You are on page 1of 27

‫برانمج بعنوان‬

‫المدرب ‪ /‬معتز محجوب عثمان‬


‫ما اإلبتكار ؟ وماذا يقصد باإلبتكار ؟‬
‫هناك تعريفات كثيرة لإلبتكار و من أيسر‬
‫هذه التعاريف التعريف التالي‪:‬‬
‫"العملية التي تؤدي إلى خلق أفكار جديدة‬
‫أو أسلوب أو طريقة إلنشاء شيء جديد من‬
‫غير مثال سابق خارج عن المألوف‪ ،‬وهذه‬
‫األفكار إما أن تكون نافعة و مفيدة أو‬
‫مخربة تجلب الدمار والضرر “ ‪.‬‬
‫فلو قلنا أن موظف ابتكر طريقة جديدة‬
‫لتخفيض التكاليف أو لتعزيز اإلنتاج أو‬
‫لمنتج جديد‪ ،‬فتعتبر هذه الفكرة إبداعيه‪.‬‬
‫يعتقد بعض الناس أن اإلنسان المبدع ولد مبدعا ً‬
‫‪ ،‬وهذا مفهوم غير‪ E‬صحيح‪ ،‬والحقيقة كل‬
‫شخص يستطيع أن يبدع ويبتكر إال من يأبى !‬

