير‬
‫أخرى لتعزيز دور نقابات الشركات وكسب والء الموظفين ‪.‬أقامت العشرات ثم المئات من الشركات‬
‫خط ًطا لتقاسم األرباح‪ ،‬ودفعت مكافآت في أسهم الشركة‪ ،‬أو سعت بطريقة أخرى إلى منح العمال‬
‫مصلحة مالية مباشرة في أنشطة الشركات ‪.‬تشير التقديرات في عام ‪1928‬إلى أن أكثر من مليون‬
‫موظف يمتلكون أو اكتتبوا بأكثر من مليار دوالر من األسهم في الشركات التي يعملون فيها ‪.‬كما تم‬
‫إدخال وثائق التأمين الجماعي‪ ،‬والتي تم مصادرتها في حالة تغيير الموظف لوظيفته‪ ،‬وتم التأمين على‬
‫حوالي خمسة ماليين عامل صناعي بموجب هذه الخطط بحلول عام ‪1926.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تم‬
‫إنشاء برامج معاشات الشيخوخة المختلفة‪ ،‬وإنشاء عيادات مجانية للمساعدة في الحفاظ على المعايير‬
‫الصحية‪ ،‬وتوظيف الكافيتريات وغرف الغداء المثبتة ‪.‬وتحت إشراف إدارات شؤون الموظفين أو‬
‫نقابات الشركة‪ ،‬تم أيضًا رعاية النزهات والنوادي المبهجة والرقصات واألحداث الرياضية واألنشطة‬
‫الترفيهية األخرى لموظفي المصنع‪ ،‬بينما تناولت مئات مجالت الشركة جميع التغييرات المتعلقة‬
‫بحسن النية واالتصاالت اإلنسانية الودية بين العمل واإلدارة ‪.‬‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪257‬‬
‫لم يكن لتوسع رأسمالية الرفاهية حدود‪ ،‬ونجحت إلى حد كبير في تحسين ظروف العمل وزيادة دخل‬
‫الموظفين بشكل غير مباشر ‪.‬وكانت فوائدها المباشرة للعامل حقيقية للغاية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬ظل البرنامج‬
‫بأكمله خاض ًعا بالكام ل لسيطرة الشركة الراعية‪ ،‬ولم يكن هناك واقع لتوظيف التمثيل في ظل هذه‬
‫الظروف ‪.‬ولم يكن من دون أهمية أن تلك الشركات التي قدمت بسخاء لرفاهية العمال كانت أيضًا تلك‬
‫األكثر مناهضة للنقابات في سياساتها األساسية ‪.‬إن مدى السرعة التي قد تنهار بها رأسمالية الرفاهية‬
‫االجتماعية ‪-‬وخاصة برنامج توزيع األسهم ‪-‬إذا أفسح الرخاء المجال للكساد‪ ،‬لم يكن من الممكن‬
‫إدراكه في ذلك الوقت ‪.‬لقد فهم عدد قليل من أعضاء نقابات الشركات مدى اعتمادهم على أصحاب‬
‫العمل للحصول على الخدمات التي كانوا يتلقونها بدالً من االعتراف النقابي ومزايا المفاوضة الجماعية‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫كان من الممكن تعلم هذا الدرس بعد عام ‪ ،1929‬ولكن في هذه األثناء حققت رأسمالية الرفاهية‬
‫االجتماعية العديد من االنتصارات ‪.‬بيك ‪ ،‬رئيس لجنة المتجر المفتوح التابعة للرابطة الوطنية‬
‫للمصنعين‪" ،‬يمكن التأكيد بجرأة على أن انخفاض عدد األعضاء في معظم النقابات والصعوبة الكبيرة‬
‫التي يواجهونها في عقد أعضائها معًا‪ ،‬يرجع إلى حقيقة أن أصحاب العمل ‪-‬وال سيما ما يسمى بـ‬
‫"الشركات التي ال روح لها ‪" -‬يفعلون المزيد من أجل رفاهية العمال أكثر من النقابات نفسها ‪.‬ذكرت‬
‫لجنة التعليم والعمل التابعة للمؤتمر السادس والسبعين‪ ،‬في عام ‪ ،1926‬أن حركة عدم االنحياز قامت‬
‫بعملها في مكافحة النقابات بشكل جيد لدرجة أنها تمكنت من العودة "للتمتع الهادئ بثمار جهودها‬
‫خالل السنوات من الرخاء"‪.‬‬
‫إن عواقب البرنامج المزدوج المتمثل في السعي إلى قمع النقابات العمالية الحقيقية وبناء والء‬
‫ا لموظفين من خالل فوائد نقابات الشركات ورأسمالية الرعاية االجتماعية‪ ،‬لم تظهر فقط في انخفاض‬
‫العضوية في ‪AF‬لـ ‪L.‬ولكن إلى حد أكبر من السالم الصناعي الذي تمتعت به البالد لسنوات عديدة ‪.‬‬
‫هذا ال يعني أنه لم تكن هناك إضرابات ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬كانت تلك التي قام بها عمال النسيج‬
‫المكتئبون مثابرة‪ ،‬ومقاتلة بشق األنفس‪ ،‬واتسمت بالعنف وسفك الدماء ‪.‬وفي مدن المطاحن الجنوبية‬
‫مثل غاستونيا وماريون بوالية نورث كارولينا‪ ،‬وإليزابيثتون بوالية تينيسي‪ ،‬أدت االشتباكات المفتوحة‬
‫بين المضربين وجنود الوالية إلى سقوط عدد كبير من القتلى ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان السجل اإلجمالي واحدًا‬
‫من االنخفاض المطرد في عدد‬
‫‪258‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫النزاعات العمالية ‪.‬خالل فترة الحرب‪ ،‬بلغ متوسط عدد اإلضرابات أكثر من ‪3000‬سنويًا وشارك فيها‬
‫أكثر من مليون عامل سنويًا ‪.‬وبحلول منتصف عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬انخفضت هذه األرقام إلى‬
‫النصف ‪.‬وفي نهاية العقد‪ ،‬كان العدد السنوي لإلضرابات حوالي ‪ ،800‬وشارك فيها حوالي ‪300‬ألف‬
‫عامل فقط‪ ،‬أو ما يزيد قليالً عن واحد في المائة من إجمالي القوة العاملة‪.‬‬
‫وبعيدا ً عن السعي إلى إحياء النزعة القتالية العمالية‪ ،‬بذل اتحاد العمال األميركي كل جهد ممكن‬
‫لتشجيع التعاون بين العمال واإلدارة ‪.‬كان من المقرر أن يقبل جرين بفخر في عام ‪1930‬الميدالية‬
‫الذهبية لجمعية روزفلت التذكارية لخدماته المتميزة في تهدئة الصراعات الصناعية ‪.‬وفي حين أن‬
‫‪AF‬في ‪L.‬لم يتمكن من تأييد نقابات الشركات‪ ،‬إال أنه أذعن بشكل سلبي للعديد من الجوانب األخرى‬
‫لرأسمالية الرفاهية االجتماعية ‪.‬وكانت النقابات راضية بالمكاسب التي حققتها أعضاؤها مع ارتفاع‬
‫األجور استجابة للطلب على العمال المهرة‪ ،‬ولم ت ُبذل سوى جهود قليلة لتوسيع نطاق النشاط النقابي ‪.‬‬
‫في نهاية عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬بدا أن الحركة العمالية المنظمة تقبل برضا‪ ،‬مثل أي عنصر آخر‬
‫في اقتصادنا الوطني‪ ،‬الوعد بالتقدم االقتصادي المؤكد‪.‬‬

‫لقد قيل إن العمال في البالد شهدوا عمو ًما ارتفاعًا أكبر في األجور خالل عشرينيات القرن العشرين‬
‫مقارنة بأي فترة مماثلة ‪.‬وفي الواقع‪ ،‬ارتفعت األرباح السنوية بين عامي ‪1921‬و ‪1928‬من متوسط‬
‫دوالرا ‪ .‬ومن حيث القوة الشرائية الفعلية‪ ،‬ألنه لم يكن هناك ارتفاع‬
‫ً‬ ‫الرا إلى ‪1408‬‬
‫قدره ‪1171‬دو ً‬
‫مماثل في تكاليف المعيشة‪ ،‬فقد قدر أن هذا يمثل زيادة تزيد على عشرين في المائة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت األجور الفعلية ومعدل زيادتها متفاوتين للغاية ‪.‬ارتفع سعر الساعة لعمال البناء في‬
‫دوالرا أمريكيًا‪ ،‬وسعر مؤلفي‬
‫ً‬ ‫دوالرا إلى ‪1.87‬‬
‫ً‬ ‫نيويورك‪ ،‬بين عامي ‪1920‬و‪ ،1928‬من ‪1.06‬‬
‫دوالرا أمريكيًا‪ ،‬ولكن في حالة عمال مناجم البيتومين‪ ،‬كان هناك‬ ‫ً‬ ‫الصحف من ‪92‬سنتًا إلى ‪1.20‬‬
‫انخفاض في سعر الساعة من ‪83‬سنت ًا ‪.‬إلى ‪73‬سنتا‪ ،‬وبالنسبة للغزالين في مصانع القطن‪ ،‬انخفض‬
‫السعر من ‪83‬سنتا إلى ‪63‬سنتا ‪.‬وذهبت المكاسب التي تحققت في عشرينيات القرن العشرين في‬
‫المقام األول إلى العمال المهرة وأعضاء النقابات العمالية ‪.‬كان ال يزال دخل الماليين من عائالت الطبقة‬
‫العاملة أقل من ‪1000‬دوالر سنو ًيا حتى في عام ‪1929.‬‬
‫وفيما يتعلق بساعات العمل‪ ،‬فإن الصورة العامة تظهر تحسنا كبيرا ‪.‬ساد يوم العمل المكون من‬
‫ثماني ساعات بشكل عام‪،‬‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪259‬‬
‫وتشير التقديرات إلى أنه منذ بداية القرن‪ ،‬تم تخفيض أسبوع العمل لألجراء من خمسة عشر إلى‬
‫ثالثين في المائة ‪.‬ولكن تظهر تناقضات واسعة عندما يتم تقسيم اإلحصائيات المتاحة ‪.‬في حين كان‬
‫متوسط عدد ساعات العمل في مهن البناء ‪43.5‬ساعة في األسبوع‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ال يزال هناك‬
‫‪60‬ساعة في األسبوع لعمال األفران العالية في مصانع الصلب‪.‬‬
‫كما أثرت عوامل أخرى غير األجور وساعات العمل على رفاهية عمال البالد في هذه السنوات كما‬
‫في السنوات األخرى ‪.‬أ دى تسارع العمليات الصناعية إلى زيادة الضغط والتوتر العصبي الذي كان‬
‫الرجال الذين يشغلون اآلالت ويعملون في التجميع يعملون باستمرار في ظله ‪.‬بالنسبة للعديد من‬
‫المصانع‪ ،‬كان استبدال العمليات الميكانيكية بالكامل بممارسة المهارات الفردية يعني الرتابة والملل‬
‫الذي لم يتم تعويضه دائ ًما بأجور أعلى وساعات عمل أقصر ‪.‬ورغم أن هذا لم يكن جديدًا في تاريخ‬
‫تجربة الصناع‪ ،‬إال أنه كان صحي ًحا أكثر من أي وقت مضى خالل عشرينيات القرن العشرين‪.‬‬
‫ومع أن مسيرة اآللة كانت تحمل أيضًا التهديد المستمر لفقدان وظيفته‪ ،‬فإن العمال الصناعيين في‬
‫البالد كانوا ال يزالون بعيدين عن تحقيق األمن والرفاهية اللذين كانا هدف العمل المنظم ‪.‬وكانت‬
‫المكاسب التي تم تحقيقها أكثر خطورة مما قد توحي به اإلحصاءات غير الشخصية‪ ،‬خاصة وأن تلك‬
‫التي يمكن أن تعزى إلى رأسمالية الرفاهية االجتماعية كانت غير محمية على اإلطالق بأي تفاهم‬
‫تعاقدي ‪.‬وبقدر ما تمت التضحية بالقوة التنظيمية والنقابية العدوانية في قبول التعاون بين العمال‬
‫واإلدارة بدالً من المساومة الجماعية الحقيقية‪ ،‬فقد قوض األجراء بشكل خطير قدرتهم التي اكتسبوها‬
‫بشق األنفس على حماية مصالحهم الخاصة ‪.‬لقد كانوا يعتمدون بشكل شبه كامل على رغبة أصحاب‬
‫العمل وقدرتهم المستمرة على معاملتهم بشكل عادل‪.‬‬

‫كان هذا هو الوضع عندما اجتاح الكساد البالد تدريجيا ً بعد االنهيار المفاجئ لسوق األوراق المالية‬
‫في عام ‪1929.‬والقصة مألوفة ‪ :‬الصدمة التي تلقتها الثقة الوطنية مع ذوبان مليارات الدوالرات من‬
‫القيم األمنية‪ ،‬والتأكيدات المحمومة بأن الظروف كانت أفضل ‪.‬سليمة من حيث األساس‪ ،‬واالختناق‬
‫البطيء لألعمال التجارية مع اتساع الشقوق في نظامنا الصناعي ببطء وبدا الهيكل بأكمله مهددًا‬
‫باالنهيار ‪.‬كان الكساد بمثابة‬
‫‪260‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫منعطف تاريخي آخر في الدورة االقتصادية‪ ،‬لكن تأثيره على المجتمع كان أكبر من تأثير أي كساد في‬
‫الماضي‪.‬‬
‫وقبل أن يصل األمر إلى نهايته‪ ،‬انخفضت أسعار المنتجات الزراعية إلى أربعين في المائة من‬
‫مستوياتها السابقة‪ ،‬وانخفضت قيمة الصادرات إلى ثلث ذروتها السابقة‪ ،‬وانخفض اإلنتاج الصناعي‬
‫إلى النصف تقري ًبا‪ ،‬وكشفت الميزانية العمومية للمؤسسات التجارية عن عجز قدره‬
‫‪5.650.000.000‬دوالر ‪. .‬وفي ثالث سنوات‪ ،‬انخفض الدخل القومي المقدر بـ ‪82.885.000.000‬‬
‫دوالر إلى ‪40.074.000.000‬دوالر ‪.‬واألكثر أهمية ‪-‬واألكثر تدميرا بكثير ‪-‬ارتفع معدل تشغيل‬
‫العمالة إلى أكثر من سبعة ماليين بحلول نهاية عام ‪ ،1930‬ثم في عامين آخرين إلى ما يقرب من‬
‫خمسة عشر مليونا‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن اإلحصائيات ال تعطي سوى فكرة غير كافية عن اآلثار الوخيمة الناجمة عن الكساد ‪.‬‬
‫إنهم بالكاد يستطيعون تصوير البخل واالدخار المفروض على الماليين من عائالت الطبقة المتوسطة‪،‬‬
‫والحرمان والصعوبات التي سببتها للفئات ذات الدخل المنخفض‪ ،‬والمعاناة القاسية للعمال العاطلين‬
‫عن العمل وأسرهم ‪.‬طوابير الخبز‪ ،‬والغابات المتشردة التي تسمى بشكل مثير للسخرية "هوفرفيلز "‬
‫والتي ظهرت في ضواحي عدد ال يحصى من المدن‪ ،‬وجيش الشباب والصبية الذين يتجولون ذهابًا‬
‫سا عن وظائف‪ ،‬كانت بمثابة تعليق مأساوي على السراب المتوهج العصر‬ ‫وإيا ًبا عبر البالد بحثًا يائ ً‬
‫الذي كان للقضاء على الفقر‪.‬‬
‫ووقف العاملون بأجر في البالد بال حول وال قوة بينما أدى الكساد إلى تقليص اإلنتاج وشل التجارة‬
‫الطبيعية‪ ،‬مما أدى إلى إغالق العديد من المصانع والمناجم وورش العمل تما ًما ‪.‬في أوائل عام ‪،1930‬‬
‫عُقدت سلسلة من المؤتمرات الصناعية في واشنطن ووعد فيها أصحاب العمل بدعم األجور والحفاظ‬
‫على التوظيف ‪.‬وقد قبل العمال هذه التعهدات بحسن نية ‪.‬ومثلهم كمثل بقية البالد‪ ،‬لم يصدقوا أن‬
‫االزدهار قد انهار فجأة‪ ،‬وكانوا ال يزالون يحدوهم األمل في أن التعافي أصبح قاب قوسين أو أدنى ‪.‬لكن‬
‫لم تكن هناك اتفاقيات مساومة جماعية في صناعات اإلنتاج الضخم –الصلب‪ ،‬والسيارات‪ ،‬والمعدات‬
‫الكهربائية –إلجبار االلتزام بجداول األجور ‪.‬تم قطع شيكات الرواتب تدريجيًا‪ ،‬ثم تم استبدالها في كثير‬
‫من األحيان بإخطارات صريحة بالفصل‪.‬‬
‫لقد توقف برنامج رأسمالية الرفاهية برمته فجأة‪ ،‬حيث اضطر أصحاب العمل إلى سحب المزايا التي‬
‫كانت ت ُمنح في كثير من األحيان في أيام االزدهار بدالً من زيادات األجور ‪.‬وسرعان ما تم التخلص من‬
‫خطط تقاسم األرباح‪ ،‬وملكية أسهم الموظفين‪ ،‬ومعاشات التقاعد الصناعية‪ ،‬وحتى المشاريع الصحية‬
‫والترفيهية للعمال ‪.‬وقد أجبرت الظروف على تقليص النفقات‪ ،‬ولكن في كثير من الحاالت تم‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪261‬‬
‫تنفيذها على حساب العمال بينما كانت األرباح الكاملة ال تزال ت ُدفع على األسهم العادية ‪.‬وكانت نقابات‬
‫الشركات عاجزة عن حماية مصالح أعضائها ‪.‬لقد ثبت أن االعتماد على رأسمالية الرفاهية االجتماعية‬
‫كان مجرد وهم‪.‬‬
‫بدا العمل المنظم محب ًطا تما ًما ‪.‬ولم تحاول النقابات الوطنية حتى ممارسة أي ضغط مباشر على‬
‫الحكومة لصالح تدابير التعافي‪ ،‬وقد استنزفت قوتها بشدة بسبب التراجع أمام رأسمالية الرفاهية‬
‫لدرجة أن العمل المتضافر على طول الخطوط االقتصادية أصبح غير وارد في مواجهة الرأسمالية ‪.‬‬
‫البطالة على الصعيد الوطني ‪.‬كان نشاط اإلضراب عند الحد األدنى وفي عام ‪1930‬انخفض إلى‬
‫مستوى منخفض جديد عندما شارك أقل من ‪200.000‬عامل في جميع حاالت التوقف عن العمل ‪.‬وكان‬
‫االنخفاض المستمر في عضوية النقابات هو القاعدة العامة أيضًا ‪.‬وانخفض إجمالي عدد العمال‬
‫المنظمين بحلول عام ‪1933‬إلى أقل من ‪3.000.000 -‬أو المستوى التقريبي لعام ‪1917.‬‬
‫في بعض النواحي‪ ،‬كانت الظاهرة األكثر إثارة للدهشة في سنوات الكساد هي هذا الموقف الالمبالي‬
‫من جانب العمال الصناعيين بينما ارتفعت أرقام البطالة بشكل مطرد وامتدت طوابير الخبز ‪.‬ولم يكن‬
‫هناك ما يشير إلى الثورة ضد النظام االقتصادي الذي خذلهم بشدة ‪.‬لم يكن هناك ما يوازي إضرابات‬
‫السكك الحديدية القبيحة في عام ‪1877‬أو تمرد دبس في عام ‪1894.‬وفي غرف الرسم في بارك أفينيو‬
‫ومكاتب سماسرة وول ستريت‪ ،‬كان هناك قدر كبير من الحديث عن "ثورة اإلطارات القادمة"‪ ،‬ولكن‬
‫العاطلين عن العمل أنفسهم كانوا ال تبالغ في الحديث عن كبار السن‪ ،‬كما أنها عديمة الروح بحيث ال‬
‫تكون مهت ًما‪.‬‬
‫في كتابته بمجلة هاربر في منتصف صيف عام ‪ ،1932‬وجد جورج سولي أنه على الرغم من وجود‬
‫انجراف واض ح من جانب المثقفين نحو المعسكر الراديكالي‪ ،‬مع تزايد االهتمام بالشيوعية‪ ،‬إال أنه لم‬
‫يكن من الممكن اكتشاف مثل هذا االتجاه في صفوف العمال ‪.‬وكتب“ ‪:‬الجماهير في حالة يائسة ‪ ،‬لكن‬
‫لسوء الحظ ليس هناك ما يشير إلى أنها تشعر بأدنى قدر من االستياء ‪.‬إنهم يجلسون في المنزل‬
‫ويلومون الحظر ‪. . . .‬ومثلهم كمثل اإلدارة الجمهورية‪ ،‬فإنهم ال ينتظرون شيئا أكثر جذرية من عودة‬
‫الرخاء ‪.‬وفي مقال آخر في نفس المجلة‪ ،‬علق إلمر ديفيس أيضًا بدهشة على "القبول الهادئ للوضع‬
‫من قبل الرجال الذين فقدوا وظائفهم وكل شيء آخر من خالل تطبيق السياسات التي كان من المفترض‬
‫أن تقضي على الفقر‪".‬‬
‫كانت هناك مناسبة غير متوقعة عندما تخلى جرين‪ ،‬مخاطبًا ‪AF‬لـ ‪ ،L.‬عن أسلوبه اللطيف‪ ،‬كما‬
‫هو موضح في ‪،Literaru Digest‬‬
‫‪262‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫انفجارا لفظيًا مدويًا مثل تحطم الفحم في منجم أوهايو حيث كان يستخدم للتأرجح معول "‪.‬وما‬
‫ً‬ ‫"ليطلق‬
‫لم يتم ا عتماد يوم عمل أقصر وأسبوع عمل أقصر لزيادة تشغيل العمالة‪ ،‬قال أمام الجمهور المبتهج ‪:‬‬
‫"سوف نؤمن ذلك من خالل قوة من نوع ما ‪".‬وعندما سأله الصحفيون المتلهفون عما كان يعنيه‬
‫بالقوة‪ ،‬سرعان ما أوضح أنه يقصد القوة االقتصادية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬حتى هذا التلميح الغامض عن النضال‬
‫العمالي‪ ،‬أثار القلق" ‪.‬هل هذا هو الوقت المناسب للحرب الصناعية؟ "سأل نسخة بوسطن ‪.‬أي اقتراح‬
‫بمحاولة "إكراه الصناع على المحاولة بطريقة الضرب "استنكرته صحيفة واشنطن بوست بشدة ‪.‬‬
‫شعرت صحيفة هيرالد تريبيون أن جرين عانى من "نوبة أعصاب ‪".‬لكن هذا االنفجار كان بمثابة‬
‫استثناء للموقف الحذر عمو ًما الذي اتخذه اتحاد العمال األمريكي ‪.‬وحافظت حتى نهاية عام ‪1932‬على‬
‫معارضتها القوية للتأمين ضد البطالة‪ ،‬وحثت على عدم اتخاذ أي إجراء ملموس في طريق اإلجراءات‬
‫الحكومية لتعزيز االنتعاش أو تخفيف البطالة من "استقرار الصناعة "من خالل اعتماد برنامجها‬
‫لزيادة فرص العمل بأسبوع عمل أقصر‪. .‬‬
‫وأشادت الصحافة بهذا الموقف ‪.‬وكتبت صحيفة كليفالند بلين ديلر " ‪:‬اليوم يقف العمال صبورين‬
‫ومفعمين باألمل ‪" . ". . .‬لم تكن هناك فترة من االكتئاب خالية من الصراعات العمالية ‪.‬لقد ضايقتها‬
‫البطالة ‪.‬المصانع المغلقة سلبتهم مصدر رزقهم ‪.‬ولكن في مواجهة المصاعب الهائلة‪ ،‬أظهر حزب‬
‫العمال مواطنته الصالحة وقدرته على التحمل األميركي القوي ‪.‬العمل يستحق التحية "‪.‬ما إذا كان‬
‫عمال اإلطارات أنفسهم راضين عن هذه التحية السخية بدالً من الوظائف قد يكون موضع تساؤل ‪.‬أعلن‬
‫سجل فيالدلفيا‪ ،‬الذي يعكس موق ًفا أكثر واقعية من موقف التاجر العادي‪ ،‬أن موقف االتحاد ضد التأمين‬
‫ضد البطالة كان مزحة مروعة" ‪.‬الحرية في التجويع؟ "وتساءلت" ‪:‬هل هذا ما يناضل من أجله السيد‬
‫جرين؟"‬
‫وكانت عواقب تقاعس الحكومة وسلبية العمل تنعكس مع مرور كل شهر بشكل أكثر وضو ًحا في‬
‫العدد المتزايد من العمال العاطلين عن العمل الذين يعتمدون على المؤسسات الخيرية الحكومية أو‬
‫الخاصة ‪ .‬ال يبدو أن الحملة المتبجحة لنشر العمل كان لها أي تأثير سوى تقليل دخل العمال‪ ،‬ونادرا ما‬
‫فتحت أي فرص ألولئك الذين تم تسريحهم بالفعل‪.‬‬
‫حاولت بعض الواليات إصدار تشريعات من شأنها تحسين ظروف العمل ‪.‬تم اعتماد قوانين تعويض‬
‫العمال الجديدة في عدد من الحاالت‪ ،‬ووافقت أربع عشرة والية على معاشات الشيخوخة‪ ،‬وكانت والية‬
‫ويسكونسن رائدة في إصدار ميثاق جديد لحقوق العمل والتأمين ضد‬
‫‪Labor in Retreat,‬‬ ‫‪263‬‬
‫البطالة ‪.‬في أوائل مارس ‪ ،1932‬تم تحقيق نصر كبير للغاية للعمالة المنظمة ككل من خالل إقرار‬
‫أخيرا أن السياسة العامة هي أن يتمتع العمال‬
‫ً‬ ‫الكونجرس لقانون نوريس ال غوارديا ‪.‬أعلن هذا اإلجراء‬
‫بالحرية الكاملة في تكوين الجمعيات‪ ،‬دون تدخل من جانب أصحاب العمل؛ حظرت العقود الصفراء‪،‬‬
‫ومنعت المحاكم الفيدرالية من إصدار أوامر قضائية في النزاعات العمالية إال في ظل شروط محددة‬
‫بعناية ‪ .‬وعلى الرغم من أن أحد أعضاء الكونجرس على األقل صرح بأن مشروع القانون هذا يمثل‬
‫"مسيرة طويلة في اتجاه موسكو"‪ ،‬إال أنه حظي بتأييد بأغلبية ساحقة في كل من مجلسي النواب‬
‫والشيوخ وحصل على موافقة شعبية واسعة النطاق ‪.‬على الرغم من أهمية قانون نوريس ال جوارديا‬
‫في اإلشارة إلى الطريق إلى سياسات العمل في الصفقة الجديدة‪ ،‬إال أنه لم يعالج المشكلة المباشرة التي‬
‫يواجهها العاملون بأجر في البالد ‪.‬ولم يقدم أي حل للبطالة‪.‬‬
‫ومع وصول الظروف إلى أدنى مستوياتها في صيف عام ‪ ،1932‬قدمت الحملة الرئاسية أول فرصة‬
‫عملية لالختبار السياسي المؤيد ضد فشل إدارة هوفر في التعامل بشكل مناسب مع الكساد ‪.‬لقد أظهر‬
‫فرانكلين روزفلت‪ ،‬بصفته المرشح الديمقراطي‪ ،‬بوضوح تعاطفه مع الجماهير العاملة في البالد ومع‬
‫"الرجل المنسي في أسفل الهرم االقتصادي ‪".‬وشدد مرارا وتكرارا على الحاجة الملحة لتقديم اإلغاثة‬
‫المباشرة ودعا بقوة إلى التأمين ضد البطالة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬أعلن اتحاد العمال األميركي حياده في الحملة‬
‫الرئاسية ‪.‬وعلى استعداد لتأييد أصدقاء العمل بين المرشحين للكونغرس‪ ،‬فقد رفض اإلعالن عن نفسه‬
‫لصالح هوفر أو روزفلت ‪.‬ال يمكن أن يكون هناك شك في أن العمال الصناعيين ساعدوا في تضخيم‬
‫األغلبية الشعبية العظمى التي فاز بها روزفلت في عام ‪ ،1932‬لكن حزب العمال االتحادي لم يكن له أي‬
‫دور رسميًا في انتخابه‪.‬‬
‫انتهت الحملة‪ ،‬ولم تحدث أي تطورات أخرى فيما يتعلق بمشاكل العمل واستمرت الظروف‬
‫االقتصادية في التدهور ‪.‬وحث اتحاد العمال األمريكي على العمل بثالثين ساعة في األسبوع وتوسيع‬
‫األشغال العامة ‪.‬وأخيرا ً خرج لصالح التأمين ضد البطالة ‪.‬ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء إيجابي لتعزيز‬
‫مثل هذه التدابير ‪.‬وكان حزب العمال ينتظر‪ ،‬مثل بقية البالد‪ ،‬ليرى ما سيفعله الرئيس الجديد‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪ :XV‬األتفاق الجديد‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪"...‬أ ‪.‬يواجه عدد كبير من المواطنين العاطلين عن العمل مشكلة الوجود الكئيبة ‪ ،‬كما يكدح عدد كبير منهم‬
‫دون عائد يذكر ‪.‬فقط المتفائل األحمق يستطيع أن ينكر الحقائق المظلمة في هذه اللحظة ‪...‬مهمتنا‬
‫األساسية الكبرى هي أن جعل الناس يعملون"‪.‬‬
‫عندما تولى فرانكلين روزفلت منصبه في مارس‪/‬آذار ‪ ،1933‬حمل حفل تنصيبه المثير وعداً بالعمل‬
‫في مواجهة حالة الطوارئ الوطنية التي خلقت شعورا ً جديدا ً باألمل والثقة في جميع أنحاء البالد ‪.‬‬
‫أخيرا لقبول مسؤولية توسيع هذا اإلجراء من المساعدات المباشرة للزراعة‬ ‫ً‬ ‫وكانت الحكومة مستعدة‬
‫والعمالة‪ ،‬فضالً عن الصناعة‪ ،‬والتي وحدها يمكنها استعادة التوازن المضطرب القتصادنا الوطني ‪.‬‬
‫وبينما أعلن الرئيس بحماس أن "الشيء الوحيد الذي يجب أن نخشاه هو الخوف نفسه"‪ ،‬شعرت‬
‫البالد أنها وجدت القيادة التي كانت تتخبط بسبب االفتقار إليها دون مساعدة في مستنقع االكتئاب‬
‫العميق‪.‬‬
‫ولم يكن في برنامج روزفلت المباشر أي شيء ينطبق بشكل مباشر على العمالة باستثناء وعده‬
‫بتشغيل الناس ‪.‬كان الضمان االجتماعي ‪-‬مع التأمين ضد البطالة والشيخوخة ‪-‬قيد النظر بالفعل ‪،‬‬
‫ولكن أحكام العمل التي كان من المقرر كتابتها في قوانين إدارة التعافي الوطني‪ ،‬وقانون فاغنر‪،‬‬
‫وقانون معايير العمل العادلة لم يتم تصورها عندما تولى منصبه ‪.‬لقد تطورت تدريجيا ً خارج احتياجات‬
‫ً‬
‫متأصال في الفلسفة الناشئة للصفقة‬ ‫العصر ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان الفهم األساسي والتعاطف مع حقوق العمل‬
‫الجديدة ‪.‬ألول مرة في تاريخنا‪ ،‬كان على اإلدارة الوطنية أن تجعل رفاهية عمال الصناعة اهتما ًما‬
‫مباشرا للحكومة‪ ،‬وأن تعمل على مبدأ أن العمل المنظم فقط هو الذي يمكنه التعامل على قدم المساواة‬‫ً‬
‫مع رأس المال المنظم في تحقيق التوازن المناسب بين هذين االثنين ‪.‬القوى المتنافسة في المجتمع‬
‫الرأسمالي ‪.‬حتى اآلن‪ ،‬كانت النقابات العمالية مقبولة ‪ ،‬واآلن يجب تشجيعها‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪265‬‬
‫وهكذا كان ظهور الصفقة الجديدة بمثابة نقطة تحول بالغة األهمية في تاريخ الحركة العمالية ‪.‬تم‬
‫تحطيم التقاليد القديمة ‪.‬تم إطالق قوى جديدة وديناميكية ‪.‬وكان من المقرر أن يحقق العاملون بأجر‬
‫مكاسب أكبر من أي فترة سابقة في تاريخنا‪ ،‬وتعززت القوة االقتصادية والسياسية للعمل بشكل ال‬
‫يقاس ‪.‬يبدو أن النضاالت والمصاعب والهزائم التي شهدها قرن من الزمان قد بلغت ذروتها في إمكانية‬
‫التحقيق الكامل لألهداف التاريخية للعمال‪.‬‬

‫إن ا لفرضية التي ارتكزت عليها سياسة الصفقة الجديدة تجاه العمال قد تم توضيحها بالفعل في‬
‫االعتراف العام بحقها في التنظيم المكتوب في قانون نوريس ال غوارديا ‪.‬عندما تبنت وزارة إعالن‬
‫روزفلت التجربة الشاملة في السيطرة االقتصادية على قانون التعافي الصناعي الوطني‪ ،‬الذي يستند‬
‫بشكل مشكوك فيه إلى حد ما إلى صالحيات الكونغرس لتنظيم التجارة بين الواليات‪ ،‬تم اتخاذ الخطوة‬
‫األولى نحو تنفيذ هذا الحق في التنظيم في الواليات المتحدة الشهيرة ‪.‬كما يُنظر إليه في بعض األوساط‬
‫سيئة السمعة —القسم ( ‪7‬أ‪).‬‬
‫كانت هذه الخطوة المهمة لدعم مصالح العمال نتيجة نهائية لمناورات معقدة للغاية ‪.‬في مارس‬
‫‪ ،1933‬تم تقديم مشروع قانون إلى الكونجرس من قبل السيناتور بالك والنائب كونري لتحديد أسبوع‬
‫الثالثين ساعة الذي كان ‪AF‬من ‪L.‬يطالب به كوسيلة لنشر العمل وتخفيف البطالة ‪.‬كان روزفلت‬
‫متشككًا جدًا في قيمته ما لم يتضمن بعض الرؤية للحفاظ على األجور ‪.‬نيابة عن الرئيس‪ ،‬اقترح وزير‬
‫العمل بيركنز تعديالت من شأنها أن تقترن بتخفيض ساعات العمل وضمان الحد األدنى لألجور ‪.‬ولم‬
‫تكن النظرية التي قام عليها مشروع القانون الجديد تختلف عن تلك التي روج لها إيرا ستيوارد في‬
‫ستينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬فيما عدا أن زيادة األجور من خالل خفض ساعات العمل كانت تابعة‬
‫لتثبيت األجور ‪.‬ولم تكن هناك حتى اآلن أي فكرة عن المضي قد ًما" ‪.‬عندما تحدثت مع الرئيس في‬
‫أبريل ‪ ،1933‬حول مشروع قانون بالك‪" ،‬سجل الوزير بيركنز‪" ،‬كان عقله بريئًا مثل طفل في أي‬
‫برنامج مثل "‪NRA‬‬
‫لقد أيقظت فكرة الحد األدنى لألجور عاصفة من المعارضة من جانب المصالح التجارية ولم تكن‬
‫مدعومة بحماس كبير من جانب العمال ‪.‬وبدالً من هذا النهج المحدود في التعامل مع مشاكل االكتئاب‪،‬‬
‫فقد تم حث اإلدارة في كال المعسكرين على رفع أنظارها وتأسيس‬
‫‪266‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫برنامج للتعافي أوسع نطاقا ً بكثير ‪.‬اقترحت غرفة التجارة األمريكية ضرورة تحرير األعمال التجارية‬
‫من قيود قوانين مكافحة االحتكار وتشجيعها على تحقيق خالصها الخاص ‪.‬بصفته متحدثًا باسم العمال‪،‬‬
‫دعا جون ل ‪.‬لويس إلى توسيع نطاق الضوابط على اإلنتاج واألسعار واألجور التي كان يطالب بها في‬
‫تعدين الفحم لتشمل الصناعة ككل ‪.‬ومع بدء العشرات من هذه الخطط في إثارة اهتمام متزايد داخل‬
‫الكونجرس وخارجه‪ ،‬بدأت عدة مجموعات مستقلة من المستشارين الرئاسيين في محاولة وضع‬
‫تدابير محددة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يتم إحراز تقدم حقيقي يذكر‪ ،‬وقرر روزفلت التدخل ‪.‬فسحب الدعم اإلداري‬
‫فاترا في أحسن األحوال‪ ،‬ودعا مستشاريه إلى‬ ‫لمشروع قانون بالك كونري‪ ،‬الذي كان اهتمامه به ً‬
‫االجتماع معًا حول برنامج مشترك‪ ،‬واالنغالق على أنفسهم في غرفة مغلقة إذا لزم األمر حتى يتمكنوا‬
‫من التوصل إلى اتفاق‪.‬‬
‫أخيرا ودمجها في قانون التعافي الصناعي الوطني هي السماح‬ ‫ً‬ ‫كانت الخطة التي تم اعتمادها‬
‫للصناعة بكتابة قواعدها الخاصة بشأن التماسات التعويض العادل ‪ ،‬ولكن مع تعويض العمال عن منح‬
‫الصناعة مثل هذه الحرية من خالل توفير ضمانات خاصة لمصالحها ‪.‬تنص المادة ( ‪7‬أ )من اإلجراء‬
‫الجديد‪ ،‬المستمدة جزئيًا من أحكام قانون العمل بالسكك الحديدية لعام ‪ ،1926‬على أن القوانين‬
‫الصناعية يجب أن تحتوي على ثالثة أحكام مهمة ‪:‬يجب أن يكون للموظفين الحق في التنظيم‬
‫والمفاوضة الجماعية من خالل ممثلين من اختيارهم ‪.‬خالية من التدخل أو التقييد أو اإلكراه من جانب‬
‫أصحاب العمل؛ ال يجوز مطالبة أي شخص يبحث عن عمل باالنضمام إلى نقابة الشركة أو االمتناع عن‬
‫االنضمام إلى أي منظمة عمالية من اختياره؛ ويجب على أصحاب العمل االلتزام بالحد األقصى لساعات‬
‫العمل والحد األدنى لألجور وشروط العمل األخرى التي يوافق عليها الرئيس ‪.‬بالنظر إلى القانون‬
‫الجديد ككل‪ ،‬فإن األفكار التي يقوم عليها برنامج غرفة التجارة‪ ،‬ومطلب العمال التقليدي لالعتراف‬
‫بالنقابات‪ ،‬وبعض األحكام المعدلة لمشروع قانون بالك كونري‪ ،‬تم جمعها معًا في إجراء واحد شامل‪،‬‬
‫وإلى هذه الخطة الشاملة وأضيف أيضًا‪ ،‬تحت عنوان منفصل‪ ،‬برنامج أشغال عامة واسع النطاق يسمح‬
‫بتخصيص اعتمادات قدرها ‪3.300.000.000‬دوالر‪.‬‬
‫كان الغرض األساسي من قانون إنعاش الصناعة الوطنية‪ ،‬كما ثبت في يونيو ‪ ،1933‬هو‪ ،‬على حد‬
‫تعبير الرئيس‪" ،‬إعادة الناس إلى العمل ‪".‬وكان هدفها في الوقت نفسه ضمان أرباح معقولة للصناعة‬
‫من خالل منع المنافسة غير العادلة واإلفراط الكارثي في اإلنتاج‪ ،‬وضمان‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪267‬‬
‫أجور المعيشة للعمال من خالل توزيع العمل على ساعات أقصر ‪.‬ووصف روزفلت القانون بأنه «أهم‬
‫وأبعد التشريعات التي سنها الكونجرس األمريكي على اإلطالق‪».‬‬
‫كانت جمعية السالح الوطنية على وشك االنهيار فعليًا بسبب الضغوط والتوترات الداخلية حتى قبل‬
‫أخيرا‪ ،‬وكانت بشكل عام ضحية غير مؤسفة للحماس المبكر للصفقة‬ ‫ً‬ ‫أن تحظرها المحكمة العليا‬
‫الجديدة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مضامينها بالنسبة للعمل ذهبت بعيدًا نحو تبرير تصريح روزفلت ‪.‬إن ضمان‬
‫المفاوضة الجماعية ووضع ضوابط لألجور وساعات العمل من خالل إجراءات الكونجرس‪ ،‬على الرغم‬
‫من الثغرات التي ظهرت في إنفاذ القانون‪ ،‬يمثل الخطوات األكثر تقد ًما التي اتخذتها الحكومة على‬
‫اإلطالق في مجال العالقات الصناعية ‪.‬ولم يكن من الممكن إعادة هذه الخطوات حتى عندما وافق‬
‫مجلس اإلدارة على أحكام أخرى في قانون الموارد الطبيعية ‪.‬التقطت الصفقة الجديدة األجزاء الممزقة‬
‫من القسم ( ‪7‬أ )وجمعتها معًا مرة أخرى‪ ،‬بعناية أكبر بكثير‪ ،‬في قانون فاغنر وقانون معايير العمل‬
‫العادلة ‪ .‬ولم يكن هناك تراجع في عهد روزفلت عن هذا التقدم التدريجي في حماية مصالح العمال‬
‫الصناعيين‪.‬‬

‫في يونيو ‪ ،1933‬تم الترحيب بـ ‪NRA‬بحماس في جميع أنحاء البالد ‪.‬صحيح أن صحيفة محافظة‬
‫مثل سجل المصنعين‪ ،‬التي كانت تنظر بعين مستهجنة إلى أي تنازالت للعمال على اإلطالق‪ ،‬سرعان ما‬
‫أعلنت أن "محرضي العمال" ‪... . .‬يحاولون إنشاء دكتاتورية عمالية في هذا البلد"‪ ،‬لكن هذه‬
‫المالحظة الحاسمة ضاعت وسط الجوقة العامة من الموافقة المتحمسة لبرنامج التعافي الجديد ‪.‬في‬
‫الفجر المشرق لتأسيسها‪ ،‬بدأت جمعية السالح الوطنية نشاطها تحت التوجيه الديناميكي للجنرال هيو‬
‫جونسون وسط ضجة من الخطابات الوطنية والمظاهرات الشعبية ‪.‬كرموز لقبول الكود ‪ ،‬سرعان ما تم‬
‫عرض ‪Blue Eagles‬بفخر بطول وعرض األرض‪.‬‬
‫العمال المشهود بفرح القسم ( ‪7‬أ ‪).‬أعلن ويليام جرين أن "ماليين العمال في جميع أنحاء البالد‬
‫وقفوا ألول مرة في سن الخامسة لتلقي ميثاق الحرية الصناعية "‪.‬لقد استيقظت عدد ال يحصى من‬
‫ونظرا لثقتهم في حماية القانون‪ ،‬شرع‬
‫ً‬ ‫النقابات بين عشية وضحاها من ركود السبات االكتئابي ‪.‬‬
‫المنظمون في استعادة القوة المستنزفة للسكان المحليين المحتضرين‪ ،‬وتشكيل مجموعات جديدة‪،‬‬
‫وغزو األراضي التي كانوا ممنوعين من دخولها في السابق ‪.‬وفي حقول الفحم‪،‬‬
‫‪268‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫كانت بطاقات جيش التحرير الشعبي في حفر المناجم تعلن "الرئيس روزفلت يريدكم أن تنضموا إلى‬
‫االتحاد ‪".‬لم ينتظر العمال أنفسهم في كثير من األحيان المبعوثين الرسميين من المقر الرئيسي لـ ‪AF‬‬
‫في ‪ L.‬ولكنهم أنشأوا موظفين محليين خاصين بهم‪ ،‬ثم تقدموا بطلب للحصول على مواثيق من‬
‫المنظمة األم ‪.‬لم يكن النفجار النشاط العمالي سابقة ربما باستثناء النمو الدراماتيكي لفرسان العمل قبل‬
‫نصف قرن‪.‬‬
‫عندما اجتمع ‪AF‬في ‪L.‬في مؤتمره السنوي في أكتوبر‪ ،‬أعلن الرئيس جرين بثقة أن إحصاء غير‬
‫رسمي أظهر انضمام أكثر من ‪1.500.000‬من المجندين الجدد إلى صفوفه‪ ،‬مما يعوض خسائر أكثر‬
‫من عقد من الزمن ويصل إجمالي العضوية إلى ما يقرب من أربعة ماليين‪.1 2‬لقد تصور هدفًا يصل إلى‬
‫عشرة ماليين‪ ،‬وفي النهاية خمسة وعشرون‪.‬‬
‫وكانت أعظم المكاسب في ما يسمى بالنقابات الصناعية‪ ،‬وخاصة تلك التي عانت بشدة خالل فترة‬
‫الكساد ‪.‬وفي غضون بضعة أشهر‪ ،‬استرد عمال المناجم المتحدون ‪ 300‬ألف عضو وأبرموا اتفاقيات‬
‫جديدة في حقول الفحم غير النقابية سابقًا في كنتاكي وأالباما؛ أضافت منظمة عمال المالبس النسائية‬
‫الدولية ‪100.000‬إلى قوائمها‪ ،‬واستعادت األراضي المفقودة في نيويورك والمتاجر الهاربة في أجزاء‬
‫أخرى من البالد‪ ،‬وعوضت حركة أمل لعمال المالبس خسائرها السابقة بحوالي ‪50.000‬مجند ‪.‬ولكن‬
‫هذا ليس كل شيء ‪.‬وبموجب المادة ( ‪7‬ز)‪ ،‬بدا أن القوات المسلحة التابعة لـ "ل "مستعدة‪ ،‬بشعارها‬
‫الجديد "تنظيم غير المنظمين في صناعات اإلنتاج الضخم"‪ ،‬لغزو األراضي التي كانت تنأى عنها في‬
‫السابق ‪.‬وقيل إنه تم تنظيم ما يقرب من ‪100.000‬عامل في صناعة السيارات‪ ،‬و ‪90.000‬في الصلب‪،‬‬
‫و ‪90.000‬في ساحات الخشب والمناشر‪ ،‬و ‪60.000‬في المطاط‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬سرعان ما تبين أن هذا النشاط المفاجئ بين العمال غير المنظمين كان له أساس غير‬
‫مبررا تما ًما ‪.‬إن الشكوك التقليدية لدى ‪AF‬من ‪L.‬تجاه‬
‫ً‬ ‫مستقر للغاية‪ ،‬ولم يكن التفاخر بالرئيس جرين‬
‫النقابات الصناعية‪ ،‬والتي عززها‬

‫‪1‬‬
‫حول العامة اإلحصاءات جميع أن إلى المرحلة هذه في اإلشارة تجدر ذلك‪ ،‬ومع ‪.‬النطاق واسع تقديرا األرقام هذه وكانت‬
‫ممكنة ليست الحقيقية الدقة ‪.‬االلتحاق عن اإلبالغ في واسع نطاق على الممارسات اختالف بسبب فقط تقريبية هي النقابات عضوية‬
‫‪ 1936.‬واشنطن‪ ، ،‬االقتصادية لألبحاث الوطني المكتب النقابية‪ ،‬الحركة في والجزر المد وولمان‪ ،‬ليو انظر ‪.‬اإلطالق على‬
‫‪2‬‬
‫مارست المتحالفة‪ ،‬الحرف من أكثر أو واحدة على تقتصر القضائية واليتها كانت التي الحرفية‪ ،‬النقابات من النقيض وعلى‬
‫أحيانًا تسمى كانت ‪.‬بأكملها الصناعة داخل الماهرة‪ ،‬غير أو الماهرة المهن‪ ،‬معظم أو جميع على قضائية والية الصناعية النقابات‬
‫‪.‬الوقت هذا في العمودية بالنقابات‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪269‬‬
‫تصميم قادة النقابات الحرفية القديمة على االحتفاظ بالسيطرة على الحركة العمالية‪ ،‬منعت أي حملة‬
‫لتنظيم العمال في اإلنتاج الضخم على طول الخطوط الصناعية ‪.‬كان األسلوب المقبول هو تشكيل ما‬
‫يسمى بالنقابات الفيدرالية‪ ،‬المرتبطة مباشرة بـ ‪AF‬في ‪L.‬نفسها‪ ،‬حتى يتم حل المشكالت القضائية‬
‫وامتصاص العضوية النقابية الجديدة في صناعات الصلب والسيارات والمطاط وغيرها من الصناعات‬
‫تدريج ًيا في النقابات القائمة ‪.‬بين عامي ‪1932‬و‪ ،1934‬ارتفع عدد المواثيق الفيدرالية المعلقة من‬
‫‪307‬إلى ‪1798.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن هذا هو شكل التنظيم الذي يلبي الحاجة الحقيقية للعمال غير المهرة‬
‫وسرعان ما بدأت موجة النشاط األولية في صناعات اإلنتاج الضخم لتهدأ‪.‬‬
‫أدى هذا الدليل على الفشل إلى ظهور طلب ُملح من جانب القادة األكثر تقدمية داخل القوات المسلحة‬
‫لـ ‪L.‬لتغيير التكتيكات ‪.‬ودعوا إلى حملة أكثر عدوانية لضم العمال غير المنظمين إلى الحظيرة والمنح‬
‫الفوري لمواثيق النقابات الصناعية في صناعة السيارات والصلب والمطاط واأللومنيوم والراديو ‪.‬‬
‫عندما رفضت األوليغارشية المحافظة التي كانت تسيطر على ‪AF‬لـ ‪L.‬هذه المطالب‪ ،‬أدى الشقاق‬
‫المتزايد بين أتباع النقابات الحرفية والنقابات الصناعية إلى ما كان بمثابة انقسام حاسم في صفوف‬
‫العمال ‪.‬وتحطمت وحدتها في اللحظة التي أتيحت لها الفرصة األعظم ‪.‬وشكل المتمردون العماليون‬
‫لجنتهم الخاصة للتنظيم الصناعي ‪ ،‬في ظل الظروف التي سنعود إليها‪ ،‬وفتح فصل جديد في تاريخ‬
‫العمل‪.‬‬
‫وفي هذه األثناء‪ ،‬اكتشفت النقابات األقدم أيضًا أن الوعد الكبير بميثاقها الجديد للحريات لن يتحقق‬
‫طلب‬‫دون مزيد من النضاالت ‪.‬في انتظار اعتماد القوانين الصناعية الخاصة بهيئة الموارد الطبيعية‪ُ ،‬‬
‫من جميع أصحاب العمل االشتراك في اتفاقية إعادة التوظيف الرئاسية ‪-‬وهو قانون شامل ينص على‬
‫دوالرا في األسبوع أو ‪40‬سنتًا في‬
‫ً‬ ‫أربعين ساعة في األسبوع‪ ،‬وتم تحديد الحد األدنى لألجور إما بـ ‪15‬‬
‫الساعة ‪.‬وألغيت عمالة األطفال لجميع من هم دون السادسة عشرة ‪.‬وكان من المقرر بعد ذلك وضع‬
‫المزيد من االتفاقيات الدائمة من قبل االتحادات التجارية‪ ،‬مع حماية مصالح العمال من خالل مجلس‬
‫استشاري عمالي في كل صناعة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬في التحليل النهائي‪ ،‬تصرفت االتحادات التجارية بشكل عام‬
‫بشكل مستقل ولم يكن للموظفين أي دور حقيقي في صياغة القوانين الدائمة ‪.‬حددت غالبيتهم نظام‬
‫دوالرا في األسبوع‪،‬‬
‫ً‬ ‫دوالرا إلى ‪15‬‬
‫ً‬ ‫العمل بأربعين ساعة في األسبوع‪ ،‬مع الحد األدنى لألجور من ‪12‬‬
‫ولكن في حين أن حوالي خمسة وتسعين بالمائة من العمال الصناعيين في البالد حصلوا على هذه‬
‫‪270‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الحماية في نهاية المطاف‪ ،‬فقد تم تجاهل حقوق العمل في جوانب أخرى إلى حد كبير ‪.‬ولم يتم االعتراف‬
‫بضمانات المفاوضة الجماعية بشكل قاطع أو تم تضاؤلها تدريجيا ً ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬نجحت شركات‬
‫صناعة السيارات في إدراج فقرة في قواعدها التنظيمية تمكنها من اختيار موظفيها أو االحتفاظ بهم أو‬
‫ترقيتهم "على أساس الجدارة الفردية ‪".‬من الناحية النظرية‪ ،‬ال يمكن االعتراض على مثل هذا الحق‪،‬‬
‫ولكن بالنسبة ألصحاب العمل المناهضين للنقابات‪ ،‬فقد وفر هذا الحق وسيلة للتمييز ضد أعضاء‬
‫النقابة بأي ذريعة مناسبة ‪.‬وأمر الرئيس روزفلت بعد ذلك بعدم تضمين تفسيرات القسم ( ‪7‬أ )في أي‬
‫قانون ‪.‬وأكد أنه ال يتعارض مع حق صاحب العمل الحقيقي في توظيف من يختاره‪ ،‬لكنه يحظر بوضوح‬
‫ممارسة هذا الحق كوسيلة لمنع الموظفين من االنضمام إلى النقابة‪.‬‬
‫ومع بدء الصناعة في التعافي وتسلل أصحاب العمل الخائفين بحذر من أقبية األعاصير التي دفعهم‬
‫إليها الكساد ‪ ،‬تطورت المزيد من االستياء بشأن االمتيازات الممنوحة للعمال مقابل حرية اإلدارة في‬
‫السيطرة على اإلنتاج وتحديد األسعار ‪.‬لقد حذر العصر الحديدي من مخاطر ما اختار أن يطلق عليه‬
‫"الضرب الجماعي بالهراوات"‪ ،‬وذكر ستيل أنه مع "تكشير العمالة المنظمة ألسنانها"‪ ،‬يجب بذل كل‬
‫جهد للحفاظ على المتجر المفتوح ‪.‬بعد النظر إلى التوقعات المخيفة بوجود ‪10‬ماليين عضو في القوات‬
‫المسلحة لـ ‪ ،L.‬أعلنت صحيفة ‪Commercial and Financial Chronicle‬أن البالد سيكون‬
‫لديها بعد ذلك "هيئة منظمة‪ ،‬أو طبقة داخل الدولة‪ ،‬أقوى من الدولة نفسها ‪.‬وهذا في حد ذاته يعني‬
‫انقراض الحرية واالستقالل ‪.‬في النهاية‪ ،‬سيسود القمع في كل مكان ‪. . . ".‬ردًا على مثل هذه‬
‫التحذيرات الخطيرة‪ ،‬رفض بعض أصحاب العمل بصراحة االمتثال على اإلطالق ألحكام العمل الواردة‬
‫في قوانين العمل‪ ،‬وسعى آخرون إلى كل وسيلة ممكنة للتهرب من روح القانون إن لم يكن نصه‪.‬‬
‫كان اتحاد الشركات أحد األسلحة الرئيسية المستخدمة في مكافحة النية الواضحة للقسم ( ‪7‬أ ‪).‬وال‬
‫أحرارا في‬
‫ً‬ ‫يمكن مطالبة الموظفين باالنضمام إلى مثل هذه المنظمة‪ ،‬لكن أصحاب العمل ال يزالون‬
‫ممارسة كل أنواع الضغط الممكنة لجعل األمر يبدو مستحسنًا ‪.‬وقد تم ذلك بفعالية كبيرة لدرجة أن معدل‬
‫االلتحاق باتحادات الشركات ارتفع بسرعة من ‪1.250.000‬إلى ‪2.500.000.‬ولم تكتف الجمعية‬
‫الوطنية للمقاومة بالموافقة ضمنا على مثل هذه النقابات‪ ،‬وذكرت أن الحكومة لم تؤيد "أي شكل معين‬
‫من أشكال التنظيم"‪ ،‬ولكنها شجعتها من خالل السماح‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪271‬‬
‫بالتمثيل النسبي في المفاوضة الجماعية ‪.‬حتى عندما قامت النقابة الوطنية بتسجيل أغلبية العمال في‬
‫المصنع‪ ،‬لم يتم قبولها كمتحدث باسم القوة العاملة بأكملها واإلدارة ال يزال بإمكانها التعامل مع أي‬
‫مجموعة أخرى من الموظفين ‪.‬وقد هاجم العمال مثل هذا التفسير للقانون باعتباره يبطل تما ًما مبدأ‬
‫المفاوضة الجماعية ‪.‬تعرضت ‪ NRA‬لهجوم شديد عندما قيل إن ‪National Runaround‬‬
‫و ‪Blue Eagle‬قد تحول إلى نسر‪.‬‬
‫ومع تشديد الخطوط القديمة للصراع الصناعي مرة أخرى‪ ،‬وجدت جمعية العمال الوطنية نفسها‬
‫عالقة بين نارين ‪:‬الموقف المتمرد للعديد من أصحاب العمل والمطالب النضالية للعمال ‪.‬أوالً‪ ،‬تم إنشاء‬
‫مجلس العمل الوطني‪ ،‬ثم مجالس خاصة في بعض الصناعات‪ ،‬وأخيراً في يوليو ‪ ،1934‬تم إنشاء‬
‫مجلس عالقات العمل الوطني للتعامل مع الحجم المتزايد للنزاعات الصناعية ‪.‬لقد فشلوا في كسب ثقة‬
‫وكثيرا ما بدا أنهم يعملون في أهداف متعارضة مع هيئة الموارد الطبيعية نفسها ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اإلدارة أو العمل‪،‬‬
‫دافع المجلس الوطني لعالقات العمل عن مبادئ مهمة ‪.‬كان دعمها لتمثيل األغلبية ‪ ،‬واالنتخابات‬
‫السرية والمفاوضة الجماعية الحسنة النية‪ ،‬إلى جانب رفضها االعتراف بالنقابات التي تهيمن عليها‬
‫الشركة‪ ،‬بمثابة أساس لسياسات المجلس الالحق الذي يحمل نفس االسم ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬تم إعاقة وتقييد‬
‫‪NLRB‬األصلي في ظل تشغيل إدارة التعافي الوطنية ولم يكن لديه القدرة على إنفاذ قراراته‪.‬‬
‫ومن أجل الدفاع عن مصالحهم‪ ،‬شعر العمال بأنهم مدفوعون أكثر فأكثر إلى اإلضرابات ‪.‬ارتفع عدد‬
‫النزاعات الصناعية بشكل حاد في النصف األخير من عام ‪1933 -‬تقري ًبا في فترة األشهر الستة هذه‬
‫كما كان الحال في عام ‪1932‬بأكمله ‪-‬وشهد العام التالي ارتفاعًا إجماليًا إلى ‪1856.‬وقد شارك في‬
‫المشروع ما يقرب من ‪1.500.000‬عامل –أكثر من سبعة بالمائة من إجمالي القوة العاملة ‪.‬وفي‬
‫قطاعات الصلب والسيارات والمنسوجات‪ ،‬بين عمال الشحن والتفريغ على ساحل المحيط الهادئ‬
‫وعمال األخشاب في الشمال الغربي‪ ،‬وفي العشرات من الصناعات األخرى‪ ،‬كانت اإلضرابات إما مهددة‬
‫أو اندلعت على نطاق مماثل لما حدث في أوائل عشرينيات القرن العشرين ‪.‬العديد من هذه اإلضرابات‬
‫كبيرا منها‪ ،‬ثلثها على األقل‪ ،‬كان من أجل االعتراف بالنقابات‪.‬‬
‫كانت من أجل زيادة األجور‪ ،‬لكن عددًا ً‬
‫بذلت الحكومة ما في وسعها لتهدئة هذه االضطرابات‪ ،‬فأنشأت مجالس استشارية خاصة ولجان‬
‫وساطة حاولت إعادة المضربين إلى العمل بينما تم إجراء مزيد من التحقيقات في الصناعات المعنية ‪.‬‬
‫تم منع تفشي المرض بين عمال الصلب والسيارات‬
‫‪272‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫من التطور إلى إضرابات وطنية في اللحظة األخيرة؛ أدت الوساطة إلى تسوية إضراب عمال الشحن‬
‫والتفريغ بعد أن سيطرت على سان فرانسيسكو لفترة وجيزة ما كان يسمى باإلضراب العام ‪.‬لكن العمال‬
‫عادوا إلى وظائفهم وهم غير راضين ومتشككين للغاية في سياسة الحكومة‪.‬‬
‫وكان اإلضراب األكثر خطورة وعنفا هو إضراب عمال النسيج ‪.‬كان أصحاب العمل يتجاهلون أحكام‬
‫القانون على نطاق واسع ولم تفعل هيئة قانون القطن شيئًا لتطبيقها ‪.‬للمطالبة بثالثين ساعة أسبوعيًا‬
‫دوالرا‪ ،‬وإلغاء التمدد واالعتراف بعمال النسيج المتحدين‪،‬‬
‫ً‬ ‫دون تخفيض الحد األدنى لألجور البالغ ‪13‬‬
‫خرج عمال المصانع بشكل جماعي خالل أغسطس ‪1934 - 110.000‬في ماساتشو ‪ ،‬و ‪50.000‬في‬
‫رود آيالند ‪60.000 ،.‬في جورجيا‪28.000 ،‬في أالباما ‪.‬بحلول نهاية الشهر‪ ،‬قُدر أن ما بين‬
‫‪400.000‬و ‪500.000‬رجل وامرأة كانوا مضربين في عشرين والية ‪-‬وهو أكبر إضراب فردي في‬
‫تاريخ العمل حتى ذلك الوقت ‪.‬في الجنوب‪ ،‬حيث اندفعت "أسراب الطيران "من بلدة طاحونة إلى أخرى‬
‫الستدعاء العمال وإقامة خطوط اعتصام‪ ،‬كانت هناك اشتباكات ال مفر منها مع الشرطة ونواب عمدة‬
‫الشرطة الخاصين ‪.‬وفي ذروة الصراع‪ ،‬كان هناك حوالي ‪11.000‬من رجال الحرس الوطني في ثماني‬
‫واليات مسلحين للحفاظ على النظام‪.‬‬
‫في ‪7‬سبتمبر‪ ،‬بعد تدخل الرئيس روزفلت ووعد بتعيين مجلس جديد لعالقات العمل في قطاع النسيج‬
‫لدراسة الظروف في الصناعة‪ ،‬ألغى قادة النقابات اإلضراب ‪.‬هل كان تراجعا ً استراتيجيا ً أم استسالماً؟‬
‫كانت اآلراء متنوعة وتم اإلشادة بصانعي سياسة العمل والهجوم عليهم ألنهم أمروا عمال النسيج‬
‫بالعودة ‪.‬ولكن سرعان ما أصبح من الواضح أنه لن يكون هناك سالم حقيقي في هذه الصناعة ‪.‬استمر‬
‫وكثيرا ما ُمنع المضربون العائدون من دخول المصانع‬ ‫ً‬ ‫أصحاب العمل في التمييز ضد أعضاء النقابات‪،‬‬
‫في المدن الجنوبية‪ ،‬وانتشر اإلحباط في صفوف العمال‪.‬‬
‫ويبدو أن المكاسب التي حققها العمال في األيام األولى لهيئة الموارد الطبيعية بدأت تتالشى ‪.‬‬
‫الموقف العنيد ألصحاب العمل غير الراغبين في قبول أحكام القانون أو تنفيذ مفاوضة جماعية بحسن‬
‫نية‪ ،‬وفشل الحكومة في حماية العمال في تسويات اإلضراب‪ ،‬وعدم قدرة أو إحجام ‪AF‬في ‪L.‬عن منح‬
‫عمال اإلنتاج الضخم الحق في العمل ‪.‬الدعم الذي كان من الممكن أن يمكّنهم من التنظيم بفعالية‪،‬‬
‫مجتمعًا لتبديد اآلمال الكبيرة لحزب العمال ‪.‬ورغم أن عدد أعضاء االتحاد في عام ‪1935‬كان أكبر‬
‫بمليون مما كان عليه قبل عامين‪،‬‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪273‬‬
‫لقد كان أقل من عالمة األربعة ماليين التي أعلنها جرين بفخر شديد عن إطار ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬وحده‬
‫في نهاية عام ‪1933.‬وقد سقط مئات اآلالف من المجندين الجدد على جانب الطريق وتم حل حوالي‬
‫ستمائة نقابة فيدرالية ‪.‬تضاءلت القوة المنظمة لعمال السيارات إلى ‪10000‬؛ تراجع النشاط في قطاع‬
‫الصلب ببقايا ‪8.600‬عضو فقط في الرابطة المندمجة لعمال الحديد والقصدير والصلب‪ ،‬ومن بين عدة‬
‫مئات اآلالف الذين انضموا إلى اتحاد عمال النسيج أثناء إضراب النسيج‪ ،‬بقي ‪80.000‬فقط مع‬
‫العمال ‪.‬اتحاد ‪.‬إن الحركة الدرامية التي انطلقت مع اعتماد المادة ( ‪7‬أ )فقدت زخمها‪.‬‬

