You are on page 1of 14

‫محاضرات في المدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية‬

‫أعدت لطلبة شعبة القانون جذع مشترك (السداسية األولى)‬

‫د‪ .‬عبد الكريم العيوني‪ ،‬أستاذ باحث بكلية العلوم الق انونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بف اس‪.‬‬
‫السنة الجامعية‪2024 / 2023 :‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬
‫خصائص الشريعة اإلسالمية‬
‫أهم خصائص الشريعة اإلسالمية‬
‫تمهيد‬
‫التأقيت في الشرائع السماوية السابقة من حيث الزمان والمكان والقوم المعنيين بها؛‬ ‫•‬
‫شريعة اإلسالم الشريعة الخاتمة للوحي الموجه لسلوك وسير اإلنسان؛‬ ‫•‬
‫جعل هللا تبارك وتعالى للشريعة اإلسالمية خصائص تميزها عن جميع الرساالت السماوية‬ ‫•‬
‫أو القوانين البشرية لتبقى صالحة في كل زمان ومكان وخالدة إلى أن يرث هللا األرض‬
‫ومن عليها؛‬
‫وخصائص الشريعة اإلسالمية كثيرة من أهمها‪:‬‬ ‫•‬
‫أهم خصائص الشريعة اإلسالمية‬
‫التنزيل أو الوحي‬
‫من هللا تعالى‬