‫كان أحد رجال األعمال يقف في طابور طويل في إحدى المطارات‪ ،‬الحظ‬
‫الرجل أن أغلفة تذاكر السفر بيضاء خالية‪ ،‬ففكر في طباعة إعالنات على‬
‫هذه المغلفات وتوزيع هذه األغلفة مجانا ً على شركات الطيران‪ ،‬وافقت‬
‫شركات الطيران على هذا العرض‪ ،‬وتعاون رجل األعمال مع مدير إحدى‬
‫المطابع وتم هذا المشروع‪ ،‬والنتيجة أرباح بماليين الدوالرات! الفكرة مبتكرة‬
‫وصغيرة‪ ،‬لكنها جديدة ولم يفكر فيها أحد من قبل‪ ،‬وصار لهذا الرجل زبائن‬
‫من الشركات الكبرى في الواليات المتحدة‪.‬‬
‫هذه بعض صفات المبتكرين‪ ،‬التي يمكن أن تتعود عليها‬
‫وتغرسها في نفسك‪ ،‬وحاول أن تعود طالبك واآلخرين عليها أيضاً‪.‬‬
‫‪ - 1‬يبحثون عن الطرق والحلول البديلة وال يكتفون بحل أو طريقة واحدة‪.‬‬
‫‪ -2‬لديهم تصميم وإرادة قوية‪.‬‬
‫‪ -3‬لديهم أهداف واضحة يريدون الوصول إليها‪.‬‬
‫‪ -4‬يتجاهلون تعليقات اآلخرين السلبية‪.‬‬
‫‪ -5‬ال يخشون الفشل ( أديسون جرب ‪ 1800‬تجربة‬
‫قبل أن يخترع المصباح الكهربائي )‪.‬‬
‫‪ -6‬ال يحبون الروتين‪.‬‬
‫‪ -7‬يبادرون‪.‬‬
‫‪ -8‬إيجابيون ومتفائلون‪.‬‬
‫وإذا لم تتوافر فيك هذه الصفات ال تظن بأنك غير مبتكر‪ ،‬بل يمكنك أن تكتسب هذه‬
‫الصفات وتصبح عادات متأصلة لديك‪.‬‬
‫صور مبتكرة‬
‫‪ - 1‬يوم بدر يوم الفرقان ‪ .‬يوم التقى الجمعان‪ .‬فها هو الجيش‬
‫المسلم قد تمركز بالعدوة الدنيا عند أدنى ماء من بدر ‪ .‬وها هو‬
‫الحباب بن المنذر ينظر‪ E‬إلى مواضع تمركز القوات فيجد فيها‬
‫خلال ظاهرا ‪ .‬فيتقدم إلى رسول هللا بأدب الجندي مع القائد‬
‫ويقترح ضر‪E‬ور‪E‬ة تغيير‪ E‬مواضع تمر‪E‬كز القوات المسلمة ألسباب‬
‫ميدانية وجيهة‪ .‬فيعجب الرسول برأيه ويأيد مقولته‪ .‬وينزل –‬
‫وهو القائد عند رأي الجندي بل ويقول له‪ :‬لقد أشرت بالر‪E‬أي‪.‬‬
‫ويأمر الجيش بالتمركز في المواقع الجديدة التي ارتآها الحباب‬
‫بن المنذر‪,‬وتدور المعركة ويتحقق النصر‪ E‬وكان لهذا الرأي‬
‫دور في تحقيق النصر يوم بدر‪.‬‬
‫إبداع‬
‫إن الذي فعله الحباب بن المنذر" في هذا الموقف أنه نظر إلي‬
‫األمور" بصورة مناقضة للواقع ‪ .‬نظر الي األمر المعتاد‬
‫بصورة غير معتادة إذ جرت عادة الجند تنفيذ أوامر" القادة‬
‫دون أية مناقشة أو تر"دد ولكن الشخصية اإلبتكارية غير ذلك‪.‬‬
‫الشخصية اإلبتكارية ال تكتفي بالنظر الي الواقع ولكنها دائما‬
‫تنظر" إلى ما وراء الواقع‪ .‬وهذا ما فعله الحباب بن المنذر‬
‫رضي هللا عنه وأرضاه‪.‬‬
‫‪ - 2‬عتبه بن غزوان لما أرسله الخليفة عمر‪ E‬على رأس جيش‬
‫لفتح مدينة البصر‪E‬ة كان جيش عتبه قليل العدد والعدة ‪(.‬ثالث مائة‬
‫ر‪E‬جل وبضع نساء ) وكان علي أمل وصول المدد من المدينة‬
‫ليساعده في مهمة فتح هذه المدينة ‪ .‬وما أن وصل عتبه حتى هاله‬
‫قوة تحصينات المدينة وكثرة أبراج االستطالع المحيطة بها‬
‫وموقعها الحصين وكثر‪E‬ة السفن ؟‪ .‬إضافة إلى كونها محاطة بمياه‬
‫النهر من عدة جهات فماذا فعل عتبه ‪.‬؟‬
‫صف كل جنوده في طابور طويل يفصل بين الجندي واألخر‬
‫مسافة وأعد للنسوة ر‪E‬ايات رفعها على أعواد الرماح‪  ‬وأمرهن أن‬
‫يمشين خلف الجيش ‪.‬‬
‫وقال لهن ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا نحن اقتربنا من المدينة فأثرن التراب خلفنا حتى تمالن به‬
‫الجو ‪.‬‬
‫وما أن اقتربت مقدمة جيش عتبة من المدينة‪ .‬حتى خرج إليهم‬
‫جند الجيش الروماني ‪ .‬إال أن أبراج استطالع الجيش الروماني‬
‫رصدت صورة جيش جرار‪ . E‬مقدمته على أعتاب المدينة‪  ‬و‬
‫وراياته تخفق عالية في الخلف و غبار خيوله على مرمى‬
‫البصر ‪ .‬فقال بعضهم لبعض ‪:‬‬
‫‪ -‬إنها طليعة العسكر ‪ .‬وإن وراءهم جيشا جرارا يثير الغبار‪.‬‬
‫نحن قلة‪.‬‬
‫وسر‪E‬عان ما عم خبر هذا الجيش الجر‪E‬ار بين جنود الجيش‬
‫الروماني ‪ .‬وسرعان ما عمت الفوضى بين الجند والقادة‬
‫‪.‬وسرعان ما دب في قلوبهم الذعر وسيطر‪ E‬عليهم الجزع ‪.‬‬
‫فطفقوا يحملون ما خف وزنه وغال ثمنه ‪ .‬وقفز‪E‬وا في السفن‬
‫الراسية في مياه نهر الفرات ‪ .‬وتركوا المدينة هاربين فارين ‪.‬‬
‫ودخلها عتبة بن غز‪E‬وان وجنوده دونما قتال‬
‫ابتكار‬
‫إن الذي فعله عتبه أمام تلك المعضلة التي واجهها ‪ .‬انه كانت‬
‫لديه القدرة علي توليد فكرة جديدة‪ ..‬بسيطة ‪ ..‬مفيدة ‪ .‬استطاع‬
‫بها حل هذه المشكلة‪ .‬وهذه أحد سمات الشخصية اإلبتكارية‪. .‬‬
‫ما الفرق بين اإلبداع واالختراع واالبتكار ؟‬
‫‪ -‬مع األخذ بعين االعتبار بأن هنالك أكثر من تعريف وأنه‬
‫يمكن استخدام هذه الكلمات في تعريف هذه المفاهيم‬
‫كمرادفات ‪:‬‬
‫اإلبداع ‪ :‬هو عبار‪E‬ة عن عملية أو أسلوب أو طريقة إلنشاء‬
‫شيء جديد من غير مثال سابق‪ .‬واإلبداع يشمل االبتكار‪E‬‬
‫واالختراع‪.‬‬
‫االختر"اع ‪ :‬هو استخدام اإلبتكار إلنشاء شيء جديد‪.‬‬
‫االبتكار ‪ :‬هو إيجاد طر‪E‬يقة جديدة الستخدام اختراع سابق‬
‫بشكل مفيد‪.‬‬
‫اإلبتكار‬