‫بحلول بداية عام ‪ ، 1935‬لم يعد من الممكن إخفاء فشل هيئة الموارد الطبيعية‪ ،‬ليس فقط في حل‬
‫مشكلة عالقات العمل ولكن في توفير تنظيم أعمال ناجح ‪.‬لقد تعرضت للهجوم العلني على جميع‬
‫الجبهات في تناقض محزن مع الحماس المندفع للمسيرات والتلويح باألعالم التي تم الترحيب بها في‬
‫البداية ‪.‬لقد تم إعطاء دفعة أصلية للتعافي‪ ،‬لكن التأثير النفسي لتلك الطلقة في الذراع قد تالشى ‪.‬كانت‬
‫الشركات الكبرى عمو ًما في ثورة ضد أحكام العمل الواردة في القوانين ‪.‬وشعرت الشركات الصغيرة‬
‫بأنها محاصرة إلى الحائط بسبب إحياء االحتكار ومطالب النقابات ‪.‬كان حزب العمل مقتنعًا بأنه تعرض‬
‫للخيانة ‪ .‬ومع تعثر البرنامج برمته بسبب التناقضات الداخلية‪ ،‬لم تعد البالد مستعدة لدعم نظام من‬
‫الضوابط االقتصادية التي ال يمكن إدارتها بنجاح ويبدو أنها تؤثر بشكل كبير على المستهلك ‪.‬لقد كان‬
‫من دواعي االرتياح وليس الندم أن قبل الجمهور اإلعالن في مايو ‪ ،1935‬بأن المحكمة العليا قد‬
‫وجهت رصاصة الرحمة إلى النظام بأكمله من خالل اإلعالن‪ ،‬في قضية دواجن شيختر الشهيرة‪ ،‬أن‬
‫قانون اإلنعاش الصناعي الوطني كان غير دستوري‪.‬‬
‫لقد أطاح تطوره تما ًما بضمانات العمل التي تمت كتابتها في القسم ( ‪7‬أ ‪).‬ومع ذلك‪ ،‬فقد أدى تعديل‬
‫قانون العمل بالسكك الحديدية إلى توسيع هذه المزايا لتشمل موظفي السكك الحديدية‪ ،‬كما تم بالفعل‬
‫إطالق حملة لتأمينها على أساس أكثر صرامة لجميع العمال اآلخرين ‪.‬في وقت مبكر من مارس ‪،1934‬‬
‫قدم السيناتور فاغنر مشروع قانون لسد الثغرات التي مكنت الصناعة من شل قوة العمال من خالل‬
‫إنشاء نقابات الشركات ورفض المساومة‬
‫‪274‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الجماعية مع أي مجموعة أخرى ‪.‬وكان قد سحب هذا اإلجراء مؤقتًا بنا ًء على طلب الرئيس لفترة‬
‫تجريبية أخرى بموجب التشريع الحالي‪ ،‬لكنه أعاد تقديمه في وقت مبكر من عام ‪1935.‬وقبل أحد‬
‫عشر يو ًما فقط من إعالن عدم دستورية جمعية السالح الوطنية‪ ،‬مررها مجلس الشيوخ‪.‬‬
‫حظي مشروع قانون فاغنر بدعم قوي من حزب العمال‪ ،‬ومن الطبيعي أن يؤدي انهيار هيئة الموارد‬
‫الطبيعية إلى تكثيف الطلب على قبوله الفوري من قبل مجلس النواب ‪.‬وقد أدلى أحد الناشطين من حزب‬
‫الخضر على نحو غير عادي بشهادته أمام إحدى لجان الكونجرس قائالً" ‪:‬ال أمانع أن أقول لكم إن روح‬
‫العمال في أمريكا قد استيقظت ‪.‬سوف يجدون طريقة للمساومة الجماعية ‪. . . .‬يجب أن يكون للعمل‬
‫مكانه في الشمس ‪ .‬ال يمكننا ولن نستمر في حث العمال على التحلي بالصبر‪ ،‬ما لم يصبح مشروع‬
‫قانون فاغنر قانونًا‪ ،‬وما لم يتم تنفيذه بمجرد أن يصبح قانو ًنا‪”.‬‬
‫لم يكن لروزفلت أي دور في تطوير هذا اإلجراء الجديد‪ ،‬وبنا ًء على أدلة كل من الوزير بيركنز‬
‫وريموند مولي‪ ،‬لم يعجبه بشكل خاص عندما تم وصفه له ‪.‬لقد كان عمل السيناتور فاغنر ‪.‬ولكن مع‬
‫خروج ‪NRA‬من الصورة‪ ،‬كما أفاد مولي‪" ،‬فتح الرئيس ذراعيه "واحتضنها فجأة ‪.‬ال يمكن خذالن‬
‫حزب العمال بشكل كامل وهنا كانت الوسائل إلعادة تفعيل القسم ( ‪7‬أ )بشكل أقوى فيما يتعلق‬
‫بالمفاوضة الجماعية ‪.‬وبدعم من اإلدارة‪ ،‬وافق مجلس النواب على هذا اإلجراء على الفور ‪.‬تم التوقيع‬
‫عليه من قبل روزفلت في ‪5‬يوليو‪.‬‬
‫على الرغم من أن السياسة العامة لقانون فاغنر ‪-‬أو كما كان يطلق عليه رسميًا قانون عالقات‬
‫العمل الوطنية ‪-‬قد تم التنبؤ بها من خالل المادة ( ‪7‬أ )من قانون التعافي الصناعي الوطني‪ ،‬فقد أكد‬
‫القانون الجديد بشدة على التغيير األساسي في الموقف الحكومي تجاه العمل ‪.‬ولم يتم تجاهل األفكار‬
‫ا لقديمة المتعلقة بموقف عدم التدخل في العالقات الصناعية مرة أخرى فحسب؛ أيدت إدارة روزفلت‬
‫اآلن حق العاملين بأجر في التنظيم دون تقديم أي تنازالت مناسبة لإلدارة كما تم دمجها في ‪NRA.‬‬
‫وكانت مستعدة لتعزيز الموقف التفاوضي للعمال‪ ،‬وبالتالي قدرتهم على الحصول على حصة أكبر من‬
‫الدخل القومي‪ ،‬مقابل أي مطالبات قد تطرحها الصناعة ‪.‬كان مبرر هذا الموقف هو أنه فقط من خالل‬
‫الدعم الحكومي يمكن للعمال أن يلتقيوا باإلدارة على قدم المساواة في مجتمعنا الصناعي‪ ،‬وأن الوقت‬
‫قد حان عندما يتم تصحيح الموازين‪ ،‬التي كانت دائ ًما مرجحة بشدة لصالح الصناعة‪ ،‬لصالح الصناعة‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪275‬‬
‫‪.‬العمال ‪.‬كل ممارسة عمل غير عادلة محظورة في قانون فاغنر تنطبق على أصحاب العمل ولم تفرض‬
‫أي قيود على اإلطالق على النقابات‪.‬‬
‫أعلن روزفلت أن الغرض من القانون هو خلق عالقة أفضل بين العمل واإلدارة‪ ،‬لكنه كان على علم‬
‫ضمن ًيا بأحادية الجانب ‪.‬وقال" ‪ :‬من خالل منع الممارسات التي تميل إلى تدمير استقالل العمل‪ ،‬فإنها‬
‫تسعى‪ ،‬لكل عامل ضمن نطاقها‪ ،‬إلى الحصول على حرية االختيار والعمل التي هي حقه العادل‪".‬‬
‫ولضمان هذه الحرية‪ ،‬لم يتم التأكيد صراحةً على حق العمال في التنظيم فحسب‪ ،‬بل كان كل تدخل‬
‫أمرا صري ًحا ‪.‬كان من الممارسات العمالية غير العادلة أن يقوم صاحب العمل‬‫من جانب أصحاب العمل ً‬
‫بتقييد أو إكراه موظفيه على ممارسة حقوقهم‪ ،‬أو محاولة السيطرة أو حتى المساهمة ماليًا في دعم أي‬
‫منظمة عمالية‪ ،‬أو تشجيع أو تثبيط العضوية النقابية عن طريق التمييز في التوظيف والفصل ‪.‬أو رفض‬
‫المساومة الجماعية ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان الممثلون المعينون للمفاوضة الجماعية من قبل أغلبية‬
‫الموظفين في وحدة مناسبة‪ ،‬سواء كانت صاحب عمل أو وحدة حرفية أو مصنع‪ ،‬يتمتعون بحقوق‬
‫تفاوض حصرية لجميع الموظفين ‪.‬لقد تعهد التشريع الجديد بالتأكيد بحظر النقابات التي تهيمن عليها‬
‫الشركات والتي ازدهرت في ظل قانون التنظيم الوطني‪ ،‬وتعزيز وتعزيز نمو النقابات الحقيقية‪.‬‬
‫تم وضع إدارة قانون فاغنر في أيدي مجلس عالقات العمل الوطني الجديد‪ ،‬المكون من ثالثة‬
‫أعضاء‪ ،‬مع السلطة الوحيدة لتحديد وحدة التفاوض المناسبة واإلشراف على االنتخابات التي يختار‬
‫فيها الموظفون ممثليهم الحصريين للتعامل مع أرباب العمل ‪.‬ويمكن للمجلس أيضًا االستماع إلى‬
‫الشكاوى المتعلقة بممارسات العمل غير العادلة‪ ،‬وإصدار أوامر "التوقف والكف "عندما يتبين أنها‬
‫مبررة‪ ،‬وتقديم التماس إلى المحاكم لتنفيذ أوامره‪ .‬لم تكن ‪NLRB‬مهتمة بجوهر الخالفات حول‬
‫األجور وساعات العمل‪ ،‬أو أي قضايا أخرى تؤثر على ظروف العمل‪ ،‬ولكن فقط مع التشجيع العملي‬
‫وتسهيل المفاوضة الجماعية‪.‬‬
‫للوظائف شبه القضائية لهذه الوكالة اإلدارية " ‪:‬يجب أن يكون مفهو ًما بوضوح أنها لن تعمل‬
‫كوسيط أو موفق في النزاعات العمالية ‪.‬تظل وظيفة الوساطة‪ ،‬بموجب هذا القانون‪ ،‬من واجبات وزير‬
‫العمل وخدمة التوفيق التابعة لوزارة العمل ‪. ...‬ومن‬
‫‪276‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫المهم عدم الخلط بين الوظيفة القضائية ووظيفة الوساطة ‪.‬فالحل الوسط‪ ،‬وهو جوهر الوساطة‪ ،‬ليس‬
‫له مكان في تفسير القانون وإنفاذه‪.‬‬
‫في وقت إقراره‪ ،‬حظي قانون فاغنر بدعم واسع النطاق ‪.‬انتقدت العناصر المحافظة داخل مجتمع‬
‫األعمال انحياز القانون‪ ،‬وتنبأت بحرية بعدم مسؤولية النقابات بموجب أحكامه‪ ،‬وكانوا منزعجين‬
‫بشكل عام مما اعتبروه مخاطر على الرقابة اإلدارية ‪.‬لكن استطالعات الرأي العام أكدت مراراً وتكراراً‬
‫على التعاطف الشعبي مع تطلعات العمال في هذه األيام ‪.‬وكان هناك شعور عام بأن العمال لهم الحق‬
‫الكامل في الحصول على الحماية الحكومية حتى على حساب اإلدارة‪ ،‬والثقة بأنهم لن يسيئوا استخدام‬
‫امتيازاتهم الجديدة‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬أصبحت‬
‫ً‬ ‫ولكن أيا ً كانت إيجابيات وسلبيات التشريع الجديد‪ ،‬فإن آثاره كانت هائلة ‪.‬‬
‫التعبيرات العامة التي تؤكد حق العمال في التنظيم ‪-‬في قانون كاليتون‪ ،‬وقانون نوريس الغوارديا‪،‬‬
‫وقانون إنعاش الصناعة الوطنية ‪-‬حقيقة واقعة ‪.‬لقد ناضل حزب العمال ألكثر من قرن من الزمن من‬
‫أجل التحرر من القيود القانونية التي أعاقت نشاطه ‪.‬لقد ناضلت ضد قوانين المؤامرة‪ ،‬وضد إنفاذ‬
‫العقود الصفراء‪ ،‬وضد التفسيرات القضائية للحرية التي أبطلت في الواقع حرية العامل الفردي‪ ،‬وضد‬
‫االستخدام التعسفي لألوامر الزجرية ‪.‬لم يقتصر قانون فاغنر على إزالة العوائق السابقة أمام النشاط‬
‫النقابي‪ ،‬بل أقام حواجز كبيرة أمام أي تدخل من جانب أصحاب العمل في التعبئة الكاملة للقوة‬
‫االقتصادية للعمال‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬ال يزال يتعين خوض المعركة لتحقيق الفوائد الكاملة للقانون الجديد ‪.‬وبينما كان العديد‬
‫من أصحاب العمل على استعداد لقبول أحكامها والتفاوض بشكل جماعي مع موظفيهم بحسن نية‪ ،‬كان‬
‫هناك آخرون يعارضون االنضمام إلى النقابات بشدة لدرجة أنهم كانوا مصممين على مواصلة‬
‫مقاومتهم له بأي ثمن ‪.‬وفي العديد من األوساط‪ ،‬كان على حزب العمال أن يدفع بحملته من أجل التنظيم‬
‫ضد معارضة شرسة لم يواجهها من قبل ‪.‬عاد العمال مرة أخرى إلى اإلضرابات لكسب االعتراف‬
‫النقابي الذي حجبته العديد من الشركات على الرغم من كل الضمانات الحكومية‪.‬‬
‫كان العذر الذي يتم تقديمه في كثير من األحيان لرفض تلبية المتطلبات القانونية الجديدة للمفاوضة‬
‫الجماعية هو أن قانون فاغنر كان غير‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪277‬‬
‫دستوري ‪.‬وبعد أن نصحهم محاموهم بأن المحكمة العليا ستبطله بشكل شبه مؤكد باعتباره يتجاوز‬
‫صالحيات الكونجرس فيما يتعلق بالتجارة بين الواليات‪ ،‬والتي استندت إليها أحكامه‪ ،‬لم يتردد أصحاب‬
‫العمل المناهضون للنقابات في انتهاك القانون وأصدروا عشرات األوامر القضائية لمنع التجارة‬
‫الوطنية ‪.‬مجلس عالقات العمل من إنفاذه ‪.‬لقد شنوا هجو ًما على العمال كان يهدف بشكل خاص إلى‬
‫تكوين نقابات في قطاعات الصلب والسيارات والمطاط وغيرها من الصناعات ذات اإلنتاج الضخم ‪.‬وما‬
‫زالوا يحاولون الحفاظ على سيطرتهم على نقابات الشركات ‪.‬تم توظيف جواسيس العمل‪ ،‬وحمام‬
‫البراز‪ ،‬والعمالء المحرضين لل كشف عن أي دليل على وجود نشاط نقابي‪ ،‬وزرع بذور عدم الثقة‬
‫والشك بين العمال أنفسهم‪ ،‬وتقديم المعلومات التي من شأنها تمكين أصحاب العمل من التخلص من‬
‫جميع أولئك الذين قد يتم تصنيفهم ‪.‬كمحرضين ‪.‬تم الحفاظ على فرق الذراع القوية في بعض المواقف‬
‫لتثبيط العضوية النقابية بأساليب أكثر قسوة‪ ،‬وتعرض المنظمون الخارجيون للضرب‪ ،‬وتم هروبهم من‬
‫المدينة وتهديدهم بمزيد من العنف في حالة ظهورهم مرة أخرى‪.‬‬
‫كان تقرير لجنة ال فوليت للحريات المدنية بمثابة كشف صادم عن تجاهل الحقوق القانونية‬
‫والدستورية التي ميزت العالقات الصناعية على نطاق واسع بين عامي ‪1933‬و ‪1937.‬وقد كشفت‬
‫الدفعة األولى‪ ،‬التي نُشرت في ديسمبر‪/‬كانون األول من عام ‪ ،1937‬أن نحو ‪2500‬شركة‪ ،‬كانت‬
‫القائمة التي تقول "مثل الكتاب األزرق لمحاولة الصناعة األمريكية "قد اتبعت منذ فترة طويلة‬
‫ممارسة توظيف جواسيس العمل من الوكاالت المتخصصة في التجسس الصناعي ‪.‬أظهرت سجالت‬
‫شركات مثل وكاالت بينكرتون وبرومز‪ ،‬وشركة السكك الحديدية والتفتيش التدقيقي ‪ ،‬والشركة‬
‫المساعدة للشركات‪ ،‬أنها زودت خالل فترة الثالث سنوات قيد المراجعة ما مجموعه ‪ً 3871‬‬
‫وكيال‬
‫لإلبالغ عن األنشطة النقابية‪ ،‬وإثارة االستياء بين الموظفين وعرقلة التنظيم العمالي بشكل عام ‪.‬وفي‬
‫تنفيذ أنشطتهم السرية‪ ،‬أصبح النشطاء األفراد منتسبين إلى ثالثة وتسعين نقابة‪ ،‬ونجح ثلث محققي‬
‫بينكرتون بالفعل في أن يصبحوا مسؤولين نقابيين ‪.‬وذكر أيضًا أن قائمة مختارة من الشركات ‪،‬‬
‫التمثيلية ولكن غير الشاملة‪ ،‬أنفقت من عام ‪ 1933‬إلى عام ‪1936‬ما مجموعه ‪9.440.000‬دوالر‬
‫على الجواسيس ومفسدي اإلضراب والذخائر‪ ،‬وتحملت شركة جنرال موتورز وحدها فاتورة قدرها‬
‫‪830.000‬دوالر‪.‬‬
‫وخلصت لجنة الفوليت إلى أن "الجمهور ال يستطيع السماح لهذا التحدي المتمثل في التجسس‬
‫التجريبي في السند بالمرور دون أن يالحظه أحد" ‪".‬من خالله تهيمن الشركات الخاصة على‬
‫موظفيها‪ ،‬وتحرمهم من‬
‫‪278‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫حقوقهم الدستورية‪ ،‬وتعزز الفوضى والتنافر‪ ،‬بل إنها تقلل من صالحيات الحكومة نفسها‪".‬‬
‫عندما قامت هذه اللجنة نفسها بالتحقيق في إضراب شركة ليتل ستيل عام ‪ ،1937‬كان الكشف عن‬
‫األسلحة التي تم تجميعها لحرب الصناع التجريبية أكثر إثارة للدهشة من تلك المتعلقة بالتجسس‬
‫الصناعي ‪.‬كان لدى شركة ‪Youngstown Sheet and Tube‬في متناول اليد ‪8‬مدافع رشاشة‬
‫سا‪ ،‬مع ‪6000‬طلقة من ذخيرة الكرات و ‪3950‬طلقة من ذخيرة‬ ‫و ‪369‬بندقية و ‪190‬بندقية و ‪450‬مسد ً‬
‫الطلقات‪ ،‬وكذلك ‪109‬بنادق غاز مع أكثر من ‪3000‬طلقة من ذخيرة الغاز ‪.‬كان لدى شركة‬
‫‪Republic Steel Corporation‬معدات مماثلة‪ ،‬وبمشتريات من الغاز المسيل للدموع والغازات‬
‫المقززة تبلغ ‪79000‬دوالر‪ ،‬تم وصفها بأنها أكبر مشتر لمثل هذه اإلمدادات ‪-‬باستثناء هيئات إنفاذ‬
‫القانون ‪-‬في الواليات المتحدة ‪.‬وأعلن السيناتور ال فوليت أن ترسانات شركتي الصلب هاتين "ستكون‬
‫معدات كافية لحرب صغيرة‪".‬‬
‫تم أيضًا تسليط الضوء على مثال سيئ السمعة بشكل خاص للتقنيات الصناعية في مكافحة النقابات‪،‬‬
‫والتي طورتها شركة ريمنجتون راند ألول مرة ثم تم نشرها على نطاق واسع من قبل الرابطة الوطنية‬
‫للمصنعين تحت اسم صيغة وادي موهوك ‪.‬رسمت هذه الصيغة حملة منهجية إلدانة جميع منظمي‬
‫النقابات باعتبارهم محرضين خطرين‪ ،‬وحشد المجتمع لدعم أصحاب العمل باسم القانون والنظام‪،‬‬
‫وترهيب المضربين من خالل تعبئة الشرطة المحلية لتفريق االجتماعات‪ ،‬والتحريض على حركات‬
‫سرا‪ ،‬وإنشاء لجان يقظة للحماية من‬ ‫"العودة إلى العمل ‪".‬من خالل تنظيم "الموظفين المخلصين " ً‬
‫إعادة تشغيل المصنع المتضرر مرة أخرى ‪.‬كان الغرض األساسي وراء صيغة وادي موهوك هو كسب‬
‫الدعم العام من خالل وصف قادة النقابات بأنهم مخربون والتهديد بإزالة الصناعة المتضررة من‬
‫المجتمع إذا وقفت المصالح التجارية المحلية جان ًبا وسمحت للمحرضين المتطرفين بالسيطرة على‬
‫العمال المستعدين والقلقين ‪.‬للتعاون مع أصحاب عملهم‪.‬‬
‫ً‬
‫كشفت األدلة التي نشرتها لجنة ال فوليت النقاب عن جوانب كانت مخفية سابقا للحرب الصناعية ‪.‬‬
‫وحتى الصحف األكثر محافظة ‪ ،‬رغم اإلشارة إلى أن تحقيق اللجنة كان من جانب واحد وأن تقريرها‬
‫مبالغ فيه بال شك‪ ،‬فقد اعترفت بوضع ال يمكن التغاضي عنه وهبت للدفاع عن الحريات المدنية‬
‫للعمال ‪.‬وفي الواقع‪ ،‬لعبت عمليات الكشف عن المعلومات‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪279‬‬
‫دورا بالغ األهمية في إقناع العديد من الشركات بحكمة التخلي عن الممارسات التي ال يمكن أن تصمد‬ ‫ً‬
‫أمام ضوء النهار‪.‬‬
‫كان حزب العمال في هذه األثناء يحارب هذه الحملة المناهضة للنقابات بتكتيكاته المتشددة ‪.‬‬
‫استمرت االضطرابات الصناعية واسعة النطاق طوال الفترة التي كانت فيها المبادئ األساسية التي‬
‫يقوم عليها قانون فاغنر على المحك ‪.‬وفي عام ‪ ،1937‬ارتفعت اإلضرابات إلى ذروتها أعلى مما كانت‬
‫عليه في عام ‪1934.‬وبلغ مجموع اإلضرابات ‪4720‬وشارك فيها ما يقرب من مليوني عامل‪.‬‬
‫كانت دستورية قانون فاغنر ال تزال غير محددة حيث وصلت هذه الموجة الجديدة من االضطرابات‬
‫إلى ذروتها المثيرة في إضرابات عمال السيارات في شركة جنرال موتورز‪ ،‬لكن المحكمة العليا‬
‫أخيرا في ‪12‬أبريل ‪1937.‬وفي سلسلة من القرارات‪ ،‬وكان أهمها ما تم تقديمه في قضية‬ ‫ً‬ ‫تصرفت‬
‫المجلس الوطني لعالقات العمل ضد شركة جونز والفلين للصلب‪ ،‬حيث تم الحفاظ على القانون ‪.‬وكان‬
‫هذا انتصارا ً مذهالً للصفقة الجديدة وللعمالة المنظمة‪ ،‬وهو ما يعكس التغير في موقف المحكمة الذي‬
‫وضع حدا ً جذريا ً للصراع حول إعادة تنظيمها الذي بدأه الرئيس روزفلت في وقت سابق من العام ‪.‬تم‬
‫اإلعالن عن أن تنظيم عالقات العمل ألنها قد تؤثر على التجارة بين الواليات يقع بشكل واضح ضمن‬
‫اختصاص الكونجرس بموجب بند التجارة‪ ،‬وتم رفض االدعاء بأن حقوق صاحب العمل أو الموظف قد‬
‫تم انتهاكها من خالل أحكام القانون بشكل قاطع‪.‬‬
‫"يتمتع الموظفون بحق واضح في تنظيم واختيار ممثليهم ألغراض مشروعة‪" ،‬صرح رئيس‬
‫المحكمة العليا هيوز في القرار من خمسة إلى أربعة في قضية ‪NLRB‬ضد جونز والفلين‪" ،‬حيث‬
‫يتعين على المدعى عليه تنظيم أعماله واختيار مسؤوليها ووكالئها ‪.‬إن التمييز واإلكراه لمنع‬
‫الممارسة الحرة لحق الموظفين في التنظيم الذاتي والتمثيل هو موضوع مناسب لإلدانة من قبل السلطة‬
‫التشريعية المختصة ‪.‬لقد ذكرنا منذ فترة طويلة سبب وجود المنظمات العمالية ‪.‬قلنا ذلك لقد تم تنظيمهم‬
‫بسبب ضرورات الموقف؛ وأن الموظف الواحد كان يساعد بشكل أقل في التعامل مع صاحب العمل؛‬
‫وأنه كان يعتمد عادة على أجره اليومي إلعالة نفسه وأسرته؛ وأنه إذا رفض صاحب العمل أن يدفع له‬
‫قادرا على ترك العمل ومقاومة المعاملة التعسفية‬‫األجر األجور التي كان يعتقد أنها عادلة‪ ،‬لم يكن أبدًا ً‬
‫وغير العادلة ‪ ،‬وكان هذا االتحاد ضروريًا لمنح العمال فرصة التعامل على قدم المساواة مع صاحب‬
‫العمل‪. . . ".‬‬
‫‪280‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫أخيرا في وضع يسمح له بتطبيق‬ ‫ً‬ ‫وبعد ترسيخ سلطته‪ ،‬أصبح المجلس الوطني لعالقات العمل‬
‫القانون بفعالية ‪ .‬وقد فسرت الحكم على نطاق واسع بأنه من ممارسات العمل غير العادلة أن يقوم‬
‫صاحب العمل بالتدخل في موظفيهم أو تقييدهم أو إكراههم على ممارسة حقوقهم ‪.‬لم يتم حظر‬
‫الممارسات القديمة مثل عقود الكالب الصفراء‪ ،‬والقائمة السوداء وغيرها من أشكال التمييز العلنية‬
‫فحسب‪ ،‬بل تم حظر توظيف جواسيس العمل والدعاية المناهضة للنقابات ‪.‬تم حل النقابات التي تهيمن‬
‫عليها الشركات‪ ،‬وتم تأييد كل من المحالت النقابية والمتاجر المغلقة‪ ،‬ومنع التدخل في االعتصامات‬
‫السلمية‪.‬‬
‫تم التعامل فعليًا مع غالبية القضايا المعروضة على مجلس اإلدارة فيما يتعلق بممارسات العمل غير‬
‫العادلة دون المساس بمصالح الصناعة ‪.‬وبطبيعة الحال‪ ،‬يظل صحي ًحا أنه قد يتم في كثير من األحيان‬
‫طرح اتهامات غير مبررة على اإلطالق‪ ،‬وأن اإلدارة ال تستطيع الرد على أي شكاوى حول ممارسات‬
‫غير عادلة من جانب النقابات ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان السجل اإلجمالي لـ ‪NLRB‬مختلفًا تما ًما عن ذلك الذي‬
‫قدمته الصحافة المعادية بشكل عام والتي لم تضيع أي فرصة لمهاجمة مجلس اإلدارة بسبب تحيزه‬
‫المفترض للعمال‪.‬‬
‫تمت معالجة ما مجموعه ‪36000‬قضية تتعلق بتهم ممارسات العمل غير العادلة و ‪38000‬قضية‬
‫تتعلق بتمثيل الموظفين ‪.‬وبالنظر إليها ككل‪ ،‬فقد تم سحب ‪25.9‬في المائة دون اتخاذ أي إجراء‪ ،‬وتم‬
‫فصل ‪11.9‬في المائة من قبل المديرين اإلقليميين‪ ،‬وتمت تسوية ‪46.3‬في المائة عن طريق إجراءات‬
‫غير رسمية أدت إلى اتفاق متبادل‪ ،‬واحتاج ‪15.9‬فقط إلى جلسات استماع رسمية ‪.‬وأدت الحاالت‬
‫األخيرة إلى حل حوالي ‪2000‬نقابة للشركات وإعادة ‪300‬ألف موظف إلى وظائفهم‪ ،‬مع دفع متأخرات‬
‫إجمالية قدرها ‪9‬ماليين دوالر‪ ،‬حيث أدين أصحاب العمل بالتمييز ضد أعضاء النقابات حسن النية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى النظر في قضايا ممارسات العمل غير العادلة وإصدار أوامر اإليقاف والكف عندما‬
‫وجدت أنها مبررة‪ ،‬أجرى المجلس الوطني لعالقات العمل خالل هذه الفترة من ‪1935‬إلى ‪1945‬أيضًا‬
‫حوالي ‪24000‬انتخابات‪ ،‬شارك فيها ‪6000000‬عامل‪ ،‬لتحديد العمل الجماعي ‪.‬وحدات المساومة فاز‬
‫‪CIO‬بنسبة ‪40‬في المائة من هذه االنتخابات‪ ،‬و ‪AF‬بنسبة ‪33.4‬في المائة‪ ،‬والنقابات المستقلة‬
‫بنسبة ‪10.5‬في المائة‪ ،‬وفي ‪16.1‬في المائة لم يتم اختيار أي وحدة مساومة ‪.‬ويجب أن نتذكر أن‬
‫مجلس اإلدارة لم يكن له أي عالقة على اإلطالق بالنزاعات حول األجور وساعات العمل‪ ،‬ولكن فيما‬
‫يتعلق بالقضايا التي تم تفويضه بالتعامل معها‪ ،‬فقد ساعدت أنشطته بشكل كبير في استقرار العالقات‬
‫الصناعية‪.‬‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪281‬‬
‫كانت الحماية الممنوحة لحق العمال في التنظيم والمفاوضة الجماعية هي المرحلة األكثر أهمية في‬
‫السياسة المؤيدة للعمال التي تم اتباعها عمو ًما في ظل الصفقة الجديدة ‪.‬بمجرد أن شرعت إدارة روز‬
‫فيلت في مسارها‪ ،‬ذهبت إلى ما هو أبعد من أي إدارة سابقة في تشجيع نمو النقابات وقبول الدور‬
‫األساسي الذي لعبته في تنمية اقتصادنا الوطني ‪.‬لكن قانون فاغنر لم يكن إجراء الصفقة الجديدة‬
‫الوحيد الذي ساعد العمال أو ساهم في تحسين وضع العمال الصناعيين‪.‬‬
‫إن إصرار الرئ يس‪ ،‬منذ األيام األولى له في منصبه‪ ،‬على التزام الحكومة بالتعامل مباشرة مع‬
‫المشاكل األساسية للبطالة واإلغاثة‪ ،‬أظهر بوضوح فه ًما متعاطفًا الحتياجات العاملين بأجر في البالد‬
‫والذي كان يتماشى مع معظم المبادئ التقدمية للديمقراطية األمريكية ‪.‬كان المقصود في المقام األول‬
‫من برنامج األشغال العامة المدرج في قانون التعافي الصناعي الوطني أن يكون وسيلة لتحفيز‬
‫الصناعة‪ ،‬لكن كان لدى كل من فيلق الحفظ المدني واإلدارة الفيدرالية لإلغاثة في حاالت الطوارئ‬
‫أهداف مباشرة تتمثل في إغاثة الجيش العظيم من العاطلين عن العمل ‪.‬لقد مثلوا نهجا للتعامل مع‬
‫المشكلة الحيوية المتمثلة في االحتياجات اإلنسانية‪ ،‬والذي يختلف بشكل حاد عن نهج الرئيس هوفر‪،‬‬
‫الذي ظل لفترة طويلة يعارض اإلغاثة المباشرة باعتبارها تقوض المبادرة الفردية واحترام الذات ‪.‬كان‬
‫على إدارة روزفلت أن تكون أكثر واقعية في إدراك الموقف الذي وجد فيه العاطلون عن العمل أنفسهم‬
‫وضرورة المساعدات الحكومية حتى تتمكن الصناعة التي تم إحياؤها من توفير فرص طبيعية‬
‫للتوظيف‪.‬‬
‫وقد تم إثبات ذلك أيضًا في البرنامج الذي بلغ ذروته في إدارة تقدم األعمال ‪.‬ولم يتم إنشاء هذه‬
‫الوكالة لمساعدة العاطلين عن العمل فحسب‪ ،‬بل لتزويدهم بالوظائف التي تمكنهم من االحتفاظ‬
‫باحترامهم لذاتهم ‪.‬وكان بطء وتيرة التعافي‪ ،‬والركود الذي نشأ في عام ‪ ،1937‬سببا ً في إشراك‬
‫الحكومة في هذه المهمة بشكل أعمق بكثير مما كان متوقعا ً في األصل ‪.‬مع ذلك‪ ،‬اعتبرت رفاهية العمال‬
‫الصناعيين أكثر أهمية من االقتصادات الممكنة‪ ،‬وتمسكت اإلدارة بمسارها على الرغم من كل‬
‫االنتقادات للنفقات الهائلة التي ينطوي عليها األمر‪.‬‬
‫وكان اإلجراء األكثر بعداً‪ ،‬والذي اعتبره روزفلت "حجر الزاوية في إدارته"‪ ،‬هو قانون الضمان‬
‫االجتماعي بما يتضمنه من أحكام شاملة للتأمين ضد البطالة‪ ،‬والتأمين على الشيخوخة ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫المساعدات للمحتاجين ‪.‬وقد عارض اتحاد العمل األمريكي المبادئ التي يقوم عليها هذا القانون‬
‫‪282‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬حتى عكس سياسته التقليدية بشأن التأمين ضد البطالة في اتفاقية عام ‪1932.‬ثم خرج‬
‫لدعم العمل الحكومي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مصلحة الرئيس الخاصة هي التي دعمت الدافع نحو الضمان‬
‫االجتماعي بشكل أكثر فعالية ‪.‬كتب الوزير بيركنز" ‪:‬في ذهنه‪ ،‬كان هذا هو برنامجه ‪".‬‬
‫أجرى روزفلت دراسات حول أفضل طريقة لتوفير الضمان االجتماعي في أوائل عام ‪ ،1933‬وتحدث‬
‫باستمرار مع مستشاريه حول ما أسماه تأمين "من المهد إلى اللحد "قبل فترة طويلة من انتشار‬
‫العبارة في إنجلترا‪ ،‬وعين لجنة لألمن االقتصادي في حكومته ‪.‬مجلس الوزراء للتوفيق بين وجهات‬
‫النظر المختلفة حول كيفية التعامل مع البرنامج بأكمله ‪.‬تم وضع مشروع قانون مقترح على "قائمة‬
‫الواجبات "في عام ‪ ،1934‬وعندما فشل الكونجرس في التصرف في ذلك العام‪ ،‬جدد إصراره على‬
‫اعتماده في الجلسة التالية ‪.‬تم اتخاذ اإلجراء النهائي بعد ذلك‪ ،‬وفي أغسطس ‪ ،1935‬تمت الموافقة‬
‫بأغلبية ساحقة على قانون الضمان االجتماعي‪.‬‬
‫يتألف القانون الجديد من ثالثة أجزاء رئيسية ‪:‬أوالً‪ ،‬كان من المقرر التعامل مع تعويضات البطالة‬
‫عبر الواليات من خالل إعفاء تسعين بالمائة من ضريبة الرواتب الوطنية لكل والية تتبنى برنامج‬
‫تأمين يلبي المواصفات الفيدرالية ‪.‬ثان ًيا‪ ،‬يجب أن يتم توفير معاشات الشيخوخة مباشرة من قبل‬
‫الحكومة الفيدرالية من األموال المضمونة من خالل الضرائب المتساوية المفروضة على أصحاب‬
‫العمل والموظفين والتي تبدأ بواحد في المائة من أجور األخير وترتفع تدريجيا ً إلى ثالثة في المائة ‪.‬‬
‫ثالثًا‪ ،‬كان من المقرر تقديم مساعدات أخرى للمحتاجين من خالل المنح المقدمة للواليات للمسنين‬
‫والمكفوفين واألطفال المعالين والمقعدين والمعوقين‪ ،‬في حين تم تخصيص األموال الفيدرالية أيضًا‬
‫لخدمات صحة األم والطفل‪ ،‬وأعمال رعاية األطفال‪ ،‬وإعادة التأهيل ‪.‬المعاقين والصحة العامة‪.‬‬
‫كان برنامج الضمان االجتماعي هذا محدودًا في نطاقه بسبب استبعاد عدة فئات من الموظفين؛ ولم‬
‫تكن مدفوعات فوائدها مبالغ فيها بأي حال من األحوال‪ ،‬وكانت أقل كثيراً من مستوى التأمين "من‬
‫المهد إلى اللحد "الذي كان روزفلت يحب أن يتحدث عنه ‪.‬وال تزال الواليات المتحدة متخلفة عن الدول‬
‫األخرى التي طورت منذ فترة طويلة خط ًطا أكثر شموالً ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان القانون الجديد بمثابة تطور‬
‫تاريخي آخر في تاريخ أمة ملتزمة منذ فترة طويلة بمفاهيم عدم التدخل في دور الحكومة في الشؤون‬
‫االقتصادية واالجتماعية ‪.‬لقد كان حصول الضمان االجتماعي على دعم الصناعة والعمل والجمهور‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪283‬‬
‫مؤشرا بالغ األهمية على كيفية تأثير ضغط الظروف االقتصادية على المواقف الشعبية منذ الكساد‪.‬‬ ‫ً‬
‫كتب جرين« ‪ :‬لقد أظهرت تجربة هذه السنوات أن كارثة األزمة ذاتها أجبرت الحكومة على تحمل‬
‫المسؤوليات واالضطالع بالمهام ضمن مجال المساعي الخاصة التي كانت تعتبر خارج نطاقها ‪.‬‬
‫واضطرت الحكومة الوطنية‪ ،‬التي تعمل نيابة عن جميع الناس‪ ،‬إلى رعاية المحتاجين والعاطلين عن‬
‫العمل‪.‬‬
‫باإلضافة إلى اإلغاثة المباشرة للعاطلين عن العمل والضمان االجتماعي‪ ،‬التزمت الصفقة الجديدة‬
‫أيضًا بتحسين ظروف العمل التي تمت تجربتها ألول مرة في أحكام األجور وساعات العمل في قوانين‬
‫‪NRA.‬تم البحث عن وسائل أخرى لتحقيق هذا الهدف على الفور عندما أُعلن أن قانون التعافي‬
‫الصناعي الوطني غير دستوري ‪.‬وكانت الخطوة األولى هي إقرار قانون والش‪-‬هيلي للعقود العامة‪،‬‬
‫الذي حدد أربعين ساعة في األسبوع والحد األدنى لألجور لجميع موظفي الجرارات التي تقدم اإلمدادات‬
‫للحكومة ‪.‬لكن من الواضح أن هذا اإلجراء كان محدودًا في نطاقه وكان السؤال الحقيقي هو كيف يمكن‬
‫إلجراء أكثر عمومية التغلب على االعتراضات الدستورية التي تم تقديمها ليس فقط ضد هيئة الموارد‬
‫الطبيعية ولكن أيضًا ضد تشريعات الحد األدنى لألجور من قبل الواليات ‪.‬استكشف الوزير بيركنز‬
‫إمكانيات اتباع نهج جديد تجاه المشكلة‪ ،‬لكن موقف المحكمة العليا بدا وكأنه عائق ال يمكن التغلب‬
‫عليه‪.‬‬
‫دخلت القضية في حملة عام ‪1936.‬وخرج الجمهوريون لصالح تشريع الحد األدنى لألجور من‬
‫خالل قوانين الواليات أو االتفاقيات بين الواليات‪ ،‬لكن الديمقراطيين أعلنوا أنهم سيواصلون السعي إلى‬
‫تشريع وطني "ضمن الدستور ‪".‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن األمر كذلك إال بعد خوض معركة المحكمة العليا في‬
‫أوائل عام ‪ ،1937‬حيث أعطى روزفلت إشارة الضوء األخضر لتقديم مشروع قانون ينص على الحد‬
‫األقصى لساعات العمل‪ ،‬والحد األدنى لألجور‪ ،‬وكإضافة في اللحظة األخيرة تقريبًا‪ ،‬إلغاء عمالة األطفال‬
‫الذي تم السعي إليه ألول مرة في قوانين ‪NRA.‬‬
‫وقد واجه مشروع قانون معايير العمل العادلة‪ ،‬كما أصبح معروفًا‪ ،‬معارضة قوية‪ ،‬وهو ما يعكس‬
‫جزئيًا العداوات السياسية الناشئة عن صراع المحاكم‪ ،‬ولم يحظ في البداية إال بدعم ملتبس للغاية حتى‬
‫من قبل حزب العمال ‪.‬كان العديد من المحافظين في ‪AF‬من ‪L.‬ال يزالون يعارضون تشريع األجور من‬
‫حيث المبدأ‪ ،‬خوفًا من أن‬
‫‪284‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫يصبح الحد األدنى لألجور الحد األقصى لألجور‪ ،‬واتخذ الرئيس جرين موقفًا صار ًما ضد ما اعتبره‬
‫عيوبًا مهمة في مقترحات اإلدارة ‪.‬وفي ظل تحالف مشكوك فيه بين المتحدثين باسم اتحاد العمل‬
‫األمريكي والرابطة الوطنية للمصنعين‪ ،‬واجهت القليل من تدابير الصفقة الجديدة صعوبات أكبر‪.‬‬
‫وشدد روزفلت مرارا وتكرارا وبشكل قاطع على أهمية مشروع القانون سواء في رسائله إلى‬
‫الكونجرس أو في الدردشات الجانبية للبالد ‪.‬وأعلن في مايو‪/‬أيار ‪1937‬أن "الديمقراطية التي تدعم‬
‫نفسها وتحترم نفسها ال يمكنها أن تدافع عن أي مبرر لوجود عمالة األطفال‪ ،‬أو أي سبب اقتصادي‬
‫لخفض أجور العمال أو تمديد ساعات عمل العمال ‪".‬ولكن بصرف النظر عن تحقيق العدالة لألجراء‬
‫أنفسهم‪ ،‬فقد تم دعم أحكام مشروع القانون المقترح كوسيلة أساسية لدعم وبناء القوة الشرائية‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫ولم تكن أهمية األجور المرتفعة من وجهة النظر هذه بالطبع فكرة جديدة ‪.‬لقد أكد حزب العمال دائ ًما‬
‫أنه فقط عندما يحصل العمال على أجور كافية لتمكينهم من شراء منتجاتهم الخاصة في مجال الصناعة‪،‬‬
‫يمكن لنظامنا االقتصادي أن يعمل بنجاح ‪.‬ويعود التأكيد على هذا المبدأ على األقل إلى بيان اتحاد‬
‫رابطات التجارة الميكانيكي في عام ‪1827‬بشأن األجور واالستهالك ومخرجات التصنيع ‪.‬ولكن هذه‬
‫الحجة أحرزت تقدما ً بطيئاً‪ ،‬وفي أوائل ثالثينيات القرن العشرين كانت قد بدأت تدريجيا ً في اكتساب‬
‫القبول الذي أصبح أمرا ً شائعا ً اليوم ‪.‬لقد طغت تقليديا على نظرية القوة الشرائية الداعمة لألجور‬
‫المرتفعة الحجة المضادة القائلة بأن زيادة تكاليف اإلنتاج تؤدي في الواقع إلى تضييق سوق السلع‬
‫المصنعة وبالتالي تباطؤ اإلنتاج‪.‬‬
‫عندما فشل الكونجرس في التصرف بشأن مشروع قانون معايير العمل العادلة في صيف عام‬
‫‪ ،1937‬عاد روزفلت إلى الهجوم على هذه الجبهة الواسعة وبعد الدعوة إلى جلسة خاصة في نوفمبر‪،‬‬
‫طالب مرة أخرى بالتمرير الفوري‪.‬‬
‫وقال" ‪:‬أعتقد أن البالد ككل تدرك الحاجة إلى اتخاذ إجراء من جانب الكونجرس إذا أردنا الحفاظ‬
‫على زيادات األجور والقوة الشرائية لألمة ضد العوامل التراجعية في الوضع الصناعي العام ‪.‬إن‬
‫استغالل عمالة األطفال وتخفيض األجور وتمديد ساعات عمل العمال األكثر فقراً في فترات الركود‬
‫التجاري له تأثير خطير على القوة الشرائية ‪. . . .‬ما الذي ستكسبه البالد في نهاية المطاف إذا شجعنا‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪285‬‬
‫رجال األعمال على توسيع قدرة الصناعة األمريكية على اإلنتاج ما لم نتأكد من أن دخل السكان‬
‫العاملين لدينا يتوسع فعليًا بما يكفي إلنشاء أسواق الستيعاب هذا اإلنتاج المتزايد؟‬
‫وبعد تأخيرات متتالية‪ ،‬وإعادة صياغة مشروع القانون األصلي لتلبية اعتراضات حزب العمال‪،‬‬
‫وممارسة ضغوط إدارية قوية‪ ،‬تراجع الموقف المعارض أخيرا ً ‪.‬تمت الموافقة على مشروع قانون‬
‫معايير العمل العادلة في يونيو ‪1938.‬وقد حدد الحد األدنى لألجور بـ ‪25‬سنت ًا في الساعة‪ ،‬ويرتفع إلى‬
‫‪40‬سنت ًا في الساعة خالل سبع سنوات‪ ،‬وتخفيض أربع وأربعين ساعة في األسبوع إلى أربعين ساعة‬
‫في ثالث سنوات‪ ،‬و حظر عمل األطفال دون سن السادسة عشرة في الصناعات التي دخلت منتجاتها في‬
‫التجارة بين الواليات ‪.‬إن الحركة التي يمكن إرجاع أصولها إلى المطالب بيوم تشريعي مدته عشر‬
‫ساعات‪ ،‬والتي عبر عنها العمال منذ أكثر من قرن من الزمان‪ ،‬قد أتت بثمارها ‪.‬لقد دخلت الدولة بشكل‬
‫مباشر وشامل في السيطرة على األجور وساعات العمل أكثر مما كان يُعتقد حتى قبل الكساد ‪.‬لقد كان‬
‫تطورا ً بعيد المدى مثل الدعم الحكومي الجديد لتحقيق مكاسب جماعية ‪.‬ومرة أخرى‪ ،‬لم يكن هناك ما‬
‫يمكن أن يتعارض بشكل مباشر مع مبادئ اقتصاد عدم التدخل‪ ،‬التي أيدها قادة العمال مثل صامويل‬
‫جومبرز‪ ،‬وحتى ويليام جرين‪ ،‬بحماسة ال تقل عن حماسة الرأسماليين األكثر تحف ًظا ‪.‬لكن تشريعات‬
‫الحد األقصى لساعات العمل والحد األدنى لألجور تمت الموافقة عليها بشكل عام‪ ،‬وتم قبولها عند‬
‫الضرورة‪ ،‬من قبل معظم الناس‪.‬‬
‫لقد تحولت الحكومة إلى دعم مصالح العمال وكذلك فعلت المحاكم ‪.‬كانت سلسلة الحاالت التي تم فيها‬
‫تأييد قانون فاغنر والضمان االجتماعي وقانون معايير العمل العادلة بمثابة نقض قضائي للقرارات‬
‫السابقة التي أ عطت الختم النهائي للموافقة على سياسات الصفقة الجديدة ‪.‬تم التخلي عن الرأي القائل‬
‫بأن القوانين التي تؤثر على العضوية النقابية أو التي تحدد الحد األدنى لألجور تنتهك الضمانات‬
‫الدستورية لحرية التعاقد عندما ذكرت المحكمة العليا أن "التنظيم المعقول فيما يتعلق بموضوعه‬
‫والمعتمد لصالح المجتمع " ال يجوز تفسيره على أنه انتهاك لشرط اإلجراءات القانونية الواجبة في‬
‫التعديلين الخامس أو الرابع عشر ‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬واصلت المحاكم اآلن إعفاء النقابات بالكامل من المالحقة القضائية بموجب‬
‫قوانين مكافحة االحتكار وعكس السياسات التقييدية األخرى من خالل دعم الحق في اإلضراب‬
‫والمقاطعة واالعتصام بشكل عام‬
‫‪286‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫‪ .‬وفي حين وجد العمال‪ ،‬حتى خالل الحقبة التقدمية‪ ،‬أن االمتيازات المضمونة المفترضة قد تم تقليصها‬
‫بشكل متكرر من قبل المحكمة العليا‪ ،‬فإن موقفهم أصبح اآلن يتعزز باستمرار من خالل قرارات‬
‫مواتية ‪.‬تم اإلعالن عن االعتصام السلمي في إحدى القضايا البارزة‪ ،‬ثورنهيل ضد أال باما‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬ليكون ممارسة مشروعة لحرية التعبير داخل المنطقة التي يكفلها الدستور‪.‬‬
‫حتى اآلن‪ ،‬في الواقع‪ ،‬لم تذهب المحكمة العليا إلى هذا القرار في عام ‪1945‬باألغلبية أيدت قضية‬
‫هانت ضد كرومبوخ حق النقابة‪ ،‬في ظل ظروف بالغة التعقيد‪ ،‬في ممارسة المقاطعة التي أدت فعليًا إلى‬
‫توقف الشركة التي تم توجيهها ضدها عن العمل ‪.‬بالنسبة للقاضي جاكسون‪ ،‬أعطت هذه القضية‬
‫الفرصة إلجراء مراجعة مهمة للسياسة القضائية تجاه العمل‪.‬‬
‫وقال في رأي مخالف قوي“ ‪:‬بهذا القرار‪ ،‬عادت الحركة العمالية إلى دائرة كاملة ‪.‬لقد ناضل العامل‬
‫طويال‪ ،‬وكان النضال مليئا بالكراهية‪ ،‬وكان الصراع خطيرا ‪ ،‬ولكن اآلن ال يجوز حرمان العمال من‬
‫سبل عيشهم لمجرد أن أصحاب العمل يعارضون النقابات ويفضلونها ‪.‬لقد حصل حزب العمل على‬
‫حقوق أخرى أيضاً‪ ،‬مثل تعويضات البطالة‪ ،‬وإعانات الشيخوخة‪ ،‬واألهم من ذلك كله وأساس كل‬
‫مكاسبه‪ ،‬االعتراف بأن فرصة كسب دعمه ليست وحدها الشغل الشاغل للفرد‪ ،‬بل هي الشغل الشاغل‬
‫للفرد ‪ .‬المشكلة التي يجب على جميع المجتمعات المنظمة أن تتصدى لها وتتغلب عليها إذا أرادت‬
‫البقاء‪ .‬تدعم هذه المحكمة اآلن مطالبة النقابة بالحق في حرمان صاحب العمل من المشاركة في العالم‬
‫االقتصادي لمجرد أن النقابة تكرهه ‪.‬تسمح هذه المحكمة باستخدام نفس الهيمنة التعسفية على المجال‬
‫االقتصادي التي سيطروا عليها لفترة طويلة‪ ،‬والتي أكدوا بمرارة وبحق أنها ال تنتمي إلى أي شخص‪.‬‬

‫ومهما كانت صحة آراء القاضي جاكسون والمشاكل الالحقة التي قد تنشأ فيما يتعلق بالتأكيد‬
‫التعسفي في بعض األحيان على حقوق العمال‪ ،‬فإن البرنامج العام للصفقة الجديدة في تشجيع نمو‬
‫أمرا ضروريًا ‪.‬ال يزال يحظى بتأييد األمة‬
‫النقابات القوية والحفاظ على مكانة العمل أو العمل المنظم كان ً‬
‫ككل في منتصف الثالثينيات من القرن العشرين ‪.‬وكشفت استطالعات الرأي العام المتكررة عن دعم‬
‫قوي لكل من التدابير العمالية المتعاقبة التي اعتمدها الكونجرس بين عامي ‪1933‬و ‪1938.‬ومما ال‬
‫شك فيه أن الرئيس روزفلت كان له ما يبرره في هذا الوقت في التأكيد على اعتقاده بأن غالبية الناس‬
‫سعداء "بأننا‬
‫‪The New Deal‬‬ ‫‪287‬‬
‫نعمل ببطء على حل هذه المشكلة ‪".‬للعمل امتيازات أكبر وفي نفس الوقت مسؤوليات أكبر‪.‬‬
‫أظهرت اإلضرابات المستمرة في هذه السنوات‪ ،‬وخاصة تلك التي حدثت في عام ‪ ،1937‬بوضوح‬
‫أنه لم يتم العثور على حل نهائي للعالقات الصناعية‪ ،‬وسرعان ما بدأ رد الفعل الواضح على السياسات‬
‫المؤيدة للعمال في الصفقة الجديدة ‪.‬ومع االضطرابات العمالية والطلب المتزايد على تعديل قانون‬
‫فاغنر‪ ،‬كان على روزفلت أن يظل مقتنعًا بأن زيادة قوة النقابات ستؤدي بمرور الوقت إلى مزيد من‬
‫سا‬
‫االستقرار الصناعي‪ .‬لقد كان يؤمن تما ًما بمبدأ المفاوضة الجماعية ‪.‬وأعلن« ‪:‬يجب أن تظل أسا ً‬
‫للعالقات الصناعية إلى األبد ‪».‬ولم يكن مستعدًا لمساعدة العمال في الحفاظ على مكاسبهم فحسب‪ ،‬بل‬
‫كان مستعدًا أيضًا لدفعها إلى األمام‪.‬‬
‫وقال في خطاب مهم أمام مؤتمر جماعة اإلخوان المسلمين الدولية لسائقي الشاحنات في عام‬
‫« ‪1940:‬فقط في األراضي الحرة‪ ،‬تمكنت النقابات العمالية الحرة من البقاء ‪.‬عندما يجتمع العمال‬
‫النقابيون بحرية واستقالل في مؤتمر كهذا‪ ،‬فإن هذا دليل على أن الديمقراطية األمريكية ظلت دون‬
‫انقطاع؛ إنه رمز لتصميمنا على إبقائه حرا‪”.‬‬
‫وكان حزب العمال ال يزال يعاني من آالم متزايدة‪ ،‬في رأيه‪ ،‬وال بد من ظهور قيادة أكثر مسؤولية‬
‫وإتاحة درجة أكبر من التعاون مع إدارة مسؤولة بنفس القدر ‪.‬وعندما حذر في إحدى المناسبات من أن‬
‫النقابات قد تصبح قوية للغاية‪ ،‬نُقل عنه قوله" ‪:‬قوية للغاية لماذا؟ "كان موقفه هو أن قوتهم يجب أن‬
‫تكون بمثابة الترياق لقوة الشركات الكبرى ‪.‬إن إيمانه بالعمل وباألهمية الحيوية للنقابات العمالية‬
‫الحرة لم يتزعزع‪.‬‬
‫لم تكن األهمية األساسية لبرنامج الصفقة الجديدة تكمن في المكاسب أو الخسائر المباشرة للعمالة‪،‬‬
‫بل في إدراكها أن مسألة ظروف العمل برمتها لم تعد موضع اهتمام صاحب العمل وصاحب العمل‬
‫وحدهما‪ ،‬بل المجتمع ككل ‪.‬ال يمكن للرأسمالية الديمقراطية أن تأمل في البقاء ما لم يتمكن جيش العمال‬
‫العظيم من الحصول‪ ،‬من خالل جهود متضافرة‪ ،‬على الحرية واألمن اللذين كانا كأفراد عاجزين عن‬
‫الدفاع عنهما في مجتمع صناعي ‪.‬كانت سياسة الصفقة الجديدة مؤيدة للعمال‪ ،‬لكنها كانت مؤيدة للعمال‬
‫من أجل تصحيح التوازن الذي كان يميل لصالح الصناعة ‪.‬لقد اتجهت في المقام األول نحو رفاهية‬
‫العمال‪ ،‬ولكن على قناعة بأن رفاهيتهم تعتمد على رفاهية البلد بأكمله‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬
‫‪ :XVI‬صعود مدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫وبينما كانت العمالة المنظمة تحقق مثل هذه المكاسب الواضحة خالل فترة الصفقة الجديدة‪ ،‬أدى الصراع‬
‫نظرا ألن الجدل حول النقابات‬
‫داخل صفوفها إلى تحطيم الوحدة النسبية التي حافظت عليها في السابق ‪ً .‬‬
‫الصناعية مقابل النقابات الحرفية داخل االتحاد األمريكي للعمل أدى إلى تمرد المتمردين وإنشاء لجنة‬
‫التنظيم الصناعي‪ ،‬فقد تم تمهيد الطريق الستمرار التنافس الذي ربما يكون إلى حد ما قد حفز نمو‬
‫النقابات‪ ،‬ولكنه خدم أيضًا نشر طاقة العمل من خالل الخالفات واالنشقاقات الداخلية‪.‬‬
‫كانت القضايا محل النزاع مماثلة لتلك التي نشأت عندما تحدى ‪AF of L.‬فرسان العمل قبل نصف‬
‫قرن ‪.‬هل ينبغي متابعة التنظيم النقابي بشكل أساسي لصالح العمال المهرة‪ ،‬أم هل ينبغي أن يهدف إلى‬
‫تضمين الكتلة العظمى من العمال غير المهرة بشكل أكثر فعالية؟ سعى الفرسان إلى مواجهة المشكلة‬
‫من خالل الترويج التحاد واحد شامل‪ ،‬لكن الظروف االقتصادية أعطت صالحية أكبر بكثير لبرنامج‬
‫النقابات الجديدة لـ ‪AF of L.‬مع تركيزها على الحرف اليدوية المنضبطة بشكل وثيق ‪.‬ولم يكن من‬
‫الممكن الترويج للنقابات الصناعية بنجاح بأي شكل من األشكال في ثمانينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫وذلك ألن العمال غير المهرة‪ ،‬الذين كانت رتبهم تتجدد باستمرار بفضل الهجرة الوافدة‪ ،‬كانوا يتمتعون‬
‫بقدرة تفاوضية هزيلة ‪.‬ولكن الظروف المتغيرة في ثالثينيات القرن العشرين سلطت الضوء على أهمية‬
‫بناء النقابات الصناعية الشاملة وإمكانية تطبيقها عمليا ً ‪.‬أدى الفشل في تلبية احتياجات العمال غير‬
‫المنظمين في صناعات اإلنتاج الضخم إلى إضعاف الحركة العمالية بأكملها إلى حد كبير‪ ،‬وأصبحت‬
‫فرصة تنظيمهم أفضل م ن أي وقت مضى مع الدعم الحكومي وتقليص الهجرة مما أدى إلى تعزيز‬
‫قدرتهم على المساومة بشكل كبير ‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬أصبحت النقابات الحرفية مقابل النقابات الصناعية قد طغت على نحو متزايد في الخالف‬
‫بين ‪AF‬في ‪L.‬ومدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫‪288‬‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪289‬‬
‫من خالل دوافع السلطة من جانب الفصيلين والتنافس المتزايد بين قادتهما ‪.‬لقد أفسحت القضايا التي‬
‫كانت على المحك في األصل المجال أمام التفاعل الشرس بين السياسات النقابية والصراع بين‬
‫الشخصيات الطموحة ‪.‬تطايرت االتهامات واالتهامات المضادة ذهابًا وإيابًا بين ويليام جرين وجون إل‬
‫لويس‪.‬‬
‫كتب جرين« ‪:‬في خضم جهودنا المشتركة لتحسين رفاهية جميع العمال ‪ ،‬ظهر رجل يسعى لتحقيق‬
‫أهداف أخرى ‪.‬وبسبب طموحه الشخصي‪ ،‬كذب العملية الديمقراطية بعد أن رفضت قيادته ‪.‬لقد رفع‬
‫صوت االزدواجية واالنقسام‪ ،‬وهو الصوت الذي كان يتظاهر بالوحدة ويسعى إلى تعطيله؛ صوت كان‬
‫يعلن المثل الديمقراطية ويسعى إلى الديكتاتورية‪.‬‬
‫رد لويس بوحشية على ما اعتبره الموقف المعوق لـ ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬والمحافظة العمياء لقيادتها ‪.‬‬
‫وقيل إن الجهود التنظيمية التي بذلها االتحاد تمثل "خمسة وعشرين عا ًما من الفشل المتواصل"‪،‬‬
‫وات ُهم رئيسه بعدم القدرة على فهم ما كان يحدث لالقتصاد الوطني أو االرتقاء إلى مستوى فرص‬
‫الساعة ‪.‬قال لويس للصحفيين بينما كانت الضربات اللفظية تتطاير ذهابًا وإيابًا في عام ‪1936:‬‬
‫“لألسف‪ ،‬أيها المسكين جرين‪ ،‬كنت أعرفه جيدًا ‪.‬يريدني أن أنضم إليه في التسويف المرتعش‪ ،‬بينما‬
‫نرنم يا زمن‪ ،‬يا أعراف!‬

‫من خالل توليه قيادة الحملة من أجل النقابات الصناعية والتحدي المباشر لألوليغارشية التي كانت‬
‫تسيطر على ‪AF‬في ‪ ،L.‬سرعان ما كشف لويس عن نفسه باعتباره الشخصية األكثر عدوانية وملونة‬
‫التي عرفها العمال األمريكيون على اإلطالق ‪.‬نجاحه المذهل في إحياء عمال المناجم المتحدين خالل‬
‫األيام األولى للصفقة الجديدة‪ ،‬وزيادة أعضائها من ‪150.000‬إلى ‪ ،400.000‬جذب االهتمام على‬
‫الصعيد الوطني ‪.‬وعلقت مجلة فورتشن بسخرية قائلة« ‪:‬لقد أحدث ضجي ًجا مثل الحركة العمالية‬
‫بأكملها»‪ ،‬ومع مرور الوقت كان الضجيج سيرتفع إلى هدير أصم ‪.‬كان من سمات المواقف الشعبية‬
‫تجاه لويس في هذه الفترة أنه تم وصفه دائ ًما‪ ،‬سواء من قبل صديق أو عدو‪ ،‬بصيغ التفضيل‬
‫قديرا ال يوصف‪.‬‬
‫شريرا ً‬
‫ً‬ ‫المبهرجة ‪.‬لقد كان إما بطالً ال مثيل له أو‬
‫وأعلن فيليب موراي‪ ،‬الذي كان من المقرر أن يخلفه في منصب رئيس مدير تكنولوجيا المعلومات‪،‬‬
‫أنه "ليس له نظير في عالم أمريكا"؛ ففي أيام الجبهة المتحدة مع الشيوعية‪ ،‬أشاد به إيرل براودر‬
‫ليس‬
‫‪290‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫فقط باعتباره أعظم قادة النقابات العمالية األمريكية‪ ،‬بل "كزعيم للديمقراطية العالمية"‪ ،‬ولم يكن‬
‫بوسع هيوي لونج أن يمدحه أكثر من أن يفرده على أنه "زعيم للديمقراطية العالمية"" ‪".‬هيوي لونغ‬
‫من العمل ""‪.‬أما جوقة اإلدانة فقد بلغت ذروتها في أيام الحرب ‪.‬عندما أجرت مجلة فورتشن استطالعًا‬
‫ضررا في الواليات المتحدة‪ ،‬حملت سبعون بالمائة من‬ ‫ً‬ ‫للرأي في عام ‪1943‬حول األشخاص األكثر‬
‫بطاقات االقتراع اسم جون إل لويس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتبطت خلفيته العائلية وحياته المبكرة ارتباطا وثيقا بالحركة العمالية ‪.‬كان نسبه‪ ،‬مثل ويليام‬
‫جرين‪ ،‬من أصول التعدين الويلزية‪ ،‬وعندما هاجر والده إلى الواليات المتحدة في عام ‪ ،1875‬استقرت‬
‫العائلة في بلدة الفحم الصغيرة لوكاس‪ ،‬آيوا‪ ،‬حيث انضم لويس األب على الفور إلى فرسان العمل ‪ُ .‬ولد‬
‫جون إل عام ‪1880‬ودخل الحفر وهو في الثانية عشرة من عمره ‪.‬بعد أن كان يتجول بال هوادة في‬
‫مناطق التعدين في عدة واليات عندما كان صب ًيا وشابًا‪ ،‬انخرط في السياسة العمالية في عام ‪1909.‬‬
‫سا التحاد عمال المناجم المتحدين المحلي في بنما‪ ،‬إلينوي‪ ،‬وأصبح الوكيل التشريعي للوالية‬ ‫انتخب رئي ً‬
‫ً‬
‫ممثال للنقابة ‪.‬الممثل الميداني لـ ‪AF‬لـ ‪ ،L.‬وعلى التوالي كبير اإلحصائيين‪ ،‬والنائب األول‬ ‫للنقابة‪ ،‬ثم‬
‫للرئيس وأخيرا ً رئيس ‪United Mine Workers.‬وفي وقت أزمة الفحم عام ‪ ،1919‬كما رأينا‪،‬‬
‫احتل عناوين الصحف الوطنية لرفضه قيادة عمال المناجم في إضراب ضد الحكومة ‪.‬في السنوات‬
‫الالحقة‪ ،‬وجدت لويس في موقف دفاعي يائس حيث هاجم مشغلو الفحم نقابته‪ ،‬وعززت العناصر‬
‫المتطرفة التمرد ضد قيادته‪ ،‬وتضاءلت قوة ‪UMW‬تدريج ًيا ‪.‬لقد كان اغتنامه الفوري للفرصة التي‬
‫أتاحها له اتحاد السالح الوطني الستعادة ثرواته وثروات نقابته هو الذي أظهر ألول مرة الحس‬
‫التكتيكي الذكي واالنتهازية الذكية‪ ،‬التي عززتها الشجاعة المتحدية‪ ،‬والتي جعلت منه زعي ًما وطنيًا‪.‬‬
‫لم تكن أي شخصية عامة غير الرئيس روزفلت مألوفة للشعب األمريكي أكثر منه وهو يتابع‬
‫مسيرته المهنية العاصفة والمضطربة بعد عام ‪ 1933 -‬متحديًا عالم الصناعة بقسوة "(إنهم‬
‫يضربونني على فخذي)" ‪ ،...‬وتشويه سمعة أعدائه داخل الحركة العمالية‪ ،‬وعقد التحالفات وكسرها‬
‫أثناء تغيير أسباب هجومه‪ ،‬وتحدي الحكومة في سعيه األناني لتحقيق طموحاته الخاصة ‪.‬حاولت‬
‫مقاالت ال حصر لها العثور على إجابة للسؤال الذي طرحه ذات مرة" ‪:‬ما الذي يجعلني أتحرك؟ هل‬
‫متنكرا‬
‫ً‬ ‫أسعى إلى السلطة أم أنني قديس فرنسيس‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪291‬‬
‫أم ماذا؟ قوة عنصرية‪ ،‬ممثل بارع‪ ،‬قائد مكرس‪ ،‬انتهازي عنيد ‪. . .‬ماذا كان جون إل لويس؟ إذا كان‬
‫الجواب بالفعل هو القديس فرانسيس‪ ،‬فال يمكن أن يكون التنكر أكثر اكتماالً ‪.‬قضى رسامو الكاريكاتير‬
‫يو ًما ميدانيًا سعيدًا في رسم الفك البارز‪ ،‬والعبوس المتوهج‪ ،‬والحواجب الكثيفة لبطل العمل العظيم هذا‪.‬‬
‫ال يمكن تمييز أي فلسفة ثابتة في حياته المهنية المتعرجة ‪.‬وقد أشاد في وقت من األوقات بـ‬
‫"عبقرية هربرت هوفر في الحنكة الصناعية البناءة ‪".‬اعتنق الصفقة الجديدة بفارغ الصبر وألقى بكل‬
‫ثقل تأثيره وراء روز فيلت في عام ‪1936‬؛ انفصل بشكل كبير عن الرئيس بعد أربع سنوات من أجل‬
‫االحتفاظ بمنصبه في مدير تكنولوجيا المعلومات عند انتخاب ويندل ويلكي ‪.‬في السياسة وداخل الحركة‬
‫العمالية‪ ،‬كان األمر "متوقفًا مرة أخرى‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬ذهب مرة أخرى ‪-‬فينيجين "بالنسبة لهذا‬
‫الفرداني الضال الذي غالبًا ما بدا أن نجمه الوحيد هو مصالح جون إل لويس ‪.‬غال ًبا ما يكون ما إذا كان‬
‫يؤمن بالحرية االقتصادية أو االقتصاد المنظم موضع شك‪ ،‬ولكن لم يكن هناك شك في أنه كان دائ ًما‬
‫مؤمنًا بنفسه‪.‬‬
‫وبالنسبة للمحاورين الذين توافدوا لمناقشة المشاكل الوطنية معه في عامي ‪1936‬و‪ ،1937‬تحدث‬
‫بكل غطرسة عن الديمقراطية الصناعية‪ ،‬لكنه فشل تماما في توضيح ما يعنيه هذا المصطلح ‪.‬كان من‬
‫الواضح فقط أنه لم يكن لديه أي فكرة عن محاولة قلب النظام االقتصادي القائم أو إزعاجه بشكل‬
‫خطير ‪.‬لم يكن لديه برنامج طويل المدى أو مثالي نهائي‪ ،‬ومن وجهة النظر هذه‪ ،‬كانت سياسته تتوافق‬
‫مع االنتهازية التقليدية لصموئيل جومبرز و ‪AF‬لـ ‪L.‬بدالً من الحماس اإلصالحي لتيرينس‬
‫دورا أكبر في شؤون الحكومة‪،‬‬ ‫ف‪.‬باودرلي وفرسان العمل ‪.‬كان يعتقد أن حزب العمال يجب أن يلعب ً‬
‫ولكن بدا أن مغازلته لفكرة وجود طرف ثالث لم تكن مستوحاة من الرغبة في الترويج ألي برنامج‬
‫سئل عن مستقبل العمل‪،‬‬ ‫محدد بقدر ما كانت مستوحاة من الرغبة في الترويج لجون إل لويس ‪.‬وعندما ُ‬
‫ضاعت إجاباته في عبارات مبتذلة ضبابية ومطولة ‪.‬وقال ألحد المراسلين المستفسرين" ‪:‬سيكون من‬
‫غير الحكمة رسم صورة من شأنها فقط إثارة قلق خصومنا في الغد" ‪" .‬ال أستطيع أن أربط نقاء الدافع‬
‫أو االستقامة اإلدارية للحركة العمالية في الغد"‪.‬‬
‫على المنصة‪ ،‬وفي االجتماعات العامة وعبر الراديو‪ ،‬أظهر لويس توه ًجا للدراما الدرامية التي‬
‫جذبت انتباه الجمهور حتما ً ‪.‬لقد كان يعرف جيدًا قدرته كممثل (قال في‬
‫‪292‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫إحدى المناسبات" ‪:‬حياتي ليست سوى مسرح"‪ ،‬وكان يتناوب على التملق‪ ،‬والتنديد‪ ،‬والتهديد‪،‬‬
‫والخطاب بثقة بالنفس على قدم المساواة ‪.‬كان إحساسه بأهميته رائعًا‬
‫لقد قام بمعجزات الشجاعة في بناء ‪United Mine Workers‬وفي تنظيم ‪CIO‬كان العمل‬
‫مدينًا له بدين هائل ‪.‬لكن شهوته التي ال تشبع للسلطة ساعدت في خيانة تضامن النقابات العمالية‪،‬‬
‫وكان تحديه للحكومة خالل الحرب العالمية الثانية عامالً بالغ األهمية في تنفير التعاطف الشعبي الذي‬
‫تمتع به العمال في األيام األولى للصفقة الجديدة ‪.‬مهما كانت الخسائر التي تكبدها سواء في الدعم العام‬
‫أو العمالي‪ ،‬لم يكن من الممكن أبدًا إبعاد لويس إلى الخلفية ‪.‬مع وقوف عمال المناجم خلفه بقوة‪ ،‬وقبول‬
‫سيطرته الديكتاتورية على نقابتهم ألنه حصل على النتائج‪ ،‬استمر في لعب دور مهم في السياسة‬
‫العمالية‪.‬‬

‫وصل االستياء من السياسات المتخبطة التي انتهجها ‪AF of L.‬والتي كانت تهدف إلى منح لويس‬
‫فرصة لقيادة الحركة النقابية الصناعية إلى ذروته في المؤتمر السنوي لالتحاد في سان فرانسيسكو في‬
‫عام ‪1934.‬مع ابتعاد أعضاء النقابات وفي المنسوجات والصلب‪ ،‬وفي السيارات والمطاط‪ ،‬أصبح‬
‫الطلب على المواثيق الصناعية لتحل محل المواثيق الفيدرالية واض ًحا بشكل متزايد ‪.‬هاجم قادة النقابات‬
‫الصناعية داخل ‪AF‬في ‪L.‬السياسة التي تتطلب إخضاع النقابات الجديدة للمطالبات القضائية للنقابات‬
‫الحرفية القائمة‪ .‬لقد أكدوا بقوة على اقتناعهم بأن تنظيم جميع العمال –المهرة وغير المهرة –في‬
‫نقابات واحدة على مستوى الصناعة هو وحده القادر على تلبية احتياجات العمال المشاركين في اإلنتاج‬
‫الضخم‪.‬‬
‫ولم يقتنع قادة النقابات الحرفية القديمة ‪.‬إن حقيقة أن العضوية في النقابات الصناعية القائمة قد‬
‫زادت في السنوات السابقة بنسبة ‪130‬في المائة‪ ،‬في حين أن عضوية النقابات المهنية لم تكتسب‬
‫سوى ‪10‬في المائة‪ ،‬أكدت لهم ببساطة مخاطر منح المواثيق الصناعية الجديدة التي طالب بها‬
‫المتمردون ‪ .‬وأصروا على أن مثل هذا الخروج عن الممارسة التقليدية من شأنه أن يدمر األسس التي‬
‫بني عليها التركيز اإلضافي لـ ‪ L..‬وتكرر التأكيد على أنه ال يمكن تنظيم األجراء بنجاح إال من خالل‬
‫جلبهم‬
‫‪Rise of the C.1.0.‬‬ ‫‪293‬‬
‫إلى "االتحادات الوطنية والدولية المعنية حيث تم تحديد االختصاص القضائي"‪.‬‬
‫تم حل الخالف مؤقت ًا في سان فرانسيسكو من خالل تسوية صممها المعتدلون على جانبي القضية ‪.‬‬
‫تم االتفاق على منح المواثيق للنقابات في مجال السيارات والمطاط واألسمنت والراديو واأللمنيوم‪،‬‬
‫وبدء حملة مكثفة لتنظيم صناعة الصلب‪ ،‬ولكن سيتم حماية حقوق النقابات الحرفية الحالية بشكل كامل‬
‫وتقديم جميع النزاعات القضائية إلى المحكمة ‪. -‬توسيع المجلس التنفيذي ليضم ممثلين عن النقابات‬
‫الصناعية‪.‬‬
‫وكان هذا على األقل نجاحا جزئيا للمتمردين وبشيرا باألمل للعمال‪ ،‬ولكن العام التالي لم يشهد سوى‬
‫القليل أو ال شيء تم القيام به لتنفيذ االتفاق ‪.‬لم تكن قيادة ‪AF‬في ‪L.‬في الواقع قد ثارت من نزعتها‬
‫المحافظة الراضية عن نفسها ‪.‬ولم يكن قادة النقابات الحرفية ‪ ،‬وخاصة عمال البناء‪ ،‬مقتنعين بالحاجة‬
‫إلى النقابات الصناعية ‪.‬وما زالوا ال يرون سوى المخاطر التي تهدد قبضتهم على السلطة في أي‬
‫توسيع لقواعد الحركة العمالية ‪.‬واستمروا في تأجيل وتأخير أي إجراء على النحو الذي من المفترض‬
‫أنهم وافقوا عليه ‪.‬انعقد المؤتمر التالي لالتحاد في أتالنتيك سيتي عام ‪ ،1935‬على خلفية تزايد اإلحباط‬
‫النقابي في صناعات اإلنتاج الضخم وتقرير المجلس التنفيذي الذي قال« ‪:‬لم نرى أنه من المستحسن‬
‫إطالق حملة تنظيمية لعمال الصلب ‪».‬صناعة"‪.‬‬
‫جاء لويس إلى أتالنتيك سيتي مطال ًبا باتخاذ إجراء ‪.‬كان الوضع في الفوالذ بالنسبة له مصدر قلق‬
‫خاص ‪.‬لقد نجح في تنظيم العمال في مناجم الفحم األسيرة التابعة لتلك الصناعة وكان مقتن ًعا بأن هذا‬
‫المعقل النقابي الجديد ال يمكن أن يستمر ما لم يتم تنظيم عمال الصلب أيضًا ‪.‬هذه المرة كان عازما على‬
‫االجتماع مع القادة اآلخرين الذين يفضلون النقابات الصناعية‪ ،‬إلجبار المجلس التنفيذي على الوفاء‬
‫بوعوده ‪-‬وإال‪.‬‬
‫وقد طرحت هذه القضية بشكل عادل أمام المؤتمر في تقارير األغلبية واألقلية التي قدمتها لجنة‬
‫نظرا ألنه كان االلتزام األساسي لـ ‪AF‬لـ " ‪L.‬لحماية الحقوق‬ ‫القرارات التابعة له ‪.‬أعلن األول أنه ً‬
‫القضائية لجميع النقابات العمالية المنظمة على الخطوط الحرفية"‪ ،‬فإن المواثيق الصناعية ستنتهك‬
‫االتفاقيات التي كانت موجودة دائ ًما بين االتحاد والشركات التابعة له ‪.‬وأصر األخير على أنه في أي‬
‫صناعة حيث يقع العمل الذي يؤديه أغلبية العمال‬
‫‪294‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ضمن المطالبة القضائية ألكثر من نقابة حرفية واحدة‪ ،‬فإن تنظيم المحاكمة الصناعية هو "الشكل‬
‫الوحيد الذي سيكون مقبوالً للعمال أو يلبي احتياجاتهم بشكل مناسب" ‪.‬‬
‫على جانب واحد في هذا الجدل المرير كان ويليام جرين‪ ،‬الذي اتبع بحذر السياسات التي ورثها عنه‬
‫صموئيل جومبرز على الرغم من الدعوة السابقة للنقابات الصناعية؛ كان رئيس النجارين الصارم‬
‫والمتشدد‪ ،‬ويليام إل ‪.‬هاتشيسون‪ ،‬مصم ًما بشدة على إبقاء جميع العاملين في الخشب أو بدائله ضمن‬
‫الحظيرة المريحة لنقابته؛ دانييل ج ‪.‬توبين‪ ،‬القائد المشاكس ألعضاء الفريق الذي وصف العمال غير‬
‫المهرة في صناعات اإلنتاج الضخم بازدراء بأنهم "قمامة ‪".‬ماثيو وول‪ ،‬من عمال التصوير‬
‫الفوتوغرافي‪ ،‬الذين تجسدت نزعتهم المحافظة في دوره كرئيس بالنيابة لالتحاد المدني الوطني القديم‬
‫والمحتضر‪ ،‬والباحث الموقر جون بي فراي‪ ،‬رئيس قسم تجارة المعادن في ‪AF‬في ‪L.‬الحرس القديم‪،‬‬
‫على استعداد لمحاربة النقابات الصناعية بكل األسلحة التي تحت سيطرته‪.‬‬
‫قاد لويس المتمردين وحصل على دعم بعض القادة العماليين األكثر تقد ًما وقوة في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫وكان من بينهم تشارلز ب ‪.‬هوارد‪ ،‬رئيس اتحاد الطباعة الهادئ والمقنع والمؤلف الفعلي لتقرير‬
‫األقلية؛ فيليب موراي‪ ،‬المتقاعد ولطيف الكالم‪ ،‬ولكنه قادر للغاية‪ ،‬يغير غرور لويس في عمال المناجم‬
‫المتحدين؛ سيدني هيلمان‪ ،‬زعيم تجارة اإلبر الليتواني المولد‪ ،‬الذي كان يمتلك مخزونًا من الطاقة‬
‫العصبية والطموح بجانب أسلوبه الهادئ والذي جلب للتو عمال المالبس المندمجين المستقلين سابقًا‬
‫إلى القوات المسلحة في إل‪ ،‬وديفيد دوبينسكي‪ ،‬أحد أذكى النقابيين ورئيسة عمال المالبس النسائية‬
‫الدولية الفوارة‪.‬‬
‫استمر الجدل بين هؤالء الزعماء القبليين حول سياسة ‪AF‬الخاصة بـ ‪L.‬لعدة أيام‪ ،‬وتفاقمت‬
‫القضية بسبب الهجوم والهجوم المضاد على أرضية المؤتمر ‪.‬وقد تم الوصول إلى ذروتها عندما هاجم‬
‫لويس بشدة‪ ،‬وهو ما اعتبره خيانة للوعود التي تم التعهد بها في المؤتمر السابق‪ ،‬وهو ما اعتبره‬
‫خيانة للوعود التي تم التعهد بها في المؤتمر السابق‪.‬‬
‫قال بصوت هادر« ‪:‬في سان فرانسيسكو‪ ،‬لقد أغووني بكلمات جميلة ‪.‬اآلن‪ ،‬بالطبع‪ ،‬بعد أن علمت‬
‫أنني تعرضت لإلغراء‪ ،‬أشعر بالغضب وأنا على استعداد لتمزيق من أغواني إربًا إربًا‪ ،‬بما في ذلك‬
‫المندوب وول ‪.‬وبهذا المعنى‪ ،‬بالطبع‪ ،‬أتحدث بشكل مجازي ‪.‬ودعا‬
‫‪Rise of the C.1.0.‬‬ ‫‪295‬‬
‫مندوبي المؤتمر إلى المساهمة في رفاهية إخوانهم األقل ح ًظا‪ ،‬واالستجابة لصرختهم من مقدونيا‪،‬‬
‫وتنظيم غير المنظمين وجعل االتحاد أعظم أداة تم صياغتها على اإلطالق لصداقة قضية اإلنسانية ‪.‬‬
‫وحذر رسميًا من أنهم إذا أضاعوا هذه الفرصة‪ ،‬فسيتم تشجيع أعداء العمل "وسوف تسود الصيحات‬
‫العالية على موائد األقوياء‪".‬‬
‫ولكن على الرغم من بالغته ومناشداته وتحذيراته‪ ،‬لم يتمكن لويس من جعل المندوبين يدركون‬
‫لماذا يتعين عليهم تعديل السياسات التقليدية ‪.‬ولم يتأثر األغلبية بالتهديد بتمزيق أطرافهم‪ ،‬حتى ولو‬
‫بشكل مجازي ‪.‬لقد أغلقت آذانهم أمام كل صرخات مقدونيا ‪.‬ولم تنزعجهم صورة الوسيلة العالية في‬
‫والئم الجبابرة ‪.‬وعندما تم التصويت النهائي‪ ،‬خسر برنامج النقابات الصناعية بأغلبية ‪18.024‬صوتًا‬
‫مقابل ‪10.933‬صوت ًا لصالح تقرير األغلبية الصادر عن لجنة القرارات لصالح النقابات الحرفية‪.‬‬
‫وبعد ذلك بوقت قصير وقع حادث بدا وكأنه يرمز إلى االنفصال الذي يعنيه هذا التصويت الحاسم ‪.‬‬
‫التفاصيل غامضة إلى حد ما ‪.‬ولكن في سياق المزيد من الجدل حول اإلجراءات‪ ،‬ابتعدت هاتشيسون‬
‫حتى اآلن عن اللياقة البرلمانية حيث أطلقت على لويس مصطلح وصفه المارة بأنه "لقيط ‪".‬كانت‬
‫إجابة زعيم عمال المنجم عبارة عن نبرة حادة‪ ،‬بكل القوة التي تبلغ حوالي ‪225‬رطالً خلفها‪ ،‬والتي‬
‫أمسكت بفك قيصر النجارين قوي البنية أيضًا ‪.‬تم فصل المهاجمين وتم تجنب خطر الحرية للجميع‬
‫بسعادة‪ ،‬لكن المشاجرة لم تنجح في تهدئة المشاعر‪ ،‬الحساسة بالفعل‪ ،‬في المعسكرين اللذين تم تقسيم‬
‫العمل إليهما‪.‬‬
‫مباشرة بعد اتفاقية ‪AF‬لـ ‪ ،L.‬اجتمع المدافعون عن نقابات محاكمة السند للنظر في اتخاذ مزيد‬
‫من اإلجراءات ‪ .‬لم يكونوا على استعداد لقبول القرار الذي أدى مرة أخرى إلى تأجيل أي عمل تنظيمي‬
‫فعال في صناعات اإلنتاج الضخم‪ ،‬وفي ‪9‬نوفمبر ‪1935‬اتخذوا الخطوات األولى إلنشاء لجنة خاصة‬
‫بهم للتنظيم الصناعي ‪.‬كما تم تشكيلها في األصل‪ ،‬كانت مكونة من لويس وهوارد وهيلمان‬
‫ودوبينسكي‪ ،‬جنبًا إلى جنب مع ماكس زاريتسكي‪ ،‬من قسم القبعات والقبعات في شركة ‪United‬‬
‫‪Hatters‬؛ توماس ف ‪.‬مكماهون من عمال النسيج المتحدين؛ توماس إتش ‪.‬براون من عمال المنجم‪،‬‬
‫وعمال المطاحن والمصهر‪ ،‬وهارفي سي ‪.‬فريمينغ من عمال حقول النفط وآبار الغاز والتكرير ‪.‬لقد‬
‫كانت النية المعلنة لهذه اللجنة هي العمل ضمن إطار‬
‫‪296‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عمل ‪AF‬في ‪L.‬بدالً من إنشاء منظمة مستقلة ‪.‬وكانت وظائفها "تثقيفية واستشارية "في محاولة‬
‫لتعزيز االعتراف وقبول "المفاوضة الجماعية الحديثة "في صناعات اإلنتاج الضخم ‪.‬على الرغم من‬
‫هذه التصريحات‪ ،‬اتهم جرين قادة مدير المعلومات على الفور بمعارضة قرار األغلبية الصادر عن‬
‫وتكرارا‪ ،‬هو إجبارهم على قبول‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫‪AF‬الخاص باتفاقية ‪L..‬وكان دافعهم الوحيد‪ ،‬كما أعلن‬
‫وجهات نظرهم ‪.‬كان رد لويس هو تقديم المزيد من التحدي للمجلس التنفيذي ‪.‬‬
‫اعتبارا من هذا التاريخ‬
‫ً‬ ‫وكتب إلى جرين في ‪23‬تشرين الثاني (نوفمبر« ‪):‬سيدي وأخي العزيز ‪:‬‬
‫أستقيل من منصبي كنائب لرئيس اتحاد العمال األمريكي‪».‬‬
‫بدأ مدير تكنولوجيا المعلومات على الفور في وضع خطط لحملته التنظيمية الخاصة‪ ،‬وفي أوائل‬
‫يناير ‪ ،1936‬قدم إلى المجلس التنفيذي لـ ‪AF of L.‬للمرة األخيرة الطلب القديم على المواثيق‬
‫الصناعية في الصلب والسيارات والمطاط والراديو ‪.‬لكن لم يكن هناك انشقاق في صفوف الحرس‬
‫القديم ‪.‬خوفًا أكثر من أي وقت مضى مما قد تعنيه التكتيكات العدوانية للجنة الجديدة بالنسبة للوضع‬
‫أمرا بالحل الفوري‬
‫الراسخ للنقابات المهنية في ‪AF‬في ‪ ،L.‬واجه أعضاء المجلس التنفيذي اآلن ً‬
‫لكبير موظفي المعلومات ‪.‬واتهموا التمرد بأنه تنظيم مزدوج تم إنشاؤه فقط لخدمة مصالح "عدد قليل‬
‫من األفراد الذين يسعون إلى تحقيق مصالحهم الذاتية‪".‬‬
‫طوال األشهر القليلة التالية‪ ،‬اندلع الجدل الغاضب بين قادة ‪AF‬في ‪L.‬وقادة ‪ ،CIO‬واتسع‬
‫االنقسام في صفوف العمال بشكل مطرد ‪.‬تناوب جرين على التوسل والتهديد بمحاولة إعادة المتمردين‬
‫أخيرا في أواخر الصيف‪ ،‬قام المجلس التنفيذي لـ‬
‫إلى الحظيرة ‪.‬ذهب لويس بإصرار في طريقه الخاص ‪ً .‬‬
‫‪AF‬بتعليق عمل النقابات العشر التي كانت في هذه األثناء تابعة لـ ‪CIO.‬وبعيدًا عن الخضوع لمثل‬
‫هذا االنضباط‪ ،‬أعلن لويس أن المجلس تصرف دون سلطة ‪.‬وكان جوابه على اتهامات جرين في إحدى‬
‫المناسبات" ‪:‬إنني أخشى تهديداته‪ ،‬بقدر ما أؤمن بوعوده ‪".‬عندما اجتمع االتحاد في مؤتمره عام‬
‫‪1936‬في تامبا‪ ،‬فلوريدا‪ ،‬كان المندوبون من نقابات مديري تكنولوجيا المعلومات غائبين بشكل‬
‫واضح ‪.‬كان التحرك المضاد من جانب ‪AF‬لـ ‪L.‬هو التصويت بأغلبية ساحقة ولكن ال معنى لها على‬
‫أن تعليقهم يجب أن يظل ساري المفعول حتى "يتم معالجة االنتهاك وتعديله بموجب الشروط واألحكام‬
‫التي قد تراها اللجنة التنفيذية أفضل‪".‬‬
‫‪Rise of the C.1.0.‬‬ ‫‪297‬‬
‫مضى مدير تقنية المعلومات قد ًما في برنامجه التنظيمي الخاص ‪.‬وانضمت النقابات الجديدة في‬
‫قطاعات الصلب والسيارات والزجاج والمطاط والراديو إلى األعضاء األصليين ‪.‬وفي حالة من القلق‬
‫المتزايد‪ ،‬أدان ‪AF‬من ‪L.‬مرة أخرى الحركة باعتبارها تهدد بتدمير األساس الكامل التحاد العمال‬
‫وهاجم قادته لخيانتهم القضية النقابية ‪.‬في مارس ‪ ،1937‬وسط اإلثارة التي عمت البالد بسبب الدوافع‬
‫التنظيمية في كل من صناعة الصلب والسيارات‪ ،‬اتخذ المجلس التنفيذي خطوة حاسمة بطرد جميع‬
‫نقابات مديري تكنولوجيا المعلومات من اتحادات الواليات والمدن التابعة لـ ‪AF‬في ‪L.‬‬
‫ومع اقتراب نهاية عام ‪ ،1937‬وتحت تأثير القادة المعتدلين في كال المعسكرين مرة أخرى‪ ،‬بُذلت‬
‫جهود متأخرة إليجاد أساس ما للسالم ‪.‬لقد كان محكوما ً عليهم بالفشل ‪.‬اقترح ‪AF‬لـ ‪L.‬عودة نقابات‬
‫مديري تكنولوجيا المعلومات األصلية ودمج نقاباتها الجديدة مع ‪AF‬لنقابات ‪L.‬الحالية ‪.‬وطالب مدير‬
‫تكنولوجيا المعلومات بقبول أعضائه بالكامل‪ ،‬الذين زاد عددهم اآلن إلى حوالي اثنين وثالثين نقابة‪،‬‬
‫تتمتع بسلطة التصويت الكاملة ‪.‬كانت كل منظمة تتطلع إلى الهيمنة في أي اندماج مقترح‪ ،‬ولم يكن أي‬
‫من ‪AF of L.‬وال قادة ‪CIO‬على استعداد لتقديم التنازالت التي ربما مكنتهم من العمل م ًعا ‪.‬ولم تعد‬
‫القضية‪ ،‬إن كانت في الواقع‪ ،‬هي النقابية الصناعية مقابل النقابية الحرفية ‪.‬لقد كانت منافسة على‬
‫السلطة ‪.‬لقد تمت التضحية برفاهية العمل ككل من أجل منافسات الطموح العنيد العنيد‪.‬‬
‫في رأي العديد من المراقبين‪ ،‬في هذا الوقت بالغ لويس ألول مرة بشكل خطير في تقديره وخسر ما‬
‫كان يمكن أن يكون فرصة للسيطرة على حركة عمالية موحدة ‪.‬ألن عضوية مدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫قد فاقت بالفعل عضوية ‪AF‬في ‪L.‬وفي نهاية عام ‪ ،1937‬بلغ مجموعها حوالي ‪3.700.000‬مقابل‬
‫‪ 3.400.000‬في منافستها‪ ،‬ومهما كانت شروط االندماج‪ ،‬فإن النقابات الصناعية كانت ستسيطر على‬
‫‪AF‬المعاد تشكيلها في ‪L.‬ولكن من الواضح أن القوة المتنامية لمدير تكنولوجيا المعلومات أقنعت‬
‫لويس بأنه قادر على تحقيق انتصارات أكبر دون تقاسم المسؤولية‪ ،‬وكان مصم ًما بعناد على السير في‬
‫طريقه الخاص ‪.‬لن تتاح مثل هذه الفرصة المواتية مرة أخرى إلعادة الحفاظ على وحدة العمل‪.‬‬
‫بعد فشل مفاوضات السالم هذه في خريف عام ‪ ،1937‬أكدت ‪AF‬في ‪L.‬اإلجراء الذي اتخذه‬
‫مجلسها التنفيذي بطرد جميع أعضاء مدير المعلومات‪ ،‬باستثناء عمال المالبس النسائية الذين كانوا‬
‫‪298‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫سيعودون قريبًا إلى الحظيرة ‪.‬ثم في مايو ‪ ،1938‬اتخذ لويس ومعاونوه الخطوات النهائية لتحويل ما‬
‫كان في األصل مجرد لجنة تنظيمية إلى مؤتمر دائم للمنظمات الصناعية ‪.‬لكن هذه التحركات كانت مجرد‬
‫شكليات ‪.‬كان الصدع في بيت العمل قد اكتمل بالفعل‪.‬‬
‫كان على مدير تكنولوجيا المعلومات أن يستمر في تعزيز النقابات الصناعية والحفاظ على مصالح‬
‫كثيرا عن ‪AF‬في ‪L.‬على الرغم من‬ ‫الغالبية العظمى من العمال غير المهرة‪ ،‬لكنه في الواقع لم يختلف ً‬
‫الهجمات الموجهة إليه واالتهامات بأنه لقد كانت ترعى الشيوعية‪ ،‬ولم تكن أقل محافظة في مبادئها‬
‫األساسية من المنظمة األم ‪.‬على عكس المعارضين السابقين للنقابات الحرفية مثل فرسان العمل‪،‬‬
‫وتحالف التجارة والعمال االشتراكي والمنظمة الصناعية للعمال‪ ،‬كان مدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫ملتز ًما تما ًما بتعزيز مصالح العاملين بأجر من خالل المفاوضة الجماعية داخل الهيكل الحالي‬
‫للرأسمالية الديمقراطية ‪.‬لقد كان مستعدًا للتركيز على العمل السياسي بشكل أكبر مما كان عليه الحال‬
‫في الماضي‪ ،‬لكن هذا كان نتيجة منطقية للدور األكبر الذي كانت تلعبه الحكومة في تنظيم عالقات‬
‫العمل ‪.‬ولم يكن هناك أي انعكاس لمطلب جذري أو ثوري ألي تغيير في نظامنا السياسي‪.‬‬
‫في الهيكل الفعلي‪ ،‬اتبع مدير تكنولوجيا المعلومات أيضًا النمط العام لـ ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬باستثناء‬
‫أنه لم يكن لديه أقسام خاصة ‪.‬لقد وجدت المنظمة األقدم منذ فترة طويلة أنه من الضروري إنشاء إدارة‬
‫لتجارة البناء والتشييد‪ ،‬وإدارة لتجارة المعادن‪ ،‬وإدارة لموظفي السكك الحديدية‪ ،‬وإدارة لتجارة‬
‫العالمات النقابية‪ ،‬ولكن مع وجود نقاباتها الصناعية الكبرى في نطاقها‪ ،‬لم تكن هناك حاجة لمثل هذه‬
‫االنقسامات داخل ‪ ،CIO‬ومع ذلك‪ ،‬فقد أنشأت الوالية والمدينة في مجالس اتحادات صناعية مماثلة لـ‬
‫‪AF‬التحادات الواليات للعمال ومراكز المدن ‪.‬أثبتت سلطة مدير المعلومات في التعامل مع النقابات‬
‫األعضاء في الممارسة العملية أنها أكثر اتساعًا من سلطة ‪AF‬في ‪L.‬وتدخل مجلسها التنفيذي في‬
‫كثير من األحيان في شؤون النقابات المحلية‪.‬‬
‫بشكل عام‪ ،‬كان مدير تكنولوجيا المعلومات متوافقًا مع التقاليد الراسخة للعمالة األمريكية‪ ،‬بدالً من‬
‫التقاليد األكثر وعيًا طبقيًا للعمالة األوروبية ‪.‬كان تأثيرها المذهل على الحركة العمالية يرجع في المقام‬
‫األول إلى حقيقة أنها كانت أكثر انتباها ً الحتياجات العمال غير المقتولين من ‪AF‬لـ ‪L.‬وأكثر نشا ًطا‬
‫وعدوانية في الترويج لها‪.‬‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪299‬‬
‫كان الرد على حملة ‪C.LO‬النشطة من أجل النقابات الصناعية ‪ ،‬والتي بدأت بعد وقت قصير من‬
‫ثورتها ضد تكتيكات المماطلة والمماطلة التي اتبعها ‪AF‬في ‪L.‬في عام ‪ ،1935‬فوريًا وعلى مستوى‬
‫البالد ‪ .‬هذا ما كان ينتظره العدد الكبير من العمال في صناعات اإلنتاج الضخم‪ ،‬وتوافدوا لالنضمام إلى‬
‫النقابات التي تلبي احتياجاتهم حقًا وتحررهم من الضوابط التمييزية للنقابات الفيدرالية ‪.‬ومع خروج‬
‫المنظمين من المقر الرئيسي الجديد لرؤساء تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬مدعومين باألموال التي تم توفيرها‬
‫من خالل مساهمات عمال المناجم وعمال اإلبرة وغيرهم من النقابات المتعاطفة‪ ،‬تم الترحيب بهم بكل‬
‫حماسة ‪.‬وبفضل القيادة النشطة والماهرة للويس وموراي وهيلمان ودوبينسكي‪ ،‬كان التقدم هائالً‪.‬‬
‫انطلقت الحملة الرئيسية لمدير تكنولوجيا المعلومات بين عمال الصلب في البالد في يونيو ‪1936‬‬
‫مع إنشاء اللجنة المنظمة لعمال الصلب ‪.‬وتحت إشراف موراي‪ ،‬استولت على رابطة عمال الحديد‬
‫مقرا رئيسيًا للمقاطعة في بيتسبرغ وشيكاغو‬ ‫ً‬ ‫والصلب والقصدير المندمجة تقري ًبا‪ ،‬وأنشأت‬
‫وبرمنغهام‪ ،‬وسرعان ما كان لديها حوالي أربعمائة منظم يوزعون المطبوعات النقابية‪ ،‬ويعقدون‬
‫اجتماعات جماهيرية‪ ،‬ويجمعون األصوات من منزل إلى منزل ‪.‬في مدن الصلب في بنسلفانيا وأوهايو‬
‫دوالرا‪ ،‬مقارنة بحد أدنى‬
‫ً‬ ‫وإلينوي وأالباما ‪.‬ومع انخفاض متوسط األجور السنوية بين العمال إلى ‪560‬‬
‫قدره ‪1500‬دوالر من الميزانية القياسية‪ ،‬فقد وجدوا أرضًا خصبة للدعاية النقابية الفعالة ‪.‬كانت‬
‫صناعة الصلب‪ ،‬التي يمكن تتبع مناهضتها النقابية العنيدة من هومستيد إلى إضراب الصلب الكبير عام‬
‫‪ ،1919‬مستعدة لمواجهة هذا التحدي الجديد مع االعتراف الكامل بأهميته ‪.‬تم إدراج إعالنات الصفحة‬
‫في الصحف في جميع أنحاء البالد من قبل معهد الحديد والصلب الذي أعلن أن خطط تمثيل الموظفين‬
‫الخاصة بالشركات تلبي بالكامل احتياجات العمال‪ ،‬وأن مدير تكنولوجيا المعلومات كان يحاول ترهيبهم‬
‫وإجبارهم على االنضمام إلى النقابة‪ ،‬و أن التأثيرات الراديكالية والشيوعية عادت إلى العمل مرة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫لجأ لويس إلى الراديو في حملة على مستوى البالد لمواجهة هذا الوابل الدعائي وحذر ليس فقط‬
‫مشغلي الصلب ولكن جميع الصناعات من أن الحملة التي يرعاها مدير تكنولوجيا المعلومات لتوحيد‬
‫عمال تجارب الصناع ال يمكن الصمود فيها‪.‬‬
‫وصرخ في األثير« ‪:‬من يريد‪ ،‬سواء كان طاغية اقتصاد ًيا أو مرتزقًا دنيئًا‪ ،‬فليضع قواه في مواجهة‬
‫هذه االندفاعة الجبارة للمشاعر اإلنسانية التي تتبلور اآلن في قلوب ثالثين مليون‬
‫‪300‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عامل يطالبون بتأسيس الديمقراطية الصناعية »‪.‬والمشاركة في ثمارها الملموسة ‪.‬وهو مجنون أو‬
‫أحمق من يعتقد أن هذا النهر من المشاعر اإلنسانية ‪. . .‬يمكن إقامة سدود أو حجزها عن طريق إقامة‬
‫حواجز تعسفية لضبط النفس"‪.‬‬
‫وفي غضون أشهر‪ ،‬وجدت الصناعة‪ ،‬التي نجحت في التغلب على النقابات في مناسبات عديدة‪،‬‬
‫نفسها في موقف دفاعي ‪.‬توافد آالف العمال لالنضمام إلى اللجنة المنظمة لعمال الصلب ‪.‬في كثير من‬
‫الحاالت‪ ،‬قامت نقابات الشركات السابقة بتحويل نفسها ببساطة إلى مواطنين محليين في النقابة‬
‫الجديدة‪ ،‬وعندما سعت اإلدارة إلى استعادة السيطرة من خالل الوعد بزيادة األجور المرتبطة بتكلفة‬
‫المعيشة‪ ،‬رفض أعضاؤها بصراحة أي اتفاقيات من هذا القبيل ‪.‬بحلول نهاية عام ‪ ،1936‬تمكنت‬
‫محفال نقاب ًيا يبلغ إجمالي عدد أعضائها أكثر من ‪100000‬‬ ‫ً‬ ‫‪SWOC‬من التفاخر بإنشاء حوالي ‪150‬‬
‫عضو ‪.‬لقد أصبحت قوية بما يكفي للمطالبة باالعتراف والمساومة الجماعية‪ ،‬وقوي بما يكفي للتهديد‬
‫بإضراب وطني إذا رفضت صناعة الصلب االستجابة لمطالب العمال‪.‬‬
‫وبينما كانت االستعدادات لمثل هذه الخطوة ال تزال جارية‪ ،‬تم إصدار إعالن مثير وغير متوقع في ‪1‬‬
‫مارس ‪1937.‬نتيجة للمفاوضات السرية التي كانت مستمرة لبعض الوقت بين لويس ومايرون سي ‪.‬‬
‫تايلور‪ ،‬رئيس مجلس إدارة شركة الصلب األمريكية‪ ،‬تم التوصل إلى اتفاق تعترف بموجبه شركة‬
‫"‪"Big Steel‬بشركة ‪SWOC‬باعتبارها الجهة المساومة ‪.‬وكيالً ألعضائها‪ ،‬ومنح زيادة في‬
‫األجور بنسبة عشرة في المائة‪ ،‬وقبل ثماني ساعات في اليوم وأربعين ساعة في األسبوع ‪.‬على الرغم‬
‫انتصارا هائالً للنقابات‪،‬‬
‫ً‬ ‫من أن الشركة ال تزال تحافظ على سياسة المتجر المفتوح التقنية‪ ،‬فقد كان ذلك‬
‫ولم يكن له مثيل في تاريخ الحركة العمالية المنظمة بأكمله‪ ،‬إن وجد ‪.‬لقد سقطت قلعة قبل هجمة مدير‬
‫تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬وكشف تقديمها بيانيًا عما سيصبح النمط الجديد لعالقات العمل في صناعات‬
‫اإلنتاج الضخم ككل‪.‬‬
‫وكان من المعتقد أن شركة "بيج ستيل "استسلمت تحت ضغط المصالح المصرفية التي قرأت‬
‫نظرا ألن غالبية موظفي الشركة (بشكل أكثر دقة‪،‬‬ ‫بوضوح خط اليد على الحائط منذ إقرار قانون فاغنر ‪ً .‬‬
‫موظفو فرعها الرئيسي‪ ،‬شركة كارنيجي‪-‬إلينوي للصلب )مسجلين بالفعل تحت رايات اللجنة المنظمة‬
‫لعمال الصلب‪ ،‬فقد توقعوا إضرا ًبا من شأنه أن يعطل‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪301‬‬
‫عمليات الفطائر في وقت حيث كان اإلنتاج يعود للتو إلى خطوته وكانت الطلبات الجديدة تتراكم في‬
‫دفاتر الشركة ‪.‬الشركة التي أعلنت في وقت ما معارضتها غ ير القابلة للتغيير للعمل النقابي‪ ،‬تم حثها‬
‫على القبول السلمي التجاه لم يعد من الممكن مقاومته بنجاح ‪.‬وانتصرت المصلحة الذاتية المستنيرة‬
‫على التحيز العنيد‪.‬‬
‫اتبعت أكثر من مائة شركة مستقلة خطى شركة ‪ ،United States Steel‬وبحلول شهر مايو قفز‬
‫عدد أعضاء ‪SWOC‬إلى أكثر من ‪300000.‬ولكن ال تزال هناك معوقات مهمة ‪.‬رفضت الشركات‬
‫المعروفة باسم "ليتل ستيل‪ ،" -Republic‬و‪ ،Youngstown Sheet and Tube‬و ‪Inland‬‬
‫‪ ،Steel‬و ‪Bethlehem-‬التصالح مع ‪SWOC‬وبدأت في حشد قواتها لمقاومة أي ضغط نقابي‬
‫إضافي ‪.‬تحت قيادة توم إم ‪.‬جيردلر‪ ،‬رئيس الجمهورية الصارم والرجعي والمناهض بشدة للعمال‪،‬‬
‫دارت المعركة ضد أونيس‪.‬‬
‫كان رد قادة ‪SWOC‬بمثابة دعوة لإلضراب‪ ،‬وخالل شهر مايو انسحب حوالي ‪75000‬عامل في‬
‫مصانع "‪"Little Steel‬في خطوة منسقة إلجبارهم على االعتراف بنقابتهم ‪.‬ردت الشركات ونجحت‬
‫في ذلك من خالل سيطرتها القوية على مدن الصلب ‪.‬تم تشكيل لجان المواطنين لدعم حملة الترهيب‬
‫واإلكراه العنيف ‪ .‬وتم تنظيم حركات العودة إلى العمل بحماية الشرطة المحلية والنواب الخاصين؛‬
‫والهجمات على خطوط االعتصام‪ ،‬وإطالق الغاز المسيل للدموع على مقرات النقابات‪ ،‬واعتقال قادة‬
‫اإلضراب‪ ،‬واستخدام الميليشيات لحماية مفسدي اإلضراب‪ ،‬أدت تدريجيا ً إلى انهيار معنويات العمال‪.‬‬
‫اندلع العنف في عدد من مدن الصلب ووصل إلى ذروته في اشتباك دموي في متجر جنوب شيكاغو‬
‫التابع لشركة ‪Republic Steel Com .‬وفي ‪30‬مايو‪/‬أيار‪ ،‬أوقفت الشرطة ص ًفا من نحو ثالثمائة‬
‫اعتصام‪ ،‬وألقيت بعض الصواريخ‪ ،‬وفتحت الشرطة النار ‪.‬انشق العمال غير المسلحين عن صفوفهم‬
‫وفروا بشكل محموم بحثًا عن األمان من وابل الرصاص‪ ،‬لكنهم تركوا عشرة قتلى منهم في الشارع‬
‫وأكثر من مائة جريح ‪.‬وفي حين أصيب نحو ‪22‬من رجال الشرطة في االشتباكات‪ ،‬لم يتعرض أي منهم‬
‫ألي إصابة خطيرة‪.‬‬
‫أثارت "مذبحة يوم الذكرى"‪ ،‬كما أسمتها نقابات العمال على الفور‪ ،‬تعاطفًا شعبيًا واسع النطاق مع‬
‫المضربين ‪.‬وفي وقت الحق ‪ ،‬كشفت التحقيقات‪ ،‬بما في ذلك الدراسة المتأنية لألفالم المصورة‪،‬‬
‫بوضوح أنهم لم يتسببوا في الهجوم ‪.‬لكن المشاعر في‬
‫‪302‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫مدن الصلب نفسها ظلت مناهضة للنقابات بقوة‪ ،‬ومع هذا الدعم كانت الشركات راسخة جدًا بحيث لم‬
‫يتمكن العمال من الصمود ‪.‬الدعاية والقوة واإلرهاب كسرت اإلضراب و ‪C.LO.‬عانت من هزيمتها‬
‫األولى‪.‬‬
‫كان ذلك بمثابة إثبات انتصار باهظ الثمن لـ ‪"Little Steel".‬وبعد أربع سنوات‪ ،‬أمر المجلس‬
‫الوطني لعالقات العمل الشركات المعنية باالعتراف بما أصبح في ذلك الوقت اتحاد عمال الصلب في‬
‫أمريكا ‪ ،‬وإعادة جميع الموظفين الذين فقدوا وظائفهم من خالل المشاركة في اإلضراب أو بسبب‬
‫العضوية النقابية‪ ،‬وقبول المفاوضة الجماعية ‪. .‬وفي مقاومة ضغوط العمل بعناد حتى اللحظة األخيرة‪،‬‬
‫أخيرا إلى االستسالم من خالل تدخل الحكومة ‪.‬بحلول ذلك الوقت —عام‬ ‫اضطرت "ليتل ستيل " ً‬
‫— ‪1941‬كان ‪C.LO.‬نجح في تنظيم ‪600‬ألف عامل من عمال الصلب‪ ،‬وكانت الصناعة بأكملها‬
‫تقري ًبا مغطاة بعقود نقابية‪.‬‬