‫الواقعية‬ ‫العالمية‬

‫الثبات والمرونة‬ ‫الشمول‬


‫أوال‪ :‬التنزيل أو الوحي من هللا تعالى‬
‫• الشريعة اإلسالمية منزلة من هللا العليم الخبير لهداية للناس إلى الطريق المستقيم‪« ،‬أال يعلم‬
‫من خلق وهو اللطيف الخبير»‬
‫• الوحي كله من عند هللا قرآنا أو سنة صحيحة «وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ماكنت‬
‫تدري ما الكتاب وال االيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا»‬
‫• الرسول صلى هللا عليه وسلم ال يمكن أن يتقول شيئا من عنده «ولو تقول علينا بعض‬
‫االقاويل ألخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين»؛‬
‫• تأكيد القرآن على أن الوحي من عند هللا‪:‬‬
‫• {يَا أَيُّ َها النَّاسُ قَدُ َجا َءكم بر َهانُ ِّمن َّر ِّبكمُ َوأ َ َُ‬
‫نزلنَا ِّإلَيكمُ ن ً‬
‫ورا ُّم ِّبينًا} (النساء‪،)174:‬‬
‫ون} [األنعام‪.]155:‬‬ ‫• { { َو َهذَا ِّكتَابُ أَن َزلنَاهُ مبَ َ‬
‫اركُ فَات َّ ِّبعوهُ َواتَّقوا ُلَعَلَّكمُ تر َحم َُ‬
‫• أما الشرائع األخرى فقد لحقها التغيير والتدخل البشري‪،‬‬
‫• القوانين الوضعية مصدرها اإلنسان فهي تخضع للتغيير الدائم‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التنزيل أو الوحي من هللا تعالى‬
‫يترتب على خاصية التنزيل للشريعة اإلسالمية‪:‬‬ ‫•‬
‫استحالة وجود النقص في الشريعة اإلسالمية فقد اكملها هللا تعالى ‪{:‬اليوم أكملت لكم دينكم‬ ‫•‬
‫وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا}‪،‬‬
‫خلو الشريعة من االضطراب في األحكام و التناقض في المبادئ والقيم التي أقرتها قال تعالى‬ ‫•‬
‫{الحمد هلل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا}‬
‫َللاِّ لَ َو َجدوا فِّي ُِّه اختِّالفًا َُكثِّ ً‬
‫يرا} [النساء‪،]82:‬‬ ‫َان ِّمنُ ِّعن ُِّد َ‬
‫غي ُِّر َُّ‬ ‫{ َولَوُ ك َُ‬ ‫•‬
‫خلو الشريعة اإلسالمية من التحيز لفئة بشرية أو اتباع هواها (ولو اتبع الحق أهواءهم‬ ‫•‬
‫لفسدت السموات واألرض ومن فيهن)؛‬
‫بينما تتعدد وتتغير النظم والقوانين والدساتير في الدول والمجتمعات الرتباطها بما يرغب فيه‬ ‫•‬
‫الناس زمانًا ومكانًا؛‬
‫حفظ الشريعة من التبديل والتحريف والتغيير ألن هللا تعالى حفظ مصدرها األول قال تعالى‪:‬‬ ‫•‬
‫ون} (الحجر‪. )9:‬‬ ‫{ ِّإنَّا نَحنُ نَ َّزلنَا الذِّك َُر َو ِّإنَّا لَهُ لَ َحافِّظ َُ‬
‫ثانيا‪ :‬خاصية العالمية‬
‫الشريعة اإلسالمية شريعة عالمية للناس جميعا على اختالف أجناسهم وأعراقهم‪ ،‬ألن رسالة القرآن أنزلها هللا‬ ‫•‬
‫للعالمين‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعاملين نذيرا}؛‬
‫الرسول مرسل للناس كافة‪ ،‬قال تعالى‪ { :‬قلُ يَا أَيُّ َها النَّاسُ إِّ ِّني َرسولُ َُّ‬
‫َللاِّ إِّلَيكمُ َج ِّميعًا } وقوله تعالى‪َ { :‬و َما‬ ‫•‬
‫ِّيرا }؛ وفي الحديث {وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة‪ ،‬وبعثت إلى الناس‬ ‫ِّيرا َونَذ ً‬ ‫سلنَاكَُ إ ُالَّ كَافَّ ُةً ِّللنَّ ِّ ُ‬
‫اس بَش ً‬ ‫أَر َ‬
‫كافة}؛‬
‫سلنَا نو ًحا ِّإلَى قَو ِّم ُِّه } { َو ِّإلَى عَادُ أَ َخاهمُ هودًا}‬
‫الرساالت السابقة رساالت خاصة بأقوام بعينهم‪{ ،‬لَقَدُ أَر َ‬ ‫•‬
‫ن أَ َخاهمُ شعَيبًا }؛ فكل نبي يبعث إلى قومه وتكون مهمته محصورة في‬ ‫{ َو ِّإلَى ثَمو َُد أَ َخاهمُ َ‬