‫االبتكار = طريقة مألوفة ‪ +‬استخدام جديد‬


‫ما الفرق بين اإلبتكار و الذكاء ؟‬
‫إن اإلبتكار و الذكاء نوعان من التفكير يختلفان أحدهما عن‬
‫اآلخر اختالفا أساسيا ‪.‬‬
‫‪ o‬ا‪EE‬لذكاء ي‪EE‬تضمنا‪EE‬لبحثعنحلوا‪E‬حد ص‪EE‬حيح ل‪EE‬لمشكلة ‪.‬‬
‫‪ o‬ا‪EE‬إلبتكار ي‪EE‬تضمنا‪EE‬لسير ف‪EEE‬يع‪E‬دة ا‪E‬تجاهاتف‪EEE‬يموا‪E‬قفال‪ E‬ي‪EE‬تطلب‬
‫ا‪EE‬الستجابة ل ‪E‬ه‪E‬ا حال وا‪E‬حد ص‪EE‬حيحا ‪ ،‬ب‪EEE‬لع‪E‬دة حلولممكنة ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ك‪E‬تابة ق‪EE‬صة ‪ ،‬أو رسم‪ E‬ل‪EE‬وحة ‪ ،‬أو ا‪EE‬لقيام‪ E‬ب‪EEE‬تجر‪E‬بة علمية ‪.‬‬
‫معوقات اإلبتكار كثيرة‪ ،‬منها ما يكون من اإلنسان نفسه ومنها وما يكون من قبل اآلخرين‪،‬‬
‫عليك أن تعي هذه المعوقات وتتجنبها بقدر اإلمكان‪ ،‬ألنها تقتل اإلبتكار وتفتك به‪.‬‬
‫‪ - 1‬الشعور بالنقص ويتمثل ذلك في أقوال بعض الناس‪ :‬أنا ضعيف‪ ،‬أنا غير مبدع ‪....‬‬
‫‪ -2‬عدم الثقة بالنفس‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم التعلم واالستمرار في زيادة المحصول العلمي‪.‬‬
‫‪ -4‬الخوف من تعليقات اآلخرين السلبية‪.‬‬
‫‪ -5‬الخوف على الرزق‪.‬‬
‫‪ -6‬الخوف والخجل من الرؤساء‪.‬‬
‫‪ -7‬الخوف من الفشل‪.‬‬
‫‪ -8‬الرضى بالواقع‪.‬‬
‫‪ -9‬الجمود على الخطط والقوانين واإلجراءات‪.‬‬
‫‪ -10‬التشاؤم‪.‬‬
‫‪ -11‬االعتماد على اآلخرين والتبعية لهم‪.‬‬
‫‪ – 1‬االيمان باهلل سبحانه وتعالى قوال وعمال‪.‬‬
‫‪ -2‬تأمل والطبيعة من حولك في الصباح الباكر‪.‬‬
‫‪ -3‬خصص خمس دقائق للتخيل صباح ومساء كل يوم‪.‬‬
‫‪ -4‬ناقش شخصا ً آخر حول فكرة تستحسنها قبل أن تجربها‪.‬‬
‫‪ -5‬تخيل نفسك رئيس لمجلس إدارة لمدة يوم واحد‪.‬‬
‫‪ -6‬استخدم الرسومات واألشكال التوضيحية بدل الكتابة في عرض المعلومات‪.‬‬
‫‪ -7‬قبل أن تقرر أي شيء‪ ،‬قم بإعداد الخيارات المتاحة‪.‬‬
‫‪ -8‬جرب واختبر األشياء وشجع على التجربة‪.‬‬
‫‪ -9‬تبادل عملك مع زميل آخر ليوم واحد فقط‪.‬‬
‫‪ -10‬ارسم صوراً وأشكاالً فكاهية أثناء التفكير‪.‬‬
‫‪ - 11‬فكر بحل مكلف لمشكلة ما ثم حاول تحديد إيجابيات ذلك الحل‪.‬‬
‫‪ -12‬قدم أفكاراً واطرح حلوالً بعيدة المنال‪.‬‬
‫اشترك في مجلة في غير تخصصك ولم يسبق لك قراءتها‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫‪-14‬غير طريقك من وإلى العمل‪.‬‬