‫وفي هذه األثناء حدثت ثورة أكثر دراماتيكية وعنفا في صناعة السيارات ‪.‬كانت هناك اضطرابات‬
‫شديدة بين عمالها منذ ظهور جمعية الموارد الطبيعية وفشل اإلضرابات األولية عام ‪1934.‬وعلى‬
‫الرغم من ارتفاع معدالت الساعة‪ ،‬إال أن عمليات التسريح الموسمية للعمال أدت إلى انخفاض األجور‬
‫السنوية إلى متوسط أقل من ‪1000‬دوالر‪ ،‬في حين استمرت حالة أخرى على نطاق واسع ‪.‬كانت‬
‫الشكوى هي تسريع خط التجميع ‪.‬بالنسبة للعامل الذي كانت مهمته الوحيدة هي الوقوف بجانب الحزام‬
‫الناقل ووضع عجلة على هيكل عابر‪ ،‬أو تثبيت حاجز أو ببساطة ربط مسمار‪ ،‬فإن الضغط الشديد الناتج‬
‫عن العمل تحت ضغط متزايد أصبح في بعض األحيان غير محتمل تقريبًا ‪.‬لكن كل محاولة لتأمين تعديل‬
‫مثل هذه الظروف من خالل احتجاجات منسقة تم رفضها من قبل اإلدارة ‪.‬لقد طورت صناعة السيارات‬
‫نظام التجسس الخاص بها على نطاق واسع لدرجة أن النشاط النقابي بدا وكأنه محظور قبل أن يبدأ‪.‬‬
‫ومع ذلك لم يتم التخلي عن النقابات ‪.‬تم إنشاء اتحاد عمال السيارات المتحدين من خالل اندماج‬
‫النقابات الفيدرالية التي أنشأها في األصل ‪AF of L.‬وكان منظموها يعملون بنشاط ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان‬
‫التقدم بطيئا ‪ .‬مع تزايد االستياء من الدعم الضئيل من االتحاد‪ ،‬انفصل االتحاد الجديد عن ‪AF‬في ‪L.‬في‬
‫سا وتم إجراء‬‫عام ‪1936‬وألقى نصيبه مع مدير تكنولوجيا المعلومات هومر إس ‪.‬مارتن تم انتخابه رئي ً‬
‫االستعدادات لحملة تنظيمية متجددة كان الهدف في النهاية هو جعل االتحاد المتحد‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪303‬‬
‫لعمال السيارات والطائرات واألدوات الزراعية أكبر اتحاد صناعي في البالد‪.‬‬
‫كان مارتن شا ًبا ومثال ًيا‪ ،‬وكان يتمتع بخبرة قليلة كعامل أو عضو نقابي ‪.‬بعد تخرجه من كلية‬
‫صغيرة في والية ميسوري ‪ ،‬دخل الخدمة المعمدانية وفي عام ‪1932‬أصبح راعيًا لكنيسة صغيرة في‬
‫إحدى ضواحي مدينة كانساس ‪.‬وسرعان ما أدى تعاطفه الصريح مع العمال إلى فقدان منصبه‪ ،‬وتولى‬
‫وظيفة في مصنع شيفروليه حيث بدأ في التبشير بالنقابية بحماس إنجيلي ‪.‬تم فصله من عمله كمثير‬
‫للمشاكل‪ ،‬وكرس كل وقته للعمل النقابي وترقى ليصبح نائب رئيس ‪UAW‬المكافح ‪.‬تم وصف مارتن‬
‫في المظهر واألسلوب بأنه سكرتير جمعية الشبان المسيحية النموذجي تقريبًا ‪-‬ودود وهادئ ويرتدي‬
‫نظارة طبية ‪ -‬تولى مارتن السيطرة على االتحاد بعد انتخابه للرئاسة وإضفاء روح جديدة عليها‪ .‬ما‬
‫كان ينقصه من الخبرة‪ ،‬عوضه بالطاقة ‪.‬وتحت تأثير مناشداته الملهمة‪ ،‬التي حولت اجتماعات النقابات‬
‫إلى شيء يشبه إلى حد كبير نهضات الطراز القديم‪ ،‬انضم عمال السيارات بأعداد متزايدة بسرعة‪.‬‬
‫كانت هناك بعض اإلضرابات المتفرقة خالل صيف عام ‪ ،1936‬وبحلول أواخر الخريف‪ ،‬كان عمال‬
‫السيارات المتحدون –حوالي ‪30‬ألفًا –يخرجون إلى العلن‪ ،‬على استعداد للمطالبة باالعتراف من‬
‫عمالقة الصناعة –جنرال موتورز‪ ،‬وكرايسلر‪ ،‬وفورد" ‪.‬نحن ال نريد أن نكون مدفوعين؛ "ال نريد أن‬
‫يتم التجسس علينا"‪ ،‬كان هذا هو اعتراض العمال الجديد ‪.‬لكن الشركات‪ ،‬التي تتحدى أحكام قانون‬
‫فاغنر‪ ،‬لم تكن مستعدة بعد لتقديم أي تنازالت ‪.‬عندما طلب مارتن من مسؤولي شركة جنرال موتورز‬
‫عقد مؤتمر حول المفاوضة الجماعية‪ ،‬اكتفى ويليام س ‪.‬كنودسن‪ ،‬نائب الرئيس‪ ،‬باقتراح أنه إذا كانت‬
‫لدى العمال أية شكاوى‪ ،‬فيجب عليهم رفعها إلى مديري المصانع المحليين ‪.‬كان رد النقابة هو اإلضراب‬
‫الذي بدأ في مصانع فيشر بودي التابعة للشركة في فلينت‪ ،‬ميشيغان‪ ،‬في يناير ‪ ،1937‬ثم امتد تدريجيًا‬
‫إلى ديترويت وكليفالند وتوليدو وأجزاء أخرى من البالد ‪.‬توقف اإلنتاج في شركة جنرال موتورز مع‬
‫توقف حوالي ‪112.000‬من عمالها البالغ عددهم ‪150.000‬عامل‪.‬‬
‫ً‬
‫وكانت هذه الضربة شيئا جديدا تحت الشمس ‪.‬واتخذ األمر في فلينت شكال من االعتصام ‪.‬كان هناك‬
‫استخدام سابق لهذه التقنية الجذرية‪ ،‬ال سيما بين عمال المطاط في أكرون‪ ،‬لكن إضراب جنرال موتورز‬
‫كان أول استخدام لها على نطاق واسع حقًا ‪.‬رفض عمال السيارات مغادرة المصنع ‪.‬لقد جلسوا للتو‬
‫على مقاعد عملهم‪.‬‬
‫‪304‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫هذا عمالً من أعمال العنف‪ ،‬بل كان عمالً من أعمال المقاومة السلبية‪ ،‬وكانت فعاليته مضاعفة حيث ال‬
‫يمكن كسر مثل هذا اإلضراب إال عن طريق اإلبعاد القسري للعمال من مباني الشركة‪.‬‬
‫ارتفعت اإلثارة في فلينت وديترويت المجاورة ‪.‬هاجمت إدارة جنرال موتورز وتحالف فلينت‪ ،‬وهي‬
‫غزوا غير‬
‫ً‬ ‫جمعية ترعاها الشركة ويفترض أنها مكونة من موظفين مخلصين‪ ،‬االعتصام باعتباره‬
‫قانوني لحقوق الملكية‪ ،‬ودعت إلى الطرد الفوري للمضربين ‪.‬ورد مارتن بالتهم التي وجهتها شركة‬
‫جنرال موتورز للتعدي على حقوق ملكية العمال‪.‬‬
‫وتساءل قائالً" ‪:‬أي حق ملكية مقدس في العالم اليوم أكثر من حق الرجل في وظيفته؟ يتضمن حق‬
‫الملكية هذا الحق في إعالة أسرته وإطعام أطفاله وإبقاء المجاعة بعيداً عن أعين الناس" ‪".‬الباب ‪.‬‬
‫هذا ‪...‬هو حجر األساس للبيوت األمريكية ‪...‬وهو أقدس حقوق الملكية وأكثرها أهمية في أمريكا"‪.‬‬
‫سا لالجتماع ‪.‬كان‬‫في البداية‪ ،‬نظر مدير تكنولوجيا المعلومات إلى اإلضراب بارتياب ولم يكن متحم ً‬
‫انتشار السيارات محر ًجا للغاية‪ ،‬بسبب انخراطه العميق في الحملة التنظيمية في قطاع الصلب‪ ،‬والذي‬
‫كان نجاحه يعتبر أساس ًيا لبرنامج النقابات الصناعية بأكمله ‪.‬ولكن ال يمكن حجب الدعم‪ ،‬وتعهد مدير‬
‫تكنولوجيا المعلومات ببذل كل ما في وسعه لمساعدة موظفي جنرال موتورز ‪.‬أعلن لويس " ‪:‬إنكم بال‬
‫شك‪ ،‬أيها الرجال‪ ،‬تخوضون واحدة من أكثر المعارك البطولية التي خاضها المضربون في نزاع‬
‫صناعي على اإلطالق " ‪".‬إن اهتمام الرأي العام األمريكي بأكمله يتركز عليك‪. . . ".‬‬
‫كان الجزء األخير من بيانه صحي ًحا بال شك‪ ،‬وقد أصبح أكثر صدقًا مع اندالع أعمال العنف في فلينت‬
‫وأظهر المضربون تصميمهم العنيد على عدم طردهم من المصانع المحتلة ‪.‬إن قطع كل درجات الحرارة‬
‫‪-‬على الرغم من أن الوقت كان في عز الشتاء ‪-‬لم يحدث أي فرق ‪.‬عندما حاولت الشرطة االندفاع إلى‬
‫مصنع فيشر بودي رقم ‪ ،2‬قوبلت بوابل من الصواريخ ‪-‬فناجين قهوة‪ ،‬وزجاجات فقاعية‪ ،‬ومسامير‬
‫حديدية‪ ،‬ومفصالت أبواب ثقيلة للسيارات ‪.‬وعندما عادوا بعد ذلك إلى الهجوم بقنابل الغاز المسيل‬
‫للدموع‪ ،‬رد المضربون عن طريق سكب خراطيم المياه عليهم من خراطيم إطفاء الحرائق في المصنع ‪.‬‬
‫أخيرا إلى التراجع سري ًعا فيما أطلق عليه العمال المبتهجون على‬ ‫ً‬ ‫واضطرت قوات القانون والنظام‬
‫الفور "معركة الثيران الراكضة‪".‬‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪305‬‬
‫استمر اإلضراب من أسبوع آلخر حيث واصل موظفو جنرال موتورز الجلوس مع الطعام‬
‫واإلمدادات األخرى التي تم جلبها إليهم عبر خطوط االعتصام ‪.‬كان االنضباط صار ًما" ‪.‬مضاء بشكل‬
‫رائع"‪ ،‬كما جاء في وصف معاصر من قبل أحد منظمي النقابات‪" ،‬كان هذا المصنع الضخم يخضع‬
‫لحراسة مشددة من الداخل والخارج ‪-‬لمنع من يكسرون اإلضراب وغيرهم من المتطفلين من الدخول‬
‫ولحماية المبنى ومحتوياته ‪.‬لقد قام هؤالء المضربون بشكل خاص بحراسة قوالب الشركة ‪.‬لم يُسمح‬
‫بدخول المشروبات الكحولية إلى المبنى‪ ،‬كما ُمنع التدخين في جميع طوابق اإلنتاج ‪.‬تم تكليف خمسة‬
‫وأربعين رجالً بمهمة دورية للشرطة في الداخل ‪.‬كلمتهم كانت القانون‪”.‬‬
‫وطا لبت كل من الشركة وتحالف فلينت اآلن بتعبئة ميليشيا الدولة لتطهير المصانع منذ أن فشلت‬
‫الشرطة في القيام بذلك ‪.‬لكن حاكم والية ميشيغان ميرفي‪ ،‬المتعاطف مع عمال السيارات المتنقلين‬
‫أخيرا‪ ،‬حصلت شركة جنرال‬ ‫والخائف من إراقة الدماء التي ستنجم عن ذلك‪ ،‬رفض اتخاذ هذه الخطوة ‪ً .‬‬
‫موتورز على أمر من المحكمة بتحديد الساعة ‪3:00‬مسا ًء ‪.‬م ‪.‬يوم ‪3‬فبراير آخر موعد إلخالء‬
‫المصانع تحت طائلة السجن والغرامة ‪.‬وكان المضربون غير مرعوبين" ‪.‬نحن العمال‪" ،‬أرسلوا رسالة‬
‫إلى المحافظ ‪. . .‬واصلوا إضرا ًبا عن العمل لمدة تزيد عن شهر إلجبار شركة جنرال موتورز على‬
‫االنصياع للقانون والمشاركة في المفاوضات الجماعية ‪. . . .‬وبما أننا غير مسلحين‪ ،‬فإن إدخال‬
‫الميليشيات أو العمداء أو الشرطة بأسلحة فتاكة سيعني حمام دم للعمال غير المسلحين ‪. . . .‬لقد قررنا‬
‫البقاء في المصنع"‪.‬‬
‫وإدراكًا منه أن المضربين كانوا يقصدون ما قالوا‪ ،‬دعا مورفي بشكل محموم إلى مؤتمر للسالم ‪.‬‬
‫هرع جون إل لويس إلى ديترويت (قال للصحافيين بطريقة غامضة أثناء توجهه إلى واشنطن" ‪:‬ال‬
‫يكون هناك أنين في الحانة عندما أبحر"‪ ،‬وبدأ المفاوضات مع نائب الرئيس كنودسن‪ ،‬الذي نجح‬
‫الحاكم مورفي في إقناعه لمقابلته ‪.‬لكن صباح ‪3‬فبراير جاء دون التوصل إلى أي تسوية ‪.‬كان‬
‫المعتصمون محصنين في المصانع‪ ،‬مسلحين بمسامير حديدية ومفصالت أبواب‪ ،‬ومحميين من الغاز‬
‫المسيل للدموع والقيء المتوقع بأقنعة خفيفة من القماش القطني ‪.‬وخارج المصانع المحاصرة‪ ،‬كان‬
‫اآلالف من العمال المتعاطفين وأعضاء ألوية الطوارئ النسائية يتجولون بينما كانت شاحنات الصوت‬
‫تصدح بشعار "التضامن إلى األبد‪".‬‬
‫اقتربت ساعة الصفر‪ ،‬ومرت ‪.‬رفض الحاكم مورفي‬
‫‪306‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫أن يأمر رجال الحرس الوطني بتنفيذ أمر المحكمة‪ ،‬وعلى الرغم من الضغوط الشعبية المتزايدة‪ ،‬إال أنه‬
‫ظل غير راغب في اتخاذ خطوة من شأنها أن تعجل بالعنف على نطاق ال يمكن التنبؤ به‪.‬‬
‫في اليوم التالي‪ ،‬أضاف الرئيس روزفلت طلبه لمواصلة المفاوضات إلى طلب الحاكم مورفي‪،‬‬
‫واستؤنفت محادثات لويس كنودسن ( مع ممثلين آخرين لكل من جنرال موتورز والمضربين‬
‫الحاضرين ‪).‬لمدة أسبوع كامل‪ ،‬بينما كان المعتصمون يسيطرون على الحصن بشكل متجهم‪ ،‬استمر‬
‫المؤتمر حتى أخي ًرا‪ ،‬حيث تمكن الحاكم المرهق المنهك من إعالن أنه تم التوصل إلى االتفاق ‪.‬تعهدت‬
‫شركة جنرال موتورز باالعتراف بنقابة عمال السيارات المتحدة باعتبارها وكيل المساومة ألعضائها‪،‬‬
‫وإسقاط اإلجراءات القضائية ضد المضربين‪ ،‬وعدم التمييز بأي شكل من األشكال ضد أعضاء النقابة‪،‬‬
‫ومعالجة المظالم مثل تسريع السرعة وغيرها من األمور‪.‬‬
‫لم يكن انتصارا كامال لالتحاد ‪.‬وقد سعى اتحاد عمال السيارات المتحد إلى الحصول على امتيازات‬
‫تفاوضية حصرية لجميع موظفي جنرال موتورز‪ ،‬وحد أدنى موحد لألجور‪ ،‬وأسبوع مدته ثالثون‬
‫ساعة ‪.‬ولكن كما في حالة تسوية ‪SWOC‬مع شركة ‪ ،Big Steel‬فقد تم االستيالء على معقل آخر‬
‫مناهض للنقابات ‪ .‬لقد اتخذت العمالة المنظمة الخطوة األولى نحو ما أصبح فيما بعد االتحاد النقابي‬
‫الكامل لصناعة السيارات بأكملها في الصناعة ‪.‬ومهما قيل عن شرعية أو أخالقيات إضراب االعتصام‪،‬‬
‫فإن النتائج تتحدث عن فعاليته‪.‬‬

‫ومع نجاح عمال صناعة السيارات في شركة جنرال موتورز‪ ،‬انتشرت اإلضرابات عن العمل عبر‬
‫صفوف النقابات في جميع أنحاء البالد ‪.‬وسرعان ما حذا موظفو شركة كرايسلر حذوهم‪ ،‬وبعد اعتصام‬
‫قصير نسب ًيا مقارنة باإلضراب الذي استمر أربعة وأربعين يو ًما في جنرال موتورز‪ ،‬نجحوا في الفوز‬
‫باعتراف النقابة باتفاقية مفاوضة جماعية مماثلة لتلك التي فرضتها جنرال موتورز ‪.‬في الواقع‪،‬‬
‫استمرت شركة فورد فقط في الصمود بين شركات السيارات‪ ،‬ونجحت في مقاومة جميع محاوالت اتحاد‬
‫عمال السيارات المتحدين لتنظيم مصانعها لمدة أربع سنوات أخرى‪.‬‬
‫كما شعرت صناعات أخرى بتأثير سالح العمل الجديد ‪.‬بين سبتمبر ‪1936‬ويونيو ‪ ،1937‬شارك ما‬
‫يقرب من ‪500000‬عامل في اإلضرابات ‪.‬جلس عمال المطاط وعمال الزجاج وعمال النسيج على‬
‫مقاعدهم ‪.‬بقي كتبة ‪Woolworth‬المضربون خلفهم‬
‫‪Rise of the C.1.0.‬‬ ‫‪307‬‬
‫عدادات ولكن لن تنتظر العمالء ‪.‬جلس خبازو الفطائر وأخصائيو البصريات وصانعو المالبس وبوابو‬
‫الشقق السكنية ‪.‬وكان أطول إضراب من هذا النوع هو إضراب حوالي ‪1800‬عامل كهربائي في‬
‫فيالدلفيا ‪.‬قضى عريسان شهر العسل‪ ،‬واستقبلت زوجات ستة آخرين من المضربين المتزوجين‬
‫أزواجهن العائدين بأطفالهم حديثي الوالدة‪.‬‬
‫وبينما تبنى العمال في جميع أنحاء البالد هذه االستراتيجية المتشددة إلجبار أصحاب العمل‬
‫المناهضين للنقابات على الوقوف في صفهم‪ ،‬غنوا بحماس أغنيتهم الثورية‪:‬‬

‫عندما يربطون العلبة برجل نقابي‪،‬‬


‫اجلس !اجلس!‬
‫عندما يعطونه الكيس‪ ،‬سوف يأخذونه مرة أخرى‪،‬‬
‫اجلس !اجلس!‬
‫عندما يأتي التسريع‪ ،‬فقط قم بتحريك إبهامك‪،‬‬
‫واجلس !اجلس!‬
‫عندما ال يتحدث رئيسك‪ ،‬ال تمشي‪،‬‬
‫اجلس !اجلس!‬

‫وأثارت هذه اإلضرابات استياء شعبيا متزايدا ‪.‬أصبحت الصحف المحافظة في حالة هستيرية في‬
‫إدانة مثل هذا االنتهاك الصارخ لحقوق الملكية‪ ،‬ولم يكن هناك دعم يذكر لالعتصامات من أي جهة ‪.‬‬
‫وبينما كتب أبتون سنكلير من كاليفورنيا أنه «على مدى خمسة وسبعين عا ًما ظلت الشركات الكبرى‬
‫تتجاهل الشعب األمريكي‪ ،‬وأنا اآلن سعيد برؤية هذه العملية وهي تنعكس»‪ ،‬حتى بين المتعاطفين مع‬
‫العمال لم يكن هناك سوى القليل ممن يرددون هذا الشعور ‪.‬نفى ‪AF‬التابع لـ ‪L. ex‬صراحةً‬
‫االعتصام‪ ،‬وبينما دعم مدير تكنولوجيا المعلومات عمال السيارات‪ ،‬لم يتم منح الموافقة الرسمية مطل ًقا‬
‫لالستخدام العام ‪.‬وبعد مناقشة حامية وحادة‪ ،‬قرر مجلس الشيوخ أن مثل هذه الضربات كانت «غير‬
‫قانونية وتتعارض مع السياسة العامة»‪ ،‬وفي النهاية حظرتها المحاكم باعتبارها تشكل تعديًا على‬
‫الملكية الخاصة‪.‬‬
‫على الرغم من كل اإلثارة التي أحدثها خالل النصف األول من عام ‪ ،1937‬إال أن اإلضراب عن‬
‫االعتصام أثبت في الواقع أنه ظاهرة مؤقتة وتم التخلي عنه بالسرعة نفسها التي تم بها تبنيه ‪.‬لقد كانت‬
‫هذه هي االستجابة السريعة والجاهزة ألعضاء النقابات الجدد الذين نفد صبرهم والذين يناضلون من‬
‫أجل االعتراف بهم في معاقل مناهضة النقابات ويشعرون بالمرارة بسبب‬
‫‪308‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫رفض أصحاب العمل االمتثال ألحكام قانون فاغنر ‪.‬عندما تم الحفاظ على القانون وتم تمكين ‪NLRB‬‬
‫من إجراء انتخابات لوحدات المفاوضة الجماعية‪ ،‬تم التخلي عن االعتصامات‪.‬‬
‫ولكن قبل حدوث ذلك‪ ،‬كانت إضرابات أوائل عام ‪1937‬قد أثارت الرأي العام بشكل كبير‪ ،‬وتحملت‬
‫العمالة ككل وطأة اإلدانة الشعبية لالعتصام ‪.‬أظهرت تقارير استطالع غالوب أن األغلبية الساحقة من‬
‫األشخاص الذين تمت مقابلتهم عارضوا استخدام سالح العمل الجديد‪ ،‬في حين كان سبعون في المائة‬
‫من الذي ن شملهم االستطالع مقتنعين بأن هناك حاجة إلى قوانين تنظيمية جديدة للحد من النقابات ‪.‬‬
‫ويمكن تفسير اإلضرابات على أنها ال تتعارض مع القانون أكثر من رفض الصناعة االستجابة ألوامر‬
‫التوقف والكف الصادرة عن ‪ ،NLRB‬لكنها أيقظت المخاوف واإلنذارات التي لم يكن من السهل‬
‫إخمادها‪.‬‬
‫وكانت العواقب المباشرة لنشاط مدير تكنولوجيا المعلومات طوال عام ‪ ،1937‬على أية حال‪ ،‬بمثابة‬
‫مكاسب هائلة لجميع النقابات المنتسبة ‪.‬إذا كانت االنتصارات الدراماتيكية التي تحققت في مجالي‬
‫الصلب والسيارات هي أهم ثمار الهجوم العام على صناعات اإلنتاج الضخم‪ ،‬فقد كانت هناك تطورات‬
‫أخرى لعبت دورها في إحداث ثورة في المشهد العمالي ‪.‬وقد ساعدت الحمالت المنظمة بين عمال‬
‫المطاط وعمال الراديو والكهرباء والحطابين وعمال التحميل والتفريغ‪ ،‬من بين آخرين‪ ،‬في بناء نقابات‬
‫قوية وقوية ‪.‬كانت حملة لجنة تنظيم عمال النسيج الجديدة‪ ،‬تحت اإلدارة الماهرة لرجل سيدني هيل ‪،‬‬
‫ذات أهمية خاصة ألنها نجحت في تنظيم العديد من المصانع الجنوبية حيث فشل ‪AF‬في ‪L.‬في تحقيق‬
‫أي تقدم ملموس ‪.‬تم كسب اآلالف من المتحولين الجدد إلى النقابات في مدن الشركات التي لم يجرؤ‬
‫منظمو العمال من قبل على إظهار أنفسهم‪ ،‬وفي غضون عام وقعت النقابة على مئات اتفاقيات‬
‫المفاوضة الجماعية في جميع أنحاء الصناعة‪.‬‬
‫األهم من القوة الفعلية لنقابات مديري تكنولوجيا المعلومات في نهاية عام ‪1937 – 600.000‬‬
‫عامل مناجم‪400.000 ،‬عامل سيارات‪375.000 ،‬عامل صلب‪300.000 ،‬عامل نسيج‪250.000 ،‬‬
‫عامل مالبس نسائية‪177.000 ،‬عامل مالبس‪100.000 ،‬عامل زراعي وتغليف –كان األمر األوسع‬
‫أخيرا ‪.‬نجح مدير تكنولوجيا المعلومات في تنظيم‬
‫ً‬ ‫نطا ًقا قاعدة العمل المنظم ككل والتي حققتها حملتها‬
‫العمال غير المهرة في نقابات صناعية‪ ،‬وكسر الخطوط الضيقة للنقابات الحرفية التي عززتها ‪AF‬في‬
‫‪ L.‬وقد رحب بالمهاجرين والزنوج والنساء‪ ،‬وهو ما لم يفعله االتحاد من قبل‪ ،‬متجاهالً خطوط اللون أو‬
‫الجنس أو الجنسية‪.‬‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪309‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬امتد تأثير ‪ClO‬إلى جبهة العمل بأكملها ‪.‬وسرعان ما وجدت القوات المسلحة في‬
‫ل‪ ،.‬كما اقترح سابقا‪ ،‬أنها ال تستطيع تجاهل العمال غير المهرة في حين خطت منافستها خطوات‬
‫عمالقة في تنظيمهم ‪.‬وبطبيعة الحال‪ ،‬لم تفعل ذلك مطلقًا ‪.‬في الواقع‪ ،‬أصبحت الخطوط الفاصلة بين‬
‫العمال المهرة وشبه المهرة وغير المهرة غير واضحة مع تقدم اآللة وخط التجميع لدرجة أن العديد‬
‫من نقابات ‪AF‬في ‪L.‬شملت جميع األنواع ‪.‬وكانت هناك أيضًا دائ ًما نقابات صناعية في االتحاد‪ ،‬كما‬
‫رأينا في تتبع نمو التنظيم بين عمال مناجم الفحم والعمال في صناعة المالبس ‪.‬لكن مثال ما تم القيام به‬
‫في صناعات الصلب والسيارات وغيرها من صناعات اإلنتاج الضخم أثار ‪AF‬في ‪L.‬إلى الحاجة إلى‬
‫توسيع تنظيمها الخاص لمنع ‪ CLO‬من االحتكار الكامل للفرص الجديدة لالنضمام إلى النقابات ‪.‬تم‬
‫جذب اآلالف من العمال الذين لم تكن مهارتهم أكبر من مهارات النقابات الصناعية إلى مثل هذه النقابات‬
‫متعددة الحرف أو شبه الصناعية مثل الميكانيكيين‪ ،‬وصانعي الغاليات‪ ،‬وقاطعي اللحوم‪ ،‬وموظفي‬
‫المطاعم‪ ،‬ناقالت هود والعمال العاديين وأعضاء الفرق ‪.‬بعد أن اندفع االتحاد إلى نشاط أكثر شدة من‬
‫أي وقت مضى‪ ،‬قبل االتحاد المجندين الجدد أينما وجدهم‪ ،‬وإذا لم يكن تطوره دراماتيك ًيا مثل تطور‬
‫‪ ،ClO‬فقد كانت هناك مكاسب كبيرة في العضوية ‪.‬حتى مع انشقاق النقابات التي انتقلت إلى المنظمة‬
‫المنافسة‪ ،‬كان معدل االلتحاق بـ ‪AF‬في ‪L.‬في نهاية عام ‪ ،1937‬كما رأينا‪ ،‬أكبر بنحو مليون مما كان‬
‫عليه في عام ‪1933.‬‬
‫واصل ‪AF of L.‬و ‪ClO‬السعي لبناء قوتهما في المنافسة الغيورة ‪.‬األول سعى إلى إنشاء نقابات‬
‫صناعية جديدة‪ ،‬أما الثاني فلم يتردد في تأسيس نقابات حرفية ‪.‬ومع إدراك قادة العمال على نحو متزايد‬
‫أنه ال توجد صيغة واحدة للتنظيم ‪ ،‬وأن ظروف العمل المختلفة تتطلب أساليب مختلفة للتعامل مع‬
‫المشاكل النقابية‪ ،‬أصبح النقاش حول القضايا القديمة التي أدت إلى االنقسام في الحركة العمالية‬
‫أكاديمية بالكامل ‪.‬في حين أن منظمة ‪ClO‬كانت لديها أغلبية من النقابات الصناعية في صناعات‬
‫اإلنتاج الضخم‪ ،‬وشمل ‪AF of L.‬إلى حد كبير نسبة أكبر مما يمكن تسميته بالنقابات الحرفية‪ ،‬فقد تم‬
‫كسر الفروق القديمة إلى حد كبير وأصبحت كلتا المنظمتين أكثر فأكثر ‪.‬على حد سواء‪ ،‬تم إعدادهم‬
‫مسبقًا للترحيب بجميع القادمين‪.‬‬
‫وكانت النتيجة الثانوية غير السعيدة لهذه التطورات هي انتشار‬
‫‪310‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الخالفات القضائية بين النقابات المتنافسة ‪.‬حارب ‪AF of L. car penters‬عمال األخشاب ‪،CIO‬‬
‫‪C.LO.‬حارب عمال السيارات ‪AF‬من الميكانيكيين ‪ ،L.‬و ‪AF‬من ‪L.‬و ‪CIO‬الرجال في المناطق‬
‫الطويل ة‪ ،‬وعمال النسيج‪ ،‬وعمال الكهرباء‪ ،‬وعمال التعبئة والتغليف وكتبة التجزئة اشتبكوا بشكل‬
‫عشوائي ‪.‬دقت السماء بتهم اإلغارة على النقابات‪ ،‬والطعن‪ ،‬والخيانة المتبادلة ‪.‬وكثيراً ما تجاوزت‬
‫مرارة هذه المشاحنات العائلية مرارة النزاعات حول رأس المال العمالي ‪.‬كانت الهجمات اإلجرامية‬
‫للمنظمتين على بعضهما البعض‪ ،‬وأحيانًا المعارك النقابية داخل ‪AF‬التابعة لـ ‪L.‬أو ‪ ،CIO‬في بعض‬
‫وتكرارا ليس لسبب‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫األحيان أكثر عنفًا من الهجمات العمالية على الصناعة ‪.‬اندلعت اإلضرابات‬
‫سوى الخالف على السلطة القضائية‪ ،‬مما أدى إلى خسارة فادحة للعمال المعنيين على الفور وإلحاق‬
‫ضرر جسيم بجميع العمال المنظمين‪.‬‬
‫في جهودهم لكسب االعتراف بنقاباتهم‪ ،‬قام ‪AF of L.‬و ‪CIO‬بإدخال المجلس الوطني لعالقات‬
‫العمل في نزاعهما ‪ .‬كان هدف هذه الوكالة هو الحياد المطلق في التعامل مع االنتخابات الخاصة‬
‫وتكرارا بسبب‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫بالنقابات التي سيتم تعيينها كوكالء للمساومة على الموظفين‪ ،‬ولكن تم إعاقتها‬
‫الهجمات التي شنت عليها ليس من قبل الصناعة ولكن من قبل العمال ‪.‬ربما كانت حقيقة تعرضها‬
‫النتقادات شديدة في كال معسكري العمل أفضل دليل على نجاحها في الحفاظ على الحياد‪ ،‬لكن مثل هذه‬
‫االنتقادات ق دمت مع ذلك ذخيرة ألولئك الذين كانوا يهاجمونها على أسس أوسع تتمثل في تجاوز‬
‫سلطتها وإظهار موقف معا ٍد ‪.‬تحيز الصناعة ‪.‬ولم تكن المشاحنات الداخلية بين صفوف حزب العمال‬
‫تؤدي إلى تبديد قوته فحسب‪ ،‬بل كانت تهدد بتقويض الهيئة الحكومية التي أنشئت لتشجيع االعتراف‬
‫النقابي‪.‬‬
‫لقد ضاع التضامن الذي كان الحلم المشرق للقادة العماليين في القرن التاسع عشر ‪.‬ربما يمكن‬
‫القول إن الحركة العمالية الموحدة بشكل وثيق كانت ستمنع مخاطر اإلفراط في مركزية السلطة‬
‫والسيطرة على العمال على الصعيد الوطني من قبل القادة الديكتاتوريين الذين كانوا سيتجاهلون‬
‫اإلجراءات الديمقراطية ‪.‬إن التنوع في صفوف العمل هو الضمان ضد مثل هذا التطور الخطير ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فإن موقف العمل المنظم‪ ،‬سواء من وجهة نظره الخاصة أو العامة‪ ،‬لم يكن راس ًخا بشكل آمن كما‬
‫كان يمكن أن يكون لو سادت الحنكة السياسية في النزاع األصلي حول النقابات الحرفية مقابل النقابات‬
‫الصناعية‪ ،‬أو في الجهود الالحقة إلعادة توحيد العمال ‪.‬كان هناك شعور واسع النطاق في نهاية‬
‫ثالثينيات القرن العشرين أنه‬
‫‪Rise of the C.I.O.‬‬ ‫‪311‬‬
‫لن تتمكن العمالة المنظمة من التصرف بالمسؤولية التي كانت في غاية األهمية إذا كان لها أن تلعب‬
‫دورها الكامل إال بعد استعادة قدر أكبر من الوحدة ‪.‬في الحفاظ على استقرار نظامنا االقتصادي وتوسيع‬
‫قواعد الديمقراطية االجتماعية‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪ :XVII‬العمل والسياسة‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫اكتسب تمرد العمال في السياسة أهمية جديدة مع الصفقة الجديدة ‪.‬ومع التدخل الحكومي في العالقات‬
‫الصناعية على هذا النطاق الواسع‪ ،‬أصبح الحفاظ على اإلدارة الوطنية والكونغرس المتعاطفين مع‬
‫تطلعات العمال في مناصبهم أكثر أهمية من أي وقت مضى ‪.‬األهداف المحدودة التي سعت إليها أنشطة‬
‫الضغط التي قام بها ‪AF‬في ‪L.‬في األيام التي عارض فيها صامويل جومبرز الحد األدنى لألجور‬
‫ومعاشات الشيخوخة والتأمين ضد البطالة باعتبارها "تليين النسيج األخالقي للشعب"‪ ،‬لم تعد تلبي‬
‫احتياجات عمال البالد ‪ .‬كانت النقابات الصناعية الجديدة تعتمد بشكل خاص على الحماية التي توفرها‬
‫لها تشريعات الصفقة الجديدة‪ ،‬وبالتالي كانت على استعداد لبذل كل ما في وسعها لضمان استمرار‬
‫اإلدارة المؤيدة للعمال في واشنطن‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن التحول الواضح نحو المزيد من المشاركة الواسعة في السياسة لم يكن راجعا ً بالكامل‬
‫إلى هذه الرغبة في التطبيق الفعال لقوانين العمل الجديدة ‪.‬كان هناك وعي متزايد بالقضايا الكبيرة التي‬
‫ينطوي عليها برنامج روزفلت ‪ .‬شعر حزب العمال بشكل عام أن الصفقة الجديدة تمثل القوى التقدمية‬
‫في الديمقراطية األمريكية‪ ،‬وتحمل تقليد الحكومة الشعبية لصالح عامة الناس والذي نشأ من أيام‬
‫جاكسون ‪.‬وقد تم قبول كافة مضامين الرأسمالية الديمقراطية في هذا الدعم للصفقة الجديدة ‪.‬لم يفكر‬
‫حزب العمال من حيث الكومنولث الصناعي أو الدولة االشتراكية ‪.‬وكان هدفها هو تحقيق تلك الظروف‬
‫في حياتنا االقتصادية واالجتماعية التي من شأنها تمكين نظام المشاريع الحرة من العمل بنجاح مع‬
‫أكبر درجة ممكنة من العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫ك ان من الطبيعي أنه في هذه االندفاعة من النشاط السياسي‪ ،‬يجب أن يكون مدير تكنولوجيا‬
‫المعلومات أكثر عدوانية بكثير من ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬وقد انتقلت الروح الليبرالية والمتمردة التي ميزت‬
‫دفاعه عن النقابات الصناعية إلى تعزيز اإلصالح االجتماعي ‪.‬في حين لم يكن هناك في الواقع أي‬
‫خروج كبير عن التقليد القديم المتمثل في مكافأة أصدقاء العمال و‬
‫‪312‬‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪313‬‬
‫وفي معاقبة أعدائها‪ ،‬كان على مدير تكنولوجيا المعلومات أن يذهب أبعد من ذلك بكثير في محاولة جعل‬
‫هذه السياسة فعالة ‪.‬على عكس حزب ‪AF‬في ‪ ،L.‬الذي استمر في التمسك بعدم الحزبية في االنتخابات‬
‫الرئاسية‪ ،‬كان مستعدًا لتقديم دعم قوي لروزفلت‪.‬‬
‫كان هناك أيضًا اعتراف أكبر من جانب النقابات الصناعية التي تشكل عضوية مديري تكنولوجيا‬
‫المعلومات من جانب النقابات الحرفية األكثر رسو ًخا في ‪AF of L.‬بمدى اعتماد جميع العاملين بأجر‬
‫على الحكومة ‪.‬لقد أقنعتهم تجربة الكساد بالحاجة إلى ضوابط إضافية على الحياة االقتصادية لألمة‪.‬‬
‫كتب لويس فيما يتعلق بمؤسسات اإلنتاج الضخم« ‪:‬مع ضمان حق التنظيم‪ ،‬يمكن تنظيم مثل هذه‬
‫الصناعات في النقابات‪ ،‬ولكن من ناحية أخرى‪ ،‬تحسين مستويات المعيشة‪ ،‬وساعات عمل أقصر‪،‬‬
‫وتحسين ظروف العمل للعاملين فيها ‪».‬وال يمكن أن نأمل في األعضاء ما لم يتم وضع أحكام تشريعية‬
‫أو غيرها للتخطيط االقتصادي ومراقبة األسعار واإلنتاج واألرباح ‪.‬وبسبب هذه الظروف األساسية‪،‬‬
‫فمن الواضح للعمال الصناعيين أن الحركة العمالية يجب أن تنظم وتبذل نفسها ليس فقط في المجال‬
‫االقتصادي ولكن أيضا في الساحة السياسية‪. . . ".‬‬
‫ً‬
‫دورا فعاال في إنشاء رابطة حزب‬‫لتنفيذ مثل هذا البرنامج‪ ،‬لعبت قيادة مدير تكنولوجيا المعلومات ً‬
‫العمال غير الحزبية في عام ‪ ،1936‬ودعمت أيضًا تشكيل حزب العمال األمريكي في نيويورك ‪.‬كان‬
‫الهدف األساسي وراء هذه التحركات هو إعادة انتخاب روزفلت‪ ،‬وتم بذل كل جهد ممكن لكسب دعم كل‬
‫من نقابات ‪AF of L.‬و ‪ CIO.‬كان أول رئيس للرابطة غير الحزبية هو جورج إل بيري‪ ،‬من اتحاد‬
‫الصحافة المطبعية‪ ،‬وهو أحد أعضاء ‪AF‬التابع لـ ‪L..‬ولكن في حين أن العديد من االتحادات العمالية‬
‫في الواليات والنقابات األعضاء تعاونت مع الرابطة‪ ،‬فإن ‪AF‬في ‪L.‬نفسها لم يكن لها أي عالقة‬
‫رسميًا بها ‪.‬وكان المجلس التنفيذي منقسما حول القضايا السياسية ‪.‬ترأس ويليام هتشسون لجنة العمل‬
‫الجمهورية ودانييل توبين لجنة العمل الديمقراطية ‪.‬وبينما دعم جرين شخص ًيا روزفلت‪ ،‬فقد أدان‬
‫الرابطة غير الحزبية باعتبارها حركة مزدوجة في السياسة تما ًما كما كان مدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫حركة مزدوجة في التنظيم االقتصادي‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم يكن هناك أي شك على اإلطالق حول منصب مدير تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬أو النقابات‬
‫الصناعية الجديدة ‪.‬تم تقديم مساهمات كبيرة لصندوق حملة الرابطة غير الحزبية‪ ،‬حيث‬
‫‪314‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫قدم عمال المناجم المتحدون وحدهم مبلغ ‪500‬ألف دوالر‪ ،‬ودعا لويس إلى دعم ال لبس فيه للصفقة‬
‫الجديدة ‪.‬وأعلن أن «حزب العمال حقق مكاسب في عهد الرئيس روزفلت أكثر من أي رئيس في‬
‫الذاكرة ‪.‬ومن الواضح أنه من واجب العمال دعم روزفلت بنسبة ‪100‬في المائة في االنتخابات المقبلة‪.‬‬
‫وقد ناشد الديمقراطيون دعم حزب العمال وكان لديهم كل األسباب لتوقع ذلك ‪.‬تصدت إدارة روزفلت‬
‫بشكل مباشر للقضايا التي خلقها الكساد وأبدت اهتما ًما أساسيًا بإعادة الناس إلى العمل‪ ،‬ورفع األجور‬
‫وتعزيز التنظيم النقابي ‪.‬وتعهد البرنامج الديمقراطي“ ‪:‬سنستمر في حماية العامل‪ ،‬وسنحمي حقوقه‪،‬‬
‫كأجير وكمستهلك ‪. . . ".‬وعد الجمهوريون أيضًا بدعم الحق في التنظيم‪ ،‬لكن لم يكن سجلهم السابق‬
‫وال موقفهم العام يضمن أن األهداف العمالية األوسع ستتلقى منهم الدعم الذي تم الحصول عليه‬
‫بموجب الصفقة الجديدة‪.‬‬
‫كانت حملة عام ‪1936‬مريرة ‪.‬تجاوزت انقسامات الرأي التي نشأت في المجتمع األمريكي الخطوط‬
‫الحزبية واصطفت الطبقة ضد الطبقة كما لم يحدث منذ أن تحدت الشعبوية الحكم المحافظ لمجتمع‬
‫األعمال المهيمن قبل أربعين عا ًما ‪.‬ومع اتهام الرئيس السابق هوفر ورابطة الحرية بأن اإلدارة سعت‬
‫إلى "إدخال المذاهب األجنبية المتمثلة في الفوج واالشتراكية والفاشية"‪ ،‬رد روزفلت بقوة ال تقل عن‬
‫ذلك بالتهمة المضادة التي مفادها أن "الملكيين االقتصاديين "يعتبرون الحكومة بمثابة أداة ‪.‬مجرد‬
‫إلحاق بشؤونهم الخاصة ‪.‬وأعلن أن "الحكم عن طريق األموال أو جمعها ال يقل خطورة عن الحكم عن‬
‫طريق الغوغاء المنظمين‪".‬‬
‫دورا مه ًما في تمكين‬
‫أصوات حزب العمل ‪- AF of L.‬وكذلك ‪C.LO.‬وقد لعب أعضاء النقابات ً‬
‫روزفلت من اجتياح البالد في عام ‪1936.‬وقد انضم العاملون بأجر إلى العناصر الليبرالية األخرى في‬
‫البالد في استجابة شعبية على مستوى البالد لبرنامج ديناميكي لالنتعاش واإلصالح ‪.‬كان حزب العمال‬
‫يؤيد اإلغاثة الزراعية وإصالح األعمال باإلضافة إلى نظام جديد للعالقات الصناعية والضمان‬
‫االجتماعي ‪.‬لقد كان يؤيد إجرا ًء لالنتعاش االقتصادي ينعكس في زيادة النشاط التجاري وارتفاع الدخل‬
‫الزراعي باإلضافة إلى تقليل البطالة وزيادة األجور‪.‬‬
‫يبدو أن أنشطة الحملة التي قامت بها الرابطة غير الحزبية والتصويت الذي فاز به حزب العمال‬
‫األمريكي لصالح روزفلت في نيويورك يظهر قيمة العمل العمالي المباشر في السياسة ‪.‬ال‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪315‬‬
‫امال‪ ،‬وفي إعالن جديد للغرض‪ ،‬ذكرت الرابطة غير الحزبية‬ ‫طور ‪CIO‬برنام ًجا تشريعيًا واسعًا وش ً‬
‫أنها ستحاول في االنتخابات المستقبلية ضمان ترشيح وانتخاب المرشحين المتعهدين بدعم العمال‬
‫وغيرها من التدابير التقدمية ‪.‬وكانت مستعدة للعمل "مع كل مجموعة تقدمية هدفها تأمين سن‬
‫تشريعات ليبرالية وإنسانية ‪".‬‬
‫دخلت الرابطة غير الحزبية في االنتخابات المحلية في عدة واليات خالل السنوات القليلة التالية‪،‬‬
‫دورا نش ًطا في سياسة نيوجيرسي‪،‬‬ ‫سع ًيا للسيطرة على الحزب الديمقراطي في والية بنسلفانيا‪ ،‬ولعب ً‬
‫وإلقاء دعمها وراء حملة من أجل إدارة عمالية في ديترويت ‪.‬في نيويورك‪ ،‬استمد حزب العمال‬
‫األمريكي إلى حد كبير من األعضاء ذوي التوجه االشتراكي في نقابات عمال اإلبرة‪ ،‬لكنه اجتذب أيضًا‬
‫عددًا كافيًا من المؤيدين الليبراليين خارج صفوف العمال لحشد ‪500‬ألف صوت إلعادة انتخاب عمدة‬
‫الغوارديا في عام ‪1937.‬وعلى الصعيد الوطني‪ ،‬كان هناك نشاط مستمر في دعم تشريعات الصفقة‬
‫الجديدة‪ ،‬ودعم برنامج روزفلت إلعادة تنظيم المحكمة العليا‪ ،‬وتشجيع المزيد من تدابير اإلصالح على‬
‫طول الخط ‪.‬دخلت الرابطة غير الحزبية في انتخابات الكونجرس عام ‪1938‬وحاولت بقوة هزيمة جميع‬
‫معارضي الصفقة الجديدة وانتخاب أتباعها بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية‪.‬‬
‫دورا مه ًما في هذا النشاط السياسي في أواخر ثالثينيات القرن العشرين‪،‬‬‫لقد لعب سيدني هيلمان ً‬
‫على الرغم من أن دوره كان أكثر أهمية مع تشكيل لجنة العمل السياسي التابعة لمكتب تكنولوجيا‬
‫المعلومات في عام ‪1944.‬وباعتباره من أشد المؤيدين لـ "التعاون البناء "بين العمل واإلدارة‪ ،‬فقد‬
‫حث أيضًا على المشاركة الواسعة من جانب العاملين بأجر في السياسة لضمان الظروف األساسية التي‬
‫من شأنها أن تجعل مثل هذا التعاون ممكنًا ‪.‬كان عدد قليل من النقابات أكثر وعيا ً سياسيا ً من عمال‬
‫المالبس المندمجين ‪.‬كان هيلمان يوصف أحيا ًنا بأنه تجسيد للقيادة النقابية "للهندسة االجتماعية"‪،‬‬
‫وكان في الوقت نفسه عمليًا ومثال ًيا للغاية‪ ،‬وكان أحد أبرز االستراتيجيين العماليين في ذلك الوقت‬
‫صاحب رؤية واسعة ورؤية للمجتمع الذي كان يعتقد أنه يمكن إنشاؤه في أمريكا‪.‬‬
‫وقال في مؤتمر نقابي في عام « ‪1938:‬بعد أن حققنا أحالمنا باألمس‪ ،‬دعونا نكرس أنفسنا ألحالم‬
‫وأحرارا‬
‫ً‬ ‫جديدة بمستقبل لن تكون فيه البطالة؛ مستقبل يكون فيه الرجال والنساء آمنين اقتصاديًا‬
‫سياسيًا‪”.‬‬
‫‪316‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫تمت مناقشة إمكانيات تطوير دور سياسي أكثر نشا ًطا للعمال من الدور الذي تمثله الرابطة غير‬
‫الحزبية على نطاق واسع في هذا الوقت ‪.‬لقد تم إحياء القضية القديمة المتمثلة في تشكيل حزب العمال‪،‬‬
‫والتي كانت قد أثيرت في كثير من األحيان في الماضي‪ ،‬مرة أخرى ‪.‬كان يُنظر إلى العصبة في بعض‬
‫األوساط على أنها النواة المحتملة لحركة يمكن من خاللها جمع العمال والمزارعين والجماعات‬
‫الليبرالية األخرى معًا في ائتالف من شأنه إما السيطرة على اآللة الديمقراطية الديمقراطية أو إنشاء‬
‫حزب ثالث مستقل في حالة حدوث ذلك ‪.‬يثبت أنه مرغوب فيه‪.‬‬
‫لكن هذه األفكار لم تحقق أي تقدم حقيقي ‪.‬لم يكن لدى ‪AF of L.‬أي منهم‪ ،‬ولم يذهب مدير‬
‫وتكرارا إلى برنامج بناء لألمن االقتصادي‪ ،‬إلى حد تأييد‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫المعلومات‪ ،‬على الرغم من دعوته‬
‫العمل السياسي المستقل ‪.‬كانت الخبرة السابقة مع حركات الطرف الثالث غير مشجعة إلجراء المزيد‬
‫من التجارب على طول هذه األونيس‪ ،‬ويبدو أن الموقف الودي تجاه العمال في الصفقة الجديدة جعله‬
‫غير مستحسن على أي حال ‪.‬وبدا أن العمال ككل يؤيدون موقف جرين القائل بأن العمال لم يكن طائفة‬
‫أو طبقة‪ ،‬بل شريحة عرضية من األمة ذات مصالح متنوعة لدرجة أن حزب العمال لن يكون له أي‬
‫صالحية حقيقية ‪ .‬وكما هو الحال طوال القرن التاسع عشر‪ ،‬لم يكن هناك رابط ملزم مثل اإليمان‬
‫المشترك باالشتراكية أو أي فلسفة إيجابية أخرى ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬كان التهديد المحتمل المتمثل في وجود‬
‫طرف ثالث دائ ًما في الخلفية ‪ ،‬إذا وجد أصحاب األجور أنهم غير قادرين على ممارسة تأثير كافٍ على‬
‫األحزاب الرئيسية ‪-‬وخاصة الديمقراطيين ‪-‬لضمان الدعم ألهدافهم األساسية‪.‬‬

‫أصبحت القوى المحافظة والمناهضة للصفقة الجديدة‪ ،‬سواء كانت طرفا ً ثالثا ً أو ال طرفا ً ثالثاً‪،‬‬
‫منزعجة على نحو متزايد إزاء تأثير الضغوط السياسية التي كانت تمارس في أواخر ثالثينيات القرن‬
‫العشرين ‪.‬ولمكافحة مثل هذه التأثيرات‪ ،‬تم تصنيف برنامج مدير تكنولوجيا المعلومات على أنه متطرف‬
‫وغير أمريكي ‪.‬ووجهت اتهامات بأن العناصر اليسارية كانت تسيطر بالكامل على الرابطة غير الحزبية‬
‫وأجبرتها على اتباع خط الحزب الشيوعي ‪.‬واغتنمت الرابطة الوطنية للمصنعين وغيرها من‬
‫مجموعات أصحاب العمل كل فرصة للضغط على مثل هذه الهجمات ‪.‬وكان أحد الكتيبات التي تم توزيعها‬
‫على نطاق واسع من قبل المجموعات المختلفة المناهضة للنقابات يحمل عنوانًا جذابًا "انضم إلى مدير‬
‫تكنولوجيا المعلومات وساعد في بناء أمريكا السوفيتية ‪".‬تعرض القادة النشطون للرابطة غير الحزبية‬
‫وحزب العمال األمريكي‪ ،‬بما في ذلك‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪317‬‬
‫هيلمان ولويس‪ ،‬للهجوم بسبب تعاطفهم المفترض مع الشيوعية واستعدادهم لتعزيز السياسات التي‬
‫تمليها موسكو‪.‬‬
‫كانت هناك بعض الجمر المشتعلة بشكل متقطع حيث رأى معارضو مدير تكنولوجيا المعلومات مثل‬
‫هذه السحب الكثيفة من الدخان ‪.‬العناصر الراديكالية التي كانت موجودة دائ ًما في الحركة العمالية‪،‬‬
‫والتي كان يمثلها في الماضي الفوضويون في شيكاغو‪ ،‬واالشتراكيون اليساريون واالتحاد الدولي‬
‫للعمال‪ ،‬أصبحت اآلن مسجلة بشكل عام في المعسكر الشيوعي ‪.‬وكانت الجبهة العمالية الخاصة بهم في‬
‫األصل هي الرابطة التعليمية لنقابات العمال‪ ،‬التي أسسها ويليام ز ‪.‬فوستر بعد فشل إضراب الصلب في‬
‫عام ‪ ،1919‬وبعد ذلك تم إنشاء رابطة الوحدة النقابية بعد حوالي عشر سنوات لتعزيز النقابات‬
‫الصناعية بشكل مستقل عن العمال ‪.‬إن التحول الذي طرأ على الخط الحزبي في موسكو في منتصف‬
‫ثالثينيات القرن العشرين‪ ،‬والذي حول الدعم الشيوعي إلى جبهة ديمقراطية موحدة ضد الفاشية‪ ،‬أدى‬
‫بعد ذلك إلى التخلي عن النقابية المزدوجة والعودة إلى األساليب االشتراكية القديمة المتمثلة في الملل‬
‫من الداخل ‪.‬وكان الشيوعيون على استعداد لبذل كل ما في وسعهم لتشجيع النقابات الصناعية‪ ،‬وكانوا‬
‫يأملون في الفوز بالسيطرة‪ ،‬أو على األقل السيطرة‪ ،‬على مدير تكنولوجيا المعلومات والشركات التابعة‬
‫له سياسيا‪.‬‬
‫لم يتردد لويس في االستفادة من خبرتهم ومهارتهم التنظيمية في بناء مدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫والرابطة غير الحزبية ‪.‬كان بحاجة إلى المساعدة من كل جهة ‪.‬وقال" ‪:‬علينا أن نعمل بما لدينا ‪".‬‬
‫وبينما كان يدرك تماما ً أن الشيوعيين سوف يسعون إلى استخدام النقابات الجديدة لتعزيز موقفهم‪ ،‬فإنه‬
‫مع ذلك كان يعتقد أنه يستطيع تجاهل سياساتهم ما داموا يساعدونه في تعزيز النقابات الصناعية ‪.‬وفاز‬
‫رفاق الرحالة بمناصب مهمة في بعض النقابات وحتى في المجالس العليا لمكتب تكنولوجيا المعلومات‬
‫نفسه ‪.‬وكان من المقرر أن يستمر الصراع الداخلي داخل اتحاد عمال السيارات‪ ،‬حيث ناضل الجناح‬
‫اليساري والفصائل المحافظة من أجل السلطة‪ ،‬ونجح المتعاطفون مع الشيوعية إلى حد كبير في‬
‫الفوز ‪.‬السيطرة على عمال الكهرباء والراديو واآلالت‪ ،‬وعمال النقل‪ ،‬واالتحاد البحري‪ ،‬وعمال الوالية‬
‫والمقاطعات والبلديات‪ ،‬وعمال الفراء والجلود‪ ،‬وعمال الخشب في أمريكا ‪.‬حماستهم ومشاريعهم ‪-‬في‬
‫االستراتيجية البرلمانية‪ ،‬والساق التنظيمية "العمل"‪ ،‬والضغوط التي مارستها "الفرق الحمقاء "من‬
‫تأثيرا ال يتناسب مع أعدادهم الفعلية‪.‬‬
‫ً‬ ‫المتشددين في االنتخابات المحلية ‪-‬أعطتهم‬
‫لم يكن هناك شك في هذا الوقت أكثر مما كان عليه في الفترات السابقة حول المحافظة األساسية‬
‫والوالء للجزء األكبر من أعضاء النقابة‪،‬‬
‫‪318‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫سواء كانوا متحالفين مع ‪AF‬لـ ‪L.‬أو القيادة الشيوعية لـ ‪CIO‬في النقابة ال يعني أن أعضائها‬
‫ملتزمون بـ خط الحزب‪ ،‬بل أنهم قبلوا التوجيه من أي جهة تؤدي إلى نتائج ‪.‬وكما رحب العمال‬
‫المناهضون للثورة بالمساعدة التي قدمها لهم منظمو االتحاد العمالي الصناعي قبل خمسة وعشرين‬
‫عاماً‪ ،‬فإن أولئك الذين شاركوا في إضرابات الثالثينيات كانوا على استعداد تام لقبول المساعدة‬
‫الشيوعية ‪.‬لم تكن القيادة العليا لمكتب المعلومات المركزية تثق في الشيوعيين ألنها كانت تعلم جيدًا‬
‫أنهم يضعون مصلحة الحزب قبل كل شيء آخر‪ ،‬ولكن طالما كانوا يتعاونون في تعزيز أهداف العمال‪،‬‬
‫فقد استمرت في االستفادة من مساعداتهم ‪.‬وإذا بدا أن لويس يغازلهم بشكل خطير للغاية في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬إن لم يكن يعمل في الواقع في تحالف وثيق‪ ،‬فإن القادة اآلخرين في مدير تكنولوجيا‬
‫المعلومات‪ ،‬مثل موراي وهيلمان‪ ،‬كانوا يكافحون بشدة لنفوذهم ‪.‬لقد أدركوا تما ًما أنه مهما كانت النواة‬
‫الشيوعية صغيرة في الحركة العمالية‪ ،‬إال أنها كانت متماسكة ومنضبطة بشكل وثيق لدرجة أنها كانت‬
‫دائ ًما تشكل تهديدًا للنقابية الديمقراطية‪.‬‬
‫إن الدعم السياسي الذي كان اليسار على استعداد لتقديمه لروز فيلت والصفقة الجديدة كجزء من‬
‫برنام ج الجبهة الموحدة‪ ،‬أضاف المزيد من االرتباك إلى المشهد العمالي ‪.‬استفادت القوى المناهضة‬
‫للصفقة الجديدة من الدعم الشيوعي لروزفلت إلى أقصى حد في مهاجمة إدارته بسبب ما أعلنت أنها‬
‫سياساتها االشتراكية والراديكالية ‪.‬ولكن في حين كان بإمكان الرئيس أن ينكر الدعم الشيوعي في حد‬
‫ذاته‪ ،‬إال أنه ظل في حاجة إلى دعم العمال المنظمين ‪.‬وبالتالي كان من مصلحته إلى حد كبير أن يكون‬
‫هناك حركة موحدة قوية بما يكفي لطرد الشيوعيين‪ ،‬والسيطرة على األقلية الراديكالية‪ ،‬وحشد القوى‬
‫التقدمية لألمة بشكل مستقل خلف سياساته ‪.‬منذ عام ‪ ،1937‬كان يحث باستمرار على المصالحة بين‬
‫‪AF‬في ‪L.‬ومدير تكنولوجيا المعلومات مع وضع مثل هذه األفكار في االعتبار‪ ،‬وفي عام ‪1939‬دعا‬
‫المنظمتين مرة أخرى إلى بذل جهد حقيقي لتسوية خالفاتهما‪.‬‬
‫بنا ًء على إصرار روزفلت‪ ،‬استؤنفت مفاوضات السالم في ذلك العام وحاول ممثلو ‪AF‬في ‪L.‬‬
‫ومدير المعلومات االجتماع معًا ‪.‬لقد فقدت قضية النقابات الحرفية مقابل النقابات الصناعية منذ فترة‬
‫طويلة أي شرعية حقيقية‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬لكن الدوافع المتنافسة على السلطة اشتدت بسبب صراعات‬
‫السنوات القليلة الماضية ‪.‬طرح لويس اقترا ًحا طمو ًحا لدمج ‪AF of L.‬و ‪CIO‬وكذلك أخويات السكك‬
‫الحديدية ‪.‬لقد كان األمر غير عملي تما ًما‪ ،‬ألن رابطة السكك الحديدية لم تكن مهتمة على اإلطالق بمثل‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪319‬‬
‫هذا المشروع‪ ،‬وتم اتهام لويس على الفور بعدم التصرف بحسن نية ‪.‬‬
‫بالعربية؛ كان العرض المضاد المقدم من ‪L.‬هو إعادة قبول نقابات مديري تكنولوجيا المعلومات‬
‫في ال منظمة األم ولكن دون االعتراف بسلطتها القضائية الموسعة ‪.‬قام لويس بتأجيل االجتماع دون‬
‫إعطاء إجابة محددة على هذا االقتراح‪ ،‬لكنه سرعان ما أعلن أن السالم "غير ممكن "بسبب الموقف‬
‫المعرقل من ‪AF‬لقادة ‪L.‬الذين كانوا يتبعون سياسة "الحكم أو الخراب ‪".‬وحقيقة األمر هي أن أيا ً من‬
‫الطرفين لم يكن مستعدا ً لتقديم تنازالت حقيقية ‪.‬على الرغم من قبولهم المعلن للحاجة إلى وحدة العمل‪،‬‬
‫وضع كل من ‪AF‬في ‪L.‬ومدير تكنولوجيا المعلومات مصالحهما الخاصة في المقام األول ‪.‬واصل‬
‫جرين التعبير عن "شغفه بالسالم"‪ ،‬لكن ذلك كان بشروطه الخاصة ‪.‬ربما كان لويس أكثر صراحة في‬
‫قوله" ‪:‬يجب علينا توسيع حركتنا"‬

‫إن الصعوبات الداخلية التي واجهت العمال‪ ،‬سواء كانت ناجمة عن المكائد الشيوعية أو المشاحنات‬
‫القضائية‪ ،‬لم يتم حلها بأي حال من األحوال في عام ‪1939.‬ولكن في هذه األثناء‪ ،‬كان للتطورات األكثر‬
‫أهمية على الساحة العالمية تداعياتها الحتمية على كل من السياسات العمالية والوطنية ‪.‬أبرمت روسيا‬
‫وألمانيا اتفاقهما الشهير في أواخر أغسطس‪ ،‬وبعد ذلك مباشرة انزلقت أوروبا في الحرب بسبب هجوم‬
‫هتلر على بولندا ‪ .‬وجدت الواليات المتحدة نفسها مهددة باالحتمال المتزايد لالنجرار إلى الصراع‬
‫ال محتدم ضد الفاشية‪ ،‬وتحول االهتمام الشعبي بشكل متزايد من المشاكل الداخلية إلى القضايا األكبر‬
‫المتعلقة بالسياسة الخارجية ‪.‬لقد انقسمت البالد بشكل حاسم إلى معسكرين متعارضين حول السؤال‬
‫الذي طغى على ما إذا كانت المساعدات المقدمة للحلفاء قادرة على إبعاد الحرب عن شواطئنا‪ ،‬أو ما إذا‬
‫كان ينبغي لنا أن نسعى إلى الحفاظ على موقف انعزالي باعتباره الوسيلة الوحيدة لحماية سالمنا‪.‬‬
‫كما تم التعبير عنه في القرارات التي اعتمدها كل من ‪AF of L.‬و ‪ ،CIO‬عارض حزب العمل‬
‫تما ًما دخولنا الحرب ولكنه كان مستعدًا لدعم سياسة روزفلت المتمثلة في تقديم المساعدة للحلفاء‬
‫وبناء دفاعنا الوطني ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كانت هناك وجهات نظر مختلفة داخل صفوف النقابات‪ ،‬كما هو الحال‬
‫بين العناصر األخرى في السكان‪ ،‬في حين تحول خط الحزب الشيوعي فجأة من الجبهة الديمقراطية‬
‫الموحدة إلى االنعزالية الخبيثة ‪.‬لقد تعرضت إدارة روزفلت للهجوم بنفس القوة التي تم الدفاع عنها من‬
‫قبل ‪.‬مع‬
‫‪320‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫اقتراب انتخابات عام ‪ ،1940‬أصبحت مسألة كيفية تصويت العمال بالتالي ذات أهمية قصوى ‪.‬في هذه‬
‫دورا غريبًا وغير متوقع اختار‬
‫الظروف‪ ،‬كان منصب لويس يجذب االهتمام على الصعيد الوطني‪ ،‬وكان ً‬
‫أن يلعبه‪.‬‬
‫في أعقاب إعادة انتخاب روزفلت في عام ‪ ،1936‬افترض لويس بشكل كبير أن الديمقراطيين قد‬
‫حققوا انتصارهم الساحق ليس فقط بسبب دعم حزب العمال ولكن ألنه ‪-‬جون إل لويس ‪-‬كان له دور‬
‫فعال إلى حد كبير في إيصال أصوات العمال ‪.‬وف ًقا لهذه األطروحة‪ ،‬أنقذ مدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫والرابطة غير الحزبية الصفقة الجديدة‪ ،‬وبالتالي كان روزفلت ملز ًما بشكل مباشر بسداد ديونه‬
‫السياسية من خالل االشتراك الكامل في سياسة مدير تكنولوجيا المعلومات ‪.‬لقد ذهب النجاح إلى رأس‬
‫لويس لدرجة أنه بدا وكأنه يعتقد أن الرئيس يجب أن يكون تحت إمرته‪ ،‬وفي خضم اإلضرابات في‬
‫مصانع جنرال موتورز في أوائل عام ‪ ،1937‬أوضح موقفه‪.‬‬
‫" ‪ :‬على مدى ستة أشهر‪ ،‬ساهم الملكيون االقتصاديون‪ ،‬الذين يمثلهم الجنرال موتورز‪ ،‬بأموالهم‬
‫واستخدموا طاقتهم إلخراج هذه اإلدارة من السلطة ‪.‬طلبت اإلدارة من العمالة المساعدة فأعطتها‬
‫العمالة ‪.‬واآلن أصبح نفس أنصار الملكيين االقتصاديين يجرون أنيابهم إلى العمل ‪.‬ويتوقع عمال هذا‬
‫البلد أن تساعد إدارة اإلعالنات العمال بكل الطرق القانونية وأن تدعم العمال في مصانع جنرال‬
‫موتورز‪.‬‬
‫لقد كان تصري ًحا متعجر ًفا وأظهر روزفلت استياءه من افتراض أنه ملتزم بأي شكل من األشكال‬
‫برئيس قسم تكنولوج يا المعلومات‪ ،‬ولم يسمح له بالتدخل في جهوده لتحقيق السالم في صناعة‬
‫السيارات المحمولة‪ ،‬والتي شعر أنها متاحة للعامة ‪.‬الفائدة‪ ،‬لكنه رفض فكرة المساومة السياسية في‬
‫متأثرا على األقل بتوبيخ رئاسي ضمني‪ ،‬بدأ زعيم مدير‬
‫ً‬ ‫ما كان تعاونه الوثيق مع لويس في الماضي ‪.‬‬
‫تكنولوجيا المعلومات في إثارة ضغينة وتعمقت عندما اندلع روزفلت في سياق الصراع الشرس بين‬
‫‪SWOC‬وشركات "‪ ،"Little Steel‬في بيان دعا فيه إلى "الطاعون على بيوتكم جميعا ‪.‬بعد‬
‫التفكير في هذا الرفض اإلضافي‪ ،‬استغل لويس مناسبة إلقاء خطاب إذاعي في عيد العمال‪ ،‬والذي روى‬
‫فيه الوفيات واإلصابات التي لحقت به أثناء اإلضراب الفوالذي‪ ،‬للعودة إلى الهجوم‪.‬‬
‫وأعلن بابويًا" ‪:‬إنه من غير الالئق بالشخص الذي تناول العشاء على مائدة العمل والذي احتمى في‬
‫منزل العمل‪ ،‬أن يلعن بنفس القدر من‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪321‬‬
‫كال من العمل وخصومه عندما يصبحون محبوسين في احتضان مميت‪".‬‬ ‫الحماس والحياد ً‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان هناك جانب آخر لهذا الخالف المتزايد بين روزفلت ولويس ‪.‬مع االنتصارات‬
‫المستمرة لمدير تكنولوجيا المعلومات وشهرته المتزايدة‪ ،‬بدأ لويس لديه طموحات سياسية ‪.‬بعد مرور‬
‫بعض الوقت على احتماالت الوالية الثالثة لروزفلت التي أصبحت موضوع نقاش واسع النطاق‪ ،‬في‬
‫أواخر عام ‪1939‬أو أوائل عام ‪ ،1940‬ذهب إلى الرئيس بمقترح ‪.‬روت فرانسيس بيركنز القصة في‬
‫سرد لمحادثة أخبرها فيها روزفلت ودانيال توبين‪ ،‬من اتحاد أعضاء فريق ‪ ،L.‬عن كيفية اقتراح لويس‬
‫طريقة للتغلب على جميع االعتراضات على فترة والية ثالثة‪.‬‬
‫"السيد" ‪ .‬سيدي الرئيس‪ ،‬لقد فكرت في كل ذلك ولدي اقتراح لكي تأخذه بعين االعتبار‪" ،‬تقتبس‬
‫السيدة بيركنز من روزفلت‪ ،‬الذي كان بدوره يقتبس من لويس“ ‪.‬إذا كان المرشح لمنصب نائب الرئيس‬
‫على بطاقتك هو جون إل لويس‪ ،‬فإن تلك االعتراضات ستختفي ‪.‬إن الرجل العمالي القوي سيضمن‬
‫الدعم ا لكامل‪ ،‬ليس فقط من جميع العمال‪ ،‬ولكن من جميع الليبراليين الذين يقلقون بشأن أشياء مثل‬
‫فترة والية ثالثة‪.‬‬
‫وهو اقتراح لم يروق للرئيس ‪.‬لقد تركها تنزلق ‪.‬ولكن هناك رواية أخرى لهذه الحادثة‪ ،‬ربما تكون‬
‫ملفقة ‪.‬لقد اقترح لويس على روزفلت أنهما باعتبارهما "أبرز رجلين في األمة "سيشكالن تذكرة ال‬
‫تقهر‪ ،‬ويسأل الرئيس بلطف" ‪:‬في أي منصب ستحتل يا جون؟"‬
‫ومهما كان الدور الذي لعبه الطموح المحبط في موقف لويس السياسي‪ ،‬فقد سمح لنفسه باالقتناع‬
‫بحلول عام ‪1940‬بأن روزفلت لم يعد البطل العظيم للديمقراطية الصناعية الذي كان قد دعا كل العمال‬
‫لدعمه قبل أربع سنوات ‪.‬واتهم اآلن اإلدارة بخيانة قضية العمال ورفض منح التمثيل العمالي في‬
‫مجلس الوزراء أو أي وكالة حكومية لصنع السياسات ‪.‬وفي مؤتمر اتحاد عمال المناجم في يناير‪/‬كانون‬
‫الثاني‪ ،‬قطع بشكل كبير جميع العالقات السابقة مع الرئيس ‪.‬وقال لجمهوره المذهول" ‪:‬إذا أُجبرت‬
‫اللجنة الوطنية الديمقراطية على إعادة ترشيحه‪ ،‬فأنا مقتنع ‪...". . .‬ترشيحه سيؤدي إلى هزيمة‬
‫مخزية‪.‬‬
‫كان لويس يلعب لعبة خطيرة ‪.‬ويبدو أن مساره يشير إلى أنه بعد فشله في تحويل الحزب‬
‫الديمقراطي إلى حزب عمالي كامل‪ ،‬مع اعتباره خليفة محتمل لروزفلت‪ ،‬فقد‬
‫‪322‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫شكل فكرة مفادها أن رابطة حزب العمال غير الحزبية قد تتطور إلى حزب ثالث يمكنه توفير الوسيلة‬
‫الالزمة لتفضيله السياسي في عام ‪ 1944.‬وكانت القضية برمتها متورطة بعمق في نزاعه مع قادة‬
‫مديري تكنولوجيا المعلومات اآلخرين وارتباطه الوثيق بالجماعات اليسارية والشيوعية ‪.‬كما كان‬
‫مرتب ًطا بالموقف الذي اتخذه في السياسة الخارجية ‪.‬ألنه مع اندالع الحرب في أوروبا‪ ،‬تحول لويس إلى‬
‫المعسكر االنعزالي وكان في موقف معارض غاضب لبرنامج مساعدة الحلفاء برمته ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫مدى مساهمة السياسة الخارجية‪ ،‬وليس االستياء الشخصي واإلحباط السياسي‪ ،‬في هجره لروزفلت‪،‬‬
‫سؤاال ربما لم يتمكن حتى لويس نفسه من اإلجابة عليه بأمانة‪.‬‬‫ً‬ ‫يظل‬
‫على أي حال‪ ،‬فقد عارض الرئيس عالنية مع بدء حملة عام ‪1940.‬وأعلن أن الصفقة الجديدة‬
‫فشلت فشال ذريعا في تحقيق التعافي االقتصادي‪ ،‬وكانت في الواقع مسؤولة تماما عن إطالة أمد‬
‫الكساد ‪.‬لفترة من الوقت لم يشر إلى ما إذا كانت معارضة روزفلت تعني دعم ويندل ويلكي‪ ،‬الذي رشحه‬
‫الجمهوريون‪ ،‬ولكن تم حل هذه الشكوك حول موقفه في خطاب إذاعي في ‪25‬أكتوبر‪ ،‬والذي تم توقيته‬
‫بالكامل لتحقيق التأثير الدرامي الكامل‪.‬‬
‫شرا وطنيًا من الدرجة‬
‫قال لويس" ‪:‬أعتقد أن إعادة انتخاب الرئيس روزفلت لوالية ثالثة سيكون ً‬
‫األولى" ‪".‬لم يعد يسمع صرخات الناس ‪.‬أعتقد أن انتخاب السيد ويندل ويلكي أمر حتمي بالنسبة‬
‫الحتياجات البالد ‪.‬أوصي به لرجال ونساء العمل‪. . . .‬‬
‫"من الواضح أن الرئيس روزفلت لن يتم إعادة انتخابه لوالية ثالثة ما لم يحصل على الدعم الساحق‬
‫من الرجال والنساء في العمال ‪.‬وبالتالي‪ ،‬إذا أعيد انتخابه‪ ،‬فهذا يعني أن أعضاء مؤتمر المنظمات‬
‫الصناعية قد رفضوا نصيحتي وتوصيتي ‪.‬سأقبل النتيجة باعتبارها معادلة للتصويت بحجب الثقة‬
‫وسأتقاعد كرئيس لمؤتمر المنظمات الصناعية في تشرين الثاني (نوفمبر‪).‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم يكن على رجال ونساء العمل أن يشكلوا آرائهم السياسية لهم من قبل لويس ‪.‬لم يعد من‬
‫الممكن إصدار تصويت العمال في عام ‪1940‬مقارنة بالسنوات السابقة ‪.‬متجاهلين تحذيرات رئيس‬
‫مكتب تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬خرج العديد من شركائه عل ًنا لصالح المرشح الديمقراطي‪ ،‬واعتمدت نقابة‬
‫تلو األخرى قرارات لصالح فترة والية ثالثة ‪.‬كما أيدت أغلبية زعماء ونقابات ‪AF‬من ‪L.‬‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪323‬‬
‫الرئيس‪ ،‬وال يمكن أن يكون هناك شك في أن أصوات العاملين بأجر ساهمت بشكل كبير‪ ،‬كما حدث في‬
‫االنتخابات السابقة لروزفلت‪ ،‬في انتصار روزفلت الثالث ‪.‬أظهر التصويت في مناطق التعدين حيث تم‬
‫اتباع قيادة لويس تلقائيًا بشكل عام‪ ،‬أنه حتى أعضاء عمال المناجم المتحدين رفضوا االستجابة‬
‫لنصيحته في السياسة الوطنية‪.‬‬
‫وفي تناقض سعيد مع تصريح لويس‪ ،‬أعلن جرين بعد االنتخابات أن الرجال والنساء العاملين‬
‫صوتوا لصالح روزفلت ألنهم "يعتقدون أنه صديق ونصير العدالة االجتماعية والحرية االقتصادية‪".‬‬
‫لقد تجاوز لويس نفسه تما ًما ‪.‬ومن خالل المقامرة برئاسة مدير تكنولوجيا المعلومات على أساس‬
‫رغبة قواعد العمال في اتباعه‪ ،‬لم يخرج نفسه تما ًما من السياسة فحسب‪ ،‬بل ضحى بالسيطرة على‬
‫المنظمة التي بذل الكثير من أجل بنائها ‪.‬ألنه أوفى بتعهده بالتقاعد من رئاسة مدير تكنولوجيا‬
‫قادرا على ممارسة تأثير قوي في مجالس العمل‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫المعلومات في مؤتمره القادم ‪.‬كان ال يزال ً‬
‫كان بمثابة نهاية فصل في حياته المهنية المذهلة ‪.‬على الرغم من كل االستقالل المتحدي والمواقف‬
‫الدرامية التي ميزت أنشطته الالحقة‪ ،‬وعلى الرغم من اإلثارة التي كان سيثيرها كقائد للحرب وقائد‬
‫إضراب ما بعد الحرب‪ ،‬إال أنه لم يتمكن من استعادة السلطة والهيبة التي كانت تتمتع بها أيامه كرئيس‬
‫لحزب العمال ‪.‬رئيس قسم المعلومات‬
‫سا التحاد عمال المناجم المتحدين وواصل أعضاؤه متابعته أينما كان يقود فيما‬ ‫وظل بالطبع رئي ً‬
‫يتعلق بالشؤون النقابية ‪.‬لقد كانت مطاردة ممتعة ‪.‬كان لويس سيخرجهم قري ًبا من مدير تكنولوجيا‬
‫المعلومات ثم يعود في الوقت المناسب إلى ‪AF‬في ‪L.‬ولم يكن عمال المناجم متأكدين أبدًا من مكان‬
‫وقوفهم ‪.‬اتخذ لويس قراره الخاص وأعطى اهتما ًما بسي ًطا ألفكار زمالئه أو أتباعه ‪.‬في نهاية عام‬
‫‪ ، 1947‬وجد عمال المناجم أنفسهم مرة أخرى في برية العمل عندما خرج زعيمهم غريب األطوار من‬
‫‪AF‬في ‪L.‬للمرة الثانية بشكل مفاجئ عرضي كان مذهالً حتى بالنسبة له ‪.‬عُرض على المراسلين‬
‫الذين تم استدعاؤهم إلى المقر الرئيسي لعمال المناجم المتحدين رسالة مكتوبة بقلم تلوين أزرق على‬
‫قصاصة من الورق مقاس ‪2 × 4‬بوصة نصها‪AFL. ،: "Green‬نحن ننفصل‪ ،‬لويس ‪.‬‬
‫"‪12/12/47.‬‬
‫كان رئيس ‪CIO‬الجديد في عام ‪1940‬هو فيليب موراي‪ ،‬بطل الحملة التنظيمية لـ ‪SWOC‬‬
‫ولسنوات عديدة كان المالزم القدير والمخلص للويس في ‪United Mine Workers.‬كانت خلفيته‬
‫تشاب ًها ملحو ًظا مع خلفية كل من جرين ولويس من حيث أن عائلته كانت‬
‫‪324‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫من أصول بريطانية في مجال تعدين الفحم ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ولد موراي في الخارج —في الناركشاير‪،‬‬
‫اسكتلندا عام — ‪1886‬ولم يأت إلى الواليات المتحدة حتى بلغ السادسة عشرة من عمره ‪.‬ثم اتبع‬
‫التقليد العائلي بدخول المناجم ‪.‬وبعد ذلك بعامين‪ ،‬واجه أول صعوباته مع اإلدارة وفقد وظيفته نتيجة‬
‫مشاركته في اإلضراب ‪.‬وقد كتب" ‪:‬لم يساورني أي شك منذ ذلك الحين فيما أريد أن أفعله في حياتي‪".‬‬
‫سا للمنطقة رقم ‪5‬التحاد عمال المناجم المتحدين وبعد أربع سنوات‬ ‫في عام ‪1916‬تم اختياره رئي ً‬
‫نائ ًبا لرئيس االتحاد الدولي ‪.‬كان معروفًا بأنه إداري ومنظم قدير للغاية‪ ،‬ولكن ربما األهم من ذلك كله‬
‫هو دعمه المخلص‪ ،‬في األوقات الجيدة والسيئة‪ ،‬للسياسات التي وضعها رئيسه ‪.‬ولم يُظهر أي اهتمام‬
‫كبير باألفكار العامة لإلصالح االجتماعي‪ ،‬لكنه كان يعتقد تما ًما أن الشيء الذي يتوافق مع أي نظام‬
‫للمشاريع الحرة هو حق العامل في الحصول على أجر الئق ‪.‬وكان تنظيم العمل والمفاوضة الجماعية‬
‫ضروريين‪ ،‬في رأيه‪ ،‬لتأمين هذا الهدف‪.‬‬
‫كان موراي هادئ ًا ومنطويًا على نفسه لفترة طويلة‪ ،‬وكان يُنظر إليه لفترة طويلة على أنه مجرد ظل‬
‫سا لكبير مسؤولي المعلومات‪ ،‬كان عليه أن يكشف عن استقاللية حازمة‬ ‫للويس ‪.‬وعندما أصبح رئي ً‬
‫وعنيدة م كنته من تحديد مساره الخاص ومتابعته حتى عندما أدى ذلك إلى االنفصال عن الرجل الذي‬
‫كثيرا ‪.‬استمر في التعبير عن عاطفته العميقة ‪.‬كان لدى‬‫ً‬ ‫كثيرا والذي كان معجبًا به‬
‫ً‬ ‫كان معجبًا به‬
‫قادرا أيضًا على‬
‫ً‬ ‫وكان‬ ‫قوية‬ ‫بقناعات‬ ‫يتمتع‬ ‫عمالي‬ ‫كزعيم‬ ‫يبرز‬ ‫جعلته‬ ‫صفات‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫أظهر‬ ‫موراي‪ ،‬كما‬
‫إلهام الوالء الشخصي الكبير‪.‬‬
‫لقد قدم عرضًا أوليًا وغير متوقع الستقالله عندما أصر كشرط لتولي رئاسة ‪CIO‬على أن يتبنى‬
‫قرارا صري ًحا يدين الشيوعية وجميع األيديولوجيات األجنبية ‪.‬في ضوء التحالف الغامض الذي‬ ‫المؤتمر ً‬
‫حافظ عليه لويس مع الجناح األيسر‪ ،‬كان موراي مصم ًما على وضع األمور في نصابها الصحيح ‪.‬لم‬
‫يكن ينوي الشروع في عملية تطهير لجميع الشيوعيين ورفاقه‪ ،‬ولم يرغب في تعطيل الحركة العمالية‬
‫عن طريق االصطياد األحمر الباهظ ‪.‬لكنه كان معارضًا تما ًما للشيوعية ورفض السماح لـ ‪CIO‬بأن‬
‫يصبح واجهة للنشاط السياسي التخريبي ‪.‬وبنفس االستقاللية الروحية‪ ،‬رفض االنعزالية التي كان يبشر‬
‫بها كل من لويس والشيوعيين ‪.‬وبينما كان ال يزال يعارض دخول أمريكا في الحرب‪ ،‬كان مستعدًا لدعم‬
‫سياسة روزفلت الخارجية وبرنامج الدفاع الوطني‪.‬‬
‫‪Labor and Politics‬‬ ‫‪325‬‬
‫لقد كان قراره الخاص ‪.‬وقال في مؤتمر مديري تكنولوجيا المعلومات بعد عام« ‪:‬إن اإلدانات التي‬
‫أوصي بها لم تأت إلي نتيجة لضغوط من أي مجموعة داخل أو خارجها ‪.‬أنا شخص‪ ،‬كما تعلمون‪،‬‬
‫مستاء من ممارسة الضغط من قبل أفراد أو مجموعات ‪.‬أنا أقف على نزاهتي الفردية كرجل‪.‬‬