‫صا ِّل ًحا } { َو ِّإلَى َمديَ َُ‬
‫هداية هؤالء القوم وردهم إلى جادة الحق‪ ،‬أما شريعة اإلسالم فجاءت خاتمة وناسخة لكل الشرائع‪ ،‬باقية ال‬
‫يلحقها نسخ وال تغيير وال تبديل‪.‬‬
‫مستلزمات هذه الخاصية‪:‬‬ ‫•‬
‫تحقيق نصوص الشريعة لمصالح الناس في كل عصر ومكان؛‬ ‫•‬
‫عدم ارتباط نصوص الشريعة ببيئة معينة‪.‬‬ ‫•‬
‫محاولة رواد رجال القانون في المؤتمر األول الذي عقد للقانون المقارن في باريس سنة ‪ 1911‬استخالص‬ ‫•‬
‫قانون عالمي مشترك من قوانين الشعوب لكن المحاولة باءت بالفشل؛‬
‫من قبل دعا فالسفة اليونان إلى هذا من خالل المناداة إلى الرجوع للقانون الطبيعي وغير ذلك من المحاوالت‬ ‫•‬
‫في تاريخ القوانين‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬خاصية الشمول‬
‫الشريعة اإلسالمية نظام شامل لجميع شؤون الحياة‪ ،‬ومناحي االجتماع‪ ،‬وسلوك اإلنسان‪ ،‬سواء‬ ‫•‬
‫في عالقته بربه أو في عالقته مع الناس أو في عالقته مع الكون بدليل قوله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫اب تِّبيَانًا ِّلك ُِّل شَيءُ َوهدًى َو َرح َم ُةً َوبش َرى ِّللمس ِّل ِّم َُ‬
‫ين} ؛‬ ‫علَي َُ‬
‫ك ال ِّكت َ َُ‬ ‫{ َونَ َّزلنَا َ‬
‫وتتمثل خاصية الشمول في أن الشريعة اإلسالمية شملت أحكامها أقسام الدين الثالثة‪:‬‬ ‫•‬
‫األحكام المتعلقة بالجانب اإليماني االعتقادي‪،‬‬ ‫•‬
‫ألحكام المتعلقة بالجانب األخالقي السلوكي‪،‬‬ ‫•‬
‫األحكام المتعلقة بالجانب العملي وهو ما يعرف بالفقه‪ ،‬وهو باب واسع تناول كل العبادات‬ ‫•‬
‫والمعامالت وجميع األنشطة البشرية‪ ،‬وينقسم إلى‪:‬‬
‫تنظيم الجانب التعبدي وهذا ال تنظمه القوانين الوضعية؛‬ ‫•‬
‫تنظيم المعامالت األسرية من خطبة وزواج وطالق ووصايا وميراث‪...‬؛‬ ‫•‬
‫تنظيم المعامالت المالية من بيع وإجارة وشركة ومضاربة ومزارعة وغير ذلك من العقود التي‬ ‫•‬
‫تدخل في نطاق القانون المدني والتجاري؛‬
‫ثالثا‪ :‬خاصية الشمول‬
‫• تنظيم االقتصاد العام أو بيت المال من الموارد والنفقات العامة كنظام الزكاة والفيء‬
‫والغنيمة‪ ،‬التي تدخل في نطاق ما يسمى اليوم بالميزانية العامة للدولة؛‬
‫• تنظيم الحدود والعقوبات ‪...‬وهذا يعرف في القانون الوضعي بالقانون الجنائي؛‬
‫• تنظيم أحكام المرافعات وهذا يسمى في القانون الوضعي بقانون المسطرة المدنية؛‬
‫• تنظيم األحكام المتعلقة بنظام الحكم أي القانون الدستوري؛‬
‫• تنظيم العالقات الدولية في حال السلم والحرب بين الدول اإلسالمية وغيرها وحماية‬
‫المستأمنين المقيمين في بالد المسلمين‪ ،‬وأحكام المنازعات الدولية‪ ،‬وهذا هو مجال‬
‫القانون الدولي العام‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الثبات والمرونة‬
‫• الثبات والمرونة في شريعة اإلسالم تعني الجمع بين ما هو ثابت ومتغير في تناسق‬
‫مبدع من خالل وضع كل واحد منها في موضعه الصحيح‪،‬‬
‫• الشرائع الوضعية‪ ،‬فهي في تغير دائم‪ ،‬وال تكاد تستقر على حال‪ ،‬حتى الدساتير التي‬
‫هي أسمى القوانين‪ ،‬يلحقها التغيير‪.‬‬
‫• وتتمثل مجاالت الثبات والمرونة في شريعة اإلسالم فيما يلي‪:‬‬
‫• الثبات على األهداف والغايات والمرونة في الوسائل واألساليب؛‬
‫• الثبات على األصول والكليات‪ ،‬والمرونة في الفروع والجزئيات؛‬