‫‪-15‬قم بترتيب غرفتك‪ ،‬وغسل مالبسك وكيها لوحدك‪.‬‬
‫‪-16‬غير من ترتيب األثاث في مكتبك أو غرفتك‪.‬‬
‫‪-17‬احلم وتصور النجاح دائماً‪.‬‬
‫‪-18‬قم بخطوات صغيرة في كل عمل‪ ،‬وال تكتفي بالكالم واألماني‪.‬‬
‫‪-19‬أكثر من السؤال‪.‬‬
‫‪-20‬قل ال أعرف‪.‬‬
‫‪-21‬إذا كنت ال تعمل شيء‪ ،‬ففكر بعمل شيء إبداعي تملئ به وقت فراغك‪.‬‬
‫‪-22‬ألعب لعبة ماذا لو ‪..‬؟‬
‫‪-23‬انتبه إلى األفكار الصغيرة‪.‬‬
‫كن مبدعا تكن للحياة قيمة‬
‫إن أي مجتمع ال يعطي اإلبتكار الفرصة الكافية‬
‫إنما هو مجتمع ميت"‪ .‬فلحظة مبتكرة واحدة قد‬
‫تحي موات‬ ‫تؤتي بثمار يمتد أثرها إلي أجيال وأجيال ‪ ,‬قد‬
‫معالي القمم ‪ ,‬كما أن‬ ‫أمم ‪ ,‬وقد تسموا باإلفراد إلى‬
‫تعطيل لحظات اإلبتكار هذه وقت الحاجة قد يساهم في انقراض‬
‫وهالك األمم وكذلك األفراد فالشخصية اإلبتكارية يلمس أثرها في ‪:‬‬
‫ميادين المعارك‪ ,‬وعندما مواجهة المشاكل وعند الدعوة إلى هللا ‪,‬‬
‫وإثناء القيادة‪ ,‬وفي المكتب ‪ ،‬وفى المدرسة‪ ,‬وفي المسجد ‪ ,‬وفي‬
‫الشارع و أثناء ممارسة الرياضة‪ ,‬وعند ممارسة الهواية‪ ,‬وعندما‬
‫يكون اإلنسان بمفرده ‪... ,‬‬
‫الموقف‪‬الأول‪‬‬
‫في هذا الموقف رجل كبير في السن ‪ ،‬رغم أ ُ ِم َي ِت ِه إال أنه يمتلك فكراً واعيا ً وعقالً ثاقبا ً‬
‫ونظرة بعيدة لألمور ‪ ،‬كان يعمل فالحا ً بسيطا ً ‪ ،‬وله سبعة من األوالد ‪ ،‬اعتاد مكافأتهم‬
‫عند النجاح في نهاية كل عام بمبلغ عشرة رياالت ‪ ،‬وفي أحد األعوام نجح ستة من‬
‫أبنائه وأخفق السابع في النجاح ‪ ،‬بل أعاد" السنة ‪ ،‬فمنح األب أبنائه الستة المكافأة‬
‫المعتادة ‪ ،‬فسخروا من شقيقهم السابع الذي لم ينجح سخرية شديدة أدخلت الحزن إلى‬
‫قلبه واليأس إلى نفسه ‪ ،‬فحزن األب لحزن ابنه وتألم أللمه ‪ ،‬وفكر في انتشاله من هذا‬
‫الحزن واليأس ‪ ،‬فما كان من األب الحكيم إال أن دفع البنه الحزين اليائس ضعف المكافأة‬
‫التي دفعها إلخوته الناجحين ‪ ،‬فكانت هذه المكافأة وهذا الموقف الرائع من األب بمثابة‬
‫المصباح الذي أضاء طريق النجاح لهذا االبن ‪ ،‬فاستمر في النجاح تلو اآلخر وبتفوق‬
‫حتى حصل على درجة الدكتوراه ‪ ،‬واليوم هو عضو هيئة تدريس بإحدى الجامعات‬
‫المرموقة ‪ ،‬وحقق ما عجز إخوته عن تحقيقه ‪ ،‬حيث أن أفضلهم حاالً حصل على‬
‫الشهادة الجامعية ‪.‬‬
‫الدروس ال ُمستفادة من هذا الموقف التربوي ‪:‬‬