‫بعد انتخابات عام ‪ ،1940‬تأرجحت البالد بشكل عام بقوة أكبر وراء برنامج الدفاع الوطني ‪.‬أصبحت‬
‫اإلجراءات المتعاقبة التي اتخذتها إدارة روزفلت لتقديم المساعدة للحلفاء‪ ،‬وخاصة اعتماد اإلقراض‬
‫والتأجير‪ ،‬هي القضايا األكثر أهمية التي تواجه األمة ‪.‬لقد أصبح االنقسام بين االنعزاليين وأنصار‬
‫التدخل أكثر مرارة‪ ،‬ولكن الضرورة الحتمية لبناء أمننا ال يمكن إنكارها من قبل أي مدرسة فكرية غير‬
‫ً‬
‫حافزا لالنتعاش‬ ‫دعاة السالم الصريحين ‪.‬لقد و ّفرت أوامر الحرب المتزايدة من الخارج منذ فترة طويلة‬
‫االقتصادي الذي عجزت الصفقة الجديدة عن تحقيقه‪ ،‬وأصبحت متطلبات برنامج الدفاع اآلن تحفز‬
‫إنتا ًجا أكبر على طول الجبهة االقتصادية ‪.‬شعرت الواليات المتحدة بأنها معرضة لخطر وشيك من‬
‫االنجرار إلى الحرب‪ ،‬لكنها في هذه األثناء بدأت تتمتع بمزايا ال مثيل لها ‪.‬‬
‫شعر حزب العمال بتأثير هذه التطورات بطرق عديدة ‪.‬أدت زيادة اإلنتاج إلى انخفاض سريع في‬
‫البطالة‪ ،‬التي ظلت عند مستويات عالية بشكل خطير على الرغم من كل ما فعلته إدارة روزفلت‪ ،‬كما‬
‫عملت أيضًا على تحفيز زيادة األجور ‪.‬كانت الحاجة المتزايدة للعمال المهرة في الصناعات الدفاعية‬
‫سمة جديدة لسوق العمل تتناقض بشكل حاد مع الظروف التي كانت سائدة ألكثر من عشر سنوات ‪.‬وفي‬
‫الفترة بين أبريل ‪1940‬وديسمبر ‪ ،1941‬ارتفع إجمالي العمالة غير الزراعية من خمسة وثالثين إلى‬
‫أكثر من واحد وأربعين مليونًا‪ ،‬وارتفعت معدالت األجور عمو ًما بنحو عشرين بالمائة ‪.‬وفي صناعات‬
‫دوالرا إلى ‪38.62‬‬
‫ً‬ ‫السلع المعمرة التي كانت أساسية لبرنامج الدفاع‪ ،‬ارتفع متوسط الدخل من ‪29.88‬‬
‫دوالرا في األسبوع ‪.‬لقد جاءت الحرب إلنقاذ الصناعة األمريكية ‪ ،‬ومكنت قوة العمل المنظم‪ ،‬كما هو‬ ‫ً‬
‫مسجل في كل من نقابات ‪AF‬لـ ‪L.‬و‪ ،CIO‬العاملين بأجر من المشاركة بشكل كبير في األرباح‬
‫المتزايدة لألعمال التجارية في زمن الحرب‪.‬‬
‫وكان حزب العمال على استعداد للتعاون بشكل كامل في بناء الواليات المتحدة‬
‫‪326‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫باعتبارها "الترسانة العظيمة للديمقراطية"‪ ،‬ولكن عندما تذكر الهزائم والنكسات التي شهدتها فترة‬
‫عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬كان يصر أيضا ً على عدم المساس بالفوائد التي تحققت بموجب الصفقة‬
‫الجديدة بأي حال من األحوال ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬أكدت على الحق في المضي قد ًما في الحملة لتوسيع‬
‫االعتراف النقابي والمفاوضة الجماعية‪ ،‬ومع ارتفاع تكلفة المعيشة بسرعة في ظل ظروف الحرب‪،‬‬
‫طالبت بزيادات إضافية في األجور للحفاظ على القوة الشرائية لدخل العمل ‪.‬ومع ازدهار الصناعة ونمو‬
‫القوة النقابية‪ ،‬أصبح المسرح بالتالي مهيأ لمزيد من الصراعات بين اإلدارة والعمال حول دور كل‬
‫منهما في اقتصادنا المتوسع ‪.‬كان عام ‪1941‬بمثابة أحد أكثر األعوام اضطرابًا في تاريخ العمل‪.‬‬
‫في معظم الحاالت‪ ،‬كان العمال يتبعون سياسات معقولة وبناءة؛ والصناعة‪ ،‬بقبولها مبادئ‬
‫المفاوضة الجماعية‪ ،‬وصلت إلى منتصف الطريق في إبرام اتفاقيات مفيدة للطرفين بشأن األجور‬
‫أخيرا توصلت شركات "ليتل ستيل "وعمال الصلب المتحدون في‬ ‫وساعات العمل وظروف العمل ‪ً .‬‬
‫أمريكا إلى اتفاق‪ ،‬وعكس هنري فورد تما ًما سياساته المناهضة للنقابات ليوقع عقدًا غير متحفظ‬
‫متجرا مغلقًا ‪. .‬ولكن مثل هذا التقدم في‬
‫ً‬ ‫يعترف بعمال السيارات المتحدين بل ويذهب إلى حد منحها‬
‫تهدئة أسباب الصراعات الصناعية سرعان ما طغى عليه اندالع نزاعات جديدة ‪.‬في بعض الحاالت‪،‬‬
‫نشأت هذه االحتجاجات بسبب مطالب النقابات المفرطة وغير المبررة‪ ،‬ولكن في حاالت أخرى بسبب‬
‫عناد أصحاب العمل الذين يرفضون قبول مضامين النظام الصناعي الجديد‪.‬‬
‫أدى الخوف الهستيري تقري ًبا من تنامي قوة النقابات إلى دفع عدد قليل من الشركات ليس فقط إلى‬
‫رفض مطالب األجور الجديدة‪ ،‬بل أيضًا إلى محاولة قص أجنحة العمال بكل الطرق الممكنة ‪.‬رفضت هذه‬
‫المجموعة تقديم المزيد من التنازالت سعيًا لالعتراف بالنقابات‪ ،‬وهاجمت المتجر المغلق ووصفته بأنه‬
‫غير ديمقراطي وغير أمريكي‪ ،‬وتحايلت على المتطلبات القانونية للمفاوضة الجماعية حيثما‬
‫استطاعت ‪.‬لقد غطوا نشاطهم المناهض للنقابات في كثير من الحاالت بعباءة الوطنية‪ ،‬وأصروا على أن‬
‫أهدافهم كانت مجرد الحفاظ على اإلنتاج الصناعي دون انقطاع ‪.‬‬
‫في الواقع‪ ،‬كانت احتياجات الدفاع الوطني تميل إلى جعل الجمهور ينفد صبره تجاه مطالب العمال‬
‫ولم تساعد قضيتها بأي حال من األحوال من خالل المشاحنات الداخلية واسعة النطاق ‪.‬أدت االتهامات‬
‫الغاضبة للقادة المتنافسين‪ ،‬واإلضرابات القضائية‪ ،‬والكشف الذي حظي بتغطية إعالمية كبيرة عن‬
‫حاالت قليلة من ابتزاز النقابات والكسب غير المشروع‪ ،‬إلى إضعاف ثقة الجمهور في مسؤولية‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪327‬‬
‫العمال المنظمين في مواجهة حالة الطوارئ الوطنية المتصاعدة ‪.‬وصحيح أن بعض النقابات المتمردة‬
‫الجديدة لم تكن قادرة على الحفاظ على االنضباط بين اآلالف من أعضائها الجدد ‪.‬كان موقفهم العدواني‬
‫مدمرا‬
‫ً‬ ‫تجاه أصحاب العمل وإصرارهم على زيادة األجور وغيرها من االمتيازات في بعض األحيان‬
‫للسالم الصناعي مثل السياسات المناهضة للنقابات التي تنتهجها الشركات الرجعية‪.‬‬
‫بلغ عدد النزاعات العمالية في عام ‪1941‬إجماليًا أعلى مما كان عليه في أي عام سابق باستثناء‬
‫عام ‪1937.‬وكانت هناك إضرابات في صناعة السيارات‪ ،‬وأحواض بناء السفن‪ ،‬والنقل‪ ،‬وتجارة‬
‫البناء‪ ،‬والمنسوجات‪ ،‬واستخراج الصلب والفحم ‪. .‬من الصعب أن تتمكن أي صناعة من التوقف عن‬
‫العمل‪ ،‬األمر الذي يتدخل بشكل خطير في اإلنتاج لفترة من الوقت على األقل ‪.‬في المجمل‪ ،‬كان هناك‬
‫‪4,288‬إضرا ًبا شارك فيها أكثر من ‪2,000,000‬عامل ‪-‬أي ما يقرب من ضعف عدد النزاعات وأربعة‬
‫أضعاف عدد العمال كما في العام السابق ‪.‬وقد شارك ما يقرب من ‪8.4‬في المائة من العاملين بأجر‬
‫صناعي في البالد في فترات الراحة هذه وخسرنا ‪23‬مليون يوم عمل ‪.‬‬
‫تم إثارة عدد من اإلضرابات من قبل الشيوعيين ‪.‬حتى غزو ألمانيا لروسيا‪ ،‬ظل حزب أوني أحد‬
‫المعارضين الشرسين لمساعدة الحلفاء وكانت هناك جهود يسارية متطرفة لتخريب برنامج الدفاع‬
‫الوطني ‪.‬بعد يونيو ‪ ،1941‬تغير هذا الموقف في تحول آخر في السياسة بين عشية وضحاها‪ ،‬لكن‬
‫اإلضرابات التي حرض عليها الشيوعيون‪ ،‬والتي بذلت القيادة العمالية المسؤولة قصارى جهدها‬
‫للسيطرة عليها‪ ،‬كانت مسؤولة عن جزء ليس بالقليل من االضطرابات العمالية في النصف األول من‬
‫العام‪.‬‬
‫أدى التهديد الذي يتعرض له برنامج الدفاع في توقفات العمل هذه إلى إنشاء مجلس وساطة الدفاع‬
‫الوطني‪ ،‬في وقت مبكر من مارس ‪1941.‬كانت هذه هيئة ثالثية‪ ،‬تمثل العمل واإلدارة والجمهور‪ ،‬ولها‬
‫سلطة السعي إلى تسوية النزاعات في الصناعات الدفاعية من خالل الوساطة أو التحكيم الطوعي ‪.‬ولم‬
‫تتضمن صالحياتها إنفاذ قراراتها‪ ،‬ورغم نجاحها في استعادة السالم الصناعي في كثير من الحاالت‪،‬‬
‫فقد ثبت أن اتخاذ إجراءات أكثر جذرية كان ضروريا في عدة مناسبات بارزة‪.‬‬
‫أدى إضراب عمال الطيران في إنجليوود‪ ،‬كاليفورنيا‪ ،‬إلى االستيالء على مصنع للطيران في أمريكا‬
‫الشمالية من قبل وزارة الحرب قبل أن يتم التوصل إلى تسوية تفاوضية‪ ،‬وتحرك قسم البحرية في‬
‫إضراب عمال أحواض بناء السفن في كيرني ‪.‬نيو جيرسي‪ ،‬بعد أن رفضت الشركة الفيدرالية لبناء‬
‫السفن والحوض الجاف تسوية مقترحة تمنح االتحاد صيانة األعضاء‬
‫‪328‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تم الوصول إلى ذروة النزاعات العمالية والمتاعب التي واجهها مجلس وساطة الدفاع‬
‫الوطني‪ ،‬في إضراب الفحم الذي أدى إلى انقطاع اإلنتاج بشكل خطير بحيث هدد برنامج الدفاع بأكمله‪.‬‬
‫وكانت القضية الرئيسية على المحك هي إنشاء المتجر النقابي في ما يسمى بمناجم الفحم‬
‫"األسيرة "التي تديرها صناعة الصلب ‪.‬كان مجلس الوساطة الدفاعية قد تردد في صحة إدراج مثل‬
‫هذا الطلب في العقود النقابية‪ ،‬وعندما عُرض عليه نزاع التعدين التخاذ إجراء في خريف عام ‪،1941‬‬
‫رفض قبول متجر النقابة كأساس للعقد ‪.‬وبالتالي تجاهل لويس مجلس اإلدارة وفي مواجهة نداء‬
‫الرئيس روزفلت بأنه كمواطن مخلص يجب أن يأتي لمساعدة بالده‪ ،‬دعا إلى إضراب في مناجم الفحم‬
‫األسيرة في ‪27‬أكتوبر والذي هدد بإغالق صناعة الصلب بأكملها تقري ًبا‪.‬‬
‫وكان لتحديه للحكومة أهمية أكبر من حماية حقوق عمال مناجم الفحم ‪.‬كان لويس يسعى الستعادة‬
‫هيبته المحطمة من خالل انتصار عمالي دراماتيكي‪ ،‬وكان يُظهر أيضًا المعارضة التي شعر بها‬
‫باعتباره انعزال ًيا صري ًحا تجاه برنامج روزفلت بأكمله في الشؤون الخارجية ‪.‬لقد وضع نفسه في‬
‫مواجهة الرئيس على الساحة السياسية في عام ‪ ،1940‬واآلن بعد مرور عام أصبح مستعدًا لتحديه في‬
‫المجال االقتصادي ‪.‬كان من المقرر أن يكون النضال من أجل متجر االتحاد بمثابة اختبار للسلطة‪ ،‬وفي‬
‫تجاهل تام الحتياجات البالد والمعارضة العامة لتكتيكاته‪ ،‬كان لويس مستعدًا للسير في طريقه الخاص‪.‬‬
‫وسرعان ما ظهر روزفلت على الهواء بعد الدعوة إلى اإلضراب ليعلن أن البالد يجب أن تحصل‬
‫على الفحم وأن اإلنتاج الوطني ال يمكن إعاقةه "بسبب العرقلة األنانية ألقلية صغيرة ولكنها خطيرة من‬
‫أخيرا لقبول تشريع مكافحة اإلضراب الذي تم اقتراحه‬ ‫ً‬ ‫قادة العمال ‪".‬كانت هناك اقتراحات بأنه مستعد‬
‫بالفعل في الكونجرس ‪.‬ولكن في هذه األثناء‪ ،‬كان لويس يتفاوض مع مايرون سي ‪.‬تايلور‪ ،‬من شركة‬
‫الصلب األمريكية‪ ،‬وتم التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه مراجعة قضية متجر النقابة مرة أخرى من قبل‬
‫مجلس الوساطة الدفاعية دون إلزام أي من الطرفين بقبول أحكامه ‪.‬كان لويس واثقًا من أن مطالبه‬
‫يجب أن تتم الموافقة عليها اآلن بسبب حاجة البالد الملحة للفحم‪ ،‬وألغى اإلضراب لفترة هدنة مؤقتة‬
‫بينما أخذ مجلس اإلدارة القضية قيد النظر مرة أخرى‪.‬‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪329‬‬
‫لقد أصدرت قرارها في ‪10‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني‪ ،‬وكانت النتيجة تسعة أصوات مقابل اثنين ضد‬
‫متجر النقابة ‪.‬اثنان فقط من أعضاء ‪CIO‬اعترضوا على التقرير الذي تم تأييده ليس فقط من قبل‬
‫ممثلي اإلدارة والجمهور‪ ،‬ولكن أيضًا من قبل ممثلي ‪AF‬في ‪L.‬خمسة وتسعون في المائة من‬
‫‪53000‬عامل في مناجم الفحم األسيرة كانوا بالفعل أعضاء في ‪AF‬عمال المناجم المتحدون‪ ،‬لكن‬
‫مرا حكوميًا‪ ،‬وأنه من غير‬‫الموقف المتخذ هو أن متجر النقابة كان مسألة مفاوضة جماعية وليس أ ً‬
‫المبرر أن يجبر مجلس وساطة الدفاع ‪2500‬رجل على االنضمام إلى نقابة ضد إرادتهم‪.‬‬
‫كان هناك مبدأ على المحك وبدا أن المواجهة بين لويس والرئيس أمر ال مفر منه ‪.‬رفض زعيم‬
‫عمال المناجم تعديل أوامر تجديد اإلضراب عند انتهاء الهدنة‪ ،‬وكان مدعو ًما من قبل مدير المعلومات‬
‫على الرغم من الخالفات الداخلية داخل تلك المنظمة ‪.‬استقال ممثلوها في مجلس وساطة الدفاع على‬
‫الفور‪ ،‬وأيد قرار المؤتمر المنعقد آنذاك موقف لويس ‪.‬من جانبه‪ ،‬أعلن روزفلت أن الحكومة لن تأمر‬
‫تحت أي ظرف من الظروف بإنشاء متجر نقابي‪ ،‬وأصر على إجراء مزيد من المفاوضات بين عمال‬
‫المناجم وشركات الصلب‪ ،‬وفي الوقت نفسه قام بالتحضيرات لمصادرة الحكومة للمناجم في حالة عدم‬
‫التوصل إلى اتفاق ‪. .‬كان الكونجرس يناقش حال ًيا تعديالت على تشريع الحياد‪ ،‬وجزئيًا لضمان دعم‬
‫برنامجه الخارجي من قبل أعضاء الكونجرس الذين شعروا أنه يتعامل بشكل متساهل للغاية مع العمال‪،‬‬
‫تعهد الرئيس أنه بغض النظر عما قد يفعله لويس‪ ،‬سيتم استخراج الفحم " ‪-‬تقترح الحكومة لرؤية هذا‬
‫الشيء من خالل‪.‬‬
‫كان هناك أسبوع من المفاوضات المحمومة مع الدولة التي تطالب بالتوصل إلى تسوية‪ ،‬لكن لم‬
‫يستسلم عمال المناجم وال شركات الصلب في متجر النقابة ‪.‬وفي ‪17‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني‪ ،‬بدأ‬
‫اإلضراب مرة أخرى ‪ .‬ألقى العمال في المناجم األسيرة أدواتهم وسرعان ما أدت اإلضرابات المتعاطفة‬
‫في مناطق أخرى إلى زيادة إجمالي الرجال العاطلين في حفر الفحم إلى حوالي ‪250.000.‬تعثرت‬
‫صناعة الصلب في مواجهة حالة الطوارئ الوطنية التي وصلت بسرعة إلى ذروتها ‪.‬أفادت التقارير أن‬
‫أخيرا للتحرك‪ ،‬حيث أمر ‪50‬ألف جندي باالستيالء على المناجم‪ ،‬وأصبح الوضع‬ ‫ً‬ ‫روزفلت كان مستعدًا‬
‫أكثر توتراً كل ساعة ‪.‬ثم فجأة وبشكل غير متوقع‪ ،‬في ‪22‬نوفمبر‪ ،‬تم إلغاء اإلضراب ‪.‬قبل لويس‬
‫اقترا ًح ا من الرئيس للتحكيم الملزم في قضية ورشة النقابة من قبل محكمة مكونة من ثالثة رجال ‪-‬‬
‫لويس نفسه‪ ،‬رئيس فيرليس من‬
‫‪330‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عضوا محايدًا‪ ،‬جون آر ستيلمان من خدمة التوفيق بالواليات‬ ‫ً‬ ‫شركة الصلب األمريكية‪ ،‬وباعتباره‬
‫المتحدة ‪.‬‬
‫هل استسلم لويس؟ وكان سر تحركه المفاجئ هو موقف الرجل الثالث في المحكمة ‪.‬كان ستيلمان‬
‫صديقًا للعمال وكان معروفًا بتعاطفه مع متجر النقابة ‪.‬شعر زعيم عمال المناجم بالثقة في قراره‪،‬‬
‫وأثبتت األحداث أن قراره مبرر تما ًما ‪.‬وكان روزفلت هو الذي استسلم ‪.‬وكان تعيين محكمة التحكيم‬
‫الجديدة بمثابة رفض لمجلس وساطة الدفاع وقبول لمطالب لويس ‪.‬تم إلغاء اإلضراب‪ ،‬وسيتم استخراج‬
‫الفحم‪ ،‬ولكن تم االستهزاء بالسلطة الحكومية بوقاحة ‪.‬لقد أقنعت حالة الطوارئ الوطنية الخطيرة‬
‫الرئيس بأن برنامج الدفاع ال يمكن تعريضه لمزيد من الخطر‪ ،‬حتى لو كان ذلك يعني السماح للويس‬
‫بأن يمضي في طريقه ‪.‬وكان من المفترض أن تكون للسابقة التي تم إنشاؤها عواقب وخيمة‪.‬‬
‫كان رد الفعل العام على إضراب الفحم هو التكثيف المتزايد للمشاعر المناهضة للعمال التي كانت‬
‫تجتاح البالد منذ اندالع اإلضرابات المبكرة في الصناعات الدفاعية ‪.‬إن توقفات العمل في النصف األول‬
‫من العام‪ ،‬وخاصة تلك التي شعرنا أنها مستوحاة من الشيوعية‪ ،‬قد أثارت إلى حد كبير أمة كانت تتسلح‬
‫بشكل محموم لحرب مهددة ‪.‬وأظهرت افتتاحيات الصحف‪ ،‬وتصريحات الزعماء الوطنيين واستطالعات‬
‫الرأي العام‪ ،‬تصلبا واضحا في المواقف تجاه العمال ‪.‬داخل وخارج الكونجرس‪ ،‬كان هناك طلب على‬
‫تشريع جديد لتقييد سلطة النقابات وحماية المصلحة العامة ضد المزيد من انقطاع اإلنتاج الصناعي ‪.‬إن‬
‫إضراب الفحم‪ ،‬والمشهد الصادم الذي ظهر فيه لويس وهو يتحدى بغطرسة مجلس وساطة الدفاع‬
‫الوطني وسلطة الرئيس ‪ ،‬لم يؤدي إال إلى وصول األمور إلى ذروتها ‪.‬تم بالفعل إقرار قوانين مناهضة‬
‫للعمل متفاوتة الشدة في اثنتين وعشرين والية‪ ،‬وتم تقديم حوالي ثالثين مشروع قانون للحد من‬
‫النقابات إلى الكونجرس‪.‬‬
‫على خلفية حالة عدم اليقين بشأن إضراب الفحم‪ ،‬واالضطرابات العمالية األخرى‪ ،‬بما في ذلك‬
‫إضراب السكك الحديدية الذي تم تجنبه بفارق ضئيل‪ ،‬وافق مجلس النواب على أحد هذه التدابير‬
‫المناهضة للعمال في ‪3‬ديسمبر‪/‬كانون األول بأغلبية ‪252‬صوت ًا مقابل ‪136.‬وكان من الممكن حظر‬
‫جميع اإلضرابات دفاعًا عن العمل ‪ .‬الصناعات التي تنطوي على متجر مغلق أو الناشئة عن نزاعات‬
‫قضائية‪ ،‬وأي صناعات أخرى ما لم تتم الموافقة عليها من قبل أغلبية العاملين في االنتخابات التي‬
‫تشرف عليها الحكومة بعد فترة تهدئة مدتها ثالثين يو ًما ‪.‬وقد ندد جرين بمشروع القانون ووصفه بأنه‬
‫"أداة للقمع ‪".‬وأعلن موراي‬
‫‪Labor anil Politics‬‬ ‫‪331‬‬
‫أنه «لم يتم إعداد أي شيء أكثر تخري ًبا للديمقراطية األمريكية على اإلطالق ‪».‬وبدا من المحتمل أن يتم‬
‫تعدي ل شروطه من قبل مجلس الشيوخ‪ ،‬وكان من المعتقد أن الرئيس يفضل إجراء أكثر اعتداال‪ ،‬ولكن‬
‫لم يكن هناك شك في أنه سيتم سن بعض القوانين بسرعة لمواجهة ما كان يسمى عموما "التهديد‬
‫الوطني "الستمرار الحرب ‪.‬الضربات تشل الدفاع‪.‬‬
‫كانت البالد غاضبة ‪.‬حتى أصدقاء العمال‪ ،‬الذين يخشون أن يؤدي الشعور الشعبي ضد النقابات إلى‬
‫تقليص الحقوق األساسية التي يضمنها قانون فاغنر‪ ،‬دعوا إلى مزيد من االعتدال من جانب كل من‬
‫‪AF of L.‬وقادة " ‪CIO.‬الحركة النقابية في هذا البلد لم تعد طفلة تحتاج إلى الحماية"‪ ،‬هكذا جاء في‬
‫افتتاحية صحيفة نيو ري " ‪.‬لقد نشأ جسديًا‪ ،‬وإذا أراد أن يتصرف كشخص بالغ مسؤول‪ ،‬فيجب أن‬
‫يخضع لسيطرة نفس النظام االجتماعي الذي يحكم بقية المجتمع"‪.‬‬
‫ال يمكن أن نعرف إلى أي مدى قد يكون البندول قد تأرجح ضد العمل في مواجهة رد الفعل الشعبي‬
‫هذا في عام ‪1941.‬ألن األحداث الجديدة تدخلت فجأة بقوة دراماتيكية ‪.‬في ‪7‬ديسمبر ‪-‬وهو نفس اليوم‬
‫متجرا نقابيًا في مناجم الفحم األسيرة وبينما كان مشروع‬
‫ً‬ ‫الذي أعلنت فيه هيئة التحكيم أن لويس ُمنح‬
‫قانون مكافحة اإلضرابات في مجلس النواب معلقًا في مجلس الشيوخ ‪-‬ضربت اليابان بيرل هاربور ‪.‬‬
‫وجدت األمة نفسها في حالة حرب‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪ :XVIII‬الحرب العالمية الثانية‬


‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫الهجوم على بيرل هاربور بين عشية وضحاها روح الوحدة الوطنية التي ربما لم تعرفها البالد من قبل ‪.‬‬
‫مع اندالع األعمال العدائية في المحيط الهادئ وإعالن ألمانيا وإيطاليا الحرب بشكل شبه فوري‪ ،‬نسي‬
‫كل شيء باستثناء االحتياجات الملحة للدفاع الوطني ‪.‬ووصل الجدل بين االنعزاليين ودعاة التدخل إلى‬
‫ن هاية مفاجئة‪ ،‬وتم دفن الخالفات السياسية‪ ،‬وتعهد القادة العماليون بشكل موحد بالوالء المطلق‬
‫للقضية الوطنية ‪.‬وأعلن لويس« ‪:‬عندما تتعرض األمة للهجوم‪ ،‬يجب على كل أميركي أن يحشد دفاعا ً‬
‫عنها ‪.‬جميع االعتبارات األخرى تصبح غير ذات أهمية‪. . . ".‬‬
‫لم يكن من الممكن دائ ًما الحفاظ على هذه الحماسة الجميلة للوطنية على هذا المستوى النبيل ‪.‬في‬
‫حين كان هناك طوال صراعنا مع ألمانيا واليابان دع ًما ثابتًا للمجهود الحربي من جانب جميع الفئات‬
‫داخل المجتمع األمريكي‪ ،‬فقد سعى كل من الصناعة والعمل والزراعة في نفس الوقت إلى حماية‬
‫مصالحه حيث كان االقتصاد في زمن الحرب يهدد بزعزعة الوضع الطبيعي ‪.‬توازن الحياة الوطنية كان‬
‫العمال مهتمين بالضرورة باألمن النقابي‪ ،‬والتمثيل في الوكاالت الحكومية‪ ،‬والعالقة بين األجور‬
‫واألسعار ‪.‬وكانت مصممة على الحفاظ على قوتها ونفوذها قبل الحرب ‪.‬كان من المقرر أن تكون هناك‬
‫ضربات‪ ،‬خاصة تلك التي دعا إليها جون ل ‪.‬لويس‪ ،‬والتي هددت لفترة من الوقت تدفق اإلمدادات‬
‫العسكرية بشكل خطير‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كانت الصورة العامة للعمل إيجابية للغاية ‪.‬لقد بذلت القيادة النقابية المسؤولة قصارى‬
‫جهدها للحد من اإلضرابات إلى الحد األدنى‪ ،‬وعندما اندلعت‪ ،‬سعت إلى إعادة الرجال إلى العمل بأقل‬
‫قدر ممكن من انقطاع اإلنتاج ‪.‬وحتى بما في ذلك اإلضرابات عن الفحم‪ ،‬فإن عدد أيام العمل العاطلين‬
‫ُشرا من واحد في المائة فقط من‬‫عن العمل بسبب التوقف عن العمل في زمن الحرب بلغ في المتوسط ع ً‬
‫إجمالي وقت العمل المتاح في جميع الصناعات ‪-‬وهو أفضل سجل منذ توافر مثل هذه اإلحصائيات‬
‫باستثناء عامي ‪1929‬و ‪1930.‬ولم يكن الوقت الضائع بسبب اإلضرابات يزيد‬

‫‪332‬‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪333‬‬
‫عن ما يعادل يوم واحد لكل عامل طوال الفترة من عام ‪1942‬حتى عام ‪1944.‬‬
‫في الواقع‪ ،‬كان التهديد األكبر لإلنتاج الصناعي من اإلضرابات هو المشاكل المتكررة المتمثلة في‬
‫نقص العمالة ودوران الموظفين والتغيب عن العمل والتي كانت نتيجة طبيعية لظروف الحرب ‪.‬كان من‬
‫المقرر أن يرتفع عدد العمالة المدنية إلى ‪ ،53.000.000‬مع وجود حوالي ‪6.000.000‬امرأة تحل إلى‬
‫حد كبير محل الرجال الذين تم استنزافهم للخدمة في القوات المسلحة‪ ،‬ولكن في بعض المناطق‬
‫استمرت الحاجة الماسة للعمال المهرة على الرغم من كل ما تم بذله للوفاء بها ‪.‬لقد وضعت لجنة‬
‫القوى العاملة الحربية نظا ًما معقدًا ألولويات العمل وتأجيالت التجنيد‪ ،‬ولكن في كثير من األحيان بدا أن‬
‫إنذارات ضباط المشتريات في الجيش والبحرية‪ ،‬والعناوين الرئيسية المبالغ فيها في الصحف‪ ،‬تشير‬
‫إلى أن الوضع خرج عن نطاق السيطرة تما ًما‪.‬‬
‫وفي عام ‪ ، 1944‬شعر روزفلت أنه من الضروري التوصية بقانون الخدمة الوطنية الذي كان من‬
‫شأنه في الواقع أن يجعل من الممكن تجنيد العمال الصناعيين ‪.‬كان الكونجرس مترددًا في اتخاذ هذه‬
‫الخطوة‪ ،‬وسرعان ما أدى المسار اإليجابي المتزايد للعمليات العسكرية إلى التخلي عن مثل هذا‬
‫البرنامج الجذري ‪ .‬كان من المقرر أن تنتهي الحرب دون ممارسة أي ضوابط صارمة على القوى‬
‫العاملة‪.‬‬
‫قبل وقت طويل من اندالع األعمال العدائية‪ ،‬أصر العمال على حقهم في أن يتم تمثيلهم في الوكاالت‬
‫الحكومية التي تحدد السياسات االقتصادية التي أصبحت ضرورية بسبب حالة الطوارئ الوطنية ‪.‬‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬بدت اإلدارة مترددة في تلبية الرغبات الكاملة للنقابات في هذا الشأن‪ ،‬وادعى العمال‬
‫وتكرارا أنه تم تجاهلها على مستويات صنع السياسات ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬نتيجة لهذا الضغط المستمر‬ ‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬
‫من قبل ‪AF‬لـ ‪L.‬ومدير تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬حصل عمال البالد في نهاية المطاف على قدر من‬
‫االعتراف الرسمي في تشغيل االقتصاد في زمن الحرب والذي ذهب إلى ما هو أبعد بكثير من ذلك الذي‬
‫امتد خالل الحرب العالمية األولى والذي خدم كدليل صارخ على تأثيرها الجديد‪.‬‬
‫في عام ‪ ،1941‬عمل سيدني هيلمان ‪-‬الذي اختاره الرئيس ألنه كان يعتبر "في منتصف الطريق‬
‫مديرا مشاركًا‪ ،‬بالتعاون مع ويليام س ‪.‬كنودسن‪ ،‬في مكتب إدارة‬ ‫بين جون لويس وبيل جرين ‪ً " -‬‬
‫اإلنتاج ‪.‬عندما أفسحت هذه الوكالة المجال أمام مجلس اإلنتاج الحربي‪ ،‬برئاسة دونالد إم ‪.‬نيلسون‪ ،‬تم‬
‫تعيين عدد من اللجان االستشارية العمالية‪ ،‬وعمل ممثلو العمال كنواب للرئيس المسؤولين عن‬
‫متطلبات القوى العاملة وإنتاج العمالة ‪.‬خالل حملة اإلنتاج الحربي التي بدأت في‬
‫‪334‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫عام ‪ ،1942‬تم أيضًا إنشاء لجان إدارة العمل في محاوالت الصناعات الدفاعية في جميع أنحاء البالد‬
‫لتعزيز المزيد من النهج التعاوني في إنتاج السفن والطائرات والدبابات والذخائر‪ ،‬التي كانت البالد في‬
‫أمس الحاجة إليها ‪. .‬وقد لقيت هذه اللجان معارضة في بعض األوساط‪ ،‬إذ قال رئيس الرابطة الوطنية‬
‫لمصنعي الصناعات التحويلية في إحدى المناسبات« ‪:‬إن مديري الصناعة يجعلون نظامنا يعمل ‪.‬لماذا‬
‫التجربة؟ — »لكنها أثبتت أنها ذات قيمة حقيقية للغاية في مساعدة أصحاب العمل والموظفين على‬
‫االجتماع معًا لتسريع اإلنتاج وتسوية المظالم البسيطة ‪.‬وفي غضون عام واحد‪ ،‬كان نحو ‪1900‬عامل‬
‫يعملون في مصانع توظف ما يقرب من أربعة ماليين عامل حربي‪ ،‬وقد تضخم العدد اإلجمالي الحقًا إلى‬
‫‪5000‬عامل‪.‬‬
‫كما تم تمثيل حزب العمل في لجنة سياسة إدارة العمل التابعة للجنة القوى العاملة الحربية؛ كان لدى‬
‫كل من مكتب إدارة األسعار ومكتب الدفاع المدني لجان لسياسة العمل ‪ ،‬وعمل رؤساء ‪AF‬في ‪L.‬‬
‫ورئيس قسم المعلومات في مجلس االستقرار االقتصادي المكون من ستة رجال ‪.‬في المستويات الدنيا‬
‫دورا مه ًما في‬
‫من المجهود الحربي‪ ،‬تم تعيين أعضاء النقابات في مجالس التسعير والتقنين‪ ،‬ولعبوا ً‬
‫تطوير برنامج الدفاع المدني‪ ،‬وكان لهم دور مؤثر في جميع أنشطة اإلغاثة في الحرب‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن األمر األكثر أهمية من أي من هذه المناصب‪ ،‬واألساسي لبرنامج زمن الحرب بأكمله‬
‫الذي يؤثر على العالقات الصناعية‪ ،‬هو تمثيل العمال في المجلس الوطني للعمل الحربي ‪.‬ولم تكن هذه‬
‫الوكالة مكلفة بتسوية النزاعات بين العمال واإلدارة فحسب‪ ،‬بل أيضًا بالرقابة العامة على األجور‬
‫وساعات العمل ‪.‬وكان تاريخها مرادفًا إلى حد كبير لتاريخ العمل خالل فترة الحرب بأكملها‪.‬‬

‫كان نشأة مجلس العمل الحربي عبارة عن مؤتمر لقادة العمال ورجال األعمال دعا إليه الرئيس‬
‫روزفلت مباشرة بعد بيرل هاربور لتجنب التشريع المناهض للنقابات المعلق في الكونجرس وإنشاء‬
‫أساس للتعاون في زمن الحرب من شأنه أن يقلل من اإلضرابات المحتملة ‪.‬اجتمعت في واشنطن في‬
‫‪17‬ديسمبر ‪ ، 1941‬وبعد مناقشات مطولة تم التوصل إلى اتفاق حول برنامج من ثالث نقاط ‪:‬عدم‬
‫اإلضرابات أو اإلغالق طوال مدة الحرب‪ ،‬والتسوية السلمية للنزاعات الصناعية‪ ،‬وإنشاء مجلس عمل‬
‫للتعامل مع األمر ‪.‬جميع الخالفات التي فشلت في حلها ‪.‬لم يكن من الممكن خالل هذا االجتماع التوصل‬
‫إلى تفاهم مقبول للطرفين‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪335‬‬
‫للعمال واإلدارة بشأن القضية األساسية المتمثلة في األمن النقابي التي دمرت مجلس وساطة الدفاع‬
‫الوطني ‪.‬قطع روزفلت العقدة الغوردية بالقوة من خالل إصراره على تركها للتسوية المستقبلية من قبل‬
‫مجلس العمل الحربي الجديد‪.‬‬
‫تم بعد ذلك إنشاء هذا المجلس بموجب أمر تنفيذي في يناير ‪1942.‬وكان ثالثي الشكل ويتألف من‬
‫عضوا ‪-‬أربعة يمثلون اإلدارة‪ ،‬وأربعة يمثلون العمال‪ ،‬وأربعة الجمهور ‪-‬تحت رئاسة‬ ‫ً‬ ‫اثني عشر‬
‫ويليام إتش ديفيس‪ ،‬الرئيس السابق ‪.‬من مجلس وساطة الدفاع ‪.‬تمت إضافة األعضاء البديلين‬
‫والمنتسبين الحقًا بنفس النسبة ‪.‬كانت الوظيفة األساسية لـ ‪ ،WLB‬كما تم تشكيلها في األصل‪ ،‬هي‬
‫تولي‪ ،‬بشكل عام بعد التصديق من قبل وزير العمل‪ ،‬أي نزاع صناعي غير مستقر والذي "قد يعطل‬
‫العمل الذي يساهم في المالحقة الفعالة للحرب ‪".‬وكان من المقرر قبول قراراتها باعتبارها ملزمة لكل‬
‫من الصناعة والعمال‪.‬‬
‫وكانت السلطة الممنوحة لمجلس العمل الحربي تعني في الواقع تعليق العمليات العادية للمفاوضة‬
‫الجماعية في زمن الحرب ‪.‬تخلى حزب العمال عن حقه في اإلضراب كعقوبة نهائية لدعم مصالحه‪،‬‬
‫أخيرا شروط وأحكام التوظيف ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان من المقرر‬ ‫ً‬ ‫وكان مجلس اإلدارة هو الذي سيقرر‬
‫التوصل إلى تسوياتها من خالل قرارات ثالثية‪ ،‬حيث يكون لممثلي الجمهور بالضرورة الكلمة األخيرة‬
‫عندما ال يمكن االتفاق بين اإلدارة والعمال‪.‬‬
‫بدأ مجلس العمل الحربي بداية جيدة في عام ‪1942‬عندما وجد حالً لمسألة األمن النقابي فيما‬
‫يسمى بالحفاظ على اتفاقيات العضوية ‪.‬لم يتم فرض إغالق وال متجر نقابي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬كان أعضاء‬
‫النقابة أو أولئك الذين انضموا إلى النقابة مطالبين‪ ،‬كجزء من أي عقد يتم إبرامه نيابة عنهم‪ ،‬بالبقاء‬
‫أعضاء نقابيين طوال مدة العقد‪ ،‬وكانوا عرضة للفصل من وظائفهم إذا فشلوا في أي وقت في الحفاظ‬
‫على موقف نقابي جيد ‪.‬قام ممثلو اإلدارة في مجلس العمل الحربي باختبار هذا الترتيب ولم يتمكنوا من‬
‫التصالح معه بشكل كامل‪ ،‬لكنهم على األقل وافقوا بشكل سلبي بعد أن تم وضع شرط لفترة هروب أولية‬
‫مدتها خمسة عشر يو ًما يمكن خاللها ألي موظف االنسحاب من النقابة كليًا دون الحاجة إلى ذلك ‪.‬‬
‫إجحاف ‪ .‬بمجرد التوصل إلى ذلك‪ ،‬كان من المقرر الحفاظ على مبدأ الحفاظ على العضوية باستمرار‬
‫طوال الحرب ‪.‬وقد انطبق في نهاية المطاف على وضع حوالي ثالثة ماليين عامل‪ ،‬أو ما يقرب من‬
‫عشرين في المائة من أولئك الذين تشملهم االتفاقيات النقابية‪.‬‬
‫‪336‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ال شيء يمكن أن يسهم بشكل أكبر في السالم الصناعي من مثل هذا التأكيد على أن األمن النقابي‬
‫وحرية العمل الفردي سيتم الحفاظ عليهما على حد سواء‪ ،‬وقد انعكست نتيجة سياسة مجلس العمل‬
‫الحربي بشأن هذه القضية األساسية بشكل مباشر في انخفاض اإلضرابات خالل عام ‪1942.‬في نهاية‬
‫العام‪ ،‬تمكن الرئيس جرين من االدعاء بشكل مبرر في مؤتمر ‪AF of L.‬السنوي بأن العمال "حافظوا‬
‫على أفضل سجل من اإلنتاج المستمر دون انقطاع تم تحقيقه على اإلطالق ‪".‬وهذا السجل اعترف به‬
‫جميع القادة الوطنيين‪ ،‬المدنيين والعسكريين ‪.‬وفي رسالة إلى المؤتمر‪ ،‬أعلن روزفلت أن تعاون العمال‬
‫في المجهود الحربي يتحدث عن نفسه " ‪-‬إنه أمر رائع‪".‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬سرعان ما تطورت قضية أكثر صعوبة من األمن النقابي‪ ،‬حيث أدت الزيادات في األسعار‬
‫في زمن الحرب إلى زيادة المطالبات بتعديل األجور بما يتماشى مع ارتفاع تكاليف المعيشة ‪.‬سعى‬
‫مجلس العمل الحربي أوالً إلى مواجهة هذه المشكلة على أساس فردي وتم السماح بدفع األجور مقد ًما‬
‫عندما بدا أن الظروف تبرر ذلك ‪.‬لكن الحكومة كانت تشعر بقلق بالغ إزاء اتجاهات التضخم‪ ،‬وفي أبريل‬
‫‪ ،1942‬اعتمدت برنام ًجا شامالً لتثبيت األسعار واألجور في محاولة للحفاظ على االستقرار‬
‫االقتصادي ‪.‬أصبح من الضروري أن يبحث ‪WLB‬عن نوع من الصيغة التي من شأنها التوفيق بين‬
‫الزيادات المبررة في األجور والحاجة األساسية للحفاظ على األجور ككل متوافقة ‪.‬ولم يعط روزفلت أي‬
‫توجيه محدد بشأن هذه القضية ألنه شعر أنه من غير العملي تجميد األجور تما ًما ‪.‬وبالتالي ت ُرك األمر‬
‫للمجلس لتعزيز استقرار األجور بأفضل ما يمكن مع المراعاة الواجبة ألوجه عدم المساواة الحالية‬
‫والمعدالت المتدنية‪.‬‬
‫الفرصة األولى أمام مجلس العمل الحربي لوضع سياسة عامة جاءت مع مطالبة العاملين في‬
‫شركات الصلب الصغيرة‪ ،‬في يوليو‪/‬تموز‪ ،‬بزيادات في األجور تصل إلى دوالر واحد في اليوم ‪.‬وبعد‬
‫جلسات استماع مطولة‪ ،‬تقرر أن أي تقدم يجب أن يقتصر على ما يعادل الزيادة في تكلفة المعيشة بين‬
‫يناير ‪ ،1941‬وقت االستقرار النسبي لألسعار‪ ،‬ومايو ‪ ،1942‬عندما انتهى برنامج مكافحة الغزو‬
‫رسميًا حيز التنفيذ ‪.‬وعلى أساس مؤشر تكلفة المعيشة الصادر عن مكتب إحصاءات العمل (الذي سمي‬
‫فيما بعد بمؤشر أسعار المستهلك)‪ ،‬فقد بلغ هذا الرقم خمسة عشر في المائة ‪.‬وبالتالي‪ُ ،‬منحت هذه‬
‫الزيادة في األجور لعمال شركة ‪ ،Little Steel‬مبلغًا يصل إلى أربعة وأربعين سنتًا في اليوم بدالً من‬
‫الدوالر الذي طلبوه في اليوم في األصل‪.‬‬
‫كانت هذه ما يسمى بصيغة ‪Little Steel.‬كان من المفترض أن يبقى األساسي‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪337‬‬
‫المعيار الذي سعى مجلس العمل الحربي إلى اتباعه في تسوية جميع النزاعات المتعلقة باألجور ‪.‬وقد‬
‫تم اعتماده على افتراض أن برنامج االستقرار سوف ينهي "السباق المأساوي بين األجور‬
‫واألسعار "الذي بدأ ألول مرة في عام ‪1941.‬ولو ثبت أن مثل هذا االفتراض قائم على أساس جيد‪،‬‬
‫فإن مهمة مجلس اإلدارة في وكان من الممكن أن يكون تسوية المنازعات المتعلقة باألجور أمرا بسيطا‬
‫نسبيا ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يتم الحفاظ على األسعار بشكل صارم‪ ،‬وكان على ‪WLB‬أن ينخرط باستمرار في‬
‫محاولة التوفيق بين صيغته وزيادة تكاليف المعيشة التي تجاوزت األرقام التي استند إليها‪.‬‬
‫وسرعان ما تم توسيع نطاق تطبيق صيغة ليتل ستيل‪ ،‬بموجب توجيهات حكومية‪ ،‬إلى ما هو أبعد‬
‫من حاالت النزاع التي تم تطبيقها عليها ألول مرة ‪.‬بعد إقرار قانون االستقرار االقتصادي في أكتوبر‬
‫‪ ،1942‬أُمر مجلس العمل الحربي‪ ،‬كجزء من برنامج مكافحة التضخم‪ ،‬بالحد من جميع الزيادات في‬
‫األجور في جميع أنحاء الصناعة‪ ،‬باستثناء الحاالت التي تسود فيها ظروف دون المستوى المطلوب أو‬
‫غير عادلة بشكل صارخ‪ ،‬إلى نسبة خمسة عشر في المائة ‪.‬زيادة في أرباح الساعة المباشرة التي‬
‫منحتها لعمال الصلب ‪.‬بالنسبة لما تبقى من الحرب‪ ،‬كان للمجلس بالتالي وظيفتان متميزتان ‪:‬تسوية‬
‫حاالت النزاع والموافقة على اتفاقيات األجور الطوعية ‪.‬وفي كلتا الفئتين‪ ،‬تم تجميد صيغة ليتل ستيل‪،‬‬
‫التي كان المقصود منها في األصل تعديل تكلفة المعيشة‪ ،‬باعتبارها الحد األعلى لجميع تعديالت‬
‫األجور‪.‬‬
‫كان حزب العمال على استعداد لدعم برنامج االستقرار العام‪ ،‬وطالما تم الحفاظ على األسعار‬
‫منخفضة بشكل فعال‪ ،‬لم يكن لديه أي خالف مع صيغة ليتل ستيل ‪.‬ولكن مع تطور الفواصل المتعاقبة‬
‫في السدود التي أقيمت لوقف المد التضخمي‪ ،‬أثار تطبيقها استياء متزايدا ‪.‬بحلول أوائل عام ‪،1943‬‬
‫ارتفع مؤشر أسعار المستهلك إلى ‪ ،124‬مقارنة بـ ‪115‬عندما تم وضع الصيغة‪ ،‬كما زعمت النقابات‬
‫أن تكاليف المعيشة الفعلية ارتفعت أكثر مما أظهره هذا المؤشر ‪.‬وبدأ األجراء يشعرون بأنهم مجبرون‬
‫على تحمل وطأة ارتفاع األسعار بينما كان المزارعون والمنتجون اآلخرون يستفيدون منها‪.‬‬
‫وقد أدركت الحكومة المخاطر التي ينطوي عليها هذا الوضع‪ ،‬ولكنها بدالً من السماح بتعديل األجور‬
‫صعوداً‪ ،‬سعت إلى خفض األسعار ‪.‬أصدر الرئيس روزفلت أمره الشهير في إبريل‪/‬نيسان‪ ،‬وبُذل كل‬
‫جهد ممكن لتحقيق االستقرار في العالقة العادلة بين السعر واألجور ‪.‬وكانت تدابير الرقابة هذه ناجحة‬
‫نسبيا ‪ .‬ولم يرتفع مؤشر أسعار المستهلك إال نقطة واحدة إضافية حتى نهاية عام ‪ ،1944‬وحتى في‬
‫أغسطس‪/‬آب ‪1945‬لم يتجاوز ‪129‬نقطة ‪.‬ولكن ظلت الحقيقة قائمة مفادها أنه على الرغم من أن‬
‫‪338‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫األسعار ظلت ثابتة‪ ،‬فإنها لم تتراجع ‪.‬ظل التقدم في تكاليف المعيشة أعلى بكثير من الزيادات في األجور‬
‫المسموح بها بموجب صيغة ‪Little Steel.‬‬
‫ونتيجة لهذه التطورات‪ ،‬أصبح العمل مضطر ًبا بشكل متزايد خالل عام ‪ ،1943‬ولم يتكرر السجل‬
‫غير المعتاد للسالم الصناعي خالل األشهر االثني عشر السابقة ‪.‬قبل نهاية العام‪ ،‬كان ما يقرب من‬
‫مليوني عامل قد شاركوا في التوقف عن العمل‪ ،‬أو أكثر من ضعف العدد خالل عام ‪ ،1942‬وكان‬
‫إجمالي أيام العمل الخاملة ‪13.500.000‬مقارنة بـ ‪4.183.000‬يوم عمل ‪.‬وفي حين أن هذا ال يزال‬
‫خطيرا في‬
‫ً‬ ‫تدهورا‬
‫ً‬ ‫سبع واحد في المائة من إجمالي وقت العمل‪ ،‬إال أنه يمثل‬ ‫يمثل ما يزيد قليالً عن ُ‬
‫الوضع‪.‬‬
‫في معظمها‪ ،‬كانت هذه اإلضرابات عبارة عن اندالعات محلية من جانب العمال غير الراضين ولم‬
‫يتم التصريح بها من قبل قادة النقابات سواء داخل ‪AF‬في ‪L.‬أو ‪ ،CIO‬ولكن كان من الصعب‬
‫السيطرة عليها ‪.‬بعد نفاد صبرهم بسبب التأخير الطويل من قبل مجلس العمل الحربي في تسوية قضايا‬
‫النزاع‪ ،‬أو االنزعاج من المظالم البسيطة التي لم يتم تعديلها بشكل مرض‪ ،‬غال ًبا ما يأخذ العمال األمور‬
‫بأيديهم ويتركون العمل تلقائ ًيا ‪.‬أدت ظروف الحرب إلى التوتر والتوتر‪ ،‬مع االستياء الغاضب مما كان‬
‫يمكن أن يكون تاف ًها في ظل ظروف أخرى ‪.‬العمل تحت ضغط شديد لساعات طويلة بالتأكيد‪ ،‬والعيش‬
‫في مشاريع سكنية في زمن الحرب حيث يؤدي االزدحام واالكتظاظ بسهولة إلى توتر األعصاب‪ ،‬لم يكن‬
‫من المستغرب أن يشعر الرجال والنساء أحيانًا بأنهم مدفوعون إلى إلقاء أدواتهم أو ترك آالتهم‬
‫احتجا ًجا على ما يفعلونه ‪.‬واعتبر فشل اإلدارة في النظر في شكاواهم ‪.‬في بعض األحيان‪ ،‬لم تكن مثل‬
‫هذه الضربات أكثر من مجرد "ضربات سريعة ‪".‬بمجرد أن يتخلص العمال من قوتهم من خالل تأكيد‬
‫أنفسهم‪ ،‬سيتم تسوية النزاعات بسرعة واستئناف العمل دون أي انقطاع خطير في اإلنتاج‪.‬‬
‫كان االستثناء لمثل هذه الفاشيات القصيرة وغير المصرح بها هو سلسلة إضرابات الفحم التي‬
‫صممها لويس خالل صيف عام ‪1943.‬لقد شكلت تحديًا لسياسة األجور الحكومية وسلطة مجلس‬
‫العمل الحربي الذي كان له تداعيات خطيرة وواسعة النطاق‪. .‬‬

‫مع اقتراب موعد تجديد العقد السنوي بين عمال المناجم المتحدين ومشغلي الفحم في أبريل‪ ،‬طرح‬
‫لويس‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪339‬‬
‫مطالب جديدة لألجور ‪.‬لم يكن هناك شيء ‪picayune‬عنهم ‪.‬وأصر على زيادة قدرها دوالرين يوم ًيا‬
‫لعمال المناجم البالغ عددهم ‪ 530‬ألف عامل‪ ،‬بما في ذلك الدفع من بوابة إلى بوابة مقابل الوقت الذي‬
‫يسافرون فيه تحت األرض‪ ،‬ورفض النظر في أي حل وسط ‪.‬تم االستيالء على النزاع من قبل مجلس‬
‫العمل الحربي ‪.‬رفض لويس االعتراف بسلطتها ‪.‬وهاجمها بازدراء ووصفها بأنها "متحيزة "‬
‫و"خبيثة"‪ ،‬وظل بعيدًا عن جلسات االستماع بتح ٍد ‪.‬وقال إنه إذا لم يتم قبول مطالبه‪ ،‬فلن يكون هناك‬
‫اتفاق وسيتم خلق وضع مؤسف للغاية تلقائ ًيا ‪.‬وهو لم يكن ليدعو بالطبع إلى اإلضراب في زمن‬
‫الحرب‪ ،‬لكن " عمال المناجم لم يكونوا على استعداد للتعدي على ممتلكات مشغلي الفحم في غياب‬
‫العقد‪".‬‬
‫ولم يكن أعضاء اتحاد عمال المناجم بحاجة إلى مزيد من التعليمات ‪.‬وبينما بدأوا في ترك العمل‬
‫حتى قبل انتهاء العقود الحالية رسميًا في ‪30‬أبريل‪ ،‬وجدت البالد نفسها في مواجهة توقف إنتاج الفحم‬
‫الذي ال يمكن إال أن يكون له آثار كارثية على اقتصاد الحرب بأكمله إذا طال أمده ‪.‬وكانت األزمة أكثر‬
‫خطورة من تلك التي حدثت في خريف عام ‪ ،1941‬وشعر روزفلت بأنه مدعو إلى التحرك بسرعة في‬
‫محاولة لتجنب ضربة كاملة ومدمرة ‪.‬وأصدر أوامر بمصادرة الحكومة لمناجم الفحم‪ ،‬وفي ‪2‬مايو ظهر‬
‫على الهواء لمناشدة المضربين العودة إلى العمل‪.‬‬
‫الكاملة عن انهيار مفاوضات العقد على عاتق ضباط عمال المناجم المتحدين ‪.‬أعلن الرئيس أن‬
‫لويس كان طر ًفا في تعهد العمال بعدم اإلضراب‪ ،‬وبرفضه أن يكون له أي عالقة بمجلس العمل‬
‫الحربي‪ ،‬الوكالة المكلفة رسميًا بالتسوية السلمية للنزاعات الصناعية‪ ،‬كان يتحدى السلطة الحكومية ‪.‬‬
‫أعرب روزفلت عن تعاطفه مع عمال المناجم ووعد باتخاذ إجراءات لخفض أسعار السلع التي يتعين‬
‫عليهم شراؤها ‪.‬لكنه ذكّرهم بأن كل رجل توقف عن استخراج الفحم كان يعيق المجهود الحربي‪،‬‬
‫ويقامر بحياة الجنود والبحارة األمريكيين‪ ،‬ويعرض مستقبل أمن الشعب بأكمله للخطر ‪.‬كان على‬
‫اإلنتاج أن يستمر ‪.‬سيتم تشغيل المناجم من قبل وزير الداخلية بموجب العقد القديم‪ ،‬وفقًا لتصريحه‪،‬‬
‫ولكن أي اتفاقية جديدة يوافق عليها مجلس العمل الحربي ستصبح بأثر رجعي ‪.‬وخلص روزفلت إلى‬
‫القول " ‪:‬غدًا‪ ،‬ستحلق النجوم واألشرطة فوق مناجم الفحم" ‪" .‬آمل أن يعمل كل عمال المناجم تحت‬
‫هذا العلم"‪.‬‬
‫‪340‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫وقد قدم روزفلت مناشدته‪ ،‬وفي غضون أيام قليلة عاد عمال المناجم إلى العمل ‪.‬ولكن لم يكن ذلك‬
‫بسبب أي شيء قاله الرئيس ‪.‬قبل عشرين دقيقة فقط من ظهور الرئيس على الهواء‪ ،‬أعلن لويس هدنة‬
‫لمدة خمسة عشر يو ًما (امتدت الحقًا إلى ثالثين يو ًما )لمحاولة التوصل إلى عقد جديد بالتعاون مع‬
‫الوزير إيكيس ‪.‬لم يستسلم‪ ،‬ولم يتراجع إال بصعوبة ‪.‬لقد منح فقط مهلة مؤقتة دون سحب أي من‬
‫مطالبه‪.‬‬
‫واستمر الجدل لألشهر الستة التالية‪ ،‬وتخللته توقفات بديلة عن العمل وهدنة ‪.‬في نهاية المطاف‪ ،‬تم‬
‫تحويل المناجم إلى التشغيل الخاص على أمل إمكانية التوصل إلى تسوية بين المشغلين والنقابة دون‬
‫مزيد من التدخل الحكومي‪ ،‬ولكن الشروط المقترحة لهذا االتفاق تم رفضها من قبل مجلس العمل‬
‫الحربي باعتبارها تنتهك قانون ليتل ستيل ‪.‬معادلة ‪.‬لم يُظهر لويس في أي وقت من األوقات أدنى‬
‫استعداد لقبول سلطة مجلس اإلدارة أو مراعاة المصلحة العامة في إنتاج الفحم ‪.‬وصل الوضع إلى أزمة‬
‫نهائية في نهاية شهر أكتوبر عندما ترك نصف مليون من عمال المناجم أدواتهم للمرة الرابعة‬
‫وأطاعوا أوامر لويس غير المعلنة وابتعدوا عن الحفر ‪.‬استولت الحكومة مرة أخرى على المناجم‪ ،‬وتم‬
‫توجيه الوزير إيكيس اآلن إلبرام اتفاقية خاصة لألجور‪ ،‬تخضع مرة أخرى لموافقة مجلس العمل‬
‫الحربي‪ ،‬والتي كان من المقرر أن تقتصر على فترة عمل الحكومة‪.‬‬
‫لقد نسي الجمهور القضايا األصلية المطروحة منذ فترة طويلة ولم تكن الصورة أكثر ارتباكًا ‪.‬وكانت‬
‫هناك اشتباكات متكررة بين عمال المناجم والمشغلين‪ ،‬وعمال المناجم والحكومة ‪ ،‬وحتى بين مجلس‬
‫العمل الحربي ووزير الداخلية ‪.‬لكن لويس ما زال يهيمن على المشهد ‪.‬لقد طغى موقفه العنيد‬
‫والمستعصي في مواجهة الحاجة الملحة للفحم على كل مرحلة أخرى من مراحل الصراع ‪.‬تعرض‬
‫الرئيس النتقادات واسعة النطاق بسبب مماطلته في هذه القضية وعدم اتخاذ إجراءات أكثر جذرية‪،‬‬
‫لكن لويس كان الشرير في نظر عامة الناس ‪.‬ورغم أن حزب العمال تعاطف مع عمال الفحم ورحب‬
‫باإلضراب ألنه سلط الضوء على الفشل في إبقاء األسعار منخفضة‪ ،‬فإن حتى المتحدثين باسمهم‬
‫هاجموا زعيم عمال المناجم ‪.‬أدان االلتزام التنفيذي لرئيس قسم المعلومات علنًا موقفه تجاه مجلس‬
‫العمل الحربي وما يسمى "ثأره الشخصي والسياسي ضد رئيس الواليات المتحدة‪".‬‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪341‬‬
‫أخيرا إلى تسوية بين لويس والوزير إيكيس ‪.‬لقد‬ ‫ً‬ ‫مع االستيالء الثاني على المناجم‪ ،‬تم التوصل‬
‫كانت تسوية معقدة للغاية ‪.‬إلى حد كبير من خالل إدراج السفر من البوابة إلى البوابة وزيادة وقت عمل‬
‫عمال المناجم‪ ،‬تمت إضافة ‪1.50‬دوالر في اليوم إلى األجور ‪.‬وبما أن صيغة ليتل ستيل للمعدالت‬
‫األساسية تم تأييدها اسميًا‪ ،‬فقد وافق مجلس العمل الحربي على هذه االتفاقية على مضض ‪.‬ومع ذلك‪،‬‬
‫نصرا عظي ًما ‪.‬‬
‫ً‬ ‫فقد فرض لويس يد الحكومة‪ ،‬وإذا لم يفز فعليًا بالقدر الذي ادعى‪ ،‬فيبدو أنه قد حقق‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬لم يأمر عمال المناجم بالعودة إلى العمل إال بعد التوقيع على االتفاقية الجديدة‪.‬‬
‫احتفظ لويس بمنصبه بكونه صار ًما ‪.‬وكما حدث في الضربة السابقة عشية بيرل هاربور‪ ،‬فقد أصر‬
‫بعناد على أن حالة الطوارئ الوطنية ليست مبرراً الستغالل عمال المناجم‪ .‬واعتبرت مطالبتهم بأجور‬
‫أعلى مسألة عدالة بسيطة تتفوق على أي اعتبارات تتعلق بإنتاج الفحم أو الدفاع الوطني ‪.‬عمال‬
‫المناجم أنفسهم اتبعوا أوامره بشكل غير متوقع ‪.‬وعندما طلب منهم لويس أن يعملوا‪ ،‬عملوا؛ وعندما‬
‫طلب منهم البقاء في المنزل أو الذهاب للصيد‪ ،‬ظلوا في المنزل أو ذهبوا للصيد ‪.‬واألوامر التي قبلوها‬
‫كانت أوامر رئيس نقابتهم‪ ،‬وليست أوامر رئيس الواليات المتحدة‪.‬‬
‫ولم تؤثر هبات الغضب الشعبي المتصاعدة كلما خرجوا في إضراب على موقفهم ‪.‬يتعرضون‬
‫لضغوط شديدة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة التي تجاوزت أجورهم‪ ،‬ويعملون بجد وبشكل خطير‪،‬‬
‫ويدركون تما ًما أن هذه المكاسب التي حققوها في الماضي قد تم تحقيقها من خالل القتال من أجلهم‪،‬‬
‫معزولين في مدن الفحم المتناثرة عن التأثير المباشر ‪.‬من الرأي العام‪ ،‬شعر عمال المناجم أن مسارهم‬
‫مبرر تما ًما على الرغم من تأثيره في وقف اإلنتاج األساسي الذي تعتمد عليه الصناعة بأكملها‪.‬‬

‫مستمرا في أواخر ربيع وصيف عام ‪ ،1943‬تسبب االستياء العام من‬ ‫ً‬ ‫بينما كان الجدل حول الفحم‬
‫هذا التهديد للمجهود الحربي ومن توقفات العمل األخرى التي بدا أنها خرجت عن نطاق السيطرة‪ ،‬في‬
‫ظهور موجة قوية مناهضة للعمال ‪.‬أعلن الرئيس روزفلت في يونيو‪/‬حزيران أن موقف عمال المناجم‬
‫"ال يطاق" ‪ ،‬واقترح رفع سن التجنيد للخدمة غير القتالية من أجل توفير الوسائل الالزمة لتجنيدهم في‬
‫الجيش‪ ،‬وحذر من أن اإلضرابات عن الفحم "أثارت الغضب واالستنكار لدى الجماهير الساحقة من‬
‫الشعب األمريكي‬
‫‪342‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫‪”.‬وكان التعليق األخير إذا كان أي شيء بخس ‪.‬أدانت الصحافة بشكل شبه عالمي القيادة العمالية غير‬
‫انهيارا لتعهد عدم اإلضراب‬
‫ً‬ ‫الوطنية في حقول الفحم‪ ،‬ورأت في انتشار اإلضرابات في مناطق أخرى‬
‫الذي بدا وكأنه يضمن التعاون العمالي الكامل في المجهود الحربي ‪.‬‬
‫مبررا على أساس االلتزام المست مر بتعهد األغلبية الساحقة من العمال بعدم اإلضراب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫لم يكن هذا‬
‫والجهود المضنية التي بذلتها القيادة العمالية المسؤولة لوقف اإلضرابات الخارجة عن القانون ‪.‬ونادرا‬
‫ما أخذت الصحف في االعتبار المظالم المبررة للعمال ‪.‬ولكن في الوقت نفسه كانت هناك عناصر في‬
‫الصورة‪ ،‬باإلضافة إلى إضرابات الفحم‪ ،‬عززت االنتقادات الشعبية لسياسات النقابات وكثفت المطالبة‬
‫بتبني قيود العمل التي كانت معلقة في عام ‪1941.‬‬
‫صحيح أنه في العديد من المناسبات خالل سنوات الحرب‪ ،‬تصرفت النقابات بشكل تعسفي أو متقلب‬
‫في محاولة لحماية مصالح أعضائها ‪.‬لقد كان هناك منذ فترة طويلة ميل في بعض األوساط إلى بناء‬
‫احتكارات العمل أو الحفاظ عليها من خالل منع إدخال أدوات توفير العمالة أو أساليب اإلنتاج منخفضة‬
‫التكلفة ‪.‬وكانت أمثلة "الفراش الريش"‪ ،‬الممارسة التي تصر النقابات بمقتضاها على توظيف عمال‬
‫إضافيين ال حاجة إليهم حقا‪ ،‬أو البدائل االحتياطية التي تتمثل وظيفتها الوحيدة في حماية االمتيازات‬
‫النقابية المكتسبة‪ ،‬سيئة السمعة في بعض المهن والمهن ‪.‬كان على اإلدارة والجمهور أن يتحملوا‬
‫وطأة اإلضرابات القضائية والمشاحنات بين النقابات التي أدت إلى توقف العمل كل ًيا خارج نطاق‬
‫وأخيرا‪ ،‬لم يكن بوسع‬
‫ً‬ ‫سيطرتهم ولم يخدم إال تعزيز المصالح األنانية لهذا الفصيل العمالي أو ذاك ‪.‬‬
‫الجمهور إال أن يشعر بقلق بالغ إزاء فشل النقابات العمالية في توفير أي ضمان بأن الخدمات العامة‬
‫األساسية‪ ،‬التي يعتمد عليها المجتمع بأكمله‪ ،‬قد ال يتم مقاطعتها عمدًا بسبب اإلضرابات حتى عندما‬
‫تكون مطالب العمال" ‪.‬لقد جعلوا استمرار عملياتهم مسألة تتعلق باألمن القومي الحيوي‪".‬‬
‫لقد استفادت دعاية أصحاب العمل المناهضين للنقابات إلى أقصى حد من كل حالة من حاالت عدم‬
‫مسؤولية النقابة وضخمت خطر اإلضرابات على مستوى الصناعة ‪.‬ال يمكن للعمالة المنظمة أن تتوقع‬
‫من خصومها أال يستغلوا عيوبها وأخطائها وفشلها في أخذ الرأي العام في االعتبار الواجب ‪.‬ولكن على‬
‫الرغم من أن االلتزام الصادق باتفاقيات المفاوضة الجماعية كان في تزايد فعلي‪ ،‬لم يكن هناك من ينكر‬
‫أن العمل في زمن الحرب بدا في بعض األحيان وكأنه يظهر‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪343‬‬
‫تجاهالً قاسيا ً للمصلحة الوطنية ‪.‬على أية حال‪ ،‬انعكس مزاج البالد في عام ‪1943‬في التوجه المتجدد‬
‫في الكونجرس وفي المجالس التشريعية للواليات لسن قوانين من شأنها حماية الجمهور من‬
‫اإلضرابات أو غيرها من التجاوزات العمالية‪ ،‬وكان الدعم واسع النطاق لدرجة أنه لم يكن من السهل‬
‫رفضه ‪.‬باعتباره عمالً حصريًا للمتعصبين في الرابطة الوطنية للمصنعين أو غرفة التجارة األمريكية‪.‬‬
‫كان أهم مشاريع القوانين التقييدية المقترحة في الكونجرس هو اإلجراء الذي رعاه النائب سميث‬
‫والسيناتور كونالي ‪.‬وكان يحظى بدعم قوي‪ ،‬وفي خضم اإلثارة التي أحدثتها إضرابات الفحم‪ ،‬تمت‬
‫الموافقة عليه على عجل خالل شهر يونيو‪/‬حزيران بأغلبية حاسمة في كل من مجلسي الشيوخ‬
‫والنواب ‪.‬قدم مشروع القانون‪ ،‬في المقام األول ‪ ،‬السلطة القانونية لمجلس العمل الحربي ‪.‬في حالة‬
‫عدم نجاح تدخل المجلس في نزاع عمالي‪ ،‬يتم تفويض الرئيس بعد ذلك لتولي السيطرة على أي مصنع‬
‫أو صناعة حيث يهدد وقف اإلنتاج المجهود الحربي‪ ،‬مع فرض عقوبات جنائية على أي شخص يقوم‬
‫بعد ذلك بالتحريض أو الترويج إضراب ‪.‬وعندما لم تجد الحكومة ضرورة للتحرك‪ ،‬لم تكن اإلضرابات‬
‫خاضعة لمثل هذا الحظر الصارم‪ ،‬ولكن تم تقييدها بفترة تهدئة مدتها ثالثين يو ًما يتم خاللها التصويت‬
‫على اإلضراب بين جميع الموظفين المعنيين من قبل الحكومة ‪.‬المجلس الوطني لعالقات العمل ‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬حظر مشروع قانون سميث‪-‬كونالي جميع مساهمات النقابات في أموال الحمالت السياسية‪.‬‬ ‫ً‬
‫كان التصويت المتسرع لهذا اإلجراء إلى حد كبير نتيجة االستياء العام الغاضب ضد أي ضربة في‬
‫وقت الحرب‪ ،‬والذي اشتعلت فيه النيران بسبب تكتيكات االستبداد لجون إل لويس ‪.‬وعلى الرغم من‬
‫الحاج ة إلى اتخاذ تدابير ضد التهديدات التي يتعرض لها اإلنتاج الصناعي في زمن الحرب‪ ،‬إال أن‬
‫الكونجرس ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير ‪.‬لقد تجاهلت االلتزام الواسع النطاق بالتعهد بعدم اإلضراب من‬
‫خالل األحكام الجنائية لمشروع القانون‪ ،‬في حين أنها منحت بشكل متناقض‪ ،‬في ظل ظروف أخرى‪،‬‬
‫أصوات اإلضراب التي من شأنها أن تعفي العمال من التزامهم الطوعي بعدم اإلضراب ‪.‬كان يجب تأديب‬
‫النقابات‪ ،‬أي من خالل الحد من ممارستها لحق معترف به حتى لو كانت قد وافقت على تعليقه خالل‬
‫فترة الحرب وكانت تفعل ذلك بشكل عام ‪.‬أعلن المجلس التنفيذي لـ ‪AF‬من ‪L.‬بمرارة أن مشروع‬
‫القانون "ولد من الكراهية والحقد من جانب أعضاء الكونجرس الرجعيين"‪ ،‬في حين قال موراي في‬
‫مؤتمر مديري تكنولوجيا المعلومات الذي تمت الموافقة عليه إن البالد تشهد "الهجوم األكثر‬
‫‪344‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ومستمرا على العمال والعمال ‪".‬الحقوق في تاريخ األمة"‪.‬‬


‫ً‬ ‫شراسة‬
‫استخدم الرئيس روزفلت حق النقض ضد مشروع قانون سميث‪-‬كونالي ‪.‬وقد وافق على بعض‬
‫أحكامه‪ ،‬معترفًا بالحاجة إلى الحماية من العمل النقابي غير المسؤول‪ ،‬لكنه عارض بشكل خاص النص‬
‫الخاص بفترات تهدئة لمدة ثالثين يو ًما والتصويت على اإلضراب ‪.‬لقد حاول إقناع الكونجرس بأن هذا‬
‫البرنامج يتعارض تما ًما مع برنامج عدم اإلضراب الذي ترعاه الحكومة ويدعمه العمال عمو ًما‪ ،‬على‬
‫الرغم من الموقف التعسفي لعمال المناجم المتحدين‪ ،‬وأن ذلك من شأنه أن يفضي إلى االضطرابات‬
‫العمالية بدالً من إثارة االضطرابات العمالية ‪.‬السالم الصناعي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬وفي ظل مزاج العصر‪ ،‬لم يعر‬
‫الكونجرس أي اهتمام العتراضاته وتجاوز على الفور حق النقض ‪.‬وصفت صحيفة نيويورك تايمز ما‬
‫كان يسمى رسميًا بقانون منازعات العمل في الحرب بأنه "إجراء متسرع وغير مدروس ومربك"‪،‬‬
‫لكنه كان مدر ًجا في كتب القوانين طوال مدة الحرب‪.‬‬

‫أعطى قانون سميث كونالي السلطة القانونية لمجلس العمل الحربي‪ ،‬وفي مواجهة االضطرابات في‬
‫صفوف العمال‪ ،‬والتي لم يهدأها القانون الجديد إال بصعوبة‪ ،‬وجدت مشاكلها في تسوية النزاعات‬
‫الصناعية أكثر صعوبة ‪.‬كان لدى حزب العمال حجة قوية لصالح األجور في ثنيات تتجاوز حدود صيغة‬
‫ليتل ستيل في تكاليف المعيشة المرتفعة المعترف بها ‪.‬وقد تم االعتراف بذلك ضمناً‪ ،‬ولو على مضض‪،‬‬
‫في الموافقة على االتفاق الذي أنهى أخيرا ً إضراب الفحم ‪.‬أعلن ممثلو اإلدارة في مجلس اإلدارة أنه ال‬
‫يتعين على النقابة إال أن تضرب بقوة كافية للفوز بعكس السياسة العامة المعلنة‪ ،‬ووصفوا اإلجراء‬
‫الذي تم اتخاذه بنا ًء على مطالب لويس بأنه استرضاء للعمال والتضحية ببرنامج االستقرار ‪.‬ومع ذلك‪،‬‬
‫ظلت الحقيقة هي أن الفجوة بين األجور واألسعار أضرت بشكل خطير بمستوى معيشة العمال بينما‬
‫كانت البالد ككل تتمتع بدرجة عالية من الرخاء في زمن الحرب‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬كان هناك مثال في أوائل عام ‪1944‬لحكومة اإلطارات التي تجاوزت صيغة ليتل‬
‫ستيل في تسوية نزاع حول األجور وقع خارج نطاق مجلس العمل الحربي‪ ،‬ومع ذلك لم يكن بوسعها أن‬
‫تفشل في التأثير على سياساتها ‪.‬كان هذا بمثابة إضراب للسكك الحديدية تم التهديد به ولم يتم تجنبه إال‬
‫بصعوبة بعد استيالء الحكومة على الخطوط‪.‬‬
‫عالقات العمل في السكك الحديدية‪ ،‬في وقت الحرب وكذلك في وقت السلم‪،‬‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪345‬‬
‫خاضعة لقانون العمل في السكك الحديدية المعدل لعام ‪1926‬والذي نص على أنه في حالة عدم إمكانية‬
‫التوصل إلى تسوية نزاع من خالل الوساطة أو التحكيم تحت رعاية المجلس الوطني ‪.‬مجلس الوساطة‪،‬‬
‫يجب أن يتم أخذه بعين االعتبار من قبل مجلس طوارئ خاص يعينه الرئيس دون إجراء إضراب لمدة‬
‫ثالثين يو ًما ‪.‬بعد فشل الخطوات األولية في خريف عام ‪1943‬للتوفيق بين وجهات النظر المتباينة‬
‫لعمال وإدارة السكك الحديدية بشأن تعديالت األجور‪ ،‬تم تعيين مجلس الطوارئ حسب األصول من قبل‬
‫الرئيس ‪.‬لقد استجابت منحتها فعليًا لمطالب نقابات السكك الحديدية ولكن في تجاوز الزيادات المسموح‬
‫بها بموجب صيغة ‪ ،Little Steel‬تم رفضها من قبل مكتب االستقرار االقتصادي ‪.‬وبناء على ذلك‪،‬‬
‫صوت عمال السكك الحديدية لصالح دخول اإلضراب حيز التنفيذ في ‪30‬ديسمبر‪.‬‬
‫اقترح الرئيس روزفلت على الفور إحالة القضية برمتها إليه كمحكم بين مجلس الطوارئ ومكتب‬
‫االستقرار االقتصادي التخاذ قرار نهائي وملزم ‪.‬قبلت النقابات غير العاملة واثنتان من النقابات العاملة‬
‫هذا االقتراح‪ ،‬ولكن تم رفضه من قبل نقابات رجال إطفاء القاطرات ونقابات موصلي السكك الحديدية‬
‫ونقابات عمال التبديل ‪.‬ورفضوا سحب إشعارات اإلضراب ‪.‬تم إصدار األوامر وتنفيذها على الفور‬
‫لالستيالء على السكك الحديدية من قبل الحكومة ‪.‬أعلن روزفلت" ‪:‬الحرب ال يمكن أن تنتظر وأنا ال‬
‫أستطيع االنتظار" ‪".‬حياة األميركيين والنصر األميركي على المحك‪".‬‬
‫وقبل أن تصل األمور إلى ذروتها‪ ،‬تم اإلعالن عن قرار التحكيم للنقابات التي وافقت على التدخل‬
‫الرئاسي ‪.‬تم تأييد مجلس الطوارئ بدالً من مكتب االستقرار االقتصادي‪ ،‬وتم تبرير سلف األجور التي‬
‫تجاوزت صيغة ‪Little Steel‬من قبل الرئيس على أنها تم تقديمها بدالً من العمل اإلضافي وأجور‬
‫اإلجازات التي كان من حق عمال السكك الحديدية الحصول عليها ‪.‬وفي ضوء التنازالت التي تلبي‬
‫مطالبهم بالكامل‪ ،‬قبلت النقابات التي رفضت التحكيم الرئاسي‪ ،‬وكذلك تلك التي وافقت عليه‪ ،‬القرار‬
‫الجديد وسحبت النقابات إخطارات اإلضراب‪ .‬لم يكن هناك انقطاع حقيقي لخدمة السكك الحديدية‪ ،‬وفي‬
‫‪18‬يناير ‪ ، 1944‬تمت استعادة الخطوط إلى التشغيل الخاص بعد فترة وجيزة من السيطرة الحكومية‬
‫االسمية بالكامل‪.‬‬
‫مع فوز عمال السكك الحديدية وعمال مناجم الفحم بزيادات كبيرة في األجور‪ ،‬مهما كانت مقنعة‬
‫مضطرا بدوره إلى اللجوء‬
‫ً‬ ‫كتعويض عن وقت السفر أو أجر اإلجازة‪ ،‬وجد مجلس العمل الحربي نفسه‬
‫إلى ما أصبح يعرف اآلن باسم المزايا اإلضافية لتلبية متطلبات‬
‫‪346‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫العمل ‪.‬بحلول هذا الوقت‪ ،‬كان جميع عمال البالد تقري ًبا قد حصلوا على الحد األقصى من الزيادة‬
‫بموجب صيغة ليتل ستيل‪ ،‬وبينما كان ال يزال يتعين التمسك بها فيما يتعلق بمعدالت الساعة الثابتة‪،‬‬
‫كانت هذه االمتيازات مكملة بشكل مهم لألجور المنزلية ‪.‬وشملت اإلجازات والعطالت مدفوعة األجر‪،‬‬
‫وبدل وقت السفر وفترات الغداء‪ ،‬والمكافآت والحوافز المدفوعة‪ ،‬وتعديالت فروق المناوبات ‪.‬عالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬من خالل اعتبار إنشاء صناديق الصحة والتأمين موضوعا ً مشروعا ً للتفاوض الجماعي وال‬
‫يخضع لمراجعته‪ ،‬فتح مجلس العمل الحربي أيضا ً الطريق أمام المزيد من الزيادات غير المباشرة في‬
‫األجور‪.‬‬
‫كانت هذه المزايا اإلضافية مهمة للغاية خالل الحرب في المساعدة على تهدئة االضطرابات‬
‫الصناعية وتجنب اإلضرابات التي كان من الممكن أن تندلع بشكل شبه مؤكد لو تم الحفاظ على صيغة‬
‫‪Little Steel‬بشكل أكثر صرامة في مواجهة األسعار التي ارتفعت إلى ما هو أبعد من المستوى الذي‬
‫كانت عليه ‪.‬كانت تستند ‪.‬ولكن كان لها أهمية أطول في المساعدة على إنشاء نمط جديد تماما في‬
‫ابتكارا بالغ األهمية بالنسبة‬
‫ً‬ ‫ممارسات التوظيف ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬كانت اإلجازات مدفوعة األجر‬
‫لعمال الصناعة‪ ،‬والذي حظي بقبول واسع النطاق على نحو متزايد ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬ساعدت سياسات‬
‫مجلس العمل الحربي في عدة جوانب أخرى على تحسين وضع العاملين بأجر في البالد ‪.‬أيد المجلس‬
‫األجور المتساوية مقابل العمل المتساوي للعامالت‪ ،‬وسعى باستمرار إلى إزالة أوجه عدم المساواة‬
‫األخرى في األجور بين العمال في نفس المصانع أو مصانع مختلفة‪ ،‬وأعطى تأثيره عمو ًما لصياغة‬
‫سياسات أجور أكثر اتساقًا واتساقًا‪.‬‬
‫أثناء تنفيذ مهامه أثناء الحرب‪ ،‬وافق ‪WLB‬تما ًما على حوالي ‪415000‬اتفاقية أجور طوعية‪،‬‬
‫تشمل عشرين مليون موظف‪ ،‬وفرض تسويات في حوالي ‪20000‬حالة نزاع تؤثر على ما يقرب من‬
‫عدد العمال ‪.‬لقد كانت مهمة ضخمة وتستغرق وقت ًا طويالً ولم تكن هناك سابقة لها‪ ،‬وبينما كان مجلس‬
‫اإلدارة غال ًبا ما يتعرض لالنتقاد بسبب التأخير في التعامل مع هذه الحاالت‪ ،‬فقد عمل بشكل عام بكفاءة‬
‫كبيرة في ضوء حجم العمل الهائل المتراكم ‪.‬حتى بعد عام ‪1943.‬‬
‫ولم تمنحها األوامر التنفيذية وال قانون سميث كونالي السلطة مباشرة إلنفاذ قراراتها في قضايا‬
‫النزاع ‪.‬عندما يثبت أن سلطته والضغوط التي يمكن أن يمارسها من خالل الوكاالت األخرى غير فعالة‪،‬‬
‫يمكن للمجلس أن يوصي باالستيالء على أي محطة حربية من قبل الرئيس وما يترتب على ذلك من‬
‫تطبيق‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪347‬‬
‫عقوبات مباشرة إلجباره على االمتثال ألوامره ‪. .‬وكانت قراراتها مقبولة بشكل عام من قبل المتنازعين‬
‫دون اللجوء إلى مثل هذه التدابير ‪ .‬في أربعين مناسبة فقط‪ ،‬اضطر الرئيس إلى إصدار أمر بمصادرة‬
‫المصانع ‪ -‬ستة وعشرون مرة ألن النقابات تحدت أوامر مجلس اإلدارة‪ ،‬وثالث وعشرون مرة ألن‬
‫أصحاب العمل أثبتوا تمردهم‪ ،‬ومرة واحدة عندما لم توافق النقابة أو اإلدارة على القرار‪.‬‬
‫كانت الحالة األكثر دراماتيكية لتحدي أصحاب العمل هي حالة شركة مونت جومري وارد التي‬
‫أنكرت اختصاص مجلس العمل الحربي على أساس أن أعمال الطلب عبر البريد ال تنطوي بشكل مباشر‬
‫على المجهود الحربي ‪.‬وعندما رفضت أمرا ً باالعتراف بنقابة مديري تكنولوجيا المعلومات باعتبارها‬
‫وكيل المساومة لموظفيها‪ ،‬أمر روزفلت باالستيالء على مصنع الشركة وانتقد مسؤوليها صراحة‬
‫لتجاهلهم المتهور لبرنامج الحكومة للحفاظ على االنسجام الصناعي ‪.‬الرئيس سيويل أفيري‪ ،‬الذي‬
‫انعكس موقفه تجاه النقابات في وجهة نظره بأن المحل المغلق والدستور متوافقان ‪ ،‬رفض بعناد‬
‫االعتراف بحق الحكومة في االستيالء على ممتلكات الشركة ‪.‬وقبل تسوية هذه القضية‪ ،‬شاهدت البالد‬
‫مشهدا ً مثيرا ً لالهتمام يتمثل في إزاحة أفيري جسديا ً من مكتبه على يد اثنين من األعضاء األقوياء في‬
‫قوة االحتالل التابعة للجيش‪.‬‬
‫تم انتقاد مجلس العمل الحربي من قبل الصناعة بسبب تالعبه بالحفاظ على صيغة ‪Little Steel‬‬
‫بشكل أكثر صرامة ومنح امتيازات تصل إلى حد زيادات غير مبررة في األجور ‪.‬وقد هاجمه حزب‬
‫العمال على أساس معاكس تما ًما لعدم رغبته في أخذ ارتفاع األسعار في االعتبار بشكل كافٍ من خالل‬
‫تفسير غير مرن للغاية لصيغة ‪Little Steel .‬غالبًا ما كان الجمهور يتأخر في سماع القضايا‬
‫وإصدار األوامر المسؤولة عن االضطرابات العمالية والتوقف عن العمل غير الضروري ‪.‬ومع ذلك‪،‬‬
‫فإن السجل الكامل لهذه التجربة المهمة في التحكيم العملي الثالثي‪ ،‬كما اقترح ساب ًقا‪ ،‬كان ناج ًحا ‪.‬تم‬
‫إيقاف الضربات ‪-‬إلى ما يقرب من ثلث ما كانت عليه في سنوات ما قبل الحرب ‪.‬لقد استمر برنامج‬
‫االستقرار بشكل أفضل بكثير مما تم تحقيقه حتى بعد انهيار ضوابط المجلس عند نهاية الحرب‪ ،‬وتمت‬
‫حماية الحقوق األساسية للعمال بشكل متعاطف ‪.‬في الواقع‪ ،‬رعاية مجلس العمل الحربي للحفاظ على‬
‫العضوية؛ إن موافقتها على أجور اإلجازات‪ ،‬وصناديق الصحة والتأمين‪ ،‬والمساواة في األجر للنساء‪،‬‬
‫والتأثير الوطني للدراسات االستقصائية العامة لهياكل األسعار‪ ،‬مثلت مكاسب كبيرة للغاية على المدى‬
‫الطويل لجميع العاملين بأجر‪.‬‬
‫‪348‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫إن تأثير مجلس العمل الحربي‪ ،‬الذي فرضه على تأثير المجلس الوطني لعالقات العمل‪ ،‬الذي كان ال‬
‫يزال يجري انتخابات لوحدات التفاوض المناسبة ويحمي النقابات من ممارسات أصحاب العمل غير‬
‫العادلة‪ ،‬أدى إلى إبراز الدور المهم للغاية الذي أصبحت الحكومة تلعبه في الصناعة ‪.‬عالقات ‪.‬لقد نمت‬
‫العمالة المنظمة بقوة كبيرة‪ ،‬لكنها كانت تعتمد أكثر من أي وقت مضى على الحكومة في الحفاظ على‬
‫قوتها ‪.‬لقد أدرك قادة النقابات تما ًما أنه ليس فقط وضع العمال في زمن الحرب‪ ،‬بل أيضًا وضعهم‬
‫المستقبلي في وقت السلم‪ ،‬كان إلى حد كبير خاض ًعا للموقف الذي يمكن اتخاذه تجاه العمال في‬
‫واشنطن ‪.‬يبدو أن أهمية العمل السياسي من جانب أعضاء النقابات في جميع أنحاء البالد لضمان‬
‫استمرار اإلدارة المتعاطفة أكبر مما كانت عليه خالل أيام الصفقة الجديدة‪.‬‬
‫ومع حملة رئاسية أخرى في عام ‪ ،1944‬كان هناك بالتالي تجدد للحملة العمالية لدعم الرئيس‬
‫روزفلت ومرشحي الكونجرس الذين يمكن االعتماد عليهم في فترة ما بعد الحرب لدعم المكاسب التي‬
‫حققها العمال منذ عام ‪1933.‬من المؤكد أن قانون سميث‪-‬كونالي يشير إلى أن تجارب عام ‪1919‬قد‬
‫تأثيرا سياسيًا حاس ًما ح ًقا ‪.‬في حين حافظ ‪AF of L.‬على عدم حزبيته‬ ‫ً‬ ‫تتكرر ما لم يمارس العمال‬
‫التقليدية ولم يدخل مباشرة في حملة عام ‪ ،1944‬فإن العدد األكبر من النقابات التأسيسية أيد روزفلت‬
‫وعمل بنشاط من أجل إعادة انتخابه ‪.‬لم يعلن مدير المعلومات فقط دعمه الرسمي لوالية رابعة‬
‫للرئيس‪ ،‬بل قام بتشكيل لجنة عمل سياسي على مستوى البالد بهدف معلن هو الحصول على أصوات‬
‫العمال‪.‬‬
‫تم اتخاذ قرار بشأن هذه الخطوة من قبل اللجنة التنفيذية لـ ‪CIO‬في الصيف الماضي نتيجة‬
‫للخسائر التي تكبدتها القوى التقدمية والمؤيدة للعمال في انتخابات التجديد النصفي لعام ‪1942.‬وتحت‬
‫التوجيه النشط لسيدني هيلمان كرئيس‪ ،‬مع ‪R.‬توماس ‪ ،‬الرئيس الجديد التحاد عمال السيارات‬
‫المتحدين‪ ،‬الذي يشغل منصب أمين الصندوق‪ ،‬خطط ‪CIO-PAC‬لحملة وطنية لقرع جرس الباب‬
‫لتثقيف العمال فيما يتعلق بمسؤولياتهم السياسية‪ ،‬ونشر سجالت العمل ألعضاء الكونغرس‪ ،‬و تشجيع‬
‫التسجيل المكثف الذي من شأنه أن يعزز التصويت التقدمي ‪.‬وقد حظي روزفلت بتأييد المنظمة الوطنية‬
‫على وجه التحديد‪ ،‬ولكن ت ُركت الفروع المحلية حرة‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪349‬‬
‫في اتخاذ أي إجراء تختاره في التوصية بقرارات الكونجرس ‪.‬‬
‫تم تمويل حملة ‪PAC‬خالل مراحلها السابقة من خالل مساهمات من النقابات بلغ مجموعها حوالي‬
‫‪670‬ألف دوالر ‪.‬بعد تسمية المرشحين الرئاسيين‪ ،‬تم تجميد هذه األموال ودعم األنشطة اإلضافية من‬
‫خالل المساهمات الفردية لتجنب العقوبات المحتملة لقانون سميث كونالي ‪.‬كانت حملة جمع الناخبين‬
‫من باب إلى باب هي أهم نشاط لها‪ ،‬لكن لجنة العمل السياسي قامت أيضًا بنشر وتوزيع كمية كبيرة من‬
‫أدبيات الحملة االنتخابية –ماليين النسخ من الكتيبات والمنشورات والمنشورات ‪.‬وقد تم االعتراف‬
‫بفعاليتها من قبل األصدقاء واألعداء على حد سواء" ‪.‬إن الدعاية السياسية األكثر ذكا ًء التي تم إنتاجها‬
‫في الواليات المتحدة منذ جيل واحد "كانت تعليقًا مقتضبًا لصحيفة التايمز ‪.‬وشددت المنشورات على‬
‫أن المهمة األساسية التي تواجه األمة هي تحقيق النصر الكامل والسريع على قوى المحور‪ ،‬ثم طرحت‬
‫برنام ًجا واسعًا لإلصالح االجتماعي لسنوات ما بعد الحرب ‪:‬العمالة الكاملة‪ ،‬واألجور العادلة‪ ،‬وحماية‬
‫حقوق العمال ‪.‬العمل والمزارع‪ ،‬والسكن المالئم ‪ ،‬ومساعدة المحاربين القدامى‪ ،‬والضمان االجتماعي ‪.‬‬
‫كانت لجنة العمل السياسي تسعى إلى حشد الدعم الشعبي‪ ،‬ليس فقط بين أعضاء نقابات مديري‬
‫تكنولوجيا المعلومات ولكن من جميع النقابات العمالية‪ ،‬للعمل السياسي المباشر لتأمين هذه األهداف‪.‬‬
‫ذعرا عا ًما بين المحافظين‬‫ً‬ ‫أثارت هذه الحملة‪ ،‬على خلفية اإلضرابات التي اندلعت عام ‪،1943‬‬
‫والمصالح التجارية المناهضة للنقابات ‪.‬تنصلت لجنة العمل السياسي صراحة من أي فكرة لتشكيل‬
‫حزب ثالث‪ ،‬لكن التهديد باحتمال هيمنة العمال على المجال السياسي زاد من المخاوف التي أدت بالفعل‬
‫إلى حظر قانون سميث كونالي على المساهمات في أموال الحمالت السياسية ‪.‬وكانت النقابات ال تزال‬
‫تعاني من سوء السمعة الشعبية ‪.‬أظهرت استطالعات الرأي العام في عام ‪1944‬أن أغلبية قدرها‬
‫‪ 67%‬ممن أجريت معهم مقابالت يؤيدون فرض قيود إضافية على نشاطهم‪ ،‬وكانت تعليقات الصحف‬
‫أصبحت عدائية بشكل متزايد‪.‬‬
‫سعت لجنة العمل السياسي إلى عقد جلسة استماع في كل من المؤتمرات الجمهورية والديمقراطية‪،‬‬
‫كما فعلت المجموعات العمالية منذ أيام صموئيل جومبرز‪ ،‬لكن عالقاتها األقرب كانت بطبيعة الحال مع‬
‫الديمقراطيين الذين روجوا بشكل ملحوظ ألهداف حزب العمال وكانوا بدورهم يعتمدون بشكل كبير على‬
‫الدعم السياسي لحزب العمال ‪. .‬وقيل إن تأثيرها كان مه ًما جدًا في اختيار نائب الرئيس روزفلت ‪.‬أدى‬
‫الفشل في تأمين ترشيح هنري واالس إلى منع ترشيح جيمس إف بيرنز‬
‫‪350‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫وفتح الطريق أمام هاري ترومان ‪.‬كان هيلمان أحد أقوى الشخصيات وراء الكواليس في هذه‬
‫المناورات السياسية ‪ ،‬وقد حظيت التقارير عن دوره الصاعد بشعبية على الصعيد الوطني من خالل‬
‫أمرا "بتطهير كل شيء مع سيدني ‪".‬وعلى الرغم من‬ ‫القصة المنشورة التي تفيد بأن روزفلت أصدر ً‬
‫نفي جميع األطراف المعنية‪ ،‬فقد التقطت الصحافة هذه الحكاية واستخدمها معارضو الرئيس لوقت‬
‫إضافي‪.‬‬
‫تعرضت لجنة العمل السياسي للهجوم باعتبارها متطرفة وغير أمريكية ويسيطر عليها الشيوعيون‬
‫الذين كانوا يدعمون بقوة إعادة انتخاب روزفلت في هذه الحملة في زمن الحرب ‪.‬وخلص تقرير طويل‬
‫صادر عن لجنة دايز حول األنشطة غير األمريكية إلى االتهام بأن الحركة برمتها كانت "حملة شيوعية‬
‫تخريبية لتخريب كونغرس الواليات المتحدة ودفعه إلى برنامجه الشمولي ‪".‬فقد حذر رئيس شركة‬
‫يونيون باسيفيك للسكك الحديدية رسميا من أن لجنة العمل السياسي كانت "ابتكارا ضارا شق طريقه‬
‫حرفيا إلى السياسة األميركية"‪ ،‬في حين أعلن حاكم والية أوهايو بريكر أنه يسعى إلى "السيطرة على‬
‫حكومتنا بمخططات راديكالية وشيوعية" ‪.‬‬
‫أدت حقيقة كون هيلمان أجنبيًا ويهوديًا إلى هجمات أخرى غير متسامحة ‪.‬وفي خطابه أمام مؤتمر‬
‫مديري تكنولوجيا المعلومات بعد االنتخابات‪ ،‬كان عليه أن يذكر أن المحاولة واسعة النطاق لتشويه‬
‫سمعة لجنة العمل السياسي كانت واحدة من "األكاذيب فوق األكاذيب‪ ،‬األكاذيب في سالسل الصحف‬
‫التي أنا متأكد من أن محرريها يخجلون اآلن من قراءتها ‪".‬المحرر الخاص ‪. . . .‬لم يكن هناك افتراء‬
‫شديد الدناءة‪ ،‬ولم يكن هناك مناشدة للتحيز متعصبة للغاية‪ ،‬ولم يكن هناك أي تكتيكات غير مبدئية‬
‫بحيث ال يمكنهم استخدامها ‪.‬لقد كانت تهمة مبررة بشكل عام‪ ،‬وأثبت التحقيق الذي أجراه مكتب‬
‫التحقيقات الفيدرالي أن االتهامات بالشيوعية الموجهة ضد هيلمان ال أساس لها على اإلطالق ‪.‬‬
‫تعاون العديد من قادة ‪AF‬في ‪ ،L.‬وكذلك النقابات التابعة لها‪ ،‬مع ‪CIO-PAC.‬أما المجموعات‬
‫الليبرالية األخرى فقد عملت معها بشكل مباشر أو مع لجنة العمل السياسي للمواطنين الوطنيين‬
‫المتحالفة معها ‪.‬تمت اإلشارة بوضوح إلى دعم حزب العمال لروزفلت في استطالع على مستوى البالد‬
‫لنحو ‪140‬صحيفة نقابية تابعة لـ ‪AF‬و ‪L.‬و ‪CIO‬مع إجمالي توزيع بلغ ستة ماليين ‪.‬في تناقض‬
‫حاد مع استطالعات الرأي المماثلة التي أجرتها صحافة متروبوليتان‪ ،‬أظهرت أنه من بين كل أوراق‬
‫العمل هذه‪ ،‬دعمت واحدة فقط ديوي و ‪11‬فقط أيدت ‪AF‬الحياد الرسمي لـ ‪L.‬ومما ال شك فيه أن‬
‫األغلبية التي أوصلت روزفلت إلى منصبه مرة أخرى تضخمت باقتدار بسبب العمل القوي الذي قامت‬
‫به لجنة العمل السياسي في حشد أصوات العمال‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪351‬‬
‫عضوا في مجلس الشيوخ‬ ‫ً‬ ‫وزعم أيضًا أن اللجنة كانت مسؤولة بشكل أساسي عن انتخاب ‪17‬‬ ‫‪ُ .‬‬
‫و ‪120‬نائبًا و ‪6‬حكام تمت ترشيحهم برعاية محلية‪.‬‬
‫بعد اختتام الحملة‪ ،‬أكد مدير المعلومات مجددًا معارضته لوجود طرف ثالث‪ ،‬لكنه وافق على‬
‫استمرار لجنة العمل السياسي كأداة مستقلة غير حزبية لتعزيز النشاط السياسي الموحد على أساس‬
‫وطني ‪.‬قال الرئيس موراي" ‪:‬لقد أدرك حزب العمال منذ فترة طويلة أن المكاسب التي يحققها من خالل‬
‫العمل االقتصادي ال يمكن حمايتها وتنفيذها وتوسيع نطاقها إال إذا قام بتطوير برنامج تشريعي تقدمي‬
‫وتأمين سنه من خالل المشاركة الفعالة في الحياة السياسية ‪".‬من األمة"‪.‬‬