‫• الثبات على القيم الدينية واألخالقية‪ ،‬والمرونة في الشؤون الدنيوية‬
‫والعلمية؛‬
‫رابعا‪ :‬الثبات والمرونة‬
‫وقد ورد في القرآن الكريم أمثلة تبين الجمع بين الثبات والمرونة في توازن واعتدال ما يلي‪:‬‬ ‫•‬
‫ورى بَينَهمُ] {الشُّورى‪ .}38:‬وفي قوله لرسوله صلى هللا‬ ‫الثبات على األمر بالشورى [ َوأَمرهمُ ش َ‬ ‫•‬
‫عليه وسلم ‪َ [ :‬وشَا ِّورهمُ ِّفي األَم ُِّر] {آل عمران‪ }159:‬؛ والمرونة في عدم تحديد شكلها أو طريقتها‪،‬‬
‫س أَنُ تَحكموا ِّبالعَد ُِّل]‬ ‫الثبات على األمر بالحكم بالعدل حتى مع الشنآن‪َ [:‬و ِّإذَا َحكَمتمُ بَي َُ‬
‫ن النَّا ِّ ُ‬ ‫•‬
‫{النساء‪ }58:‬والمرونة في عدم االلتزام بشكل معين للقضاء والتقاضي‪ ،‬و هل يكون من درجة أو‬
‫أكثر؟‬
‫الثبات على اإليمان والمرونة عند اإلكراه وعدم القدرة على الصبر عند التعرض لألذى في قوله‬ ‫•‬
‫ان] {النحل‪. }106:‬‬ ‫تعالى [ ِّإ َُّال َمنُ أك ِّر َُه َوقَلبهُ مط َمئِّنُ ِّب ِّ‬
‫اإلي َم ُِّ‬
‫فهذه االستثناءات وأمثالها في كتاب هللا تعالى أعطت فسحة لمن تقهره الظروف الشخصية‬ ‫•‬
‫واالجتماعية فال يقدر على الصمود والثبات على القاعدة األصلية في السلوك‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬خاصية الواقعية‬
‫الشريعة اإلسالمية شريعة واقعية ألنها تراعي الواقع القائم وتساير الظروف مهما تطورت الحياة اإلنسانية‪،‬‬ ‫•‬
‫أحكام الشرع توافق الفطرة البشرية في ظروفها المختلفة‪ ،‬قال تعالى (فطرة هللا التي فطر الناس عليها ال تبديل‬ ‫•‬
‫لخلق هللا ذلك الدين القيم) الروم ‪30:‬‬
‫هذه الواقعية هي أحد أسباب قَبول الناس لهذا التشريع‪ ،‬وهي أحد ضمانات ديمومة الشريعة وصالحيتها لكل‬ ‫•‬
‫زمان ومكان؛‬
‫والواقعية في الشريعة اإلسالمية لها مظاهر عديدة منها‪:‬‬ ‫•‬
‫االعتراف بالحاجات الفطرية والطبيعية لإلنسان التي تلبي حاجات الجسد المادية والروحية في توازن ووسطية‬ ‫•‬
‫قال تعالى‪" :‬وابتغ فيما أتاك هللا الدار االخرة وال تنس نصيبك من الدنيا"‪،‬‬
‫التدرجُ في تشريع األحكام؛‬ ‫•‬
‫التكليف بما يطاق فعله أو االنتهاء عنه ورفع الحرج عند المشقة‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪{ :‬ال يكلف هللا نفسا إال‬ ‫•‬
‫وسعها} (البقرة‪ ،)286:‬فال إص َُر وال أغالل‪ ،‬بل هو دينُ سمحُ يسير على العباد‪.‬‬
‫ومن أمثلة التخفيف ورفع الحرج لواقعية هذه الشريعة‪:‬‬ ‫•‬
‫اإلسقاط‪ ،‬ويتمُ ِّمنُ خالله إسقاط العبادة عند وجود العذر‪ ،‬كسقوط الحجُ ‪-‬أي عدم وجوبه‪ -‬إذا لم يكن الطريق آمنًا‪.‬‬ ‫•‬
‫خامسا‪ :‬خاصية الواقعية‬
‫• اإلنقاص‪ ،‬كجواز قصر الصالة الرباعية للمسافر‪.‬‬
‫• التقديم والتأخير‪ ،‬كجواز الجمع بين الظهر والعصر أو المغرب والعشاء‪ ،‬حال السفر‬
‫• اإلبدال‪ ،‬كإجزاء التيمم بالتراب بدال عن الوضوء والغسل بالماء عند فقده أو تعذر‬
‫استعماله‪.‬‬
‫سا لمن عجز عن القيام‪ ،‬أو مضجعًا لمن عجز عن الجلوس‪.‬‬ ‫• التغيير‪ ،‬كالصالة جال ً‬
‫• الترخيص‪ ،‬كإباحة أكل الميتة عند المخمصة واالضطرار‪.‬‬
‫• وضع القواعد العامة دون التفاصيل‪ ،‬وذلك في أغلب المعامالت‪ ،‬فنجدُ العمو َُم واإلطالق‬
‫في معظم النصوص المتعلق ُِّة بأحكام المعامالت‪ ،‬وذلك مراعاة لتغير مصالح العباد بين‬
‫زمان وآخر‪ ،‬ومكان وآخر‬
‫شكرا على حسن إصغائكم‬

You might also like