‫‪ -1‬مبدأ الثواب والعقاب ذو أثر كبير على نفوس األبناء ‪ ،‬ومن‬


‫الحكمة اختيار ما يتناسب منهما تبعا ً للموقف الحاصل ‪.‬‬
‫‪ -2‬الحكمة والتروي والنظرة البعيدة لألمور تحقق ما يعجز الكالم‬
‫والعقاب عن تحقيقه ‪.‬‬
‫‪-3‬استطاع األب الحكيم انتشال ابنه من قاع الفشل إلى قمة النجاح‬
‫بحكمته و ُبعد نظره ‪.‬‬
‫‪ -4‬أعطى األب أبنائه درسا ً عمليا ً في التأديب عندما سخروا من‬
‫أخيهم ‪.‬‬
‫‪-5‬اختصر األب عشرات الكلمات التي كان سيقولها لكال الطرفين‬
‫بهذا الموقف التربوي الرائع ‪.‬‬
‫الموقف‪‬الثاني‪‬‬
‫الطفل الذي أعيت أهله الحيل لينتظم في الدراسة ‪ .‬ومعاناة أهل‬
‫هذا الطفل‪ -‬وخاصة أمه‪ -‬ومدى حز‪E‬نهم الشديد بسبب عز‪E‬وف‬
‫الطفل عن الدراسة حتى استنفذ أهله معه كل الوسائل من تحفيز‬
‫وتهديد ووعيد وعقاب إلقناعه باالنتظام مع زمالئه في الدراسة‬
‫دون جدوى ‪ .‬كان الطفل يواجه كل هذه اإلجراءات بمزيد من‬
‫اإلصرار والعناد المصحوب بالصراخ والبكاء‪  ‬إال أن أحد‬
‫المعلمين جاء إلى الطفل ذات يوم ومسح على رأسه وهدأ من‬
‫روعه وأعطاه عصاه وقال له ‪:‬‬
‫هذه عصاي خذها معك على أن تحضر‪E‬ها معك غدا في طابور‬
‫الصباح‬
‫هدأت حفيظة الطفل وظل يحمل عصا المعلم طيلة اليوم وهو‬
‫يشعر بشيء من النشوى ‪ .‬ومع انتهاء اليوم الدر‪E‬اسي عاد الطفل‬
‫إلى بيته ومعه العصا ‪ .‬وفي الصباح كانت المفاجأة ألهل الطفل ‪.‬‬
‫إذ بكر الطفل وأخذ يعد نفسه ويعد حقيبة كتبه للذهاب الي‬
‫المدرسة مبكرا على غير العادة وسط دهشة الجميع من هذا‬
‫السلوك المفاجئ ‪ .‬وظل الطفل على هذه الحالة لفترة من الز‪E‬من‬
‫يتوجه إلى المدر‪E‬سة كل يوم في الصباح الباكر‪ E‬ال لشيء إال من‬
‫اجل إحضار عصا المعلم ‪.‬‬
‫ومر‪E‬ت األيام وانتظم الطفل في دراسته وانشغل في دروسه‬
‫وواجباته‪ .‬ولم تعد تشغله حكاية عصا المعلم هذه ‪.‬‬