‫أخيرا من نهايتها بعد تقدم جيوش الحلفاء ضد ألمانيا والعمليات الناجحة في‬
‫ً‬ ‫عندما اقتربت الحرب‬
‫ً‬
‫تطورا هائال ‪.‬لقد ساهمت على الفور‬
‫ً‬ ‫المحيط الهادئ‪ ،‬شهدت العمالة المنظمة ما كان في الماضي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مساهمة ملحوظة في كسب الحرب‪ ،‬وحققت على حسابها الخاص تقدما مذهال في بناء نفوذها‬
‫االقتصادي والسياسي ‪.‬وكما حدث أثناء الحرب العالمية األولى‪ ،‬أثبتت حالة الطوارئ الوطنية أنها وقت‬
‫الفرص‪ ،‬وقد استفادت العمالة منها إلى أقصى حد‪.‬‬
‫لقد تجلت مساهمتها في النصر من خالل السجل الرائع لإلنتاج الصناعي الذي كان من الممكن أن‬
‫يكون مستحيالً لو لم يلعب عمال األمة دورهم الكامل في التحول المذهل القتصادنا لتلبية احتياجات‬
‫الدفاع الوطني ‪.‬بين يوليو ‪1940‬ويوليو ‪ ،1945‬أنتجت الجهود المشتركة لإلدارة والعمال التي تشكل‬
‫الصناعة األمريكية ‪200‬ألف طائرة مقاتلة‪ ،‬و ‪71‬ألف سفينة بحرية‪ ،‬و ‪5000‬سفينة شحن‪ ،‬و ‪9000‬‬
‫قطعة مدفعية ثقيلة‪ ،‬وحوالي ‪2‬مليون رشاش ثقيل‪ ،‬و ‪12‬مليون بندقية ومعدات عسكرية ‪.‬القربينات‬
‫القصيرة‪86.000 ،‬دبابة‪16.000 ،‬سيارة مدرعة‪2.400.000 ،‬شاحنة عسكرية‪ ،‬ما يقرب من‬
‫‪6.000.000‬قنبلة جوية‪537.000 ،‬قذيفة أعماق ‪. . . .‬ارتفع إنتاج الفحم إلى مستوى قياسي بلغ أكثر‬
‫من ‪600‬ألف طن سنو ًيا ‪.‬وزاد إنتاج الطاقة الكهربائية من ‪130.000‬مليون إلى ‪230.000‬مليون‬
‫كيلووات‪/‬ساعة‪ ،‬وتصنيع سبائك الفوالذ من ‪47.000.000‬إلى ‪80.000.000‬طن‪.‬‬
‫وقد أشاد القادة األمريكيون في الداخل والخارج بدور العمال في هذه اإلنجازات المذهلة ‪.‬من‬
‫الجنرال أيزنهاور‬
‫‪352‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫واألدميرال كينغ‪ ،‬ومن كل من وزير الحرب ووزير البحرية ‪ ،‬ومن دونالد نيلسون من مجلس اإلنتاج‬
‫الحربي‪ ،‬وبول ف ‪ .‬ماكنوت من لجنة القوى العاملة الحربية‪ ،‬جاءت اإلشادة المتكررة بالعمل الهائل‬
‫الذي تم إنجازه في المساعدة في جعل جيشنا وبحريتنا قوة قتالية مجهزة بشكل رائع ‪.‬وأعلن الرئيس‬
‫روزفلت أن تصميم العمال األمريكيين على الحفاظ على تراثهم لألجيال القادمة هو الذي جعل من‬
‫الممكن تحقيق "أعظم إنجاز إنتاجي في تاريخ العالم‪".‬‬
‫أما بالنسبة لموقفها‪ ،‬فقد مثلت المكاسب التي حققتها النقابات العمالية خالل فترة الحرب زيادة بنحو‬
‫خمسين في المائة في عضوية النقابات ‪.‬في نهاية األعمال العدائية‪ ،‬تجاوز إجمالي المسجلين‬
‫‪ ،14.000.000‬حيث أبلغت ‪AF of L.‬عن حوالي ‪6.800.000‬عضو‪ ،‬ومدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫حوالي ‪ ،6.000.000‬والباقي يمثله أخوات السكك الحديدية ‪ ،‬وعمال المناجم المتحدون والنقابات‬
‫المستقلة األخرى ‪.‬وفي صناعات اإلنتاج الضخم الكبرى التي كانت قبل عقد من الزمن غير منظمة على‬
‫اإلطالق‪ ،‬كانت اتفاقيات المساومة الجماعية تغطي قوة العمل بأكملها تقري ًبا ‪.‬على الرغم من أن الفجوة‬
‫بين ‪AF‬لـ ‪L.‬ومدير تكنولوجيا المعلومات لم يتم إغالقها‪ ،‬مما أعاق في بعض األحيان التعاون الذي‬
‫كان من الممكن أن يعطي فعالية أكبر للضغوط العمالية في حماية مصالح العمال‪ ،‬إال أن القوة المنظمة‬
‫للحركة العمالية األمريكية كانت أكبر بكثير ‪.‬موحدة بقوة مما كانت عليه من قبل‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن سرعة ومدى هذه المكاسب لم تزعج المصالح التجارية التي رأت تهديدًا‬
‫لضوابط اإلدارة فحسب‪ ،‬بل استيقظت عندما رأينا مخاوف واسعة النطاق بين عناصر أخرى من‬
‫السكان بشأن ما إذا كانت العمالة ستستخدم أدواتها الجديدة المكتشفة أم ال ‪.‬السلطة مع مراعاة الصالح‬
‫العام ‪.‬إن تجاوزات بعض النقابات والروح النضالية العدوانية بين العديد من العمال العاديين‪ ،‬التي‬
‫خيمت على االستقرار في العالقات الصناعية الذي نتج بشكل عام عن توسيع نطاق المفاوضة‬
‫الجماعية‪ ،‬أدت إلى تكثيف الطلب الواسع النطاق لمزيد من تقليص االمتيازات الممنوحة للعمل ‪.‬والتي‬
‫تعبيرا عنها في قانون سميث كونالي ‪.‬ومع استعداد الصناعة لتقديم دعمها الكامل لكل‬ ‫ً‬ ‫وجدت بالفعل‬
‫ً‬
‫تحرك للحد من قوتها‪ ،‬كانت النقابات في الواقع في موقف أكثر ضعفا مما أوحى به نموها في زمن‬
‫الحرب‪.‬‬
‫لقد وقف حزب العمال عند مفترق طرق بالغ األهمية مع صمت المدافع في أوروبا‬
‫‪The Second World War‬‬ ‫‪353‬‬
‫والمحيط الهادئ ‪.‬ومن الواضح أن درجة عالية من الحنكة السياسية كانت مطلوبة إذا كان لها أن‬
‫تتمسك بمواقفها‪ ،‬وتستعيد ثقة الجمهور‪ ،‬وتلعب دورها في استقرار االقتصاد الوطني والحفاظ على‬
‫السالم الصناعي‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫‪ :XIX‬العمل في فترة ما بعد الحرب‬


‫مشهد‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬
‫نهاية الحرب بمثابة تحدي كبير للشعب األمريكي كما كانت بدايتها ‪.‬إن االقتصاد الموجه بالكامل نحو‬
‫هدف واحد يتمثل في توفير القوة البشرية والمواد الضرورية لتحقيق النصر على ألمانيا واليابان كان‬
‫ال بد من إعادة تكييفه بطريقة أو بأخرى ليتوافق مع احتياجات السالم التي ال تقل إلحاحا ً ‪.‬وكانت‬
‫المشكلة التي واجهت األمة هي كيفية تنفيذ هذا التحول دون السماح للبطالة بإغراق البالد في كساد‬
‫فوري‪ ،‬أو السماح للضغوط التضخمية بإثارة سلسلة من ردود الفعل المتمثلة في ارتفاع األسعار‬
‫وارتفاع األجور التي قد تشجع على دورة خطيرة بنفس القدر من االزدهار والكساد‪.‬‬
‫كان العمل قلقًا للغاية ‪.‬حتى قبل انتهاء األعمال العدائية‪ ،‬كان هناك خوف من أن السالم قد يعني‬
‫البطالة وانخفاض األجور‪ ،‬وكذلك إطالق سراح المزيد من القوى المناهضة للنقابات التي تسعى إلى‬
‫كبح قوة النقابات ‪.‬بعد يوم ‪ ،VJ‬تفاقم هذا الشعور بعدم األمان بسبب التنبؤات العالمية‪ ،‬التي اتفق‬
‫عليها خبراء االقتصاد في مجال العمل واألعمال التجارية والحكومة‪ ،‬بأن البطالة قد ترتفع إلى عشرة‬
‫ماليين بحلول ربيع عام ‪1946.‬وقد حافظ كل من ‪AF‬لـ ‪L.‬و ‪CIO‬على أنه ال يمكن منع مثل هذا‬
‫االنهيار في االقتصاد الوطني إال من خالل الدعم النشط لبرنامج التوظيف الكامل واألجور بشكل متزايد‬
‫للحفاظ على القوة الشرائية الوطنية وإنشاء سوق موسعة للسلع الصناعية‪.‬‬
‫وعندما ثبت أن النتيجة المباشرة للسالم كانت انخفاض األجر األسبوعي بسبب العودة إلى نظام‬
‫األربعين ساعة في األسبوع‪ ،‬وتسريح العمال على نطاق واسع مع إغالق المصانع إلعادة تجهيزها‪،‬‬
‫اشتد إصرار العمال على زيادة األجور ‪.‬لم ير المنتقدون في هذه المطالب أكثر من مجرد خطوة‬
‫"لمعاملة المجمع االقتصادي باعتباره حقيبة انتزاع"‪ ،‬لكن العمال أنفسهم شعروا أنه تم استدعاؤهم‬
‫لتحمل عبء إعادة التحويل بينما كانت الحكومة تساعد الشركات في الواقع من خالل استرداد الضرائب‬
‫و مساعدات أخرى غير مباشرة ‪.‬عالوة على ذلك كانت األسعار ترتفع ‪.‬كانت تعديالت األجور المحدودة‬
‫التي سمح بها مجلس العمل الحربي غير كافية على اإلطالق مثل استرخاء ‪354‬السابق‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪355‬‬
‫حفزت الضوابط على التقدم في تكاليف المعيشة ‪.‬والبد من رفع أسعار الساعة‪ ،‬مع مطالبة النقابات تلو‬
‫النقابات‪ ،‬للحفاظ على مستوى األجر المقتطع في زمن الحرب في القوة الشرائية الفعلية‪.‬‬
‫وعندما رفضت الصناعة عمو ًما هذه المطالب‪ ،‬كان رد العمال هو اإلضراب ‪.‬كان العمال عازمين‬
‫على الدفاع عن مصالحهم بينما كانوا ال يزالون أقوياء بما يكفي للقيام بذلك‪ ،‬قبل أن يؤدي الكساد‬
‫المحتمل والبطالة إلى إضعاف صفوف النقابات ‪.‬كانت هناك استراتيجية شاملة وراء هذه الحركة‪ ،‬تم‬
‫تطويرها إلى حد كبير من قبل مدير تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬وكان القادة العماليون يعرفون جيدًا ما يدور‬
‫حوله ‪.‬لقد تحدثوا فيما يتعلق بالسياسة الوطنية وأكدوا باستمرار على القوة الشرائية للمستهلك وكذلك‬
‫حقوق العمال‪.‬‬
‫كثيرا عما كان عليه في عام ‪1919.‬ففي ذلك الوقت أيضًا كان العمال على استعداد‬ ‫اختلف الوضع ً‬
‫للنضال بشدة من أجل الحفاظ على مكاسبهم في زمن الحرب ‪.‬لكن لم يكن لديها مثل هذه األهداف‬
‫المحددة والمترابطة بشكل جيد ‪.‬مع االستثناء المحتمل لذلك في الصلب‪ ،‬كانت اإلضرابات التي اندلعت‬
‫عام ‪1919‬عبارة عن انتفاضات متفرقة ومتفرقة وفي بعض األحيان شبه عفوية دون تنظيم فعال أو‬
‫قيادة فعالة ‪.‬لقد أدت إلى العنف والعنف المضاد ‪.‬وأخيرا‪ ،‬وفي جو من العداء المتزايد للنقابات‪ ،‬قدمت‬
‫الحكومة دعمها للصناعة ‪.‬وعلى الرغم من بعض المكاسب المؤقتة‪ ،‬فقد تم وضع العمال المنظمين‬
‫بالكامل في موقف دفاعي واضطروا إلى التراجع التدريجي الذي ميز عشرينيات القرن العشرين‪.‬‬
‫لقد غيرت القوة المتماسكة للنقابات القوية عام ‪1945‬هذه الصورة تما ًما‪ ،‬ولم تحاول الصناعات‬
‫المشاركة في إضرابات ما بعد الحرب حتى الحفاظ على اإلنتاج ‪.‬لم يكن الصراع أقل كآبة مما كان عليه‬
‫في عام ‪ ،1919‬لكنه كان بمثابة مسابقة قدرة على التحمل وليس مباراة كسول ‪.‬على الرغم من أن عدد‬
‫العمال الذين أضربوا في وقت واحد في أوائل عام ‪1946‬كان أكبر من أي وقت مضى‪ ،‬إال أنه تم تجنب‬
‫إراقة الدماء ألول مرة في تاريخ النزاعات العمالية الحرجة إلى حد كبير ‪.‬تم إثارة العواطف بعنف‪،‬‬
‫ولكن كان هناك القليل من العنف الجسدي ‪.‬وبينما أعقب اإلضراب إضرابات في قطاعات النفط‬
‫والسيارات والصلب والمعدات الكهربائية واآلالت الزراعية والفحم والسكك الحديدية‪ ،‬فإن التداعيات‬
‫الهائلة للتنظيم الوطني للعمال الصناعيين الذي حدث منذ عام ‪ ،1933‬انتقلت بقوة دراماتيكية إلى‬
‫الوطن ‪.‬كان هذا تحديًا جديدًا تما ًما لالقتصاد الوطني ‪.‬ولم يكن التهديد بالعنف والتخريب والحرب‬
‫الصناعية بالمعنى القديم‪ ،‬بل كان تهديدًا بشلل الحياة االقتصادية من خالل اإلضرابات السلمية ولكن‬
‫األكثر فعالية عن العمل على نطاق وطني‪.‬‬
‫لقد اضطرت إدارة ترومان إلى مواجهة‬
‫‪356‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫المشكلة الحرجة المتمثلة في تطوير سياسة عمل جديدة مباشرة بعد هزيمة اليابان ‪.‬لم يعد من المتوقع‬
‫من حزب العمال أن يلتزم بتعهده بعدم اإلضراب في زمن الحرب‪ ،‬وكان الرئيس يأمل في أن تتم العودة‬
‫إلى العمليات الطبيعية للمفاوضة الجماعية دون تعريض عملية إعادة التحول للخطر ‪.‬وبالتالي تم‬
‫تخفيف الضوابط الحكومية وتم السماح بزيادة األجور طالما أنها ال تؤثر على األسعار الحالية ‪.‬وبعد‬
‫حرمانه إلى حد كبير من سلطته السابقة‪ ،‬تم نقل مجلس العمل الحربي إلى وزارة العمل ‪.‬وسرعان ما‬
‫بدأت في إنهاء أنشطتها‪ ،‬وحل محلها في بداية عام ‪1946‬المجلس الوطني لتثبيت األجور ‪.‬وناشد‬
‫ترومان كالً من العمال والصناعة االلتزام باتفاقياتهم األساسية في زمن الحرب والسعي إلى إجراء أي‬
‫تعديالت ضرورية من خالل المفاوضات السلمية‪.‬‬
‫ظل موقف اإلدارة متعاطفًا مع العمال على الرغم من سحب دعمها من مجلس العمل الحربي ‪.‬وكان‬
‫الموقف المتخذ هو أن النقابات يحق لها الحصول على ضمانات من شأنها أن تتصدى لشعورها بعدم‬
‫األمان‪ ،‬وأن الصناعة قادرة على تقديم تنازالت معقولة لألجور دون رفع أسعار المنتجات المصنعة‪،‬‬
‫وأنه يمكن االعتماد على المفاوضة الجماعية لحل هذه القضايا‪ .‬صرح الرئيس في ‪20‬تشرين‬
‫األول‪/‬أكتوبر بأن "زيادات األجور أمر حتمي لتخفيف الصدمة التي يتعرض لها عمالنا‪ ،‬والحفاظ على‬
‫القوة الشرائية الكافية وزيادة الدخل القومي ‪". . . .‬ولحسن الحظ‪ ،‬هناك مجال في هيكل األسعار الحالي‬
‫للشركات ككل لمنح زيادات في األسعار‪.‬‬
‫استمرارا للمحسوبية السياسية للصفقة‬
‫ً‬ ‫لقد كان بيا ًنا سياس ًيا تم انتقاده على نطاق واسع باعتباره‬
‫الجديدة ‪.‬وصفه السيناتور تافت بغضب بأنه استسالم لمدير تكنولوجيا المعلومات ‪.‬لكن في حين أن‬
‫أعداء الرئيس قد يهاجمون برنامجه باعتباره برنامج استرضاء‪ ،‬فإن دعمه للعمال في فترة ما بعد‬
‫الحرب يتوافق بشكل أساسي مع الفلسفة التي قبلت مسؤولية الحكومة عن العمل ‪.‬حماية ماليين‬
‫العمال الصناعيين في البالد من البطالة‪ ،‬واستخدام نفوذها لرفع مستوى معيشتهم ‪.‬لقد كانت أهمية‬
‫الحفاظ على القوة الشرائية الوطنية أساسية في فكر ترومان كما كانت في فكر روزفلت ‪.‬واعتبرت‬
‫رفاهية العمل ضرورية لرفاهية البالد ككل‪.‬‬
‫إلى أي مدى يمكن السماح بزيادات األجور التي اقترحها الرئيس دون اإلخالل ببرنامج االستقرار‪،‬‬
‫لم يكن هذا األمر أقل إثارة للنقاش على اإلطالق ‪.‬تم تعزيز موقف ترومان من خالل‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪357‬‬
‫الدراسات االستقصائية االقتصادية الحكومية التي زعمت إظهار أن الصناعة يمكن أن ترفع األجور‬
‫بنسبة تصل إلى أربعة وعشرين في المائة ومع ذلك تحقق أربا ًحا معقولة ‪.‬أظهرت سجالت الشركات‬
‫لفترة الحرب أن أرباحها كانت ضعفين ونصف ضعف متوسط ما قبل الحرب‪ ،‬وكان جون آر ستيلمان‪،‬‬
‫مدير التعبئة الحربية وإعادة التحويل‪ ،‬يعلن في أكتوبر ‪ ،1946‬أن األرباح‪ ،‬بعد الضرائب‪ ،‬كانت عند‬
‫مستوى أعلى نقطة في التاريخ ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬أنكر المتحدثون باسم قطاع األعمال بشكل قاطع صحة هذه‬
‫تحليال مختل ًفا تما ًما للوضع‪ ،‬وأعلنوا أن األجور األعلى تعني زيادة كبيرة في التكاليف‬
‫ً‬ ‫التقارير‪ ،‬وقدموا‬
‫التي ال يمكن استيعابها ضمن هيكل األسعار الحالي‪.‬‬
‫وحيثما تكمن الحقيقة فيما كان سيتطور إلى نقاش ال نهاية له حول األجور واألرباح‪ ،‬تظل الحقيقة‬
‫هي أن ترك القضية للمفاوضة الجماعية لم ينجح ‪.‬ربما كان كل من العمل والصناعة قد أصبحا صدئين‬
‫في ممارسة هذه التقنية خالل فترة سيطرة الحكومة‪ ،‬وعلى أي حال لم يظهروا سوى القليل من الرغبة‬
‫في االجتماع م ًعا ‪ .‬وطالب العمال بزيادات تصل إلى ثالثين في المائة عن أسعار الساعة الحالية؛ ذكرت‬
‫الصناعة أن أي شيء مثل هذه االمتيازات مستحيل ما لم يُسمح لها بنقلها إلى الجمهور في شكل أسعار‬
‫أعلى ‪.‬وعندما طالبت النقابات بعد ذلك بالحق في فحص سجالت الشركة من أجل إثبات فرضية إمكانية‬
‫زيادة األجور دون رفع األسعار‪ ،‬ردت اإلدارة بقوة على ما وصف بأنه محاولة للتطفل على وظائفها‬
‫وفتح الباب أمام الرقابة العمالية ‪.‬على العمليات التجارية ‪.‬تم النظر إلى جميع المقترحات المشابهة‬
‫لهذه الخطوط على أنها تحدي للصناعة يجب مقاومته باسم المشاريع الحرة‪.‬‬
‫كما تعززت المعارضة لمطالب العمال بسبب حقيقة مفادها أن العديد من الشركات كانت في وضع‬
‫يسمح لها بالترحيب باالختبار الذي تم قبوله باعتباره حتميا عاجال أم آجال ‪.‬إن الحق في الحصول على‬
‫المبالغ ال مستردة من ضرائب األرباح الزائدة السابقة عن أي خسائر تم تكبدها خالل عام ‪ ،1946‬قدم‬
‫تعويضًا مه ًما عن اآلثار المحتملة لتقليص اإلنتاج ‪.‬ولكن إذا كانت الصناعة مستعدة للدفاع عن نفسها‪،‬‬
‫فإن العمال كانوا أكثر تصميما ً على الهجوم ‪.‬تضاعفت النزاعات على جبهة متزايدة االتساع‪ ،‬وغمر‬
‫المجلس الوطني لعالقات العمل طلبات التصويت على اإلضراب وفقًا لشروط قانون سميث‪-‬كونالي ‪.‬‬
‫بحلول أكتوبر ‪ ، 1945‬كان هناك حوالي ثمانمائة التماس من هذا القبيل معلقة دون أي شك على‬
‫اإلطالق حول نتيجة التصويت في الغالبية العظمى من الحاالت‪.‬‬
‫‪358‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫في مواجهة فشل المفاوضة الجماعية واألدلة المتزايدة على االضطرابات الصناعية الخطيرة‪ ،‬لجأ‬
‫الرئيس ترومان‪ ،‬كما فعل الرئيس ويلسون في ظل ظروف مماثلة في عام ‪ ،1919‬إلى مؤتمر إدارة‬
‫العمل ‪.‬وتم استدعاء ممثلي النقابات واإلدارة إلى واشنطن في الخامس من نوفمبر عام ‪1945‬لمحاولة‬
‫صياغة «أساس واسع ودائم للسالم والتقدم الصناعي ‪».‬لقد اجتمعوا وتشاوروا على النحو الواجب‪،‬‬
‫ولكن مع القليل من النجاح الذي تمكن مؤتمر ويلسون من تحقيقه ‪.‬لقد ثبت أنه من الممكن التوصل إلى‬
‫تفاهم عام حول المبدأ األساسي للمفاوضة الجماعية‪ ،‬والذي كان بمثابة تقدم حقيقي كبير مقارنة‬
‫بالوضع في عام ‪ ،1919‬ولكن ليس حول أي اتفاق حول اإلجراءات التي كان من الممكن أن تكسر‬
‫المأزق الحالي ‪.‬وبصرف النظر عن التوصيات المتعلقة بتوسيع دائرة التوفيق التابعة لوزارة العمل‪ ،‬لم‬
‫يحقق المؤتمر أي نتائج عملية‪.‬‬
‫ولم يكن فشلها غير متوقع‪ ،‬فحتى أثناء انعقاد جلساتها‪ ،‬بدأت موجة اإلضرابات التي تم التنبؤ بها‬
‫في أوائل الخريف تصل إلى ذروتها ‪.‬عمال مصافي النفط‪ ،‬الحطابين‪ ،‬عمال الزجاج؛ الميكانيكيين‬
‫وعمال بناء السفن في سان فرانسيسكو؛ ومشغلو خدمات البناء وعمال الشحن والتفريغ في نيويورك؛‬
‫سائقي الشاحنات في الغرب األوسط؛ وكان عمال مناجم الفحم في والية بنسلفانيا في طليعة االنتفاضة‬
‫التي اجتاحت البالد بأكملها اآلن ‪.‬وحملت خطوط االعتصام في عشرات المدن الفتات تطالب بأمن‬
‫النقابات وبدفع رواتب تعادل أجور الحرب ‪.‬وكان شعار اليوم "اثنان وخمسون مقابل أربعين أو قتال‪".‬‬
‫ثم في ‪21‬نوفمبر‪ ،‬أضرب حوالي ‪200‬ألف عامل في مصانع جنرال موتورز في اثنتي عشرة‬
‫والية‪ ،‬مما أدى إلى ارتفاع إجمالي اإلضراب على مستوى البالد إلى ‪500‬ألف عامل‪ ،‬وبعد أسبوع كان‬
‫التصويت المشؤوم ينذر بالخروج الوشيك لـ ‪750‬ألف عامل من عمال الصلب ‪.‬وبينما كان العمال‬
‫واإلدارة يحزمون حقائبهم في واشنطن في اليوم األخير من شهر تشرين الثاني (نوفمبر)‪ ،‬وجدت األمة‬
‫نفسها في مواجهة أزمة هددت بتعطيل برنامج إعادة التحويل برمته‪.‬‬

‫لم يكن إضراب جنرال موتورز مه ًما في حد ذاته فحسب‪ ،‬بل ألهميته األوسع نطاقًا في تحديد نمط‬
‫سلسلة اإلضرابات الكاملة التي عطلت االقتصاد الوطني على نطاق واسع في أوائل عام ‪1946.‬لقد بدأ‬
‫في وقت أبكر مما كان متوق ًعا في األصل ‪.‬فضلت اإلستراتيجية العالية‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪359‬‬
‫لمكتب تكنولوجيا المعلومات إجراء أول اختبار للصلب باعتباره الصناعة األساسية التي تعتمد عليها‬
‫الصناعات التحويلية بشكل كبير‪ ،‬لكن االضطرابات بين عمال السيارات والسياسات النقابية أجبرت‬
‫اتحاد عمال السيارات على التدخل ‪.‬تحملت شركة جنرال موتورز العبء األكبر من أول اعتداء عمالي‬
‫واسع النطاق في فترة ما بعد الحرب‪.‬‬
‫سا التحاد عمال السيارات‪ ،‬إال أن إضراب‬ ‫على الرغم من أن آر جيه توماس كان في ذلك الوقت رئي ً‬
‫جنرال موتورز نفسه تم إجراؤه تحت القيادة الديناميكية لوالتر رويثر‪ ،‬وهو قوة صاعدة في نقابة عمال‬
‫السيارات والذي كان قري ًبا في طريقه إلى الرئاسة ‪.‬لم يكن قد بلغ األربعين من عمره‪ ،‬فقد كان من‬
‫قدامى المحاربين في النضاالت العمالية وفي الجهود المبكرة لتنظيم العمال في مصانع فورد‪ ،‬وقد‬
‫تعرض للضرب المبرح على يد "الرجال المتمرسين "في قسم الخدمة بالشركة ‪.‬في مظهره يبدو وكأنه‬
‫رجل صناعي شاب مزدهر أكثر من كونه زعي ًما عمال ًيا مكاف ًحا؛ كان رويثر دقيقًا وحسن المظهر وذو‬
‫تفكير جاد‪ ،‬وقد أثبت بالفعل أنه مخلص للقضية التي تبناها وطموح للغاية ‪.‬لم يكن مدخنًا وال شار ًبا‬
‫للخمر‪ ،‬وكان قليل االهتمام باالنحرافات االجتماعية‪ ،‬وكان يعمل دائ ًما في وظيفته بطاقة مركزة ومحددة‬
‫أدت إلى ظهوره التدريجي كواحد من أقوى القادة في الحركة العمالية بأكملها‪.‬‬
‫وكانت أفكاره واسعة وشاملة‪ ،‬مما حمله إلى ما هو أبعد من المشاكل المباشرة لنقابات األعمال ‪.‬‬
‫يعتقد رويثر أنه فقط من خالل "إحراز تقدم مع المجتمع"‪ ،‬يمكن للعمال أن يحتفظوا بالمكاسب التي تم‬
‫تحقيقها بالفعل ‪.‬تدين آراؤه بشيء ما بالنظرية االشتراكية‪ ،‬لكنه كان يعارض بشدة الفصيل الشيوعي‬
‫داخل اتحاد العمال المتحدين‪ ،‬والذي كان عليه أن يواصل محاربته بعد ترقيته إلى الرئاسة وطرده في‬
‫النهاية من السلطة ‪.‬تشكلت مواقفه األساسية مع أفضل تقاليد التقدمية األمريكية ‪.‬كان رويثر مقتن ًعا بأن‬
‫كبيرا في الحياة السياسية واالقتصادية للبالد‪.‬‬
‫دورا ً‬
‫العمل المنظم يجب أن يلعب ً‬
‫قال ذات مرة" ‪:‬إن نوع الحركة العمالية التي نريدها‪ ،‬غير ملتزم بفلسفة النيكل في الظرف‬
‫المدفوع ‪ .‬نحن نبني حركة عمالية‪ ،‬ليس لترميم العالم القديم حتى يتمكن الرجال من المجاعة بشكل أقل‬
‫وفي كثير من األحيان‪ ،‬ولكن حركة عمالية ستعيد تشكيل العالم بحيث يستفيد العمال من عملهم‪.‬‬
‫كانت هذه الفلسفة هي أساس اتجاهه إلضراب جنرال موتورز ‪.‬كان مطلب النقابة هو زيادة األجور‬
‫بنسبة ‪ ،30%‬وكان ادعاء روثر‪ ،‬مدعو ًما باألدلة اإلحصائية‪ ،‬أنه‬
‫‪360‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫يمكن منحها دون فرض أي ارتفاع في أسعار السيارات ‪.‬وأعلن أنه ال يفضل أي زيادة في األجور‬
‫تتجاوز نطاق قدرة الصناعة على الحفاظ على خط األسعار ‪.‬وكان يفكر من حيث القوة الشرائية الوطنية‬
‫واالستقرار االقتصادي‪ ،‬وليس مجرد األجور المرتفعة لعمال السيارات ‪.‬فحين أعلنت شركة جنرال‬
‫موتورز أنه من غير الممكن أن تزيد الزيادة على عشرة في المائة وأن شروط االتحاد "لم تكن عرضا ً‬
‫للتحكيم بل مطالبة بالتنازل عن العرش"‪ ،‬كان رد رويثر عبارة عن مطلبه الشهير "بإلقاء نظرة على‬
‫الدفاتر ‪ ".‬أدى رفض الشركة الغاضب ألي اقتراح من هذا القبيل إلى انهيار مفاوضات المساومة وبدأ‬
‫إضراب جنرال موتورز‪.‬‬
‫ً‬
‫في ضوء هذه التطورات‪ ،‬واإلضراب الوشيك في عمال الصلب‪ ،‬واجه ترومان وجها لوجه فشل‬
‫سياسته العمالية في فترة ما بعد الحرب ‪.‬وكان ال يزال يأمل في إبقاء التدخل الحكومي في العالقات‬
‫الصناعية عند الحد األدنى‪ ،‬لكنه شعر بأنه مدفوع التخاذ بعض اإلجراءات التي قد تساعد في الوقت‬
‫نفسه في استعادة السالم العمالي ودعم برنامج االستقرار العام في مواجهة التهديد المتزايد المتمثل في‬
‫التضخم ‪.‬واقترح فترات تهدئة مدتها ثالثون يو ًما قبل الدعوة إلى أي إضراب‪ ،‬مع تقديم القضايا‬
‫المتنازع عليها إلى مجالس تقصي الحقائق الرئاسية التي ستقدم تقارير علنية عن جميع المعلومات‬
‫ذات الصلة ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬تبنى اقتراح حزب العمال وأعلن أن مجالس تقصي الحقائق هذه يجب أن‬
‫تكون مخولة بفحص السجالت الصناعية‪.‬‬
‫ولم يرحب العمل وال الصناعة بهذا االقتراح ‪.‬وقد تناوله األول على أنه يمس بالحق في اإلضراب؛‬
‫وكان األخير غير راغب في فتح سجالت الشركة أمام "بعثات الصيد "الحكومية ‪.‬ومع قلة الدعم من أي‬
‫جهة‪ ،‬رفض الكونجرس اتخاذ أي إجراء بشأن توصيات الرئيس‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬قرر ترومان المضي قد ًما وف ًقا لسلطته فيما يتعلق بتعيين مجالس تقصي الحقائق‪ ،‬وتم‬
‫إنشاء ستة مجالس في الفترة ما بين ‪27‬نوفمبر ‪1945‬و ‪17‬يناير ‪1946.‬وكان أولها في إضراب‬
‫عمال مصافي النفط‪ ،‬حيث كانت الحكومة قد استحوذت بالفعل على المصانع المتضررة‪ ،‬ولكن األهم‬
‫كان في نزاع جنرال موتورز وتم إنشاؤه في ‪12‬ديسمبر ‪.‬رفضت اإلدارة التعاون في الحالة األخيرة ‪.‬‬
‫وعندما صرح ترومان بأن "القدرة على الدفع أمر مهم"‪ ،‬انسحبت شركة جنرال موتورز من جلسات‬
‫االستماع التي عقدها مجلس اإلدارة ‪.‬ولم تكن هناك أي عالمة على انقطاع إضراب السيارات حيث‬
‫التزمت النقابة والشركة بمقترحاتهما األصلية ‪.‬ودخل الجمود‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪361‬‬
‫أسبوعه السادس حيث ال يزال العمال عاطلين عن العمل ومصانع الشركة مغلقة بالكامل ‪.‬تصاعد التوتر‬
‫مع الهجوم والهجوم المضاد على دوافع طرفي النزاع مما أدى إلى تعميق عدم الثقة والعداء بين العمال‬
‫واإلدارة ‪ .‬في هذه األثناء‪ ،‬انتشرت اإلضرابات في صناعات أخرى حيث طورت نقابات مديري‬
‫تكنولوجيا المعلومات إستراتيجيتها المتمثلة في شن هجوم على مستوى البالد ضد صناعات اإلنتاج‬
‫الضخم ‪.‬النزاع الذي يشمل ‪40‬ألف عامل في مصفاة النفط ال يزال غير محسوم ‪.‬وبعد وقت قصير من‬
‫بداية العام‪ ،‬خرج ‪300‬ألف من عمال تعبئة اللحوم من العمل واستولت الحكومة على المصانع‬
‫المتضررة؛ أضاف العمال في ثمانية وسبعين مصنعًا لشركة جنرال إلكتريك وويستنجهاوس وقسم‬
‫المعدات الكهربائية في جنرال موتورز بعد ذلك ‪180‬ألف عامل إلى صفوف المضربين‪ ،‬وأخيراً في ‪21‬‬
‫يناير‪ ،‬أضرب عمال الصلب البالغ عددهم ‪750‬ألفًا وفقًا لتصويتهم السابق ‪.‬بما في ذلك موظفي جنرال‬
‫موتورز‪ ،‬ارتفع عدد الرجال المضربين في وقت واحد في جميع أنحاء البالد إلى إجمالي مذهل بلغ‬
‫حوالي ‪2.000.000.‬أبرزت العناوين الرئيسية في الصحف من الساحل إلى الساحل خطورة األزمة‬
‫الصناعية وطالب الجمهور باتخاذ إجراءات حاسمة الستعادة قدر من السالم الصناعي ‪.‬كان الفوالذ‬
‫محط األنظار بشكل خاص ‪.‬وقد تسبب توقفها الكامل تقريبًا في اإلنتاج في تسريح آالف إضافية من‬
‫العمال حيث شعرت الصناعات األخرى بتأثير انتشار الشلل الصناعي‪.‬‬
‫وتمسك ترومان ببرنامجه لتقصي الحقائق ‪.‬وعلى الرغم من المطالب الشعبية بمزيد من العمل‬
‫المباشر‪ ،‬فقد انتظر بينما أدت التحقيقات في مختلف الصناعات المعنية إلى التطوير التدريجي لنمط‬
‫لتسويات اإلضراب المحتملة التي من شأنها أن تلبي في الوقت نفسه المطالب المشروعة للعمال وتعمل‬
‫على تثبيت األسعار ‪.‬خط ‪ .‬وكما تم التوصل إليه في نهاية المطاف‪ ،‬كانت السياسة الجديدة هي السماح‬
‫بزيادة األجور التي تتوافق مع ارتفاع تكاليف المعيشة بنسبة ثالثة وثالثين في المائة والتي من المقدر‬
‫أنها حدثت منذ عام ‪ ،1941‬والسماح بتخفيف األسعار ألي شركة تمنح مثل هذه الزيادات إذا انخفضت‬
‫أرباحها إلى أقل من ذلك ‪.‬متوسطات ما قبل الحرب ‪.‬ويعني تطبيق هذا البرنامج أنه عالوة على الزيادات‬
‫في األجور الممنوحة بالفعل بموجب صيغة ليتل ستيل‪ ،‬كان من المقرر السماح بتقدمات إضافية تتراوح‬
‫بين ‪17%‬إلى ‪20%‬في مختلف الصناعات مقارنة بنسبة ‪30%‬التي طالبت بها النقابات بشكل عام ‪.‬‬
‫‪.‬وقد نصت هذه الصيغة الجديدة عمليا على زيادة متوسطها ‪18%‬في الساعة‪ ،‬وجعلت من الممكن‬
‫إج راء تعديل معقول لمعدالت القسط الثابت الرتفاع تكاليف المعيشة على الرغم من أن األجر‬
‫األسبوعي‪ ،‬بسبب خسارة العمل اإلضافي‬
‫‪362‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫‪ ،‬سيظل قائما بشكل ملموس ‪.‬دون مستويات الحرب‪.‬‬


‫تم اإلعالن رسم ًيا عن سياسة األجور واألسعار الجديدة في ‪14‬فبراير‪ ،‬وحتى قبل هذا التاريخ‪ ،‬تم‬
‫التوصل إلى تسويات على طول هذه الخطوط العامة في نزاعات مصفاة النفط وتعبئة اللحوم ‪.‬ومع ذلك‪،‬‬
‫كان تطبيقه على الفوالذ أكثر حس ًما في كسر الجمود الصناعي ‪.‬في هذا النزاع‪ ،‬تم بالفعل تضييق‬
‫الخالفات بين عمال الصلب المتحدين وأصحاب العمل‪ ،‬الذين عمل رئيس شركة الصلب األمريكية‬
‫فيرليس كمتحدث باسمهم‪ ،‬تدريجيًا واقترح الرئيس ترومان مباشرة تسوية ‪18/2‬سنتًا في الساعة ‪.‬‬
‫لكن بينما كان االتحاد مستعدًا على الفور لقبول هذا الرقم‪ ،‬رفضت الصناعة حتى يتم منحها ضمانًا أكثر‬
‫تحديدًا لتخفيف األسعار ‪.‬وعندما دخلت سياسة األجور واألسعار الجديدة حيز التنفيذ‪ ،‬مع بند محدد في‬
‫حالة صناعة الصلب يقضي بمقدمة قدرها ‪5‬دوالرات للطن على أسعار الصلب‪ ،‬تمت إزالة العقبة‬
‫األخيرة التي تحول دون التوصل إلى اتفاق ‪.‬بعد إضراب دام ثالثة أسابيع وأجبر األفران على العمل‬
‫المصرفي في جميع أنحاء البالد وخفض اإلنتاج إلى ستة في المائة من طاقته‪ ،‬توصلت النقابة واإلدارة‬
‫إلى اتفاق على أساس صيغة الرئيس‪.‬‬
‫ال يزال إضراب جنرال موتورز لم تتم تسويته واستمر لمدة أربعة أشهر‪ ،‬مما كلف العمال ما يقدر‬
‫أخيرا بزيادة قدرها ‪18/2‬‬
‫ً‬ ‫بنحو ‪130‬مليون دوالر والشركة ‪600‬مليون دوالر‪ ،‬قبل توقيع عقد جديد‬
‫سنت ًا في الساعة ‪.‬لقد استغرق عمال الكهرباء أيضًا وقت ًا طويالً في التوصل إلى اتفاق مع أصحاب‬
‫عملهم‪ ،‬ولكن هنا أيضًا تم التوصل إلى حل نهائي على األساس المقبول اآلن لتعديالت األجور العامة ‪.‬‬
‫بحلول منتصف مارس‪ ،‬انخفض عدد المضربين في جميع أنحاء البالد إلى أقل من ‪200‬ألف وتم حل‬
‫األزمة التي كانت تواجه البالد في بداية العام ‪.‬لقد تعرض برنامج إعادة التحويل النتكاسة خطيرة‪ ،‬لكن‬
‫مرونة االقتصاد الوطني أثبتت نفسها بسرعة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يظل السؤال قائما ‪:‬ما إذا كان قد تم دفع ثمن باهظ للغاية من أجل السالم الصناعي ‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬طالب العمال في صناعات أخرى غير تلك المشاركة في موجة اإلضرابات بزيادات لرفع‬
‫أجورهم إلى المستوى الذي أوصت به مجالس تقصي الحقائق‪ ،‬ولم يكن أمام أصحاب العمل بديل يذكر‬
‫في ظل هذه الظروف لمنح هذه الزيادات ‪.‬وقد قدم المجلس الوطني لتثبيت األجور حوالي ‪4000‬اتفاقية‬
‫طوعية للموافقة عليها خالل شهر أبريل‪ ،‬وقد‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪363‬‬
‫تم تقدير متوسط الزيادة للعاملين بأجر صناعي ككل في هذه الفترة بحوالي ‪11‬في المائة‪.‬‬
‫فهل تستطيع الجهود الرامية إلى الحفاظ على برنامج فعال للتحكم في األسعار أن تتحمل الضغوط‬
‫التضخمية حتى هذه الزيادات المحدودة نسبيا ً في األجور؟ وكانت هناك إشارات خطر واضحة ‪.‬ومع ذلك‬
‫ظل الرئيس ترومان واثقا ‪.‬واعترف في وصف سياسته الجديدة لألجور واألسعار قائالً" ‪:‬هناك انتفاخ‬
‫في الصف‪ ،‬ولكن إذا تعاونتم جميعا ً معي‪ ،‬فلن يكون هناك أي اختراق‪".‬‬

‫لكن النهاية لم تكن بعد ‪.‬لم تكد هذه اإلضرابات األولى تنتهي بمثل هذه المكاسب الواضحة للعمال‬
‫حتى حدث االنهيار الحتمي في المفاوضات بشأن عقد جديد لعمال مناجم الفحم ‪.‬لم يكن من المتوقع أن‬
‫يتنحى لويس جان ًبا‪ ،‬ومع إحساسه الذكي المعتاد بالتوقيت‪ ،‬أصبح اآلن مستعدًا لجعل مدير تكنولوجيا‬
‫المعلومات أفضل في طلباته ‪.‬وكانت الزيادات في األجور‪ ،‬كما هو الحال دائما‪ ،‬هي جوهر المسألة‪،‬‬
‫ولكن عندما وافق المشغلون على قبول الصيغة الرئاسية الجديدة‪ ،‬أصر على ضمانات إضافية لظروف‬
‫العمل ومساهمات في حقوق الملكية قدرها سبعة سنتات للطن على كل الفحم الذي تم حفره‪ ،‬على أن يتم‬
‫دفعها ‪.‬في صندوق رعاية عمال المناجم العام ‪.‬وعندما رفضت اإلدارة‪ ،‬معلنة أن اإلتاوات ستتكلف ‪60‬‬
‫مليون دوالر سنويًا‪ ،‬انسحب لويس فجأة من المؤتمر ‪.‬ونُقل عنه قوله" ‪:‬يوم جيد أيها السادة" ‪".‬نحن‬
‫على ثقة من أن الوقت‪ ،‬ألنه يقلص محفظتك‪ ،‬قد يغير أغراضك البخيلة والمعادية للمجتمع "‪.‬في األول‬
‫من أبريل‪ ،‬كان حوالي ‪ 400‬ألف من عمال المناجم في البلدات الصغيرة الكئيبة في غرب بنسلفانيا‬
‫وغرب فيرجينيا وأالباما وكنتاكي وإلينوي وأيوا مرة أخرى في إجازة من منزل األعمدة واألعمدة‬
‫والكسارات‪.‬‬
‫وقد تكرر نمط ضربات الفحم السابقة بشكل وثيق ‪.‬لم تصل العروض والعروض المضادة إلى أي‬
‫مكان‪ ،‬وفشلت محاوالت الوساطة تما ًما‪ ،‬وسرعان ما انهارت هدنة مؤقتة‪ ،‬وزعيم عمال المناجم‬
‫دوالرا في‬
‫ً‬ ‫دوالرا إلى ‪63‬‬
‫ً‬ ‫العنيد‪ ،‬الذي نجح من خالل تكتيكاته في رفع األجور في حقول الفحم من ‪15‬‬
‫العام‪ ،‬في األسبوع الماضي خالل الثالثة عشر عا ًما الماضية‪ ،‬تمسك بمطالبه في تح ٍد معتاد للمشغلين‬
‫والحكومة والرأي العام ‪ .‬ومع تضاؤل إمدادات الفحم فوق األرض إلى ثالثة أسابيع‪ ،‬أصبحت صناعة‬
‫الصلب قادرة على العمل بما يزيد قليالً عن نصف الطاقة العادية ‪.‬تم إعالن حظر على مستوى البالد‬
‫على نقل البضائع‬
‫‪364‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫‪ ،‬واضطرت المدن من الساحل إلى الساحل إلى إصدار مرسوم بالتوقف عن العمل للحفاظ على الوقود‬
‫للمرافق العامة‪.‬‬
‫وعندما انهارت مرة أخرى المفاوضات التي استؤنفت خالل هدنة استمرت اثني عشر يو ًما في‬
‫مايو‪/‬أيار‪ ،‬أجبرت حالة الطوارئ المتزايدة الحكومة على التدخل وتمت مصادرة المناجم بموجب سلطة‬
‫ما أدانه لويس باعتباره "قانون سميث‪-‬كونالي سيئ السمعة ‪".‬ثم تم نقل المزيد من الجهود للتوصل‬
‫أخيرا إلى اتفاق بين‬
‫ً‬ ‫إلى تسوية‪ ،‬كما حدث خالل أيام الحرب‪ ،‬إلى مكتب وزير الداخلية وتم التوصل‬
‫الحكومة والنقابة ‪ُ .‬منح عمال المناجم زيادة في األجور قدرها ‪18/2‬سنتًا في الساعة‪ ،‬وكان من المقرر‬
‫تطبيق لوائح السال مة الفيدرالية في جميع أنحاء حقول المناجم‪ ،‬وكان من المقرر دفع رسوم قدرها‬
‫خمسة سنتات للطن إلى صندوق رعاية اجتماعية يُدار بشكل مشترك ‪.‬من قبل المشغلين والنقابة ‪.‬لقد‬
‫انتصارا‬
‫ً‬ ‫قدم لويس بعض التنازالت فيما يتعلق بصندوق الرعاية االجتماعية‪ ،‬لكنه حقق بشكل عام‬
‫مذهالً آخر ‪.‬أعلن االتحاد بفخر عن "أعظم المكاسب االقتصادية واالجتماعية التي سجلها اتحاد العمال‬
‫المهاجرين في اتفاقية أجر واحد منذ والدة االتحاد في عام ‪1890".‬‬
‫وقد تم التوصل إلى هذه التسوية على خلفية إضراب آخر طغى في آثاره الدراماتيكية على كل‬
‫اإلضرابات األخرى في هذا العام المضطرب ‪.‬لقد انهارت مفاوضات األجور بين عمال السكك الحديدية‬
‫وشركات النقل ‪.‬لقد فشلت اآللية المعقدة لقانون العمل بالسكك الحديدية مرة أخرى في تجنب أزمة تهدد‬
‫صحة ورفاهية وسالمة الناس‪ ،‬حتى أكثر من توقف العمل في الصلب والفحم ‪.‬إن إضراب السكك‬
‫الحديدية في اقتصادنا المتماسك ال يمكن إال أن يكون له آثار كارثية تقريبا‪ ،‬ومع ذلك يبدو أنه وشيك ما‬
‫أخيرا في وضع شروط‬ ‫ً‬ ‫لم تجد الحكومة في الوقت المناسب بعض الوسائل لمنعه ‪.‬نجح مجلس الطوارئ‬
‫مقبولة للنقابات غير العاملة واثنتين من نقابات السكك الحديدية‪ ،‬التي وافقت على التحكيم في قضية‬
‫األجور وتأجيل مطالبهم بتغيير القواعد‪ ،‬ولكن هذه المرة عمال السكك الحديدية ومهندسي القاطرات ‪-‬‬
‫ما يقرب من ‪300000‬قوي ‪-‬رفضوا االنضمام إليهم ‪.‬وصدرت أوامر اإلضراب لتصبح سارية المفعول‬
‫في ‪18‬مايو‪.‬‬
‫أصدر ترومان على الفور أوامره باالستيالء على خطوط السكك الحديدية‪ ،‬كما فعل روز فيلت في‬
‫عام ‪ 1943.‬وتم االستيالء عليها في اليوم السابق للجدول الزمني لإلضراب ونجح الرئيس في الفوز‬
‫بتأجيل أي توقف لمدة خمسة أيام ‪.‬ولكن في حين وافقت جميع النقابات األخرى في هذه‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪365‬‬
‫الفترة على قبول منح مجلس اإلدارة زيادات فورية في األجور‪ ،‬فإن عمال القطارات والمهندسين لم‬
‫يتزحزحوا عن موقفهم بشأن الحاجة الفورية لتغيير القواعد باإلضافة إلى تعديالت األجور ‪.‬في ‪23‬‬
‫مايو‪ ،‬دخل اإلضراب حيز التنفيذ ‪.‬توقفت جميع وسائل النقل بالسكك الحديدية حيث أكمل المهندسون‬
‫رحلتهم ورفضوا ركوب أي قطارات أخرى‪.‬‬
‫وفي اليوم ال تالي‪ ،‬ظهر الرئيس على الهواء في بث على مستوى البالد‪ ،‬وناشد عمال القطارات‬
‫والمهندسين تجاهل أوامر قادة نقاباتهم والعودة إلى العمل ‪.‬وأعلن أن “اإلضراب هو إضراب ضد‬
‫حكومتكم … ‪.‬عليها أن تواجه التحدي أو تعترف بعجزها ‪”.‬ثم تم تقديم إنذار نهائي للرجال ‪.‬وقد‬
‫عرضت عليه م نفس الشروط التي قبلتها النقابات األخرى‪ ،‬ولكن إذا لم يعودوا إلى العمل بحلول الساعة‬
‫الرابعة بعد ظهر اليوم التالي‪ ،‬فإن الحكومة سوف تتعهد بتشغيل السكك الحديدية وتوفير حماية القوات‬
‫المسلحة "لكل رجل يعمل ‪".‬يستجيب لنداء بالده في ساعة الحاجة هذه‪”.‬‬
‫ال يزال قادة النقابات المتمردون‪ ،‬ألفانلي جونستون من شركة ‪Loco Motive Engineers‬‬
‫و ‪ AF Whitney‬من عمال السكك الحديدية‪ ،‬لم يتخذوا أي خطوة الستدعاء رجالهم للعودة إلى‬
‫العمل ‪.‬تم إعداد التدابير على الفور لتنفيذ اإلضراب األكثر جذرية الذي تم التخطيط له منذ إجراءات‬
‫األمر القضائي قبل ربع قرن من الزمن‪ ،‬وانتظرت البالد بأكملها بحماس مع اقتراب الموعد النهائي‬
‫لإلنذار النهائي وتوجه الرئيس أمام الكونجرس ليطلب من مؤلف محدد لسياسته ‪.‬لقد كانت جلسة‬
‫مشتركة خاصة –متوترة ومترقبة‪.‬‬
‫بدأ ترومان بإدانة قادة اإلضراب الفتقارهم إلى الوطنية ‪.‬وأعلن أن انهيار المفاوضات يرجع بالكامل‬
‫إلى "الغطرسة العنيدة لرجلين ‪".‬وطلب سلطة مؤقتة لتقديم طلب للحصول على أمر قضائي ضد قادة‬
‫اإلضراب في أي حالة طوارئ تهدد الصالح العام‪ ،‬مع سلطة حرمان المضربين أنفسهم من حقوق‬
‫األقدمية وتجنيدهم في القوات المسلحة في حالة قيامهم باإلضراب ضد الحكومة ‪.‬في هذه المرحلة من‬
‫خطابه تمت مقاطعته فجأة ‪.‬سلمه أحد الموظفين مذكرة مكتوبة على عجل‪ ،‬ووسط الصمت المطبق‬
‫أعلن بهدوء" ‪:‬لقد وردت للتو أنباء مفادها أن إضراب السكك الحديدية قد تمت تسويته وف ًقا للشروط‬
‫التي اقترحها الرئيس ‪".‬ولكن عندما تالشت الهتافات شبه الهستيرية التي استقبلت هذا اإلعالن‪،‬‬
‫واصل ترومان‬
‫‪366‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫بيانه المعد بهدوء ‪ .‬ولم يغير موقفه بأي حال من األحوال‪ ،‬بل أخبر الكونجرس أنه على الرغم من أن‬
‫اإلجراءات التي اقترحها قد تبدو جذرية‪ ،‬إال أن الوضع يتطلب مثل هذه الخطوات لمواجهة أزمة فورية‪.‬‬
‫فهل كان الرئيس يعلم أن اإلضراب قد تم إلغاؤه قبل مثوله أمام الكونجرس؟ أثار تصرفه جدالً حادًا‪،‬‬
‫حيث اتهم السيناتور مورس مستشاري البيت األبيض بأنهم كانوا على علم قبل الظهر بأن الجماعتين‬
‫قررتا االستسالم وأن الرئيس قد حجب حقائق حيوية للمساهمة في الهستيريا المناهضة للعمال التي‬
‫كان يعتمد عليها ‪.‬لتمرير مشروع القانون الخاص به" ‪.‬كان أحد أرخص المعارض التي رأيتها على‬
‫اإلطالق لتمثيل لحم الخنزير "هو التوصيف الصريح الذي قدمه السيناتور للخطاب المتقطع ‪.‬ومع ذلك‪،‬‬
‫فإن توقيت األحداث كان متقاربا ً للغاية بحيث ال يمكن تحليله بدقة ‪.‬تم التوقيع على االتفاقية الفعلية بين‬
‫النقابات والناقلين الساعة ‪3:55‬مسا ًء ‪.‬م‪ ،.‬تم إلغاء اإلضراب رسميًا في الساعة ‪3:57‬وصدر إعالن‬
‫ترومان في الساعة ‪4:10.‬‬
‫استجاب مجلس النواب على الفور لنداء الرئيس وأقر على عجل مشروع قانون يجسد مقترحاته‬
‫بأغلبية ساحقة بلغت ‪306‬مقابل ‪13.‬ولكن مع تسوية إضراب السكك الحديدية نفسه اآلن‪ ،‬نشأت‬
‫معارضة قوية في مجلس الشيوخ ‪.‬وفي تحول مثير للسخرية في االصطفافات المعتادة‪ ،‬أخذ‬
‫الجمهوريون المحافظون‪ ،‬وال سيما السيناتور تافت‪ ،‬زمام المبادرة في إدانة إجراءات العمل اإلدارية‬
‫باعتبارها غير عادلة للعمال وانتهاكًا لحرياتهم المدنية ‪.‬وبتحريض منهم‪ ،‬تم تعديل مشروع قانون‬
‫سمح له بالموت في اللجنة‪.‬‬‫مجلس النواب بشكل أساسي في البداية‪ ،‬ثم مع استمرار المعارضة‪ُ ،‬‬
‫كانت الهجمات على برنامج ترومان شديدة في الدوائر الليبرالية والعمالية ‪.‬واتهم الرئيس باالنقالب‬
‫التام على النقابات ‪.‬لقد تعرض لهجوم شديد في مؤتمر مديري تكنولوجيا المعلومات باعتباره "الرجل‬
‫رقم ‪ 1‬الذي يكسر اإلضرابات بين المصرفيين وعمال السكك الحديدية األمريكيين"‪ ،‬في حين وصفه‬
‫الزعيم الغاضب لعمال السكك الحديدية‪ ،‬إيه إف ويتني‪ ،‬بمرارة بأنه "حادث سياسي ‪".‬تم التعهد‬
‫باالستخدام الكامل لمبلغ ‪47.000.000‬دوالر في خزانة االتحاد لهزيمة ترومان في حالة سعيه إلعادة‬
‫انتخابه‪.‬‬
‫كان هناك عدد قليل من اإلضرابات الفعلية أو المهددة خالل صيف عام ‪1946.‬وكانت النزاعات‬
‫البحرية شديدة التدخل‪ ،‬والتي شارك فيها البحارة وعمال التحميل والتفريغ المنتمين إلى كل من نقابات‬
‫‪AF of L.‬و ‪CIO‬على سواحل المحيط األطلسي والمحيط الهادئ‪ ،‬لبعض الوقت بشكل خاص ‪.‬‬
‫إزعاج جي ‪.‬ولكن تم تجنب االرتباط الكامل لجميع عمليات الشحن في اللحظة األخيرة تقري ًبا ‪.‬وتراوحت‬
‫الخالفات األخرى بين الطلب من جانب‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪367‬‬
‫طياري الطائرات النقابيين في ‪TWA‬بمستوى راتب قدره ‪20‬ألف دوالر‪ ،‬إلى نزاع قضائي في هولي‬
‫وود وجد أن فناني الماكياج ومصففي الشعر يصطفون ضد عمالء الصور المتحركة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فقد‬
‫تراجعت اإلضرابات في الصناعات الكبرى‪ ،‬وأصبحت البالد قادرة على التنفس بسهولة أكبر‪.‬‬
‫شهرا منذ يوم ‪VJ‬محط ًما ‪.‬تم اإلبالغ عن ما ال يقل عن ‪4.630‬حالة‬‫ً‬ ‫كان سجل فترة االثني عشر‬
‫توقف عن العمل‪ ،‬وتجاوز إجمالي عدد العمال المضربين خمسة ماليين‪ ،‬مع ‪120.000.000‬يوم‬
‫عاطل ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من كل االنقطاعات التي فرضتها هذه اإلضرابات على برنامج إعادة‬
‫التحويل‪ ،‬فإن اإلنتاج والتوظيف كانا في الواقع سيحققان مستويات جديدة في زمن السلم ‪.‬فبدالً من أن‬
‫يبحث ماليين العمال عن وظائف غير موجودة‪ ،‬كما كان متوقعا ً بشكل عام‪ ،‬تم استيعاب أعضاء القوات‬
‫المسلحة المسرحين إلى حد كبير في الصناعة ‪.‬ارتفعت قوة العمل المدنية المستخدمة بحلول نهاية عام‬
‫‪1946‬إلى رقم قياسي بلغ ‪55‬مليونًا‪.‬‬

‫إن النجاح الذي صاحب عملية إعادة التحويل الصناعي لم يكن من الممكن أن يضاهيه برنامج‬
‫الحفاظ على خط المواجهة ضد التضخم ‪.‬وبعد أن فاز العمال بزيادات في األجور‪ ،‬أصبحوا على استعداد‬
‫لدعم استمرار مراقبة األسعار بحماس ‪.‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فضلت الصناعة بقوة التخلي عنها‪ ،‬بحجة‬
‫أن اإلنتاج قد تم كبحه وأن أفضل طريقة لتحقيق التوازن في االقتصاد الوطني هي السماح بإطالق‬
‫العنان للقوى التنافسية الطبيعية ‪.‬ولكن هل ستظل األسعار مستقرة خالل الفترة التي يحتاج فيها اإلنتاج‬
‫إلى اللحاق بطلب المستهلكين على السلع التي لم تكن متوفرة أثناء الحرب؟ أعلن حزب العمال أنه إذا‬
‫ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل أكبر‪ ،‬فسيكون من الضروري زيادة األجور الجديدة ‪.‬وقد حذر الرئيس‬
‫موراي من مدير تكنولوجيا المعلومات صراحة من أن التسويات في أوائل عام ‪1946‬قد تم قبولها‬
‫"فقط بموجب تعهد وضمانات اإلدارة الحالية باإلبقاء على خط األسعار‪".‬‬
‫يبدو أن برنامج التثبيت ال يزال يعمل في منتصف الصيف على الرغم من االنتفاخ المعترف به في‬
‫الخط ‪ .‬كان مؤشر أسعار المستهلك أعلى بعشر نقاط عما كان عليه عندما أعلن الرئيس روزفلت أمره‬
‫باالحتفاظ بالخط في أبريل ‪ ،1943‬لكن االرتفاع منذ االنتصار النهائي على اليابان لم يتجاوز أربع نقاط‬
‫على الرغم من التنازالت التي تم تقديمها لدعم زيادة األجور ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذا االستقرار النسبي في‬
‫‪368‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عالقات األسعار واألجور لم يدم طويالً‪ ،‬حيث هاجم معارضو التنظيم الحالي سياسة الحكومة‪.‬‬
‫أدت المبارزة السياسية بين اإلدارة وخصومها السياسيين إلى اتهامات ساخنة واتهامات مضادة‬
‫حول المسؤولية عما كان يحدث‪ ،‬حيث تم تعليق ضوابط ‪OPA‬ألول مرة‪ ،‬ثم أعيد فرضها جزئيًا ثم‬
‫سمح لها في النهاية باالنتهاء ‪.‬وبحلول أكتوبر ‪ ،1946‬على أية حال‪ ،‬كان برنامج االستقرار برمته قد‬‫ُ‬
‫ً‬
‫تاريخا وكانت تكاليف المعيشة ترتفع بشكل مذهل ‪.‬وكان مؤشر أسعار المستهلكين قد قفز بالفعل‬ ‫أصبح‬
‫سبع نقاط في يوليو وأربع نقاط أخرى في سبتمبر ‪.‬وفي نهاية العام كان أعلى بعشرين نقطة من‬
‫مستويات منتصف الصيف ‪.‬وببلوغه ‪ ،153‬كان االرتفاع في ستة أشهر أكبر مما كان عليه في فترة‬
‫الثالث سنوات بأكملها التي كانت فيها ضوابط ‪OPA‬سارية‪.‬‬
‫ونسبت الصناعة قسطا كبيرا من المسؤولية إلى العمال بسبب زيادة األجور؛ وأكد حزب العمال أن‬
‫الصناعة هي المسؤولة عن جشعها لتحقيق األرباح ‪.‬وفي خضم العداء المتصاعد‪ ،‬كانت كلتا‬
‫المجموعتين تميالن إلى نسيان أن زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة ‪34%‬كانت إلى حد بعيد العامل‬
‫مريرا وغير حاسم على اإلطالق ‪.‬وكانت‬ ‫ً‬ ‫األكبر الذي ساهم في ارتفاع تكاليف المعيشة ‪.‬كان النقاش‬
‫الحقيقة الوحيدة التي برزت من ضباب الجدل هي الحقيقة التي ال تقبل الشك وهي ارتفاع التضخم إلى‬
‫عنان السماء‪.‬‬
‫وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من أن زيادة األجور في ظل هذه الظروف ستكون بمثابة دعوة‬
‫مفتوحة لمزيد من ارتفاع األسعار‪ ،‬فقد أصبح العمل مضطربًا بشكل متزايد ‪.‬بدأ اتحاد تلو اآلخر في‬
‫تمهيد الطريق لمطالب جديدة باعتبارها الوسيلة الوحيدة لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة ‪.‬مع مطالبة‬
‫كل من عمال السيارات وعمال الصلب بإعادة النظر في العقود الحالية‪ ،‬تم تمهيد الطريق بحلول خريف‬
‫عام ‪1946‬لتحدي آخر للصناعة ‪.‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن الشرف المريب المتمثل في إطالق هذه الجولة الثانية‬
‫من مطالب األجور لم يقع على عاتق نقابات مديري تكنولوجيا المعلومات ‪.‬أخذ لويس الكرة فجأة ‪.‬وفي‬
‫تشرين الثاني (نوفمبر)‪ ،‬وجدت األمة نفسها في مواجهة أزمة الفحم مرة أخرى ‪-‬وللمرة الثامنة خالل‬
‫خمس سنوات‪.‬‬
‫لقد انهارت كل الجهود المبذولة للتفاوض على عقد بين عمال المناجم والمشغلين ليحل محل العقد‬
‫المبرم مع الحكومة في وقت سابق من العام" ‪.‬نحن ال نقترح"‪ ،‬صرح لويس عند رفض عروض‬
‫المشغلين‪" ،‬أن يتم دفعنا مثل الوحوش البكم إلى مسلخ الخنق البطيء من خالل اقتراحك ‪".‬اتخذ عمال‬
‫المناجم المتحدون موقفًا مفاده أن التغيرات في العالقة بين السعر واألجور أجبرت اآلن على مراجعة‬
‫العقد الحكومي‪ ،‬وطرحت قواعد جديدة‪.‬‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪369‬‬
‫مطالب بزيادة األجور وتخفيض يوم العمل ‪.‬رفض وزير الداخلية كروج النظر في إعادة فتح العقد ‪.‬‬
‫وأصر على أنه ساري المفعول طوال فترة التشغيل الحكومي للمناجم ونفى أن يكون لعمال المناجم أي‬
‫حق قانوني في اإلضراب ‪.‬وعندما أصر لويس على موقفه وبدأ عمال المناجم في ترك وظائفهم تحت‬
‫الشعار المألوف "ال عقد‪ ،‬ال عمل"‪ ،‬تقدم كروغ بطلب إلى القاضي تي ‪.‬آالن جولدسبورو‪ ،‬من المحكمة‬
‫الفيدرالية في واشنطن‪ ،‬للحصول على أمر قضائي بتقييد جميع عمليات التعدين ‪.‬نشاط اإلضراب ‪.‬‬
‫وكانت القضية المطروحة حرجة ‪ .‬عاقدة العزم هذه المرة على عدم إفساح المجال أمام لويس‪،‬‬
‫زعمت الحكومة أن تصرف عمال المناجم باالبتعاد عن الحفر كان بمثابة إضراب يعرض الصالح العام‬
‫للخطر الشديد ويخضع بشكل صحيح إلجراءات اإلنذار القضائي ‪.‬وقد أثبتت النقابة بقوة أن أي تحرك‬
‫من هذا القبيل يتعارض تما ًما مع أحكام قانون نوريس ال غوارديا‪ ،‬الذي يحظر استخدام تقاطعات الطرق‬
‫في نزاعات العمل‪ ،‬وأن إضرابها لم يكن ضد الحكومة ألن وزارة الداخلية وكانت السيطرة على المناجم‬
‫اسمية ‪ .‬ومع استمرار التوقف عن العمل في مواجهة أمر تقييدي مؤقت‪ ،‬انتقلت تسوية المسألة‬
‫وضوحا الذي لم‬
‫ً‬ ‫األساسية إلى المحاكم ‪.‬انتظرت البالد بأكملها بفارغ الصبر نتيجة الصراع األكثر‬
‫يتطور ب عد بين رئيس الواليات المتحدة ورئيس اتحاد عمال المناجم المتحدين‪.‬‬
‫كانت اإلجراءات القانونية معقدة ولكن النتيجة النهائية كانت أن القاضي جولدسبورو حكم بأن‬
‫قانون نوريس ال غوارديا ال ينطبق على قضية كانت فيها الحكومة طرفًا في النزاع‪ ،‬وأنه في ممارسة‬
‫سلطتها السيادية يمكن للحكومة أن تحظر النقابة إلنقاذ المجتمع من "كارثة عامة ‪".‬عندما ظل لويس‬
‫يرفض االنصياع ألوامر المحكمة‪ ،‬تم االستشهاد به بتهمة ازدراء المحكمة وبعد المحاكمة الرسمية في‬
‫‪4‬ديسمبر‪ ،‬أدين ‪.‬تم تغريم شركة ‪United Mine Workers‬بمبلغ ‪3500000‬دوالر ولويس نفسه‬
‫بمبلغ ‪10000‬دوالر‪.‬‬
‫وفي الجو العاطفي الشديد الذي خلقته هذه التطورات‪ ،‬كان الجدل حول استخدام األمر الزجري أكثر‬
‫شراسة من الخالفات السابقة حول موقف عمال المناجم ‪.‬أعلن لويس في المحكمة أنه ال يستطيع‬
‫اإلذعان "لما يجب وصفه باالنتعاش القبيح لـ "الحكومة عن طريق األوامر القضائية"‪" ،‬وتمسك‬
‫حزب العمال عمو ًما بموقفه تجاه كل ما يعانيه من عدم شعبيته الشخصية في كل من ‪AF of L.‬و‬
‫‪CIO On‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن وصف القاضي جولدسبورو‬
‫‪370‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫لإلضراب بأنه "شيء شرير‪ ،‬شيطاني‪ ،‬وحشي ‪...‬تهديد للحكومة الديمقراطية نفسها "حظي برد شعبي‬
‫واسع ‪.‬لبعض الوقت ظل عمال المناجم بعيدًا عن الحفر‪ ،‬ولكن بعد ثالثة أيام من اتهامه باالزدراء‪،‬‬
‫أمرهم لويس بالعودة إلى العمل في هدنة أخرى من هدناته المؤقتة ‪.‬وتم اتخاذ الترتيبات الالزمة‬
‫الستئناف القضية على الفور أمام المحكمة العليا‪ ،‬وذكر أنه يتمنى أن تكون حرة في مداوالتها "من‬
‫الضغوط العامة الناجمة عن الهستيريا وجنون األزمة االقتصادية‪".‬‬
‫أيدت المحكمة العليا في النهاية القاضي جولدسبورو في إصدار األمر الزجري وفي العثور على‬
‫لويس وعمال المناجم المتحدين في ازدراء لعصيانه ‪.‬تم التأكيد على هذا المبدأ بوضوح‪ ،‬على الرغم من‬
‫صدور قرار بأغلبية خمسة أصوات مقابل أربعة‪ ،‬وهو أن قانون نوريس ال غوارديا ال يمكن أن يمنع‬
‫الحكومة من طلب إصدار أمر قضائي عندما يهدد اإلضراب الرفاهية واألمن الوطنيين ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬تم‬
‫تخفيض الغرامة المفروضة على عمال المناجم المتحدين إلى ‪700‬ألف دوالر بشرط إلغاء اإلضراب‬
‫أخيرا مثل هذه األوامر‪.‬‬
‫ً‬ ‫نهائيًا‪ ،‬وفي ‪19‬مارس أصدر لويس‬
‫لقد اضطر إلى التراجع مؤقت ًا ولكن قدرته على المساومة مع مشغلي الفحم لم تتأثر بشكل كبير ‪.‬‬
‫عندما أدى انتهاء قانون سميث كونالي إلى إعادة المناجم إلى السيطرة الخاصة في ‪30‬يونيو ‪،1947‬‬
‫نجح في الفوز بعقد جديد لرفع األجور وتقليل ساعات العمل وزيادة مساهمة حقوق الملكية في صندوق‬
‫رعاية عمال المناجم‪.‬‬

‫قبل التسوية النهائية للجدل حول الفحم‪ ،‬تم تناول الجولة الثانية من مطالب األجور من قبل نقابات‬
‫أخرى في ظل ظروف توازي إلى حد ما الوضع في العام السابق ‪.‬ارتفعت تكلفة المعيشة بنسبة ثمانية‬
‫عشر في المائة إضافية منذ أوائل عام ‪ ،1946‬ومع استمرار االتجاه التضخمي‪ ،‬شعر العمال مرة أخرى‬
‫أن مصالحهم يتم تجاهلها بينما تتزايد أرباح األعمال ‪.‬وكان الطلب المطروح عمو ًما اآلن هو تحقيق‬
‫مزيد من التقدم بنحو ثالثة وعشرين في المائة‪ ،‬وأصر العمال مرة أخرى ‪-‬من خالل تحليالت اقتصادية‬
‫مثل التقرير الشهير الذي أعده روبرت ر ‪.‬ناثان الذي يسعى إلى إثبات أن أرباح األعمال التجارية قد‬
‫ارتفعت بالفعل بنسبة خمسين في المائة ‪-‬على قدرة الصناعة على منح مثل هذه االمتيازات دون رفع‬
‫األسعار ‪.‬لقد كررت اإلدارة ببساطة وجهة نظرها بأن الزيادات اإلضافية في األجور‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪371‬‬
‫تعني حتما ً ارتفاع األسعار ‪.‬وبدا أن البالد وقعت في دائرة تضخمية مفرغة ‪.‬وسواء حققت الصناعة‬
‫أسعارا‬
‫ً‬ ‫أربا ًحا أكبر أو حصلت العمالة على أجور أعلى‪ ،‬فإن الجمهور المستهلك وجد نفسه يدفع‬
‫متزايدة باستمرار ‪.‬وبدا أنه ليس هناك شك في أن العمال أنفسهم كانوا يعانون كمستهلكين أكثر مما‬
‫كانوا يكسبون كعمال ذوي أجور عالية‪ ،‬لكن الضغط المباشر لتكلفة المعيشة دفعهم بال هوادة إلى تقديم‬
‫مطالب جديدة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان مزاج العمال واإلدارة أكثر تصال ًحا في عام ‪1947‬مما كان عليه في عام ‪1946.‬ولم‬
‫تعد قضية األمن النقابي‪ ،‬التي ك انت على المحك في العام السابق مثل األجور‪ ،‬حيوية للغاية ‪.‬لقد أثبت‬
‫حزب العمل قوته ‪.‬ولم يكن أي من طرفي النزاع الدائم حول األجور يرغب في رؤية اندالع آخر‬
‫لإلضرابات التي كانت ضارة للغاية لجميع األطراف المعنية ‪.‬ونتيجة لذلك‪ ،‬نجحت المفاوضة الجماعية‬
‫في التوصل إلى تسويات مقبولة في الصناعات الكبرى‪ ،‬حيث تمثل التسويات زيادة قدرها ‪15‬سنتا ً في‬
‫الساعة في المتوسط‪.‬‬
‫كبيرا‪ ،‬إال أنه ال يعني أن العمال قد استعادوا مكانتهم في زمن الحرب ‪.‬وأدى‬
‫ورغم أن هذا كان تقد ًما ً‬
‫استمرار التضخم إلى إبطال مكاسبه جزئيا ‪.‬كان على وزير العمل أن يذكر في تقريره السنوي أنه بينما‬
‫دوالرا إلى‬
‫ً‬ ‫ارتفع متوسط األجر األسبوعي في التصنيع بين يونيو ‪1946‬ويونيو ‪ ،1947‬من ‪43.31‬‬
‫دوالرا‪ ،‬إال أنه انخفض في الواقع بنسبة ‪5‬في المائة في القدرة الشرائية ‪.‬وأعلن أن "الزيادة‬
‫ً‬ ‫‪49.53‬‬
‫في تكاليف المعيشة قضت على كل المكاسب التي حققتها الزيادات في األجور في الفترة ‪1946-1947‬‬
‫وجزء كبير من مكاسب العاملين بأجر منذ بيرل هاربور ‪".‬ومقابل متوسط دخل سنوي يبلغ حوالي‬
‫‪2000‬دوالر‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬أفاد مكتب إحصاءات العمل أنه في يونيو ‪ ،1947‬كان متوسط الميزانية‬
‫ألسرة مكونة من أربعة أفراد‪ ،‬وهي كافية لتوفير الصحة والراحة المعقولة‪ ،‬يتراوح في المدن في جميع‬
‫دوالرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أنحاء البالد من ‪3004‬دوالرات ‪.‬إلى ‪3458‬‬
‫بعد تسويات األجور هذه‪ ،‬كانت هناك نزاعات أدت إلى إضرابات بين البحارة وعمال التحميل‬
‫والتفريغ‪ ،‬وكذلك عمال أحواض بناء السفن‪ ،‬الذين أصبحوا مرة أخرى متورطين بشكل ال ينفصم في‬
‫الخالفات بين النقابات ‪.‬أدى إضراب عمال الهاتف لبعض الوقت إلى تقييد االتصاالت عندما تم تقديم‬
‫طلب غير ناجح إلبرام اتفاقيات على مستوى الدولة ‪.‬لكن الصورة العامة خالل عام ‪1947‬كانت صورة‬
‫سالم صناعي نسبي ‪.‬في األشهر الستة األولى‪ ،‬بلغ الوقت الضائع بسبب التوقف عن العمل ‪0.5%‬فقط‬
‫من إجمالي وقت العمل‪ ،‬مقارنة بنسبة ‪2.4%‬في الفترة المماثلة من عام ‪1946.‬ولم تشهد األشهر‬
‫التالية أي إضرابات على المستوى الوطني أو على مستوى الصناعة على اإلطالق‪.‬‬
‫‪372‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫وعلى الرغم من كل هذا التحسن في الوضع العام‪ ،‬فإن الجمهور الذي شاهد العمل المنظم وهو‬
‫يوقف برنامج إعادة التحويل تقريبًا لم يكن راض ًيا عن ترك األمور كما هي ‪.‬إن المشاعر المناهضة‬
‫للنقابات التي كانت واضحة خالل السنوات األخيرة من الحرب قد تفاقمت إلى حد كبير بسبب اإلضرابات‬
‫التي اندلعت في الصناعات الكبرى في عام ‪1946‬مع هذا التجاهل التام على ما يبدو للمصلحة العامة ‪.‬‬
‫وإذا تم تعزيز هذا العداء تجاه العمال مرة أخرى من قبل عدد قليل من العناصر الرجعية التي ال تزال‬
‫تعارض التنظيم النقابي من حيث المبدأ‪ ،‬فإن الشعب األمريكي اتخذ على نطاق واسع الموقف‪ ،‬كما‬
‫أظهرت استطالعات الرأي العام المتكررة‪ ،‬بأن القيادة العمالية فشلت في إظهار المسؤولية التي‬
‫تتناسب مع قوتها ‪.‬وكان هناك شعور بأن اإلضرابات الوطنية التي تهدد الصحة والسالمة العامة‪ ،‬سواء‬
‫في الفحم أو السكك الحديدية أو الصلب أو غيرها من الصناعات الكبرى‪ ،‬خطيرة للغاية بحيث ال يمكن‬
‫التسامح معها ‪ .‬كان هناك اقتناع متزايد بضرورة إيجاد الوسائل بطريقة أو بأخرى لمنع أي هيمنة‬
‫تعسفية على النظام االقتصادي للبالد من قبل أقلية منظمة على الرغم من أنها كانت تمثيلية على نطاق‬
‫واسع مثل العمل ‪.‬في الماضي‪ ،‬اضطر ت الحكومة إلى تأكيد سلطتها على الشركات الكبرى؛ لقد أصبح‬
‫مطلوبًا منها اآلن مواجهة تحدي مماثل من جانب النقابات الكبرى‪.‬‬
‫وقد انعكس هذا المطلب الشعبي بفرض ضوابط أكثر فعالية على النقابات العمالية مرة أخرى في‬
‫الكونجرس ‪.‬إن حركة تعديل قانون فاغنر‪ ،‬الذي يحظر فقط ممارسات العمل غير العادلة التي يرتكبها‬
‫أصحاب العمل‪ ،‬وصلت إلى ذروتها ألول مرة خالل أزمة عام ‪1946‬التي هددت بعرقلة برنامج إعادة‬
‫التحويل بأكمله ‪.‬في فبراير‪/‬شباط‪ ،‬أقر مجلس النواب على عجل مشروع قانون مقيدًا بشكل صارم مقدم‬
‫من شركة "ريببالن كيس ‪".‬ومع تخفيف خطر الضربة المباشرة‪ ،‬تم تأجيل اتخاذ المزيد من اإلجراءات‬
‫بشأن هذا اإلجراء ‪.‬ولكن عندما أثارت إضرابات الفحم والسكك الحديدية مرة أخرى المخاوف العامة‪،‬‬
‫وافق مجلس الشيوخ على هذا اإلجراء الذي اتخذه مجلس النواب ووافق عليه ‪.‬في ‪29‬مايو‪/‬أيار‪ ،‬تم‬
‫إرسال مشروع قانون القضية إلى الرئيس ‪.‬ومن بين الميزات األخرى‪ ،‬إنشاء مجلس وساطة فيدرالي‪،‬‬
‫وتحديد فترة تهدئة مدتها ستين يو ًما قبل الدعوة إلى أي إضراب‪ ،‬وإصدار مرسوم بفقدان حقوقهم‬
‫بموجب قانون فاغنر ألي عمال تركوا وظائفهم في هذه الظروف‪ ،‬وحظرت المقاطعتين الثانويتين ‪.‬‬
‫واإلضرابات القضائية‪ ،‬وأذنت باستخدام األوامر القضائية لمنع االعتصامات العنيفة أو المعرقلة‪.‬‬
‫استخدم الرئيس ترومان حق النقض ضد مشروع القانون هذا ‪.‬على الرغم من أنه لم يكن صار ًما‬
‫مثل اقتراحه الطارئ الخاص بتجنيد المضربين‪ ،‬إال أنه شعر أنه كإجراء‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪373‬‬
‫دائم يفرض قيودًا غير مبررة على النقابات ويتعامل فعل ًيا مع أعراض النزاعات العمالية بدالً من‬
‫أسبابها ‪.‬وقال الرئيس للكونغرس إن أي برنامج طويل المدى لضمان السالم الصناعي يجب أن يستمر‬
‫في حماية المبدأ األساسي لألمن النقابي ‪.‬وهو ال يشعر بأن هذا قد تم إنجازه من خالل التشريع‬
‫المقترح‪ ،‬وحث على مواصلة النظر في البرنامج بأكمله‪.‬‬
‫لم يوافق الكونجرس على مشروع قانون القضية بسبب حق النقض الذي استخدمه‪ ،‬لكنه ال يزال ال‬
‫ينوي ترك القضية تمر بشكل افتراضي ‪.‬أدت انتصارات الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي لعام‬
‫‪1946‬إلى تعزيز القوى المناهضة للعمال‪ ،‬ومع مطلع العام‪ ،‬اكتسبت حملة كبح النقابات زخ ًما جديدًا ‪.‬‬
‫والواقع أن بعض الدوائر فسرت االنتخابات باعتبارها تفويضا ً شعبيا ً مباشراً التخاذ إجراءات جذرية‬
‫إلصالح التوازن الذي تأرجح كثيرا ً لصالح حزب العمال خالل األعوام األربعة عشر الماضية ‪.‬لم يتبنى‬
‫الكونجرس تشريعات جديدة فحسب‪ ،‬بل كان من المقرر أيضًا سن قوانين مقيدة خالل عام ‪1947‬في‬
‫حوالي ثالثين والية‪.‬‬
‫لقد شعر حزب العمال على الفور بالتهديد الذي تتعرض له مصالحه‪ ،‬وكانت هناك دعوات متكررة‬
‫للعمل الموحد لمكافحة ما أطلق عليه "الحركة المتعمدة والوحشية ‪...‬لشل‪ ،‬إن لم يكن تدمير‪ ،‬الحركة‬
‫أخيرا حدد ما سيأتي بعد قانون تافت‪-‬هارتلي ‪.‬تم تعديل األحكام‬‫ً‬ ‫العمالية"‪ ،‬لكن الطاحونة التشريعية‬
‫األكثر صرامة لهذا اإلجراء‪ ،‬كما أقرها مجلس النواب ألول مرة‪ ،‬بشكل كبير في مجلس الشيوخ‪ ،‬ولكن‬
‫حتى ذلك الحين تجاوزت بكثير أي شيء اعتقد أصدقاء العمال أنه يبرره ‪.‬اعترض عليه الرئيس‬
‫ترومان ‪.‬وأكد أن مشروع القانون المقترح يهدف إلى إضعاف النقابات العمالية‪ ،‬ومن شأنه أن يشجع‬
‫اإلضرابات بدالً من تثبيطها من خالل حرمان العمال من الحماية القانونية لحقوقهم األساسية‪ ،‬ويجعل‬
‫الحكومة "مشاركا ً غير مرغوب فيه على كل طاولة مساومة ‪".‬وقال إن أحكامه كانت" صادمة ‪-‬سيئة‬
‫للعمال‪ ،‬وسيئة لإلدارة‪ ،‬وسيئة للبالد ‪".‬لكن الكونغرس قرر هذه المرة أن يشق طريقه ‪.‬وسط الهجمات‬
‫العنيفة على موقف الرئيس واالتهامات الصريحة بتحريفه‪ ،‬تم تجاهل اعتراضاته‪ ،‬وفي ‪23‬يونيو‬
‫‪ ،1947‬تم تمرير مشروع القانون باستخدام حق النقض‪.‬‬
‫كان قانون تافت‪ -‬هارتلي بمثابة إجراء طويل ومعقد للغاية‪ ،‬وكان من الصعب تمييز أي نمط محدد‬
‫من بين العديد من أحكامه ‪.‬وكان هدفها المعلن هو استعادة المساواة في القوة التفاوضية بين أصحاب‬
‫العمل والموظفين ‪ .‬ولتحقيق هذه الغاية‪ ،‬لم يتم سحب حقوق العمل األساسية المضمونة في قانون‬
‫فاغنر‪ ،‬ولكن تم تعويضها‬
‫‪374‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عن طريق ضمان حقوق مماثلة ألصحاب العمل ‪.‬أو للتعبير عن ذلك بطريقة أخرى‪ ،‬في حين أن‬
‫التشريع السابق أدان فقط ممارسات أصحاب العمل غير العادلة‪ ،‬فإن القانون الجديد تناول أيضًا‬
‫الممارسات النقابية غير العادلة ‪.‬ومن اآلن فصاعدًا‪ ،‬لم يُسمح للنقابات بإجبار الموظفين‪ ،‬أو رفض‬
‫التفاوض الجماعي‪ ،‬أو فرض رسوم مفرطة على سفن األعضاء‪ ،‬أو المشاركة في أي مقاطعة ثانوية أو‬
‫إضرابات قضائية ‪.‬من ناحية أخرى‪ ،‬في حين كان أصحاب العمل ال يزالون مقيدين باالعتراف بالنقابات‬
‫سمح لهم بحرية التعبير الكاملة عن آرائهم فيما يتعلق‬‫المرخصة حسب األصول والتفاوض معها‪ ،‬فقد ُ‬
‫بالتنظيم النقابي‪ ،‬باستثناء التهديد باالنتقام أو الوعد بالمزايا‪ ،‬ويمكنهم أيضًا أنفسهم يدعون إلجراء‬
‫انتخابات لوحدات التفاوض‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬ذهب القانون الجديد إلى ما هو أبعد من هذه المحاولة لتحقيق تكافؤ القوة التفاوضية من‬
‫خالل فرض قيود إضافية تؤثر بشكل مهم على أمن النقابات ‪.‬لم يقتصر األمر على حظر المحالت‬
‫التجارية المغلقة بشكل صريح فحسب‪ ،‬بل تم فرض قيود صارمة ومعقدة للغاية على المحالت التجارية‬
‫النقابية ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان مطلو ًبا من النقابات تقديم إشعار مدته ستين يو ًما إلنهاء أو تعديل أي‬
‫اتفاقية وتم جعلها قابلة للمقاضاة في المحاكم الفيدرالية بسبب خرق العقد ‪.‬لقد ُمنعوا من تقديم‬
‫مساهمات أو نفقات في الحمالت السياسية‪ ،‬وكان ضباطهم مطالبين بتقديم شهادات بأنهم ليسوا أعضاء‬
‫في الحزب الشيوعي‪.‬‬
‫في الباب الثاني‪ ،‬تم توفير صيغة مفصلة للتعامل مع إضرابات الطوارئ الوطنية ‪.‬كلما أثر مثل هذا‬
‫اإلضراب على صناعة بأكملها‪ ،‬أو جزء كبير منها‪ ،‬وتبين أنه يعرض الصحة والسالمة الوطنية للخطر‪،‬‬
‫مخوال بتعيين مجلس تحقيق‪ ،‬وعند تلقي تقريره األولي‪ ،‬يتقدم بطلب من خالل المدعي‬ ‫ً‬ ‫كان الرئيس‬
‫العام إلجراء تحقيق ‪.‬أمر قضائي بتقييد جميع أنشطة اإلضراب لمدة ستين يو ًما ‪.‬إذا لم يتم التوصل إلى‬
‫تسوية خالل هذه الفترة‪ ،‬كان من المقرر تمديد األمر الزجري لمدة عشرين يو ًما‪ ،‬وإجراء اقتراع سري‬
‫بين جميع الموظفين المعنيين بشأن استعدادهم لقبول العرض النهائي المقدم من أصحاب العمل ‪.‬وفي‬
‫حالة فشل هذه التحركات في التوصل إلى تسوية‪ ،‬فإن القانون ال ينص على أي إجراء آخر سوى تقديم‬
‫الرئيس لتقرير كامل إلى الكونجرس " مع التوصيات التي قد يراها مناسبة للنظر فيها واتخاذ اإلجراء‬
‫المناسب‪".‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬تم إجراء بعض التغييرات اإلدارية مثل توسيع المجلس الوطني لعالقات العمل وتعيين‬
‫مستشار عام للتعامل مع المالحقة القضائية لجميع ممارسات العمل غير العادلة‪.‬‬
‫‪Labor in the Postwar Scene‬‬ ‫‪375‬‬
‫كما تم إنشاء خدمة اتحادية جديدة ومستقلة للوساطة والتوفيق تتمتع بسلطة التدخل في أي نزاع يهدد‬
‫بانقطاع التجارة بشكل كبير‪.‬‬
‫طوال الفترة األصلية للنقاش في الكونغرس‪ ،‬وخاصة في الفترة الفاصلة بين حق النقض وإعادة‬
‫اإلقرار‪ ،‬كانت القضايا المتعلقة بهذا التشريع محل نقاش ساخن في جميع أنحاء البالد ‪.‬وقد تم إلقاء‬
‫القوة الكاملة التحادات أصحاب العمل‪ ،‬بقيادة الرابطة الوطنية للمصنعين‪ ،‬وراء الجهود الرامية إلى‬
‫استنان مشروع القانون ‪.‬قاومت ‪AF‬التابعة لـ ‪L.‬ومدير قسم المعلومات بشكل ضار ورفضا تقديم أي‬
‫تنازالت في مطلبهما بالهزيمة الكاملة ‪.‬وأرسل كل من قطاعي الصناعة والعمال المتحدثين باسمهما‬
‫إلى جلسات االستماع في الكونجرس‪ ،‬واشتروا وقت ًا في الراديو لعرض وجهات نظرهم على الجمهور‪،‬‬
‫وأدرجوا إعالنات على صفحة كاملة تحدد مواقفهم في الصحافة‪.‬‬
‫وكان ادعاء مؤيديه هو أن اإلجراء المقترح لم يذهب إلى أبعد من مجرد استعادة قدر من العدالة في‬
‫عالقات العمل ‪.‬وقال السيناتور تافت" ‪:‬إن مشروع القانون هذا يقلل ببساطة من االمتيازات الخاصة‬
‫الممنوحة لقادة النقابات العمالية ‪".‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فسر حزب العمال ذلك على أنه هجوم انتقامي‬
‫على كافة النقابات ‪.‬وأعلنت ‪AF‬التابعة لـ ‪L.‬أن "قوى الرجعية في هذا البلد تريد مواجهة مع العمالة‬
‫األمريكية الحرة‪".‬‬
‫كان هناك ضعف أساسي في موقف حزب العمال ‪.‬إن الحملة لكسب الدعم الشعبي وبناء المعارضة‬
‫ألي تشريع ينتهك األمن النقابي قد بدأت بعد فوات األوان ‪.‬تحميل أصحاب العمل المناهضين للنقابات‬
‫وحركة عدم االنحياز المسؤولية الكاملة عن الحركة لتعديل قانون فاغنر‪ ،‬ولم يأخذ ‪AF of L.‬وال‬
‫‪CIO‬في االعتبار بشكل كامل مدى القلق العام بشأن ما كان يعتبر عدم مسؤولية العمل ‪.‬لقد تم تجاهل‬
‫الشعور شبه العالمي باإلحباط بين الناس ككل عندما تداخلت اإلضرابات على مستوى الصناعة مع‬
‫الخدمات العامة األساسية إلى حد كبير ‪.‬واألهم من ذلك أن حزب العمال لم يقدم أي بديل لقانون‬
‫تافت‪-‬هارتلي ‪.‬ولم تكن راغبة أو غير قادرة على تعديل استراتيجيتها مع الظروف المتغيرة في فترة ما‬
‫بعد الحرب وقبول الحاجة إلى أي تعديل ألحكام قانون فاغنر ‪.‬وكان من الممكن أن تؤدي السياسة األكثر‬
‫تصالح ية إلى توجيه الرأي العام لدعم التعديالت المعتدلة التي كان من شأنها حماية المصلحة العامة‬
‫دون المساس باألمن النقابي ‪.‬فقد كشفت استطالعات الرأي العام في سبتمبر‪/‬أيلول أن ‪53%‬من الذين‬
‫شملهم االستطالع‪ ،‬والذين سمعوا عن قانون تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬يعتقدون‬
‫‪376‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫أنه ينبغي إما مراجعته أو إلغاؤه ‪.‬لكن سياسة العمل فشلت في الفوز بمثل هذا الدعم الكامن أو االحتفاظ‬
‫به بشكل فعال‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫‪AF :XX‬من ‪L.-CIO‬االندماج‬


‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫على الرغم من أن ظل تافت‪-‬هارتلي استمر في التحليق فوق الحركة العمالية المنظمة مع اقتراب‬
‫السنوات وتجاوزها عال مة القرن الجديد‪ ،‬لم يكن هناك انقطاع في التحسن المستمر في وضع العاملين‬
‫بأجر في المجتمع األمريكي ‪.‬ورغم أن النقابات لم تتمكن من الحفاظ على وتيرة نموها السريعة في‬
‫أواخر ثالثينيات وأوائل أربعينيات القرن العشرين‪ ،‬إال أن العضوية توسعت إلى ما يقرب من ثمانية‬
‫عشر مليونًا‪ ،‬وكانت نسبة العمال الذين كانت شروط عملهم مشمولة باتفاقيات المفاوضة الجماعية‬
‫تتزايد بشكل مطرد ‪.‬وعلى خلفية الظروف االقتصادية المستقرة بشكل غير متوقع‪ ،‬والتي تأثرت إلى حد‬
‫غير محدد بنفقات التسلح والمساعدات الخارجية‪ ،‬نجح النشاط النقابي أيضًا في تحقيق المزيد من‬
‫المكاسب في المتوسط العام لألجور وفي المزايا اإلضافية اإلضافية‪.‬‬
‫وقد تم االعتراف بقوة ونفوذ العمل المنظم في ظل هذه الظروف ‪-‬اقتصاديًا إن لم يكن سياس ًيا ‪-‬كما‬
‫لم يحدث من قبل ‪.‬وباستثناءات قليلة‪ ،‬شاركت اإلدارة بانتظام في المفاوضة الجماعية باعتبارها‬
‫الطريقة العادية لتحديد األجور وظروف العمل ‪.‬وفي تناقض حاد مع الظروف التي كانت سائدة في‬
‫فترات سابقة من التاريخ‪ ،‬قبل حتى أكثر المتحدثين باسم قطاع األعمال تحف ًظا الدور األساسي للنقابات‬
‫في االقتصاد الوطني وفي االهتمامات األوسع للمجتمع األمريكي ‪.‬وأعلن محررو مجلة فورتشن أن‬
‫نموهم في القوة والهيبة "هو في حد ذاته أحد السمات المهمة لنظام المشاريع الحرة الحديث‪".‬‬

‫تم شن الحملة ضد قانون تافت‪-‬هارتلي من قبل كل من ‪CJ.O.‬ولم يسترخي ‪AF‬الخاص بـ ‪L.‬‬


‫للحظة واحدة على الرغم من أن التطورات في منتصف القرن أظهرت مدى بعده عن مشروع قانون‬
‫"العمل بالسخرة "الذي أكد عليه منتقدوه ‪.‬تم فرض ضغوط محتملة على الكونجرس إللغائها وأصبحت‬
‫هذه القضية واحدة من أكثر ‪377‬قضية‬
‫‪378‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫نقاط الخالف الواضحة بين العناصر المحافظة والليبرالية في التحالفات السياسية القائمة ‪.‬مع اقتراب‬
‫االنتخابات الرئاسية عام ‪ ،1948‬اضطر الحزبان الرئيسيان إلى اتخاذ موقف‪ ،‬وانعكس النمط السياسي‬
‫األساسي في الثالثينيات في إصرار الديمقراطيين على جاذبية تافت‪-‬هارتلي الصريحة وتجنب‬
‫الجمهوريين أي مزيد من اإلغراءات ‪.‬بيان مباشر بدالً من إعالن دعم الحزب لـ "مواصلة الدراسة‬
‫لتحسين تشريعات إدارة العمل ‪".‬‬
‫أدى االنتصار غير المتوقع للرئيس ترومان على الفور إلى زيادة آمال حزب العمال في إمكانية تنفيذ‬
‫اإللغاء ‪.‬لقد أثبتوا أنهم وهم ‪.‬وظل الكونجرس تحت سيطرة كتلة محافظة مكونة من الجمهوريين‬
‫كثيرا مع مطالب العمال المنظمة‪ ،‬وأخذ السيناتور تافت‬‫ً‬ ‫والديمقراطيين الجنوبيين الذين لم يتعاطفوا‬
‫زمام المبادرة في المعارضة القوية ألي تغيير جوهري في القانون الحالي ‪.‬تم إجراء تعديل واحد في‬
‫عام ‪1951.‬وقد أظهرت التجربة الفعلية في إجراء انتخابات النقابات بوضوح مواقف الموظفين بشأن‬
‫هذه القضية (حوالي ‪87‬في المائة من العمال يؤيدون النقابة في مثل هذه االنتخابات التي أجريت )أنه‬
‫من أجل إنقاذ األموال التي أنفقت في اإلشراف على االنتخابات‪ ،‬قام الكونجرس بتعديل القانون للسماح‬
‫باتفاقيات النقابات دون استطالعات رأي العمال ‪.‬وبخالف ذلك‪ ،‬ظلت تافت‪-‬هارتلي سليمة على الرغم‬
‫من كل ما قاله أو فعله خصومها العماليون‪.‬‬
‫وظهرت هذه القضية مرة أخرى في انتخابات عام ‪1952.‬ومرة أخرى دعا الديمقراطيون إلى‬
‫اإللغاء‪ ،‬ولم يكن الجمهوريون على استعداد للذهاب إلى أبعد من اقتراح مثل هذه التعديالت على القانون‬
‫عندما يثبت الوقت والظروف أنها مرغوبة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬استمر حزب العمال في الضغط من أجل اتخاذ‬
‫إجراء على الرغم من انتصار الجمهوريين ‪.‬تعيين الرئيس أيزن هاور لمارتن ب ‪.‬دوركين‪ ،‬الرئيس‬
‫السابق للرابطة المتحدة للسباكين وعمال تركيب البخار‪ ،‬كوزير للعمل (قيل إن مجلس الوزراء كان‬
‫مكونًا من تسعة ماليين من األثرياء وسباك )وبيانه أمام الكونجرس بشأن في ‪2‬فبراير ‪ ،1953‬تم‬
‫تفسير تلك التجربة التي أظهرت الحاجة إلى اتخاذ تدابير تصحيحية فيما يتعلق بتافت‪-‬هارتلي على أنها‬
‫إبقاء الباب مفتو ًحا إلجراء تعديالت على القانون على الرغم من ضرورة التخلي عن األمل في إلغائه‪.‬‬
‫ولكن مرة أخرى لم يتم فعل أي شيء ‪.‬وضع دوركين تسعة عشر تعديالً‪ ،‬معتقدًا أنه حصل على‬
‫موافقة الرئيس عليها‪ ،‬نشر مسودة رسالة لتقديمها إلى الكونجرس ‪.‬ونفى أيزنهاور‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪379‬‬
‫أنه وعد بدعمهم ‪.‬في استياء غاضب مما أعلن أنه رفض لسياسة متفق عليها‪ ،‬استقال دوركين من‬
‫مجلس الوزراء ‪.‬على الرغم من أن أيزنهاور حاول شرح موقفه وطمأنة العمال المنظمين إلى تعاطفه‪،‬‬
‫كان قادة النقابات مقتنعين بأن القوى المحافظة المحيطة بالرئيس قد أجبرته على التراجع عن وعوده ‪.‬‬
‫ولم يكن كاف ًيا بالنسبة له أن يعلن‪ ،‬كما فعل في مؤتمر ‪AF of L.‬في سبتمبر‪/‬أيلول‪ ،‬أنه كان لديه "فهم‬
‫كبير جدًا لما فعلته العمالة المنظمة لهذا البلد ‪".‬فشله في دعم وزير العمل الخاص به في تعديل‬
‫تافت‪-‬هارتلي أهان القوى النقابية ‪.‬وأكد القادة في كل من ‪AF‬في ‪L.‬ورئيس قسم المعلومات مجددًا‬
‫قرارهم بممارسة كل النفوذ السياسي الممكن في تأمين تشريعات أكثر ودية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم يكن هناك أي دليل حقيقي (باستثناء التأثير التقييدي المحتمل على الحمالت التنظيمية‬
‫الجديدة في بعض المناطق)‪ ،‬على أن قانون تافت‪-‬هارتلي قد أعاق بشكل كبير القوة المتزايدة للحركة‬
‫العمالية ‪ .‬ونادرا ما تم اللجوء إلى إضرابات الطوارئ الوطنية‪ ،‬وما كان يوصف في كثير من األحيان‬
‫ببنود "خرق النقابات "لم يكن له العواقب التي كان العمال يخشونها ‪.‬لقد كشفت الصراعات بين العمال‬
‫واإلدارة في هذه األيام عن القوة المتنامية للنقابات الكبرى‪ ،‬وليس عن أي تراجع في قدرتها على‬
‫المساومة‪.‬‬
‫أول نزاع كبير شارك فيه قانون تافت‪-‬هارتلي حدث في صناعة الفحم المضطربة دائ ًما‪ ،‬حيث على‬
‫الرغم من التسوية في عام ‪ ،1947‬استمرت اإلضرابات بشكل متقطع تحت قيادة جون إل لويس التي ال‬
‫تزال عدوانية ‪.‬تم حور جدل جديد بين عمال المناجم والمشغلين حول التهمة التي وجهها لويس بأن‬
‫المشغلين "لم يحترموا "عقودهم فيما يتعلق بصندوق الصحة والرعاية االجتماعية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫شهرا في عام ‪ ،1948‬لم تنجح في استعادة السالم في حقول‬ ‫ً‬ ‫تسوية هذه القضية‪ ،‬بعد إضراب دام‬
‫الفحم‪ ،‬وتزايد قلق لويس بشأن الظروف غير المستقرة بشكل عام في الصناعة ‪.‬ومن أجل ممارسة‬
‫المزيد من الضغط على المشغلين للحصول على أجور أعلى وعقود أكثر مالءمة‪ ،‬دعا عمال المناجم إلى‬
‫الخروج في سلسلة من ما يسمى بوقفات العمل "التذكارية"‪ ،‬احتجا ًجا اسميًا على معدل الوفيات‬
‫واإلصابات في التعدين ‪.‬كان اإلنتاج ينقطع باستمرار طوال عام ‪1949‬؛ وعلى الرغم من إبرام اتفاقيات‬
‫جديدة مع بعض المشغلين في ديسمبر‪/‬كانون األول‪ ،‬إال أن الضربات غير المصرح بها استمرت مع‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪380‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫أخيرا‪ ،‬استحضر الرئيس ترومان ‪-‬في ‪6‬فبراير ‪1950 -‬أحكام الطوارئ الوطنية التي أقرها‬ ‫ً‬
‫تافت‪ -‬هارتلي في محاولة إلقناع عمال المناجم المتحدين باالمتثال‪ ،‬وتم إصدار أمر قضائي مؤقت ضد‬
‫أي إضرابات أخرى ‪.‬وأرسل مسؤولو النقابة أوامر بدعوة الرجال للعودة إلى العمل؛ لقد تم تجاهلهم إلى‬
‫حد كبير ‪.‬تم بعد ذلك رفع دعوى ازدراء ضد اتحاد العمال المهاجرين‪ ،‬حيث أكدت الحكومة أن أمر‬
‫امتثاال رمز ًيا "فقط من قبل النقابة ‪.‬ورفضت محكمة اتحادية‬ ‫ً‬ ‫النقابة بإلغاء اإلضراب قد تم منحه "‬
‫مواصلة اإلجراءات على أساس أنه لم يتم إثبات عدم حسن النية في إصدار األوامر النقابية ‪.‬في هذا‬
‫المأزق‪ ،‬سعى ترومان للحصول على سلطة من الكونجرس لالستيالء على مناجم الفحم ‪.‬ولكن قبل‬
‫اتخاذ أي إجراء‪ ،‬تم التوصل إلى اتفاقيات جديدة ــ في مارس ــ بين المشغلين والنقابة ‪.‬على الرغم من‬
‫استعادة نظام إيك‪ ،‬إال أن تجربة تافت‪-‬هارتلي أثبتت‪ ،‬على أقل تقدير‪ ،‬أنها غير حاسمة للغاية‪.‬‬
‫وفي هذه األعوام نفسها ‪– 1949‬و – ‪1950‬وقع عدد من اإلضرابات الهامة األخرى‪ ،‬أبرزها في‬
‫السيارات والسكك الحديدية‪ ،‬ولكن قانون تافت‪-‬هارتلي لم يتم تطبيقه ‪.‬ظل العمال في مصانع كرايسلر‬
‫أخيرا إلى اتفاق مع شركة ‪United Auto‬‬ ‫ً‬ ‫خارج العمل لمدة مائة يوم قبل أن تتوصل الشركة‬
‫‪mobile Workers‬؛ أصبح موظفو ‪raihoad‬متورطين في جدل طويل األمد استمر حتى عام‬
‫‪1951.‬استولت الحكومة في الحالة األخيرة على ‪raihoad‬وفي مواجهة اإلضرابات "المرضية "‬
‫المستمرة‪ ،‬هدد وزير الجيش في وقت من األوقات بالفصل جميع العمال الذين لم يبقوا في العمل ‪.‬وتمت‬
‫مقرا نقاب ًيا‬
‫استعادة سيطرة الحكومة نهائيًا في عام ‪1952‬بعد تسوية منحت‪ ،‬من بين ميزات أخرى‪ً ،‬‬
‫للموظفين غير العاملين‪.‬‬
‫كان النزاع األكثر أهمية حول تافت‪-‬هارتلي سببه إضراب عمال الصلب عام ‪ ،1952‬وهو اإلضراب‬
‫األطول واألكثر تكلفة في تاريخ تلك الصناعة ‪.‬وقد تطورت على خلفية الحرب المتوترة في كوريا‬
‫والوضع الطارئ الذي دفع الحكومة إلى إعادة فرض الضوابط على كل من األجور واألسعار ‪.‬أعاد‬
‫القلق الشعبي إلى األذهان الوضع الذي كان قائما ً خالل الحرب من عام ‪1941‬إلى عام ‪1945.‬‬
‫انهارت المفاوضات بشأن عقد جديد بين الصناعة وشركة ‪United Steelworkers‬في نهاية‬
‫عام ‪1951‬؛ ولكن‪ ،‬باإلشارة إلى النزاع إلى مجلس تثبيت األجور الجديد‪ ،‬وافقت النقابة على تعليق أي‬
‫إضراب حتى يقدم المجلس تقريره ‪.‬وكانت الجائزة التي تم اإلعالن عنها بعد ثالثة أشهر مقبولة لعمال‬
‫الصلب‪ ،‬لكن الصناعة استنكرت اعترافها بـ متجر النقابة ورفض‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪381‬‬
‫قبول الزيادات المقترحة في األجور دون زيادات تعويضية في سعر اللحم ‪.‬لم يوافق مدير االستقرار‬
‫االقتصادي على زيادات األسعار‪ ،‬ومع انهيار المزيد من المفاوضات‪ ،‬استعد عمال الصلب المتحدون‬
‫لإلضراب‪.‬‬
‫أصرت الصناعة على الفور على ضرورة تطبيق أحكام الطوارئ الواردة في قانون تافت‪-‬هارتلي‪،‬‬
‫نظرا لحقيقة أن العمال امتنعوا عن اإلضراب لمدة ثالثة أشهر‪ ،‬رفض الرئيس ترومان تفعيل‬ ‫ولكن ً‬
‫القانون ‪.‬وبدالً من ذلك‪ ،‬اتخذ خطوة جذرية‪ ،‬في ‪8‬أبريل ‪ ،1952‬باالستيالء على مصانع الصلب‬
‫باعتبارها الوسيلة العملية الوحيدة للحفاظ على اإلنتاج أثناء حالة الطوارئ ‪.‬وقال" ‪:‬أنا متأكد من أن‬
‫الدستور ال يطلب مني تعريض سالمتنا الوطنية للخطر من خالل السماح لجميع مصانع الصلب بإغالق‬
‫أبوابها في هذا الوقت بالذات‪".‬‬
‫أثار تصرفه عاصفة من االحتجاج والجدل ‪.‬رفع الصلب الموجود في الصناعة القضية على الفور‬
‫إلى المحاكم ودارت المعركة القانونية على خلفية األوامر القضائية األولية ضد تشغيل الحكومة‬
‫للمصانع‪ ،‬والوقف المؤقت ألمر المحكمة‪ ،‬والتوقف المتقطع عن العمل‪ ،‬ومزيد من المفاوضات غير‬
‫أخيرا‪ ،‬في ‪2‬يونيو‪/‬حزيران‪ ،‬قضت المحكمة العليا بأن االستيالء على المطاحن كان ممارسة‬ ‫المجدية ‪ً .‬‬
‫غير دستورية للسلطة التنفيذية وأمر الرئيس بحكم األمر بإعادتها إلى أصحابها ‪.‬استأنف عمال الصلب‪،‬‬
‫الذين بلغ عددهم حوالي ‪650‬ألف عامل‪ ،‬إضرابهم على الفور وتم إغالق اإلنتاج في جميع أنحاء‬
‫الصناعة‪.‬‬
‫لم يكن األمر كذلك حتى ‪26‬يوليو ‪-‬بعد ما يقرب من شهرين ‪-‬حيث توصلت شركات الصلب والنقابة‬
‫أخيرا إلى تسوية تتوافق إلى حد كبير مع تلك التي اقترحها في األصل مجلس تثبيت األجور ‪.‬تشير‬ ‫ً‬
‫التقديرات إلى أن اإلضراب كلف الصناعة حوالي ‪350‬مليون دوالر وخسر العمال ‪50‬مليون دوالر من‬
‫أجورهم ‪.‬لكن اإلضراب لم يشل صناعة الصلب فحسب ‪.‬لقد تسببت في إغالق العديد من المصانع التي‬
‫تستخدم الصلب وتسببت في توقف خطوط تجميع السيارات مؤقتًا ‪.‬كان إمداد القوات العسكرية في‬
‫كوريا بالمواد لفترة من الوقت معرضًا للخطر الشديد مع استمرار المعركة السياسية المحتدمة بسبب‬
‫رفض ترومان تفعيل قانون تافت ‪.‬هارتلي ومحاولته االستيالء على شركات الصلب‪.‬‬
‫إذا كانت االضطرابات في قطاع الصلب قد هيمنت على ساحة العمل في عام ‪ ،1952‬فإن اإلضراب‬
‫األكثر إثارة في عام ‪1953‬كان ذلك الذي اندلع في أرصفة وأرصفة نيويورك ‪.‬ال يمكن أن تكون‬
‫تداعيات هذا النزاع أكثر تعقيدًا ‪.‬لقد اشتمل األمر بشكل مباشر على صراع بين‬
‫‪382‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الرابطة الدولية لعمال الشحن والتفريغ وجمعية الشحن في نيويورك حول األجور وممارسات‬
‫التوظيف ‪ .‬ولكن قبل استعادة السالم أخيرا‪ ،‬وصفت لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ الواجهة البحرية‬
‫بأنها حدود خارجة عن القانون ومبتالة بالفساد والشيوعية والعصابات؛ وتدخلت سلطات الوالية في‬
‫كل من نيويورك ونيوجيرسي؛ قام االتحاد األمريكي للعمال‪ ،‬بعد طرد إدارة األراضي اإلسرائيلية بتهم‬
‫االبتزاز واالبتزاز‪ ،‬بتأسيس نقابة جديدة لعمال التحميل والتفريغ‪ ،‬وقام الرئيس أيزنهاور بتطبيق قانون‬
‫تافت‪-‬هارتلي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم تضع أي من هذه التحركات حدًا للعنف والعصابات التي بدا أنها تحققت ‪.‬كل‬
‫ما قالته لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ عن "الحدود الخارجة عن القانون‪".‬‬
‫في هذه الظروف‪ ،‬حاول المجلس الوطني لعالقات العمل حل التنافس المرير الذي نشأ بين إدارة‬
‫أراضي إسرائيل القديمة والنقابة الجديدة التي أنشأها ‪AF‬في ‪L.‬من خالل إجراء انتخابات لتحديد‬
‫وكيل المساومة المناسب على الواجهة البحرية ‪.‬وقد فاز بها إدارة األراضي اإلسرائيلية القديمة –أعيد‬
‫تنظيمها وبدعم من جون ل ‪.‬لويس –ولكن نتائج االنتخابات تم إبطالها بتهم التخويف واإلكراه ‪.‬قدمت‬
‫سلسلة من الضربات العشوائية خلفية محمومة لهذه األحداث‪ ،‬التي استمرت حتى عام ‪1954‬؛ وبشرط‬
‫أن تنتهي‪ ،‬وافق المجلس الوطني لعالقات العمل على إجراء انتخابات جديدة ‪.‬لقد تم احتجازهم في شهر‬
‫مايو‪ ،‬وعلى الرغم من كل التهم الموجهة إليه‪ ،‬والمعارضة المستمرة من ‪AF‬لـ ‪ ،L.‬فقد انتصر االتحاد‬
‫القديم مرة أخرى ‪.‬في ‪27‬أغسطس ‪ ،1954‬قبلتها ‪NLRB‬رسم ًيا باعتبارها وكيل اكتساب القضبان‬
‫المعتمد من عمال التحميل والتفريغ‪ ،‬وتخلت ‪AF of L.‬عن محاوالتها لبناء اتحاد جديد ‪.‬وعلى الرغم‬
‫أخيرا إلى اتفاق لمدة عامين يمنع‬
‫ً‬ ‫من استمرار بعض حاالت التوقف عن العمل‪ ،‬فقد تم التوصل‬
‫اإلضرابات أو عمليات اإلغالق في نوفمبر ‪.‬وال يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كانت التعهدات بحسن‬
‫السلوك من جانب إدارة األراضي اإلسرائيلية القديمة والتدابير التي اتخذتها لجنتا نيويورك‬
‫ونيوجيرسي للحفاظ على النظام ستنجح في إصالح الوضع‪ ،‬ولكن في الوقت الحالي ساد الهدوء غير‬
‫المستقر ‪.‬الواجهة البحرية المحاصرة‪.‬‬
‫كانت الحرب المضطربة بين عمال الشحن والتفريغ‪ ،‬وكذلك اإلضرابات مثل تلك التي تحدث في‬
‫الفحم والصلب والسيارات والسكك الحديدية‪ ،‬تجعل دائ ًما نسخة جيدة من الصحف ‪.‬ومن الطبيعي أن‬
‫تمر التسويات التي تم التوصل إليها دون توقف عن العمل دون أن يالحظها أحد‪ ،‬وكانت في الواقع‬
‫القاعدة أكثر من كونها االستثناء ‪.‬في الواقع‪ ،‬كشفت اإلحصائيات الخاصة بالست سنوات األولى بعد‬
‫اعتماد‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪383‬‬
‫قانون تافت‪-‬هارتلي عن انخفاض تدريجي في نشاط اإلضراب على مستوى البالد وانخفاض في الوقت‬
‫الضائع بسبب التوقف عن العمل ‪.‬بلغ المجموع السنوي أليام العمل الخاملة في األعوام ‪1947-1951‬‬
‫‪40‬مليون يوم عمل (مقارنة بـ ‪116‬مليون يوم عمل في عام )‪1946‬؛ ارتفع إلى ‪55‬مليونًا في عام‬
‫‪ ،1952‬وانخفض إلى النصف تقري ًبا في العام التالي‪ ،‬ثم انخفض مرة أخرى في عام ‪1954‬إلى ‪22‬‬
‫مليونًا ‪-‬وهو ما ال يمثل أكثر من ربع واحد في المائة من إجمالي وقت العمل لجميع العاملين بأجر‪.‬‬
‫ولم يتعرض العمال في أي من اإلضرابات خالل هذه الفترة إلى انتكاسة كبيرة ‪.‬تمثل التسوية‬
‫النهائية في كل حالة مهمة زيادات إضافية في األجور وتنازل اإلدارة في العديد من الحاالت عن المزايا‬
‫اإلضافية ‪.‬ومع تزايد الرخاء‪ ،‬كانت النقابات في وضع يمكنها من اإلصرار على مثل هذه المطالب‪ ،‬ولم‬
‫يكن بوسع أصحاب العمل أن يفعلوا أكثر من مجرد محاربة إجراء وقائي محدود ‪.‬ومرة تلو األخرى‪،‬‬
‫أدرجت في االتفاقيات الجديدة ‪-‬باإلضافة إلى زيادة األجور ‪-‬أحكام لتحسين ظروف العمل‪ ،‬ومزايا‬
‫التأمين‪ ،‬واإلجازات مدفوعة األجر‪ ،‬واألهم من ذلك‪ ،‬تمديد صناديق التقاعد‪.‬‬
‫واحدة من أكثر اتفاقيات المفاوضة الجماعية إثارة لالهتمام التي تم التوصل إليها خالل هذه الفترة‬
‫‪-‬والتي كانت بمثابة سابقة للعديد من االتفاقيات الالحقة داخل الصناعة وخارجها ‪-‬كانت تلك التي تم‬
‫التوقيع عليها في مايو ‪1950‬من قبل جنرال موتورز ويونايتد أوتوموبيل ‪.‬عمال ‪.‬فقد أنشأت نظاما ً‬
‫سخيا ً للمعاشات التقاعدية‪ ،‬واستحقاقات التأمين الخاصة‪ ،‬وزيادات سنوية في "عامل التحسين "في‬
‫األجور‪ ،‬فضالً عن تعديالت تكلفة المعيشة استنادا ً إلى تغيرات األسعار التي سجلها مكتب إحصاءات‬
‫العمل ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان من المقرر أن يستمر هذا العقد لمدة خمس سنوات ‪.‬ربما لم يكن هناك حدث‬
‫واحد في منتصف القرن أظهر بشكل كامل التقدم المذهل الذي تم إحرازه في العالقات بين العمل‬
‫واإلدارة مثل هذا االتفاق الواسع والشامل‪.‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬انعكس مسار المكاسب العمالية في الحقيقة األساسية التي مفادها أنه في منتصف‬
‫الخمسينيات كان ما يقرب من ثلثي العمال غير الزراعيين ‪-‬ما يقرب من ‪30‬مليونا ً ‪-‬مشمولين‬
‫باتفاقيات الحصول على نقابة المحامين الجماعية ‪.‬وارتفع متوسط الدخل األسبوعي للعاملين في‬
‫دوالرا‪ ،‬وهو ما يمثل‪ ،‬بعد التكيف مع التغيرات في قيمة الدوالر‬
‫ً‬ ‫الصناعات التحويلية إلى نحو ‪75‬‬
‫ومستويات األسعار السائدة‪ ،‬زيادة منذ عام ‪1939‬بأكثر من ‪50‬في المائة ‪.‬ومرة أخرى‪ ،‬يجب أن‬
‫نضيف إلى هذه المكاسب الفوائد اإلضافية المتعددة التي أصبحت اآلن القاعدة وليس االستثناء‪.‬‬
‫‪384‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫على الرغم من أن العمل المنظم ظل مهت ًما أكثر بالعمل االقتصادي لدعم مصالح أعضاء النقابات‪ ،‬إال‬
‫أنه استمر في المشاركة بعمق في النشاط السياسي ‪.‬كانت الحملة التي قادتها لجنة العمل السياسي‬
‫التابعة لـ ‪CIO‬و ‪AF‬لرابطة العمال للتثقيف السياسي النتخاب إدارة ديمقراطية في كل من انتخابات‬
‫‪1948‬و ‪1952‬مثاالً على ذلك ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬قام العمال بحملة قوية من أجل توسيع نطاق الضمان‬
‫االجتماعي بشكل أكبر ‪.‬وزيادة في معدالت الحد األدنى لألجور‪ ،‬وكذلك لمراجعة تافت هارتلي ‪.‬وكانت‬
‫نجاحاتها هنا مهمة إن لم تكن دراماتيكية ‪.‬تم توسيع قانون الضمان االجتماعي ليشمل عددًا متزايدًا من‬
‫العمال فيما يتعلق باستحقاقات التأمين على الشيخوخة والباقين على قيد الحياة‪ ،‬كما تمت زيادة‬
‫المدفوعات الشهرية على هذه الحسابات بشكل كبير ‪.‬كما تم رفع مستويات الحد األدنى لألجور‪ ،‬وفي‬
‫عام ‪1955‬اقترح أيزنهاور زيادة أخرى من ‪75‬سنت ًا السائد في الساعة إلى ‪90‬سنتًا ‪.‬كان طلب حزب‬
‫دوالرا ويبدو أن التسوية بين هذه األرقام كانت في محلها‪.‬‬
‫ً‬ ‫العمال هو أن يكون معدل الساعة ‪1.25‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم تكن مخاوف حزب العمال مقيدة بمشاريع القوانين التي تؤثر على وضع العمال أو حتى‬
‫بالتشريعات التي تتناول قضايا وطنية أكثر عمومية ‪.‬لقد امتدت إلى ما هو أبعد من اآلفاق المحلية ‪.‬‬
‫أصبحت السياسة الخارجية ذات أهمية أكبر من أي وقت مضى بالنسبة للعاملين بأجر وكذلك لعناصر‬
‫أخرى في المجتمع األمريكي حيث تحطمت توقعات البالد الكبيرة لسالم دائم بسبب الصراع مع‬
‫اإلمبريالية الشيوعية والتأثير القاسي للحرب الباردة‪.‬‬
‫دعم كل من ‪AF‬التابع لـ ‪L.‬ومدير قسم المعلومات بقوة السياسة األساسية التي اتبعتها إدارة‬
‫ترومان‪ ،‬ومن ثم سياسة الرئيس أيزنهاور ‪.‬لقد أيدت القرارات التي تم تبنيها في مؤتمراتها السنوية ‪،‬‬
‫وكذلك في مؤتمرات العديد من االتحادات الدولية‪ ،‬مبدأ ترومان‪ ،‬وقدمت دع ًما مؤكدًا لخطة مارشال‪،‬‬
‫ودعت إلى التطوير الكامل لبرنامج النقطة الرابعة‪ ،‬والمشاركة األمريكية المستمرة في الشمال ‪.‬منظمة‬
‫حلف األطلسي ‪.‬لم يتم اتخاذ أي خطوة في السعي الحتواء الشيوعية التي لم تحظ بموافقة حزب العمال‬
‫الصادقة‪ ،‬ومرة تلو األخرى أخذ قادة العمال زمام المبادرة في الدعوة إلى إدراك شعبي أكبر للمخاطر‬
‫التي تواجه األمة‪.‬‬
‫وفي كتابته لمجلة ‪American Federalist‬في يناير ‪ ،1948‬أكد جورج ميني‪ ،‬الذي كان في ذلك‬
‫الوقت أمين صندوق ‪AF‬في ‪ ،L.‬على أنه من أجل الفوز بالسالم‪ ،‬يجب على الواليات المتحدة أن‬
‫تسعى إلى إبقاء الديمقراطيات الشقيقة حرة‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪385‬‬
‫‪.‬ومن خالل تأييده لخطة مارشال باعتبارها أفضل وسيلة لوقف اندفاع الشمولية إلى األمام في أوروبا‪،‬‬
‫أكد أن تكلفتها السنوية لن تزيد عن ما أنفقته األمة عن طيب خاطر في ستة عشر يو ًما فقط من الحرب ‪.‬‬
‫وفي مقال الحق أيد حلف شمال األطلسي ‪.‬وقال" ‪:‬في هذه الساعة الخطيرة‪ ،‬يمكن لشعب أمريكا أن‬
‫صا‬
‫يطمئن تما ًما إلى أن قضية الديمقراطية في العمل األمريكي في الداخل والخارج لديها بطل أكثر إخال ً‬
‫وتصمي ًما وديناميكية ‪".‬‬
‫وأدلى قادة كبير موظفي المعلومات بتصريحات مماثلة‪ ،‬حيث أيد والتر روثر وفيليب موراي‬
‫باستمرار سياسة ترومان‪ -‬أتشيسون‪ ،‬وحثوا على اتخاذ المزيد من اإلجراءات لتعزيز األمم المتحدة‪،‬‬
‫وشددوا على أهمية النقطة الرابعة ‪.‬وقد دعا رويثر في إحدى المناسبات إلى "برنامج واسع من العمل‬
‫االجتماعي لدعم برامج الدفاع والمساعدات الخارجية في البالد ‪".‬مقال في ‪C.1.0.‬وذكرت نيوز أنه مع‬
‫الدعم الكافي‪ ،‬يمكن تطوير النقطة الرابعة بحيث ال تساعد ثلثي البشرية فحسب‪ ،‬بل توفر أيضًا وظائف‬
‫إضافية في الواليات المتحدة‪.‬‬
‫قرارا يعلن أنه في ضوء هذا الحريق‬‫بعد اندالع الحرب في كوريا عام ‪ ،1950‬تبنى ‪ً AF of L.‬‬
‫الهائل‪ ،‬فإن المهمة األساسية التي تواجه الحركة العمالية الحرة هي ردع اإلمبريالية السوفيتية‬
‫وهزيمتها بشكل حاسم إذا لزم األمر ‪.‬كما انتهز مدير المعلومات هذه المناسبة “لتأكيد دعمه الكامل‬
‫لحكومتنا واألمم المتحدة في النضال ضد العدوان الشيوعي‪. .‬‬
‫وفي مجال نشاطها المباشر‪ ،‬واصلت العمالة األمريكية التعاون الكامل مع مكتب العمل الدولي؛‬
‫سحبت ممثليها ( انضم إليها في األصل مدير تكنولوجيا المعلومات ولكن ليس االتحاد األفريقي لنقابات‬
‫العمال ) من االتحاد العالمي لنقابات العمال عندما بدا أنه يقع بالكامل تحت النفوذ الشيوعي‪ ،‬وتعاونت‬
‫في عام ‪1949‬في تشكيل االتحاد الدولي الجديد للنقابات الحرة ‪.‬النقابات العمالية ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تم‬
‫اتخاذ إجراءات قوية على الجبهة الداخلية لتحرير الحركة العمالية من أي شوائب للشيوعية‪.‬‬
‫وصلت القضية األخيرة إلى ذروتها في مؤتمر مديري تكنولوجيا المعلومات في عام ‪1949‬عندما‬
‫واجهت المنظمة بشكل مباشر قضية "اليسار واليمين "وتحركت للقضاء على جميع القيادات‬
‫الشيوعية داخل صفوف النقابات ‪.‬تمت مراجعة الدستور لجعل الشيوعيين غير مؤهلين ألي منصب‬
‫تنفيذي داخل ‪CIO‬وللنص على طرد أي اتحاد وطني يتبع الخط الشيوعي بأغلبية الثلثين ‪.‬تم اتخاذ‬
‫إجراء فوري‬
‫‪386‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫في قضية اتحاد عمال الكهرباء والراديو واآلالت‪ ،‬وتم تشكيل ثالث لجان لدراسة سياسات عشر نقابات‬
‫أخرى متهمة بالخضوع لسيطرة الشيوعية ‪.‬باستثناء واحد‪ ،‬تم طردهم أيضًا خالل العام التالي‪.‬‬
‫نظم مدير تكنولوجيا المعلومات نقابات جديدة لتحل محل تلك التي تم طردها ونجح في تعويض جميع‬
‫خسائر العضوية ‪.‬وأعلن فيليب موراي أن مسؤولي النقابات التي يسيطر عليها الشيوعيون كانوا‬
‫يتبعون سياسة "المضايقة والمعارضة والعرقلة *"في االلتزام بالبرنامج الشيوعي‪ ،‬لكنهم لم يشكلوا‬
‫أكثر من "زمرة صغيرة ولكن صاخبة ‪".‬ضمن صفوف ‪CIO.‬‬
‫واجهت األزمة الكور ية العمالة المنظمة بعدد من القضايا المماثلة لتلك التي واجهتها خالل الحرب‬
‫العالمية الثانية ‪.‬وقد أدت إعادة فرض الضوابط الحكومية على االقتصاد الوطني‪ ،‬مع إنشاء مجلس‬
‫تثبيت األجور كذراع لوكالة االستقرار االقتصادي ‪ ،‬إلى إدخال عوامل جديدة في برنامج المفاوضة‬
‫الجماعية برمته ‪.‬كما هو الحال في األعوام ‪ ،1941-1945‬كان العمال على استعداد للعمل بشكل كامل‬
‫مع الحكومة ‪.‬من خالل العمل بشكل وثيق معًا‪ ،‬أنشأ ‪AF of L.‬و ‪CIO‬لجنة سياسات العمل المتحدة‬
‫لتقديم المشورة لإلدارة بشأن سياسات العمل في محاولة لتوفير أساس سليم من أجل السالم الصناعي‬
‫خالل حالة الطوارئ الوطنية ‪ .‬كان هدفها المباشر هو التوصل إلى اتفاقيات بين النقابات الكبرى فيما‬
‫يتعلق بمشاكل القوى البشرية واإلنتاج واألجور واألسعار وتعيين مسؤولي النقابات في المناصب‬
‫العامة‪.‬‬
‫حدث احتكاك كبير أثناء تنفيذ هذا البرنامج‪ ،‬ولفترة من الوقت كان التعاون بين العمل المنظم‬
‫متوترا بشدة ‪.‬احتجا ًجا على ما قيل أنه كان اهتما ًما طفي ًفا بآراء العمال واعتماد سياسة‬
‫ً‬ ‫والحكومة‬
‫للمطالبة بأي زيادات في األجور تصل إلى أكثر من ‪10‬في المائة فوق المستويات الموجودة في يناير‬
‫‪ ،1950‬دعت لجنة سياسة العمل المتحدة إلى انسحاب أعضاء العمل من مجلس تثبيت األجور واستقالة‬
‫ممثلي العمال اآلخرين في الجهات الحكومية ‪.‬واستمر "االنسحاب "حوالي شهرين‪ ،‬ولكن تمت تسوية‬
‫أخيرا ‪.‬قبل حزب العمال بعد ذلك التمثيل في المجلس االستشاري الوطني الجديد‬ ‫ً‬ ‫القضايا الخالفية‬
‫لسياسة التعبئة‪ ،‬وأعاد أيضًا تحويله إلى مجلس تثبيت األجور المعاد تنظيمه‪.‬‬
‫لجنة سياسة العمال المتحدة‪ ،‬التي لعبت الدور الرئيسي في كل هذه التطورات وأظهرت درجة غير‬
‫عادية من‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪387‬‬
‫التعاون النقابي‪ ،‬تم تفكيكها فجأة في أغسطس ‪ ،1951‬مع انسحاب أعضاء ‪AF.‬ولكن بحلول ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬كان هناك مبرر كبير للتصريح بأنها "حققت غرضها إلى حد كبير ‪".‬ألنه على الرغم من كل‬
‫الصعوبات التي تمت مواجهتها واندالع الجدل حول التمثيل في الوكاالت الحكومية‪ ،‬استمرت العمالة‬
‫المنظمة في دعم جهود الدفاع الوطني ‪.‬انخفض نشاط اإلضرابات في الجزء األخير من عام ‪1950‬‬
‫وعام ‪1951‬إلى مستويات منخفضة للغاية‪.‬‬

‫وبغض النظر تما ًما عن التطورات في تعزيز أمن العمال‪ ،‬سواء من خالل المفاوضة الجماعية‬
‫السلمية أو اإلضرابات ‪ ،‬وعن المشاركة المتزايدة للعمال في كل من السياسة الداخلية وشؤون السياسة‬
‫الخارجية‪ ،‬كان شهر نوفمبر ‪1953‬بمثابة إثبات واحدة ملحوظة بشكل غير عادي في سجالت العمل‬
‫األمريكي ‪.‬وفي اليوم التاسع‪ ،‬توفي فيليب موراي‪ ،‬رئيس مدير تكنولوجيا المعلومات منذ استقالة جون‬
‫إل لويس‪ ،‬فجأة بسبب نوبة قلبية ‪.‬في الحادي والعشرين‪ ،‬ويليام جرين‪ ،‬رئيس ‪AF. L.‬منذ ما يقرب‬
‫من ثالثين عا ًما‪ ،‬توفي بشكل غير متوقع تقريبًا ‪.‬في غضون فترة وجيزة مدتها اثني عشر يو ًما‪ ،‬تلقى‬
‫العمال المنظمون ضربتين قاسيتين‪ ،‬وواجه كل من مدير تكنولوجيا المعلومات و ‪AF‬في ‪L.‬المهمة‬
‫الصعبة المتمثلة في اختيار قادة جدد‪.‬‬
‫كان هناك صراع حاد داخل مدير تكنولوجيا المعلومات قبل عرض الرئاسة على والتر روثر‪،‬‬
‫الرئيس الديناميكي الالمع والقوي التحاد عمال السيارات المتحدين ‪.‬وقد ارتفع نجمه بشكل مطرد في‬
‫السنوات األخيرة ‪.‬بقي هناك شيء غامض فيما يتعلق بطموحاته الخاصة‪ ،‬على الرغم من أن التقارير‬
‫السابقة التي تفيد بأنه كان يأمل في تطوير حزب عمالي ثالث قد هدأت‪ ،‬ولكن لم يكن هناك أي شك حول‬
‫إخالصه الكامل والمخلص لقضية العمال ‪.‬كان رويثر خليفة منطقيًا للمنصب الذي شغله لويس ألول‬
‫مرة‪.‬‬
‫سا جديدًا له ‪.‬كان جورج ميني غير معروف نسبيًا‬‫اختار ‪AF of L.‬ميني أمينًا وأمينًا للخزانة رئي ً‬
‫خارج صفوف النقابات‪ ،‬وقد بدأ حياته المهنية سباكًا متدربًا وكان له سجل طويل من النشاط في العمل‬
‫المنظم ‪-‬وكيل أعمال نقابي‪ ،‬وأمين مجلس تجارة البناء في نيويورك‪ ،‬ورئيس والية ‪AF‬في ‪L.‬‬
‫وأمين صندوق االتحاد الوطني منذ عام ‪1939.‬كان رجالً ضخ ًما وثقيل الوزن‪ ،‬ويزن حوالي ‪228‬‬
‫وو ِصف بأنه "خليط بين كلب كبير وضخم ‪".‬كان يبدو وكأنه‬ ‫رطالً‪ُ ،‬‬
‫‪388‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫زعيم عمالي تقليدي من الطراز القديم‪ ،‬كما هو موضح في الصورة بشكل عام ‪.‬إما تدخين سيجار كبير‬
‫أو مضغ سيجار غير مضاء بعناية؛ لكنه بالكاد يتوافق مع الكتابة في نطاق اهتماماته ‪.‬كان مولعًا‬
‫بالرقص‪ ،‬وهو عازف بيانو عادل‪ ،‬وكان أيضًا مهت ًما جدًا بالرياضة وأول رئيس ‪AF‬لـ ‪L.‬يكون العب‬
‫غولف‪.‬‬
‫سا في‬‫وصريحا‪ ،‬ومشاك ً‬
‫ً‬ ‫في اتصاالته مع قادة النقابات اآلخرين وممثلي اإلدارة‪ ،‬كان ميني صري ًحا‬
‫بعض األحيان ‪.‬كان ميني واحدًا من المسؤولين القالئل في ‪AF‬من ‪L.‬المستعدين والقادرين على‬
‫الوقوف ضد لويس‪ ،‬وقد نجح في تحدي موقف األخير في عام ‪1947‬على اإلشارة ‪.‬تسعة من اإلفادات‬
‫غير الشيوعية (التي لم يكن لويس مستعدًا للقيام بها )واستمرت في ذلك اليوم فيما يتعلق بـ ‪AF‬لـ‬
‫‪L..‬يمكن أن يكون قاسيا ً بقدر ما تقتضيه الظروف‪.‬‬
‫طوال حياته المهنية‪ ،‬كان دائ ًما يدافع عن المبادئ التقدمية ‪-‬التي ال تتوافق دائ ًما تما ًما مع سياسة‬
‫ً‬
‫مناضال قو ًيا نيابة عن كل قضية يتبناها ‪.‬لقد كان معارضًا ثابتًا ألي نوع من‬ ‫‪AF‬الرسمية لـ ‪L. -‬وكان‬
‫التمييز العنصري أو الديني ‪.‬كان ميني يتمتع بعقلية سياسية أكثر من معظم مسؤولي ‪AF‬في ‪،L.‬‬
‫دورا أكبر في كل‬
‫وكان مهت ًما منذ فترة طويلة بشؤون المجتمع ويعتقد أن أعضاء النقابة يجب أن يلعبوا ً‬
‫هذه األنشطة‪.‬‬
‫رجاال يتمتعون بالنشاط والعزيمة‪ ،‬و ‪-‬كما سبق أن‬ ‫ً‬ ‫كان الرؤساء الجدد لكال االتحادين العماليين‬
‫اقترحنا ‪-‬أصحاب مصالح واسعة بشكل غير عادي ‪.‬وسرعان ما أصبح من الواضح أن العمال‬
‫حافزا جديدًا للحمالت التنظيمية‬ ‫ً‬ ‫المنظمين قد اكتسبوا قوة جديدة مع وصولهم إلى السلطة ‪.‬لقد قدموا‬
‫النشطة من جانب كل من ‪AF of L.‬و ‪ ،CIO‬وفي تصريحاتهم العامة للسياسة استمروا في اتخاذ‬
‫موقف قوي في السعي إلى حشد قوة العمال لدعم السياسات الليبرالية في الداخل والخارج ‪.‬الدولية‬
‫الفعالة في الخارج‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬كان هناك تطور آخر يلوح في األفق‪ ،‬وقد أعطوا له أيضًا زخ ًما جديدًا ‪.‬كان هذا‬
‫هو االندماج الذي تمت مناقشته منذ فترة طويلة‪ ،‬والذي تم التنبؤ به دوريًا‪ ،‬والمؤجل دائ ًما بين ‪AF‬لـ‬
‫‪L.‬و ‪CIO.‬وكانت القضايا األصلية محل النزاع بين المنظمتين الوطنيتين الكبيرتين قد اختفت إلى حد‬
‫كبير منذ فترة طويلة‪ ،‬وكانت الخالفات السياسية الداخلية قيد المناقشة ‪.‬تنعيم تدريج ًيا ‪.‬وبالتالي‪ ،‬بدا أن‬
‫التغيير المتزامن في القيادة الوطنية يوفر فرصة فريدة إلنهاء المنافسات التقليدية وتوحيد القوى‬
‫العمالية الرئيسية في اتحاد وطني واحد‪.‬‬
‫لقد تغير التوازن النسبي بين ‪AF‬لـ ‪L.‬ومدير تكنولوجيا المعلومات‬
‫‪The A.F. of L.C.1.0. Merger‬‬ ‫‪389‬‬
‫إلى حد ما مع مرور السنين ‪.‬من بين اإلجمالي الوطني المقدر بحوالي ‪18‬مليون عضو نقابي‪ ،‬طالبت‬
‫‪AF of L.‬بـ ‪9.5‬مليون و ‪C.LO.‬حوالي ‪6‬ماليين‪ ،‬منهم ‪2.5‬مليون ينتمون إلى جماعة سكك‬
‫الحديد‪ ،‬واتحاد عمال المناجم‪ ،‬وغيرها من النقابات المستقلة خارج صفوف أي من االتحادين ‪.‬التركيز‬
‫على ‪C.LO.‬استمرت النقابات الصناعية في العمل كمحفز في إثارة ‪AF‬لـ ‪L.‬إلى الحاجة إلى نشاط‬
‫تنظيمي أكبر في صناعات اإلنتاج الضخم وفي تطوير سياسات أكثر نشا ًطا على طول الخط ‪.‬عالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬مثلما اتفقت المنظمتان على التعاون في األمور المتعلقة بالعمل االقتصادي‪ ،‬فقد ألهم مثال مدير‬
‫المعلوماتية ‪AF‬في ‪L.‬للعب دور أكبر في مجال العمل السياسي ‪.‬لقد أصبح التعاون هو القاعدة بشكل‬
‫متزايد‪ ،‬حيث عمل ‪CIO-PAC‬بشكل وثيق مع رابطة حزب العمال للتعليم السياسي‪.‬‬
‫كانت ا لخطوة المهمة األولى نحو االندماج المحتمل‪ ،‬حيث أشار عدد من النقابات الفردية بالفعل إلى‬
‫الطريق‪ ،‬هي االستنتاج بين النقابات التأسيسية لـ ‪AF‬لـ ‪L.‬و ‪C.LO.‬في يونيو ‪ ،1954‬تم التوصل‬
‫إلى اتفاقية عدم اإلغارة لمدة عامين ‪.‬وأظهرت الحقائق أن القرصنة النقابية السائدة على نطاق واسع‪،‬‬
‫واإلضرابات القضائية الالحقة‪ ،‬كانت مضيعة غير مثمرة ومكلفة للوقت والطاقة من كل وجهة نظر ‪.‬كان‬
‫لدى ميني وروثر الرؤية والسلطة التخاذ الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى وقف هذه الحرب النقابية‬
‫وإقامة عالقات صداقة على طول جبهة العمل بأكملها ‪.‬بحلول عام ‪ ،1955‬كان هناك حوالي ثمانين من‬
‫مديرا لقسم تكنولوجيا‬
‫ً‬ ‫‪AF‬من ‪110‬نقابات تابعة لـ ‪L.‬وكلها باستثناء صدق اثنان من ثالثة وثالثين‬
‫المعلومات على اتفاقية عدم اإلغارة‬
‫في غضون ذلك‪ ،‬كانت هناك أيضًا لجنة وحدة مشتركة تعمل مع ميني وروثر مرة أخرى للعب‬
‫األدوار المهيمنة ‪.‬لقد أعطت اتفاقية عدم اإلغارة وعدًا حقيق ًيا للغاية بأنه قد يتم التوصل إلى شيء‬
‫ملموس من مداوالتها‪ ،‬وكانت هناك أيضًا قش في مهب الريح في التحركات المتطورة للدمج الفردي‬
‫من جانب عدد من ‪C.LO‬المنافس ‪.‬و ‪AF‬من ‪L.‬النقابات الدولية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن من المعروف ما‬
‫إذا كانت محادثات االندماج ناجحة حقًا خارج دوائر العمل األقرب ‪.‬وبمفاجأة دراماتيكية‪ ،‬أعلنت اللجنة‬
‫المشتركة في ‪9‬فبراير ‪ ،1955‬أنه تم التوصل إلى اتفاق كامل من جانب ممثلي كل من ‪AF‬لـ ‪L.‬‬
‫و ‪C.LO.‬التحاد المنظمتين‪.‬‬
‫وقيل إن االندماج المقترح سيحافظ على سالمة كل اتحاد وطني ودولي منتسب‪ ،‬مع عدم اإلغارة‪.‬‬
‫‪39Û‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬
‫استمرت االتفاقية على أساس طوعي‪ ،‬كما حافظت أيضًا على هوية مدير تكنولوجيا المعلومات من‬
‫خالل إ نشاء مجلس خاص للمنظمة الصناعية مماثل لإلدارات الخاصة الموجودة داخل ‪AF‬في ‪L.‬‬
‫وبالتالي فإن االتحاد الجديد سيعترف في جميع النواحي بوجود مكان في صفوف العمل المنظم لكل من‬
‫النقابات الصناعية والحرفية وأن العامل الحاسم في كل حالة سيكون أكثر الوسائل التنظيمية فعالية‬
‫لحماية حقوق العمال المشاركين‪.‬‬
‫كان الدمج بمثابة الوعد باتخاذ إجراءات فعالة في مواجهة عدد من المشكالت الرئيسية التي تواجه‬
‫العمل ‪ .‬لقد عزز بشكل كبير القوات التي كانت تكافح التسلل الشيوعي واالبتزاز والتمييز العنصري ‪.‬‬
‫وذكر تقرير لجنة الوحدة على وجه التحديد أن االتحاد المندمج سيبذل كل جهد لحماية الحركة النقابية‬
‫األمريكية " من أي وجميع التأثيرات الفاسدة ومن الجهود التقويضية للوكاالت الشيوعية وجميع‬
‫اآلخرين الذين يعارضون المبادئ األساسية للحزب الشيوعي ‪".‬ديمقراطيتنا والنقابية الحرة‬
‫والديمقراطية‪”.‬‬
‫ما كان دائ ًما المشكلة األكثر حساسية في االندماج المقترح ‪-‬مشكلة القيادة في منظمة جديدة ‪-‬تمت‬
‫تسويتها من خالل الرغبة المعلنة من قبل مدير تكنولوجيا المعلومات للتنحي جان ًبا لصالح ‪AF of L.‬‬
‫أخيرا من قبل االثنين المنظمات ‪-‬وهو نتيجة حتمية تقري ًبا في ضوء‬ ‫ً‬ ‫بمجرد التصديق على االندماج‬
‫الدعم المقدم من لجنة الوحدة والعمل اإليجابي من قبل اللجان التنفيذية لكل من ‪AF of L.‬و ‪CIO -‬‬
‫سا لالتحاد الجديد مع أ عضوية وطنية وعلى مستوى‬ ‫كان من المتوقع أن يصبح جورج ميني رئي ً‬
‫الصناعة لنحو ‪15‬مليون عامل منظم‪.‬‬
‫في ختام بيانهم التاريخي الذي أعلن عن اتفاق نهائي لتوحيد ‪AF‬لـ ‪L.‬و ‪CIO‬في حركة نقابية‬
‫موحدة‪ ،‬أعلن ميني وروثر بشكل مشترك‪:‬‬
‫" نحن على ثقة من أن اندماج المجموعتين النقابيتين اللتين نمثلهما سيكون بمثابة نعمة ألمتنا‬
‫وشعبها في هذه الفترة المتوترة ‪.‬ويسعدنا أننا تمكنا‪ ،‬بطريقتنا‪ ،‬من تحقيق وحدة الحركة العمالية‬
‫األمريكية في وقت تشتد الحاجة فيه إلى وحدة الشعب األمريكي بأكمله في مواجهة التهديد الشيوعي‬
‫للسالم والحضارة العالميين‪. ".‬‬
‫وقد تم الترحيب باالندماج المقترح‪ ،‬وليس فقط في صفوف العمال‪ ،‬باعتباره يعزز قضية العمل‬
‫النقابي الحر والديمقراطي‪،‬‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪391‬‬
‫وباستثناء بيان من رئيس الرابطة الوطنية للمصنعين مفاده أن االندماج "يجب حظره"‪ ،‬والتعبير بين‬
‫الحين واآلخر عن مخاوف المح افظين من أن ذلك يعني احتكار العمالة‪ ،‬فقد أيدت حتى أجهزة مجتمع‬
‫األعمال هذا االندماج ‪.‬تحرك واعتقد أنه سيحقق السالم الصناعي ‪.‬أنكرت صحيفة وول ستريت جورنال‬
‫أن االندماج من شأنه في حد ذاته أن يعزز الوضع االحتكاري للعمال بأي شكل من األشكال‪ ،‬بينما‬
‫أشارت شركة نيشنز بيزنس إلى أن هذا االندماج قد يعني "قوة سياسية"‪ ،‬إال أنها أشارت إلى الميزة‬
‫المحتملة التي يمكن أن تقدمها للصناعة في تقليل النزاعات القضائية‪.‬‬
‫ومن بين الصحف األخرى‪ ،‬وصفت صحيفة نيويورك تايمز االندماج بأنه "إنجاز من أعمال الحنكة‬
‫دليال ً‬
‫فعاال على النضج‬ ‫السياسية"‪ ،‬وأشارت إليه صحيفتا واشنطن بوست وتايمز هيرالد باعتباره " ً‬
‫والمسؤولية التي بلغها العمال"‪ ،‬كما تحدثت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور ‪.‬وتحدثت صحيفة‬
‫"واشنطن ستار "عن "النضج المتزايد والشعور بالمسؤولية "لدى العمال‪ ،‬وأعربت صحيفة‬
‫"واشنطن ستار "عن اعتقادها‪ ،‬الذي تردد صداه في صحف أخرى‪ ،‬بأن االندماج البد أن يساهم "في‬
‫استقرار العالقات بين العمال واإلدارة على المدى الطويل ‪".‬ربما ال يوجد شيء يمكن أن يعكس بشكل‬
‫أكثر وضو ًحا كيف تغيرت المواقف المحافظة تجاه التنظيم العمالي في العقدين الماضيين من االستجابة‬
‫التي أثارها اندماج ‪AF‬من ‪L.-CIO‬بشكل عام في جميع أنحاء البالد‪.‬‬
‫مقاال مه ًما في مجلة فورتشن يوضح فيه األهداف‬ ‫بعد وقت قصير من إعالن االندماج‪ ،‬كتب ميني ً‬
‫والتطلعات الجديدة للعمالة المنظمة ‪.‬لقد تعامل بشكل عام مع الوضع الحالي للنقابات‪ ،‬والحاجة‬
‫المستمرة لمزيد من التحسين في وضع العمال‪ ،‬وأهمية العمل االقتصادي والسياسي ‪.‬وأعلن أنه بسبب‬
‫مصلحة العمال المتزايدة في السياسات الحكومية‪" ،‬سوف نبقى في السياسة‪".‬‬
‫ما الذي أراده العمال على وجه التحديد؟ ردا ً على هذا السؤال كتب المعاني‪:‬‬
‫"نحن ال نسعى إلى إعادة صياغة المجتمع األمريكي في أي صورة عقائدية أو أيديولوجية معينة ‪.‬‬
‫سئل‬‫نسعى إلى مستوى معيشي متزايد االرتفاع ‪.‬لقد طرح سام جومبرز األمر ذات مرة بإيجاز ‪.‬وعندما ُ‬
‫عما تريده حركة العمال‪ ،‬أجاب" ‪:‬المزيد ‪".‬إذا كنا نعني بمستوى معيشة أفضل ليس فقط المزيد من‬
‫المال‪ ،‬بل المزيد من أوقات الفراغ والحياة الثقافية األكثر ثراء ‪ ،‬فإن اإلجابة تظل" ‪:‬المزيد" ‪".‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان رويثر يوضح بشكل أوضح أنه يريد أيضًا "المزيد "للعاملين بأجر من خالل‬
‫إدخال‬
‫‪392‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫المفهوم الثوري لألجر السنوي المضمون في المساومة على اتفاقيات جديدة بين عمال السيارات‬
‫المتحدين وكبار المصنعين ‪.‬كان هذا هو هدفه المباشر‪ ،‬وأعرب عن ثقته الكاملة في أنه‪ ،‬على الرغم من‬
‫صعوبة المشاكل‪ ،‬فإنه يمكن حلها لتحقيق المنفعة المتبادلة لكل من صناعة السيارات وموظفيها ‪.‬ولم‬
‫يؤكد على أن األجر السنوي المضمون ‪-‬أو التوظيف السنوي المضمون كما يطلق عليه أحيا ًنا ‪-‬يمكن‬
‫اعتباره بأي حال من األحوال عال ًجا شامالً للعالقات الصناعية‪ ،‬لكنه أعرب عن اقتناعه بأنه يمكن أن‬
‫يصبح "وسيلة مهمة لرفع مستوى الدخل ‪".‬رؤية قادة األعمال بحيث يأخذ تخطيطهم في االعتبار‬
‫احتياجات العاملين في مصانعهم والمجتمع بأكمله من أجل تدفق ثابت للدخل والقوة الشرائية‪.‬‬
‫مع ذلك‪ ،‬ظهرت معارضة األجر المضمون والشكوك حول قابليته للتطبيق العملي‪ ،‬في ربيع عام‬
‫‪ ،1955‬منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء مجتمع األعمال ‪.‬وذكرت مجلة التجارة في األول من‬
‫مارس‪/‬آذار أن هذا الشعور قد تبلور بين اإلدارة العليا في الصناعات الرائدة في البالد ‪.‬ويبقى أن نرى‬
‫ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضية الجديدة مع إصرار روثر‪ ،‬في مواجهة كل‬
‫المعارضة‪ ،‬على أن األجر السنوي المضمون "سليم اقتصاد ًيا وصحي ًحا أخالق ًيا‪".‬‬
‫ولم يكن هناك شك في تصميمه على محاربة هذه القضية ‪.‬أعلن رويثر« ‪:‬إنها حملة صليبية‪ ،‬حملة‬
‫صليبية لتوجيه الوفرة االقتصادية بما يتناسب مع االحتياجات اإلنسانية ‪.‬نحن نخطط لتولي اإلدارة في‬
‫الجبال ونود أن نمنحهم القليل من الرؤية التي لدينا ‪.‬نود أن نظهر لهم العالم الجديد العظيم الذي يمكن‬
‫بناؤه إذا تمكنت العمالة الحرة واإلدارة الحرة والحكومة الحرة والشعب الحر من التعاون معًا في‬
‫تسخير قوة أمريكا وتوجيهها لتلبية االحتياجات األساسية للناس‪.‬‬
‫وفي المفاوضات التي أجراها مع صناعة السيارات للحصول على عقود جديدة في أوائل الصيف‪،‬‬
‫نجح رويثر في تحقيق تقدم ملحوظ نحو قبول هذا الهدف النقابي الجديد ‪.‬وبالفعل‪ ،‬وافقت الشركات‬
‫الرائدة على مبدأ األجر السنوي المضمون‪ ،‬وحقق اتحاد عمال السيارات المتحدون مكاسب أكبر –دون‬
‫التهديد باإلضرابات –مما توقعه حتى أكثر النقابات األعضاء تفاؤالً ‪.‬وكانت شركة فورد‪ ،‬تليها شركة‬
‫جنرال موتورز على الفور‪ ،‬رائدة في العقود التي قدمت ضمان األجر لمدة نصف عام على األقل وبأرقام‬
‫تقترب بشكل وثيق من المعدالت العادية‪.‬‬
‫‪The A.F. of L.-C.l.O. Merger‬‬ ‫‪393‬‬
‫وكانت هناك مشاكل أخرى غير مشكلة األجر السنوي المضمون التي ال تزال تتعلق بالعمل ‪.‬يُعتقد أن‬
‫الوجود الواسع النطاق لقوانين "الحق في العمل "في العديد من الواليات (سبعة عشر في عام )‪1955‬‬
‫خطيرا ألمن النقابات في تمييزها ضد كل من المتجر المغلق والمتجر النقابي ‪.‬كان هذا‬‫ً‬ ‫يمثل تهديدًا‬
‫التشريع ممكنًا بموجب النص الوارد في قانون تافت‪-‬هارتلي الذي ينص على أنه إذا كانت قوانين‬
‫الوالية أكثر تقييدًا لألمن النقابي من التشريعات الفيدرالية‪ ،‬فإن قوانين الوالية هي التي تسود ‪.‬على‬
‫الرغم من أن وزير العمل الجديد‪ ،‬جيمس ميتشل‪ ،‬دعا الواليات إلى إلغاء هذه القوانين‪ ،‬إال أن العمل‬
‫المنظم شعر أن الطريقة العملية الوحيدة لمكافحتها هي إلغاء توفير اإلطارات في تافت‪-‬هارتلي مما‬
‫جعلها ممكنة‪.‬‬
‫وربما كان األمر األكثر أهمية بالنسبة ألعضاء النقابات هو العواقب المحتملة لما كان يسمى‬
‫"األتمتة ‪" -‬أو تشغيل اآلالت بواسطة اآلالت ‪-‬في خلق المزيد من البطالة التكنولوجية ‪.‬لم يعارض‬
‫حزب العمال األتمتة في حد ذاتها‪ ،‬لكنه رأى أنه من الضروري اتخاذ التدابير الالزمة لتخفيف صدمة‬
‫النزوح السريع للغاية لعمال المصانع إما من خالل األجر السنوي المضمون أو بعض التدابير الوقائية‬
‫األخرى ‪.‬كانت هذه قضية شعرت فيها العمالة بأن لها الحق في أن يكون لها صوت ليس فقط من وجهة‬
‫نظر األمن الوظيفي‪ ،‬بل أيضًا أن تكون سب ًبا للحاجة إلى التوظيف الكامل الضروري لزيادة القوة‬
‫الشرائية الجماعية‪.‬‬
‫كان من الواضح أنه فيما يتعلق بهذه المشكالت‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بتعديل قانون تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬كان‬
‫العمل المنظم عاز ًما على ممارسة كل قوته االقتصادية والسياسية ‪-‬والتي تعززت من خالل اندماج‬
‫‪AF‬لـ ‪L.‬و ‪CIO -‬في بذل كل ما هو ممكن للدفاع عن مصالح جميع األجراء وتعزيزها ‪.‬وكان الهدف‬
‫المستقبلي المتمثل في "المزيد "هو أن يوضع في االعتبار بشكل ثابت‪.‬‬
‫قادرا على النظر إلى الماضي بإحساس باإلنجاز‬ ‫في ختام مقالته لمجلة فورتشن‪ ،‬كان ميني مع ذلك ً‬
‫العظيم ‪.‬وكتب أن مستوى معيشة العاملين بأجر أمريكيين تضاعف منذ عام ‪1900‬وانخفض وقت‬
‫عملهم بمقدار الثلث ‪.‬لقد كان يتطلع بثقة إلى مزيد من التقدم على هذا المنوال في إطار نظام المشاريع‬
‫الحرة الذي جعل من الممكن وضع مكانة العمال المفضلة في المجتمع األمريكي‪.‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫الحادي والعشرون ‪:‬وجوه العمل أ‬


‫مستقبل غير مؤكد‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫أن اندماج ‪AF‬لـ ‪L.‬و ‪CIO‬والوضع اإليجابي العام للعمل المنظم في عام ‪1955‬يحمالن أعلى‬
‫االحتماالت لمزيد من النمو والتطور للحركة العمالية ‪.‬ولم تتحقق هذه اآلمال بالكامل في السنوات‬
‫الخمس المقبلة ‪ .‬في الواقع‪ ،‬في بداية الستينيات‪ ،‬بدا أن العمل المنظم قد عانى من سلسلة من‬
‫االنتكاسات التي كانت مصدر قلق بالغ لقادته وألقت بظاللها على مداوالت ‪AF‬في ‪L.-CI.O.‬‬
‫في مؤتمره األول‪ ،‬وضع االتحاد المندمج نصب عينيه مضاعفة عضوية النقابة خالل السنوات‬
‫العشر القادمة‪ ،‬ولكن في منتصف الطريق من هذه الفترة لم تكن هناك زيادة في العضوية‪ ،‬وكان النشاط‬
‫التنظيمي في حالة توقف تام تقريبًا ‪ .‬إن الكشف عن الفساد واالبتزاز داخل عدد من النقابات‪ ،‬والذي‬
‫انتشر بشكل كبير في السجل العام من قبل لجنة مجلس الشيوخ المعنية باألنشطة غير الالئقة في مجال‬
‫وأخيرا‪ ،‬أصدر الكونجرس‬‫ً‬ ‫العمل أو اإلدارة‪ ،‬لم يكن كافيا ً لكسب ثقة الجمهور في مسؤولية النقابات ‪.‬‬
‫قانون الندروم‪-‬جريفين‪ ،‬وهو أول تشريع خالل عقد من الزمان يحد بشكل كبير من صالحيات النقابات ‪.‬‬
‫وبدالً من تأمين إلغاء أو تعديل قانون تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬الذي اعتقدت النقابات أنه أصبح في متناول أيديها‬
‫بعد االنتصارات الليبرالية في انتخابات التجديد النصفي لعام ‪ ،1958‬شعرت العمالة المنظمة بأنها‬
‫أصبحت أكثر إعاقةً وتقييدًا في أنشطتها من أي وقت مضى منذ ذلك الحين ‪.‬ظهور الصفقة الجديدة‪.‬‬
‫وربما كان هذا الشعور باليأس بين صفوف العمال في بداية الستينيات لم يكن له ما يبرره بالكامل ‪.‬‬
‫من الواضح أن النقابات كانت قوية للغاية على الرغم من كل هذه النكسات‪ ،‬وكانت ال تزال في وضع‬
‫يمكنها من ممارسة تأثير كبير على االقتصاد الوطني ‪.‬استمرت النتائج اإلجمالية للمساومة الجماعية‬
‫التي اتبعتها النقابات الصناعية الكبرى في الكشف عن المكاسب المستمرة ألعضائها في األجور األعلى‬
‫والمزايا اإلضافية األوسع ‪.‬المدة الطويلة ‪394‬‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪395‬‬
‫كان إضراب الصلب في الفترة ‪ ،1959-1960‬وهو صراع قديم الطراز على السلطة في الصناعة‬
‫األساسية في البالد‪ ،‬قد شكل في التحليل النهائي على األقل انتصارا نسبيا للعمال ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫التغيرات األساسية في اقتصاد البالد ‪-‬وخاصة التركيبة المتغيرة للقوى العاملة والوتيرة المتسارعة‬
‫لألتمتة في العديد من الصناعات ‪-‬سلطت الضوء على الشكوك المستقبلية ‪.‬اإلجابة على سؤال "أين‬
‫تذهب العمالة في الستينيات؟ "وأجاب أحد االقتصاديين المعروفين بشكل قاطع قائالً" ‪:‬ليس بعيداً‬
‫جدا ً ‪ ".‬لقد شعرت العمالة المنظمة نفسها بوضوح شديد بالحاجة إلى بعض إعادة توجيه سياساتها إذا‬
‫أرادت الحفاظ على النفوذ االقتصادي والسياسي الذي ميز دورها الوطني طوال ربع القرن الماضي‪.‬‬