‫إن هذا الموقف‪ E‬الذي اتخذه هذا المعلم يساوي نفس الموقف الذي‬
‫اتخذه الحباب بن المنذر ويساوي نفس الموقف الذي اتخذه عتبه‪.‬‬
‫فكل منهم عاش مشكلة ‪ .‬وكل منهم تعامل مع مشكلته بموقف‬
‫إبداعي ‪.‬‬
‫الموقف‪‬الثالث‪‬‬
‫هذا موقف أل ُ ُم ليست ككل األمهات ‪ ،‬لقد أدركت بحسها المرهف وفطنتها‬
‫وذكائها أن تربية األبناء ليست كتربية الماشية مأكل ومشرب وينتهي األمر‬
‫عند هذا الحد‪ ..‬فتربية األبناء ليست باألمر الهين ‪ ،‬فموقف يحتاج منها إلى‬
‫اللين فتلين ‪ ..‬وموقف آخر يحتاج منها الحزم فال تترد فيه ‪ ،‬ولكن ما يميز‬
‫بطلتنا هذه عن غيرها أنها ال تنساق وراء عواطف األمومة انسياقا ً أعمى‬
‫يقود األبناء إلى الضياع بحجة محبتهم والعطف عليهم ‪ ،‬ويبدأ موقف بطلتنا‬
‫هذه في صباح يوم دراسي باكر عندما أرادت أن توقظ أحد أبنائها الصغار‬
‫ليذهب كعادته للمدرسة فتظاهر الصغير بالمرض ‪ ..‬وأخذ يئن ويتوجع ‪..‬‬
‫سألته األم عن موضع األلم فقال ‪ :‬هنا ‪..‬ال بل هنا ‪ ..‬أدركت األم أن الطفل‬
‫ال يشكو من شيء ولكنه ال يرغب في الذهاب للمدرسة لسبب ما يُزعجه‬
‫في المدرسة ‪ ..‬فتركته يُكمل نومه ‪..‬‬
‫وتحدثت مع والده في األمر‪ E‬وطلبت منه أن يذهب للمدرسة قبل‬
‫ذهابه لعمله للسؤال عن مستوى الطفل في المدرسة وسلوكه‬
‫داخلها ‪ ..‬وما أن أحس الصغير أن والده قد ذهب ‪ ،‬وأن موعد‬
‫الذهاب إلى المدرسة قد انتهى ‪ ..‬حتى نهض من فراشه وذهب‬
‫يلعب ويجري داخل سور‪ E‬المنز‪E‬ل ‪ُ ..‬ك ُل ذلك واألم ترقبه دون أن‬
‫يشعر ‪ ..‬ثم التفتت إليه وقالت ‪ :‬ألم تقل إنك مريض ‪ ..‬المريض‬
‫ال يقوم من فراشه و ال يلعب فهو يحتاج إلى النوم والر‪E‬احة ‪..‬‬
‫عاد الصغير إلى الفراش والحزن يسبقه ‪ ..‬أحضر‪E‬ت األم إفطارها‬
‫وبدأت تأكل والطفل ينظر إليها ‪ ..‬ولما رأته َي ِه ُم بالنهوض ليأكل‬
‫معها ‪ ..‬قالت له ‪ :‬أنت مر‪E‬يض ‪ ..‬والمر‪E‬يض ال يأكل ألنه يتألم ‪..‬‬
‫عاد الصبي إلى فراشه والندم يُغالبه ‪ ..‬كل ذلك واألم تراقبه ‪..‬‬
‫أدرك الصبي الصغير أن بقاءه في المنزل لم َيع ُْد عليه بفائدة ‪ ..‬فاللعب‬
‫واألكل الذي َت َع ْو َد عليه في المدرسة افتقده اليوم ‪ ..‬التفت الطفل إلى والدته‬
‫وقال ‪ :‬هل تظنين أن باب المدرسة مازال مفتوحا ً أم أغلقه المدير ‪ ..‬تبسمت‬
‫األم وقالت ‪ :‬بالتأكيد أنها مُغلقة اآلن ولكن إذا شفاك هللا ‪ ..‬فغداً تذهب …‬
‫َفلِ َل ِه قدر هذه األم على حُسن تصرفها تجاه هذا الطفل لحرصها على ما‬
‫ينفعه في مستقبل حياته ‪ ،‬رغم ما كانت ُتغالبه من عاطفة األمومة الحانية ‪.‬‬

‫الدر"وس ال ُمستفادة من هذا الموقف التربوي ‪:‬‬

‫وحسن تصرفها َع َّل َم الطفل درسا ً عمليا ً لن ينساه ‪.‬‬ ‫‪ -1‬ذكاء هذه األم ُ‬
‫‪ -2‬الطفل بطبعه ينظر ألول ردة فعل تجاه تصرفه الخاطئ ‪ ،‬فإن رأى‬
‫تساهالً من األهل وإال تراجع ‪.‬‬
‫شكرا لجميع الحضور‬
‫أعد العرض‬
‫أ‪.‬سعود الزهيمي‬

You might also like