‫إن االندماج الرسمي للهيئات اإلدارية لـ ‪AF L.‬و ‪CIO‬لم يخلق في حد ذاته وحدة شاملة داخل‬
‫الحركة العمالية التي كانت هدف القادة الوطنيين ‪.‬ظلت هناك المشاكل الصعبة والحساسة المتمثلة في‬
‫الجمع بين اتحادات الواليات والمنظمات المحلية وتوفير وسائل أكثر فعالية لمنع الخالفات القضائية‬
‫سا لـ ‪AF‬لـ ‪L.-‬‬ ‫التي ابتليت بها الحركة العمالية طوال تاريخها المضطرب ‪.‬على الرغم من كونه رئي ً‬
‫‪C.LO.‬كان على جورج ميني أن يثبت أنه قائد فعال للقوى العاملة المشتركة حتى إلى الحد الذي تم‬
‫فيه تسليم العديد من المشاكل إليه بالقول السهل" ‪:‬دع جورج يفعل ذلك"‪ ،‬ولم يتمكن دائ ًما من الحصول‬
‫على التعاون الكامل من المسؤولين ‪.‬في اتحادات الواليات أو النقابات الفردية ‪.‬وكثيراً ما كانت‬
‫مفاوضات االندماج المحلية تسير بوتيرة بطيئة للغاية‪ ،‬ولم يتحقق االتحاد الفيدرالي بالكامل في كل‬
‫الواليات إال في نهاية خمسينيات القرن العشرين ‪.‬وحتى في ذلك الوقت كانت هناك منظمات محلية لم‬
‫تكمل الترتيبات النهائية لتشكيل جبهة عمالية موحدة تما ًما‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬تسببت االنشقاقات أو عمليات الطرد من مجلس الشيوخ في التحقيق في الفساد‬
‫النقابي في انخفاض خالل هذه السنوات في عدد النقابات الوطنية والدولية المنتسبة إلى ‪AF of‬‬
‫‪L.-CIO‬وفي إجمالي أعضائها ‪.‬في بداية الستينيات‪ ،‬ضمت الحركة العمالية المندمجة نحو ‪134‬‬
‫نقابة‪ ،‬لكن العضوية انخفضت من ‪17‬مليونًا كما ورد في عام ‪1956‬إلى ما يقرب من ‪13500000.‬‬
‫كان طرد اتحاد سائقي الشاحنات مسؤوالً في جزء كبير منه عن هذا االنخفاض وما ترتب على ذلك من‬
‫زيادة في عضوية النقابات غير المنتسبة‪.‬‬
‫‪396‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫واألكثر أهمية من هذا التحول بعيدًا عن التركيز البؤري التلقائي لـ ‪L.-C.LO.‬كانت الخسارة‬
‫اإلجمالية في عضوية النقابات هي التي عكستها هذه األرقام ‪.‬أشارت التقارير الرسمية التي صدرت كل‬
‫سنتين في عام ‪1958‬إلى انخفاض فعلي للمرة األولى منذ عقدين من الزمن‪ ،‬من ‪18.500.000‬إلى‬
‫‪ ،18.100.000‬ولم تشير التقديرات للسنتين التاليتين إلى أي تغيير ملموس في هذه األرقام ‪.‬وبالتناسب‬
‫مع إجمالي القوى العاملة المدنية –التي ارتفعت إلى حوالي ‪68.200.000‬عامل –كان هذا يعني أنه‬
‫في يناير ‪ ،1960‬كان أقل من ربع عمال البالد أعضاء في النقابات ‪.‬صرح والتر رويثر بصراحة" ‪:‬إننا‬
‫نعود إلى الوراء‪".‬‬
‫كان هناك العديد من العوامل التي تسببت في هذا االنخفاض النسبي في النقابات ‪.‬ربما كان ذلك يرجع‬
‫سا إلى االنخفاض التدريجي في نسبة العاملين في الصناعات التحويلية والتعدين والنقل مقارنة‬ ‫أسا ً‬
‫بالعدد المتزايد في الحكومة وتجارة الجملة والتجزئة والتمويل‪ ،‬وخاصة صناعات الخدمات ‪.‬عكست‬
‫هذه التحوالت األساسية في التوظيف تأثير األتمتة في الصناعات اإلنتاجية‪ ،‬حيث كانت العمليات‬
‫الجديدة واآلالت الجديدة تقلل بشكل مطرد عدد العمال المطلوبين ‪ ،‬وكذلك توسع الصناعات غير‬
‫اإلنتاجية نفسها استجابة للطلب الشعبي ‪.‬للمزيد من الخدمات ‪.‬ما كان يحدث‪ ،‬كان انخفاضًا في نسبة‬
‫العمال الذين كانوا تاريخ ًيا أكثر انفتا ًحا على التنظيم وزيادة بين أولئك الذين كانوا األكثر مقاومة لفكرة‬
‫العضوية النقابية ‪.‬كان العمال ذوو الياقات البيضاء يطغون على عمال القمصان الزرقاء‪.‬‬
‫في أنشطتها التنظيمية ‪AF‬من ‪L.-C.LO.‬واجهت صعوبات أخرى ‪.‬كان هناك اهتمام أقل بعضوية‬
‫النقابات حتى في بعض الصناعات حيث كان للنقابات موطئ قدم قوي‪ ،‬وتشددت المعارضة للتنظيم في‬
‫الجنوب بدال من أن تتراجع ‪.‬ويبدو أن شيئا ً من الدافع الديناميكي الذي ميز أواخر ثالثينيات وأربعينيات‬
‫القرن العشرين قد تراجع بين القادة العماليين أنفسهم ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬ظل الطابع المتغير للقوى العاملة في‬
‫البالد هو التفسير األساسي لفشل الحركة العمالية المندمجة في تحقيق النمو اإلضافي الذي تم التفكير‬
‫فيه عندما وحدت ‪AF‬التابعة لـ ‪L.‬و ‪CIO‬قواهما ألول مرة من أجل مصالح الدولة الوطنية ‪.‬وحدة‪.‬‬
‫وفي مجال العمل السياسي‪ ،‬قام االتحاد الجديد على الفور بدور نشط في تعزيز مصالح العمال من‬
‫خالل تشكيل لجنة جديدة للتثقيف السياسي ‪.‬ولم تكن هناك حتى اآلن نية لربط العمل المنظم بأي من‬
‫الحزبين السياسيين الرئيسيين ‪.‬وأعلنت ‪COPE‬‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪397‬‬
‫عزمها على الحفاظ على "سياسة غير حزبية بشكل صارم ‪".‬ولكن نتيجة للموقف األكثر تعاطفا ً تجاه‬
‫المقترحات المقدمة إلى مؤتمري الحزبين في عام ‪ ،1956‬دعم حزب العمال البطاقة الوطنية‬
‫الديمقراطية في االنتخابات الرئاسية‪ ،‬كما فعل باستمرار منذ أيام روزفلت ‪.‬أيد المجلس التنفيذي لـ ‪AF‬‬
‫لـ ‪L.-C.LO‬أدالي ستيفنسون‪ ،‬وشنت ‪COPE‬حملة قوية لصالحه وكذلك لدعم مرشحي الكونغرس‬
‫‪-‬في هذه الحالة الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء ‪-‬الذين حظيت سياساتهم بموافقة‬
‫المجلس ‪.‬ومع خيبة أمله في إعادة انتخاب الرئيس أيزنهاور‪ ،‬كان العمال مع ذلك راضين عن المكاسب‬
‫الديمقراطية والليبرالية في الكونجرس‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬والتي ثبت أنها أكثر أهمية من تنظيم الدوافع أو العمل السياسي‪AF ،‬من‬
‫‪L.-CLO.‬كان من المفترض أن تخيب آمالها ‪.‬كان الهدف األساسي لالندماج‪ ،‬بصرف النظر عن‬
‫إعطاء زخم جديد للتنظيم النقابي‪ ،‬هو إنشاء سيطرة أكثر فعالية على النقابات غير المسؤولة ‪.‬ولتحقيق‬
‫هذه الغاية‪ ،‬أنشأ االتحاد لجنة الممارسات األخالقية التي كانت على استعداد لفرض قواعد السلوك التي‬
‫كان من المأمول أن يتمكن العمال من ترتيب شؤونهم الداخلية في مواجهة االتهامات المتزايدة بإساءة‬
‫استخدام أموال النقابات‪ ،‬وخاصة تلك المستثمرة في خطط الرعاية االجتماعية والمعاشات التقاعدية؛‬
‫المخالفات من جانب قادة النقابات‪ ،‬وغيرها من حاالت الممارسات الفاسدة أو غير األخالقية في شؤون‬
‫النقابات ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬سرعان ما أصبح واض ًحا أن الظروف داخل عدد من النقابات أصبحت فاسدة للغاية‬
‫لدرجة أنه لم يكن الجمهور وال الكونجرس على استعداد لترك األمر بالكامل لوزارات ‪AF‬في‬
‫‪L.-C.LO.‬لكنه أصر على إجراء تحقيق حكومي واتخاذ إجراء حكومي محتمل‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬أنشأ الكونجرس في عام ‪1957‬لجنته المختارة المعنية باألنشطة غير الالئقة في‬
‫مجال العمل أو اإلدارة‪ ،‬وتحت رئاسة السيناتور جون إل ماكليالن من أركنساس‪ ،‬نظم على الفور‬
‫سلسلة من جلسات االستماع العامة التي صدمت وأزعجت البالد بأكملها ‪.‬إن الكشف عن السيطرة‬
‫النقابية الديكتاتورية‪ ،‬والفساد المستشري‪ ،‬والعنف‪ ،‬واالبتزاز لم يشمل في الواقع سوى حفنة من‬
‫النقابات‪ ،‬لكنها أدت إلى إلقاء الشكوك على الحركة العمالية بأكملها ووضع قادتها في موقف دفاعي‬
‫للغاية‪.‬‬
‫كان اتحاد سائقي الشاحنات أحد األهداف الرئيسية لتحقيق الكونجرس ‪.‬وكشفت الشهادة المذهلة‬
‫التي قدمها سلسلة طويلة من الشهود في جلسات استماع اللجنة أن رئيسها ديفيد‬
‫‪398‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫لقد أدار بيك نقابته إلى حد كبير كما رأى مناسبًا وقام بتحويل أموال النقابة الكبيرة إلى أغراضه‬
‫وتكرارا اإلجابة على‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫ومحتقرا لسلطات اللجنة ‪ ،‬رفض رئيس سائقي الشاحنات‬ ‫ً‬ ‫الخاصة ‪.‬متعجرفًا‬
‫األسئلة وعندما هُدد باالزدراء لجأ إلى التعديل الخامس ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن األدلة المقدمة ضده أجبرته على‬
‫التخلي عن رئاسة النقابة وأدت إلى توجيه االتهام إليه ‪-‬واإلدانة النهائية ‪-‬بتهم التهرب من ضريبة‬
‫الدخل والسرقة الكبرى‪.‬‬
‫كما قدمت اللجنة أدلة على تزوير االنتخابات في السكان المحليين لعمال الشاحنات‪ ،‬وحاالت ابتزاز‬
‫من جانب مسؤولي النقابات في التعامل مع أصحاب العمل‪ ،‬واالبتزاز الفاحش واالرتباط الوثيق (خاصة‬
‫في نيويورك )بين مسؤولي النقابات ورجال العصابات المعروفين‪ ،‬ومختلف الجرائم ‪.‬أعمال العنف‬
‫واإلرهاب ‪.‬تم بعد ذلك الكشف أيضًا عن أن جيمس آر هوفا‪ ،‬الذي تولى منصب بيك كرئيس لـ‬
‫‪ ،Teamsters‬كان أيضًا متور ًطا أو مرتب ًطا بالعديد من الممارسات التي ميزت نقابته على أنها تدار‬
‫بشكل تعسفي وفاسد ‪.‬وذكرت لجنة ماكليالن أنه كان يدير "إمبراطورية سفاحين‪".‬‬
‫وأصبح هذا الوضع معقدا للغاية ‪.‬ورفعت مجموعة من أعضاء النقابة دعوى قضائية ضد هوفا على‬
‫أخيرا بتعيين‬
‫ً‬ ‫أساس أن انتخابه قد تم تزويره ‪.‬لقد قاوم بكل الوسائل القانونية الممكنة ‪.‬قامت المحاكم‬
‫مجلس مراقبين لإلشراف على سير الشؤون النقابية‪ ،‬لكن بينما استمر الجدل القانوني حول هذه‬
‫وكثيرا ما كان يتحدى‬
‫ً‬ ‫القضية‪ ،‬وتم توجيه تهم مختلفة بالمخالفات ضد هوفا‪ ،‬استمر في شغل منصبه‬
‫إدارة الشؤون النقابية ‪.‬كل من الكونجرس والمحاكم‪.‬‬
‫كانت جلسات االستماع التي ضمت سائقي الشاحنات هي األكثر إثارة من تلك التي عقدتها لجنة‬
‫ماكليالن‪ ،‬ولكن أقل إثارة للصدمة بالنسبة للجمهور كان الكشف عن شؤون نقابات مثل موظفي الفنادق‬
‫والمطاعم‪ ،‬وعمال المخابز والحلويات ‪ ،‬وعمال الغسيل ‪.‬العمال ومهندسو التشغيل والعمال الصناعيون‬
‫المتحالفون وعمال النسيج المتحدون ‪.‬تحدث شاهد تلو اآلخر عن حاالت التواطؤ بين قادة النقابات‬
‫وأصحاب العمل‪ ،‬وإساءة استخدام أموال النقابات‪ ،‬واالبتزاز‪ ،‬والعنف ‪.‬وكانت الصورة المرسومة من‬
‫جلسات االستماع التي عقدتها اللجنة هي صورة عدد كبير من النقابات المهمة حيث تم تجاهل العمليات‬
‫الديمقراطية وحقوق أعضاء النقابات تما ًما من قبل قيادة غير مبدئية وغير نزيهة والتي‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪399‬‬
‫غال ًبا ما حافظت‪ ،‬كما في حالة سائقي الشاحنات‪ ،‬على جمعيات وثيقة للغاية مع العناصر اإلجرامية في‬
‫المجتمع المحلي ‪.‬لقد كان الوضع الذي عزز الفساد والعنف على حساب أعضاء النقابة واإلدارة‬
‫والجمهور‪.‬‬
‫في مواجهة هذه اإلفصاحات‪ ،‬لجنة الممارسات األخالقية التابعة لـ ‪AF‬في ‪L.-C.LO.‬قد تحركت‬
‫على الفور ‪.‬وسعت إلى محاسبة النقابات المتهمة وتم وضعهم تحت المراقبة حتى يتمكنوا من تلبية‬
‫شروط اإلصالح الداخلي التي حددتها اللجنة ‪.‬وفي حالة الفشل في ترتيب شؤونهم‪ ،‬كان االتحاد على‬
‫استعداد لطردهم‪ ،‬وفي ديسمبر ‪1957‬اتخذ هذا اإلجراء في حالة نقابة سائقي الشاحنات‪ ،‬وعمال‬
‫الغسيل‪ ،‬وعمال المخابز والحلويات ‪. AF‬من ‪L.-C.LO.‬كان يسعى إلى إظهار المعايير العالية للقيادة‬
‫النقابية المسؤولة وتصميم العمال على فرض االنضباط‪.‬‬
‫في تقريرها األول في مارس ‪ ،1958‬أصرت لجنة ماكليالن على أن كشفها الموثق بالكامل عن‬
‫الفساد النقابي يتطلب تشريعًا عالجيًا من قبل الكونجرس‪ ،‬وبدا الجمهور مستعدًا لدعم المزيد من‬
‫اإلشراف النقابي من قبل الحكومة ‪.‬وعندما دعا الرئيس أيزنهاور إلى إصدار تشريع لوقف "الفساد‪،‬‬
‫واالبتزاز‪ ،‬وإساءة استخدام الثقة والسلطة في العالقات بين العمال واإلدارة"‪ ،‬استعد الكونجرس‬
‫للتحرك‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن التحرك نحو التشريع فتح على الفور القضية المثيرة للجدل برمتها المتعلقة‬
‫بالصالحيات القانونية للنقابات العمالية والمسألة القديمة المتعلقة بتعديل أو إلغاء قانون تافت‪-‬هارتلي ‪.‬‬
‫وسعى أعداء العمال إلى اغتنام الفرصة التي أتاحتها قضية الفساد لفرض قيود جديدة حتى على‬
‫األنشطة النقابية المشروعة؛ كان أصدقاء العمال على استعداد لقبول الحاجة إلى مكافحة الفساد لكنهم‬
‫عارضوا بشدة استغالل الوضع للحد بأي شكل من األشكال من الحقوق النقابية المقبولة ساب ًقا ‪.‬تم‬
‫التوصل إلى اتفاق على إجراء واحد ‪-‬ما يسمى قانون دوغالس كينيدي آيفز ‪-‬الذي ينص على الكشف‬
‫الكامل عن جميع خطط رعاية الموظفين ومعاشات التقاعد‪ ،‬ولكن كل الجهود المبذولة لسن مشروع‬
‫قانون أقوى يتعامل مع القضايا األساسية انهارت في وجهها ‪.‬وتفاقم الجدل السياسي مع االنتخابات‬
‫النصفية المقبلة ‪.‬وأخيرا أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون آيفز‪-‬كينيدي آخر‪ ،‬وهو إجراء معتدل‬
‫لمكافحة الفساد‪ ،‬ولكن مجلس النواب رفضه ‪ ،‬في المقام األول ألنه لم يذهب إلى أبعد من ذلك‪.‬‬
‫إن الكشف المستمر للجنة ماكليالن مع حلول عام ‪1958‬‬
‫‪400‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫عام ‪1959‬أدى حتما ً إلى إدخال قضية العمل في جلسات الكونجرس الجديد ‪.‬ومرة أخرى احتدمت‬
‫المعركة في كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب بين أعداء العمال وأصدقاء العمال‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫االنتصارات الديمقراطية في االنتخابات النصفية‪ ،‬فقد أصبح من الواضح تدريجيًا أن الكونجرس عازم‬
‫اآلن على فرض ضوابط أكثر صرامة على النقابات مما كان يتصور ‪.‬في أي وقت منذ عام ‪1948.‬وقد‬
‫تمت إثارة الرأي العام بشكل كبير ‪.‬وفي سعيها لقصر التشريع المقترح على تدابير مكافحة الفساد فقط‪،‬‬
‫كان العمال يخوضون معركة خاسرة‪.‬‬
‫تم التوقيع على القانون الذي كان النتيجة النهائية لهذا النضال المكثف من قبل الرئيس أيزنهاور في‬
‫‪14‬سبتمبر ‪1959‬وأعطيه عنوانًا غير عملي وهو قانون اإلبالغ واإلفصاح عن إدارة العمل لعام‬
‫‪1959‬؛ كان معروفًا على نطاق واسع‪ ،‬بعد رعاته من الحزبين في مجلس النواب‪ ،‬باسم قانون‬
‫الندروم‪-‬غريفين ‪.‬وقد حددت ميثاق حقوق العمل مع ضمانات محددة لإلجراءات الديمقراطية داخل‬
‫النقابات‪ ،‬وحماية صناديق النقابات مع فرض غرامات وأحكام بالسجن على أي مسؤول يثبت إدانته‬
‫بإساءة استخدامها‪ ،‬وحظر على الشيوعيين واألشخاص المدانين بارتكاب جرائم معينة العمل كنقابة ‪.‬‬
‫المسؤولين لمدة خمس سنوات بعد إنهاء العضوية الشيوعية أو إطالق سراحهم من السجن‪ ،‬وجعل أي‬
‫تدخل قوي في حقوق أعضاء النقابة جريمة فيدرالية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬وتجاوز القانون الجديد أحكامه‬
‫المتعلقة بالفساد واالبتزاز‪ ،‬فقد عدل قانون تافت‪-‬هارتلي في عدد من الحاالت المحددة التي أثرت على‬
‫عمليات المقاطعة واالعتصام لالعتراف‪ ،‬والتي حدت بشكل حاد من القوة االقتصادية لجميع النقابات‪.‬‬
‫وسع قانون الندروم‪-‬جريفين تفسير المقاطعة الثانية‪ ،‬التي حظرها تافت‪-‬هارتلي بالفعل‪ ،‬لتغطية‬
‫إكراه صاحب العمل من أجل جعله يتوقف عن التعامل مع صاحب عمل آخر كوسيلة لتعزيز المصالح‬
‫النقابية؛ وأعلنت أن االعتصام الموجه ضد شركة حيث قانون نقابة أخرى معترف به بالكامل هو‬
‫ممارسة عمل غير عادلة ‪.‬وفي قضية أخرى منفصلة ولكنها مثيرة للجدل أيضًا‪ ،‬فقد سمح للواليات‬
‫بتولي اختصاص النزاعات العمالية حيثما رفض المجلس الوطني لعالقات العمل التصرف‪.‬‬
‫لم يكن قانون ‪Landrum-Griffin‬مرضيًا تما ًما ألي شخص ‪.‬ولكن في حين أنها خيبت آمال‬
‫اإلدارة لعدم المضي قد ًما في الضوابط الجديدة التي تم فرضها على المقاطعة واالعتصامات‪ ،‬إال أنها‬
‫أثارت غضب العمال بشدة من خالل تعزيز ما كان يعتبر بالفعل إضرا ًبا عن العمل بدالً من تعديله‪.‬‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪401‬‬
‫األحكام الصارمة المناهضة للعمال في تافت‪-‬هارتلي ‪.‬نددت اللجنة التنفيذية لـ ‪AF‬التابعة لـ ‪L.-CIO‬‬
‫بشدة بالقانون الجديد وأعلنت أنه من وجهة نظر حزب العمال يشكل "أشد نكسة منذ أكثر من عقد من‬
‫الزمن ‪".‬وذكر االتحادي أنه مصمم "لتدمير العمل ‪" .‬وفي قطاعات أخرى من الجبهة التشريعية‪ ،‬كان‬
‫العمال يخوضون معاركهم بنجاح ‪.‬ولم تقم سوى واليتين أخريين بتمرير قوانين الحق في العمل المثيرة‬
‫للجدل إلى حد كبير منذ عام ‪ ،1955‬ويبدو أن هذه الحركة برمتها واجهت نكسة حاسمة عندما هزمت‬
‫كاليفورنيا‪ ،‬وأوهايو‪ ،‬وكولورادو‪ ،‬وأيداهو‪ ،‬وواشنطن مثل هذا التشريع في عام ‪1958.‬ولكن هنا كان‬
‫اتخذ الكونجرس ما تم تفسيره على أنه موقف متحيز للغاية مناهض للعمال في وقت كان قادة النقابات‬
‫يأملون فيه على نطاق واسع أن الضمانات المعقولة ضد الفساد ربما تكون مرتبطة بمزيد من الحرية‬
‫لألنشطة التنظيمية‪.‬‬
‫إلى حد ما‪ ،‬كان التشدد الذي يمثله قانون الندروم‪-‬جريفين بمثابة انتكاسة شديدة للعمل المنظم‬
‫صحي ًحا ‪.‬ولم يكن هناك شك في أن هذا يعكس تغيراً في الموقف الشعبي تجاه النقابات‪ ،‬مستوحى من ما‬
‫بدا في كثير من األحيان أنه سلطاتها االحتكارية‪ ،‬فضالً عن الكشف عن الفساد والعنف في تكتيكات‬
‫العمل ‪.‬لقد أظهر تصمي ًما من جانب الكونجرس على تبني سياسة عمل أكثر صرامة ‪.‬وتمكنت اإلدارة من‬
‫اغتنام زمام المبادرة في السعي للحد من صالحيات النقابات ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن القانون الجديد لم يضعف‬
‫بشكل ملموس األسس األساسية للقوة الحقيقية للعمل المنظم ‪.‬ولم يؤثر بأي شكل من األشكال على مثل‬
‫هذه األمور –األهداف الحقيقية للصناعة المحافظة –مثل حقوق المساومة الحصرية‪ ،‬أو العضوية‬
‫النقابية اإلجبارية‪ ،‬أو الحصانات القانونية للنقابات ‪.‬وكانت الضمانات التي تم وضعها ضد القيادة‬
‫النقابية غير المسؤولة أو الفاسدة والحماية المقدمة للديمقراطية النقابية في مصلحة العمال وكذلك في‬
‫مصلحة الجمهور ‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬كما هو الحال في قوانين العمل السابقة‪ ،‬فإن العواقب النهائية‬
‫لقانون الندروم‪-‬جريفين ستعتمد إلى حد كبير على تفسيره من قبل المحاكم‪.‬‬

‫وبينما كان الكشف عن الفساد النقابي يحفز هذه المعارك التشريعية حول سلطة العمل المنظم‪ ،‬كان‬
‫عمال الصناعة في البالد أنفسهم مستمرين في التمتع بالمكاسب التقدمية ‪-‬أجور أعلى‪ ،‬وساعات عمل‬
‫أقصر‪ ،‬وبرامج رعاية اجتماعية أفضل ‪-‬التي ميزت التاريخ االقتصادي للبالد منذ ذلك الحين ‪.‬الحرب‬
‫العالمية الثانية ‪.‬وقد حققت اتفاقيات المفاوضة الجماعية‬
‫‪402‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫التي تم التوصل إليها في النصف األخير من خمسينيات القرن العشرين تقدما ً جديداً بالنسبة ألعضاء‬
‫النقابات ‪.‬على سبيل المثال‪ ،‬فازت شركة ‪United Steelworkers‬بعقد إيجابي للغاية مدته ثالث‬
‫سنوات في عام ‪ ،1956‬وبعد ذلك بعامين توصلت شركة ‪United Automo bile Workers‬إلى‬
‫اتفاق ينص على عامل تحسين سنوي‪ ،‬وتكلفة ‪-‬تعديالت المعيشة وزيادة التأمين والمعاشات‪.‬‬
‫أدى االرتفاع المستمر في األجور الصناعية خالل هذه السنوات إلى رفع المتوسط السنوي إلى‬
‫دوالرا أسبوعيًا بحلول عام ‪ ،1960‬وكان متوسط أسبوع العمل في المصنع حوالي ‪40‬ساعة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪92.52‬‬
‫وقد تم تعويض هذه المكاسب جزئ ًيا من خالل االرتفاع المستمر في تكاليف المعيشة‪ ،‬لكن معدل الزيادة‬
‫تباطأ بما يكفي لتزويد العمال في البالد بزيادة حقيقية في األرباح ‪.‬إن المزايا اإلضافية التي يتمتع بها‬
‫معظم الموظفين‪ ،‬من خالل تحسين المعاشات التقاعدية وغيرها من المزايا التكميلية ‪ ،‬واإلجازات‬
‫األطول والمزيد من اإلجازات‪ ،‬ال يمكن مقارنتها بالظروف قبل التوسع الهائل في فترة ما بعد الحرب في‬
‫هذا المجال برمته‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان هناك جانب آخر لهذه الصورة من المكاسب االقتصادية المباشرة ‪.‬وقد توقف الرخاء‬
‫العام الذي شهدته فترة الخمسينيات بسبب الركود الذي حدث أثناء الفترة ‪1957-1958.‬إن تراجع‬
‫النشاط الصناعي‪ ،‬الذي لم يدم طويال لحسن الحظ‪ ،‬لم يؤثر بشكل خطير على أنماط األجور ولكنه تسبب‬
‫في ارتفاع حاد في البطالة ‪.‬وفي ذروة الركود بلغ مجموعهم نحو ‪ ،5.400.000‬أو ما يقرب من ‪6‬في‬
‫المائة من القوة العاملة ‪.‬لم يكن هذا مزع ًجا جدًا في حد ذاته‪ ،‬ولكن ما كان مصدر قلق كبير للعمال هو‬
‫أنه عندما قام االقتصاد بتصحيح نفسه وانتعاش اإلنتاج الصناعي‪ ،‬ظلت البطالة مرتفعة بشكل غير‬
‫كبيرا من المناطق الصناعية الكاسدة التي برزت في تناقض حاد‬ ‫متناسب ‪.‬ترك الركود في قطاره عددًا ً‬
‫مع الرخاء العام للبالد‪ ،‬وفي ربيع عام ‪ ،1960‬بلغ إجمالي البطالة حوالي ‪ ،3.500.000‬أو ‪4.9‬في‬
‫المائة من القوة العاملة الصناعية‪.‬‬
‫وهذا يبشر بالسوء للمستقبل ‪.‬ويبدو أنه يشير إلى البطالة المزمنة المستمرة التي لم تكن نتيجة‬
‫للكساد االقتصادي المؤقت بقدر ما كانت نتيجة لألتمتة الصناعية التي أعطتها األوقات العصيبة في‬
‫الفترة ‪1957-1958‬حافزا ً إضافيا ً لها ‪.‬كيف يمكن ألعضاء النقابات حماية أنفسهم بشكل فعال ضد‬
‫المزيد من غزوات التشغيل اآللي‪ ،‬والتي أدركت القيادة المسؤولة أنها حتمية في التوسع االقتصادي‬
‫المستقبلي للبالد‪ ،‬والتي برزت باعتبارها المشكلة األكثر صعوبة في العمل المنظم ‪.‬وكان همها هو ما‬
‫إذا كان استمرار تشغيل العاملين بأجر‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪403‬‬
‫‪ ،‬ناهيك عن فرص العمل الجديدة‪ ،‬يمكن التوفيق بينه وبين التطورات في العمليات الصناعية التي كانت‬
‫تعني بوضوح فرص عمل أقل حتى مع زيادة اإلنتاج نفسه ‪.‬لم تكن هناك إجابة جاهزة لهذه المشكلة‬
‫األساسية‪ ،‬لكن النقابات كانت تأمل في إمكانية تطوير برنامج يحمي الوظائف حيثما أمكن ذلك‪ ،‬ويوفر‬
‫صا جديدة للعمال المزاحين من خالل إعادة التدريب أو التعديالت الفردية األخرى ‪.‬وكان ال بد من‬
‫فر ً‬
‫االعتراف بمزايا زيادة الكفاءة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬لم يكن قادة العمال على استعداد للتضحية بمصالح العمال‬
‫األفراد بالكامل على مذابح األتمتة دون بذل بعض الجهد لمساعدتهم‪.‬‬

‫بشكل عام‪ ،‬كان النصف األخير من الخمسينيات خاليًا إلى حد كبير من أي صراع صناعي شديد‬
‫التدمير ‪ .‬بالطبع كانت هناك إضرابات عندما انهارت عمليات التفاوض الجماعي‪ ،‬لكن عدد أيام العمل‬
‫كبيرا جدًا ‪.‬لقد انخفض إلى ‪16‬مليونًا في عام ‪ ،1957‬وهو‬
‫ً‬ ‫الضائعة بسبب التوقف عن العمل لم يكن‬
‫أدنى مستوى في أي عام بعد الحرب‪ ،‬وحتى في عام ‪1958‬كان المجموع ‪23‬مليونًا فقط ‪.‬ومع ذلك‪،‬‬
‫شهد العام التالي إضرا ًبا ربما كان األطول الذي شهدته البالد على اإلطالق في صناعة كبرى‪ ،‬حيث بلغ‬
‫‪116‬يو ًما؛ األكثر تكلفة لجميع المعنيين‪ ،‬ولفترة من الوقت األكثر تهديدًا لالقتصاد الوطني ‪.‬وكانت‬
‫وراء هذا اإلضراب الكبير لصناعة الصلب عام ‪1959‬تلك القضايا المشؤومة التي طرحتها الوتيرة‬
‫السريعة لألتمتة الصناعية ‪.‬لقد كان في الواقع صراعًا على السلطة بين العمال واإلدارة‪ ،‬حيث سعى‬
‫عمال الصلب إلى الحفاظ على سلطتهم القضائية على قواعد العمل‪ ،‬والتي يمكن أن تساعد في حماية‬
‫الوظائف‪ ،‬وسعت صناعة الصلب إلى الحصول على يد مطلقة تما ًما للسيطرة على جميع طرق اإلنتاج‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫وربما كان من الطبيعي أن تقام هذه المسابقة داخل صناعة الصلب ‪.‬أعاد اإلضراب إلى األذهان‬
‫صراعات الماضي الكبرى ‪-‬إضراب هومستيد‪ ،‬وإضراب الصلب عام ‪ ،1919‬وإضراب الصلب الصغير‬
‫عام ‪1937 -‬حيث ناضل العمال بمرارة شديدة من أجل حقوقهم ضد القوة الراسخة ألضخم صناعة في‬
‫البالد ‪.‬ومرة أخرى في عام ‪ ،1959‬شعرت جميع قوى العمل المنظم وقوى الصناعة بأكملها أن‬
‫مصالحها كانت متورطة بعمق في نتيجة النضال من أجل الصلب ‪-‬وكانت هذه المرة صراعًا قات ًما على‬
‫التحمل بدالً من اندالع العنف والترهيب‪.‬‬
‫‪404‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ولم تكن الطبيعة الحقيقية للصراع واضحة في البداية ‪.‬ويبدو أن المفاوضات بشأن عقد جديد بين‬
‫عمال الصلب المتحدين وصناعة الصلب لم تكن أكثر من فصل آخر في المساومة التي ال نهاية لها حول‬
‫األجور‪ ،‬وكان من المعتقد بشكل عام أن النتيجة النهائية ستكون ذلك النوع من التسوية التوفيقية التي‬
‫ميزت كل المفاوضات ‪.‬عقد ما بعد الحرب ‪.‬وتوقع الجمهور العاجز زيادة أخرى في أجور الصلب يعقبها‬
‫ارتفاع آخر في أسعار الصلب ‪-‬وما يترتب على ذلك من حافز لدوامة تصاعدية في تكاليف المعيشة‪.‬‬
‫وكشف موقف الصناعة كما تطور في المراحل األولى من مفاوضات األجور عن تصميم واضح هذه‬
‫المرة على الدعوة إلى وقف أي زيادة أخرى في األجور ‪.‬وأصر المتحدثون باسمها على أن هذه هي‬
‫الطريقة الوحيدة للسيطرة على التضخم‪ ،‬وكانت حججهم تحظى بقدر كبير من الدعم الشعبي ‪.‬ومن‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬أعلن عمال الصلب أنهم يحق لهم الحصول على أجور أعلى في نضالهم من أجل زيادة‬
‫اإلنتاجية وارتفاع تكاليف المعيشة‪ ،‬وأكدوا بقوة أن أرباح شركات الصلب مكنتهم من منح زيادة معقولة‬
‫دون زيادة الصلب ‪.‬األسعار ‪.‬وكان االتفاق على هذه القضية صعبا ً في حد ذاته‪ ،‬ولم يتبين إال تدريجيا ً أن‬
‫هناك أمورا ً أخرى على المحك ‪.‬ألنه عندما طالبت الصناعة أيضًا بتعديل قواعد العمل الحالية‪ ،‬شدد‬
‫عمال الصلب مقاومتهم ‪.‬لقد رفضوا أي تنازالت بشأن ما كان بالنسبة لهم قضية أكثر أهمية من‬
‫األجور‪ ،‬حيث كان الحل الوسط ممكنًا دائ ًما‪.‬‬
‫في ظل هذه الظروف‪ ،‬توقفت مفاوضات العقود في منتصف يوليو‪/‬تموز‪ ،‬وأضرب عمال الصلب في‬
‫جميع أنحاء البالد عن العمل ‪.‬فشلت المحاوالت الالحقة للتوفيق بين المواقف المتباينة للعمال‬
‫والصناعة بانتظام رتيب‪ ،‬ومع استمرار اإلضراب ألسابيع ال نهاية لها على ما يبدو ووصول إمدادات‬
‫الصلب إلى ما يقرب من االستنفاد ‪ ،‬بدأ اقتصاد البالد بأكمله في التعثر ‪.‬وبدأ عامة الناس الغاضب‪،‬‬
‫الذين ما زالوا ال يفهمون القضايا المطروحة على المحك‪ ،‬بل شاهدوا فقط اتحاد الصلب وصناعة‬
‫الصلب يخوضون حرب األجور الخاصة على الحساب العام‪ ،‬في المطالبة بالتدخل الحكومي لصالح‬
‫السالم واالزدهار الصناعي ‪.‬تحركت إدارة أيزنهاور ببطء شديد وعلى مضض شديد ‪.‬آخر شيء أراده‬
‫الرئيس هو التورط في نزاع عمالي ‪.‬وأخيرا ً شعر بأنه مدفوع إلى التحرك‪ ،‬وفي أواخر تشرين األول‬
‫(أكتوبر )استند إلى األحكام المكتوبة في بنود الطوارئ في قانون تافت‪-‬هارتلي ‪.‬أي أنه أعلن أن‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪405‬‬
‫اإلضراب المستمر عن الصلب يعرض الصحة والسالمة الوطنية للخطر‪ ،‬وعين مجلس تحقيق خاص‪،‬‬
‫وعندما أبلغ على النحو الواجب أنه ال يستطيع اكتشاف أي أساس لتسوية اإلضراب‪ ،‬أمر وزارة العدل‬
‫بالتماس ثمانين محاكمة‪. -‬أمر قضائي ضد النقابة ‪.‬أيدت المحكمة الدورية األمر الزجري الذي أصدرته‬
‫المحكمة الجزئية‪ ،‬وعلى الرغم من أن النقابة استأنفت على أساس أن اإلضراب لم يخلق حالة طوارئ‬
‫وطنية (تعهدت بتوفير كل ما هو ضروري للدفاع الوطني)‪ ،‬إال أن المحكمة العليا بدورها أيدت الحكم ‪.‬‬
‫قرار المحكمة االبتدائية بأغلبية ‪8‬مقابل ‪1‬في ‪7‬نوفمبر ‪.‬عاد المضربون بعد ذلك إلى العمل‪ ،‬لكن عمال‬
‫الصلب المتحدون هاجموا اإلدارة بمرارة لكسر اإلضراب‪ ،‬ودون التنازل عن أي نقطة‪ ،‬بدا أنهم على‬
‫استعداد تام الستئناف اإلضراب عندما األمر الزجري قد أخذ مجراه‪.‬‬
‫وبدا أن الجمود ال يمكن التغلب عليه ‪.‬كان هناك الكثير من الحديث عن قضية األجور‪ ،‬لكن حجر‬
‫العثرة الحقيقي‪ ،‬الذي لم يكن أي من الطرفين على استعداد للتنازل عنه على اإلطالق‪ ،‬ظل الخالف حول‬
‫قواعد العمل وعالقتها المحتملة باألتمتة ‪.‬مع اقتراب العام من نهايته‪ ،‬أصبح احتمال تجديد اإلضراب‪،‬‬
‫مع عواقب أكثر خطور ة على االقتصاد بسبب استنفاد إمدادات الصلب المتراكمة في وقت سابق‪ ،‬غير‬
‫محتمل ‪.‬ال تزال خطوط االتحاد ثابتة ‪.‬والحقيقة أن إصرار عمال الصلب على الصمود تعزز بفضل‬
‫الموقف العنيد الذي اتخذته الصناعة بشأن قواعد العمل ‪.‬لبعض الوقت بدا أن الجبهة الصناعية تتأرجح‬
‫عندما ان سحبت شركة القيصر من ائتالف الشركات‪ ،‬وتوصلت إلى اتفاق مستقل مع النقابة‪ ،‬ولكن تم‬
‫رص الصفوف مرة أخرى ‪.‬وكرر المتحدثون باسم الصناعة إصرارهم على إجراء تغييرات في قواعد‬
‫العمل كشرط ضروري ألي عقد‪.‬‬
‫ثم في ‪5‬يناير ‪1960‬جاء اإلعالن عن اختراق مفاجئ ومثير ‪.‬وفي مواجهة الضغوط االقتصادية‬
‫والسياسية المتزايدة بشكل مطرد‪ ،‬والخوف من أن الحكومة بدالً من رؤية اإلضراب المتجدد سيفرض‬
‫تسوية غير مرضية‪ ،‬استسلمت صناعة الصلب في الواقع وتصالحت مع النقابة ‪.‬نصت االتفاقية على‬
‫زيادة مدفوعات المعاشات التقاعدية والتأمين وزيادة الحقة في األجور‪ ،‬ولكن األهم من ذلك أنها‬
‫أدرجت الحفاظ على قواعد العمل الحالية ‪.‬كما تم إنشاء لجنتين مشتركتين‪ ،‬إحداهما لدراسة مشاكل‬
‫العالقات اإلنسانية داخل الصناعة‪ ،‬واألخرى‬
‫‪406‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫لدراسة ظروف العمل المحلية تحت رئاسة رئيس محايد ‪.‬أعلن ديفيد ماك دونالد‪ ،‬زعيم عمال الصلب‪،‬‬
‫أن هذا أفضل عقد أبرمته النقابة على اإلطالق‪.‬‬
‫وكان انتصار النقابة‪ ،‬الذي تحقق في مواجهة مثل هذه المعارضة العنيدة‪ ،‬أكثر أهمية من حيث آثاره‬
‫على احتمال تسهيل عمليات األتمتة أكثر من زيادات األجور التي تم دفع مثل هذا الثمن الباهظ لها خالل‬
‫أربعة أشهر تقري ًبا من التعطل ‪. .‬وكان هذا النصر مه ًما للعمال ككل كما كان مه ًما للنقابة المعنية ألنه تم‬
‫تحقيقه في الواقع على مقاومة الصناعة ككل‪ ،‬التي دعمت شركات الصلب بقوة ‪.‬أعادت العمالة المنظمة‬
‫تأكيد قوتها االقتصادية للدفاع عن مصالح أعضاء النقابات ‪.‬وعلى الرغم من النكسات األخرى التي‬
‫عانت منها وكل ما يمكن قراءته في إقرار الكونجرس لقانون الندروم‪-‬جريفين‪ ،‬فقد أظهر مرة أخرى‬
‫الحيوية والقوة الكبيرتين للحركة التي يمثلها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬كان ال بد من االعتراف بأنه من وجهة نظر العمال والصناعة‪ ،‬بل وأكثر من ذلك من‬
‫وجهة نظر الجمهور األمريكي‪ ،‬فإن مخاطر حدوث إضراب آخر مثل ذلك الذي شل صناعة الصلب لفترة‬
‫طويلة يمكن أن تكون خطرة ‪.‬ستكون كارثية على االقتصاد الوطني ‪.‬ومن الواضح أن أحكام الطوارئ‬
‫الواردة في قانون تافت‪-‬هارتلي لم تكن حالً للمشكلة ‪.‬ويبدو من الواضح أنه ال بد من القيام بشيء ما‬
‫لتوفير ضمانات أكثر فعالية لمصلحة الجمهور ‪.‬كان الكونجرس مترددًا في التعامل مع هذه القضية في‬
‫عام االنتخابات‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من كل الحديث المباشر عن الحاجة إلى التحرك‪ ،‬بدا أن إضراب‬
‫الصلب قد تم نسيانه تما ًما بمجرد التوصل إلى اتفاق ‪.‬كانت هناك مقترحات لعقد مؤتمر رفيع المستوى‬
‫بين العمل المنظم والصناعة‪ ،‬وقد أيدها الرئيس أيزنهاور واستدعاها الح ًقا‪ ،‬ولكن لم يكن هناك مؤشر‬
‫يذكر على أنه سيتم فعل أي شيء آخر بشأن إحباط اإلضرابات على مستوى الصناعة حتى تواجه البالد‬
‫مرة أخرى حالة طوارئ وطنية‪. .‬‬
‫اندلعت إضرابات أخرى في عام ‪ ،1959‬بما في ذلك إضراب من جانب عمال الشحن والتفريغ الدولي‬
‫والذي دفع الرئيس أيضًا إلى تفعيل أحكام الطوارئ في قانون تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬لكن إضراب الصلب هيمن‬
‫على المشهد الصناعي ‪.‬لقد أثبتت أنها تجربة مروعة ‪.‬وقد ساعد االنتصار النهائي الذي حققه حزب‬
‫العمال في هذا الصراع على الجبهة االقتصادية على التعويض عن هزيمته على الساحة السياسية ‪.‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬اهتزت قيادة ‪AF‬لـ ‪L.-CIO‬بسبب تطورات العام‪ ،‬وشعرت‬
‫‪Labor Faces an Uncertain Future‬‬ ‫‪407‬‬
‫‪ ،‬كما أعلنت اللجنة التنفيذية‪ ،‬أن الحركة العمالية بالكاد تجاوزت "بعض أسوأ العواصف في تاريخ‬
‫النقابات العمالية‪".‬‬

‫ونتيجة لهذه التطورات‪ ،‬وجدت العمالة المنظمة نفسها في موقف صعب عند بداية الستينيات ‪.‬وعلى‬
‫انتصارا على صناعة الصلب‪ ،‬إال أنه ال يمكن تجاهل الحقائق القاسية المتمثلة في‬
‫ً‬ ‫الرغم من أنها حققت‬
‫أن الدافع لمزيد من تنظيم العاملين بأجر في البالد قد فقد زخمه وأن الرأي العام‪ ،‬كما يتجلى في القيود‬
‫الجديدة المدرجة في قانون الندروم ‪-‬يبدو أن قانون جريفين أكثر توجها ً ضد النقابات من أي وقت‬
‫مضى في العقد الماضي أو أكثر ‪.‬عندما اجتمع ‪AF‬لـ ‪L.-CIO‬في مؤتمره السنوي في خريف عام‬
‫‪ ،1959‬كان مزاج كال القادة والقواعد قات ًما‪ ،‬وكان الموضوع المهيمن على المؤتمر هو الحاجة إلى‬
‫الوحدة لمواجهة التحدي المتمثل في تجدد المعارضة‪. -‬الدافع العمالي ‪-‬ما كان يعتبر مؤامرة من‬
‫الشركات الكبرى إلضعاف أو تدمير الحركة العمالية بأكملها‪.‬‬
‫ولمواجهة هذا الوضع وتعزيز قدرة العمالة المنظمة على التعامل مع المشكالت التي تطرحها‬
‫التحوالت في القوى العاملة والتأثير المتزايد لألتمتة‪ ،‬كانت قيادة ‪AF‬في ‪L.-CIO‬مصممة على بذل‬
‫كل ما في وسعها الستعادة ثقة الجمهور ‪. .‬شرعت في حملة لبناء فكرة جديدة عن العمل المنظم من‬
‫شأنها أن تمحو الصورة التي رسمتها الكشف عن الفساد واالبتزاز الذي كشفت عنه لجنة ماكليالن ‪.‬‬
‫كان من المقرر تصوير حزب العمال كقوة اجتماعية ‪-‬ما وصفه الرئيس ميني بأنه "وسيلة للخير ‪" -‬لم‬
‫تكن مهتمة فقط بمطالبه التقليدية المتمثلة في زيادة األجور وظروف عمل أفضل ألعضاء النقابات‪،‬‬
‫ولكن أيضًا بمصالح العمال ‪.‬الشعب األمريكي ككل ‪.‬أكد خط الدعاية الجديد على القضايا األوسع التي‬
‫اتخذها العمال موقفا والمساهمات التي قدمها في التقدم االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬
‫وكانت لها حجة قوية ‪.‬وقد قدم التمويل اإلضافي التابع لـ ‪L.-CIO‬دعمه باستمرار لتوسيع برنامج‬
‫الضمان االجتماعي وزيادة الحد األدنى لألجور ‪.‬وقد دعت مرارا ً وتكرارا ً إلى تحسين اإلسكان‪ ،‬وزيادة‬
‫الدعم للتعليم‪ ،‬وضمان الحقوق المدنية بشكل أكثر فعالية ‪.‬لقد اتخذت داخل صفوف حزب العمال وفي‬
‫مجاالت أخرى موق ًفا صري ًحا لدعم التكامل العنصري وإنهاء التمييز‬
‫‪408‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫ضد الزنوج في جميع مناحي الحياة ‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬سعى االتحاد إلى ممارسة نفوذه في دعم سياسة‬
‫خارجية تحافظ في الوقت نفسه على الدفاع الوطني ضد تهديدات اإلمبريالية الشيوعية وتستكشف كل‬
‫طريق قد يؤدي إلى السالم والحرية للعالم بأسره ‪.‬من خالل التأكيد على هذه الجوانب من برنامجها‪،‬‬
‫والتي تم التأكيد عليها بشكل خاص في مؤتمرها المعني بالشؤون العالمية في أبريل ‪AF of ،1960‬‬
‫‪L.-C.LO.‬من الواضح أنه كان يأمل في خلق صورة أكثر إيجابية وتعاطفا ً للحركة العمالية في العقل‬
‫الشعبي‪.‬‬
‫ومهما سعى قادتها إلى توسيع نطاق أهداف العمل وغاياته العامة والتأكيد على "التزامه بالقيادة‬
‫األخالقية"‪ ،‬إال أن وضع األجير ظل الشغل الشاغل للحركة النقابية ‪.‬كما هو الحال في كل فترة سابقة‪،‬‬
‫كانت صياغة السياسات التي من شأنها أن تحمي وتعزز المصالح المباشرة للعمال بشكل أكثر فعالية ‪،‬‬
‫أول مطلب على القيادة العمالية ‪.‬إن االعتراف بأن العمال كان يعتمد على الدعم العام‪ ،‬وأن هذا الدعم‬
‫يعتمد بدوره على قناعة شعبية بأن العمال مستعدون للتصرف بمسؤولية‪ ،‬يمكن تفسيره على أنه تقييم‬
‫قادرا‬
‫واقعي للغاية لموقف العمال في العصر الجديد ‪.‬ما إذا كان العمل على مثل هذه االفتراضات سيكون ً‬
‫على إيجاد الوسائل الالزمة لمواجهة المشاكل العميقة التي واجهتها العمالة المنظمة بنجاح‪ ،‬فال يزال‬
‫يتعين علينا أن نرى‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫الثاني والعشرون ‪:‬بوستسكريبت‬


‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫تأثيرا عمي ًقا على الحركة العمالية المنظمة ‪.‬لقد‬


‫ً‬ ‫طوال التاريخ األمريكي‪ ،‬أثرت بعض العوامل األساسية‬
‫حالت حرية وفرصة الحياة في الواليات المتحدة دون تطور أي وعي طبقي حقيقي ‪.‬كان الفائض العام‬
‫من العمال الناتج عن التدفق المستمر للمهاجرين حتى السنوات األخيرة يميل إلى جعل تنظيم العمل‬
‫الفعال صع ًبا على نحو غير عادي‪ ،‬مع وجود اختالفات في العرق واللغة والدين تثبت لفترة من الوقت‬
‫وجود حواجز ال يمكن التغلب عليها تقريبًا أمام التعاون في صناعات اإلنتاج الضخم ‪.‬وكانت اإلدارة‬
‫لفترة طويلة تعارض بشدة النقابات العمالية‪ ،‬ليس فقط على أساس الميزة االقتصادية ولكن بسبب‬
‫فلسفة عدم التدخل السائدة‪ ،‬والتي‪ ،‬على الرغم من الممارسات االحتكارية في الصناعة‪ ،‬حرمت العمال‬
‫من حق العمال في التجمع من أجل عمل منسق‪.‬‬
‫إن الحركة العمالية األمريكية‪ ،‬ومرة أخرى بسبب ظروف الحياة في الواليات المتحدة‪ ،‬لم يكن لديها‬
‫قط فلسفة متسقة تتشكل بأي شكل من األشكال مع األنماط التي يمكن تمييزها في البلدان األوروبية ‪.‬في‬
‫المراحل األولى من الثورة الصناعية‪ ،‬فكر القادة العماليون األمريكيون بعبارات غامضة في إنشاء‬
‫كومنولث تعاوني يمتلك فيه العمال أنفسهم وسائل اإلنتاج في نهاية المطاف ‪.‬يبدو أن هذه البرامج‬
‫الطوباوية تسعى إلى الهروب من تداعيات الصناعة بدالً من التكيف مع حقائقها القاسية‪ ،‬ونادرا ما‬
‫يقدم لها العمال الدعم الصادق ‪.‬وألنهم يؤمنون بالفرص التي توفرها الحياة األمريكية ألنفسهم‪ ،‬بل‬
‫وأكثر من ذلك ألطفالهم‪ ،‬فقد كان لديهم إيمان أساسي بالرأسمالية الديمقراطية ‪.‬لقد كانوا مهتمين‬
‫بشكل شبه حصري بتحسين وضعهم االقتصادي ووضعهم االجتماعي داخل الهيكل الحالي للمجتمع‪.‬‬
‫لم يتأثر العمل األمريكي في أي وقت بشكل خطير بمبادئ االشتراكية الماركسية أو تم تحويله بشكل‬
‫مهم عن موقفه المحافظ بشكل أساسي بشأن القضايا السياسية واالقتصادية ‪.‬في بعض األحيان ‪409‬‬
‫‪410‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫إن حاالت النشاط الراديكالي‪ ،‬سواء كان العنف من جانب ‪IWW‬أو الدعاية والتآمر من قبل‬
‫الشيوعيين‪ ،‬لم تؤدي إال إلى التقليل من االعتدال الذي ميز وجهات النظر التي تتبناها األغلبية الساحقة‬
‫من العمال األمريكيين ‪.‬كما أن تأثير التطورات االقتصادية الحالية لم يخدم بأي شكل من األشكال الثقة‬
‫التي يتطلع بها العمال إلى المستقبل في ظل نظام المشاريع الحرة ‪.‬تكشف استطالعات الرأي األخيرة‬
‫بين العاملين بأجر أنهم ال يزالون يؤمنون بإمكانيات التقدم الفردي والجماعي في الواليات المتحدة‬
‫فحسب‪ ،‬بل إن األغلبية مقتنعة بأن أطفالهم سوف يتمتعون بحياة أكثر وفرة من تلك التي عاشوها هم‬
‫أنفسهم‪.‬‬
‫ولهذه األسباب‪ ،‬باءت كل محاولة لتشكيل حزب عمالي بالفشل ‪.‬وبدون أي هدف محدد مثل‬
‫االشتراكية لتوحيدهم‪ ،‬كان العاملون باألجر تاريخ ًيا متنوعين في والءهم السياسي مثل أعضاء أي‬
‫مجموعة أخرى في المجتمع األمريكي ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬وبقدر ما يكون أي تعميم ممكنا‪ ،‬يمكن القول إن‬
‫تأثيرهم قد انحاز إلى جانب اإلصالح االجتماعي والتقدم التقدمي ‪.‬لقد ثبت أن األهداف األساسية للعمل‬
‫أوسع من المصالح المباشرة لألجراء كطبقة ‪.‬لقد كانت هناك انتهازية‪ ،‬وأنانية ضيقة‪ ،‬وانعدام‬
‫للمسؤولية في الحركة العمالية األمريكية ‪ ،‬كما هو الحال في كل حركة اقتصادية أو سياسية‪ ،‬ولكن‬
‫القناعات الديمقراطية القوية موجودة ضمنا في تفكير جميع النقابيين تقريبا ‪.‬لقد تطلعوا نحو التطور‬
‫التدريجي لمجتمع تكون فيه فرص ومكافآت الحياة األمريكية متاحة للشعب ككل على أساس المساواة‬
‫المتزايدة‪.‬‬
‫أدى فشل كل من االتحاد العمالي الوطني وفرسان العمل في إنشاء حركة عمالية موحدة بقوة إلى‬
‫ظهور حركات جديدة في نهاية القرن التاسع عشر ‪.‬وتم التركيز على العمل النقابي التجاري ‪.‬لقد‬
‫وضعت ‪AF‬لـ ‪L.‬جان ًبا بحزم األهداف األكثر شموالً أو البعيدة عن التحسين الفوري لظروف العمل‬
‫ألعضائها النقابيين ‪.‬تم تكييف هذا البرنامج بشكل جيد مع ظروف ذلك اليوم ونجح ‪AF of L.‬ألول‬
‫مرة في بناء اتحاد وطني دائم بين العاملين بأجر أمريكي ‪.‬لكن الفرص التي أتاحتها الصفقة الجديدة‬
‫جعلت من الممكن حدوث تحول آخر في النهج التنظيمي‪ ،‬وأدت أيضًا إلى إحياء االهتمام بالسياسة‬
‫واإلصالحات التي ال يمكن تحقيقها إال من خالل العمل السياسي ‪.‬في حين أن ‪ ،CIO‬الذي تم إنشاؤه‬
‫كمنظمة منافسة للضغط على مطالبات النقابات الصناعية بدالً‬
‫‪Postscript‬‬ ‫‪411‬‬
‫من النقابات الحرفية‪ ،‬أخذ زمام المبادرة على هذا المنوال‪ ،‬فقد قام ‪AF of L.‬أيضًا بتوسيع نظرته‬
‫وتغيير سياساته ‪.‬إن فلسفة العديد من القادة العماليين في الوقت الحاضر أقرب إلى فلسفة ويليام‬
‫سيلفيس وتيرينس باودرلي منها إلى فلسفة صامويل جومبرز ‪.‬وعلى الرغم من االختالفات الطبيعية‬
‫كبيرا من االتفاق على األهداف المشتركة التي تتجاوز القضايا‬
‫قدرا ً‬
‫داخل صفوف العمال‪ ،‬إال أن هناك ً‬
‫التي يطرحها األمن النقابي أو اتفاقيات ساعات األجر ‪.‬وبينما ال يزال حزب العمال يعارض وجود طرف‬
‫ثالث‪ ،‬فإنه أصبح أكثر نشا ًطا سياسيًا من أي وقت مضى‪ ،‬وينجح في ذلك‪.‬‬
‫والواقع أن العمالة أصبحت قوية للغاية في األعوام األخيرة‪ ،‬مرة أخرى على الصعيدين االقتصادي‬
‫والسياسي‪ ،‬حتى أن الطريقة التي تستخدم بها قوتها أصبحت ذات أهمية قصوى ‪.‬هناك إمكانات هائلة‬
‫للخير والضرر في النشاط النقابي‪ ،‬ومستقبل جائزة الدخول المجاني يعتمد إلى حد كبير على القيادة‬
‫العمالية المسؤولة بقدر ما يعتمد على القيادة المسؤولة في الصناعة‪.‬‬
‫إن التحسن المستمر في وضع العاملين بأجر ينبغي أن يساعد بشكل ملموس في حماية مؤسساتنا‬
‫االقتصادية واالجتماعية ‪.‬فقط من خالل القوة الشرائية المعززة الناتجة عن ارتفاع األجور‪ ،‬والمشاركة‬
‫األوسع في األنشطة االجتماعية نتيجة لساعات عمل أقصر‪ ،‬يمكن للعمل ككل أن يلعب دوره في الحفاظ‬
‫على استقرار أسلوب الحياة األمريكي ‪.‬ويمكن القول بصدق أن مكاسب العمل هي مكاسب لألمة ككل‬
‫على المدى الطويل ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن النقابات الكبرى اليوم‪ ،‬إن لم يكن لسبب آخر غير حجمها‪ ،‬يمكن أن‬
‫تشكل أيضًا تهديدًا للمجتمع الديمقراطي من خالل الممارسة التعسفية لقوتها االقتصادية ‪.‬ال يمكن‬
‫التغاضي عن احتكار العمل كما ال يمكن التغاضي عن االحتكار الصناعي ‪.‬إن السياسات التي تتجاهل‬
‫المصلحة العامة تكون خطيرة عندما تكون سياسات العمال المنظمين بقدر ما تكون خطيرة عندما تكون‬
‫سياسات رجال األعمال المنظمين ‪.‬وال يمكن للديمقراطية أن تسمح ألي مجموعة بمفردها‪ ،‬مهما كانت‬
‫قاعدتها واسعة النطاق‪ ،‬بتحقيق هيمنة غير منضبطة في المجال االقتصادي أو السياسي‪.‬‬
‫لقد كانت فترة ما بعد الحرب غير عادية في العديد من النواحي ‪.‬وقد أثرت سماتها البارزة ‪-‬الهيمنة‬
‫المستمرة على الشؤون الخارجية نتيجة للتهديد المتزايد من اإلمبريالية الشيوعية ‪-‬بشكل مباشر على‬
‫العالقات الصناعية بقدر ما أثرت على المراحل األخرى من الحياة المحلية ‪.‬إن اإلنتاج المتزايد الذي‬
‫كثيرا الحتياجات الدفاع الوطني والمعونة الخارجية‪ ،‬وما ترتب على ذلك من ضغوط تضخمية‬ ‫ً‬ ‫يدين‬
‫أثرت بعمق على االقتصاد الوطني‪ ،‬كان لها دور بالغ‬
‫‪412‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫األهمية في تعزيز وضع العمل ‪.‬بالنسبة لإليجابيات ‪ ،‬فقد حدت القضايا المتنازع عليها مباشرة بين‬
‫اإلدارة والموظفين إلى حد كبير جدًا إلى تقسيم أرباح تجربة الصناعة التي كانت كبيرة بما يكفي لتوفير‬
‫أرباح كبيرة للشركة ‪-‬وفي بعض األحيان قياسية ‪-‬وأيضًا بشكل مطرد ارتفاع األجور ‪.‬في هذه‬
‫الظروف المحظوظة‪ ،‬تم الحفاظ على اقتصاد متوازن بشكل معقول من خالل القوى الموازنة للصناعة‬
‫الكبرى والعمالة الكبيرة ‪-‬جنبًا إلى جنب مع تجارة التجزئة الكبيرة والزراعة الكبيرة ‪.‬وكان هناك‬
‫المزيد من التأثير المنتشر‪ ،‬واألكثر إثارة لإلشكاليات في بعض األحيان‪ ،‬للحكومة الكبيرة في تعزيز‬
‫الضمان االجتماعي‪.‬‬
‫أما الكيفية التي قد يتأثر بها التوازن الحالي لهذه القوى التعويضية باالنحدار االقتصادي والكساد‬
‫المحتمل فهي مسألة أخرى تماما‪ ،‬وهناك المزيد من الشكوك حول الدور الذي قد تلعبه الحكومة الكبيرة‬
‫في المستقبل ‪.‬ولكن في عام ‪ ،1960‬بدا أن العمال المنظمين مستعدون لالعتماد إلى حد كبير ‪-‬إن لم‬
‫يكن كل ًيا ‪-‬على قوتهم االقتصادية لحماية مصالح أعضاء النقابات ‪.‬وبينما أدركت تما ًما أهمية‬
‫التشريعات الصديقة‪ ،‬كما أشارت الحملة المستمرة ضد قانون تافت‪-‬هارتلي وقوانين "الحق في‬
‫العمل "في الواليات‪ ،‬فإن النهج الجديد كان يتمثل في السعي للحصول على تشريعات فيدرالية على‬
‫طول خطوط أكثر عمومية من شأنها الحفاظ على المبادئ األساسية التي تم وضعها أوالً بموجب قانون‬
‫فاغنر بدالً من توضيح المزيد من الضمانات الحكومية المحددة‪.‬‬
‫تسببت النزاعات التي نشأت بين اإلدارة والعمال في السنوات األخيرة في بعض األحيان في حدوث‬
‫انقطاعات خطيرة في الحياة االقتصادية للبالد ‪.‬وقد أدت في بعض األحيان إلى تدخل الحكومة ‪.‬وكان ال‬
‫بد من االعتراف بأنه عندما يؤدي فشل أصحاب العمل والموظفين في حل خالفاتهم إلى تعريض‬
‫الصالح العام للخطر ‪ ،‬فإن الدولة تتحمل مسؤولية أو التزام باستخدام سلطتها لحماية مصالح الشعب‬
‫ككل ‪.‬لقد تم التخلص تماما من مفاهيم عدم التدخل التي كانت سائدة في العصور السابقة ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫االهتمام الذي اجتذبته اإلضرابات القليلة التي اتخذت أبعادًا خطيرة حقًا أو دعت إلى التدخل الحكومي‪،‬‬
‫قد يتكرر‪ ،‬يميل إلى حجب العدد الهائل من الحاالت التي نجح فيها تحقيق مكاسب جماعية‪ ،‬والتي تم‬
‫فيها إبرام االتفاقات ‪.‬يتم التوصل إليها بين اإلدارة والعمال دون اللجوء إلى اإلضرابات أو التوقف عن‬
‫العمل‪.‬‬
‫إن النطاق المتوسع بشكل مطرد لهذه المفاوضة الجماعية‪ ،‬والقبول‬
‫‪Postscript‬‬ ‫‪413‬‬
‫المتزايد للتحكيم أو الوساطة عندما تنهار المفاوضات مؤقتًا‪ ،‬وااللتزام العام بعقود النقابات‪ ،‬وتناقص‬
‫العنف عند اندالع اإلضرابات‪ ،‬يشهد على تزايد الشعور بالمسؤولية من جانب كال الطرفين ‪.‬اإلدارة‬
‫والعمل ‪.‬في العالقات الصناعية تظل واحدة من أكثر القضايا الحادة في المجتمع الحديث ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫النضج المتزايد للنقابات ‪-‬وخاصة في حالة النقابات الصناعية الجديدة ‪-‬ال يزال يقدم أعلى وعد بأن‬
‫الحملة الطويلة التي خاضتها العمالة األمريكية من أجل االعتراف بحقوقها تعمل ليس فقط لصالح‬
‫العاملين بأجر في البالد‪ ،‬بل لصالحهم أيضًا ‪.‬أن الشعب ككل‪.‬‬
‫وهناك أمر آخر ظهر واضحا ً في عام ‪1960.‬وهو أن وجود النقابات الحرة الديمقراطية كان بمثابة‬
‫حصن قوي في الدفاع عن المجتمع الحر ‪.‬وفي مواجهة التهديد الشمولي الذي تمثله الشيوعية ‪ ،‬لم‬
‫يكن هناك تأثير أقوى يعمل على دعم المبادئ األساسية للديمقراطية األمريكية من الحركة العمالية‬
‫المنظمة ‪ .‬لقد انحازت بشكل ال لبس فيه‪ ،‬كما يتضح من الدعم الذي قدمته للسياسات الليبرالية في‬
‫الداخل والخارج‪ ،‬مع تلك القوى التي كان هدفها المستمر هو خلق أمريكا حرة وآمنة في عالم حر‬
‫وآمن‪.‬‬
‫‪xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx‬‬

‫مالحظات ببليوغرافية‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫إن أدب الحركة العمالية في الواليات المتحدة‪ ،‬كما ذكر المؤلف في الطبعة األولى من كتاب العمل في أمريكا‪ ،‬الصادر‬
‫عام‪ ، 1949‬هائل ‪.‬وخالل هذه السنوات االثنتي عشرة الماضية‪ ،‬كان يتزايد بسرعة أكبر ‪.‬للحصول على قوائم ببليوغرافية‬
‫إي ‪.‬ماكوي‪ ،‬تاريخ العمل والنقابات في الواليات‬ ‫أكمل مما تحاول هذه المالحظات‪ ،‬تتم إحالة القارئ إلى رالف‬
‫؛ والببليوغرافيات الحالية المتوفرة في مجلة مراجعة‬ ‫شامبين‪ ،‬إلينوي‪1953،‬‬ ‫المتحدة؛ ببليوغرافيا مختارة‪،‬‬
‫العالقات الصناعية والعمالية‪ ،‬التي تنشرها كل ثالثة أشهر بواسطة كلية والية نيويورك للعالقات الصناعية وعالقات‬
‫العمل‪ ،‬جامعة كورنيل‪ ،‬إيثاكا‪ ،‬نيويورك ‪.‬ما يلي ليس أكثر من قائمة مشتركة لتلك المصادر‪ ،‬األولية والثانوية‪ ،‬التي أثبتت أنها‬
‫مفيدة للغاية للمؤلف عندما كتب هذا الكتاب في األصل‪ ،‬ومثل هذه الكتب الالحقة التي يجب أن تثبت‪ ،‬على أساس انتقائي للغاية‪،‬‬
‫أنها ذات أهمية وقيمة بالنسبة للمؤلف ‪.‬جميع طالب تاريخ العمل األمريكي‪.‬‬
‫كان العمل األساسي ألي دراسة عن العمل األمريكي منذ فترة طويلة هو جون ر ‪.‬كومونز وشركاه‪ ،‬تاريخ وثائقي‬
‫للمجتمع الصناعي األمريكي‪10 ،‬مجلدات‪ ،‬كليفالند‪ 1910. ،‬ويكمل هذا كتاب المؤلف نفسه تاريخ العمل في‬
‫الواليات المتحدة ‪ ،.‬مجلدان ‪ ،‬نيويورك‪ ، 1926،‬وأضيف إليهما الحقًا مجلدان آخران ‪:‬دون د ‪.‬ليسكوهير وإليزابيث‬
‫برانديز‪ ،‬تاريخ العمل في الواليات المتحدة‪ ،1896-1933 ،‬ظروف العمل‪ ،‬نيويورك‪ ، 1935،‬وسيليج بيرلمان‬
‫وفيليب تافت‪ ،‬تاريخ العمل في الواليات المتحدة‪ ،1896-1932 ،‬الحركات العمالية‪ ،‬نيويورك‪1935.،‬‬
‫هناك عدد من التواريخ العامة األخرى‪ ،‬المستمدة إلى حد كبير من هذه الدراسات الرائدة‪ ،‬تشمل ماري بيرد‪ ،‬تاريخ‬
‫قصير للحركة العمالية األمريكية ‪ ،‬نيويورك‪ 1920،‬؛ مارجوري ر ‪.‬كالرك وأ‪.‬ف ‪.‬سيمون‪ ،‬الحركة العمالية في‬
‫أمريكا‪ ،‬نيويورك‪ 1938،‬؛ سيليج بيرلمان‪ ،‬تاريخ الحركة النقابية في الواليات المتحدة‪ ،‬نيويورك‪١٩٢٢ ،‬؛‬
‫صامويل ب ‪.‬أورث‪ ،‬جيوش العمل‪ ،‬نيو هيفن‪ 1921،‬؛ وأنتوني بيمبا‪ ،‬تاريخ الطبقة العاملة األمريكية‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪1927.‬ال أحد من هذه الكتب يسرد القصة حتى اآلن أو يكون مرضيًا للغاية حقًا‪.‬‬
‫الدراسات األخرى التي تتضمن مواد مثيرة لالهتمام حول الخلفيات التاريخية‪ ،‬على الرغم من أن هذا ليس هدفها‬
‫الرئيسي‪ ،‬هي ‪ HA Millis‬و‪ ، R. E. Mont gomery‬منظمة العمل‪ ،‬نيويورك‪ 1945،‬؛ نورمان ج ‪.‬وير‪ ،‬العمل في‬
‫العمل المنظم في التاريخ األمريكي‪،‬‬ ‫بوسطن‪ 1935،‬؛ فرانك تريسي كارلتون‪،‬‬ ‫المجتمع الصناعي الحديث‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1920،‬؛ وديفيد ج ‪.‬سابوس‪ ،‬قراءات في الحركة النقابية‪ ،‬نيويورك‪1926.،‬‬
‫تاريخ الحق وسهل القراءة للغاية‪ ،‬على الرغم من التركيز إلى حد كبير على عدد قليل من‪414‬‬
‫‪Bibliographical Notes‬‬ ‫‪415‬‬
‫نيو هيفن‪ 1938،‬؛ وتجدر اإلشارة أيضًا إلى‬‫ومن بين النقابات األكثر أهمية‪ ،‬هربرت هاريس‪ ،‬حزب العمل األمريكي‪،‬‬
‫فيليب س ‪.‬فونر‪ ،‬تاريخ الحركة العمالية في الواليات المتحدة‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬نيويورك‪ 1947 ،‬و ‪1955.‬الكتاب األخير‬
‫ماركسي في منهجه‪ ،‬لكنه مثير لالهتمام في إغراءه ‪ .‬لالبتعاد عن تفسير كومنز وقيمته العالية لثروته من االقتباسات من‬
‫نيويورك‪، 1959،‬‬ ‫مصادر العمل المعاصرة ‪.‬أحدث وأحدث التاريخ العام هو جوزيف ج ‪.‬رايباك‪ ،‬تاريخ العمل األمريكي‪،‬‬
‫وهو نص شامل ودقيق‪.‬‬
‫على الرغم من أن كتاب سيليج بيرلمان‪ ،‬نظرية الحركة العمالية‪ ،‬نيويورك‪ 1928 (،‬أعيد طبعه)‪ ، 1949‬ال يزال‬
‫مثيرا لالهتمام‪ ،‬على الرغم من كتابته قبل ثالثين عا ًما ‪.‬يمكن العثور على البيانات اإلحصائية األساسية عن النقابات في ليو‬
‫ً‬
‫وولمان‪ ،‬نمو نقابات العمال األمريكية‪ ،‬واشنطن‪ ، 1924،‬المد والجزر في الحركة النقابية‪ ،‬واشنطن‪، 1936،‬‬
‫واألجور وتكاليف المعيشة‪ ،1939-1947 ،‬واشنطن‪1948.،‬‬
‫تجدر اإلشارة أيضًا إلى أنه من بين الدراسات العامة‪ ،‬على الرغم من أنها تقتصر على‪ ، AF of L.‬هناك مجلدان حديثان‬
‫لفيليب تافت‪ AF of L. ،‬في زمن ‪ ،Gompers‬نيويورك‪ ، 1957،‬و ‪ AF of L.‬من وفاة جومبرز لالندماج‪،‬‬
‫نيويورك‪1959.،‬‬
‫إن وقائع مختلف الجمعيات العمالية‪ ،‬والمجالت العمالية‪ ،‬وكتابات السيرة الذاتية للقادة العماليين‪ ،‬والمقاالت المعاصرة‬
‫وغيرها من المقاالت الخاصة‪ ،‬والتي سيتم االستشهاد ببعضها تحت عناوينها الموضعية المناسبة‪ ،‬تكمل بالطبع هذه المواد‬
‫وغيرها من‬ ‫األكثر تنظي ًما والمتاحة بسهولة ‪.‬غالبًا ما تكون التقارير الحكومية مهمة جدًا‪ ،‬خاصة مراجعة العمل الشهرية‬
‫مؤخرا إنشاء مجلة مستقلة جديدة بعنوان‪Labour History .‬‬
‫ً‬ ‫منشورات مكتب إحصاءات العمل ‪.‬تم‬

‫الفترة االستعمارية‬
‫_ _‬ ‫الفصل األول‬
‫هناك مواد متاحة عن العبودية والخدم المتعاقدين في المجتمع االستعماري أكثر بكثير من المواد المتوفرة عن وضع العمال‬
‫األحرار ‪.‬هناك بعض المعلومات المفيدة في التكوين في كومنز‪ ،‬تاريخ وثائقي للمجتمع الصناعي األمريكي‪ ،‬ولكن‬
‫ربما تكون الدراسة األكثر فائدة لهذه الفترة هي دراسة ريتشارد ب ‪.‬موريس‪ ،‬الحكومة والعمل في أمريكا المبكرة‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1946. ،‬ماركوس دبليو جيرنيجان‪ ،‬العمل والطبقات التابعة في أمريكا االستعمارية‪ ،‬شيكاغو‪، 1931،‬‬
‫مفيدة جدًا أيضًا‪ ،‬وكذلك األباتي إي ‪.‬سميث‪ ،‬المستعمرون في العبودية‪ ،‬تشابل هيل‪ ، 1947،‬وكارل بريدنباو‪ ،‬الحرفي‬
‫االستعماري‪ ،‬إيثاكا‪ 1950. ،‬مصادر عامة أخرى تعالج ظروف العمل باختصار هي جيمس تروسلو آدامز‪ ،‬الجمعية‬
‫اإلقليمية‪ ،‬نيويورك‪ 1927،‬؛ كارل بريدنباو‪ ،‬مدن في البرية‪ ،‬نيويورك‪ 1938،‬؛ كيرتس ب ‪.‬نيتلز‪ ،‬جذور الحضارة‬
‫األمريكية‪ ،‬نيويورك‪ 1939،‬؛ جون سي ميلر‪ ،‬أصول الثورة األمريكية‪ ،‬بوسطن‪ 1943،‬؛ كلود فان تاين‪ ،‬أسباب‬
‫‪416‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫نيويورك‪1927.،‬‬ ‫الحرب من أجل االستقالل‪ ،‬نيويورك‪ 1922،‬؛ وتوماس جيه ‪.‬فيرتنباكر‪ ،‬األمريكيون األوائل‪،‬‬

‫جمعيات العمل المبكرة وأحزاب العمال‬


‫الفصول من الثاني إلى الرابع‬
‫يتوفر قدر كبير من المواد المصدرية حول هذه المواضيع في مجلس العموم والتاريخ الوثائقي‪ ،‬ولكن من األفضل‬
‫دراسة أنشطة أحزاب العمال من خالل الصحف المعاصرة وقد اعتمد المؤلف بشكل كبير على محامي الرجل العامل‪ ،‬الذي‬
‫نُشر في نيويورك من عام ‪ 1829‬إلى عام ‪ 1836.‬موريس‪ ،‬الحكومة والعمل في أمريكا المبكرة لديه معلومات قيمة‬
‫عن بدايات االنضمام إلى النقابات؛ ويعالجه كتاب كومنز‪ ،‬تاريخ العمل في الواليات المتحدة‪ ،‬بشكل شامل‪ ،‬وهناك بعض‬
‫المواد التكميلية في كتاب وير‪ ،‬العمل في المجتمع الصناعي الحديث ‪.‬يتم إلقاء ضوء جانبي من حين آلخر على القصة‬
‫في فرانك تريسي كارلتون‪ ،‬تاريخ ومشاكل العمل المنظم‪ ،‬بوسطن‪ ، 1920،‬ودراسة قصيرة غير عادية هي جون باخ‬
‫ماكماستر‪ ،‬اكتساب الحقوق السياسية واالجتماعية والصناعية لإلنسان في أمريكا‪ ،‬كليفالند‪ 1903. ،‬وهناك‬
‫كتاب يتناول جزئيًا دور العمال في صعود الديمقراطية الجاكسونية هو آرثر إم ‪.‬شليزنجر االبن‪ ،‬عصر جاكسون‪ ،‬بوسطن‪،‬‬
‫‪1945.‬وهناك عدد من المقاالت الالحقة‪ ،‬مثل ويليام أ ‪.‬سوليفان‪ "،‬هل دعم حزب العمال أندرو جاكسون؟ "تعارض مجلة‬
‫العلوم السياسية الفصلية‪ ،‬ديسمبر‪ ، 1947‬وجهة نظره ‪.‬انظر أيضًا دراسة سوليفان المتأنية‪ ،‬عامل صناعي في‬
‫بنسلفانيا‪ ،‬فيالدلفيا‪1955.،‬‬

‫منتصف القرن والمنظمة الوطنية‬


‫الفصول من الخامس إلى السابع‬
‫يمكن تتبع القصة المستمرة للحركة العمالية خالل هذه السنوات مرة أخرى في تاريخ العمل العام‪ ،‬ولكن هناك وصف أكثر‬
‫تفصيالً لحالة العمال في هذه الفترة في نورمان جيه وير‪ ،‬العامل الصناعي‪ ،1840-1860 ،‬نيويورك‪ 1924. ،‬هناك‬
‫أيضًا بعض المواد في لويس إم هاكر‪ ،‬انتصار الرأسمالية األمريكية‪ ،‬نيويورك‪ ، 1940،‬وأالن نيفينز‪ ،‬ظهور أمريكا‬
‫الحديثة‪ ،‬نيويورك‪ 1927. ،‬تم تسجيل تطورات ما بعد الحرب األهلية في ثالثة كتب ‪.‬تتمحور حول حياة رئيس اتحاد العمال‬
‫الوطني ‪:‬جيمس سي ‪.‬سيلفيس‪ ،‬حياة وخطب وعمل ومقاالت ويليام إتش ‪.‬سيلفيس‪ ،‬فيالدلفيا‪١٨٧٢ ،‬؛ جوناثان‬
‫غروسمان‪ ،‬ويليام سيلفيس‪ ،‬رائد العمل األمريكي‪ ،‬نيويورك‪ 1945،‬؛ وشارلوت تودز‪ ،‬ويليام إتش ‪.‬سيلفيس‬
‫واتحاد العمال الوطني‪ ،‬نيويورك‪ 1942. ،‬هناك أيضًا مواد أصلية أصلية عن هذه الفترة في ‪Terence V.‬‬
‫‪Powderly, Thirty Tears of Labor, Columbus, 1890.‬‬
‫تم تصوير قصة اإلضرابات والعنف خالل فترة الكساد في سبعينيات القرن التاسع عشر بشكل بياني في الصحف والمجالت‬
‫في ذلك الوقت‪ ،‬وال سيما صحيفة نيويورك تايمز‪ ،‬ونيويورك تريبيون ‪ ،‬وهاربرز ويكلي‪،‬‬
‫‪Bibliographical Notes‬‬ ‫‪417‬‬
‫والتي استخدمها المؤلف على نطاق واسع ‪.‬هناك أيضًا العديد من الروايات المؤقتة األطول‪ ،‬أبرزها ‪JA Dacus, Annals‬‬
‫‪of the Great Strike, Chicago, 1877.‬وهناك كتابان أحدثان وهامان أيضًا عن نشاط اإلضراب يبدأان باألحداث‬
‫نيويورك ‪ ، 1936،".‬والديناميت الدرامي‬ ‫في هذه الفترة هما كتاب صموئيل يلين بعنوان " نضال العمال األمريكي ‪،‬‬
‫مولي ماغواير‪،‬‬ ‫هو مؤلف كتاب‬ ‫ولكن األقل موضوعية بكثير ‪ ،‬بقلم لويس أداميك‪ ،‬نيويورك‪ 1931. ،‬أنتوني بيمبا‬
‫نيويورك‪1932.،‬‬

‫فرسان العمل‬
‫الفصل الثامن‬
‫تم العثور على الوصف األكثر اكتماال لفرسان العمل في نورمان جيه وير‪ ،‬الحركة العمالية في الواليات المتحدة‪،‬‬
‫نيويورك‪ ، 1929،‬ولكن كتابات السيرة الذاتية للعامل الكبير‪ ،‬تيرينس ف ‪.‬باو ديرلي‪ ،‬هي أيضا ذات قيمة كبيرة ‪ :‬الكتاب‬
‫مؤخرا " الطريق األول‪ ،‬نيويورك‪ 1940". ،‬كما يمكن‬
‫ً‬ ‫"والكتاب المنشور‬ ‫المذكور سابقًا " ثالثون دموعًا من العمل‬
‫مجلدين‪ ،‬نيويورك‪،‬‬ ‫العثور على مواد مثيرة لالهتمام في صموئيل جومبرز‪ " ،‬سبعون دموع من الحياة والعمل"‪،‬‬
‫‪1925.‬المزيد الحسابات العامة لهذه الفترة‪ ،‬مثل إيدا تاربيل‪ ،‬تأميم األعمال‪ ،‬نيويورك‪ ، 1936،‬تتعامل بإسهاب مع فرسان‬
‫العمل؛ ويتم سرد تاريخها بالطبع في مجلس العموم وتاريخ العمل اآلخر‪.‬‬

‫االتحاد األمريكي للعمل‬


‫الفصل التاسع‬
‫تؤدي أهمية هذا الموضوع إلى معالجة موسعة في جميع تاريخ العمل وهو موضوع دراسة خاصة كتبها لويس دبليو‬
‫واشنطن‪ ، 1934،‬والدراسة األحدث( التي تمت اإلشارة إليها بالفعل )لفيليب‬ ‫لوروين بعنوان االتحاد األمريكي للعمل‪،‬‬
‫تافت ‪ AF ،‬لـ ‪L.‬في زمن جومبرز ‪.‬السيرة الذاتية لصموئيل جومبرز‪ ،‬المذكورة سابقًا‪ ،‬هي بالطبع أساسية‪ ،‬ويكملها‬
‫روالند إتش ‪.‬هارفي‪ ،‬وصامويل جومبرز‪ ،‬جامعة ستانفورد( كاليفورنيا)‪ ، 1935،‬ولويس بي ‪.‬ريد‪ ،‬فلسفة العمل‬
‫لصموئيل جومبرز‪ ،‬نيويورك‪ 1935. 1930. ،‬من هذه النقطة فصاعدًا ‪ ،‬أصبحت اإلجراءات السنوية لـ ‪ AF of L.‬و‬
‫‪American‬مادة مصدرية مهمة‪.‬‬ ‫‪Federalist‬‬

‫هومستيد وبولمان‬
‫الفصل العاشر‬
‫باإلضافة إلى المصادر التي تتعامل مباشرة مع فرسان العمل أو ‪ AF‬في‪ ، L.‬فقد تلقت االضطرابات في تسعينيات القرن‬
‫التاسع عشر دراسة موسعة ‪.‬إن المواد األكثر حيوية‪ ،‬كما كانت الحال في الفترات السابقة من االضطرابات العمالية‪ ،‬موجودة‬
‫صفحتها األولى بالكامل إلضراب هومستيد‬ ‫في الصحف والمجالت ( خصصت صحيفة شيكاغو تريبيون‬
‫‪418‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫"لديهما روايات مثيرة ‪.‬‬‫)‪ ،‬ولكن كالً من يلين في كتابها "نضال العمال األميركي "وآداميك في كتاب "ديناميت‬
‫هناك كتابان آخران يتناوالن اضطرابات عمالية محددة هما ألمونت ليندساي‪ ،‬إضراب بولمان‪ ،‬شيكاغو‪ ، 1942،‬وهنري‬
‫ديفيد‪ ،‬تاريخ قضية هايماركت‪ ،‬نيويورك‪ 1936. ،‬تم سرد دور زعيم إضراب بولمان في كتاب ماكاليستر كولمان‪،‬‬
‫يوجين الخامس ‪.‬دبس‪ ،‬نيويورك‪ 1931. ،‬هناك دراسة أحدث عن إضراب سابق هي دراسة دونالد إل ماكموري‪،‬‬
‫إضراب برلينجتون العظيم عام ‪1956. ،1888‬‬
‫هناك دراستان عن النشاط السياسي العمالي خالل هذه الفترة هما ناثان فاين‪ ،‬أحزاب العمال والمزارعين في‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬نيويورك‪ ، 1928،‬وتشيستر ماك آرثر ديستلر‪ ،‬الراديكالية األمريكية‪ ،1865-1901 ،‬نيو لندن‬
‫)‪ ، 1947،(Connect icut‬ولكن لم يتم يعطي صورة واضحة جدا ‪.‬يمكن العثور على مزيد من المراجع في فريد أ ‪.‬هاينز‪،‬‬
‫حركات الطرف الثالث منذ الحرب األهلية‪ ،‬مدينة آيوا‪ ، 1916،‬موريس هيلكيت‪ ،‬تاريخ االشتراكية‪،1903 ،‬‬
‫وخاصة ديفيد أ ‪.‬شانون‪ ،‬الحزب االشتراكي األمريكي ‪:‬تاريخ جديد يورك‪1955.،‬‬

‫الفترة التقدمية‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫تم العثور على قصة العمل العامة لهذه السنوات في كتب مثل سيليج بيرلمان وفيليب تافت‪ ،‬تاريخ العمل في الواليات‬
‫المتحدة‪1896-1932 ( ،‬استمرار لتاريخ مجلس العموم)؛ لوروين االتحاد األمريكي للعمل؛ ودراسات صموئيل‬
‫جومبرز سبق ذكرها ‪.‬ويوجد فصل مثير لالهتمام عن العمل في هارولد فولكنر‪ ،‬البحث عن العدالة االجتماعية‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1931. ،‬وقد تمت معالجة إضراب الفحم بشكل كامل في كتاب جون ميتشل —عامل منجم‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪1929‬؛ ويجب اإلشارة أيضًا إلى كتاب ميتشل نفسه‪ ،‬العمل المنظم‪ ،‬فيالدلفيا‪ ، 1903،‬وهناك المزيد من المواد حول‬
‫اإلضراب في هنري إف ‪.‬برينجل‪ ،‬ثيودور روزفلت‪ ،‬نيويورك‪ 1931. ،‬هناك دراسة تاريخية حديثة لروبرت جيه ‪.‬كورنيل‪،‬‬
‫إضراب الفحم األنثراسايت عام ‪1957. ،1902‬‬
‫هناك كتابان قيمان حول القضايا القانونية التي تؤثر على العمل خالل الفترة التقدمية هما إدوارد بيرمان‪ ،‬قانون العمل‬
‫وقانون شيرمان‪ ،‬نيويورك‪ ، 1931،‬وفيليكس فرانكفورتر وناثان جرين‪ ،‬أمر العمل‪ ،‬نيويورك‪ 1930. ،‬وقد غطت‬
‫مارغريت جرين مرحلة أخرى من العالقات الالحقة في االتحاد المدني الوطني واتحاد العمل األمريكي‪ ،‬واشنطن ‪،‬‬
‫‪1956.‬‬
‫تم وصف الحالة العامة للعمال بشكل عام في التقرير النهائي وشهادة لجنة العالقات الصناعية‪11 ،‬مجلدًا‪،‬‬
‫الصادرة كوثيقة مجلس الشيوخ رقم‪ ، 415‬المؤتمر الرابع والستون‪ ،‬الجلسة األولى‪ ،‬واشنطن ‪ 1916. ،‬الرأي العام تجاه‬
‫شؤون العمل من األفضل دراستها من خالل الصحافة المعاصرة والمجموعات المفيدة لآلراء التحريرية في الملخص‬
‫بوسطن‪،‬‬ ‫األدبي ‪.‬واحدة من بين العديد من المناقشات المعاصرة المثيرة لالهتمام هي واشنطن جالدين‪ ،‬سؤال العمل‪،‬‬
‫‪ ،1911‬وهناك قدر كبير من المواد في السيرة الذاتية لنكولن ستيفنز‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬نيويورك‪ ، 1931،‬وراي ستانارد‬
‫بيكر‪ ،‬أمريكان كرونيكل‪ ،‬نيويورك‪1945.،‬‬
‫‪Bibliographical Notes‬‬ ‫‪419‬‬
‫عمال الصناعة في العالم‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫‪، The IWW،‬‬ ‫تم سرد قصة صعود وسقوط ‪ IWW‬بشكل موثوق وموضوعي في‪Paul F. Brissenden‬‬
‫نيويورك‪ ، 1919،‬وجون س ‪.‬جامبس‪ ،‬تراجع ‪،IWW‬‬
‫نيويورك‪ 1932. ،‬مصدر معاصر مهم هي السيرة الذاتية لويليام‬
‫دي هايوود‪ ،‬كتاب ‪ ،BiZZ Haywood‬نيويورك‪ 1929. ،‬يتم سرد قصص اإلضراب في كل من يلين وآداميك‪ ،‬ولكن‬
‫مرة أخرى‪ ،‬الروايات المعاصرة‪ ،‬التي ازدحمت كل من الصحف والمجالت ‪ ،‬تعطي النكهة الحقيقية لمثل هذه القصة المثيرة ‪.‬‬
‫اندالع مثل إضراب لورانس ‪.‬تشمل الروايات األكثر عمومية وأهمية عن الراديكالية العمالية التي تتعامل مع ‪ IWW‬ديفيد ج ‪.‬‬
‫نيويورك‪1922.،‬‬ ‫سابوس‪ ،‬النقابية اليسارية‪ ،‬نيويورك‪ ، 1926،‬وماري د ‪.‬سافاج‪ ،‬النقابية الصناعية في أمريكا‪،‬‬

‫الحرب العالمية األولى وعشرينيات القرن العشرين‬


‫الفصول الثالث عشر إلى الرابع عشر‬
‫يتم عرض تاريخ العمل خالل الحرب العالمية األولى بشكل مالئم في كتاب جوردون س ‪.‬واتكينز‪ ،‬مشاكل العمل وإدارة‬
‫العمل في الواليات المتحدة خالل الحرب العالمية‪ ،‬أوربانا( إلينوي)‪ 1919. ،‬روايات رسمية وغير رسمية أخرى‬
‫عن زمن الحرب األنشطة على الجبهة الداخلية‪ ،‬مثل بريستون دبليو سلوسون‪ ،‬الحملة الصليبية الكبرى وما بعدها‪،‬‬
‫نيويورك‪ ، 1930،‬وفريدريك إل ‪.‬باكستون‪ ،‬الديمقراطية األمريكية والحرب العالمية‪ ،‬مجلدان ‪ ،‬بوسطن‪، 1939،‬‬
‫تتناول أيضًا عالقات العمل ‪.‬لكن تاريخ المخاض نفسه يوفر بطبيعة الحال عال ًجا أكثر شموالً ‪.‬من األفضل متابعة األحداث‬
‫الدرامية التي وقعت عام ‪ 1919‬في الصحف المعاصرة‪ ،‬حيث أثبت الملخص األدبي مرة أخرى أنه مفيد للغاية في تجميع‬
‫اآلراء التحريرية ‪.‬لقد تمت معالجة إضراب الصلب بالتفصيل ليس فقط في تقرير لجنة العمل والتعليم بمجلس الشيوخ‪ ،‬بل أيضًا‬
‫في تقرير الحركة العالمية بين الكنائس ‪.‬تم سرد القصة من وجهة نظر قائدها في كتاب‪The ، William Z. Foster‬‬
‫‪ ،Great Steel Strike‬نيويورك‪1920.،‬‬
‫بالنسبة لعشرينيات القرن العشرين‪ ،‬كانت هناك ثروة من المعلومات األساسية حول الظروف االقتصادية وتأثيرها على‬
‫وضع العمالة في التقارير الحكومية‪ ،‬وأبرزها التقرير الخاص بالتغيرات االقتصادية األخيرة في الواليات المتحدة‪،‬‬
‫والذي صدر في عام ‪ 1929‬عن مؤتمر الرئيس حول البطالة ‪.‬وقد تم تلخيصه بشكل مفيد للغاية في كتاب جورج سولي الممتاز‬
‫تاريخ العمل في الواليات المتحدة‪،‬‬ ‫"عقد االزدهار"‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1947. ،‬كما أن كل من بيرلمان وتافت‪،‬‬
‫‪ ،1896-1932‬ولوروين‪ ،‬االتحاد األمريكي للعمل‪،‬‬
‫مفيدان أيضًا لهذه الفترة ‪.‬وهناك جوانب جانبية مثيرة لالهتمام‬
‫حول عالقات العمل في توماس س ‪.‬كوكران ووليام ميلر‪ ،‬عصر المشاريع‪ ،‬نيويورك‪ 1942. ،‬كما تمت مناقشة سياسات‬
‫‪AF‬لـ ‪ L.‬في كتب مثل لويس ب ‪.‬ريد‪ ،‬فلسفة العمل وصموئيل جومبرز‪ ،‬الذي سبق ذكره؛ ويليام إي ‪.‬والينج‪ ،‬حزب‬
‫العمل األمريكي‬
‫‪420‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫والديمقراطية األمريكية‪ ،‬نيويورك‪ 1926،‬؛ وويليام جرين‪ ،‬حزب العمل والديمقراطية‪ ،‬برينستون‪1939.،‬‬
‫تم سرد قصة عمال المناجم في كتاب جون إل لويس‪ ،‬نضال عمال المناجم من أجل المعايير األمريكية‪،‬‬
‫إنديانابوليس‪ 1925. ،‬وتم تناول موضوعات عمل خاصة أخرى في كتاب هارولد سيدمان‪ ،‬قياصرة العمال‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪1938‬؛ لويس لوروين‪ ،‬العمل واألممية‪ ،‬واشنطن‪ 1920،‬؛ آر دبليو دن‪ ،‬اتحادات الشركات‪ ،‬نيويورك‪ 1927،‬؛ جي‬
‫إس ميتشل‪ ،‬نقابية المنسوجات في الجنوب‪ ،‬تشابل هيل‪ 1931،‬؛ ويليام ز ‪.‬فوستر‪ ،‬مضللو حزب العمل‪،‬‬
‫نيويورك‪ ، 1927،‬وسافيل زيماند‪ ، The Open Shop Drive،‬نيويورك‪1928.،‬‬
‫على الرغم من أنه يغطي فترة أوسع‪ ،‬إال أن جيمس أو ‪.‬موريس‪ ،‬المثير لالهتمام بشكل خاص في عشرينيات القرن‬
‫العشرين‪ ،‬الصراع داخل اتحاد العمال األمريكيين ‪:‬دراسة الحرف مقابل النقابات الصناعية‪،‬‬
‫‪ ،1901-1938‬إيثاكا‪1958.،‬‬
‫يمكن إضافة عدد من تواريخ االتحادات الفردية إلى هذه الكتب األكثر عمومية ‪.‬ومن بين هذه الكتب روبرت ر ‪.‬دان‪،‬‬
‫‪ 1929،New York ،Labor and Auto mobiles‬؛ مكاليستر كولمان‪ ،‬الرجال والفحم‪ ،‬نيويورك‪ 1943،‬؛‬
‫ب ‪.‬ر ‪.‬برازيل‪ ،‬جماعة اإلخوان المسلمين من حمالي السيارات النائمة‪ ،‬نيويورك‪ 1946،‬؛ فيرنون هـ ‪.‬جنسن‪،‬‬
‫الخشب والعمل‪ ،‬نيويورك‪ 1945،‬؛ جويل سيدمان‪ ،‬تجارة اإلبرة‪ ،‬نيويورك‪ 1942،‬؛ جاكوب لوفت‪ ،‬تجارة الطباعة‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1944،‬؛ بنجامين ستولبرغ‪ ،‬تقدم الخياط‪ ،‬نيويورك‪ ، 1944،‬دونالد ب ‪.‬روبنسون‪ ،‬تسليط الضوء على‬
‫االتحاد‪ ،‬قصة صانعي القبعات المتحدين‪ ،‬نيويورك‪ 1948،‬؛ تشارلز إي ‪.‬زاريتز‪ ،‬عمال المالبس المندمجون‬
‫في أمريكا‪ ،‬نيويورك‪ 1934،‬؛ إلمو ب ‪.‬هوهمان‪ ،‬تاريخ البحارة التجاريين األمريكيين‪ ،‬هامدن‪ ،‬كونيتيكت‪ 1956،‬؛‬
‫دي دبليو هيرتيل‪ ،‬تاريخ جماعة اإلخوان المسلمين الرئيسيين لموظفي الطريق‪ ،‬واشنطن‪ 1955،‬؛ والتر إف‬
‫ماكالب‪ ،‬األخ هود من عمال السكك الحديدية‪1936 ،‬؛ روبرت د ‪.‬ليتر‪ ،‬الموسيقيون وبيتريللو‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪1953‬؛ جيمس نيلسون‪ ،‬منطقة عمال المناجم ‪ ،50‬نيويورك‪ 1956،‬؛ هارولد س ‪.‬روبرتس‪ ،‬عمال المطاط‪،‬‬
‫نيويورك‪ ، 1944،‬وخاصة إيرفينغ هاو وبي جي ويديك‪ UAW ،‬ووالتر روثر‪ ،‬نيويورك‪1949.،‬‬

‫الصفقة الجديدة ورئيس قسم المعلومات‬


‫الفصول الخامس عشر إلى السابع عشر‬
‫وكان ظهور الصفقة الجديدة‪ ،‬وإحياء الحركة النقابية‪ ،‬وتطور مدير تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬سببا ً في ظهور المزيد من‬
‫الدراسات العمالية في ثالثينيات القرن العشرين مقارنة بأي فترة أخرى ‪.‬من األفضل تناول الخلفية االقتصادية العامة في‬
‫برودوس ميتشل‪ ،‬عقد الكساد‪ ،‬نيويورك‪ 1947،‬؛ وسياسة العمل الحكومية‪ ،‬بصرف النظر عن ثروة المعلومات الواردة في‬
‫األوراق العامة وعناوين فرانكلين د ‪.‬روزفلت‪ ،‬تم تلخيصها بشكل مفيد في كارول ر ‪.‬دوجيرتي‪ ،‬العمل تحت‬
‫سلطة الموارد الطبيعية‪ ،‬بوسطن‪ 1934،‬؛ لويس إل لوروين وآرثر ووبنيغ‪ ،‬مجالس عالقات العمل‪ ،‬واشنطن‪،‬‬
‫‪1935‬؛ وجوزيف روزنفارب‪ ،‬سياسة العمل الوطنية‪ ،‬نيويورك‪ 1940. ،‬المصدر األكثر قيمة من بين كتابات أعضاء‬
‫حكومة روزفلت هو فرانسيس بيركنز‪ ،‬روزفلت الذي عرفته‪ ،‬نيويورك‪1946.،‬‬
‫‪Bibliographical Notes‬‬ ‫‪421‬‬
‫تم الكشف بوضوح عن الحملة المناهضة للنقابات في صناعات اإلنتاج الضخم في تقرير تحقيق الحريات المدنية في ال‬
‫فوليت؛ لجنة مجلس الشيوخ المعنية بالتعليم والعمل‪ ،‬جلسات استماع بشأن قرار مجلس الشيوخ رقم‪ ، 266‬المؤتمر الرابع‬
‫والسبعون‪ ،‬الجلسة األولى‪ ،‬وقرار مجلس الشيوخ رقم‪ ، 60‬المؤتمر الخامس والسبعون‪ ،‬الجلسة األولى ‪.‬تم استخدام هذه‬
‫نيويورك‪ ، 1937،‬وكلينش كالكينز‪،‬‬ ‫المادة على نطاق واسع في كتاب ليو هوبرمان‪، The Labor Spy Racket،‬‬
‫‪ ،Spy Overhead‬نيويورك‪1937.،‬‬
‫تمت معالجة خلفية النقابات الصناعية في والتر جالينسون‪ ،‬النقابات المتنافسة في الواليات المتحدة‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪ ،1940‬ولكن الجدل الدائر في ثالثينيات القرن العشرين موجود بشكل مباشر في وقائع االتحاد األمريكي للعمل وفي وثيقة‬
‫معاصرة مثل مدير تكنولوجيا المعلومات قضية النقابات الصناعية‪ ،‬واشنطن‪ 1936. ،‬يتم تتبع التطورات الالحقة في‬
‫هربرت هاريس‪ ،‬الحرب األهلية العمالية‪ ،‬نيويورك‪ 1940،‬؛ إدوارد ليفنسون‪ ،‬حزب العمال في المسيرة‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1938،‬؛ رويس مينتون وجون ستيوارت‪ ،‬الرجال الذين يقودون العمل‪ ،‬نيويورك‪ 1937،‬؛ جيه آر والش‪،‬‬
‫رئيس قسم المعلومات‪ ،‬النقابات الصناعية في العمل‪ ،‬نيويورك‪ 1937،‬؛ وبنجامين ستولبرج‪ ،‬قصة مدير‬
‫تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬نيويورك‪ 1938. ،‬كما أن ثالثة كتب لروبرت آر آر إيروكس هي أيضًا ذات قيمة كبيرة؛ عندما‬
‫ينظم العمال‪ ،1937 ،‬والنقابات التي يختارونها بأنفسهم‪ ،1939 ،‬وكما يذهب الصلب‪ ،1940 ،‬وجميعها‬
‫نشرتها مطبعة جامعة ييل ‪.‬هناك دراستان حديثتان عن تلك الفترة هما ميلتون دوبر وإدوين يونغ‪ ،‬حزب العمال والصفقة‬
‫الجديدة‪ ،‬ماديسون‪ ،‬ويسكونسن‪ ، 1957،‬ووالتر جالينسون‪ ،‬تحدي مدير تكنولوجيا المعلومات إلى ‪،AFL‬‬
‫كامبريدج‪1960.،‬‬
‫اثنين من السيرة الذاتية لجون إل لويس هما‪A Portrait of John ، Labour Baron، JA Wechsler‬‬
‫‪ 1949. ،New York ، John L. Lewis، and Saul Alinsky، 1944،New York ،L. Lewis‬السيرة‬
‫نيويورك‪1937.،‬‬ ‫الذاتية المفيدة لزعيم عمالي آخر هي ‪ William‬ز ‪.‬فوستر‪ ،‬من بريان إلى ستالين‪،‬‬

‫الحرب العالمية الثانية وتداعياتها‬


‫الفصول الثامن عشر إلى الحادي والعشرين‬
‫تعتبر مصادر تاريخ العمل الحديث أكثر ضخامة من تلك الموجودة في الفترات السابقة ‪.‬تنعكس األهمية المتزايدة للحركة‬
‫النقابية في الدراسات الموسعة لكل مرحلة من مراحل النشاط العمالي‪ ،‬والمنشورات الجديدة التي تتناول التطورات المعاصرة‪،‬‬
‫ومجموعة واسعة من المقاالت في الدوريات الحالية‪.‬‬
‫مراجعة العمل الشهرية‪ ،‬التي ينشرها مكتب إحصاءات العمل‪ ،‬ذات قيمة خاصة‪ ،‬وكذلك نشرة معلومات العمل‬
‫الصادرة عن وزارة العمل‪ ،‬والمنشورات المختلفة لمكتب الشؤون الوطنية‪ ،‬وال سيما مراسل عالقات العمل ‪.‬هناك مادة‬
‫مفيدة في حولية العمل األمريكي –سياسات العمل الحربي‪ ،‬نيويورك‪ 1945،‬؛ والعمل في أمريكا ما بعد‬
‫الحرب‪ ،‬نيويورك‪ 1949،‬؛ وفي مجلدين نشرتهما وزارة العمل تحت عنوان كتاب العمل السنوي ‪:‬تعبئة العمل من‬
‫أجل الدفاع‪ ،‬واشنطن‪ 1951،‬؛ وقصة العامل‪ ،1913-1953 ،‬واشنطن‪ 1953. ،‬وفي حين أنه يجب استخدامها بحذر‬
‫بسبب‬
‫‪422‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الصادر عن دور النشر‬ ‫النهج الماركسي‪ ،‬إال أنه يمكن العثور على بعض المعلومات المفيدة أيضًا في كتاب حقائق العمل‪،‬‬
‫الدولية ‪.‬إن اإلجراءات السنوية التي ال تقدر بثمن لـ ‪AF‬لـ ‪ L.‬و‪ ،CIO‬و ‪ American Federalist‬و ‪CIO‬‬
‫‪News.‬المنشورات المماثلة للحركة العمالية المندمجة هي ‪ AFL-CIO News‬و‪The Federalist.‬‬
‫توجد حسابات لسياسات العمل الحكومية في ‪Harold W. Metz, Labour Policy of the Federal‬‬
‫;‪Government, Washington, 1945‬هارولد ميتز وماير جاكوبشتاين‪ ،‬سياسة العمل الوطنية‪ ،‬واشنطن‪،‬‬
‫‪1947‬؛ وإي سي براون‪ ،‬سياسة العمل الوطنية‪،‬‬
‫واشنطن‪ 1950. ،‬التحليل المبكر ولكن الجيد جدًا لقانون تافت‪-‬هارتلي‬
‫هو ذلك الذي نشره مكتب الشؤون الوطنية‪ ،‬قانون العمل الجديد‪ ،‬واشنطن‪ ، 1947،‬ولكن هناك دراسة خلفية أكثر شموالً‬
‫إتش إيه ميليس وإي سي براون‪ ،‬من قانون فاغنر إلى تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬شيكاغو‪ 1950. ،‬تجدر اإلشارة أيضًا إلى ثالث‬
‫مقاالت مهمة ‪:‬سمنر إتش ‪.‬سليشتر‪ "،‬قانون تافت‪-‬هارتلي"‪ ،‬المجلة االقتصادية الفصلية‪LXHI ( ،‬فبراير‪ 1949)،‬؛‬
‫"مراجعة قانون تافت‪-‬هارتلي "للمؤلف نفسه‪ ،‬المجلة االقتصادية الفصلية‪LXVH ( ،‬مايو)‪ 1953‬؛ ودانييل بيل‪،‬‬
‫"تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬خمس سنوات من العمر‪" ،‬فورتشن‪ ،‬المجلد( ‪. 46‬يوليو‪1952).‬‬
‫حول العمل في السياسة انظر جوزيف جاير‪ ،‬الجولة األولى‪ ،‬نيويورك‪ 1944،‬؛ وفاي كالكينز‪ ،‬رئيس قسم‬
‫المعلومات والحزب الديمقراطي‪ ،‬شيكاغو‪ 1952. ،‬تمت مناقشة دور قادة النقابات في إيلي جينزبرج‪ ،‬زعيم العمال‪،‬‬
‫نيويورك‪ 1948،‬؛ تشارلز دبليو ميلز‪ ،‬رجال السلطة الجدد ‪:‬قادة العمال األمريكيين‪ ،‬نيويورك‪ 1948،‬؛ وتشارلز أ ‪.‬‬
‫ماديسون‪ ،‬قادة حزب العمال األمريكي‪ ،‬نيويورك‪ 1950. ،‬السير الذاتية الفردية الجديرة بالمالحظة هي ماثيو‬
‫جوزيفسون‪ ،‬سيدني هيلمان‪ ،‬رجل دولة من حزب العمل األمريكي‪ ،‬نيويورك‪ 1952،‬؛ إيرفينغ هاو وبي جي‬
‫ويديك‪ UAW ،‬ووالتر روثر‪ ،‬نيويورك‪ ، 1949،‬وماكسويل سي رادوك‪ ،‬صورة لزعيم عمالي أمريكي ‪:‬ويليام إل‬
‫هاتشيسون‪ ،‬نيويورك‪1955.،‬‬
‫من بين العديد من الكتب األخرى التي تتناول الجوانب األكثر عمومية للحركة العمالية المؤقتة فلورنس بيترسون‪ ،‬نقابات‬
‫العمال األمريكية‪ ،‬نيويورك‪ 1952،‬؛ جاك بارباش‪ ،‬النقابات العمالية العاملة‪ ،‬نيويورك‪ 1948،‬؛ تشارلز جريجوري‪،‬‬
‫العمل والقانون‪ ،‬نيويورك‪ 1946،‬؛ مالكولم أ ‪.‬جون سون‪ ،‬الجريمة على جبهة العمل‪ ،‬نيويورك‪ 1950،‬؛ تشارلز‬
‫إي ليندبلوم‪ ،‬النقابات والرأسمالية‪ ،‬نيو هيفن‪ 1949،‬؛ فرانك تانينباوم‪ ،‬فلسفة العمل‪ ،‬نيويورك‪ 1951،‬؛ جويل‬
‫سيدمان‪ ،‬العمل األمريكي من الدفاع إلى إعادة التحول‪ ،‬شيكاغو‪1953.،‬‬
‫صا إلى حد ما سيدني سي ‪.‬سوفرين وروبرت سي ‪.‬سيدجويك‪ ،‬اقتصاديات‬ ‫تشمل الدراسات الحديثة األخرى األكثر تخص ً‬
‫العمل ومشاكله في منتصف القرن‪ ،‬نيويورك‪ 1956،‬؛ فيليب تافت‪ ،‬هيكل وحكومة نقابات العمال‪ ،‬كامبريدج‪،‬‬
‫‪1954‬؛ تشارلز ب ‪.‬الرو‪ ،‬قاعة التشكيل والتوظيف‪ ،‬بيركلي‪ 1955،‬؛ وليام م ‪.‬ليسرسون‪ ،‬ديمقراطية النقابات‬
‫العمالية األمريكية‪ ،‬نيويورك‪ 1959،‬؛ سيدني لينس‪ ،‬أزمة العمالة األمريكية‪ ،‬نيويورك‪ 1959،‬؛ فيليب د ‪.‬برادلي‪،‬‬
‫محرر‪ ،‬المصلحة العامة في قوة االتحاد‪ ،‬ريتشموند‪ ، 1960،‬وبالنسبة لتحقيقات لجنة ماكليالن‪ ،‬روبرت ف ‪.‬كينيدي‪،‬‬
‫العدو في الداخل‪ ،‬نيويورك‪1960.،‬‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫هرس‬
‫فِ ِ‬
‫×××××××××××××××××××××××××××××××××‬

‫أدير ضد الواليات المتحدة‪196 ،‬‬ ‫;‪183, 257-258, 268, 297, 309, 352, 389‬‬
‫آدامز‪ ،‬تشارلز فرانسيس‪ 187 ،‬ن‪.‬‬ ‫‪during progressive period, 185, 198-200,‬‬
‫آدامز‪ ،‬جون كوينسي‪49،‬‬ ‫‪205; attitude toward industrial unionism,‬‬
‫آدامز‪ ،‬صموئيل‪16،‬‬ ‫‪208, 222, 268-269, 288 ff., 309^.310,‬‬
‫قانون أدامسون‪224، 204،‬‬ ‫‪..390;— attitude toward I.W.W., 219, 222-‬‬
‫آدكنز ضد مستشفى األطفال‪249،202 ،‬‬ ‫;‪223^political policies of, in 1920’s, 255, 258‬‬
‫‪AF‬من‪ ، L.-CIO‬ينعكس بعد االندماج‪ 394-395،‬؛‬ ‫‪depression policies of, 262, 263; rivalry with‬‬
‫العضوية‪ 395-396،‬؛ وفي انتخابات عام‪ 397، 1956‬؛‬ ‫‪C.I.O., 289 ff., 307; peace negotiations with‬‬
‫المواقف بشأن الفصل والسياسة الخارجية‪407-408،‬‬ ‫‪C.I.O., 318-319; and Taft- Hartley Act,‬‬
‫حزب العمال الزراعيين)‪44، (1830‬‬ ‫‪377-379, 384, 393; and New York Dock‬‬
‫الزراعة‪ ،‬في أربعينيات القرن التاسع عشر‪ 82-83،‬؛ انظر‬ ‫‪Strike, 382; and fight against communism,‬‬
‫أيضًا اإلصالح الزراعي‬ ‫‪384385, 401; postwar policies of, 384385,‬‬
‫‪386, 388, 410, 411; merger of, with C.I.O.,‬‬
‫إنذار‪ ،‬ال‪123 ،‬‬
‫قانون العمل بعقود األجانب‪183،‬‬ ‫‪388-391, 393/‬‬
‫عمال الصناعة المتحالفون‪398،‬‬ ‫‪American Federationist, 198, 304, 401‬‬
‫السوب‪ ،‬جورج‪ ،‬مقتبس‪٨ ،‬‬ ‫‪American Labor Party, 313-315, 316 American‬‬
‫التجلد‪ ،‬الحاكم جون بيتر‪182، 176، 125،‬‬ ‫’‪Labor Union (1904), 210 American Miners‬‬
‫‪Association, 93 “American Plan,” 246‬‬
‫الرابطة المندمجة لعمال الحديد والقصدير والصلب‪ ،‬انظر‬
‫‪American Railway Union, 164, 173175‬‬
‫عمال الحديد والقصدير والصلب‬
‫عمال المالبس المندمجون‪315، 294، 268، 206،‬‬ ‫‪American Woolen Company, 215218 passim‬‬
‫‪ anarchism, 114, 122-125 passim Ancient‬التحالف األمريكي من أجل العمل والديمقراطية ‪227،‬‬
‫'‬ ‫‪ Order of Hibernians, 117 Anderson, Judge‬الجمعية األمريكية لمكافحة المقاطعة‪197 ،‬‬
‫‪ Albert B., 236 Anthony, Susan B., 104-105‬شركة المهاجرين األمريكيين‪97،‬‬
‫‪ Anti-Trades’ Union‬اتحاد العمل األمريكي ‪, 89, 115, 126, 145-147‬هنا ;‬ ‫‪Association‬‬
‫تنظيم ‪ 161-165،‬؛ وبولمان سترايك‪ 178‬؛ السياسات‬ ‫‪(1830’s), 64‬‬
‫‪ anti-union campaign in 1900’s, 193 ff.; in 1919,‬السياسية المبكرة لـ‪، 253، 250-252، 238، 162،‬‬
‫‪ 350، 316، 313،263‬؛ عضوية‪,‬‬ ‫‪239; in 1920’s, 245 ff., 255‬‬
‫‪apprenticeship system, 25 armament‬‬
‫‪expenditures, 377‬‬

‫‪423‬‬
‫‪424‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫النظام األساسي‪15،‬‬ ‫كارواردين‪ ،‬القس و‪.‬ه‪ ،.‬مقتبس‪١٧٢ ،‬‬


‫جمعية‪ ،‬انظر تحت الجزء المناسب من االسم‬ ‫فاتورة القضية‪372-373،‬‬
‫النقابيون ‪80-81،‬‬ ‫‪123‬‬ ‫‪،‬‬‫)‬ ‫شيكاغو‬ ‫اتحاد العمال المركزي(‬
‫شوفالييه‪ ،‬مايكل‪ ،‬مقتبس‪ 74 ،‬عمالة األطفال‪ ، 159، 132،‬األتمتة‪402، 393،‬‬
‫عمال السيارات‪ ،‬انظر يونايتد‬ ‫‪ 283 ، 269،201‬قوانين االستبعاد الصينية‪183،‬‬
‫عمال السيارات‬ ‫الهجرة الصينية‪101، 97،‬‬
‫كريستيان ساينس مونيتور‪391 ،‬‬
‫شركة كرايسلر‪ 380 ، 304، 303،‬صانعي السيجار‪ ،‬االتحاد‬
‫باير‪ ،‬جورج ف‪191-192،.‬‬ ‫الدولي لـ‪ 150 ،‬وما يليها‪.‬‬
‫االتحاد الوطني لصانعي السيجار‪ 112،‬؛ انظر أيضًا عمال المخابز والحلويات‬
‫االتحاد‪399، 398،‬‬ ‫صانعو السيجار‪ ،‬االتحاد الدولي لـ‬
‫‪ ،CIO‬راجع لجنة التنظيم الصناعي ومؤتمر المنظمات بيك‪ ،‬ديفيد‪397-398،‬‬
‫بيتشر‪ ،‬هنري وارد‪ ،‬مقتبس‪١٢٢ ،‬‬ ‫الصناعية‬
‫بيالمي‪ ،‬إدوارد‪181، 96،‬‬ ‫أخبار رئيس قسم المعلومات‪385 ،‬‬
‫بيركمان‪ ،‬الكسندر‪168،‬‬ ‫جمعية المواطنين الصناعية‪194،‬‬
‫بيري‪ ،‬جورج ل‪313، 252،.‬‬ ‫الحرب األهلية‪ 89 ، 59،‬وما يليها‪.‬‬
‫"األعمال حسب الطلب‪25، 20،" 14‬‬ ‫فيلق الحماية المدنية‪281،‬‬
‫شركة بيت لحم للصلب‪301،‬‬ ‫قانون كاليتون‪276، 224، 203-204،‬‬
‫"صحيفة المظالم)‪250، 202، 199،" (1906‬‬ ‫كليفالند‪ ،‬جروفر‪188، 186، 179، 176،‬‬
‫محل مغلق ‪ 31, 63, 66, 89, 104, 112, 326, 374,‬بالك‪ ،‬هيو‪265،‬‬
‫بيل بالك كونري‪266،‬‬ ‫‪392‬‬
‫"األممية السوداء"‪ 123-124 ،‬البلشفية‪، 231،‬‬
‫عمال المالبس المندمجون‪ ،‬انظر إضرابات عمال المالبس‬
‫‪ 238،234-235‬؛ انظر أيضًا الشيوعية‬
‫المندمجين‪ ،‬عام‪ 117-118، 1874‬؛ في عام‪، 1902‬‬
‫صانعو األحذية‪ ،‬جمعية العمال الرحالة( بوسطن)‪65،‬‬
‫‪189-193‬؛ وفي عام‪ 236-238، 1919‬؛ في عام‬
‫مذبحة بوسطن‪17‬‬
‫‪ 328-330،1941‬؛ وفي عام‪ 338341 ، 1943‬؛ وفي‬
‫إضراب شرطة بوسطن‪231-232،‬‬
‫عام‪ 368-370، 363-364، 1946‬؛ وفي عام‪، 1947‬‬
‫جمعية االنضباط في سجن بوسطن‪ 49 ،‬عمالً مقيدًا‪ 3-10،‬؛‬
‫‪370‬؛ وفي عام‪ 379، 1948‬؛ في‪، 1949 1950‬‬
‫انظر أيضًا الخدم المتعاقدين‬ ‫‪379-380‬‬
‫المفاوضة الجماعية‪ ، 287، 275، 270، 259، 20،‬المقاطعات‪197-198، 132، 93، 28،‬‬
‫برانديز‪ ،‬لويس د‪206،.‬‬ ‫‪412-413، 383،377‬‬
‫بريسبان‪ ،‬ألبرت‪80-81،‬‬
‫أخوة‪ ،‬انظر تحت االسم الصحيح‬
‫براودر‪ ،‬إيرل‪289،‬‬
‫براون‪ ،‬توماس هـ‪295،‬‬
‫براونسون‪ ،‬أوريستيس‪ ،‬مقتبس‪٧٥ ،‬‬
‫بريان‪ ،‬وليام جينينغز‪200، 184، 182،‬‬
‫براينت‪ ،‬ويليام كولين‪ ،‬مقتبس‪٧٠ ،٦٥ ،‬‬
‫بوكانان‪ ،‬جوزيف ر‪139،.‬‬
‫شركة باك للموقد والمدى‪198،‬‬
‫مكتب إحصاءات العمل‪383، 336، 183،‬‬
‫بيرد‪ ،‬وليام‪ ،‬مقتبس‪٨ ،‬‬
‫بيرنز‪ ،‬جيمس ف‪349،.‬‬

‫الرأسمالية‪ ،‬الديمقراطية‪413، 409،‬‬


‫كارنيجي‪ ،‬أندرو‪169، 95،‬‬
‫شركة كارنيجي للصلب‪ ١٦٦ ،‬وما يليها‪.‬‬
‫النجارون والنجارون‪ ،‬جماعة اإلخوان المتحدة‪152،‬‬
‫كارتر‪ ،‬روبرت‪14،‬‬
‫‪Index‬‬ ‫‪425‬‬
‫شركة كولورادو للوقود والحديد‪256، 195-196،‬‬ ‫التاسع عشر‪181،‬‬
‫كومرفورد‪ ،‬جون‪83،‬‬ ‫كيرتس‪ ،‬جورج تيكنور‪ ،‬مقتبس‪١٧١ ،‬‬
‫لجنة التنظيم الصناعي)‪ ، (1935-1938‬تأسيسها‪، 269،‬‬
‫‪288‬وما يليها؛ انظر أيضًا مؤتمر المنظمات الصناعية‬ ‫قضية دانبري هاتر‪ 197-198 ،‬دارو‪ ،‬كالرنس‪175 ،‬‬
‫دوجيرتي‪ ،‬هاري إم‪ 239-240 ،‬ديفيس‪ ،‬القاضي ديفيد‪،‬‬
‫لجنة التربية السياسية‪396-397،‬‬
‫‪106‬ديفيس‪ ،‬إلمر‪ ،‬مقتبس‪ 261 ،‬ديفيس‪ ،‬جون دبليو‪،‬‬
‫الكومنولث ضد هانت‪65 ،‬الشيوعية‪ ،‬في القرن التاسع‬ ‫‪ 252 ،251‬ديفيس‪ ،‬ويليام هـ ‪. 335‬دبس‪ ،‬يوجين ف‪،.‬‬
‫عشر‪ 125، 123، 114،‬؛ وفي عام‪، 229 ، 222، 1919‬‬ ‫‪ 173 ،164‬وما يليها‪ 224 ،‬إعالن االستقالل‪ 47 ، 18،‬دي‬
‫‪ 234،230‬؛ وفي الثالثينيات‪ 316-318،‬؛ وفي القرن‬ ‫ليون‪ ،‬دانيال‪ 210-212 ،‬وزارة العمل‪203 ، 101،‬‬
‫العشرين‪ 398، 384-385، 382،‬؛ انظر أيضًا‬ ‫منخفضات‪ ،‬في‪ 31-32، 1819‬؛ في عام‪ 71-72، 1837‬؛‬
‫الشيوعيين‬ ‫وفي سبعينيات القرن التاسع عشر‪، 114 ، 111-112،‬‬
‫الحزب الشيوعي‪230، 222،‬‬ ‫‪ 150،115‬؛ في ثمانينيات القرن التاسع عشر‪ 138،‬؛ وفي‬
‫الشيوعيون‪، 318، 316 ، 248، 229-230، 222،‬‬ ‫تسعينيات القرن التاسع عشر‪ 171، 163،‬؛ وفي عام‬
‫‪، 411، 410، 385-386، 384، 359، 350،322‬‬ ‫‪ 245، 240-241، 239،1921‬؛ في ثالثينيات القرن‬
‫‪412‬‬ ‫العشرين‪ 259 ، 245،‬وما يليها‪.‬‬
‫اتحادات الشركات‪، 277، 270 271، 261، 256-257،‬‬ ‫ديوي‪ ،‬توماس إي‪350،‬‬
‫‪300،280‬‬ ‫ديكنز‪ ،‬تشارلز‪ ،‬مقتبس‪ 75 ، 73،‬لجنة األنشطة غير‬
‫دائرة التوفيق‪ ،‬وزارة العمل‪375، 358،‬‬ ‫األمريكية ‪350،‬‬
‫مؤتمر العمل السياسي التقدمي‪253، 251،‬‬ ‫دوغالس‪ ،‬تشارلز‪68،‬‬
‫مؤتمر المنظمات الصناعية‪ ،‬إنشاء‪ 298‬؛ قوة‪، 308، 297‬‬ ‫قانون دوغالس كينيدي آيفز‪ 399 ،‬دوبينسكي‪ ،‬ديفيد‪، 294،‬‬
‫‪ 389، 352،309‬؛ وإضرابات عام‪ 299 ، 1937‬وما‬ ‫‪295‬دنكان‪ ،‬جيمس‪187،‬‬
‫يليها‪ 307،‬؛ مفاوضات السالم مع‪AF of L., 318 -‬‬ ‫دنكان‪ ،‬جيمس أ‪231،‬‬
‫;‪319‬النشاط السياسي للصفحات ‪ 312‬وما يليها‪،‬‬ ‫مطبعة دوبلكس ضد ديرينج‪،‬‬
‫‪ 410-411، 388، 384،377-379‬؛ وقانون‬ ‫‪249‬‬
‫تافت‪-‬هارتلي‪ 393، 384، 377-379،‬؛ سياسات ما بعد‬ ‫دوركين‪ ،‬مارتن ب‪378-379،.‬‬
‫الحرب‪، 391-393، 388، 386، 385 ، 384،‬‬
‫‪410-411‬؛ ومحاربة الشيوعية‪ 385 386‬؛ اندماج‪،‬‬ ‫قانون االستقرار االقتصادي‪337،‬‬
‫لجنة‬ ‫انظر أيضًا‬ ‫مع‪ 393، 388-391، AF L.‬؛‬
‫التنظيم الصناعي‬
‫قضايا المؤامرة‪ ،‬في أوائل القرن التاسع عشر‪ 29 31،‬؛ في‬
‫ثالثينيات القرن التاسع عشر‪64-66،‬‬
‫الدستور‪ ،‬اعتماد‪ 17 ،‬عقد عمل‪183 ، 159، 96-97،‬‬
‫كوليدج‪ ،‬كالفين‪ 252 ، 251، 232،‬التعاون‪ ،‬اهتمام العمال‪،‬‬
‫خالل أربعينيات القرن التاسع عشر‪ 410، 81-82،‬؛ وفي‬
‫ستينيات القرن التاسع عشر‪ 113، 108-109،‬؛ وفرسان‬
‫التعاون‬ ‫العمل‪ 136-138 ، 132، 128،‬تعاونيات‪ ،‬انظر‬
‫‪196-197 ،Coppage v. Kansas‬‬
‫‪ ،Cordwainers‬جمعية العمال( فيالدلفيا)‪ 29، 23،‬؛‬
‫(نيويورك)‪30،‬‬
‫الفساد‪ ،‬االتحاد‪ 396 ،‬تكلفة المعيشة‪، 78-79، 36، 26،‬‬
‫‪ 336 ، 326، 258،92‬وما يليها‪، 361، 356-357،‬‬
‫‪371‬‬
‫مجلس التنظيم الصناعي‪390‬‬
‫جيش كوكسى‪180،‬‬
‫النقابية الحرفية‪ 288 ، 164، 27،‬وما يليها‪، 309 310،‬‬
‫‪411‬‬
‫نقالً عن كرولي‪ ،‬هربرت‪ 188 ،‬إصالح العملة‪ ،‬في ستينيات‬
‫القرن التاسع عشر‪ 109111، 101،‬؛ في تسعينيات القرن‬
‫‪426‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫وكالة االستقرار االقتصادي‪386،‬‬ ‫فريمنج‪ ،‬هارفي سي‪295،‬‬


‫مجلس االستقرار االقتصادي‪334،‬‬ ‫فراي‪ ،‬جون ب‪294،‬‬
‫مدير االستقرار االقتصادي‪381،‬‬ ‫فريك‪ ،‬هنري كالي‪169، 167-168،‬‬
‫إدجيرتون‪ ،‬جون إي‪247،‬‬ ‫جمعية ودية للتجار‬
‫التعليم‪ ،‬مصلحة العمال‪61، 46-48، 41، 37،‬‬ ‫نجارو البيت)‪ 23 "، (1767‬الفوائد اإلضافية"‪،‬‬
‫يوم من ثماني ساعات‪ ،‬حركة في ستينيات القرن التاسع‬ ‫‪401-402، 383، 377،345-346‬‬
‫عشر‪ 113، 106-108، 104، 101،‬؛ وفي‪، 1886‬‬ ‫الحدود‪ ،‬التأثير على الحركة العمالية ‪ ،‬في الفترة‬
‫‪ 159، 145-146،123‬؛ انظر أيضًا قوانين الحد‬ ‫االستعمارية‪١١ ،٢ ،‬؛ في أوائل القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫األقصى للساعة‬ ‫‪ 51،25‬؛ في القرن التاسع عشر األخير‪101، 98، 78،‬‬
‫بطوالت الدوري ثماني ساعات‪107-108،‬‬
‫أيزنهاور‪ ،‬دوايت د‪384، 381، 378 379، 351،.‬‬ ‫غيج‪ ،‬الجنرال‪17،‬‬
‫إليوت‪ ،‬تشارلز دبليو‪186،‬‬ ‫العصابات‪382،‬‬
‫جمعيات أصحاب العمل‪ ،‬في ثالثينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫عمال المالبس‪ ،‬انظر اتحاد عمال المالبس‬
‫‪64‬؛ في الفترة التقدمية‪194-195،‬‬ ‫غاري‪ ،‬إلبرت هـ‪ 236 ، 235، 234، 229،.‬جمعية‬
‫العمالة‪ ،‬سنوية مضمونة‪ 392،‬؛ الكامل‪393،‬‬ ‫المديرين العامين‪ 173 176 ،‬آخرين‬
‫إنجليش‪ ،‬ويليام‪68،‬‬ ‫شركة جنرال موتورز‪ 303 ، 277،‬وما يليها‪ 358 ،‬وما‬
‫قانون إردمان‪196،‬‬ ‫يليها‪383،‬‬
‫لجنة الممارسات األخالقية‪397، AF of L.-CIO،‬‬ ‫الضربة العامة( سياتل)‪231،‬‬
‫إتور‪ ،‬جوزيف ج‪ 216 ،.‬وما يليها‪.‬‬ ‫اتحاد المهن العامة( نيويورك)‪ 69، 66، 64، 58-59،‬؛‬
‫إيفانز‪ ،‬جورج هنري‪87، 84، 82 ، 43-45، 40،‬‬ ‫(فيالدلفيا)‪67،‬‬
‫اللجنة التنفيذية‪ AF ،‬من‪L.-‬‬ ‫جورج‪ ،‬هنري‪181، 98،‬‬
‫رئيس قسم المعلومات‪407، 401،‬‬ ‫جيبونز‪ ،‬الكاردينال‪135، 133،‬‬
‫جيوفانيتي‪ ،‬أرتورو‪216-219،‬‬
‫انظر‬ ‫رابطة فتيات المصانع)‪ ، (1833‬نظام المصنع‪، 56‬‬ ‫جيردلر‪ ،‬توم م‪301،‬‬
‫الثورة الصناعية‬ ‫جولدمان‪ ،‬إيما‪168،‬‬
‫قانون معايير العمل العادلة‪283-285، 267، 264،‬‬ ‫جولدسبورو‪ ،‬القاضي ت ‪.‬آالن‪369 370،‬‬
‫فيرليس‪ ،‬بنيامين‪362، 329-330،‬‬ ‫جومبرز‪ ،‬صموئيل‪ ،‬والراديكالية العمالية ‪، 116-117،‬‬
‫«الريش‪» 342‬‬ ‫‪ 232، 230، 211،181‬؛ دور في تشكيل ‪ AF‬من‪، L.‬‬
‫اإلدارة الفيدرالية لإلغاثة في حاالت الطوارئ ‪281،‬‬ ‫‪ 151 ،126‬وما يليها؛ الشخصية والمهنة‪ 154-157،‬؛‬
‫النقابات الفيدرالية‪269،‬‬ ‫الموقف تجاه هوم ستيد وضربات بولمان‪، 169 170،‬‬
‫اتحاد المهن المنظمة و‬ ‫‪178‬؛ السياسات خالل الفترة التقدمية‬
‫نقابات العمال‪162، 157-161، 145،‬‬
‫فيراي‪ ،‬جون‪83، 67-68، 63، 62،‬‬
‫فينشر‪ ،‬جوناثان‪93،‬‬
‫مراجعة فينشرز تريدز‪93 ،‬‬
‫الدولية األولى‪105،‬‬
‫فلينت أالينس‪305، 304،‬‬
‫فورد‪ ،‬هنري‪326،‬‬
‫فورد‪،‬‬ ‫انظر أيضًا‬
‫شركة فورد للسيارات‪ 306، 303،‬؛‬
‫هنري‬
‫المساعدات الخارجية‪377‬‬
‫فورتشن‪393، 391،377 ،‬‬
‫فوستر‪ ،‬ويليام ز‪317، 235، 233،.‬‬
‫فورييه‪ ،‬تشارلز‪80-81،‬‬
‫فورييه‪81،‬‬
‫األعمال الحرة‪410،‬‬
‫"معارك حرية التعبير"‪ 220 "، 215،‬مستحقات الحرية"‪،‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Index‬‬ ‫‪427‬‬
‫‪ 186 ،‬وما يليها؛ على مبدأ عدم التدخل‪ 201،‬؛‬ ‫هتشسون‪ ،‬ويليام ل‪313، 294،.‬‬
‫وعلى قانون كاليتون‪ 203-204،‬؛ والحرب العالمية‬
‫األولى‪ 224 ،‬وما يليها؛ وفاة ‪ 253‬؛ وفلسفة العمل‬ ‫إيكيس‪ ،‬هارولد إل‪ 341 ، 340،.‬هجرة العمال خالل‬
‫أوفي‪411، 391،‬‬ ‫الفترة االستعمارية‪ 2-8،‬؛ التأثير على صناعة النسيج‪،‬‬
‫جولد‪ ،‬جاي‪ 143 ، 139-140، 95،‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪76‬؛ األهمية خالل خمسينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫الضوابط الحكومية‪ 386 ،‬التدخل الحكومي‪412،‬‬ ‫‪ 88،78-79‬؛ التأثير في النصف األخير من القرن التاسع‬
‫غريلي‪ ،‬هوراس‪ 86 ، 81، 80، 78-79،‬غرين‪ ،‬ويليام‪،‬‬ ‫عشر‪ 183، 127، 114، 97-98،‬؛ خالل الفترة‬
‫رئيس مختار‬ ‫التقدمية‪ 185،‬؛ تقييد‪ 243، 204،‬؛ وتنظيم العمل‪410،‬‬
‫‪AF‬من‪ 253، L.‬؛ طابع‪ 253- 255،‬؛ واالكتئاب‪،‬‬ ‫السجن بسبب الديون‪49،‬‬
‫‪261-262‬؛ وعلى األمن‪ 283،‬؛ ورئيس قسم‬ ‫العمل المقيد‬ ‫العبيد المستأجرين‪ 3-10، 1،‬؛ انظر أيضًا‬
‫المعلومات‪ 296، 294، 289،‬؛ وعلى روزفلت‪ 323،‬؛‬ ‫التحالفات الصناعية‪194،‬‬
‫وعلى مشاريع القوانين المناهضة للعمل‪ 330،‬؛ في‬ ‫األخوة الصناعية‪134، 131، 111،‬‬
‫سجل حرب العمال‪ 336،‬؛ الوفاة‪387،‬‬ ‫اللجنة الصناعية)‪ 183 ، (1898‬مؤتمرا ً صناعيا ً‪ ،‬في‬
‫النزعة الخضراء‪129، 113، 110-111،‬‬ ‫خمسينيات القرن التاسع عشر‪ 87،‬؛‬
‫الدوالر‪-‬أحزاب العمل‪134، 110-111،‬‬ ‫في ستينيات القرن التاسع عشر‪111-112،‬‬
‫غروسكوب‪ ،‬القاضي بيتر ج‪178، 177،.‬‬ ‫"الديمقراطية الصناعية"‪ 291 ، 256،‬التوسع الصناعي‪،‬‬
‫األجر السنوي المضمون‪392،‬‬ ‫‪95‬وما يليها‪.‬‬
‫لجنة العالقات الصناعية)‪224، 203، (1910‬‬
‫الثورة الصناعية‪ ،‬تأثير‪ 74 ، 71، 19، 2،‬وما يليها‪ ،‬هاجرتي‪ ،‬األب تي جيه‪211،‬‬
‫هاملتون‪ ،‬ألكسندر‪ ،‬مقتبس‪٢٦ ،١٧ ،‬‬ ‫‪377‬؛ انظر أيضًا توسيع تجربة الصناعه‬
‫النقابات الصناعية‪ ، 236، 222، 208، 174، 127،‬هاموند‪ ،‬جون‪ ،‬ص ‪٨‬‬
‫‪ 288 ، 268-269،254-255‬وما يليها‪ ، 309-310،‬حنا‪ ،‬مارك‪189، 186، 182، 174، 172،‬‬
‫‪ 413 ^/ ، 410-411،389‬عمال الصناعة في العالم‪ ،‬هانسون‪ ،‬عمدة أولي‪231،‬‬
‫هاردينج‪ ،‬وارن ج‪250، 239،.‬‬ ‫‪410، 231، 226،208-223‬‬
‫األوامر القضائية‪ ،‬خالل إضراب بولمان‪ 177-179،‬؛ هاريمان‪ ،‬إه‪95،‬‬
‫االعتداءات العمالية على‪ 251، 198، 181‬؛ وقانون هاريسون‪ ،‬بنيامين‪38،‬‬
‫كاليتون‪ 249، 203-204،‬؛ وفي ضربات ما بعد هاسنكليفر‪ ،‬بيتر‪14،‬‬
‫الحرب‪ 255، 240، 236،‬؛ وقانون نوريس ال هاي‪ ،‬جون‪ ،‬مقتبس‪١٨٦ ،‬‬
‫هايز‪ ،‬رذرفورد ب‪120،‬‬ ‫غوارديا‪ 263،‬؛ وإضراب الفحم)‪، (1946‬‬
‫أعمال الشغب في ساحة هايماركت‪، 122-125، 114،‬‬
‫‪160، 146، 145،126‬‬
‫هايوود‪ ،‬ويليام د‪ 210 ،.‬وما يليها‪221، 219- 220،‬‬
‫هيل‪ ،‬جيمس ج‪95،‬‬
‫هيلمان‪ ،‬سيدني‪ ،‬ورئيس قسم المعلومات‪، 295، 294،‬‬
‫‪299‬؛ واللجنة المنظمة لعمال النسيج‪ 308،‬؛ النشاط‬
‫السياسي‪ 350، 348، 315‬؛ والشيوعية‪ 318، 317،‬؛‬
‫في‬
‫أو بي إم‪333،‬‬
‫هوفا‪ ،‬جيمس ر‪398،.‬‬
‫هولمز‪ ،‬القاضي أوليفر ويندل‪250،‬‬
‫قانون العزبة‪84،‬‬
‫إضراب العزبة‪166-171،‬‬
‫هون‪ ،‬فيليب‪ ،‬مقتبس‪٦٠ ،‬‬
‫هوفر‪ ،‬هربرت‪314، 291، 281، 263، 255، 242،‬‬
‫نقابة موظفي الفنادق والمطاعم‪398،‬‬
‫هوارد‪ ،‬تشارلز ب‪295، 294،.‬‬
‫هيوز‪ ،‬تشارلز إيفانز‪279،‬‬
‫هانت ضد كرومبوتش‪286 ،‬‬
‫‪428‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫واألوامر( تابع)‬ ‫شركة كايزر‪405،‬‬


‫‪369-370‬؛ وقانون تافت‪-‬هارتلي‪، 380، 379، 374،‬‬ ‫كيلوج‪ ،‬إدوارد‪110،‬‬
‫‪381‬‬ ‫فرسان العمل‪ ،‬تنظيم‪ 126-138،‬؛ واإلضرابات في‬
‫ثمانينيات القرن التاسع عشر‪ 138-145 ،‬عا ًما؛ شركة إنالند ستيل‪301،‬‬
‫انخفاض ‪ 145 149‬؛ والتنافس مع االتحادات الوطنية الحركة العالمية بين الكنائس‪ ،‬مهمة لجنة التحقيق‪، 234،‬‬
‫‪235‬‬ ‫‪ 151 ،‬وما يليها‪ 288،‬؛ الفشل‪395‬‬
‫الدولية‪ ،‬انظر الدولية األولى؛‬ ‫فرسان القديس كريسبين‪112،‬‬
‫الدولية الثالثة‬ ‫‪333‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪306‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪305‬‬ ‫‪،‬‬ ‫كنودسن‪ ،‬ويليام س‪303،.‬‬
‫الحرب الكورية‪ ،‬وضربة الصلب عام‪ 380-381، 1952‬؛‬
‫الرابطة الدولية ل؛ — مرق ‪ . -‬اتحاد‪ ،‬انظر تحت الجزء‬
‫وسياسات العمل‪386، 385،‬‬
‫المناسب من االسم‬
‫االتحاد الدولي لألحرار‬ ‫‪\/‬تشريعات العمل‪ ،‬االستعمارية‪ 11،‬؛ قوانين العشر ساعات‪،‬‬
‫النقابات العمالية‪385،‬‬ ‫‪86‬؛ قوانين الثماني ساعات‪ 108،‬؛ في تسعينيات القرن‬
‫مكتب العمل الدولي‪385،‬‬ ‫التاسع عشر‪ 183،‬؛ قانون إردمان‪ 196،‬؛ في الفترة‬
‫الدولي لعمال المالبس للسيدات ‪، 294، 268، 206،‬‬ ‫التقدمية‪ 201-204،‬؛ قانون كاليتون‪ 224، 204،‬؛ قانون‬
‫‪297-298‬‬ ‫نوريس ال غوارديا‪ 263،‬؛ قانون استعادة محاكمة السند‬
‫الرابطة الدولية لعمال الشحن والتفريغ ‪381-382،‬‬ ‫الوطني ‪ 265 ،‬وما يليها؛ قانون العمل بالسكك الحديدية‪،‬‬
‫االتحاد الدولي للطباعة‪ 187،‬؛ انظر أيضًا االتحاد الوطني‬ ‫‪266‬؛ قانون فاغنر‪ 273 276،‬؛ قانون الضمان االجتماعي‪،‬‬
‫للطباعة‬ ‫‪282-283‬؛ قانون معايير العمل الجوي‪ 283-285 ،‬؛‬
‫االتحادات الدولية‪389،‬‬ ‫قانون تافت‪-‬هارتلي‪، 382-384، 377 380، 373-376،‬‬
‫العمال الدولية ‪123،‬‬ ‫‪ 412،392-393‬؛ قانون الن طبل‪-‬جريفين ‪, 394, 400,‬‬
‫الرابطة الدولية للعمال ‪154، 122، 116، 105،‬‬ ‫' ‪401, , 406, 407‬‬
‫االتفاق بين الواليات)‪15، (1776‬‬ ‫‪-‬قانون اإلبالغ واإلفصاح عن إدارة العمل لعام‪400، 1959‬‬
‫أيرلندا‪ ،‬رئيس األساقفة‪191، 186،‬‬ ‫مجال العمل أو اإلدارة‪ ،‬لجنة مجلس الشيوخ المعنية‬
‫معهد الحديد والصلب‪ 299 "،‬األقسام الحديدية"‪، 122،‬‬ ‫باألنشطة غير الالئقة في‪ 394،‬؛ وسائقو الشاحنات‪،‬‬
‫‪194،165‬‬ ‫‪407،397-399‬‬
‫االتحاد الدولي لصانعي الحديد‪ ،‬انظر االتحاد الدولي لصانعي‬ ‫حزب العمال‪ ،‬انظر الصحافة العمالية للطرف الثالث‪، 83،‬‬
‫الحديد‬ ‫‪93‬‬
‫عمال الحديد والقصدير والصلب‪ ،‬جمعية أمل‪166 -، 158،‬‬ ‫جمعية إصالح العمل( ستينيات القرن التاسع عشر)‪107،‬‬
‫‪315، 299، 273، 268، 233، 187،167‬‬ ‫جواسيس العمل‪280، 277، 247، 194،‬‬
‫آيرونز‪ ،‬مارتن‪ 143 ،‬االنعزالية‪333، 319،‬‬
‫إيفز كينيدي بيل‪399،‬‬

‫جاكسون‪ ،‬أندرو‪63، 54، 50، 46، 38، 37،‬‬


‫جاكسون‪ ،‬روبرت هـ‪286،‬‬
‫الديمقراطية الجاكسونية‪52، 35-38،‬‬
‫جاي‪ ،‬جون‪18،‬‬
‫جيفرسون‪ ،‬توماس‪79، 18،‬‬
‫جونسون‪ ،‬الجنرال هيو‪267،‬‬
‫جونسون‪ ،‬صموئيل‪ ،‬ص ‪٦‬‬
‫جونستون‪ ،‬الفانلي‪365،‬‬
‫جونستون‪ ،‬وليام هـ‪251،‬‬
‫جونز‪ ،‬هيو‪ ،‬مقتبس‪١٠ ،‬‬
‫جونز‪ ،‬األم‪211،‬‬
‫مجلة التجارة‪392 ،‬‬
‫مجلة العمل المتحد‪129-130 ،‬‬
‫جمعية‬ ‫‪،Journeymen‬‬ ‫‪Cordwainers‬‬
‫(فيالدلفيا)‪ 29، 23،‬؛( نيويورك)‪30،‬‬
‫‪Index‬‬ ‫‪429‬‬
‫"وثيقة حقوق العمال)‪250، 238،" (1919‬‬ ‫خطة مارشال‪384-385،‬‬
‫رابطة العمل للتثقيف السياسي ‪389، 384،‬‬ ‫مارتن‪ ،‬هومر س‪304، 302-303،.‬‬
‫رابطة العمل غير الحزبية‪321، 318، 313 316،‬‬ ‫ماركس‪ ،‬كارل‪154، 105، 81،‬‬
‫عمال المالبس للسيدات‪ ،‬انظر االتحاد الدولي لعمال المالبس‬ ‫في‬ ‫للساعات‪،‬‬ ‫قصى‬ ‫األ‬ ‫للحد‬ ‫ماذر‪ ،‬كوتون‪ ،‬مقتبس‪ ،‬قانونان‬
‫للسيدات‬ ‫ستينيات‬ ‫في‬ ‫؛‬ ‫‪86‬‬ ‫عشر‪،‬‬ ‫التاسع‬ ‫أربعينيات وخمسينيات القرن‬
‫ال فوليت‪ ،‬روبرت م‪252، 251،.‬‬ ‫؛‬ ‫‪201-202‬‬ ‫التقدمية‪،‬‬ ‫الفترة‬ ‫في‬ ‫القرن التاسع عشر‪ 108،‬؛‬
‫انظر أيضًا قانون التعافي الصناعي الوطني؛ قانون معايير ال فوليت‪ ،‬روبرت م‪ ،‬االبن‪278،‬‬
‫كوميت ال فوليت للحريات المدنية ‪277-279،‬‬ ‫العمل العادلة‬
‫قانون ال فوليت للبحارة‪204،‬‬ ‫الحد األقصى لألجور‪ ،‬التشريع المبكر بشأن‪15، 11-12،‬‬
‫ال غوارديا‪ ،‬فيوريلو إتش‪ 315 ، 263،‬سياسة عدم‬ ‫ماكبرايد‪ ،‬جون‪181،‬‬
‫ماكليالن‪ ،‬جون ل‪397-399،.‬‬
‫التدخل‪ 395 ، 201، 95-96،‬قانون الندروم‪-‬غريفين‪،‬‬
‫‪407، 406، 401، 400،394‬‬ ‫ماكدونالد‪ ،‬ديفيد‪406،‬‬
‫الالساليون‪153، 123،‬‬ ‫‪158‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪152‬‬ ‫ماكغواير‪ ،‬بيتر ج‪،.‬‬
‫عمال الغسيل‪399، 398،‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪182‬‬ ‫ماكينلي‪ ،‬وليام‪،‬‬
‫لوريل‪ ،‬فرديناند‪154، 151،‬‬ ‫‪295‬‬ ‫‪،‬‬‫‪.‬‬ ‫ف‬ ‫توماس‬ ‫مكماهون‪،‬‬
‫لورانس‪ ،‬أبوت‪76،‬‬ ‫‪١٨‬‬ ‫مقتبس‪،‬‬ ‫باخ‪،‬‬ ‫جون‬ ‫ماكماستر‪،‬‬
‫إضراب لورانس للمنسوجات‪ 215-219 ،‬لند‪-‬ليز‪325،‬‬ ‫ماكنوت‪ ،‬بول ف‪352،.‬‬
‫يهودي‪ ،‬جون ل‪ ،.‬وإضراب الفحم عام‪ 237، 1919‬؛ وفي‬ ‫‪118‬‬ ‫ماكفارالن‪ ،‬جيمس‪،‬‬
‫عشرينيات القرن العشرين‪ 266، 254، 248،‬؛ طابع‪،‬‬ ‫؛‬ ‫‪395‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪393‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪387-391‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪384-385‬‬ ‫ميني‪ ،‬جورج‪،‬‬
‫‪289-292‬؛ ورئيس قسم المعلومات‪ 292 ،‬وما يليها؛‬ ‫‪50‬‬ ‫الميكانيكا‪،‬‬ ‫امتياز‬ ‫قانون‬ ‫‪393‬‬ ‫مقتبس‪،‬‬
‫وضربة الصلب)‪ 299، (1937‬؛ وإضراب السيارات‬ ‫‪،‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪32-34‬‬ ‫‪،‬‬ ‫)‪(1827‬‬ ‫للميكانيكا‬ ‫التجارة‬ ‫جمعيات‬ ‫اتحاد‬
‫)‪ 317، 314، 305-306، 304،(1937‬؛ وانتخاب‬ ‫‪284‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪،‬‬‫‪58‬‬
‫عام‪ 320 ، 1940‬وما يليها؛ االستقالة من رئيس قسم‬ ‫الرأسماليون التجاريون‪ 24-25 ، 20،‬اندماج‪AF of ،‬‬
‫المعلومات‪ 323،‬؛ وإضراب الفحم)‪، (1941‬‬ ‫‪ 389-391 ،L.-CIO‬ميدلتاون‪244 ،‬‬
‫‪328-330‬؛ وفي بيرل هاربور‪ 332،‬؛ وإضراب الفحم‬ ‫نظام الميليشيات‪50،‬‬
‫)‪ 343، 338-341،(1943‬؛ وإضرابات الفحم‬ ‫اتحاد عمال المناجم‬ ‫عمال المناجم‪ ،‬انظر‬
‫)‪ 368-370، 363-364،(1946‬؛)‪، (1947-1950‬‬
‫‪379-380‬؛ ورابطة القانون الدولي‪ 382،‬؛ الوفاة‪387،‬‬
‫رابطة الحرية‪314،‬‬
‫لينكولن‪ ،‬أبراهام‪92، 91،‬‬
‫صيغة" الصلب الصغير"‪ 340 ، 336-337،‬وما يليها‪361،‬‬
‫ضربة" الصلب الصغير"‪320، 301-302، 278،‬‬
‫لويد‪ ،‬هنري ديمارست‪ 179 ،‬لوشنر ضد نيويورك‪،‬‬
‫‪202‬‬
‫مهندسو القاطرات‪ ،‬جماعة اإلخوان‪164، 93،‬‬
‫رجال إطفاء القاطرات ورجال المحركات ‪ ،‬جماعة اإلخوان‬
‫المسلمين‪174، 164،‬‬
‫لوي وشركاه‪197،‬‬
‫لونغ‪ ،‬هيوي‪290،‬‬
‫النظر إلى الوراء‪96 ،‬‬
‫لويل‪ ،‬ماساتشوستس‪ ،‬مصانع القطن‪73-75،‬‬
‫لوثر‪ ،‬سيث‪68،‬‬

‫الوطني للميكانيكيين والحدادين ‪134، 112، 93، 89،‬‬


‫صيانة العضوية‪335،‬‬
‫تلميع الرخام واألردواز والحجر‪ ،‬في الرابطة الدولية لـ‪164،‬‬
‫االتحاد الوطني لتوقيت ماري‬ ‫االتحاد البحري‪ ،‬انظر‬
‫‪430‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫السجل العام لـ ‪ 280‬؛ أنشطة محددة لـ‪ ، 308، 302،‬بينيفو لينت لعمال المناجم وعمال المناجم ‪118، 117،‬‬
‫رابطة عمال المناجم‪ ،‬انظر رابطة عمال المناجم األمريكية‬ ‫‪382، 374، 357، 348، 343،310‬‬
‫‪NLRB‬ضد شركة جونز والفلين للصلب‪ 279 ،‬الرابطة الوطنية لعمال المناجم‪ 117 ،‬الحد األدنى لألجور‪،‬‬
‫الوطني‪ 100 ،‬وما يليها‪ ، 155، 137، 133،‬التشريعات بشأن‪ 384، 283، 265، 202‬؛ انظر أيضًا‬ ‫اتحاد العمال‬
‫‪410،159‬‬
‫قانون التعافي الصناعي الوطني؛ قانون معايير العمل العادلة‬
‫االتحاد البحري الوطني‪317،‬‬
‫ميتشل‪ ،‬جيمس ب‪392،‬‬
‫االتحاد الوطني للمولدين‪ 103، 89،‬؛ انظر أيضًا االتحاد ميتشل‪ ،‬جون‪254، 192، 190-191، 187،‬‬
‫الدولي لمولدرز‬
‫صيغة وادي موهوك‪278،‬‬
‫إدارة اإلنعاش الوطني‪ 274 ، 264،‬وما يليها‪.‬‬
‫االتحاد الدولي للمولدين‪ 151،109 ، 103-105 ، 93،‬؛‬ ‫جمعية اإلصالح الوطنية‪87، 84، 83،‬‬
‫انظر أيضًا االتحاد الوطني للمولدين‬ ‫الرابطة الوطنية لمصنعي المواقد ومؤسسي الحديد‪104،‬‬
‫مولي‪ ،‬ريموند‪274،‬‬ ‫اتحاد الحرف الوطني)‪67-69، 59، (1834‬‬
‫االتحاد المطبعي الوطني‪ 112، 89،‬؛ انظر أيضًا االتحاد مولي ماغواير‪ 133 ، 117-118،‬احتكار‪411، 391،‬‬
‫مونرو‪ ،‬جيمس‪57،‬‬ ‫الرسومي الدولي لألخطاء المطبعية‬
‫النقابات الوطنية‪ ،‬التنظيم المبكر‪ 99، 93، 89،‬؛ في شركة مونتغمري وارد‪347،‬‬
‫سبعينيات القرن التاسع عشر‪ 112،‬؛ إعادة اإلحياء في مور‪ ،‬إيلي‪68-70،‬‬
‫ثمانينيات القرن التاسع عشر‪ ، 151، 126،‬مورغان‪ ،‬جي بي‪236، 193،‬‬
‫موريس‪ ،‬جوفيرنور‪ ،‬مقتبس‪١٦ ،‬‬ ‫‪ 164،157-161‬؛ انظر أيضًا ‪AF‬لـ‪L.‬‬
‫مورس‪ ،‬واين ب‪366،‬‬
‫المجلس الوطني لتثبيت األجور‪362، 356،‬‬
‫موست‪ ،‬يوهان‪ 123 ،‬مكراكرز‪188،‬‬
‫المجلس الوطني للعمل الحربي)‪، 226-227، (1918‬‬
‫ميرفي‪ ،‬فرانك‪305-306،‬‬
‫‪228‬؛)‪ 334-338، (1942‬؛ وإضراب الفحم‬
‫موراي‪ ،‬فيليب‪ ،‬مقتبس‪٢٨٩ ،‬؛ ورئيس قسم المعلومات‪،‬‬
‫)‪ 338-341،(1943‬؛‬
‫سا لقسم‬ ‫‪294‬؛ وضربة الصلب ‪ 299‬؛ أصبح رئي ً‬
‫تكنولوجيا المعلومات‪ 323 ،‬عا ًما؛ شار فاعل‪،‬‬
‫‪323-325‬؛ وعلى مشاريع القوانين المناهضة للعمل‪،‬‬
‫‪ 343-344،330-331‬؛ وفي العمل السياسي‪ 351،‬؛‬
‫وعن التضخم‪ 367‬؛ وفي السياسة الخارجية‪ 385،‬؛‬
‫وعن النقابات التي يسيطر عليها الشيوعيون‪ 386،‬؛‬
‫الوفاة‪387،‬‬

‫ناثان‪ ،‬روبرت ر‪370،.‬‬


‫أعمال األمم‪391 ،‬‬
‫المجلس االستشاري الوطني لسياسة التعبئة‪386،‬‬
‫الرابطة الوطنية للمصنعين ‪، 278، 257، 230، 195،‬‬
‫‪391، 375، 316،284‬‬
‫لجنة العمل السياسي للمواطنين الوطنيين‪350،‬‬
‫االتحاد المدني الوطني‪194، 193، 190، 186-187،‬‬
‫مجلس وساطة الدفاع الوطني‪ 327 ،‬وما يليها‪335،‬‬
‫المؤتمر الصناعي الوطني)‪229، (1919‬‬
‫قانون التعافي الصناعي الوطني‪ 265 ،‬وما يليها‪، 281،‬‬
‫‪283‬‬
‫مجلس العمل الوطني)‪271، (1934‬‬
‫حزب اإلصالح العمالي الوطني‪106،‬‬
‫قانون عالقات العمل الوطنية‪ ،‬انظر‬
‫قانون فاغنر‬
‫المجلس الوطني لعالقات العمل)‪400، 271، (1934‬‬
‫المجلس الوطني لعالقات العمل)‪ ، (1935‬تم إنشاؤه‪ 275،‬؛‬
‫‪Index‬‬ ‫‪431‬‬
‫و"المزايا اإلضافية‪356، 354، 348،" 345-346‬‬ ‫بيركنز‪ ،‬فرانسيس‪321، 282، 274، 265، 254،‬‬
‫االتفاقية الوطنية للعمال)‪91، (1861‬‬ ‫فلسفة العمل األمريكي‪413، 409-410، 222-223،‬‬
‫الزنوج‪ ،‬الوضع في الفترة االستعمارية‪ 14، 8، 6،‬؛ واتحاد‬ ‫محققو بينكرتون‪ 165 ، 143،‬وما يليها‪182، 181،‬‬
‫العمل الوطني‪ 102،‬؛ وفرسان العمل‪ 141،‬؛ ورئيس‬ ‫بويندكستر‪ ،‬جوزيف ب‪238،‬‬
‫قسم المعلومات‪ 308،‬؛ ‪ AF‬من ‪ L.-CIO‬والتمييز‪،‬‬ ‫برنامج النقطة الرابعة‪385، 384،‬‬
‫‪407‬‬ ‫لجنة العمل السياسي‪ ،‬رئيس قسم المعلومات‪، 348-351،‬‬
‫نيلسون‪ ،‬دونالد م‪352، 333،.‬‬ ‫‪389،384‬‬
‫الصفقة الجديدة‪ 264 ،‬وما يليها‪395،‬‬ ‫الشعبوية‪182، 180،‬‬
‫رابطة نيو إنجالند للمزارعين والميكانيكيين وغيرهم من‬ ‫الحزب الشعبوي‪180،‬‬
‫العمال)‪70، 68، 45، (1832‬‬ ‫بوست‪ ،‬سي دبليو‪194-195،‬‬
‫الرجال العاملين في نيو إنجالند)‪87 ، 85، 80، (1844‬‬ ‫بوست وتايمز هيرالد‪ ،‬واشنطن‪391،‬‬
‫النقابات الجديدة‪ 151 ، 147، 128،‬وما يليها‪.‬‬‫باودرلي‪ ،‬تيرينس ف‪ ،.‬رئيس فرسان العمل المختار‪ 134،‬؛‬
‫مجلس تجارة البناء في نيويورك‪387،‬‬ ‫طابع‪ 134-138،‬؛ سياسات ‪, 140-149‬هنا ;‬
‫إضراب رصيف نيويورك‪381-382،‬‬ ‫واالتحادات الوطنية‪ 163، 160، 158، 151،‬؛ وفلسفة‬
‫جمعية نيويورك للشحن‪382،‬‬ ‫العمل أوفي‪411،‬‬
‫نيويورك تايمز‪391 ،‬‬ ‫الطابعات‪ ،‬التنظيم المبكر‪ 77، 23،‬؛ انظر أيضًا االتحاد‬
‫محامي التجارة في نيويورك‪93 ،‬‬ ‫المطبعي الوطني‬
‫جمعية نيويورك للطباعة‪27،‬‬ ‫العمل في السجون‪132، 101، 55، 25،‬‬
‫حزب العمال في نيويورك‪82، 60، 51، 48، 39- 45،‬‬ ‫اتحاد صانعي السيجار التقدميين‪159,160،‬‬
‫اتفاق عدم اإلغارة‪389-390،‬‬ ‫الرخاء‪ ،‬التأثير على تنظيم العمل ‪، 88، 71، 53،‬‬
‫قانون نوريس الغوارديا‪، 276، 265، 263، 197،‬‬ ‫‪244-245،184-185‬‬
‫‪369-370‬‬ ‫استطالعات الرأي العام‪375-376، 372، 349، 308،‬‬
‫حزب أمريكا الشمالية‪44،‬‬ ‫جمعية المدارس العامة‪47،‬‬
‫منظمة حلف شمال األطلسي‪385، 384،‬‬ ‫بولمان‪ ،‬جورج م‪173، 171-172،.‬‬
‫شركة بولمان‪178، 172، 171،‬‬
‫إضراب بولمان‪ 186 ، 171-180،‬القوة الشرائية‪ ،‬الكتلة‪ ،‬أوكونيل‪ ،‬جيمس‪187،‬‬
‫مكتب االستقرار االقتصادي‪345،‬‬ ‫‪411،393‬‬
‫مكتب إدارة األسعار‪368، 334،‬‬
‫مكتب إدارة اإلنتاج‪333،‬‬
‫معاشات الشيخوخة‪ 384، 262، 256، 255،‬؛ انظر‬
‫أيضًا قانون الضمان االجتماعي‬
‫أولني‪ ،‬ريتشارد‪ 179 ، 177، 176،‬متجر مفتوح‪، 195،‬‬
‫‪270، 255، 246، 240،236‬‬
‫الجمعيات المفتوحة‪246،‬‬
‫نقابة مهندسي التشغيل‪398،‬‬
‫وسام موصلي السكك الحديدية‪164،‬‬
‫نقابات العمال والنقابات المنظمة‪ ،‬اتحاد‪، 157-161، 145،‬‬
‫‪162‬‬
‫أوين‪ ،‬روبرت ديل‪ 42-47 ، 41،‬هنا‬
‫بالمر‪ ،‬سيناتور إلينوي‪170،‬‬
‫باري‪ ،‬رئيس حركة عدم االنحياز‪ 195 ،‬ضربة باترسون‬
‫الحريرية‪ 219-220 ،‬بيرل هاربور‪332، 331،‬‬
‫بيك‪ ،‬إس بي‪ ،‬رئيس حركة عدم االنحياز‪257،‬‬
‫بيبول ضد فيشر‪64 ،‬‬
‫حزب الشعب‪ ،‬انظر الحزب الشعبوي‬
‫‪432‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫قانون شيرمان لمكافحة االحتكار‪ ، 192، 183، 178،‬االبتزاز‪ ،‬في اتحاد سائقي الشاحنات‪398،‬‬
‫عمال السكك الحديدية‪ ،‬جماعة اإلخوان المسلمين‪164،‬‬ ‫‪199،197‬‬
‫أخويات السكك الحديدية‪ ،‬تنظيم‪ 183، 164،‬؛ وقانون‬ ‫نجارو السفن وعمال السد‪ ،‬االتحاد الوطني الدولي‪106،‬‬
‫أدامسون‪ 225،‬؛ وإضراب أصحاب المتاجر‪ 239‬؛‬ ‫صانعو األحذية‪ ،‬التنظيم المبكر‪ 76-77، 23،‬؛ انظر أيضًا‬
‫والعمل السياسي‪ 251،‬؛ وإضراب السكك الحديدية‪-‬‬ ‫كوردوينرز‬
‫)‪ 364،(1946‬؛ في مذكرته ‪389،‬‬ ‫سيغفريد‪ ،‬أندريه‪ ،‬مقتبس‪٢٤٣ ،‬‬
‫قائدو السكك الحديدية‪ ،‬وسام‪164،‬‬ ‫سيمونز‪ ،‬صباحا‪211،‬‬
‫سنكلير‪ ،‬ابتون‪ 307 ،‬ضربات اعتصام‪ 303-308 ، 279،‬قانون العمل بالسكك الحديدية‪364، 345، 273، 266،‬‬
‫متجرا للسكك‬
‫ً‬ ‫مجلس العمل بالسكك الحديدية‪251 ، 239،‬‬
‫سكيدمور‪ ،‬توماس‪ 39-45 ،‬مرة أخرى‪82 ،‬العبودية‪،‬‬
‫الحديدية‪ ،‬منظمة‪ 164،‬؛ إضراب)‪239-240 ، (1922‬‬
‫في الفترة االستعمارية‪ 3، 1،‬؛ التأثير على النقابات‪91،‬‬
‫إضرابًا في السكك الحديدية‪ ،‬في‪ 118-122، 1877‬؛ في‬
‫سميث‪ ،‬الكابتن جون‪2،‬‬
‫عام‪ 171-180، 1894‬؛ في عام‪ 239-240، 1922‬؛ كما‬
‫قانون سميث كونالي‪ 343 ،‬وما يليها‪370، 364، 357،‬‬
‫هدد في عام‪ 344-345، 1943‬؛ في عام‪، 1946‬‬
‫المصير االجتماعي لإلنسان‪80 ،‬الضمان االجتماعي‪364-366 ،‬؛ في‪380381، 1950-1951‬‬
‫‪ 384 ، 282-283،264‬قانون الضمان االجتماعي‪،‬‬
‫اتحاد السكك الحديدية‪ ،‬األمريكية‪173 175، 164،‬‬
‫‪384، 285،281-283‬‬
‫االشتراكية‪ ،‬كما قدمها فورييه‪ 81،‬؛ والحركة العمالية‪ ، 123‬شركة القراءة‪ 117-118 ،‬ن‪.‬‬
‫‪ 409، 210، 208، 199، 154،153‬؛ أنظر أيضا المخلصين‪ 6-7، 3،‬؛ انظر أيضًا الخدم المتعاقدين‬
‫ريد‪ ،‬جون‪ ،‬مقتبس‪٢٢٠ ،‬‬ ‫الماركسية؛ شيوعية‬
‫حركة اإلصالح‪ ،‬في أربعينيات القرن التاسع عشر‪ 80 ،‬وما‬ ‫حزب العمل االشتراكي‪210،‬‬
‫يليها؛ مصلحة العمل في ستينيات القرن التاسع عشر‬ ‫الحزب االشتراكي‪212، 211، 210،‬‬
‫‪ 112-113،104105‬؛ خالل الفترة التقدمية‪201 ،‬‬ ‫تحالف التجارة والعمل االشتراكي‪298،‬‬
‫الصفقة الجديدة‬ ‫وما يليها؛ انظر أيضًا‬ ‫مجتمع‪ ،‬انظر تحت الجزء المناسب من االسم‬
‫شركة ريمنجتون راند‪278،‬‬ ‫أبناء الحرية‪16،‬‬
‫شركة ريبابليك ستيل‪ 301 ، 278،‬المسؤولية‪413،‬‬
‫روثر‪ ،‬والتر‪، 390، 389، 387، 385، 359-360،‬‬
‫‪391-392‬؛ نقال عن‪396،: 392‬‬
‫الثورة‪ ،‬األمريكية‪ 21 ، 16، 15،‬رودس‪ ،‬جيمس فورد‪،‬‬
‫مقتبس‪ 179 ،‬قانون الحق في العمل‪ 401 ، 392،‬حقوق‬
‫‪82،40‬‬ ‫اإلنسان في الملكية‪ ،‬ال‪،‬‬
‫ريفينغتون‪ ،‬جيمس‪22،‬‬
‫روكفلر‪ ،‬جون د‪95،‬‬
‫روكفلر‪ ،‬جون د ‪.‬االبن‪229، 196، 187،‬‬
‫روزفلت‪ ،‬فرانكلين د‪ ،.‬وسياسات العمل الخاصة بالصفقة‬
‫الجديدة‪ 263 ،‬وما يليها؛ بشأن قانون معايير العمل‬
‫للصفقة العادلة‪ 285 284،‬؛ وعن النقابات العمالية‪،‬‬
‫‪287‬؛ وإضراب جنرال موتورز‪ 306‬؛ الدعم السياسي‬
‫لحزب العمال‪ 313 ،‬وما يليها‪ 348،‬؛ العالقات مع‬
‫لويس‪ 320-323،‬؛ وضربات الفحم‪، 339-340، 328‬‬
‫‪345‬؛ والعمل في زمن الحرب‪، 341، 336، 334،‬‬
‫‪352‬‬
‫روزفلت‪ ،‬ثيودور‪208، 200، 193، 192، 188، 184،‬‬
‫الجذر‪ ،‬إليهو‪193،‬‬

‫"الجرب‪144، 103،" 28‬‬


‫إضراب سياتل العام‪231،‬‬
‫شو‪ ،‬رئيس قضاة ماساتشوستس‪66، 65،‬‬
‫شيرمان‪ ،‬تشارلز أو‪211،‬‬
‫‪Index‬‬ ‫‪433‬‬
‫متجرا للعمال المستغلين‪ ، 25،‬أبناء فولكان‪93،‬‬ ‫ً‬ ‫فوائد تأمين الناجين‪384 ،‬‬
‫سولي‪ ،‬جورج‪ ،‬مقتبس‪ 261 ،‬السيادي‪ ،‬جيمس ر‪147 ،.‬‬ ‫‪205،185‬‬
‫السياديين في الصناعة‪ 111 ،‬اإلمبريالية السوفيتية‪385 ،‬‬ ‫سوينتون‪ ،‬جون‪145، 135،‬‬
‫سيلفيس‪ ،‬ويليام إل‪ 102-106 ،‬هنا‪ ، 135، 110،109 ،‬برنامج االستقرار‪ 367 ،‬وما يليها ‪.‬ارتفاع مستوى المعيشة‪،‬‬
‫‪393‬ستانتون‪ ،‬إليزابيث كودي‪ 104 ،‬ستار‪ ،‬واشنطن‪391 ،‬‬ ‫‪411، 379،151‬‬
‫ضربة فوالذية‪ ،‬عام‪ 233-236، 1919‬؛ وفي عام‪، 1952‬‬
‫تافت‪ ،‬روبرت أ‪ 378 ، 375، 366، 356،.‬تافت‪ ،‬ويليام ‪380-381‬؛ في‪403-406، 394-395، 1959-1960‬‬
‫هوارد‪ 250 ، 226، 200،‬قانون تافت‪-‬هارتلي‪ ،‬عمال الصلب‪ ،‬انظر اللجنة المنظمة لعمال الصلب؛ اتحاد‬
‫عمال الصلب في أمريكا‬ ‫‪، 394، 382-384/392-393، 377-380،373-376‬‬
‫لجنة تنظيم عمال الصلب ‪ 299 ،‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪412، 406، 404،400-401‬‬
‫ستيلمان‪ ،‬جون ر‪357، 330،.‬‬ ‫تاماني هول‪87، 69، 56، 50، 45،‬‬
‫ستيجل‪ ،‬هنري‪14،‬‬ ‫تايلور‪ ،‬فريدريك دبليو‪255،‬‬
‫ستيفنس‪ ،‬أوريا س‪ 134 ،133، 128-130،.‬ستيوارد‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫”‬‫التايلورية‬ ‫‪328‬‬ ‫“‬ ‫‪،‬‬ ‫‪300‬‬ ‫تايلور‪ ،‬مايرون سي‪،.‬‬
‫إيرا‪265، 106-107،‬‬ ‫‪255-256‬‬
‫رابطة مصنعي المواقد ومصدري الحديد ‪ ،‬الوطنية‪104،‬‬ ‫‪L.-CIO‬‬ ‫طرد‬ ‫؛‬ ‫‪287‬‬ ‫الدولية‪،‬‬ ‫األخوة‬ ‫هود‬ ‫الشاحنات‪،‬‬ ‫سائقو‬
‫ستراسر‪ ،‬أدولف‪ ١٥٠ ،‬وما يليها‪.‬‬ ‫لـ‬ ‫المراقبين‬ ‫مجلس‬ ‫؛‬ ‫‪399‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪397-398‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪395‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪AF‬‬ ‫من‬
‫الضربات‪ ،‬في القرن الثامن عشر‪ 28-29، 20-22،‬؛ في‬ ‫العشرين‪،‬‬ ‫القرن‬ ‫عشرينيات‬ ‫في‬ ‫ا‪،‬‬‫ً‬ ‫ي‬‫تكنولوج‬ ‫ا‬‫م‬‫ً‬ ‫تقد‬‫‪398‬‬
‫ثالثينيات القرن التاسع عشر‪ 59-63،‬؛ صانعي األحذية‪-‬‬ ‫‪244‬؛ وفي السنوات الالحقة‪393‬‬
‫)‪ 90،(1860‬؛ خالل الحرب األهلية‪ 92،‬؛ من القوالب‪،‬‬ ‫التاسع‬ ‫القرن‬ ‫ثالثينيات‬ ‫في‬ ‫يوم من عشر ساعات‪ ،‬حركة‬
‫‪104‬؛ عمال مناجم الفحم في سبعينيات القرن التاسع‬ ‫التاسع‬ ‫القرن‬ ‫أربعينيات‬ ‫في‬ ‫؛‬ ‫عشر‪66، 60-63، 39،‬‬
‫عشر‪ 117-118،‬؛ عمال السكك الحديدية)‪، (1877‬‬ ‫عشر‪84-87،‬‬
‫‪ 132،118-122‬؛ فرسان العمل‪، 138-140، 137،‬‬ ‫‪73-76‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪55‬‬ ‫صناعة النسيج‪،‬‬
‫‪143-145‬؛ وفي هومستيد‪ 166- 171،‬؛ عمال شركة‬ ‫‪272‬‬ ‫نسوجات‪،‬‬ ‫الم‬ ‫مجال‬ ‫في‬ ‫العمل‬ ‫مجلس عالقات‬
‫بولمان ‪ 171-180،‬؛ في المناجم الغربية‪ 209/،‬راجع‬ ‫عمال النسيج‪ ،‬انظر اتحاد عمال النسيج؛ لجنة تنظيم عمال‬
‫'عمال النسيج لورانس‪ 215-219،‬؛ عمال الحرير في‬ ‫النسيج‬
‫باترسون‪ 219-220،‬؛ خالل الحرب العالمية األولى‪،‬‬ ‫لجنة تنظيم عمال النسيج ‪308،‬‬
‫‪226‬؛ في عام‪ 230 ، 1919‬وما يليها؛ عمال الصلب‪-‬‬ ‫األممية الثالثة‪229، 222،‬‬
‫)‪ 355، 233-236،(1919‬؛ عمال الفحم)‪، (1919‬‬
‫‪236-238‬؛ من عمال محالت السكك الحديدية)‪، (1922‬‬
‫‪239-240/‬في عشرينيات القرن العشرين‪ 257-258،‬؛‬
‫أثناء الكساد ‪ 261،‬؛ بموجب‪ 271-272، NRA‬؛ عمال‬
‫"الصلب الصغير"‪ 301-302،‬؛ من عمال السيارات‪،‬‬
‫‪302-306‬؛ في عام‪ 327 ، 1941‬وما يليها؛ خالل‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ 338-341،‬؛ بعد الحرب العالمية‬
‫الثانية‪ 368-370 ، 358-366،‬؛ وقانون تافت‪-‬هارتلي‪،‬‬
‫‪ 412،379-383‬؛ الصلب ‪ ،‬في‪، 1959-1960‬‬
‫‪403-406،394-395‬‬
‫قضايا المحكمة العليا ‪:‬أدير ضد الواليات المتحدة‪،‬‬
‫‪196‬؛ كوبيج ضد كانساس‪196-197 ،‬؛ قضية‬
‫دانبري هاترز ‪ 197-198،‬؛ لوشنر ضد نيويورك‪،‬‬
‫‪202‬؛ آدكنز ضد مستشفى تشيل درينز‪،202 ،‬‬
‫‪249‬؛ مطبعة دوبلكس ضد ديرينج‪249 ،‬؛‬
‫ترواكس ضد كوريجان‪249 ،‬؛ ‪ "NLRB‬ضد‬
‫جونز والفلين"‪279 ،‬؛ هانت ضد كرومبوتش‪،‬‬
‫‪286‬؛ وثورنهيل ضد أالباما‪286 ،‬؛ في ضربة‬
‫الصلب)‪ 381، (1952‬؛ في إضراب الصلب ‪(1959-‬‬
‫)‪405،1960‬‬
‫‪434‬‬ ‫‪LABOR IN AMERICA‬‬

‫الطرف الثالث‪ ،‬مصلحة العمال‪ ،‬خالل ثالثينيات القرن التاسع‬ ‫اتحاد عمال المعادن‪210،‬‬
‫عشر‪ 51-52،‬؛ في ستينيات القرن التاسع عشر‪ 101،‬؛‬ ‫عمال المناجم المتحدون‪ ،‬وإضرابات الفحم المبكرة‪١٨٨ ،‬‬
‫و ‪AF‬من‪ 316، 252، 181، 147، L.‬؛ وجون إل ‪.‬‬ ‫وما يليها؛ في الفترة التقدمية ‪ 206، 205،‬؛ وإضراب‬
‫لويس‪ 321-322، 291،‬؛ ورئيس قسم المعلومات‪،‬‬ ‫عام‪ 236، 1919‬؛ وفي عشرينيات القرن العشرين‪،‬‬
‫‪ 351، 349،316‬؛ موقف العمل األخير تجاه‪، 378،‬‬ ‫‪248-249‬؛ وبموجب الصفقة الجديدة‪، 289، 268،‬‬
‫‪410‬‬ ‫‪ 323،313‬؛ واإلضرابات( األربعينيات‪،) 328-330‬‬
‫ثالثون ساعة في األسبوع‪265، 263،‬‬ ‫‪ 379، 368-370، 363-364،338 341‬؛‬
‫توماس‪ ،‬ر ‪.‬ج‪359، 348،.‬‬ ‫)‪ 380،(1950‬؛ العضوية‪389‬‬
‫ثورنهيل ضد أالباما‪286 ،‬‬ ‫األمم المتحدة‪385،‬‬
‫توبين‪ ،‬دانيال ج‪321، 313، 294،.‬‬ ‫بنك الواليات المتحدة‪54، 46،‬‬
‫أعمال الشغب في ساحة تومبكينز‪116-117،‬‬ ‫غرفة التجارة األمريكية ‪206،‬‬
‫نجارو بيت التجار‪ ،‬الجمعية الصديقة لعام)‪23، (1767‬‬ ‫شركة الصلب األمريكية‪ ،‬موقف النقابات‪، 187، 169،‬‬
‫الجمعيات التجارية‪ 22 ، 1،‬وما يليها‪ 58 ، 54،‬ن‪71،‬‬ ‫‪234‬؛ وضربة الصلب)‪ 235-236، (1919‬؛ االعتراف‬
‫الرابطة التعليمية النقابية‪317،‬‬ ‫بـ‪300، SWOC‬‬
‫رابطة الوحدة النقابية‪ 317 ،‬جمعيات حرفية‪93-94،‬‬ ‫اتحاد عمال الصلب األمريكي‪، 362، 326، 302،‬‬
‫تراوتمان‪ ،‬ويليام إي‪212، 211،.‬‬ ‫‪406، 404، 402،380-381‬‬
‫تريفيليك‪ ،‬ريتشارد ف‪106،‬‬ ‫عمال النسيج المتحدون‪398، 273، 272، 217، 216،‬‬
‫ترواكس ضد كوريجان‪249 ،‬‬
‫ترومان‪ ،‬هاري‪ ،‬سياسة العمل بعد الحرب‪، 356، 350،‬‬
‫فان بورين‪ ،‬مارتن‪63،‬‬
‫‪ 360-363 ،358‬التالي ؛ وإضراب السكك الحديدية‬
‫فان كليف‪ ،‬جي دبليو‪198،‬‬
‫)‪ 364366 ،(1946‬؛ وتشريعات العمل‪، 372 373،‬‬ ‫شركة فيرجينيا‪ 4 "، 2،‬التطوع"‪255، 252،‬‬
‫‪ 381، 380،378‬؛ السياسة الخارجية‪385، 384،‬‬
‫سياسة ترومان‪-‬أتشيسون‪385،‬‬
‫االتحاد المطبعي‪ ،‬انظر االتحاد المطبعي الدولي ؛ االتحاد‬ ‫واباش للسكك الحديدية‪ ،‬إضراب العمال‪139-140،‬‬
‫مجلس تثبيت األجور‪386، 380-381،‬‬
‫الوطني للطباعة‬
‫األجور‪ ،‬التنظيم في الفترة االستعمارية‪ 15، 11-12،‬؛‬
‫التحسن في‪، 377‬‬
‫البطالة في ثالثينيات القرن التاسع عشر ‪ 71‬؛ وفي سبعينيات‬
‫القرن التاسع عشر‪ 115-116،‬؛ في ثمانينيات القرن‬
‫التاسع عشر‪ 138،‬؛ في تسعينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫‪ 180،171‬؛ وفي عام‪ 239، 1921‬؛ وفي عشرينيات‬
‫القرن العشرين‪ 244،‬؛ وفي ثالثينيات القرن العشرين‪،‬‬
‫‪260-261‬؛ في الخمسينيات‪402،‬‬
‫انظر أيضًا‬ ‫التأمين ضد البطالة‪ 263، 255، 202،‬؛‬
‫قانون الضمان االجتماعي‬
‫اتحاد‪ ،‬انظر تحت الجزء المناسب من االسم‬
‫عضوية النقابة‪389، 377،‬‬
‫يونيون باسيفيك‪ ،‬إضراب العمال‪139،‬‬
‫رابطة حماية موظفي يونيون باسيفيك‪139،‬‬
‫األمن النقابي‪371، 335، 332، 228-229،‬‬
‫متجر االتحاد‪392، 380، 328-329،‬‬
‫اتحاد عمال السيارات‪ 302 ،‬وما يليها‪، 379، 359، 326،‬‬
‫‪402، 391-392، 387، 383،(1950) 380‬‬
‫الرابطة المتحدة للسباكين وعمال تركيب السفن‪378،‬‬
‫األخوة المتحدة للنجارين والنجارين‪152،‬‬
‫اتحاد عمال الكهرباء والراديو واآلالت الزراعية ‪386،‬‬
‫اتحاد عمال المالبس‪206،‬‬
‫لجنة سياسة العمل المتحدة‪386-387،‬‬
‫‪Index‬‬ ‫‪435‬‬
‫انظر أيضًا‬‫‪ 412، 411، 401-402، 393،383‬؛‬ ‫وول‪ ،‬ماثيو‪294،‬‬
‫الحد األدنى لألجور‬ ‫النساء في الصناعة خالل ثالثينيات القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫قانون فاغنر‪، 279، 273-276، 267، 264،‬‬ ‫‪ 60،54-56‬؛ وفي مصانع القطن في لويل‪ 73-76،‬؛‬
‫‪ 308،285‬؛ يتحرك لتعديل‪412، 376، 372، 331،‬‬ ‫وفي اتحاد العمل الوطني‪ 101-102،‬؛ وفرسان العمل‪،‬‬
‫فاغنر‪ ،‬روبرت ف‪273،.‬‬ ‫‪141‬؛ و رئيس قسم المعلومات‪308،‬‬
‫وول ستريت جورنال‪391 ،‬‬ ‫الرابطة النقابية النسائية‪251،‬‬
‫واالس‪ ،‬هنري أ‪349،.‬‬ ‫وود‪ ،‬الجنرال ليونارد‪234،‬‬
‫والش‪ ،‬فرانك ب‪226،‬‬ ‫محامي العمال (شيكاغو)‪93،‬‬
‫قانون والش‪-‬هيلي للعقود العامة‪283،‬‬ ‫محامي الرجل العامل (نيويورك)‪ 45، 44، 40،‬؛ نقال‬
‫مجلس العمل الحربي‪ ،‬انظر مجلس العمل الحربي الوطني‬ ‫عن‪83، 82،: 56-58‬‬
‫ميزانية العمال في خمسينيات القرن التاسع عشر‪ 78-79،‬؛‬
‫مجلس مؤتمر العمل الحربي)‪226، (1918‬‬
‫في األربعينيات‪371،‬‬
‫قانون سميث‪-‬كونالي‬ ‫قانون منازعات العمل الحربي‪ ،‬انظر‬ ‫أحزاب العمال( ثالثينيات القرن التاسع عشر)‪، 35- 52،‬‬
‫لجنة القوى العاملة الحربية‪333،‬‬ ‫‪82، 59،53‬‬
‫الرفاهية‪،‬‬ ‫رأسمالية‬‫مجلس اإلنتاج الحربي‪333 ،‬‬
‫حزب العمال‪ ،‬انظر حزب العمال في نيويورك‬
‫‪260-261، 259،255-258‬‬
‫حزب العمال)‪123- 210، (1876‬‬
‫االتحاد الغربي لعمال المناجم‪ 209 ،‬وما يليها‪.‬‬
‫قوانين تعويض العمال‪203، 202، 201،‬‬
‫ويلر‪ ،‬بيرتون ك‪251،‬‬
‫التوقف عن العمل‪ ،‬األيام الضائعة‪403،‬‬
‫ويتمان‪ ،‬والت‪ ،‬مقتبس‪٤٢ ،‬‬
‫إدارة تقدم األشغال‪281،‬‬
‫ويتني‪366، 365، AF،‬‬
‫االتحاد العالمي لنقابات العمال‪385،‬‬
‫الضربات العشوائية‪382،‬‬ ‫رايت‪ ،‬فرانسيس‪51، 47، 45، 44، 41-42،‬‬
‫ويلكرسون‪ ،‬جيمس هـ‪239،‬‬
‫ويالرد‪ ،‬رئيس بالتيمور و‬
‫أوهايو للسكك الحديدية‪240،‬‬ ‫عقود" الكلب األصفر"‪، 249، 247، 197، 196، 194،‬‬
‫‪ 280 ، 276، 263،255‬شركة ‪ Youngstown‬ويلكي‪ ،‬ويندل‪321، 291،‬‬
‫ويلسون‪ ،‬وودرو‪237، 232، 227، 224، 203، 200،‬‬ ‫‪301، 278،Sheet and Tube Com‬‬
‫وينثروب‪ ،‬الحاكم‪2،‬‬
‫"المتذبذبون"‪ ،‬انظر عمال الصناعة في العالم‬ ‫زاريتسكي‪ ،‬ماكس‪295،‬‬
‫تاريخ االستحقاق‬
‫‪13‬ض؟ ‪_ £ £ 1AH‬‬
‫‪JK‬ن‪ 'T-‬السيد ‪1 '67‬‬
‫أ ج‪ 4'73‬السيد ‪15'67‬‬
‫‪-‬ن ‪27'6Î‬‬ ‫‪1‬ث‬
‫رقم ‪1‬س ‪'67‬‬
‫السيد ‪7'68‬‬
‫المشروع‬
‫‪15‬‬ ‫المشترك‬
‫‪OC1 Fe'68‬‬
‫دبليو‬
‫أوك ‪3 0'68‬‬
‫هو ‪1 3 '68‬‬
‫* ‪J fl 2 X‬‬
‫‪RQ‬‬

‫ا ف ب ‪7 70‬‬
‫' ‪Æ?.<1‬إلى‬

‫‪JY2070‬‬
‫جي واي ‪2‬‬
‫(‪3 '7‬‬
‫جي واي ‪2 770‬‬
‫جايلورد‬ ‫طباعة إد في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
tlARYGROUE ‫مكتبة كلية‬
.‫ تاريخ‬،‫العمل في أمريكا‬
88‫د‬331.0973
IIIIIIIIIIIIIIIINIIHIIIIIIIIIIIIIII
‫؟‬3 ITE
00100'1'17 3
‫‪331.0973‬‬
‫د‪88‬‬

You might also like